منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   23 - الماس أذا ألتهب ! - مارجري لوتي - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t149034.html)

نيو فراولة 26-09-10 04:06 PM

23 - الماس أذا ألتهب ! - مارجري لوتي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
23- الماس أذا ألتهب! - مارجري لوتي - روايات عبير القديمة

الملخص


بين الطموح والحلم علاقة خفية , كذلك بين القدر والحظ , وفي هذه الرواية يلعل الطوح لعبة الوصول ألى الحلم ,والقدر يهيء حظا سعيدا , لكن لمن؟
لتوني الفتاة الكادحة التي سرعان ما ترى نفسها وسط عالم الألماس والمجوهرات , أم لأمها التي نذرت حياتها لرجل فنان لم يأبه للدنيا ولم يترك من سقط المتاع سوى لوحات مخبأة في كوخ ريفي ؟
منتديات ليلاس
أم لغاري الذي فقد زوجة لم يكن يحبها فعاد وألتقى توني التي تشبهها ألى حد بعيد أصابه بالتراجع والدهشة...
بين دفتي هذه الرواية أقصى ما يمكن أن يصل أليه الطموح وأبعد ما يصبو أليه الحلم , لكن ليس الأمر كله بهذه السهولة....





نيو فراولة 26-09-10 05:04 PM


1- مقابلة أم شجار

ألقت الآنسة بلاك عبر مكتبها نظرة على توني , وقالت :
" ستكون وظيفة ممتازة , فشركة وارينز من أشهر شركات المجوهرات , وعندما تذهبين للمقابلة غدا ستكون هناك أخريات من طالبات الوظيفة , وكذلك فأن الرجل الذي سيجري لك المقابلة ليس من السهل أرضاؤه , ومع ذلك فليس ما يمنع أن تجربي حظك ......ما زلت حديثة السن حقا ولكنك قادرة على شغل هذه الوظيفة , وألا لما رشحتك لها... لقد عملت سنتين في وظائف مؤقتة وتقاريرك جيدة , وحان الوقت لتشغلي عملا دائما , وأنت تقولين أن والدتك......".
وحدقت توني في المرأة الأكبر سنا , وقد أحست بشيء من المفاجأة , فلم تكن تعتزم أن تذكر ذلك للآنسة بلاك وقالت :
" نعم ألى حد ما ....... فهي تعمل بالتطريز , ونتحمل أجر السكن سويا".
منتديات ليلاس
وكتبت الآنسة بلاك شيئا على بطاقة دفعت بها عبر المكتب وأبتسمت وهي تقول :
" هاك...... يا آنسة وارين وبالمناسبة فأن أسمك يطابق أسم الشركة التي أرشحك للعمل فيها وقد يكون هذا فألا طيبا".
وخطر لتوني سؤالا عما يكون عليه موقف الآنسة بلاك لو عرفت أن بنيامين وارين رئيس شؤكة وارينز للمجوهرات في شارع بوند ستريت هو عمها الأكبر , رغم أنه لا يعرف ذلك ولكنها كانت تشك في أن تهتم الآنسة بلاك بذلك.
ونهضت على قدميها كانت هيفاء ذات قوام جميل , يميل شعرها الأسود ألى الأصفرار وتعبر ملامحها عن الأستقلال , وقالت :
" أشكرك كثيرا يا آنسة بلاك , سوف أكون على أتصال دائم بك وسأخطرك بما يحدث".
وأخذت البطاقة التي تحدد لها موعد المقابلة ووضعتها بعناية في حقيبة يدها , وهبطت الدرج ,وأنطلقت في شارع أكسفورد.
كان الجو في أواخر نوفمبر ( تشرين الثاني ) ينذر بشتاء قاس والنهار شديد البرودة , وبدأ الثلج يتساقط وسرعان ما وجدت توني نفسها تتدافع بلالمناكب اتشق طريقها وسط الزحام , ولم تتوقف كعادتها لتلقي نظرة على نوافذ العرض الجذابة , وكانت تفكر في أن تشتري هدية متواضعة لأمها ذلك الأسبوع .
شيء لا يكاد يصدق – على الأطلاق...... من آلاف الشركات في لندن تختار الآنسة بلاك شركة وارينز لترسلها أليها , وفي الليلة السابقة فقط كانت أمها تقول :
" هل تعرفين يا توني , لدي أحساس غريب أن شيئا سعيدا سيحدث".
كانت السيدة وارين تجمع بين الأضداد , فهي واقعية ولكنها تحلم دائما بحياة أفضل و كان زوجها فنانا أستولت عليه نزعته الفنية , وكان عليها أن تقبل بما فرضه عليها , ولكن أحلامها ظلت تراودها طوال حياتها وكثيرا ما قالت لتوني:
" في يوم من الأيام سينال أبوك ما يستحق من تقدير وتعرض لوحاته في أشهر المعارض في العالم , وعند ذاك يعيش حياة جديدة فيها السفر , وفيها التعرف على المشاهير – ليس مجرد أن.......".
وكان بوسع توني أن تكمل:
"نقتر على أنفسنا و ونكدح طوال الوقت".
ولكن أمها لم تكن تشكو , وكان شعرها الأشقر المزغب , وفمها الرقيق يتناقض مع طبيعتها الشجاعة الصارمة , لقد عاشت في كوخ صغير في ديفون حيث الحياة الرخصة وحيث تزرع ما تحتاجه الأسرة من خضار في حديقة الكوخ الصغيرة , وكانت تصنع ملابس أبنتها توني وقليلا من الملابس لنفسها وبعض ملابس زوجها , وتعمل كذلك في التطريز .
وعندما أكملت تونيتدريبها في مدرسة السكرتارية في الثامنة عشرة من عمرها أصيب أبوها بلفحة برد وتحولت الحالة ألى ألتهاب رئوي وعجزت سائر العقاقير عن أنقاذ حياته .
ونفذ سهم القضاء , وناقشت توني أمها ما ينبغي أن تفعلا , وقالت توني:
" بوسعي أن أجد عملا في مدينة أكستر لنجد ما ندفع منه الأيجار ونعيش".
لكن أمها رفضت بشدة وقالت :
" لا , لا بد أن نرحل من هنا فورا ونذهب ألى لندن ".
ولهثت توني قائلة :
"لندن؟ كنت أظن أنك تحبين الكوخ والريف , وكل ما حولنا هنا.......".
وأجابت السيدة وارين في بساطة :
" كنت أحب أباك ولذلك وافقت أن أعيش معه هنا , والآن ينبغي أن أنتقل ألى مكان آخر مختلف تماما ألى حيث المحلات والأضواء والناس والأحداث , هل تفهمين ما أعنيه يا حبيبتي؟".
منتديات ليلاس
وأجابت توني :
" أعتقد أنني أفهم!".
" وهل تحضرين معي؟".
وعانقت توني أمها وهي تقول :
" بالطبع! سوف آتي معك , وسأحصل على عمل وتكون لنا شقة فخمة ونذهب ألى المسارح والحفلات الموسيقية ونأكل في المطاعم الفخمة أيه يا لندن! أننا في اطريق أليك ".
كان ذلك منذ عامين , ولكن الأمر لم يكن كما تصورتاه , فأعمال النسخ على الآلة الكاتبة كانت تدر دخلا لا بأس به , والشقة التي وجدتاها في حي هورنس مفرحة بقد ما أستطاعت السيدة وارين أن تجعلها ولكن الميزانية لم تكن تسمح بالذهاب ألى المسارح , أو الحفلات الموسيقية , وأن سمحت من حين ألى آخر بالتردد على السينما مع وجبة عشاء يحملانها ألى البيت بعد مشاهدة العرض , وواصلت السيدة وارين أحلامها.........

dalia cool 26-09-10 05:59 PM

يعطكي العافية امل نحن في الانتظار

نيو فراولة 28-09-10 02:37 PM

وعندما خرجت توني من محطة تيرن بايك لين وجدت الثلج يتساقط بكثافة أكثر ليلتصق بشعرها ويجد طريقه ألى عنقها , وخفضت رأسها لئلا تواجه الرياح , وسارت في طريق غرين لينز , كانت طوال الطريق تحاول أن تتخذ قرارها فيما أذا كانت ستخبر أمها عن المقابلة المنتظرة نهار الغد ..... كانت تعرف ما يمكن أن يحدث لو ذكرت بمحض الصدفة التي تجعلها تذهب في مقابلة عمل في شركة وارينز , سوف تطير الأم فرحا من الدهشة وتحلق بأفكارها لتجعل توني شبيهة بسندريللا , تنتقل من عمل مكتبي قذر ألى حياة تزخر بالعظمة والفخامة .
ورأت أنه من الأفضل ألا تصرّح بشيء حتى تنتهي المقابلة .. أن لم يكن هناك ضمان بأنها سوف تحصل على العمل بحال من الأحوال ...
وتركت الطريق الرئيسي المزدحم لتسير في شارع جانبي هو شارع نبات ألأزاليا حيث تسكن ويماثل تماما شارع الربيع على أحد جانبيه , وشارع نبات السنط على الجانب الآخر , بل يماثل سائر الشوارع الأخرى القصيرة المستقيمة التي تأخذ شكل مربع على الطريق الرئيسي .
وأدخلت توني مفتاحها في الباب رقم 25 وهرولت تصعد الدرج ألى أول باب يواجهها , وقررت لو أن أمها موفقة في عملها فسوف تحتفظ توني بنبأ المقابلة لنفسها أما أذا كانت الأمور سارت على غير ما تهوى فسوف تخبرها لترفع من روحها المعنوية .
منتديات ليلاس
وفتحت باب غرفة الجلوس , كانت السيدة وارين تجلس ألى موقد الغاز تقدد بعض الخبز وبدا عليها التشاؤم وآلة التطريز تقبع في ركن الغرفة هامدة تحت غطاء من البلاستيك , فلا طلب على العمل.
ولمعت عينا السيدة وارين , ومع ذلك بدا على كتفيها شيء من الوهن عرفت توني أنه موقوت لأن أمها لا تقبل بالأكتئاب لفترة طويلة.
" أهلا يا عزيزتي , ها هي أبنتك الحبيبة ....... ملابسها مبتلة وتشعر بالجوع والتعب!".
وأبتسمت توني وعانقت أمها التي نهضت حين فتح الباب , وواصلت تقول :
" أوه متأسفة ...... جعلت ملابسك تبتل من ملابسي".
ودفعت السيدة وارين شعرها الأشقر الناعم ألى الخلف , وقالت :
" لا تقلقي بالا , دعيني آخذ معطفك وحذاءك وأذهبي لتبدلي ثيابك وسنشرب الشاي فورا".
دخلت توني غرفة النوم وأستبدلت ملابسها ببنطلونا وبلوزة فضفاضة وجففت شعرها , وأحست بالدفء والراحة والرضى عندما سمعت صوت الأطباق والملاعق والشوك من الغرفة المجاورة ... وصوت الموسيقى الشعبية الذي يجيء من شقة مجاورة .
وعادت ألى غرفة الجلوس ووجدت العربة الصغيرة المتحركة مستقرة قرب المدفأة وعلى كل من جانبيها كرسي عليه وسادة مريحة , بينما جثم على العربة أبريق شاي قصير وكومة كبيرة من الخبز المحمص المغطى بالزبدة وأطباق شهية من السمك وكعكة الزنجبيل المصنوعة في المنزل .
وغاصت توني في أحد الكرسين وصارت تتناول الطعام بشهية وهي تقول:
" يا له من يوم!".
وهزت السيدة وارين رأسها مازحة , وقالت:
" لم أجد عميلا واحدا يكلفني بعمل , حتى السيدة فيشر خيبت ظني وكنت أعتمد عليها بكل كبير, ولكن ماذا عنك أنت ؟ هل ذهبت ألى الآنسة بلاك ؟".
وأومأت توني برأسها , وقالت:
" لديّ مقابلة لعمل دائم غدا...".
" دائم ؟ هل تقبلينه؟".
" قد أقبل.... أذا كان المكان مناسبا , ويهيأ لي أنه كذلك هذه المرة".
" شيء عظيم!".
وسكبت أمها الشاي وأعطتها الفنجان ,وواصلت :
" ما أسم الشركة ؟ وأين مكانها؟".
وأرتشفت توني شيئا من الشاي , وقالت وقد أرتسمت على فمها أبتسامة رقيقة:
" أحزري!".
وهزت أمها رأسها عاجزة عن الأجابة , فواصلت :
" قد تدهشين .... فأن مقابلتي مع....مع..... وارينز في بوند ستريت".
" وارينز؟ أنك لا تعنين؟".
" أنني أعني بالفعل شركة وارينز , أقاربنا الأثرياء".
وقهقهت توني :
" ما رأيك أذن؟".
وأطبق الصمت على الأم لحظة , وشحب وجهها فجأة , ولكن بدأ الدم يعود متدفقا ألى وجنتيها , ولمعت عيناها بالدهشة , وواصلت توني تقول :
" ولكن لا تعولي على ذلك كثيرا , فالوظيفة ليست في يدنا بعد.".
ولكن حماس أمها بلغ ذروته , وقالت:
" سوف تحصلين على العمل يا عزيزتي توني , أعرف أنك ستحصلين عليه أحسست بهذا الشعور منذ أيام , قلت لك أن شيئا طيبا سيقع ألم أقل ذلك؟".
وتنهدت في سعادة وواصلت:
" كل سنوات الأمل والتمني , والآن مولد حياة جديدة لنا".
" يا أمي , لا تغرقي في التفاؤل! ماذا لو أخفق كل شيء بعد ذلك ؟".
منتديات ليلاس
وهزت السيدة وارين رأسها وقالت :
"لا تحاولي يا عزيزتي ! لا تزعزعي ثقتي! أما عن طالبات الوظيفة الأخريات فما الذي يتميزون به عنك؟ ثم لا بد أن تخبريهم أنك تمتين بصلة القرابة ألى رئيس الشركة فهذا في صالحك".
وأرتفع حاجبا توني , وأتسعت عيناها الرماديتان , وقالت:
" أخبرهم؟ أعتقد أنك لا تظنين أنني سأفعل ذلك!".
وردت أمها في شيء من التأكيد :
" ينبغي أن تخبريهم ! ليس ثمة خطأ أو شبهة في ذلك!".
" ولكن, لكن يا أمي , كنت أعتبر أن ما يقال عن أقاربنا الأثرياء مجرد مزاح".

نيو فراولة 28-09-10 02:39 PM

وتذكرت توني أيام عاشت في الكوخ بموارد محدودة للغاية والأب لا يبيع لوحة من لوحاته لشهور عديدة , وكانت الأم تقول:
" لماذا لا نذهب ألى عمك بنيامين في لندن يا فرانك؟ ى لنتسول منه , ولكن مجرد تعرفه بنفسك , فقد يبدي أهتماما بعملك وربما يجعل أحدى لوحاتك تزين مكتبة أو غرفة الأجتماعات , وعند ذاك يراها الناس , الناس الأثرياء ذوو النفوذ ,وربمل يؤدي ذلك ألى كثيرمن الأرتباطات".
ويبتسم فرانك وارين ويتحدث في صوت خافت ليقول :
" نعم يا عزيزتي , وتمضي القصة ألى أن يكون للأفيال أجنحة تطير بها!".
وعند ذاك يضحكون , وتضحك مسز وارين أكثر من الجميع , وخشيت توني أن يكون الأمر بالنسبة ألى أمها أكثر من فكاهة , فسألتها:
" أماه! أرجو ألا تكوني جادة !".
منتديات ليلاس

ومالت الأم في كرسيها ألى الأمام , وقالت :
" أنني جادة تماما يا حبيبتي! أريد لك أن تعيشي حياة أفضل من الحياة التي عشتها".
ولاذت توني بالصمت , وأحست بعيني أمها تتركزان في قلق عليها , لم يعد صوت الموسيقى الشعبية من الشقة المجاورة في ذلك الوقت مألوفا كما كان , وهزت توني رأسها في حزم وقالت :
" لا أستطيع ".
" ولكن".
" أنصتي يا أمي , المسألة ليست أنني متكبرة أو شاذة أو شيء من هذا القبيل , كل ما أعرفه أنني عندما أصل ألى هذه النقطة لا أستطيع".
وساد صمت آخر , ثم أبتسمت السيدة وارين , وقالت:
" أنك مثل أبيك يا توني , حسنا , أذا كان هذا رأيك فلن نتحدث في هذا الموضوع بعد الآن , ولكن ستذهبين لأتمام المقابلة , عديني بأنك ستذهبين ".
وضحكت توني وقد أحست بالأرتياح ,وقالت :
" نعم , سأذهب للمقابلة وأعد بذلك , وسأبذل جهدي لأحصل على الوظيفة لأنها على ما يبدو وظيفة مناسبة".
وأومأت مسز وارين برأسها , وقالت :
" سوف ننتظر ونرجو خيرا بأذن الله , والآن – لنتكلم في شيء آخر !".
" هل أحضرت الكتيبات الخاصة بالرحلة ألى أسكتلندا !".
وأمضيتا بقية المساء في حديث حول رحلة في عربة تجرها الجياد في أسكتلندا وكان الحديث مادة للأحلام كذلك , لأنه لم يكن من المؤكد أن تتاح لهما الموارد للقيام بمثل تلك الرحلة.
وبدت على توني البهجة فقد أرتاحت لأن أمها تقبلت الموقف بالنسبة ألى المقابلة التي كانت تزمع أتمامها في اليوم التالي , وعندما نهضتا في النهاية لترفعا الأطباق من المائدة , عانقت توني أمها وقالت :
" أشكرك على تقديرك لموقفي يا أمي , وسأبذل جهدي غدا ".
منتديات ليلاس
أما أول مرة دخلت فيها توني ألى أحد محلات المجوهرات – حسبما تسعفها الذاكرة- فكانت عندما حضرت ألى لندن لأول مرة , وذهبت لتشتري لنفسها ساعة يد لترضي من تتعامل معهم من أصحاب الأعمال الذين يحرصون بصفة خاصة على ضبط المواعيد , وكان في محل الجواهر ذاك صفوف من خواتم الخطوبة والزواج وضعت على رف زجاجي وكان على الرفوف كذلك أزرار قمصان ذهبية وأباريق زجاجية مطلية بالمعدن خلف مجموعة منتقاة من ساعات التنبيه , وكانت تعرف أن شركة وراينز في شارع بوند ستريت لن تكون شيئا مشابها لذلك , وخطت ألى داخل يشبه ألى حد كبير كهف علاء الدين الخيالي , كما كانت تتخيله في الليلة السابقة , وغاصت أقدامها في سجادة صغيرة فاخرة , حسبت أنها لا بد أن تكون من الشرق الساحر , لم يكن هناك طاولة بمسند زجاجي وأنما كانت هناك طاولتان حفرت على قوائمهما زخارف دقيقة وألى جانبها كراسي صغيرة ذات أذرع غطيت بتنجيد من البروكار الأحمر وكما كسيت الجدران بالخشب بينما تدلت من السقف ثريا كريستال وفي أحد أركان الغرفة ساعة حائط كبيرة قديمة مطعمة , تدق في رفق , وأحدى السكرتيرات تجلس على كرسي في أناقة بشعرها الفضي , تلبس سترة فراء ثمين وعلى أصابعها خواتم ثقيلة , وأمامها بائع في أواسط العمر يلبس بذلة قاتمة ويعرض على المفرش القطيفي الأسود الذي يغطي الطاولة مجموعة من الدبابيس وأحست توني بشيء من الحرج أذ كانت تلبس سترة عادية من الجلد , وأستدارت ألى المشرف , وقالت :
" عندي موعد في الساعة الثانية عشرة , وأسمي الآنسة وارين .......".
وحدق الرجل فيها وقال :
" الآنسة آر ........ وارين؟".
وأبتسمت , وقالت:
" نعم!".

نيو فراولة 28-09-10 02:42 PM

وقال الحارس :
" أرجوك أن تنتظري هنا لحظة يا آنسة , وسأجد من يصحبك ألى الطابق العلوي".
وعاد ومعه أمرأة نحيلة في بذلة أنيقة تلبس أقراطا مطعمة ببعض حبات الؤلؤ الرقيقة ,و, وسمعت المرأة تناديها في صوت خفيض مهذب :
" آنسة وارين ! تفضلي معي!".
وسارت أمامها من خلال فتحة مقوسة ألى غرفة أصغر شبيهة بالغرفة الأولى , وفي مؤخرة هذه الأخيرة سلّم عريض له حاجز مزخرف يؤدي ـألى ردهة مغطاة بالسجاد في الطابق العلوي , وعلى باب ألى اليمين لافتة حفرت عليها الكلمات السيد ج . ر . لورنس , وطرقت مرافقة توني الباب بخفة وجاء صوت من الداخل يقول :
" أدخل !".
منتديات ليلاس
وأحست توني بأضطراب عصبي في معدتها لقد تنقلت بين مكاتب النسخ على الآلة الكاتبة وشهدت الكثير من أساليب تنظيم تلك المكاتب , ولكن لم يسبق لها أن شهدت مكتبا كهذا .... لم يكن هناك شيء من جو الألفة الذي تعودته وبدا كل شيء محاطا بالرسميات وتخيلت كذلك أنه يغرق بشكل زائد في الأناقة ... وتذكرت وعدها لأمها بأن تبذل جهدها لتحصل على العمل , وعليها الآن أن تتم المقابلة.
كانت الغرفة صغيرة أثثت بمكتب ضخم من خشب الماهوجني جلس خلفه بجل ينشغل بالكتابة بينما أنتثرت على الأرض بعض الكتب والملفات والأوراق ...... وأحست توني بأن المكان ينقص شيئا من الترتيب وزادت ثقتها بنفسها بعض الشيء.
وأخذت المرأة حزمة من الأوراق من على طاولة جانبية ووضعتها على المكتب وقالت :
"هذه آخر طالبة للوظيفة يا سيد لورنس".
وأجاب في تشاغل بدون أن يرفع رأسه :
" حسنا , أشكرك يا سيدة جنينز ".
وأشار ألى توني أشارة مبهمة :
" أجلسي!".
وأستمر في الكتابة , وأنسحبت السيدة جينيز وأغلقت الباب , وجلست توني تنتظر , كانت تعرف من خلال خبرتها خلال عامين الأساليب التي تستخدم في المقابلة , فبعض المسؤولين عن المقابلة يظهرون بمظهر ودي ويتيحون لمن يؤدي المقابلة أن يكون على سجيته ...بينما يحاول آخرون أن يجعلوا من يؤدي المقابلة يحس بالقلق وعدم الأرتياح ونقص الكفاءة , وهناك فئة أخرى صغيرة جدا تنظر نظرات خبيثة , وأخذت تفكر في الرجل الذي يجلس على الجانب الآخر من المكتب ومن أي فئة يكون؟
لم تستطع من المكان الذي تجلس فيه أن تتبين تحديدا لملامح وجهه ولكنه بدا أكثر شبابا مما توقعت , في منتصف الثلاثينات من العمر يظهر حازما بمنكبيه العريضين وسترته الصوفية الرمادية , أما قميصه فكان من الكتان الأبيض المتموج مع رباط عنق من الحرير الفرنسي الأحمر , وبدت أزرار القميص الذهبية تلمع في معصميه .
وطالت فترة الصمت , وواصل عمله في الكتابة وبدأت توني تشك في أنه من النوع الذي يعيش فيه أقاربها الأثرياء فلن يكون الجو الذي يلائمها بأي حال من الأحوال ,وأحست بالرغبة في أن تنهض وتنصرف وكادت تفعل ذلك ألا أنه في تلك اللحظة بالذات رفع رأسه ونظر نحوها.
وحدث شيء غريب للغاية فقد أستمر يحدق أليها , وحدّقت توني أتجاهه بالمثل , لم تكن ملامحه تدل على شيء ولو لم تكن تعلم أنه ليس بينه وبينها أية صلة سابقة لظنت أنه كان يحاول أن يتذكر صلة قديمة بينهما , كان كمن أصيب بشيء من الصدمة , وظنت أنه لا بد أن يكون لها شبيهة في مكان ما .
منتديات ليلاس
وبدأ يتحسس الأوراق التي وضعتها السيدة جنيز على ممكتبه بدون أن يحوّل عينيه عن وجهها , وأحست بقلق حقيقي.... ثم حوّل بصره ألى الأوراق أمامه , وقال :
" أنت الآنسة وارين؟".
وأبتسمت وقالت:
" نعم , مصادفة ,أليس كذلك؟".
وعاود النظر ألى الأوراق وواصل يقول:
"أنت من طرف الآنسة بلاك وعمرك 21 عاما , أما عن خبرتك السابقة.....".
ونظر ألى الأوراق على نحو سريع خاطف ثم أزاحها جانبا وأسند ظهره ألى الكرسي , وقال :
" حسنا , يا آنسة وارين , يبدو أنك حضرت ألى هنا في مهمة فاشلة , وأعتقد أن الآنسة بلاك لا بد أن تكون قد أساءت فهم رسالتي , أذ أوضحت لها أنني أريد شخصا أكبر في السن بخبرة أكثر مما لديك , فنحن نحتاج ألى موظف من نوعية خاصة للغاية , ولذلك فأنني آسف".

نيو فراولة 28-09-10 02:45 PM

وأحست توني كأنه صفعها على وجهها ولم تكن تصدق كلمة واحدة مما قاله ......لا ..... لا بد أنه أحس بكراهية فورية لها لأنها ذكّرته بشخص لا يريد أن يتذكره.
ونصبت قامتها وأحست أنها لن تفقد شيئا بعدما فقدت الأمل في الوظيفة , ولم تجد سببا يمنعها من أن تجعله يعرف بصراحة رأيها.
وبدأت تسأل :
" هل لي أن أسألك ما أذا كانت الوظيفة المعروضة هي وظيفة سكرتيرة لك؟".
" نعم.... كانت كذلك ".
وعند ذاك قالت :
" أذن لا داعي لأن تشعر بالأسف , لأنه لو عرضت عليّ الوظيفة لرفضت قبولها بكل تأكيد , أن كل شيء هنا يبدو أنيقا وعريقا بدون شك , ولكنني أفضل أن أعمل في مكان أكثر ألفة , لا يتركز العمل فيه حول الأثرياء القلة المحظوظة ".
قالت ذلك وهي لا تدرك أنها تردد ما كانت تسمعه عن أبيها كلمة بكلمة.
ونهض السيد لورنس وقال في برود:
" شيء يستحق الأهتمام , وأقترح أن تبحثي عن وظيفة تتفق مع ذوقك , ولا تضيّعي وقتي أطول من ذلك؟".
وأبتسمت أبتسامة الأنتصار أذ نجحت في تحدي ثقته ولو للحظة ,وقالت :
" أسعدت صباحا , يا سيد لورنس!".
قالتها في عذوبة و وخرجت من المكتب ترفع رأسها عاليا.
وهبطت الدرج وأجتازت غرفتي عرض المجوهرات , وحيّاها الحارس الذي فتح الباب الزجاجي الثقيل بقوله :
" أسعدت صباحا يا آنسة".
منتديات ليلاس
وأومأت برأسها في لياقة , وأنصرفت , وخرجت ألى بوند ستريت وأحسّت برياح شديدة البرودة تلفح رسغي قدميها وهي ترتعد من الوهن في أعماق نفسها , وتوقفت للحظة بجانب نافذة عرض وارينز لتستجمع قواها , ونجحت في ذلك , وبحثت عن منديلها , ونفخت أنفها وأستدارت بعيدا أتجاه بيكاديللي عائدة ألى بيتها .
ولم تكن قد أجتازت أكثر من خمسين ياردة عندما أدركت أن شخصا ما كان ينادي أسمها بطريقة متكررة , وتوقفت لتجد حارس البوابة الذي يميل ألى كبر السن يجد في أثرها يقول :
" آنسة وارين ".
قالها وهو يلهث , وشعره الخفيف تعبث به الرياح .
" آنسة وارين من فضلك ,السيد لورنس يرجوك أن تعودي , أنه يريد أن يتحدث معك مرة ثانية ".
وترددت توني بعض الشيء, بينما كان المارة على الجانبين ينصرفون من حولها .
كان البواب يحمل على ياقته أسم وارينز في حروف ذهبية مزخرفة , ورأت أنه من الأأسلم أن تستجيب له حتى لا يظن أنها تفر بشيء مسروق , وقد أخذ بالفعل واحد أو أثنان من المارة بالنظر أليها نظرات أستغراب.
وهكذا أضطرت على مضض أن تعود ألى المحل , بعدما ظنت أنها قالت كلمة الوداع ألى الأأبد لذلك الشخص الكريه السيد لورنس .
وأخذت تفكر فيما عسى أن يريده منها؟

نيو فراولة 28-09-10 05:07 PM

2- لأنها تشبه زوجته!

لم تؤخذ توني في هذه المرة ألى مكتب الطابق العلوي , بل ألى غرفة خلف قاعة بيع المجوهرات , ووجدت السيد لورنس يقف ألى جوار المدفأة في شيء من اللامبالاة , بينما نقلها جو الغرفة ألى العصور التاريخية.....
وقريبا من المدفأة كان كرسي له ظهر مرتفع جلس عليه رجل مهيب يميل ألى كبر السن , تصورت توني أنه بنيامين وارين عاهل الأسرة التي تركزت حولها أماني أمها في الثراء , شعره أبيض ورباط عنقه حريري يبرز منه دبوس ذهبي , ولحية بيضاء سويت بعناية ومونوكل يتدلى حول عنقه وعيناه رماديتين صافيتان فيهما شبه كبير بعيني أبيها و وقال في صوت رقيق مهذب :
" أنت الآنسة وارين ؟ أجلسي! أحضر لها كرسيا يا غراي!".
منتديات ليلاس
وأحضر لها الكرسي فتمتمت بالشكر , وواصل الرجل المهيب يقول:
" والآن يا آنسة وارين .... ربما يهمك أن تشرحي لي هذا .......".
وأخذت توني ورقة أعطاها أياها ونظرت فيها وبدا عليها فجأة شيء من الشك الفظيع فقد قرأت بخط أمها رسالة تقول :
" عزيزي السيد وارين,
أنك لا تعرفني , ولكنني أرملة فرانك وارين أبن أخيك الذي مات في أيطاليا منذ سنوات , قررت أنه ربما يهمك أن تعلم أن أبنتي أنطونيا وهي الأبنة الكبرى لحفيدة شقيقك ستجري اليوم مقابلة مع مدير أعمالك , وهي تحس بحرج كبير يمنعها من ذكر علاقة القرابة التي تربطنا , ولذلك أكتب أليك شخصيا لأذكرك بصلة الدم , وأعتقد أنه حان الوقت لننسى خلافاتنا العائلية بعد هذا الوقت الطويل ولعلك توافقني على ذلك
المخلصة
مارغريت وارين ".
وألقت توني بالرسالة وقالت في صوت خفيض :
" أنا آسفة لهذا , أخطأت أمي بأن كتبت أليك بدون أن تخبرني ".
كان الرجل المهيب ينظر أليها في أهتمام ,وحول بصره ألى الرجل الواقف ألى جوار المدفأة وقال :
" وضّح لي يا غرانت , لا أكاد أفهم شيئا , هل جاءت الآنسة وارين لتشغل وظيفة السكرتيرة؟".
" بالضبط يا سيدي".
" وكنت تجري لها المقابلة عندما فضضت الرسالة وأرسلت أليك أطلب رؤيتها ؟".
" أتفقنا أنها أرسلت ألى الوظيفة خطأ , وكانت قد أنصرفت".
ودهشت توني لذلك التحوير الجرىء للحقيقة , ورفعت بصرها لتجد غراي ينظر أليها كأنه يتحداها أن تنكر ما قاله فأستولى عليها أنفعال بالغضب وألتفتت ألى السيد وارين تقول:
" هذا ليس صحيحا , فليس ثمة خطأ في تقدمي لهذه الوظيفة , ولقد واجهني السيد غراي لأول وهلة بأنني ضيعت وقتي بحضوري وأنني لست على الأطلاق من يريد".
كان وجهها الأشقر المائل ألى السمرة يتحدث في ثقة وعيناها الصافيتان تلمعان في غضب.
وأبتسم أبتسامة جافة قائلا:
"تتحدثين كعضو في أسرة وارين تماما ".
وواصل يقول :
" أصفحي عن الطيش يا عزيزتي , أعترف أنني أشعر على الأقل أنني لست العضو الأخير في أسرة وارين كما كنت أظن".
وأنحنت توني أتجاهه قائلة:
" أذا فأنت تعتقد في صدق الرسالة , كنت أخشى أن تظن أنني مدعية".
"ولم لا أصدق؟".
كان صوته رقيقا , وواصل يقول:
"أن وجه الشبه واضح بدرجة كبيرة , ولعلك رأيته يا غراي؟".
ورأت توني تالنظرة التي تبادلها الرجلان , كانت نظرة مليئة بالمعنى ولم تستطع أن تفهم كل ما تعنيه , وعلق غراي لورنس قائلا:
" أوه! نعم لقد رأيته!".
منتديات ليلاس
وأخذت توني تخمن من يكون ذلك الشخص الشديد الشبه بها الذي جعل لورنس يتخذ منها ذلك الموقف , وعاد أليها الحرج أقوى مما كان لماذا كتبت أمها تلك الرسالة؟ لم يكن في نظرها ثمة أمل يرجى من محاولة أحياء علاقة قرابة أندثرت منذ زمن بعيد , فقد مضى أكثر من خمسين عاما على المشاجرة التي جعلت جدها يترك الأسرة وكان عالم بنيامين وارين عالما يختلف تماما عن العالم التي تعيش فيها هي وأمها الآن.
ونهضت في شيء من التهور وأصطنعت أبتسامة وهي تقول :
" أشكرك لأنك صدقتني وآسفة مرة أخرى لتجرؤ أمي على الكتابة أليك... لقد أبديت كما زائد أتجاهي ولكنني لا أطمع في أن تحظى تلك القرابة البعيدة بأهتمامك , وأذا أذنت لي فأنني أنصرف وأكرر شكري".
وهز بنيامين وارين رأسه وقال :
" أنك تتحدثين في لباقة تامة يا عزيزتي , ولكن كلامك غير صحيح على الأطلاق , فالحق أنني أحس بأهتمام زائد للغاية بك والعلاقة بيننا ليست بعيدة علىالأطلاق , هل يخطر لك أنني لا أريد أن أعرف أخبار أخي – جدك – الذي هجر الأسرة في يوم من الأيام وكاد يحطم بذلك قلب أمي لأنه رفض أن يأخذ مكانه في عمل الأسرة؟ هل خطر لك أحساسي بالأسى عندما جاءتنا الأخبار بأنه فقد في الحرب الأولى , وأنني بعد وفاة أبي لم أبذل أقصى جهدي لأستكشف ما أذا كان على قيد الحياة ؟ أما زلت تتخيلين أنني لا أريد أن أعرف عنك كل شيء يا أنطونيا ؟".
" أ..... آسفة ..... لم أكن أنظر ألى الموضوع هكذا ".

نيو فراولة 28-09-10 05:34 PM


وجلست على حافة الكرسي من جديد ,وقالت :
" أرجوك أن تسألني ما شئت من أسئلة وسأجيب بكل ما أعرف , ولكنني لم أر جدي , فقد مات قبل ولادتي".
وأومأ بنيامين وارين وقال :
" نعم..... نعم....بالطبع....... ولكن هناك أشياء أخرى ...... أشياء صغيرة".
وخفت الصوت الرقيق وأخذ يتطلع ألى الساعة النحاسية فوق رف المدفأة ,ثم ألى الرجل الواقف ألى جوارها وقال:
" أنني أنتظر مكالمة من بولستون في باريس خلال دقائق يا غراي , وبعد ذلك سأكون حرا لمدة ساعة تقريبا ".
أستدار توني يقول:
" بوسعك أن تعيريني بعضا من وقتك ؟ أم لديك عمل تريدين الذهاب أليه؟".
" أنني خالية حتى الواحدة والنصف".
" حسنا....... وأذا فأسمحي لي أن أدعوك ألى وجبة متواضعة في مطعم صغير ليس بعيدا من هنا حيث نجد فرصتنا للحديث .... غراي ! خذ أنطونيا ألى مطعم كارلي وسألحق بكما !".
" بكل تأكيد ....... تفضلي يا آنسة وارين!".
ونهضت توني وعيناها تجولان بينه وبين الرجل المهيب الجالس على الكرسي , أما بنيامين وارين فكان يبتسم أبتسامة مشجعة , وقال :
" أذهبي معه يا عزيزتي!".
وتبادل الرجلان نظرة لم تدرك توني مغزاها , ثم وجدت نفسها في غرفة بيع المجوهرات تسير ألى جانب غراي لورنس وتحس بأحساس لم يسبق لها أن أحس بمثله لو أنه فقط تحدث بشيء يزيل عنها التوتر , ولكنه كان يسير كأنه مالك المكان , وربما كان بطريقة ما , فقد كان بنيامين وارين يستشيره ويعتمد عليه دائما , وأحست بأنه رجل بغيض , وأختلست نظرة أليه جعلتها تحس بأن سترته صارت موضة قديمة وأن حذاءه وقفازيه وحقيبة يده كانت متواضعة للغاية غير أن الشيء الوحيد الذي لم تدركه كذلك أن أية أمرأة تحسد ساقيه الطويلتين النحيلتين وبشرته الصافية وعينيه اللامعتين كالبلور الصافي.
وتوقف غراي لورنس عند الباب وخاطب الحارس قائلا :
" بيتس! أرجوك أن تخبر السيدة جينز أنني سأتغيب بعض الوقت وأذا جدّ ما ستدعي الأتصال بي فأنني في مطعم كارلي".
ولمس بيتس قبعته , وفتح الباب الزجاجي الثقيل وهو يقول :
" سمعا وطاعة يا سيدي ".
وخرجا ألى شارع بوند ستريت وقال :
" من هنا.........".
منتديات ليلاس

ووضع يده أسفل مرفقها ليوجهها ألى اليمين , وأخذا يجتازان بين زحام المشاة والواقفين أمام نوافذ العرض , وأحست بأصابعه تضغط على ذراعها وتمنت لو أزاح أصابعه بعيدا وأحست بالضيق عندما أصرّ على وضع يده على ذراعها فجعلت خطوها يسبقه ولكنها أصطدمت بسيدة سمينة قادمة من الأتجاه المضاد , وأضطرت ألى الأعتذار , وجذب ذراعها من جديد وهو يقول :
" ما هذا الذي تفعلينه ؟ أتريدين أن يقع كلانا على الأرض ؟".
وسارا في ممر ضيق , وصعدا الدرج ألى قاعة أستقبال صغيرة مريحة حيث بادره مضيف يرتدي سترة بيضاء بالتحية , وقال:
"صباح الخير يا جيوفاني , سوف يحضر السيد وارين خلال دقائق وأثناء ذلك أحضر لنا بعض الشراب!".
وأستدار ألى توني يقول :
" ماذا تشربين ؟".
لم تكن توني قد تعودت على تلك الأجواء حيث تقدم المشروبات قبل وجبة الظهيرة , وقالت :
" ليموناضة من فضلك !".
وأرتفع حاجبا غراي بعض الشيء , وقال :
" يمكنك أن تطلبي شيئا أفضل من ذلك....... أعملي خيالك يا عزيزتي !".
وكررت في حزم وهي تبتسم :
" ليموناضة!".
أنحنى المضيف قائلا:
" بالتأكيد يا سيدتي!".
وواصل يقول :
" ومشروبك المعتاد يا سيدي؟".
وقادهما ألى طاولة صغيرة وضعت بجانبها مقاعد وثيرة , وأنصرف وبدأ غراي لورانس يقول :
" أنك تلعبين دورك بطريقة ماهرة , هل تخلعين سترتك؟ سيكون الجو شديد الدفء داخل قاعة الطعام".
وفكرت في الرفض رغبة في الأعتراض , ولكن الجو كان شديد الدفء وحلت أزرار سترتها الجلدية فأخذها عن كتفها بطريقة تكشف أنه يحذّق صحبة النساء .
وبدأت تسترخي في المقعد الوثير على أمل أن يجلس في المقعد المقابل ولكنه جلس ألى جوارها ومدد ساقيه أمامه , وقال متأملا :
" نعم أنك تقومين بالدور بمهارة كاملة".
وردت توني في صلابة :
" لا أعرف عما تتحدث".
وتشدق يقول :
" دور ذلك البريء الصغير بعينيه الواسعتين ......".
وأومأ بالشكر لجيوفياني الذي وضع المشروبات على المائدة وواصل :
" أنا لا ألومك ..... لا تظني ذلك ! أنني شديد الأعجاب بالطريقة التي خططت بها كل شيء , كم طال أنتظارك لفرصة العمل مع شركة وارين ؟ وكيف حصلت على تزكية من الآنسة بلاك ؟ ثم تلك الرسالة التي وصلت من أمك في الوقت المحدد بالضبط وأعتقد أنها جاءت باليد وأن هناك أحتمال بأن ينتهي كل ذلك ألى لا شيء".
وحدّقت توني أتجاهه وهي لا تكاد تصدق وقالت :
" هل تعني أنني دبّرت كل ذلك لأقنع السيد وارين ؟".
" لماذا لا تقولين العم بنيامين؟".
منتديات ليلاس

قالها في شيء من السخرية وهو يتناول كأسه , ولمعت عيناها في برودة , وقالت :
" حسنا العم بنيامين , أنه عمي رغم كل شيء , أنه عمي الكبير".

نيو فراولة 28-09-10 11:37 PM

ونظر أليها بشيء من التحقير وقال :
" وتقدمت بطلب العمل ألى الشركةوكأنك لا تطمعين في أي شيء ..... أوه أنك حادة الذكاء".
وألتفتت أليه قائلة:
"أنك تخطىء , أنا لا أعتقد أنني حادة الذكاء , لم تكن هناك مؤامرة ولم أكن أعرف أن أمي كتبت تلك الرسالة وعندما تركتك كنت أعتزم الأنصراف وعدم الأقتراب من وارينز ثانية".
وأضافت في مرارة:
" وليتني ما رجعت!".
وقال لورنس في رقة:
" لا تقولي ذلك ! فكري في بنيامين! لقد أحس بسعادة غامرة لأكتشافه تلك القرابة المجهولة ".
منتديات ليلاس
ونظر في كأسه وواصل يقول :
" الشيء الذي يحيرني هو التوقيت! لماذا لم يثر هذا الموضوع قبل الآن؟ في السنة الماضية مثلا ؟ أو التي قبلها؟".
وأنفعلت توني أنفعالا مفاجئا بالغضب جعلها تنفجر قائلة:
" أسمع يا سيد لورنس ! أبديت منذ اللحظة الأولى كراهية شديدة نحوي ووجهت أليّ الأهانات بدون أن أفهم سببا لذلك , وأذا كنت لا تطيق الأنتظار معي فيمكنك أن تنصرف وتتركني وحدي ".
وأنفجر ضاحكا بطريقة أثارت كدرها الشديد , ورفع كأسه أتجاهها قائلا:
" برافو! أنني أقدّر الفتاة المتحمسة , ولكنك أخطأت فهمي , فأنا لم أكرهك على الأطلاق بل على العكس لو كانت الظروف مختلفة لأحببتك كثيرا".
وحدقت أتجاهه للحظة بالجرأة التي كان يحدق بها وعندما أحست بالحرارة تسري في وجنتيها حوّلت بصرها بسرعة , وبدا أنه لاحظ الأضطراب المفاجىء الذي أعترتها وأرتعش فمه وهو يقول :
" لعل القدر شاء أن يرى كلانا الآخر كثيرا فلن أتصدى بالأعتراض ضدك , وأعترف لك أنني قررت عندما رأيتك لأول مرة أن أتخلص منك بأسرع ما يمكن ".
وأكملت توني :
" وبأقصى ما يمكن من الوقاحة , هل لي أن أعرف لماذا؟".
وأرتسمت على وجهه تلك الأبتسامة الضئيلة الساخرة من جديد وهو يقول:
" هل كنت وقحا؟ أنه أهمال بدر مني! يمكنك أن ترديه ألى المفاجأة فأن بينك وبين زوجتي درجة كبيرة من الشبه ولم أكن أطيق أن أراك قريبا مني , بل أن مجرد أنك تحملين أسم وارين يكفي ليجعلني أتراجع , كانت زوجتي أيضا من أسرة وارين حفيدة بنيامين وارين".
وحدقت توني أتجاهه تسأل في تعثر :
" كانت ؟".
وعلّق قائلا :
" نعم , فقد قتلت في حادث سيارة في ميدج منذ أكثر من سنة".
ولهثت قائلة:
" أوه! أنني آسفة".
" لا داعي للأسف ! فأنت لا تعرفينها على الأطلاق وستكون الظروف في صالحك , فسوف يرى فيك بنيامين هدية من السماء لأنه كان يحبها كثيرا".
وألقى بالكأس ونهض يقول :
" ها هو قد وصل وسوف تستريحين مني ...... واصلي القيام بدورك!".
قالها في سخرية واضحة وأحنى رأسه من باب الرسميات وألتفت ليغادر قاعة الطعام وتوقف في طريقه ليتحدث ألى بنيامين .
ظلت توني ترقب الرجلين وهما يتحدثان وأحست أنهما يشكلان ثنائيا , فالرجل الأكبر سنا متأنق كجيله السابق برباك عنق والمونوكل , أما غراي لورنس فيمثل الجيل الحاضر أو على الأقل أحدى شرائحه الأجتماعية في زيّه الأنيق وقميصه الأبيض المتموج وبشعره الممشط بعناية.
ونظر الرجلان أليها وأبتسم بنيامين ورفع يده للتحية وجاء الخادم وأنصرف غراي , وبعد حوار قصير مع جيوفاني مشى بنيامين وثيدا عبر قاعة الأستقبال ألى حيث جلست توني , وقال :
" أرجو أن يكون غراي قد قام بالواجب يا عزيزتي , فقد أستغرقت المكالمة وقتا أطول مما كنت أتوقع وأخشى أن أؤخرك عن أرتباطاتك , هل أنت مستعد يا جيوفاني ؟".
وجدت توني نفسها في قاعة الطعام الصغيرة المجاورة لقاعة الأستقبال حيث يعبر كل شيء عن الأبهة والفخامة وبدا لها ذلك تبذيرا لا مبرر له.
منتديات ليلاس
وجلس بنيامين على الجانب الآخر من الطاولة يبتسم وقال :
" أنه شيء يدعو للسرور أن يستضيف الأنسان شابة جميلة وخاصة عندما يتضح أنها الحفيدة الكبرى لشقيق طال الوقت على فقدانه , لقد طلبت أصناف الطعام لكلينا يا أنطونيا وبالنسبة أليّ فأنني أفضل الأطعمة الهادئة وأرجو أن يعجبك لحم البط الصغير مع الشمام الذي يقدم أولا بالأضافة ألى أحد أطباق كارلي فيما بعد".
وتمتمت توني تقول:
" سيكون لذيذا ".
وكان كذلك بالفعل , بل كانت ألذ أكلة تناولتها وأحست بلمسة عطف أبوي في صوته , ووجدت نفسها تنجذب أليه.

نيو فراولة 29-09-10 05:13 PM

وبدأ الناس يقدمون على قاعة الطعام ومعظمهم مما ينم ملبسهم وسلوكهم عن الثراء , وأصطحب واحد أو أثنان منهم سيدات أنيقات وحرص الكثيرون منهم على تحية بنيامين كأنه من مشاهير رجال السياسة وأستمتعت توني بذلك , فقد بدا عمها الكبير شخصية مرموقة في غرب لندن , وكان بنيامين يركز أهتمامه على توني وقام بدور المضيف الممتاز فجعلها تحس بالأرتياح الكامل , وعندما جاء دور القهوة أحست بالأسترخاء وبالخلو الكامل من القلق , وعندئذ قال بنيامين :
" والآن يا أنطونيا .... حدثيني بالتفصيل عن أسرتك".
منتديات ليلاس
وحدثته بكل ما يثير أهتمامه , فقالت :
" أعرف أن جدي – شقيقك – تزوج من سيدة بولندية بعد الحرب العالمية الأولى , توفيت بعدما ولدت أبي , وكان أبي يتحدث عن طريقة تربية أبيه ليكون فنانا مثله وكيف كانا يتجولان معا في أوروبا ليريا اللوحات العجيبة والنحت والمباني , لم يكن لهما بيت خاص طوال حياتهما , وأعتقد أن أبي لم يحصل على أي قدر من التعليم _ أقصد التعليم المدرسي وكان يمزح ويقول : أنه لا يستطيع أن يجمع أثنين وأثنين , ولكنه كان يتحدث في الأدب والفلسفة والموسيقى والفن , وأعتقد أنه تعلم ذلك من خلال مصاحبته لأبيه طوال الوقت , وسمعت أبي مرارا يقول : أن أباه لم يكن حريصا على المال بل ربما كان يحتقر النقود مما يبدو شيئا غريبا لي".
وعلق بنيامين وارين :
" ولكنه ليس كذلك بالنسبة ألي .... أكملي".
" الحق أنني لا أعرف أكثر من ذلك , كان ذلك قبل مولدي نزمن طويل ".
وسألها في صوت خفيض:
"هل تعرفين كيف لقي جدك حتفه؟".
" لا , ولكنني أعرف أن أبي كان معه , وكان يقوم على تمريضه وأن ذلك حدث في روما وبعدها ذهب أبي ألى باريس ليعمل في رسم اللوحات وهناك قابل أمي وتزوجها , وقبيل الحرب مرض أبي وكان عليه أن يعيش في منطقة ذات هواء متجدد فرجعا ألى لندن ليعيشا في كوخ صغير في منطقة ديفون حيث ولدت , وأعتقد أن مولدي كان مفاجأة لهما".
" وهل ما زال أبوك هناك؟".
وبدا عليها الحزن , وقالت:
" لا! بالطبع مات أبي منذ أكثر من عامين بقليل وعند ذاك حضرت مع أمي ألى لندن , كانت تتمنى دائما أن تعيش في لندن حيث فرصة العمل أيسر وهذا هو كل شيء ...... هل هذا ما أردت أن تعرفه؟".
وأخرج بنيامين منديلا أبيض مطويا من جيبه وأخذ يقوم بتلميع زجاج المونوكل في تباطؤ وأعاد المنديل ألى جيبه وقال:
" أشكرك يا أنطونيا ولن أستطيع بحال أن أجعلك تفهمين مدى ما تعنيه هذه المقابلة لي كأنني بها أستعيد خيطا من شبابي , كنت وأخي لا نفترق وأصبت بصدمة قاسية عندما أختلف مع أبي ورفض أن يشارك في عمل الأسرة وتركها ليصبح فنانا , ولم يكن بوسعي عند ذاك أن أفعل شيئا لأمنع ذلك وكان أبي يتصرف في الأسرة كأنه حاكم مستبد".
وصمت لحظة قصيرة , وقدرت توني أنه كان يعود بذكرياته ألى الماضي البعيد ونسي أنها تجلس أمامه وسرعان ما رفع رأسه يقول:
" أعذريني! والآن حدثيني عن نفسك!".
" أنا لا أستحق هذا الأهتمام , عمري 21 عاما , وتدربت كسكرتيرة وأعيش مع أبي في شقة في حي هورنسي , عملت خلال العامين الأخيرين في وظائف مؤقتة في لندن..... هذا كل شيء".
ولمعت عيناه وقال :
"هذا وصف مختصر جدا , وماذا عن صداقاتك ؟ أنك جميلة للغاية ولا يعقل ألا تكون لك صداقة من بين الشباب".
" هذا أطراء منك ! ولكن ليس لي صديق بذاته كان هناك أحدهم في ديفون نشأنا معا وكنا نذهب ألى المدرسة سويا , ولكن أبويه هاجرا ألى أستراليا ورحل معهما , وهكذا أنتهت علاقتنا , ومنذ أن حضرت ألى لندن لا يوجد شخص معين".
وأبتسمت عبر المائدة أتجاه بنيامين وقالت :
" أعتقد أنني أنتظر أمير الأحلام".
وكان الغريب في تلك اللحظة بالذات أنها رفعت بصرها لتجد غراي لورنس يتجه أليها وقد قطب جبينه , وعندما وصل ألى المائدة نظر ألى بنيامين ثم نظر ألى توني وفي عينيه تعبير غريب عابث.
ونظر بنيامين ألى غراي قائلا:
" هل من جديد – يا غراي؟".
" أتصل بولستون منذ لحظة للمرة الثانية يا سيدي ويبدو أنه قلق بخصوص عقد الأيجار ويقول أنه يريد قرارا نهائيا في موعد أقصاه الغد , وفكرت في أخطارك على الفور فربما تكلفني بجمع بيانات أخرى ".
منتديات ليلاس
وتنهد بنسامين وقال :
" العمل! ألا أستطيع أن أصطحب فتاة في أحد المطاعم بدون أن – يقطع عليّ العمل ذلك".
ونظرت توني ألى ساعتها وقالت :
" أعتقد ينبغي أن أنصرف الآن وألا تأخرت على عملي".
" هكذا يا عزيزتي؟ أذا سيدبر لك غراي سيارة أجرة , هل أعددت لها السيارة يا غراي؟ سوف تلحق بك أنطونيا".
ونهضت توني ونهض بنيامين كذلك وأمسك بيديها وهو يقول:
" أنك لا تعرفين يا طفلتي العزيزة كم كانت هذه المفاجأة سارة لي , وأنني أتطلع ألى الأحتفاء بك في منزلي قريبا بعيدا عن جو العمل هذا ".

نيو فراولة 29-09-10 05:34 PM


وتراجعت ألى الخلف قليلا أذ لم تكن قد تهيأت لذلك , كانت تعتقد أنها بعد أن أخبرت بنيامين بكل ما تعرفه عن أخيه الذي توفي منذ زمن طويل لن يكون بحاجة ألى الأهتمام بها بعد ذلك , ولم تكن هي راغبة في أن توثق صلتها بالسيد وارين ألى أبعد من ذلك , لم يكن عالم الثراء عالمها ولم تكن حريصة على أن تنتمي أليه , وقالت:
" أنه لفضل كبير منك أن توجه أليّ الدعوة وأشعر بشيء من النكران أذ أخبرتك أني مضطرة للرفض , ولكنك قد قد تقدر أننا , أمي وأنا , نعيش حياة هادئة للغاية , لم نعتد كل هذا النمط من الحياة ....... لقد أستمتعت بمقابلتك للغاية وبدعوتك لي ألى الطعام وبكل شيء".
منتديات ليلاس
وأبتسم أبتسامة لطيفة تدل على الفهم ,وقال :
" ولكنك بهذا تكونين سندريللا التي تعترض! ".
وأومأت وقالت :
" أرجو ألا تتضايق ..... كنت كريما ورقيقا معي ....".
ووضعت يدا على ذراعها وقالت :
" أشكرك يا مستر وارين وأرجو أن .......".
وتذكرت فجأة المرأة التي قتلت , وهي الحفيدة التي قال غراي لورنس أن بنيامين كان يحبها , وواصلت تقول :
" أرجو أن تسعد في حياتك ".
وأحست بأنفعال جعلها تنحني وتقبل وجنته , وهمست :
" وداعا ".
وغادرت قاعة الطعام.
كان غراي لورنس يقف خارج المحل وألى جواره سيارة تكسي تنتظر ومحركها يدور , وفتح لها باب السيارة , وقال :
" ألى اللقاء يا آنسة وارين , ليس لدي شك في أننا سوف نتقابل قريبا".
ورفعت رأسها في ثقة تقول :
"ليرتح بالك! رفضت بحزم دعوة عمي الرقيقة لزيارته , وسيكون هذا لحس الحظ لقاؤنا الوحيد".
وصعدت ألى التاكسي وقالت :
" وداعا يا سيد لورنس !".
وأستدار السائق يسألها :
" ألى أين يا آنسة؟".
وأعطته عنوان أحد مكاتب التأمين في المدينة وشق التاكسي طريقه بدون أن تنظر ألى الوراء , وأحست بشيء من الأسف لأنها لن ترى عمها الكبير بنيامين مرة أخرى وأن كانت قد أحست بأرتياح كبير لأبتعادها عن لورنس البغيض .
توقفت توني وهي في طريقها ألى البيت لتشتري بعض الأزهار هدية لأمها , فقد ضاعت فرصة العمل ولم يعد هناك أمل من وراء المقابلة وخشيت أن تصلب أمها بشيء من الأحباط لتلك النهاية لأحلامها .
وما كادت تفتح باب الشقة حتى أحست بأن هناك بعض التغيير .... كان وعاء الزهور يزخر بأعداد كبيرة من القرنفل الأحمر تحيط بها أوراق السرخس , وعبق جو الغرفة برائحة القرنفل وقد تخللتها بقايا من دخان السكاير , ولمحت على الطاولة الصغيرة المجاورة للمدفأة بقايا شاي قدم لشخصين .
وجاءت السيدة وارين من المطبخ وقد أحمرت وجنتاها وأتجهت أليها توني تعانقها , وتقدم أليها زهور شقائق النعمان التي أحضرتها وهي تقول :
" أحضرت لك هذه يا ماما ولكن يبدو أن لا حاجة بك أليها".
وأجابت أمها :
" أشكرك يا عزيزتي ! أنها جميلة للغاية .... سأذهب وأضعها في ماء..".
وسارت توني في أثرها ألى المطبخ تقول :
" من كان عندك من الضيوف يا ماما ؟ أعتقد أنني يمكن أن أحزر!".
وأبتسمت السيدة وارين في سعادة قائلة :
" نعم تستطيعين أن تخمني يا عزيزتي , كان هنا السيد بنيامين وارين بنفسه وجاء في سيارة ليموزين ,ولحسن الحظ كنت قد فرغت للتو من خبز الكعكات التي تفضلينها , وقد أحبها بنيامين ..... وطلب مني أن أناديه بأسمه بلا ألقاب ".
وحملت المزهرية ألى غرفة الجلوس ووضعتها على رف الموقد ووقفت تنظر أليها في أعجاب.
وغاصت توني في أحد الكراسي وقد بدا أن أحداث ذلك اليوم كانت فوق طاقتها , وقالت في وهن :
" لم يقل لي أنه سيجيء لزيارتك !".
منتديات ليلاس
" لا , أعتقد أن الزيارة خطرت له فجأة , وأخبرني عن أصطحابه لك ألى المطعم! أنه معجب بك جدا يا توني وظل يردد لي أعجابه بك وكيف أنه مسرور لأنك قدمت نفسك أليه".
وقالت توني في بطء:
" لم أفعل ذلك بالضبط يا ماما – أنما أنت التي فعلت ذلك , وكنت أتمنى لو لم تكتبي تلك الرسالة وتسلميها أليه بدون أن تخبريني أذ وضعتني في موقف محرج تماما".
وتجاهلت السيدة وارين ذلك التأنيب فقد كانت في أوج سعادتها وقالت :
" أنه ليس كما تصورته على الأطلاق ..... كنت أظنه رجلا قاسيا متحجر القلب كرجال الأعمال ولكنه غير ذلك بالمرة ...... مهذب وساحر بل بالفعل يمثل الأصالة وكرم الأصل".

نيو فراولة 30-09-10 06:27 PM

وتنهدت في سعادة وواصلت تقول :
" تحدثنا في أشياء كثيرة – وكان شغوفا بأن يعرف الكثير عن عمل أبيك , وطلب أن يعرف كل شيء عن حياتنا في الكوخ , وعندما أخبرته أن القسيس قبل عن طيب خاطر أن يخزن اللوحات تحت سطح المنزل قال أنه سيذهب ألى ديفون في يوم من الأيام ليراها , أليس ذلك شيئا لطيفا ؟".
وتمتمت توني :
" لطيف للغاية".
وواصلت الأم تقول :
" وأخبرني بكل شيء عن أسرته وهو يعيش وحده الآن ... أليس غريبا أنك تشبهين تماما حفيدته ؟ باشر تربيتها منذ كانت في سن الطفولة المبكرة عندما مات أبواها فقد راحا ضحية كتلة جليدية وهما يمارسان رياضة التزحلق في النمسا , وللأسف قتلت هذه الحفيدة في حادث أصطدام سيارة منذ عام أو عامين , يا لها من مأساة ! هل تصدقين يا توني أنه يشعر أنك نعمة أرسلها له القدر لتحلي محلها ؟".
وأنفجرت توني تقول :
" أسمعي يا أمي ! أحس بأنك فرحة للغاية ولا أحب أن تشعري بالأحباط ولكنني أقول أن الموضوع لن يسير هكذا , أحببت السيد وارين فهو شخص رقيق للغاية ولكنني لا أريد أن تلتف حولي عصا سحرية لأتحول ألى صورة أخرى , لا أريد أن أغير شيئا ما في حياتي , أنني سعيدة هنا معك , ولقد وفرت لنا بيتا يحوطه الدفء وسوف يزداد دخلي عما قريب , ويكون لنا بيت صغير تمتلكه في النهاية , ولعلك تذكرين كيف كان أبي يقول : الأشياء التي يحصل عليها الأنسان بالجهد هي الأشياء التي ينبغي أن يحرص على أقتنائها – ولذلك لم يقبل بتاتا بأن يلجأ ألى بنيامين وارين ليطلب منه المساعدة عندما طلبت أليه , بل أراد أن يعتمد على نفسه وألا يستند ألى دعم أحد أقاربه الأثرياء , وهذا هو شعوري أنا أتجاه هذا الموضوع ".
منتديات ليلاس
وتبع ذلك صمت طويل كانت السيدة وارين تحدق خلاله في توني وهي لا تكاد تصدق , وقد تدلت شفتاها الرقيقتان وقالت:
" ولكن لا يعقل أن نتجاهل تماما ما حدث!".
ونظرت توني ألى وجه أمها الذي أعتلته الدهشة , وأدركت أن أمها كانت كطفل يبني قصورا في الهواء وأنها تعاني تماما كما يعاني الطفل عندما تنهار تلك الآمال , وأومأت في كآبة قائلة :
" أخشى أن هذا هو الذي سوف يحدث وهذا هو ما كان أبي يتمنى أن يراني ألتزم به , لو كان الأمر قاصرا على ألتحاقي بعمل في الشركة لقبلته كما وعدتك ولكن هذا التفكير الجديد شيء لا يحتمل النقاش فقد حفر الرجل الذي أجرى لي المقابلة من شأني تماما .....".
وأنفعلت في شيء من الغضب عندما تذكرت كيف تمت المقابلة والطريقة المتغطرسة التي رفض بها طلبها , وأدركت أن وجه الشبه بينها وبين زوجته ربما كان وراء طريقته الفظة التي تصرف بها , ولكن ذلك لم يكن عذرا كافيا لما حدث , ووالت تقول :
" وهكذا يا ماما أذا كان بأستطاعتي أن أكسب معاشي من العمل في الشركة فما كنت أسمح بتاتا بأن أعامل بشيء من التدليل لأن ذلك ما يحدث الآن أرجوك أن تفهمي!".
وأومأت السيدة وارين في بطء وقالت :
" أنني أشعر تماما بما تشعرين به يا توني ! والواقع أنني لم أعش مع أبيك طوال تلك السنوات بدون أن أتعلم ما يعنيه الأستقلال".
وأستدارت لتكدس الأطباق فوق بعضها وأخذت تزيل بقايا الطعام بيد مهتزة من العصبية وقالت :
" فقط أرجو أن تعرفي يا حبيبتي أن السيد وارين دعانا لقضاء عيد الميلاد معه في بيته بمقاطعة غلوشستر ولقد قبلت الدعوة , فماذا نقول له؟".

نيو فراولة 30-09-10 06:53 PM

3- الظلام الدافىء

وخلال الأسابيع الباقية قبل عيد الميلاد ظلت توني تقنع نفسها بأن تقبل دعوة بنيامين لتظل أشراقة السعادة بادية على وجه أمها , وأتخذت السيدة وارين خطوات عملية أستعدادا للزيارة.
" أنك بحاجة لبعض الملابس الجديدة يا حبيبتي توني , قررت أن تقضي السبت في المدينة لتشتري ما لنشتري ما نريد بالنقود التي وفرناها لقضاء الأجازة في أسكتلندا".
وأعترضت توني بحجة أن لديها ملابس مناسبة , ولم يكن من السهل أن تعود السيدة وارين عن رأيها , وأمضتا يوما في السوق ورجعتا محملتين بصناديق ولفائف , وبينما كانت توني تعد الشاي قامت أمها بنشر الملابس الجديدة على السرير وعلى وجهها مشاعر البهجة والرضى .
ودخلت توني لترقب في أنبهار وقالت :
" أنها ملابس فاخرة , ولكن ماذا أفعل بها بعد عيد الميلاد؟ لن أستطيع أن ألبس رداء كهذا لأذهب به ألى السينما أو حتى ألى المطبخ ثم ضحكت وقالت :
"وماذا عن رحلتنا ألى أسكتلندا ؟".
وأبتسمت السيدة وارين أبتسامة أبتسامة غامضة وقالت :
" لا تشغلي بالك! وعيشي يومك فنحن لا نعرف ما يأتي به العام المقبل".
" أسمعي يا ماما! أذا كنت تتخيلين أنني سأسمح لنفسي .........".
ولكن الأم وضعت يدها على شفتيها وهي تقول :
"آه يا حبيبتي , دعينا نتقبل الأمور كما تحدث..... ذلك أفضل!".
ولم يكن بوسع توني أن تفعل شيئا بعد ذلك كان هناك مرض منتشر بين الموظفين في المكتب , تطلب منها أن تعمل في الصباح وفي المساء ساعات أضافية , وكان الطقس مريعا وأنخفضت درجة الحرارة خلال أيام وهطلت الأمطار بدون توقف حتى ليلة عيد الميلاد , وكذبت بذلك جميع التنبؤات الجوية وساءت الحالة النفسية بسبب الظلام والمطر الذي أستمر لأيام وأكتظت الحافلات والقطارات بطوفان البشر الذي لا ينقطع .
وعملت توني طوال ليلة عيد الميلاد حتى لا تتبقى أوراق تحتاج ألى النسخ , وغادرت المكتب في وقت متأخر تأمل أن تتفادى زحام وقت الذروة , ولكن الزحام كان كما هو وكانت الرحلة أكثر مللا , ووصلت ألى الشقة في النهاية وهي تأمل أن تمضي أجازة دافئة تقتصر عليهما , ولم تكن مرتاحة لفكرة السفر ألى مكان تجهله في بيت غريب وخطر لها أن تعتذر في آخر لحظة بمرض الأنفلونزا , وكانت ترتعد من البرد وهي تفتح الباب الخارجي للشقة.
وأطلت السيدة بلاث , مالكة البيت , من غرفتها في الدور الأرضي تقول :
" خرجت أمك , وتركت لك هذه الورقة".
منتديات ليلاس
فردت توني الورقة بأصابع مبتلة وقرأت :
" حبيبتي , تغيرت الخطة وأضطررت ألى أن أسبقك , كل شيء على ما يرام , وسأشرح لك عندما تلحقين بي , أتخذ بنيامين الترتيبات وسيمر عليك سائقه الخاص ليحضرك حوالي السادسة والنصف , كتبت لك هذا على عجل – أمك ,
ملحوظة : لا تنسي أن تطفئي الشعلة الصغيرة لموقد البوتاغاز ".
كانت السيدة بلاث تنتظر في لهفة , وقالت :
" سوف تذهبين في القطار أذا؟".
وبدا أنها كانت تعرف كل شيء عن زيارة توني وأمها لأقاربهما الأثرياء في غلوشستر .
وأتجهت توني ألى الدرج قائلة :
"أوه , لا , لا أعتقد".
" هل سيرسلون سيارة أليك ؟".
" نعم , أشكرك على أعطائي الرسالة يا سيدة بلاث ".
وصعدت الدرج وأغلقت الباب خلفها وأسندت ظهرها أليه.
كانت الشقة رطبة وباردة , وأشعلت موقد الغاز , وأرخت الستائر ووضعت غطاء وعاء أسفل المظلة التي تنضح بالماء ونفضت سترتها على أحد الكراسي لتجف , كانت الساعة تشير ألى السادسة وخمسة دقائق , وأدركت أن عليها أن تسرع بالأستعداد أذا ما كانت تعتزم الخروج مع ذلك السائق و وفكرت في مخاطر الرحلة الطويلة في السيارة وحدها مع سائق لا تعرفه , ودخلت ألى غرفة النوم لتغير ثيابها .
وخطر لها – هل تجد ماء ساخنا للحمام – وخلعت ملابس العمل وأرتدت رداء خفيفا وسارت حافية عبر الغرفة ألى الحمام المشترك ووجدت المياه ساخنة أتاحت لها حماما دافئا.
وما أن خرجت من الحمام حتى سمعت جرس الباب يدق من أسفل , وأطلت من النافذة فرأت سيارة طويلة أنيقة ألى جانب لحاجز الحجري عند حافة الطريق وأنحنت على الدرابزين لتسمع صوت السيدة بلاث وصوت رجل يحييها وصاحت تسأل :
" هل هذا لي يا سيدة بلاث ؟ أرجوك أن تجعليه ينتظر ؟ سأكون جاهزة خلال دقائق".
وسمعت صوت خطوات تصعد الدرج المغطى بالمشمع وتثب كل درجتين في خطوة , فأستدارت تعدو ألى غرفتها , وأنفرج دثارها الرقيق بينما كان غراي لورنس يدور مع الدرج ليواجهها , وتسمرت خطاها وحملقت أتجاهه والحرارة تصطخب في وجهها وأحكمت الرداء حولها وأسرعت ألى غرفة النوم وأغلقت الباب خلفها.

نيو فراولة 30-09-10 10:50 PM

وعندما خرجت تلبس كان لا يزال يقف في كبرياء بقامته الفارعة عند الموقد يدفىء يديه وألتفت أليها وقال :
" هكذا يكون اللقاء يا أنطونيا !".
كان قلبها ما زال يدق من صدمة اللقاء المفاجىء , وقالت :
" ما كان ينبغي للسيدة بلاث أن تسمح لك بالصعود , أنها لا تفعل ذلك عادة ولقد ظننت .....".
" لا تعتذري بسبب ثيابك , فلقد أمضيت عامين كاملين في لندن وهما يكفيان لتعديل مشاعر الخجل هذه".
وقالت في أقتضاب :
" لا أعرف ماذا تعني ؟".
كان يوما مرهقا للغاية حمل معه الكثير من الأحباط , وأحست بأنها عاجزة عن أن تدخل في تراشق لفظي مع ذلك الرجل الذي يثير الغيظ وواصلت تقول :
" هل حضرت حقا لتأخذني بالسيارة ألى غلوشستر؟".
" نعم , ولقد حرصت على ذلك بعد وداعك الساحق الأخير ".
" يمكنك أن تتظاهر بأنك مسرور لرؤيتي من جديد ".
ولولى فمه , وقال :
" أنا لا أتظاهر أبدا , ولكنني أخضع لما لا يمكن تجنبه ومن ذلك دعوة بنيامين لك لزيارته".
وأمتد بصره ألى الشقة وألى السجادة الصغيرة البالية والستائر الرخيصة الزاهية الألوان وألى المظلة التي يقطر ماؤها في الوعاء وواصل يقول :
" ليس من التهذيب أن ترفضي الدعوة في مثل هذه الظروف ".
وأحمر وجهها وهي تقول:
"أراك تحاول أهانتي!".
منتديات ليلاس
وأرتفع حاجباه وقال :
"أهينك؟ لماذا؟ أنني فقط أحاول أن أكون واقعيا ! تعلمت أن أقدر الحقيقة وأن أقولها وأن كنت لا أقولها كلها فليس هناك أنسان يفعل ذلك وعلى الأقل فأنني أتحدث بما في نفسي ".
وبدا الحديث مع ذلك الرجل شيئا مستحيلا , وجذبت سترتها من على ظهر الكرسي حيث تجف أمام المدفأة ولكنه أمسك بها وهو يقول :
" أسمحي لي!".
وترددت لحظة ثم دفعت بذراعيها فيها , وخيّل أليها أن يديه أستقرتا فوق ذراعيها أطول مما ينبغي , وسألها :
"هل حقائبك جاهزة لأحملها ألى الطابق الأرضي؟".
" نعم , أقصد لا..... ما زال أمامي بعض الوقت , هل يضايقك أن تنتظر دقائق أخرى؟".
" كما تريدين , فقد يعطينا ذلك بعض الفرصة لتفادي زحمة المرور.......".
ودخلت غرفة النوم وطوت فستان السهرة , وجمعت أدوات الزينة في حقيبة يدها وكان غراي لورنس قد تبعها ووقف يستند ألى دعامة الباب يرقبها ,وتجولت عيناه عبر الغرفة الصغيرة بستائرها المزركشة وفرش السرير والسجادة اليدوية على الأرض , وعلّق قائلا:
" دافئة! ومن ينام على السرير المقابل ؟".
" أمي!".
" آه.... كنت قد نسيت ! أنها في غلوشستر الآن ".
وأستمر في التأمل كأنما خطرت له فكرة ..... وطال الصمت وأخذت تبحث في حمية في أحد الأدراج , وظل واقفا عند المدخل ورفع رأسه يحدق في السقف , وقال :
" سوف يحتاج المرور ألى بعض الوقت حتى تخف حدته ".
وفطنت ألى نواياه , فأستدارت تقول :
" أذا لا داعي للأنتظار".
وعلق قائلا:
" لست ساذجة رغم كل شيء!".
وقالت في غضب:
" أن كنت تحاول أن تستكشف أي نوع من الفتيات أنا؟".
وسار عبر الغرفة أتجاهها يبتسم قائلا:
" لم أكن أعني بكلامي أن أغويك........".
وأغلقت حقيبة ملابسها في عصبية بأصابع مرتعشة , وهي تقول :
"أنك أنسان بغيض , بلا أخلاق ... لا أريد أن أركب معك ألى غلوشستر , تفضل وأنصرف ! سأجد طريقي بنفسي!".
ولكنه لم يتحرك , وقال :
" المكان على بعد أربعة أميال من أقرب محطة للسكك الحديدية , هذا أذا وجدت مكانا في القطار , والمنزل جميل ولكنه في مكان منعزل.....".
وأستمر كأنه يحدث نفسه :
" أنه طريق طويل تحف به أشجار الليمون تنضح أغصانها بقطرات المطر فتحول الطريق ألى سلسلة من البرك الصغيرة ..... وهناك سيارة تاكسي وحيدة ولكنها تحجز في ليلة عيد الميلاد.......".
وأستدار ألى الباب قائلا :
" أخبر أمك أنك ستلحقين بنا فيما بعد , ولديك العنوان بالطبع.........".
لم يكن معها عنوان , وحاولت أن تتذكر أسم المنزل الذي تتجه أليه , وتذكرت أنه يحمل في مقطع منه لفظة الأبيض ..... الغالون الأبيض ....... الدير الأبيض ...... ولم تستطع أن تتذكر الأسم بالضبط .... بل لم تستطع حتى أن تتذكر أسم القرية.

نيو فراولة 01-10-10 06:49 PM

وأحست بركبتيها ترتخيان فجأة وجلست على حافة الفراش وقد حنت رأسها لتخبىء الدموع التي أنسابت من عينيها , وحاولت أن تقاوم وأستطاعت للحظة أن ترفع رأسها بينما وقف غراي لورنس ينظر أليها بأمعان وقال :
" يبدو عليك الأنهاك ...... متى أكلت لآخر مرة ؟".
" لا أستطيع أن أتذكر !".
ثم أضافت :
" أنني بخير.....".
وحاولت أن تنهض ولكن خانتها رجلاها , وقال في حزم :
"لا بد أن تأكلي شيئا ".
" لن أذهب مع.............".
" سوف تذهبين! أرتاحي هنا حتى أجد شيئا تأكلينه من خزانة الطعام".
ولم يضع وقتا فرفعها من حافة السرير ووضعها في وسطه وغطى ساقيها بلحاف , وتوقف عند الباب ينظر حوله ويقول :
" لا تقلقي !أنني لا أستغل ضعف أمرأة !".
منتديات ليلاس
وخرج ألى المطبخ الصغير بينما أضطجعت هي وأغلقت عينيها , وتذكرت أنه قال أنه يلتزم الصدق ووثقت به رغم أنها كانت تكرهه , وكان الأنهاك قد بلغ منها مبلغا جعلها تعجز عن تحليل مشاعرها .
ودهشت أذ وجدته يعود في لحظات قليلة ومعه فنجانان من القهوة الساخنة وكومة من شطائر الجبن , وقال :
" لا أستحق ثناء , كان كل شيء معدا من قبل".
جلست تقضم أحدى شطائر الجبن وقد أضيفت أليها صلصة ذات نكهة مميزة أعدتها السيدة وارين .
وأكلت ثلاث شطائر وشربت فنجان القهوة , وأرخت رأسها ألى الخلف , وتنهدت تقول :
" أنني أحسن حالا الآن ! كنت جائعة حقا , ألا تأخذ شطيرة؟".
ومدّت لق الشطائر أتجاهه .
وهز رأسه قائلا:
"لا شكرا أكلت على الطائرة ".
" الطائرة؟".
" نعم حضرت للتو من رحلة ألى باريس بعد أسبوعين أنجزت فيهما بعض مسائل العمل لفرعنا هناك".
وأزاحت توني اللحاف ونهضت عن السرير , وكانت لا تزال تلبس بذلتها المصنوعة من التويد , ونظرت ألى حالة ملابسها , وحاولت أن تسويها في قلق وتقدم غراي خطوتين عبر الغرفة , وقال في حزم :
"لا تفعلي ذلك ! أنك تبدين وثيقة الشبه ب ميدج ....كانت تفعل هي أيضا ذلك... هل نخرج الآن ؟".
منتديات ليلاس
وحما حقائبها وهو يقول :
" هل من شيء نعمله قبل أن نخرج؟".
وأجابته :
" أنني جاهزة ".
ولاح لها أنه كان يبدي تلك الكراهية أتجاهها لأنها كانت تذكره بميدج وبكل شيء فقده ..... ودخلت غرفة الجلوس , وأطفأت نار الموقد والمصباح ونظرت لتطمئن ألى أن كل شيء في موضعه وتبعته تهبط الدرج .
كانت السيارة طويلة وفاخرة ,وفتح لها الباب ووضع حقائبها في الخلف ثم جلس ألى عجلة القيادة , وحاولت توني أن تثبت حزام الأمان حول وسطها فأخفقت , وقال لها :
" أتركيني أثبته حولك".
ومال أتجاهها ليثبت الحزام وأحست بالهلع وأسرع نبضها , ولكن لم تتلكأ يداه هذه المرة , وقال :
" مضبوط ؟ حسنا !سوف نرجع ألى المدينة أذ عليّ زيارة المصنع أولا وبعدها نأخذ الطريق العمومي".
لم تكن توني قد ركبت من قبل سيارة شبيهة بتلك السيارة التي أخذت تنساب في شوارع ضواحي لندن , وفكرت أنها كان يمكن أن تستمتع بتلك الرحلة لو كان الوقت مختلفا وفي صحبة أخرى.
ورفعت بصرها أتجاهه , كان يبدو متغطرسا ساخرا يبعث الردهة فيمن ينظر أليه , له جاذبية رجل قوي , وتخيّلت كم من النساء الثريات جذبتهن تلك المغناطيسية , ولم تكن تحسدهن على ذلك , فقد كان حلمها بالحب شيئا يختلف تماما .... كانت تحلم بفلاح أو مزارع فواكه له شعر أشقر وعينان زرقاوان وفم يبتسم دائما ........شخص مثل أدريان الذي رحل ألى أستراليا مع أسرته ..... كان الشاب الوحيد في حياتها لسنوات طويلة وعندما رحل أحست بشيء من أنكسار القلب وأن كانت القلوب لا تنكسر في سن السابعة عشرة ..... ولم يكن هناك منذ ذلك الوقت شخص لمس قلبها , كان أدريان يرعى الغنم وكتب لها مرة أو أثنتين وأرسل لها صورة فوتوغرافية له وهو يمسك بحصان أسود رشيق , كان يبدو في الصورة شابا كادحا وكانت تحلم باليوم الذي يبعث لها فيه كي تلحق به وتتزوجه ولكن أباها مرض وأمها تكدح طوال النهار في أحواض الخضر بالحديقة وألى منتصف الليل على ماكينة الخياطة والتطريز لتكسب خبزهم , وحتى لو أسل أليها أدريان فما كانت تستطيع الذهاب.

نيو فراولة 02-10-10 10:50 AM

وأنقطعت الرسائل بعد فترة , ونسلمت أمها في السنة الماضية رسالة من والدة أدريان تخبرها فيها بزواجه , وحزنت توني وأحسّت بالضياع نسيت الموضوع ولكن صورة أدريان بقيت بشكل غريب أمير الأحلام.......
وألقى غراي لورنس عليها نظرة سريعة قائلا:
" أنت بخير ؟ لن يغمى عليك من جديد؟".
وأستجمعت قواها وقالت:
" بخير تام , أشكرك!".
وبدأت السيارة تشق طريقها في الشوارع الضيقة خلف طريق الكنيسة البيضاء , ثم توقفت أمام باب خشبي قديم لا يحمل أية علامة مميزة , قال غراي :
" ينبغي أن تأتي معي......... لا أستطيع أن أتركك وحدك!".
وقالت في سذاجة :
"لماذا؟".
وأجاب :
" يمكن أن تحدث أحداث غريبة للسيارة في مثل هذا المكان".
" ولكن أذا كان هناك شخص ما بالسيارة فأن شيئا لن يحدث".
منتديات ليلاس
ونظر أليها نظرة عابسة , وقال :
" أذا كان من ينتظر بالسيارة مثلك فمن المؤكد أن يقع ما أخشاه ...هيّا !".
وهزت كتفيها , وأطاعت , وأحكم أغلاق السيارة وسار أمامها وصعد درجا قديما ألى غرفة قديمة بالية وتبعته تونيوهي تنظر حولها في أهتمام ........ أذا هذا هو المصنع الخاص بشركة وارينز , المكان الذي صنعت فيه الدبابيس اللامعة والخواتم التي رأتها في بوند ستريت , وفي ضوء المصباح الوحيد رأت الأرض الخشبية العارية وصفا من المناضد على ثلاثة جوانب من الغرفة كل منها ينعزل عن الآخر بواسطة حواجز , أما على الجانب الرابع من الحجرة فكان هناك معدات أثقل , ضخمة , تقبع في الظلال ,وتحت الضوء جلس الشخص الوحيد الذي يشغل الغرفة ونهض فور دخولهما ,كان متوسط العمر يميل ألى السمنة له شعر خفيف يلبس مريلة بيضاء سميكة.
وعبر غراي الغرفة أتجاهه قائلا :
" أهلا يا جو ...... آمل ألا أكون حرمتك من المشاركة في تزيين شجرة عيد الميلاد لأطفالك!".
" أهلا سيد غراي ...... أنني أترك هذا اللهو لزوجتي , وكان لا بد أن أنهي كل شيء , أتصل بس السيد بنيامين وأخبرني أنك آت لتأخذ معك بعض الأنتاج ".
وفتح درجا وناول غراي طردا صغيرا صغيرا وضعه بعناية في جيبه الداخلي وسأل جو قائلا:
"ألم يقل السيد بنيامين شيئا عن سبب رغبته في هذه القطعة الثمينة في البيت؟".
" لا لم يذكر يا سيد غراي".
ونظر جو عبر كتفي غراي ألى حيث كانت توني تقف وقال :
"أستميحك عذرا يا آنسة ! فالواقع أنني لم أرك!".
ونظر غراي حوله وقال :
"نسيت أن أقدمكما ... أنطونيا !هذا هو جو لايتمر الذي يعرف كل شيء عن أسرار صناعة المجوهرات والذي يعرف كل شيء عن أسرار صناعة المجوهرات والذي له الفضل في أن تقف شركة وارينز على قدميها , وهذه هي الآنسة وارين يا جو حفيدة أخ السيد بنيامين وهي تمضي عيد الميلاد معنا".
ومدت توني يدها لتصافح جو الذي كان يبدو حرفيا من الطراز الأول .
وأخذ جو لايتمر يدها وهو لا يصدق عينيه وألتفت ألى غراي قائلا :
" لا أكاد أصدق يا سيد غراي أنها تبدو كما لو كانت.........".
" كما لو كانت زوجتي عادت عادت ألى الحياة! نعم يا جو أعرف ذلك ".
وأرتبك جو قائلا:
" آسف يا سيد غراي ... لم يكن لباقة منني أن أقول ذلك , ولكنني أخذت بالمفاجأة ..... آسف !".
" لا تشغل بالك يا جو شعرنا جميعا بالأحساس نفسه , ولكننا بدأنا نعتاد عليه ..... أليس كذلك يا أنطونيا ؟".
كانت نظرته أليها خبيثة ألى حد ما ولم تجب وأتجهت ألى منضدة العمل أسفل المصباح الوحيد حيث جلس جو , تدقق النظر في الطاولات الصغيرة وفي الأدوات التي تتدلى من الرفوف المثبتة على الحواجز ..... مطارق ومبارد ومناشر ومطارق خشبية وأشياء أخرى ...... كان كل شيء بحجم صغير وقالت :
" أنه شيء يبهر البصر! وهل كل الأشياء الجميلة التي رأيتها في بوند ستريت صنعت هنا؟".
وأجاب جو :
" كلها صنعت هنا يا آنسة ..... صنعناها بأنفسنا ... ما عدا الساعات فهي تأتي من سويسرا ..... هل تريدين ألقاء نظرة على هذه يا آنسة وارين ؟ لقد وصلتنا اليوم فقط".
ولكن غراي تقدم ألى دائرة الضوء حول المنضدة , وقال :
" آسف يا جو لنؤجل ذلك ألى زيارة ثانية فأمامنا رحلة طويلة".
منتديات ليلاس
وأسرع جو يقول :
" طبعا يا سيد غراي , لم أنتبه لذلك , وربما أحضرت الآنسة وارين مرة أخرى , هذا أذا كنت تحبين أن تري ما نصنعه هنا يا آنسة!".
" الواقع أنني أحب ذلك بالفعل ".
وغادرا لندن سالكين الطريق العمومي للسيارات , وقد ركز غراي أهتمامه على القيادة , وكان المرور في ليلة عيد الميلاد مزدحما والمطر ينهمر .
وجلست توني على مقعدها في السيارة في أسترخاء كامل , ربما كانت تود أن تسأل عن طول الرحلة وعن الزمن الذي قد تستغرقه ولكن الرجل لم يكن يظهر أي رغبة في الكلام , وركزت بصرها على الطريق وكانت أضواء السيارات المقبلة من الأتجاه المضاد تخطف البصر ثم تختفي , وأستسلمت للنوم , وعندما فتحت عينيها وجدت أنهما كانا تركا طريق السيارات , وأخذا يقودان في بطء أكثر على طول طريق ضيق يهبط ويرتفع ويدور ويتلوى , وجلست تجيل النظر.........

نيو فراولة 02-10-10 03:31 PM

وجاء صوت غراي عبر الظلام الذي يغلفها يقول :
" هل نمت جيدا؟".
وقالت في تثاقل :
" نعم , أشكرك".
وسألها قائلا :
" ما الذي كنت تفعلينه في الأيام الأخيرة مما أضعف صحتك ألى هذا الحد؟ هل كنت تأرقين طوال الليل ؟".
وأجابته في حيرة:
"تلميحاتك غير موفقة يا سيد لورنس أذا كنت حقا تريد أن تعرف كنت مرهقة طوال الأسبوعين الماضيين بعد أن تغيب نصف الموظفين بسبب الأنفلوانزا .....".
ووقفت السيارة فجأة بصوت يدل على أنها غاصت في الماء وأصطدمت توني بحزام الأمان من أثر الوقوف المفاجىء , وسمعت غراي يدمدم قائلا:
" يا للعنة ! كان ينبغي أن أعمل حسابا لهذا........".
منتديات ليلاس
وأنتصبت في جلستها وأخذت تحدق ألى الأمام , كان الجو شديد القتامة وأدركت أن الأضواء الأمامية للسيارة أطفئت ونظرت خلال النوافذ الجانبية , ورأت السيارة محاطة بالماء من من كل جانب وألى جانبها غراي يتحرك في عصبية قائلا :
"هذا الشارع اللعين , سبق أن أغرقته المياه من قبل , كيف لم أنتبه لذلك ؟".
وقررت أن تثأر لنفسها فقالت :
" كنت مشغولا بمضايقتي ولم تنتبه للقيادة!".
وسمعته ينشق نفسا عميقا ويقول في مرارة :
" يا ألهي أن طريقتك في الحديث تشبه طريقتها تماما ...... أخشى أن أنسى في يوم من الأيام أنني لست زوجك!".
وأحست بأنه من الخطورة أن تدخل في مبارزة لفظية مع رجل مثل غراي لورنس , وحاولت أن تبتعد عنه في الظلام بأقصى ما تستطيع وأحست بحزام الأمان يضغط عليها , وقال لها في صوت جاف :
" لا تقلقي فالمكان والزمان ليسا ملائمين".
وأسترخت بعض الشيء وسمعته يقهقه في الظلام قائلا :
" أنك لا تثقين بي ! هل تثقين بي فعلا ؟".
وأجابت على عجل :
"وهل أنت جدير بالثقة ؟".
وقال في أقتضاب :
" من المحتمل أنني لست كذلك".
وأدركت أنه يتحسس جيبه وقال لها :
"سيكارة ؟".
" لا! شكرا , لا أدخن!".
وأحاطت بهما سحابة من الدخان حاول أن يزيحها بيده قائلا:
" آسف , أنها عادة سيئة ولكنني أحتاج أليها في بعض الأحيان ".
وصار يدخن لدقيقة أو دقيقتين , ثم قال في حدة :
" والآن ألى العمل , لنستطلع ما قد يصير أليه حالنا ؟ أنظري في درج القفازات أعتقد هناك مصباح ببطارية هناك".
ووجدته وناولته أياه , وأخذت تنتظر بينما أخذ ينظر ألى التابلوه وأدار المفاتيح الضوئية دونما أستجابة.
وفتح الباب المجاور له وأطل ألى الخارج , كان هناك صوت متدفق أسفل السيارة وأغلق الباب بعنف وقال :
" الأمل ضعيف , تسرب الماء ألى المحرك , وأعتقد أن الدائرة الكهربائية تعطلت تماما ".
" وأين نحن الآن ؟ ما طول المسافة بيننا وبين منزل العم بنيامين؟".
" حوالي ميلين ,ونحن الآن في شارع يمتد صعدا ألى الطريق البيضاء وألى عدد من الأكواخ الخشبية ومن غير المحتمل أن تمر أية سيارة بهذا الطريق في ليلة مثل هذه لأن الناس على الأغلب يعرفون أن النهر يفيض ويبقون في بيوتهم ".
" ولكن – ألا يخطر للعم بنيامين أن سيارتنا قد تجنح؟".
منتديات ليلاس
" من المحتمل أن يخطر له ذلك آخر ألأمر ..... وسوف تصل جماعة الأنقاذ , طال بنا الوقت أم قصر , ولكن قد يتأخر ذلك , قطعنا المسافة من لندن ألى هنا في وقت قصير ولا أعتقد أنه خطر لهم أن يفكروا فينا بعد , وأذا لم نستطع أن نخرج أنفسنا بأنفسنا فسيكون علينا أن نجلس ونرتعش في ليلة عيد الميلاد".
" أليس بأمكاننا أن نخرج ونسير ما بقي من الطريق؟".
" نسير ؟ وهل أنت مستعدة للسير مسافة ميلين في ليلة مثل هذه ؟ أعتقد أن أفضل شيء هو أن أتركك هنا وأسير أنا ألى المنزل ثم أحضر معي سيارة من هناك لآخذك وسأعود في أقل من ساعة".
وقالت :
" أتفقنا.....".
" لا يعقل أن أجعلك تتكبدين السير وتتعرضين للبلل وللأصابة بالألتهاب الرئوي , وما دمت لا ترغبين في البقاء وحدك فسوف نبقى معا وكأطفال الغابة سوف نوفر لأنفسنا الراحة بأقصى ما يمكن ".
وأنحنى ألى الخلف , وجذب سجادة سميكة ناعمة عن المقعد الخلفي غطى بها ساقي توني وساقيه , وحلّ حزام الأمان وأقترب منها وأحكم السجادة حولهما ثم مد ذراعه وأطفأ مصباح البطارية وأحتواهما الظلام من جديد.

نيو فراولة 02-10-10 03:47 PM

وأحست بصوته يأتي من مكان ما فوق رأسها يسألها :
" هل تشعرين بالراحة؟".
واخذ قلبها يخفق وجف فمها ولم تستطع أن تحر جوابا وأومأت برأسها في الظلام علامة الموافقة , وقال في لهجة حازمة :
" حسنا .... والآن يمكنك أن تنامي من جديد فقد نضطر ألى الأنتظار بعض الوقت قبل أن يرسلوا من يبحث عنا , ولا أحب أن أسترسل في أحاديث تافهة ".
منتديات ليلاس
كيف تنام وجسمها يتصلب من شعور لم تعهده من قبل؟ مجرد تواجدها مع شخص غريب في تجاوز مكاني وفي تلك الظروف ربما لا يسبب له أي أرتباك ولكنه يؤثر فيها بطريقة لا تطاق , وجلست متصلبة تضغط نفسها بأقصى ما تسطيع على المساحة المخصصة لها من الكرسي وأنفاسها تلهث في غير أنتظام , لم تكن تعرف كم من الوقت تستطيع أن تجلس هكذا , ولكنه بعد دقائق قليلة تحرك قائلا:
" ماذا جرى لك يا فتاتي؟ أهدأي . ألا تستطيعين ذلك ؟ أنا لست أنسانا فاسقا , أنا مثلك تماما غير راض عن الوضع الذي نحن فيه ولكننا سنظل حبيسين حتى يلوح شخص ينقذنا , علينا أن نتقبل وضعنا وأؤكد لك أنني أسيطر تماما على نزعاتي الفطرية في الوقت الحاضر ".
وأنكمشت في مقعدها , وحاولت أن تريح رأسها في جبهته ثم حولته ألى جهة أخرى , ووجدت أن رأسها يميل في تثاقل قلق , أسندته ألى أفريز النافذة , ولكن ذلك كان أسوأ حالا أذ كان رابدا وصلبا , ولم يبد غراي حراكا خلال ذلك , وأحست بأشعاع دفئه ومست يدها قمش سترته الناعم وكان كتفه محاذيا لوجنتها , وخطر لها حسنا ولم لا؟ وتركت رأسها يميل أتجاهه , وقال في صوت يعبر عن الأمر الواقع .
" هكذا أكثر تعقلا ! والآن أستغرقي في نومك من جديد , أنك فتاة مطيعة ".
وأحسّت بالدفء والنعاس وألقت عينيها , وأستغرقت في حالة بين اليقظة والنوم , في منتهى السعادة بدرجة لم تألفها .
ولم تدر كم من الوقت مر عليها – خمس دقائق أم خمس ساعات – بعد ذلك عندما أيقظها صوت غراي وهو يقول :
" ها نحن أخيرا , وصل فريق الأنقاذ ".
وفتحت توني عينيها ورفعت رأسها لتجد أضواء مبهرة تتجه مباشرة ألى السيارة التي يقبعان فيها وكان غراي لا يزال يحيطها بذراعه يمسك بها في قوة , وأنحنى ليفتح النافذة المجاورة لها وهو يقول:
" من أنتم؟".
وجاءه صوت من السيارة الأخرى التي وقفت على حافة مياه الفيضان يرد قائلا :
" هذا أنا يا غراي ! أنا دومينيك , هل بأمكانك أن تخرج فتخوض في الماء أم نجر سيارتك ؟".
منتديات ليلاس
" أنتظر! سأكون عندك.........".
وأنتصب غراي في مقعده وتمتم في لهجة ساخرة يوجه الكلام ألى توني :
" أنك في أمان تام الآن يا عزيزتي!".

lomboks 02-10-10 03:55 PM

وين باقي الرواية الجميلة :8_4_134:

نيو فراولة 03-10-10 11:10 AM

4- الهدية

وقالت السيدة وارين وهي ترفع صينية العشاء لتضعها على خزانة الملابس :
" أحسست بالقلق عليك تماما يا حبيبتي برغم أن بنيامين أكد لي أنك كنت في مأمن تام مع السيد لورنس , وأقترح هذا الشاب دومنيك أن يخرج ليستطلع أخباركما- هل أحضر لك مزيدا من الطعام؟".
كانتا تجلسان في غرفة النوم المخصصة لتوني بعد أن صمم العم بنيامين على أن تأوي ألى الفراش وكان قد رحب بها قائلا:
" يبدو على أثر الأرهاق يا أنطونيا ..... أخلدي ألى الراحة لتتمكني من المشاركة في الأحتفالات غدا".
منتديات ليلاس
وشكرته توني وكان آخر ما يخطر لها أن تجد نفسها في صحبة غراي لورنس بعد ذلك , فلقد لقيت منه ما يكفي ......... منذ أن صعد الدرج وكاد يصطدم بها وهي تلبس رداء الحمام الرقيق منذ أربع ساعات فقط بدت كأربعة أيام حافلة بالأحداث .... ولكن كان عليها أن تنسى ذلك .
وألتفتت ألى أمها التي كانت تعلق ملابسها في الخزانة المبنية في الحائط تقول :
"ضعيني في الصورة يا أمي ...... هل هناك آخرون يعيشون هنا؟ ومن هو دومنيك هذا الذي خرج يبحث عنا ؟".
كان غراي قد فتح باب السيارة وخاض ألى ركبتيه في الماء ثم أنحنى وحملها بعيدا عن البلل ثم ركبا سيارة لاندوفر نقلتهما ألى البيت , ولم يكن هناك مجال عندئذ للتعارف وبعدها عاد الرجلان ألى السيارة المحاصرة.
وقالت أمها :
" لا يوجد سوانا يا عزيزتي .. لكننا سنكون ستة أشخاص على العشاء غدا , بنيامين وأنت وأنا السيد لورنس ودومنيك فتش وأخته آن , ودومنيك هو مدير المزرعة ويسكن مع أخته في الأكواخ القريبة , لم أقابل أخته بعد وهي تعمل معلمة في المدرسة القريبة , أنه شخص جذاب يذكرني بشخص عرفته يوما ما لا أتذكر أسمه الآن ".
وأبتسمت توني أذ لم تضيع أمها وقتا في التعرف ألى الموجودين وتمنت لو كانت لها القدرة نفسها على كسب الصداقات , وسألت في لهجة رقيقة:
" ولكن لماذا تعجلت الحضور وتركتني هكذا؟".
" أنني آسفة ! حدث كل شيء عفوا ...... سافر بنيامين هذا الصباح ألى برمنغهام وترك لسكرتيرته السيدة جينيز تدبير الأمر وأتصلت بي جينيز هذا الصباح لتخبرني أن مدبرة المنزل نقلت ألى المستشفى لأجراء عملية عاجلة , وأستأذنتني في الحضور مبكرة بعض الشيء لأعنى بشؤون المنزل لأن الخادمتين الصغيرتين جديدتان لم تتدربا على العمل وطمأنتني السكرتيرة ألى أن السائق سيحضرك في تمام السادسة والنصف ويبدو أنني لم أسمع جيدا لأن السائق كان مع بنيامين ...... آسفة يا عزيزتي فقد سببت لك بعض العناء ".
" لا داعي للأسف .... فقد كنت مشغولة , وأنتظرت السائق ولكن جاءني ذلك السيد لورنس!".
ونظرت أليها أمها نظرة حادة , وسألتها :
" ما الخبر يا عزيزتي ؟ ألا تحبين السيد لورنس؟".
" لا! لا أحبه.... أنه أبغض رجل رأيته".
وأنحنت السيدة وارين , وأخذت تربت على أبنتها في أسترخاء :
" لا تتسرعي في الحكم يا عزيزتي! حدثني بنيامين عن السيد لورنس .......... كان زوج حفيدته .... التي قتلت في ذلك الحادث و.....".
" أعرف! شبيهتي على ما يبدو أن كل من يعرفها لا يصدق عينيه عندما يراني , أحس لو كنت شبحا ......".
وبدت الدهشة على السيدة وارين وقالت :
" لم أكن أعرف ذلك , ولعله يفسر , من الواضح أن لورنس كان يحب زوجته بدرجة كبيرة , ولقد تغير بعد وفاتها , كان فيما قبل شخصا أيجابيا , كما يقول بنيامين , ولكنه الآن صار شخصا معقدا وساخرا بل وعصبيا , هذا يقلق بنيامين كثيرا وخاصة أنه يعتمد عليه في العمل , بعد أن أحس بالكبر ويريد أن تمضي الأمور في يسر ".
ونهضت وقالت :
" والآن , نامي وأستريحي ليكون يومنا غدا يوما بهيجا ".
وتنهدت جذلة ,وقالت :
" تخيلي أننا نمضي عيد الميلاد في منزل جميل كهذا ......... أحب أن تتجولي في أرجائه ".
وأنحنت وقبّلتها قائلة :
" أسعدت مساء يا حبيبتي , أحس أن فصلا جديدا يبدأ في حياتنا".
وأبتسمت أمها وأنصرفت .
منتديات ليلاس
وجلست توني في الفراش وأستندت ألى غطاء الوسادة المطرز , وأخذ بصرها يتجول في الغرفة بأمعان , غرفة صغيرة مؤثثة أثاثا بسيطا , ولكن كل شيء ينبىء بالثراء , جدران خضراء تتناغم مع ستائر مزخرفة وفرش سرير يزدان بنقوش زهور البنفسج والسوسن والخشب الذي صنع منه المكتب وخزانة الملابس والأبواب المنزلقة والسقف المرتفع والسجاد الفخم على الأرضية , وقع بصرها على وعاء البسكويت المصنوع من الخزف النفيس على النضد الجانبي وعلى الترموس بجانبه وعلى كومة المجلات الصقيلة والمزهرية البيضاء الصغيرة المزدانة بنتوءات صغيرة..
لم يكن قد مضى على وجود أمها في المكان ألا ساعات قليلة ومع ذلك حدث تغيير كبير في سلوكها وبدت عليها مظاهر الثقة بالنفس في شيء من الأبتهاج , وكانت تتصرف كأنها المضيفة وأنها أعتادت هذا النمط من الحياة المترفة طوال حياتها , وخشيت توني ألا ترضى أمها بعد ذلك بحياتها في مسكنهما المتواضع بحي هورنس , وتنهدت وحاولت أن تنسى , كانت منهمكة تماما , وأطفأت المصباح , وسكنت ألى الفراش الوثير , وأستغرقت في النوم خلال لحظات , وأستيقظت لترى فتاة في الرابعة عشرة من عمرها تميل ألى الطول قليلة الخبرة , تلبس مريلة زرقاء من النايلون , كانت ترفع الستائر , وتسللت شمس الشتاء الباهتة ألى الغرفة من خلال أغصان شجرة جرداء خارج النافذة ونظرت بعينين طارفتين ودفعت بشعرها الذهبي ألى مؤخرة عنقها وجلست وقالت :
" أهلا! من أنت؟".
وأستدارت الفتاة في أبتسامة عريضة , وقالت :
" أنا شيرلي , أحضرت لك الفطور , وتعتذر السيدة وارين عن عدم مجيئها الآن فهي تحشو الديك الرومي وتنتظرك عندما تكملين أستعدادك ولكن لا تتعجلي!".
وأتجهت شيرلي ألى الباب بعد أن أبلغت الرسالة , ثم توقفت لتقول :
" أتمنى أن يكون لشعري لون شعرك , أنك تشبهين الصورة الفوتوغرافية التي في غرفة الجلوس , وكنت أظن أن المصور أعطى الشعر ذلك اللون , ولكنني أراه الآن بعيني لونا طبيعيا ".
وخرجت وأغلقت الباب خلفها.

نيو فراولة 03-10-10 11:25 AM




كانت صينية الأفطار على الطاولة المجاورة للسرير ورفعتها توني على ركبتيها , وأحست بشيء من الأرتياح عندما رأت ألوان الطعام, كمية كبيرة من التوست , وشرائح من الزبدة الطبيعية , بيضة كبيرة مقلية وطبق من المربى ثبتت عليه بطاقة كتب عليها :
" عيد ميلاد سعيد يا حبيبتي , أخلص التمنيات طوال العمر ".
كانت البطاقة بخط أمها , وأبتسمت توني , وسكبت لنفسها بعض القهوة .... لتستمتع بأيام قليلة من السعادة ما دامت قد وافقت على الحضور , ولكنها ينبغي أن تتجنب غراي لورنس قدر ما تستطيع لتوفر لكليهما الهدوء , عندما توصلت ألى هذا القرار الحكيم أطمأنت , وبدأت تتناول الفطور في رضى كامل .
وبعد أن أفرغت آخر نقطة من القهوة نهضت لتنظر من النافذة و لم تكن قد تعرفت على المنزل في الليلة الماضية وكان أنطباعها أنه منزل دافىء مريح تتوهج في ردهته نار المدفأة حيث كان بنيامين يجلس في الليلة السابقة على كرسي مزين بقماش قطني مطبوع , وأخذت تنظر الآن ألى المرج الأخضر الممتد , وأحواض الزهور الجرداء التي تنتظر فصل الربيع وتبينت أن مبنى الطرق البيضاء كان أحد المنازل القديمة في غلوشستر , قرأت عنه في يوم من الأيام في المجلات , يرجع تاريخه ألى أيام كانت تجارة الصوف تتركز في تلك المنطقة حيث ترى أغنام كوتزولد بكثرة على المزارع الممتدة , وبدت بعض الأغنام تنتشر على التلال الممتدة وراء الحديقة وظنت أن تلك كانت المزرعة التي تحدثت عنها أمها في الليلة السابقة والتي يديرها الشاب الذي أسرع لنجدتهم دومنيك وسوف تتناول العشاء معه وأخته في ذلك المساء ,وخطر لها أنه شيء جميل أن يتواجد أناس كثيرون منهم عازلا بينها وبين لورنس , وأنصرف بصرها عن المنظر الممتد خارج النافذة للحظة , ورأت من جديد شبح غراي لورنس بقامته الفارعة وشخصيته الساخرة المتسكعة تنظران في عينيها في تحد وكبرياء ..... وأحست برعشة بسيطة , وأتجهت ألى الحمام الملحق بغرفتها .
منتديات ليلاس
وأتجهت ألى الطابق الأرضي بعد ذلك بنصف ساعة ترتدي فستانها الجديد بلون القرفة الغامق والذي ينسجم تماما مع لون شعرها , وعندما وصلت ألى الدرج السفلي للسلم العريض المصنوع من خشب البلوط توقفت لتتفحص الردهة السفلية , وأدركت أن المنزل كان يشبه أحدى الصور التي تعرضها المجلات المصقولة , لم تكن الردهة ضخمة ولكن بدا كل شيء كأنه أكمل ما يكون من وعه , وأحسّت بأنها بحاجة ألى أن تعرف شيئا عن تاريخ صناعة الأثاث ,وسمعت صوتا يقول :
" أهلا , لا بد أنك أنطونيا ؟".
وأستدارت لترى شابا يقف عند المدخل خلفها يبتسم , كان أشقر البشرة يلبس بنطلون ركوب الخيل وسويتر من الصوف , وواصل يقول :
" أنك تبدين كأنك لوحة زيتية , أهبطي الدرج وأتيحي لي الفرصة لأقدم نفسي , لقد تقابلنا في الليلة الماضية ولكن في غمرة الفيضان وكنت في حالة سيئة".
وهبطت ما بقي من الدرج ومدت يدها تصافحه , وقال :
" أنا دومينيك فتش , فلاح وجنتلمان.......".
وأمسك يدها بكلتا يديه ونظر في حدة ألى وجهها وهو رأسه في عجب :
" أخبروني أنك صورة طبق الأصل عن المسكينة ميدج . ولكن يا لله! هذا شيء سخيف . لا تشغلك تلك الفكرة فأنك شيء آخر".
ردت له الأبتسامة وعرفت من هو الشخص الذي كانت أمها تعتقد أنه شبيهه .. كان من نفس طراز أدريان الذي رحل ألى أستراليا ,وأحست نحوه بعاطفة , وقالت:
" أشكرك على هذه الكلمات اللطيفة , أنني أشعر بالضيق عندما يحدق في كل شخص كما لو كان رأى شبحا .......".
وواصل يقول :
" أنت لست شبحا ".
وأطلق يدها على كره منه , وقال :
" هل أحتملت مغامرة الليلة السابقة ؟ قال غراي أنكما بقيتما هناك حوالي ساعة أو أكثر قبل أن أحضر لنجدتكما ".
وأحست بحرارة تسري في وجنتيها عندما تذكرت ما حدث على مرأى منه , وقالت :
" حقا ؟ لا أستطيع أن أقدّر الوقت فلقد فضلت أن أنام حتى تصل النجدة ".
وعلق قائلا :
" كان ذلك خيرا ..... فلقد خذلت غراي ..... وهو يستحق ذلك ...... أنه يعتقد أن أغراءه للنساء لا يقاوم ".
وسألته :
" وماذا حدث للسيارة؟".
" ما زالت هناك في حدود معلوماتي , كان من العبث أن نحاول سحبها في الظلام ولذلك أكتفينا بأخطار الشرطة بمكانها , وقد وضعت عددا من الفوانيس الحمراء على الطريق , يا لسؤ حظ غراي ! فالسيارة جديدة لم يمض على شرائها أشهر قليلة ولا بد أنه تأثرا كثيرا ".
وأبتسم للمرة الثانية أبتسامة عريضة , وأحست بشيء من الحقد في صوته وهو يواصل :
" ومع ذلك فهو الذي خاض بها في الماء..... أنه لا يلوم ألا نفسه !".

نيو فراولة 03-10-10 09:25 PM

وحول الحديث قائلا:
" أذن حضرت لتمضية عيد الميلاد في هذا المستنقع ؟ لم يكن على لسان بنامين سواك خلال الأسبوعين الماضيين , أنه يحب العائلة بطبعه لكنه ظل يعيش وحيدا حتى ظهرت حادثة ميدج حطمت قلبه لفترة طويلة ".
" هل كنت تعرفها؟".
منتديات ليلاس
" بالطبع , كل منا كان يعرفها , كانت سيدة بالفعل ".
وأرادت توني أن تعرف المزيد عن أبنة العم فقالت :
" كانت حادثة , وكانت تقود بنفسها؟".
وأومأ دومنيك :
" نعم!".
وسمع صوت حاد ينادي أسمه من أعلى الدرج , فنظرا ألى أعلى ورأيا غراي بوجهه القاتم هناك , وأحست توني بشيء من الأرتباك ,ولكن دومنيك أبتسم قائلا:
" أهلا ...... أيتها الشمس المشرقة , عيد ميلاد سعيد".
وهبط غراي الدرج أتجاههما , ووقف ينظر أليهما في برود ثم ركز بصره على دومنيك يقول :
" أين كنت ؟ بنيامين ينتظر أن تقدم أليه التقرير ".
وأرتفع حاجبا دومنيك في حركة مضحكة , وقال :
"يا عزيزي ! يا عزيزي! هل أنا حيوان مربوط ؟ الأفضل أن أصعد لألوذ بالأمان , سأراك فيما بعد يا حبيبتي ".
ولمس كتف توني في خفة , وصعد الدرج مسرعا , ووقف غراي هناك ينظر ألى توني بصمت , ولما لم تستطع أحتمال الموقف لفترة أطول , قالت :
"عيد ميلاد سعيد يا سيد لورنس ".
ودهشت أذ رأته يبتسم أبتسامة حقيقية دونما سخرية وخمنت أنها لا بد أن تكون بركة عيد الميلاد , وقال :
" وعيد ميلاد سعيد لك يا أنطونيا , هل تحسنت بعد محنة الأمس؟".
" ن..... نعم ....... أشكرك .... لم تكن محنة حقيقية فلقد تم أنقاذنا في وقت قصير ".
" قصير جدا بالنسبة أليك ؟ هل كنت تودين أن يطول ذلك الموقف الشاعري ؟ قد نكرر المشهد يوما ما بشرط ألا تغرق سيارتي أثناء ذلك".
وتجاهلت طريقته الساخرة وقالت :
" آسفة لما حدث للسيارة , وآمل ألا يكون التلف كبيرا ".
وهز كتفيه , قائلا:
" أعتقد أنها ستبقى صالحة للعمل".
وحاول أن يغير مجرى الحديث , قائلا:
" أخشى أن أكون قد قطعت حديثا وديا بينك وبين الصديق دومنيك , لقد تصادقتما سريعا".
وأحمرت وجنتاها خشية أن يكون قد سمع ما دار بينهما من حديث أو على الأقل الجزء الأخير منه , وقال :
" نعم سمعت بالفعل ما تتحدثان عنه ولا ألومك بالطبع ولكني أكون ممتنا أذا سألتني أي سؤال تودين عن المرحومة زوجتي ".
وأحست بأنه صفعها على وجهها ولم يعطها الفرصة لتجيب , وقال في أجب :
" هل قام أحد بتعريفك بالمنزل؟".
وأجابت :
" لا! ليس بعد, نزلت منذ وقت قصير بعد أن تناولت فطوري في الفراش , لم أتعود مثل هذا الترف".
" سوف تتعودين على كل شيء في وقت قصير , بأي شيء نبدأ؟".
كانت تود أن تقول : من أي مكان , بعيدا عن تلميحاتك الفظيعة الساخرة ولكنها قالت :
" عرفت أن أمي مشغولة في المطبخ وبوسعي أن أساعدها ولكنني لا أعرف أين المطبخ؟".
" لا تشغلي نفسك بذلك ! فأن زيك لا يناسب العمل أمام الموقد الساخن , أنه زي جميل.........".
وأضاف في أبتسامةة ساخرة :
" المظاهر خادعة حقا!".
وأحست توني بأنه ضايقها بما فيه الكفاية , وأعتراها الغضب قائلة:
" أسمع يا سيد لورنس ! ربما كانت لديك أسباب تجعلك تعاملني بهذه الطريقة , ربما تجد سرورا في أن تهاجمني وتهينني , ولكنني غير راضية على الأطلاق عن ذلك".
ورفع حاجبيه قائلا:
" أهينك؟ أنك تسيئين الظن بي....... أنني لا أحاول بتاتا أن أهينك , أرجو أن تكوني تعنين بذلك أنك لا تعرفين قواعد اللعبة ؟".
منتديات ليلاس
" أي لعبة ؟".
" هناك لعبة واحدة يمكن أن تكون بين أي رجل وفتاة ".
" حسنا.... أنني لا قواعد اللعبة , وفي قرارة نفسي أنا فتاة ريفية ألم أقل لك ذلك؟ بل أنني لا أريد أن أتعلم تلك القواعد ".
وأبتسم وهو لا يكاد يصدق , وقال :
" ولكن لا تنتظري مني أن أصدق ذلك , ليس من فتاة مثلك!".
وردت عليه في تحد :
" وأي فتاة أنا ؟".
وتغيرت ملامح وجهه فجأة بطريقة مخيفة , وذهبت السخرية الرقيقة لتحل محلها الصلابة وقال :
"أنك تتعلمين سريعا يا آنسة أنطونيا وارين , هيا , سأطوف بك البيت".
وأمسك بمرفقها وقادها عبر الردهة , وظلت للحظة تفكر كيف تجذب ذراعها بعيدا , ولكن أصابعه كانت كالفولاذ من خلال نسيج كمها .

dalia cool 03-10-10 09:41 PM

يعطيكي العافية امل

نيو فراولة 03-10-10 10:00 PM

كانت رحلة التعريف بالبيت شيئا مخيفا , فقد أخذ يفتح الأبواب المؤدية من الردهة واحدا بعد الآخر ويقول:
" هذه هي غرفة المكتب يستخدمها بنيامين كمكتب وخلوة , أما هذا الباب فيفتح على غرفة الصباح ووراءها المستنبت الزجاجي , وهذه غرفة الطعام , أما هذه الردهة فتؤدي ألى المطاعم وألى غرفة التقطير ".
وحاولت أن تخفف الجو فقالت :
" أشعر أنني أحترت تماما , بيتنا في ديفون بأجمعه يوازي غرفة واحدة من هذه الغرف".
منتديات ليلاس
وفتح الباب الأخير , وقال :
" وهذه هي غرفة الجلوس".
ووقفت تتفحص الغرفة الطويلة الفاخرة بأبوابها العريضة , وهنا كان الثراء الحقيقي يتمثل في السجادة والستائر والكراسي والأرائك , وفوق النوافذ الطويلة كانت نافذة مروحية غطيت بزجاج ملون بالألوان اللآليء الغامقة , وكانت هناك مناضد جانبية مطعمة بدقة وخزانات ذات واجهات مقوسة لها أبواب زجاجية تسمح برؤية التحف من الفضة والصيني , كانت هناك تحفة كريستال تتدلى من السقف تتلألأ كأنها خيوط العنكبوت طعمت بقطرات الندى , وشدها صوت غراي لورنس الجاف ألى الأرض من جديد وهو يقول :
" حسنا؟".
وعلقت في تعجب :
" أنها أجمل غرفة رأيتها في حياتي , لا يمكن الجلوس فيها بالتأكيد , أقصد ليس في مثل هذا اليوم أو العصر , أنها معرض يكفي منه المشاهدة".
ورفع حاجبيه القاتمين , وقال :
"هناك البعض ممن لا يأخذونها هكذا ... ... بل يعتبرونها جزءا متمما لشخصيتهم , ومرآة يرون فيها جمالهم الشخصي".
وتقدم عبر الغرفة ألى المدفأة العالية المصنوعة من المرمر وأمسك بصورة فوتوغرافية داخل برواز من الفضة , وقال في حدة:
"ها أنت هنا..... والآن هل تفهمين لماذا أثار ظهورك ما أثاره من أنطباعات ؟".
وأخذت منه الصورة , وأمسكت بها بين يدين ترتعدان ....... وحملقت فيها وأحست بأحساس غريب وهي تتفحص وجه المرآة التي ظن أن بينهما شبه كبير , الشعر الأحمر الذهبي البراق والبشرة الشقراء و القوام , وما تبقى ......... وهزت رأسها , وأعادت الصورة ألى غراي قائلة:
" لا أنكر وجه الشبه بالطبع! ولكنني لا أظن أنه يستحق تلك الأثارة , أن لها جمالا حقيقيا لا يوجد لديّ".
وأعاد البرواز الفضي ألى المدفأة وقال :
" أنك لا ترينه لأنك معتدة عليه , ترينه في المرآة , ولكن هل خطر لك أنك لا ترين نفسك أبدا كما يراك الآخرون؟ وأنك ترين نفسك فيما يسمونه قلب الصورة أما أذا وضعت صورتك ألى جوار هذه الصورة فسوف تقدرين ما أقول".
" هذا شيء فوق طاقتي , ومع ذلك أظن أنني لست على هذه الدرجة من الشبه ب........ميدج".
وعندما أستدارت وجدت أمها عند المدخل وقد علاها شيء من الخجل والسعادة, كانت تحمل بعض الأغصان الخضراء , وقالت :
" توني ......... حبيبتي ...... أنت هنا ؟ كنت أبحث عنك ؟ عيد ميلاد سعيد ولك يا سيد لورنس ".
وواصلت تقول :
" طلبت ألى البستاني أن يقطع هذه الأغصان , ولا أستطيع أن أدخل بها حتى لا يتساقط منها شيء على السجادة الجميلة في الردهة لأننا سنتناول عشاءنا هناك".
فجأة قال غراي :
" آسف , أنا مضطر للأستئذان".
وأومأ لهما وأنصرف من الغرفة.
وتنهدت السيدة وارين في سعادة وقالت :
" أنه رجل يثير الأهتمام ".
منتديات ليلاس
وأنفجرت توني تقول :
" أراك مستعدة لأمتداح الشيطان لو كان مقيما في قصر الطرق البيضاء ".
وألقت بحملها من الأغصان على أرض الردهة وقالت :
" ها هي يا عزيزتي , أذا جئت معي ألى المطبخ أريك مكان السلم , وتستطيعين أن تضعي بعض الأغصان حول الدرابزين , أنا واثقة أنك ستضعينها بطريقة جميلة".
وأتجهت ألى المطبخ , وتبعتها توني شاردة بفكرها- لولا ذلك الموقف السخيف من غراي لورنس لأستمتعت حقا بأقامتها في تلك الفترة ولكنها كانت تحس بالتوتر وبخوف لا تعرف مصدره كما لو كانت حياتها تتسرب رغما عنها .
وتخلصت من بعض قلقها وهي تزين الردهة وألقت بكتلة خشبية في النار وأختلط عطر خشب شجر التفاح بأريج خشب الصنوبر , كانت الردهة هادئة ألا من قرقعة الكتل الخشبية في الموقد تقطع الصمت بين حين وآخر , وصارت تقطع وتقص الأغصان وتصعد وتهبط على السلم تضعها حيثما أستطاعت , خلف قرون الوعل والسيوف القديمة المعلقة في أغمادها المصقولة بين أعمدة الدرابزين المنقوشة تتدلى من البهو فوقها بحبال وتضع أكليلا جميلا للساعة الأثرية العالية .

نيو فراولة 04-10-10 05:29 PM

ووجدت باقة من نبات طفيلي يقال له الهزل تحت كومة من الأغصان فأمسكت بها في حيرة , وعند ذاك جاء دومنيك فنش يهبط الدرج مسرعا وأخذ يحدق في أعجاب , وقال :
" جميل للغاية , أصبح القصر ينتمي ألى عصر ديكنز ,أين تضعين هذه الباقة الجميلة؟".
وأخذ منها باقة الهذل ورفعها ألى أعلى كأنه يستطلع المكان المناسب لها لها ,وقالت :
" ليس لها موضع هنا , سآخذها ألى المطبخ".
وبدا على وجهه الهلع وقال :
" كيف؟ هذه خسارة كبيرة , ينبغي أن نحافظ على التقاليد ".
وقبل أن تدرك توني ما كان يحدث , أمسك بالباقة عاليا وعانقها .
وفي تلك اللحظة بالذات أنفتح الباب الخارجي , ودخل لورنس ألى الردهة , ولم يبد على دومنيك أي أرتباك بل ألقى بالتحية وهو يقول :
" أننا نجرّب باقة الهذل أنها ممتازة".
وقدم الباقة ألى غراي في خبث قائلا:
" جربها بنفسك !".
ونظر غراي أليه نظرة صاعقة قائلا :
"يكفيني ما قلته فيها ".
منتديات ليلاس
قالها بأقتضاب وسار عبر الردهة :
" هيه ؟ أين ذهبت عنك بركة عيد الميلاد يا زميل السلاح؟ كانت أمامك الفرصة في السيارة ليلة أمس......... من المؤسف أنني حضرت على عجل أذ ذاك !".
وبلغ غراي باب غرفة المكتب وألتفت أليهما وهما يقفان ملتصقين بينما أخذ دومنيك يلوح بباقة الهذل بطريقة عارضة بيده اليسرى ودخل غراي الغرفة وأغلقها وهو يقول :
" أذهبا ألى الجحيم".
ونظر دومنيك ألى توني وقد أرتفع حاجباه الأشقران وقال :
" أنك ساحرة ! ولقد مسه الشيطان!".
وألقى بباقة الهذل على المنضدة , وقال :
" لا أود أن أتركك , ولكن لدي مهر ينبغي أن أعنى به .... ولديّ أعمال أخرى وسوف نلتقي في المساء مرة أخرى وسأحضر شقيقتي معي وأريد أن تقابليها , وأثق في أنكما ستتعارفان , هل تعرفين الوقت المحدد للأحتفال؟".
" قالت أمي أنه حوالي السادسة والنصف , أي مبكر قليلا , ولكنها تريد أن تتيح للخادمتين وقتا للتنظيف لتعودا ألى القرية في وقت مناسب".
وأبتسمت تواصل:
" أنها ولدت لتكون مديرة , أقصد أمي , فهي تحرص على المسائل الصغيرة مثل هذه..... وطالما أن مديرة المنزل في المستشفى فأنها تعنى بكل شيء في المطبخ , وهي تحب ذلك".
وأومأ دومينيك وقال :
" من حسن الحظ أنها هنا وألا لحرمنا فرحة مائدة عيد الميلاد ... تضايق بنيامين كثيرا عندما حملت السيدة بانتسون ألى المستشفى , وسعد كثيرا عندما وافقت أمك أن تقوم مقامها , لقد قابلتها مساء الأمس لفترة قصيرة وشعرت بأن لديها مقدرة كبيرة وهي لطيفة للغاية ".
وأبتسمت توني لأطرائه , وقالت :
" أنها طاهية من الدرجة الأولى كذلك".
ولعق شفتيه وقال :
" لا أستطيع أن أنتظر حين يحين موعد نصيبي من الديك الرومي .... أراك حوالي السادسة يا عزيزتي!".
وصارت ترقبه وهو يسير الردهة بخطوة الرشيق المتبختر وتذكرت أدريان للمرة الثانية ..... لم يكن بينهما وجه شبه كبير ولكن كان لهما خفة الدم والمرح نفسهما ورأت فيه ترياقا يشفي ما يحدثه غراي لورنس .
وهبط بنيامين الدرج بينما شرعت توني تزيح باقة الهذل خلف غصن من نبات الأيكلس بأطرافه الشائكة وزهرة الضارب ألى البياض كان يزين ساعة الحائط وسمعت وقع خطاه وألتفتت لتجده يقف خلفها يرقبها في سرور باد .
كان يلبس سترة من القطيفة الفرنسية والمونوكل يتدلى من شريط حول عنقه , أما شعره الأبيض وذقنه فكانا يدلان على الأناقة , وبدا لتوني أكثر مهابة , وأتجهت أليه في شيء من الأستحياء لتقدم له التهنئة بعيد الميلاد , وقال :
" وعيد ميلاد أكثر سعادة لك أنت أيضا يا عزيزتي ......".
وعانقها وهو يقول:
"أصفحي عن رجل عجوز يبدو عليه الكسل ويمضي فترة الصباح في فراشه هل تحسين بالراحة بعد ذلك العناء وبعد حادث السيارة المؤسف في الليلة الفائتة ؟".
وأكدت له توني أنها بحالة طيبة هذا الصباح , وأشار ألى الردهة , وقال :
"وهل هذا من صنعك؟ أنها مفاجأة سارة لغاية بالنسبة أليّ , أن أجد هذا المنظر الجميل في أستقبالي , لقد مضى زمن طويل لم يسعد الحظ منزلنا بمثل ذلك المظهر في عيد الميلاد منذ أن كانت زوجتي معي , ومضى على ذلك أكثر من عشرين سنة كان من عادتها أن تحضر الأغصان الخضراء من الحديقة وتعلق الأكاليل كما فعلت , وكانت تقول – أنها تحاول أن تجعل المكان يبدو كمسرح لترنيمة عيد الميلاد".
منتديات ليلاس
وأغرورقت عيناه ثم عادت أليه الأبتسامة وقال :
" لكن ينبغي ألا أحزن , لقد منّ الله عليّ بهدية غالية لم أكن أتوقعها فحضرت أنت وأمك هنا ..... بل كان هناك منة أضافية لأن أمك تقبلت عن طيب خاطر مسؤولية الطبخ ".
" آه...... أنها تحب الطهو وتستمتع بكل لحظة في هذا العمل ".
" وآمل أن تكوني أنت أيضا تستمتعتين بأقامتك معنا هنا".
" نعم ..... أوه ..... نعم بالطبع أستمتع ".
قالتها وأن كانت لم تستطع أن تواجه عينيه .
وعلق في هدوء :
" ولكن..... بدون تحفظات ؟".
وأبتسمت بسرعة وقالت :
" أوه , لا تشغل بالك.... كل شيء على ما يرام ".
" ألا تريدين أن تخبريني ؟".
ووضعت يدا على وجنتيها , وقالت :
" أنه أمر تافه وأعتقد أنني قد أكون مخطئة , أن السيد لورنس لا يكاد يغفر لي أنني أذكّره......".
وتوقفت بعدما تذكرت أن بنيامين أيضا يحب ميدج وأن كان يستمتع بتذكره لأوجه الشبه ولا يثور كما كان يفعل غراي.

نيو فراولة 05-10-10 05:20 PM


وأومأ بنيامين :
" فكرت في أن هذه هي المشكلة ..... ولكن لا تشغلي بالك كثيرا يا طفلتي العزيزة فأنا أعرف غراي كأنه أبني , أنه رجل قوي وأنفعالاته قوية كذلك وقد يبدو قاسيا ومريرا في بعض الأحيان , أن ما عاناه غراي جعله يتخاصم مع الحياة بعض الوقت ولكنه سوف يجد نفسه حتما في يوم من الأأيام وأنني على ثقة من أنك ستجدينه يتحسن مع مرور الوقت ولكنه سوف يجد نفسه حتما في يوم من الأيام وأنني واثقة من أنك ستجدينه يتحسن مع مرور الوقت ".
وأومأت في تشكك فقد بدا غراي لها شخصا لا يمكن أن يلين وقالت :
" سأحاول أن أتجاهله عندما يثير غضبي وسوف أحتمل فهي في كل حال فترة قصيرة ولن أضطر لرؤيته على الأغلب بعد عطلة عيد الميلاد ".
كان بنيامين ينظر أليها في دهشة وكان على وشك أن يقول شيئا ولكنه غيّر رأيه , قالت توني على عجل :
" أعتقد أنه يسكن في لندن ليكون قريبا من العمل؟".
كانت تحس أحساسا غريبا أن بنيامين كاد يقترح أقتراحا عليها يحملها فيه ألتزاما لم تكن تريد أن تتحمله .
وجلس بنيامين في أحد الكراسي الوثيرة بالقرب من المدفأة بينما جلست توني في الكرسي المقابل له , وأومأ أليها وأبتسم أبتسامة أحست معها أنها مصدر سعادة له , وردت له الأبتسامة وهي تحس بدفء الحب يسري في عروقها ,
وقال ردا على سؤالها :
" غراي؟ له شقة في لندن , ويسافر ألى الخارج كثيرا ولكن أقامته لا زالت هنا في الطرق البيضاء , كان وميدج يقطنان في الجناح الآخر من البيت وظل يقيم هنا بعد أن تركتنا , وقد شكرت له ذلك ".
ونظر حول الردهة وألى البهو فوقها , وواصل يقول :
" هذا البيت أشتراه جدي وعشت هنا طيلة حياتي وفكرت في بيعه والأنتقال ألى مكان أصغر ولكن ذلك ليس أمرا سهلا في مثل عمري , أنه يزخر بالذكريات بالنسبة أليّ".
وأومأت في تعاطف معه ورأته يتحسس أحد جيوبه وقال :
"أرجو أن تقبلي هذه الهدية بمناسبة عيد الميلاد يا أنطونيا , أنها قطعة صغيرة متواضعة , وظننت أنك قد لا ترضين عن أي شيء ملفت للنظر , وقد صنعها لك جون لايتمر رئيس العمل بنفسه بعد أن حدثته عنك يا عزيزتي , وكان سعيدا للغاية بهذا التكليف".
وأخذت اللفافة وفتحتها ووجدت داخلها صندوقا صغيرا عليه حرف وفي ركن منه وفتحته ووجدت بداخله حلية من حجر الأوبال على سوار ذهبي دقيق.
ولهثت توني وقالت:
" أوه!".
وقد بهرها جمال لون الحجر الثمين , كان رائعا في لون اللهب منطلقا بلون أزرق غامق وكانت الحلية محاطة بسياج من الذهب يتمشى مع الشكل الطبيعي للحجر الثمين.
وقالت :
" أنها أجمل هدية قدمت لي في حياتي , وبها تاريخ ميلادي كذلك ؟ كيف عرفته ؟".
ولمعت عينا بنيامين الرماديتان وهيء لها أنها ترى أباها جالسا أمامها , وقال :
" أن لي جواسيسي , العاشر من أكتوبر ( تشرين الأول ) أوك هاميتسون أليس كذلك؟".
" لقد كلفت نفسك عناء البحث عني فقط ل... ل.....".
وعاودت النظر ألى الحلية المصنوعة من حجر الأوبال وقالت :
" أشكرك ..... أشكرك كثيرا .... يا عمي العزيز بنيامين ".
وقال معلقا :
" أرتحت تماما لأنك سررت بها , كنت أخشى ذلك الكبرياء العائلي فيك!".
وهزت رأسها ضاحكة , وقالت :
" أكون ساذجة أذا سمحت لكبريائي السخيف أن يحرمني من هدية مثل هذه , أنني أتقبلها تعبيرا عن الأحترام والأجلال لروابطي العائلية ".
وقال بنيامين في رقة:
" لا , أنما تعبيرا عن أستحقاقك أنت لها".
ورفع رأسه لينظر عبر كتفي توني , وقال :
"غراي ...... تعال وأنظر!".
لم تكن توني قد عرفت أن غراي يقف هناك وأنه ربما سمع قسطا من الحديث الذي دار بينها وبين عمها بنيامين , ووقف غراي خلف كرسيها ولكنها لم تنظر أتجاهه , ولو رأت السخرية البادية على وجهه فلربما ضاع فرحها بالهدية.

نيو فراولة 05-10-10 05:31 PM

وأعادت الحلية بعناية ألى صندوقها الجلدي ووضعتها على الطاولة الصغيرة بجانبها , كان بأمكانه أن ينظر أليها أذا أراد ولكنها كانت تأمل ألا يفعل ذلك".
ورأت يديه تمتدان لتلتقطا الصندوق , وقال :
" أنها قطعة صغيرة جميلة , كانت مارشا على صواب عندما أقترحت سوارا بدلا من السلسلة , ورأيي أن يصنع شيئا مشابها لأبنة السيدة ريفز , سوف أتكلم مع مارشا في الموضوع".
وأعاد الصندوق ألى المنضدة وقال بطريقة عارضة :
" هل أعجبتك يا أنطونيا؟ أنك سعيدة الحظ".
ونجحت في أن تحتفظ بصوتها هادئا رغم أنها كانت تنفعل بالغضب :
" بالطبع أعجبتني ........ أنني أحبها ".
كان تعليقه حول الهدية الشخصية الثمينة عن عمد ألى موضوع يخلو من العاطفة , أما كلماته أليها التي حاول أن يلبسها نغمة الأبوة فكانت شبه أهانة ,ثم من كانت مارشا تلك؟
لم يكن بنيامين على أستعداد لمناقشة أي موضوع يتصل بالعمل وسأل غراي :
" ماذا تم أختيار المشروبات الخاصة بالعشاء؟ هل أتخذت أية ترتيبات؟".
منتديات ليلاس
ووضح من تحويل الحديث أن بنيامين لم يكن غافلا عن التيارات الخفية التي تدور بين غراي وتوني , وواصل بنيامين حديثه قائلا:
" أن هذه المناسبة يليق بها أفخر المشروبات , فلدينا ضيف خاص اليوم يا بني وينبغي أن نهيء لها وقتا سعيدا حتى تشعر أنها في بيتها معنا".
وأجاب غراي:
" بكل تأكيد!".
ونظر غراي نحو بنيامين وقال :
" سأذهب وأطمئن بنفسي".
وتركهما وأنصرف , ونظرت توني بعينين طارفتين أتجاه بنيامين , وقالت في أستكانة :
" رأيت بنفسك , فالود مفقود تماما بيننا".
كان الرجل العجوز يمسح عدسة المونوكل على منديل من الحرير بلون الكريم , وكان يعرف أنه لا يمكن أن يطمع في أجابة ودية من غراي , ولكنه مع ذلك لم يكن يفقد الأمل بل على العكس كان يبدو كأنه ينظر بعين الأمل بشيء ما .
وقال :
" الصداقة ليست المدخل الوحيد لتحقيق التجارب بين الرجل والمرأة يكفي أن يكون هناك ثمة تجاوب بشكل ما كنقطة للبداية".
وأحتاجت ألى لحظة أو لحظتين لكي تفهم ما يعنيه , أنفجرت بعدها في قهقهة جامحة , غراي وهي..... لو كانت تلك هي الطريقة التي يفكر بها بنيامين فأنها تكون طريقة مفرطة في الخيال لا تستحق حتى أن تناقش .
وكان الرجل العجوز يرقبها بعينين كانتا في يوم من الأيام صافيتين كعينيها , ولكن ما فقدتاه من الصفاء عبر السنين تم تعويضه بالحكمة والتعاقل , والآن كان وهو ينظر ألى توني يلقى التشجيع والتعزيز بما يراه.

نيو فراولة 06-10-10 05:23 PM

5- الأصل والبديل

ودهشت توني أذ رأت أنها تستمتع بعيد الميلاد , وربما كان لعدم ظهور غراي أثناء وجبة الظهيرة داخل في ذلك. وقال بنيامين أن غراي ذهب ليقنع مسؤول الكراج المحلي بجر السيارة لأصلاحها , وعندما حانت الواحدة ظهرا , ظنوا أن الأمر أحتاج لوجوده هناك لفترة أطول , وقالت السيدة وارين :
" هذه وجبة خفيفة حتى تظل الشهية مفتوحة لوجبة العشاء".
أعدت شطائر باللحم والسلاطة وفطائر محشوة بمزيج مفروم , وجلس الثلاثة حول مائدة صغيرة , وأطلعت توني أمها على الحلية الأوبال فأبدت السيدة وارين أعجابها الشديد وكانت هي الأخرى حصلت على صندوق من علب الحلوى المستوردة من باريس وقدمت لبنيامين نيابة عنها وعن توني هدية تتمثل في نصف دزينة من مناديل اليد المصنوعة من الكتان الأصيل.
وبعد الغداء أقترح بنيامينأن يقوموا بجولة في المزرعة, كان المطر قد توقف خلال الليل وكان الجو معتدلا , ظهرت فيه بعض السحب وقال :
" هذه هي رياضتي اليومية , لن نسير طويلا , ولكن بالقدراللازم لصحتي , أنني أجد عالمي ينكمش بأستمرار , ففي أيام أيام جدي كانت المزرعة كبيرة نوعا , والآن فأن عملي في لندن يستغرق معظم وقتي , وقد بيعت معظم الأرض هنا لأشخاص يستطيعون أن يجعلوها تنتج أفضل بكثير مما أستطيع".
منتديات ليلاس
ودارواحول المرج حيث كانت الأغنام ترعى العشب , بين الأشجار الضخمة , وأنتهوا عند الأسطبل ليروا المهر الجديد .... كان يرقد متمددا على العشب الجاف في منظر يستحوذ على الأعجاب وفي رضى كامل وبالقرب منه أمه بلونها الكستنائي الجميل تمضغ الطعام في هدوء , وعلق بنيامين عندما رأى توني وأمها تأخذهما النشوة بسبب المهر قائلا :
" لم أستطع مقاومة الرغبة في الحفاظ على نسل كليمنتينا , كانت فرس حفيدتي وأحببت لها الأستمرار , وكان من عادة ميدج وغراي أن يركبا الخيل كثيرا , وهذا هو حصان غراي لوسيلفر ....... أنه حصان عنيد ولكن غراي لا يجد صعوبة في أن يسوسه .
وعندما أقتربوا من الحصان وأدار رأسه وأتسع ثقبا أنفه ورأت توني أنه بالفعل الحصان الذي يناسب غراي لورنس .
وأتجه بنيامين ليختبر باب الأسطبل وليتأكد أن لوسيفر لن يستطيع أن يهجم عليه , وصهل الحصان في غضب , وأبتسم بنيامين ساخرا يقول :
" أحببت أن أطمئن فأنا لست فارسا , وماذا عنك يا أنطونيا؟ هل تركبين الخيل ؟".
وأجابت :
" كنت أركب أحيانا فقد كانت لي صديقة في المدرسة شغوفة بركوب الخيل , وأصر أبوها على أن يدفع لي رسوم التدريب حتى أكون في صحبة دينييز وعندما تركنا المدرسة واصلت دنييز تعليمها في الجامعة وأنقطعت الدروس".
وأومأ قائلا :
" ينبغي أن تتدربي من جديد , ستجدين في غراي مدربا ممتازا لن يتردد في أصطحابك معه يوما ما ".
وخطر لتوني أنه يمزح , ونظرت أليه ولكنه لم يبد كذلك , وأبتسمت أمها وقالت :
" أن توني تعشق ذلك ! أليس كذلك يا توني؟".
وأصطنعت توني صوتا لا يعبر عن معنى , ثم أتجهت ألى المهر ثانية لتلقي عليه نظرة أخرى.
وسمع صوت سيارة كان غراي نفسه يقودها ألى الساحة الداخلية ونزل عن مقعد القيادة وأتجه ناحيتهم يقول :
" ها نحن على الطريق مرة أخرى , كل شيء تخلص من المبلل ويسير على ما يرام , أن دنكن , عامل ممتاز ولكن السيدة دنكن غاضبة , فقد أخرت زوجها عن عشاء الميلاد".
وتشبثت توني بباب الأسطبل فقد أثار ظهور ذلك الرجل المفاجىء قلقها وأضطربت دقات قلبها ,كان كل شيء هادئا وآمنا في الساحة ولكنه ظهر ليدمر الهدوء بخشونته المثيرة للقلق.
وقال بنيامين :
" كنت نتفرج على الجياد يا غراي! وبالمناسبة فأن أنطونيا تركب الخيل ويسعدها أن تصحبها في نزهة على ظهر الفرس عندما تستعيد كليمنتينا صحتها من جديد , وألتفت الرأس القاتم أتجاهها يقول :
" صحيح يا أنطونيا ؟ تسعدين بصحبتي؟".
منتديات ليلاس
وبدت كلماته غاية في المؤانسة , ولكنها أحست فيها بنغمة السخرية وعلقت :
" أكون في منتهى السعادة".
وسار الجميع أتجاه البيت ولزمن توني جوار بنيامين , وكانت تستطيع أن تسمع أمها خلفها تتحدث مع غراي الذي لم يبد أهتماما بحديثها .
كانت وجبة عشاء الميلاد قد قاربت نهايتها , وتوردت وجنتا السيدة وارين حياء من الثناء الذي حظيت به لجهدها , حتى توني التي كانت تعرف جيدا مهارة أمها في الطهو أبدت أستحسانها , كانت تجلس في موضع الشرف عن يمين بنيامين وزال عنها أنفعالها بالأضطراب من أثر الشراب الفاخر الذي قدمته شيرلي والفتاة الأخرى , كان كل شيء مفعما بالسعادة وبروح الأسرة , لم يكن ثمة ضيوف يتكلفون أو خدم مائدة تثير الأرتباك بالرسميات ولم تكن هناك كذلك صنوف من أدوات المائدة تثير الأرتباك, مجرد عشاء عادي تتناوله أسرة عادية , كان دومنيك يجلس ألى جوارها وأخته آن تجلس أمامها , وهي فتاة جميلة سمراء ذات عينين جادتين وكان هناك كذلك غراي لورنس , ولم تكن راغبة في أن تعتبره
سويا بأي معيار ولو كان بالأمكان تجاهله لبدا كل شيء آخر ممتازا.

نيو فراولة 06-10-10 06:08 PM

كانت توني تلبس فستان السهرة الأزرق بفتحة عنقه الواسعة وبأساوره المكشكشة المصنوعة من الجورجيت وقد ثبتت حلية الأوبال حول عنقها وأسندت ظهرها ألى الكرسي تحاول أن تكسر ثماره من ثمار الجوز , وجاءها صوت دومينيك الضاحك يقول :
" ليس هكذا! هذه هي الطريقة التي تتكسر بها........".
وجذب كرسيه أل جوارها وأخذ كسارة البندق وكسر الثمرة عند منتصفها , وعلقت قائلة:
" ممتاز !".
وأخرجت المحتوى من أحد النصفين وقدمته أليه قائلة:
" لنتقاسم!".
وأخذ قطعة الجوز وأستقرت يده على يدها بعض الشيء , وقال :
" أحب أن نتقاسم أكثر من ذلك يا عزيزتي!".
منتديات ليلاس
وأبتسمت له قائلة:
" لا ؟ حقيقة؟".
كان في عينيها أقرب شبها بأدريان , له الروح نفسها التي تجعل اللحياة نكهة المرح , ونظرت توني بالتقدير نحو آن التي كانت تقص على بنيامين أخبار مادة الفنون التي تدرسها كانت تبدو أكبر بكثير من دومينيك , في أواخر العقد الثالث من عمرها تقريبا , وقالت لدومينيك :
" أختك لطيفة للغاية".
وألقى نظرة عبر المائدة وقال :
"أنها كذلك وهي أيضا طاهية ممتازة وتعنى بي جيدا ".
" هل تعيشان وحدكما ؟".
" نعم! منذ وفاة أبوينا , لا بد أن تأتي لتزوري كوخنا الصغير , أنه جميل على غير عادة , وأعتقد أنه بني أصلا للراعي عندما كانت هذه مزرعة بالفعل....... وليست ......".
ونظر ألى بنيامين الذي كان لا يزال يحادث آن , وواصل:
" حسنا ..... وليست ملهاة لأحد الأثرياء".
" هل تظن أنها هكذا!".
" وهل هي غير ذلك؟".
وواصل في صوت خفيض:
" من المفروض أني مدير للمزرعة ولكن لا يوجد ما يستحق أن يدار , أنني أتطلع أحيانا ألى أن أؤدي عملا يتناسب مع مقدرتي كرجل , شيء يرضيني حقا !".
" ولماذا لا تفعل؟".
قد أفعل في يوم من الأيام عندما تخطب آن , أذ لا أستطيع أن أتركها وحدها ........".
" ولكن ألا تستطيع أن تذهب معك؟أنها مدرّسة , وتستطيع أن تجد عملا في أي مكان".
وزم شفتيه وهز رأسه قائلا:
" المكان الذي أحلم به هو أستراليا , الأرض الواسعة الرحبة ولكن آن لا تريد أن تهاجر".
وعلقت توني تقول :
" أستراليا يجتذب الفلاحين , كان لي صديق ذهب ليعمل بالزراعة هناك".
" ولم تذهبي معه؟".
وقالت في مرارة :
" لم يطلب مني ".
وعبّر دومينيك عن أشمئزازه قائلا :
"أنه غبي! لا تبتئسي يا حبيبتي ! سأطلب منك أن تصحبينني عندما أفكر في الذهاب ".
" نعم...... أفعل وأسجلها عليك !".
وضحكت , وعانقها عناقا سريعا مرحا.
وألتفت غراي ألى السيدة وارين وقالت شيئا , وطافت ببصرها حول المائدة , ثم نظرت ألى بنيامين وقالت :
" أين تشرب القهوة يا بنيامين؟".
" في غرفة المكتب أذا وافق الآخرون".
وهمس دومينيك ألى توني:
" الرجل العجوز لا يرغب في أن يدخل ألى غرفة الجلوس هذه الأيام , كانت ميدج تحب أن تجلس هناك".
ونهضت السيدة وارين , وجذب غراي الكرسي الذي كانت تجلس عليه ألى الخلف , وقالت:
" سنترككم أيها الرجال مع شرابكم بعض الوقت ".
وأتجهت ألى المطبخ لتعنى بصنع القهوة.
وصعدت آن مع توني ألى غرفة نومها لتعنيا بمظهرهما وجلست آن على الكرسي القصير المستدير أمام التسريحة , وفتحت حقيبة يدها لتخرج المشط وتنهدت قائلة:
" كانت وجبة شهية , أن أمك طاهية ممتازة..... وكانت بطلة أذ أنجزت كل هذا بعد أن نقلت آدا المسكينة المستشفى , وكان السيد وارين قلقا ..... ويرجع الفضل لأمك".
وأخذت تمشط شعرها ثم ألتفتت ألى توني التي كانت تجفف يديها وقالت :
" كيف يكون أحساس الفتاة عندما تعرف فجأة أنها أصبحت وريثة من لا شيء".
منتديات ليلاس
ورددت توني في دهشة :
" وريثة ؟! من قال ذلك؟".
" آه يا عزيزتي , هل أخطأت القول ؟ فهمت مما قاله دومينيك أن كل شيء تم ترتيبه , وأنك ستعيشين هنا , وفرحت للغاية وبدا لي الموضوع كأنه قصة خرافية قلّما يحدث مثلها هذه الأيام , وأنني آسفة أذ تكلمت قبل الأوان!".
وأسترخت على الكرسي من جديد , وقالت توني :
" لا تتضايقي ! كانت غلطة غير مقصودة , ولكنها صدمتني لحظة , وكما ترين فقد حدث كل شيء بسرعة خاطفة حتى أنني نفسي أشعر بالحيرة , كنت دائما أستطيع أن أتحكم في شؤوني وأتخذ القرارات لنفسي وأجدني الآن غير واثقة من أي شيء".
وأومأت آن في تعاطف , وقالت:
" أفهم ! أنني كأمرأة أتأثر بأحساساتك , والآن قولي أنك صفحت عن تدخلي في شؤونك , ولكي تبرهني على صفحك ستأتين وتشربين القهوة معي في يوم قريب قبل أن ترجعي ألى لندن".
وقالت توني:
" سأزورك بالتأكيد ! ما الموعد الذي يناسبك ؟".
" غدا ؟ صباحا ؟".
" حسنا , أحرصي على الوفاء بالموعد".
وأخذا يهبطان الدرج من جديد , ولم تكن توني تدري أنه مع شروق شمس اليوم التالي سيتغير خط حياتها كله.

نيو فراولة 07-10-10 11:24 PM

كان الرجال قد جلسوا في حجرة المكتب عندما دخلتا وكانت مسز وارين تصب القهوة من براد كبير على نضد جانبي , وأبتسم بنيامين لتوني عندما حملت له فنجان القهوة ...... وكان يقلب صفحات ألبوم يحوي بعض الصور .... أحضرته مسز وارين ...... وجلست توني على السجادة عند قدميه توضح له مناسبات الصور القديمة نوعا ....... وقد أخذت بعض الصور قبل مولدها وظهر أبوها في كثير من هذه الصور.
وشرب دومينيك القهوة ثم أستأذن ليطمئن على المهر الجديد.....
وجلست آن مع غراي على أحدى الآرائك في أسفل النافذة وقالت :
" أوه! هل لي أن أرافقك ..... لم أر المهر بعد".
ونهض غراي ليصحبهما , ونظر دومينيك ألى توني يدعوها للذهاب معهم , ولكن بنيامين وضع أحدى يديه عليها قائلا :
" ستبقى أنطونيا في صحبة الرجل العجوز ..... أليس كذلك يا أنطونيا !".
وقالت على الفور :
" بالطبع , سأبقى معك ".
وجذبت السيدة وارين الحبل الحريري المتصل بالجرس تنادي شيرلي , وصحبتها ثانية ألى المطبخ لتشرف على عملية التنظيف , وتنهد بنيامين يقول :
" أمك معجزو ! وهي سعيدة تماما بكل ما حولها!".
منتديات ليلاس
وأجابته :
" أنها بالفعل كذلك ".
" أنا معجب بأمثالها , وأتعجب كيف يكون حال العالم بدونهن !".
وصمت بنيامين لحظة وحدق أتجاه المدفأة وواصل يقول :
" أثبتت أنها الشخص العملي الذي حقق السعادة لي في يوم لن أنساه وآمل أن تطول أيام السعادة هذه بعد أن وجدت لنفسي أسرة من جديد".
ورفع المونوكل عن عينيه وصار يلوح به ألى الأمام وألى الخلف وقال :
" أنك تفهمين ما أحاول قوله , لقد دخلت حياتي , وأطلب أليك يا أنطونيا أن تبقي لا كزائر عابر ولكن كجزء لا يتجزأ مني , أطلب أليك ألا تقطعي الصلة مرة أخرى بل أن تعززيها , هناك تفاصيل كثيرة تحتاج ألى مناقشة , ولكنني أستجيب لكل ما تطلبينه أذا وافقت ولأمك الحق في كل شيء , وأود أن أوضح أنني لا أريد أن تخضعي لمشيئة أي شخص ولا أن تكوني بديلة , أنني أطلبك لشخصك أنت وأحس بأنني أعرفك من قبل وأحبك , لن أحاول أن أؤثر عليك أو أقدم لك أغراء لأني على ثقة أن فيك كبرياء أسر وارين , كم تمنيت ألا يكون لي هذا الثراء حتى أكون أقرب أليك وأتمنى ألا تتركيني !".
كان ينحني ألى الأمام في كرسيه وأحست بأنه كان يتطلع أليها في صبر وثبات وكانت تتوقع ذلك منه ولكن ليس بمثل هذه السرع , وكان عليها أن تتخذ القرار , كان أختيارا محددا فمن ناحي المال والمركز والجاه كلها رهن أشارتها ومن ناحي الأستقلال الشخصي فشعورها بأن ما تملكه جاء بعرقها وعملها ....... وتذكرت تقدير السيد بلاك لها وأنها من خلال عملها يمكن أن تصل ألى مركز مرموق ...... سكرتير شخصي مثلا وربما وظيف أعلى , وتذكرت الأغني :
والذي هو أعظم من ذلك أنني وصلت أليه بنفسي؟
منتديات ليلاس
وواصل بنيامين يقول:
" أنني لا أنتظر جوابا الآن , فقد فكري في الأمر".
وقالت وعيناها تغرورقان بالدموع :
" سوف أفعل ! أنه عرض كريم , وأنها لحماق مني ألا أقبله , ولكن.........".
" لا أحب أن أسمعك تقولين ذلك!".
ورفع يده ليقطع عليها الكلام ولأول مر رأت الجانب الآخر من شخصيته , رأته كرجل أعمال حاذق يحسن أدار الموقف كما تحدث عنه غراي لورنس .
" رجل أعمال ممتاز وشاعر بالفطر ".
ولكن لماذا غراي لورنس في تلك اللحظة بالذات ؟ كان بنيامين لا يزال ينظر أليها , ووصغ يده على كتفها وقال :
" لا تشغلي بالك يا أنطونيا ! فكري بالأمر ,ثم أعطني رأيك , وسأرحب به".
وتوافد الآخرون وأصبح الحديث عاما , وأحضر غراي آل تسجيل وأدار سيمفوني موزارت المفضل لدى بنيامين , ثم أقترح أحدى العبات المفضل لديه كذلك وتبعها أحاديث هادئ نجح غراي في أن يجعل بنيامين خلالها يحكي بعض القصص المضحك عن أسفاره ألى الأماكن البعيد وأستمتع بنيامين تماما بالسهر , وعند الحادي عشرة نهض وأعلن أن موعد نومه قد فات وشكر الجميع على مؤاستهم له في عيد الميلاد.
وقالت السيدة وارين :
" سوف أصعد أنا أيضا وأترك الشباب يواصلون مرحهم على طريقتهم ".
وأبتسمت في سعادة للرجل العجوز مع تمنيات ليلة سعيدة , وخرجا سويا يتحدثان حديثا وديا .
وجلس غراي ألى جوار آن على الأريك وكانا قد قضيا معظم الأمسي هناك , ولاحظت توني من حين لآخر أنهما يتحدثان ويتبادلان النظرات ورأته يبتسم لآن وينحني أتجاهها ويمدد ساقيه في أسترخاء , وحولت نظرها بعيدا بعدما رأت كيف يسلك مع الفتا التي يستلطفها ويعجب بها .

نيو فراولة 07-10-10 11:50 PM

وجاء دومينيك ليجلس على ذراع كرسي توني ويقول :
" ماذا نفعل الآن ؟ ننطلق في حفل صاخب؟".
وعبست شقيقته في وجهه وقالت :
" لا... يا نيكي ! أمضينا عيد ميلاد هادىء , أجعله يستمر هكذا ولا تجعله يتحول ألى صخب! هل توافقني يا غراي؟".
وأبتسم غراي قائلا :
" أوافقك تماما ........ ولكن لنأخذ رأي أنطونيا ! فهي ضيفة شرفنا!".
وساد الغرفة شيء من الصمت ثم ضحكت آن وقالت :
" أرى أن مزاجك يأخذ طابع السخري يا غراي !".
وأحست توني أنه لم يكن يقصد مزاحا على الأطلاق , كانت كلماته أهانة مقصودة , كان يريد أن يجعلها تحس بأنها غريب , ولم تستطع أن تحول بصرها بعيد أزاء نظرته التي تتحداها , وثار الغضب في نفسها بشكل لم تحس به من قبل في حياتها وأرادت أن تعبر الغرف لتصفعه ولتنتزع الأبتسام الساخر من فمه ...... حتى تداعى خيالها ....
وتحدثت , وخيّل أليها خلال ذلك أنها تسمع صوت شخص آخر يقول :
" أود أن أقول , أنه لا يهمني كثيرا أن ألقى الأحترام بوصفي ضيف فربما يهمكم أن تعرفوا أن عمي بنيامين طلب أليّ أن أقيم في قصر الطرق البيضاء كجزء من أسرته ووافقت ".
منتديات ليلاس
ولم تتذكر توني وقع تلك الكلمات على الموجودين .... كل ما تذكرته أن آن قبّلتها وكانت فرحة ...... وأن دومينيك علق بملاحظ فكه حول جعل المنزل القديم يزهو بالضياء مر أخرى أما غراي فلم تعرف ما علق به .... أضطرها ألى أن تعلّق بطريقة فيها شيء من ادراما والتحدي ....... لم تكن تعرف عن نفسها التهور ولكن ذلك الرجل أستطاع أن يجعلها تخرج عن هدوئها وأن تقلب عالمها رأسا على عقب وحصلت على نصر صغير وأحست بالرضى لأنها سوف تفرض عليه وجودها هنا وأقنعت نفسها بأنها أصابته.
ولم يبد عليه أي تأثير ظاهري بالغضب , ونهض وسار ألى الطاول , وقال :
" هذا......يحتاج ألى شراب .... آن , دومينيك , لنشرب معا نخب أنطونيا! ".
وملأ الكؤوس ورفع كأسه وحذا الآخرون حذوه , وقال :
" في صحة الآنسة أنطونيا وارين وأسر وارين! ".
وعلقت أنطونيا قائل :
" أشكركم , والآن أقترح أن نشرب بخبا في صحة بنيامين وارين أكرم رجل عرفته".
وشرب الجميع نخب بنيامين وارين , ووضعت آن كأسها وقالت في سرور كامل :
" حسنا , حسم الموضوع , وفرحتي لا تقدّر يا أنطونيا! أنني على ثقة أنك أتخذت القرار الصحيح , أنه يعني الكثير للسيد وارين العجوز والجميل فعلا أننا أصبحنا جيرانا ".
وأبتسمت توني في مودة ألى آه وخطر لها _ لو أن غراي قبل الزواج من تلك الفتا فأنه يكون سعيد الحظ لأنها سوف تروضه , وقالت :
" أشكرك يا آن , وأحب أن يناديني أصدقائي بأسم توني".
وتدخل دومينيك يقول :
"أذن سأفعل يا توني ....... توني ..... نعم ....... أنني أستلطف الأسم , أن له وقعا.... والآن فأن ما بقي من الليل لا يزال طويلا وما زلت ألح في أن نقيم حفلا بالمناسبة , ما رأيكم ؟".
وردت آن في تأكيد :
"أرحني من هذا يا أخي ! فأنا أشعر بالنعاس ".
وتخلى دومينيك عن الفكر على مضض , وقال :
" حسنا ! سنؤجل الأحتفال ألى يوم آخر , ولعلك توافقين يا توني".
منتديات ليلاس
وأقترب منها يقول :
" ما رأيك أن نتناول العشاء معا هذا الأسبوع؟".
وقبل أن تجيب تدخل غراي قائلا :
" لا أستطيع تلبي هذه الدعوة.........".
وهز دومينيك رأسه وبرزت ذقنه في تحد , وقال :
" لم أكن أدعوك يا صديقي".
وبرزت العداوة بين الشابين بطريق مكشوفة , وخشيت توني أن ينتهي يوم العيد بمثل تلك النغمة , فأبتسمت لدومينيك قائل :
" أشكرك على دعوتي .... وأتمنى أن أقبلها , ولكن هل لديك مانع في أن نؤجلها بضعة أيام , فهناك أشياء كثيرة يجب أن تتم ,وسوف يكون بوسعي أن أراك من وقت لآخر , أليس كذلك؟".
" بالتأكيد سترينني! حسنا! لننصرف الآن يا آن!".
وفتح غراي الباب الأمامي لهما وقالت آن :
" سأراك صباح الغد أذا يا توني , حوالي الحادي عشر , ولكن أذا لم تستطيعي أن تحضري فأنني أقدّر الظروف , وكوخنا قريب بعد المرج عبر الديق الخلفي وهناك تمثال تنين من الحجر على المدخل ".
ووضعت ذراعها الخلفي في ذراع أخيها , وقال – ليل سعيدة عندما وصلا ألى أسفل الدرج و وأختفيا في الظلام.

نيو فراولة 08-10-10 04:59 PM

ورجعت توني على أمل أن ينصرف غراي كذلك ولم تكن راغب في أن تدخل أي صراع تلك الأمسية , ولكنه كان يقف هناك ينظر أليها بقامته الفارعة , كان وسيما في بذلته القاتمة وفي قميصه الكتان الأبيض , وقال :
" جميل , جميل للغاية ! أذا سويت كل شيء مع بنيامين بالفعل ولم تضيعي وقتا , أنك أنتهازية ماهرة يا مس وارين".
كانت الأضاء معتمة في الردهة وكان وجهه في الظل لكنها كانت تتخيل النظر الساخرة في هلتيت العينين المنقطتين , ولحسن حظها كان يقف على مسافة منها , وردت قائلة :
" لا أعتقد أن لدى أي منا ما يقوله للآخر يا سيد لورنس".
وحاولت أن تمر لتصعد الدرج لكنه مد ذراعه يسد الطريق أمامها , وقال في هدوء :
" على العكس , لدينا أشياء كثيرة يقولها كل منا للآخر , وكما أوضح صديقك دومينيك , فالوقت لا يزال مبكرا وأعتقد أنك لا تودين الصعود للرقاد وحيد الآن !".
منتديات ليلاس
وأسرعت ضربات قلبها وأحست أنه رجل لا يطاق , ووضع يده ألى مرفقها , وقال :
" تعالي ..........أراك تواقة ألى أن تمزقيني أربا! لنجلس ونتظاهر بأن كلا منا يستلطف الآخر , ولنشرب شراب الرفاق!".
ووجدت نفسها في غرف المكتب للمرة الثانية وهي لا تدري كيف وصلت , ودفعها دفع خفيفة ألى الأريكة الجلدية بالقرب من المدفأة وقال :
" أي شراب تختارين ؟ دعيني أقدم لك الشراب الذي يفضله بنيامين كخاتم لهذه الليلة ".
" لا , أرجوك لا شيء بالمرة , شربت ما فيه الكفاية".
ونظر أليها يقول :
" ما زلت تخشينني ؟ أم تخشين نفسك!".
وأعتبرت أن تلك الملاحظة لا تستحق التعليق , وجلست متصلب في المقعد صامتة .
ووضع كأسا على المنضدة قريبا منها وقال :
" لن ينقص هذا من رغبتك في المشاجرة شيئا , أعدك بذلك , وأذا كنت مصممة على الشجار , فلنتشاجر في هدوء".
وأشعل مصباحا قرمزيا وأطفأ الضوء الرئيسي في الغرفة , وجلس ألى جوارها ومدد ساقيه وأخذ يتنهد في رضى وقال :
" هذا أسعد أوقات اليوم , في صحبة مناسبة , والآن , أطلقي رصاصاتك!".
كان يلهو كأنها سمكة حول السنارة , فمنذ دقائق قليلة كانت غاضبة تكاد تسلخه من الغضب , والآن نسيت تماما , وأخذت رشفة من الشراب لتدعم شجاعتها , وقالت :
" كنت ببساطة أريد أن أقول أن... أنني أعارض تدخلك".
ولم تستطع أن تقول شيئا أكثر من ذلك .
" تدخل! بينك وبين المحترم دومينيك ! لا على الأطلاق ! كنت فقط أذكرك كما قلت بنفسك فيما بعد أنك ستكونين مشغولة للغاية في الأيام القليل المقبلة ".
" لكن الأمر لم يبد لي هكذا".
" لا! كيف بدا لك أذا؟".
" بدا كما لو كنت ثقيلا بدرج لا يمكن أحتمالها , وأحب أن تعرف يا سيد لورنس أنني أختار أصدقائي بحرية كاملة , ولا أنوي أن أطلب نصيحتك حول من يقع عليه أختياري ".
وقال في نعوم :
" أنا أثق أنك لن تفعلي ذلك! وأعترف أنني لم أر من قبل من هو في مثل صلابتك وعنادك ".
" أذن أنت ترى أنني صلبة وعنيدة الآن كما ترى كذلك أنني أنت......".
وأكمل لها الكلمة :
" أنتهازية , ولكن ينبغي ألا تأخذي ذلك على أنه أهان , فبعض أصدقائي المخلصين وزملاء العمل يمتدحون الأنتهازي بل أقول أنهم لم يكونوا لينجحوا في العمل بدون قدر يسير من تلك الصفة... وقد يرى الجنس الآخر في هذه الكلمة شيئا لا يصل ألى المديح".
أضاف :
" أعترف بذلك – وأعتذر أذا كنت أخذتها مأخذا آخر".
ونظرت أليه نظرة حقد وكراهي وقالت في حرص :
" لا تحاول أن تعتذر- فأنا لا أهتم كثيرا برأيك فيّ".
وسألها في رقة :
" حقا يا أنطونيا ؟".
وأمتد ذراعه وتراجعت على مقعدها , ولكنه أخذ كأسه فقط , وأمسك بالكأس بن يديه , وضاقت عيناه عندما ألتقتا مع عينيها عبر حافة الكأس وقال :
" ولكن ينبغي أن تعرفي أن المناورة كانت ماهر للغاية في أختيار الوقت والظروف المناسبة , ولا يمكنك أن تلوميني عندما أعتبرها أنتهازية".
ورفعت رأسها وقالت في أقتضاب :
" لن تفهم أطلاقا أن دوافعي تختلف تماما عما هو في رأسك , لكنني تصرفت أنطلاقا من أحترامي لمشاعر الآخرين ".
وتراجع ألى الخلف وعيناه نصف مغمضتين وقال :
" تقصدين من ؟".
" العم بنيامين بصفة خاصة فهو يلح أن أكون معه ثم أمي لم تكن حياتها سهلة وأريد أن أعوّضها عما قدمته لي".
وتشدق يقول :
" أهداف خالص ......... ليس فيها شيء من الأناني".
" ولم لا؟ هل غريب أن يكون بعض الناس غير أنانيين؟".

نيو فراولة 08-10-10 08:52 PM

وعلق :
" بالنسبة ألي فأننا جميعا أنانيون ".
" هذه نظرية حيوانية ساخرة ".
" نعم.... وبناء على ذلك أكون أنا شخصيا حيوانيا ساخرا – كان ينبغي أن أدرك أنك أكتشفت ذلك الآن ".
وقالت في أقتضاب:
"أكتشفت ذلك!".
وأدارت رأسها بعيدا وتهدل شعرها الذهبي على ظهرها , وتبع ذلك صمت كان ينذر بخطر وفكرت فيما يمكن أن يفعله لو أنها نهضت وأتجهت ألى الباب , ولكنها أحست بساقيها لا تقويان على حملها , وقطع صوت غراي الصمت بقوله في رقة :
"أنك فاتنة يا توني .... وتعرفين ذلك بالطبع ".
وأدارت رأسها وتوجست منه شيئا لم تكن لتخطئه هذه المرة في عينيه وجف حلقها وأضطربت أنفاسها وحولت عينيها بعيدا عن عينيه القلقتين ونظرت ألى يده التي تستقر على الأريكة ورأت أصابعه على بعد بوصات قليلة من فستانها الحريري.
وفجأة أنكشفت الواجهة التي يستتر وراءها وأمتلأ وجهه بالغضب وتكسر صوته بالأنفعال قائلا :
" ما الذي جعلك تأتين ألى هنا ؟ يا للشيطان لتعذيبي ؟".
وتبادلا النظرات في الضوء المعتم , وتحركت يده لتمتد أتجاهها وأندفعت أصابعه تتخلل شعرها وتسللت ولم تعد تسيطر على نفسها وأقترب منها , وعرفت بطريقة غامضة أن هذا ما كان يصبو أليه وعندما كانت مياه الفيضان تحيط بهما من كل مكان .
كان وجهه شديد القرب ولم تكن في الضوء المعتم ترى فيه أي عاطفة بل لم تكن لتصدق أن لديه شيئا من ذلك".
وكانت واهنة تطفو على موجتي المد والجزر .
ودق جرس الهاتف عبر الغرفة , وأعتدل رأسه ألى الخلف وسكنت ذراعاه وأنتظر أن يتوقف الجهاز عن الرنين , ولكنه أستمر بدون توقف يتردد صوته في أرجاء المنزل القديم الهادىء , وأخيرا توقف الرنين , وأطلق غراي أنفاسه وتمتم بشيء لم تسمعه توني فقد بدأ الهاتف يدق ثانية قبل أن يتم ما يتمتم به.
وسمعت ما قاله غراي عند ذلك جيدا..... كان يطلق الكلمات بطريقة واعي وهو يسير عبر الغرفة , وقال :
" نعم! من؟".
ونظر ألى توني , وهز كتفيه , وأشار أليها بأن تبقى حيث هي , وقال للمرة الثانية:
" من؟ لا أستطيع أن أسمع ..... الخط سيء .... أوه مارشا , هل هذا وقت مخابرات ؟ نعم .... أعرف أنني قلت.... ولكننا في الريف هنا ...... وكل شخص يذهب ألى الفراش في وقت مبكر , ماذا؟".
وضحك :
" لا بالطبع , لم أكن كذلك.....".
أدار ظهره ألى توني , فنهضت في هدوء وتسللت وتوقفت في الردهة لحظة , وقد جف فمها وأخذ قلبها يخفق في هلع , ثم صعدت الدرج مسرعة ألى غرفتها كأنه الشيطان في أثرها .
ولم تحاول أن تأوي ألى الفراش لفتر طويل , بل جلست على حافة الفراش ترتعد من الداخل , وحاولت أن تهدىء نفسها بأستعراض أحداث ذلك اليوم الغريب , وسرعان ما أدركت أن عقلها لم يكن يعمل على الأطلاق بينما كانت أنفعالاتها تعمل طوال الوقت , وكان غراي لورنس هو السبب ........ وأدركت ضحالة خبرتها أن له جاذبية لا تستطيع أمرأة أن تقاومها .
لم يعد لديها ثمة مجال للشك في أحاسيسه نحوها , كان يحب زوجته بعنف وكانت هي شديدة الشبه بميدج لدرجة جذبته أليها رغم مشيئته , وأتضحت لها حقيقة الموقف , كان موقفا صعبا , لا يحتمل! ومع ذلك قبلت أقتراح بنيامين بالأقامة معه في البيت , وهكذا لن تستطيع أن تتفادى رؤي غراي بما تعنيه من مزالق الخطر !
وتنهدت في عمق , ونهضت لتغسل وجهها وتنظف أسنانها , سوف تتضح الأمور أكثر , لقد أتخذت قرارها الآن ولم يكن من اليسير أن ترجع عنه رغم أن بنيامين لم يعرف به بعد , وكان عليها أن تخبره في أقرب فرصة , في صباح اليوم التالي , أذ لا يليق أن يسمع بقرارها من غراي وليس منها .
وخلعت ملابسها وأوت ألى الفراش الوثير ونظرت حولها ألى الأثاث الفاخر , أن أي فتاة تكون بلهاء لو أنها أضاعت فرصة الحياة في بيت مثله؟ أذا لماذا تسمح لآراء غراي لورنس بأن تتدخل في قرارها؟ وعلى أي حال فعندما تنتهي عطل العيد عليه أن يكون في لندن معظم الوقت ,وعندما يحضر سوف يعتاد رؤيتها في المكان , ولن يكون لوجه الشبه بينها وبين ميدج أي تأثير عليه عندئذ , فأمامه بنات كثيرات آن التي كانت تضحك وتعبث معه , كان من الواضح أنهما يستلطفان بعضهما ألى حد كبير , ثم هناك مارشا التي طلبته في وقت متأخر من الليل مما يدل أنها صديقة حميمة , ولكن من المؤكد أن هناك أخريات كثيرات ينجذبن بسحره , وعليها فقط أن تتذكر أنها ليست منهن , وعندما يحين الوقت ستجد من يحبها لذاتها , أنطونيا وارين ........ وليست البديل لشخص آخر.......

نيو فراولة 08-10-10 09:17 PM

6- المواجه

برغم أن توني كانت تفهم الموقف جيدا وبرغم الفراش الوثير الذي كانت ترقد فيه نامت نوما متقطعا , وأستيقظت وأرتدت ثيابها مبكرة في الصباح التالي ووجدت أمها تعد طعام الفطور.
" صباح الخير يا عزيزتي! حسبت أنكم سهرتم الليل الفائتة وستنامون طويلا هذا الصباح , وسمحت لشيرلي ومافي بالتأخير حتى العاشرة لأنهما بذلتا جهدا كبيرا مساء الأمس , هل تأكلين يا توني ؟ يمكننا تناول فطورنا في المطبخ , وسأضع لبنيامين فطوره على صينية فهو يحب الأفطار مبكرا".
كانت تثرثر في سعادة وتتحرك في المطبخ الحديث كأنها أعتادته طوال حياتها , وواصلت:
" لن يفطر سوانا , فالسيد لورنس يعنى بنفسه في جناحه الخاص ".
وأخذت ثلاث بيضات من الثلاجة وشغلت توني بتنظيم الأطباق وأدوات المائدة التي وضعتها أمها , وقالت :
" أمضيت الأجازة كسائق في النقل العام فأنت لم ترتاحي أبدا....".
منتديات ليلاس
وقالت السيدة وارين تقطع شرائح الخبز :
" أنني أحب ذلك ! أحبه حقا! أنه حلم أن أوجد في مطبخ كهذا بعد تلك السنوات الطويل".
ورفعت توني حامل التوست وهي تقول :
" ما قولك في أن تقيمي هنا بصفة دائمة ؟".
وحدقت السيدة وارين فيها وقد تسمرت سكينة قطع الخبز في الهواء وقالت :
" أقيم هنا؟".
وكررتها في بلاهة .
وأومأت توني قائلة :
" طلب مني عمي بنيامين مساء الأمس أن نقيم معه ".
وبلعت أمها ريقها وقالت :
" وأنت ........قبلت؟".
وأبتسمت توني وقالت :
" أليس شيئا غريبا؟ أنا بكبريائي السيء الذي لا يفارقني ! ولكنني وافقت أو على الأصح أشترطت أن توافقي يا أمي".
" أنني....... أنني....".
وغاصت السيد وارين في أحد كراسي المطبخ , وأنهمرت باكي ......لم تر توني أمها تبكي من قبل , وأدركت بأن الفرح المفاجىء قد يؤدي ألى صدمة تماما كالحزن المفاجىء , ومسحت أمها عينيها أخيرا , وقالت :
" آسفة يا عزيزتي....... كان ذلك أكثر مما أتحمل , وقد جاء فجأة , ظللت أحلم وأثق في أنه سيحدث ....".
وأبتسمت توني في مرارة وقالت :
" صنعت أكثر من الحلم والتمني , أعطيت الأحداث دفعة قوية عندما ذهبت ألى وارينز وسلمت ذلك الخطاب يوم أجريت المقابلة".
ونظرت أمها في قلق تقول :
" لن تلوميني من جديد بسبب ذلك يا عزيزتي ! أردت لك حياة سعيدة يا توني! ".
" أعرف , وفي أي حال كان عليّ أن أتخذ قراراتي بنفسي.... فقط يبدو لي كل شيء وكأنه قصة خيالية أقوم فيها بدور سندريللا ".
وأبتسمت السيدة وارين , وربتت على شعر أبنتها , وقالت :
" أنك أجمل سندريللا , وسوف يأتي أمير الأحلام ليقول لك الشيء نفسه".
لم يكن ثمة فائدة من الجدل مع السيدة وارين وغيّرت توني الموضوع قائلة:
" أريد أن أجعل السيد بنيامين يعرف أنني أتخذت قراري , هل ترين مانعا في أن أكتب أليه ورقة أضعها على مائدة فطوره ؟".
وبينما كانت السيدة وارين تصنع التوست وتسلق البيض , ذهبت توني ألى غرفة المكتب لتبحث عن قلم وورق , كانت الغرفة كما تركتها الليل الفائتة , فيها آثار رائحة السيكار ,والكؤوس لا تزال في أمكنتها , وأمتقعت للمنظر خاصة كيف صار حال المساند وأصلحتها ثم ألتفتت فوجدت ورق الكتابة على المكتب وكتبت :
" عمي العزيز بنيامين أذا كنت لا تزال تريدني , فأن أجابتي هي : نعم ! بالحب والعرفان – أنطونيا ".
وبللت المظروف بلسانها ثم أغلقته بأحكام , ونهضت , وسارت ألى الباب وهي تلقي نظرة أخرى ألى الأريكة .
منتديات ليلاس
وعند احادية عشرة أخذت توني وجهتها على الممر الرئيسي في المرج الطويل ومن خلال الفتحة المقوسة العالي المصنوعة من خشب الزان في نهايته ورأت الكوخ عند حافة الحديقة الخلفية , يكاد يختفي وسط أشجار الفاكهة , وعلى واجهته تمثال التنين الصغير وخرجت آن للقائها تقول :
" أنا سعيدة للغاية بقدومك , أعددت القهوة , أما دومينيك فذهب ألى الأسطبل وسيحاول الحضور ليشرب القهوة معنا".
ودخلت توني ألى غرفة الجلوس الصغيرة التي تعبق بعطر بعض الزهور الزنبقية وتتوهج فيها نار المدفأ , وأخذت فنجان القهوة ونظرت حولها نظرة أعجاب وقالت :
"جميل ومريح للغاية!".
وجلست آن على الجانب الآخر للمدفأة ترتدي تنورة من التويد وكنزة بيضاء صنعت بالتطريز اليدوي , وبدت رائعة بملامحها الرقيقة وعينيها الواسعتين.
وخطر لتوني من جديد ما أذا كان بين آن وغراي لورنس أي علاقة , فليس في آن ما يذكره بميدج ولا ما يجعله يعاملها بتلك المرارة المكبوتة , يستطيع معها أن يبدأ من جديد أذا ما كان يفكر في الزواج من جديد.

نيو فراولة 09-10-10 07:39 PM

وضحكت آن , وقالت :
" مريح جدا , تشعر أنه ضيق جدا في بعض الأحيان , ويشعر أخي المسكين أنه محاصر هنا , ولكننا نسيّر أمورنا , والحق أن السيد وارين كان كريما جدا معنا فقد أمر بتوسيع المطبخ وجهزه كاملا , أنه مطبخ فاخر أرجو أن تشاهديه قبل أن تنصرفي والسيد وارين رجل رائع !".
" أتفق معك تماما........".
قالت توني وهي تتكر كيف عبر عن أبتهاجه لقرارها , كانت قد صعدت ألى غرفته بناء على طلبه ووجدته جالسا في السرير بردائه الأسود المزين بجديلة ذهبية , وبشعره الأبيض ولحيته الأنيقة .... ويبدو أكثر مهابة , ولم يكن زيه أو مظهره ليؤثرا على تعبيره الطبيعي بالفرح والسرور , فقد أخذ يديها بين يديه قائلا :
" أنني مسرور للغاية يا أنطونيا , وينبغي أن نتأكد أنك لن تندمي على هذا القرار ".
منتديات ليلاس
كانت توني قد ذكرت له أن آن دعتها معها القهوة وأستأذنته في زيارتها , وربت على وجنتها قائلا :
" أريدك أن تفعلي كل ما يروق لك يا طفلتي العزيزة! وعندما تتعودين الوضع الجديد قد تجدين أن لك شيئا خاصا تهتمين به أو هواية خاصة تعبرين بها عن مواهبك وأذ ذاك أرجو أن تخبريني فسأكون في منتهى السعادة لأوفر لك ما تريدين".
وأضاف وهو يبتسم :
" طالما أنك لا تطلبين أثمن ماسة في العالم .....".
وعلقت توني في جدية :
"أخشى أن تكون مصمما على تدليلي , فقد تعودت أن أعمل من أجل لقمتي كما تعلم".
وأجابها بنيامين :
" أذا كنت تريدين العمل فليست هناك مشكلة ...... ما رأيك في أن تتعلمي كل شيء عن العمل الذي نشتغل به؟".
كانت تعرف أن شركة وارينز من أشهر شركات المجوهرات في بريطانيا وقد شاهدت بنفسها معرض المجوهرات في بوند ستريت ولم تكن تصدق أنه يعرض عليها العمل في مؤسسته , وقالت :
" تعني أنني أستطيع أن أذهب ألى لندن؟ وأنك سوف تجد لي عملا هناك ؟".
وأنفرجت أسارير بنيامين وقال :
" أذكر أنك كنت تبحثين عن عمل ؟".
" نعم ........ ولكن ذلك كان شيئا مختلفا......".
وأبتسم وقال :
" لن تكون الآنسة أنطونيا بعد الآن عبدة للآلة الكاتبة , أنه ليسعدني أن تعرفي كل شيء عن الأحجار الكريمة , عن الأشكال والتصاميم وكل شيء عن الحرفة التي تصنع أدوات الجمال , هل يناسبك ذلك؟".
ولمعت عينا توني , وقالت :
" شيء لا يكاد يصدق , أذا كنت تعتقد أنني أقدر على تعلم ذلك؟".
" تستطيعين يا أنطونيا ".
ونظرت توني ألى آن وقالت :
" نعم , بنيامين رجل عظيم , أنه طيب , كريم , كشخصيات الكاتب ديكنز التي تعيش لتجلب السعادة للآخرين ".
وجلست آن صامتة لحظة ضحكت بعدها توني في شيء من الأضطراب وقالت :
" أتساءل هل من الخير أن يحصل الأنسان على كل ما يتمناه ؟".
وعلقت آن بأبتسام :
" هذه نقطة لا تحتمل المناقشة أذا ما حانت الفرصة لأي أنسان .... ولكن بعض الناس تفسدهم النعم بينما آخرون لا يتغيرون مهما جاءهم الغنى والثراء , هناك صنفان من الناس القادرون الذين يعطون والضعفاء الذين يأخذون , والقادر شخص غير أناني أما الضعيف الذي يأخذ فقد لا يشبع أبدا فكلما أعطيته طالب بالمزيد!".
منتديات ليلاس
فواصلت تقول :
" أخشى أن أكون أتفلسف , لو كان غراي موجودا لغضب مني , فهو يتهمني بأنني آخذ كل شيء مأخذ اجد ..... يا لغراي المسكين !".
وأخذت توني ترشف قهوتها في صمت , كل شخص يبدي الأشفاق على غراي ويلتمس له الأعذار ما عداها! لم تكن ترى أنه يستحق أي أشفاق ولم يكن له عذر فيما يبديه نحوها من كراهي.
وقالت آن :
" لا تجعلي غراي يعكر عليك صفوك أنه يصبح شخصا غير محتمل أذا أراد ذلك , وأحسست أنه كان يتعمد مضايقتك الليلة الماضية ".
" أنه يكرهني لأنني شبيهة زوجته ".
وحاولت أن تخفف من وقع العبارة الكئيب فقالت :
" أنك تلاحظين شعوره عندما يراني في المنزل , لا بد أنه كان يحب زوجته كثيرا ".
كانت آن تنظر أليها في أستغراب , وقالت :
" أعتقد أنه كان يحبها بالفعل.........".

نيو فراولة 09-10-10 09:51 PM

وتحدثت آن عن القرية المجاورة وعن سوق المدينة الصغير على بعد خمسة أميال حيث تشتري ما يلزمها وحيث تقع المدرسة التي تعمل بها .
وقالت توني :
" بدأت أحس كأنني في بيتي فلقد نشأت في قرية وأعتقد أن سائر القرى تتشابه وسأجد ما يشغلني".
ولم تكد تقول ذلك حتى ساورها الشك فيما قالته , كان لحياتها ختى الآن هدف تسعى ألى تحقيقه , فالأمتحانات المدرسية والتدريب على أعمال السكرتارية وفيما بعد عملها في لندن الذي كان من الممكن أن يوصلها ألى وظيفة أكثر مسؤولية ؟ فهل يكفي الآن أن تعيش في فراغ ؟ كان بوسعها أن تشارك أمها وكان هناك عرض بنيامين بأن تتعلم ما يرتبط بتجارة الماس ولكنها لم تكن تستطيع أن تكرس حياتها كلها لهذا العمل.
ونظرت ألى الساعة الموضوعة على رف المدفأة وقالت :
" لا بد أن أنصرف الآن وألا تأخرت على الغداء ".
وعلقت آن :
" سوف يشعر دومينيك بالأسف أذا لم يرك".
ونظرت من النافذة وقالت :
" هل لاحظت أن المطر بدأ يهطل من جديد ؟ هل أحضرت معك شيئا يقيك المطر ؟ حسنا خذي معطفي فلن أحتاج أليه وسوف يحضره دومينيك فيما بعد".
ورجعت ومعها معطف أحمر له غطاء واق من للرأس لبسته توني شاكرة عنايتها بها .
ولاحظت أنها تلبس صندلا لا يناسب المطر فقالت :
" أنتظري دقيقة ! أحضر لك حذاء المطر من المطبخ , أنه غير أنيق لكنه مفيد جدا في هذه الظروف".
وأحكمت توني أزرار المعطف ولبست غطاء الرأس ونظرت في المرآة الموضوعة فوق خرانة في ركن من الغرفة وسمعت آن تبحث في مخزن خلف الكوخ فقالت :
" لا تشغلي نفسك أذا كنت لا تجدين........".
منتديات ليلاس
وأنفتح باب الكوخ الذي يؤدي ألى غرفة االجلوس مباشرة في تلك اللحظة , وقبل أن تستدير لتستطلع الأمر وجدت نفسها تقع في عناق من الخلف بين ذراعين صلبتين , وسمعت صوت رجل يقول :
" عزيزتي كنت أعد الدقائق لأخرج وكنت أخشى ألا أستطيع ......".
كانت لهجته لهجة عاشق نفذ صبره , ووقعت في حيرة من أمرها ..... ذهب دومينيك ألى أبعد مما يحتمل ولا بد أن تقول له ذلك.
وأستدارت بين الذراعين اللتين تمسكان بها ورأت فما متعطشا على مسافة قريبة يقترب منها , ولكنه تقهقر ألى الخلف وسقطت الذراعان اللتان تمسكان بها ووجدت نفسها تحدق في شخص غريب تماما , رجل أشقر البشرة والشعر له وجه نحيل يدل على أنه شخص مثقف.
وألتفتت توني ووجدت آن تقف عند الباب وبيدها حذاء المطر وأتسعت عيناها في دهشة أذ شهدت على الأقل جزءا مما كان يحدث , وتبادلت مع الرجل الأشقر نظر تدل على خيبة الأمل , وقال :
" هل كان بوسعي أن أفطن لوجود أثنتين لهما المعطف وغطاء الرأس الأحمر نفسهما؟".
ونظر ألى توني , وأضاف:
" أقدم أعتذاري ".
وأتجه نحو النافذة ووقف مديرا ظهره لهما ووضع يديه في جيبيه , ألقت آن بالحذاء وتحملت مسؤولية المواقف وأتجهت ألى الرجل الواقف عند النافذة , ووضعت يدها على ذراعه وقالت :
" توني , هذا كيث هيمسلي معلم الفنون في مدرستي , وهذه توني , أبنة أخ السيد وارين يا كيث , حدثتك عنها من قبل".
وصافح كيث توني , وهز كتفيه قائلا :
"تسببت لك في الحرج يا آن... خرجت عن شعوري ... أنها غلطتي بالطبع ".
وألقى بنفسه في كآبة على كرسي قرب المدفأة , وقالت آن في هدوء :
" لا تجزع يا كيث , أن توني واحدة منا".
وألتفتت ألى توني وقد أختارت كلماتها بعناية:
"أذا طلبت أليك ألا تذكري شيئا على الأطلاق لأي شخص عما وقع وعن رؤيتك كيث هنا فهل توافقين ؟".
" بالطبع....... بدون أن تطلبي ألي ذلك ".
وأرتفع رأس كيث يقول :
" لا أكاد أصدق ".
ولبست توني حذاء المطر , وقالت :
" أشكرك على القهوة يا آن وعلى المعطف والحذاء ...... لا تتكبدي مشقة صحبتي ألى الباب!".
وأبتسمت لها وبدأت تخوض في ماء المطر خارج الكوخ , لم تكن لديها أي فكرة عن العلاقة بين آن وكيث بل تأكدت أن العلاقة بين آن وغراي لا تزيد عن كونها صداقة , وأرتحت ألى ذلك الخاطر , فآن من وجهة نظرها لطيفة جدا ولا يستحقها غراي.
وهرولت تصعد الدرجات القليل المؤدية ألى المنزل وهي تشعر بالأرتياح قال بنيامين وهو يدفع بعلبة السكائر الذهبي الخاصة به ألى غراي.
" بما أننا جميعا هنا من المناسب أن نضع خطى للأيام القليل المقبلة ".
كان الأربع قد أنتهوا من تناول الغداء , وحضر غراي من جناحه ليشاركهم بدعوة من بنيامين , وقالت السيدة وارين لتوني :
" عندما ذهبت لدعوته , كان على وشك أن يفتح علبة من علب الطعام المحفوظ , لا أستطيع أن أفهم لماذا يصر على أن يبقى بمفرده !".
وبدا أن توني كانت تفهم لماذا ؟ كانت تعتقد أنه يتفادى رؤيتها بعد ما حدث الليلة السابقة , ولكنها أبتسمت وقالت :
" ربما كان لديه عمل يريد أنجازه".

نيو فراولة 10-10-10 03:48 PM

وأسند غراي ظهره ألى الكرسي حيث يجلس وهو يعبث بالسيكار بين أصابعه ,وقال :
" أعتزم العودة ألى لندن في وقت مبكر من صباح الغد".
ودهش بنيامين , وقال :
" ما الذي يدعو لهذه العجلة؟ والمصنع مغلقّ!".
وهز غراي رأسه يقول :
" سيكون جو هناك , أنه حريص على أن ينجز المطلوب منا لمعرض كارين لايز , أنك تعرف مدى حرص جو على أتقان العمل , ويكره أن يجد نفسه في ضيق من الوقت , وينبغي أن أكون موجودا لأنجاز بعض الأعمال , وقد وعدت كذلك أن أقابل مارشا غدا بخصوص مجموعة باريس , وقد أتصلت بي الليلة الماضية".
وأومأ بنيامين قائلا :
" ربما تكون على صواب , ولكن بالنسبة أليّ , فأنني أوثر الكسل بقية الأسبوع لأستمتع بفن الطهو الذي تقدمه صديقتي مارغريت ".
وأشرقت أبتسامته نحو السيدة وارين التي بادلته الأبتسام في سعادة كاملة , وقال بنيامين:
" أذن فسنبقى هنا ثلاثة , وتبقى كذلك مشكلة الشقة في هورنسي".
منتديات ليلاس
وألتفت ألى أنطونيا يقول :
" أعتقد أن أفضل شيء يا أنطونيا أذا كنت توافقين أن تسافري مع غراي ألى لندن غدا , وبوسعه أن يوصلك ألى الشقة , وتستطيعين أن تعملي الترتيبات مع صاحبة المسكن , وتحزمي أغراضكم ما رأيك في هذه الفكرة؟".
ونظرت توني ألى أمها , وقالت السيدة وارين بسرعة :
" أنك لا تحتاجينني يا عزيزتي! فسيكون بوسعك أن تتفقي مع أحد الحمالين ليحضر كل شيء ألى هنا , وليس عندنا أثاث كثيرة ؟ فهناك آلة التطريز وآلة الخياطة وحاجياتنا الشخصية وستكون السيدة بلاث مسرورة عندما تعطينها محتويات خزانة الطعام".
وأضاف غراي :
" وسيكون غراي قريبا منك أذا ما أحتجت ألى أية مساعدة".
وأبتسم لكليهما وقال :
" أتفقنا؟".
وقالت توني :
" نعم".
وتمتم غراي كأنه تلقى أمرا لا يسره قائلا :
" كما ترى يا سيدي".
لم يكن غراي يعترض على أي رغبة لبنيامين , وخطر لتوني أن كليهما واقع في فخ , سوف يكون عليهما أن يسافرا معا سواء أرادا أم لم يريدا ولم يكن أمامها من سبيل آخر.
وتحرك غراي في كرسيه ألى الخلف قائلا:
" أقترح أن نتحرك في الصباح الباكر , هل تناسبك الثامنة صباحا؟".
وأجابت توني :
" مناسبة تماما".
كان غريبا أن يجلس أثنان على مائدة الطعام بدون أن تتقابل عيناهما بطريقة مباشرة , ولم يكن أحدهما ينظر ألى الآخر الآن.
ونهض غراي وقال :
" ربما تسمحون لي فلدي بعض الرسائل أريد أكمالها ".
وقال له بنيامين :
" ولكنك ستتعشى معنا هذا المساء؟".
" أشكرك! ولكنني مدعو لدى أسرة بترون ولم أستطع الأعتذار لكنني سأراك قبل أن أرحل في الصباح يا سيدي".
وأنحنى بالتحية وخرج .
وتنهد بنيامين وقال :
" كان له ول..... ميدج أصدقاء كثيرون في المنطقة , وغراي مطلوب دائما برغم أنه ضيق وقته للمجاملات الأجتماعية وعبء العمل كثير عليه".
منتديات ليلاس
وألتفت ألى السيدة وارين بأبتسامة وقال :
" سنرتب لكما لقاء مع الناس الطيبين الذين يعيشون هنا , وربما أقمنا حفلا صغيرا في أحدى الأمسيات عندما تعود آدا من المستشفى وتستأنف عملها , أنني أتمنى تقديم أسرتي الجديدة لأصدقائنا ".
وعلقت السيدة وارين :
" أشكرك يا بنيامين ....سيكون هذا شيئا سعيدا".
كانت أمسية هادئة لم يخرج فيها غراي من جناحه وتركت توني أمها تستريح بعد الغداء , بينما ذهبت لتستطلع المطبخ بمعداته الحديثة وأدواته الكهربائي , كان يحوي كل شيء يدخل السرور على قلب الطاهي الشغوف بعمله وبيسر العمل في الطهو , خلاطات , عصارات , مناخل طواحين للمكسرات وللبن , ماكينات لتقشير الخضر ...... كان مليئا بالمعدات التي جعلت رأس توني يدور ولكنه كان بالضبط ما تهواه أمها بنزعتها المتعطشة ألى الأشياء العملية.

نيو فراولة 10-10-10 04:14 PM


وجلس الثلاثة فيما بعد في وقت متأخر من المساء لتشرب الشاي حول المدفأة في غرفة المكتب ثم ذهبت السيدة وارين لتعد وجبة العشاء , كان بنيامين يتحين هذه الفرصة ليتحدث ألى توني حول المواد الخام التي تستخدم في صناعة الأحجار الكريمة , وقال :
" أنني أعشق الأحجار الكريمة وظل جمالها وغموضها يسحرني منذ الطفولة , تماما كما سحر أخي , جدك نوع آخر من الرجال ...... كان يظن أن عملنا ليس سوى عمل تجاري ولذلك رفض المشاركة فيه , كان رومانطيقيا حقيقيا , أما بالنسبة أليّ فأنني أجد الجمال والشاعرية في صناعة أشياء جميلة من الصخور والمعادن التي تبدو لأول وهلة في صورة لا توحي بالجمال , وهي التي أنتجها باطن الأرض خلال ملايين السنين.
منتديات ليلاس
وتحدث عن الياقوت والزمرد والأوبال وعن أحجار أخرى لم تسمع بها توني من قبل , وعن الأماكن النائية من العالم حيث توجد تلك الأحجار , وقص عليها السلسلة الطويلة من العمليات التي تؤدي في النهاية ألى الحلية المنتجة , الدبوس الفاخر أو الخاتم أو العقد , وعن أختيار الصخور بواسطة الخبراء الذين يعتمد معاشهم على خبرتهم في أصدار الأحكام وعلى قدرتهم على فرز الأحجار وتصنيفها حتى يصل الحجر الكريم في النهاية ألى مهارة القاطع وقدرته على التشكيل , وقال :
" وعندما تدركين العمليات التي يمر بها كل حجر ثمين في طريقه ليصبح الحجر المتلألىء اللامع الذي ترينه في قطعة المجوهرات , وعندما تأخذين في الأعتبار الجهد الشخصي الذي يعطي له بواسطة رجال كرسوا حياتهم للسيطرة على المهارة اللازمة للتمييز والتشكيل , يمكنك أن تقدري أن مجوهرات الدرجة الأولى ليست غالية الثمن كما يتصور البعض".
وجلست توني ترقب وهج الكتلة الخشبية وتصغي بأهتمام بالغ ألى حديث بنيامين الذي أستولى على مشاعرها , وأحست بأنها تنتمي في شكل ما ألى الموضوعات المثيرة التي تحدث عنها بنيامين وهو يقول :
" ولكن تاج الأحجار الكريمة من وجهة نظري هو الماس , أنك لا تتخيلين مدى السحر الذي فيه , تلك الحصى الصغيرة التي وطأتها أقدام البشر قرونا قبل أن يعرف الأنسان قدر الجمال الذي يختبىء فيها , وقبل أن يتعلم كيف يقطعها ويصقلها , أن جمال الماسة يا أنطونيا في النار التي بداخلها كما يحلو لنا أن نطلق عليها ذلك الوميض المتلألىء , الذي يبدو كقوس قزح عندما ينعكس عليها الضوء , أن مصدر العجب الدائم لي أن حجرا خاما يمكن أن يحمل مثل هذا الشيء الباهر في داخله بأنتظار أن يكشف عنه أنسان , تعالي وأنظري ألى هذه!".
وفتح أحد الأدراج وضغط زرا كشف عن مكان صغير مستقل , وقال :
" مخابئي السرية أكثر أمانا من الخزانة التي تعلن عن نفسها ".
وأخرج حقيبة صغيرة وفتحها لتكشف عن حصاة صغيرة تميل ألى البياض يغلفها غشاء رقيق وقال :
" هل سمعت عن الماس الخام ؟".
وأبتسم ووضع الحصاة في يد توني , وواصل :
"هذه هي!".
وأدارت الحصاة بين السبابة والأبهام في رقة وفي نقطة منها كان الغشاء الرقيق قد تآكل , وأخذت هذه النقطة تلمع كأنما الضوء حبيس داخل الحجر .
وقال بنيامين :
" هذه الماسة من نوع ممتاز وتكاد تكون نقية تماما أشتريتها منذ زمن بعيد كهدية لحفيدتي في عيد ميلاد طفلها الأول وكنت أحدث نفسي أنه سيكون لي حفيد عظيم أو حفيدة تحمل مسؤولية الحفاظ على تجارة الأسرة يوما ما , ولكن......لم يتحقق........".
وتنهد في عمق , وقال :
" وهكذا ظل هنا منذ ذلك الوقت ينتظر أن يفرج عن جماله , وقد تقولين أنني رجل عجوز خيالي.......".
وهزت توني رأسها أذ تأثرت بقصته وهو يعيد الماسة بأعزاز ألى مخبأها .
وواصل يقول :
" أحيانا أفكر في ملايين السنين التي عملت الطبيعة فيها عملها في الصخور لتعطينا في النهاية حجرا كريما مثل هذا........".
منتديات ليلاس
ومضى في تأمله :
" الأستمرار...... الطريقة التي تمضي بها الحياة , تجدد نفسها بأستمرار ويحدث الشيء نفسه في الأسرة , ويمكن للأنسان أن يتخيّل كل تلك الدهور من الزمن , والتخيل متعة ! والماس الذي يصنعه الأنسان لا يمكن أن يصل ألى مرتبة تجعل منه بديلا مهما كان جميلا ".
وسألته توني:
"ولكنك لا تستطيع أن تصنع ماسا ؟ أقصد ماسا طبيعيا ؟".
" من الممكن عمل عينات صغيرة , نعم ,وتصنع بالطريقة نفسها التي تصنعها بها الطبيعة من الكربون النقي مع الأسراع بالعملية مليون مرة , ومع ذلك فهناك عقبة تقف في طريق صنع الماس من أي حجم , وهذه العقبة هي الحرارة الشديدة المطلوبة والضغط ......هل أضجرك الحديث يا أنطونيا ؟".
" لا , على الأطلاق , أرجوك أن تستمر !".

نيو فراولة 10-10-10 05:33 PM

وأومأ وقد شعر بالرضى , وقال :
"كنت سأحدثك عن الماس الصناعي الذي بدأ يعتبر تقليدا للطبيعة , فقد نجح الكيمائيون في صنع أحجار صناعية تشبه الماس الطبيعي في صلابته بل وتزيد عليه أحيانا في اللمعان وفي النار ..... وهي تشابه ألى حد ما تلك المواد الحديثة التي تستخدم في صنع الثياب هذه الأيام كالصوف الذي لم يعرف الغنم والحرير الذي أنتجته مغازل آلية ضخمة ولم يعرف دودة القز".
وضحك وضحكت توني معه وقد زاد تقديرها للرجل العجوز وعرفت بعض الشيء عن صناعة الماس التي توارثتها الأسرة عبر تلك السنين".
ومضى بنيامين يقول :
" أن بعض الناس سعداء فعلا بتلك المستحدثات , بل لا يمكن تفاديها أحيانا نتيجة للأستهلاك الكبير للمنتجات الطبيعية , ولكن لا يوجد بديل للماس الحقيقي!".
وأستفسرت توني :
" وهل تستخدم وارينز الماس الصناعي؟".
وهز بنيامين رأسه في أبتسامة ضئيلة :
" أننا في وارينز نلتزم بتقاليد خاصة لأننا حريصون على سمعتنا في التعامل بما هو أصل ونادر , والنذرة من العوامل التي تكسب الماس قيمته , والواقع أن أمور الماس تخضع للكثير من القيود والوارد منه ليس وفيرا , وأحيانا تقوم بعمل نسخ من بعض القطع لعملائنا ".
وتنهد قائلا:
"ليس تفكيرا ناضجا أن يحفظ الناس الماس الأصيل في خزانات البنوك لدواعي الأمن ويكتفون بلبس الماس التقليد ".
وجلس عند ذاك في كرسيه الجلدي الوثير صامتا وضوء الموقد يتوهج منعكسا على السترة والمنظار المثبت في شريط واللحية البيضاء الأنيقة , وتعجبت توني من جديد كيف أصبح هذا الرجل الذي عرفته منذ أسابيع قليلة فقط يشعر نحوها كأنها فرد من أسرته , ومالت عليه في أنفعال تقول :
" أشكرك كثيرا أذ أعطيتني هذه المعلومات ".
" سأكون في منتهى السعادة لو توفر لديك الأهتمام لتقومي بأي دور نشيط في أدارة عملنا ".
منتديات ليلاس
" أوه ...... لا أعتقد أنني سأكون على هذا المستوى في أي ........".
ورفع يده ليمنعها من أكمال الكلام وقال :
" أن لديك الذكاء يا عزيزتي وأمامك فسحة من الوقت لتتعلمي وسوف أعلمك كل ما أستطيع , وسوف يعمل غراي كذلك على أن تكون مساعدتك لنا مفيد بكل السبل".
وبدا على توني بعض التشكك , ولكن بنيامين هز رأسه وقال بطريقة مبهمة :
" تعلم غراي أن يميز حيثما يجدها".
كان ذلك أطراء من بنيامين لها شكرته عليه , ولكن لم يكن لذلك علاقة بأتجاهات غراي نحوها سواء الآن أو في المستقبل , كان الموقف بينها وبين غراي يشبه ألى حد ما الماسة الصناعية التي تحدث عنها بنيامين , هكذا ظنت وهي تبتسم في قرارة نفسها .
كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة في تلك الأمسية عندما جاء دومينيك ليأخذ معطف آن , وكان بنيامين قد صعد ألى الفراش منذ فترة بعد أن أغلق الباب الكبير , وقال :
"أن غراي معه مفتاح للباب الجانبي , أسعدت مساء يا عزيزتي , ورحلة سالمة صباح الغد , سوف يطمئن غراي ألى أن الأمور تسير على ما يرام بالنسبة أليك".
قالها وهو يبتسم أبتسامة الحيرة , وصعدت أمها كذلك وجلست توني على الأريكة المغطاة بالقماش القطني المزخرف ألى جوار نار المدفأة الذابلة في الردهة تستغرق في كتاب أعطاها أياه بنيامين عن تجارة الأحجار الكريمة , وكانت قد أندمجت في الموضوع بدرجة جعلتها تفاجأ عندما سمعت نقرا على الباب وصاحت :
" من الطارق؟".
وجاءت الأجابة من الخارج :
" أنا....... دومينيك !".
وترددت لحظة ثم فتحت الباب , وقال :
" يحياتي يا عزيزتي.... آ...... آسف لمجيئي متأخرا , كنت في أحتفال ..فشباب الفلاحين كما تعرفين .......".
ونظرت توني أليه في شك وخشيت أن يصيبها شر منه وخاصة أذا لم يكن صاحيا , وفضلت حرصا على أمنها أن تعامله في برود وقالت :
" ماذا تريد يا دومينيك ؟".
وبدت عليه الحيرة ثم أبتسم وقال :
" معطف آن , طلبت مني أن أحضره ".
وأختلس النظر ألى الردهة ,وقال :
" أين الباقون ؟".
" ذهبوا ....... أنتظر دقيقة , سأحضر لك المعطف ".
لم تكن تستطيع أغلاق الباب في وجهه , وعادت مسرعة معها المعطف والحذاء ووجدت دومينيك يقف ألى جوار المدفأة يدعك يديه معا , وكان قد أغلق الباب الخارجي , وقال :
" الجو شديد البرودة في الخارج ودافىء هنا في الداخل".
ومدت يدها أليه بالمعطف قائلة :
" أشكر لي آن , وقل لها أنني أسفة أذ نسيت , كان بوسعي أن أعيدهما في وقت باكر بنفسي".

نيو فراولة 10-10-10 05:58 PM

ولوح بأصابعه أتجاهها قائلا:
" لا ينبغي ألا أهمل الرياضة , لهذا حضرت بنفسي , لكي يجد الطائر المحب فرصة للألتقاء بوليفته , كما فكرت".
وصمتت توني فقد كان بحالة سيئة , ولكن صمتها أتاح له الفرصة ليتجرأ أكثر من اللازم , وقال :
" تعرفين عن آن المسكينة وقصة حبها , أنها قصة محزنة , فالشاب الذي يحبها يعمل في مدرستها , ويحبان بعضهما بجنون , وللرجل زوجة .... آسف يا حبيبتي !".
وقالت توني في عجل :
" أنظر يا دومينيك ! ينبغي ألا تتحدث عن آن هكذا , وعد ألى البيت الآن , فالوقت متأخر ".
" لا .... ليس متأخرا... لنجلس! ونتسامر!".
وقبل أن تدرك نيته أخذ معصمها وجذبها ألى الأريكة بجانبه , وحاولت أن تنهض ,ولكنه أمسك بذراعها بأحكام , وقال :
"لا تذهبي ي حبيبتي ! أنتظري لحظة . وتحدثي أليّ ... أنت غاية في الجمال في هذا الفستان الأزرق , لا تتضايقي ! أنا لست ... وساتصرف بلباقة كاملة ...هذا وعد.... أريد أن أخبر أي شخص بالخبر السعيد...".
وفكرت أنه من الأفضل أن تصبر عليه ولحسن الحظ ترك الحديث عن آن وسألته :
" أي خبر سعيد تعني ؟".
" أستراليا! صديقي ذاهب أليها في الأسبوع المقبل وهذا ما كنا نحتفل به , وطلب أليّ أن ألحق به بعد فترة , أنها فرصة كبيرة بعد أن أطمئن على آن وعند ذاك أسافر".
" حسنا , سوف تخبرني بتفصيلات ذلك فيما بعد فالوقت متأخر الآن".
ولكن دومينيك كان مصرا على الكلام , وظل لنصف ساعة يحكي عن أستراليا , وعن مزرعة الماشية التي تقع على مستفة ميل من أقرب مدينة , وعن المسكن وما حوله من أرض والثراء الذي يمكن تحقيقه والطرق الجديدة التي يبنونها , ثم قال :
" من السهل أن تشتري بيتا خاصا وسيارة أنه بلد صحي يلائم تربية الأطفال كذلك".
وأعلنت ساعة الحائط منتصف الليل , ووثبت توني وقالت :
" يا لله! لم أكن أعرف أن الوقت تأخر ألى هذا الحد , ينبغي أن تنصرف يا دومينيك ,هيا أنهض!".
منتديات ليلاس
ومدت يدها تساعده على أن ينهض من الأريكة الغائرة ولكن عندما وقف لم يتركها وأمسك يديها بأحكام ونظر في وجهها قائلا:
" أنك يا توني جميلة وعاطفية ورائعة , وكل ما يتمناه المرء فيك , ما رأيك في أن نذهب سويا ألى تلك الأراضي الغنية ؟ المرء يحتاج هناك ألى زوجة وسوف نسعد سويا ونجد فرصة للعمل , أنني أعني ما أقول".
" أنا واثقة من كلامك يا دومينيك".
" هل تقبلين أقتراحي؟".
" سوف أفكر....".
" أنك حبيبة ... أعطني قبلة بتمنيات الحظ وبمناسبة العيد !".
وجذبها أليه في رقة , وقال :
" عذبة!".
وحاول أن يقرب وجهه ثانية ولكنها أبتعدت عنه قائلة:
"لا ! يا دومينيك يكفي!".
وصارعت لتجذب نفسها منه وهو يحاول أن يمسك بها , وضحكا وكأنهما في سن المراهقة , وكانا يتجاذبان ويتدافعان عندما دخل غراي ألى الردهة من مكان ما ووقف يرقبهما , وقال في أقتضاب :
" آسف أذ أفسد المرح ولكن الوقت قد حان لينفض هذا الأحتفال أذا كنا سنخرج في الصباح الباكر غدا يا أنطونيا !".
كان دومينيك قد ترك ذراعيه يسقطان عندما سمع صوت غراي ووقف الآن يرقب ما يحدث في شيء من الغباء وعندما أفاق من الدهشة أحس برغبة في أن يؤكد ذاته فقال :
" ما شأنك وهذا؟ نحن لسنا بحاجة ألى أن نطلب منك الأذن بالسهر ؟".
ونظر في تحد الى الوجه الصلب الذي يواجهه , ونظر أليه غراي في أحتقار قائلا :
" الأفضل لك أن تنصرف وألا ألقيت بك خارجا ".
وكورت قبضتا دومينيك ولكنه لم يكن ليثير شجارا , هكذا تصورت توني , وكان دومينيك يتنفس بصوت مسموع وقد أحمر وجهه وبدا شعره أشعث على جبهته , ووقف في غير أكتراث ويداه في جيوبه وبدا شيء من التهديد يقترن بذلك الصمت , وأحست توني بالخوف يسري في عروقها وخطت ألى الأمام تقول :
" الوقت متأخر يا دومينيك , وسوف تقلق عليك آن , أشكرك لأنك قصصت عليّ أخبار أستراليا , وأرى أن تذهب الآن , خذ المعطف ,ها هو ! أسعدت مساء يا دومينيك !".
ورد قائلا :
" أسعدتما مساء ".
وخرج وأغلق الباب خلفه في تظاهر بالشجاعة.

نيو فراولة 10-10-10 06:19 PM

وأتجهت توني ألى الأريكة وهي تغلي من الغضب أزاء ما حدث , وألتقطت كتابها وأتجهت ألى الدرج , لم تكن تنوي أن تحتك بغراي في حالته الأنفعالية الراهنة وقد أحست بأن معه جانبا من الحق .
وجاءها صوت من الخلف يقول:
"لم يكن صاحيا لعلك تعرفين ذلك!".
وألتفتت وقد أحست بأنه يحاول أن يبرر سلوكه وهو ما لم تعهده فيه من قبل لتقول في برود :
" ألست تبالغ؟ ربما ألتهب قليلا مع شباب افلاحين , وليس ذلك سببا يسمح لك بأن تهدد بألقائه في الخارج".
وأقترب منها يقول :
" لم أكن أهدده لذلك ولكن لأنه كان يمسك بك بين ذراعيه ".
وعرفت أنه من الأفضل ألا تدخل معه في جدل ومع ذلك سمعت صوتها يقول :
" أرجو ألا تتخيل أنك وصي عليّ في هذا الشأن أستطيع أن أعنى بنفسي جيدا ولم أكن في خطر مع دومينيك فهو شاب لطيف , أصيل , صحريح ورقيق ......".
منتديات ليلاس
" حقا؟ شيء مثير !".
وأقترب منها يقول :
" حسنا ..... أذا كنت لا تعترضين على توزيع مودتك في الأعياد فربما يكون لي أنا أيضا نصيب , ولكن أحذرك ! فأنا لست رقيقا مثل صديقك دومينيك ولست لطيفا بأي حال ".
وأحتوى ذراعه خصرها وهو يقول :
" هل تريدين أن تعلني أحتجاجك ؟".
كانت في قرارة نفسها تريد أن تدفع به بعيدا وأحست بأن أطرافها فقدت المقاومة , ورفعت رأسها وتقابلت عيناهما في نظرة طويلة صامتة في عتمة الردهة الكبيرة , وأحست بموجة أثر موجة من البهجة تنبض فيها , ووجدت نفسها تترنح , وعاودها التعقل من مكان ما خارج نفسها , وأدارت رأسها بعيدا وتصلبت وقالت :
" لا , لن أقبل أن أكون مجرد ..... مجرد بديلة .... أنه شيء مهين وحقير ".
وتجمعت فيها مشاعر الدفاع عن الذات ,وتهدلت ذراعاه ألى جانبه وقال :
" يا للسماء! عم تتحدثين ؟".
وأجابته وهي تتراجع بعيدا عنه :
"أنك تعرف جيدا ما أتحدث عنه , أنك تريدني لأنني شبيهة زوجتك ولأنك تستطيع أن تقنع نفسك بأنك ما زلت تضمها بين ذراعيك , كنت تحبها لدرجة كبيرة , وتريدني أن أشغل مكانها وتكرهني طوال الوقت لأنني لست هي".
ونظرت ألى وجهه وعندما رأت ملامحه خانها قلبها فجأة وقال في هدوء كامل :
" هل هذا هو ما تظنينه؟".
" لقد جعلته واضحا تماما ... أنني آسفة أذا كنت قد واجهتك بالحقيقة , ولكن كان لا بد أن أقولها ".
كان لا يزال ينظر أليها في دهشة كاملة , وخطر لها أنها أتته من مكمنه , وكان من حقها أن تزهو بالأنتصار ,ولكنها بدلا من ذلك أحست بأنها صغيرة وبأنها مذنبة , وقالت من جديد :
" آسفة يا غراي !".
وألتفتت لتصعد الدرج ولم يحاول أن يستوقفها.

نيو فراولة 10-10-10 11:17 PM

7- الغيوم تتبدد

وقفت توني في تمام الثامنة ألا دقيقة من صباح اليوم التالي تنتظر في الردهة , كان منظرها الخارجي لا يختلف عن توني وارين التي ذهبت ألى قصر الطرق البيضاء منذ ثلاثة أيام , ولكنها في أعماقها كانت تختلف بعض الشيء نسبة ألى ثقتها بالنفس بالومضة الجديدة في عينيها , وسواء أرادت أو لم ترد تحولت الآنسة أنطونيا وارين الكاتب المؤقتة على الآل الكاتبة ألى أنطونيا وارين التي تنتمي ألى شركة وارينز المعروفة في بوند ستريت.
وظهر غراي من اباب المؤدي ألى جناحه بعد ذلك بأربع دقائق , ونظرت أليه توني تتفحصه على ضيق منها ورأت فيه رجل الأعمال الذي كرهته دائما بسبب غروره وتسلطه وأرتكازه حول ذاته وعدم أستعداده لتحكيم المنطق وقالت وهي تتظاهر بالصبر :
" صباح الخير !".
وأرتفع حاجباه بعض الشيء وقال :
" صباح الخير , هل أنت مستعدة؟".
ونظرت ألى ساعتها التي ضبطتها على الراديو وقالت في برود:
" ألم تقل أننل سنتحرك في الثامنة؟".
منتديات ليلاس
وزمجر بكلمات ربما كانت أعتذارا وربما لم تكن كذلك , وحمل حقيبتها الصغيرة وفتح الباب الأمامي وأنتظر حتى تجتاز الباب قبله وأخذت ذلك على أنه نوع من التهكم فقد كان يجعلها تشعر بالأمتعاض ويذكرها دائما أنها وصلت ألى ما وصلت أليه بالخداع ولقد قال أنها أنتهازية وحدثت نفسها بأنه رجل متوحش وهي تسير أمامه في صباح ذلك اليوم الشديد البرودة من شهر ديسمبر ( كانون الأول).
وكانت الرحلة ألى لندن أمرا مقلقا طفت خلالها ذكرى الأنفجار العاطفي الذي حدث بينهما بالأمس كضباب لا يمكن أختراقه , وغيّر أتجاهات كل منهما نحو الآخر تماما , كانا يتقابلان دائما في شجار صريح والآن أنتهى الشجار ومعه الصراحة , وبدا غراي مهذبا ومتعقلا وسعدت توني بذلك , وأبدى نحوها من اللياقة والمجامل مثل ما يبديه بنيامين وارين , وكان ذلك شيئا غريبا على غراي.
وأسندت ظهرها ألى المقعد الوثير بينما أخذت سيارة غراي تجتاز الطريق ميلا بعد ميل وأحست بأنها أخطأت بما قالته له الليلة السابقة بدرجة لا يمكن له أن يغفر لها , وأطلقت تنهيدة طويل ,وقال غراي مستفسرا بدون أن يحول بصره عن الطريق :
" أنت بخير؟".
وردت في أدب :
" نعم ...... أشكرك!".
ولم يتبادلا أي كلمة بعد ذلك حتى توقفت السيارة أمام البيت القديم المألوف في هورنسي.
وأوقف غراي المحرك وقال :
" ما الوقت الذي تحتاجينه لأنهاء كل شيء هنا؟".
ووقع منها ذلك موقع الدهشة فقد كانت تظن أنها ستأخذ وقتها وتقيم ليلة وتعود وحدها ألى قصر الطرق البيضاء في اليوم التالي , وحاولت أن تشرح له ذلك , لكنه هز رأسه قائلا:
" أوصاني بنيامين بك وسأفعل ذلك , هل تستطيعين أن تنجزي كل شيء قبل العصر؟".
وفكرت ثم قالت :
"نعم ........ أعتقد ذلك..... ولكن سيكون عليّ أن أبحث عن حمّال وقد يستغرق ذلك بعض الوقت ".
" سوف أقوم بهذا عنك فلدينا حمّال يعتمد عليه وبوسعك أن تخبري رب المنزل أن كل شيء سيتم نقله اليوم , آخر النهار أو غدا صباحا ...... وعندما تكملين عملك هنا يمكنك أن تأتي ألى بوند ستريت وسيكون البواب في أنتظارك وقد أكون هناك بنفسي ولكن أرجو ألا يضايقك أن..... تنتظري عودتي !".
وخطر لها أنه يتحمل فوق ما يطيق وهو يلتزم بذلك الأسلوب المهذب وقالت :
" أرجو ألا تقلق نفسك فأنا معتادة على تحمل مثل تلك المسؤوليات وأستطيع أن أعود ألى القصور البيضاء وحدي".
وقال :
" أنا لا أشك في مقدرتك ولكن ليس هناك داع للسفر في القطار وحدك أذا ما دمت ذاهبا ألى هناك في الوقت نفسه".
منتديات ليلاس
ووافقت قائلة :
" حسنا , سأحضر ألى بوند ستريت , حالما أكمل حزم المتاع هنا وأشكرك على المشقة التي تكبدتها من أجلي".
وخرجت من السيارة وسارت في زهو ألى الباب وكان مفتوحا لحسن الحظ وأستدارت لتغلقه خلفها , ولدهشتها الكبيرة رأت أن غراي خرج من السيارة وأتخذ طريقه خلفها على الممر , وحدقت نحوه في أستفسار قائلة :
" هل نسيت شيئا ؟".
" ربما! ألا تنوين أن تدعيني ألى فنجان قهوة؟".
وأحست بالأضطراب ووجدت نفسها تهذي بكلام غير مفهوم وقالت :
" حسنا..... نعم ..... أذا أحببت..... ظننت ..... كان ينبغي أن أطلب أليك ذلك ..... ولكنني ظننت أنك على عجل تريد أن تنصرف".
كانت تقف عند مدخل الردهة ويدها على مقبض الباب الأمامي وكان هو على بعد خطوة منها أسفل الدرج ونظر أليها غراي نظرة كادت تذيب عظامها .
وفتحتالباب مسافة أوسع وقالت :
" تفضل بالدخول أذا ... لدينا قهوة ولدينا حليب معلب , هل يضايقك أن تشرب بالحليب المعلب ؟".
" كلا!".

نيو فراولة 11-10-10 11:46 AM

وما كاد يدخل حتى ظهر وجه السيدة بلاث على باب سكنها وقالت :
" رجعت أذا يا آنسة وارين؟ سمعتك تدخلين , هل قضيت عيد سعيد؟ ألم تحضر أمك معك؟".
" مرحبا يا سيدة بلاث .... أمي لا تزال في غلوشستر وأنا حضرت لأحزم متاعنا و....".
وأختفت الأبتسامة عن وجه السيدة بلاث فجأة , وقالت :
" هل ترحلان يا آنسة وارين؟".
" نعم ...... أخشى أن أقول لك ذلك , كان بنيتي أن أزورك وأخبرك رسميا أذ قررنا العيش مع أقاربنا في غلوشستر ".
وأرتفع حاجبا السيدة بلاث في أكتئاب وقالت :
" حقا؟ أنه شيء طيب بالنسبة أليكما , حان الوقت لتنعما بالأستقرار في حياتكما ! ولعلك تعرفين شروطي ....... فعليكما أن تدفعا أيجار شهر مقدما وفقا للشروط ".
وعلقت توني :
" نعم , بالطبع , دفعنا الأيجار ألى آخر ديسمبر ( كانون الأول ) وسأعطيك شيكا عن الشهر المقبل".
" لا يا آنسة وارين ! أريدها نقدا ما دمت تأخذين متاعك".
ونظرت ألى غراي بما يشبه الأعتذار وواصلت :
" أنا أرمل آخذ جانب الحرص ولا يعني ذلك أنني لا أثق بك يا آنسة وارين ولكن....".
وتدخل غراي قائلا :
" هات قائمة الحساب وسأدفعها لك نقدا".
" حسنا ...... هل تدفع الأيجار عن الآنسة وارين؟".
" نعم..".
منتديات ليلاس
قالها غراي في أختصار وواصل :
" هيا يتا توني!".
ووضع يده على مرفق توني يحثها على صعود الدرج الضيق وأغلق باب الشقة خلفهما وأستند وقال :
" أمرأة فظيعة!".
وأستدارت توني بعيدا يأمل ألا يكون قد لاحظ الدماء تمتقع في وجنتيها وقالت :
" الجو بارد هنا ...... وسأشعل الموقد".
وأشعلت عودين من الثقاب بدون جدوى وقالت :
" شيء مضحك! لا بد أن العداد لا يعمل .... وضعت فيه خمسين بنسا قبل أن نرحل حتى نجد الغاز بوفر عندما نعود".
وعلق راي :
" أعتقد أن صاحب البيت كانت تستغل الغاز أثناء غيابكما ".
وبحثت في كيس نقودها عن قطع ذات الخمسة بنسات بدون جدوى , وجاء غراي ألى الطاولة من خلفها يقول :
" أسمحي لي !".
وأخرج قطعة النقود وتلامست أيديهما للحظة أرتعدت خلالها توني , وقال :
" أنك تشعرين بالبرد ! أين ذلك العداد ذو الثقب لنشعل النار؟".
" أنه تحت حوض الغسيل في المطبخ .... في أسوأ مكان ".
كانت الغرفة الصغيرة لا زالت باردة , وركعت توني وفتحت خزانة تحت الحوض وحاولت عبثا أن تجد الثقب وكانت تشعر بغراي يقف خلفها مما زاد من أضطراب يديها .
" دعيني أفعل ذلك".
وركع غراي على الأرض بجانبها وواصل يقول :
" تزحزحي!".
ودفعها دفعة خفيفة ألى الجانب وأخرج قطعة النقود من حيث وضعتها وكاد رأساهما يتلامسان وهو ينحني ليضع القطع في الثقب وأدركت الرائحة القابضة التي كانت تفوح بأستمرار من شعره , وسمع صوت قطعة النقود تسقط في الصندوق , وقال :
" هكذا؟ ألا تعرفين أنني خبير في العدادات ذات الثقب؟".
وجلسا القرفصاء متجاورين وضحكت توني في أضطراب قائلة :
" ما كنت أظن أنك رأيت أحدها طوال حياتك".
منتديات ليلاس
" ولكني رأيتها بالفعل ... أؤكد لك.......ففي السنة النهائية من دراستي في كمبردج كنت أسكن في غرف مؤجرة لا تختلف عن هذه كثيرا وكنت أستمتع بالحياة فيها ...... لقد كانت سعادة !".
" سعادة!".
لم تسمعه من قبل ينطق هذه الكلمة , كان في هذا الصباح شخصا مختلفا , كأنه قرر فجأة أن يغيّر أسلوب التعامل معها وسررت لذلك لأنه سوف يجعل حياتها الجديدة أكثر سعادة , لو تقبلتها كما يتقبلها بنيامين.
ونهض ووضع كلتا يديه تحت مرفقها , وساعدها على النهوض على قدميها , ولم تتلكأ يداه كما فعلتا من قبل , وقال :
" أنك خفيفة كالريشة, والآن! جهزي القهوة وسأشعل النار لندفىء أقدامنا ونشرب القهوة".
ولم تمض خمس دقائق حتى كانا يجلسان على جانبي الموقد وسمعا نقرا على الباب وفتح الباب على الفور لتدخل السيدة بلاث وهي تلهث بعدما صعدت الدرج ونظرت أليهما نظرة شك وقالت في خبث:
" أرجو ألا أكون قد قاطعتكما , ها هي قائمة حساب الآنس وارين يا سيد.....".
ولم يعطها غراي الفرصة لتعرف أسمه وأخذ يعد لها النقود بالعمل الورقية ووضعها على الطاولة , وأحضرت توني دفتر الأيجار لتسجل فيه الدفع , وطوت السيدة بلاث النقود ووضعتها بعناية في جيب فستانها الأزرق وقالت بلهجة فيها شيء من اللطف :
" ومتى تخلين الشقة يا آنسة وارين؟".

" فورا".

نيو فراولة 11-10-10 12:09 PM

ونظرت توني ألى غراي الذي أومأ برأسه مؤكدا .....
" أذا.... أعتقد أنكما لا تمانعان في أن تسكن الشقة أسرة صغيرة طلبت أن أوفر لها السكن في أقرب فرصة وحضرا للتو من مانشيستر يبحثان عن سكن وأسم الأسرة طومسون وسأرسلهما لكما أذا كان ذلك مناسبا.......".
كان السيد طومسون وزوجته في أوائل العقد الثالث من عمرهما وكان يبدو عليهما الأرهاق الشديد , وقال الشاب :
" كلانا يعمل في التعليم وسوف يبدأ عملنا هنا مع الفصل الدراسي التالي ".
وواصلت الفتاة الحديث:
" أننا نقيم الآن مع بعض الأصدقاء في حي بايزووتر ولكننا لا نستطيع أن نثقل عليهم أكثر من ذلك , هل تخليان السكن اليوم بالفعل؟".
ونظرت ألى توني وألى غراي ثم ألقت نظرة حنين ألى غرفة الجلوس الصغيرة , وقالت :
" أنها لطيفة يا دنيس, الشيء نفسه الذي نريده , ولكنني أعتقد أن كثيرا من الأثاث لكما يا سيدة .......".
وأكملت لها توني:
" وارين! ألأثاث والسجاجيد ملك لصاحبة المنزل ولكن كل شيء آخر يخصنا , يخص أمي ويخصنا , أقمنا هنا سنتين وسأترك لك الستائر أذا رغبت في ذلك , وسأخلي باقي الشقة حالا أذا أردت أن تحضري حاجياتك".
ونظر الزوجان الصغيران ألى بعضهما , وقالت الفتاة الصغيرة في أكتئاب :
" ليس لدينا ما ننقله , حدث كل شيء فجأة وكنا نريد بالفعل أن – ننتظر بعض الوقت حتى نتزوج ولكن جاءنا عرض العمل لكلينا في المدرسة نفسها وحصلنا على رخصة الزواج , وهذا ما حدث".
ونظر الزوج ألى غراي وقال :
" أنك تقدّر كيف حدث ذلك؟".
وعلق غراي في سهولة :
"بالتأكيد".
منتديات ليلاس
وقالت توني :
" كنا نشرب القهوة... هل تشربان معنا ؟".
وسكبت فنجانين من القهوة , وشعرا بالسعادة الكاملة عندما عرضت توني أن تترك لهما الستائر والبياضات والغطاءات وسائر أدوات المطبخ , وقالت :
" أنكما تصنعان لي معروفا أذا أخذتمت هذه الأشياء فلن نحتاج أليها ثانية ".
ونظرت الفتاة ألى زوجها في شيء من القلق تقول :
" ما رأيك يا عزيزي".
كان من الواضح أنه يجري بعض الحسابات في ذهنه وألتفت ألى توني يقول :
" كم تريدين مقابل هذا؟".
وترددت وهي تضع في أعتبارها أنها لم تكن تريد أن تأخذ ثمنا على الأطلاق , ولكنها في الوقت نفسه لم تكن تريد أن تجرح كبرياءه , وقالت :
" لا أريد مبلغا كبيرا ....فأنتما توفران عليّ مشقة الحزم".
وذكرت مبلغا متواضعا , وأحس الشاب بأرتياح وقال :
" هذا مناسب تماما ".
وقالت توني في أبتهاج :
" أذا أتفقنا , أذهبا ورتبا أمركما مع السيدة بلاث وسأحزم ملابسي وأدواتي الشخصية وسأتركها عند المدخل حتى يأتي الحمال لنقلها".
وتهللت أسارير الفتاة , وقالت :
" تعنين أن بأمكاننا أن نسكن على الفور؟ أننا على أستعداد لدفع أيجار شهر مقدما ".
وألتفتت ألى زوجها تقول :
"أليست هذه بركة من السماء ؟ هيا نتكلم مع السيدة بلاث ونتفق معها على الأيجار".
وهرولا يهبطان الدرج , ونظر غراي ألى توني يقول :
" لن يحتاجا أل جهد كبير فهذه المرأة العجوز لن تتردد في أن تطلب أيجار شهرين بدلا من شهر واحد".
ونهض غراي ووضع فنجانه على الطاولة ,ووقف يحدق في وجه توني , وأفاقت عليه يتفحصها , وأسرع نبضها وأحسها بالفرح وكادت تلقي بذراعيها حوله لتعانقه فقد تغيّر عالمها فجأة ..... لم تكن تعرف السبب.... ربما لأنها رأت أسرة طومسون فرحة سعيدة , ربما لأن غراي لم يتركها وحدها , لم تكن تعرف , وقال غراي :
" ما زلت طفلة رغم كل شيء".
ونظر ألى ساعته وقال :
" ينبغي أن أذهب لئلا يطول أنتظار مارشا سأراك فيما بعد ! سوف تحضرين ألى بوند ستريت عندما تكملين عملك هنا؟".
وأبتسم لها وأنصرف مسرعا بدون أن ينتظر الأجاب.
لم يكن بوند ستريت قد أستعاد نشاطه بعد عطلة العيد , ولم يكن أحد من هواة مشاهدة واجهات المحال يتلكأ أمامها , فقد كان هناك رجال الأعمال يستحثون الخطى في معاطفهم التي تحميهم من الرياح الشرقية المؤذي , وبدا الشارع مهملا من حيث النظافة فقد أخذ عمال النظافة اليوم عطلة ولم تكن مدينة لندن في أبهى صورها , هكذا فكرت توني وهي في طريقها ألى معرض وارينز الذي كان مغلقا للجمهور , كانت النوافذ مغطاة بشبكة الأمن المصنوعة من الصلب وكان الباب الزجاجي الثقيل مغلقا ورأت البواب ينظف السجادة بالمكنسة الآلية بالداخل , وبدا أنه كان يتوقع حضورها وأسرع ليفتح لها الباب رافعا قبعته .
" أسعدت صباحا يا آنسة وارين".
وخطت برشاقة ألى الداخل تبتسم بينها وبين نفسها فقد أحست بفارق كبير بين المرة السابقة عندما حضرت تطلب عملا وأغلق غراي الأبواب في وجهها وبين هذه المرة , لقد حدث تغيير كبير في أقل من ثلاثة أسابيع وأخذت حياتها مسارا جديدا تماما .

فداك الروح يا غاليها 11-10-10 12:52 PM


نيووووو فراوووولة .. تسلمي تسلمي يا عسسسل ..

روااااااايتك جنآآآآآآآآآن وحمآآآآآآآس ..

مشكووووورة على مجهووودك الرااااائع ..

وآحنا بنتظاااااار يا قلبي ..

نيو فراولة 11-10-10 01:59 PM

وقال البواب :
"عاد السيد لورنس لتوه من الخارج وهو في مكتبه في الطابق العلوي وقد طلب أن تذهبي ألى غرفته مباشرة".
وشقت توني طريقها عبر المكان الأنيق وصعدت الدرج المغطى بالسجاد ألى الغرفة التي تحمل أسم السيد ج . ر . لورنس , ودخلت بدون تطرق الباب , وقالت في أبتهاج :
" ها قد حضرت طبقا للتعليمات!".
وبدا على وجهه شيء من الأرتياح , وقال :
" هل نجحت في حزم كل شيء؟".
ثم حدق فيها في شيء من الشك وقال :
" أنظري يا توني! رجعت للتو من الخارج , وأضطررت للذهاب ألى رتشموند بناء على طلب أمرأة بلهاء , سرقت معظم مجوهراتها في عطلة العيد ولم تستطع أن تدلي بأوصافها للشرطة ولم تكن متأكدة من أنها دفعت قسط التأمين الأخير وطلبت أن أقوم نيابة عنها بكل الأجراءات , كان زوجها يقوم بكل شيء نياب عنها ولكنه مسافر ألى هونغ كونغ الآن ".
وأستمعت أليه توني بشيء من المشاركة والفهم , وواصل حديثه :
" وليت الأمر أقتصر على ذلك فقد وجدت عند عودتي أن السيدة جينيز متغيبة بسبب ولم تصل كذلك الفتاة التي أرسلتها لي الآنسة بلاك ولهذا أجدني مضطرا ألى أن أنجز كل هذا بنفسي – آسف ... ولكنك ستضطرين أن تسافري ألى الطرق البيضاء وحدك رغما عني !".
منتديات ليلاس
وجذب الهاتف نحوه وقال :
" سأطلب الأستعلامات وأطمئن على مواعيد القطارات بالنسبة أليك و....".
وقاطعته توني قائلة :
"دقيقة واحدة ! لا داعي لأن تقوم بذلك عني! فأنا أعرف كيف أحصل على مواعيد القطارات وأرتب سفري.....".
وزال عنه التوتر شيئا ما كأن لمسة من الأشراق أضاءت عينيه وقال :
" أنني دائما أنسى........".
ودفع الهاتف أليها ,وقال :
" تولي أمرك أذا".
وعاد يتفحص البريد الذي أمامه , كان رقم هاتف مكتب أستعلامات باذنغتون منقوشا في ذاكرة توني , ورفعت السماعة , وتوقفت لحظة ثم أعادتها ألى مكانها , وقالت :
" لو أنني بقيت معك , هل أستطيع أن أقدم أية مساعدة؟".
كانت هناك فترة صمت , ورفع رأسه قائلا:
" تقصدين أنك يمكن أن تساعدي في العمل ؟ في هذا؟".
وأجابت :
" بالطبع! أنا معتادة على العمل وأنت تعرف ذلك!".
" ولكن لماذا تتعبين نفسك ؟ لست بحاجة ألى العمل الآن!".
" العم بنيامين يريدني أن أشغف بالعمل ولعل هذه فرصة للتعرف عليه ".
" أن ما أقوم به من عمل ليس مثيرا ألى حد كبير فأنا أتعامل مع العقود والجمارك ومثل هذه الأمور".
" ولكنها أعمال ضرورية".
" ما الذي تستطيعين فعله؟".
وأبتسمت وقالت :
" لم تقرأ أوراقي التي أرسلتها لك الآنسة بلاك؟".
" تعرفين أنني لم أقرأها وتعرفين السبب......".
" حسنا ..... الأختزال بسرعة : جيدة , والنسخ على الآلة الكاتبة : ممتاز والفرنسية والأيطالية بتقدير ( أ) ومعرفة بالألمانية , أما مسك الدفاتر فلا أحسنه , هل يمكن أن أكون ذات فائدة؟".
وأبتسم وقال :
"ومن أكون حتى أرفض مثل هذه الخبرة العظيمة؟ هيا ألى العمل".
ووجدت توني نفسها تعمل في سهولة أذ كانت طريقة غراي في أنجاز العمل ملائمة تماما وأعجبت بسرعة بديهيته وحدّة ذكائه , لم يكن يتردد في أتخاذ القرارات وأذا ما وجدت كشكلة درسها في صمت وأتخذ قراره بعد ترو ثم أنتقل ألى النقطة التالية , كان يراعي مشاعرها ويتوقف بين الحين والآخر ليطمئن ألى أنها تلاحقه وأطمأن ألى مقدرتها بعد وقت قصير وكرّس أهتمامه للعمل الذي بين يديه .
وفي الثالثة وخمس دقائق وضع آخر رسالة كتبها في سلة الرسائل وأسند ظهره ألى الكرسي وقال :
" هل أنجزت كل شيء ؟".
وأبتسمت توني وقالت :
" أعتقد أنني أنجزت كل شيء ما عدا كلمة واحدة في ذلك الخطاب ألى وكيلكم بالبرازيل عن طرد من حجر الأوبال أنها.......".
وقرأ لها الكلمة وصحّحتها.

نيو فراولة 11-10-10 02:20 PM

كان غراي من وجهة نظرها قد تغير تماما وأصبح جادا ومتعقلا ,وسألته :
" هل تشتغل أحيانا في تشكيل المجوهرات ؟".
وأبتسم وقال :
" بيدي؟ ليس بمهارة كافية .... عملت مرة بتوجيه من جون لايتمر ,وهو حرفي لا يبارى , كان والدي شريك بنيامين وكان يصر علي! أن أتعلم الحرفة من بدايتها وسأريك في يوم ما بعض القطع الممتازة التي صنعتها بنفسي ,عندما توفي والدي أضطررت أن آخذ مكانه في العمل الذي يأخذ الآن كل وقتي".
وحول الحديث فجأة يقول :
" متى أكلت لآخر مرة؟".
وأجابته :
" منذ األأفطار ".
" وأنا أيضا , أذا ما رأيك في الذهاب ألى كارلي للأستفسار فيما لعله يرسل ألينا شيئا؟ أعتقد أنه يدخر جهدا في تلبية طلباتنا فهو يعرف عاداتنا في الطعام .... هل تعرفين الطريق؟".
كانت تتذكر الطريق ألى مطعم كارلي وتذكرت أول مرة ذهبت أليه مع غراي ...... كان يحاول بكل جهده أن يجعلها تخافه ولكنه فشل , وصعدت لتأخذ مكانها كعضوة في أسرة وارين ولتصبح جزءا من عمل الأسرة ...... وأتسع عالمها فجأة ألى عالم مشرق يحمل بين طياته أملا غامضا في شيء ينتظرها ....لم تكن تعرف كنه ذلك الشيء أو تستطيع أن تسميه .
ووجدت منعطفا نحو الممر وصعدت درج المطعم كأنها على جناحين .
منتديات ليلاس
ووجدت جيوفاني في ركن من قاعة الطعام يدخن ويقرأ , تذكرها ووقف أحتراما لها عندما دخلت قائلا :
" عفوا يا آنسة فالعمل ضعيف اليوم ".
وواصل يقول :
" غداء لشخصين في مكتب السيد لورنس ؟ أهلا ...... يا آنسة .... سأخبر السيد كارلي ".
ولم تمض ربع ساعة حتى صعد جيوفاني ألى المكتب في الطابق العلوي يحمل صينية مزدحمة بالطعام وقال معتذرا :
" مع تحيات السيد كارلي وأعتذاره , فلا زال العمل في شبه أجازة".
وأخلى غراي مكانا للصينية على المكتب الكبير وقال :
" أنني واثق أنه طعام فاخر".
وأومأ جيوفاني مبتسما وقال :
" سوف أحضر القهوة على عجل".
وأنصرف.
وقالت توني وهي تقضم جزءا من رغيف الخبز :
" لا أستطيع الأنتظار , لم أكن أدرك أنني جائعة ألى هذا الحد".
وعلق غراي قائلا:
" ألم أقل أنك طفلة؟ تأكدت من ذلك الآن".
وساد صمت بعض الوقت قطعه غراي بقوله :
"توني! أدرك الآن أنني أخطأت كثيرا في حقك , أنني آسف".
وأحمر وجهها وقالت :
" لننسى ذلك ولا نتحدث عنه بعد الآن".
وقال في لهجة جادة :
" هذا أكثر مما أستحق".
وأبتسم وسكب الشراب في كأسين , ورفع كأسه وهو يقول :
" دعينا نشرب بأمل أن تستطيعي نسخ هذه الأوراق يا توني!".
وقالت وكأنها أصبحت من جديد الطابعة المتواضعة على الآلة الكاتبة :
" سأحصل الرضى يا سيدي!".
ورن جرس الهاتف على مكتب غراي , ورفع السماعة يقول :
" نعم..... نعم..... أوه! أهلا يا مارشا كنت أنتظر لأسمع أين أنت الآن ؟ تلقيت مكالمة من كارين وهي مسرورة جدا بالحلي".
وصمت لحظة ثم قال :
" أوه ....حسنا! أنت تعرفين أن جو في غاية القلق ويحرص على أن يكون كل شيء على ما يرام , وفي موعده بالضبط لماذا لا تحضرين لنتحدث في الموضوع ؟ حسنا ! ألى اللقاء".
وأقبل على الطعام بشهية , وقال:
" هذه مارشا المصممة الجديدة الماهرة في مصنعنا , سوف تحضر خلال دقائق , أنها في المصنع الآن تقدم بعض أفكارها ألى جو , لديها اللباقة والموهبة وسوف تعتمد عليها الشركة كثيرا في المستقبل".
وخطر لتوني أن مارشا هي نوع من النساء الذي يميل أليه غراي ,وعندما حضرت مارشا تأكدت من ظنها ........ كان مظهرها ملفتا للنظر بدرجة كبيرة , وهبّ غراي للقائها وتحيتها بطريقة تدل على أنه تأثر بذلك المظهر قائلا :
" أنك تبدين رائعة يا مارشا كعهدي بك دائما ".
وأقتربت منه وهي تقول :
" أشكرك يا غراي ! أنك لطيف للغاية!".
كانت تتلألأ في المكتب كلهب متقد بشعرها المائل ألى السواد معينيها الشفافتين ووجنتيها البارزتين وبشرتها السلافية الجميلة , كأنها مقبلة من عالم آخر , كانت هذه هي مارشا المصممة الجديدة في متجر وارينز.

نيو فراولة 11-10-10 02:42 PM

وعرّف غراي الواحدة بالأخرى وأحست توني أنه لم يكن من العدل أن تواجه بهذه الفتاة الرائعة في الوقت الذي بدأت فيه تحتل مكانها في وارينز ..... كانت الهوة بينهما واسعة وعميقة في الوقت نفسه.
ولكن , مارشا لم تكن تعي أن هناك أية هوة بينهما , لقد صافحتها وأبتسمت لها , كانت أسنانها بيضاء كلوز مقشور ,, وقالت :
" أنت أنطونيا ! من أسرة بنيامين , حدثني عنك......".
ووقفت تفحصها لحظة , ثم قالت :
" ولكنك جميلة , شعرك يشبه أوراق شجرة جميلة لدينا في البيت ولكنها لا تزرع هنا...".
وأخذت حفنة من شعر توني وصارت تشكلها , وتراجعت توني ألى الخلف في دهشة , وضحك غراي قائلا:
" مارشا تريد دائما أن تشكل الناس , أنها لا تستطيع أن تقاوم رغبتها في التصميم والتشكيل!".
" أوه ....... أنني آسفة!".
وعبرت عينا مارشا عن الأسف العميق , وواصلت :
" غراي على صواب , أنني أزج بنفسي كثيرا في شؤون الآخرين ! أرجو أن تسامحيني!".
منتديات ليلاس
وبدا في لهجتها الصدق الكامل , وحدثت توني نفسها بأنها ينبغي ألا تقع تحت تأثير فكرة مسبقة عن مارشا وسارت ألى المدفأة ونظرت ألى المرآة البيضاوية في مكتب غراي ,وقالت :
" أعتقد أنك على صواب يا مارشا , سأحاول أن أشكل شعري وفق أقتراحك !".
وجاءت مارشا خلفها تشكل لها شعرها الذهبي حسب ذوقها ووقفت خلفها كفنان يستعرض الوضع الأمثل مع عبارات الود والأستحسان وقال غراي:
"عندما تنتهيان تماما ..... هناك موضوعا خاصا بالعمل أحب أن أناقشه وسيكون عليّ أنا وتوني أن نعود بالسيارة ألى المنزل الليلة".
وأستدارت مارشا تقول :
" آسفة يا غراي , فقد شغلنا عنك وسأقدم لك التقرير حالا........".
وسحبت كرسيا , وجلست ألى جواره على المكتب وقالت :
" يبلغك جو أنه سيعمل طول الوقت حتى يكمل أفخر قطعة نعرضها وهي عقد الزمرد كما تذكر , أنه رائع في خطوطه وفي فخامته وصقله".
وأمسكت توني بكرسيها , وقالت :
" آسفة أذ أقطع الحديث , ولكن أين أنسخ هذه الخطابات ؟".
ونهض غراي وهو يوضح لمارشا :
" توني تساعدني على أنهاء الريد , وجدت رسائل عديدة عندما حضرت اليوم ولم تكن السكرتيرة موجودة".
وفتح باب غرفة صغيرة ملحقة بمكتبه , وقال :
" هذا المكان أفضل ما لدينا ".
ونظرت توني عبر الغرفة ووجدت طاولة لآلة الكتابة وكرسيا وآلة كاتبة وحاملة ملفات , وقالت :
" سأحاول!".
وأومأ غراي , وعاد ألى مارشا بعدما أغلق الباب خلفه , وجلست توني ألى المكتب وفتحت الأدراج لتجد ورق الكتابة والكربون وخطر لها أنها كانت ستعمل في تلك الغرفة عندما تقدمت للوظيفة كسكرتيرة ولكنها الآن الآنسة أنطونيا وارين أبنة أخ بنيامين وارين .... وأبتسمت..... كان غراي سيعتبر أذ ذاك رئيسا لها , ولكنه الآن شيء آخر لم تكن تعرفه بالضبط".
وجاء صوت مارشا من الغرفة المجاورة تضحك بصوت يسحر من حولها ككل شيء آخر فيها , وجاء كذلك صوت آخر لم تكن سمعته من قبل , صوت غراي وهو يضحك ضحكة عميقة تبين أنه كان على سجيته تماما يستمتع بصحبة مارشا .
ورفعت توني غطاء الآلة الكاتبة وجلست تنسخ الخطاب الأول........

نيو فراولة 11-10-10 04:27 PM

8- لا خوف عليه من الليل

صحيح أن توني كانت طابعة سريعة على الآلة الكاتبة لكنها حاولت أن تبطىء من سرعتها حتى تنصرف مارشا , لكن الوقت مضى , وتحول الشفق ألى ظلام , ولم تستطع أن تنتظر لفترة أطول فجمعت الرسائل , وأخذتها ألى غرفة غراي ووضعتها على المكتب قربه , وقالت :
" ها هي الرسائل يا سيدي تنتظر توقيعك ".
قالتها بطريقة فيها شيء من الأثارة أنها الآن الآنسة أنطونيا وارين وليست مجلاد طابعة صغيرة .
وجمع غراي كومة الرسائل أمامه ورفع بصره مبتسما , وقال :
" أشكرك يا توني! لقد أديت خدمة عظيمة !".
ونهضت مارشا قائلة :
" لا بد أن أنصرف حتى لا أؤخر رحلتكما ! ألى اللقاء يا غرايّ! سأراك قريبا".
ووضعت يدها على ذراعه , وقالت :
" أنت تعرف مكاني ؟".
وأجاب غراي :
"نعم , أنتظري سأوصلك! أعتقد أن بيتس أنصرف أذ طلبت أليه ألا ينتظر!".
منتديات ليلاس
وأخذت حقيبة يدها , وقالت :
" ألى اللقاء يا آنسة أنطونيا وارين!".
ولدهشة توني , أنحنت مارشا ألى الأمام وقبلتها قبلة سريعة وأنتشر شذى عطرها الساحر في المكان , وقالت :
" لا بد أن يرى بعضنا بعضا كثيرا , قال لي غراي - أنك ستنضمين ألينا- هيا بنا غراي ! أقفل أبوابك الضخمة خلفي!".
وعاد غراي يعلو وجهه البشر والسعادة وقال :
" سوف يسير كل شيء على ما يرام ! سيضم المعرض أزياء المصمة كارين لاينر وحلى لارين ولا بد أن تشهديه يا توني فقد ترغبين في شراء شيء منه ".
وأبتسمت وقالت :
" أنا أشتري من معرض أزياء ! هذا يبدو خيالا!".
" بل أنه عين العقل في نظري ! فجسمك يلائم أزياء رينر تماما ".
قالها وهو يقرأ أول رسالة مما طبعته توني.
" لم أقل أن الأزياء لا تناسبني ..... ولكن المشكلة مشكلة توفر النقود لشراء هذه الملابس.....".
وقّع الرسالة وهو يقول :
" سوف يصبح هذا أمرا عاديا في حياتك خاصة أذا أنضممت ألى الفريق كما قالت مارشا ".
وأحست توني بالأحباط فلم يكن غراي يبدي أهتماما فعليا بالموضوع ولم تستغرب لذلك فقد شغلته مارشا طويلا , ووقفت تنتظر حتى وقع الرسالة الأخيرة , ولزمت الصمت وهما يغادران غرفة المعرضويخترقان الشوارع تحت الصقيع ألى مرآب السيارة , وقال :
" سوف نمر بالمصنع أولا فلدي مسائل أريد أن أحسمها مع جو ثم نتجه مباشرة ألى الطرق البيضاء لنصل مع وقت العشاء ".
كان المبنى القديم الذي يضم مصنع وارين أصغر بكثير مما تخيلته توني وبدا الطابق الأرضي خاليا بعد أن تكر هجوم اللصوص عليه , فقد سدت النوافذ بألواح خشبية وطبعت بعض الشعارات على الجدران غطاها الطين في أجزاء منها...
وأوقف غراي السيارة ونظر ألى المبنى المتآكل قائلا:
" كأنه مقلب نفاية! من يصدق أن هذه كانت منطقة محترمة عندما جاءها وارين لأول مرة , بنيامين يفكر في نقل المصنع برمته الآن ألى الطرق البيضاء ".
وعلقت توني :
" فكرة معقولة ! ولكن هل يوافق العمال على ذلك؟".
" جو موافق وزوجته تحبذ الحياة في الريف , ولكن بعض العمال , الآخرين قد يعترضون فأذا توفر لهم المسكن ربما يزول الأعتراض , أعتقد أن في هذا ما يثير أهتمامك لأنه مجال للعمل في الرعاية الأجتماعية".
وقالت في هدوء:
" يوافقني ".
ولم تطلب في هذه المرة أن تبقى في السيارة حتى ينهي عمله مع جو , كان مظهر الشارع الخالي يوحي بالخطر , وصعدا الدرح – الخشبي المتهالك , ووجدا لايتمر وحده في المصنع كالمرة السابقة عندما أحضرها غراي ألى المكان , وأنشرح صدره لرؤيتها وأخرج العقد الذي كان يقوم بأنجازه لمعرض كارين لاينر , وما كادت توني تراه حتى أخذت بجماله , كانت حبات الزمرد تتلألأ كبحيرات خضراء عميقة في قمة جبل , وتترابط مع بعضها البعض بكتل أصغر من البلاتين المرصع بالماس , ربط بينهما جميعا مشبك صمم بطريقة رائعة تصوّرتها من تصميم مارشا , وأمسك جو بيدها وأحاطها بالعقد ثم أطفأ كل الأضواء في المصنع وصارت الحلى تتلألأ وتلمع , وأخذت توني تحرك يدها في أتجاهات مختلفة معجبة بالعقد الجميل , وقالت :
" أنه رائع , ومتقن للغاية وفاخر".

نيو فراولة 11-10-10 04:51 PM

ورفعت رأسها وأبتسمت لجو قائلة :
" ألا تشعر بالزهو الكبير , وبالنجاح لأنك تستطيع أن تصنع شيئا كهذا ؟".
" هذه هي الحقيقة يا آنسة , أنك تفهمين شعور المرء بالنجاح! ألا تريدين أن تصبحي فنانة يا آنسة وارين ؟".
وهزت رأسها قائلة :
" كنت أتمنى ذلك , وكان والدي فنانا وكثيرا ما حدثني عن السعادة التي يحس بها الأنسان عندما يبدع شيئا ؟ هل لي أن أحضر في وقت لأشاهدك وأنت تعمل ؟".
" يكون لي الشرف يا آنسة وارين".
وأخذت توني تتجول في المصنع بينما أخذ غراي يناقش مع جو مسائل تخص العمل.
وقالت وهي تنزل الدرج الخشبي المتهالك بعد ذلك بدقائق :
" أجدني أفهم الآن ما تعنيه عن التقاليد وأصول الحرفة والأتقان ".
منتديات ليلاس
وألقى عليها نظرة وهو يقول :
" لن تحتاجي ألى مزيد من الأقناع لتحتلي مكانك الذي تستحقينه عن جدارة في الشركة ".
وأجابت :
" أنني أتطلع ألى ذلك".
وفتح الباب الخارجي , وتقدم ألى الرصيف وتوني تسير خلفه مباشرة وأحست به يتصلب وهو ينظر حوله ثم يصيح :
" أختفت! السيارة أختفت!".
ووقف ينظر على طول الطريق وقد سمح لغضبه أن يعبر عن نفسه بطريقة تعهدها من قبل.... لم يكن في الطريق سوى جماعة من الغلمان ولم يكن هناك أثر للسيارة وعبر الطريق وأخذ يتحدث أليهم , وعندما رجع كان وجهه قاتما وقال :
" شاهدوا ثلاثة رجال يركبون السيارة ولكنهم لا يستطيعون وصفهم ويعتقدون أن أحدهم كان يحمل حقيبة , هذه المسألة لا يحلها ألا الشرطة , سوف أجري بعض الأتصالات !".
كانت هناك مكالمة طويلة مع الشركة من المصنع ولم يكن بوسع توني وجو لايتمر ألا أن ينصتا وينتظران , وعندما أنهى المكالمة قال :
" ألم تحضر سيارتك معك يا جو؟".
" آسف يا سيد غراي , أخذتها زوجتي اليوم ألى السوق".
" أذن سأسير ألى المحطة , ذلك أسرع من أنتظار تاكسي , فالشرطة تريدني أن أوقع على المحضر وأن أعطي مزيدا من التفصيلات ".
ونظر ألى توني في ضيق :
" لا داعي لأن أشقيك معي ! أبقي هنا في رعاية جو وسأمر عليك عندما أكمل المهمة مع الشرطة".
وعندما أنصرف أخذت وجو يناقشان المشكلة بالتفصيل , وقال جو :
" أنه من المحتمل أن تعثر الشرطة على السيارة متروكة في مكان ما. عندما يحقق الأشرار غايتهم منها".
" أنهم يستخدمونها لتنقلهم ألى مكان ما ثم يتركونها , وهذا يحدث بأستمرار".
وأضاف في أكتئاب :
" هناك مكان على الطريق أغار عليه ثلاث مرات في السنة الفائتة ".
وتنهد وقال :
" أتمنى أن أنتقل من لندن! أنني لا أحرص على الأقامة فيها يا آنسة وارين ".
ونظرت توني عبر الغرفة وقالت :
" هل حدث سطو عليكم في يوم من الأيام ؟".
وأبتسم جو قائلا :
" لا خطر من ذلك؟ فتوجد هنا أشياء كثيرة مغرية ولكنها لا تستحق الجهد الذي يبذل للحصول عليها , والسيد غراي رجل حاذق يستخدم أحدث أجراءات الأمن , وسوف تندهشين عندما تعرفين الأجهزة التي أحضرناها بما فيها تلك الأجهزة الألكترونية , ليتهم يجربونها , فسوف ينكشف أمرهم قبل أن يضعوا أيديهم القذرة على أية ماسة أو قطعة من الذهب ".
وهز رأسه في آسف قائلا :
" أنه عالم قاس اليوم يا آنسة وارين , ولكن السيد غراي يشق طريقه , أنه يتتبع كل ما يحدث دقيقة بدقيقة !".
ومضت قرابة الساعة قبل أن يعود غراي , كان جو خلالها قد أعد الشاي , وكان هو وتوني يشربان الشاي ويأكلان البسكويت ....... وكان جو يتحدث عن الحديقة التي يحلم بأنشائها عندما يذهب ألى غلوشستر.
ونهض جو عندما دخل غراي وسأله :
" أية أخبار عن السيارة يا سيد غراي؟".
كان غراي يبدو منهكا ويشعر بالأحباط وهز رأسه وقال :
" أعطيت أوصاف السيارة للشرطة , ولكن الأمل ضعيف في أن يجدوها الليلة , حصل سطو على مصرف في ضواحي لندن ولذلك فأن نبأ أختفاء سيارة لا يحتل أهمية كبيرة ".
وهز كتفيه , وقال :
" سيكون علينا أن ننتظر لنرى!".
وقال جو :
" هل هناك شيء ثمين في السيارة ؟".
" لا شيء بصفة خاصة سوى.....".
ونظر ألى توني :
" حقيبة ملابسك وأخشى أن تكون قد ضاعت!".
وقالت مؤكدة :
" لم يكن فيها شيء مهم ".

نيو فراولة 11-10-10 05:17 PM

وحاولت أن تتذكر محتوياتها , وفي أي حال فسوف يذهبان ألى الطرق البيضاء الليلة , ولكن كيف يذهبان وقد وقع ما وقع..... وأذا لم يذهبا .... فأين يقضيان الليل ؟ ونظرت ألى غراي وكانت عيناه تتجولان في المناضد وفي الخزانات وظنت أنه كان يطمئن ألى سلامة أجهزة الأمن وتفحص الخزانة المصنوعة من الصلب وقال :
" كل شيء محكم تماما يا جو؟ حسنا , أذا نخرج .... هناك تاكسي ينتظر بالخارج وسنوصلك ألى بيتك".
وأنزلا جو في محطة فكتوريا , وسألت غراي عندما رأت التاكسي يأخذ طريق قصر بكنغهام .
" ألى أين نذهب؟".
" ألى شقتي فعندي أستراحة في شيلسي , وهناك نأكل ثم ندرس الأمر".
وتوقف التاكسي أمام بيت قديم عند جسر شيلسي , وكان كل شيء ساكنا ...... وفي كل ركن وعاء كبير للزهور الزنبقية االزرقاء يفوح عطرها , وحاولت توني أن تقارن بينها وبين مسكنها في حي هورنسي ولم تجد وجها للمقارنة .
وحملهما المصعد ألى الطابق الثاني وفتح غراي الباب رقم 17- لتدخل توني أمامه , وخلع معطفه وألقى به على أحد الكراسي وقال :
" خذي راحتك ..... غرفة الحمام هناك , تقابلها غرفة النوم , آسف لضياع حقيبتك ".
منتديات ليلاس
وواصل في شيء من الحيوية :
" أول ما نحتاجه الطعام , أنني على ثقة أنك جائعة مثلي , كانت وجبة كارلي كافية ولكنها لم تشبعني , أنهم يقدمون شواء ممتازا هنا حسب الطلب , وأذا وافقت فسأنزل ألى الطاهية لأرى ما يمكن أن تقدمه لنا ".
وهزت كتفيها , وقالت :
" كما ترى , أنني بين يديك حاليا".
وسار ألى الباب ثم رجع وقد بدا في عينيه الخبث من جديد وسألها :
" هل تعنين ذلك حقا ؟".
ولم ينتظر الأجابة.
وبدأت تستطلع المكان , كانت شقة صغيرة ولكنها فاخرة وحديثة , كانت غالية الثمن لأحد رجال الأعمال في لندن له بيته في الريف , وتجولت في الشقة في شيء من العصبية وأطلت على المطبخ كان كل شيء يكفي فقط لأعداد الطعام أو الشراب لشخصين , وكان بوسعها أن تتخيل فتاة أنيقة مثل مارشا تأتي ألى هذا المكان بعد حفل موسيقي أو مسرحي لتصنع الأومليت وتنادي في مرح من خلال الردهة لغراي الذي يتمدد على أحد الكراسي الوثيرة في غرفة الجلوس , وكان الحمام الأزرق بلون تبرز فيه قطع معدنية لامعة , أما غرفة النوم فكانت ملساء وفيها سرير يتسع لشخصين , وخرجت على الفور وأغلقت الباب بأحساس زوجة الرجل ذي اللحية الزرقاء في القصص.
غرفة واحدة للنوم فقط أا فقد حسم الأمر وليس ثمة مجال لقضائها الليل معا في ذلك المكان ولا بد أن توضح له ذلك حالما يعود!
وأغتسلت وأتجهت ألى المرآة لتنظم شعرها , وجدت منديلا على الرف الزجاجي , كان منديلا مطرزا وأستطاعت أن تميز رائحة العطر الساحر الذي كان يلوح من مارشا قبل أن تقرأ الحرف ( م) على أحد زوايا المنديل ( مارشا) حسنا , وهزت كتفيها وأخرجت المشط من حقيبة يدها وأخذت تمشط شعرها بعدم أكتراق.
منتديات ليلاس
ووجدت في حقيبة يدها غطاء للرأس ما النايلون يحكم على الرأس بخيط أسود ناعم من الحرير , وجذبت الخيط فجأة وشكلت شعرها على هيئة ضفيرة وربطته بالخيط بقسوة ثم وقفت تتفحص النتيجة في المرآة , وتذكرت صورة أخذت لها وهي في الصف الخامس الأبتدائي ..... كانت وثيقة الصلة بمنظرها الآن , وتأكدت أن وجه الشبه بينها وبين أبنة عمها ميدج أختفى تماما بتلك الضفيرة , وهكذا لا يجد غراي أي شبه بينها وبين الزوجة التي فقدها .
وعادت ألى غرفة الجلوس لتجد غراي عاد وقد وقف تحت مصباح يقلب في صحيفة وبدت عليه الدهشة عندما لاحظ تسريحة شعرها الجديدة ولم يعلق وواصل النظر في الصحيفة يقرأ العنوان الرئيسي :
" سطو على أحد البنوك , البوليس في مطاردة بالسيارات , رجل قتيل".
وهز غراي كتفيه قائلا :
" صدق ظني .... لا أمل في العثور على السيارة الليلة ".
وألقى بالجريدة جانبا وقال :
" سنضطر ألى قضاء الليلة في المدينة يا توني ".
وعلقت قائلة :
" وهل بأمكاننا ذلك؟ أليس هناك قطار يوصلنا ؟".
وأستفسر قائلا :
" وهل أنت متضايقة ؟ قلت أنك بين يدي على ما أذكر!".
وتعثرت في الكلام قائلة :
" لم أكن أقد.......".
" لم تكوني تقصدين ؟ سنرى ! ما رأيك في أن نخلع القناع؟ لا أحب أن تظن السيدة وود أنني أعتدت على قاصر !".
وقبل أن تدرك نيته أمتدت يده ألى شعرها وجذب الخيط وتهدل الشعر حول كتفيها كأنه ستان خمري اللون ولمسه غراي بأصابعه قائلا :
" هكذا أحسن! أرى أن أتصل وأخبر بنيامين بما حدث".
وأخذ الهاتف من مكانه وجلس على أحد الكراسي الوثيرة ووضع الآلة على ركبتيه وبدأ يطلب الرقم.

نيو فراولة 11-10-10 06:20 PM

ووجدت توني نفسها ترتعد بأنفعال الغضب , كيف يجرؤ على أن يعاملها كما لو كانت قطة ضالة وقعت بين يديه وصارت ترقبه وهو يجلس وقد أنحنى رأسه القاتم على التلفون وتمردت ساقاه وبدت عليه الثقة الكاملة في أسترخاء , ولم تكن الأجابة بعيدة عن أدراكها .
أعترف لها أن وجه الشبه بينها وبين ميدج كان يقلقه في أول الأمر , وخلال عطلة العيد وفي الوسط العائلي حاول أن يقنع نفسه بأنها ميدج وأنه حصل على زوجته من جديد , ولكن ذلك كله تغيّر الآن فقد عاد ألى لندن في جوه الحقيقي يدير عملا معقدا ويكاد يكون وحده , ولقد أبدى سعادته بمعاونتها في تلك الأمسية , لم يكن يحلم بخيال ميدج هنا وكانت أمامه الحياة الحقيقية تتمثل في مارشا التي كانت تستطيع أن تشبعه من كل الوجوه.
ورفعت توني ذقنها وتصلب ظهرها! أن هذا ما أرادته ! لن تحتاج ألى مصارعة مرة أخرى.
وجاءها صوت من الداخل يقول – أو أنك تصارعين نفسك , وكان الصوت خفيضا أمكنها أن تتجاهله .
كان غراي قد توصل ألى الطرق البيضاء , وكان يحادث بنيامين وشرح له كل شيء عن السيارة المسروقة وقال :
" وهكذا فأنني أخشى يا سيدي ألا نستطيع العودة الليلة فليس أمامنا من سبيل ألا البقاء , وبصراحة فأنني لا أريد القيادة وخاصة أنني سأضطر ألى العودة في الصباح , كان يوما حافلا , أنطونيا ؟ أنها بخير عاونتني بدرجة كبيرة في المكتب , نعم أوافق تماما ! نعم , سأفعل ذلك ! هذا ما كنت أفكر فيه! نحن الآن في شقتي , وسنتناول العشاء".
منتديات ليلاس
وضحك , وقال :
" أعد بأنني سأعنى بها , هل تحب أن تكلمها بنفسك؟".
ومد السماعة ألى توني وأخذتها منه وهي تقف على أبعد مسافة يسمح بها السلك , وسمعت صوت بنيامين يعلن أسفه على سرقة سيارة غراي , وقال :
" من المؤسف أن أمك ليست هنا حتى تكلميها , خرجت ألى الكوخ الآن لتحضر بيضا للفطور , سوف أطمئنها عندما تحضرا , هل أنت بخير تماما يا أنطونيا ؟".
" نعم , أنني بخير ".
وأحسّت بذراع غراي يحيط بخصرها ويشدها لتجلس على ذراع كرسيه .
قال لي غراي أنك ساعدته في أعمال المكتب........".
" بقدر ما أستطيع".
كانت ذراع غراي لا تزال تمتد على طول ذراع الكرسي خلفها .
" حسنا جدا يا أبنتي العزيزة , أشعر بالأطمئنان الكامل عليك طالما أن غراي هناك يعني بك وأرجو أن تخطرانا بما يحصل ".
ووعدته بذلك , وودعته , وأعطت السماعة لغراي الذي بدأ يتحدث عن بعض تفاصيل العمل مع بنيامين , وكانت تود أن تنهض ولكن ذراعه الحازمة أمسكت بها وحاولت أن تتملص بلا فائدة , ولم يكن بد من أن تجلس حيث هي حتى أنتهت المكالمة .
ووضع الهاتف على الأرض , وقالت له:
" هلا تركتني أذهب؟".
وطقطق لسانه وقال :
" كنت أظن أننا صرنا أصدقاء , لم أكن أتصور أنك تكرهينني ألى هذه الدرجة!".
وتعثرت تقول :
"ولماذا تظن أنني أكرهك ؟".
وسادت فترة صمت طويلة ورفع بصره أليها , وفي عينيه شيء من التأمل ثم أطلق سراحها ونهض على قدميه وقال :
"لماذا أظن أنك تكرهينني ؟ لا أعرف ! هذا ما أحس به".
وبلعت توني ريقها , لم تكن تريد شيئا سوى أن تغوص بها الأرض وتختفي عن الأنظار .
وأحضر لها كأسا من الشراب وكانت لا تزال تجلس على ذراع الكرسي وأحسّت بأنها لن تستطيع أن تنهض ثانية .
وفتح باب الغرفة ودخلت أمرأة جميلة شعرها أبيض تحمل صينية وقالت :
" هل أضع الصينية على الطاولة يا سيد لورنس ؟ الشواء على النار ولن يحتاج أكثر من دقائق قليلة ".
وحملت الصينية عبر الغرفة مبتسمة لتوني , وترددت بعض الشيء وأغمضت وفتحت عينيها ثم وضعت الصينية على المنضدة بطريقة مفاجئة توعا , كانت توني قد تعودت على ذلك من أولئك الذين كانوا يعرفون ميدج.
وقال غراي :
" شكرا يا سيدة وود أنك معجزة , توني! أليك مدبرة المنزل الممتازة التي تحول الأستراحة ألى بيت كامل , وهذه هي الآنسة وارين يا سيدة وود , أبنة أخ السيد بنيامين وسوف تنضم ألى الشركة ".
وتمتمت السيدة وود بكلمات مناسبة , وصافحت توني ثم خرجت وهي لا تزال تحت تأثير الأرتباك.

نيو فراولة 11-10-10 06:37 PM

وعلقت توني :
" أنها تبدو أنسانة لطيفة".
" نعم أنها كذلك!".
وأسترخى غراي على كرسي في الجانب الآخر من الغرفة وأخذ صحيفة المساء وفردت توني المفرش ونظمت أدوات المائدة ثم عادت ترتشف شرابها ولم يرفع غراي بصره عن الصحيفة ,حتى عادت السيدة وود ومعها الطعام , وعندما صارا وحيدين في الغرفة نهض وأحضر كرسيا لتوني وقال :
" آمل أن يعجبك".
وقالت توني في أدب :
" أنه يبدو لذيذا ".
وجلسا يأكلان في صمت , كان اللحم رقيقا وجيد الشواء ولكن توني لم تكن لها شهية للطعام وزاد ضيقها شيئا فشيئا حتى جاء دور الأناناس , وتخيلت أنها تسمع نفسها تأكل كأنها شاة تقضم العشب في المرعى .
وقال لها غراي :
" شيئا من الجبن؟".
منتديات ليلاس
وأرتعدت قائلة :
" لا! شكرا ".
ثم ألتفتت لتسكب لنفسها القهوة من الغلاية الكهربائية .
وعندما أكملا الطعام , قام غراي بجمع الأطباق وحملها ألى مدخل الشقة ودق الجرس لينادي مدبرة المنزل وقال :
" كانت وجبة ممتازة يا سيدة وود , أشكرك ! وضعت الفضلات في الخارج لتجمعيها في الوقت المناسب!".
وأسترخى على أحد الكراسي بينما جلست توني في قلق على حافة كرسي آخر , وسألها غراي :
" هل تشعرين بالتعب ؟".
وقالت على عجل :
" لا! أنني بخير .......".
ونظر أليها وهو يفكر قائلا :
" أعتقد أننا ينبغي أن نفكر في ترتيب مبينا الليلة , هناك سرير واحد لشخصين هل نتشارك فيه ؟".
" بالقطع لا! ".
" هذا ما توقعته".
وأستغرق في تأمل ثم واصل يقول :
" للأسف ! أذا علينا أن نفكر في شيء آخر , ما رأيك لو نمت أنت على السرير ونمت أنا على الأرض هنا؟".
وقالت توني :
" لا".
" ألا تثقين بي؟".
وقالت للمرة الثانية :
" لا".
ورجع ألى كرسيه وقال :
" أنك فتاة لا تعرف ألا أن تقول لا!".
وخفض بصره ألى السجادة ثم رفع بصره أليها ينظر في عينيها وقال :
" هل تقبلين أن تتزوجينني؟".
وقالت في لهجة خشنة :
" لو كانت لعبة فأنني أظنها لعبة سخفة!".
وكر في صوت عميق :
" أنها ليست لعبة......".
ووضعت يدها على حلقها وقالت:
" لا يمكن أن تكون جادا ؟".
ولكنها رأته جادا...... ولو قالت – نعم ....... فلن يكون عليه أن يبحث عن مكان للمبيت ! بل سيكون في وسعه أن يتصرف كما يحلو له بدون أن يغضب بنيامين , وأخذ قلبها يخفق في قوة , لقد ذهب ألى حد الزواج أذن ليعيشا في عالم من الخيال تلعب هي فيه دور زوجته الراحلة ميدج.
منتديات ليلاس
كان يرقبها , وخيل أليها أنه كان يقرأ أفكارها , وقال في هدوء :
" أنني جاد تماما في طلبي!".
وحدقت فيه بلون شحب وجهها وقالت :
" أذن..... لماذا؟".
وأنحنى أل الأمام في كرسيه وقد تشابكت يداه في أرتخاء وأستقرت ذراعاه على ركبتيه كأنه يشرح نقطة في مناقشة من مناقشات العمل , وقال :
" أعترف أنني لم تكن لدي أية نية للتفكير في الزواج من جديد ألى الأبد , ولكن منذ ظهورك تغيرت الأوضاع شيئا ما ... أنني أجد بعض المزايا لكلينا أذا ما تزوجنا ".
" مزايا؟ لم أسمع في حياتي شيئا مثل هذا , كأنه يصدر عن أنسان يخلو من الأحساس!".

نيو فراولة 11-10-10 07:47 PM

وأبتسم لها تلك الأبتسامة الضيقة المدمرة التي أحالت عظامها ألى ماء قائلا :
" أنك تعرفينني يا طفلتي العزيزة بالتأكيد بدرجة لا يصح لك معها أن تتهميني بالخلو من الأحساس , أصبري معي! أنني أحاول جهدي أن يظل الموضوع في أيدينا , كا ما أستطيع عمله في الوقت الحاضر أن أبقى في الجانب الآخر من الغرفة ولو أقتربت منك أو لمستك ثانية , حسنا , أنني لا أقول أنني أستطيع أن أتصرف بأستمرار هكذا , كأنسان مهذب تماما".
وشهق نفسا عميقا , وقال :
" تعرفين جيدا أنني لا أخلو من الأحساس يا توني! وأعتقد أنك أنت الأخرى لست كذلك ".
وأحمرت وجنتاها وشدت عينيها بعيدا عن عينيه المحدقتين أتجاهها وقالت في صعوبة :
" أننا لا نتحدث اللغة نفسها , لا أستطيع أن أتزوج بدون حب!".
وقال في صوت غريب :
" حب؟ هل تقولين لي ماذا تعنين بالحب؟".
ولم ترفع عينيها , وقالت :
" ولماذا أقول أنك لن تفهم ؟".
منتديات ليلاس
" حاولي! وأنظري!".
كانت هناك فترة سكون طويلة تركزت فيها عينا توني على يديها المتشابكتين في تصلب أمامها ثم قالت :
" ربما يعني الحب شيئا مختلفا من وجهة نظر المرأة , أنني لا أريد أن أحب فقط من أجل.....".
وتهدج صوتها في عجز عن الكلام ..... ولم تتكلم ..... ولم يحاول أن يقدم لها أية مساعدة.
وواصلت بعد برهة تقول في لهجة أكثر حزنا .
" أخبرني عمي بنيامين عن حجر كريم يمكن أن يصنع هذه الأيام , أنه يشبه الماس تماما ويخرج النار التي تخرجها أية ماسة طبيعية ولكنه في الواقع ليس ألا تقليدا ولو تزوجتك لكان الأمر هكذا , ستكون هناك النار بالفعل , ولكن لا يوجد تحتها شيء ثمين , مجرد مظهر خداع أنني آسفة , ولا أستطيع أن أشرح أفضل من ذلك!".
وطال الصمت الذي أعقب كلماتها , ثم طال , وأصبح كثيفا وصلبا وتجسد كأنه شيء محسوس ........ ونهض غراي وهو يهز كتفيه ويقول :
" شرحت جيدا والآن فأن أنسب شيء لي هو أن أنسحب , وأترك لك الشقة الليلة".
لم تكن تعرف ما تتوقعه من وراء تلك المجابهة ؟ الغضب؟ ربما.... أو الأغراء الذي يتخذه الرجل لأقناع النساء أو الكبرياء والثقة بالنفس التي تجعله يتخذ من جاذبيته التي لا تقاوم سندا في الحصول على ما يريده لم تكن في بادىء الأمر بالتأكيد تتوقع ما حدث , شبعه تقبل لجوابها في غير أكتراث , وأحست بالدموع تخزها في مؤخرة عينيها ....... ما الخطأ الذي حدث ليجعل الأمسية تنتهي تلك النهاية ..... ألى شيء يقترب من العداوة التي كان يبديها نحوها أول الأمر؟
ودخل غرفة النوم ثم خرج منها ومعه حقيبة تشبه تلك التي يحملها المسافرون على الطائرة وقال :
" أحتفظ بهذه الحقيبة دائما للطوارىء ".
وعلقت :
" ولكنني لا أستطيع أن أخرجك من شقتك بهذه الطريقة , هل يمكن أن أنتقل ألى أي فندق؟".
وأجابها :
"في هذا الوقت من الليل ؟ وليس معك أي متاع ؟ لا أمل! وفي أي حال لست على أستعداد لتمضية بقية المساء في أتصال هاتفي مع الفنادق لأعثر لك على غرفة لا ! سوف تبقين أنت هنا وستجدين ملاءات نظيفة على السرير , أستخدمي ما تحتاجينه بما في ذلك ملابسي أذا أستطعت أن تلبسيها , وهناك فرشاة أسنان جديدة في خزانة الحمام , خذيها ".
منتديات ليلاس
وسألته في كلمات متعثرة :
" ولكن ألى أين تذهب؟".
كانت أبتسامته ساخرة هازئة وهو يقول :
" لا تشغلي بالك بي في هذا الوقت المتأخر , لن أجد صعوبة في الحصول على مكان للمبيت ".
ورفع معطفه وسار ألى الباب قائلا :
" أسعدت مساء يا توني ! لن أقلقك مرة ثانية ".
وخرج.
لقد ذهب ألى مارشا بالطبع , ألى مارشا حيث الدفء وحيث المؤاساة , ألى مارشا بضحكتها المتقطعة في صوت خفيض وفي مودة , بعطرها الفياض الساحر , ألى مارشا التي لن تعذبه ولن تذكره بأستمرار بما فقده , ولكنها سلوى وعزاء , رأت توني كل ذلك يحدث , رأت غراي يخرج في الليلة الباردة المظلمة ليدق الجرس , جرس شقة في مكان ما ......ورأت مارشا تفتح الباب وهي تبتسم في كبرياء......
كانت الغرفة دافئة , ولكن توني بدأت ترتعد , لقد تصرفت بحكمة عندما جعلته يمضي بعيدا مدفوعا بتنشئتها وأستقلالها الذي ورثته عن أبيها , لماذا شعرت أذا بأنها وحيدة وضائعة؟
وبدأت تذرع الغرفة في قلق تحاول ألا تواجه اللحظة التي يكون عليها فيها أن تجيب على ذلك السؤال .... ولكنها الأجابة التي لم تعد تستطيع أن تتجنبها .... كانت أجابة محطمة جعلتها تتوقف فورا , ووضعت يدها على فمها لتمنع نفسها من أن تصرخ بها .
كانت قد وضعت في حب غراي لورنس في عمى وجنون برغم كل مشاعر التعقل , ومع ذلك أرسلته ألى أمرأة أخرى......

نيو فراولة 11-10-10 08:14 PM

9- سقطت ....... ألى أعلى

وأمضت توني الليل في أحد الكراسي الوثيرة منكمشة كأنها حيوان مذعور , كانت منهكة تماما ومع ذلك نامت نوما متقطعا كأنها تحمل عبئا ثقيلا.
وعندما بدأ الضوء يزحف حول أطراف الستائر , أستغرقت في نوم عميق صحت منه على صوت الهاتف بعد خمس دقائق تقريبا , وسحبت نفسها من الكرسي , وكان المتكلم هو الشرطة تسأل عن غراي.
ورفعت شعرها الأشعث ألى الوراء , ونظرت ألى الساعة الكهربائية فأذا بها تشير ألى التاسعة تقريبا , وأجابت :
" أنني آسفة... السيد لورنس ليس موجودا الآن , أنا سكرتيرته هل تترك له رسالة؟".
" أرجو أن تطلبي أليه أن يتصل بالشرطة ويطلب الشاويش براون من فضلك".
كان الأنهاك سيدو في صوت رجل الشرطة كأنه سهر طوال الليل أيضا .
منتديات ليلاس
" نعم , سأفعل .... أشكرك... ألى اللقاء ".
وكتبت الرسالة على مفكرة الهاتف , ثم أخذت القلم مرة أخرى وأضافت :
"عدت ألى الطرق البيضاء بالقطار , توني".
وأوصدت باب الشقة بعد ذلك بعشر دقائق خلفها , وهبطت الدرج , وخرجت ألى الجسر , كان النسيم البارد يهب من النهر وأحست ببرودة الجو بعدما تركت الشقة المكيفة وعبرت الطريق وأسرعت في السير , كانت مقتنعة بأن المشي ينشط التفكير . ووجدت نفسها عند جسر وستمنستر بعد ذلك بوقت قصير , وأكتشفت أنها لم تكن تفكر على الأطلاق .
ووقفت تطل على النهر الملون بلون الأردواز وعلى المارة الذين يهرولون , وقد شحبت وجوههم وخفضوا رؤوسهم خشية الرياح , كان المنظر صدى لما تحس به من كآبة ... وألتفتت وأتجهت ألى مدخل الأندرغراوند.
كانت تعتزم العودة ألى الطرق البيضاء بأسرع ما تستطيع , وماذا بعد ذلك؟ لم تكن تعرف , ولكن على الأقل ستكون مع الناس الذين يهتمون بأمرها فعلا .
وأتصلت هاتفيا من محطة باذنغتون بعد أن عرفت موعد القطار , ووجدت سائق بنيامين ينتظرها في السيارة , وأبتسمت أبتسامة ضئيلة وهي تركب السيارة فقد أحست عند ذاك أنها بالفعل الآنسة أنطونيا وارين , لم يكن ذلك يعني لها شيئا كثيرا عندئذ , ولكن المهم أنها ستصبح مع أمها من جديد ومع بنيامين , وقد فرحا بعودتها وأبديا أهتماما كبيرا بسماع ما حدث منذ غادرتهما .
وطمأنت بنيامين ألى ثقة غراي بأن معرض كارين لايتر في الأسبوع التالي يضم أحدث المعروضات , وأخبرتهما عن سرقة سيارة غراي وعن أضطراره لقضاء الليل في مكان ما بينما أضطرت هي لقضاء الليل في شقته في شيلي.
وعلقت أمها :
" يا له من رجل شهم كريم".
ونظرت توني أليها ولكن نظرتها لم تكن تحمل أي تلميح بالسخرية وأبتسم بنيامين أبتسامته الرقيقة , وأضاف:
" وعد بأن يعنى بك يا عزيزتي , أنه يعرف ما تعنينه بالنسبة أليّ".
كانت هذه العواطف تتجه مباشرة ألى خطوط دفاعها فلقد جفت عيناها طوال الليل .
وتنهدت وهي تنظر عبر الردهة الكبيرة المريحة وقالت :
" أنه شيء جميل أن يعود الأنسان ألى بيته".
وعلق بنيامين :
" هذا هو أبدع ما سمعته منك".
" أنه الحقيقة!".
باتت الطريق البيضاء بيتها في وقت لا يكاد يصدق , وبدأت تفكر كيف تصبح جزءا من الأسرة ومن العمل بينما كان الموقف بينها وبين غراي آخذ في التأزم لأسباب عديدة .
منتديات ليلاس
وخرجت في تلك الأمسية ألى الأسطبلات لتشاهد المهر , وهناك رأت دومينيك , كان يصفر وهو ينظف الحصان الكبير الأسود , لوسيفر وظلت ترقبه لحظة قبل أن يراها , ,وفكرت في أدريان من جديد , كانت لدومينيك نظراته الطليقة وشعره الأشقر الكثيف وكان من الزاوية التي تقف فيها يشبه أدريان الذي فاز بحبها الأول , وألتفت وقال :
" توني ! لقد رجعت! عظيم!".
وضرب لوسيفر براحة يده على ردفه ودفعه ألى الأسطبل ثم أغلق الباب وجاء ليعانقها قائلا:
" كنت أفكر فيك في هذه اللحظة بالذات".
" لا تقل ذلك....... أنك تبدو راضيا عن نفسك تماما !".
" الحقيقة أنني كذلك , فالأمور تتحرك سريعا , في عالم دومينيك فنش والطريق ألى الفضاء الفسيح ينفتح أخيرا".
" حقا؟ كيف ؟".
" تذكرين أنني قلت أنني لن أفكر في أستراليا ألا أذا لاح شيء في مستقبل آن...... ويبدو أن هناك جديدا في هذا الشأن , شيء لم نكن نتوقع أن يحدث بهذه السرعة و آن تريد أن تراك...... أذهبي ألى الكوخ...... فهي تعتقد أنك مهدت لها الطريق بشكل ما".
" أنا..... أنا لم أفعل شيئا".

نيو فراولة 11-10-10 08:37 PM

وهز كتفيه وقال :
"أنا لا أعرف! في أي حال أذهبي لتسمعي منها بنفسك , وسألحق بك عند الساعة الرابعة يا عزيزتي ".
وقالت توني :
" سأفعل ذلك".
وأتخذت طريقها , ولكن ناداها ثانية , وقال :
" هل فكرت في العرض الذي أقترحته عليك يا توني ؟".
ولم تحاول أن تتظاهر بعدم الفهم , وقالت :
" بصراحة , لا! لقد عزوت ذلك ألى ما كنت فيه من نشوة مع شباب الفلاحين".
وهز رأسه بقوة , وقال :
" لا! على الأطلاق , لكن ذلك الأحتفال فقد أعطاني الشجاعة لأطلب منك ذلك ..... أعتقد أن حياتنا معا في أستراليا ستكون حياة سعيدة".
منتديات ليلاس
وواصل يقول :
" ربما أكون قد تجاوزت حدودي يا توني عندما تقدمت لخطبة أبنة أخ بنيامين وارين..... ولكنني لا أستطيع التراجع , لقد جننت بك يا حبيبتي!".
لم تكن تنتظر ذلك منه ولم تكن لديها أجابة حاضرة , ونظرت أليه وهي تفكر :
" هل من الممكن أن تبعث الحياة في حلم ذابل ؟".
ووضعت يدها على ذراعه في رقة وقالت :
" أشكرك لأنك عرضت عليّ ذلك يا دومينيك , ولكن الموضوع ليس واردا بعد ".
وأختفت الأشراقة في عينيه وقال :
" حسنا , ولكن لا تكلفي نفسك هذا الشعور يا توني , فالحق أنني ما كنت أحلم بأن أكون سعيد الحظ ألى هذه الدرجة , ولكن دعيني أعرف لو غيرت رأيك , هذا كل ما أطمع فيه".
وألتفت ألى الجياد وسارت توني أتجاه الكوخ , كان الأمر يصبح يسيرا لو أنها أختارت أن تسافر مع دومينيك ألى الطرف الآخر من العالم حيث لا ترى غراي ولا يراها ثانية , وأبتسمت لنفسها في سخرية .
" عرضان بالزواج في يومين متتاليين ! لا بد أن شيئا ما قد حدث عندما وافقت على أن تتقدم بطلب العمل ألى شركة وارينز ".
ورحبت بها آن كأنها صديقة العمر , كانت أكثر شبابا وحيوية وكانت عيناها تلمعان , وقالت :
أنني سعيدة لرؤياك يا توني ! تعالي وأجلسي ! عندي الكثير من الأخبار لك".
وتحدثت عن كيث وعن نفسها , وكان من اليسير أن تتابع القصة كما حكتها آن ........ كيف تقابلا في المدرسة وكيف تلاطفا في البداية وكيف قاوما الأغراء لأن كيث كان متزوجا وكيف باحا لبعضهما بالحب .
منتديات ليلاس
وقالت :
" لو كان هناك أطفال أو لو أن زوجة كيث كانت حقا تريده لتخلصت منه ولكن ليس لديه أولاد , وساءت حياته مع زوجته ألى حد كبير , ولقد ورثت زوجته مبلغا طائلا وطلبت أليه أن يترك عمله كمدرس للفنون فلديها مشروعات ضخمة وحاولت أقناعه بالذهاب ألى لندن أو الخارج لتعيش الحياة التي تريدها , ولكن كيث لم يوافق ونشأ بسبب ذلك شجار دائم ولا تتصورين كيف جعلت حياته همّا ومذلة , ولكنه شخص مخلص , ولقد صبر على ذلك سنوات حتى تقابلتا ووقعنا في الحب , ولم يكن يستطيع أن يتركها حتى ذلك اليوم رأيته فيه هناك ,وأخطأني ..... فظن أنك أنا ..... تذكرين ذلك ؟ كانت تلك نقطة التحول لقد أقتنع أن حالنا لن يستمر على ما كان عليه وأن الناس سوف يعرفون وتنتشر الشائعات في المدرسة".
وحاولت توني أن توضح :
" ولكن.....".
وقاطعتها آن تقول :
"لم يكن يظن أنك تفشين سرا , ولكن ذلك فتح عينيه على ما يمكن أن يحدث , وجعله يتخذ القرار بأن يضع حدا للموضوع , ووصل الأمر ألى عراك كبير عندما أخبر زوجته ,ولكنها تركته وذهبت ألى أصدقاء لها في لندن وسوف يحصل على حريته في أقرب فرصة ثم نتزوج , ليس عندك فكرة يا توني , أنني أحس كأن حملا كبيرا أنزاح عن ظهري".
وبدت الدموع في مقلتيها .
وقالت توني في أخلاص :
" أنني سعيدة جدا لك , وكنت أظن أن هناك شيئا يجعلك تبدين مكتئبة بعض الشيء ".
وعلقت آن :
" كان أمرا صعبا ولكنني أعتقد أن أسوأ ما هناك أنتهى بالنسبة ألى كلينا , قد يلام , الرجل دائما عندما تكون هناك أمرأة أخرى ولكن الناس لا يأخذون في أعتبارهم أن المرأة أحيانا تكون جحيما لا يطاق لرجلها , كما حدث مع غراي!".

نيو فراولة 12-10-10 02:25 PM

لم تستطع توني أن تفهم ما تعنيه وظلت لبرهة تحاول أن تستجمع خيط الحديث , ثم قالت :
" كنت أظن أنه زواج مثالي ولذلك لا يستطيع غراي أن ينسى ميدج".
وسألتها آن في سخرية :
" هل قال لك ذلك بنفسه؟".
" لا! لم يقل ذلك , العم بنيامين هو الذي قال أعتقد أنه ذكر أن غراي شعر بخسارة فادحة جعلته يشعر بالمرارة ويتحول ألى أنسان صعب المراس , وهذا يفسر سلوكه في معاملتي".
وفكرت آن مليا , ثم قالت :
" كنت أعرف ميدج جيدا , كبرنا معا , ولم تكن تنسى أبدا أنها أميرة صغيرة , كانت كل ما بقي لبنيامين من أسرته ودلّلها وأعطاها كل ما طلبته بل أفسدها بتدليله ولم يرها على حقيقتها , كانت أنانية تماما وكنت أظن أنها ستتغير عندما تزوجت غراي , ولكنها ظلت تزهو أمامي بأنها تلوي غراي كما تلوي أصبعها الصغير , رغم أنه كان يحبها , ويعطيها كل ما تطلب , وكانت تعامله كما تعامل بنيامين ".
وأبتسمت آن في كآبة وقالت :
" ولكنني أعتقد أن غراي كان نمطا تماما ولأنني أعرف ميدج فقد كان بوسعي أن أتخيّل ما يدور .... ولقد حدّثتني ذات مرة , من باب المباهاة أن لها طريقتها في أن تجعله يفعل ما تريد , كان ذلك أقذر ما يمكن أن تصنعه أمرأة برجل".
وهمست توني :
" هل تعنين أنها كانت .........".
ونظرت أليها آن وقالت :
" كانت تحرمه من عواطفها ....لم تكن ميدج تهتم بالآخرين على الأطلاق بل كانت تستغلهم , أستغلت دومينيك بهذه الطريقة أحيانا ونجحت في أن تجعل غراي يضيق به ".
وعلقت توني :
" نعم لاحظت ذلك.....".
كان كل شيء يتضح الآن , وواصلت توني :
" ولم يكن بنيامين يعرف شيئا عما يدور ".
وهزت آن رأسها وقالت :
" كانت ميدج في عينيه الكمال ذاته وكانت تحرص على أن تبقى كذلك , ولم يكن غراي يريد أن يعرف الرجل العجوز الحقيقة , وتحول بمضي الوقت ألى رجل أكثر صمتا وكآبة بينما صارت ميدج أكثر طيشا وأهتماما بالمظاهر , كان أحد أصدقائها سائق سيارة سباق , وكان ذلك عندما أشترت السيارة التي قتلتها , أذ أرادت سيارة فخمة قوية تلفت النظر وأخيرا وجدت الشيء الذي لم تستطع أن تسيطر عليه ".
منتديات ليلاس
وألتزمت توني بالصمت , ودار عقلها عاجزا عن أن يتكيف للموقف الذي أنقلب فجأة رأسا على عقب , ونظرت أليها آن وقد أنتابها القلق , وقالت :
" سألوم نفسي لأنني تكلمت! كنت أشعر أنك ينبغي أن تعرفي , وربما يهمك أن تعرفي.......".
وقالت توني في بطء:
" أنه يهمني تماما ..... ولكن سامحيني يا آن لا أريد أن نتحدث عن ذلك الآن , هل أكون قليلة الذوق أذا طلبت منك ألا أبقى أكثر من ذلك؟".
ونظرت أليها آن نظرة قلقة , وقالت :
" بالطبع لا .... ولكنك ستأتين مرة ثانية ".
ووعدتها توني بالزيارة , وودعتها , وسارت عبر الحديقة الجرداء وبدلا من أن تتجه ألى البيت عبرت طريق السيارات ووجدت دربا غير ممهد تنتشر عليه الأحجار والطين , وواصلت السير وهي لا تلاحظ ما يحيط بها , وأستولت عليها فكرة واحدة , لم يكن غراي يعيش عيشة خيال جامح , ولم يكن يحاول أن يتخيل أنها ميدج ,ولم يكن يحب ميدج بل كان تعيسا للغاية معها , لو كانت آن صادقة فيما قالت ..... وأمتلأ قلبها فجأة بالعطف عليه , لا بد أن ظهورها خلق له موقفا لا يحتمل , كان يحارب شبحا يطارده من كل الجهات , وربما طلب الزواج منها ليرتاح من الشبح وأحست بأنها بدأت تفهم ولكن قليلا , وأزداد حبها له عمقا , الآن بعاطفة تملأ كل كيانها وطفت في النهاية على هيئة بكاء , وأخذت تتعثر وهي تسير باكية بؤس غراي وبؤسها , والموقف الذي يتواجدان فيه.
وأخذت تسير وتسير على غير هدى , وكانت هناك فكرة واحدة تسيطر على عقلها , كانت تحب غراي وعلى أستعداد لأن تعمل أي شيء من أجله ولكنها بسبب وجه الشبه بينها وبين أمرأة أخرى , كانت عاجزة أن توفر له ألا التعاسة والقلق.

نيو فراولة 12-10-10 03:04 PM

كانت تدرك بطريقة غامضة أن المطر يتساقط ولكن الطقس كان يتناسب مع حالتها النفسية ..... المزارع الجرداء ..... والشجيرات الخالية من الأوراق والشتاء الموحش .
وجاءها الحل من حيث لا تدري وأوقفها ساكنة في خطوها , لو أنها تزوجت دومينيك وذهبت معه ألى أستراليا فأن غراي سيتخلص ألى الأبد من متاعبها ولن تكون خدعت دومينيك فهي على أستعداد لتعطيه كل ما ينشده وربما تعلمت أن تحبه بمضي الوقت , ستفتقدها أمها بالطبع ولكنها لن تقف في طريقها فضلا عن أنها سعيدة بالحياة في الطرق البيضاء تهتم بالبيت وبنيامين , وأذا أنتقل المصنع ألى هنا فستتاح لها الفرصة لأشباع مواهبها في التنظيم , وأما عن بنيامين فسيحزن بعض الشيء , ولكنه تعلم الحكمة من حياته الطويلة ويعرف أنه من المحال أن يحتفظ الأنسان ألى الأبد بمن يحب ...... نعم! هكذا فكرت توني وقد خف توترها بعدما أتخذت القرار الذي بدا أنه المخرج الوحيد وكانت على أستعداد لأن تمضي به ألى النهاية وكانت تبحث عن دومينيك الآن لتخبره .
منتديات ليلاس
وألتفتت وبدأت تجري لتنفذ ذلك على الفور , وأخذت تجري وتجري وهي تلهث بعض الشيء وقد خفضت رأسها حتى لا تتعرض للمطر المنهمر وهي تمسك بياقة معطفها حول رقبتها .
وعندما تذكرت ما حدث بعد ذلك بعدة أيام , عرفت أنه كان من غير الممكن أن تتفادى السقوط في منطقة حجرية غير مستوية وتنطرح أرضا على معدتها في منطقة طينية ولكن سوء الحظ هو الذي جعلها تصطدم ببعض الجذور القوية البارزة وأشتبك مفصل قدمها ولم تستطع أن تخلص نفسها .
لم تصدق في أول الأمر أنها أصيب بالفعل وكانت تعتقد أنها خلال دقيقة أو دقيقتين سوف تجد الحركة الصحيحة التي تخلص قدمها وتسمح لها بالحركة , وحاولت أن تحرك قدمها بحذر ولكنها بقيت محشورة .
لم يكن ما حدث شيئا متوقعا أذ كان لا بد تعود ألى الطرق البيضاء لتقابل دومينيك ولتخبره بما قررته وصارعت لتحرك جسمها مستندة على مرفقها , ولكنها لم تستطع أن تتحرك ألا حركة بسيطة ألى اليسار وعندما حاولت أن تتدحرج في الأتجاه المضاد وجدت أن جسدها كان مقيدا تماما بساقها اليمنى , وأخيرا دعت بيديها ألى أعلى وذراعاها مثنيان , وتمكنت بكل قوتها أن تتزحزح على الأرض ألى الأمام كما تفعل الحية وخيّل أليها أنها كسرت قدمها.
وسقطت على الأرض تبكي في صمت وغضب يائس بسبب سوء الموقف , وتصلب وجهها وألتصقت به خطوط من الطين بدت كأنها أجزاء من شريط لاصق , وأحست بطعم التراب المبتل في فمها وحاولت أن تنظفه ولكن يديها كانتا ملطختين بالطين كذلك , كان المطر ينهمر بلا رحمة وتشرّبت ملابسها بالماء وأنساب ماء المطر على عنقها .
ولم تكن تعرف سوى أنها في العراء البارد بين الحقول الجرداء الرطبة , وأنها وقعت في شرك حقيقي.
ولم يكن للزمن معنى فقد رقدت هناك يائسة تماما تحاول أن تخلص نفسها بين لحظة وأخرى ولكن جهدها كان يتضاءل المرة تلو الأخرى , وأخيرا كفّت عن المحاولة , وأخذت تصرخ ولم يكن ثمة من مجيب سوى حبات المطر تهطل بطريقة لا تنقطع , ترى هل أحس سكان الطرق البيضاء بغيابها ؟ متى أخذوا يحسون بذلك؟ وحتى لو أحسوا فهل يعرفون أين يبحثون عنها ؟ وأرتعدت في عصبية , كان من الممكن أن تموت من التعرض للبرد! وقهقهت بطريقة هستيرية .
منتديات ليلاس
كان قد أغمي عليها لفترة فقد وجدت أن الظلام بدأ يرخي سدوله عندما قتحت عينيها , ورفعت رأسها في وهن , ورأت ضوءا خافتا على البعد , ربما كان ضوء كوخ آن , وأرتسمت أمام عينيها صورة الغرفة المريحة والنار والدفء , وبدأت تبكي من جديد بدون أن يسمع لها صوت والدموع تسيل على وجنتيها لتختلط بحبات المطر....
ورأت ضوءا آخر يتحرك ليقترب منها , وسمعت صوتا ينادي :
" توني! توني!".
وشهقت نفسا عميقا , وصرخت في صوت متهدج .
" هنا؟ أنا هنا! أدركوني ! أدركوني!".
كان الذي أجابها صوت غراي , جاء كمعجزة , غراي الذي ركع ألى جوارها , ومس وجنتها الباردة المبتلة وقال :
" أطمئني , لا بأس ..... يا توني! أنني معك ........".
وأخذ ضوء المصباح يتحرك فوقها , وأحست بشيء يقطع أربا أربا ذلك الشيء الذي كان يمسك بمفصل قدمها , وأحست بالخلاص أخيرا فتدحرجت على ظهرها ورقدت عاجزة عن الكلام , وحملتها الذراعان القويتان أتجاه الضوء الخافت البعيد .

نيو فراولة 12-10-10 06:41 PM

" ما الذي جعلك تفعلين هذا يا عزيزتي توني ؟ تسيرين في الحقول أثناء المطر وحدك؟".
وأخذت السيدة وارين تروح وتجيء في الغرفة تفرد الوسائد وتعدل حرارة المدفأة , وقالت :
" قلقت أنا وبنيامين عليك , ظننا في في أول الأمر أنك تزورين آن وعندما ذهبت ألى الكوخ وقيل لي أنك أنصرفت منذ ساعة لم أعرف كيف أتصرف ".
وأراحت توني رأسها ألى الخلف , وأبتسمت , فبعد أن أخذت حماما ساخنا وكوبا من الحليب الساخن أحست بالراحة والأسترخاء .... كان لبشرتها وهج دافىء , وأنسدل شعرها الذي تخلص من الطين على الوسادة وجف في ملمس الساتان الخمري المتلألىء , وكان شيئا طيبا أن تحس بأنها أنسانة من جديد كتبت لها الحياة ولن تموت.
وأخذت تشرح القصة من جديد للمرة التي لا تعرف عددها :
" كنت راجعة يا ماما ولسوء حظي حشرت قدمي في ذلك الجذر...".
ولم تذكر أنها كانت تجري ...... تجري بوحشية وبغير أكتراث لتعثر على دومينيك ولتخبره أنها تقبل به زوجا ولتقطع ألى الأبد تلك الرابطة التي وجدت أنها وغراي ترتبطان بها في مصير مؤسف .
وقالت أمها في لهجة فيها شيء من التأنيب :
"ما زلت أعتقد أنك أخطأت , أنني ذاهبة لأعد العشاء وسيكون عليك أن تأكليه كله ثم تنامي نوما هادئا وأذا أرتفعت حرارتك سنطلب الطبيب في الصباح ليفحصك".
وأتجهت ألى الباب تقول :
" سوف ينهض بنيامين ويراك , كان قلقا عليك ".
وأضطجعت توني وأغلقت عينيها وسمعت طرقا على الباب بينما كانت تستغرق في النوم .
وأبتسمت توقعا لدخول بنيامين وأسدلت جفنيها وقالت :
" أدخل!".
منتديات ليلاس
وفتحت عينيها ونطقت :
" غراي؟ كنت أظن أنه العم بنيامين ".
وعلق قائلا :
" سمح لي أن أنوب عنه ...... هل لديك أعتراض ؟".
وأحست بالخجل وقالت :
" لا.......زز بالطبع ....لا !".
وجلس ألى جانب فراشها يقول :
" كيف حالك ؟ هل أصابك أي ضرر ؟".
كانت لهجته ودودة وبدأ أنه نسي كيف أفترقا في الليلة السابقة.
وأجابت :
" أنني بخير ... ولا يوجد ضرر حقيقي ..... مجرد أحتكاك وكدمة خفيفة في مفصل القدم , وقامت أمي بعمل الأسعافات اللازمة , لا بد أن أقدم لك الشكر لأنقاذي من تلك المقبرة الغارقة , كيف عدت؟ وكيف عرفت مكاني؟".
وأستند ألى كرسيه وقال :
" الأجابة على السؤال الأول – رجعت في سيارتي ويرجع الفضل ألى الشرطة في العثور على مكانها شمال واتفورد في السادسة والنصف من صباح اليوم وعدت بأسرع ما أستطيع لأنني وددت أن أتحدث أليك , وبالنسبة ألى السؤال الثاني – عندما لم أجدك عند وصولي بحثت عنك في كوخ آن وعرفت الوقت الذي تركت فيه الكوخ وحسنا... لا بد أن أعترف أنني أضعت وقتا لا بأس به في الوصول ألى مكانك , وكانت أمك وبنيامين يبحثان أيضا ".
ونظر أليها نظرة حادة وقال :
" لا تحاولي مرة أخرى أن تخرجي وحدك كما فعلت , أيتها الشابة الصغيرة ".
وقالت في وهن :
" آسفة.... سببت لكم المتاعب!".
" فعلا........".
منتديات ليلاس
وتبع ذلك فترة صمت طويلة قال بعدها :
" تحدثت ألى آن ".
وعلقت توني :
" أوه!".
" وتحدثت أليّ! ...... وكانت مضطربة قليلا ........ وطننت أنها ربما كانت غير حكيمة عندما ناقشت أمورا تمت ألى حياتي الشخصية معك , لكنني طمأنتها ".
وقالت للمرة الثانية :
" أوه ! حسنا ".
وتركه هدوءه فجأة وضرب ذراع الكرسي براحة يده وقال بحدة :
" لماذا خرجت تضربين الحقول بتلك السرعة بعد أن سمعت حديث آن؟".
وبللت شفتيها , وقالت :
" كان عليّ أن أفكر........".
وخفضت من صوتها , وقالت :
" فهمت كل شيء على عكس ما كان الواقع........".
وأستجمعت شجاعتها , وقالت :
" أحبني بنيامين وأرادني لوجه الشبه بيني وبين ميدج , وأنت أبديت كرهك ومقاومتك لي وكنت أظن أن ذلك راجع ألى أنني كنت كالحلوى المرة التي تذكرك بكل ما فقدته ,وأنك في كل مرة كنت تذكر سعادتك معها , وظننت أنك كنت تغازلني لتغمض عينيك وتتخيل أنها بين ذراعيك ...... وكنت آمل أنك بمرور الوقت تتقبل خسارتك كما يفعل الناس وربما صرنا أصدقاء بعد ذلك وعملنا سويا ".

نيو فراولة 12-10-10 06:55 PM

وأومأ في بطء قائلا :
" ثم أكتشفت في فترة ما بعد الظهيرة أن ميدج لم تكن الملاك الذي رسم بنيامين صورته لك وجعلك تصدقينه ؟ الحقيقة هي العكس تماما .........".
وقالت في بساطة :
" نعم... يا غراي..... أنني آسفة .......لم أكن أفهم ...... ولكنني أفهم الآن قليلا , أنني أفهم لماذا يعتبر وجودي قريبا منك شيئا مؤلما لك وشيئا لا يحتمل , وعندما كنت أفكر أن قربي منك يذكرك بالحب والسعادة كان ذلك أمرا صعبا بما فيه الكفاية ولكنه كان محتملا , أما أذا كان كل ما أذكرك به هو الأحباط والبؤس , فلا أمل أن يتواجد كلانا معا , وهناك بين الحقول توصلت ألى قرار , قررت أن أحل المشكلة بأن أذهب ألى مكان بعيد ".
" سوف ترحلين ؟ وألى أين؟".
منتديات ليلاس
وحاولت أن تجعل وجهها يبدو هادئا وعاديا بمجهود كبير وقالت :
" ألى الرف الآخر من العالم....... دومينيك ذاهب ألى أستراليا وطلب أليّ أن أتزوجه وأن أذهب معه ألى هناك".
" هل تحبينه؟".
" أنا على ثقة من أنني سأحبه........".
" ولماذا أذا تعتقدين أنني طلبت الزواج منك؟".
وأتسعت عيناها وقالت :
" أعتقد.........".
ثم توقفت وقد أحمرت خجلا .
وقال لها:
" أوضحي!".
" أعتقدت أنك كنت تبحث عن مبرر يجيز لنا أن نبيت معا في الشقة بدون أن تنكث بوعدك لبنيامين ".
وقال في مرارة :
" نعم! أظن أنني أستحق ذلك! هات ما عندك! وماذا أيضا سول لك عقلك الصغير عني؟".
" ظننت أنك خرجت لتقضي الليل مع مارشا فقد بدا بينكما ود كبير !".
" بالفعل بيننا هذا الود , فمارشا أمرأة عظيمة , ولكن هناك رجل واحد يستطيع أن يمضي الليل مع مارشا , ذلك الرجل هو زوجها بيترو , ولقد أنتهى لتوه من تصوير فيلم في روما , أنه صديق كبير لي وسوف تحبينه .....لا ........ أمضيت الليل في النادي ألعن نفسي لأنني كشفت عما في نفسي وطلبت أن تتزوجينني".
وقالت في صوت خافت :
" لم يحدث خطأ كبير ".
منتديات ليلاس
وقال في خشونة :
" بالطبع كان في ذلك خطأ كبير ....كنت غير موفق في الليلة الماضية بدرجة لا تصدق ولا عجب في أنك رددتني بخفى حنين ".
منتديات ليلاس
" ولكنك لم تكن جادا ".
كان لا يزال ينظر أليها وقال :
" لم أكن جادا في حياتي كما كنت بالأمس ولكن التوقيت لم يكن مناسبا".

نيو فراولة 12-10-10 07:44 PM

" أذن لماذا خرجت بتلك الطريقة؟".
وأبتسم أبتسامة ضئيلة , وقال :
" لماذا ؟ ألا تحسين بما تثيرينه من أغراء أيتها الشابة؟ كنت أود أن أبقى وأترافع غن قضيتي , ولكنني بشر يا حبيبتي , وكنا وحدنا في شقتي , وكان كل ما أستطيع هو أن أتصرف بأسرع ما يمكن ..... وهذا ما فعلته.....".
منتديات ليلاس
كانت تجلس في السرير المغطى بالملاءات البيضاء وقد حبست أنفاسها في ترقب وأنتظار , وقال غراي :
"أنني على ثقة من أنني لست شخصا يحب مثل دومينيك , ولكن هل بوسعك أن تحبيني؟ لأنني أحبك وأريدك معي ولا أستطيع أن أبقى بدونك ؟".
وأطلقت أنفاسها في تنهيدة طويلة وترقرقت الدموع في عينيها وقالت في صوت أبح :
" لا أستطيع أن أحاول ذلك ..... ظللت أقاوم من أجل ألا أحبك منذ أول مرة ألتقينا فيها".
وأخذ وجهها بين يديه وصار ينظر بعمق في عينيها وقال :
" عيناك تختلفان عن عينيها لأن عينيك فيهما الصدق والشفقة والكرم , ولقد عرفت منذ البداية أنك لست مثلها ولكنني كنت أحاول ألا أصدق نفسي فلقد تعقدت منها بشكل كبير عبر السنين".
وعانقها وقال :
" نجحت في أن تحلي هذه العقدة في أسابيع يا حبيبتي ........".
وعرفت بالتأكيد عندئذ أنه ليس هناك ما تخشاه من الماضي وقد يتحدث أليها عنه في يوم من الأيام أذا ما رغب في ذلك ولكنها لن تستفسر أو تسأل بحال من الأحوال .
وعاد ألى كرسيه من جديد وأخرج من أحد جيوبه الخارجية صندوقا صغيرا من الجلد وقال في أبتسامة :
" لنطبق لمرة واحدة الأسلوب الصحيح والرسميات , أنتهزت فرصة ذهابي ألى بوندستريت لأحضر هذا قبل أن أنصرف".
وصمت عن قصد , وأضاف:
" كدليل على الأخلاص والصدق".
منتديات ليلاس
وفتح غطاء الصندوق ليكشف عن خاتم يتكون من ماسة واحدة شكلت بمهارة جعلها تتلألأ وتشع نارها أمام عينيها المنبهرتين.
وقال غراي:
" أنها ماسة حقيقية , أني لا أحب التقليد".
وفقدت توني قدرتها على الكلام , وأخذت تحدق بدون أن تنطق بشيء .... ألى الخاتم الجميل بينما أخذ غراي يضعه في أصبعها , كان الخاتم مناسبا تماما للأصبع , وقال :
" هل يعجبك؟ مناسب؟".
" نعم!".
ولم تستطع أن تحبس الدموع لفترة أطول فقد كان يوما منهكا .
وأخذ غراي يمسح عينيها حتى عادت الأبتسامة أليها ثم قبّل أصبعها وعليه خاتمه ورفع رأسه وعيناه ترقصان في خبث وقال متأملا:
" أنه لكرم كبير .... ها أنت أخيرا هنا حيث حلمت بالحياة معك ..... وبما أنك تبدين في حالة صحية واهنة فأنني أكتفي بأن أقبل يدك ولكن أنتظري يا حبيبتي.... أرجو أن تنتظري , فأني أعرف فندقا صغيرا يطل على بحيرة وزهور الربيع في المروج حوله في كل مكان".
غمرتها البهجة والفرح لتزيل عنها الشعور بالتعب ولتملؤها بالحياة والطاقة , وجلست وقد مدت كلتا يديها نحوه , كانت تريد أن تعطي وتعطي وألا تحبس شيئا تدخره للسنوات المقبلة.
وتمتمت وهي تعانقه:
" شملتنا عناية السماء , أهو أول يوم تزهر فيه أزهار الربيع حول ذلك المكان ؟".


تمت

dalia cool 12-10-10 07:50 PM

شكرا كتير الرواية كتير حلوة يعطيكي العافية:flowers2::flowers2:

زهورحسين 12-10-10 08:24 PM


اممممممممممممممممممممممممممممممممممل؟
ااااايعني احلى:flowers2:
م م م م م يعني ماسة:flowers2:
ل ل ل ل ل يعني ليلاس:flowers2:
وبالفعل انت احلى ماسة بليلاس:flowers2:

فجر الكون 13-10-10 06:45 PM

شكــــراً عالرواية الرائعة ,,,

اماريج 14-10-10 07:49 AM


يعطيك الف عافية يالغلا
وتسلم ايديك حبيبتي واناملك الناعمة يلي عم بتتحفنا بهذه الروايات الجميلة والرائعة
اختياراتك موفقة فيها ياامورة
تحيااااااااتي العطرة لك
http://www.liilas.com/upp//uploads/i...29b0212dfc.gif

Rehana 15-10-10 03:57 PM

يعطيك العافية امل
مجهود رائع وعطاء متميز

http://www.my-thank-you-site.com/ima...er_resized.jpg

نانا الداودي 19-10-10 07:22 PM

تعذريني بس القصة موحلوة حرامات التعب

قماري طيبة 29-12-10 08:52 PM

رواية قمة في الروووووووووووووووووووووووووووووووووعة سلمت يداك عليها

سومه كاتمة الاسرار 31-12-10 10:00 PM

:اختيار رائع منتظرين الجديد دايما تقبلى تحياتى::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2:

زهرة منسية 17-03-11 02:13 AM

يسلموا رائعه واكثر من روووووووووووووووووووووعه

كتبيه 21-03-11 03:03 AM

يعطيج العافيه شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااا:Welcome Pills4:

الجبل الاخضر 24-03-11 02:33 AM

وووووووو:7_5_129:ووووووووااااااااااااااا:mo2::ااااااااااااا: dancingmonkeyff8:ااااااااااااااووووووووووو:party0033: ووووووووووووو حمااااااااااا:8_4_134:اااااااااس تجنن :55::7_5_129:روعه اختيار ممتاز

جنون العشق 24-03-11 10:13 AM

حلوووووووووووووووووووووووووووووووووووووة
تسلم الأيادي

حنان محمد ابراهيم 17-04-11 05:11 PM

تسلم ايدك على الرواية الرائعة

ندى ندى 26-10-11 05:22 AM

رائعه جدا جدا جدا

antheia 27-08-16 03:16 PM

رد: 23 - الماس أذا ألتهب ! - مارجري لوتي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرااااا للترجمة يعطيكم العافية :8_4_134:

فرحــــــــــة 06-09-16 07:53 PM

رد: 23 - الماس أذا ألتهب ! - مارجري لوتي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
غاليتى
نيو فراولة
دائما روايتك هى السهل الممتنع
استمتع بها كثيرا
فلك منى كل الشكر والتقدير
على حسن انتقائك وسهولته
دمتى بكل الخير
فيض ودى

paatee 26-09-18 09:24 PM

رد: 23 - الماس أذا ألتهب ! - مارجري لوتي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
تسلم الانامل ياعسل ننتظرجديدك

SHELL 23-10-18 03:17 PM

رد: 23 - الماس أذا ألتهب ! - مارجري لوتي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://files.fatakat.com/2010/6/1277640978.gif

Moubel 21-01-22 07:05 PM

رد: 23 - الماس أذا ألتهب ! - مارجري لوتي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا جزيلا على الرواية الجميلة


الساعة الآن 05:30 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية