منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 151 - العروس الحمراء - جاين أولان ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t169711.html)

جمره لم تحترق 10-11-11 07:11 PM

6- تلسـع كــالنحلة
 
قول سهل .. نظرت كاندرة إلى ريكس تتأملـه من تحت رموشها .. مجرد
منظرة يقف هناك بمريلة فوق ثياب رياضية أعطاها شعوراً عميقاً شديد
التوق .. هل هكذا كانت تحس المرأة التي كانت ترتدي الثوب الذهبي ؟ متألقة ,
مثيرة, مرغوبة ؟ ألا يزال يفكر بها ؟ الأسوأ من هذا كله , هل يفكر بتلك
المرأة وهو معها ؟ كانت الفكرة مؤلمة إلى حدود اليأس .
قال ريكس يقاطع أفكارها :
- آسف لاضطراري إلى إلغاء خططنا لبعد ظهر اليوم فقد وصل زبوننا
القادم من الشرق باكراً . ماذا فعلت اليوم ؟
- قرأت , قطفت بضع زهور .. تمشيت خلف المنزل .. راقبت
الطيور .. ولعبت الورق .
وأملت ألا يكون لاحظ نبرة عدم الرضى في صوتها .. لكنه سأل :
ضجرت ؟
- تعتقد ماورين أنني أضعف من أن أساعدها في المنزل .. تقول :
(( اذهبي واقطفي بعض الزهور)) هذا المنزل سرعان ما سيبدو مليئاً بالزهور ,
وبينما يسمح لي جونو بقطفها فهو يحرم علي التقاط العشب الضار .. قد
تظن أنها مساكب زهوره الخاصة .
ضحك ريكس وهو ينقل اللحم إلى طبقها :
- يجب أن تواجهي الواقع .. إنها له .. حين انتقلت إلى هنا اقترحت
زرع بعض النباتات .. وأصغى إلي جونو بكل احترام ثم ذهب ليزرع ما كان
ينوي زرعه .
- و ماذا قلت له ؟
- لا شيء .. كنت قد اكتشفت أن ما أردت زرعه لا ينمو إلا في مناخ
نصف استوائي .
ابتسمت :
- كان يجب أن يقول ذلك .
- جونو لا يعتقد أن من واجباته الجدال معي .. ولقد تعلمت درسي.
يعرف عمله وأنا أتركه وشأنه ليفعل ما يريد .. والنتيجة أن لدي أجمل
مساكب زهور في البلدة .
نظر إلى شوكتها المتوقفة في لهواء :
- إذا كنت حقاً تهتمين بالحدائق فسأكلم جونو .
ردت بسرعة :
- لا .. المسألة مجرد شيء أفعله .
- ظننتك ترغبين في الهروب من العالم .. لا موسيقى صاخبة , لا
تلفزيون , لا مسؤوليات .
- أعتقد أنني لم أفكر بمدى فراغ مثل هذه الحياة .
- لماذا لا تخرجين وحدك للتفرج على المناظر ؟ أنت لا تكادين تخرجين من
المنزل ماعدا معي. اذهبي إلى المركز الوطني للأبحاث الجوية , الكومبيوتر
هناك مذهــل ..
- وما هي الأبحاث الجوية ؟
- أترين ذلك المبنى الزهري فوق تلك التلة ؟ إنهم يدرسون فيه كل
الأشياء التي لها علاقة بالجو .. وهم يقومون برحلات استكشاف في مناطق
وعرة كذلك .
- تبدو لي الطريق وعرة , ولا زلت غير متأقلمة مع المرتفعات .
- دعي جونو يوصلك بالسيارة .
- أوه . بالتأكيد .. ألا تتصورني أنزل من السيارة أمام المختبر , أجرجر
معطف الفرو ورائي وأنا أدخل المبنى ؟
ضحك :
- الطقس لا زال دافئاً لمعطف الفرو .. ثم بإمكانك قيادة سيارتي .
- بالتأكيد تمزح ؟ سيارتك الرياضية قوية جداً بحيث أخاف أن أرجعها
إلى الخلف من الكاراج , خشية أن تقود نفسها من دوني .
قبل أن يرد على هذا , رن جرس الباب الأمامي فوقف ليفتحه وتبعته
كاندرة .. كانت الدقائق القليلة التي تلت مشوشة تماماً بعد أن دخلت امرأة
رائعة الجمال إلى الردهة تعانق ريكس وتقبله بحماس مستسلم .. تبع
وصولها العاصف رجل مهذب أنيق صافح ريكس وانحنى أدباً أمام كاندرة
الواقفة عند باب غرفة الجلوس . ابتسم الرجلان تسامحاً للمرأة وهي تهذر
طويلاً وتضغط على ذراع ريكس باستمرار وكأنما لتوصل إليه كلامها ,
أحست كاندرة أن قلبها قد تهشم لرؤيتها اللمعان الدافئ المحب في عيني
ريكس والوله المخلص في وجهه .. هل هذه هي المرأة ذات الرداء الذهبي ؟
علقت أنفاسها في حلقها وهي ترى نظرة الحب على وجه الرجل الآخر .. لا
عجب أن يتخلى ريكس عن المرأة لهذا الرجل, ما هو إحساس أن تتلقى المرأة
مثل هذا الحب دون تحفظ ؟
- وهكذا قلت لدايف لحظة حطت بنا الطائرة إننا يجب أن نأتي رأساً إلى
هنا .. ولم أتصل لأنني لم أرغب في أن تتخلص منا .. أكاد أموت فضولاً ..
أين هي ؟
هز ريكس رأسه ضاحكاً :
- كونها امرأة متعقلة , فعلى الأرجح قد تكون هربت لتختبئ لحظة
وصلتما لتوفر على نفسها الاستماع إلى كل هذا الهراء .
وهبط قلب كاندرة .. كاندرة المتعقلة .
قالت المرأة ساخطة :
- ريكسي ! لا تبدأ بانتقادي !
شهقت بطريقة درامية :
- لقد أسرعت بدايف إلى هنا ولم نتناول العشاء بعد .. كانت رحلة
الطائرة رهيبة , والآن لا تريد مني أن أرى عروسك .
مسحت دمعة خيالية بإيماءة مسرحية. قال الرجل باستياء :
منتديات ليلاس
- لقد فعلت هذا مجدداً .. ستقضي الآن الليل وهي تخبرني كيف كنت
تشد جدائلها وتضع الثعابين في فراشها .
اعترض ريكس وهو ينظر إلى المرأة مؤنباً :
- أنه ثعبان واحد .. هل عدت للمبالغة إيزي ؟
- أبالغ لو قلت إنك كنت أكبر متوحش .. ولا شك أن زوجتك
تركتك الآن .. ولن ألومها أبداً .
نظر دايف من فوق رأس المرأة إلى كاندرة , وقال :
- آمل أن تكوني على معرفة بما أقدمت عليه حين تزوجت فرداً من هذه
العائلة .
استدار الجمال الأسود الشعر لينظر إلى كاندرة في غرفة الجلوس .
فسارعت إليها ثم توقفت فجأة :
- حمراء شعر ! لم تقل لي إن لها شعراً احمراً ! هذا يشبه تماماً ..
مهما كانت ستقول لم تسمعه كاندرة , فقد لف ريكس ذراعه حول
خصر المرأة يضغط عليه محذراً .. فتوقفت عن الكلام في منتصف الجملة .
- كاندرة .. في حال لم تخمني بعد .. يخجلني جداً أن أقول لك إن هذه
المهذارة الوقحة هي شقيقتي إيزابيلا .. وهذا زوجها دايفد توين .. إيزي ,
دايف , أود أن أقدم لكما زوجتي كاندرة .
مدت إيزابيلا لسانها لأخيها , قبل أن تلتفت إلى كاندرة وتبتسم لها
بفتنة :
- أنا سعيدة جدً بلقائك .. ويحزنني جداً اضطراري إلى عدم حضور
عرسك ..
التفتت إلى ريكس :
-لا زلت لا أفهم لماذا لم تنتظر ريثما نعود من أوروبا ؟
- هيا الآن إيزي .. لم يمض عليك وقت طويل وأنت متزوجة, ولا
يمكن أن تكوني نسيت كم كنت متلهفة للزواج من دايف ؟
- هذا أمر مختلف .. فأنا لم أدع دايف يلمسني قبل ليلة الزفاف .
أحست كاندرة باللون الدافئ يتصاعد ليلطخ خديها, بينما تصلب
ريكس لكلام أخته الخالي من أي لباقة .. وأخذت إيزابيلا تنقل نظرها من
واحد إلى الآخر .. ثم أمسكت يد كاندرة :
- أوه .. عزيزتي .. من المؤكد أن ريكس قال لك إن أسوأ عاداتي أن
فمي يبدأ بالتحرك قبل دماغي . وأنا سعيدة جداً للقائك كاندرة . وأتمنى أن
نتمكن من أن نكون صديقتين .. أرجو أن تغفري لي ملاحظتي الحمقاء .
مكث الضيفان عدة ساعات وتناولا العشاء مما كان متوفراً في البراد ..
وأثناء ذلك , لم تكن كاندرة قد سامحت إيزي فقط بل أقرت بأن شقيقة
ريكس هي أكثر النساء وداً وفتنةً .. وقالت هذا لـ ريكس وهي تنظف
المطبخ .. فأجاب :
- كنت أعرف أنك ستعجبين بها . تذكرني كثيراً بـ كاتيا .
قالت ببطء :
- أتعني أنها فراشة أخرى ؟
- هذا إضافة إلى كونها فارغة الرأس .. وفي حال كنت تتساءلين عن
ملاحظتها السيئة هذا المساء فأنا لم أناقش معها أبداً كيف التقينا أو ما
حصل في الكوخ .. أما لماذا قالت ما قالته فلا أدري , ومن الطريقة التي
تثرثر بها أحياناً أكاد أكون مقتنعاً أن رأسها لا يملأه سوى الصخور .
- ولكنها لطيفة جداً .
- لها قلب من ذهب .. يمكن أن تعطيك القميص الذي ترتديه ..
خاصة إذا لم يكن يعجبها .
- ريكس! كيف تقول هذا عن أختك ؟
- كونها أختي لا يجعلني أعمى عن مساوئها .
- إذا كنت تلمح بهذا إلى أدجر . فأنا أعرف أن ما فعله خطأ رهيب ..
فهل تريدني أن أقصيه عن حياتي بسبب هذا ؟
- أنت ستسامحينه حتى ولو سرق المتجر كله .
- هذا غير صحيح .. لقد غضبت منه , ويعرف هذا .
قال ساخراً :
- طبعاً .. غضبت منه إلى درجة أن تركت له سيارتك .
- وماذا أفعل بها ؟ أنت من أصريت على السفر في الطائرة .
- كان يمكن أن تبيعيها أو تشحنيها إلى هنا .
- لم تكن تستحق البيع أو الشحن .. ثم إن لديك سيارتين .
- وما من واحدة منها تريدين قيادتها .. وماذا عن مكالمات كاتيا ؟ إنها
فتاة كبيرة .. وينبغي أن تتدبر حل مشاكلها لوحدها .
- أعرف أن من الصعب عليك أن تفهم .. لكنهما اعتمدا علي
طويلاً ..
قاطعها : وطويلاً جداً .
- لماذا أنت قاس عليهما ؟
- لماذا أنت لينة معهما ؟ أنت تعرفين كما أعرف أنا أنهما ضعيفان وغير
ناضجين .
- من السهل عليك إيجاد المساوئ .. فقد رباك والداك مع الكثير من
المال ولا يزالان حيين , ولا يمكنك أن تفهم ما كانت عليه حياتنا .
- حياتهما أم حياتك ؟ إنهما مدللان , غير مسؤولين ..
- لا .. ليسا هكذا .. لطالما عملا , كان لديهما وظيفة دائماً .
- وماذا فعلا بالمال الذي اكتسباه ؟
- كان لديهما مصاريف .. ثياب .
صاح ريكس :
- ثياب ؟ لقد شاهدت ما كان معلقاً في خزانتك .. كاتيا لديها أربعة
أضعاف ما عندك على الأرجح .
- أنا لم أكن أهتم بالثياب كثيراً .
- لا .. فكل ما كنت مهتمة به هو التأكد من ألا يقلق هذان الجاحدان .
هل قلت لهما يوماً إن المال قليل معكم ؟ هل فعلت ؟
- بالطبع .
تذكرت كيف كانت دائماً تخفي الأسوأ عنهما . لقد ذكرتها جدتها في
العديد من المرات بأنها هي رأس البيت والمسؤولة عن الولدين .. فهل
أخذت كاندرة نصح العجوز بجدية زائدة ؟ مرت أوقات كانت فيها على
وشك أن تكشف عن المخاوف التي كانت تتآكلها , لكن معرفتها أن الولدين
لا يستطيعان فعل شيء لدفع الفواتير الطبية أبقتها دائماً صامتة . حتى بعد أن
أنهى أدجر ثانويته , لم تجرؤ أن تطلعه على مقدار دينهم خشية أن يتخلى عن
التعليم الجامعي , ولم تكشف لهما يوماً أنهم يقتربون من حدود الكارثة ..
فهل ريكس على حق ؟ هل كان هذا مضراً لهما ؟
ســـألها :
- هل ساعداك يوماً في أعمال المنزل ؟ أنا الرجل الذي تزوجته ..
ورأيتك كيف كنت تسيرين في الكنيسة .
صــــاحت :
- هذا بسبب ليالٍ لم أنمها . وهل كنت تظن أنني كنت أحلم أحلاماً
سعيدة عن زواجي المترقب ؟
رد بحدة :
- أنت تغيرين الموضوع .
- ربما لأنني تعبت منه .
- لا شك .. فأنا محلك لن أرغب في الكلام عن أخ وأخت مثل أخويك
معرضين للانهيار من دون وجودك . إنهما يعتمدان عليك كالطفيليات دون
أن يهتما بك أبداً , ما عدا ما يمكن أن تفعليه لهما .. لقد تركك أخوك
تتلقين العقاب عنه , وتجاهلت أختك تعاستك بسبب عرسك لمجرد أنها تريد
ارتداء ثوب زهري كبير وقبعة تناسبه .
هزت رأسها مصدومة بلذاعة اتهامه . لكنها لم تكن قادرة على دحضه
دون أن تعترف بأن ريكس كان يريد يومها رؤية كاتيا في مكتبه .. ورفض
أدجر الاختباء وراءها .. وكان سيرفض تضحية كاندرة أيضاً لو عرف
بها .. قالت :
- لم يكونا يعرفان ..
- افتحي عينيك حمراء .. ليس في جسد كاتيا عظمة واحدة ليست
أنانية , وإلا لما بقيت تزعجك خلال شهر عسلك .. أما أدجر فهو العكس
تماماً, إنه على الأرجح لم يفكر بك منذ رحلت . أنت لست أكثر من عاملة
كادحة في البيت بالنسبة لهما .
قال متصلبة :
- أنت لا تعرف عما تتحدث .
- أعرف تماماً أنك أرسلت لهما مالاً .
ردت بسرعة :
- إنه مالي .. ولدي مرتب واحد آخر قادم , أنا لم أستخدم مالك .
- هذه ليست المسألة .
صاحــــــت :
- أعرف ما هي المسألة .. أنت تحاول القول لي إنني أفشلتهما وجعلتهما
ضعيفين: أنت تقول إن أخي وأختي لا يحبانني .. هل خطر ببالك أن أدجر
محرج جداً من الاتصال بي ؟ و أن كاتيا تتصل لأنها تفتقدني ؟
- لا .
- أفضل الموت على أن أكون قاسية مثلك .. لا عجب أنك لا تريد
زوجة تحبك فأنت لا تعرف حتى مبادئ الحب .
- وأنت .. تعرفينها ؟
وخرج من المطبخ .
****
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
(( نهاية الفصل السادس )) ..


جمره لم تحترق 10-11-11 07:14 PM

7- ســـأخبرك سراً !
 
7- ســـأخبرك سراً !
http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
كان ريكس قد خرج من المنزل حين فتحت كاندرة عينيها في الصباح
التالي. تقلبت ومدت يدها دون وعي تلمس الفراش حيث كان نائماً . كانت
رائحته باقية على الوسادة فتنشقتها بعمق تسعى إلى الراحة لعطرها
المألوف .. تملكها إحساس بالتعاسة وتدفقت ذكرى الليل الفائت إليها .
كان الغضب قد دفعها إلى الإسراع إلى غرفة النوم , لكن ما إن وصلتها
حتى تلاشى غضبها وحلت التعاسة مكانه , وبدت الغرفة الواسعة وكأنها
تسخر منها ومن ارتباكها .. هل يتشاجر كل المتزوجين حول أمور تافهة
هكذا ؟ لماذا كان ريكس سريعاً في مهاجمتها ؟ هناك شيء أكثر من انزعاجه من
مكالمات كاتيا وأكثر من إرسالها نقوداً لهما , هل ندم على زواجه منها ؟ هل
اكتشف أن التعقل لا يعوض عن الشعر الأحمر ؟ والنمش الممل ؟
أغمضت عينيها ألماً ترى نفسها كما لا بد أن يكون ريكس رآها وهو
يصعد أخيراً إلى الغرفة ويدخل غرفة الملابس ليلة أمس .. كانت تجلس إلى
طاولة الزينة تمشط شعرها ببطء فوق كتف واحد , في وضع إغراء .. مع كل
ضربة فرشاة , كان العطر الذي رشته على جسمها يرسل موجات فاتنة من
الرائحة . وتابعت التمشيط متجاهلة ريكس وقلبها يخفق لجرأتها .. ولم يقل
ريكس شيئاً إلى أن لم تعد قادرة على تحمل الصمت , فوضعت فرشاتها من
يدها وأرجعت شعرها إلى ظهرها.. والتفتت لترى أنه قد دخل السرير
وظهره إليها والمصباح إلى جانبه مطفأ ...
تقلبت كاندرة لتجلس , ثم احتضنت وسادته .. كانت الكلمات التي
قالها في المطبخ عن علاقتها بأخويها تتردد في رأسها .. ربما تكون قد أفسدت
أدجر و كاتيا وبالغت في حمايتهما , لكنهما بالطبع يحبانها وتعرف هذا .
خرجت من السرير وارتدت روبها . كانت ماورين قد وصلت , لكن
كاندرة رفضت عرضها لتحضير البيض واللحم .. وحملت قهوتها و التوست
إلى الشرفة. كان اليوم يعد بأن يكون شديد الحرارة , استندت إلى السياج
تقضم التوست وتراقب العصافير . حتى من هذه المسافة رأت نحلة تئز حول
زهرة قرمزية , بينما فراشة عاجية اللون تطير بخفة فوق الزهور والعشب
الجاف على ضفتي الجدول . الفراشة جميلة ورشيقة مثل إيزي .. لكن لا شيء
جميل في نحلة .
منتديات ليلاس
ظهر وجه ماورين السمين من الباب :
- سيدة واردن .. هناك رجل في الخارج يريد رؤيتك .
من يمكن أن يسأل عنها ؟ اتجهت بعجب إلى الباب الأمامي .. كان يقف
هناك شاب بثوب عمل (( أوفراول )) وعندما رآها مد يده يدلي مجموعة مفاتيح
أمـــــامها :
- قال السيد واردن إن عليك إعادتي إلى موقف السيارات , وسأقول لك
كل ما تحتاجين إلى معرفته حول هذه الجميلة .
وأشار بإصبعه إلى سيارة رمادية لماعة فسألت بدهشة : ما هذه ؟
- يا إلهي سيدتي ! ألا تعرفين المرسيدس حين تريها ؟
- بلى .. لا .. أعني .. لماذا ؟
هز كتفيه :
- تسألينني ؟ لقد طلب مني ((الريس)) أن أوصلها إلى السيدة واردن ,
وأظنك أنت .. ربما بمناسبة عيد ميلادك أو شيء ما .
- أتعني أنها لي ؟
سارعت إلى ارتداء بنطلون جينز ثم أوصلت الفتى وهي تصغي إلى
تعليماته وأثبتت أنها سائقة كفوءة .. بتحية سريعة قفز من السيارة, وبدأت
تخرج من الموقف .. لكن صفيراً مرتفعاً أوقفها فاستدارت لتراه يشير إليها
بأن لديه شيئاً لها .. أخذت تنظر حولها وهي تنتظره, ولاحظت وجود
سيارة خضراء رياضية سقفها قابل للطي .
عاد الشاب إليها راكضاً , لرؤيته اتجاه نظرها قال :
- لقد فكر السيد واردن بهذه .. لكنه غير رأيه قائلاً إنها ليست السيارة
المناسبة لك .
دس لها عبر النافذة المفتوحة خريطة .
- كدت أنسى هذه .. طلب السيد أن أدلك إلى حيث يقع المنزل .
دل بأصبعه على الخريطة :
- نحن الآن هنا . وهذه المكتبة العامة , قال إنك سترغبين في معرفة
مكـــــانها .
شكرته كاندرة وخرجت بالسيارة إلى الشارع . فتحت النوافذ فتدفق
الهواء الساخن إليها , لكن على الأقل خفت رائحة السيارة الجديدة. توقفت
بعد بضع منعطفات على مفترق طرق لتقرر أين هي .
أطفأت المحرك و تسارع إلى ذهنها مليون سؤال .. وفتحت الخريطة
ببطء . لماذا اشترى لها ريكس السيارة ؟ هل مل من مرافقتها في البلدة ؟ ما
الذي كانت تتوقعه ؟ لقد قال لها منذ البداية إنه يريد زوجة قادرة على تسلية
نفـسها .
أوقفت كاندرة السيارة الجديدة أمام المنزل ونظرت إلى الكاراج ,
الليموزين وسيارة ريكس الرياضية كانتا هناك .. أكملت البحث عن جونو
وقالت إنها ستذهب بنفسها لتأتي بـ ريكس بعد العمل ذلك المساء .
كان سهلاً رؤية لوحة محلات واردن .. وتوقفت كاندرة على بعد محل
واحد منها .. ثم نزلت لتقف أمام الواجهة بحيث عكس الزجاج
صورتها, كان شعرها منفلتاً تحت قبعة من القش , وترتدي فستاناً خفيفاً
أزرق اللون وسترة مماثلة .. بدت باردة فاتنة .. لكن المظاهر تكذب
أحياناً , فداخلها كان كتلة معقدة من الارتباك والتردد .. لماذا هي قلقة ؟ لا
يمكن لـ ريكس أن يكون لا زال غاضباً منها .. لقد اشترى لها سيارة , ألم
يفعـــــــــل ؟
سارت مطمئنة إلى أن وصلت باب المتجر ودخلته فصدمها الهواء
المكيف للحظة كما صدمتها فكرة غير سارة : ماذا لو كان قد طلب السيارة
منذ أيام قبل شجارهما ؟
- سيدة واردن ؟
استدارت كاندرة لترى امرأة متوسطة العمر تبتسم لها بلهفة :
- أنت السيدة واردن ألست كذلك ؟
- أجل , أنا .
- آمل ألا تظني أنني جريئة لمخاطبتك هكذا . لكنك بدوت كالضائعة
قليلاً حين دخلت من الباب .. وظننت أنك ربما تبحثين عن السيد واردن .
- هذا صحيح .. لكن ..

جمره لم تحترق 10-11-11 07:15 PM

7- ســـأخبرك سراً !
 
ضحكت المرأة :
- كيف عرفت من أنت ؟
هزت كاندرة رأسها .
- الأمر سهل .. عرفتك من صورة الزفاف التي نشرت في الصحف
ووضعها السيد واردن على لوحة استعلامات الموظفين .. هذه عادته ..
يفكر بكل شيء .. إنه يعرف كم كنا متلهفين بزواجه .. وكنا نتساءل متى
ستأتين إلى هنا . وأنا أكسب الجائزة لأنني رأيتك أولاً .. لكن أنت لم تأت
للهذر معي .. هيا .. سأريك مكتب السيد واردن .
استدعت موظفة أخرى لتجلس إلى طاولة آلة تسجيل النقود , وقادت
كاندرة عبر مخزن ثم قالت لها : مكتب السيد واردن في الطابق الثالث, ثاني
باب إلى اليسار .. وهذا هو الزر .. هذا المصعد قديم الطراز لكنه آمن تماماً .
نظرت كاندرة إلى الاسم المثبت على فستان المرأة :
- شكراً لك .. سيدة والكر .
ابتسمت المرأة بدفء :
- بكل سرور .. هل بإمكاني أن أعبر عن أفضل تمنيات جميع الموظفين
بالسعادة لزواجك من السيد واردن ؟ إنه شخصية رائعة وأتمنى أن تكونا
سعيدين حقاً .
- هذا لطف منك .
كان انتشار الشائعات في المتجر سريعاً جداَ .. فقد تبين لـ كاندرة أن المرأة
التي كانت تقف أمام باب المصعد في الطابق الثالث كانت سكرتيرة ريكس .
حين وصلت كاندرة إلى مكتب ريكس , كان القلق قد زال عنها أمام
صدق تمنيات الموظفين , ودخلت ممتنة إلى الغرفة . لكنها وقفت مسمرة عند
الباب .. كان ريكس يقف في الجهة الأخرى من الغرفة منحنياً فوق طاولة
مليئة بالأوراق وإلى جانبه امرأة كستنائية الشعر . استدارا معاً في وقت واحد
لدخولها المفاجئ والضحكة من نكتة مشتركة لا تزال مرسومة على
وجهيهمـــــا .
نظر ريكس إليها بدهشة : كاندرة ؟
قالت مقطوعة الأنفاس وعيناها على المرأة الأخرى :
- قلت لجونو إنني سأوصلك بنفسي إلى المنزل .
قطع ريكس الغرفة إلى حيث تقف قرب المدخل وقادها إلى الداخل .
- دخلت إلى هنا وكأنك هاربة من البوليس .
- بل أسوأ .. كنت أهرب من محنة .
- أفهم من هذا أنهم عرفوك ؟
ابتسمت له :
- لسوء الحظ .. أجل .. لم يحدق فيَ هذا العدد من العيون منذ
المدرسة حين تمكن تلميذ من لصق ورقة على ظهري دون أن أعرف بها .
لمعت عيناه :
- وماذا كانت تقول ؟
- عانقيني ..
- وهل عانقك أحد ؟
- عانقني مدرب الباسكت بول أمام جميع تلاميذه قبل أن يزيلها
ويعطيني إياها .
- أراهن أن الفريق كله صفق لكمـــا .
- وصفر وضرب بأقدامه .. وظننت أنني سأموت خجلاً .
وضع ريكس يده على كتفها وأدارها دورة كاملة : هذا ما ظننته .
- ماذا ؟
- هناك ورقة معلقة .
رفع رأسها .. وتعلقت بمقدمــة قميصه :
- لا أصدق أن هناك ورقة .
سأل بنعومة :
- أتدعينني كاذباً ؟
- أجل .
- لا يسمح هنا لأي كان بأن يدعو (( الريس )) كاذباً .
رفعت ذراعيها تعقدهما خلف رأسه :
- وماذا ستفعل ؟
- هل لي أن أفترض أن عمل اليوم انتهى ؟
جاء السؤال من خلف كاندرة, فاستدارت .. كانت قد نسيت المرأة
الأخرى الواقفة تراقبهما وحاجب أنيق مرتفع تعجباً . فاحمر وجه كاندرة
حرجــــــــــاً .
لكن ريكس كان من طينة أكثر صلابة , فقال بسهولة :
- آسف ميلاني ! تعرفين كيف هي الأمور مع عروسين جديدين .
جذب كاندرة إلى جانبه .
- حبيبتي هذه ميلاني كريك . إنها مهندسة الديكور في محلاتنا .. وهي
مسؤولة كذلك عن تنفيذ ديكور منزلنا.
- أليس هذا رائعاً ؟ جميل أن أقابلك .
- لم أكن أعرف حين نفذت الديكور فيه أنه سيكون عش زواجك ..
أرجو أن يكون قد أعجبك .. أظن أنه رائع .
- إنه لطيف .
قال ريكس :
- سننهي المشرع غداَ ميلاني .
أخذت المرأة أوراقاً عن الطاولة :
- عظيم .. سعيدة بلقائك سيدة واردن .
وكان على وجهها نظرة من تعرف شيئاً لا تعرفه كاندرة .
- وأنا سعيدة بمقابلتك .
فجأة أحست كاندرة بالحر .. فخلعت قبعتها واتسعت عينا ميلاني
لرؤية شعرها الأحمر, ولمع شيء من المرح المتسلي في عينيها , لكن سرعان ما
تبدد لرؤيتها كاندرة تنظر إليها, و تمتمت دون توجيه الكلام إلى أحد وهي
تخرج من الباب (( مذهل )) وتابعت سيرها وخصرها الرائع الشكل يتمايل
بإغــــــراء .

جمره لم تحترق 10-11-11 07:17 PM

7- ســـأخبرك سراً !
 
- الملاحظات الغامضة من ضمن عملها, إنها ترهب زبائنها بها
وتجعلهم يعتقدون أنها أذكى منهم .. وبهذه الوسيلة لا يسأل أحد عن
أحكامها في الديكور .. ولن يفعل أحد لأنها موهوبة جداً .
فكرت كاندرة بالجو البارد غير المرحب في المنزل, لكنها لم تقل شيئاً ..
وأضــاف :
- دعيني فقط أرتب بعض الأوراق ثم نذهب .
تقدمت إلى النافذة .. إذن هذه المرأة التي كان ريكس يفكر بها
حين اختار ثوب النوم المثير المخبأ في الدرج, ولم تجد صعوبة في تصور ميلاني
ذات النظرة الساخرة في عينيها وهي ترتدي الثوب وتضع عطراً مثيراً
فـــــــــــــاخراً .
- هل أقلك جونو بالليموزين الحمراء ؟ أم إنك تشجعت وجئت بسيارتي
الرياضية ؟
استدارت .. كان ريكس يقف وراءها , يداه على وركيه .. للحظات
فشلت في فهم معنى كلامه أو نظرته .. ثم فهمتها أخيراً .. نظرت إلى القبعة
التي تحملها وقالت بخــفة :
- في الواقع , قدت بنفسي .
- أي سيارة ؟
رأت مرآة في الغرفة , فتقدمت إليها :
- سيارة رمادية عتيقة رأيتها متوقفة في الطريق الداخلية للمنزل .
ودست شعرها داخل القبعة .
- رمادية قديمة ؟ أريد أن أعلمك أنها إرث عائلي .
نظرت إليه من تحت القبعة .
منتديات ليلاس
- وأنا التي ظننت أنك اشتريتها في مزاد علني للسيارات المستعملة .
انتزع قبعتها ورماها لتطير عبر الغرفة . وقال برضى :
- هاك .. هكذا أفضـــــل .
- ريكس ! أتعلم كم كلفتني هذه القبعة ؟
- لا .. ولست أهتم .
واحداً واحداً تساقطت المشابك التي تثبت شعر كاندرة في مكانه إلى
الأرض , وقال هامســـــاً :
- الآن .. اشكريني كما يجب على السيارة, ثم ســأقول سراً .
ردت باحتشــــــام :
- أنا لا أحب الرشوة .
شدتها ذراعاه بقوة فأكملت مقطوعـــــة الأنفاس :
- حسناً .. إذا كان لا بد ..
قال ريكس بلهجة ممازحة بعد دقائق عدة :
- أعتقد أنك تعجبينني حين تكونين ممتنة .
منتديات ليلاس
- ألا تعني (( مطيعة )) ؟
- ربما
- الآن أخبرني عن السر .
- اشكريني مرة أخرى أولاً .
- غشاش !
سارت بسرعة عبر الغرفة لتستعيد قبعتها قبل أن تركع فوق السجادة
لتلملم مشابك شعرها المبعثرة . لكن ريكس شدها لتقف :
- اتركيها .. هل سامحتني ؟
- لكونك غشاشاً ؟
- لا .. بل لمخــاشنتك ليلة أمس بخصوص أخيك وأختك .. ليس من
شأني أن أنتقد طريقة معاملتك لهما .. لقد قمت بأفضل ما بوسعك في
ظروف سيئة . السيارة هي وسيلتي للتعويض .
نظرت إليه بذهول , أخيراً وجدت صوتها :
- أتعتذر بسيارة ؟ الشجار معك يصبح مكلفاً لك .
- لـكنني لا أتوقع أن أكون دائماً من يعتذر .. على أي حال قلت لي
كلمـــات غير لطيفة أيـضـــاً .
نظرت إلية برعب :
- أجل .. فعلت وأنا آسفة . أرجو ألا تتوقع مني شراء سيارة لك .
حرك حاجبيه ونظر بخبث :
- أوصليني إلى البيت وسأقول لك ما أتوقعه منك .
تمتمت تدعي الغضب :
- أوه .. حسن جداً . دعني ألتقط الدبابيس .
- لن تحتاجي إليها .
- ريكس ! لا أستطيع المرور في المتجر وشعري يتطاير هكذا . سينظر إلي
الجميع بعجب .
- أنت على صواب .. وسيذهب كل الزبائن مستائين لأن موظفــــي
المبيعات سينشغلون جداً بمراقبتك بدل خدمتهم .
فرقع بأصابعه :
- عرفت ماذا سأفعل .
التقط سماعة الهاتف وطلب قسم الأحذية , ثم طلب من شخص أن
يرسل له رباط حذاء .
بالرغم من احتجاجاته , تمكنت كاندرة من التقاط كل المشابك.
- لن أستطيع تركها هنا .. فسيتكلم المتجر كله عنها غداً .
لكن المتجر كله كان قد تكلم وانتهى .. حين رافقها ريكس أخيراً من
مكتبه كان شعرها مربوطاً إلى مؤخرة عنقها بشريط حذاء أبيض , وبدا كأن
كل موظف في الطابق الثالث يعرف بوجودها ووجد حجة للتواجد في الرواق
في تلك اللحظة بالذات .. وتوقعت كاندرة أن يمر بها ريكس بسرعة أمام
الجميع .. لكنه بدلاً من هذا, قدمها إليهم بكل وقار وقدم لكل واحد منهم
قليلاً من تاريخها الشخصي .. ولم يكن في طريقة تصرفه أي دليل على نفاذ
الصبر .. وبدا أن السيدة والكر لم تكن الموظفة الوحيدة التي تعتقد أن السيد
واردن رجل رائع .. أخيراً وصلا إلى المصعد, فمسح ريكس عرقاً خيالياً عن
جبينه وقال :
- واو.. لم تبالغي حين قلت إنك مررت بمحنة .
انفتح باب المصعد فقادها إلى الداخل وقال متمتماً بصوت مثير :
- لوحدنا أخيراً سيدة واردن .
قالت بسرعة وهو يحني رأسه نحوها : ريكس !
وأشارت برأسها إلى فتاتين صغيرتين تقفان في الداخل على جانبي
الباب .. قال ريكس لهما :
- مرحباً .. أتركبان المصعـد ؟
نظرتا إليه دون أن يرف لهما جفن .. وتمتمت كاندرة لهما بصوت
منخفض :
- لا تتكلما مع الغرباء .
هز رأسه متفهماً : هذا صحيح .
وكأنما أعطى إشارة ما لانطفاء الأنوار وتوقف المصعد فجأة
سألت كاندرة بارتجاف :
- ماذا حدث ؟
- لا أدري .. دعيني أرى إذا كنت قادراً على إيجاد زر الطوارئ .
سمعت كاندرة صوتاً منخفضاً , كانت إحدى الفتيات تبكي , فقالت
بلهجة مرحة :
- يا لها من مغامرة !

جمره لم تحترق 10-11-11 07:20 PM

7- ســـأخبرك سراً !
 

تصاعد صوت رفيع مثير للإشفاق : أريد مامي .
تكلم صوت أكبر سناً بشجاعة :
- أمسكي يدي لوسي .
كررت الصغيرة : أريد ماما .
منتديات ليلاس
سمعت كاندرة ريكس يتحدث بصوت منخفض في سماعة الطوارئ
الداخلية للمصعد .. فقالت :
- أنا أسمي كاندرة .. وأنتما لوسي و .. ؟
كررت لوسي بصوت باك :
- أريد أمي .
عاد ريكس ليقول في أذن كاندرة :
- انطفأت الكهرباء .. ليس في المتجر فحسب , وسيأتون إلينا بعد
قليل .. هل لنا أن نعرف من معنا هنا ؟ فإذا طال الأمر لا أريد أن يكون هناك
أم هستيرية في الطابق الأسفل .
قالت :
- أنا أعمل جاهدة لأعرف .
أخذت نفساً عميقاً وقالت بصوت مرتفع :
- جيد أن براوني ليس عالقاً هنا معنا .
فهم ريكس ما تعنيه : ولماذا ؟
- ذلك الكلب الضخم السخيف يخاف كثيراً من العتمة . أتعرف كيف
تخبئ الكلاب العظام ؟ براوني يخبئ المصابيح اليدوية احتياطاً لانقطاع
الكهرباء .
قال ريكس : لا !
- بلى .. إنه يفعل هذا لكن حين ضبطته يدفن (( اللمبات )) لم أعرف بماذا
أفكـــــر .
سألها :
- ولماذا كان يخبئ (( اللمبات )) ؟
- لأنه قرأ كتاباً عن الحدائق يقول إنك إذا أردت لزنبقة أن تزهر يجب أن
تزرع (( لمباتها )) .
تصاعدت ضحكة صغيرة من طرف المصعد .. فتشجعت كاندرة
وتابعت :
- أوتعلم ماذا قال لي في الصيف الفائت ؟
تابع ريكس لعب دوره :
- لا .. ماذا قال ؟
- قال إنه مصاب بحكاك , أيمكن رجاء أن أعطي البراغيث حماماً ؟
تصاعدت ضحكة أخرى , ثم همسة :
- أفهمت النكتة لوسي ؟ الكلاب فيها براغيث دائماً .
ابتسمت كاندرة في الظلام .
- هل قلت لك إنني استلمت رسالة منه اليوم ؟ أخبرني فيها عن كل
مغامراته الأخيرة . كان يلاحق قطة الجيران دون أن ينظر إلى أين هو
ذاهب .. حين قفز إلى سلة .. و احزر ماذا لقد كانت سلة منطاد .
أكملت كاندرة تزيين القصة بطرائف مضحكة وهي تتابع , تبتدع
أفكاراً مستحيلة إلى أن أعادت براوني أخيراً إلى الأرض .
- ألم تكن هذه مغامرة رائعة ريكس ؟
- بكل تأكيد .
وجهت صوتها نحو الزاوية :
- والآن أصبح عندي مغامرة أكتب له عنها . يعيش براوني في أريزونا
وهي بعيدة جداً لكنه يحب تلقي الرسائل , لذا سأكتب له وأقول إنني
علقت في المصعد .. وسأبلغه سلامك ريكس .. هل يريد أحد آخر قول
(( مرحباً )) له ؟
جاء صوت خائف صغير فيه شيء من البكاء : أنا أريد .
- وماذا سأقول له اسمك ؟
- لوسي راولد .
لقد كسبت نصف المعركة :
- هل هناك شخص آخر يريد إيصال رسالة إلى براوني ؟
- أعتقد أنك تستطيعين قول مرحباً من جولي رولر كذلك .. لكنني لا
أصدق أنه يستطيع القراءة .
وكان هذا ما قاله الصوت الثاني متحديا .
استندت كاندرة على جدار المصعد ارتياحاً , وسمعت ريكس مجدداً
يطلب من شخص ما على الهاتف أن يبلغ السيد والسيدة رولر .. ثم سمعت
كاندرة صوتاً خائفاً إلى جانبها :
- كاندرة .. أتخبرينني مزيداً من قصص براوني ؟
- طبعاً , دعونا نجلس هنا على الأرض .
وسرعان ما انطلق براوني في مغامرة جديدة مستحيلة , بينما داخل
المصعد فتاة صغيرة متكورة في حجر كاندرة والأخرى جالسة مستندة إلى
جانبها .. كانت حنجرتها قد بدأت تجف والقصص تشح من رأسها حين
أضاءت الأنوار وعاود المصعد هبوطه البطيء .
في النصف ساعة التي تلت , اعتذرت السيدة رولر بشكل مبالغ فيه
وانصرفت , فاسترخت كاندرة على كرسي تسمع الحديث يتطاير فوق
رأسهـــــــا .
- كان يجب أن تزجرها لتركها بنتيها تلعبان بالمصعد بدل أن تعطيها
بطاقة لهدية وترسلها إلى بيتها في سيارة المحل .
قال ريكس :
- أنا واثق أنها تعلمت درسها .. بهذه الطريقة ستبقى السيدة رولر زبونة
وربما تحضر معها الأصدقاء والأقارب .
واستدار ليرد على سؤال شخص آخر . وشدت لوحة كبيرة انتباه
كاندرة , فتقدمت لتلقي نظرة مقربة عليها .
كانت صورة لسيدة في القرن الثامن عشر ترتدي ثوباً فضفاضاً أخضر
اللون وتقف أمام جواد أسود جميل , على رأسها قبعة خضراء لها غطاء وجه
واسع فوق شعر أحمر ملتهب .
- صاحبة السعادة , تعطي المكان لمسة فخامة ووقار .. أليس كذلك ؟
- صاحبة السعادة ؟
التفتت لترى امرأة في مثل سنها تبتسم لها , وترد :
- هكذا أسميها . انظري إلى طريقة وقوفها وأنفها في الهواء تسخر منا
جميعاً ومن كل من يضطر إلى العمل كي يعيش .
- إنها تبدو فعلاً أرستقراطية متصلبة .. من هي ؟
هزت المرأة كتفيها .
- لا أدري , فالسيد واردن يقول إنها والفنان الذي رسمها مجهولان ..
ما أظنه أن ما من امرأة لها شعر بلون هذا الشعر يمكن أن تكون متزمتة
المظهر مثلها .. أراهن أنها كانت عشيقة الرسام .. أوه .
وضعت المرأة يدها في فمها , وارتفعت عيناها إلى شعر كاندرة :
- لم أقصد أية ملاحظات شخصية , سيدة واردن . إنها مجرد لعبة
ألعبها .. أعني .
بدا رعب المرأة حقيقياً , وعلى الفور أتى صوت ريكس :
- جاهزة لنذهب كاندرة ؟
أجفلت كاندرة لسماع صوت ريكس . منذ متى يقف هنا ليستمع ؟
في الخارج اقترح عليها أن يشربا القهوة في مكان ما قبل الذهاب إلى
المنزل , وسرعان ما كانا يجلسان في مقهى قريب . وبينما كان ريكس يطلب
القهوة , أخذت كاندرة تنظر حولها .. كانت الكراسي والمقاعد منجدة
بسجف مطرز بالزهور , طاولات رخامية صغيرة , خشب أسود , رسوم من
القرن المنصرم على الجدران .
سألها : أعجبتك ؟
- بل أحببته .
- أنه قديم الطراز مثل ثوب عرسك .
عادت النادلة بالقهوة , ودفع ريكس الفاتورة ثم قال لها :
- يجب أن نحتفل بظهورك المسرحي المذهل , حمراء ... اليوم في المتجر ,
غداّ في السلسلة كلها , الأسبوع القادم للعالم كله .. وتصبحين بطلة
محلات واردن الخاصة .
- بطلة ! عمَ تتحدث ؟
- عن الطريقة التي تصرفت بها في المصعد .. أرتجف لو فكرت بما كان
سيحدث لو كنت وحدي مع هاتين الفتاتين المذعورتين .. أو ما إذا كنت
ستصابين بالهستيريا وتزيدين من سوء الموقف .
- لم أكن شجاعة إلى هذه الدرجة .. الواقع أنني كنت مذعورة .
- وإن يكن ؟ لقد عرفت ماذا تفعلين مع الطفلتين .. أعطي امرأة
متعقلة تركب المصعد و ..
قاطعته دون تفكير :
- وهل ميلاني متعقلة ؟
ضحك :
- التعقل بالنسبة لميلاني هو مواعدة رجال بـمدخول مرتفع فقط لئلا تقع
صدفة بحب رجل فقير . لكن .. لماذا السؤال ؟
ابتسمت :
- لا أدري .. بدت لي كفوءة .
وغيرت الموضوع تسأله عن السياسة .. كانت اهتمامات ريكس واسعة
جداً , وأحبت كاندرة العادية النقاش .. لكن كل ما كانت تفكر به هذا
المساء هو كم من السهل إشعال مشاعر ريكس نحوها وإطفائها بسرعة ..
لقد تصرف في مكتبه كرجل لا يستطيع الانتظار ليصل بها إلى البيت .. أما
الآن فهو يبدو وكأن النوم مع زوجته هو الأبعد عن تفكيره . قد يدعي حبها
في المصاعد , لكن من الواضح أنه يفضل طراز ميلاني في الفراش .. وهي
ترتدي غلالة نوم مثيرة .
***http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
(( نهاية الفصل السابع والقبل الأخيـر )) ..


الساعة الآن 02:25 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية