لاحظت روزالبا فورا مدى أنزعاج جدها , وأنفعاله الصامت , فهو يفضل التحدث مع أمثاله من أفراد الطبقة الأرستقراطية الثرية , الذين يتمتعون بقدرة فائقة على التخاطب بذكاء ودهاء في أي موضوع يطرح عليهم , أما رد العجوز القروية , المتسم بالصدق والصراحة المتناهيين , فقد أثار سخطه وأزعجه ألى درجة كبيرة , وظهرت معالم الأستياء في نبرة صوته , عندما وجه حديثه ألى سلفاتوري قائلا:
" أعطيت أوامري قبل يومين لتجهيز قصري الواقع على شاطىء البحر , بكافة وسائل الراحة والرفاهية , لتمضيا فيه شهر العسل بسعادة وهناء , يمكنكما البقاء فيه ألى ما شئتما , والحصول على أي شيء أضافي تريدانه , وعندما تصبحان مستعدين للذهاب , سأطلب من أليساندرو نقلكما بسيارتي". ضرب سلفاتوري الطاولة بيده , بقوة أفزعت روزالبا وأذهلتها , ثم قال بحدة بالغة: " لا , أيها الكونت , لن أفعل ذلك أكلاقا! فزوجتي ستذهب ألى حيث أريد أنا , ومتى أريد , وبوسيلة النقل التي سأختارها بنفسي !". منتديات ليلاس وجّه الرجلان ألى بعضهما نظرات مشبعة بالحقد والعداء , في أول مجابهة عنيفة تحدث بينهما بعد المصاهرة , أصر سلفاتوري على ممارسة حقه كاملا , في التصرف كرجل يتمتع بسلطة مطلقة في بيته .... وعلى زوجته , ومع أن الكونت لم يوافق على ذلك بصورة فورية , ألا أن التقاليد الصقليّة الصارمة التي يتقيد بها... جعلته يعترف بالهزيمة أمام سيد عائلة ديابولو , ولكن رضوخه لم يأت عاديا وأنهزاميا , بل قال لعدوه الشاب بلهجة مشبعة بالحقد والكراهية .... أثارت أزدراء روزالبا وأشمئزازها : "تسللت ألى قصري في بداية الأمر , كخفاش يستعين بظلام الليل وظلاله , عرفت عندئذ أن وجودك نذير شؤم وشر , وبأنك ستحدث الكثير من المتاعب والمشاكل , أعتن بحفيدتي جيدا , يا ديابولو .... لأنه لو مست شعرة في رأسها بأذى , فسوف أجد لذة بالغة وسعادة فائقة في معاملتك بالطريقة ذاتها .... التي يطبقها رفاقك المتوحشون مع الخفاش الذي يحتقرونه , سوف يلقى القبض عليك ... وتقتل بعد تعذيب مرير , ثم تدق ألى باب حظيرة الحيوانات بالمسامير ... ورأسك نحو الأسفل!". |
ننتظرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ررررررررررررررررررر على احر من الجمر:dancingmonkeyff8:
|
نحن فى الانتظااااااااااااااار وشكرآآآآآآآآآ لك
|
13- هديل الحمام
لم تتوقف أبريل , حتى في اللحظات الأخيرة , عن القيام بمحاولة يائسة لتثني أبنة خالها عن الذهاب مع سلفاتوري ديابولو , قالت لها , وهي تودعها على بوابة القلعة: " وعدت بأن تكون مراسم الزواج نهاية لهذه اللعبة السخيفة , فلماذا تذهبين معه الآن ؟ ألا تعرفين أنك ستصبحين ملكه , ولن يسمح لك بعد ذلك أطلاقا بمغادرة صقلية ؟". حثّت روزالبا أبنة عمتها على فهم مشكلتها بصورة أكثر جدية , قائلة بلهجة هادئة : " لست مضطرة للمي قدما في هذه التمثيلية المزعجة , ألا لفترة قصيرة جدا , فهذان الرجلان يكرهان بعضهما ألى درجة مذهلة .... ولن أشعر بالأطمئنان التام لأعود ألى بريطانيا , قبل التأكد من وجود سلفاتوري بعيدا عن متناول جدي , لا تقلقي , يا أبريل فسوف أعود خلال ساعات قليلة". أحست روزالبا في تلك اللحظة , بأن سلفاتوري ديابولو يتعمد أثارة غضب الكونت وسخطه . برقت عيناه بالأرتياح والرضى التامين , عندما تطلع نحوها وقال بلهجة ساخرة : " أبتسمي لجدك , يا ذات الوجه الملائكي ! أكّدي له بأنك سعيدة ولست ذاهبة ألى الجحيم , كما يتصور ويعتقد !". أغضبتها تلك العبارة الهازئة القاسية , ولكنها سيطرت على أعصابها وجلست في مؤخرة العربة .... فيما قفز سلفاتوري ألى مقعد القيادة , بعد أن أجلس عمته قربه , أما الكونت , الذي لم يتفوه بكلمة واحدة , أو يرفع يده مودعا , فقد بدا في وضع بالغ الصعوبة .... لأنه يحاول جاهدا كبح جماح حنقه وحقده. وصلت العربة ألى الطريق العام , فبدأ الحصان يعدو بسرعة مذهلة , تقوقعت روزالبا المنهكة القوى والمرهقة الأعصاب , في زاوية العربة الصغيرة... وغطت في نوم عميق , ذلك لأنه لم يغم لها جفن طوال الأيام الثلاثة الماضية , هل نامت خلال تلك الفترة الوجيزة , لأنها شعرت بالأرتياح لتجاوز العقبات الأكثر صعوبة وخطرا في مهمتهما الدقيقة والحاسمة ؟ أنتفضت جالسة في مكانها , بعد مي ساعتين على مغادرتهم القلعة , لتفاجأ بتوقف العربة على أحد المنعطفات القاسية , شاهدت سلفاتوري , عبر عينيها شبه المغمضتين , وهو يقفز من العربة .... بعد أن سلّم الرسن ألى عمته وقبّلها على خديها , ثم أقترب من روزالبا ورفعها من العربة , قائلا: " هيا بنا , أيتها الزوجة الناعسة !". منتديات ليلاس تثاءبت رغما عنها , قبل أن تسأله بصوت ضعيف هادىء: " ألى أين سنذهب؟". " ألى عش الغرام وشهر العسل , أيتها العروس الطفلة! وهل من أي مكان نذهب أليه , يا صغيرتي؟ سنفترق هنا عن العمة جيوسبينا , لأننا سنتابع رحلتنا بالسيارة". لم يبد على عجلة من أمره لأنزالها ألى الأرض , فتصارعت الأفكار في رأسها وتضاربت المشاعر في قلبها , لاحظت أنها طوقت عنقه بذراعها , بصورة عفوية وغبية , عندما رفعها من العربة... وبأنها تشعر بأرتياح لا يمكن تفسيره أو تبريره , وهي مستلقية بين ذراعيه القويتين , كان وجهه قريبا جدا منها ,بحيث راحت أنفاسه الدافئة والناعمة تداعب وجنتيها , أحنى رأسه فوق وجهها وأخذ يحدق بها , فيما أختفت أبتسامته الساخرة بسرعة مخيفة. أنتبهت روزالبا فجأة ألى النظرات المرحة التي وجهتها العمة جيوسبينا , فتملصت من بين ذراعيه وأبتعدت عنه بسرعة ... وهي تعاتب نفسها بعنف شديد على هذا الشعور الغريب المستهجن , أمسك بيدها وسارا نحو اللاندروفر , فرفعت العجوز السعيدة يدها مودعة وقائلة بسرور واضح : " تمتعا بشهر العسل , ألى أقصى درجة ! لا تتوقفا عن أغضاب بعضكما , فغضب الحبيبين يجدد حبهما ويعزز قوته وثباته !". أطلق سلفاتوري العنان لسيارته , دون أي تعليق على كلام عمته , تصورته روزالبا في تلك اللحظات الحساسة , كأنه خفاش ينطلق من الجحيم , أمسكت بباب السيارة بكل قوتها , كيلا يرتطم رأسها أو جسمها بأي مكان .... نتيجة السرعة الجنونية التي لا مبرر لها , وبخاصة على تلك الطرقات الجبلية الوعرة. |
لم يتحدث أي منهما ألى الآخر , طوال الساعات الثلاث التي أستغرقتها رحلتهما نحو الطرف الآخر من الجزيرة , كانت شمس المغيب تودعهما بأشعتها البرتقالية الخلابة , عندما وصلا ألى منطقة ساحلية جميلة ... يشرف عليها بهيبة وقوة مخيفتين جبل أتنا , لاحظت روزالبا فورا تلك القرى الصغيرة وأراضيها الزراعية الخصبة , على السفوح المنخفضة لجبل البركان ,ولكنها شعرت بالرعب والهلع , عندما أمتد نظرها ألى المناطق العالية.... وشاهدت تلك الصحارى الشاسعة التي لا يغطيها ألا الرماد , لا شك في أن الحمم البركانية الحارقة والمدمرة , التي يطلقها البركان الثائر بين الحين والآخر , تحرم تلك المنطقة بكاملها من أي أشجار أو نباتات .
توقفت السيارة ... أخيرا! النجوم البراقة منتشرة في السماء الصافية , كحبيبات اللؤلؤ التي سلطت عليها أنوار قوية كاشفة , شمّت رائحة البحر , وسمعت صوت أمواجه الخفيفة تتراقص على شاطىء قريب جدا , ثم لاحظت أن البيت الذي توقفا أمامه , يقع على حافة خليج صغير يعج بزوارق صيادي الأسماك وقواربهم , نزلت من السيارة ولحقت به نحو ذلك المنزل المربع الشكل , فكادت تتعثر في الرمال الناعمة ... بسبب توتر أعصابها وذهولها , فتح سلفاتوري الباب وأضاء القاعة , ثم أشار أليها لكي تدخل. تأملت روزالبا ذلك المنزل الصيفي الصغير , الذي أثث بطريقة عادية جدا وبمفروشات قليلة لا تتطلب أكثر منها أي أجازة قصيرة قرب الشاطىء , ولاحظت أن البيت مؤلف من تلك القاعة المتوسطة الحجم وغرفتين صغيرتين محاذيتين لها , بالأضافة ألى مطبخ وحمام صغيرين وفجأة .... سمعته يقول لها , لأول مرة منذ بضع ساعات : " أنه منزل صغير , أعارني أياه أحد الأصدقاء , ومع أنه لا يشبه أطلاقا القصر الذي حاول جدك أرغامنا على الأقامة فيه , ولكنه يكفينا ويفي بحاجاتنا". منتديات ليلاس أرتجف جسمها خوفا , وسألته بعصبية وأنفعال : " هل تعني بأننا سنمضي الليلة هنا؟". هز كتفيه ببرودة , وقال : " سنمضي ليلة , أو أسبوعا , أو شهرا! من يدري!". ثم أبتسم , وأضاف قائلا: " ستعتمد فترة أقامتنا هنا , بصورة كلية , على مدى تجاوب كل منا مع الآخر". حبست أنفاسها لحظة , ثم تنهدت وقالت له : " أحاول منذ أيام , يا سلفاتوري , أن أشرح لك أمرا بالغ الأهمية ... ولكنك رفضت الأصغاء ألي , فهل تسمح الآن , بأن تستمع ألى ما سأقوله لك؟". أستدار بسرعة نحو المطبخ , وهو يقول لها: " أنا الآن جائع جدا , بحيث أنني لست قادرا على الأستماع ألى أي ثرثرة سخيفة , لماذا التسرع؟ ألا يمكننا التحدث بعد تناولنا الطعام؟". لا! فأي تأخير بسيط سيزيد من صعوبة أيجاد مكان آخر , لأقامتها بقية هذه الليلة! ولكنها قررت التصرف بحكمة وروية لدى مرورها قرب السرير المزدوج , وتأجيل الحديث أل ما بعد العشاء ... ذلك أن الرجل المتعب والجائع لن يكون هادئا ومنطقيا ! ستنتظر حتى يأكل ويرتاح , ويصبح في وضع أكثر تقبلا لسماع معلوماتها المذهلة. تبعته ألى المطبخ الضيق , وهي تفكر بالأسلوب الذي ستستخدمه في أبلاغه الحقيقة المرعبة , أحتكت أكتافهما في تلك الفسحة الصغيرة , فشعرت بخجل عميق ... وبتسارع مدهش في ضربات قلبها , تطلّع نحوها في تلك اللحظة الحرجة , بعينين ساحرتين أشعلتا النار في جسمها , وسألها : " هل تحبين البيض المقلي بالزبدة , أم بزيت الزيتون؟". أجابته بصوت مرتعش ألى حد ما , وهي تحاول السيطرة على مشاعرها : " بالزبدة ..... شكرا". " عظيم! هذا دليل خير وعافية بالنسبة ألى زواجنا ... فثمة شيء واحد على الأقل , مشترك فيما بيننا !". |
الساعة الآن 01:52 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية