منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   442 - و ضاعت الكلمات - آن ميثر ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t161652.html)

Books_king 20-05-11 04:47 PM

لم تكن جين تعلم ما ستقوله قبل ان تنطق بهذه الكلمات.
كانت تعلم فقط ان عليها ان توقف فيض كلام امها. بعد ذلك جلست واخذت تحدق فيها بذعر.
هذه المرة استمر الصمت لوقت اطول ووضعت امها الكوب من يدها واخذت تزدرد ريقها مراراُ وكأنما جف حلقها..
بعدئذ، قالت بهدوء: "اظنه ديميتري"
هبط كتفا جين: "نعم"
ـ آه، يا جين!
توقعت ردود فعل كثيرة من امها، ولكن ليس العطف:
ـ منذ متى عرفت؟ هل هذا هو سبب ذهابك الى اليونان.
ـ لا. ديميتري لا يعلم. يجب الا يعلم فهو سيتزوج امرأة اخرى.
حدقت فيها امها غير مصدقة: "انت لست جادة. لكن يا جين، كيف تدعينه يتزوج امرأة اخرى بينما انت حامل بطفله؟ هذا غير معقول منك".
تنهدت جين وردت: "امي، كوني حاملا لا يشكل فرقا بالنسبة الى... الى شعورنا نحو بعضنا البعض"
ـ لا اصدق هذا.
عضت جين شفتها: "ما حدث بيني وبين ديميتري كان...غلطة. كان يجب الا يحدث ابداً".
ـ لماذا فعلتما ذلك اذن؟
ـ آه لا ادري كنت متكدرة...وهو....وهو...
سرت جين الآن لأنها لم تخبر امها بسبب رغبة ديميتري في الطلاق.
ـ استغل الفرصة.
ـ لا. لم يكن الانر كذلك.
ـ كيف كان اذن؟
احمر وجهها لهذا السؤال: "امي ارجوك لقد حصل ما حصل. الا يمكنك تقبل ذلك فقط؟"
نظرت اليها امها عن قرب: "الا تأخذين عادة حبوباً لمنع الحمل؟"
ـ انا افعل عادة. كان الامر تهورا مني، اعلم هذا.
ـ يا الهي العزيز!
ـ اعرف ان هذا غباء. انا ادرك ذلك الآن.
ـ اتساءل كم من النساء الشابات قلن ذلك.
ونهضت الام عن الاريكة واحذت تتمشى في انحاء الغرفة بقلق، ثم عادت تقول: "دعينا نواجه ذلك، انه ملام مثلك".
ـ لعله اعتقد مثلك انني اتناول حبوبا لمنع الحمل. لم نتحدث في الامر حينذاك.
ـ ومع ذلك...
ـ امي، هذه ليست مشكلة ديميتري، انها مشكلتي انا وسابقي الامر كذلك.
فشخرت امها: "يبدو ان ذلك الرجل تعود انجاب الاطفال من نساء ما كان ينبغي له...."
ترددت قبل ان تتابع: "اظنك:رايتها هناك...ماذا كان اسمها؟ لانت؟"
احنت جين راسها: "نعم. رايتها"
ـ وهل هي من سيتزوجها؟
وترددت جين ثم قالت: "لا. لقد مات طفل لانت"
احقا؟ هذا مناسب جدا".
ـ لم يكن الامر كذلك.
شعرت جين بان عليها ان تدافع عن تلك الفتاة فتابعت تقول: "اظنها كانت متكدرة جداً".
ـ وهل كان ديميتري متكدرا هو ايضاً؟"
ـ اظن ذلك,,,
وسكتت لحطة ثم اظافت: "ما زال ينكر ان الطفل ابنه".
حدقت امها فيها: "انت لا تصدقينه، اليس كذلك؟"
بدا العجز على جين: "لا...لا".
ـ هذا شيء سار على كل حال.
وبدا الارتياح على وجه الام: "ماذا ستفعلين الآن؟ هل ستربين الطفل وحدك؟"
ـ هذا هو الخيار الاول.
فقطبت الام جبينها وسألت: "الخيار الاول؟ وما هو الخيار الثاني؟ اذا لم ترغبي في اعلام ديميتري.."
وسكتت، وعندما تكلمت مرة اخرى، عكس صوتها اهتماماً حقيقياً: "انت لم تفكري في...عدم انجاب الطفل، اليس كذلك؟ اعني...لا حاجة لأي قرار سريع. يسرني ان افعل ما استطيع واعلم ان لوسي ستساعدنا".
ـ آه يا امي.
شعرت جين بعينيها تغرورقان بالدموع: "آخر ما تحتاجينه هو طفل هنا".
ردت امها بحزم: "لا تنسي ان هذا الطفل هو حفيدي مثل بول وجسيكا".
قالت جين بصوت مخنوق وهي تقف وتعانق امها: "ماما، انا احبك وانت تعلمين ذلك.."
حاولت الام ان تتذمر فلم تفلح: "والآن، اشربي الشاي. الشابات الحوامل يحتجن لكل قواهن.

Books_king 20-05-11 04:48 PM

13ـ عودة الذكريات

كان ديميتري واقفاً عند نافذة غرفة نومه في بيته في كاليثي يحدق في البحر المعتم، عندما سمع طرقا متردداً على بابه.
شتم لانه لم يكن قد ارتدى بعد ثيابه لتناول العشاء في الفيلا. سار ليفتح الباب راجيا من كل قلبه الا يكون الطارق اريادن، فهو لا يريد جدلا آخر معها. لم تستطع ان تفهم لما فقد رغبته فيها منذ راى زوجته مرة اخرى، والله يعلم ان ما من جواب لدبه.
وتملكه الارتياح عندما رأى ان الطارق ليس اريادن انما الخادم الذي يحمل اليه خبراً بان اباه ينتظره. ابوه؟ ولم يتردد في اللحاق بالخادم الى الطايق السفلي.
قال: "ابي ما الذي جاء بك الى هنا؟ هل من حدث غير عادي؟"
نظر الرجل العجوز الى ابنه: "اخبرني..."
قطب ديميتري جبينه: "ما الذي تريدني ان اخبرك به؟"
ـ آه، هيا.
انتظر الاب وعندما وعندما لم يتكلم، تابع يقول: "اريادن تظنك غيرت فكرك بالنسبة الى الزواج. هذا ما قالته لأمك".
شعر ديميتري بوجهه يلتهب: "على اريادن ان تحتفظ بارائها لنفسها".
ـ هذا ليس صحيحا اذن؟
ـ انني غيرت رايي بالنسبة الى الزواج منها؟ لم اقل شيئا كهذا.
ـ لعلك فعلت شيئاً؟ اريادن تشعر بالاهمال.
وقف ديميتري، وقال: "ما الذي قالته؟"
ـ لا اظنني بحاجة لأن اجيب عن هذا السؤال يا ديميتري.
فتأوه ابنه: "يا الهي!"
ـ اذا اردت ان تقول ان لا علاقة لك بهذا، فإياك!
ورفع ليو عينيه الداهيتين اليه مضيفاً: "اجب عن هذا السؤال فقط. هل رايت جين منذ عادت الى انكلترا؟"
ـ انت تعلم انني لم ارها.
ـانا اعلم؟
ـ ينبغي ان تعلم. فقد امضيت الاسابيع الثلاثة الاخيرة في اثينا اعالج مسألة انفجار السفينة. متى تيسر لي الوقت للذهاب الى انكلترا؟.
ـ ولم تزرك هي في اثينا؟.
ـ من؟ جين؟ طبعا لا.
وشخر ساخرا، فقال ليو: "حستا، اذا قلت انك لم ترها فانا اصدقك. ولكن اخبرني امرا اخر هل رغبت انت في ذلك؟"
ـ رغبت في ماذا؟
ـ في ان تراها يا ديميتري؟ ان ترى جين. انه سؤال غاية في البساطة.
شتم ديميتري ودفع الكرسي التي يجلس عليها، قبل ان يلتفت الى ابيه مرة اخرى ويقول وهو يدس اصابعه في شعره: "لا بأس ماذا تريدني ان اقول يا ابي؟ اخبرني بما تريد ان تسمع وسأقوله بهذه الطريقة اظننا سنوفر الكثير من الوقت".
توتر فم ليو: "لا حاجة لذلك، يا ديميتري طرحت عليك سؤالاً بسيطاً.
ـ نعم، هذا صحيح.
ـ وعليّ ان افترض ان شكوكي لها ما يبررها.
فقال الابن بحرارة: "لا.لا انها ليست كذلك. اعترف بانني لم امنح اريادن الانتباه الذي تستحقه في الاسابيع الاخيرة. لكن حالما يتم الطلاق، سأكون حراً في التعويض عن ذلك، وسترى".
لم يبد الاقتناع على ابيه: "اذن رؤيتك لجين مرة اخرى لم تشكل اي فرق في شعورك نحو اريادن؟"
ـ لا!
فتنهد ليو: "لماذا لا استطيع ان اصدقك؟"
ـ ابي، مهما كان شعوري، وانا لا اقول انني اشعر بشيء، فجين لا تهتم بي وانت تعرف ذلك.
وتردد. وعندما لم تتغير ملامح وجه ابيه، قال بعناد: "لا بأس، ثمة انجذاب بيننا لطاما كان الحال كذلك، لكنها لن تغفر لي ابداُ ما تظنني فعلته مع لانت وما من شيء سيغير هذا. وهكذا.."
ـ يمكنك ان تخبرها الحقيقة.
ـ اتظنها ستصدقني؟ انها لم تصدقني من قبل قط.
ـ لأنك كنت دوما تخفي عنها شيئاً.
ـ نعم، اذا كانت احبتني، فعليها ان تصدق كل ما اقوله.
ـ آه، يا ديميتري، لا تكن بهذا الغرور والازدراء الآخرين! ماذا كنت لتشعر لو اكتشفت ان جين حملت بطفل، فزعم رجل آخر انه الاب؟.
نظر ديميتري الى كأسه: "اظنني ما كنت لأدينها لفقدان الادلة الكافية".
فقال الاب ساخراً: "يا للشهامة يا ديميتري! انا اعرفك. كنت لتطردها من بيتك ثم تمزق ذلك الرجل ارباً ارباً.
منتديات ليلاس
صرف ديميتري باسنانه: "اهذا رايك بي، يا أبي! ما الذي تقوله؟ انه ما كان علي ان اطلّق جين؟ ظننتك مولعاً باريادن؟"
فقال الاب بفروغ صبر: "نعم انا مولع باريادن. في طفولتكما، ظننت انها ستكون الزوجة المناسبة لك لكن هذا لم يحدث قط. لقد قابلت جين، وادركت منذ اللحظة التي رايتكما فيها معا انها حبيبة عمرك!"
توتر فك ديميتري: "كان هذا وهماً، اليس كذلك حتى اننا لم نعجب ببعضنا البعض حين تعارفنا لأول مرة".
ـ لعلكما لم تعجبا ببعضكما البعض لكن الشرر تفجرّ بينكما بكل تأكيد. كنت واثقاً تماما حين دخلت المعرض من انها تحاول اغرائي للشراء.
ـ همم.
لم يشأ ديميتري ان يتذكر ما جرى، لكنه لم يستطع ان يمنع تدفق الذكريات. تذكر ما شعر به حين وجد اباه يناقش الفنون مع فتاة بدت بسن تلميذة مدرسة، فكيف يمكن ان تكون حاصلة على شهادة في الفنون؟
وشعر بالغيظ، لكنه سرعان ما ادرك ان غيظه موجه نحو ابيه بقدر ما هو موجه نحو اي شخص آخر.
هل كان غيوراً؟ نعم اذ استاء من فكرة ان يكون الرجل العجوز قد وجد لنفسه مثل هذه الرفيقة الشابة المثيرة للغاية. وعندما اقترح ليو ان توصل جين التمثال البرونزي الذي اختاره الى فندقه بنفسها، تدخل ديميتري بسرعة وعرض ان يوصل هو التمثال بدلا منها. قال انه سيمر يالمعرض مرة اخرى قبل ان يغادر انكلترا وسيسره ان يوصل ذلك التمثال شخصياً.
احتجت جين طبعا مشيرة الى ان ايصال التحفة لا يزعجها. وفي النهاية، اتخذ ابوه القرار وهو يبتسم بشيء من الغرور. فكان ان زار ديميتري المعرض بعد ايام قليلة ليأخذ التمثال.


Books_king 20-05-11 04:51 PM

كان المعرض على وشك الاغلاق، فقد ارخيت الستائر الطويلة. وعندما فتح الباب تملكه شعور بان المكان خالٍ، لكن سرعان ما برزت جين من المكتب فتسارعت خفقات قلبه.
شرعت تقول: "لقد اقفلنا الابواب مع الاسف"
ولما عرفته هتفت: "اهذا انت؟"
ـ نعم، انا. كنت تتوقعين قدومي كما اظن. الم ينبهك مساعدي الى انني قادم؟
التمعت عيناها الخضراوان وبد عليها التسلية: "ينبهني؟ هل انت رجل خطر يا سيد سوفاكيس؟"
قال عابساً: "لا، انا مجرد رجل عديم الصبر. هل التمثال جاهز؟"
تنهدت، وشعر هو بفظاظته بينما اشارت هي الى المكتب خلفها قائلة: "انه جاهز. وهو هناك اذا احببت ان ترافقني لأكتب لك وصل الاستلام".
كان يتصرف بجفاء من دون ان يعلم السبب، فهي تحاول التصرف بمودة. ولم يفهم ما الذي جعله يتصرف بهذه الخشونة.
كان المكتب صغيرا لا يحوي الا خزانتين للملفات وكمبيوتر وآلة للطباعة، وكانت الطاولة مغطاة باكياس سوداء من البلاستيك قالت مشيرة الى الاكياس: "آسفة لوجود هذه. لم يتيسر لي اخذ اكياس النفايات الى خلف المبنى بعد. لم لا تتفضل بالجلوس ريثما انهي كتابة الوصل؟"
توقف ديميتري عند الباب. بدا واضحاً انها تعمل وهي واقفة، وهو لن يسهل عليها المهمة اذا عاملها باستعلاء.
وعلى الفور، تقدم الى الداخل ورفع اكياس البلاستيك تلك وسألها: "لم لا تريني اين تضعين هذه الاكياس كي تتمكني من النحرك بسهولة؟"
اتسعت عيناها دهشة. وعندما ابتسمت صعق لجمالها المفاجئ. سبق وسلّم بانها فتاة جذابة لكن الاحمرار القليل الذي صبغ وجنتيها وانفراج فمها بشفتها السفلى الممتلئة عن ابتسامة جعلاها تبدو له مذهلة. قالت: "هذا لطف كبير منك لكن هذه الاكياس يعلوها الغبار وقد توسخ بذلتك"
قال غير مهتم ببذله الرمادية اللون التي فصّلها اهم مصممي الازياء: "لا تهتمي لهذا"
وصمت لحظة ثم سأل: "هل قلت خلف المبنى؟"
ـ نعم.
اطالت النظر اليه ويبدو انها رات تصميمه الجاد فخرجت من خلف الكتب وسارت الى الباب محتكة به قليلا. كان احتكاكاً ضئيلاً لكنه احس بما لم يشعر به نحو اي امرأة اخرى قط من قبل. سحرته رشاقتها واثارته رائحتها الانثوية.
سبقته الى الممر الضيق الذي يؤدي الى خلف المبنى وفتحت الباب فراى اكياسا اخرى مرصوصة في الخارج.
قالت وهي تتنحى عن طريقه ليستطيع التخلص من حمله: "دع الاكياس هنا فقط، وسيأخذونها في ما بعد. شكراً. اقدّر لك هذا كثيراً".
رد عليها بلغته، وعندما لم تفهم عاد يقول بالانكليزية: "على الرحب والسعة".
انتظرته الى ان عاد من الخارج، فاقفلت الباب بالمفتاح قائلة: "لا بد انك قوي جداً"
ولأول مرة، جعلته يبتسم وهو يقول ساخراً: "انت رقيقة للغاية. لا اتلقى دوما مديحاً كهذا"
ردت عليه بحدة: "انا واثقة من انك تتلقى الكثير من المديح"
بدا انها لم تقتنع بانكاره وهي تسير امامه الردهة، فاتحة له مجال التحديق في ظهرها خصر نحيف وساقان طويلتان تظهر جمالها تنورة الثوب القصير التي ترتديه اما شعرها فكان منسدلاً على كتفيها بتموجات عسلية وتملكته رغبة مفاجئة في ان يأخذه في قبضة يده ويدفن وجهه فيه.
ارغم نفسه على طرد هذه الافكار، واخذ يتساءل عما اذا كانت على موعد مع شخص هذا المساء وهل هو سبب ارتدائها هذا الثوب الذي بدا واضحاً انه لا يتناسب مع عملها؟
آخر مرة رأها فيها كانت ترتدي تنورة وبلوزة بيضاء ورغم انه لاحظ، حينذاك، ساقيها فهو لا يتذكر انه راى الكثير منها.
انتبه من افكاره هذه ليرى انهما عادا الى غرفة المكتب، وجين تفتح ادراج المكتب وهي تتمتم محدة نفسها: "لا بد انه هنا في مكان ما".
وقف ديميتري عند العتبة الباب مكتفيا بمتعة النظر اليها. كانت جميلة للغاية ومليئة بالانوثة.
ومرة اخرى، ارغم عينيه على الابتعاد عنها. ماذا حدث له؟ ان اباه ليس هنا الآن، كما ان النساء لا تنقصه في حياته وبما انه رجل ثري بالوراثة فقد فتح هذا امامه الكثير من الابواب.
لم تكن جين واعية طبعا الى افكاره هذا والى تخيلاته ولحسن الحظ انها لا تستطيع ان تقرأ افكاره والا لما انحنت على المكتب بهذا الشكل وعادت تفتح الادراج مرة اخرى، واحدا بعد آخر، تقلب المحتويات بسرعة وضيق.
بدا واضحا انها تريد الخلاص منه، هذا تصرف جديد عليه.
ـ يفترض ان يكون هنا في مكان ما. اعطتني اولغا اياه قبل ان تغادر، بعد ان اتصل ذلك الشخص من مكتبك. انا واثقة من انني وضعته في... اوه!
وصرخت الماً فدخل ديميتري ودار حول المكتب: "ماذا فعلت؟"
راى دماً على اصبعها... وبدون ان يفكر رفع اصبعها الى فمه نظرت اليه مجفلة وادرك ان الوقت فات على ان يتجاهل معنى عمله.
قال على الفور: "اسف, ما كان لي ان افعل هذا".
ـ هذا صحيح.
بدا واضحا الى حد مؤلم انها لم ترحب بهذه الحميمية.
ـ كان غباء مني تعظيم هذا الامر. فهو مجرد جرح بسيط بقاطع الورق.
واخذت تتفحص الجرح قبل ان تضيف: "ساضع عليه ضمادة فيشفى".
تراجع ديميتري الى الخلف ليدعها تأخذ حقيبة يدها من خزانة الملفات، ثم راحت تبحث فيها عن ضمادة. بدت على شفتها العليا طبقة من قطرات العرق فتساءل عما اذا كان حقا غير مبالية كما تريده ان يعتقد. على كل حال، اخذ يعنف نفسه فهو لم يأت الى هنا ليقيم علاقة مع هذه المرأة. انه يحاول فقط ان يحمي اباه وهذا كل ما في الامر.
لكن هذا كذب! فقد اراد ان يراها مرة اخرى، كما اعترف عندما ظنها تلميذة فنون اما الآن، ففقد بدت خلابة للغاية في ملابسها الانثوية هذه.
كانت قد وجدت ضمادة طبية فحاولت ان تضعها على اصبعها الجريح. وبعد ان اكتشفت انه ما زال يراقبها، منحته ابتسامة متوترة: "أجرح اصابعي بقاطع الورق دوما، حتى اني افكر في وضع قفاز من المطاط"
ـ وتخفين يديك الجميلتين؟
وهز راسه ثم تقدم يأخذ الضمادة من يدها قائلا بلطف: "دعيني اضعها"
وعندما انتهى سألها باسما: "هذا احسن. اليس كذلك؟
نظرت الى يديهما معا ثم هزت كتفيها بعجز: "نعم شكرا والآن اذا سمحت فسأحضر لك لفافتك"
حدق ديميتري في عينيها طويلا، قبل ان تسقط يده الى جانبه: "طبعا، اذا كان هذا ما تريدينه"
فغرت فاها: "هذا ما تريده انت، اليس كذلك؟
لوى شفتيه: "ليس لديك فكرة عما اريده يا انسة لانج".
حبست انفاسها ثم استدارت مبتعدة وكأنها استيقظت من حلم. فالقت حقيبتها لتعود بسرعة الى المكتب.

Books_king 20-05-11 04:52 PM

14ـ لا اريد هذا النقاش

لكن ورغم ارادتها تقريباً، عادت عيناها تنجذبان الى عينيه: "ما الذي تريده يا سيد سوفاكيس؟".
واضافت بصوت يرتجف قليلاً: "اذا كنت تتطلع الى علاقة عابرة لليلة واحدة، فعلي ان اخبرك بانني لا احب العلاقات العابرة".
لم يستطع الا ان يعجب بصراحتها رغم صرخة الدهشة التي انطلقت من بين شفتيه: "هل طلبت منك علاقة لليلة واحدة؟. العفو، لا اتذكر انني طلبت امرا كهذا".
احمر وجهها، فندم على غلطته. واذا كان صادقا فعليه ان يعترف بانه فكر في اغواءها. لا بل اراد ذلك. وهذا هو سبب امتعاضه من قوة ملاحظتها.
تمتمت وهي تعود بنظراتها الى مهمتها: "وهكذا، بما اننا نفهم بعضنا البعض، يا سيد سوفاكيس".
وعرف ديميتري لهفة لا يمكن التحكم بها لكنه لم يجب. وبعد لحظات، بدا انها وجدت الايصال الضائع، فهتفت بانتصار: "كنت اعلم انني استلمته".
اما ديميتري الذي لم يكن مهتما بالامر على الاطلاق فقد ابتسم ساخرا: "سأحاول ان اتحكم بحماستي".
وعندما نظر اليها راى ان احمرار وجهها ازداد. وقالت بجمود: "قد لا يهمك هذا يا سيد سوفاكيس. لكن وظيفتي تقتضي ان تكون معاملاتي مكتملة. اما واثقة من ان اباك لن يكون سعيدا بدون شهادة ثبت اصل هذا التمثال.
هز ديميتري كتفيه وقال: "انا واثق من انك محقة، انسة لانغ. ابي يهتم بهذه الامور كما تقولين... لكنني، مع الاسف، لست كذلك".
عندئذ قالت بعجز: "لماذا عرضت ان تأتي لأخذه؟".
لم يستطع ان يكبح لهفته للمسها وقال معترفا بشيء كان ينكره حتى الساعة: "لأنني اردت ان اراك".
ولامس خدها الساخن بيده، وهو يتابع: "ما انعم هذا".
امالت وجهها جانبا، لكنها لم تبتعد عنه وقالت: "لكنك قلت انك لا تريد اي علاقة عابرة معي".
رفع ديميتري حاجبه: "الم يكن لك صديق قط؟".
فقالت هازئة: "طبعا كان لدي اصدقاء. ارجو الا تدعي انك تريد ان تصبح صديقا لي!"
فقال موافقاً: "لا. انا لم اعد اعتبر صديقاَ".
ـ ما هذا الذي تقوله اذن؟
ـ هل علي ان اهجئ الامر لك؟ احب ان ازداد معرفة بك. واذا وجدت اننا منسجمان، فقد تتطور علاقتنا. من يعلم؟
ـ كنت اعلم هذا!
وابتعدت عنه قليلا ثم واجهته هازئة: "هذا كل ما يهمك، اليس كذلك؟ لماذا لا تعترف بذلك؟"
قال بحدة وقد بان عليه الغضب: "لأن هذا ليس صحيحاً".
وتحير وهو يدرك انه يعني كلامه، وتابع يقول: "يا الهي! هل ابدو لك فاسقاً؟"
ـ لا ادري. لا ادري يا سيد سوفاكيس.
ـ بالضبط وهكذا، وقبل ان تبدأي بالقاء الاهانات كيفما اتفق، من الافضل ان تمنحي نفسك فرصة لمعرفتي بشكل افضل.
هتفت بشكل صبياني: "لا اريد ان اعرفك".
منتديات ليلاس
وشعر هو بتحكمه نفسه يهتز بشكل خطر، فسألها وهو يستسلم لغريزته: "هل انت واثقة من ذلك؟"
وامسك بمعصمها وجذبها اليه محيطا خصرها بذراعه ثم نظر الى ملامحها المجفلة مضيفاً: "هل انت واثقة حقاً؟"
مضت لحظة لم تستطع فيها تحويل نظراتها عنه ثم اخذت تقاومه حتى استطاعت ان تجعل يدها بينهما ضغطت على صدره باصرار وقالت: "اتركني".
ـ واذا لم افعل؟ ماذا ستفعلين؟ انت وحدك هنا. لقد اعترفت بهذا نفسك.
ـ هل تهددني يا سيد سوفاكيس؟
ـ لا!
وتملكه الاشمئزاز من نفسه فتركها: "اقترح ان تعطيني التمثال ثم اخرج لان هذا ما تريدينه، كما يبدو".
ـ نعم
لكنه لاحظ نبرة عدم اقتناع في صوتها او لعله تمنى هذا... فهي لم تمنحه سببا يجعاه يعتقد انها غيرت رايها.
بدا الطرد الذي يحتوي على التمثال اكبر مما توقع. وقالت له باسف وهي ترى دهشته: "قمنا بلفه باشياء سميكة. هل تستطيع ان تحمله؟"
فلوى شفتيه: "لماذا تسالين؟ هل تعرضين المساعدة؟"
فترددت: "اذا شئت ان اساعدك، فقد تعودت على حمل الرزم الثقيلة"
وقال بجفاء: "والزيائن الثقلاء ايضاً".
شبكت يديها ببعضهما البعض وحدقت فيه بانزعاج: "لقد جرحت شعورك، اليس كذلك؟"
فشتم بلغته ثم قال: "ولماذا يهمك جرح شعوري؟ لعلك لن ترينني بعد الآن ابداً".
ـ لكن لا اريد ان بظن ابوك انني كنت ليلة الادب مع ابنه.
اطلق ديميتري ضحكة قصيرة: "هذا صحيح. هذا هو المهم. اليس كذلك؟ انت خائفة من ان يتعامل ابي مع متجر آخر، اليس كذلك؟"
فرقعت كتفيها: "انا مجرد موظفة هنا، يا سيد سوفاكيس".
ـ حسنا، لا تقلقي، لعل ابي سيصفق استحساناً، لانه يراني منغطرساً للغاية.
لوت شفتيها: "وانت كذلك فعلا".
ـ تواضعك لم يدم طويلا.
فابتسمت: "لعلك تعجبني اكثر بهذا الشكل".
ـ اتعنين وانا اتصرف بسخافة؟
فخبست انفاسها: "لا يمكنك ان تكون سخيفا حتى اذا حاولت".
فقال: "لا؟"
ـ لا.
ـ حتى لو اخبرتك بانني اريد ان اعانقك في هذه اللحظة؟
فتراجعت: "لن تفعل هذا".
هز ديميتري راسه وانحنى ليلتقط الصندوق وهو يقول: "لا. اظننا ستفترق هنا في طريقينا المنفصلين".
وانتصب واقفا مبديا امتعاضه لثقل الصندوق وهو يقول: "هل لك ان تفتحي لي الباب؟ سيارتي في الخارج".
ـ آه، يكل تأكيد.


Books_king 20-05-11 04:53 PM

واسرعت امامه في المعرض المعتم ثم فتحت الباب وهي تقول: "لعلك ستجد مخالفة سير على زجاج سيارتك الامامي".
فقال بجفاء: "سأكون بخير".
وخرج من الباب ثم نزل الدرجات الى حيث وقفت سيارة ضخمة رباعية الدفع.
ـ نعم. انت على حق!
ـ اوه...
وتبعته جين ودارت حول السيارة لتسحب المخالفة من الزجاج الامامي، ثم نظرت اليها بفروغ صبر: "سأطلب من اولغا ان تحل المسألة".
كان ديميتري قد فتح صندوق السيارة ووضع الصندوق الثقيل داخلها لكنه التفت اليها وقال: "انسي، سافعل انا ذلك".
ـ لكنك لا تستطيع...
ـ اتراهنين؟
عضت شفتها: "ما كان لهذا ان يحدث لو لم تساعدني على نقل تلك الاكياس الى الخارج ثم... جرحت اصبعي..."
وهزت راسها عندما صفق باب الصندوق ودار حول السيارة الى حيث وقفت قالت: "انه ذنبي انا حقاُ".
ـ هذا غير مهم.
خطف المخالفة من يدها ثم القى بها في اقرب سلة مهملات: "لقد انتهى الامر".
نظرت اليه بحيرة: "هل هذا ما تفعله عادة بالمخالفات؟"
ـ لا. فقط بتلك التي احصل عليها بسبب مساعدتي للبنات الجمبلات.لا تقلقي بهذا الشأن.
ضحكت وقالت: "انت...انت... "
قال وهو يطمئن الى ان صندوق السيارة مقفل: "سيء؟"
ثم عاد مضيفاً: "نعم. اعرف هذا"
فقالت باحتجاج: "لم اكن انوي ان اقول ذلك. انا لا اظنك سيئاً".
ـ لكني لا اعجبك.
بدا الاضطراب على ملامحها فادرك انها ليست من الثقة بقدر ما تريد ان تبدو، وان من السهل ان يستغلها. كان الشارع الذي يقوم فيه المعرض هادئا ظليلاً.
لكن ذلك لن يحدث. لن يدمر التفاهم الهش الذي بدا انه ينمو بينهما. وقد ذهل تماما عندما وضعت يديها فجاة على كتفيه وقالت بصوت اجش: "انا لم اقل انك لم تعجبني".
صدمه تصرفها ومنعه الذهول من ان يبدي اي ردة فعل.
وادرك انها هي ايضا صدمت، وبدا على وجهها الذعر...
ورغم انها لم تتراجع وتلتجئ الى المعرض، الا انه علم ان المسألة مسألة وقت قبل ان تفعل هذا.
بحثت عيناها عن عينيه باستنكار صامت لما حدث للتو كما رفع هو جابيه متسائلا. ثم قال متكاسلاً: "اظنني قمت بعنل صائب في النهاية".
اخذت نفساً مرتجفاً: "لا ادري ماذا حدث لي".
وادرك ديميتري ان رجلاً اكر رقة منه كان ليعذرها ويتسامح معها. لكنه لن يفعل ذلك بعد ان امضى الساعة الاخيرة في حالة من الاثارة ما جعل عملها البريء هذا بمثابة القشة الاخيرة... هل تظنه مصنوعاً من ثلج؟ ومال نحوها ووضع يديه على خصرها وجذبها اليه: "انا ادري، دعيني اريك".
لم يدع وقتاً للاحتجاج. عانقها كما يرغب في ان يعانقها منذ دخل المعرض.
في البداية، حاولت التحكم في نفسها لكنها لن تسنطع ان تتماسك اكثر فتأوهت ثم اذعنت، مستسلمة لعناقه.
وتذكر ديميتري عابساً ان تلك كانت بداية علاقتهما، وسرعان ما ااكتشف انها ساذجة الى حد ميئوس منه، وعديمة الخبرة
وكلما ودعها كان بتحرق شوقا حتى يراها مرة اخرى. لكنهما واجها معوقات، فامها وامه لم توافقا على علاقتهما, وقد تملك امه الذعر حين اخبرها انه وقغ في غرام فتاة انكليزية، اما والدة جين فلم تثق به منذ البداية.
لكنهما تغلبا على الاعتراضات كلها. ورغم انه ادرك ان جين ارتبكت للسرعة الذي جعلها بها زوجته، الا ان حبها البالغ له منعها من الاهتمام وقد امضيا شهر العسل في جزر الكاريبي. وتملكه الالم لهذه الذكريات. ذكريات الايام الطويلة والليالي الاطول في جزيرتهما تلك. ويا لها من ذكريات! كم كان يحبها، وحبس انفاسه. والى اي حد ما زال يحبها!
ـ هل انت بخير يا ديميتري؟
كان المتكلم ابوه. وادرك ديميتري انه يحدق في الظلمة منذ مدة لا يعلمها الا الله، وان تاه في افكار نسيها، وان اباه ينتظر ليأخذ جوابه.
قال وهو يتحول عن النافذة ويسكب لنفسه كأساً آخر: "آسف. كنت افكر، وهذا كل شيء".
ـ تفكر في جين؟
حدق ديميتري في الرجل العجوز بعينين غاضبتين: "وهل بامكاني ان افكر في شيء آخر؟"
ـ لا ادري، هل بامكانك ذلك؟
فاجاب عابساً: "دع ذلك يا ابي، فانا لا اريد هذا النقاش".
ـ لماذا؟ لأنك تظنني لا استطيع احتمال الحقيقة؟ كن صادقاً، يا ديميتري، لماذا وافقت على ان تطلق جين وتتزوج من اريادن؟ هل لأنك ظننتني متلهفا الى حفيد؟
تنهد ديميتري: "ابي..."
ـ اجبني...تبا لذلك
ـ لا بأس
وزفر مرهقاً: "لا بأس...احد الاسباب"
ـ امك طلبت منك ذلك، كما اظن. تماما كما اخبرتني انك واريادن وقعتما في الحب. كما انه ليس علي ان اعتبر لي طفل ينجبه ستيفن وفيليب من لحمي ودمي.
ـ ستيفن وفيليب؟
ـ نعم.
وهز ليو راسه: "اسمع يا ديميتري. لدينا، انا وانت، ما نقوله لبعضنا البعض، سواء اعجب ذلك امك ام لا".


الساعة الآن 11:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية