منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t148770.html)

نيو فراولة 20-09-10 08:25 PM

68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - روايات عبير القديمة

الملخص


" أتريدين أقناعي بأنك تحبينه لنفسه, وأنك مستعدة لمنحه كل شيء من دون مقابل؟ آه كم أنت ساذجة!..........".
أمرأتان ورجل واحد سيء السمعة , ذهبي الشعر , دائم الأسفار , ووسط الرياح والأمواج المتكسرة على الشاطىء الغربي من أسكوتلندا يحصل اللقاء الذي يستمر على كرّ وفرّ .
منتديات ليلاس
لا الثلج المتساقط على السفوح الجليدية يؤخره ولا المداخلات العنيفة من قبل الأصدقاء .......لكن موراغ وديفيد غير متفقين على أمور كثيرة وبينهما فرجينيا المتسلطة ذات السطوة الكبيرة والنفوذ , كذلك بينهما أندي الرقيق المحب رفيق الطفولة وموراغ موعودة به منذ سنوات طويلة.....
فكيف أخيرا , يتمكنان من أختراق كل التناقضات؟

نيو فراولة 20-09-10 08:28 PM

1_الحب من أول نظرة


توقفت موراغ هندرسن عن التدقيق في دفتر حسابات الفندق الصغير الذي كانت تباعد والدتها في أدارته,ووضعت رأسها بين كفيها على الطاولة أمامها , وراحت تحدق من خلال نافذة غرفة الطعام الى الأمواج المتلاطمة والجزر الداكنة التي كادت الأمطار الغزيرة تحجب رؤيتها , فالخريف في تلك السنة بدأ بداية قاسية أوقعت كثيرا من الأضرار في ذلك المنتجع الصيفي الصغير , على الشاطىء الغربي لأسكوتلندا حيث كانت تقيم موراغ هندرسن , ولحسن الطالع أن الفندق لم يتكبد ألا القليل من تلك الأضرار , مما أفرح موراغ بعض الشيء لأن موازنة حسابات الفندق لا تسمح ألا بصرف مبلغ زهيد من المال لأصلاحه , أضافة الى المبلغ المتوجب صرفه لأصلاح الأضرار العادية التي أصيب بها الفندق في الصيف الماضي .
ويا له من صيف! فالشمس لم تشرق فيه ألا أياما قليلة في مطلع حزيران ( يونيو) وأيلول( سبتمبر ) , أما في سائر الأيام , فكان المطر المنهمر بغير أنقطاع , والريح الهوجاء , يحملان المصطافين , نزلاء الفندق , على العودة الى مدنهم قبل أنتهاء عطلتهم الصيفية , ولولا بعض النزلاء , ومنهم بيتر مورتن , الذي كان يدير أعمال بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية في مكان مجاور على ذلك الشاطىء ,وزميله المهندس في أدارة تلك الأعمال , لعجز الفندق عن تحقيق أية أرباح في تلك السنة .

فهل كانت جين هندرسون والدة موراغ على علم بالحالة المالية البائسة التي كان يعانيها الفندق؟ هذا ما كان يشغل بال موراغ , على الرغم من أنها كانت تثق بأن والدتها بعيدة عن الحماقة والتهور , فكلما حاولت أقناعها بالتقليل من وجبة الطعام كضرورة لتجنب الخسارة , رفضت وقالت:
" كيف يقوم الرجال بأعمالهم خير قيام بوجبة هزيلة من الطعام ؟ وكذلك , فكيف أحتفظ بسمعتي كأفضل طاهية للطعام على طول هذا الشاطىء وعرضه؟".
منتديات ليلاس
وكان هذا صحيحا , فهي تعلمت فنون طهي الطعام في أشهر مدارس البلاد ,وكذلك فعلت أبنتها موراغ , ولكن لفترة قصيرة لأن والدها مات فجأة منذ سنة وبضعة أشهر , فأضطرت الى العودة من مدرستها لمساعدة والدتها في أدارة شؤون الفندق.
وكان والدها الذي كان يعمل في شركة المقاولين التي تعاقدت لبناء محطة توليد الطاقة الكهربائية هو الذي أتى ببيتر مورتن الى الفندق حين بوشر بناء المحطة لأربع سنوات خلت , أما الآن , وبناء المحطة أشرف على الأنتهاء , فلم يبق لبيتر مورتن ولزملائه المهندسين وسواهم من المستخدمين ألا أن يغادروا المكان عائدين الى حيث جاؤوا , وهكذا يرجع المكان الى ما كان عليه سابقا من الحياة الرتيبة.
وفيما كانت موراغ غارقة في التفكير , صاحت والدتها تسألها أين أنت ؟ فلما أجابت أنها في غرفة الطعام , قالت لها والدتها:
" ماذا تقدرين أن تفعلي يا أبنتي , والغرفة كاد يلفها الظلام؟".
قالت هذا الكلام ودخلت الى الغرفة لتضيء كل الأنوار , ثم أسرعت الى النوافذ وأسدلت الستائر المخملية الطويلة , فعادت الحياة الى الغرفة ,وعندئذ ظهر ما كان في الغرفة من طاولات صغيرة وكراسي , فضلا عن خزانة ضخمة من خشب السنديان مطعّمة بالنحاس , وبدت النار في الموقدة المبنية بالأجر الأحمر على وشك التحوّل الى رماد , فما كان من جين هندرسن الوالدة ألا أن ركعت متأففة غاضبة تزيح الرماد وتضع مكانه قطع الحطب.
ثم وقفت وحدّقت الى أبنتها التي ظلت جالسة الى أحدى الطاولات , وقالت لها :
" كفاك أستسلاما لأحلام النهار! هل أنهيت التدقيق في دفتر الحسابات؟".
قالت ذلك وأخذت تخرج الملاعق والصحون من الخزانة , وترتبها على مائدة الطعام.
فأجابتها موراغ وهي تتمطى وتتثاءب :
" كلا , لم أنهه بعد , سأنهيه هذا المساء أن شاء الله , ما بالك تهيئين موائد الطعام ؟ هل حان الوقت؟".
فقالت أمها:
" نعم , وكان عليك أنت أن تهيئيها من قبل , لأن بيتر سيصطحب رجلا آخر هذه الليلة...... رجلا أسمه ديفيد , وسيقيم هنا الى كانون الثاني ( يناير).
فسألتها موراغ بغير أهتمام أذا كان الرجل قادما من لندن , وكانت تلملم بعض الفواتير والوصولات وتضعها في أماكنها الخاصة بها , وكانت موراغ , بينها وبين نفسها , لا تبالي بأولئك الرجال البريطانيين ذوي القامات النحيلة , واللهجات الغريبة , والتصرفات المرحة , الذين جاؤوا للعمل في محطة التوليد الكهربائي , ذلك أنها , وهي الخجول بطبعها , لم تجد ما تقوله لهم , على الرغم من أن جمالها كان يستهويهم وكان لديهم الكثير مما يقولونه لها , وذلك قبل أن يلاحظوا قلة أهتمامها بهم , فتركوها وشأنها , أما الآن فتمنت أن يكون القادم الجديد كهلا ومتزوجا , بحيث لا يكون عليها أن تتحمل , كعادتها , الدعابة والمزاح اللذين طالما أزعاجا وأحرجاها.
وقالت لها أمها :
" هذا القادم الجديد سيحل محل أحد المهندسين في محطة التوليد الكهربائي , بعد أن أقعده المرض , وكان فيما مضى يشغل الوظيفة نفسها , ولكنه رقي الى وظيفة أعلى وأحتفظت الشركة به في مكاتبها بلندن , وبيتر يعرفه جيدا , ويبدو أنه مسرور لمجيئه الى هنا".
فقالت موراغ:
" كم تضحكيني عندما تتكلمين عن المحطة كأنك تعرفين كل التفاصيل ........ أو كما لو كنت أحد مهندسيها !".
فأجابت أمها:
" نعم , أشعر أحيانا كأنني أعرف كل شيء , بعد أن أصغي الى أحاديث بيتر والآخرين , وتمر أيام تبدو فيها محطات التوليد الكهربائي كأنها طعامنا وشرابنا , خصوصا في فصل الشتاء , حين ينقطع مجيء الزائرين , والآن فاتني أن أسألك ماذا يقول آندي في رسالته , هل يذكر متى سيعود؟".
وأخرجت موراغ الرسالة من جيب سروالها وتمعنت في طابع البريد , وكانت الرسالة وصلتها ذلك الصباح من آندي روبرتسن الذي كان في عرض البحار على أحدث ناقلة للنفط , حيث يتناوب العمل كمهندس بحري.
وقالت موراغ لأمها:
" يقول آندي أنه سيعود في عطلة الأعياد , ورسالته مصدرها أثينا حيث رست الناقلة من دون ميعاد , وكان هذا من حسن حظ آندي , لأن الشمس هناك مشرقة والطقس جميل ودافىء , آه , كم أتوق الى السفر , فهذا المكان , دارليغ , موحش وكئيب في فصل الشتاء , بحيث يغادره الى أنكلترا أو سواها جميع الذين في سن الشباب , فبعد قليل سيذهب جوني الى الجنوب ,وتقول آن أنها حالما تنهي , هي وفرانك , دراستهما في كلية الفنون سيرحلان الى كندا وهكذا أودع أقرب أصدقائي اليّ".
وهنا رمقت جين أبنتها بنظرة كلها حنان , وعادت بالذاكرة الى الوقت الذي قطعت فيه موراغ دراستها لتعةود الى البيت حتى تساعدها في أدارة الفندق بعد موت زوجها , وقبلت جين هذا الأمر على مضض , لأنها كانت تفضّل أن تتابع موراغ دراستها الجامعية , بحيث تحصل على درجة علمية تؤهلها العمل في سبيل الرزق , ولكن موراغ رفضت ذلك بعناد , وها هي الآن جالسة الى الطاولة بقامتها الهيفاء , والرسالة في يدها , وعيناها الزرقاوان الواسعتان مليئتان بالشوق والحنين تحت أطراف شعرها الأسود القصير , وشفتاها المكتنزتان تتدليان قليلا حول مبسمها , وكم تمنت جين في تلك اللحظة أن تكون لها القدرة على أقناع أبنتها بالعودة الى أستئناف دراستها الجامعية , أذن لكانت تجنبت أن تراها على ما هي عليه من التذمر والخيبة.

كانت موراغ في التاسعة عشرة , فلا عجب ان يجتاحها قلق الشباب وعناده , ثم أنها آمنت أيمانا قاطعا بالحرية الفردية وروح التجديد في الرأيء والسلوك واللباس , وحين فارقها آندي , في شباط ( فبراير) الماضي , للقيام برحلته البحرية الطويلة , تعاهدا على أن لا يعدا أحدا بخطوبة أو زواج , الى حين عودته , وعندئذ نظران في أمر الزواج , واحدهما من الآخر , وكان هذا التعاهد مليئا بروح الشجاعة الهوجاء , ذلك أن الزواج في تلك السن المبكرة لم يكن قائما على التعقل , بقدر ما كان زيّا متبعا عند أبناء ذلك الجيل , ومع أن جين لم تكن , في قرارة نفسها , توافق على الزواج المبكر , ألا أنها قالت لموراغ على سبيل تعزيتها:
" آندي سيعود قريبا , وربما تزوجتما في مطلع السنة الجديدة!".
فقالت موراغ:
" هذا أذا أدخر المال الكافي , لأنه قال لي مرة أنه لن يتزوج حتى يجمع مالا يكفي لشراء بيت....... وهذا قد يستغرق سنين , ومن قال أن شراء بيت ضروري الى هذا الحد؟ فأنا لا أريد أن أتزوج ليكون لي بيت أقيم فيه , بينما هو بعيد عني في عرض البحار".
فقالت أمها:
" أنت غير ملزمة بالزواج منه , فأنت غير مخطوبة له خطوبة رسمية".
منتديات ليلاس
فأجابت موراغ :
" أعرف ذلك".
ثم قالت:
" ولكنه لم يطلب الزواج مني , وأنا لم أعده بأنني أنتظره".
ولاحت على فمها أبتسامة مفاجئة وهي تقول:
" لا تقلقي عليّ في هذا الشأن يا أمي , أنه الطقس الكئيب والتدقيق في دفتر حسابات الفندق هما اللذان ينغّصان عيشي , وستتحسن الحال حين يسقط الثلج ويصبح بأمكاني التزلج عليه".
وفتح الباب الخارجي , ثم الباب الداخلي , فدخلت الريح الغربية الى الغرفة , فبعثرت الأوراق وأخرجت الدخان من باب الموقدة , فصاحت الأم وأبنتها : " أغلق الباب !".
فأنغلق الباب بضجة شديدة ودخل بيتر مورتن الى الغرفة وقال معتذرا:
" كنا , أنا وديفيد , نحمل بعض الحقائب , في أيدينا فلم نستطع أن نقبض على الباب الخارجي جيدا , فأنفتح وهجم الريح وفتح الباب الداخلي , فمعذرة منكما ...... ذهب ديفيد ليأتي ببقية الحقائب".
ولاحظت موراغ , وهي تجمع الدفاتر والملفات , أن بيتر , كالعادة , لا يلتفت ألا الى أمها جين , كان بين الأربعين والخمسين من عمره , ذا شعر أسود وعينين عسليتين وملامح صلبة , ويتصف كمواطنيه اليوركشايرين بقوة العزيمة والشخصية التي تنم عنها نظراته الخاطفة وحركاته المتباطئة .
وقال بيتر لموراغ مداعبا :
" أما تزالين منصرفة الى جمع الأرقام؟".
فلم تجبه , بل مرّت من أمامه وهي تحمل بين يديها كومة من الدفاتر والأوراق , عبر باب غرفة الطعام , الى البهو الخارجي.
ولم تتمكن موراغ أن ترى رجلا مديد القامة يقترب نحوها , أكثر مما تمكن هو أن يراها , ذلك أن باقة الزهور الصفراء التي كان يحملها بين يديه حجبت عنه الرؤية , فكان أن تصادما بشدة , فوقع الرجل ممددا على الأرض , وموراغ على صدره , والدفاتر والأوراق مبعثرة في كل أتجاه , وقبل أن تتمكن من النهوض , كانت ذراع الرجل تلفها وتمنعها عن ذلك , وكم كان خوفها شديدا حين شعرت بخد خشن يضغط على خدها , وبصوت هازىء يقول لها:
" يدهشني أنك تهتمين بعملك كل هذا الأهتمام!".

نيو فراولة 20-09-10 08:30 PM

وكان بيتر واقفا في البهو يضحك بصوت عال ويقول لجين:
" هذه عادة ديفيد هاكيت في دخول الأبواب , يا جين! فأنا لم أعرف رجلا كثير الوقوع مثل هذا الرجل ".
وألتفت الى ديفيد قائلا:
" نجحت حقا في أن تجعل الجميع يلاحظون دخولك".
ثم مدّ يده الى موراغ وهو يقول لها :
" أنهضي قبل أن تسحقي باقة الزهور".
فنهضت موراغ شاكرة معونته , فيما علت خديها حمرة الخجل والأرتباك , وحين نهض ديفيد هاكيت أيضا بقفزة رياشية سريعة , أقبلت عليه موراغ تعتذر منه بكلمات علقت في حلقها , ذلك أن الرجل كان مديد القامة , ذا شعر ذهبي اللون يشع تحت الضوء الكهربائي , وأخذت عيناه اللتان بلون البحر ترمقان موراغ بأبتسامة لاحت على وجهه المستطيل , فحسبته بطلا من الأبطال الأقدمين الذين طالما غزوا شاطىء بلادها , قد نفض عنه غبار السنين ودخل حياتها , وتصدت له بغريزة الدفاع عن النفس , فوقفت أمامه بأطول ما يمكن أن تبلغه قامتها , فيما شحب لون ملامحها الزاهر , وهي تقرأ الأعجاب الذي تجلّى في عينيه.
ولم يلاحظ بيتر حدوث أي أرتباك وتوتر , فبدأ بكلمات التعريف وقال لموراغ:
" هذا ديفيد هاكيت , يا موراغ , قدم من لندن لمساعدتنا في المحطة على الخروج من مأزق وقعنا فيه".
منتديات ليلاس
فقالت موراغ بخشونة :
" أخبير جديد أيضا؟".
ولكن ديفيد تلقى هذه الملاحظة بصدر رحب , فقال :
" خبير بشيء واحد فقط ....... هو أضحاك الناس , كما شاهدت الآن!".
فكان لرده المتسامح هذا أثره في نفس موراغ , أذ شعرت أنه كان بمثابة توبيخ لها وضعها في مكانها كفتاة مراهقة , كما شعرت بعجزها عن مقاومة نظراته الباسمة وهو يقول لها بصوت خافت:
" أنا مسرور بلقائك يا موراغ!".
وألتفت الى بيتر متابعا:
" وأنت رجل شاطر يا بيتر ,الآن عرفت لماذا تنزل في هذا الفندق".
ثم قام بيتر بتعريف ديفيد الى جين , فقدّم لها ديفيد باقة الزهور التي أصابها بعض العطب , فسرّت جدا بمبادرته هذه وأعجبت به أشد الأغجاب , ولم يرق ذلك لموراغ , أذ أعتبرت أن ديفيد لم يكن ألا كسواه من المهندسين الذين عملوا في المحطة , فهو متعجرف , يغزو ذلك المكان في الخفية ويأخذ منه ما يريد , ثم يغادره محملا بالغنيمة وتاركا الخراب وراءه , وهزت موراغ رأسها وهي تقول لنفسها:
"ماذا دهاني ؟ هذا الرجل لا علاقة بالغزاة الأقدمين من بني قومه , فهو لا يعدو كونه رجلا أنكليزيا متحضرا , وأن لم يرق لي".
ولملمت موراغ دفاترها وأوراقها التي تناثرت عند وقوعها , يعينها على ذلك ديفيد , ولكنها رفضت طلبه أن يحمل الدفاتر والأوراق عنها , فقابل رفضها بأبتسامته وقال بصوت خافت:
" أنا آسف على ما بدر مني , وأرجو ألا أكون أصبتك بأذى , فمن عادتي السيئة أنني لا أتبصر جيدا الى أين أنا ذاهب ...... وهذا يوقعني أحيانا في أدق المآزق , ولكن لي رجاء واحد , وهو أن لا ننسى كيف ألتقينا لأول مرة!".
فأرتبكت موراغ للطفه الزائد ولأبتسامته الساحرة , فلم تجد ما تقوله له , أمسكت بدفاترها وأوراقها , ملقية برأسها الى الوراء , لترى طريقها جيدا هذه المرة.
وسارت الليلة مسراها الطبيعي , فعاد رون شيلدز وستيف هاريس وريغ مارسر , وهم الثلاثة الذين يعملون في المحطة , لتناول طعام العشاء عند الساعة السادسة , وحاولت موراغ , بعدما حدث لها ما حدث مع ديفيد , أن تتهرب من أستضافة أولئك الرجال , ولكن والدتها جين لم توافق على ذلك , غير أنها أدركت , وهي تقوم بواجبها في غرفة الطعام , أن ديفيد الجالس بقرب بيتر الى مائدة الطعام , كان مأخوذا بالحديث معه , فلم يعرها الا قليل من الأهتمام.
وبعد العشاء , تناولت موراغ وأمها الطعام في المطبخ الواسع المريح الذي كان أيضا الغرفة التي يستخدمانها للجلوس في أوقات الأستراحة والفراغ من العمل , ثم قامتا بتنظيف الصحون وأحالتها الى ألسي وينس لغسلها , وهي المرأة التي كانت تقوم بهذه المهمة كل صباح ومساء , وبغيرها من المهمات الشاقة.
وكانت العادة أن تجلس موراغ الى أحدى طاولات غرف الطعام , بعد تنظيفها وترتيبها , للتدقيق في حسابات الفندق , بينما تكون والدتها جين جالسة عل كرسيها الهزاز , قبالة الموقدة , تحيك بالأبرة قميصا لموراغ , ولم يكن يقطع حبل الصمت والسكون أحيانا غير ضحكات الرجال من نزلاء الفندق الجالسين في غرفة الأستقبال , وذلك بالأضافة الى الأصوات المتعالية في البهو الخارجي , والى صرير باب هنا وباب هناك , أو الى أزيز محرّك سيارة تهيأ للأنطلاق في الممر الضيق.

وفي ذلك المساء , بعد العشاء , دخل بيتر الى الغرفة من غير أستئذان فجلس الى كرسي مريح قبالة جين , وكان من عادته أن يفعل ذلك , حين لم يكن مضطرا للعودة الى عمله في المحطة , وكانت موراغ تلاحظ هذا الأمر , منذ سنة تقريبا , بشيء من القلق , ولكن ما حدث بعد ظهر ذلك النهار جعلها تمعن النظر والتأمل في تطور علاقة بيتر بوالدتها جين , ذلك أنه كان , على مرور الأيام , يزداد جرأة في تصرفه مع جين , كمن له دالّة الرجل المدلل , وها هو الآن يدخل الى الغرفة , فتبتسم له , كعادتها , ولكن ببسمة فيها من الحب أكثر مما فيها من الترحيب الحار.
الحب؟ سألت موراغ نفسها وهي تنظر بعبوس الى الدفاتر أمامها , لماذا لم تلاحظ ذلك من قبل . فهما عاشقان كما يجب أن يكون العشق , فكيف لم تتبين ذلك؟ أيكون لأنها كانت غارقة في تفاصيل حياتها الخاصة طوال السنة الماضية؟ وفي أية حال , فلعل ما يبرر جهلها للأمر أن لا يتبادر الى ذهنها وقوع أمرأة كوالدتها في الحب والغرام , وهي في منتصف العمر , ولكن , لماذا لم تخبرها بذلك ؟ وهل كان عليها أن تفعل؟
مرّت هذه الخطرات ببال موراغ , ثم أنصرفت الى التدقيق في دفتر الحسابات الذي أمامها.
وفجأة أدركت ما كانت تعنيه تلك الخطوات .
أيكون أنها تحب آندي ؟ وأذا كانت لا تحبه , فلماذا وعدته بالأنتظار الى أن يعود؟ وهل تعرف الآن ما هو الحب؟
وتأوهت موراغ وهي تواجه هذه المسألة التي كانت سببا في أزعاجها , منذ فارقها آندي , ولم تجد لها حتى الآن جوابا مقنعا .
وقالت جين لبيتر مشيرة الى موراغ:
" عادت حليمة الى عادتها القديمة , كانت على هذه الحال في غرفة الطعام بعد الظهر , فماذا يا ترى ورد في رسالة آندي اليها؟".
فقال بيتر :
" لا بد أن يكون ورد شيء ما".
ونظر الى موراغ وقال:
" ما بك , يا موراغ ؟ أخبرينا".
فأجابت موراغ متأففة:
" كفاك يا بيتر , لماذا كل هذا الضجيج؟".
فأجابها بيتر:
" أذن سمعت ضحكاتنا ؟".
فقالت موراغ:
" نعم , وسمعت أيضا خبطة الباب....... وأزيز محرك السيارة".
منتديات ليلاس
فأعتذر بيتر قائلا:
" ديفيد هو الذي تسبب بذلك يا موراغ , عليك أن تتحملي بعض الضجيج الذي يحدثه وجوده هنا".
وألتفت بيتر الى جين وقال متابعا:
" وأرجو أن لا يزعج جيرانك , يا جين , أنه رجل يحب العمل في الليل , هذه عادته , فأين هو الآن ؟ في غرفته يعمل حتى طلوع الفجر , أو بعد موعد تناول طعام الفطور , لا تستغربي تصرفاته , بل حاولي أن تفهميها , فقد يأوي الى فراشه بعد ليل طويل من العمل , فلا ينهض ألا في المساء , عليك أن توقظيه , وهو يقول لك متى , وأنا أرجو , يا جين , أن لا يكون مصدر أزعاج لك!".
فأجابت جين:
" لا , لا ينشغل بالك , سنتدبر الأمر بعد وقت قصير , وبوسع موراغ أن تعتني به".
وهزت موراغ رأسها عند سماع هذا الكلام , ولكن جين تجاهلت أمارات الأضطراب والتمرد على وجهها.
وقال بيتر :
" حسنا".

نيو فراولة 20-09-10 08:32 PM

وغرق في كرسيه المريح , ثم تابع قائلا:
" أذن , كل شيء على ما يرام , فكم خفف عني مجيء ديفيد الى العمل معي , كنت أظن أن كبير مهندسي الشركة في لندن لن يسمح له بالمجيء".
فقالت جين:
" لماذا؟".
فأجابها بيتر:
" لأن المسألة معقدة جدا , فرئيس الشركة معجب بديفيد كل الأعجاب ويحاول أن يهيئه لمنصب رفيع في الشركة , ولذلك نقلوه من العمل في المحطة هنا الى مركز الشركة في لندن , حيث تذهب مواهبه هدرا , فهو أحد أمهر المهندسين في الشركة , ويفضل العمل في تنفيذ المشاريع على العمل في مركز الأدارة".
وسألته جين:
" هل هو متزوج؟".
فأجابها بيتر:
" كلا , هناك فتيات كثيرات في حياته , ولكنه يحرص على البقاء طليقا من رباط الزوجية".
فقالت جين :
" يا له من شاب وسيم , وكم أحببت الزهور التي أهدانيها , هل رتبتها موراغ ترتيبا حسنا في المزهرية؟ ألا تعتقد يا بيتر , أن ديفيد هو الذي يجب أن يكون حذرا من الوقوع في الفخ هذه المرة؟".
وعلت على شفتيها أبتسامة هازئة , وأضافت قائلة:
" تذكّر يا بيتر , كم من الشبان العاملين في المحطة وقعوا ضحية الفتيات الأسكتلنديات اللواتي هن من مثيلات موراغ!".
منتديات ليلاس
وتبادل بيتر وجين نظرة حميمة كلها خبث , لاحظتها موراغ فقطبت جبينها أستنكارا , وقال بيتر:
" هذا صحيح , فأحد أولئك الفتيات ستتزوج جوني ردفيرن في العيد المقبل , وهي كاتي بار صديقة موراغ".
وألتفت الى موراغ سائلا:
" متى ينجز ثوب العرس يا موراغ؟".
فأجابت موراغ:
" يتم أنجازه ببطء لأن فيه كثيرا من التطريز ".
وكانت موراغ تساعد صديقتها في تصميم ثوبي العروس والعريس , ثم قالت في نفسها عن ديفيد:
"أذن , فذلك الأنكليزي صياد نساء! ولا عجب في ذلك بعدما رأيت فيه , من الباقة وحسن التصرف".
وألقت نظرة على باقة الزهور التي وضعت في المزهرية أمامها , فلم يوق لها أعجاب أمها بفطنة مهديها.
وقال لها بيتر :
" أما زلت تغالبين هذه الأرقام؟".
فأجابت موراغ:
" نعم , فهي لا تتوازن".
وهنا صاح بيتر :
" أتركيها أذن! سأنظر فيها بعد حين , أما الآن فأستريحي , وتعالي أخبريني ما رأيك في ديفيد , فأنا أخشى أن يكون قد ترك في نفسك أثرا سيئا , نتيجة ما حدث بعد الظهر".
فأنزعجت موراغ من صراحته وقالت:
" لم يعجبني ,فهو رجل متسلط فقط".
وأحمرت وجنتاها خجلا حين نظر اليها وجين نظرة أستغراب , وقالت لها جين بغضب:
" ما هذا الكلام يا موراغ؟".
ولكن بيتر تصدى للأمر بدهائه المعهود وقال لموراغ:
" ولعلك على صواب , فديفيد , يمكن أن يكون متسلطا فظ الطباع أن هو أرخى لحيته وأطال شعره ولبس خوذة المحاربين الأنكليز القدماء , فهو في الواقع من سلالة هؤلاء".
فأثار هذا الكلام أهتمام موراغ , فالتاريخ كان دائما موضوعا محببا اليها , على أن هذا الحوار لم يرق لجين , فقالت:
" ما هذه الثرثرة؟ لم أفهم شيئا بعد".
فقال بيتر ضاحكا:
" ألا يعني لك التاريخ شيئا ؟ كل ما في الأمر أن موراغ ترى أن ديفيد يشبه أولئك الغزاة القدماء الذين غزوا هذا الشاطىء , من مئات السنين , فهي لذلك لا تحبه".
فأجابت جين , موجهة كلامها الى موراغ:
" سواء أحببته أم لا , عليك أن تكوني مهذبة وحسنة التصرف معه".
وتطلعت موراغ الى بيتر , وكأنها تؤنبه على أجراء حوار تسبب في هذا التوبيخ الذي وجهته اليها أمها , فقال بيتر لجين:
" لا تقلقي يا جين , فديفيد لم يلاحظ شيئا , لأنه كان مأخوذا بجمال موراغ , وأنا أعتقد أنها تصرفت معه بخشونة , لأنها شعرت بالرعب".
فصاحت جين في وجه موراغ:
" بالرعب ؟ هل شعرت بالرعب يا موراغ؟".
فلم تجب موراغ , بل وقفت برأس مرفوع وقالت بحزم:
" لا تبالي بما يقوله بيتر يا أماه!".
ولكن جين أصرّت على القول:
" لماذا أرتعبت يا موراغ؟ فأنا أعتقد أن ديفيد رجل وسيم يثير الأعجاب , ومن حسن الطالع أن نجد رجلا مثله في هذه الأيام , وأنا لا أفهم لماذا تتخذين هذه المواقف العنيفة نحو الآخرين , فعليك أن تكوني أكثر تسامحا وسعة صدر".
وقبل أن تجد موراغ الجواب المناسب , أنبرى بيتر الى القول ضاحكا:
"لعلها كانت تخاف من أن يمسك بشعرها ويجرها الى سفينته ويقلع بها الى مكان بعيد!".
فرمقته موراغ بنظرة قاسية وتمتمت قائلة:
" ما أسخف هذا الكلام! ما أسخفه حقا!".
وخرجت لتهيء القهوة وهي غاضبة ,. لأن تصرفها الغريب مع ديفيد في ذلك النهار كان ظاهرا لكل ذي عينين.

نيو فراولة 20-09-10 08:34 PM

2- على شفير الحب

كان النهار التالي معتدلا ورطبا , أذ أستنفذت العاصفة قوتها أثناء الليل .
وفيما كانت موراغ تبحث عن بعض الأوراق البرية لتضمها الى باقات الزهور , بدأت الغيوم تنقشع رويدا رويدا لتظهر شمس الخريف الباهتة اللون.
وكانت قطرات المطر تتلألأ على الأوراق كما تتلألأ حبات الفضة , وكان لون البحر , فيما وراء سور الحديقة , يتبدل من الرمادي الى الأزرق الغامق.
وأستندت موراغ الى السور الحجري وحدقت الى الأفق البعيد , وهي غارقة في تأملاتها عبر التاريخ القديم , حين كان ذلك الشاطىء موطئا لأقدام الغزاة الأبطال , ذوي الشعر الذهبي والعيون الزرقاء.
وقطع حبل تأملاتها ضجيج محرك سيارة , فتطلعت من فوق السور , فأذا بسيارة صغيرة حمراء اللون تعبر من أمامها بسرعة وتستدير عند المدخل , وتقف بأزاء الرصيف خارج الباب الأمامي ,وفتح باب لسارة ,فخرجت ساقان طويلتان تلبسان سروالا غامق اللون , ثم تبعهما رأس ديفيد هاكيت وهو ينزل بصعوبة من مقعد السائق , وما أن أغلق باب السيارة حتى عادت موراغ مسرعة الى متابعة بحثها عن الأوراق البرية , آملة أن لا يكون رآها مختبئة بين شجيرات الحديقة , ولكن أملها خاب , ذلك أنه رآها , فحياها وقال لها:
" لمحتك تتطلعين من فوق السور , فلماذا أنت مختبئة؟".
منتديات ليلاس
فأجابت موراغ:
" مختبئة ؟ كلا , أنا أجمع بعض الأوراق البرية".
وخرجت من وراء أحدى الشجيرات الى الممر ووقفت قبالته , وهي تحاول أن تضبط أعصابها وتظهر بمظهر اللامبالي , والواقع أن حضوره جعل قلبها يخفق خفقانا سريعا.
وحدقت موراغ الى ديفيد , من دون أن تبتسم , فلاحظت أن أطراف شعره الذهبي حجبت فكّيه وفمه , وأن بشرة وجهه باهتة اللون وبياض عينيه يشوبه الأحمرار , على أن أبتسامته كانت جذابة الى أقصى حد.
وقال لها ديفيد:
" كنت أتمنى أن تكون تحيّتك لي أكثر حرارة وودا , ولكن لا بأس , فأنت رائعة الحسن".
وبذلت موراغ جهدها لتجاهل نظرته المغرية وكلامه المليء بالمديح , لأنها عزمت على التصرّف لا مجال فيه للعاطفة , فقالت:
" أخبرنا بيتر أنك قد تعود الى الفندق متأخرا هذه الليلة , فهل تريد أن تتناول طعام الفطور قبل أن تأوي الى فراشك؟".
فأجابها ديفيد:
" نعم , وخصوصا أذا كنت أنت هي التي ستقدمه اليّ".
وتطلع عبر سور الحديقة وتابع قائلا:
" ما أجمل هذا المنظر , أنت محظوظة بالأقامة في مثل هذا المكان , هل أنت من هواة السفن الشراعية؟".
قال ذلك بنبرة سريعة تنم عن أهتمام صادر من صميم قلبه فأجابت موراغ:
" نعم , في الصيف , والآن , أسمح لي أن أذهب لأخبر أمي بأنك هنا , كي تهيء لك طعامك".
فسارع ديفيد الى القول:
" لا , لا تفعلي , أنت أختبأت عندما رأيتني , ثم تحاولين الآن الهرب مني".
وأم***ا بذراعها وقال:
" لست جائعا الى الحد الذي لا يسمح لي أن أسألك بعض الأسئلة وأتمتع بهذا النسيم العليل ,فأنا أريد أن تخبريني ما هي أسماء تلك الجزر هناك , على مسافة من الشاطىء".
ولكن موراغ أبت أن تلين , فأنتزعت ذراعها من يد ديفيد وأخذت تردد أسماء الجزر بصوت صارم جاف , ولكن ذلك لم يؤثر في موقفه منها , بل زاده حماسة في متابعة الحوار معها , فقال:
" أخبرني بيتر أن المناظر الطبيعية هنا لا مثيل لها , ولكنني لم أصدقه بادىء الأمر , فالبارحة تنزهت بسيارتي في طريق الشاطىء , فما رأيت غير المطر والضباب , أسمحي لي أن أسألك عن تلك الجبال التي يشاهدها المسافر نحو الشمال!".
وكان من المحال أن تتجاهل موراغ أهتمامه الظاهر المخلص بما يتحدث عنه , فأضطرت الى الرد على أسئلته.

ثم قال لها ديفيد:
"لا شك أنك تحبين الأقامة هنا".
فأجابت موراغ:
"لا بأس بالأقامة هنا في الصيف , حين يجيء الزائرون , ولكن في الشتاء يعم الهدوء ولا يحدث شيء يذكر , وذلك يبعث الضجر , فأنت ترى أن الذين في سن الشباب قليلون هنا...... لأن معظمهم يذهبون الى العمل في المدن".
ونظرت اليه موراغ بحياء , ثم مالت بنظرها عنه وسارت نحو الفندق بعصبية ظاهرة , فسار ديفيد بجانبها وقال:
" لا أعتقد , يا موراغ , أن هذا المكان يبعث الضجر , لا هذا المكان ولا سواه ..... فهو يكون كما يصنعه الأنسان , ولعلك من حداثة السن , بحيث لم تتوصلي بعد الى معرفة هذه الحقيقة".
منتديات ليلاس
فقالت موراغ بحدة :
" أنت تتكلم كأنك شيخ طاعن في السن!".
ضحك ديفيد أعجابا وقال:
" أظن أنك في حوالي العشرين من العمر , فأنا أذن أكبر منك بعشر سنين ..... وأكثر منك خبرة في الحياة بما لا يقاس ......ولم يبق لي ألا قليل من البراءة!".
قال ذلك مداعبا , ثم تابع كلامه بجد مظهر لها أن دارلينغ لا يمكن أن تكون مكانا مضجرا , ما دامت تقيم فيها.
وهكذا مارس دايفيد براعته المعهودة في أجتذاب النساء اليه ,وكانت هذه البراعة تتخلص في أنه كان يجعل المرأة حائرة بين الشك في صدقه واليقين.
لذلك لم تهتم موراغ أن تجيب , بل فتحت الباب ودخلت الى البهو الخارجي , وتجاهلت وجوده معها , فذهبت الى أناء نحاسي كبير على طاولة التلفون وتناولته لتضع فيه الزهور والأوراق التي جمعتها في الحديقة.

نيو فراولة 20-09-10 08:36 PM

فقال لها ديفيد
" لا بد أن يكون هناك نشاط ما تساهمين فيه خلال فصل الشتاء!".
فأجابت :
" نعم , خصوصا أذا سقط الثلج , ولكن ليس هنا على الشاطىء , وأنما هناك في الجبال , حيث يمكننا أن نتزلج".
فقال ديفيد :
" نعم , التزلج! فكيف سها عن بالي ؟ أرجو أن تأخذيني معك عندما يسقط الثلج , فأنا أحسن اتزلج , ولكن لا أعدّ نفسي من أبطاله".
وتثاءب ديفيد فجأة وفرك عينيه , كان تعبا جدا , فالأفضل له أن يذهب الى النوم بدل أن يتابع الحوار مع موراغ من دون جدوى.
وهذا ما خطر ببال موراغ , وقد أخذت تشعر نحوه بشيء من التقدير , فقالت له:
" ألا تعتقد أنك يجب أن تأوي الى فراشك يا سيد هاكيت؟".
فهز رأسه موافقا وقال:
" نعم , وسأستغني عن تناول طعام الفطور وأذهب الى النوم , ولكن شرط أن تناديني ديفيد , وأن تأخذيني معك الى التزلج على الثلج عند أول فرصة".
فلم يسع موراغ ألا الأبتسام , وهي تقول :
" يا لك من رجل ملحاج! حسنا , أعدك يا ....... ديفيد , والآن أذهب عني!".
ومر الأسبوع مرورا خاطفا , وكان من عادته أن يتباطأ ويجري على وتيرة واحدة , وذلك بفضل وجود ديفيد .
وكان ديفيد يروح ويجيء الى الفندق على هواه , فيحضر لتناول طعام الفطور في التاسعة أو العاشرة صباحا وهو ناعس العينين , من دون أن يفارقه المرح ,وكانت موراغ تخجل في بادىء الأمر أن تدخل غرفته لتوقظه من قيلولة بعد الظهر , ولكنها أعتادت على ذلك .ووجدت أنها , مهما صرخت ونادته بأسمه , لم يكن ليستيقظ من سباته العمق , فكان عليها أن تهزه بكتفه , حتى أذا فتح عينيه هربت مسرعة من الغرفة قبل أن يبادر الى التحدث اليها.
فما أن ينهض ويلبس ثيابه حتى يندفع الى المطبخ , وعبثا قالت له موراغ بلباقة أن في الفندق غرفة خاصة بالنزلاء , وعليه أن ينتظر فيها الى أن يتم تهيئة الطعام في الغرفة المعدة له , ولكنه لم يقبل بكلامها , بل أصرّ على الحضور الى المطبخ الدافىء حيث كان يتجاذب أطراف الحديث مع جين عن أسفاره ومغاماته , وكان يلمّح ألى أنه طاه ماهر , فيصف بعض الأطعمة الغريبة , وكانت جين. كعادتها في حسن الضيافة , ترضى بجلوسه في المطبخ , على أن موراغ بذلت جهدها لتجاهل وجوده هناك , لا لأنه كان يوجه الكلام اليها كثيرا , بل لأنها كانت , بينها وبين نفسها , تؤخذ بطريقة أقاصيصه وحكاياته , ذلك أنه شاهد كثيرا في أسفاره ولقي عديدا من الناس الذين يثيرون الفضول والأهتمام , وكانت موراغ, في كل يوم , تعزم على مغادرة الغرفة حالما يدخلها ,ولكنها كانت تجد نفسها مسمرة في مكانها , بفعل الأثر الذي كانت تتركه في نفسها أحاديثه الشيقة عن أقطار غريبة كم كانت تود أن تتاح لها فرصة زيارتها , للتعرف اليها عن كثب.
وفي مساء يوم الجمعة ذهبت موراغ لزيارة صديقتها كايتي , في الجانب الآخر من دارليغ ,وكانت النجوم قد بدأت تشع في السماء مع الأنوار التي كانت تنطلق من المحطة عبر الخليج , وكان المنظر ساحرا حقا , فتذكر موراغ كيف أن الأهلين عارضوا أنشاء المحطة خوفا من أن تشوه جمال تلك المنطقة , ولكن معارضتهم هذه لم تنجح , نظرا الى الفوائد التي كانت ستسفر عنها , ومن ذلك ما نعمت به المنطقة من أزدهار نتج عن كثرة المهندسين والخبراء القادمين اليها لبناء المحطة , وعن تشغيل الأيدي المحلية العاملة فكانت أن زالت كل معارضة , خصوصا بعدما تبيّن أن المحطة لم تكن تظهر بأزاء التلال الخضراء وراءها , على أنها في الليل كانت تبدو كقصر سحري تتلألأ أضواؤه فوق مياه البحر الداكنة .
منتديات ليلاس
كانت كايتي فتاة سمراء صغيرة القامة طليقة اللسان , فما كادت موراغ وصديقتها الأخرى آن روس تجلسان في غرفة الأستقبال حتى بادرت كايتي الى سؤال موراغ عن رأيها في ديفيد , فتعجبت موراغ كيف علمت كايتي بمجيئه , ولما أستخبرتها أجابت بأن جوني قال لها أن ديفيد جاء بديلا عن مديره الذي أقعده المرض , وأنه رجل قدير جدا , فضلا عن أن الفتيات كلهن يقعن في غرامه.
فقالت آن :
" لا أستغرب ذلك".
وأزاحت جدائل شعرها الأسود الطويل عن وجهها , أجابت موراغ:
"كيف تقولين ذلك؟ هل تلاقيتما؟".
" نعم , كنت في الطريق أنتظر الباص , فنقلني في سيارته وهو عائد من المحطة , ما أسعد حظك يا موراغ , لأنه عندك في الفندق, لو كنت مكانك لترنحت غراما كلما دخل من الباب!".
وقطبت موراغ جبينها وهي منكبة على تطريز ثوب العرس الذي بين يديها ,وفكرت في نفسها أن آن مثال الفتاة التي تقبل بأن ينقلها رجل غريب في سيارته ,وخيّل اليها أن ديفيد المحدث البارع , وآن الجريئة الوقحة , وجدا الكثير مما يجمع بينهما.
وقالت آن :
" هيا يا موراغ! أخبرينا عن ذلك الفتى الرائع الذهبي الشعر".
فأجابت موراغ:
" لا شيء أخبركما به عنه سوى أنه لا يروق لي".
فقهقهت آن ضاحكة وقالت:
" هذه صراحة عرفت عنك ,ولكن , لماذا لا يروق لك؟ هل حاول أن يغازلك؟".
فلمعت عينا موراغ أحتجاجا على طريقة التعبير وأجابت:
" أنا أفضل الرجال الصادقين الذين لا يستخدمون المبالغة في المديح ولا النفاق في الأطراء!".
فقالت آن ساخرة:
"ها ها ! أذن , فهو يحاول معك هذا الأسلوب في الأغراء! وهو أسلوب غير ما تعودته من آندي , فلا عجب أن تضطربي وتستنكري , وأسمحي لي أن أسألك : هل آندي قادر على الكلام؟ فأنا لم أسمع منه سوى الجعير".
وهنا صاحت كايتي في وجه آن قائلة:
"" كفى يا آن , أنت تزعجين موراغ بهذا الكلام".
فقالت آن :
" آسفة , قد أكون محسودة منك يا موراغ , فالفتى الذهبي لم ينطق ألا بالقول بي : ( أين تريدينأن تنزلي؟) هذا مع العلم أنني حاولت الفوز بأعجابه ,ولكن أظن أنه صياد نساء ماهر , فخذي حذرك منه!".
ورأت كايتي أن الحديث عن هذا الموضوع قد طال وحان تغييره , فأقترحت أن تسمع صديقتيها أغنية جديدة صدرت حديثا.
وأنقضى ما تبقى من السهرة على خير ما يرام , فكن يخطن ويصغين الى الموسيقى , وأنضمت اليهن السيدة بار , والدة كايتي , فقدمت اليهن القهوة والفطائر ,وعند الساعة العاشرة والنصف نهضت موراغ مودعة وأسرعت الى الشارع عائدة الى الفندق مشيا على قدميها.
وكان وقع خطواتها يسمع في تلك الطريق الخالية , وهي تستعيد كلام آن الساخر عن آندي , وعبثا تمكنت أن تبعث آندي في ذاكرتها , فبقي طيفا لا شكل له ولا رسم ,ومالت الى الأعتقاد أنه يفتقر الى فن المحادثة والحوار , ولكنها لم تتوقع منه غير ذلك يوما من الأيام , فالكلام يقل بين أثنين تصاحبا منذ أيام الدراسة الأبتدائية , فضلا عن أن الأسكتلنديين قوم طبعوا على الخجل وصعوبة التعبير .
على أن بينها وبين آندي كثيرا مما يجمع ولا يفرق , فكلاهما يحب السير على الأقدام , وركوب الزوارق الشراعية , والسباحة , والتزلج على الثلج , وكانت علاقتهما صميمة ,ولو لم يطلب يدها للزواج منه , غير أنه سيفعل حين يعود في العيد , وستجيبه الى طلبه , وكل شيء سيجري على ما يرام , وسيعيشان في بيتهما الصغير في دارليغ , وحين يسافر للعمل , من وقت الى آخر , تبقى وحدها بأنتظار عودته .
هكذا كانت موراغ تفكر وهي تسير نحو البيت , ولم يقطع عليها حبل تفكيرها غير وقوف سيارة بجانبها وصوت ديفيد يقول لها :
" أصعدي".
فترددت موراغ في القبول , لم تكن تريد صحبته ,ولكنها كانت من جه أخرى ترغب في التخلص من التفكير في آندي ومستقبلها معه , ولم يخف على ديفيد ترددها , فقال لها ساخرا:
" أذا كنت تفضلين السير على قدميك فلا بأس , لن يزعجني رفضك!".
وأدركت موراغ أنها أساءت التصرف معه مرة أخرى , فما كان منها ألا أن أنحنت وصعدت الى السيارة وهي تقول له:
"كيف عرفتني في هذه العتمة؟".
فأجابها ديفيد:
" عرفتك من ساقيك!".
وحين أبدت أستنكارها , قال لها ديفيد :
" ما الخطأ في ذلك؟ فساقاك جميلتان جدا , وهذا نادر في هذه الأيام , وأنا أتمنى أن لا تغطيهما دائما بالسروال".
ولم تكن موراغ معتادة على سماع مثل هذه الملاحظات الخصوصية , فألتزمت الصمت , مما دفع ديفيد الى مزيد من المداعبة ,فقال:
" أرى أنك أضطربت من كلامي , وهذا نادر أيضا..... وأريد أن أسألك: لماذا تكرهينني؟".
وحارت موراغ بماذا تجيب , وكيف تكافح رجلا كهذا.

نيو فراولة 20-09-10 08:38 PM

وتابع ديفيد قائلا
"كوني صريحة , لا تشفقي عليّ ولا تكذبي , فنظراتك المعادية لي تفضحك , وهي تجعلني أهتز وأرتجف.......فأنا لم أتعود أن أكون مكروها من أحد ........ ما بك لا تتكلمين؟ هل فقدت لسانك؟".
فثارت موراغ لهذا التحدي ,وجاءت الكلمات قاسية جارحة على لسانها , فقالت:
" أنا لا أميل اليك...... لأنك وسيم الطلعة , وأنت تعرف ذلك , ولأنك حلو المعشر وشديد الثقة بنفسك , تكيل المديح للناس , في غفلة منم , كما تفعل مع والدتي , على أمل أن تكسب رضاهم فتنال ما تريد , فأنت مغرور وأناني , ولا شك أن لك عشيقات في كل مكان, وهمك أن تقنع كل واحدة منهن أنها هي المفضلة , ولكن الحقيقة هي أنك لا تحب أحدا ألا نفسك....... فكيف تنتظر مني ,وهذه حالك , أن أميل اليك وأعجب بك؟".
قالت موراغ هذا الكلام الشديد اللهجة وجلست تنتظر ردة فعله بخوف ورعدة.
وساورها الندم على ما أظهرته من عجز عن ضبط نفسها , أما كان من الأفضل أن تكبت عواطفها وتحتفظ برأيها , فلا تعطيه مبررا لمهاجمتها بكلامه اللاذع؟
منتديات ليلاس
ولكن , كم كانت دهشتها شديدة حين قال لها , بعد صمت طويل ,وبضحكة زادت في أثارة غيظها وأستنكارها :
" ليتك يا موراغ تعلمين كم أنت طريفة ومنعشة للروح! أما قال المثل : خذوا أخبارهم من صغارهم؟ وه أنت الآن تبدين رأيك فيّ , ولم يمض على معرفتك بي أكثر من أسبوع , ولكنك على صواب , فأنا أعرف أنني رجل وسيم , وأرجو أن أكون أيضا حلو المعشر , وأنا أبذل جهدي لأكون لبقا في تصرفاتي , فأبتسامة هنا وكلمة مهذبة هناك تعين على تخفيف أعباء النهار , أما أن أكون مغرورا , فهذا ما لم أتأكده بعد....... فأنا نشأت في عائلة لها خمسة بنين , وكان عليّ أن أكافح للحصول على ما أريد , أناني أنا؟ ربما , فمعظم الرجال أنانيون ........ هل كان لي عيشقات كثيرات؟ نعم , لماذا لا؟ أنا أنسان من لحم ودم , ولكنني ما أسأت الى أية واحدة منهن".
وشعرت موراغ انها , بعد هذا الكلام , كبالون منفّس , فتحليله الممتع لرأيها فيه أثبت لها أنها لا تزال غتاة مراهقة تعوزها الرهافة وعمق النظر ,وأذا كانت قد قصدت أن تجرحه بكلامها , فأنها لم تنجح هذه المرة أيضا.
وسألت موراغ نفسها:
" أما من طريقة تتغلب بها عليه؟".
وفي الدقائق الأخيرة , قبل وصولهما الى الفندق , شعرت موراغ بأنها تكرهه أكثر من أي وقت مضى , فدهشت لذلك أشد الدهشة , وحين وصلا , أوقف ديفيد السيارة وأطفأ المحرك وفتح لها الباب , فشكرته موراغ بصوت خافت فقال لها:
" لا أنتظر أن أنال منك أكثر من الشكر , نظرا الى رأيك السيء فيّ , وهذا مؤسف ولكن القناعة كنز لا يفنى!".
وأخطأت موراغ حين أدارت وجهها نحوه , لأنها بذلك جعلت وجهها قريبا جدا من وجهه , وحاول ديفيد أن يغتنم الفرصة ,ولكن موراغ تراجعت بسرعة ونزلت من السيارة وأتجهت نحو البيت , فلحق بها وهي تدخل البهو ,وقال لها بلهجة عادية , كأن شيئا لم يكن:
" ما أجمل هذا البيت , هل أقمت فيه دائما؟".
فهدأت هذه اللهجة الحميمة من غضبها , فلم يسعها ألا أن تجيب :
" نعم , هذا البيت لعائلة والدتي , حوّلته الى فندق منذ بضع سنوات......... وحين مات والدي أصبح مورد رزق لنا".
قال ديفيد:
" فكرة رائعة , فأمك طاهية ماهرة".
وحانت منها ألتفاتة فرأته يفتح باب غرفة الأستقبال مما سرّها لأنها تتخلص منه هكذا ,ولكنها ما أن تابعت سيرها نحو المطبخ , حتى ناداها قائلا:
" قفي يا موراغ , أنتظريني".
وفي لمحة بصر كان يمشي الى جانبها مرة ثانية , وهو يقول لها :
" لم أجد بيتر في غرفة الأستقبال , هل تعرفين أين يمكن أن يكون الآن ؟ لا أظنه ذهب الى الفراش".
فأجابت موراغ:
" لعله في المطبخ مع أمي".
فظهرت عليه الدهشة ,ولكنه سرعان ما رفع أحد حاجبيه الذهبيين وقال بخبث:
" ها ها .......هكذا أذن!".
فقال موراغ بأنزعاج:
"ماذا تعني؟ لا أفهم ما تقول".
فأجابها ديفيد مداعبا:
" تمهلي قليلا , هل يتردد بيتر الى المطبخ كثيرا؟".
فقالت موراغ:
" نعم , كل ليلة تقريبا...".
صمت ديفيد قليلا , ثم قال لها بهدوء:
" كان عليّ أن أنتبه الى ذلك حين مدح لي هذا الفندق كثيرا . والآن أنتظري حتى أجتمع به على أنفراد".
فصاحت موراغ وقد هالها ما لاح على وجهه الوسيم من دلائل الخبث:
" لا , لا تفعل , أياك أن تهزأ بهذا الأمر......... أعني صداقة أمي مع بيتر...... أرجوك أن لا تذكره لبيتر أو لأي أنسان".
منتديات ليلاس
فقال ديفيد:
" كما تشائين , يا لك من فتاة حساسة !".

وهنا خيّل الى موراغ أن هذا الرجل الغريب الأطوار يعرف بيتر معرفة عميقة , فلعله يخبرها عنه ليخفف من قلقها , وهكذا تناست خشونتها معه وقالت له بجرأة لا تخلو من الحنان:
" ديفيد ............... أريد أن أتحدث اليك بجد هذه المرة , فأسمع , أنت تعرف بيتر منذ سنوات , فهل هو صادق وشريف مع النساء؟".
وتجاوب ديفيد مع هذا التحوّل في عاطفتها نحوه , فأجابها بكثير من الجد:
" لا تقلقي على أمك يا صغيرتي , لأن بيتر من أفضل الرجال , فهو دائما يعمل الشيء المناسب , وأنا أعتقد أنه وأمك جين يكونان زوجين سعيدين!".
فتنهدت موراغ لكلامه ببعض الأرتياح , ولكنها أرادت مزيدا من الأقتناع , فقالت:
" وهل تظن أن ذلك ممكن ؟ أعني وقوعهما في الحب , فلم يمض على وفاة والدي وقت طويل , وأنا لا أقدر أن أفهم كيف تطيق أن يحلّ أحد مكانه!".
فرماها بنظرة عميقة , وتمهّل قبل أن يقول:
" هذا حديث مهم جدا , أقترح أن نتابعه بعيدا عن المكان الذي يوجد فيه بيتر وأمك!".
وجلسا على أحدى درجات السلم الذي يقود الى الطبقة العليا , فيما الموسيقى تنبعث خافتة من غرفة الأستقبال.

نيو فراولة 20-09-10 08:40 PM

فقال ديفيد :
" هل تحدثت مع أمك عن هذا الأمر؟".
فأجابت موراغ :
" كلا , كنت أنتظر أن تقوم هي بالمبادرة هذا مع العلم أنني لم ألاحظ ذلك ألا أخيرا , وكنت غير متأكدة , ولا أظن أنه من السهل أن تسأل البنت أمها عن أمر كهذا , فقد يثير أستنكارها ".
فقال ديفيد :
" ألا تظنين أن أستشارة رجل غريب مثلي تددعو الى التساؤل؟ خصوصا وأنت لا تعجبين بي".
فأحمرت وجنتاها لهذه الملاحظة ,وآثرت أن لا تواجه نظراته الحادة , فقالت له:
" لا تنس أنك الشخص الوحيد الذي لاقيته ويعرف بيتر حق المعرفة!".
فقال ديفيد:
" حسنا , والآن أريد أن أسألك : هل كنت متعلقة بأبيك؟".
منتديات ليلاس
فأجابت موراغ:
"نعم , كان رجلا رائعا , وعلمني الكثير , وأنا أفتقده جدا ".
فقال ديفيد:
" حسنا , وأظن أن أمك تفتقده جدا أيضا ,وأذا كانت تحب بيتر , فهذا لا يعني أنها نسيت أباك".
وتوقف قليلا عن الكلام , وهو يحدق في السجادة التي أمامه , ثم تالع قائلا:
" هناك في رأيي عدة أنواع من الحب , فمن الممكن , مثلا , أن يحب الأنسان شخصين في الوقت نفسه , ولعل بيتر ووالدتك جين يمران الآن في تجربة حب من النوع الذي تفضلينه أنت , أي الحب الذي يؤدي دائما الى السعادة الزوجية , فهما على جانب عظيم من النضوج , وكلاهما بحاجة الى المعاشرة...... بيتر تزوج وفقد زوجته من دون أن تلد........وكان زوجا صالحا , وأذا تزوج والدتك جين فيكون خير معين لك , وهو في النهاية أفضل مني , أنا الطارق الغريب!".
وبعد أن نظر اليها مبتسما , تابع قائلا:
" أرجو أن أكون أعنتك بعض الشيء .......فكأنما أنا بنصائحي رجل في السبعين من العمر".
فأجابت موراغ:
" أنت رجل متفهّم وعمليّ ....... وأنا أشكرك على ما فعلت , وأظن أنك على حق في ما قلت , كل ما في الأمر هو أنني أنانية ولا أطيق أن يشاركني أحد في محبتي لأمي".
فقال لها ديفيد:
" ولكنك ستتزوجين قريبا , على ما علمت , فلماذا تنكرين السعادة لغيرك؟".
قال هذا ومدّ ساقيه الطويلتين على درجات السلم , فيما أسند ذراعيه على الدرجة وراءه , وكانت موراغ جالسة بأزائه , فراحت تتأمل وجهه وهو يحدق الى الأمام وبدا لها أن وجهه يشع ذكاء , وأن ملامحه تجمع بين الصفاء والبشاشة.
ثم قالت متعجبة:
" من أخبرك أنني سأتزوج قريبا؟".
فأجابها:
" بيتر أخبرني , وعلمت منه أيضا أن العريس الآن على ناقلة نفط في عرض البحر , وسيعود في العيد المقبل".
فقالت , وهي شاردة الذهن:
" نعم , ويا لينتني أعرف عن الحب قدر ما تعرف!".
وتذكرت موراغ أنها كانت لا تطيقه من قبل , وأما الآن فأنها تشعر وهي الى جانبه بالراحة والطمأنينة , ذلك أنه كان يوحي اليها بالعزم وشدة البأس , بخلاف آندي الذي عرفته منذ سنين , وهكذا عادت اليها المشكلة القديمة , هل تحب آندي حقا؟
وهنا نهض ديفيد وأمسك بيد موراغ لينهضها وهو يقول:
" حان لي الآن أن أرى بيتر".
وكانت لهجته جافة لأن سؤالها لم يرق له , ولأنه أحس أنها تحاول به أن تتعرف الى حياته الخاصة , ولم يكن في ذلك أي حرج , ألا أنه أرادها أن تعرف أنه يعاني مشاكل أهم مما يعنيه سؤالها بكثير, فهي في آخر الأمر لم تكن في نظره سوى فتاة طيبة , صادف أنها في البيت الذي يقيم فيه مؤقتا.
منتديات ليلاس
ولاحظت موراغ أنه أنزعج من سؤالها , فأحست بالمذلة , وكادت عيناها تغرورقان بالدموع وهي تتبعه في نزوله في درجات السلم , حتى أذا وصلا الى أرض الغرفة ألتفت اليها فجأة ونظر في عينيها قائلا:
" خفّفي عنك ,لا تأخذي هذا الأمر بكثير من الجد...... فأنا لا أزال أعتقد أن لك ساقين لا مثيل لهما في هذه الأنحاء!".
قال هذا وتركها وسار في الرواق.
ووقفت موراغ على درجة السلم وهي تفكّر هل أن ما بدر منه نحوها من لطف ومودة كان حقيقيا ومخلصا , وشعرت في تلك اللحظة كم كانت حائرة وشاردة الذهن.

نيو فراولة 20-09-10 08:43 PM

3- رأس على كتف

عزمت موراغ أن تفاتح والدتها جين في أمر علاقتها ببيتر , ولكن في غضون الأيام السبعة التالية لم يكن في الفندق هدوء يتيح لها ذلك , ففي يوم السبت جاء ثلاثة رجال , كان بيتر قد سارع الى أستعارتهم من محطة كهرباء مجاورة , وبالأضافة اليهم نزل في الفندق أربعة أعضاء في مؤتمر أقيم في فندق مجاور لم يتسع لهم و فأنشغلت جين وأبنتها موراغ الى أقصى حد , بحيث لم يكن لديهمت متسع من الوقت للتحدث عن أي شأن خاص.
ودامت الحال كذلك الى يوم الجمعة التالي , حين غادر النزلاء الفندق وعادت الحياة الى مسارها الطبيعي.
وذات ليلة عادت موراغ الى افندق من زيارة لصديقتها كايتي فما أن دخلت حتى وجدت والدتها جلسة في كرسيها المعتاد , فقالت لها وهي تجلس بجوارها :
" ما أجمل هذا الجو الهادىء !".
فقالت جين :
" نعم , كم أنا سعيدة أن أجد بعض الوقت أقضيه على أنفراد...............كان على بيتر أن يعود الى المحطة , ومنذ حين أتصل ليقول أنه سيتأخر , هو وديفيد , الى الساعة الحادية عشرة والنصف , وأنذرني أن ديفيد سيكون جائعا في ذلك الوقت , ويتمنى أن يتناول شيئا من الطعام".
منتديات ليلاس
فقالت موراغ:
" الأكل والنوم .......هذا ما كانا يفعلانه طوال هذا الأسبوع! هل كان العمل الذي يقومان به على مثل هذه الأهمية؟".
فأجابت جين :
" تعطلت بعض أجزاء المحرك في المحطة , فكان من الضرورة أصلاحها".
ثم تابعت كلامها قائلة:
" كيف حال كايتي؟".
فقالت موراغ:
" تثرثر كالعادة , تعيّن يوم عرسها في الثاني والعشرين من كانون الأول ( ديسمبر)".
فقالت جين :
" هل تكون ثياب العرس جاهزة في ذلك الوقت؟".
فأجابت موراغ:
" بكل تأكيد , وسيقضي العروسان شهر العسل قبل أن يسافرا الى أميركا الجنوبية , حيث أرسل جوني للعمل هناك... هنيئا لك يا كايتي!".
فسألتها جين :
" هل أنت حقا تحسدينها يا موراغ؟".
فأجابت موراغ:
" أذا كنت تقصدين بسؤالك أنني أحب الذهاب مع زوجي الى أقاصي الأرض , فالجواب نعم , هذا مع العلم أنني لا أمانع أن ذهبت وحدي!".
وتابعت موراغ كلامها قائلة:
" ولكن كايتي لا تهتم أن ذهبت مع جوني أو ذهبت وحدها , ما دامت تزوجته , كل ما تطمح اليه هو بيت نظيف مجهّز بآلة غسيل وثلاجة وسرير ينام فيه طفل!".
فقالت جين بدهشة:
" ألا تطمحين أنت الى مثل ذلك؟ كنت أظن أن فتيات هذه الأيام يسارعن الى الزواج كأنهن لا يرين في الحياة غير ذلك".
وظهر الشك والأرتباك على وجه موراغ وهي تقول :
" في الزواج أكثر مما تطمح اليه كايتي , ولو كنت زوجة جوني لأردت أن أذهب معه حيثما يذهب , فأنا أفضل أن أكون مع زوجي وأشاركه حياته على أن أقعد في البيت وأنتظر عودته , وكايتي تتمنى أن يقوم بوظيفة غير وظيفته الحالية....... وظيفة تبقيه في البيت ولا تجبره على السفر طويلا من حين الى آخر , وهي تحاول أن تدبر هذا الأمر منذ الآن".
فقالت جين :
"يظن كثيرون أن من واجب المرأة تدبير شؤون زوجها ومساعدته في عمله!".
منتديات ليلاس
فأستدركت موراغ قائلة:
" نعم , ولكن يجب أن لا تحاول تغييره وجعله غير ما هو!".
وتوقفت عن الكلام , أذ خطر لها أن الفرصة أتيحت لها الآن لمكاشفة أمها في موضوع العلاقة التي تربطها ببيتر , ولكنها قبل أن تجمع أفكاها للبدء بذلك , طرق الباب ودخل بيتر الى الغرفة .
فقالت جين:
" أراد عدت بعد طول غياب! قل لديفيد أن يحضر لتناول طعامه ".
وألتفتت الى موراغ وقالت لها:
" هيئي المائدة من فضلك!".
فأطاعت موراغ وهي منزعجة من مجيء بيتر في اللحظة التي حاولت فيها أن تتحدث عن العلاقة التي تربط أمها به.
وقال بيتر :
" ذهب ديفيد ليغتسل ,وسيحضر حالا.

نيو فراولة 20-09-10 08:44 PM

وألتفت الى موراغ قائلا:
" كيف حالك يا موراغ؟ أفتقدتك كثيرا هذا الأسبوع".
فأجابت موراغ:
" أنا على ما يرام , أنشغلنا كثيرا هذا الأسبوع , وأنت , هل أنهيت العمل في العطل الذي طرأ على المحرك الكهربائي في المحطة؟".
فقال بيتر وهو يمد ساقيه بأرتياح صوب الموقد :
" كلا, مع الأسف , لكن المرحلة الصعبة أجتزناها ,ونأمل أن ننجز العمل كله يوم الأحد".
وفي هذه الأثناء كان ديفيد يأكل بصمت , وعلى وجهه تلك الملامح الهادئة , الصافية التي بدأت موراغ تفهمها وتعجب بها ,ومع أنها أخذت تعتاد عليه , ألا أنه كان لا يزال يملك القدرة على أن يجعلها تشعر بالحرج والأرتباك , خصوصا حين كان يجلس في المطبخ واثقا بنفسه, كمن له الحق أن يكون هناك , ومن هذه الناحية كان , في نظرها أسوأ من بيتر.

وفجأة قال ديفيد مخاطبا بيتر :
" أفسدت عليّ خطتي , يا بيتر , كان رون سيأخذني الى السباق غدا".
فأجابه بيتر :
" هاها , أنضممت الى المجموعة , أذن , كنت أظن أنك لا تفعل , لأن أقامتك هنا لن تدوم طويلا".
فقال ديفيد :
" أنت تعرفني جيدا , فأنا أنضم الى أي شيء , الحاة يجب أن تعاش , والمغامرة هي من طبعي".
فأجابه بيتر بلهجة جافة:
" هذا ما لاحظته فيك , ولكنني أرفض أن أتحمل اللوم , لأنك أنت هو الذي بلغت به الحماسة حدا دفع العاملين في المحطة الى العمل المضني , طول الأسبوع بغير أنقطاع".
فقال ديفيد ساخرا:
" وأنت تعلم جيدا أنك لهذا الغرض جئت بي الى هنا ...فلماذا هذا النفاق؟".
فقال بيتر , محاولا تغيير الموضوع:
" فليكن , ولكن متى سيجري السباق ؟ غدا؟".
فأجاب ديفيد :
" بعد الظهر , ثم نعود لتناول طعام العشاء في أحد المطاعم , فهل تعرف أحدا يرافقني بدلا من رون؟".
فسارع بيتر الى القول :
" موراغ ترافقك!".
فرفعت موراغ رأسها وكانت تتصفح مجلة نسائية , فسألها ديفيد أذا كانت توافق على أقتراح بيتر.
ولكن قبل أن تجيب صرخ بيتر بحزم :
" نعم , هي توافق على أقتراحي!".
منتديات ليلاس
فقالت موراغ:
" يا ليت.......ولكن علي أن أساعد أمي!".
كان هذا العذر أول ما تبادر الى ذهنها , فهي لم تكن تميل الى ديفيد الذي كان ينظر الها كمراهقة ,ثم أنها كانت على موعد مع شلة من الرفاق للذهاب الى غلاسكو للرقص في أحدى الحانات.
فقالت لها جين:
" عذر أقبح من ذنب ! كيف لا يمكنك الذهاب مع ديفيد أذا كان في ذلك خدمة له؟ سمعتك مرارا تتمنين الذهاب الى سباق السيارات , والآن جاءتك الفرصة".
وألتفتت الى ديفيد وتابعت كلامها قائلة:
" ستذهب معك يا ديفيد , فهي تحب ذلك".
وقدمت الى موراغ فنجانا من الشاي وأشارت عليها بأن تجلس مع ديفيد , ريثما تغسل الصحون , فحدقت اليها موراغ , وعلى وجهها دلائل التمرد , فقلما أمرتها أمها بمثل تلك الشدة من قبل.
وقال بيتر ,وهو يفرك يديه فرحا:
" تم الأتفاق , أذن".
فقالت موراغ:
" يبدو أنكما , أنت وأمي , تريدان التخلص مني غدا ...... أنا لا أعرف شيئا , عن قيادة سيارات السباق , فمن الأفضل أن تجد لديفيد أحدا غيري".
قالت هذا ونظرت الى ديفيد نظرة عدائية , فلعله يرفض أن ترافقه , ولكنه تقبل نظراتها بهدوء ولا مبالاة وهو يرشف الشاي .
ثم قال لها:
" سآتي لأصطحبك غدا في الحادية عشرة صباحا , وبعد أن أكون قد فحصت السيارة , فالسباق سيبدأ ظهرا , ألبسي ثيابا دافئة وأنتعلي حذاء سميكا".
وألتفت الى جين متابعا كلامه :
" وأنت يا جين , أرجوك أن تحضري لنا بعض الطعام كزاد لنا ".
فصاحت موراغ بأحتجاج :
" ولكنني لم أوافق على الذهاب معك!".
فقال ديفيد ضاحكا :
" أعرف أنك لم توافقي , ومع ذلك فأنت تموتين شوقا لتظهري براعتك في قيادة سيارة السباق , فضلا عن أنك لن تخذليني بعدما قمت بالترتيبات اللازمة ".
فجعلتها سخريته هذه تشعر , مرة أخرى , كم هي حمقاء , كان الحق معه , فهي راغبة كل الرغبة أن تظهر مهارتها في القيادة , فتبرهن له أنها لم تكن صبية ساذجة تعجز أن تتحدى الصعوبات , وأنها تميل مثله الى المغامرة وركوب المخاطر .

ولذلك قالت له بخضوع :
" فليكن , ولكن عليك أن تخبرني ماذا علي أن أفعل".

اماريج 20-09-10 08:46 PM


يعطيك العافية يالغلا
ننتظرها ياعسل
ومشكورة على الرواية الحلوة ياقلبي
http://www.liilas.com/upp//uploads/i...c2c90b37af.gif


نيو فراولة 20-09-10 08:50 PM

أنبسطت أسارير ديفيد , وأبتسم أبتسامة حارة أذابت ما كانت تشعر به موراغ نحوه من عدائية , ثم قال لها:
" أنا معجب بك , يا موراغ , وأراهن على أنك ستكونين أجمل من قادت سيارة سباق غدا , سأذهب وأجلب خريطة المكان لننظر فيها معا , وأفسرها لك قدر الأمكان".
وفي صباح اليوم التالي جلست موراغ في مقعد السيارة الصغيرة الحمراء , وهي متوهجة الخدين , برّاقة العينين و كانت السيارة واحدة من نحو عشرين سيارة مختلفة الأحجام والألوان , وقفت كلها في مكان السباق , وكان الطقس داكنا ورطبا , ومياه المطر تتساقط من أغصان الأشجار العالية العارية على سطح السيارة التي جلست فيها موراغ.
وحانت من موراغ ألتفاتة , من خلال الشباك , الى ديفيد وهو يستفهم من مراقب السباق عن النهج الذي يجب أتباعه , ولم يلبث ديفيد أن فتح باب السيارة وجلس فيها وناول موراغ ورقة مكتوبا عليها بعض التعليمات , ثم أدار المحرك وهو يقول لها:
" أستعدي....... فسننطلق بعد دقيقتين".
وبعد دقيقتين تماما أنطلقا نحو الجنوب كما كان مقررا في ورقة التعليمات التي أعطيت لديفيد , ثم أخذت موراغ تشير على ديفيد , بناء على الخريطة التي أمامها , كيف يميل والى أين يتجه.
وأثار ذلك حماسة موراغ , وبدأ قلبها يخفق بشدة , وحاولت جهدها أن تحتفظ بتوازنها , فيما السارة تلف منعطفات الطريق على نحو مخيف.
منتديات ليلاس
وفجأة مال ديفيد الى جانب الطريق وأوقف السيارة وقال لها :
" لندع الآخرين يكملون طريقهم , وأما نحن فسنسير الى مكان على الخريطة يدعى ( كاسيل دوغلاس) , وهو مطعم , فنتناول الطعام هناك".
فقالت موراغ:
" ولكن الذهاب اليه يستغرق وقتا طويلا!".
فأجابها ديفيد :
" الساعة الآن تشير الى السادسة مساء , وبأمكاننا الوصول الى المطعم بعد ساعة ونصف الساعة , وأذا أضفنا ساعتين , نتناول خلالهما طعام العشاء , أصبح بمقدورنا أن نصل عائدين الى الفندق بعد منتصف الليل بقليل , وفي أية حال , سنتصل بجين ونخبرها بالأمر حتى لا ينشغل بالها .... هل توافقين؟".
فأنشرح صدر موراغ وأومأت بالأيجاب.
فقال لها ديفيد:
" أستريحي الآن وغني أغنية تخفف من عناء ما كابدناه من مشقة في هذا السباق".
ومع أن السيارة كانت تقفز وتميل يمينا ويسارا في الطريق الوعرة , ألا أن موراغ شعرت بالهدوء والمرح بفضل خفة ظل ديفيد , وتساءلت كيف علم أنها تحسن الغناء.
وشرعت موراغ بالغناء , وكلما وجدت أن ديفيد يصغي اليها بأعجاب أزداد حماسها , وطلب منها أن تردد أغنية تقول فيها الحبيبة لحبيبها أنها تأتي اليه أذا ناداها , على الرغم من معارضة الجميع , فلما رددتها قال لها:
" هل تأتين اليّ يا موراغ أذا ناديتك؟".
ففوجئت بهذا السؤال وعضت على شفتها السفلى غير عالمة بماذا تجيب , فهي في قرارة نفسها كانت تود أن تجيب ( نعم) , وشعر ديفيد بحيرتها ولم يقلقه صمتها وسكوتها عن الأجابة على سؤاله , وأنما آثر أن يتناسى الأمر , حتى أنه لم يطلب منها أن تواصل الغناء.
وحين وصلا الى الفندق لتناول الطعام , بعد كل تلك المشقة , وجداه مفتوحا وجميل المظهر , كان مشهورا ويأتي اليه عليّة القوم من سكان المدن المجاورة , وبدا لموراغ أن الذين يجلسون في غرفة الطعام , والليلة ليلة السبت , لا بد أن يكونوا في أجمل هندام , فقالت لديفيد وهو يوقف السيارة:
" ما لنا وللدخول الى هنا , يا ديفيد!".
فأجابها ديفيد :
" لماذا؟".
فقالت موراغ:
" لأنني لا ألبس الثياب اللائقة".
فنظر اليها ديفيد وهو يطفىء أنوار السيارة أستعدادا للنزول :
" أنت من الجمال بحيث لا شأن لما تلبسين؟".
فتعجبت من مديحه ورمقته بنظرة مشككة فيما يقول , غير أنه كان جادا , فتابع كلامه قائلا:
" نعم , أنا أعني ما أقول , كما هي عادتي".
فأحمرت وجنتاها من شدة الحياء , وسرها أن يطمئنها ديفيد بقوله أن الثياب لا تهم , وتبين لها ذلك حين دخلا الفندق ولقيا ترحيبا حارا.
منتديات ليلاس
ودخلت الى المرحاض , فغسلت وجهها وتزينت ومشطت شعرها وصففته على جبينها العريض الناصع , ونزعت عنها سترتها المبللة وأزالت لطخات الوحل عن سروالها , وكان قميصها الصوف الرائع كافيا لأبراز جمالها وزرقة عينيها.
ولما عادت الى غرفة الطعام , حيث كان ديفيد بأنتظارها , نهض لأستقبالها بأبتسامة كلها أعجاب.

وكان الطعام لذيذا , وفي أثناء تناوله أخبرت موراغ ديفيد بكل شيء عن حياتها , وكان هو يشجعها على ذلك بالأيحاء اليها أن ما تقوله في منتهى الأهمية , وفي آخر الأمر وجهت اليه هذا السؤال:
" الى أين ستذهب بعد أن تننتهي من عملك في المطة؟".
ولأول وهلة شعرت بأنها أفسدت الأنسجام الذي تحقق بينهما , لأن عينيه ضاقتا , وشفتيه فقدتا أبتسامتهما , ألا أن ذلك لم يمنع موراغ من الأصرار على معرفة الجواب عن سؤالها , فقالت:
" يقول بيتر أنك ستعود الى العمل في مكتب الشركة بلندن , وأنك لا تحب هذا النوع من العمل , وأنا أرى أن الحق معك لأن لندن كما يقال مكان لا يطاق".

نيو فراولة 20-09-10 08:52 PM

فأجاب ديفيد:
" لندن مكان رائع.... وأنت لا تعلمين شيئا عنها... وسأريك أياها يوما ما".
فصاحت موراغ:
" هل تفعل حقا؟ أنا لا أعرف شيئا عنها كما تقول ........ ولكنني أشعر بأنني لن أحب العمل أو السكن فيها , أو في أية مدينة أخرى , ففي المدن وحشة ووحدة , ومع أن الناس كثيرون , فلا أحد منهم يعرف الآخر".
ووضعت يديها على خديها الحارتين لتبردهما وتابعت قائلة:
" هل تعتقد أنني ثرثرت كثيرا وقلت ما لا خير فيه؟".
فأجابها ديفيد:
"ربما....... ولكن حديثك كان ممتعا".
فقالت موراغ:
"ولكنك لم تجبني بعد على سؤالي , الى أين ستذهب بعدما تنتهي من عملك في المحطة؟".
فأجابها ديفيد ببرودة:
" لا أعلم , هناك بعض التعقيدات , والأفضل ألا نتحدث في هذا الموضوع الآن".
فأسكتها هذا الجواب البارد , وبهتت وتوردت وجنتاها , كان , على ما بدا لها , لا يريدها أن تعرف شيئا عنه.
وتابع ديفيد كلامه قائلا:
" متى ستتزوجين يا موراغ؟".
منتديات ليلاس
فاجأها هذا السؤال الشخصي المبشر , ولم يكن لها بعد أية خبرة في فن المراوغة , فأجابت :
" غير متأكدة بعد , ليس لدينا ترتيب معين متفق عليه, كل ما في الأمر أنني وعدت آندي بأنتظاره حتى يعود من سفره , فلا ألتزم بأحد سواه , وهو وعدني بذلك أيضا , وسنرى كيف تكون حالنا بعد عودته".
فتمتم ديفيد قائلا لها ساخرا:
" أي حب هو هذا الحب؟".
فقالت موراغ دفاعا عن نفسها:
" أنت لا تفهم أمرا كهذا , أنا وآندي ما نزال في مقتبل العمر , ولكن هذا لا يعني أننا سخيفان ,فهناك الجانب المالي الذي يجب أخذه بعين الأعتبار ....... آندي لا يكسب من المال ألا قليلا , وعليه أن يمارس الخدمة بضع سنوات أخرى ليصبح مهندسا كامل الأختصاص , وفي أية حال سنرى عندما يعود , فأذا كان أدخر ما يكفي من المال , قد نتزوج في أول العام الجديد".
فقال ديفيد:
"يبدو لي أن آندي هذا شاب ككل الأسكتلنديين , أعني حذرا وشاطرا , لا يقع بسهولة في حبائل فتاة جذابة مثلك..".
فغضبت موراغ لكلامه وقالت بعصبية ظاهرة:
" الأستهزاء سهل .... ولكن عليك أن تأخذ حذرك لأنك أنت أيضا لا تزال أعزب".
فلم تزعج ديفيد لهجتها هذه , بل حافظ على برودة أعصابه وأجابها بلطف:
" صحيح , ولكنني لم أرد أبدا , ولا مرة في حياتي , أن أبادل حريتي بأعباء الزواج ..... وسأبقى حرا , أروح وأجيء أينما أريد , لا يربطني ولا يقيدني رباط أو قيد , أتريدين قليلا من القهوة؟".
وهكذا كان ديفيد , كما قال لها بيتر , من النوع الذي تحبه وتبتعد عنه , وحين تذكرت هذا القول فقدت بعض السرور من مرافقتها له ذلك اليوم , فهي لم تصاحب في حياتها رجلا يتحلى بالصفات التي جعلت ديفيد حلو المعشر , بحيث تنسى في صحبته كل ما حولها ,وفيما كانا يشربان القهوة , حاولت موراغ أن تتخيل حال النساء اللواتي أحبهن وتركهن , فقال في نفسها: ( حذار أن يفكر أنه يقدر أن يضمني الى قائمتهن!).
وفي طريق العودة الى دارلينغ لجأت موراغ الى الراحة والصمت بفعل الطعام الشهي الذي تناولته والتعب المضني الذي عانته , وكان رأسها , بجدائله السوداء , يتمايل فيقع أحيانا على كتف ديفيد , وكلما وقع هناك أستفاقت وأصلحت من جلستها , ولكن من دون جدوى.
فقال لها ديفيد متمتما:
"لماذا لا تتركي رأسك على كتفي؟".
فراق لها ذلك وأستجابت له , فألقت رأسها على كتفه وغرقت في سبات عميق.
ولكن ما أن فعلت ذلك حتى أستفاقت مذعورة على صوت خشن يصيح بها :
" قومي , وصلنا ,والوقت جاوز منتصف الليل , خير لك أن تذهبي الى أمك وتخبريها بعودتك , وألا ظنت بي السوء !".
منتديات ليلاس
وأخذ ديفيد يتذمر ويتبرم , فأطاعته موراغ بتردد وهي دابلة الجفون من النعاس .
أمرها بحدة وحزم :
" أذهبي حالا , طابت ليلتك!".
فأجابت وهي تشعر بالكآبة والغمّ:
" طابت ليلتك أنت أيضا , شكرا لك على صحبتك زعشائك , أعتذر أذا كنت أزعجتك بشيء".
فقال:
" أشكرك على مجيئك معي , الآن أذهبي...... أنا آتي بالخريطة والأشياء الأخرى".
وأخذت موراغ , وهي تجر قدميها عبر البهو , تفكر هل أساءت اليه في شيء , وكيف؟ وألا لماذا أصبحت لهجته جافة قاسية في آخر الرحلة؟ وهزت رأسها وقالت في نفسها: ( سأعود الى التفكير في هذا الأمر بعد أن أستفيق من النوم).

نيو فراولة 20-09-10 08:54 PM

4- الغريمة المغرمة

العمل الشاق والمضني شغل العاملين في المحطة طوال الأسبوعين المقبلين , والرجال الخمسة المقيمون في الفندق كادوا يصلون اليل بالنهار , ولا سيما بيتر وديفيد ورون , ولذلك لم يكن لديهم الوقت الكافي للتحدث الى جين وموراغ ألا قليلا.
وقالت موراغ لكايتي وآن في سهرتهن المعتادة ليلة الجمعة :
" ما يدهشني في أولئك الرجال أن أحدا منهم لا يتذمر من العمل الطويل الشاق , بل يجعلون منه موضوعا للدعابة والمزاح".
منتديات ليلاس
فقالت كايتي:
"أنا أتذمّر , فقلما رأيت جوني هذا الأسبوع , أنه يتناوب العمل ليلا في المحطة , وكأن هذا لا يكفي حتى طلب منه ديفيد هاكيت أن يعمل ساعات أضافية , طبعا سيدفعون له لقاء هذه الساعات الأضافية , ولكن ما الفائدة أذا كان يصاب بالتعب الى حد لا يعود قادرا حتى على التحدث معي!".
فضحكت موراغ وقالت لها:
" أنتظري حتى تتزوجي جوني , فتري كيف يكون عليك أن تنهضي باكرا لأعداد طعام الفطور له.... وأن تنامي وحدك في الليل! فأنا وأمي لا نعرف شرقنا من غربنا لأن الرجال النازلين في الفندق لا يحضرون من العمل في أوقات معينة .... وشهيتهم للطعام تفوق الوصف! وهذا شيء يثير العجب حقا......".
فقالت كايتي:
" على جوني أن لا يظن أنني أتحمّل هذه الحالة طويلا , فلا بد أن أقنعه يوما بوظيفة أخرى يكون العمل فيها وفق ساعات معينة... أي من التاسعة صباحا الى الخامسة مساء , ومهما يكن , فلا أعتقد أن جوني يحب هذا النوع من العمل في المحطة , فطالما قال لي أنه يهلك الأعصاب , فضلا عن أنه محفوف بالمخاطر".
فعلقت موراغ على ذلك قائلة:
" أذا كان الأمر كذلك فأنت على حق بأن تقنعي جوني بالعمل في وظيفة أخرى , لكن بيتر وديفيد لا ينظران الى عملهما هذه النظرة , فهما لا يباليان بالمخاطر ... بل لعلهما يرحبان بها".
فقالت آن مازحة:
" هل رحب بها ديفيد حين جعلته يضيع في طريقه وأنتما في سيارة السباق؟".
منتديات ليلاس
فصاحت بهما موراغ:
" من أخبرك بذلك؟".
فأجابت كايتي:
" جوني أخبرني وأنا أخبرت آن..... الجميع في المحطة يتندرون بهذه الحادثة , خصوصا لأن ديفيد سائق ماهر , لا يمكن أن يضيع طريقه!".
وقالت آن لموراغ:
" هل تضللينا بقولك أنك غير معجبة بديفيد؟ فأذا كنت غير معجبة به , فكيف قضيت معه كل ذلك الوقت؟".
فأجابت موراغ غاضبة:
" أسكتي يا آن , كفاك!".
ولكن آن تابعت كلامها في موضوع آخر , فقالت:
" أتصلت بأيان اليوم , فأخبرني أن الثلج سقط هذا الأسبوع , فأذا أستمر في السقوط بضعة أيام يصبح بأمكاننا أن نذهب الى مزرعته للتزلج الأسبوع المقبل".
فقالت كايتي :
" لا يزال الوقت مبكرا للتزلج ......... فنحن بعد في الخريف!".
أجابت آن :
" لكن الطقس هذه السنة بارد أكثر من المعتاد .... والمرصد الجوي ينبىء بسقوط الثلج في أسكتلندا في كانون الأول ( ديسمبر)".

نيو فراولة 20-09-10 08:56 PM

فقالت موراغ:
" لا يمكن الأعتماد على المرصد الجوي دائما . ..... ولكن , ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.....".
وجاء شهر كانون الأول وأستمر الطقس في برودته , وكانت أخبار سقوط الثلج تتوارد , حتى أنه أصبح واضحا على سفوح الجبال , وكان لونه أبيض لامعا في وضح النهار , وبرتقالي اللون عند المساء وعند الصباح.
وبعث الطقس البارد نشاطا ملحوظا في موراغ , فبدأت تعد أدوات التزلج في ساعات فراغها القليلة , ذلك أن بيتر وزملاءه كانوا لا يزالون يعالجون الأزمة التي وقعت في المحطة , فيعملون بجهد ولساعات طويلة , آملين أن ينتهوا من ذلك قريبا ليعودوا الى نمط عملهم العادي.
وكانت موراغ تتوق الى مجيء ذلك اليوم , لأنها كانت تتهيأ للذهاب الى تلال هوايت كراكز , حيث أعتادت على التزلج كل سنة , منذ كانت في الحادية عشرة ,وكان المكان متواضعا , جهّزه أيان على أرضه , وهو أحد المزارعين الذين حازوا شهرة عالمية في التزلج , فبنى عددا من الأكواخ كان في وسع المتزلجين أن يبيتوا فيها , شرط أن يجلبوا طعامهم معهم.
وصحّ ما توقعه بيتر , فبعد بضعة أيام عادت الحياة في المحطة الى طبيعتها , وأصبح لدى موراغ متسع من الوقت لقضاء عطلة آخر الأسبوع في التزلج , وأتصلت آن لتقول لها أنها وأخاها داني وخطيبها فرانك سيأتون في سيارة صباح السبت لأصطحابها الى مكان التزلج , لأن أيان أخبرها أن الثلج سقط بما فيه الكفاية.

فشرعت موراغ تتهيأ حتى أذا ما جاء صباح السبت كانت على أتم الأستعداد , فتركت أدوات التزلج على البهو ودخلت المطبخ لجلب الزادلذي أعدته من قبل , فوجدت أمها جين هناك تهيء طعام الغداء , فقالت لها موراغ , وهي تحمل كيس الطعام :
"هذا الطعام يكفينا كلنا .....هل أنت متأكدة أنك قادرة على تدبير شؤون الفندق وحدك؟".
فأجابتها جين:
"أما قلت لك ذائما أن تطمئني ؟ أذهبي وأقضي وقتا ممتعا مع أبناء جيلك... .... أريدك أن تعاشريهم من حين الى آخر".
فوعدت موراغ أمها , على أن تعود مساء الأحد.
وفيما هي تعبر البهو شاهدت ديفيد واقفا قرب الطاولة التي يوضع عليها بريد النزلاء , وكان يقرأ رسالة وردت اليه , وبدا من ملامح وجهه العابسة أن ما جاء في الرسالة لم يرق له , وأحس بمرور موراغ فنظر اليها وقال:
" أين وعدك لي ؟ لا شيء أعمله في نهاية هذا الأسبوع , فلماذا لا تدعينني الى مرافقتك؟".
منتديات ليلاس
ووقفت سبارة أمام الباب وتعالى نداء راكبيها , فقالت موراغ:
" ها هم ينادونني ..... وعلي أن أسرع".
قالت هذا على أمل أن تتخلص منه , ولكنه أستوقفها ملحا عليها أن تأخذه معها , وكان يقول ذلك وهو يبتسم محاولا أقناعها , فقالت له:
" لكن آن وداني بأنتظاري في السيارة .... فأرجوك يا ديفيد أن تحيد من طريقي , لئلا يحسبا أنني عدلت عن الذهاب معهما".
فقال لها ديفيد:
" أخبريني الى أين أنتم ذاهبون للتزلج ,وأنا ألحق بكم بعد الغداء , ألا أذا أردتم أن تنتظروني!".
فهزت رأسها قائلة:
" لا , لا تفعل..... لا أعتقد أنك تحب ذلك المكان".
ولكن ديفيد أصر وبقي واقفا في طريقها يمنعها من السير بأتجاه الباب , ما لم تخبره الى أين هم ذاهبون.
فقالت له موراغ:
" المكان متواضع جدا , هنالك بضعة أكواخ , وعلينا نحن أن نهيء الطعام".
ثم أخذت تشرح له بالتفصيل أين المكان وكيف الوصول اليه , بينما هو يمزق الرسالة التي بين يديه , وأشارت عليه أن يخبر أمها جين بذهابه , ويطلب اليها أن تعطيه بعض الزاد أضافة الى ما كانت تحمله معها.
ثم أسرعت الى السيارة , وأما ديفيد فراح يقفز الدرج صاعدا الى غرفته لأعداد أغراضه واللحاق بها.
كانت شمس الشتاء الصفراء البلورية تنحدر عبر سفوح التلال البيضاء , فيما أخذت موراغ تتزلج نزولا فوق أحداها , كان الثلج رائعا , وكان التزلج عليه ممتعا للغاية.
وحانت منها ألتفاتة , فأذا بها تلمح سيارة حمراء صغيرة تقف بين السيارات قرب الأكواخ , فخفق قلبها وهي تحدق باحثة عن رجل ذي قامة طويلة مميّزة .
وأقتربت آن منها , وكانت ترتدي قبعة صوف حمراء , وقالت لها :
" ما لك واقفة؟ كنت أحسب أنك جئت للتزلج!".








ونظرت الى حيث تنظر موراغ , فلما رأت ديفيد تابعت كلامها قائلة:
" ها ها..... الفتى الذهبي!".
فصاحت بها موراغ:
" لا تصفيه بهذا الوصف........ أرجوك!".
فأجابت آن:
" لماذا لا؟ عليك أن تعترفي أنه كذلك.... والآن الى أين أنت ذاهبة؟".
دعتها موراغ الى السباق , فقبلت دعوتها , وفيما هما تنحدران الى أسفل السفح , كان ديفيد قد وصل الى هناك بقامته المديدة وهندامه الخاص بالتزلج , فلما أقتربت منه لم تتمالك من أظهار فرحها بقدومه.
فقال لها :
" يا لك من متزلجة ماهرة , كيف لي أن أنافسك؟".
أعجبها مديحه , فقالت وهي تنفي نظرات التقدير في عينيه :
" هل وجدت صعوبة في الطريق؟".
أجابها:
" كلا , كانت سهلة , ووجدت المكان من دون عناء , يا له من مكان رائع! كيف ظننت أنني لن أحبه؟ ربما لأنك لم تريدي أن أرافقك..........".
فقالت له:
" خيّل الي أن هذا النوع من الأمكنة لا يروق لك , فأسباب الراحة فيه ضئيلة كما ترى , وصاحبه أيان جهزه لمن كان مثلنا لا يتحمل نفقات التزلج هناك في الشمال , فلا لهو ولا تسلية ........ والأسرّة قاسية كالخشب".
فأجابها ديفيد:
" ما الذي جعلك تعتقدين أنني أبالي كثيرا بالرفاهية في مثل هذه الأحوال؟ وكيف أخذت أنطباعا كهذا عني؟".
وحين لاحظ الأحراج الذي أثاره فيها كلامه , تابع قائلا:
" ربما تمكنت أن أمحو هذا الأنطباع في نهاية هذا الأسبوع..... والآن دعينا نصعد الى أعلى السفح لنتزلج بعض الوقت , قبل أن يخيّم الظلام..... فأنا لا أحسن التزلج كما يجب!".
ومن تلك اللحظة أخذ الوقت يمر سريعا , فكان بالنسبة الى موراغ وقتا مليئا بالدعابة والمرح والشمس الساطعة , وكان القمر في الليل يلقي ضوءه على السفوح , فينعكس بياضا فضيا هنا , وظلالا ساحرة هناك.

وليلة السبت أحيا المتزلجون سهرة أختلط فيها الغناء الشعبي بأنغام قيثارة داني ومزمار أحد الحاضرين , وكان ديفيد جالسا الى جانب موراغ وذراعه تطوقها , وأنامله تداعب شعرها الأسود الطويل , وحين جاء وقت النوم تفرّق الجمع , فذهب كل واحد الى فراشه.
وطلع صباح الأحد مشمسا ورائقا كالثلج المضطجع على تلك السفوح البهية , فراح ديفيد وموراغ يتزلجان ببهجة ما بعدها بهجة ,حتى أن موراغ تغلبت على شعورها العدائي نحو ديفيد عندما تلاقيا لأول مرة , وبدأت تنعم وهي الى جانبه بسعادة تنعكس على وجهها الساحر الفتيّ.
وفي آخر النهار قالت آن لموراغ , وهما تخلعان ثياب التزلج وتستعدان للعودة مع الآخرين:
" تعالي معنا الى البيت الآن , ما رأيك؟".
فأجابت موراغ:
" كلا , أشكرك".
فقالت آن :
" لا ألومك على رفض!".

نيو فراولة 20-09-10 09:03 PM

ثم أضافت وهما تسيران نحو الكوخ لجلب أغراضهما:
" يقول داني أنه ينوي قضاء نهاية الأسبوع المقبل في مكان رائع للتزلج في الشمال , أذا كان الطقس ملائما آنذاك , فقررت أنا وفرانك أن نرافقه ,ليتك تأتين معنا برفقة ديفيد , فهو حلو المعشر , ونرحب به كلنا".
فقالت لها موراغ:
" أتمنى ذلك ,ولكنني دعيت الى سهرة وداعية يقيمها العاملون في المحطة , ووعدت بقبول الدعوة".
فأجابت آن :
" بأمكانك أن تذهبي دائما الى سهرة راقصة , ولكن لا يتاح لك دائما أن تذهبي الى ذلك المكان الشهير للتزلج , وأنت طالما حلمت بالتزلج هناك".
فقالت موراغ بتأوه:
" أعرف ذلك , هل تكلف الرحلة كثيرا؟".
فأجابت آن :
" لا أعلم , سأسأل داني , أتصلي بي يوم الثلاثاء المقبل وأخبريني أذا كان في وسعك المجيء معنا".
ثم تابعت آن كلامها قائلة:
" هذا اليومان اللذان قضيناهما هنا لا يمكن أن ننساهما ......... أعدك بأن لا أخبر آندي عندما يعود, لكنني أريد أن أحذرك من ديفيد , فهو شاب وسيم , ولكن لا يؤمن جانبه".
فقالت موراغ:
" لا شيء بيني وبينه , فأطمأني ...... وبأمكانك أن تخبري آندي بما تشائين".
فأضطربت آن لكلامها وقالت:
"لا تكوني كالنعامة التي تخفي رأسها في الرمل..... هل لاحظت كيف ينظر ديفيد اليك؟".
منتديات ليلاس
ولكن موراغ كانت في هذه الأثناء قد هرعت في أتجاه السيارة الحمراء الصغيرة التي كانت مصدر أرتياحها وهنائها , ذلك أنها أصبحت تتجاوب بكل قلبها مع ديفيد الذي كان يثير في قلبها شعور المرح ,ورأت أن وراء تلاعبه القاسي بالكلام يكمن الأطمئنان والصلابة اللتان كانت تحتاج اليهما في وحدتها وقلقها , وكانت عطلة نهاية الأسبوع كافية لتظهر لها , بعد التحدث اليه ومشاركته في ساعات المرح والضحك , أنه الرجل الذي في وسعه أن يخفف مما يصيب المراهقين , من قلق وأضطراب وحيرة في مواجهة الحياة.
وفيما هما عائدان في السيارة الى الفندق , أخذا يتجاذبان أطراف الأحاديث ويتبادلان الأغاني , ولكن ما أن نزلا من التلال الى السهل وأقتربا من أضواء القرى والمدن , حتى لزم ديفيد الصمت , فتعجبت موراغ من هذا التغيير المفاجىء ,وسألت نفسها هل كان هذا عائدا الى شعوره بالتعب , أو الى الضجر منها ؟ غير أنها صرفت هذه الفكرة من ذهنها وآثرت أن تعتبر المزاج الذي حل به عائدا الى ما يعانيه في أعماقه من تناقض ينعكس في الجانب المرح الذي يحاول أظهاره للناس.
على أنه لم يرق لها أن يصمت ديفيد هذا الصمت الذي أبقاها خارج عالمه , وشعرت أنها عادت لتكون تلك الفتاة الوحيدة الجالسة بقرب رجل غريب , يعيش حياة خفية لا تعلم عنها شيئا , ومع ذلك تحس نحوها بغيرة شديدة.
وكان كل شيء هادئا حين وصلا الى الفندق , فأوقف ديفيد السيارة في مكنها المعتاد ومد ساقيه الطويلتين وهو يقول متذمرا :
"سأحس بالوجع في الصباح , فجسمي سيكون يابسا كخشبة , أما أنت فلن تحسي ألا بلقليل من الوخز , فأنت تتريضين , بينما أنا أقضي معظم وقتي راكبا سيارتي ".
وأنشرح صدر موراغ لأن البسمة عادت الى وجهه , وتذكرت مزاحه عندما كانا يتزلجان على الثلج ,فأخذت تضحك فقال لها:
" ما بالك تضحكين؟
فأجابت موراغ:
"خطر لي بعض ما جرى لك فوق الثلج , وكيف نقلبت فاحا ساقيك بحيث كدت تنقسم شطرين............".
فقال ديفيد :
" لك أن تضحكي ,ولكنني كدت أموت , ومهما يكن , فسروري كان عظيما في العطلة الأسبوعية , وأنا أشكرك على ذلك ".
فأجابت موراغ:
" لا تشكرني ...... لأنك أنت فرضت نفسك عليّ".
فوضع ديفيد ذراعه حول كتفيها , فتراجعت قليلا من دون أن تشعر , فقال لها:
" بلى , الشكر لك يا موراغ, ولن أنسى فضلك!".

نيو فراولة 21-09-10 11:48 AM

ونزل ديفيد من السيارة وأشار أليها أن تساعده على أخراج الحوائج , وبعد حين دخلا بهو الفندق وهما يغنيان ويقهقهان , وفجأة فتح الباب ودخل بيتر وأغلق الباب وراءه وهو يضع أصبعه على فمه مشيرا بالسكوت.
فصاح ديفيد غير مبال بأشارة بيتر:
" هاي......... أسمح لي أن أقدم لك الآنسة موراغ هندرسون التي لا مثيل لها في التزلج على الثلج...... فهي لا تغني كالعصفور فقط , بل تطير مثله أيضا...... والآن , ما لي أراك مرتبكا ومشيرا بالصمت ؟".
وما كاد بيتر يفتح فمه , حتى فتح الباب الذي أغلقه ودخلت منه أمرأة شقراء طويلة لقامة , حسنة الهندام ,تلبس ثوبا مرقطا بالأبيض , وكانت الأبتسامة وعلى وجهها تخفف من قساوة ملامحها , حين أقتربت من ديفيد ومدت يدها مرحبة به , وهي تقول:
" يسرني أن أراك يا ديفيد!".
قالت هذا وأمسكت بسترته ثم وقفت على رؤوس أصابعها وقبلته.
فتراجع ديفيد بلطف ألى الوراء وقال مبتسما برفق:
" اهلا بك يا جن....... أقدم لك موراغ هندرسون , هذه فرجينيا لانغدون يا موراغ , وهي معروفة بأسم جن .... متى قدمت ألى هنا يا جين؟".
فردت جين تحية موراغ لها ببرودة ثم قالت لديفيد:
" جئت البارحة بعد الظهر , وحالما وصلت أتصلت بك , فتعجبت كيف لم أجدك هنا ...... هل تلقيت رسالتي؟".
وأبتعدت موراغ عن ديفيد ووضعت أغراضها قرب الجدار أستعدادا لنقلها ألى غرفتها عندما تصعد للنوم , وتذكرت كيف كان ديفيد منزعجا وهو يقرأ الرسالة أمس , وكيف مزقها فيما بعد ,ووقفت تنتظر ماذا سيقول لفرجينيا , وهل يكذب عليها؟
فأجاب ديفيد :
" نعم , تلقيت الرسالة ....... ولكنني لم أتمكن من مقاومة رغبتي في الذهاب ألى التزلج , فذهبت".
منتديات ليلاس
فقالت له , وهي تنظر أليه من بين جفون كانت في رأي موراغ مزيفة:
" كان عليك أن تترك لي كلمة , يا حبيبي!".
فأجابها ديفيد :
" حان لك أن تعرفيني جيدا ..... فأنا عنيد ولا أعمل ألا ما يروق لي , وأعجب كيف تتحملينني ألى هذا اليوم".
وكان لا يزال يحمل أدوات التزلج على كتفه , فأبتعد عن فرجينيا كأنما أراد أن يتجاوزها ألى الدرج , ولكنها أمسكته وقالت له بأبتسامة مغرية:
" أتحملك لأنني أحبك , وأنا أصفح عنك , والآن , أذهب يا حبيبي وبدّل ثيابك , سنتناول طعام العشاء مع والدي في فندق رويال , أننا باقيان في أسكتلندا مدة أسبوعين و بينما هو يبحث في بعض الأمور المتعلقة بالشركة , وفي نهاية الأسبوع المقبل سنقضي السهرة في منزل الكولونيل موسغريف فهل ترافقنا؟ وهل تريد أن تقيم معنا في فندق رويال يا حبيبي؟".
وسمعت موراغ هذا الحديث وهي واقفة قرب الدرج بأنتظار أن تودع ديفيد , كما تقضي اللياقة , وبدا لها أن فيرجينيا كمن تصدر أوامرها لديفيد.
وأجاب ديفيد بحزم :
" أفضل أن أقيم هنا , شكرا".
وقال بيتر :
" سنترككما , أنا وموراغ , لتتداولا وحدكما في الأمور , والآن , وداعا يا فرجينيا , سنلتقي في السهرة الراقصة....".
وألتفت بيتر ألى موراغ وأمسكها بيدها وسار بها نحو المطبخ لتناول طعام العشاء مع جين , وشعرت موراع بالأرتياح وهو يمسكيدها , كأنما وجدت في فرجينيا خطرا يتهددها , وحين وصلا ألى المطبخ تنهد بيتر وقال لموراغ:
" كم سرّني مجيئكما ........ قضيت بعد الظهر وأنا أهدىء من روعها وأطيّب خاطرها .....فكيف ذهب ديفيد ألى التزلج وهو يعلم أنها ستأتي ؟ أيعجبك مثل هذا التصرف؟".
وحيّت موراغ أمها وجلست في مكانها المعتاد , بعد أن خلعت حذاءها , وجلس بيتر في مكانه المعتاد بقرب الموقدة.
وبعد حين قالت موراغ:
" من هي هذه المرأة؟".
فأجابت جين:
" هذه أبنة باسيل لانغدون رئيس الشركة؟".
فقالت موراغ :
" ولكن , هل هذا يمنحها حق الدلال على ديفيد؟".
فأجابها بيتر :
" هذا بحد ذاته لا يمنحها هذا الحق........ ولكنها منذ سنتين راهنت على أن تتزوج ديفيد , وأنا أعتقد أنه سيتزوجها , حين يقرر أن يعيش حياة مستقرة.

نيو فراولة 21-09-10 12:10 PM

5- بين المطرقة والسندان

وأعتزلت موراغ في غرفتها , فجلست على مقعد قرب النافذة وراحت تحدق ألى البحر المتلألىء تحت ضوء القمر , وكانت المنارة تضيء كل بضع ثوان لتحذر السفن المقبلة , فجمح بها الخيال ألى تحذير بيتر لها من ديفيد عندما جاء للأقامة في الفندق , ناهيك بتحذير آن أيضا في ذلك النهار نفسه , فضلا عن حدسها الذي كان يثير فيها الخوف ويحثها على الدفاع عن نفسها.
فالبارحة كانت تنعم مع ديفيد ببياض الرواي المتلألئة في ضوء القمر , وها هو هذه الليلة يتعشلى في فندق فخم مع أمرأة أخرى..... أمرأة غاوية شقراء تشبه( حسناوات الغلاف) ...... أمرأة تدعوه يا حبيبي.
وهكذا عادت الوحشة ألى قلب موراغ , بعد أن أزالها المرح والدعابة والتفاهم بفضل رفقتها لديفيد في اليومين الأخيرين .
ودمعت عينل موراغ وسرت حرارة الدم في عروقها , فأغلقت ستارة النافذة , وبدأت تخلع ثيابها أستعدادا للنوم.
منتديات ليلاس
على أن النوم لم يحالفها تلك الليلة , فأستولى عليها الأرق الذي لم تكن تعرفه من قبل ألا لماما , ذلك أنها أخذت تسترجع كل دقيقة من اليومين الماضيين اللذين قضتهما مع ديفيد , وحاولت بجهد أن تتفهم آراءه المقتضبة عن الزواج , وكلامه على ما يحيط بعمله في الشركة من تعقيد , فالتعقيد , هو فرجينيا , وهو في آخر الأمر سيتزوجها و كما يعتقد بيتر , ولكنه حتى ذلك الوقت , له أن يعاشر من شاء من الفتيات.
فكرت موراغ بهذا كله وقالت في نفسها : لن أكون من هؤلاء الفتيات , وحاولت أن تنسى أبتسامة ديفيد والدعابة التي تشع في عينيه كلما نظر أليها وكأنها كل ما يعنيه ويهمه في هذا الوجود ....... أيكون قد أوقعها في فخ سحره الذي نصبه لها في اليومين الأخيرين ؟ ولكنه , ولا ريب , سيجدها مختلفة كل األأختلاف عن سائر الفتيات اللواتي عرفهن , فهي لن تسمح له بأقامة أي علاقة حب معها ما لم تسفر عن زواج.
وبعد أن قضت الليل بطوله تغالب مثل هذه الأفكار , أطل نهار الأثنين أطلالته العادية.
وتأخر ديفيد في المجيء ألى تناول الفطور, على الرغم من أنها ذهبت ألى أيقاظه بألحاح من بيتر , وبدا في غرفة الطعام أصفر الوجه , ويعرج في سيره ,وما أن جلس حتى طلب في خشونة قهوته وطعامه.
ونهض بيتر من مكانه وتطلع ألى ديفيد الذي كان يتثاءب ويأكل طعامه بسرعة فائقة , وصاح به:
" الساعة الثامنة والنصف الآن , وكان عليك أن تكون في العمل في تمام الثامنة.....".
فأجابه ديفيد:
" أعرف ذلك....... قدّم شكوى ألى الرئيس ......... والآن أذهب , وأنا لاحق بك بعد قليل".
فقال له بيتر:
" سأذهب , ولكن لا تأخذ أوامرك ألا مني طوال وجود فرجينيا هنا , وألا حدث ما لم تحمد عقباه".
فأجابه ديفيد :
" أخبرها بذلك , أذن".
وعاد ألى تناول طعامه , فشرب قهوته بسرعة وأردرد طعامه ثم تناول سترته وتبع بيتر , من دون أن يقول لموراغ أية كلمة .
وفي ذلك النهار لم يحدث أي شيء خارج على المعتاد , وقامت موراغ بعملها العادي في تدبير شؤون الفندق , وبعد الظهر وجدت الوقت الكافي للخروج ألى السوق لتشتري بعض الحاجيات , ودخلت كعادتها ألى حانوت البقالة الذي يملكه والد كايتي , فوجدتها هناك واقفة بين مختلف أصناف المآكل , تلبي مطالب الزبائن.
ثم مشت موراغ ألى الفندق , فتمتعت على طول الشاطىء بالمناظر الخلاّبة , وكان معارفها يمرون بها , فتحييهم ببشاشة ولطف.وعند وصولها ألى الفندق وجدت سيارة ضخمة خضراء واقفة أمام الباب , فنظرت ألى داخلها فأستغربت أن يقدر أحد على أقتناء مثل هذه السيارة الباهظة الثمن , ولما دخلت الفندق وأدتازت البهو ألى غرفة الأستقبال لقيت فرجينيا جالسة على أحد المقاعد , كانت تدخن وتحدق عبر النافذة , وعلى وجهها ملامح الضجر والأستنكار , فمرت بها موراغ بأتجاه المطبخ , من دون تحية.
وحين وصلت ألى المطبخ قالت لجين:
" ماذا تفعل هذه الفتاة هنا ؟".
فأجابت جين , وهي تهيء لفرجينيا أبريقا من الشاي :
" كم مرة قلت لك لا تشيري ألى هذه الفتاة بمثل هذه اللهجة ؟".
فقالت موراغ , وهي تضع سلة الحاجيات التي أشترتها من السوق:
" حسنا , ماذا تفعل الآنسة فرجينيا لانغدون هنا؟".
ثم تابعت كلامها قائلة:
" أرى أنك تعتبرينها شخصية رفيعة المقام , فلا أحد , كما أذكر , أستحق منك هذا التقدير والأحترا".
منتديات ليلاس
فأجابت جين :
" أنها بالفعل فتاة ذات شأن , فهي تملك أسهما عديدة في الشركة , وأظن أن ديفيد سيلتقيها هنا بعد حين!".
فقالت موراغ :
" ولكنه لن يكون هنا قبل مضي ساعة على الأقل , فهو ككما سمعت , منشغل جدا في المحطة , وهذا الصباح قال له بيتر أنه لا يقبل أن يكون لوجود فرجينيا أي تأثير على عمله....".

نيو فراولة 21-09-10 12:22 PM

وحاولت جين أن لا تصب الزيت على النار , فالت:
"أظن أن هذه الفتاة المسكينة تعاني الضجر في ذلك الفندق الفخم , وهي لا تعرف غيرنا في هذه المدينة , ولذلك جاءت لزيارتنا".
فقالت موراغ:
" في وسعها أن تفعل الكثير للترويح عن نفسها , وهي التي تقود سيارة فخمة كهذه........".
فنظرت أليها جين مؤنبة وقالت لها:
" لا تكوني قاسية يا موراغ , والآن خذي هذا الأبريق وصبي لها الشاي وتحدثي أليها قليلا , فهذا يوفّر عليّ بعض الوقت!".
فصاحت موراغ:
" لا , لا أريد أن أتحدث أليها البتة".
فأجابت جين:
" ستفعلين كما أمرتك , تذكّري أنها صديقة ديفيد , وهو نزيل في هذا الفندق , فعلينا أن نعاملها معاملة حسنة , أكراما له".
فأنصاعت موراغ ألى أوامر جين , فأصلحت من هندامها بسرعة وحملت أبريق الشاي ودخلت ألى حيث تجلس فرجينيا وقالت لها:
" نهارك سعيد , يا آنسة".
فنظرت أليها فرجينيا بغير اهتمام , ولكنها لما أدركت من هي , عدلت جلستها على كرسيها وحلّ الأهتمام البالغ محل الضجر , فردت عليها التحية وقالت:
" شكرا لأمك لأنها أرسلتك , ولأأنها كرمتني كل هذا التكريم".
منتديات ليلاس
وكانت فرجينيا تلبس حلة صوفية خضراء , وتتزيّا بزيّ كأنه على صفحة من مجلة نسائية شهيرة.
وقالت لموراغ:
"أرجو أن تجلسي معي وتؤنسيني , فأنا ضجرة حتى الموت , أبي في المحطة اليوم , فترك لي سيارته , ولكن كيف لي أن أقودها وأتفرج على المناظر الطبيعية في هذا الفصل من السنة ؟ ذهبت ألى السوق فما وجدت شيئا يستحق الشراء........ هل تسكنين هنا؟ أنا أصاب بالجنون أذا كان علي أن أفعل".
وأحست موراغ ببعض الولاء لمسقط رأسها , فحاولت الدفاع عنه رغم كل شيء, فقالت:
" هذا المكان يبدو سيئا , ولكنه مليء بالمحاسن ...... هل تريدين شكرا وحليبا مع الشاي؟".
قالت هذا وراحت تخدمها بلياقة , فقدمت لها أقراص الحلوى والفطائر , فأعتذرت عن قبولها بحجة أنها تزيد السمنة.
وبعد أن قامت موراغ بواجبها , أستراحت في مقعدها وتناولت فطيرة وأخذت تأكلها بنهم , ثم تناولت أخرى غير مبالية بالسمنة وهي تنظر ألى ضيفتها وتسأل نفسها كم يكون لها من العمر , وكان الجواب على ذلك عسيرا لكثرة ما أستعملت فرجينئا من وسائل التجميل و ولكن موراغ قدرت أنها في حوالي الخامسة والعشرين من العمر , ومع أنها لم تكن جميلة , لكنها بذلك كثيرا من الجهد لتبدو كذلك , فحققت بعض النجاح.

نيو فراولة 21-09-10 12:23 PM

وفاجأت فرجينيا مضيفتها بالقول:
" أما أكتفيت من النظر الي؟".
فأرتبكت موراغ وعادت اليها عنجهيتها الأسكتلندية , فأجابت:
" آسفة أن أحدق اليك هكذا , ولكنني معجبة بزينتك وهندامك ..... فأنت تبدين في منتهى الكمال....".
فقالت فرجينيا بلطف:
" أشكرك على هذا المديح يا موراغ , فهو خير ما سمعته من أمرأة حتى الآن.........".
وشربت موراغ قدح الشاي بصمت وهدوء , وهي تتمنى أن تكون لبست أجمل ما تملكه من الثياب , وكأن فرجينيا أدركت ما يجول في خاطرها , فقالت لها بأبتسامة ساحرة:
" أنت جميلة , وملامح وجهك رائعة".
ففوجئت كوراغ , فيما تابعت فرجينيا كلامها قائلة:
" نعم , أنت حسناء , كما قال ديفيد في الليلة الماضية.... حين تحدث عنك وعن التزلج طوال الوقت".
وحارت موراغ كيف تجيب , فلجأت الى اللياقة وقالت:
" هل تريدين مزيدا من الشاي أيتها الآنسة لانغدون؟".
فأجابت فرجينيا :
" أرجوك أن تناديني جن , كلهم ينادونني هكذا .... والآن , هل تسمحين لي أن أسدي اليك نصيحة أخت لأختها؟ فأنت تحتاجين اليها , نظرا الى صغر سنك وسذاجتك".
فقالت لها موراغ:
" ما هي نصيحتك؟".
فأجابت جن:
" أن لا تأخذي ديفيد بعين الجد..... فهو يطارد الفتيات الجميلات أينما ذهب .... وأذا أصطادهم فالى حين ,وفي آخر الأمر يعود الى لندن ..... اليّ أنا ,وهذه المرة , عندما يعود من هنا , سنتزوج في الربيع".
منتديات ليلاس
ونظرت الى الفتاة الحاقدة التي جلست قبالتها , ثم تابعت كلامها قائلة:
"لا تغضبي عليّ ..... أنت تختلفين كثيرا عن الأخريات بما لك من الأحساس المرهف .... وأنا لا أكرهك بحيث أشعر بالأساءة , أريدك أن تبقي صديقة لديفيد , فمن المستحيل مقاومته ...... ولكن لا تتورطي بعلاقتك معه..... هو يتحدث كثيرا عن نفسه .....غير أنني لاحظت البارحة أنه لم يخبرك بوجودي في حياته....".
فقالت موراغ:
" نعم , لم يخبرني بك , ولكنني شعرت أن هناك أمرأة في حياته , فموقفه مني لا يعدو كونه موقف صديق نحو صديقته , فلا تخافي , وفضلا عن ذلك فهو , يكبرني بعشر سنين ..... وأنا لا أعجب به الى هذا الحد!".
منتديات ليلاس
فأجابت جن:
" مهما يكن , فأعلمي أن مستقبله سيكون في لندن , أنه ماهر في عمله , ولكنه لا يعرف كيف يتصرف مع الأخرين ليصل الى أعلى المراتب , ولكنني سأفعل ذلك عنه , ولن يمضي وقت طويل حتى يصبح شخصية هامة في حقل أختصاصه".
وتحيّرت موراغ من كلامها الذي كان فوق متناول فهمها , فعضت على شفتها بصمت وتساءلت : كيف يمكن لأحد أن يغيّر سواه , فيجعل طبعه خلاف ما هو , من دون أن يفسده ؟".
وقالت لها جن :
" هل أستغربت كلامي؟".
فأجابت موراغ:
" أتساءل ما هو نصيب السعادة في مخططك ..... أذا سجنت هكذا , فأنه يذبل ويموت".
فصاحت بها جن :
"سجينته ؟ ماذا تعنين بذلك؟ فهو سيكون أكثر الناس حرية في التصرف كما يشاء".
فقالت موراغ بحماسة:
"ألا في ما يحب ويهوى في الحياة!".
وأرتبكت جن من كلامها , لأول وهلة , ثم أستعادت السيطرة على نفسها وقالت:
" أنت عاطفية وساذجة....... فكيف لمثيلاتك أن يعرفن حقائق الحياة؟ ثم ماذا تعرفين عن ديفيد؟ لم يمض عليه من الوقت هنا أكثر من بضعة أسابيع ..... أما أنا فأعرفه منذ خمس سنوات".
فقالت موراغ وهي تجمع صحون الشاي :
" أنت على حق , ثم أن هذا الأمر لا يعنيني في شيء!".
فأبتسمت جن وقالت لها:
" يسرني أن تدركي الأمر , فمن السهل على فتاة مثالية أن تعتقد أنها تعرف كل شيء عن ديفيد , وأنه رجل مستقيم كما يدّعي ,ولكن صدقيني , أنه بحاجة الى من يفهمه ويعالج أموره".

نيو فراولة 21-09-10 12:25 PM

وسمع صوت سيارة وقفت أمام الباب , فقالت جن:
" هذا ديفيد".
وفتح الباب ودخل ديفيد , فوقع نظره , أول ما وقع , على أبريق الشاي والمرأتين اللتين كانتا ولا ريب تتحدثان عنه.
فقالت جن:
" أهلا بك , يا حبيبي , أذن , تلقيت دعوتي اليك بالمجيء؟".
فأجابها ديفيد ووجهه عابس وعيناه قاسيتان :
" تلقيتها , ولكن أيّاك أن تفعلي هذا مرة أخرى , فأنا هنا للعمل ,ولا أقدر أن أترك العمل وأهرع اليك كلما شعرت بالوحشة والضجر ...... بيتر مستاء جدا.. وعليّ أن أعود الى المحطة هذه الليلة".
كان غضبه بشعا ,هكذا فكرت موراغ وهي تمر قربه حاملة أبريق الشاي والفناجين , أما فرجينيا فقامت وأقتربت منه وألقت يديها البيضاوين على صدره وكتفه , وأخذت تداعبه وتقول:
" لا تغضب يا ديفيد , أبي سيعالج الأمر مع بيتر , وأنت تعرف ذلك".
فصاح بها ديفيد محاولا دفعها عنه:
" كفاك يا جن , أنت تعرفين أنني لا أحب هذا النوع من التدخّل في أموري.........".
وسمعت موراغ هذا الحوار وهي بعد في البهو , فراق لها أن فرجينيا لا تنال من ديفيد كل ما تريد , وحين دخلت المطبخ سألتها جين:
" هل هذا ديفيد؟ كأنني سمعت صوته".
فأجابت موراغ:
" نعم , وهو غاضب جدا , لأنها أتصلت به وهو في المحطة ".
فقالت جين:
" مسكينة , يبدو أنها تكاد تموت من الضجر".
منتديات ليلاس
ولم يرق هذا العطف لموراغ فقالت لأمها:
" أنت تعطفين على كل الناس ....... أما نضجر نحن أيضا بعض الأحيان؟".
فتأوهت جين وقالت:
" المال يشتري كل شيء ألا السعادة ,هل تتمنين أن تكوني في محلها؟ أي غير قادرة على تسلية نفسك ما لم يكن في أعماقك غنى داخلي؟".
وأبتسمت موراغ في وجه أمها وتذكرت أن الغنى الداخلي هو أحد الموضوعات المحببة اليها , فهي تكرر القول دائما أن على الأنسان أن يكون عنده غنى داخلي , حتى أذا كان وحيدا تمكن من الأعتماد على ذلك الغنى , وألا شعر بالوحدة والضجر.
وطرق الباب , فلما فتحت موراغ دخلت فرجينيا بحشمة وأدب وقالت لجين:
" آسفة أن أزعجك مرة أخرى يا سيدتي , ديفيد طلب مني أن أخبرك بأنه لن يتناول طعام العشاء هنا هذه الليلة , فهو يبدّل ثيابه الآن لأننا سنذهب معا الى غلاسكو لقضاء السهرة".
كانت فرجينيا في كلامها هذا في منتهى اللباقة والحسن , ويبدو أنها تغلبت على ديفيد بالحيلة والدهاء.
وقالت جين:
" أهلا بك في أي وقت , طوال أقامتك هنا".
فشكرتها فرجينيا على ضيافتها وأبدت لها كم كانت سعيدة بالحديث الذي جرى بينهما , ثم أمتدحت من جمال موراغ , ولكنها أعربت عن حاجتها الى الخبرة في الحياة ,,,,,وتطوعت أن تساعدها في ذلك .
وحين ودعت وخرجت , كادت موراغ من غيظها أن تغلق الباب وراءها بشدة وهي تصيح:
" يا لها من فاجرة!".
فصاحت بها جين:
" ما هذا الكلام يا موراغ....".
ولكن موراغ رددت الشتيمة غير مبالية بتأنيب أمها , ثم قالت وهي ترمي بثقلها على الكرسي:
" أنها قلقة وخائفة من أن أنتزع منها حبيبها ديفيد....... وألا فلماذا نصحته ألا آخذه بجدّ , كما لو كنت سأفعل؟".
ووقفت جين بأزاء الطاولة , وقد أزعجها ما أبدته أبنتها من غيظ , فقالت لها:
" قد يكون من حسن الحظ أنها جاءت الى هنا في هذا الوقت.........".
فقاطعتها موراغ قائلة:
" ماذا تعنين بذلك؟ آه , لا تكوني بلهاء يا أماه! أنا غير متأكدة أنني معجبة به , فكيف أقع في غرامه؟".
فأجابت جين :
" خففي عنك يا أبنتي ......... تذكّري أنك قلت لي أن عطلة نهاية الأسبوع التي قضيتماها معا كانت رائعة جدا".
فدفنت موراغ وجهها بين كفيها وقالت:
" نعم , كانت رائعة حقا ......فهو رجل حلو المعشر ورقيق القلب و.......".
وبعد تردد تابعت قائلة:
" أيجوز , بعد ذلك الوقت الهني الذي قضيناه معا , أن نعود الى الفندق لنجدها هنا؟".
وراعها أن تقف وجها لوجه الحقيقة التي كانت تحاول الهرب منها فقالت:
" كان ذلك أليما موجعا....... فماذا أعمل الآن؟".

نيو فراولة 21-09-10 12:26 PM

وشعرت جين بالكآبة والقلق وهي تبحث عن الكلمات الملائمة لمعالجة هذا الوضع المحفوف بالمخاطر , وفي آخر الأمر قالت موراغ:
" أوافقك...... أنه أليم موجع...... وبيتر أدرك ذلك حين عدت من العطلة أمس , ووجهك يطفح بالفرح والسرور , وهاله الأمر لأنه يتحمل بعض المسؤولية في علاقتك مع ديفيد..... أما شجّعك على مرافقته في يوم السباق ؟".
وشقّ على موراغ أن تكون عواطفها أنكشفت للعيان , فصاحت قائلة:
" آه , ماذا أفعل؟ كيف وقعت في حب واحد له حبيبته , وينظر اليّ نظرته الى فتاة صغيرة".
فقالت جين :
" من يدري ؟ ربما كانت عاطفتك نحو ديفيد عاطفة , عابرة ....... ومهما يكن فعليك الأنتباه ,خصوصا بعدما أخبرني بيتر ما يعرفه عن سلوك ديفيد مع الفتيات ..... نعم , أرجوك الأنتباه الشديد يا أبنتي".
وتأوهت جين لأن هذا الحديث أتعبها , فأرادت أن تضع له حدا فقالت موراغ:
" كل ما في وسعي أن أقوله لك هو أن تتجنبي ديفيد".
فصاحت موراغ قائلة:
" ولكن كيف؟ فهو يقيم في هذا البيت , وعليّ أن أراه كل يوم , وأن أوقظه صباحا حين يتأخر في نومه".
منتديات ليلاس
فقالت لها جين:
" لا تخرجي معه بعد اليوم ,وأنا مستعدة أن أقوم بخدمته وخدمة بيتر , وأن أوقظه صباحا...... تجنبيه ما أمكن , وتذكري آندي والآنسة لونغدون , فحين يعود آندي , يتغير كل شيء ..كنت وحيدة في غيابه , وما فعلته مع ديفيد كان أمرا طبيعيا ..... وأقترح عليك أن تكثري من مرافقة آن وداني , فهما يحبان رفقتك ...... ولن يطول غياب آندي".
وجلست موراغ صامتة تفكر في نصيحة أمها , فهي ككل الأمهات تتحدث عن العواطف العابرة , فتتجنب مواجهة وضع كوضعها .
وسرّها أنها أفشت سرها لأمها , ولكنها أسفت أن تكون سببت لها القلق والأنزعاج , فقالت لها بمحبة :
" سأفعل ما تقولينه لي , فلعله يفيد , أشكرك يا أماه.......والآن قولي لي: كيف كنت تشعرين حين وقعت في حب والدي؟".
فأبتسمت جين وأجابت:
" شعرت كما لو كنت أمشي على غيمة , كل شيء بدا لي مثيرا ورائعا , ما كان لا يثيرني من قبل أصبح يثيرني فجأة ,وبدا لي أن الشمس تشع كل يوم ......... آه , من الصعب وصف ذلك الشعور , فهو مزيج من الأثارة والرضى في آن معا ...... كان ذلك يحدث حين نكون سوية , أما حين نفترق فكان السؤال الذي يمزق أحشائي هو : هل يحبني حقا؟".
ورأت موراغ أن هذا ما تشعر به الآن ,كما رأت أن الفرصة مؤاتية لتسأل جين عن الموضوع الذي كان يشغل بالها , فقالت :
" وما هو شعورك نحو بيتر؟".
فضحكت جين وقالت بهدوء:
" أذن , لاحظت ما بيني وبين بيتر ......... كنا نتحيّن الفرصة لأخبارك بالأمر , لأن هناك بعض الترتيبات التي يجب أن نقوم بها........... حبي لبيتر يختلف كل الأختلاف عن حبي لوالدك ........ لأنه حب أمرأة ناضجة في منتصف العمر....... هل لك أعتراض على هذا الحب؟".
فنهضت موراغ عن كرسيها وأسرعت الى معانقة أمها بلهفة وحنان , وهي تقول لها:
"كلا , يا أماه , ولكن كان عليك أن تخبريني بالأمر من قبل, والآن أتمنى لكما كل هناء وسعادة ".
فقالت لها جين:
" نعم , كان عليّ أن أخبرك من قبل , ولكنك فتاة يصعب التقرّب منها...... والآن دعيني أهيء طاولة الطعام , وسنتحدث في الأمر مع بيتر عندما يحضر".

نيو فراولة 21-09-10 12:27 PM

6- عين الحب عمياء

في الصباح التالي رنّ جرس الهاتف , فتناولت موراغ السماعة وأصغت الى أبن الخادمة ألسي ويتس يقول لها أن أمه مريضة ولا تقدر أن تحضر الى الفندق في ذلك اليوم.
وحين نقلت موراغ الخبر الى أمها , قالت لها أمها :
" هذا يعني أن عليك أن ترتبي غرف النوم , لأن هذا ما كانت تقوم به ألسي كل يوم ثلاثاء".
وراحت موراغ تغني بقلب منشرح وهي تكنس الغرف وتمسح الغبار , كان الطقس لا يزال رائقا وجليديا , وأذا أستمر كذلك طوال الأسبوع , فهذا يعني أن التزلج في نهاية الأسبوع يكون على خير ما يرام ,وفي الليلة الماضية قبلت موراغ دعوة آن الى مرافقتها في رحلة الى مكان يدعى أفيامور , بعد أن شجعتها جين على القبول وتبرّعت بدفع النفقات , كان هذا جزءا من الخطة التي وضعتها آن لتساعد موراغ على الأبتعاد عن ديفيد أجتماعيا , قدر الأمكان".
وبعد أن أنهت موراغ ترتيب غرفة بيتر وتنظيفها , دخلت غرفة ديفيد للغرض نفسه , كانت الغرفة في مواجهة البحر , فرفعت الستارة وراحت تتمتع بمشهد البحر قليلا , ثم أستدارت وأخذت تجوب الغرفة بنظراتها , فوجدت أن ديفيد لم ينم في فراشه , فلا بد أن يكون أشتغل طوال الليل , وسيعود لتناول طعام الفطور وأخذ قسطه من النوم في ذلك النهار , ورأت موراغ أن البزة التي لبسها ديفيد , عند خروجه مع فرجينيا لقضاء السهرة , ملقاة على السرير , فسارعت الى تعليقها في خزانة الثياب , وأمسكت موراغ المكنسة الكهربائية وبدأن تكنس السجادة , وهي عازمة أن تنتهي من ذلك قبل قدوم ديفيد.
وفي هذه الأثناء كانت تستعيد ذكرى الحديث الذي جرى بينها وبين بيتر وجين في الليلة الماضية , فعلمت أنهما سيتزوجان في مطلع السنة الجديدة , وأن الفندق سيباع,وأن جين سترافق بيتر الى حيث يذهب بعد أن يكون أنهى عمله في المحطة , وكان الأثنان حريصين على معرفة ما تنوي موراغ أن تفعله في المستقبل , فسألها بيتر , وهو الرجل العملي , أذا كانت ستتزوج آندي حين يعود , فأجابته بأنها غير متأكدة من ذلك , فهو لم يذكر أي شيء عن ذلك في رسائله , فما عليها ألا أن تنتظر عودته.
منتديات ليلاس
وفي ذلك الحديث , قال لها بيتر أيضا:
" أذا لم تتزوجي يا عزيزتي , فبأمكانك أن تأتي معنا الى حيث نقيم , والأرجح الى أميركا الجنوبية".
فقالت موراغ:
" هذا لا يجوز , سأطلب من آندي أن ينتظر سنة أخرى".
قالت هذا وهي تعلم أنها يجب أن تبت الأمر عندما يعود , فلو كانت تحبه لكان الأمر سهلا ,ولكن كان عليها , وعاطفتها نحو ديفيد على ما هي, أن تنتظر ماذا سيكون مصير هذه العاطفة , هل هي عابرة أم لا؟ فلأيام خلت كانت مستعدة أن تذهب معه الى أقاصي الأرض أذا دعاها ,أما الآن فلا.
وفيما موراغ غارقة في هذه الأفكار , وهي في غرفة ديفيد , أحست بيدين تمسكانها بخصرها من الوراء , فألتفتت , وأذا بديفيد يقف خلفها ويقول كلاما لم تفهمه بسبب صوت المكنسة الكهربائية.
فصاحت به قائلة:
" ماذا تقول؟".
فوضع ديفيد قدمه على محرك المكنسة فأنقطع التيار الكهربائي عنه , وقال لها:
" يسرني أنك هنا ,بدل تلك المرأة الشمكاء التي تنظف الغرفة لي , كما جرت العادة".
فقالت له موراغ:
" ألسي ليست شمطاء , وهي لم تقدر على الحضور اليوم لأنها مريضة , فأضطررت أن أنوب عنها في تنظيف الغرف".
قالت هذا تحت وطأة نظراته التي كانت تتأملها بنهم ,من رأسها حتى قدميها , ثم لم يلبث أن أغلق الباب وجذبها اليه وأجلسها بجانبه على السرير .
فقالت موراغ وهي تحاول الأفلات منه:
" ألا تريد أن تتناول طعام الفطور؟".
فأجابها ديفيد:
" أنت دائما تتهربين من الموضوع حينما تشعرين بالخوف مني".

نيو فراولة 21-09-10 12:29 PM

وأخطأت موراغ حين نظرت اليه في محاولة للرد على كلامه , لأنه مال عليها وعيناه تشعان بالضحك , فلما تراجعت قليلا وجدت أن رأسها بين ذراعيه , فقالت له بتضرع:
" دعني ,كفاك مداعبة , فأنا لا أطيق ذلك".
وأغمضت عينيها ,فقال لها:
" ما أجملك يا موراغ , حتى وعيناك مغمضتان!".
فقالت وهي تبذل جهدها للتملص منه :
" هل قضيت , أنت وفرجينييا , سهرة ممتعة ليلة أمس؟".
فأجابها:
" قلت لك مرارا أن لا تتدخلي في شؤوني , هذا لا يليق بك , آه , وجودك بقربي شيء عظيم , ولكنني الآن متعب ولم أنم منذ ليل الأحد".
وأفلت ديفيد يدها , ففتحت عينيها لتراه يقف رافعا ذراعيه فوق رأسه ويتمطى متثائبا , وهو يقول لها:
" أخرجي حالا ودعيني أستسلم للنوم".
فتعجبت من وقاحته , ولم تفهم أنه قال هذا الكلام عن خبرة بمعاشرة النساء , فهو بذلك وضع اللوم عليها فيما حصل.
وفيما هي تملم أدوات التنظيف , قال لها:
" هل أنت ذاهبة الى السهرة الراقصة ليلة الجمعة؟".
فأجابت :
" كلا!".
فقال:
" لماذا ؟ هل عندك بديل أفضل؟".
فأجابت من دون أن تذكر المكان:
" سأذهب الى التزلج !".
فعادت اليه حماسته ومهارته في الأغراء , فقال:
" أتسمحين لي أن أرافقك ؟ فأنا لا أبالي بتلك الحفلات الساهرة !".
ففكرت موراغ في نفسها قائلة : ( أذن , سيحضر حفلة ساهرة مع فرجينيا ,ولكن لماذا يريد أن يذهب الى التزلج؟ ), وعزمت على التصدي له هذه المرة , مهما أستغل دهاءه ومهارته في الأقناع , فرفضت طلبه بحزم.
وسارت صوب باب الغرفة و هي تدفع المكنسة الكهربائية أمامها , فأعترض طريقها بسرعة فائقة وقال لها:
" لماذا ترفضين ؟ ظننت أننا صديقان ...... قضينا وقتا ممتعا يوم الأحد الماضي , فلماذا لا نقضي مثله في الأحد المقبل؟".
فنظرت موراغ أمامها بحيرة وخوف من أن ينهار سور دفاعها , ثم أستجمعت قواها وقالت بأصرار :
" كلا!".
منتديات ليلاس
وكان قميص ديفيد مفكوك الأزرار , فبان شعر صدره الأشقر وخصره الأبيض الناصع , مما جعل الدم يجري حارا في عروق موراغ , ولكنها تغلبت على ضعفها وأصرت على الرفض.
وفجأة مال عن طريقها فأندفعت الى الأمام مرتعبة ومغتاظة من قوله لها ضاحكا:
"تعالي الي الساعة الخامسة ,يا صغيرتي".
وفيما كانت تفتح الباب لم تتمالك من النظر اليه , فأذا به ينزع عنه قميصه وهو يدير ظهره اليها , فسارعت الى أغلاق الباب وراءها بشدة , علامة الأستياء.
وفي طريقها نزولا على الدرج قالت في نفسها :
" لماذا حدث ما حدث؟ وكيف تجرأ أن يعاملها كما لو كانت خادمة في منزل ؟".
وشكرت الليه على أنه منحها القوة على رفض طلبه هذه المرة , فقضاء عطلة أخرى برفقته , لا بد أن يؤدي الى ما لا تحمد عقباه.
وأعانها مزاجها الغاضب هذا على تجنبه الى نهاية الأسبوع , وتجاهلت كل من في الفندق ولم تتكلم ألا قليلا مما أقلق أمها.
وجاء يوم الجمعة فذهبت موراغ مع رفاقها الى كيرنغرومز للتزلج , وخلال اليومين اللذين قضتهما هناك تمتعت بجميع أنواع التسلية والرياضة والرقص والغناء , أذ كان الطقس صافيا وباردا , والروابي تنعم ببياض بهيّ , وكلما خطرت ذكرى الأحد الماضي ببالها , صرفتها عنها وأستسلمت للبهجة والمرح.
ولكن حين أفرغت آن ما في جعبتها , ليلة الأحد , من تعليق على أحدث النهار وأطفأت النور في الغرفة التي كانت تنام فيها , أنقلب مزاج موراغ من البهجة الى الكآبة , أذ عودها شوقها الى ديفيد , وعبثا حاولت أن تركز أفرادها على آندي , فكانت , كلما أستجمعت في ذاكرتها صورة وجهه , وجدت أن صورة وجه آخر محتها وأخذت مكانها , كان ذلك وجه ديفيد الذي لم يعد يساورها الشك بأنها تحبه ....... وهذا الحب لم يكن عاطفة عابرة , كما تظن أمها , بل عشق لا يجعلها تريد أحدا سواه.

نيو فراولة 21-09-10 12:30 PM

وفي الصباح الباكر , وهي في طريق العودة الى الفندق , سيطر عليها الغم , وكرهت الوقت الذي أنفقته في تلك العطلة , وأذ كانت تجلس في سيارة داني , أخذت تتطلع من النافذة الى المناظر التي كانت تمر بها وهي تقابل في ذهنها بين أسلوب داني المتسارع الفج في قيادة السيارة وبين أسلوب ديفيد الهادىء المنتظم , ثم سألت نفسها هل ستقضي عمرها في مقارنة ديفيد بكل جل ستتعرف اليه؟
وحين وصلت الى الفندق كان الطقس ماطرا , والمطبخ دافئا , وجين تعد بعض الكعك , فتبادلت معها التحية بأبتسامة باهتة وجلست الى الطاولة.
فقالت لها جين :
" كيف قضيت العطلة ؟ هل كان كما توقعت؟".
فأجابت موراغ:
" لا بأس , الفندق مريح وفخم لمن يفضل الفخامة ,والطعام شهيّ ولكن ليس كما في فندقنا , وهناك أكواخ للمبيت في الجبل , يمكن أستئجار واحدا عندما يعود آندي ".
ولاحظت جين أنها تبذل جهدها لأظهار حماسها وأهتمامها , فقالت لها:
" والتزلج ؟ هل كان على ما يرام؟".
فأجابت :
" رائع جدا , وحين رأيت المدربين السويسريين , والأستراليين , أدركت كم خبرتي بالتزلج ضئيلة!".
فقالت لها جين :
" هل تفضلين ذلك المكان على الذي ذهبت اليه الأسبوع الماضي؟".
فلزمت موراغ الصمت , وهي تساعد أمها في تهيئة صواني الكعك .
ولما طال صمتها قالت لها جين :
" هل تشكين من شيء يا أبنتي ؟ أراك شاحبة الوجه قليلا , أرجو أن لا تكوني أكثرت من التزلج".
فأجابت موراغ:
" أنا في خير يا أماه , كانت الرحلة متعبة , وداني لا يحسن قيادة السيارة , وأنا أفضل هوايت كراكز , مع أن سفوحها لا تضاهي سفوح كيرنغورمز في شيء , ثم أن المهم هو الرفاق".
وتوقعت موراغ تلك النظرة التي رمقتها بها جين , ولكنها سرّت حين أخذت جين تحدثها عن شؤونها الخاصة ,فقالت:
" كانت السهرة الراقصة ناجحة جدا , جلست أنا وبيتر الى طاولة واحدة مع لوندنغز وأبنته , يا له من رجل ساحر وراقص ماهر , ألقى خطابا رائعا في الحفلة , وتمنى لبيتر السعادة في زواجه المقبل.........".
قالت جين ذلك وأخذت تقهقه بهدوء وهي تستعيد ذكرى تلك السهرة , وأستندت موراغ بذراعيها الى الطاولة , ووضعت وجهها بين كفيها بأنتظار المزيد من حديث أمها.
وبعد قليل تنهدت جين وقالت:
" كانت سهرة ممتعة.........لولا عيب واحد".
منتديات ليلاس
فقالت موراغ بدعابة :
" معم , كانت الشورباء باردة ,وقطعة اللحم....".
فقاطعتها جين قائلة:
"كلا ......لم يكن هذا هو العيب , فالطعام كان خيرا من المعتاد.....".
وهنا دخل بيتر , قبل أن تكمل كلامها , فقالت له :
" ماذا تعمل هنا في هذا الوقت من النهار؟".
فأجابها بيتر :
" لسبب مؤسف , وهو أن أحد العمال وقع وكسر ظهره , ولكنه لم يفارق الحياة , فجئت لأخبر زوجته".
ثم ألتفت الى موراغ وسألها أذا كانت تمتعت بعطلتها الأسبوعية , فلما أجابت بالأيجاب لم يصدقها لأنه قرأ ما كان باديا على وجهها , فقال لها:
" لا أرى ذلك على وجهك , كان خيرا لك أن تحضري السهرة الراقصة , كانت ناجحة جدا , وقضينا وقتا ممتعا , ألا توافقين يا حبيبتي جين؟".
فأجابت جين :
" نعم , وكنت أقول لموراغ قبل مجيئك أنه كان للحفلة عيب واحد , وهو أن ديفيد لم يقبل بمرافقة فرجينيا , فأستعاضت عنه بشخص آخر يدعى طوني بلاند".
فسألتها موراغ:
" ومن هو طوني بلاند؟".
فأجابتها :
" شاب رائع , وهو يقيم عندنا الآن , لأنه لم يجد مكانا في فندق رويال".
قال بيتر :
" وهو رجل ذكي , وأن لم يظهر ذلك عليه ........ وأعزب أيضا".
وأرادت جين أن تستخبر من بيتر لماذا لم يذهب ديفيد الى السهرة , فأجابه بأنه لم يسأله عن السبب , فما دام الأنسان يقوم بوظيفته خير قيام , لا حق لأحد أن يتدخل في شؤونه الخاصة , ولكن بيتر أشار , بطريقة غير مباشرة , الى أن ديفيد أضطر الى العمل في المحطة حتى ساعة متأخرة من ليلة الجمعة , فلم يتمكن من حضور السهرة ".
وقالت جين :
" مع ذلك , كان عليه أن يخبر فرجينيا أنه لن يحضر ..... كما كان عليه أن يخبرني أنه لن يكون هنا يوم السبت حين جاء لونغدون وأبنته فرجينينيا لأخذه معهما الى قضاء عطلة نهاية الأسبوع في الشمال , وهذا , على ما أعتقد , تصرف غير لائق , وكانت فرجينئا على يقين أنني أعرف أين كان ديفيد , لأنها سألتني عنك , يا موراغ ,ظنا منها أنك ذهبت برفقته الى التزلج , كما في الأسبوع الماضي , وكم شعرت بالأرتياح حين عاد الى الفندق ليلة السبت".
وقال بيتر :
" الآن فهمت لماذا هاجمته صباح الأحد , عندما جاء لتناول طعام الفطور ".
فقالت جين :
" آه , كم كنت أتمنى أن أنتف شعره! وكل ما فعل , ردا على تصرفي نحوه , هو أنه غرق في الضحك قائلا أنني أذكره بأمه , ولكن , لو كانت أمه أدّبته كما يجب , لما تصرف ذلك التصرف مع تلك اتلفتاة المهذبة".

نيو فراولة 21-09-10 12:34 PM


فهز بيتر رأسه ,وهو يحرك فنجان الشاي ,وقال :
" لا شك لي بهذا الأمر , وكل ما يمكنني قوله هو أن ديفيد أراد أن يري فرجينيا أنه لا يطيق تحكمها به , فهي متكبرة متعجرفة , كما تعلمين , وأعتادت على أدارة شؤون أبيها الأجتماعية والمالية والأدارية ,بعد وفاة والدتها ".
فقالت جين بغضب:
" لو عاملني أي رجل كما يعاملها ديفيد لنقمت عليه الى الأبد".
فنهض بيتر وطوقها بذراعيه قائلا:
" لا أحد يجرؤ على معاملتك هكذا , يا حبيبتي , لأنك فهيمة ولا تتدخلين بشؤون الآخرين , وتوفرين كل ما يتطلبه الرجل : الدفء , والطعام الشهي , والكلمة الحلوة ,والرفاهية ,والأحترام , والسكوت حين ينبغي السكوت , فهذه هي مزايا المرأة الفاضلة".
فسرت جين لهذا المديح وصرحت بأنها لا تستحقه , فقال بيتر:
" علي الآن أن أعود الى المحطة , ليته كان بوسعي أن أبقى معكما ........ وكل ما أرجوه هو أن تكون فرجينيا فهمت الدرس الذي قصد ديفيد أن يعلمها أياه , ففي غضون الأسبوع الماضي كانت تتصل به في المحطة , أعتقادا منها أنها , كونها أبنة رئيس الشركة ,تتمتع بحق طلب فرصة لديفيد كلما عنّ لها ,وهي لذلك تريد أن يكون مركز عمله في لندن , حتى يرافقها الى كل الحفلات الأجتماعية التي تعشق حضورها .....نعم , وأظن أن ديفيد في خطر الآن , ويهمني أن أرى كيف سينجو من هذا الخطر...........".
منتديات ليلاس
قال بتر هذا الكلام وودع جين وموراغ وخرج عائدا الى المحطة ,
وساد الصمت قليلا بعد خروج بيتر , وأنصرفت جين الى عملها , بينما أخذت موراغ تشرب فنجانا آخر من الشاي , وهي تحاول أن تحزر أين كان ديفيد مساء السبت.
وقالت جين لموراغ:
" الآن فهمت أي رجل هو ديفيد , فهو لا يفي بوعده ,ويحرج موقف الفتاة التي سيتزوجها".
فلم تجب موراغ على ملاحظة أمها , لأنها لم تشعر بحاجة الى ذلك , فهي تعرف أن ديفيد هكذا , وأن كونه هكذا لا يقدم ولا يؤخر على الأطلاق في عاطفتها نحوه.

نيو فراولة 21-09-10 11:53 PM

7- الفخ يكاد ينطبق

وافقت موراغ أمها على رأيها في طوني بلايد , فهو كان على جانب كبير من دماثة الخلق , بقامته الفارعة وهندامه الرصين , وكان في نحو الخامسة والثلاثين من العمر , ولا تفارق الكآبة وجهه أنسجاما مع نبرة صوته الهادئة المتباطئة , حتى ليصعب التصديق أنه ذلك الخبير المالي النابغة , كما وصفه بيتر , فهو من بعض النواحي , مثلما بدا لموراغ , يشبه فرجينيا من حيث أناقته وميله ألى الرفاهية في الحياة .
وحدث أنه كان , بعد ظهر يوم الخميس , على موعد مع لونغدون وأبنته , وكان بأنتظارهما في الفندق , وهو يشرب الشاي على مهل ويقضم الكعكة برزانة الغارق في تفكير عميق , وما أن دقت الساعة الرابعة حتى سمعت موراغ التي كانت تخدمه , هدير سيارة تقف عند الباب الخارجي , فأسرعت لأستقبالها , فأذا بفرجينيا واقفة على عتبة الباب وهي ترتدي الثياب الفاخرة , وشعرها الأشقر يلمع في عين الشمس.
فقالت لموراغ :
" يسرني أن أراك يا موراغ , هل طوني هنا؟".
ولما أجابتها بالأيجاب , دخلت ألى غرفة الأستقبال وقالت لطوني بعد التحية:
" أبي قرر العودة بالطائرة ويرجو أن ترافقني أنت بطريق البر , فنقضي الليلة في مكان ما , ثم نتابع سيرنا غدا ......... هل سلمت ديفيد رسالتي ؟".
وفيما هي تتكلم كان طوني يساعدها على خلع سترتها الفرو الثمينة , ثم وضعها بعناية على الكرسي , وجلست فرجينيا على المقعد المجاور , وقالت لها موراغ:
" أتريدين بعض الشاي يا آنسة لونغدون ؟".
فأجابتها فرجينيا :
" ما بالك لا تناديني جن ؟ نعم , أرحب بفنجان من الشاي , شكرا".
منتديات ليلاس
عادت موراغ ألى الغرفة تحمل أبريق الشاي ووجدت أنهما أنارا الغرفة وأسدلا الستائر وجلسا يتحدثان بمودة , فما أن دخلت حتى نهض طوني من مكانه أحتراما , وحين سكبت الشاي في الفنجان أمام فرجينيا , رفعه مع الصحن والملعقة وقدمه ألى فرجينيا , فدهشت موراغ لهذه اللياقة التي لم تر مثلها من قبل.
وهمت موراغ بالخروج من الغرفة ,فأستوقفتها فرجينيا قائلة:
" هل تمتعت بالعطلة هذا الأسبوع يا موراغ , وكيف كان التزلج ؟".
فأجابتها موراغ :
" نعم , شكرا ".
فقالت فرجينيا :
" أرجوك أن تجلسي هنا لنتحدث ألى أن يجيء ديفيد , وأرجو أن لا يتأخر لأننا يجب أن نسافر".
وألتفتت ألى طوني وتابعت كلامها سائلة :
" هل قلت لي أنه من المستحسن أن يرافقنا ديفيد ؟".
فأجابها طوني :
" نعم قلت ذلك , ولكن هذا مستحيل يا فرجينيا ".
وجلس بهدوء وتهذيب بعد أن جلست موراغ .
وتأوهت فرجينيا وقالت :
" ديفيد لا يطاق في بعض الأحيان , هل أخبرك لماذا تغيّب ليلة الجمعة ونهار السبت ؟".
وبعد أن نقرت بأناملها على ذراع المقعد قليلا , قالت لطوني :
" هل ذكرت له ما أقترحناه في شأنه يا طوني؟".
فأجابها طوني :
" أنت تعرفين جيدا يا فرجينيا أن هذا ليس من أختصاصي , كل ما أعرفه هو أن تشارلز كان هنا البارحة , فطاف وتحدث بخصوص أجراء مناقلات بين الموظفين , ثم طرح الأقتراح عل ديفيد".
فقالت فرجينيا:
" وماذا كانت ردة فعله ؟ وهلب تعتقد أنه يقبل بالمجيء معنا الليلة؟ فهو في كل حال سيحضر ألى لندن في نهاية هذا الأسبوع ويبقى ألى ما بعد عيد الميلاد.......".
فهز طوني رأسه وقال لها:
" من الأفضل أن لا تلحي عليه يا فرجينيا ...... ردة فعله على أقتراح تشارلز لم تكن مرضية ........ من الضروري جدا أن لا تثيري غضبه ......فغضبه يقلق البال لأنه يقوده ألى العنف!".
فقالت فرجينيا بخضوع مفاجىء:
" سأعمل بما تقول".
ثم ألتفتت ألى موراغ وأعتذرت لها عن أقحامها في هذا الموضوع الخاص بها , وقالت لها:
" ليتك تخبرينا عن رحلتك في نهاية الأسبوع الماضي .......فأنا أتوق للذهاب ألى هناك يوما ما.......".
ومرت الدقائق , وكان الحديث ممتعا , ووصفت موراغ رحلتها وهي تأمل أن تغادر الغرفة قبل مجيء ديفيد , ثم أخذت تستمتع بكلام طوني على محاولته الأولى والأخيرة للتدرب على التزلج , وفجأة فتح الباب ودخل ديفيد ألى الغرفة مبتسما وغير مبال بما أستقبلته به فرجينيا من برودة غير معتادة , فحياها بحماسته المعهودة وقال لها:
" أرجو أن تكوني أستمتعت برحلتك لى الهايلاندز !".

نيو فراولة 22-09-10 12:15 AM

فأجابته فرجينيا والغضب باد على وجهها :
" ما رأيك أنت؟ أنا غير مجبرة على أحتمال تصرفاتك , وخصوصا منذ أن أتيت ألى هذا المكان".
وساد الصمت المرهق قليلا , ثم قال ديفيد :
"أخبرتك في الأسبوع الماضي أنني هنا لأقوم بعملي , وأنا أحب عملي هذا ولا أحد في الكون يقدر أن يحرمني منه .... أنا لم أعدك بالذهاب معك ألى الهايلاندز أو ألى السهرة الراقصة .. أنت أفترضت ذلك وكعادتك دائما".
فأحمرت وجنتا فرجينيا وأخفضت نظرتها , وأشفقت موراغ عليها لأن ديفيد كعادته يجيب بكلام لطيف يصرف الغضب , ولكنه مليء بوخز الحقيقة.
وأستعادت فرجينيا رباطة جأشها بسرعة وقالت لديفيد والأبتسامة تعلو وجهها :
" أنا آسفة يا حبيبي , فلا شك أنني أسأت فهمك , ولكن , أما أنت ذاهب بالطائرة غدا ألى لندن , فألاقيك هاك مساء؟".
منتديات ليلاس
وبدا ديفيد كأنه لم يكن يصغي , أذ كان ينظر ألى موراغ , وهي صامتة متضايقة , فتبادله النظرات , ثم قال لها:
" هاي موراغ , أين كنت مختبئة ؟".
وأخفضت نظراتها كما فعلت فرجينيا , ولجأت ألى القيام بعمل ما , فجمعت صحون الشاي ووضعتها على الصينية أستعدادا لحملها ألى المطبخ , وحاول طوني مساعدتها فشكرته وأكتفت بأن طلبت منه أن يفتح لها الباب , وفيما هي تمر أمامه نظر أليها وقال :
" سرّني جدا لقاؤك يا آنسة هندرسون , لا شك أنني سأراك يوما ما".
فأجابت موراغ :
" نعم , وداعا يا سيد بلاند , وشكرا ".
ولكن فرجينيا أستوقفتها وهرعت أليها قائلة :
" عندما أعود هل أجد غرفة في هذا الفندق لليلتين؟".
فأجابتها بلطف:
"بكل تأكيد , فما عليك ألا أن تتصلي بنا أنك قادمة , أتمنى لك رحلة سعيدة ..... وداعا".
فقالت فرجينيا :
" وداعا يا عزيزتي , لا تنسي النصيحة التي أسديتها أليك!".
وفكرت موراغ , وهي في طريقها ألى المطبخ , أن فرجينيا أظهرت مقدرة على ضبط النفس , فلو كانت مكانها لهاجت وثار غضبها , ولكن فرجينيا بخلافها هي , تقوى على كبح جماح عواطفها.
وفكرت موراغ أيضا أن من حسن الحظ أنها تجنبت التحدث ألى ديفيد في الأيام الأخيرة , وأنه لاحظ ذلك منها , وأذا بقي الحظ يحالفها , فلن تراه ألا بعد عودته من لندن بعد العيد , وعندئذ يكون آندي عاد هو أيضا , فيقرر مصيرها وتصبح في أمان.
ويوم السبت صعد بيتر وجين ألى غلاسكو لشراء بعض الحاجيات لمناسبة العيد ,فأنفردت موراغ بأدارة شؤون الفندق والعناية برون وستيف الذين لم يبق سواهما من النزلاء وهما لن يحضرا لتناول العشاء , وهذا يعني أن موراغ لم يكن لها ما تعمله طوال بعد الظهر , على أنها لم تجد فائدة في الذهاب لزيارة صديقاتها , لأن كايتي تكون منهمكة مع جوني , وآن مع فرنك ,وهكذا لم يبق أمامها غير الذهاب في نزهة.
وبعد أن لبست الثياب الملائمة وخرجت لتقفل الباب الخارجي وراءها , سمعت هدير سيارة , فألتفتت لتد أنها سيارة ديفيد الحمراء , فأرتبكت وأستولى عليها الذعر وهمّت بالهرب , ولكنها ضبطت عواطفها هذه المرة ووقفت تنتظره على عتبة الباب , فيما هو يوقف السيارة , وحين أقترب منها قالت له ببرودة أنها ظنته سافر ألى لندن فأجابها بأنه بدل رأيه.
فقالت له:
" أنت ماهر في تبديل رأيك!".
فأجابها :
" وأنت كذلك".
ورفعت موراغ رأسها بكبرياء , وأزعجها أن ترى أبتسامته تتسع , فسألته بجفاف:
" هل تريد أن تتناول طعامك ؟".
فأجابها :
" أن لم يكن في ذلك أزعاج لك ...... أين أنت ذاهبة؟".
منتديات ليلاس
فقالت :
" في نزهىة : بيتر وأمي خارج الفندق ........ وأمي لم تخبرني أنك ستعود للغداء ....... خذ , هذا هو المفتاح ".
فتجاهل ديفيد المفتاح وقال لها :
" لم أخبر أمك .... والآن أريد مرافقتك!".
فأجابته موراغ :
" لا لزوم لذلك!".
فقال لها بلطف :
" هل أنت خائفة أيضا؟".
وتطلع ألى شعرها , فمدت يدها وأخذت تصلحه عن غير وعي منها.
وتابع كلامه قائلا:
" أحب أن أذهب في نزهة أنا أيضا....... فالهواء المنعش مفقود في نوع لعمل الذي أقوم به في المحطة , ثم أنني لم أشاهدك ألا قليلا في الأيام الأخيرة , وأشعر أن صداقتنا لا تنمو كما يجب".
فحدقت أليه ببرودة وأجابته بالقبول , بعد أن علمتها تجربتها معه أن لا مرد لأرادته.

نيو فراولة 22-09-10 03:56 PM

وبدأت تسير مسرعة الخطى , وديفيد يتبعها متأخرا عنها خطوة أو خطوتين , وبعدما خرجت من الباب الخارجي أتجهت ألى اليمين وسارت بأزاء الشاطىء , بعيدا عن المدينة , وكان جمال الطقس قد جذب كثيرا من الزائرين , فأرتفعت على الشاطىء أصوات الأولاد .
وقطعت موراغ مسافة أوصلتها ألى خارج المدينة , وهناك قال لها ديفيد:
" هل تمشين دائما بمثل هذه السعادة ؟ أم أنك تهربين من أحد؟".
فتوقفت عن المشي فجأة فأصطدم ديفيد بها , وحين وقفا وجها لوجه , صاحت موراغ به:
" أنا لا أهرب مثلك!".
فقال لها بهدوء:
" ماذا جعلك تظنين أنني هربت؟".
فأجابته موراغ:
" ذهبت للتزلج معي حين كنت على موعد مع الآنسة لانغدون , ودعتك ألى السهرة الراقصة فلم تذهب , وهي تنتظر حضورك ألى لندن , وها أنت لا تزال هنا....... ألا تعتقد أن هذا هو الهرب بعينيه؟".
فرمقها ديفيد بنظرة حادة وقال لها:
" منذ متى أصبحت تدافعين عن فرجينيا وتراعين خاطرها ؟ هي لا تحتاج ألى أحد في هذا الشأن".
وأبتعد عنها قليلا وتطلع بعيدا صوب البحر , وتابع كلامه قائلا:
" أحب هذا المكان ........ فيه أتساع وهدوء وسكون , وما أجمل ألوانه في يوم بديع كهذا اليوم".
فقالت له موراغ:
"ها أنت تعود ألى الحيلة ذاتها.........".
فألتفت أليها سائلا:
" أية حيلة؟".
منتديات ليلاس
فأجابته :
" تجنبت الموضوع والهرب من مجابهته , فأنت لم يعجبك كلامي , فغيرت مجرى الحديث!".
فقال لها بجد:
" أسمعي ,كنت أحسبك تختلفين عن بقية النساء , فأذا بك مثلهن , تريدين أن تعرفي الأسباب والمقاصد والنيات وكل شيء....... أنا أفعل ما أفعل لأنه يلائمني , ذهبت للتزلج معك لأنني أحببت أن أذهب , وأنا لم أحضر الحفلة الراقصة لأنني أضطررت ألى القيام بعمل ما , ولم أسافر ألى لندن في نهاية هذا الأسبوع لأنني وعدت بيتر بالبقاء ألى أن تتم فحوص بعض الأجهزة في المحطة , لأننا مصممون على أن نبدأ بتوليد الكهرباء بعد العيد.
والآن هل أعجبك هذا الأيضاح؟ وهو أمر لم أفعله مع أية أمرأة ولو كانت صبية حسنا مثلك , لأن النساء لا يحببن الأيضاحات , أذ أنها ليست الشيء الذي يردن سماعه....... هل سألتك لماذا قصدت أن تتجنبيني في الأيام الأخيرة؟ كلا , لأنني أفترض أنك مشغولة في أمور كثيرة!".
قال ديفيد هذا الكلام وعاد ألى التطلع ألى البحر والجزر والجبال المحيطة , في حين أحمرت وجنتا موراغ و فهي لم تكن معتادة على مثل هذا الأسلوب الكلامي المتحفظ الذي يخالطه العتاب , ولكنها قالت:
" كان عليك أن تخبر أمي أنك متغيب ليلة السبت الماضي , فلو فعلت لوفرت عليها ما أقلقها جدا".
فقال ديفيد :
" نعم , كان علي أن أخبرها , ولكنني تعودت أن أفعل ما أشاء , وأن لا يسألني أحد لماذا فعلته ....... وسأشكر أمك يوما....... والآن , أظنك تريدين أن تعرفي أين كنت يوم السبت الماضي .... كنت في أدنبرة مع أثنين من زملائي في المحطة لمشاهدة المباراة الدولية في الكرة ! فهل أرتحت الآن بعدما عرفت أين كنت؟".
وهبت نسمة باردة , فزررت موراغ سترتها وهي تفكر في نفسها أنها لن تسأله مرة أخرى أن يوضح أسباب تصرفاته .
ثم قالت له:
" حان وقت عودتي ألى الفندق".
وسارا معا جنبا ألى جنب , فسألها ديفيد :
" هذا المركب , ألى أين هو ذاهب؟".
فأجابت ألى الجزر".
منتديات ليلاس
فقال متأسفا :
" أتمنى لو يتاح لي زيارة أحدى هذه الجزر ..... ولكن لا أظن أن لدي الوقت الكافي قبل أن أرحل عن هذا المكان ".
فخفق قلب موراغ حين فكرت أنه سيرحل , وحين سألته متى سيكون ذلك أجاب:
" سأذهب يوم الثلاثاء ألى لندن لقضاء العيد , وسأعود يوم الأثنين التالي وأبقى هنا ألى السادس من كانون الثاني ( يناير)".

نيو فراولة 22-09-10 04:10 PM

فسألته موراغ:
" وبعد السادس من كانون الثاني ألى أين ستذهب ؟".
فأجابها كالمعتاد :
" لا أعلم , أرجو أن أرتب بعض الأمور الخاصة بي عندما أكون في لندن........ وهناك صعوبة , كما تعلمين !".
ثم سألها بأهتمام :
" وأنت, كيف ستقضين أيام العيد؟".
" فأجابت :
" في الفندق كالعادة ....... مع النزلاء وكلهم متقدمون في السن ويرغبون في الراحة وتغيير المناخ , ولكن لن يكون الأمر كذلك هذه السنة , لأننا سنبيع الفندق في كانون الثاني ( يناير) ...... فأنت تعرف أن بيتر وأمي سيتزوجان , كما هو متوقع".
قال ديفيد :
" نعم , أعرف ذلك ...... وهل أنت مسرورة وراضية؟".
فأجابت موراغ :
" نعم , دعانا بيتر , أنا وأمي و لتناول طعام الغداء في فندق رويال يوم العيد و وفي عيدنا الوطني هذه السنة سنحيي حفلة كبرى ندعو أليها جميع أصدقائنا في المدينة وفي المحطة".
منتديات ليلاس
أجاب ديفيد:
" سأحضر هذه الحفلة".
وسارا بصمت , وخيّل ألى موراغ أنها قادرة على السير معه هكذا ألى الأبد , ألى أقاصي الأرض , ونسيت أن تكون دائما على حذر مع ديفيد الذي قال لها على حين بغتة:
" ستأتين معي ألى بيتي في العيد؟".
وكانت تتمنى لو أن بوسعها أن تجيب بالأيجاب , ولكنها كبتت رغبتها وأجابت :
"كيف يمكن ذلك يا ديفيد؟".
فألقى يديه على كتفيها بخشونة وراح يتضرع أليها أن تأتي معه ألى بيت والديه للتعرف أليهما و وألى أخويه مارك وجونتي وعائلتيهما , وألى أخيه الأخر كيد العائد من عدن , وبيلي الأصغر سنا والطالب في الجامعة.
فصاحت موراغ تحت وطأة ألحاحه:
" لا مكان لي هناك......".
فقاطعها قائلا :
" بلى , بلى , ما عليك ألا ان تأتي , أمي تهيء لك مكانا مريحا في البيت , فأهلي يسكنون بيتا ريفيا واسعا ....... وأنا سأصطحبك ألى لندن لمشاهدة مناظرها الخلابة".
وأستغربت موراغ هذه الحماسة المفاجئة التي بدرت منه , فراحت تبحث في ملامح وجهه عما أذا كانت صادقة أم لا , فمثل هذه الدعوة لا توجد عادة ألا ألى شخص حميم وصديق قديم , وحارت بماذا تجيب , وفي آخر الأمر قالت له :
" بربك يا ديفيد لا تؤذني , أنت تعرف أنه لا يمكننني أن أذهب معك , فهناك عرس كايتي , وعودة آندي الذي وعدته أن أنتظر......".
وأفلتت من بين يديه , فوضعهما في جيبه وحدق أليها من تحت حاجبيه المقطبين وقال بهدوء :
" آه , نسيت آندي , لا بأس , أنسي دعوتي لك!".
قال هذا وأمسكها بيدها وقادها مسرعا في الطريق , وكانت الطريق نزولا فتعثرت قدماها وكادت تسقط فتلقّاها بذراعيه القويتين وحملها كما لو كانت ريشة , فقهقهت ضاحكة وقالت :
"يا لك من مجنون يا ديفيد!".
ولكنه طوقها بذراعيه وهي تحاول الأفلات منه وتقول :
" دعني , ألا ترى أنني لا أقدر أن أذهب معك ألى أي مكان , أو أن يكون لي أية علاقة بك ؟ تكفيك فرجينيا!".
فأفلتها وسار وحده عائدا ألى الفندق بخطوات ثابتة واسعة.

kagol 23-09-10 06:31 AM

اهنيكى يافراولة الرواية اكثر من رائعة بجد انا متشوقة جدا اعرف بقية الاحداث بليز بليز متتاخريش فى تكملتها .............ليكى منى جزيل الشكر....................

نيو فراولة 23-09-10 05:33 PM

8- عودة الغريم الآخر

وسافر ديفيد يوم الأثنين ألى لندن , من دون أن يودّع موراغ التي كانت منشغلة بأقامة الزينة والأستعداد لحفلة زواج كايتي , وسرّها أن غضبها الذي أثارته في وجه ديفيد أسفر عن النتيجة المتوخاة , ذلك أنه تجاهلها تماما , والآن بعد أن رحل شعرت أنها تحررت من كابوسه الذي عانته طوال الأسابيع الأخيرة .
وسرّها أن تعود الحياة ألى رتابتها , وأن قلبها لم يعد يخفق كلما رأت ديفيد يصعد الدرج قافزا أو يختفي خارجا من الباب , نعم , سرّها ذلك , ولو أنها لم تزل تشعر بالغصة , ففي محاولتها الأساءة أليه أساءت ألى نفسها أكثر , ثم أنها لامت نفسها على ما صدر منها من تصرف فظا نحوه , وهو الذي لم يظهر لها ألا اللطف والتفهم.
ووصل آندي ألى الفندق . مساء يوم الثلاثاء , ببزته الرسمية وشعره الكستنائي المرتب , كان قصير القامة رقيقها , بحيث ظهرت موراغ أطول منه مع أنه يزيدها ببضعة سنتيمترات , ألا أنه من النواحي الأخرى لم يتغيّر , بل بقي ذلك الولد الذي رافقها في المدرسة.
وأدركت موراغ أن آندي لن يفاتحها بالزواج في الحال , وأنما يفضّل أن يتريث بعض الوقت , ولم يزعجها ذلك , لأن وجوده لم يثر فيها أية بهجة , وحين ودّعها ليذهب ألى أهله لم تأسف لوداعه , بل نسيته حالما خرج من الباب .
وكان يوم الأربعاء , يوم العرس , مشمسا على رطوبة وأعتدال , وفيما العروسان , كايتي وجوني , يستعدان للذهاب في شهر العسل , فكرت موراغ أنه ليس من الضروري أن يكون أثنان في غرام عنيف حتى يتزوجا , وأذن , فلعل الصداقة غير المثيرة التي تربطها بآندي كافية لتكون أساسا لزواج سعيد.
منتديات ليلاس
وحين صعد العروسان ألى السيارة رمت كايتي بباقة الزهور ألى موراغ قائلة:
" خذيها يا موراغ .... أنت العروس المقبلة!".
فأمسكت موراغ باقة الزهور , وآندي ألى جانبها , وهي تشعر أنها كانت محط أنظار الحاضرين وتمنياتهم لها بزواج سعيد من آندي .
وهكذا وجدت نفسها أمام الأمر الواقع الذي لا غرام فيه , ولكن أي شأن للغرام في مجرى الحياة العادية ؟ فهي في الأيام القليلة اتالية , بعد أن عادت ألى علاقتها الماضية مع آندي , بدأت ترافقه ألى حفلات الرقص , وتتحدث أليه عن عن ناقلة النفط التي كان يعمل على متنها , وتضع معه الخطط للذهاب ألى التزلج على الثلج وما ألى ذلك , حتى أنها دعته ألى تناول الغداء يوم العيد مع بيتر وجين.
وكانت موراغ في كل هذا تراقب آندي عن كثب , فلاحقت وجهه الفتي من أية تجاعيد , وآراءه الفجة بعض الشيء , وموقفه الساذج نحو العمل في الحياة , فكل ما كان يهمه هو أدخار المال والحصول على ما أمكن من أوقات الفراغ , ومع مرور الأيام تناقص شغفها به , حتى كادت لا تجيبه أو تصغي ألى كلامه.
وفي آخر الأمر , وكان ذلك يوم أحد , لاحظ آندي ما أصبحت عليه حال موراغ معه , ففيما هما يتسامران , خامره شعور بأن شيئا ما قد أنطفأ في قلبها وأنها لم تعد تتجاوب معه كالعادة , فأنتفض ونظر أليها بعينين رماديتين وقال لها:
" ما بك؟ تغيرت كثيرا عما مضى!".
فأجابت موراغ :
" لا شيء ...... ثوبي هذا جديد , ولكن شعري لا يزال كما كان!".
فقال لها آندي:
" لا أعني ذلك , أعني أنك تتصرفين كما لو كنت أمرأة ناضجة , فلا يعجبك ما كان يعجبك من قبل , تذكري كيف كنت , مثلا , ترقصين بحماسة كدت تفقدينها أخيرا........".
فضحكت موراغ قائلة:
" وهل هذا مهم؟".
فأجاب آندي:
"كان يهمك من قبل , أما الآن فماذا جرى ؟ أشعر كأنني لم أعد أعرفك , وكلما جلسنا معا يخيّل ألي أنك على بعد أميال مني!".
ولم تكن موراغ تظن أنه شديد الملاحظة ألى هذا الحد , فبات عليها أن تبذل مزيدا من الجهد لتظهر أكثر أهتماما به , يكفي أن يكون في نظرها شابا وسيما ومخلصا , وأن يوفر لها السياج الذي يحميها من ديفيد , ولذلك لبست قناع الخفة والمرح وقالت له:
" كفاك يا آندي ......كلانا تغيّر قليلا نحو النضوج ...أفلا تظن أن هذا أمر طبيعي؟".
وأبتسمت قليلا في وجهه , فسرّها أنه بادلها الأبتسامة وقال لها:
" الحق معك , ولكن شيئا واحدا لم يتغير , وهو أنك تبدين رائعة الجمال حين تبتسمين هكذا".
وجاء يوم الأثنين , وأخذ الناس يستعدون للأحتفال برأس السنة , وعاد مهندسو المحطة ألى عملهم ونزلوا في الفندق , وكان ديفيد آخر العائدين , فيما كانت موراغ تتأهب للخروج مع آندي برفقة آن وفرانك , فما أن سمعت وقع خطواته وهو يدخل البهو حتى خفق قلبها وألتهب خدّاها , فقالت في نفسها : أذا كانت هذه رد فعلي قبل أن أراه , فكيف ستكون , أذن , بعد أن أقف أمامه وجها لوجه؟
وقررت موراغ أن تمتحن شعورها غدا صباحا , بالعودة ألى تقديم طعام الفطور , وحين فعلت , لم تحظ من ديفيد ألا بنظرة حادة قاسية وصمت مطبق , وبدا ديفيد في صحة جيدة بعد العطلة , فزال الشحوب الذي كان يعلو وجهه بتأثير السهر والعمل الشاق , وزاد لمعان شعره الذهبي , وعلى العموم , كان يزخر بحيوية وتّرت أعصاب موراغ الطرية.

نيو فراولة 23-09-10 06:17 PM

وقالت موراغ في نفسها : كيف يجرؤ أن يقف منها , بعد عودته , ذلك الموقف اللامبالي ؟ لا شك أنه يخلو من أي شعور.
وعاد العمل في المحطة ألى سابق عهده من الأهمية القصوى ,وبذلت جين وموراغ جهدهما , كالعادة ,في القيام بتهيئة الطعام للعاملين في المحطة , عند رجوعهم ألى الفندق في ساعات متفاوتة. وكانتا أيضا تستعدان للحفلة التي ستقيمانها لمناسبة العيد الوطني . وسرّهما أن يتطوع آندي لمساعدتهما , فنقل صناديق الشراب , وأستعار الأقداح والفناجين من الأصدقاء والجيران , وشارك في غير ذلك من الأعمال التي لا تقدران على القيام بها , وحين عاد ألى الفندق في المساء , كانتا مسرورتين للترحيب به وشرب الشاي معه.
وقالت له جين:
" شكرا لك يا آندي على مساعدتك أيانا اليوم ....فلولاك لا أعلم ماذا كنا فعلنا ......".
فأجاب آندي :
" لا شكر على الواجب....... ستكون الحفلة رائعة......... وسيحضرها من المدعوين أكثر مما مضى .... في أيامي أنا على الأقل".
فقالت جين :
" نعم , أنا دعوت العاملين في المحطة وجميع الأصدقاء والأقرباء . فهذا العيد آخر الأعياد التي سأحضرها في هذا الفندق , والآن أخبرني يا آندي : هل توصلت أنت وموراغ ألى قرار بصدد زواجكما؟".
منتديات ليلاس
وأطرقت موراغ برأسها وتجنبت النظر ألى آندي حتى لا تساعده على الجواب , وتنحنح آندي , لكن قبل أن يجيب فتح الباب ودخل بيتر مسرعا وأتجه نحو جين , فحيّاها وصاح بأعلى صوته صول الباب :
" أدخلوا يا شباب.......".
فدخل رون وستيف وريغ , وقال بيتر بلهجة المنتصر :
" نجحنا ....... في هذه اللحظة , أذا لم يحدث ما لم يكن في الحسبان , ستبدأ الحطة بتوليد الكهرباء !".
وألتفت ألى جين وقال لها:
" أتسمحين لنا يا حبيبتي بالأحتفال قليلا لهذه المناسبة؟".
فأجابته جين برحابة صدر :
" أهلا وسهلا بكم .......تفضلوا".
وبعد أن خلعوا معاطفهم وجلسوا حول زجاجة من الشراب , قال رون:
" عندما مرض تيد ظننت أن التوصل ألى هذه النتيجة ف المحطة لن يتم ...... ألى أن تمكن بيتر من الحصول على ديفيد......".
وقال ستيف موافقا زميلة رون :
" نعم و هذا صحيح , ويؤسفنا أنه سيترك العمل في المحطة قريبا ....... يا له من معين في المآزق .... أنه جرىء في أتخاذ القرارات حالا وسريعا , ولا يهمه أن يتحمل المسؤولية أذا وقع أي خطأ.........".
وأضاف ريغ قائلا:
" كم وقعنا في المآزق خلال الأسابيع الأخيرة الماضية ,والآن أنا سعيد أن أنام الليلة ملء جفنيّ....".
وهنا سأل بيتر أين ديفيد , فأجابه رون بأنه سيحضر بعد قليل ,ولم يكد رون ينهي كلامه حتى سمع صرير باب البهو وصوت تحطم الزجاج على الأرض , وساد الصمت في المطبخ , فأتجهت الأنظار ألى جين , وفجأة أنفجر الرجال بالضحك حين دخل ديفيد ألى الغرفة,وعيناه تشعان بالمرح وهو يقول:
" معذرة يا جين .... أفلت الباب من يدي فأنطبق بسرعة وتكسر زجاجه!".
ثم أقبل عليها بحماسة وطوّق خصرها بيديه القويتين , ورفعها عاليا وهو يقهقه ضاحكا , فأستنجدت جين ببيتر مازحة , فقال لها:
" ديفيد يفعل ما يراه حسنا , ولا مردّ لذلك ..... فما عليك ألا أن تستعطفيه ....".
وبعد فترة من الدعابة والمزاح أشترك فيها الجميع , جرى الحديث عن المحطة والصوبات التي برزت في المرحلة الأولى , فقالت موراغ بعد صمت طويل :
" أود أن أعرف لماذا كان العمل في المحطة بطيئا في بادىء الأمر , ثم تسارع خلال الأشهر الستة الماضية ألى حد الجنون ؟".
فأجابها ستيف :
" هذه طبيعة المقاولات الأنشائية , يجلس المهندسون شهورا عديدة يرسمون الخرائط التي لا يستعملون منها ألا القليل , ثم فجأة يبدأ العمل بسرعة لا تطاق.....".
وتواصلت الأحاديث , بينما جين تقوم بتهية طعام العشاء , وآندي الجالس بقرب موراغ يستفهم من بيتر عن مجرى العمل في المحطة , وديفيد صامت على غير عادته ويداه في جيبي سترته .
وحدقت أليه موراغ بأمعان , فلاحظت أن وجهه الوسيم كان شاحبا ومتعبا , وأذ زالت عنه البشاشة وسعة الحيلة , بدا صلبا قاسيا .
ثم لم يلبث أن أفرغ كأسه , وفيما هو يضعها نظر ألى آندي نظرة فاحصة , تحولت بعد قليل ألى موراغ , فهزت رأسها وعزمت بينها وبين نفسها أن لا تقع هذه المرة أيضا تحت وطأة سحره , فهو بعد أيام سيرحل ألى حيث أتى , فأذا لم تقاومه تركها وحيدة بائسة.

نيو فراولة 23-09-10 06:52 PM

وخرج الرجال لتغيير هندامهم أستعدادا لتناول طعام العشاء , ثم عاد بيتر بعد قليل ليقول لموراغ :
"لا تقومي بخدمتنا هذا المساء يا موراغ , فعندك مهام أخرى تقومين بها , يكفي أن تضعي الطعام على كوة المطبخ ونحن نخدم أنفسناثم نذهب ألى النوم باكرا لأن الغد سيكون يوما آخر من العمل الشاق........".
ثم ألتفت ألى جين وقال لها:
" سيقيم النادي حفلة عشاء غدا مساء , فأخبرتهم أنك منشغلة لا تقدرين أن تحضري , ولكنني سأحضره مع زملائي لوقت قصير , ثم نعود ألى هنا".
وخرجت موراغ مع آندي الى الباب الخارجي وكان زجاجه لا يزال منتثرا على الأرض , فقالت :
" ما هذا؟ يجب أن أزيله وأنظف المكان ".
فقال آندي :
" هذا من واجب الذي حطمه!".
أجابت موراغ:
" لا , فهو متعب جدا , كان يعمل في المحطة بغير أنقطاع طوال الأسبوع".
فسألها آندي:
" من هو ؟ لم يكن هنا في السنة الماضية".
فأجابته موراغ:
" ديفيد هاكيت , جاء ألى هنا منذ تشرين الثاني ( نوفمبر) الفائت!".
فقال آندي :
" لم يمل قلبي أليه".
فأحتجت موراغ قائلة:
" ولكنك لم تتعرف أليه ألا منذ حين ".
فقال آندي :
" أعرف ذلك , يبدو لي أنه يتصرف كما لو كان هنا منذ أمد طويل ".
فأجابته موراغ :
" كلهم كذلك , لأن والدتي تجعلهم يشعرون كأنهم في بيوتهم".
وكانت موراغ ,خلال هذا الحوار , في موقف المدافع , وشعر آندي بذلك فأزورّت عيناه وقال :
" أنت تميلين أليه , وألا لما أسرعت للدفاع عنه!".
فأجابت موراغ بغضب:
" كفى".
منتديات ليلاس
وعندما تطلعت ألى وجهه ورأته عابسا , أخذت تقهقه ضاحكة , مما أغاظ آندي فقال لها:
" ماذا يضحكك ؟ لم أقل ما يثير الضحك !".
ثم أمسكها بكتفيها وهزها قائلا :
" ما هذا التصرف يا موراغ , لم أعد قادرا على فهمك !".
وهنا فتح الباب وراءهما وتعالت الأصوات في البهو , ثم أغلق الباب وأبتعدت الأصوات , وكان آندي يهم بمعانقة موراغ , فأضطر ألى تركها بغتة , مما أثار غضبه , فخرج من الفندق من دون أن يتفوه بكلمة.
وألتفتت موراغ , فرأت ديفيد , وسترته عل كتفه , يصعد الدرج على مهل , من دون أن ينظر ألى الوراء.
ورن جرس الهاتف , فأمسكت موراغ السماعة , فأذا بصوت فرجينيا على الطرف الآخر من الخط.
" هالو , أنا فرجينيا , أسمعي يا عزيزتي ! هل يوجد مكان لي في الفندق لبضعة أيام؟".
فأجابت موراغ :
" نعم , بكل تأكيد , متى ستأتين؟".
فقالت فرجينيا :
" حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف ".
وبعد تردد قالت لها موراغ :
" لا شك أن ديفيد يجب أن يلاقيك في المطار, وهو الأن هنا , أتريدين أن تتحدثي أليه؟".
فأجابتها فرجينيا :
" كلا ,لا أريد أن أتحدث أليه الآن , بل غدا , أرجوك أن لا تقولي له أو لبيتر أنني قادمة , أريد قدومي أن يكون مفاجئا , يجب أن أرى ديفيد لأمر ضروري يتعلق بوظيفته الجديدة , ففي خلال عطلة العيد لم تتمكن من أكمال الترتيبات اللازمة , ولكننني أكملت كل شيء الآن ........... وأظن أنه سيكون مسرورا جدا ........".
وبدا من كلامها أنها حرصت على أن تكون موراغ على بينة من الأمر , وهو أنها هي التي تقرر شؤون حياته.
فقالت لها موراغ:
" سنقيم حفلة راقصة مساء غد , فأذا كنت ستتحدثين ألى ديفيد بمثل هذه الأمور الخاصة , الأفضل أن تنزلي رويال , فسيكون هنا في افندق جمع غفير".
فقالت لها فرجينيا :
" لا , هذا لا يهم , أريد أن أكون بقرب ديفيد وأمك العزيزة , أشكرك لأنك أخبرتني عن الحفلة , سألبس الثوب الملائم لتلك المناسبة . وداعا يا عزيزتي , وألى اللقاء!".
ووضعت موراغ السماعة بهدوء , فسمعت ضحكا في غرفة الطعام , أما هي , فشعرت باألأسى لأنها تحب الشخص الذي لم يكن لها , ولكنها قررت أن تحاول أقناع نفسها بالزواج من آندي لأنه شاب يمكن الوثوق به والأعتماد عليه.

نيو فراولة 23-09-10 10:23 PM

9- عصفوران وقفص واحد

قالت فرجينا ضاحكة وهي تتبع موراغ ألى الفندق ليلة رأس السنة :
" يبدو أن الحفلة تعج بالأنغام الراقصة ".
فمن غرفة الطعام , حيث أخليت من الأثاث و كانت الأنغام تتعالى على وقع أقدام الراقصين والراقصات , وعبر البهو , في غرفة الأستقبال , كانت الضوضاء تصم الآذان , بينما جين تحتفي بصديقاتها وأصدقائها على نحو أكثر ملاءمة للذوق المألوف.
وقالت موراغ لفرجينيا:
" سأصعد معك ألى غرفتك".
وكانت فرجينيا ترتدي هنداما رائعا , فأجابت:
"شكرا يا عزيزتي , ولكن لا تبتعدي عن أصدقائك وصديقاتك طويلا , فسأسرع بتبديل ثوبي بثوب يليق بهذه الحفلة!".
وفي غرفة النوم الضيقة أخذت تخلع ثوبها وتنزع قبعتها وهي تتمتم كلمات الأعجاب بما تراه عيناها في الغرفة حولها , ثم قالت لموراغ:
" أخبريني أين يمكنني أن أجد ديفيد؟".
فأجابتها موراغ:
" لم يحضر بعد , هناك حفلة في النادي على شرف العاملين في المحطة , وأظن أن ديفيد وبيتر يحضرانها , وسيعودان بعد نصف الليل بقليل , كما هو متوقع".
منتديات ليلاس
فقالت فرجينيا بأبتسامة لا تخلو من الدهاء:
" حسنا , سأكون على أستعداد في ذلك الحين و هل كان سلوك ديفيد على ما يرام؟".
فهزت موراغ رأسها بلا مبالاة وأجابت :
" أظنه كذلك , لم أره ألا قليلا , كان هو وزملاؤه في المحطة منشغلين جدا".
فقالت فرجينيا :
" وهذا حسن أيضا , ويسرني أن أسمعه , والآن عودي سريعا يا عزيزتي , وسأتبعك بعد قليل".
وشعرت موراغ , وهي في طريقها نزولا ألى الحفلة , أنها كتلميذة صرفتها معلمتها.
وأنتصف الليل فعاد بيتر والآخرون , وعلا ضجيج الحفلة , وأشتد المرح , وكثر الطعام والشراب , وفيما كانت موراغ تنقل بعض الكؤوس من المطبخ , قررت أن تذهب للبحث عن آندي لعله يأتي لمساعدتها , وما أن خرجت من باب المطبخ حتى وجدت نفسها بين ذراعي ديفيد .
فضحك منها وقال لها:
" أمسكتك الآن , وعبثا ترفضين هذه المرة , والليلة رأس السنة ".
وحاولت موراغ الأفلات من بين ذراعيه , ولكن عبثا , فحرارة جسمه بعثت الدم حارا في عروقها , فأستسلمت راضية , وسمعته يتمتم في أذنها كلاما لم تفهمه , فيما أخذ يطوقها برفق.
وسمعا وقع أقدام مقبلة نحوها , فأذا بفرجينيا تنادي :
" ها أنت يا حبيبي ديفيد ؟ أنا أبحث عنك".
فأنسلت موراغ من تحت ذراعه وهو يجيب :
" جن ! متى جئت ألى هنا؟".
فقالت له:
" كيف أقوى على فراقك يا حبيبي , قل لي أن مجيئي هو مفاجأة سارة ثم أنني أحمل أليك خبرا سارا ... أبي يعرض عليك أقتراحا أظن أنك سترحب به.......".
وفي غرفة الطعام وقفت موراغ تقول لنفسها أن ما حدث لم يكن ألا بتأثير العيد ....... وتغيرت الموسيقى , فأعتقدت ببلاهة أن آن وداني لا بد أن يكونا قد وصلا , مع أن داني كان يعزف على قيثارته أنغاما طرب لها الراقصون والراقصات , فراحوا يتمايلون ويغنون ويملأون المكان بالضجيج والهتاف.
وأقترب آندي من موراغ وجذبها ألى حلبة الرقص وهو يقول لها بصوت أرتفع فوق أنغام الموسيقى :
" أنها حفلة رائعة يا موراغ ؟ هل أنت سعيدة ؟".
منتديات ليلاس
ولما لم تجب بحماسة , بل كان في لهجتها شيء من الحيرة والضياع , توقف عن الرقص وشد على يدها قائلا:
" ما بك؟ يبدو عليك أنك كمن أصيب بهزة ما , فوجهك لا لون فيه".
فقالت له:
" لا شيء .... مجرد تعب وهيجان!".
فأجاب :
" قد لا يكون هذا الموقف ملائما ..... ولكنني لم أعد أتحمل الأنتظار ..... موراغ هل تتزوجينني ....... في الصيف؟ سأسافر هذه المرة لستة أشهر فقط , فنعقد خطوبتنا رسميا قبل أن أسافر , وفي غيابي تقومين بجميع الترتيبات اللازمة لزواجنا ...... موراغ , هل تقبلين؟".
وظهر أهتمامه الشديد بالجواب على وجهه الفتي , كان هذا أول دعوة للزواج منها , دعوة لم تكن بمناجاة تحت ضوء القمر , بل سؤال متردد واجف يطرحه فتى يلهث من شدة الأضطراب ,وهي عرفته طوال حياتها.

نيو فراولة 23-09-10 11:46 PM

وشعرت موراغ , بعد الذي حدث لها في البهو , أنها تريد البكاء أشفاقا على نفسها , ثم نظرت عبر آندي ألى حيث وقفت فرجينيا , وذراعها بذراع ديفيد , وعلى وجهها أبتسامة الرضى , وكان يديفيد لا يظهر أي أهتمام بما يجري.
وتطلع آندي ألى موراغ وحثها على أجابة طلبه , فقالت له :
" نعم , كما تريد يا آندي ".
فصاح آندي طربا :
" هل نعلن هذا الخبر على الجميع الآن ؟".
فأجابت موراغ:
"كلا دعنا ننتظر , يجب أن أخبر أمي أولا , ووالديك أيضا , وسنخبر الآخرين غدا في هوايت كراكز بعد التزلج على الثلج ...... هل سألت أباك أذا كان يعيرك سيارته؟".
فقال آندي :
" نعم , سألته فوافق , سآتي لأصطحابك نحو الساعة العاشرة من صباح غد....... ومن الصعب , بعد هذه الساعة المتأخرة من الليل , أن نبكر في الذهاب أكثر من ذلك ".
منتديات ليلاس
فقالت موراغ :
" فليكن , أما الآن , فتعال نرقص يا آندي !".
وأنتهت الحفلة في الخامسة صباحا , وبلغ التعب بموراغ ألى حد الأعياء , فما أن أستلقت على فراشها حتى غرقت في نوم عميق .
وفي الساعة التاسعة أيقظها المنبه ,فنهضت وحاولت أن تتجنب التفكير في ما جرى لها خلال الليلة الفائتة , وبعد أن عجلت بأرتداء ثياب التزلج , وهيأت كل ما يلزمها من الحوائج , نزلت ألى المطبخ ,وكانت جين هناك , وآثار التعب على وجهها , ولكنها أحتفظت بأبتسامة الرضى وهي تهييء طعام افطور , فلما دخلت موراغ بادرتها بالقول :
" ما أجمل هذا الصباح ......بداية رائعة لعام جديد , ويبدو لي أنك ستقضين نهارا ممتعا..........".
وكان أيان , صاحب أكواخ التزلج على الثلج , قد أخبر آن بأن الثلج كثيف وصالح جدا للتزلج في ذلك النهار .
وقالت جين :
" النزلاء كلهم نيام ,ولا أنتظر أن يستفيقوا حتى الظهر , وخصوصا فرجينيا وديفيد اللذين بقيا ساهرين حتى الخامسةوالنصف صباحا ,وكنت أسمع صوتهما يخرج من غرفة الأستقبال ...آه , كم كانت راعة في الحفلة تلك الليلة ! ألا تعتقدين ذلك ؟".
فوافقت موراغ على كلام أمها , ثم رأت أن الوقت ملائم لأذاعة الخبر , فقالت :
" أماه , قررنا , أنا وآندي , أن نعقد خطوبتنا رسميا , على أن نتزوج في الصيف , حين يعود من سفرته المقبلة ,طلب مني ذلك خلال الليلة الفائتة !".
ودهشت حين لم تجبها أمها في الحال , بل أخذت تلم الصحون عن الطاولة وتحملها ألى المجلى , ثم عادت ألى الطاولة وجلست ونظرت موراغ نظرات فاحصة , وقالت:
" هل أنت متأكدة ؟ لا يبدو عليك أنك مسرورة ".
فأجابتها موراغ :
" طبعا متأكدة , أنت قلت أن كل شيء يكون على على ما يرام حين يعود آندي , والآن صح قولك ,ولكن لا تخبري أحدا , بل أنتظري حتى يعود آندي من سفرته المقبلة , وعندئذ نقيم حفلة ندعو أليها والديه وجميع أصدقائنا ".
وكم شعرت بالأرتياح حين زال القلق عن وجه أمها وظهرت عليه بشاشته المعهودة وهي تقول لها :
" ماذا لو أعلنا الخبر في حفلة زواجنا أنا وبيتر ؟ آندي وأهله يكونان هناك...... لا شك أن بيتر سيفرح حين يسمع أنك توصلت ألى قرار , وهكذا الجميع , فكلهم يسألونني دائما متى تتزوجين آندي ....... أنتما صديقان منذ الطفولة ,والناس في هذه المدينة يحبون علاقات الغرام ....... والآن , هل أنت ذاهبة ألى التزلج؟".
فقالت لها موراغ:
"نعم , آندي سيزور مكتب شركته ,فلا يهم أذا غبت مدة يومين ....... وداعا , وسأراك يوم الأثنين".
منتديات ليلاس
وأقبلت موراغ ومن يرافقها على التزلج بحماسة شديدة , كان الثلج كثيفا وصلبا , مما جعل التزلج ممتعا جدا , ووجدت موراغ أن الرياضة أفضل وسيلة لصرف ذهنها عن التفكير في ديفيد , ولذلك لم تنظر بعين الرضى ألى الشمس وهي تميل ألى الغروب , وألى الغيوم وهي تؤذن بسقوط الثلج.
وبعد أن قامت بدورة تزلج أخيرة , أتجهت نحو الأكواخ فتلقاها أيان قائلا:
" هل على السفح أحد؟".
فأجابت موراغ :
" كلا , أنا كنت الأخيرة , ألا تعرف ذلك من دفتر الغياب؟".
فتناول أيان الدفتر وقرأ أسماء الذين عادوا من التزلج وكتبوا أسماءهم في الدفتر , ثم نظر ألى موراغ وقال لها:
" صاحب الشعر الذهبي لم يعد بعد!".

نيو فراولة 23-09-10 11:57 PM


فصاحت موراغ:
" تعني ديفيد هاكيت؟".
فأجابها أيان:
" نعم , هذا هو , عرفته لأنه جاء بصحبتك من قبل , وصل في الساعة اثالثة , وقال أنه ذاهب ليفتش عنك , فأقترحت عليه أن ينتظرك لأن الوقت متأخر ولأنك صعدت عاليا على السفح ,ولكنه لم يوافق , فهل تلاقيت به؟".
فقالت موراغ:
" كلا , كان من الصعب أن أتبين الأشخاص , لأنني نزلت سريعا وكانت العتمة أخذت تخيم".
فقال أيان :
" ربما ,ولكن أظن أنه عاد ونسي أن يكتب أسمه في الدتر , فهنا شخصان آخران وصلا منذ ربع ساعة وسألا عنه وعنك ".
وبعد أن غرز أصابعه في شعره الكثيف الشائب , تابع كلامه قائلا :
" تلك المرأة الشقراء التي كانت ترافقه سلمتني رسالة من والدتك توصيني بهما خيرا لأنهما من أصدقائكم , وحيث أنهما لم يحضرا للتزلج , رأيت أن آخذهما ألى المزرعة وهما يبيتان الليلة هنا ".
فصاحت موراغ بدهشة :
" هذه فرجينيا ..... والرجل ما هي أوصافه؟".
فأجابها أيان:
" طويل ونحيل , وكلامه هادىء ورصين".
فقالت موراغ :
" هذا طوني بلاند , ولكن لماذا جاء ألى هنا ؟".
فهز أيان كتفيه وقال لها:
" لا أعلم , جين قلقة عليك , فلماذا ؟ هل في سلوكك ما يثير القلق؟".
منتديات ليلاس
فأجابت موراغ :
"لا , لا".
فقال لها أيان:
" الآن عليك أن تذهبي أليهما وأذا كان ديفيد هاكيت معهما , فأخبريه أنني أكون شاكرا أذا جاء وكتب أسمه في دفتر الغياب".
ولم يكن ديفيد مع فرجينيا وطوني في الكوخ القائم في المزرعة.
كانا جالسين وحدهما أمام موقدة تضطرم بالنار.
فلما دخلت موراغ , صاحت فرجينيا قائلة:
" هل هي موراغ ......شكرا لله".
ووقفت تحييها , فيما نهض طوني وصافحها مصافحة رسمية وهو يقول:
" ها نحن ألتقينا ثانية يا آنسة هندرسون , وألتقينا بأسرع ما توقعت , وفي ظروف غريبة , وأرى من واجبي أن أقول أنني سررت جدا بهذه الضيافة التي صادفناها في هذا المكان المقفر......".
وقالت فرجينيا :
" أين ديفيد يا عزيزتي موراغ؟".
فأجابت موراغ:
" لا أدري , لم أشاهده , قد يكون في كوخ من تلك الأكواخ ......سأذهب وأفتش عنه ......لماذا جئت ألى هنا؟".
قال طوني بهدوء , قبل أن تفتح فرجينيا فمها :
" أنا جئت لأمنع فرجينيا من أرتكاب ما يسيء أليها , وأرجو هذه المرة أن أنجح في مهمتي أكثر من المرات السابقة".
صاحت به فرجينيا قائلة:
" كفاك يا طوني ........ أنا لم أطلب منك أن ترافقني .........ديفيد موجود هنا ..... رأيت سيارته الحمراء ......".
فقال لها طوني :
" كان عليك أن لا تأتي ألى هنا........".
وألتفت ألى موراغ قائلا:
" هل تظنين يا آنسة هندرسون أن ديفيد هناك على سفح الجبل".
فأجابت موراغ:
" قال لي أيان أنه لحق بي , ولكنه لا بد أن يعود قريبا ....سأذهب لأرى أذا كان في أحد الأكواخ , أو أذا كان أحد رآه".
فقالت فرجينيا :
" شكرا لك يا عزيزتي , قولي له أننا هنا , ونريد أن نراه".
ولم يكن ديفيد في أي مكان في الأكواخ , ولا رآه أحد , فذهبت وأنزلت أدوات التزلج من مكانها المعين , ثم خرجت ألى الهواء الطلق.
وكان لا يزال في الفضاء قليل من الضوء , وكانت الغيوم تتجمع وتهبط ألى رؤوس التلال , والدلائل تشير ألى أن الثلج على وشك السقوط .

نيو فراولة 24-09-10 04:38 PM

وزررت موراغ سترتها وربطت قبعتها أستعدادا للصعود ألىى السفح للبحث عن ديفيد , فما أن همت بالصعود حتى سمعت أيان يتاديها قائلا:
" أين انت ذاهبة؟".
فأجابت :
" أنا ذاهبة للبحث عنه , فهو لا بد أن يكون هناك!".
فلم يرق ذلك لأيان فصاح بها قائلا:
" يا لك من فتاة معتوهة , ألا ترين أن الظلمة تخيم على الأرجاء , وأن الثلج على وشك السقوط؟".
ولكن موراغ لم تبال بهذا أللأنذار , لأنها كانت متأكدة أنها على حق فيما تفعل , فقالت لأيان:
" هو لا يجيد التزلج , ولذلك لا يقدر على العودة وحده من دون معين , وفضلا عن ذلك فهو يجهل المكان".
فقال لها أيان:
" دعيني أرسل فريق أنقاذ للعودة به .....هذا أذا كان أحد يجرؤ على صعدو السفح في هذه الأحوال الخطرة........".
فأجابته موراغ:
" لا , أنه لا يجب ذلك , سأذهب بنفسي , ولكن أرجوك أن تعيرني مصباحا , فأذا وجدته وكان مصابا بأذى , عدت أليك في الحال , أما أذا لم أعد , فذلك يعني أننا في الكوخ معا ..... والآن علي أن أسرع في الذهاب......".
ولم يقل أيان شيئا , لأنه فهم موقفها , فتركها تذهب.
لبست موراغ حذاء التزلج وأخذت تصعد السفح بمعونة العكازتين اللتين كانت تغرزهما كلما تقدمت خطوة ألى الأمام , وكانت تتوقف بين الحين والآخر وتنادي ديفيد , وكفها حول فمها , ثم تنتظر الجواب.
منتديات ليلاس
ووصلت على مهل ألى قمة أول سفح , فرفعت المصباح وأدارت نوره في كل أتجاه , وهي تنادي من دون جدوى , وكانت عزيمتها تشتد على مقاومة الصعاب كلما فكرت بأن ديفيد قد يكون في خطر مداهم , وعلى الرغم من الظلام والثلج الغادر أخذت تتسلق سفحا آخر أكثر أنحدارا من سابقه.
وفيما هي في طريقها , تصرخ وتنادي بين الحين والآخر و تذكرت أن هناك في أسفل الوادي كوخا قديما من حجر , فقررت أن تذهب أليه , لعل ديفيد لجأ أليه.
غير أنها لم تكد تقطع مسافة بعيدة حتى سمعت صدى جواب ديفيد يقول لها:
" أنا هنا...... بين الشجرات فوقك......".
فخفق قلبها فرحا عند سماعه,وضاعفت عزيمتها وهي تصعد بأتجاه الصوت .
وصاح بها ديفيد :
" أنا آسف .......لا أقدر أن أصل أليك..... أصعدي مسافة قصيرة فتصبحي قبالتي".
وكان أنها وجدته بعد عناء , قاعدا ومستندا ألى ساق شجرة ولاحظن أنه نزع حذاء التزلج ومد رجليه أمامه , فقالت له:
" هل أصبت بأذى؟".
فأجابها :
" في كاحلي....... وقعت على كاحلي الأيمن".
فقالت له:
" كيف تصعد للتزلج في ساعة متأخرة من النهار ؟ هذا أنتحار , خصوصا وأنت لا تحسن التزلج.....".
فأجابها ديفيد:
" أشكرك على هذه الملاحظة التي تنم عن حنان وعطف , وهي خير علاج لوجعي....... كنت أتسلق السفح الثالث من غير صعوبة , عندما شاهدتك تنحدرين كالسهم الخاطف , فعزمت أن ألحق بك , ولكنني لم أعرف كيف أحول مجرى سيري , فوقعت على كاحلي , ثم أتبعت القاعدة التي تعلمتها منك في المرة الماضية , فنزعت حذاء التزلج وحاولت هبوط السفح قعودا على مؤخرتي , ورجوت أن أصل قبل سقوط الثلج , غير أنني تدحرجت ألى هنا , فزحفت وأستندت ألى هذه الشجرة وأخذت أصفر!".
فقالت له موراغ بدهشة:
"هل كنت تصفر؟".
وسلطت أنوار المصباح على وجهه , فوضع يديه على وجهه وصاح بها:
" لا تفعلي هذا".
فقالت موراغ:
" يا لك من أحمق!".
ولاحظت أنه يرتجف من البرد , فيما الثلج أخذ يتساقط , فقالت له:
" يجب أن أصل بك ألى الكوخ قبل أن تموت من البرد ..... والآن قم !".
فقام بمساعدتها ووقف على قدميه , وسارت به نحو الكوخ , وهو يضع ذراعه اليمنى على كتفها , ثم قال فرحا :
" أشكرك على نجدتي يا حلوتي ....... من كان يظن أن فتاة صغيرة وجميلة مثلك تملك مثل هذه الشجاعة........؟".
وتابعا طريقهما بصمت , وكان على ديفيد أن يتوقف بين الحين والآخر للأستراحة , مما أستغرق وقتا طويلا للوصول ألى الكوخ.

نيو فراولة 24-09-10 05:04 PM


وحين دخلا , أستند ديفيد ألى الحائط , بينما أخذت موراغ تبحث عن علبة الكبريت لتضيء القنديل الذي كانت تعلم أنه يجب أن يكون في مكان ما ,ولما وجدته وضعته على طاولة في وسط الغرفة وأضاءته , فأذا في الغرفة أثاث مؤلف من مقعدين على جانبي الموقدة , وسجادة تغطي الأرض , وأربع كراسي حول الطاولة , وكان على طول أحد الجدران خزانة تحتوي مأكولات معلبة وأدوات منزلية , وجهازا للطبخ , وحطبا للموقدة , وفيما موراغ تشعل النار للتدفئة , أعانت ديفيد على الجلوس في أحد الكراسي , حيث حاول نزع حذائه , فلما نزعه بصعوبة , طلبت موراغ أن ترى كاحله المعطوب , فرفض طلبها , كما رفض خلع سرواله المبلل بالثلج , قائلا أنه لم يكن مستعدا بعد للنوم , ولكنه سمح لها أن تعلق له سترته المبللة على قفا كرسي حول الموقدة.
وبعد أن تناولا بعض الطعام , سرت موراغ أذ وجدت طاولة شطرنج وأوراق لعب وضعها أيان لفائدة الذين تضطرهم العاصفة للجوء ألى هناك , ولما كان الليل في أوله , قبل ديفيد أن يلعب الشطرنج مع موراغ , وسرعان ما شعرا بالدفء والراحة وهما يلعبان بلذة وحبور ويصغيان ألى صوت نديف الثلج على زجاج النافذة .
وبذلت موراغ جهدها للفوز باللعبة , فحالفها احظ في بادىء الأمر , ولكن ديفيد لم يتساهل معها كما فعل كما كان يفعل والدها حين كانت تلاعبه , فتغلب عليها.
ولما أنتهيا من اللعب , رأت مورغ أن الوقت حان لتخبره بأن فرجينيا وطوني موجودان في المزرعة , لما أخبرته فوجىء وقال لها:
" متى حضر طوني ألى هنا؟".
منتديات ليلاس
فأجابت:
" لا أدري , طلبا أن يجتمعا أليك , وخصوصا فوجينيا , وقال طوني أنه جاء ليمنعها من أن ترتكب أية حماقة ".
فأبتسم ديفيد وقال:
" يا له من رجل شهم! أنه أوفى صديق لي ,وهو لا يعرف ذلك".
كان هذا كل ما أظهره من أهتمام بالأمر , ثم وضع طاولة الشطرنج جانبا وجذب أحد الكراسي ومد ساق قدمه المعطوبة عليها , وبدا لموراغ أنه مطمئن هادىء البال.
فقالت له:
" لماذا جئت ألى هنا اليوم؟".
فأجابها ببساطة :
" جئت لأراك؟".
فسألته موراغ:
" لماذا؟".
فأبتسم وأجبها بهدوء:
" لأنك لم تكوني في الفندق..........".
فأصلحت من جلستها وقالت:
" لا أفهم تصرفك هذا على الأطلاق !".
فقال لها:
" الأمر في غاية السهولة , أظن أن ما بيننا لم ننته منه بعد!".
فأجابت والحيرة بادية على محياها :
" أرجوك يا ديفيد لا تشاكسني......... فأنا حقا لا أفهم ما يبدر منك".
فقال لها ديفيد:
" توصلنا باكرا هذا الصباح ألى نقطة مهمة في صداقتنا , قبل أن تفاجئنا فرجينيا .... ولم يكن ممكنا أن أقترب منك في السهرة , فرأيت أن أتبعك ألى هنا لنتحدث من دون أن يزعجنا أحد".
فأحمرت وجنتا موراغ وخفضت نظراتها وهي تقول:
" لم نتوصل ألى شيء........ ما حدث لا أهمية له..... فهو أمر عادي بين رجل وأمرأة , خصوصا في حفلة ساهرة".
فقال لها ديفيد:
" كلا , لم يكن هذا أنطباعي".
وكان ديفيد يدرك عمق عاطفتها نحوه , فعزم الآن على الأفادة من وجودهما وحدهما في مكان منعزل.
فقال لها بعطف لا يخلو من الخسرية:
" ها نحن الآن في ملجأ , ومنعزلان , وكل شيء مهيأ للسير بعلاقتنا ألى الأمام....".
فحدقت موراغ أليه وهي لا تصدق أذنيها وساورتها الشكوك ,خصوصا حين تذكرت ما حذرتها منه فرجينيا وأخبرها به بيتر عن مغامرات ديفيد مع البنات.
وتابع ديفيد كلامه قائلا بمزيد من الأغراء :
" هل نستأنف ما أنقطع بيننا في تلك السعرة أمس؟".
وحارت موراغ ماذا تفعل , أهو صادق في ما يقول أم لا ؟ أتتجاوب معه؟ وأذا فعلت , فماذا تكون العاقبة؟

نيو فراولة 24-09-10 05:19 PM

فوقفت وأدارت له ظهرها وهي تقول بغيظ :
" لا أريد أن أسمع هذا الكلام".
فنهض ديفيد في الحال ووقف وراءها وأمسكها بيديها قائلا :
" لماذا يا موراغ؟ ما السبب؟".
" أنت تعرف السبب...... وتعرف أيضا أنني مخطوبة لآندي".
وظنت أنه بعد هذا الكلام سيفلتها , ولكنه أزداد تمسكا ها وقال بهزء:
" طبعا..... تتزوجين آندي وتعيشين سعيدة في بيت قرب البحر....... كبّري عقلك يا موراغ , كنت أظن أنك شجاعة أكثر مما تظهرينه الآن".
فأثار هذا الكلام غيظها ألى حد تمكنت عنده من الأفلات من بين ذراعيه والوقوف أمامه وجها لوجه وهي تقول:
" دعني , عزمي على الزواج من آندي لا علاقة له بك.... وأنا أخبرتك بالأمر الآن لعلك ترعوي وتتركني وشأني.... أم نك تعتقد أن ما من فتاة تقدر أن تقاومك!".
علت وجهه أبتسامة ساخرة لم يتمكن من أخفائها , مما زاد موراغ غضبا على غضب , فقالت له:
" أسخر قدر ما تريد .... ولا تأخذ أي شيء بجد... فرجينيا حذرتني منك .... وبيتر أيضا , قالا لي أنك تصاحب الفتيات للسخرية منهن .... وأنك تحبهن وتتركهن ...... ولكن يجب أن تعرف أنني غير هذا النوع من الفتيات !".
فأزال هذا الكلام أبتسامة السخرية عن شفتيه , ولكنها حين نظرت ألى عينيه رأت فيهما صلابة الفولاذ..
وقال لها :
" هؤلاء الذين يزعمون أنهم أصدقائي يصفون تصرفاتي بأوصاف قاتمة , وأنت تصدقينهم , فأي فتاة أنت يا موراغ؟ تغرين الرجل, حتى أذا وقع في حبائلك دفعته عنك , يؤسفني أن أحدا لم يحذرني منك!".
منتديات ليلاس
قال هذا الكلام وأبتعد عنها عائدا ألى كرسيه , فيما وقفت موراغ مندهشة من تفسيره لموقفها منه , وشعرت بأن حبها له يطغى على كل أعتبار , فما كا منها ألا أن أسرعت أليه وركعت أمامه وأمسكت قدمه المعطوبة وهي تقول:
" نسيت كاحلك , دعني أراه , فلعلي أقدر أن أعالجه ..... بشيء ما , كان يجب عليك أ لا تقف عليه طويلا!".
فصاح بها ديفيد:
" لا, لا تلمسي كاحلي , دعيه وشأنه!".
فقالت موراغ بتذلل:
" أرجوك يا ديفيد.....".
فقاطعها قائلا:
" لا أريدك أن تلمسيه , ألا تفهمين ؟".
وجعلت الكبرياء وجهه صلبا , باردا كالصقيع , فتراجعت قليلا ونظرت أليه بحيرة وأضطراب , فيما هو يتأوه ويفرك عينيه بأحدى يديه ويقول لها :
" أذهبي ألى الفراش يا موراغ , أنت متعبة وتتكلمين كلاما تافها , وأنا متعب أيضا , وكل منا يهذي ..... فلنترك هذا الأمر ألى الغد".
فصاحت به موراغ:
" ولكن كاحلك! ماذا نفعل به؟".
فقال لها بعنف:
" أذهبي ونامي على ذلك المقعد وألا ضربتك ....... أنت فتاة عنيدة حقا".
وكان ديفيد يعني ما يقول , ما في ذلك شك , فأطاعت بصمت وأخذت تنزع حذاءها وسترتها السميكة , ثم أستلقت على المقعد وتغطت بحرام من الصوف وتمتمت قائلة:
" طابت ليلتك!".
وأغمضت عينيها الغارقتين في الدموع وهي تستعيد ذكرى ما جرى , ثم أستسلمت ألى نوم عميق.

نيو فراولة 24-09-10 05:49 PM

10- لا يصح غير الصحيح

أستفاقت موراغ على ضوء الصباح الرمادي الذي أخترق النافذة العارية من الستائر , ولكنها بقيت مستلقية على المقعد لتتذكر أين هي , وحين أدارت نظراتها في الغرفة شاهدت ديفيد نائما على المقعد المقابل , وعندئذ عادت ألى ذاكرتها أحداث اليوم الفائت , ثم نهضت بحذر ومشت على رؤوس أصابعها ألى النافذة , فوجدت أن الثلج توقف عن السقوط, وأن الأرض ناعمة رائقة , وأتجهت نحو الموقدة وهي تحدق ألى ديفيد وتتفحصه كما فعلت مرارا حين كانت توقظه في الفندق صباحا للذهاب ألى عمله , وخطر ببالها أن هذه هي المرة الأخيرة التي ستقع عيناها عليه, لأنها صممت , من دون تراجع , أن تسحق عواطفها نحوه , فلبست سترتها وقبعتها, وأمسكت حذاء التزلج والعكازتين وفتحت الباب.
وكان الثلج , لسوء الطالع , تكوّم في الليلة الماضية عند الباب , فكان على موراغ أن تبحث عن رفش لأزالته , وعلى الرغم من أنها حرصت على الهدوء حتى لا توقظ ديفيد , لكن صوت الرفش على بلاط عتبة الباب لم يكن من الممكن تفاديه.
فتثاءب ديفيد وفتح عينيه , ولما رآها صاح بها:
" هاي , ماذا تعملين؟".
منتديات ليلاس
فنظرت أليه نظرة عاجلة وأجابت ببرودة :
" أزيل الثلج عن العتبة ...... وأنا نازلة لأطلب من أيان أن يحضر ألى هنا , مع رفاق له و لمساعدتك على النزول ألى المزرعة".
فأمرها قائلا:
" تمهلي, أريد أن أتحدث أليك".
فتجاهلت موراغ كلامه , وأعادت الرفش ألى مكانه وحملت أدوات التزلج وأتجهت نحو الباب , وخطر ببالها أن الهرب منه , وهو غير قادر على الجري وراءها , تصرف شرس , ولكنها برّرت ذلك لنفسها بأن تلك كانت فرصتها الذهبية ,وعليها أن تغتنمها.
ونظرت أليه وهي في الباب نظرة خالية من الحنان وقالت له :
" لن يطول الوقت حتى يجيء أيان , لا تمشي على كاحلك , وداعا يا ديفيد!".
وهنأت موراغ نفسها وهي تهبط المنحدر, لأنها أستطاعت الهرب من ديفيد بمثل تلك السهولة , لم تكن مسرورة , ولكنها على الأقل لن تراه مرة أخرى فتتحمل مقاومة سيطرته عليها , فما أن يصعد أيان للمجيء به , حتى تكون في طريقها ألى الفندق , وما أن يصل ديفيد ألى الفندق , حتى تكون عند عمتها شينا المقيمة في أحدى الجزر القريبة , ألى أن يعود ديفيد نهائيا ألى لندن .
وكان أيان يراقب السفوح وهو ينتظر عودتها , فلما رآها فرح وأصغى ألى حديثها أصغاء تاما , وكم سرّ موراغ أنه لم يسألها أسئلة كثيرة , وأظهر أستعداده للصعود حالا ألى فوق للمجيء بديفيد وقال لها:
" أدخلي وتناولي طعام الفطور ....... يبدو عليك التعب والأرهاق ..... وأستعدي لتبرير غيابك الليلة الماضية ....... آندي ينتظرك في الداخل , وبعد أن تتحدثي أليه يحسن بك أن تذهبي ألى تلك المرأة الشقراء لتشرحي لها الأمر ".
وحين دخلت المطبخ وجدت نزلاء الكوخ هناك يتناولون طعمهم , فتلقت منهم وابلا من الملاحظات حول غيابها , وكيف أنها تقضي اللليالي مع رجال غرباء , وسرّها أن لا يكون داني وفرانك وآن وصلوا بعد ألى المطبخ , وأن آندي أمتنع عن توجيه أية أسئلة أليها , بل قدم أليها اليها الشاي والجبنة.
وفيما هي تأكل أخبرته ماذا حدث لها ,وسألته أذا كان يمانع في مغادرة المكان معها حالا ألى دارلينغ , وقالت :
" عليّ أن ألحق بالمركب المبحر ألى الجزيرة عند الظهر ".
فقال لها آندي بعداء مكبوت :
" ظننت أنك ذاهبة غدا , لا اليوم , ألى الجزيرة ".
فأجابته موراغ :
" من الأفضل أن أذهب الوم يا آندي , أرجوك!".
منتديات ليلاس
فقال لها آندي :
"كما تريدين.... ولكن لماذا......؟".
فقاطعته قائلة وهي تلتفتت ألى الجالسين حولها:
"لا تتكلم بهذا الموضوع الآن .... في الطريق أخبرك بكل شيء , والآن أنا ذاهبة لأرى الآنسة لنغدون , ثم ألاقيك عند السيارة بعد ربع ساعة".
وأسرعت موراغ ألى المزرعة , حيث قضت فرجينيا ليلتها , فوجدتها جالسة أمام المرآة تزجج حواجبها وتجمّل وجهها.
وما أن رأتها فرجينيا تدخل الغرفة حتى أستدارت وأستقبلتها بنظرة عدائية وقالت لها:
" ما بالك عدت..... فأين ديفيد؟".
فأجابتها موراغ :
" هناك في الملجأ ........ أصيب بكاحله ...... سيذهب أيان للمجيء به ألى هنا, وعليك أذا شئت أن تأخذيه مع السيد بلاند ألى دارلينغ ........ وتأخذي سيارته أيضا".
فصاحت بها فرجينيا:
" يا لها من رواية مقنعة ! لا بد أنكما نسجتما خيوطها بعد ظهر أمس...... صعد ألى أعلى السفح , على أن تلحقي به مدعية أنك تبحثين عنه ..... وكل ذلك بتواطؤ مع أيان , هذا الذي كان عليه , لخبرته وكبر سنه , أن يمنع فتاة صغيرة مثلك من التجوال ليلا على السفوح..... أيشكو من وجع في كاحله ؟ كنت أحسب أنه من الذكاء بحيث يبتدع عذرا أكثر أقناعا من هذا؟".

نيو فراولة 24-09-10 08:51 PM

ففوجئت موراغ بهذا اللام ولم تجد ما ترد به , أما فرجينيا فعادت وجلست أمام المرآة وهي تقول:
" كنت أنتظر أن يحدث ما حدث , ونوهت بذلك لوالدتك , فأخبرتني أين أجدك وكتبت رسالة ألى السيد أيان هاملتون..... في عطلة العيد كان ديفيد غريب الأطوار ومحبا للعزلة بحيث أيقنت أنه يخطط لشيء ما , وهذا سبب من الأسباب التي دفعتني ألى المجيء ألى هنا .... كنت آمل أن أمنع هذا الذي حدث بينكما ..... فأنا معجبة بك , مع أنني كنت أعتقد أنك خير مما برهنت لي , فكثيرا ما ننخدع بالمظاهر , فأنت كسائر الفتيات المراهقات اللواتي لا أخلاق ولا آداب سلوك لديهن !".
قأثار هذا الكلام غيظ موراغ , فردت عليه قائلة:
" أنت غيورة ...... غيورة لأنك لم تكوني المرأة التي قضت الليل معه هناك في الملجأ .... ولا أتيحت لها مثل هذه الفرصة...... كل ما تريدينه هو أن تضيفيه ألى ممتلكاتك التي تفاخرين بها كما تفاخرين بحلاك وجواهرك!".
فبهتت فرجينيا لردة الفعل هذه , ولكنها لم تضطرب كما يجب , بل قالت بشيء من الهدوء:
" أتريدين أقناعي بأنك تحبينه لنفسه , وأنك مستعدة لمنحه كل شيءمن دون مقابل ؟ آه , كم أنت ساذجة! هل أخبرك أنه سيسافر ألى أستراليا للعمل في فرع الشركة هناك , وأنه سيتزوجني قبل أن يسافر؟ أستراليا غير لندن , ولكنها تناسبني لبضع سنوات ...... فلا تنخدعي بألاعيبه وظهوره بمظهر الرجل الذي لا طموح عنده......".
فصاحت بها موراغ:
" لك أن تظني ما تشائين عن الليلة التي قضيتها معه هناك ........ ولكن أريدك أن تعلمي أن علقك الصغير لا يمكن أن يفهمني أو يفهم طريقتي في الحب!".
وفوجئت موراغ عندما رأت الأبتسامة تعلو وجه فرجينيا وهي تقول بخبث:
"ها..... ها..... أذن فلقاؤكما هناك في وسط الثلج لم يكن كما أنتظرتما ! أنا مسرورة لأجلك طبعا , يا عزيزتي , وخير لك أن تحتفظي بذلك الشاب اللطيف الذي لك!".
منتديات ليلاس
وأدركت موراغ أنها لن تتمكن من التغلب على فرجينيا في معركة كلامية , فغادرت الغرفة بسرعة وأغلقت الباب وراءها .
ولم يكن الحديث الذي جرى بينها وبين آندي , وهما في طريقهما بالسيارة ألى الفندق , أقل أزعاجا.
ففي بادىء الأمر لزما الصمت , فأنصرفت موراغ ألى التفكير بكلمات فرجينيا التي جعلتها تشعر بالصغارة والحقارة , مع العلم أنها لم تكن تستحي بما قامت به , وعندما شعرت أن آندي ينظر أليها , لم تتمكن من تشديد عزيمتها للبدء في الكلام.
وبعد حين قال آندي شاكا :
" لا أفهم كيف ذهبت وحدك للبحث عنه , لماذا لم تعلميني بالأمر؟ كنت ذهبت معك".
فلم تجبه , لأنها لم تعرف بماذا تجيب , فتابع كلامه قائلا:
" تصرفك هذا وضعني في موقف حرج أزاء الآخرين في الكوخ , ولكنني سررت لأننا لم نخبرهم بخطبتنا , وألا لكانوا نظروا أليّ نظرتهم ألى معتوه يترك خطيبته نام في كوخ هناك في وسط الثلج مع رجل آخر.....".
وأذن , فكل ما همه من الحادث خوفه من أن يعتبره الناس معتوها , هذا ما فكرت به موراغ وهي تتذكر كيف أن ديفيد لا يبالي برأيي الناس فيه.
فقالت لآندي :
" لم يعد يعنيك هذا الأمر يا آندي , لأنني لن أتزوجك".
فأنحرفت السيارة قليلا عن الطريق عندما سمع آندي هذا الكلام , ثم قال :
" قولي ما تشائين يا موراغ , فأنا..... أصفح عما فعلت!".
فصاحت به موراغ:
" تصفح عني ؟ ماذا تظن أنني فعلت؟ أبلغ بك التفكير الرجعي ألى هذا الحد؟ أنا لم أرتكب أي خطأ........... وأنا حرّة في ما أفعل ...... وكذلك عزمت على أن لا أتزوج ألا فيما بعد......".
فتجهم وجه آندي وقال لها :
" ولكن ماذا أقول لأهلي ؟ فهم يظنون أننا خطيبان!".
فقالت له موراغ:
" قل لهم ما تريد ..... قل لهم أنك لا تحب فتاة حمقاء قضت ليلتها مع رجل آخر ".
فأعتذر لها آندي قائلا:
" لم أقصد أن أغضبك يا موراغ ... ولكنك توافقينني على أن ما فعلته كان في غير موضعه ...... فأنت أكثر من معجبة به , وهذا أمر بعيد عن الصواب".
فحارت موراغ كيف تجيب ,وبعد أن تأملت في الثلوج المتراكمة خارجا قالت:
" قد تكون على حق ..... وفي أية حال ,فلماذا نتزوج باكرا ؟ دعنا ننتظر ألى أن ندخر مزيدا من المال ونكتسب مانحتاج أليه من الخبرة في الحياة.....".
وأستمر آندي في الكلام , ولكن موراغ لم تكن تصغي ,وشعرت , بعد الذي قالته , بأرتياح شديد ,كأنما حمل ثقيل وقع عن كاهلها , فهي حرة الآن , ولم يعد عليها أن تأخذ آندي بعين الأعتبار في كل ما ستفعل.
وما أن وصلا ألى الفندق حتى كانت موراغ ملكت أعصابها وأصبحت قادرة على التصرف برصانة وهدوء عندما دخلت على أمها في المطبخ وقالت لها بعد التحية :
" هل تمانعين أذا ذهبت اليوم , لا غدا , ألى الجزيرة لزيارة خالتي ؟ يمكنني أن أستقل المركب المسافر في الثانية عشرة والنصف ".
فأجابت جين :
" كنت أظن أنك ستبقن الليلة هنا......... هل حدث ما يزعجك؟".
فقالت لها موراغ :
" كلا , قررنا أنا وآندي , أن لا نتزوج!".

نيو فراولة 24-09-10 09:16 PM


ففوجئت جين وقالت :
" وماذا جرى بينك وبين آندي؟".
فأجابتها موراغ :
" لا شيء و غيّرنا رأينا , هذا كل شيء , أمي , هل أخبرت ديفيد أين كنت البارحة؟".
فأعترفت أمها قائلة:
" نعم , فعلت ذلك سهوا , دخل ألى هنا بعد أن ذهبت , فتناول معي فنجانا من القهوة وأخذ يحدثني بلباقته المعهودة , فلم أتمالك من أن أخبره عن مكان وجودك ..... فهل ذهب ألى هناك؟ وهل رأيت الآنسة لنغدون والسيد بلاند أيضا؟".
فقالت لها موراغ:
"نعم , ديفيد وقع على الثلج وأصيب في كاحله .... فيكون عليك أن تعتني به حينما يحضر , وأرجوك أن لا تقولي له هذه المرة أين ذهبت , سأعود من الجزيرة عندما يرحل من هنا... وداعا يجب أن أسرع لئلا يفوتني المركب!".
فأستوقفتها جين قائلة :
" موراغ , ماذا جرى؟ لم تخبريني شيئا , الآنسة لنغدون غضبت حين علمت أن ديفيد ذهب للتزلج فكان عليّ أن أدلّها كيف تصل ألى هناك , وأعطيتها رسالة ألى أيان ....... وبدا لي أنها كانت قلقة عليك".
فصاحت موراغ:
"علي أنا؟ كلا , كانت الغيرة تأكلها ..... وهي لا بد أن تخبرك ماذا جرى ..... وكان علي أنا أن أخبرك , ولكن لا وقت لدي الآن , وداعا يا أماه".
وأسرعت نحو الباب غير مبالية بنداء أمها , وسرّ موراغ أنها أصبحت قادرة أن تستقل برأيها.
منتديات ليلاس
وعلى متن المركب وقفت تتأمل الأمواج وتنظر ألى الجزيرة الصغيرة وهي غارقة في لون رمادي , وحين أقترب المركب من المدينة التي يسكنها عمها وخالتها شينا شعرت موراغ بالمرح , لأن شعار سكان تلك الجزيرة كان : ( الغد دائما يأتي , فلماذا العجلة؟).
وهذا يبعث جوا من الحبور, فينسي ما في الحياة من قلق وأضطراب.
وفي اليومين الأولين قضتهما موراغ في الجزيرة لم يخطر ديفيد ببالها ألا لماما , ذلك أن خالتها كانت من النساء اللواتي يملن ألى الثرثرة وكثرة الكلام , ثم أنها كانت تتشوّق ألى معرفة كل شيء عن زواج أختها جين في المستقبل القريب , وعن بيتر والعمل الذي يقوم به , وعن كثير من اشؤون العائلية وسواها.
ولكن موراغ , بعد اليومين الأولين , أي يوم الثلاثاء , بدأت تحس بالكآبة والشوق ألى ألفندق , وفيما هي جالسة مع خالتها قرب الموقدة تساعدها في طيّ الغسيل وكيّه , أرخت يديها وشردت مستسلمة ألى تفكير عميق , فلاحظت خالتها ذلك , فقالت لها :
" ماذا بك يا موراغ ؟ هل وقعت في الغرام؟".
فلم تغضب موراغ من هذا السؤال , بل شعرت بأن الوقت حان لطرح الموضوع , وأصغت شينا أليها بأهتمام مشوب بعدم الرضى , فقالت :
" يا لك من فتاة حمقاء! يبدو لي أن ديفيد هذا رجل حلو المعشر , فلماذا هربت منه ؟".
فحملقت موراغ في وجه خالتها بدهشة وقالت لها :
" لم أهرب على الأطلاق ! فهو سيتزوج فرجينيا التي هي من نصيبه , وأهتمامه بي عابر لا صدق فيه".
فقالت لها شينا :
" كيف علمت ذلك ؟ أنت مثلنا كلنا , أما كل شيء حلو أو لا شيء!".
وحاولت موراغ أن تفند هذه العباة , حين رن جرس الهاتف , فخرجت شينا ألى الغرفة المجاورة للرد , ثم رجعت لتقول لموراغ:
" أن جين على الهاتف , فهل تريدين أن تتحدثي أليها؟".
فهرعت موراغ وأمسكت سماعة الهاتف لتسمع والدتها تقول لها :
" هذا أنت يا موراغ؟ عساك بخير يا أبنتي , قلت أنك ستتصلين بي....... رون وستيف سافرا اليوم , بعد أن أنهيا عملهما في المحطة ..... وقبل سفرهما أقاما حفلة وداع هنا في الفندق , أتذكرين السيد ريد وزوجاه؟ نزلا في الفندق في الصيف الماضي , والبارحة كانا هنا , فأخبرتهما أننا سنبيع الفندق, فأظهرا أهتماما بالأمر , لديهما مال كثير , فما رأيك؟".
أجابتها موراغ :
" أفعلي ما ترينه ...... كيف حال ديفيد؟".
قالت لها جين:
" بخير ... عاد ألى عمله اليوم مستندا ألى عكاز ..... قال لي أنه سيغادرنا ألى لندن نهائيا يوم الخميس , كما كان مقررا , هذا مع أنني لا أعتقد أنه يجب أن يسوق سيارته بعد ....... ولكنه عنيد كما تعلمين !".
وسألت موراغ :
" وهل الآنسة لنغدون والسيد بلاند لا يزالان هناك؟".
فأجابتها جين:
" كلا , سافرا يوم الأحد بعد الظهر , حالما رجعا مع ديفيد , آه , لو تعلمين يا موراغ ماذا حدث بين ديفيد والآنسة لنغدون ..... جرت مشادة لم تسلمي فيها أنت أيضا من لسانها , أما السيد بلاند فكان عفيف اللسان , فأمتدحك على جرأتك في الصعود لأنقاذ ديفيد.... وكان على الآنسة لغندون أن تكون في لندن يوم الأثنين لأن والدها بحاجة أليها ....... صار برتبة بارون الآن".

نيو فراولة 24-09-10 09:39 PM

فقالت لها موراغ:
" هل سأل ديفيد عني؟".
أجابتها جين:
" كلا , لم يتفوه بكلمة في الموضوع .. وهو كعادته يحتفظ بمرحه , رغم كاحله , أتريدين أن أنقل أليه أية رسالة منك؟".
فأجابتها موراغ:
" كلا , كلا , سأعود ألى البيت يوم الجمعة , شينا والعم هامش والأولاد سيحضرون معي , وهم جميعا يتشوقون لحضور حفلة العرس".
ولم يرق لموراغ أن ديفيد لم يسأل عنها .... وهو سيرحل يوم الخميس من دون أن يترك لها كلمة ,ولكن ,ألم ترد ذلك؟ سيعود ألى لندن ويتزوج فرجينيا , رغم كل شيء , وبعد الزواج يترقى ألى رتبة مدير في الشركة , فيركب أفخم السيارات ويدخن أفخر أواع السيكار ...... وقهقهت موراغ عندما فكرت بهذا كله , وكيف أن هذا كله لا يليق بديفيد.
ولما جاء يوم الخميس , كانت موراغ تنشر الغسيل في الهواء الطلق , حين نادتها خالتها وقالت لها أن تحضر ألى المطبخ في الحال , فهرعت موراغ , وما أن دخلت المطبخ وأغلقت الباب وراءها حتى رأت ديفيد جالسا ألى الطاولة يرشف قدحا من الشاي , ففوجئت ولم تتمكن من الرد , فقالت لها شيئنا:
" هذا هو عريس أحلامك يا موراغ!".
ووقف ديفيد بصعوبة وقال لها مبتسما :
" كيف حالك يا موراغ؟".
فأجابته موراغ :
" أمي أكدت لي أنك مسافر ألى لندن اليوم ".
فقال لها ديفيد :
" أمك قالت لك أنني سأترك الفندق , ولكنها لم تقل ألى أين ؟......... وحين أظهرت لها رغبتي أن أزور أحدى الجزر القريبة , أقترحت علي هذه الجزيرة , وشينا تفضلت فدعتني لقضاء هذه الليلة هنا".
فصاحت موراغ:
"ما هذا يا شينا؟".
فقالت لها شينا:
" من الصعب مقاومته يا موراغ ....... والآن فما عليك ألا أن ترافقيه في جولة حول الجزيرة ,فيما أهيء طعام الغداء".
فسر ديفيد بهذه الفكرة وأقنع موراغ بقبولها , فأصلحت من هندامها أستعدادا للتجول , ثم ودعا شينا وركبا السيارة الحمراء الصغيرة , فقالت له موراغ :
" كيف عرفت أنني هنا؟".
فأجابها ديفيد:
" سألت جين عنك فأخبرتني أنك هنا ".
فقالت له موراغ :
" ولكنني أوصيتها أن لا تخبرك ".
منتديات ليلاس
فأجاب :
" هكذا قالت لي و ولكنني عندما أخبرتها لماذا أريد أن أراك قررت أن لا تعمل بوصيتك!".
فسألته موراغ:
" لماذا أتيت ألى هنا؟".
فصاح بها معاتبا:
" ما لك تكثرين من الأسئلة ؟ جئت لأرى الجزيرة , وخالتك أمرأة مضيافة وذكية , فتفاهمنا في الحال , والآن , هل لك أن تلعبي دور الدليل فتشرحي لي مناظر هذه الجزيرة؟".
وكانت السيارة تنطلق على مهل في شارع ضيق , حتى أذا وصلت ألى آخره , توقفت فنزل ديفيد وموراغ وسارا مشيا على الأقدام ألى حيث وجدا صخرة مسطّحة في وسط منبسط معشوشب , فجلسا عليها .وقال ديفيد:
" هذا مكان رائع , فهو هادىء حتى في عز الشتاء".
ثم ألتفت أليها وأمسك بيدها , فمانعت وقالت له:
" لا تلمسني , لا أفهم كيف تجرأت أن تأتي ألى هنا , فأنت لا تطيق أن يرد لك طلب ..... قلت لك في الكوخ أنني لا أقول نعم لأي رجل أصادفه..... والآن , أرجوك أن تبتعد عني ".
ورأى ديفيد أن المسألة بلغت حدا فاصلا لا مجال فيه للأخذ والرد , فأمسكها بكلتا يديه , وقد أخذ منه الغضب كل مأخذ , وجعلها على ركبتيه وراح يضربها بعزم على مؤخرتها , وشعرت موراغ بالمهانة وهي تصرخ وتستجير , ألا أن ديفيد لم يكن يبالي , وفجأة طرحها على الأرض وهي تشهق بالبكاء وتتلوى عند قدميه.
وقال لها:
" كان يجب أن أفعل هذا تلك الليلة في الكوخ..... فأذا لم تكوني ذلك النوع من الفتيات ,فماذا يجعلك تعتقدين أنني ذلك النوع من الرجال ؟".
فأجابت وهي تبكي :
" فرجينيا قالت لي:
" لعنة الله على فرجينيا ....... ألم تدركي أنها كانت تلعب لعبتها ؟ فمن صالحها أن تخبرك ذلك عني ,وأنت صدقتها ..... صحيح عرفت فتيات كثيرات , فأنا في الثلاثين من العمر ولا أدعي القداسة".
وبقيت موراغ تشهق بالبكاء , ولكنها شعرت بالأرتياح والسرور .

نيو فراولة 24-09-10 10:31 PM

ثم همت بالوقوف على قدميها , فنهض ديفيد وأعانها برفق وحنان قائى:
" هل آذيتك ؟ لو تعرفين كم أثرت غضبي ...... كنت طويل البال معك , لأنني أدركت أنك حائرة وسريعة العطب , فكنت , كلما أقتربت منك , تصدينني وتعيّرينني , ألا في تلك العطلة التي قضيناها في هوايت كراكز ..... وأظن أنك كنت تعتقدين أني نويت أغتصابك".
فتضاحكا , وقالت موراغ:
" كلا , لم يكن هذا هو السبب , كنت أخاف أن توقعني في غرامك ثم تركني وتذهب , وهذا أمر لا أطيقه, فأذا كنت تريدني , فيجب أن يكون ذلك ألى الأبد........".
فأجلسها ديفيد ألى جانبه على الصخرة وبدأ يحدثها قائلا:
" دعيني الآن أصارحك وأخبرك بكل شيء ...... ألتقيت فرجينا منذ خمس سنوات في حفلة راقصة أقامتها الشركة و كانت رائعة وأسرتني بأهتمامها وعنايتها بي , ومهما يكن فهي أبنة رئيس الشركة , وكنت أنا مهندسا عاديا في ذلك الوقت , ولكن بعد أن أدركت أنها تنوي تسيير شؤون حياتي , قررت أن أضع حدا لعلاقتي بها , ولحسن الحظ كان علي أن أذهب في مهمات ألى بعض المحطات في الخارج , وهذا ساعدني كثيرا , على التخلص منها , رغم ملاحقتها لي بشتى الوسائل.
ولكن ذلك لم يكن كافا , على ما يبدو , فحاولت أذلالها وطعن كبريائها في الصميم , فلم ينفع ذلك أيضا , وحين رجعت ألى لندن في السنة الماضية , وجدت أنها أستخدمت نفوذها في الشركة لتعييني في المركز الرئيسي, وكانت تنشر خبر عزمنا على الزواج لتضعني أمام الأمر الواقع , مما أثار غضبي الشديد....".
وكانت موراغ تلاحظ كل حركة يقوم بها ديفيد وتصغي ألى كل كلمة أصغاء تاما.
منتديات ليلاس
وتابع ديفيد كلامه قائلا:
" وفي الأيام الأخيرة لحقتني ألى هنا , ثم عمدت ألى أقناع الشركة بتقديم وظيفة عالية جدا , مقرّها في سيدني , عاصمة أستراليا , حيث لا مانع عندها أن تقيم لمدة من الزمن ........ وجاءت ألى هنا في أول السنة لتخبرني بالأمر ...... وأنت , من حيث لا تدرين , ساعدتها على تنفيذ تلك المؤامرة , فأعلمتها أنني أرفض الوظيفة المقترحة وأكدت عليها أن تكف عن ملاحقتي.......".
فقالت له موراغ:
" والآن ماذا تظن أنها ستفعل؟".
فأجابها ديفيد :
" ستتزوج طوني بلاند , أذا كانت عاقلة وأنا نصحتها بذلك".
فسألته موراغ:
" هل كنت تحبها في فترة من الزمن؟".
فأجاب ديفيد :
" كلا , أنا أحب فتاة صغيرة تنظر ألي بعينين واسعتين بريئتين ".
فأنشرح صدر موراغ لهذا الكلام وقالت له:
" هل أنت صادق في حبك لي يا ديفيد؟".
فأجابها ديفيد:
" أما كفاك ما فعلته حتى الآن برهانا على صدقي؟ والآن , قولي لي , هل تتزوجينني؟".
فأجابته موراغ:
"هل تعني ما تقول ؟ أخبرتني مرة أنك لا تريد أن ترتبط بأحد؟".
فصاح بها ديفيد :
" ما بالك تشككين بي في كل ما أقول........ أما أقتنعت بعد أنني أحبك وأريدك لي وحدي .... ألى الأبد؟".
فوقفت موراغ أمامه وأخذت تلطم صدره العريض بكلتا يديها , وهي تردد :
" أحبك يا ديفيد! ".
فأمسكها وضمها أليه وقال لها بجد:
" هل تقطعين معي المحيط الأطلسي يا موراغ .... لأن مقر وظيفتي الجديدة سيكون في كندا , يجب أن أسافر في غضون شهر , وهذا وقت كاف لنتزوج ...... فماذا تقولين؟".
فطوّقته موراغ بذراعيها وهي تقول:
" قل تعالي فأتعبك.........".




تمت

Rehana 27-09-10 06:58 PM

تسلمى اناملك امل الى بتتعب في كتابة الروايات
ماننحرم من عطاءك المميز:flowers2:

http://i665.photobucket.com/albums/v...sunflowers.jpg

يافرحه ماتمت.. 28-09-10 07:28 AM

يسلموووووووووووووووووووو

احلى ايام 26-10-10 02:21 AM

قل تعالى فأتبعك
هذا هو الحب
شكرا

رومنسية زمانها 26-10-10 11:34 AM

يسلمو يسلمو يسلمو رواية روووعة وممتعة الف شكر :55:

قماري طيبة 02-01-11 02:49 PM

thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

ساكنه 07-01-11 10:25 PM

مشكووووووووووووووووورة ياقمر نهاية مرة حلوة ودمتي لي سكنة:flowers2::flowers2:

سومه كاتمة الاسرار 08-01-11 03:36 AM

روايه رائعه والاروع انت ياقمر تقبلى مرورى ولكى منى اجمل تحيه
:flowers2::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2:
:liilase:

الجبل الاخضر 08-01-11 08:28 AM

:55:برافو:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :flowers2:تسلمين :Welcome Pills4:وشكر لك الختيار الرائع :7_5_129:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

ندى ندى 04-10-11 01:40 AM

روووووووووووووووووووووعه

فجر الكون 04-10-11 07:35 PM

شكراً على جهودكم.... :55:

أسيرة الود 05-02-14 12:04 AM

رد: 68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - روايات عبير القديمة(كاملة)
 
يعطيك ألف عااافية

niso 09-03-15 06:14 PM

رد: 68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رائعة مشكورين


الساعة الآن 09:59 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية