منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   107_غفرت لك_ مارجري هيلتون_ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t151123.html)

اماريج 13-11-10 08:02 PM

نهض آرثر بخفة عن كرسيه ورمق ليزا بنظرة تأنيب وقال:
" أنا عدلت عن رأيي".
ثم أتجه الى التلفزيون وأخذ يستمع الى الأخبار , توقف الحديث عند ذلك الحد , وشعرت كارين أن الأنظار تتجه نحوها , ألتقت عينيها بعيني آرثر , كانتا تنظران اليها بحدة وكأنهما تستفزانها ,ولكنها لم تجرؤ على قبول التحدي.

أحست بالملل الشديد وتمنت لو أنها تستطيع النجاة من تيارات العداوة الجياشة المستترة التي بدأت تنبعث من ليزا ... النجاة من تخوفها أن تعرف أليزابيت الحقيقة
النجاة من العذاب الذي تعانيه بسبب تلك الليالي التي كانت ملزمة أن تقضيها مع آرثر ,ذلك الزوج شرعا , والغريب فعلا , والذي كان يقبع صامتا في السرير الى جوارها , كانت تعيش كل دقيقة من دقائق تلك الساعة المعتمة في رعب قاتل , حتى متى تستطيع التحكم بأرادتها؟ وألى متى يستطيع آرثر ذلك...
منتدى ليلاس
أنبلج فجر الأسبوع الجديد جالبا معه الفرج من الضباب , ومن كآبته , لم يكد كليفورد ينطلق بسيارته الى مقر عمله في المدينة حتى بدأ الحجاب الأبيض ينقشع تدريجيا , ومشاهد الأحراج تظهر من جديد , وعند الظهر كانت الشمس تشرق ساطعة في كبد السماء والسحب تتلاشى , ألا من بضع بقع منشورة هنا وهناك... أنقلب الجو فجأة كأنما حل الربيع.

أزاء هذا الطقس الجميل , المغري أتفق الجميع على القيام بجولة في الريف , يجلون أنفسهم الخمول الذي سببته الضباب طيلة الأيام الثقيلة الماضية , أنطلقوا في الصباح الباكر ضمن سيارتين , الأولى يقودها آرثر ومعه كارين وأليزابيت وليزا , والثانية تقودها تمزي ومعها ماجدا.

كانت مشاهد الريف التي يمرون بها في غاية الروعة والجمال , الخضرة الغضة بدأت تكسو المنخفضات والمرتفعات وتطلق أوائل براعمها للحياة , النرجس ينتشر في كل مكان ,وأزهار الربيع ترقط خدود البراري بألوانها الرائعة.

توقفوا بالقرب من أحدى القرى المسترخية بدلال على كتف هضبة وتفرقوا كل على هواه مسحورين بمناظر الطبيعة الأخاذة.
أستحوذ جمال الطبيعة على كارين , وجعلها تنفرد وحيدة تمتع عينيها بما حولها , فجأة رنت ضحكة ليزا كالجرس تتردد مع النسمات , ألتفتت كارين نحو مصدر الضحكة , فرأت ليزا مع آرثر يتمشيان غير بعيد , تقدمت كارين منهما خطوة ثم وقفت جامدة , أذ أنطلقت من ليزا صرخة فزع حادة ,ورأتها تترنح وهي توشك على السقوط بعد أن تعثرت بمشيتها , لكن آرثر الذي كان قريبا منها أسرع فأمسك بها , أرتفعت ضحة ليزا ثانية وهي تتشبث به .... يحيطها بذراعه ورأسها يلامس كتفه.

صرفت كارين نظرها عنهما , وأستدارت عمدا في الأتجاه المضاد , كان جسمها يرتعش على الرغم من أن الشمس تسطع دافئة من السماء الصافية الزرقاء , تلاشت البهجة التي كانت تغمرها قبل قليل , وأخذت تنظر أمامها كالعمياء تحاول أن تقنع نفسها بأن ما قام به آرث حيال ليزا , ما هو ألا مجرد ردة فعل طبيعية يمكن أن تصدر عن أي شخص يواجه موقفا مشابها , لكن ما الذي يهمها من كل هذه الأمور , حتى ولو كانت شكوكها مبنية على أساس من الواقع ؟ ألم ينته زواجها من آرثر؟

أغمضت كارين عينيها والألم يعصر فؤادها , ثم توجهت عائدة الى السيارة , أقبل الجميع بعد قليل , وأنطلقوا من جديد فوق الطريق الضيقة المتعرجة التي تصل بين القرى المنتشرة في تلك البقاع.
أخيرا توقفوا أمام أحد المطاعم ونزلوا لتناول الغداء , أحست كارين برغبة جامحة لألقء نظرة متفحصة على ليزا , رأت في ملامحها تغيرا واضحا ,ولمحت في عينيها الزرقاوين علامات قلق عميق, بغتة ألتقت نظراتهما , فرفعت ليزا حاجبيها بتحد ظاهر , ثم أشاحت بوجهها جانبا , هل كانت تلك الأشاحة بسبب الشعور بالأثم وتكبيت الضمير؟
أحست كارين بيد أليزابيت تلمس ذراعها وسمعتها تقول:
" هل أنت بخير يا حبيبتي؟".

" أحس بصداع خفيف , لكنني بخير".
توقف الجميع عن الحديث , وتركز أهتمامهم بكارن... أحست بالدم يتصاعد الى خديها , نظرت الى الطبق أمامها , وألتقطت ملعقتها متظاهرة بالأكل , على أنها كانت فاقد الشهية تماما .
مالت ماجدا نحوها وعرضت عليها قرصين من الأسبرين , فتقبلتهما شاكرة.
سألتها أليزابيت التي كان الأهتمام ما زال باديا على وجهها:
"أتفضلين العودة الى البيت يا حبيبتي؟".
منتدى ليلاس
هزت كارين رأسها بالنفي , وقالت:
" كلا! أن ذلك يقطع عليكم بهجة هذا اليوم الجميل , صدقيني أنا بخير".
أصطنعت أبتسامة , ثم رفعت رأسها ووجهت نظرها مباشرة الى عيني آرثر الذي كان بدوره ينظر الى عينيها نظرات نفاذة , كأنما يحاول أن يخترق بها جدار مظهرها الخارجي ويصل الى أعماق أعماقها, وأخيرا سأل:
" هل أنت بخير يا كارو؟".



اماريج 13-11-10 08:03 PM

أومأت برأسها من غير كلام فتظاهر بالأقتناع وطلب القهوة , فارقها أرتباكها وهي تتناول قهوتها , وشعرت بشيء من الراحة , لكنها كانت تدرك أيضا أنها بحاجة الى كثير من المران في المستقبل ,والى دراية أفضل بكيفية أخفاء مشاعرها.

غادروا المطعم وأستمروا في تنقلهم من مكان الى آخر حتى قاربت الرابعة , توقفوا في بلدة سياحية , ودخلوا أحد المقاهي لينعموا ببعض الراحة وتناول الشاي , بعد أستراحة قصيرة أبدت النساء رغبتهن بالتجول في سوق البلدة لشراء بعض الحاجيات ...
بأستثناء كارين التي لم تذهب معهن , بل ظلت واقفة الى جانب الطريق مع آرثر ينتظرن عودتهن, فجأة مد يده كالطلقة , وشدها اليه بقوة في اللحظة التي مرت بجوارها سيارة ضخمة كانت مقبلة من الأتجاه المقابل بسرعة هائلة , أرتعش جسمها بشدة , ليس من الخطر الذي أحدق بها منذ هنيهة , وكاد يودي بحياتها تحت عجلات السيارة الضخمة ,وأنما من تطويق آرثر لها بذراعيه القويتين
أزدردت ريقها بصعوبة بينما أرخى آرثر يديه عنها وهو يقول:
" أنتبهي لنفسك ! الشارع ضيق لا يسمح بأحلام اليقظة".
منتدى ليلاس
أستعادت رشدها قليلا... وردت عليه بكبرياء:
"لم أكن أحلم".
" حسنا , مهما كنت تفعلين فقد أشرفت على الهلاك".
سترت كارين دمعتين كانتا تسيلان من عينيها , وقالت بأنفعال:
" لم أكن أتوقع مرور السيارة بتلك السرعة ".
" حسنا , دعينا من ذلك".
" أرجو ألا تكلمني بعد الآن وكأنني ساذجة قاصرة العقل".
" أنا لم أقل كذلك".
" ولا تصرخ في وجهي!".
قالت ذلك وحاول الأبتعاد عنه بسرعة , فأمسك بها وقال:
" أنا لا أصرخ في وجهك ... أرجو أن تخفضي صوتك , أذا كنت تريدين الشجار , أرجيء ذلك حتى نعود الى البيت ".

" أوه , كم أنت عنيد!".
" يمكن أن أصفك بالصفة ذاتها , ماذا دهاك اليوم بحق الشيطان؟".
" وهل أنت بحاجة للسؤال؟".
في تلك اللحظة ظهرت أليزابيت من بعيد , فأردفت كارين :
" تلك أليزابيت , أنظر!".
" أسمعي , أكون شاكرا جدا لو أنك حاولت أحتمال وجودي بشيء من اللباقة والكياسة حتى نصل الى دلرسبك ... من أجلها هي أن لم يكن من أجلي".
أجابت بصوت أبرد من الجليد:
"لاتشغل بالك فأنا لم أنس دوري , لكنني لسوء الحظ لا أجيد التمثيل كما تجيده أنت".
سمعته يشهق فأدركت أن سهمها أصاب الهدف .

لم يجبها بشيء , بل تأبط ذراعها فلم تعارض , لكنها هذه المرة لم تشعر بالحرارة تسري في أوصالها , أنما ببرودة الحقد والكراهية .
كانت أليزابيت تقف أمام واجهة أحد المحلات التجارية الكبيرة , أدارت وجهها فرأتهما وأبتسمت , أقتربا منها وأذا بها تشير الى واجهة المحل وتقول:
" أنظري , أليست تلك الحقيبة الهندية جميلة؟ هل تعجبك؟ أو ندخل الى الداخل ونرى كل ما فيه؟".
ترددت كارين , بينما لوى فمه بشبه أبتسامة تدل على تبرم الرجال من عملية أختيار النساء لمشترياتهن وقال:
" حسنا , أدخلا أنتما , سأنتظركما هنا".
لكن أليزابيت لم توافق على ذلك وقالت:
" كلا , أريدك أن تساهم بأختيار شيء".



اماريج 13-11-10 08:04 PM

دخلت كارين المحل التجاري في أثر أليزابيت ,من دون أن تنذرها حاستها السادسة بشيء , كان همها الوحيد أن تبذل قصارى جهدها لمنع أليزابيت من أختيار هدية لها باهظة الثمن , ذلك أن المحل التجاري كان ضخما , يحوي الكثير من القطع الثمينة النادرة , ألتقطت كارين أنفاسها عندما سمعت من البائعة سعر الحقيبة , وحمدت الله على أن الحقيبة أو شبيهاتها لم تحظ بأستحسان أحد , وأخذت تختلس النظر الى القطع المعروضة علها تجد قطعة متوسطة الثمن لا تثقل كاهلها بالمنة , وتحظى في الوقت ذاته برضى أليزابيت الفائقة الكرم , وفجأة أدركت بحسها الخفي المأساة التي تجري أمامها ,أن أليزابيت كانت تريد أن تشتري هدايا تذكارية بمناسبة الذكرى الثالثة لزواجها من آرثر , ويا لها من ذكرى!

أنتقت هدية ثمينة أشترتها لآرثر , ثم أشترت محفظتين لكل من ماجدا وامزي , وعلبة فضية مزركشة لليزا , ثم ألتفتت الى كارين مبتسمة وقالت:
" والآن أختاري يا حبيبتي شيئا يعجبك أنت , أذ من الممكن أن أختار لك هدية لا تناسب ذوقك".
تدخلت البائعة هذه المرة ,وقالت موجهة حديثها الى أليزابيت :
" في الطابق العلوي مجموعة جميلة من الهدايا , وأنا متأكدة يا سيدتي أنكم ستجدون هناك ما يرضي السيدة".
لم تنتظر أليزابيت رأي أحد بل بدأت تصعد الدرجات الى الأعلى قائلة:
" أتبعوني , أنني أشعر بالبهجة هذا اليوم".

قال آرثر وهو يتبعها:
" أنك دائما تشعرين بالبهجة وأنت تصرفين نقودك على عائلتك , لكن أرجو ألا تبذريها أكثر من اللازم".
أجابت أليزابيت ببساطة:
" لن آخذ شيئا معي , أنت تعرف ذلك".
صمت آرثر ولم يجب بحرف ,بينما أخذت أليزابيت تنقل بصرها من رف الى رف حتى وقع على طائر أزرق من الكريستال , نظر الجميع الى الطائر , كان متقن الصنع جميلا , فارشا جناحيه كأنما يهم بالطيران عن غصنه الكريستالي
وعندما ألتفتت أليزابيت الى كارين بنظرة جانبية:
" لم يعد أمامنا أي سؤال , رائع جدا وأريد أن أهديك أياه دون أي أعتراض يا عزيزتي".

لم تنتظر أليزابيت منها جواب , بل طلبت من البائعة أن تضعه في علبته , تحرك آرثر بأتجاه الدرج , ثم توقف عندما رأى ليزا وماجدا تصعدان الى الأعلى , أقبلت ليزا بأنشراح تقول:
" ما أجمل هذه المعروضات , هل أشتريت شيئا ماما؟ شيئا من أجلي ".
رد عليها آرثر قائلا:
" أيتها الحسودة اللعوب , أنتظري قليلا وسترين".

نظرت ليزا اليه بدلال , ثم بدأت تتجول بين الرفوف متفحصة القطع الجميلة , أما كارين فأنا أمسكت جرسا زجاجيا لفت أنتباهها بروعة صنعه , كان بجوار جرس أكبر حجما , لكن كارين تذكرت بأنها لا تحمل من النقود ما يمكنها من شراء الجرس الكبير , فآثرت شراء الصغيرة هدية منها لأليزابيت , وردا على هديتها , حملت الجرس الصغير الى البائعة التي كانت ما تزال تبحث عن علبة كبيرة تستوعب الطائر الأزرق , فجأة سمعت صوت ليزا وهي تشير الى غرفة جانبية تسأل عن محتوياتها , كانت غرفة اللوحات ...
منتدى ليلاس
أتجهت كارين نحو الغرفة التي أشارت اليها ليزا وتبعها الجميع , وأذ بها تجمد في مكانها وقد سمرها الرعب , غامت كل اللوحات التي كانت معلقة على الجدران أمام عينيها ألا لوحة وحيدة في أطار أبيض.
بدا لها أن اللوحة تكبر تدريجيا , حتى غطت الجدار بأكمله وكأنها تشير اليها بأصبع الأتهام , وقفت مكانها مشدودة ترتعش من الفزع ,لا تقوى على الحركة , لم يعد أمامها متسع من الوقت للفرار , ولم تجرؤ أن تلتفت الى الوراء حيث كان يقف آرثر
سمعت صوت أليزابيت ينبعث وكأنه من مكان سحيق :
" في اللوحة خروج عن العفة , لكنها رائعة , ألا يحق للفنان أن يصور المرأة وهي عارية؟".

صاح آرثر بصوت خشن منفعل:
" كلا أنها تجارية رخيصة .... أنا....".
لكنه توقف فجأة أذ أنبعث من جانبه صرخة متحشرجة , فألتفت ليرى ليزا تتكوم على نفسها , وفي اللحظة التالية كانت تهوى على الأ رض غائبة عن الوعي.


نهاية الفصل التاسع


اماريج 13-11-10 08:07 PM


10_ لا تدعي الطائر يحلق

هرعت البائعة راكضة , شهقت أليزابيت وسقطت على ركبتيها وأطلقت ماجدا وتمزي صرختي فزع , بينما صاح آرثر:
" أرجعوا الى الخلف ! أعطوني كرسيا".
أسرعت البائعة الخائفة تحضر كرسيا , بينما جثا آرثر على ركبتيه بجانب ليزا وفتح ياقة معطفها , ثم حضنها بين ذراعيه وحملها وأجلسها على الكرسي , أخذ يقوم ببعض الأسعافات لأعادتها الى وعيها , أخيرا تنفس الصعداء عندما تحركت بين يديه وأطلقت أنة ألم طويلة.
همس قائلا:
" هل أنت بخير؟ لا تخافي يا حبيبتي".

أقتربت ماجدا تحمل زجاجة بيدها وتقول:
" أليك بعض الأملاح المنعشة".
تناول آرثر الزجاجة , فتحها وقربها من أنف ليزا... أطلقت أنة ثانية وأبعدت الزجاجة عنها وهمست بصوت ضعيف:
" ماذا حدث؟ هل أغمي عليّ؟".
قال آرثر وهو يقرب منها كأس ماء:
" أظن ذلك , أشربي بعض الماء ".

بعد لحظات أخذت ليزا نفسا طويلا وهي ترتعش بقوة وقالت متلعثمة:
" خذني الى البيت يا آرثر ... أشعر بأنني مريضة .... أنا خائفة".
" لا تخافي , سنأخذك الى البيت حالما تستطيعين الوقوف على قدميك ,لولا ضيق السلم لحملتك بين يدي الى الأسفل".
بعد قليل تحاملت على نفسها وأخذت تجر قدميها جرا , مستندة على كتف آرثر الذي نزل بها الى الطابق الأرضي بتأن ولطف , جمعت كارين الحقيبة والرزمة اللتين سقطتا من ليزا , وتبعت الجميع وهي تهتز وتوشك أن تنهار , تمنت لو أنها تستطيع الهرب من المتجر تحمل معها كآبتها وتشاؤمها.

أبدت صاحبة المحل التجاري أهتماما شديدا بما حدث , وعرضت عليهم أستدعاء الطبيب , غير أن آرثر أعتذر قائلا أن من الأفضل نقلها الى البيت بسرعة.
كانت ليزا بحاجة شديدة الى الراحة , فأستلقت على المقعد الخلفي للسيارة , وأنطلق آرثر ترافقه أليزابيت , على أن تتبعهم كارين برفقة ماجدا وتمزي.
وصلت كارين الى البيت بعد ساعة من وصول آرثر وهي لا تزال تشعر بالخوف والكآبة , الخوف من لقائها به , دخلت القاعة بخطى متباطئة متوجهة الى غرفة االجلوس , كان آرثر يجلس بجوار الموقد , لا يبدو على ملامحه شيء مما يعتمل في صدره
وعندما رآها قال بصوت لا يبعث على الراحة:
" بدأنا نقلق عليك".
منتدى ليلاس
أشاحت كارين بنظرها عنه وسألت:
" كيف حال ليزا؟".
أجابتها أليزابيت التي كانت غارقة في مقعدها المريح بجوار النار :
" أظنها نائمة الآن , أتجهت الى سريرها حال وصولنا ولم ترض أن تتناول طعاما أو شرابا , كذلك لم توافق على أستدعاء طبيب , أقلقني جدا ما أصابها اليوم".
هزت كارين رأسها وتابعت أليزابيت حديثها:
" ما أصاب ليزا مثير للقلق حقا , أنطفأت فجأة كأنطفاء النور , وعندما أستفاقت من أغمائها بدت مخيفة ... وجه أبيض كوجوه الموتى , ليتها تسمح بأجراء فحص شامل لها".

تنهد آرثر وقال:
"أصبحت ليزا كبيرة الآن , دعيها تفعل ما يناسبها , أعرف أن من الصعب عليك ألا تتدخلي بشؤون بالرغم أن من الصعب عليك ألا تتدخلي بشؤون أولادك بالرغم من أنهم غدوا كبارا , لكن عليك أن تحاولي".

ثم ألتفت الى كارين وشملها بنظرة ساخرة وفاجأها بقوله:
" ألا تودين أن يكون لك طفل صغير يا حبيبتي؟".
أحست كارين بأنقباض شديد , ودت لو تضربه , ودت لو تستطيع أن تعيد اليه بعض تلك الكلمات اللاذعة المؤلمة التي يوجهها اليها دائما , جمعت قبضة يدها وأرتجف صوتها عندما أجابته قائلة:
" في الوقت الحاضر لا, وأظن أنك تشاركني مثل هذا الشعور".

تدخلت أليزابيت بالحديث وقالت:
" آرثر ! هل أنت مشتاق لأن تجعلني جدة؟".
" ألا تروق لك الفكرة؟".
" بالطبع! أنني أحب كثيرا أن أحضن حفيدي الأول بين ذراعي قبل....".
لم تكمل أليزابيت قولها بل غيرت الموضوع وسألت:
" آرثر , هل أدخلت جميع الأغراض التي جلبناها معنا؟".
" كلا , لا تزال في السيارة , سأذهب لأحضارها".




اماريج 13-11-10 08:08 PM

خرج من الغرفة وخيم الصمت , شعرت كارين أن الجو مناسب لأن تقدم الهدية الى أليزابيت , أخرجت الجرس الزجاجي من حقيبتها وقدمته اليها.
تجلت السعادة على وجه أليزابيت التي وقفت لتقبل كارين...
وصاحت:
" آه يا عزيزتي ! ما هذه المفاجأة السارة! كم أنا محظوظة بهذه العائلة المنحبة".
كانت كارين تعرف أنه من الصعب ألا يحب الأنسان أليزابيت , أحست بدموع المودة تتسرب من عينيها عندما أمسكت بدورها هدية أليزابيت , الطائر الزجاجي الأزرق
وقالت:
"أنه طائر أسطوري !".

أجفلت فجأة عندما شعرت بحركة خلفها , لم تسمع خطوات آرثر الخفيفة على السجادة , بل أحست بأنفاسه على شعرها , وقف ينظر الى الطائر الأزرق الذي كانت تمسك بكلتا يديها
وسمعته يقول:
" أحذري أن يطير منك".
نظرت اليه أليزابيت موبخة:
" ألا تستحي أيها الساخر الماكر!".
ثم ألتفتت الى كارين قائلة:
" تجاهليه عندما يضايقك يا كارين ".
منتدى ليلاس
لم تقل كارين شيئا , بل تقدمت الى الكوة الصغيرة بجانب الموقد حيث تضع أليزابيت قطعها الثمينة ,ووضعت الطائر الأزرق فيها , وعندما أستدارت شاهدت آرثر يقف بجوار أليزابيت وعلائم التجهم بادية على وجهه , وهو يقول:
" من الأفضل أن تنامي مبكرة هذه الليلة , لتكوني مستعدة لأجراء الفحوصات اللازمة كما تعلمين".
كست الكآبة وجه أليزابيت , تنهدت ثم قالت:
" أخصائي جديد؟ هل هذا ضروري؟".
" نعم".
كانت لهجة آرثر حازمة , تردد قليلا ونظر الى ساعته , بغتة قال :
" يجب أن أغادر البيت الآن".
" لكن لماذا.......؟".

هز رأسه , وأنحنى يقبل أليزابيت المستغربة من مغادرته المفاجئة وقال:
" أرجو معذرتك يا ماما , أنا في حالة تدعوني الى الخروج قليلا".
وقبل أن يغادر الغرفة ألتفت الى كارين وأردف:
" لا تنتظرينني , من الممكن أن أتأخر".
لم تستطع كارين مغادرة الغرفة مباشرة بعد خروج آرثر ,كانت تشعر بالحرج من نظرات أليزابيت الأستفسارية حول السبب الذي دفع آرثر للخروج من البيت في تلك الساعة , أذا كان مزاجه لا يسمح له بالبقاء , فهل كان بأستطاعتها منعه من الخروج ؟ أنها آخر من يفكر آرثر بالأذعان له , ثم لماذا تحاول منعه من الخروج ؟ أن خروجه يسبب لها كثيرا من الراحة , خاصة اليوم وقد عانت ما فيه الكفاية.

أعدت ماجدا عشاء خفيفا , لم تأكل منه أليزابيت ألا القليل , أما كارين فلم تكن لها شهية للطعام , حوالي التاسعة أوت أليزابيت الى سريرها , بعد أن أوصتها بأبنتها ليزا التي ما تزال نائمة , فتطوعت كارين للسهر على راحتها.
بعد أن تأكدت كارين من نوم أليزابيت , دخلت المطبخ لتعد طعاما تحمله الى ليزا , فسألتها ماجدا :
" هل ستنتظرين عودة آرثر؟".

" بعد أطعام ليزا سأدخل الحمام وأغسل شعري , من المحتمل أن يعود بعد أن أنتهي من ذلك , أذا كنت تريدين أن تأوي الى سريرك فلا تتأخري , كان اليوم متعبا كما تعلمين".
عملت ماجدا بنصيحة كارين وذهبت لتنام , أما هي فأنها حملت صينية الطعام وأتجهت الى غرفة ليزا وطرقت على الباب , لم تسمع جوابا , بل سمعت أنينا ينبعث من الداخل
فتحت الباب يسرعة مستفهمة:
" ليزا....؟".
" من هناك؟".
" أنا كارين أتيتك بعشاء خفيف , يجب أن تأكلي شيئا ".

" أبعديه عني , لا أريد أن آكل شيئا".
نظرت كارين الى الجسم المكوم في الفراش , أحست برغبة شديدة أن تتركها وشأنها من غير مبالاة ,لكنها قاومت تلك الرغبة ولمست رأس ليزا الأشقر المستلقي على الوسادة الليلكية .... وسألت:
" ليزا , ماذا بك؟".
تفرست ليزا بوجه كارين منفعلة وقالت:
" ماذا بي؟ لم أعد أحتمل! أتمنى لو أموت وأستريح!".

" هل بمقدور أحد أن يقدم لك يد المساعدة؟".
مدت ليزا يدها الى كأس الحليب , جرعت منه جرعة ثم صاحت:
" بالله عليك... أتركين وسأني!".
لم تيأس كارين , كانت ترغب في سبر غور هذه الأزمة الجديدة , والتخفيف من حدتها , من أجل أليزابيت على الأقل , أن لم يكن من أجل أي شيء آخر , قالت:
" لكنني لا أستطيع أن أتركك على هذه الحال , أخبريني ما بك؟".
منتدى ليلاس
تنهدت ليزا وأطلقت أنة طويلة , ثم غاصت في فراشها وقالت:
" ليس لي خلاص مما أنا فيه , ستعرفين ما بي مهما بالغت في أخفاء ذلك الآن ... أنا حامل"
أنفرجت شفتا كارين دهشة , تصورت عدة أحتمالات لحالة

الشقاء التي تعاني منها ليزا ,لكن هذا لم يخطر على بالها أبدا , تلعثمت كارين قللا عندما سألت:
" لكن ألست سعيدة؟".
أجابت ليزا مهتاجة:
"سعيدة! قولي محطمة ! آخر ما أتمناه في حياتي هو الطفل".
" لكن أمك وكليف! كم سيسعدهما هذا النبأ , أوه ليزا , ألا تتصورين ماذا يعني هذا بالنسبة الى أمك ؟ ألم خبريها؟".




الساعة الآن 06:03 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية