منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   139 - بيني وبينك خفايا - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t168947.html)

نيو فراولة 15-10-11 08:29 PM

عد مرور بضعة أيام ,كانت أدريان تطبع في الكوخ , عندما ظهر موراي حاملا فنجاني قهوة , وقال وهو يضع أحدهما على المكتب:
" واحد لك , وواحد لي".
تناول قطعة الحلوى من على صحنه ورماها الى فليك الذي تلقفها في فمه المفتوح ثم ألتهمها بأمتنان قرير , وقال:
" آسف لأزعاج السكرتيرة المثالية , لكن الضجر كاد يقتلني".
" لا يمكنك البقاء طويلا , فأنا مشغولة".
" وكالعادة , ترحبين بي كثيرا".
وفكرت في نفسها , لو أستطاعت أن تشرح له مدى ترحيبها الحقيقي به لملأت عباراتها كتابا! أحتسى قهوته حتى آخر نقطة , ووضع الفنجان على الصحن ثم نهض واقفا ففأضطرت أدريان الى أخفاء خيبتها , وقال:
" جئت فقط لأطرح عليك سؤالا .... هل ستخرجين في نزهتك المعتادة هذا المساء؟".
" أذا كان الطقس جيدا , لماذا تسأل؟".
فهز كتفيه وأجاب:
" خطر لي أن أرافقك , أذ ليس لدي شيء أفعله , لا أطيق رفقة أخي المملة وحيث لا هم له ألا التحدث عن كتبه المألوفة".
" وللمرة الثانية تجدني أفضل من لا شيء؟".
لم يجبها , فتابعت:
" أذا شئت مرافقتي فلا مانع لدي ".
" هذا لطف كبير منك , هل أمر عليك في البيت؟".
أضطرت الى أخفاء سرورها , وقالت:
" الأمر يعود اليك , لنقل حوالي الساعة السابعة؟".
فأخرج مفكرته وقلمه برشاقة , وقال وهو يسجل:
" السابعة مساء , موعد مع زوجة أخي العتيدة والكلب".
أعاد المفكرة الى جيبه وخرج بادي السرور من نفسه.
منتديات ليلاس
كانت أدريان في أنتظاره لما وصل , وعلى ذراعها كنزة صوفية أحتياطا لبرودة الجو , ما كانت لتعترف بأنفعالها ألا أنه كان يغرغر في داخلها كنافورة ماء , ولا سبيل الى أنكاره , كانت أعلمت أمها بقدوم موراي وقالت أنه شقيق مخدومها وقد جاء ليقضي العطلة عند أخيه , وهنا ذكرت نفسها بأن لا تشير اليه بأسم كليفورد.
كانت لورنا تضطجع على الأريكة كعادتها , وقد أكثرت قليلا من أستعمال المساحيق وأضافت الى عطرها رشة خفيفة , فتساءلت أدريان عن سبب هذا الأهتمام.
رآها موراي تتطلع الى قدومه من خلال النافذة , وحين فتحت له الباب قال ليستفزها:
" يسرني أن أراك ترحبين بي في حرارة هذه المرة , هل كنت تحصين الساعات لحين وصولي؟ أين أمك؟".
فأجابه صوت لورنا آتيا من غرفة الأستقبال:
" يا لهذا الشاب اللطيف الذي يطلب التعرف اليّ!".
فرفع موراي حاجبيه وقال:
" أتسمحين لي بالدخول؟".
ودخل من دون أن ينتظر الجواب , فأستغربت أدريان لهفته لملاقاة أمها , فهو ليس خطيبها ولا يجب أن يتصرف على هذا الأساس.

نيو فراولة 15-10-11 08:31 PM

قال وهو يقف في غرفة الأستقبال ينظر الى لورنا مبتسما , وعيناه تتفحصانها وتحلالان وتستنتجان:
" مساء الخير يا سيدة غارون".
ثقته الذاتية هذه أدهشت أدريان , وبدا كما لو كان معتادا على دعوة نفسه الى صالونات الناس وكأن ذلك من حقه.
وقالت أمها:
" عرفيني الى هذا الشاب الساحر يا أدريان".
فقالت في جمود:
" أمي , أقدم لك موراي, وهذه أمي يا موراي".
" السيد موراي؟".
أستوضحت لورنا برفع حاجبيها المزججين , وهي تمد اليه يدها البضة فيصافحها بقبضة قصيرة , ثم ألتفت الى أدريان بنظرة تحذير , فسارعت الى التصحيح مرتبكة:
" كلا , أقصد السيد موراي ديننغ".
وساندها هو بقوله:
" طلبت من أدريان أن تناديني موراي من باب المودة , فأنا لست مخدومها بل شقيقه فقط".
فطرقت أهدابها وقالت:
" أذن , هل تسمح لي أيضا بأن أخاطبك بأسمك الأول؟".
" ولم لا؟".
"أسمي لورنا يا موراي".
أنزلت قدميها الى الأرض في رشاقة مدروسة , وقالت وهي تعبث بالوسادة الى جانبها:
" أنت أول شاب تدعوه الى بيتنا ,ولا أدري لماذا يصعب عليها أجتذاب الشبان".
فأحمر وجه الفتاة وقالت:
" أمي , موراي ليس.........".
فقال موراي بسرعة وهو يتفحص أدريان في تفصيل دقيق:
" أستغرب كلامك هذا , فأبنتك تملك كل ما يطلب الرجل وجوده في شريكة الحياة , ولا ريب أن رجلا محظوظا سيأتي يوما , ويخطفها منك ".
" أتعتقد ذلك؟ أوه..... أرجو أن تكون مخطئا , أذ ماذا علي أن أفعل بدونها؟".
وأضافت لورنا قائلة:
" ناوليني وسادة ثانية يا حبيبتي لأريح رأسي عليها .... هناك نوبة صداع على الطريق , أستشعر أقترابها في عظامي".
فسارعت أدريان الى تلبية الطلب بأهتمام , وراحت تبحث عن وسادة مناسبة , وهنا نهض موراي , ورفع قدمي لورنا بعناية فائقة حتى عادت الى أستلقائها الأفقي السابق , وسألها باسما:
" هل أنت مرتاحة الآن؟".
فأجابت بصوت كهديل الحمام:
" ما أروع أن يتسابق شخصان الى خدمتي!".
ضحك موراي فخالته أدريان يسخر لكنها لم تجد في وجهه ما يدل على التهكم , وفي موقف كهذا مليء بالتظاهر والأنفعال , توقعت أن تسيطر عليه روح السخرية , لكنه كان أكسير السحر والتفهم , وكم أدهشها التبدل في تصرفه.
سمعت فليك يعوي وراء الباب الخلفي , لا ريب أنه كف عن اللعب في الحديقة لدى سماعه صوت موراي , فتحت له الباب فدخل المطبخ ثم عبر البهو ركضا وطرح نفسه على قدمي الضيف , رحب به موراي في حرارة وقال له:
" حان الوقت لننطلق يا فليك".
ثم قال للورنا:
" أبنتك ستأخذني في نزهة , أنا غريب عن المنطقة نسبيا , ولذا ستعرفني الى أماكن أرتيادها المفضلة".
فأجابت الأم:
" أبنتي تخرج دائما بمفردها , هي وحدانية بطبعها , وحتى في طفولتها كانت تفضل رفقة نفسها على رفقة الآخرين".
فقال موراي متظاهرا بالأنزعاج:
" ما أقل ذوقي! ربما أنا أتطفل على حبها للعزلة , وهي لشدة تهذيبها لم تصارحني بعدم رغبتها في رفقتي".
" بل أنني أرغب فيها حتما".
أجابته في سرعة وحدة , ولم تدرك خطأها ألا حين رأت أبتسامته الساخرة! أنتابها ضيق وخجل لوقوعها في شرك الأحراج الذي تقصد أيقاعها فيه , قالت لورنا بصوت متهدج وهما يخرجان:
" لا تتأخر عن زيارتي ثانية يا موراي!".
فوعدها الشاب بأن يفعل.

نيو فراولة 15-10-11 08:32 PM

سارا في صمت على الطريق , وأنتظرت قليلا ثم سألت:
" هل أخبرت كليفورد أنك ستأتي معي؟".
" أخبرته فعارض مجيئي , فأجبته أنه أذا كان يتضايق من ذلك , فعليه أن يرافقك بنفسه , هل أخذك مرة الى أي مكان؟".
فردت بشكل غير مباشر:
" خطوبتنا ما تمت ألا مؤخرا".
" وما دخل الخطوبة الطويلة أو القصيرة في هذا؟ دعينا نواجه الواقع العصري حيث صار الناس المخطوبون ينعمون بحرية أكبر , أنا وأنت , لسنا خطيبين , ومع ذلك هذه ثاني مرة نخرج معا".
" لكنه أخبرني أنه لا يقوى على السير الطويل بسبب أعتلال قلبه ".
فرد حانقا:
" قلبه ليس معتلا! متى ستصدقين ذلك بحق السماء؟".
ران عليهما صمت طويل .... وبلغا القنطرة وتخطياها , بدون أن يساعدها هذه المرة , ثم سارا جنبا الى جنب حتى وصلا فسحة مكشوفة , فقال بلهجة حازمة جعلت قلبها يقفز توجسا:
" لنجلس قليلا , أريد التحدث معك".
جلس على العشب مبتسما وربت على مكان مجاور فجلست بدورها , تلامست كتفاهما وأزعجها هذا التلامس لسبب ما , لكنه بدا غافلا عن ذلك , وطفق ينتف العشب شاردا , أحاطت ساقيها بذراعيها وأخذت تؤرجحهما قليلا كطفلة , فيما ربض فليك قربهما.
منتديات ليلاس
كانت الشمس تهبط نحو الأفق وهي تتسلل من زرقة سماء فيروزية الى سرير ذهبي محمر , كان الغروب مشعا بالألوان وأخذت أدريان تحدق مسحورة , وقال فجأة , فحطم بسؤاله سرحانها الحالم:
" ألا تقدر أمك أن تجد عملا؟".
فعاد ذهنها الى الأرض بقوة , كتفاحة تسقط قبل الأوان من على شجرة , أجابت مندهشة:
" أمي .... تشتغل؟".
فقال في حزم كما لم كان طبيبا يشخص مرضا:
" لقد وصلت الى الأستنتاج بأن الملل هو علتها الوحيدة ولن ينقذها منه سوى العمل".
ثم تناول حفنة عشب , وتفحصها كما لو كانت تحت مجهر , وسأل:
" لما مات والدك , كيف واجهت واقع الوفاة؟".
عجبت لعمق أهتمامه , وأجابت:
" أصيبت وقتها بأنهيار أذ توفي فجأة بالسكتة القلبية , كان في ستيناته .... أكب منها بكثير كما سبق وأخبرتك , كان راغبا في التقاعد قبل موته بسنوات لكنها عارضته كي لا يخف المدخول , وهكذا أستمر يعمل ليرضيها وتركته يشقى من دون أن تحرك ساكنا , كانت تعتمد عليه في كل شيء.
فرفع موراي حاجبيه ولم يعلق ,وقال بعد صمت قصير:
" في أثناء الحديث , أطرت أمك الحسنات المتأتية عن وجود رجل قوي في البيت , ولدى وفاة والدك , أضطررت أنت بحكم الظروف أن تأخذي مكانه , لذا صرت الآن تمثلين العنصر( القوي) في حياتها , ومن الطبيعي أن تنفر من فكرة تركك أياها في أي وقت من الأوقات".
فأجابت أدريان تشرح وجهة نظرها وهي تحاول أقناع نفسها بصواب كلامها:
" لكنني لن أضطر لتركها عندما أتزوج كليفورد , حيث أن سكني قريبا منها سيتيح لي أن أساعدها يوميا".
أرتكز على مرفقه وقال محدقا فيها:
" يا ألهي! أهذا هو الدور الذي رسمته لنفسك ..... دور الوصيفة والخادمة والرفيقة المساعدة ,من دون أجر؟ هل أنت مستعدة لقضاء بقية حياتك خاضعة مستسلمة ومشطورة الى نصفين , تقسمين حبك وولاءك بين زوج متمارض وأم متمارضة على غراره؟".
فهزت كتفيها بعدم الأكتراث , وأجابت وهي تأمل أن ينخدع بتظاهرها البارع:
" أنني أتقبل هذه الحياة , وسأدخلها مفتوحة العينين , فأنا راضية بها تماما".
" أنك على مر السنين , ومن دون أن تشعري , تطبعت طلبات أمك المتواصلة والنزقة, فهان عليك أن تتقبلي طباع خطيبك المماثلة , بلا تبصر أو تفكير.... أن شكاسة أخير وخوفه على صحته ورغبته المستمرة في أن يخدمه الآخرون , ولا ترين فيها شيئا خارجا عن المألوف لأن أمك تتصرف أيضا هكذا , وبالتالي تقبلينه بلا أعتراض كشريك لحياتك في المستقبل , ولا تهابين ما سيعنيه هذا الزواج , ألا وهو تكريس حياتك لخدمته".
وأضاف بصوت شرس:
" أنت لم تقبلي به زوجا بسبب الحب بل بدافع العادة".

نيو فراولة 15-10-11 08:34 PM

تململت وساورها خوف من الصورة التي كان يرسمها..... كانت واقعية ودقيقة التفاصيل الى حد كبير , بل كانت لقطة فوتوغرافية أكثر منها لوحة أبتدعها خيال فنان.
وأستفسر بلطف وعمق كما لو كان جراحا يجري عملية :
" أترغبين في أنجاب الأطفال؟".
" بالطبع أريد أطفالا".
" أذن , حظك سيء , فقد أقسم كليفورد مرة ألا ينجب , وبرر ذلك بأنه لا يطيق ضجيج الصغار , ألم يخبرك....؟ أن بعض الرجال يخلون تماما من الغريزة الأبوي , كما تعلمين".
فعادت تحيط ساقيها بذراعيها , وألصقت ذقنها بكبتها , كانت متوترة وقلقة , تحاول جاهدة أن تهرب مما كان يقول.
كلماته كانت تعذبها كدبور يطن في غرفة مقفلة مهددا باللسع , وأدركت الآن سبب خوفها الغريزي حين قال أنه يبغي التحدث معها , وسألته:
" أمن الضروري أن تستمر في الحديث؟".
فأجاب لطف:
" أريدك أن تواجهي الحقيقة يا أدريان , أخي رجل ضعيف , وهو ما أبتغى الزواج منك ألا لأنك شابة نشيطة , سيتمكن من مراقبتك وأنت تقومين بالأشياء التي لم يسمح لنفسه أبدا بأن يقوم بها , أي أنه سيعيش من خلالك , هو من الناحية الذهنية متفوق , ويسبق عمره بعشر سنوات..... هل تصغين الى ما أقول يا أدريان؟".
لم تجبه أذ خشيت ألا يخرج صوتها من حلقها المختنق.
وتابع موراي ملحا:
" أذا رزقت طفلا في يوم , فقد يستطيع كليفورد أن يشاركك أنجابه لكنه لن يكون أبا له يشاركك رعايته وتربيته".
أستلقى على ظهره مسندا رأسه على يديه , ثم أغمض عينيه ومضى الى القول:
" على كل , بأمكاني أن أؤكد لك شيئا هو أنكما ستنامان في غرفتين منفصلتين وليس فقط في سريرين منفصلين , زواجكما لن يكون حقيقيا ".
" هل لك أن تصمت؟".
هتفت بعدما عجزت عن كبح غضبها , وتابعت:
" لماذا تتحدث الي هكذا ؟ لتنال ثأرا جديدا من أخيك؟ لتؤلمني وتجرحني كما قلت لي قبل أيام؟ أم لتشقيني حتى قبل أن أتزوجه؟".
فأجاب بصراحة:
"بل لأن توقع الشر خير من وقوعه , يا حلوتي".
أستدار رأسها بسرعة الرصاصة , وحدقت في جسمه المسترخي.... كلمة ( حلوتي) , وطريقة حديثه الشخصية جدا , وقربه منها , أثارتها كلها الى حد كبير.... فقالت بما يشبه الصراخ:
" لا تسمني هكذا!".
فأستلقى على جنبه وقال ناظرا اليها بتكال:
" ولم لا؟ هل هذه الكلمة تثيرك؟ تزعجك , تحرك فيك مشاعر معينة هي في الواقع طبيعية تماما لكنها تصدمك بسبب تأثيرها عليك؟ مشاعر لم يحركها أخي أبدا لكونه يجهل أحتياجات النساء؟ مشاعر تصيبك بالخيبة لأنها متى أستيقظت فيك قد يصعب عليك ضبطها ولا تعرفين الى أي منحدر ستؤدي بك؟".
فسألته وكأنها تتعلق بقشة:
" كيف تتحدث بهذه السلطة في موضوع لا تعلم عنه شيئا؟ أنت لست رجلا متزوجا".
صمت قليلا وبدا أنه يحاول أيجاد الرد المناسب , قطف عشبة وطفق يمزقها نتفا صغيرة , وأجاب:
" طالما رأيت عواقب زيجات كهذه في مجرى عملي , حيث كنت شاهدا على العديد من الأضطرابات النفسية والجسيمة التي يوجدها عذاب الحرمان في النساء وفي الرجال كذلك".
أخذ يدها اليمنى في يده فلم تحاول سحبها , وتابع يقول:
" أصغي الي يا أدريان , الزواج لا يعني المشاركة في الأمور المادية فقط بل يعني أن تهبي نفسك كليا للرجل الذي تحبين , أنه عملية حميمة ....".
فسحبت يدها من يده وغطت أذنيها بكفيها وهتفت:
" كفى! أتحسب أنني لا أعرف ذلك؟".
أرتدت كنزتها بعصبية ونهضت تسير بعيدا عنه , فتبعها فليك الذي كان يحوم حولها ملولا , وبعد قليل لحق موراي بهما , شعرت بذراعه تحيط كتفيها , ومع أن لمسته جعلتها ترتج بشراسة , ألا أنه لم يتزحزح , وقال:
" آسف لأضطراري الى أيلامك مجددا يا أدريان , أنما لم يسعني السكوت على ما قلته لئلا تقدمي على الزواج كالعمياء ومن دون أن تطلعي على الحقيقة".
" لا أعتقد أنها الحقيقة, بل أنك تكره كليفورد الى حد يجعلك تحاول أقصى جهدك لأن تسمم أفكاري أتجاهه".
فصمت لوقت طويل حتى أضطرت للنظر اليه , كان يقطب في تفكير عميق , وأخيرا قال:
" يؤسفني ان تتهميني زورا, فليس صحيحا انني ابغي الايقاع بينكما.ليتني أستطيع أقناعك بأنني أتكلم بموضوعية تامة".
صمتا طوال الطريق , وحين أقتربا من بيتها , سأل:
" هل أثر عليك حديثنا؟ هل جعلك تغيرين رأيك؟".
فأجابته في عزم:
" هذا ما تريدني أن أفعله كي تستطيع التبجج على كليفورد , وتسجل أنتصارا آخر! جوابي هو ( لا) , وأنا مصممة على موقفي أكثر من أي وقت مضى".
وبرغم عتمة الغسق رأت عينيه تقسوان , وأجابها بفم متقلص:
" لا تختلفين أبدا عن بنات جنسك ! دائما تعطفن على المساكين مهما كان ذلك العطف طائشا ,الحق عليّ لأنني لم أتذكر هذا".
أشاح عنها وسار مبتعدا , والغضب يواكب خطواته.

نيو فراولة 16-10-11 09:15 AM

4- الحقيقة في لحظة منيرة


لم يكن كليفورد قد تناول فطوره عندما وصلت أدريان الى عملها في الصباح التالي , وكان ما يزال في الفراش كعادته , وبادرها بالقول:
" السيدة ماسترز مصابة برشح يا عزيزتي , لم أدعها تقترب مني لئلا أعرض صحتي الضعيفة الى العدوى.
فأجابت على الفور:
" سآتي لك بالفطور , أنما أخبرني ماذا تريد أن تأكل".
فعدّد لها أصناف الطعام التي يتناولها كل صباح وأضاف:
" أبحثي جيدا في المطبخ تجدي كل شيء , لكن أياك أن تقتربي من السيدة ماسترز ".
خالته يخشى عليها من العدوى فأثر فيها أهتمامه , لكنه سرعان ما خيب ظنها حين أردف:
" لا أريدك أن تنقلي الي جراثيم الرشح".
كان كليفورد يدقق كثيرا في نوعية طعامه وطريقة تحضيره.... كانت تعليماته طويلة ومفصلة الى حد كادت أدريان تتناول دفتر الأختزال!
دخل موراي المطبخ وهي تطهو الطعام , فهتف مستغربا:
" ما الذي تفعلينه؟ لا تقولي أنك بدأت تزاولين واجباتك الزوجية من الآن؟".
فغمغمت بأختصار لتسكته:
" السيدة ماسترز تشكو من الرشح".
" أعلم ذلك فقد رأيتها, لكن حالتها ليست بذلك السوء".
" قال كليفورد أنه لا يريدها قربه خوفا من العدوى".
فكتف ذراعيه وقال مسندا كتفه الى الباب:
" وهكذا هرعت الخادمة المطيعة والخطيبة المخلصة الى تلبية أوامر سيدها العظيم لأعطائه ما يريد".
ثم أبتسم وأضاف:
" لا تسيئي فهم قصدي".
فتجاهلت أستفزازه وقالت:
" يجب أن يجد شخصا يطعمه".
" ألا يقدر........ أن يطعم نفسه ؟ ألا يقوى على مغادرة ذلك السرير الذي يلتصق به كألتصاق الطفل بصدر أمه , ويقوم بعمل حقيقي مرة في حياته؟ ".
تجاوبت بعنف هذه المرة , فأبتسم متهكما وهتف للكلب الذي نهض فورا وذهب اليه:
" فليك! خلصني , أحمني يا ولدي! أنها تثور غضبا , وعلى وشك أن تهاجمني أنتقاما لكبريائها الجريحة!".
ثم أنحنى ةهمس في أذن الكلب:
"ليتها تفعل كي أعتقلها ولا أدعها تفلت أبدا".
مد يده ليأخذ الصينية عنها , فعارضته بادىء الأمر ثم تركته يحملها وتبعته الى الطابق العلوي.
تذمر كليفورد من وضعية الوسائد , وطلب اليها مرارا أن ترفع هذه وتنزل تلك حتى أستطاع الجلوس في راحة , ثم طلبها بأخلاء المنضدة الى جوار السرير وتقريبها منه ليضع عليها الصينية.
أرتكز موراي الى خزانة الثياب وراح يراقب المشهد بأبتسامة ساخرة , وعاد كليفورد يطلب اليها أن تقفل النافذة لمنع مجرى الهواء وقال مفسرا:
" لا يجب أن أبرد لئلا أصاب بأذى غير قابل للعلاج".
نظر الى أخيه متحديا فأكتفى موراي بلأبتسام... وأخيرا أستتب كليفورد وصار مستعدا لتناول
منتديات ليلاس
الطعام , فسألته أدريان:
" هل أتركك الآن؟".
" أذا سمحت يا عزيزتي , فخلال الطعام يحلو لي التفكير على أنفراد ".
"يا أله الكائنات!".
سمعت موراي يغمغم مشمئزا وهو يلحقها خارجا , ثم أردف:
" أنه صورة طبق الأصل عن أمك , مع أحترامي لها".
تبعها على الدرج وقال:
" لا بد أن رفقته تشعرك وكأنك في بيتك تماما! لقد أصبت حين قلت لك أنك متكيفة مع الوضع تماما".
في المساء ذهبت في نزهتها المعتادة مع كلبها , وقبل خروجها أستوقفتها لورنا قائلة:
" أخبرتني جوان سيمذرز هذا الصباح أن هناك أشاعة قوية عن وجود رجل مريب في القرية , وقد شوهد وهو يتسكع قرب المدرسة وفي الحقول".
فأجابت أدريان تطمئنا:
" ما دام فليك معي فلا تخافي يا أمي".
" أوه.... لست قلقة عليك أنت حيث بأستطاعتك حماية نفسك , بل أنني خائفة على نفسي لوجودي هنا بمفردي , لا تتأخري كثيرا يا أدريان , أرجوك".
أبتسمت الفتاة لنفسها وهي تعبر الدرب.... ما كان يجب أن تفترض أن أمها قلقة عليها , ففي حياة لورنا غارون , ليس هناك سوى لورنا ومصالح لورنا في الدرجة الأولى , هذا درس تعلمته أدريان منذ الطفولة , وكما قال موراي , لقد تكيف تفكيرها مع هذا الواقع والى حد جعلها تتقبل بلا معارضة أن تحتل المكانة الثانية في حياة كليفورد أيضا.
فكرت في موراي وهي تتمشى في الحقول , كم ترغب وتتمنى لو كان الآن معها , يحدثها , يضحكها أو يزعجها لا فرق , بل هي ترحب حتى بأستفزازته , لكنها ذكرت نفسها في حزم بأنه ليس لها , فعالمه ,مهما كان نوعه , يختلف عن عالمها كأختلاف جو القمر عن جو الأرض , أنه حين يرحل , ولا بد أن يرحل قريبا , سيأخذ مرحه وقوته وحيويته .... وسرت فيها همسة , أخبرتها كرقرقة جدول , أنه سيأخذ معه جزءا منها أيضا , لكنها أزاحت هذا الخاطر جانبا , كطفل يشيح عن طعام لا يريده.


الساعة الآن 07:42 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية