منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   97 - اللمسات الحالمة - مارغريت روم - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t148278.html)

نيو فراولة 09-09-10 02:13 PM

97 - اللمسات الحالمة - مارغريت روم - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
97 - اللمسات الحالمة - مارغريت روم - روايات عبير القديمة

الملخص


هل صحيح أن هناك حبا من النظرة الأولى؟ تامي وقع قلبها صريع الهوى حين لمحت آدم الذي لم يعرها ألتفاتة , كانت جميلة وفاتنة وغنية لكنه أهملها ,ولم يقل لها كلمة , وحين دبّر والدها قضية زواجها من آدم , كانت متفائلة بأن الأيام ستجعله يخر عند قدميها طالبا عطفها وحبها , ولكن مارد الجبل ظل نائما ولم يلتفت ألى عروسه المحترقة بنار اللوعة , قال لها: بعد سنة تحصلين على الطلاق وتعودين ألى حريتك , قالت له: أحبك وسيتحطم قلبي أذا تخليت عني.منتديات ليلاس

ومرت الأيام وأقتربت السنة من نهايتها , فعلت تامي كل ما في وسعها لجذب أهتمام آدم وأرضائه وشده أليها , قال لها : النسر لا يكون سعيدا ألا متى حلّق وحيدا في الفضاء الواسع , وتذكرت هي الحكمة القائلة: خلق الله الرجل وحيدا , ثم خلق له المرأة لتزيد من وحدته , زراعة طريق الحب بالورود تتطلب شهورا , وتامي لم يعد أمامها من سنة زواجها سوى يوم واحد , فهل يكفيها لتصل ألى قلب آدم؟

زهورحسين 09-09-10 02:35 PM

يعطيك الف الف عافية:flowers2:00
هواية احب هذي الرواية000:flowers2:
وشكرآ الك لأن لبتي طلبي0000:flowers2:
وكل عام وانت بالف خير ياعسل000:flowers2:

dalia cool 09-09-10 02:48 PM

يعطيكي العافية الرواية باين عليها رووووعة

نيو فراولة 09-09-10 02:51 PM

1- رائحة الأغنام

أجتاز المدخل بخطى واسعة كأنه نفحة ريح جبلية نقية , تشق طريقا وسط القاعة العابقة بمزيج من رائحة الدخان والعطور .
وفورا تناست تامي الأصوات الدائرة حولها , رنين أقداح المرطبات , وضحكة الرضى الخافتة الصادة عن والدها وهو يقص طرف سيكار فاخر , وتسمرت عيناها على الغريب الأسمر تراقبانه وهو يسير قدما في القاعة , ثاقب النظرات , يدور برأسه الشامخ بأهتمام فائق بين جموع المدعوين.
تلاشت الأصوات أذ أخذ الأفراد يشعرون تدريجل بوجود الشخص الغريب المديد القامة ,وراحوا يرمقونه بأمتعاض لأنه بغطرسته كمن يقول :
" من كان الرجل الأفضل هنا قبل دخولي؟".
لم تكن تامي بحاجة للألتفات حولها , عدد ضئيل من الحاضرين كانوا يفوقونه طولا ببضعة سنتيمترات , وكان منهم من تضاهي مناكبهم منكبيه عرضا أو من يفوقه وسامة , ألا أنه لم يكن بينهم واحد تحيط به هالة الرجولة الصارخة المحيطة بهذا الغريب . وقالت في نفسها أن هذا الرجل هو أبن هذه الأرض الطيبة , ومع أن أنسدال سترته الأنيقة بلياقة على كتفيه وسلوكه المترفع دلا على عدم كونه غريبا عن المجتمع , فقد كان في تصرفه ما ينبىء عن عدم أتساع وقته لمثل هذه المناسبات الأجتماعية , وأنه ربما يأنف الأتاحة لها أيجاد سبيل ألى وقته الثمين.
منتديات ليلاس
وهتفت أحدى الصديقات هامسة:
" يعجبني , يعجبني يا تامي , عرفيني عليه , أرجوك".
" لن يتم لك ذلك , هذا الرجل لن يكون ألا لي".
ترددت هذه العبارات في مخيلتها .
أرتسمت على شفتيها أبتسامة غامضة , وتظاهرت بعدم سماع ما قالته الصديقة وأجابت:
" أستأذنك في الذهاب للأهتمام بهذا الضيف الذي وصل متأخرا ".
وكان همّها أن تقوم ,ولو لمرة واحدة , بواجبها كمضيفة بأسلوب يحوز أعجاب والدها وتقديره , فأنطلقت نحو الضيف الواقف وسط القاعة لا يبدو عليه الأنزعاج من عزلته .
أنطلقت نحوه مدركة أن ثوبها الصوفي الفضفاض ينسجم وقوامها المتناسق الممشوق ,وبصوتها المبحوح الذي قال العديد من المعجبين أنه خلاب , سألت:
" هل أحمل أليك كوبا من المرطبات يا سيد...... آسفة لا أعرف أسمك , أدعى تامي ماكسويل وأنت , أحد أصدقاء والدي على ما أظن؟".
عندما أستدار نحوها بدا عليها شيء من الزهو بأنتظار سماع الأعجاب السريع الذي كان عادة يتبع تقديم نفسها ألى رجل لائق , وما أن أستقرت عيناه عليها حتى شعرت بالأرض تميد تحت قدميها وأكتنفتها عاصفة من الأحاسيس , وشعرت وكأن رأسها في دوامة جارفة.
حاولت أن تمالك نفسها , وتخيلت كيف ستضحك صديقاتها أذا حاولت أن تصف لهن هذه التجربة المثيرة.
ومضة من االبصيرة حملت أليها الحل لمشكلة شغلتها شهورا عديدة , لم تستطع تفسير تلكؤها في مجاراة رفيقاتها اللواتي يعتبرن الأنحلال الخلقي عنصرا ضروريا في الحياة العصرية ,ولكنها لم تتمكن بعد من أقران القول بالفعل , كشابة متحررة , جاهرت بأصرار , بأيمانها بحق المرأة بالحرية في كل شيء.
جار رده كدفقة من الماء البارد , كان يمكن لحيوان قذر أن يسترعي أهتمامه أكثر مما أسترعته الفتاة ذات الشعر المعقوص بشكل قبعة ناعمة , تتهدل على جبهة عريضة ,وذات العينين العسليتين الساحرتين , والأنف الشامخ و والتي هي محط أنظار معظم الرجال , هذا الرجل ليس واحدا منهم.
قال بأقتضاب:
" تشرفنا , آنسة ماكسويل , أدعى آدم فوكس , أذا كان والدك هو جوك ماكسويل فيكون هو من خاطبت هاتفيا في مطلع هذا المساء , ودعاني للحضور في الثامنة والنصف".
منتديات ليلاس
أزاح طرف كم قميصه لينظر ألى ساعته :
" تكرّمي بأرشادي أليه , وقتي ضيق".
" لماذا لا تبقى وتشاطرنا العشاء؟".
وأرتسمت على شفتيها أبتسامة ماكرة ثم تابعت :
" أنصحك بذلك أن شئت محادثة والدي في أمور تتعلق بالعمل , لأنه يكون أكثر لينا بعد وجبة فاخرة , ولا تدع هذا الحشد يمنعك من قبول دعوتي".
قالتها بطريقة أقرب ألى التوسل , وأضافت:
" جاؤوا لتناول المرطبات فقط , وبعد قليل يرحلون , ولن يكون ألى المائدة سواي ووالدي , فأذا قررت مشاركتنا العشاء يمكننا تمضية السهرة في التعارف بعد أن تنجز عملك".
ومرة أخرى أرتفعت اليد وأنحسر الكم ونظر ألى ساعته :
" يجب أن أستقل القطار بعد أقل من ساعة".
" ويحه".
قالت بينها وبين نفسها وهي تسير به ألى حيث كان جوك ماكسويل يسرد مصاعب الحياة التجارية على جماعة من أترابه , وأشرقت أسارير سامعيه عندما أقتربت تامي وفي أعقابها شاب مقطب الجبين.
" حفلة ممتعة يا عزيزتي , تبدين رائعة الجمال هذا المساء ".
صدرت هذه العبارات عن رجل كهل.

أحاااسيس مجنووونة 09-09-10 08:37 PM

يعطيك الف عافية باين انها كتييير حلووووووووووووووووة بالانتظار لا تتأخري علينا

نيو فراولة 09-09-10 09:55 PM

ضاقت عينا جوك ماكسويل , وكان من البلاهة بحيث لم يدرك أن اللون الذي يكسو وجنتيي أبنته مبعثه الأنفعال , وقد لمحت عيناه الخبيرتا دموع الغيظ التي تترقرق في عينيها , رمق الشاب الذي يرافقها بنظرة تفيض فضولا , ما من رجل في حياة أبنته الصاخبة أستطاع أن يخترق قوقعتها العصرية ألى حد أبكائها , أنفرجت أساريره أعجابا عندما قدمته تامي أليه.
منتديات ليلاس
" أبي , هذا السيد يقول أنه على موعد معك".
" لا شك أنك آدم فوكس ".
قالها جوك باسما:
" يؤسفني أضطراري الطلب أليك بحث أمور العمل خارج ساعات الدوام , ولكنك قلت أن وقتك ضيق فلم أجد مناصا من ذلك , تفضل ألى مكتبي فنتبادل الحديث دونما أزعاج".
وافق آدم فوكس على الدعوة بأيماءة من رأسه وغادر القاعة في أعقاب جوك مخلفا تامي وراءه يساورها شعور بكونها مهجورة في واحة تغص بأناس أشبه بالدمى , ولمدة عشر دقائق راحت تتجول بين الحضور , وعيناها القلقتان عالقتان بباب مكتب والدها ,وكم كان أرتياحها عظيما عندما قام أول المدعوين مودعا , وما هي ألا برهة حتى خلت القاعة ألا من نفر ضئيل منهم , ونظرت ألى الفوضى التي تعم القاعة وأطلقت زفرة , كانت الحفلة ناجحة فلماذا ينتابها هذا الشعور بالقلق وعدم الرضى؟
كان ستيف هاريس آخر المغادرين فمدت أليه يدها مودعة ألا أن نظراتها التائهة أسترعت أنتباهه.
" حفلة رائعة يا عزيزتي , ضمت العديد من الناس المثيرين للأهتمام ".
قال ذلك وربّت على جيب سترته ثم أضاف:
" توفرت لديّ مواد تكفي زاويتي في الصحيفة لعدة أيام".
وبلهجة عادية سأل:
" من هو ذاك الشاب المتعجرف ؟ هل هو طريدتك الجديدة؟ لا تكتمي الأمر عني , ثمة تفاهم بيننا , هل تذكرين؟".
هذه العبارات أثارت حذر تامي , يحاول ستيف أصطياد المواد للزاوية التي يحررها في أحدى الصحف اليومية , كل صباح تلتهم مثيلاتها التعليقات التي يحررها عن المجتمع اللندني , وكانت في الماضي نسرّ أليه بمعلومات تجعله يجري كالملهوف لأستقصاء أحدث الفضائح , أما الآن فأنها تعتبر تدخله عدائيا.
وقالت ببرودة:
" أنه أحد معارف والدي في العمل , فلا تتماد معي لئلا تفقد موردا رئيسيا لمعلوماتك".
" لا تلوميني على محاولتي , خاصة أنك الوحيدة التي لم تكن مرة موضوعا لأحدى مقالاتي , لأنك لم تقترفي أية هفوة بعد".
نظر أليها مليا وقال:
" يدهشني ذلك , فأنت غارقة في الجو المتحرر , في فرنسا فيللا فخمة تحت تصرفك , وهنا في لندن تملكين هذا المنزل ويختا دائم الأستعداد للأبحار , ولديك وقت فراغ غير محدود , والمال الوفير لتحقيق جميع رغباتك , ومغريات الوقوع في الخطأ كثيرة أحيانا , أما أن تكوني مثالا للفضيلة أو أنك شديدة التكتم !".
دفعت به عبر الباب للتخلص منه خشية أن ينفتح باب مكتب والدها ويضيع منها أفضل رجل لاح في أفق حياتها.
"| حديثك يضاهي كتاباتك سخافة يا ستيف , ألى اللقاء".
لم يكن ما يدعوها للخوف , أذ أنقضى ما يناهز الساعة قامت خلالها بتنظيف القاعة وترتيبها وفتحت النوافذ لتنقية جوها من الدخان , ثم جلست على مقعد وثير متظاهرة بتصفح أحدى المجلات , بينما كانت بالواقع تبذل جهدا فائقا لكي تبدو رصينة , كاد صبرها ينفد عندما فتح الباب وعاد آدم فوكس ووالدها ألى القاعة:
" تامي , هلا أعددت غرفة الضيوف ؟ لم يكن آدم ينوي المبيت هنا , ولكن حديثنا طال وفاته القطار فأصريت على مبيته لدينا".
نظرت تامي ألى والدها وقد تجدّد حبها لهذا الرجل المكتنز الذي يمكن الأعتماد عليه دائما كحليف.
وقالت متلعثمة:
" بكل سرور , سأهتم بذلك حالا".
بدت الحيرة على آدم فوكس , وبان الذهول في عينيه , غير أن صوته كان جارفا :
" أكدت لوالدك أنه لا داعي لأزعاجك , بأمكاني المبيت في عينيه , غير أن صوته كان جارفا :
" أكدت لوالدك أنه لا داعي لأزعاجك , بأمكاني المبيت في أحد الفنادق".
قال جوك برقة:
" هراء يا بني , أنا من الشمال وأقدر لك تردّدك في القبول بمنّه من أحد , وأرضاء لكرامتك سأطلب منك خدمة بالمقابل".
سارع آدم ألى القول:
" أرجوك أن تفعل".
رسخ لدى جوك أعتقاده بأنه يتعامل مع رجل حاد الطباع فقال آدم :
" كنت بالغ الكرم وخاصة في ما يتعلق بالعمل , وأذا كان من سبيل لأظهار أمتناني.....".
قال والأبتسامة تداعب شفتيه :
" هنالك يا بني , بعد قليل سأضطر للخروج وهذا يعني بقاء هذه الصغيرة وحيدة معظم فترة الليل , هل تتكرم بالبقاء برفقتها , وفي هذه الأثناء تريك المناظر الخلابة هنا؟".
لاح الأستياء على محيا آدم فوكس , وما لبث أن زال بعد أن بذل جهدا كبيرا وقال بأقتضاب:
" بكل سرور".
أثار أستخفافه غيظ تامي وكادت تنفجر غضبا , ألا أنها كبتت غيظها وأجتازت محنة تجاهل آدم فوكس لها وقد كان طوال فترة العشاء يوجه حديثه ألى والدها مباشرة , أمارات الغم الممزوج بالغيظ البادية على محياها أطربت جوك وبكل خبث راح يطيل تعذيبها بتشجيع آدم على الأسترسال في الحديث عن العمل , مما أضطرها للمشاركة في الحديث بعد عدة محاولات لتغيير الموضوع.

نيو فراولة 10-09-10 11:43 PM

" هل تتعاطى الأعمال التي يتعاطاها والدي يا سيد فوكس؟".
نظرته أليها حملت الكثير من الدهشة , وكأنه كان يتوقع منها الألتزام بقيامها بواجبها كمضيفة فحسب , أجابها:
" ليس بالمعنى الصحيح , والدك يملك مصنعا لغزل الصوف وحياكته , وأنا أمثل مجموعة من مربىالأغنام على الحدود ,ويهمني أن أبيع الصوف , نربي الأغنام وجز صوفها لنوفر المواد الأولية للأقمشة التي يحوكها ويبيعها والدك".
" هذا ممتع".
كانت نبرة صوتها كاذبة .......فتابعت:
" عندما رأيتك أدركت أنك من محبي العمل في العراء".
أجاب موافقا:
"أنني فعلا أمضي أطول وقت ممكن في جبال كمبريان ".
منتديات ليلاس
قالت مستفسرة:
" جبال كمبريان".
أجابها وكأنه يتساءل أن كانت هناك جبال سواها:
" على الحدود الأنكلوسكوتلاندية".
أنفرجت أسارير تامي , وأخيرا وجدت قاسما مشتركا بينهما ؟
" هل سمعت ذلك يا أبي؟ ربما كان أسلافنا جيرانا!".
ووجهت حديثها ألى آدم بحماس:
" تنحدر عائلة والدي من أنانديل على حدود سكوتلاندا الجنوبية".
حتى لاحظ ردة فعل آدم لدى سماع هذا النبأ , وتساءل عن سبب ضغطه على شفتيه والحركات العصبية التي يقوم بها بقبضته , وللحظة خبا بريق عينيه كما يحدث عندما تمر غمامة عبر الشمس . وعندما أنقشعت الغمامة كانت نظرة آدم أكثر أشراقا وراحت تجوب ملامح جوك وكأنها تسبر غورها.
قال بعبوس :
" ربما كنا فعلا جيرانا , أجد شبها كبيرا بينك وبين صورة معلقة في منزل أحد جيراني وهي تمثل رجلا يدعى جوك الأسود من أنانديل".
مال جوك ألى الأمام بأهتمام قائلا:
" كم أود أن أراها , أنتقلت عائلتي ألى هنا منذ جيلين عندما أفتتحنا أول مصنع للنسيج , ولكن أنهماكنا في تنمية أعمالنا شغلنا عن زيارة أقربائنا السكوتنديين , كنت أجهل أن لي أمثال هؤلاء الأقرباء , أظنهم كانوا مرموقين ".
ثمة شيء في نظرة آدم الحادة أفقدت ضحكته رونقها , فقال:
" كانوا معروفين جدا في أيامهم , ولا يزال أهالي الحدود يذكرون مآثرهم حتى يومنا هذا ".
منتديات ليلاس
أرتعد كيان تامي ,كان صوته مرتعشا ويبدو أن ما سمعه سبب له صدمة , والعبارة التي أستعملها لوصف أسلافها كانت بعيدة عن الأطراء , كان بأمكانه وصفهم بالبارزين أو بالمشهورين , ولكنه أختار عبارة معروفين جدا , معروفين جدا بماذا؟ العديد من اللصوص والأوغاد كانوا معروفين جدا , وهذه الصفة يمكن أن تنطبق على القتلة أيضا.
أستبعدت تامي فكرة كونه نادما على تعامله مع والدها و كان جوك ماكسويل شهما عندما يخطىء أحد الذين يعجبونه , ويبدو أن هذا الغريب المديد القامة قد حظي بأعجابه , وهذا يفسر الرضى الذي لاحظته تامي عليه لدى دخوله القاعة , وأذا كان الغريب يمثل مجموعة كما يقول , فهو لا يملك الحرية بأتباع ميوله الشخصية , ولا يمكنه الأنسحاب من الصفقة المعقودة حتى لو كان يتمنى ذلك , بل يحتم عليه الشرف وضع مصلحة مربي الأغنام فوق مشاعره الشخصية.

نيو فراولة 11-09-10 12:10 AM

2- جروة منبوذة!

خيّم جو من التوتر طوال فترة العشاء , حتى جوك قليل الملاحظة شعر بأن ضيفهما غارق في أفكاره , وتولاه ضيق شديد لأن آدم المنكمش على نفسه لم يظهر أي ميل لتلطيف الجو.
بعد العشاء تولاه مزيج من الشعور بالأطمئنان والفضول فأسرع ليترك الساحة لتامي , أسلوب الرجل الشمالي القليل الكلام كان بعيدا عن الأستهتار , ومع ذلك كان جوك في أعماقه شديد الثقة , وضع كنزا ثمينا من المزايا الحميدة لمن يرغب في التنقيب عنه , ولكن هل كانت أبنته المدللة المتقلبة الأهواء تملك القوة الكافية والعزمالحقيقي اللازمين لأختراق قوقعت الرجل الصلبة؟ من الواضح أنها وقعت في حبائله , وهذا السبب أدهش الشاب بأستعداده لشراء كل ما لديه للبيع , وتعمد أطالة الحديث ألى ما بعد موعد القطار , تعودت تامي منذ ولادتها أن تحصل على كل ما يمكن شراؤه بالمال , وبما أن آدم فوكس لم يكن برسم البيع فقد سلك هذا السبيل ليمهد ألى المزيد من اللقاءات بينهما في المستقبل متيحا لها الأنفراد لبضع ساعات بالرجل الذي أستهواها أكثر من أي رجل آخر.
منتديات ليلاس
قال وهو يتجه نحو الباب:
" أتمنى لكما وقتا ممتعا , سأعود في حوالي الساعة الواحدة".
سيطرت على تامي أحاسيس شتى , فتهاوت على أريكة وثيرة وفرشت ثوبها حولها وخيل أليها أنها تكاد يغمى عليها , ولكنها تمالكت نفسها وربتت على المكان المجاور لها وبأبتسامة رقيقة دعته للجلوس قائلة:
" أجلس هنا , وأخبرني بكل شيء عن نفسك يا سيد فوكس ,كلا , ألا تعتقد أن أسم آدم افضل ؟ والأفضل أن تناديني بأسم تامي".
لوّحت وجنتيها حمرة الخجل عندما تجاهل دعوتها وأختار الجلوس قبالتها , تفصل بينهما سجادة كبيرة.
وبصوت رخيم قالت:
" ما الذي تنوي عمله , مشاهدة مسرحية أو أرتياد أحد المقاهي أو التجول في المدينة والأستمتاع بمباهجها ؟".
فأجاب:
" بالنسبة ألي , لندن تفتقر ألى المباهج , وأجد أحراجا في مشاهدة المسرحيات المعلن عنها , وأعتبر المقاهي مثيرة للسأم , أما المباهج الحقيقية فأجدها في أوساط تختلف كليا عن تلك التي ذكرت".
قاومت تامي سخطها وأزداد أنفها شموخا , ولو كان المتكلم رجلا سواه لأجابته بأنه فظ لئيم , وكانت هاتان العبارتان تراودان لسانها وعل أهبة الأأنطلاق , ألا أن وسامته لجمتها مرة أخرى , ووجدت نفسها غارقة في العينين الزرقاوين الخلابتين .
" لا شك أن هناك ما ترغب في مله , ألا أذا كنت تفضّل تمضية الأمسية هنا".
تفوهت بهذه العبارات بوداعة فائقة .
سرعة نهوضه أعربت عن نبذه لتلك الفكرة .
" أرغب في تنشق الهواء الطلق , هل من منتزه قريب هنا ؟ وألا فبأمكاننا المشي على ضفة النهر".
" المشي؟".
رددتها بصوت خافت , لم يسبق لحذائها الثمين أن لامس الطريق , ومع ذلك عندما أومأ أيجابا هبت على قدميها وأندفعت نحو غرفتها.
" يجب أن أرتدي ثيابا أكثر دفئا , أمهلني خمس دقائق".
راعها هذا الأأرتجاف في يديها , وهي تخلع عنها ثوب السهرة الأنيق , وراحت تبحث في خزانتها عن ملابس مناسبة لتجول في الشوارع في هذه الأمسية الباردة.
كانت خزانتها تغطي جدارا كاملا من غرفتها , وتغص بعشرات الأثواب الأنيقة , وجميعها صممت للأرتداء في الأوساط الراقية حيث تمضي تامي معظم أوقاتها.
ولكنها أشاحت عنها جميعا , ثم تذكرت رحلة التزلج التي قامت بها في العام المنصرم والملابس الكثيرة التي أبتاعتها لتلك الرحلة , فأندفعت ألى الطرف الأقصى للخزانة وفتحت بابها , بذلات وسترات وقمصان صوفية سميكة , كانت الخادمة قد كدستها تحت الأغطية القطنية ,فتناولت أول بدلة وصلت أليها يدها وأرتدتها .توقفت أمام المرآة لحظة قبل أن تهرول خارجة:
" لا بأس ".
منتديات ليلاس
قالت ذلك مثنية على صورتها في المرآة وقد سرها أن البدلة أبرزت جمال قوامها وأن قماشها الصوفي الزاهي يتناسب وشعرها الكستنائي الناعم.
" هذه البدلة ستلفت أنتباهه أليّ حتما".
قالت ذلك بحماس وأستدارت على عقبيها يحدوها سوق لمعرفة تأثير جهودها عليه.
كان آدم فوكس يتنظر بفارغ الصبر , وقد أمتدت يده ألى الباب عندما أجتازت السجادة راكضة نحوه.
" خمس دقائق , كما وعدت".
وأرتسمت على شفتيها الأبتسامة الخلابة التي تحتفظ بها لوالدها , ولمّا كانت تنتعل حذاء منخفض الكعب أمالت برأسها ألى الوراء لتنظر ألى وجهه الذي لوحته الشمس وأنتظرت بترقب , مشدودة الأعصاب , وعندما أجابها بدون أهمام:
" هيا بنا".
شعرت وكأنها جروة قذرة منبوذة.

أحاااسيس مجنووونة 11-09-10 05:01 AM

يعطيك الف عافية.....بليييز لا تتاخري علينا.......



:dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8:

نيو فراولة 11-09-10 10:44 PM

بعد ساعتين من الهرولة في الطرقات , في محاولة لمجاراة خطاه الواسعة , أدركت تامي أن الغاية من ذلك هي أرهاقها جسديا , وكان آدم فوكس بين الحين والآخر يلقي على محياها نظرة عابرة فيرى أمارات الألم بادية عليه ويرتسم طيف أبتسامة شامتة.
في البداي , نبذت فكرة كونها ليست أهلا له , ولكن كلما كان غمّها يزداد حدّة أزدادت أمارات الرضى وضوحا على محياه مما جعلها تتميز غيظا.
وجارته الخطى بكل عناد فيما تزاحمت الأفكار في رأسها , لم تتعرض في حياتها ألى هذه المعاملة الخشنة وخاصة من الجنس الآخر , من البديهي أنه كان يحتقرها ويحتقر الطبقة التي تنتمي أليها , وهذه هي طريقته الوضيعة في الأعراب عن أزدرائه , تمنعه عجرفته من مشاهدة مسرحية , ويترفع عن أرتياد المقاهي , ودقيق جدا في أختيار مرافقيه , كان آدم فوكس المتعجرف , المعادي للمجتمع بحاجة ألى من يستفزه ليقلع عن هذه الصفات البغيضة , وكانت هي الكفيلة بذلك.
منتديات ليلاس
وحصل الأستفزاز بسهولة وبدون توقع:
توقف فجأة ليواجهها بقوله:
" في الواقع يا أبنة المجتمع المخملي , لأول مرة في حياتك تبذلين جهدا جسديا , والواضح أنك لا تجدين متعة في ذلك , هل أستدعي سيارة أجرة تعيدك ألى الشقة ؟ بذلك تساهمين ولو قليلا بعمل أجتماعي وهو مساعدة سائق السيارة على كسب عيشه".
هذا السيل من العبارات الجارحة جعلها تحبس أنفاسها ,ولما حاولت الكلام كان عقلها يعمل بالسرعة والدقة اللتين أمتاز بهما والدها الذي شهد له الكثيرون بكونه يملك أذكى عقل تجاري في بريطانيا بأسرها.
كانا يجتازان أحد الجسور عندما توقف فجأة وأخفاء لأمتعاضها أتكأت على السياج وراحت تنظر ألى تدفق المياه الداكنة .
" يؤسفني أحتقارك لي , هل من عادتك الأستنتاج بسرعة ؟".
" أكون أعمى وأصم أذا لم أعرف أي نوع من الناس أنت , فراشة مجتمع , طفيلية , تأخذين ولا تعطين شيئا بالمقابل , صحيح أنك جميلة ولكنك تافهة , أنانية , أنت تشكلين خسارة تامة للجنس البشري".
" يا لسعة أدراكك!".
قالتها وفي حلقها غصة وقد تولاها غضب شديد من نفسها لأن عينيها أغرورقتا بالدموع , لماذا تبالي برأي هذا الحطاب المتخلف؟ أنها فتاة مرغوبة ويتمناها عشرات الرجال الذين يفوقونه وسامة ولباقة , فلماذا أنكمشت تحت لسعات أزدرائه لها؟ قالت له:
" أود أن أريك شيئا قبل أن نعود ألى الشقة , وأؤكد أنه سوف يستهويك وهو ليس بعيدا , جارني في ذلك , أن لم يكن أرضاء لي فأكراما لوالدي".
ذكرها لوالدها أصاب وترا حساسا لديه , لا شك أن الصفقة المعقودة بينهما تضمن ربحا كبيرا لجماعة مربي الأغنام ما دام ممثلهم يبدي هذا العرفان الفائق بالجميل.
فقال بأستخفاف:
" سيري أمامي".
كتمت تامي فرحتها بهذا الأنتصار وسارت به نحو سلم ينحدر صوب النهر حيث أصطفت أعداد كبيرة من الزوارق الصغيرة , وسار خلفها يدفعه الفضول , وعندما توقفت مشيرة ألى زورق فخم جميل , أرتفع حاجباه دهشة وتبعها ألى متن الزورق من دون أن يفوه بكلمة , ثم هبطا سلما ألى المطبخ فأشارت بيدها ألى المساحة الصغيرة وقالت:
" هلاّ أعددت لنا الشاي بينما أذهب لأقتراض زجاجة من الحليب؟".
قالت ذلك وقفلت راجعة ألى سطح الزورق بدون أن تنتظر ردا منه , وتركته يبحث بفضول في المساحة الضيقة التي تحتوي على طاولة ألى كل جانب منها مقعد وثير يمكن تحويله ألى سرير , وعلى مطبخ حسن التجهيز بخزائن حافلة بالمواد الغذائية.
منتديات ليلاس
وعادت بعد نصف ساعة تحمل نصف زجاجة من الحليب , وكان آدم فوكس قد أعد أبريقا من الشاي ووضع فنجانين على المائدة .
" يدهشني أعتبارك للذهاب ضروريا , الخزانة تغص بالحليب امعلب".
تولى تامي الحياء وسارعت ألى القول :
" أفضل الحليب الطازج , فالحليب المعلب يفسد نكهة الشاي".
شعرت بالأرتياح عندما تقبل تفسيرها :
" أعتقد أن هذا الزورق هو ألعوبة أخرى أشتراها والد متساهل".
"أنه ليس ألعوبة , بل أحبه وأمضي به ساعات طويلة أجوب به النهر".
" بمفردك؟".
" غالبا".
" تدهشينني , لم يخطر لي أنك تحبين الوحدة".
" ولكنك لا تعرف عني ألا القليل , وأستنتاجاتك مبنية على آراء وهمية , لا على معرفتك الشخصية".

نيو فراولة 11-09-10 11:06 PM

تجاهل قصدها .
" الزوارق تنتشل من الماء في الشتاء عندما لا تكون قيد الأستعمال , ويجب حمايتها من الطقس بقدر الأمكان".
" أعلم ذلك , ولكنني أستعمله على مدار السنة وليس فقط في الصيف , وأقوم بأعمال كثيرة لصيانته , ثمة خبير يكشف عليه بين الحين والآخر , وأنا أقوم برأب الشقوق وطلائه بنفسي".
نظرة عدم التصديق التي بدرت منه كانت مثيرة للغضب فهبت على قدميها تاركة فنجان الشاي على المائدة , وصعدت ألى سطح الزورق , شعرت بموجة من السرور تسري في شرايينها عندما أدارت المحرك وراح صوته يتردد على مسامعها ,, وبلطف فائق أبتعدت بالزورق عن المرسى المزدحم آخذة بعين الأعتبار أن أي أحتكاك بزورق قد يقذف بوجبة الطعام أرضا , وعندما تأكدت أن ممرها خال أنطلقت بالزورق ألى عرض البحر.
وما هي ألا ثوان حتى لحق بها كما كانت تتوقع.
" ما الذي تفعلينه؟".
تعالى صوته فوق ضجيج المحرك .
" البحر ليس مكانا للمبتدئين ".
وبسرعة ألتفتت يمينا ويسارا متفحصا الأنوار على الجانبين ,وبذلك كشف عن معرفته لقوانين البحار مما أثار حمية تامي".
" لا تقلق , فقد درست التقويم البحري , وجدول المد والجزر ونظام العوم ولذا يمكنك الأطمئنان معي".
كان سبر غور الظلام تسلية خطرة بينما كان الزورق القوي ينطلق تحت توجيه يديها الماهرتين , لا وجود آدم فوكس المحترق غيظا ولا شتائمه التي كانت تصفع مسمعها , أستطاعت القضاء على شعورها بالقوة وبسيطرتها التامة على هذا الرجل المتصلّب.
كانت تتوقع موقفا ظيفا عندما تبدر من المحرك أولى أشاراته بالتوقف , وكان عليها أن تبذل جهدا فائقا لأبعاد رنة الشماتة عن صوتها وهي تجيب على سؤاله:
" ما الأمر؟".
منتديات ليلاس
بقولها :
" لست أدري , لم أدرس فن الميكانيك البحري".
" يا ألهي!".
كان تصلّبه لينا أذا قورن بنبرة صوته الغاضبة , وفي تلك اللحظة توقف المحرك كليا , مخلفا وراءه صمتا رهيبا.
" ما الذي حدث برأيك؟".
سألته بوداعة وهي تتسلل من جانبه مبتعدة عن قامته الضخمة .
فأجاب متجهما :
" جهاز أدارة المحرك أو الضغط أو الوقود , أنني أشكر الله لكوننا بعيدين عن الخط الرئيسي لمرور السفن! ولكن على سبيل الأحتياط راقبي جيدا بينما أكشف على المحرك".
هزت تامي كتفيها حبسة ضحكة راودتها , بينما راحت تراقبه وهو يكشف على المحرك , وعندما أقتنع بأنه غير معطل حول أهتمامه ألى جهاز الضغط وكآخر سهم في جعبته حل أنبوب الوقود.
تشنجت وهي تتوقع أن ينفجر غاضبا , ولكن عندما أستدار ليواجهها كان صوته هادئا ألى حد لا يمكن تصديقه.
" نفد الوقود ....... الخزان فارغ".
" آه , يا لحماقتي!".
كان أرتجاف صوتها حقيقيا لا تصنع فيه." لا بأس , سنضطر ألى المبيت على متن الزورق وفي الصباح نجد من يقطره لنا".
خيّم صمت طويل مشحون بالترقب ,وراحت تتململ بأضطراب , وأخذت تتساءل عن الأفكار التي تتزاحم وراء عبوسه , والعبارات اللاذعة التي ستنطلق من فمه , وبجهد أستطاع السيطرة على نفسه وجعل رده عبارة مقتضبة.
" أهبطي أنت , سأمضي الليلة على سطح الزورق".
وأعترضت قائلة:
" ولكن البرد شديد".
" أهبطي يا آنسة ماكسويل ".
" سأفعل , ولكن لا تلمني أذا أنهمر المطر عليك".
أمضت الساعات مستلقية على الأريكة مصغية ألى وقع خطاه على سطح الزورق , ولما لاحت تباشير الفجر راحت تشجع نفسها على مواجهته , ولكنها رأت أن أفضل وسيلة لتهدئة الوحش الثائر هي أعداد أفطار شهي له.

نيو فراولة 11-09-10 11:20 PM

وسريعا ما عبق الجو برائحة الطعام المؤلف من البيض واللحم , وكالمغناطيس أجتذبت أهتمام الرجل الكليل العينين فهرع ألى المطبخ وطوق فنجان القهوة الساخن بأصابعه المتجعدة , نظرة واحدة ألى عينيه الزرقاوين المنغلقتين أنبأتها بأن الوقت غير مناسب لتقديم الأعتذار , وبدون أن تفوه بكلمة وضعت أمامه صحنا حافلا بالطعام , وأنتظرت بصمت ألى أن ألتهم كل محتوياته.
" أيها القوم".
وصلهما هذا النداء بوضوح عبر المياه , وتقابلت عيونهما ثم قفز آدم مندفعا ألى سطح الزورق ولحقت هي به , كان ثمة زورق دورية نهرية بمحاذاة زورقهما.
" هل أنتما في مأزق؟".
منتديات ليلاس
أنطلق هذا السؤال من مكبر الصوت.
وأجاب آدم :
" يلزمنا من يقطر لنا الزورق , هلاّ أسديتم ألينا هذا الجميل؟".
وكان الجواب :
" بكل تأكيد , سنرسيكم بأسرع ما يمكن".
بعد ساعة بر طاقم الزورق بوعده وأعادهما ألى مرساهما سالمين , ولوحا بأيديهما للطاقم شاكرين مودعين , تقبل الرجال قول آدم أن الوقود نفد منهما ساخرين , ولحسن حظ تامي كانت عبارات السخرية معدودة , ولكن بينما كان منقذوهما يرحلون شعرت بأن صبر آدم قد نفد.
وبينما كانا يترجلان ألى الشاطىء , ثمة ساعة أعلنت الخامسة , تمتم قائلا:
" سنكون محظوظين أذا وجدنا سيارة أجرة في هذه الساعة المبكرة , أستعدي لمسيرة طويلة للعودة ألى الشقة ".
لأول مرة منذ ساعات نظر مباشرة ألى محياها الرصين , ردّت أليه النظرة بأخرى جريئة وقد ندمت على تسرعها , خوفها من الأنتقام منعها من الأقرار بأن ما حدث لم يتعد كونه مزاحا.
ومضة من نور بهرت عينيها , ولأول وهلة عزت ذلك ألى تأثير آدم على مشاعرها , وعندما أدار رأسه تبعت عيناها الأتجاه الذي تركزت عليه نظراته المنفعلة.
منتديات ليلاس
لوح ستيف هاريس بآلة التصوير وعلى شفتيه أبتسامة عريضة .
" صورة أخرى على سبيل الأحتياط !".
وأبتسم ثانية قبل أن تلتقط الآلة صورة ثانية لهما وهما في حالة من الذهول الشديد!

نيو فراولة 11-09-10 11:45 PM

3- حرب بين قلبين

نادرا ما كانت تامي تشارك والدها طعام الأفطار , ولذا بدت عليه الدهشة عندما رآها تجلس في المقعد المجاور له , لم يكن للسهر أي أثر على محياها بأستثناء تعب طفيف في عينيها , زال عندما جالت ببصرها في محياه الهادىء , كان من الواضح أنه يجهل ما جرى في الليلة المنصرمة.
تأكد لها ذلك من تحيته:
"طاب صباحك , هل أمضيت سهرة ممتعة؟ أنا آسف لعودتي متأخرا أذ حدث ما أخرني".
أرتسمت على شفتيها أبتسامة غامضة , سيئة والدها الوحيدة , أذا جاز التعبير , هي حبه للعب الورق حتى مطلع الفجر , وليس في هذا ما يضير , ألا أنه يأبى الأقرار بذلك.
منتديات ليلاس
" لا بأس يا أبي , أنا أيضا تأخرت بالعودة ".
وقبل أن تباشر بتفسير ذلك أطلق ضحكة العالم بالأمور قائلا:
" لا تكوني أبنة أبيك أذا لم تنتهزي الفرصة التي هيأتها لك , ذلك الشاب يعجبك , أليس كذلك ؟".
قال ذلك ضاحكا وراح يدهن قطعة خبر بالزبدة وأضاف:
" لأول مرة أوافق على أختيارك , ولذلك خرجت عن المألوف لأوفر له صفقة جيدة , كما تعلمين , أترك أمور المشتريات ألى الموظفين المقتدرين , ولكنني في هذه الصفقة قبلت بالخسارة , ليس بدافع العطف على الشاب الذي توسّل كثيرا بالنيابة عن شركائه طلبا لسعر أفضل من ذلك السائد في السوق , بل لثقتي من أنه بعد عقد الصفقة سيضطر للعمل بجميع أقتراحاتي , والآن , أخبريني , هل نجحت خطتي؟".
قالها وهو يقضم قطعة الخبز:
" هذا ما أود محادثتك فيه يا أبي".
وراحت تامي تداعب منديلها بعصبية ظاهرة , لأول مرة في حياتها لم تكن واثقة من ردة الفعل لدى والدها , كانت على وشك الأبتداء بالشرح عندما قوطعت للمرة الثانية برنين جرس الباب , وترددت , غير راغبة في أستئناف الحديث قبل أن يوليها والدها كل أنتباهه .
أنتظرا بصمت ألى أن أدخلت الخادمة الزائر , ثم نظرا بدهشة عندما دخل آدم فوكس الغرفة بخطة ثابتة تحدوه رغبة فائقة في الأسراع بالرحيل.
" آدم ! كنت أظنك لا تزال نائما!".
" كلا , أكون عادة قد أنجزت نصف أعمالي اليومية في مثل هذه الساعة , ذهبت ألى المحطة للأستفسار عن مواعيد القطارات , هناك قطار ينطلق بعد ساعتين وذلك يناسبني تماما ".
جوك , الذي يعرف طباع أبنته جيدا نظر أليها وتساءل عن سبب أهتمامها المفاجىء بمحتويات صحنها , ليس من عادتها أن تتحاشى نظرة أحد , ولاحظ أن آدم لم يرمقها بنظرة واحدة ,وبدا أن رغبته في الرحيل تتعدّى كل تهذيب , ولما شعر بأن وجوده غير مرغوب فيه تأبط الصحيفة وغادر المائدة , أنه لا يفهم أساليب شباب اليوم , يسرهم أن يظهروا غير ما يبطنون.
" سأراك قبل رحيلك".
قالها وهو يتجه نحو غرفة الجلوس ساخطا لسوء أستغلال تجاهله , عندما أبح آدم وتمي وحدهما أخذا يتبادلان النظرات , يسيطر على آدم الجفاء والبرود , وتامي يأكلها الأرتباك والأحراج.
" هل يعلم؟".
وتحركت عضلة في وجه آدم:
" يعلم ماذا؟".
حاولت كسب الوقت وكان يعرف ذلك.
صرخة غضب مفاجئة من غرفة الجلوس أكدت لتامي ما كانت تخشاه.
" أصبح يعرف".
قالت هامسة وأعدت نفسها للمجابهة التي لا مفر منها.
بدت على آدم دهشة مثيرة للمجابهة التي لا مفر منها .
بدت على آدم دهشة مثيرة للضحك عندما أندفع جوك ألى الغرفة وهو يصرخ غاضبا وملّوحا بالصحيفة , وكادت تامي أن تنفجر ضاحكة.
منتديات ليلاس
" ما معنى هذا؟".
ولوّح جوك بالصحيفة أمام عيني آدم :
"أريد تفسيرا ........ أريد تبريرا مقنعا".
كان آدم يستعد للرد وأذ بعينيه تقعان على صورة تمثل رجلا وفتاة يبدو عليهما التعب والشعور بالذنب , وتحت الصورة ملاحظة لاذعة تقول:
" ماذا سيقول الوالد؟".
وتحت ذلك وبحروف أصغر حجما كتب ستيف كلاما حافلا بالسخرية , الجملتان اللتان لمحتهما تامي من فوق كتف آدم كانتا كافيتين لتفسير أمتقاع لونه:
" أبنة المجتمع المخملي تقضي الليل على أمواج البحر , الآنسة ماكسويل تقع أسيرة شاب فاتن من الشمال , هل تصدقون أن عذرهما هو نفاد الوقود من زورقهما ؟".
" تبا له ".
وعصر آدم الصحيفة بقبضتيه القويتين :
" سوف أدق عنق ذلك الصحافي اللعين !".
أطلق جوك زفرة حارة وقال:
" هلا أبديت لي عذرا يمنعني من دق عنقك؟".
حملق به آدم وقال:
" أنك حتما لا تصدق هذه السخافات".
صرخ جوك غاضبا:
" لا يهم أن صدقت أو لا , السؤال هو كم من أصدقائنا سيصدقون ذلك ؟ ألحقت لعار بأبنتي ولوثت سمعتي وسنكون محور أحاديث أهالي لندن , أود أن أعلم بما تنوي مله حيال ذلك ".

قصائد 12-09-10 03:53 AM

سلام الرواية مرة حلوةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة

نيو فراولة 12-09-10 02:30 PM

أستعادت تامي الجرأة على الكلام , وأندفعت تبدي الأيضاح الذي تأجل مرتين:
" حقا يا أبي , لا لوم على آدم ,بل يقع الذنب عليّ , أنا أخرجت الزورق ولم أتأكد من كمية الوقود فكانت النتيجة أن توقفنا لبضع ساعات ألى أن قطرتنا دورية ألى الشاطىء في الصباح الباكر , وقد أمضى آدم اليل على سطح الزورق ونمت أنا تحت".
لم يبد على جوك أي لين وزأر صارخا:
" أنا أصدقك , ولكن هل يصدق الناس ذلك؟".
وتدخّل آدم بكلمات تفيض أحتقارا:
" وهل تبالي بتصرفات بعض الأغبياء؟".
" أني والله أبالي".
قالها جوك حانقا.
منتديات ليلاس
في الجبال المعزولة تجد مناعة ضد الألسن الثرثارة, أما نحن فنعايشهم يوميا , في الأشهر القليلة ستكون قد نسيت هذا الحادث , بينما أطون وتامي هدفا للأنتقادات اللاذعة والنظرات الحافلة بالمعاني , ألحقت العار بأبنتي , في الأيام الغابرة كان عمل كهذا يثير العداء المستحكم".
أعربت تامي عن عدم تصديقها بقولها:
" كم هذا سخيف يا أبي".
أستدار جوك نحوها وهو يرتجف غضبا وأمرها قائلا:
" أذهبي ألى غرفتك , لي حديث مع هذا الشاب".
ألقت تامي نظرة على والدها , كانت قد رأته يصبّ غضبه على الآخرين , ولكنها لم تكن مرة هدفا له , شدّة غضبه كانت مخيفة , ولاحظت العروق تبرز في صدغيه وتوشك أن تنفجر , كان يتنفس بصعوبة وأحتقن وجهه بلون داكن مخيف.
توسلت أليه وقد أعترتها رهبة مفاجئة :
" يجب أن تهدأ يا أبي!".
نبرتها الهادئة لم تزده ألا أنفعالا , وبغضب هائل لوح بذراعيه بأتجاه غرفتها مصرا على تنفيذها لأمره , وقفت مترددة ونظرت ألى آدم الذي أومأ برأسه فأذعنت وتوجهت متمهلة ألى غرفتها .
جلست في غرفتها لمدة ربع ساعة تصغي ألى سوت والدها الغاضب وألى أجوبة آدم الهادئة , كان يتكلم بنبرة معتدلة , مزيلا تدريجيا الحدة من نبرة والدها .
أما الآن وقد أتيح لها التفكير بنتائج تصرفها الأرعن شعرت بتأنيب الضمير , لم تتوقع أن تسبب كل هذا العذاب لوالدها , منذ طفولتها وهي موضوع محبة والدها , ولو كان والد سواه لكانت موضع كراهيته , لم تكن المرة الأولى التي تحن فيها تامي ألى حكمة والدتها ومؤاساتها , دللها جوك ألى درجة مشينة ضاربا بتحذيرات الأصدقاء عرض الحائط , مدّعيا أن تصرفات أبنته المعوجة سيصلحها الأدراك السليم الذي ورثته عن والدتها وهي سيدة فاضلة من يوركشاير أعتمد جوك عليها كليا طوال العشرين عاما من زواجهما .
مولد تامي وضع خاتمة لزواج قام على مدى السنين على المحبة والثقة ,الطفلة التي طالما توسلاها جاءت متأخرة جدا في حياتهما , وتسببت بتضحية والدتها بحياتها من أجلها.
أغرورقت عينا تامي بالدموع وهي تفكر بالمحبة الفائضة التي لقيتها طوال حياتها , وتلطيفا لعذابه من جراء خسارته , صبّ جوك كل طاقته على تنمية أعماله وأنهالت ثمار ذلك عليها وهي لا تستحقها , كيف ردّت أليه الجميل ؟ بعمل طائش واحد خانت ثقته وزعزعت أيمانه وأسكتت ألى الأبد مباهاته بأن تامي لم تسبب له لحظة من الهم منذ ولادتها .
قرع على الباب وصوت آمر أنتشلاها من أفكارها اقاتمة:
" أرجوك أن تخرجي يا آنسة ماكسويل , يرغب والدك في التحدث أليك".
طار قلبها أستجابة لنداء آدم وأسرعت ألى الباب تفتحه , كان يقف على العتبة بقامته المديدة وشفتيه المومومتين ونظرت ألى حيث يجلس والدها يرشف المرطبات.
" هل أنت بخير يا أبي؟".
وجرت لتجثو عند قدميه وترى بعينيها الخائفتين الأمتقاع الغريب الذي يكتنف محياه .
أبتسم جاهدا وكانت في صوته رنة يشوبها الأمل وهو يشير نحو آدم قائلا:
" شرح لي آدم الأمر يا عزيزتي , ويجب أن أعتذر لكما على ما بدر مني".
" آدم شرح الأمر؟".
ردّدتها بحذر وألتفتت أليه تستقرىء محياه الرصين الهادىء.
" لا أفهم لماذا وجدتما صعوبة في أطلاعي على حقيقة مشاعركما.........".
قال جوك متذمرا:
" قد يهزأ البعض بنظرية الحب من النظرة الأولى , أخبرتك مرات عديدة عن لقائي بوالدتك , حين رأيتها أدركت أنها الفتاة الوحيدة التي أريدها زوجة لي".
منتديات ليلاس
ومد يده يربت بها على رأس تامي:
" أجل , تلك الساعات الأولى من أكتشاف الأمر قد تتحكّم بتفكير المرء وتطرد كل ما عداها من خواطر , أذكر لقاءنا الأول جيدا , كنا في حفلة وتطوّعت أن أحمل أليها بعض المثلجات وكانت تقف في أحدى زوايا القاعة وحيدة مرتبكة , يسيطر عليها الحياء , وعندما رجعت أكتشفت أن الحياء يلجم لساني , ألتقت عيوننا ووقفنا صامتين يسبر أحدنا غور الآخر ألى أن أرتطم أحدهم بذراعي فأنسكبت المثلجات على مقدمة ثوبها.
ألم الذكرى عقد لسانه وبدا لها أنه يشيخ أمام عينيها الخائفتتين , ثم نفض عنه تلك الذكريات الأليمة وبشيء من حيويته المعهودة خاطب آدم :
" الوقت مناسب الآن لأعمل بنصيحتك , أشعر بالتعب , لذلك سأنام قليلا وأتركك يا آدم لتنتهز الفرصة التي كنت تتحين , لا أشك في ما سيكون ردّها ".

نيو فراولة 12-09-10 03:42 PM

نظرت تامي ألى آدم وهي تكاد لا تشعر بمغادرة والدها للغرفة , كان آدم يسير في الغرفة بخطوات رجل أعتاد السير مسافات طويلة على الأعشاب الخضراء والأريج يفوح من أزهار المروج الشاسعة المحيطة به , بدا في هذه الغرفة وكأنه في قفص أو كثعلب تحاصره كلاب الصيد.
عندما توقف أمامها فجأة أنكمشت على نفسها تحت نظرة الكراهية التي صوبها كسهم أستقر في قلبها خيطا دقيقا من الأمل في أستمالته أليها مع مرور الزمن.
" لا بدّ من الزواج".
أنطلقت هذه العبارة وكأنها تنسلخ عن حنجرته قسرا.
هزتها الصدمة:
" أحقا؟".
همست محاولة كسب الوقت لأمعان النظر في أحاسيسها المتضاربة بين الفرحة الكبرى التي طارت من بين يديها واليأس القاتل المتمثل بطلبه المشحون بالضغينة , أشياء كثيرة أسترعت أهتمامها في الماضي , ولكن علمها أن والدها سيحقّق رغبتها لدى أدنى أشارة منها أفقدها متعة الأمتلاك , أذ لم يعد يستهويه شيء, ولم تكن لأثمن الماسات أو أفخر الفراء أية قيمة أكثر كونها نزوة عابرة ..... حتى الآن , أنها تحن ألى آدم حنين الأرض العطشى ألى الماء , حنين المزروعات ألى الشمس , حنين الجائع ألى كسرة الخبز , تحن أليه حنين الرضيع ألى أمه وحنين اليتيم ألى الحنان ,كانت عيناها تعدانه بالوفاء مدى الحياة .
منتديات ليلاس
أنقض صوته الأجش على آمالها كالسوط مخلفا وراءه أثره الذي لا يندمل :
" تدركين ولا شك أنه السبيل الوحيد لأراحة بال والدك , لا أظنك تبالين كثيرا بالتقاليد ,ولا شك أن شهامتي الرجعية توفر لك تسلية كبرى , ولكن الفضيحة سريعة الأنتشار وتبلغ جبال كمبريا ومن واجبي أيضا الحفاظ على سمعة عائلتي , منذ عصور طويلة وأسم فوكس رديف للعدالة والشرف والمبادىء السامية , ولا أريد أن أكون أول المسيئين ألى هذا الأسم , فكّري بصالح سواك ولو لمرة واحدة في حياتك بدلا من التفكير بنفسك , يجب أن توافقي على هذا الزواج فأنت تدينين لوالدك بذلك".
وأبدت شيئا من المعارضة :
" ولكنك لا تحبني يا آدم ".
فقاطعها بدون رحمة :
"هذا صحيح , ليس ذلك فحسب , بل أيضا شخصيتانا وأخلاقنا ومركزنا الأجتماعي وحتى وضعنا المالي تتعارض كليا , لذلك لا يمكن القول أن أحدنا مناسب للآخر".
راحت تجادله بهناد :
" وحتى عندما يجتمع شخصان مناسبان ليس هنالك ما يضمن ومضة بريق ستشعل نار الحب".
أزعجه أصرارها على ترديد النغمة التي تحرجه.
" حتى العلماء يجدون صعوبة في تحديد مواصفات الحب , وغالبا ما يختلط بمشاعر النزوات المحرمة أو الشفقة أو التمني الصادرة عن رغبة في الأنتماء ألى أنسان ما أو أمتلاكه , فكيف يمكن الجزم بماهية الحب؟".
قالت والغصة في حلقها:
" ستدرك ذلك عندما تتذوق طعم الحب , وترتعش لدى رؤية الحبيب , وتتأثر لدى سماع صوت معين , وعندما توقف حياتك كلها على شخص واحد ".
تجاهل حديثها وبادرها بالقول:
" دعك من هذه السخافات , ثمة قاسم مشترك يجمع بيننا وهو أنا واقعيان مع الأخذ بعين الأعتبار آراءك العصرية , لا تستائي أذا ذكرتك بأن الزواج لم يعد في هذه الأيام حكما بالأستعباد , بعد عام أو ربما قبل ذلك , نلمح لوالدك بأننا لسنا على وفاق وبذلك يتهيأ تدريجيا لفكرة الطلاق ولن يكون أنفصالنا الفعلي صدمة له".
تفكيره السقيم أثار أشمئزازها , لا يمكن أن تخون حساسية مشاعرها أيا كان الدافع أو السبب .
" شكرا لعرضك الزواج , هذه الفكرة لا تروقني".
قالتها وهي تندفع مغادرة الغرفة.
ومان أن بلغت الباب حتى شعرت بقبضة تمسك بكتفها وتمزق بشرتها , أدارها آدم ثم تركها ووقف مكتوف اليدين يرمقها بنظرة ثابتة .
" ستصبحين زوجتي طوعا أو قسرا , لك أن تختاري , أما أذا قررت مقاومتي فتذكري أنني لن أكون أول رجل من آل فوكس يأخذ أمرأة من آل ماكسويل عنوة".
كان ذلك فوق أحتمال تامي.
" لا أعلم كم أمرأة من آل ماكسويل عرفت في حياتك , أنني من النوع الصعب , والرجل الذي يمتلكني سيفعل ذلك وفقا لشروطي ومشيئتي لا لشروطه ومشيئته".

نيو فراولة 12-09-10 03:52 PM

لاحت ومضة حائرة في عينيه:
" تشتهر نساء آل ماكسويل بحدتهن , ولكن التاريخ أثبت كونهن سريعات التأثر بالقبضة الفولاذية ".
أثار فضولها فقالت:
" هل تتكلم بدافع من الخبرة؟".
" بل بدافع أسطوري تكررت مدى الحياة , كلانا ينحدر من عائلتين حدوديتين خاضتا ولمدى أجيال , أطول قتال وأشده بين جماعات غزاة الحدود , كان ذلك في حوالي القرن الثالث عشر عندما كانت قبائل الحدود الأنكليزية والسكوتلاندية تقتتل بأستمرار , وكان البلدان في تلك الآونة في حالة سلم بينما كانت الحدود تسودها اللصوصية والأبتزاز والغزو والحرائق والخطف ,كان ذلك أسلوبا مقبولا في الحياة الأجتماعية , كانت الأرض على الجانبين تنقسم ألى مناطق حدودية , ثلاث سكوتلاندية , وثلاث أنكليزية ولم يكن بوسع المقيم على أحد جانبيب هذا الخط الوهمي أن يسير أعزل فيكون بمأمن , كانت البيوت تقفل من الداخل بالمزاليج وتقام الحراسة كل ليلة خوفا من اللصوص المتسللين عبر الحدود لسرقة المواشي ومهاجمة أعدائهم وسبي نسائهم أذا سنحت لهم الفرصة".
شجعته تامي على الأسترسال في الحديث وهي حائرة بين الأعجاب وعدم التصديق.
منتديات ليلاس
" وتقول أن عائلتينا كانتا على الجانبين المتناقضين ؟".
" بالتأكيد , كانت عائلة ماكسويل أقوى قبائل سكوتلندا الغريبة , لصوص أوغاد يدنسون كل ما تطاله أيديهم , كانوا لطخة عار في تاريخ منطقة الحدود , وكانت عائلتي تنتمي ألى القبائل الأنكليزية الغربية , ويشتهر أسلافي في أنحاء كمبريا بسجلهم الحافل في خدمة التاج كجنود عاديين وكضباط حدود , وأقر بأنه سرت شائعة ذات مرة مفادها أنهم كانوا يستغلون مناصبهم للتستر على غزواتهم , ولكنني أؤكد أن الشائعة كان مصدرها جيرانهم آل ماكسويل ".
فقالت بأمتعاض :
" لا شك في ذلك , أذ يصعب التصور أن ينحط شخص مثلك ألى ذلك المستوى".
آلمها تقبله لكلامها على عواهنه , أما متعمدا أو بدون وعي منه , متجاهلا تهكمها , وبعصبية ظاهرة راحت تدرس السليل الغامض لقبيلة غير أعتيادية , فظ , متحفظ , يحتقر المواطنين الذين لا ينحدرون من سلالة قوم عاشوا بقوة السيف وحافظوا على الحدود التي كانت مسرحا للغزو ةالسرقة والقتال المرير , أطرافه الهزيلة ورثها عن رجال أشداء لهم قلوب الأسود , يستعملون سلاحهم بمهارة فائقة ..... هالة كبرياء تحيط برأسه المتعجرف وبأنفه المستقيم وبفمه الذي لا يعرف األأبتسام , وأهداب كثة تحيط بالعينين الحادتين الشبيهتين بعيني مقاتل مقدام , عدو عنيد يبحث عن خصمه , عينا رجل من آل فوكس تزنان قيمة فتاة من آل ماكسويل .
الزواج من رجل كهذا يعني حياة من النضال المرير , أرادتها ضد أرادته , متطلباتها ضد رفضه , روحها المتوحشة تثور على حقه المقدس في السيطرة , قد تنبعث حروب اللصوص مجددا بعد أجيال , آل فوكش ضد آل ماكسويل , الجرح بالجرح , سلب الأرادات يستمر حتى الموت بدون أخذ أو عطاء.
ومع ذلك تنهال الغنائم على المنتصر.
ثمة شك راح يزعجها :
ل تملك الجرأة ؟ هل تملك عزيمة ويأس أسلافها؟

أحاااسيس مجنووونة 12-09-10 04:34 PM

يعطيك الف عافية................

بانتظارك ............... يا عسل...........

نيو فراولة 12-09-10 05:14 PM

4- الحب بهجة مشتركة

كانت سيارة تامي تنهب الأرض نهبا يقودها آدم , بينما جلست هي بجانبه تغمرها سعادة فائقة والشمس تتسلل من النافذة لتستقر على الخاتم الذهبي الذي يزيّن أصبعها , خاتم براق كالأمل المشرق في قلبها , حتى الغيوم التي أخذت تتلبّد في الأفق عجزت عن أخماد جذوة تفاؤلها الذي يرفض الفكرة القائلة أن هناك أمنية تعصاها.
تحققت أغلى أمنياتها أذ أصبحت زوجة آدم , منذ سبع ساعات أصبحت السيدة آدم فوكس , من فوكس هول , كمبريا! وأنتفض كل عرق في جسدها وهي تتذوق فرحة العروس التي ينقلها عريسها ألى دارها الجديدة .
ألقت عليه نظرة ملية وهي تقاوم غثيانا تولاها لبرهة , بينما كان عقلها الباطني يقارن بين ملامح وجهه الوسيم والأألوان القاتمة الأرض التي يجتازان .
منذ ساعة خلّفا وراءهما ما كانت تعتبره آخر معقل للمدنية وعدد الأبنية يتضاءل تدريجيا لتحل التلال محلها , أخذت الطريق تتجه صعودا والتلال التي بدت كتلا رمادية في الأفق ما هي ألا صخور صوانية شاهقة تطل بعبوس وأزدراء على الطريق الشبيهة بسيف يخترق عزلتها.
وتبين لها أن البقع الصغيرة التي كانت تتحرك أحيانا ما هي سوى خراف ترعى فوق هضاب شديدة الأنحدار , ترويها شلالات صغيرة , وتقسمها مربعات من الجدران الحجرية المنخفضة تمتد من قاعدة الجبل حتى قمته , دفعها الفضول ألى قطع حبل الصمت الذي لازمها طوال فترة الرحلة تقريبا فقالت:
" لماذا كان من الضروري أقامة جدران على طول الجبل وعرضه؟".
" ماذا؟".
كان رده أشبه بالأستنكار لقطعها حبل أفكاره و ولكنه عندما أستوعب السؤال أبتسم , وفي تلك اللحظة تبددت الغيوم وأكتست الجبال بثوب من خيوط الشمس الذهبية.
" ميزة هذه الجبال هي تلك الجدران الحجرية التي لا مبرر لوجودها , غالبا ما يتساءل الأغراب عن فائدة تلك الجدران التي لا تحتوي شيئا والمتعرجة في الأفق تحيط بالغابات , وللأسف , معلوماتنا عنها ضئيلة , ولكننا أصبحنا نعتقد أنها نوع من الحدود , سياجات بين المزارع , بين رعية وقطاع , فواصل بين القصور وعامة الشعب , ثبت أنه منذ حوالي الألف عام أقام النساك أول هذه الجدران ,كانوا مزارعين ماهرين وهم أول من صنع مجاري المياه وزرع الأرض هنا".
منتديات ليلاس
قالت بدهشة ظاهرة:
" هل تعني أن عمر هذه الجدرانألف عام؟".
فأجاب مؤكدا :
" عمر بعضها ألف عام , والبعض الآخر أقيم منذ حوالي القرن , وفي أيامنا هذه ومع أن صناعة الجدران لم تنقرض , لا تقوم جدران جديدة على الجبال الشاهقة , وبالطبع , يقوم المزارعون بصيانة الجدران القائمة ويبنون زرائب للخراف , بحسب الحاجة , ألا أن عددا ضئيلا منهم يفكر بأقامة سياج حجري جديد على قمم الجبال ".
أنفرجت أسارير تامي تحت دفء أبتسامته المشرقة , سلوكه هذا شجعها على القول :
" أنني جائعة , هل يمكننا التوقف في مكان ما لتناول اطعام؟".
عادت السماء وتلبّدت بالغيوم فحجبت نور الشمس , قال عابسا :
" تأخرت ما فيه الكفاية , ساعة ونكون في البيت وأؤكد أنك تستطيعين الصمود".
أبتلعت رده الجاف , منذ ثلاثة أيام وهو يردد هذه المعزوفة , مبديا ضيقه لكل دقيقة يضطر لتمضيتها في لندن للقيام بترتيبات الزواج , حفلة الزفاف التي تمت في مكتب مسجل العقود تحت أصرار آدم , عمتها الفوضى أذ تمت بطريقة سريعة خالية من الرومنطيقية , ولولا والدها لما كان هنالك أفطار العرس ولا صورة تحتفظ بها كأجمل ذكرى لأهم يوم في حياتها , كان جوك قد نشر خلسة , في أفضل صحف المدينة , نبأ زفاف أبنته بعبارات منمّقة ليخلق أنطباعا بأن الزواج كان متفقا عليه , وبذلك وضع حدا للأقاويل وأظهر ستيف هاريس بمظهر المتجني.
وجدت ذاتها تعترض قائلة:
" ثلاثة أيام ليست هي العمر كله , ألا يمكن الأستغناء عنك لقضاء بضعة أيام بمثابة شهر العسل؟ ألا مدير أعمال لديك؟".
لم يعد يعرها آدم ألتفاتة بل أطلق للسيارة العنان فأندفعت بسرعة فائقة وقال:
" شهر العسل هو للمحبين ونحن لسنا منهم , ولا مدير أعمال لدي , بل لي عمتان مسنتان تساعدانني بقدر الأمكان , وكما تقول العمة فيني عين الكهولة بصيرة ويدها قصيرة".
سبق أن سمعته يتحدث عن عمته ولكن ليس بأسهاب:
" كم تبلغا من العمر ؟ قاما بتربيتك على ما أظن".
أيماءة رأسه أشعرتها بأنها تتدخل في أمور شخصية :
" أنتقلتا للأقامة معنا فور وفاة والدتي بعد مولدي بعامين , وكانتا لا تزالان معنا عندما توفي والدي منذ خمس سنوات وأصبح منزلي مقرهما , ولكونهما لا أقرباء لهما سواي , فقد باعتا منزلهما وأتخذتا من فوكس هول مقرا دائما لهما".
وأضاف متشددا:
" أياك أن تسيئي ألى شعورهما بالأطمئنان أثناء أقامتك القصيرة معنا".
فطمأنته بحماس :
" لا أنوي الأساءة ألى العجوزين العزيزتين".
بدا وكأنه يختنق ثم تنحنح وقال:
" الحديث عن السن محرم , مع أنهما تميلان للعيش في ذكريات الماضي فأنهما لن تشكراك على قولك أنهما هرمتان ".
أنحرفا عن الطريق الرئيسية عند مفترق يحمل لافتة تقول كارليسل وبدلا من أن يكملا السير نحو البلدة الرئيسية في الأقليم فقد سلكا مخرجا عند مستديرة تؤدي ألى منطقة زراعية مارين بمزارع منعزلة وقرى مرتبة , وبعد مسيرة ساعة بالسيارة أخذت الطريق تتجه صعودا ألى أن أوقف آدم السيارة على قمة شاهقة ليتيح لتامي ألقاء نظرة ملية على المناظر الخلابة المنتشرة تحتهما والمحيطة بأبراج ومداخن المدينة الواقعة ألى أقصى يمينهما , ومساحات شاسعة من الجبال الكئيبة ألى يسارهما وشاطىء سولواي أمامهما مباشرة وخيط رفيع من البحر الفاصل بين الجارين الأنكليزي والسكوتلاندي.

نيو فراولة 12-09-10 05:38 PM


بحث في جيبه عن غليونه وقال:
" أقتربنا , عندما نجتاز القرية نصبح عند عتبة دارنا".
" القرية؟".
سألت وهي تسلخ بصرها عن خيط البحر الرفيع متسائلة ما أذا كان عميقا وباردا قابل للعبور كالخليج القائم بينها وبين آدم .
" كالدبك مسقط رأس جون بيل صياد الثعالب الشهير , سمعت الأغنية ولا شك ".
راحت تردد الأغنية :
" بالطبع , أتعرفون جون بيل بمعطفه الزاهي.......".
فقال مصححا :
" بمعطفه الرمادي , كان يرتدي معطفا رماديا بأزرار نحاسية , ويشتهر بخطاه الرشيقة وعينيه الرماديتين الجذابتين القادرتين على النظر ألى الأبد".
" كعينيك تماما".
قالتها بينها وبين نفسها وتاهت في أعماق عينيه الزرقاوين غير مدركة أن الحنين واضح على محياها وثغرها المرتعش وفي عينيها الصافيتين , تتوسل نظرة تشجيع واحدة منه , وتخلت عن تحفظها , بالنسبة أليها , الحب بهجة مشتركة وهي سخية معطاءة , فدنت منه وألقت برأسها على كتفه وقالت له بلطف:
" آدم , نقضى نصف نهار على زواجنا ولم تعانقني بعد".
شعرت بكتفه ينتفض بوحشية وأبعدها عنه ألى أقصى ما يمكن:
" أنسيت أننا تزوجنا لنسكت الألسنة الثرثارة ؟ لا ولن أشعر بميل نحوك , ولكنني سأتحملك علما لشعوري بأنني مدين لوالدك , وأشك في كونك ذات شخصية عميقة ومقدرة كافية لتحمل تعب الحياة هنا ولو لهذه الفترة القصيرة , وأنا مقتنع بأنك ستهرولين عائدة ألى لندن بأسرع ما يمكن وهذا ما أتمناه , وأثناء أقامتك هنا تذكري أنني أمقت الألأعيب النسائية , نشأ الرجال هنا ليكونوا صيادين , تحرشات الأمرأة تثير ريبهم ويعتبرونها مرفوضة , وهذا الشعور يساورهم لدى رؤية ثعلبة تستدرج كلاب الصيد ألى جحرها".
مشهد الخراف تجوب الحول الممتدة على ضفة النهر لم يخفف عن تامي ما عانته من ألم الصد طوال ما تبقى من الرحلة , كان آدم ينطلق بالسيارة بأقصى سرعة عبر حقول مهجورة ألا من قطعان ترعى , شمس خجولة حاولت الأشراقعلى قمة متجهمة فأخمدتها غمامة تلبدت حول تلك القمة المكسوة بالثلوج , بعد مسيرة ساعة بالسيارة أبتدأت تامي تزداد فهما , لا يمكن أن تكون في جزيرتهم المزدحمة بالسكان أميال شاسعة من الأر العراء الخالية من السكان الأدمين يخيم عليها سكون يتردد فيه الصدى كرنين الجرس.
لطالما تبرمت في لندن من أزدحام الملايين الذي يجعل الجو خانقا , وكانت كلما شعرت بالضيق تلجأ ألى الزورق وتقوم بنزهة بحرية تروح بها عن نفها , وهنا يتوفر لها الوحدة والسكون اللذان طالما حنّت أليهما , فلماذا يتولاها الخوف؟ لماذا تشعر بأنها تجردت من بريق الحياة العصرية الزائف وتنحني بأستسلام أمام كيان عظيم غير منظور؟
" وصلنا".
منتديات ليلاس
رنة الأرتياح في صوت آدم أنتشلتها من تيه أفكارها وهزت كيانها , كانت السيارة تجتاز طريقا وعرة تؤدي ألى بيت ضخم يقوم على جانبيه برجان أضفيا عليه شكل الحصون القديمة , يكسو الطحلب الأخضر سطحه القرميدي , وبابه الخشبي الضخم مشرع للريح الشمالية الباردة.
أرتعدت تامي وهي تغادر السيارة فأسرعت وألتقطت معطفها الصوفي السميك الملقى على المقعد الخلفي.
تنشق آدم الهواء بنهم ظاهر وقال:
"ستجدين أن معطفين لا يكفيان لمكافحة البرد في الشمال , لا تدعي الشمس تخدعك , سوف يتساقط الثلج الليلة على الجبال الشاهقة".
وصدقته , الريح الشمالية كتمت لها أناسها , وفيما كانت تسير ألى جانبه مترنحة على حذاء عالي الكعبين , وتتساءل ما أذا عليها أن تعرض عليه المساعدة في نقل الأمتعة , أذ بصرخة أبتهاج جعلتها تلتفت بسرعة بحيث كادت تفقد توازنها.
" آدم! ولدي العزيز".
" أسرعي يا فيني., وصل آدم ".
" عمتي هونور!".
ترك آدم الحقائب وطوق بذراعيه أمرأة نحيلة كانت قد جرت نحوه.
لم يتغيب سوى ثلاثة أيام! أذهل تامي هذا الترحيب الحار , وبينما هي واقفة تشاهد ذلك , مرت بها أمرأة طويلة بارزة العظام مسرعة لكي تفصل الأمرأة الضئيلة عن آدم الذي لا تزال تطوق عنقه بذراعيها , وكان من الواضح أنها تنوي المطالة بحصتها من الأهتمام.
" قلت أنك ستتغيب يوما واحدا فقط".
قالت الطويلة بعد أن طبعت قبلة حارة على وجنته.
" لا يحق لمن هو مسؤول عن ألفي نعجة وثلاث مئة كبش والعديد من الماشية أن يتغيب ثلاثة أيام كاملة".
شكل آدم الخجول فتن تامي , كان يتململ كتلميذ أهمل واجباته:
"أنا آسف يا عمتي فيني , أخرتني مصيبة لم أستطع تحاشيها".
تولى تامي حياء ساخط , أطلق الناس عليها شتى النعوت في حياتها ألا نعت( مصيبة) فأخذت تضرب الأرض بحذائها بعصبية . لم يولها أحد أي أهتمام وكأنها غير مرئية فأطلقت سعالا حادا جعل جميع العيون تتجه نحوها .
قال آدم بصوت أشبه بالصراخ:
" عمتي فيني, عمتى هونور , هذه تامي.......... زوجتي".
" زوجتك!".
أنطلق صوتان في آن واحد , أحدهما مرتفع منفعل والآخر أجش مستاء , وبدت عليهما دهشة قائقة.

قصائد 12-09-10 06:58 PM

سلام الرواية مرة حلوةةةةةةةةةةةة

نيو فراولة 12-09-10 08:13 PM

قدمهما أليها بحسب درجة أهمية كل منهما:
" تامي , هذه عمتي لافينيا وندعوها فيني ".
رمقتها العجوز بنظرة ملية .
" وعمتي هونوريا وندعوها هونور".
أشرقت أساير العجوز الثانية .
عسل وخل! وأرتسمت على شفتي تامي أبتسامة ساخرة ثم راحت توبخ نفسها لتسرعها في تكوين الرأي , وأزدادت أبتسامتها أتساعا عندما تقدمت العمة هونور عارضة وجنتيها :
" يسرني يا عزيزتي أن يكون آدم قد وجد أخيرا عروسا شابة جميلة".
منتديات ليلاس
زمجرت الريح عندما حان دور العمة فيني في الكلام , أخذت عيناها الناقدتان تجولان في قوام تامي وتلكأتا عند قدميها , وقد بدا عليها الذهول من الأنوثة المناقضة للحذاء العالي الكعبين :
" أحقا تستطيعين المشي بهذا الحذاء المضحك؟".
قالتها ود تجعدت شفتها العليا .
غاص قلب تامي , يبدو أن هذه المخلوقة النحيلة , الحادة التقاطيع , الجارحة النظرات , قررت ألا تحبها , بخلاف أختها الموردة الوجنتين.
شمخت تامي بأنفها وقالت:
" بالطبع".
ومشت ألى الأمام على صخرة حادة الأطراف فتعثرت ولو لم تمتد يد آدم أليها بسرعة لسقطت أرضا.
أطلقت العمة فيني آهة وقد أوقدت شعلة الخجل في وجنتي تامي .
وأردفت العمة هونور قائلة :
" أرجو ألا يكون قد أصابك مكروه , أدخلي ألى البيت وأريحي كاحلك , عظام كاحليك رقيقة بحيث لا تتحمل طرقاتنا الوعرة ".
عندما أصبحت تامي في القاعة الكبرى شعرت وكأنها عادت قرنا ألى الوراء , ستائر مزركشة طمس الزمان ألوانها تتدلى على جدران حجرية رمادية اللون , رايات بالية ترفرف في الهواء المتدفق من المدخل المفتوح , والقماش الحريري المهترىء جعلها تحبس أنفاسها خشية أن يتهاوى ويتفتت , أبواق صيد نحاسية طويلة تتدلى بأنحراف بين لوحتين زيتيتين داكنتي الألوان , دنت منهما لترى فيهما فرسانا على صهوات جيادهم وفي أيديهم أكواب قدمتها لهم خادمات بشوشات , وكلاب للصيد نفد صبرها فراحت تنبح , درج عليه ثروة من المنحوتات الجميلة تمتد ألى أرتفاع مجهول من أرض كست بعض جوانبها متنوعة من جلود الحيوانات.
أما غرفة الجلوس التي أقتادوها أليها فتختلف كليا عن القاعة , أختلاف شخصيتي الأختين , الطبقة اللماعة على المفروشات , الطاولات القديمة , والمقاعد الفاخرة المصطفة ألى جدار زاهي اللون أستغرقت ساعات طويلة من العناية , الستائر الزاهية تتماوج على النوافذ المطلة على المناظر البديعة للجبال , وموقد ضخم فيه نار مستعرة ينتشر منها الدخان واللهب وتلتهم الحطب الزكي الرائحة , سجادة تحمل جميع ألوان الخريف زادت من دفء الغرفة ووفرت الراحة والأطمئنان لكلب صغير يربض أمام المدفأة المكشوفة .
ألقت العمة فيني نظرة حادة عليه وصرخت:
"هونور , كم مرة يجب أن أمنعك من أدخال الكلاب ألى البيت؟".
" البرد شديد في الخارج وهو لا يزال جرو!".
" أخرجيه ".
أمرتها العمة فيني وكتفت ذراعيها وكأنها تستعد لخوض معركة .
ثارت ثائرة تامي , يبدو أنه ساءها وصول آدم وبصحبته عروس مجهولة فقررت صب جام غضبها على الكلب المسكين.
" أليس جميلا؟".
وجثت ألى جانب الكلب النائم ذي الشعر الفضي الحريري , الطويل الأذنين والقوائم وغير مكتنز الجلد .
" يا للصغير الجميل , أبق معي هنا".
فردت العمة فيني بحزم :
" لن يبقى".
كاد أرتطام الكلام أن يكون مسموعا , ثم أنطلق صوت هونور بوجل :
" فيني , هذا منزل آدم , وتامي هي زوجته".
منتديات ليلاس
وردّت فيني بأنفعال :
" أنها شديدة المراس".
وقال آدم بتردد :
" عنيدة".
أومأت تامي برأسها وقالت:
" نحن ,معشر آل ماكسويل ثوار مشهورون".
كان لقولها وقع الصاعقة على سامعتيها , وأستدارت أربع عيون نحو آدم.
" هل قالت ماكسويل؟".
كانت العمة فيني في حالة هياج جامح , بينما لزمت العمة هونور الصمت .
" جئت بعروس من آل ماكسويل ألى هذا البيت؟".
كان أرتباك آدم تأكيدا للواقع , أطلقت فيني شهقة ذعر وأستدارت على عقبيها وغادرت الغرفة تلحق بها أختها التي تضاهيها تعاسة.
أستدار آدم أليها والشرر يتطاير من عينيه:
" أكان من الضروريأن تفجري النبأ على هذا النحو؟ كنت أنوي أبلاغهما ذلك بلطف وفي الوقت المناسب".

نيو فراولة 12-09-10 08:29 PM

نهضت تامي وهي لا تزال تحتضن الكلب , منذ قليل قال آدم أنها ( مصيبة) والآن ,ينوي كتم أسمها , ورمته بنظرة تفيض تحديا وأزدراء.
" أبهذا القدر تخشى رأي عمتيك؟".
أنتفخت أوداجه غضبا غير أنه لم يكن في ردّه أثر للأنفعال:
" أنني لا أخشاهما بل أسايرهما لأنني معجب بهما , العمة فيني ليست شرسة كما تحاول أن تبدو".
وردّت متهكمة :
" تعاملك وكأنك صبي شرير ".
هز كتفيه وأثار غيظها بأبتسامة بشوشة:
" بالنسبة أليهما سأبقى صبيا شريرا , وأقول لك الحق , أعيش بخوف دائم من أن تضعني أحداهما على ركبتيها وتضربني على مؤخرتي".
فاجأها بهذا القول همسا.
منتديات ليلاس
نظرت ألى طوله الفارع وتقاطيع وجهه القوية المنحدرة من أجيال المناضلين , وفمه الذي يدل على قوة العزيمة , وذقنه العنيد والعضلات التي تبرز لدى كل حركة منه , وخطوته الثابتة المختالة , ولاحت على شفتيها أبتسامة عندما فكرت بهذه الكذبة , للرجل الذي أقترنت به أغوار لن تستطع سبرها , هذه الفكاهة غير المتوقعة كانت متعة أضافية , قليل من الرجال الذين عرفتهم أستطاع أضحاكها , كانوا يسعون ألى منفعة شخصية ويبالغون في أبراز الصورة التي يبغون الظهور عليها وهي الأغراق في الضحك , أما في آدم فقد وجدت بئرا غامضة من الظرف , لا يشرك فيه ألا القلة من الناس , وقالت مقهقهة:
"أنك مثير للدهشة , تبدو فظا بينما أنت لين العريكة".
وضعت الكلب أرضا وأتجهت نحوه وساءها التوتر الذي ظهر عليه جليا لدى أقترابها منه , وقف بدون حراك وفي حالة تأهب عندما مدت يديها تداعب ثنتي سترته.
" أنت شهم يا آدم وتولي حمايتك لمن تحب".
وشعرت بغصة في حلقها:
" أرجو أن أحظى بالشيء ذاته يوما".
أدركت أنه لا يملك المناعة التامة وقد فتنتها عضلة أنتفضت في زاوية فمه , ولفترة ساد صمت مشحون بالترقب وخيّم توتر مؤلم خانق.
لاح بصيص أمل في قلبها , كان يكرهها ويحتقرها ولكنه لأول مرة يشعر بها كأمرأة , كزوجة جميلة جذابة.
أعتبرت ذلك تشجيعا لها فطوقت عنقه بذراعيها , ولمّا لم يتجاوب معها أزدادت أقترابا في محاولة لمطالبته بحقوقها المشروعة كزوجة.
وهمست متوسلة:
" أرجوك يا آدم , أرجوك".
وتاهت في بحر عينيه الزرقاوين.
أنطلقت شتيمة فظيعة من بين شفتيه.
" كفي عن ذلك!".
وسدّد أليها دفعة أبعدتها مترنحة.
" أنك تجعلين من هذا وضعا لا يطاق".
منتديات ليلاس
أطلقت زفرة حارة وبذلت جهدا كبيرا لتحبس دموعها.
" لماذا يا آدم , لماذا؟ لست لا مباليا كما تحاول أيهامي , بمحاولة منك نحقق السعادة ونجعل من زواجنا قمة في النجاح".
لم يكن غضبه منصبا عليها بقدر ما هو منصب على نفسه :
" أقر بكونك فاتنة وخاصة بلعبة الحب التي تمارسين , وأنا أشبه بصياد يجتاز ينبوعا باردا في قيظ النهار , وقد أغوص فيه ولكنني ولحسن الحظ أملك من الكرامة ما يكبح مشاعري , لا مكان في حياتي ألا لأمرأة واحدة ولها الأفضلية لدي , أما معك فأخشى أن أكون طريدتك الجديدة في نهاية صف طويل من الرجال.

شوشو2 12-09-10 09:00 PM

جميله حببتي تسلم ايدك ارجوكي كميليها بسرعه في انتظار التكمله علي احر من الجمر

نيو فراولة 13-09-10 11:35 AM

5- لص فظ من الشمال

عندما أصبحت تامي بمفردها في قاعة الجلوس كبت دموع الغضب , الزجر والأزدراء كانت جديدين عليها , عندما كانت مراهقة , أكتشفت مدى سلطانها على الرجال , فأستغلته , وكانوا يخضعون بالعشرات لتأثير فتنتها التي تلوح بها يمينا ويسارا وكأنها عصا سحرية , فينصاعون أليها ومع ذلك بقي قلبها بكرا لم يعرف رجلا.
تساءلت وهي تطلق بصرها عبر النافذة ألى الصخور الشاهقة:
"ما الذي أوقعني في حب لص فظ من الشمال؟".
منتديات ليلاس
سعال أعتذار سبق دخول هونور ألى الغرفة :
" أعددنا لك غرفة يا عزيزتي , تفضلي بمرافقتي فأرشدك أليها".
" هذا لطف منك يا عمتي هونور , أرجو ألا يضيرك أن أعتبرك عمتي".
" لا يضيرني أبدا ".
ولاح السرور على محيا العجوز وقالت متلعثمة :
" لا تعتقدي أننا نضمر شيئا ضدّك شخصيا , كان مجرد سماع أسم ماكسويل في هذا البيت صدمة لنا ".
وحدقت تامي بها:
" ما الذي يمنع ذكر هذا الأسم؟".
فأجابت العمة هونور:
" أنها قصة طويلة لا أظنك تودين سماعها , لا أعتقد أن ثمة ما يربطك بتلك العائلة".
" ينحدر والدي من عائلة ماكسويل , من أنانديل".
قالتها تامي بلطف.
أرتعشت شفة العمة هونور السفلى وأجابت:
" يا لله , أنت اذن من سلالة جوك الأسود".
أصيبت تامي بالذهول وسارت بالعجوز المرتعدة ألى الأريكة وجلست بجانبها :
" هلا أخبرتني بما فعل جوك الأسود؟".
نظرت العمة هونور حولها بحذر وكأنها تتوقع ظهور أختها , وهزت برأسها ولكنها أضطرت للأستجابة لنظرات تامي المتوسلة :
" بالواقع , لم يكن جوك الأسود بالذات , بل هي أبنته ميغ".
" أحقا؟".
وأستحثتها على الأسترسال بالحديث .
" أرجوك أن تكملي , لا يمكنك التوقف الآن".
أصلحت العمة هونور جلستها وقالت:
"كان ذلك منذ عدة قرون , وقد فقدت القصة شيئا من رونقها لكثرة ما رددتها الألسن , يقولون أن أبنة جوك الأسود أعجبت بشاب يدعى جوك فوكس وأغرمت به وبذلت المستحيل لتحظى به زوجا لها , كان حبا من النظرة الأولى , لأنه حينذاك لم يكن تعارفهما في مناسبة أجتماعية ممكنا أذ كان ثمة عداء مستحكم بين العائلتين , وكانتا تتداوران في غزو أحدهما للأخرى".
وسألتها فجأة:
" هل سمعت بغزاة الحدود؟".
فأجابت تامي :
" أعطاني آدم فكرة شاملة عنهم".
" كانت تلك حقبة فروسية في تاريخنا".
وتنهدت العمة هونور بغبطة:
" مجرد التفكير بها يجعل الدم يتدفق بسرعة في شراييني , غالبا ما أغمض عيني وأتخيّل أنني أسمع رنين المهاميز وأكاد أرى المقاتلين يحملون الغنائم ألى الديار , كان الغازي يقاتل بحماس ويمرح بحماس ويعشق كذلك بحماس , كان صديقا صدوقا وعدوا لدودا ,لا ينسى الأساءة ولا يدير ظهره للمحتاج , كانت القبيلة بأسرها تشعر بالعار أذا خان أحد أفرادها ثقة صديق أو عدو , قد يعتبر البعض هذه الحقبة من الشهامة المتهورة لأعمال جريئة خاطئة التوجيه لهدر أرواح الشبان , ومع ذلك ما من ولد لسكان الحدود ألا ويفخر بكونه سلالة أحد الغزاة في الأيام الغابرة ,بالنسبة ألى الغزاة السكوتلانديين والأنكليز من حيث يظهر خط شيفيوت الأزرق ومن هنا نشأ النزاع القبلي وغزوات السلب والنهب".
" أذن فالأأنكليز كانوا يمارسون الغزو أيضا؟".
سألت تامي وهي ترفع حاجبيها بدهشة:
" قال آدم أن السكوتلانديين فقط كانوا يقومون بغزو الأنكليز الممتثلين للقانون!".
منتديات ليلاس
هزت العمة هونور برأسها وأبتسمت:
" هذا غير صحيح , سلفنا جيمس فوكس رأى الفتاة التي حدثتك عنها لأول مرة أثناء أحدى غزوات آل فوكس لأراضي آل ماكسويل , قبضوأ على جيمس متلبسا بجريمة سرقة مواشي آل ماكسويل , فحكم عليه جوك الأسود بالشنق على شجرة الأعدام التي لم يكن بيت من البيوت المرموقة يخلو منها , ولكن ميغ أبنة جوك توسلت والدها لأن يعفو عن جيمس أذ أدّعت أنه قبل ساعات أخذها عنوة , أعترض اغازي الجريء على الأدعاء دفاعا عن براءته ولكن جوك الأسود رفض الأصغاء أليه وخيّره بين الأعدام والأقتران بأبنته , وأعتبر جيمس الخيار الثاني أسهل الشريّين ووافق على الأقتران بميغ ماكسويل بأشمئزاز كبير وفي ظل المشنقة , مع أن القانون الأنكليزي كان يعتبر الزواج من سكوتلندي أو أكوتلاندية خيانة وطنية".
ربتت العمة هونور على ركبة تامي وقالت:
" ربما تدركين الآن سبب عدم ثقتنا بقبيلة ماكسويل , ولكن ليس ما يدعوك للقلق , أؤكد أنك لا تنحدرين ألى هذا الدرك للأقتران بآدم ".
رفعت تامي يدا باردة ألى وجنتيها اللتين نداهما الخجل , وتساءلت عما تكون ردة فعل العجوز أذا علمت أن مزاحا مارسته مع آدم كرر قصة سخط والد من آل ماكسويل على رجل من آل فوكس , وبالطبع لم تكن هناك مشنقة يتهرب منها آدم , وتململت بقلق , لا شك أنه فكر بالتأثير السيء الذي يولده أنسحاب والدها من الصفقة على المزارعين الذين يمثلهم.


أما الزواج أو أفلاسه وأفلاس أصدقائه , هذان هما الخياران اللذان كانا أمام آدم , ومثله سلفه أختار أسهل الشرين .

نيو فراولة 13-09-10 12:07 PM

وسألت تامي:
" ماذا جرى لجيمس وميغ:
بدا القلق على محيا العمة هونور لدى رؤية الغم المسيطر على تامي وقالت:
" أنك رقيقة القلب بالرغم من طريقة حياتك العصرية , لو كنت أعلم أن الأسطورة سوف تسبب لك الغم لما سردتها عليك , كل ما عرفه الناس عن جيمس وميغ هو أنهما أنجبا ثلاث بنات وسبعة أبناء".
وراحت تضحك وبعد لحظات من الذهول شاركتها تامي الضحك , ضبطت نفسها في البداية ثم تخلت عن تحفظها عندما أدركت قصدها.
قالت وهما تضحكان :
" آه , يا عمتي هونور , ألا يكون من المضحك أن يعيد التاريخ نفسه؟".
صوت فظ قطع عليهما مرحهما:
" حمل آدم أمتعتك ألى فوق , وأنك بلا شك , تريدين أن ترتبي حاجياتك".
هبطت العمة هونور على قدميها :
" كنا قادمتين يا فيني أنا التي أخرت تامي بثرثرتي".
" أصدقك".
قالت أختها مزمجرة وحدقت بتامي وكأنها تتوقع أن ترى رأسا آخر ينبت لها.
ساءها خنوع العمة هونور فقالت بشموخ :
" لا يزال في الوقت متسع , لديكم خادمة ولا شك بأمكانها أن ترتب حاجياتي".
أنتصبت قامة العمة فيني قليلا وقالت :
" لا خادمة لدينا وعليك أن تخدمي نفسك ما دمت هنا".
هزت تامي كتفيها :
"لا بأس , سيري أمامي".
منتديات ليلاس
ولكن العمة هونور هي التي رافقتها وقالت لها بلطف :
" أعتقدنا في البداية أنك سوف تشاطرين آدم غرفته , ولكنه أصر على حاجتك ألى غرفة خاصة بك تحتوي على خزائن فسيحة , ولذا وضعنا أمتعتك في الغرفة الملاصقة لغرفته ومع ذلك أشك بتوفر المساحة الكافية لأمتعتك الكثيرة".
تولت تامي الدهشة , تركت ثلاثة أرباع حاجياتها في الشقة بعد أن شدّد آدم عليها بحمل الضروري منها فقط.
كانت في غرفة نومها تطل على سفح الجبل الذي يغمره لون ذهبي تحت أشعة شمس الأصيل , سرير بأربعة أعمدة تكدّست عليه أغطية أثارت شكها بأن الموقد الذي تم أشعاله بسرعة لن يكفي لأبعاد الرياح , التي ستهب عن الجبال التي تكسوها الثلوج فتخترق شقوق الجدران القديمة , الألواح الخشبية التي تكسو الجدران والستائر المخملية السميكة أضفت جوا من الأطمئنان , وكذلك بدت الخزانة كافية لأستيعاب حاجياتها.
وضعت العمة هونور المزيد من الفحم في الموقد وقالت بلطف :
" نصف ساعة ويصبح الفحم جمرا جمرا وعندها تشعرين بالدفء , النار في غرفة النوم رفاهية ولا نوقدها ألا أذا كان في الغرفة مريض".
" ما كان يجدر بك أن تتجشمي المشقة لأجلي".
قالت تامي معترضة وقد هالها العمل الأضافي الذي حمله الكاهلان اللذان ينوءان بالأعياء .
" أنا فتية وصحتي جيدة , أذ كنت وأختك قادرتين على العيش بدون نار فكذلك أستطيع أنا".
" آدم أصر على ذلك يا عزيزتي".
رنة صوت هونور البسيطة أوحت بعدم جدوى الجدل.
" سأتركك لتستبدلي ملابسك ,نصف ساعة ويكون العشاء جاهزا , ستكونين وآدم مستعدين له , ولا شك ".
كان الحمام في الرواق , ولدى دخولها أليه , أنبأتها رائحة صابون ريت افحم بأن آدم سبقها في أستعمال الحمّام الأثري الذي بدت عليه بقع سوداء من كثرة تنظيفه , حنفياته قديمة تتدفق منها مياه فاترة مبعثرة ,وهنا تذكرت حمامها الفخم , قامت بغطسة سريعة وخرجت من الحوض وتناولت منشفة لفت بها أطرافها المرتعشة , وبعد فرك سريع لجسدها أندفعت ألى غرفة نومها وأرتدت أسمك ملابسها وفوقها ثوب صوفي طويل الكمين ياقوتي اللون , تبرجت قليلا وأطلقت مشطا سريعا في شعرها ووضعت قرطين من الياقوت في أذنيها .
كان آدم ينتظر في قاعة الجلوس :
" أراك قد أستبدلت ملابسك للعشاء , كنت أنوي تنبيهك ولكنني نسيت , أنني أعتبر ذلك هدرا للوقت , ولكن العمتين تصران على الرسميات عد الساعة الثامنة مع أنه لا يزورنا أحد , أنهما تتمسكان بالتقاليد القديمة ".
" هذا يروق لي ".
قالت تامي مبتسمة وأخذت كوب المرطبات الذي قدمه لها .
" لا تنتزع علامات الحدود التي وضعها الآباء".
عقد حاجبيه لدى سماعه هذا القول وقد أدهشه أطلاعها على محتةيات الكتاب المقدس.
منتديات ليلاس
" أنني أعتبر ذلك أذنا للأموات بالتحكم بالأحياء".
هز كتفيه وقد أذهله منظر الجمال يلتصق به كضلع يضاف ألى ضلوعه:
" العمتان جاهزتان لتقديم العشاء , والأفضل ألا نتأخر عليهما ".
أرتفعت معنويات تامي عندما سارت أمامه ألى قاعة الطعام حيث كانت العمتان تذرعان الأرض جيئة وذهابا.
أطلقت للعمتين أبتسامة خلابة عندما جلست على أحد المقاعد وتقبلت صحنا من السمك المكسو بصلصة الخردل.
" سيكون طعامك هنا بسيطا ولذيذا".
قالتها العمة فيني بلهجة الأتهام تقريبا.
" عندما تتذوقين لحم البقر , سمك سولواي ولحم خروف هردويك الشهي ستحتقرين المآكل الوهمية ,بالمناسبة يا آدم , كيف جرت أعمالك في لندن؟ هل تمكنت من عقد صفقة أفضل للمزارعين؟".
قالتها بطريقة مفاجئة جعلت يده تتوقف بالطعام قرب شفتيه.

نيو فراولة 13-09-10 04:13 PM

بأنتباه شديد أخفض آدم يده التي تحمل الطعام وأجاب:
" أجل , وذلك بفضل والد تامي , عرض شراء كل ما لدينا بسعر أفضل من الذي عرض علينا مؤخرا في المزاد".
" ما الذي دفعه ألى ذلك؟".
طرحت العمة فيني السؤال الذي طالما تردد في خاطره.
أجاب وهو شارد اللب:
" لست أدري , شرحت له كيف أنني وزملائي نواجه خطر الأفلاس بسبب تدنّي أسعار أصوافنا".
وقال مخاطبا تامي:
" هنالك هبوط في سوق الصوف لأن الألياف الأصطناعية التي هي أرخص ثمنا وأكثر متانة تسيطر على السوق , وبنتيجة ذلك فأن الأسعار المعروض علينا ثمنا لأصوافنا هي أدنى بكثير من أكلاف طعام حيواناتنا".
قالت العمة فيني مقاطعة:
" هذا الرجل.......".
منتديات ليلاس
" جوك ماكسويل هو والد تامي زوجتي".
زجرها آدم ببرود ظهر الأشمئزاز على محياها لأضطرارها ألى التفوه بالأسم.
" أليس جوك ماكسويل رجل أعمال؟ لماذا وافق على دفع ضعف ثمن ما يلزمه؟".
أجاب آدم متلعثما:
" ربما عطفا منه على مزارعي الجبال , وقد يكون سعيي وراء العدل أصاب منه وترا حساسا".
" هراء".
نهضت العمة فيني تجمع الصحون الفارغة.
" لم يولد السكوتلاندي الذي يفضل العدل على المال , والماكسويل العطوف نادر ندرة الثلج في الصحراء , ولكن ليس فيهم أحمق واحد , آدم , أحترس من المساعدة التي يقدمها ماكسويل , سوف تكتشف أن وراء مساعدته دافعا يثير الشهية ".
الأهانة خنقت تامي فدفعت بصحن الطعام الذي كانت العمة هونور وضعته أمامها وصرخت بغضب نحو العمة فيني :
" كيف تجرؤين على هذا القول؟ والدي هو أكرم الناس قاطبة وهو على أستعداد دائم لمد يد المساعدة ".
" ربما يساعد ذويه وأبناء جلدته ولكنه لا يساعد أنكليزيا وخاصة أذا كان من آل فوكس".
شعرت تامي بأنها تتخبّط في مستنقع من العداء القديم والألتزامات العشائرية وكانت تظنها أنقرضت منذ أجيال , ووجدت صعوبة في كبح جماح غضبها وحاولت الكلام بتعقل:
" لم يعد السكوتلانديون والأنكليز في حالة حرب , الغيرة العمياء والأقتتال العائلي والشرائع العشائرية جميعها أندثرت منذ سنوات عديدة و عندما أصبحت الحدود جسورا تقوم على روابط القربى التي نشأت عن التزاوج فولدت ثقة متبادلة في المعاملات التجارية كالتي ينوي آدم ووالدي أجراءها , وقد شاع التزاوج بحيث أنني أشك بووجود سكوتلاندي حدودي واحد ليست له روابط بعائلة أنكليزية , وليس في هذه المنطقة الريفية والجبال النائية والوديان الموحشة ما يشير ألى أن هذه الأرض كانت يوما ساحة حرب دامية , السطو والسلب أنقرضا منذ أجيال ويصعب التصور أن هذه الأرض كانت للأشراروتفصل بين الأشراف الأنكليز الحدوديين والخارجين على القانون السكوتلانديين".
أدهشها أن تكون العمة هونور هي التي ناقضتها بصوت حالم يتمشى والنظرة التائهة التي في عينيها:
" الأمر ليس كذلك يا عزيزتي ! أرواح ألأسلاف لا تزال تحيط بنا. صرخات الغزاة تحملها الريح لتتحول ألى همس في مناقير الطيور وألى عويل بين أغصان الأشجار التي تدلي برؤوسها ألى المياه الراكدة وليلا , عندما يكون القمر بدرا وتكون الرياح شديدة , بحيث تدفع بالغيوم القاتمة عبر قمم الصخور الشاهقة , تضطرب الحيوانات , وبدون أي سبب ظاهر تنبح الكلاب وتهرب الخراف قطعانا عبر الجبال ,ويقلع الثعلب عن التجول , ويسرع عائدا ألى جحره ,كل ذلك بسبب أصوات الأشباح التي لا يسمعها سواها وقلة ضئيلة من الناس , صليل السيوف , صرخة رجل ينقض على عدوه , الحشرجة الأخيرة لعدو يخترق سيف جسده".
أرتجفت تامي متأثرة بشدة معتقدات العجوز , وعندما ألتقت عيناها عيني آدم قرأت فيهما تحذيرا من التهكم , وأمرا بأن تحذو حذوه فتتحمل عن طيب خاطر , كفت عن الجدال والحزن يخيم عليها , هزمتها مقاومة عنيفة من عقل لا يمكن أن تصل الكلمات أليه.

نيو فراولة 13-09-10 04:55 PM

6-لقاء ينتهي بعاصفة

بعد منتصف الليل بقليل أستيقظت تامي ترتجف بردا , وكانت النار في الموقد قد خبت , وعندما أطلت برأسها من تحت الأغطية كان جو الغرفة أشبه بالجليد , ورأت نور القمر ينساب من خلال الستائر المسدلة , ولاحت لها في الخارج كتل الصخور الضخمة البارزة بأشكالها غير المنتظمة.
لفّت جسدها المرتعد بالأغطية الثقيلة وقد حنّت ألى لحافها الدافىء خفيف الوزن وألى حرارة شقتها في لندن , أحسّت بأنها تعيسة , كسيرة الفؤاد ولم يسبق لها أن شعرت بمثل هذا البؤس في حياتها , بعد العشاء , أستأذن آدم للذهاب ألى أجتماع للمزارعين وأوت العمتان ألى الفراش باكرا , تركوها ولا رفيق لها سوى جهاز للراديو ومكتبة حافلة بكتب قالت العمة فيني أنها تتحدث عن تاريخ الحدود وهي كفيلة بتحسين معارفها .
ألقت نظرة عابرة على عناوين الكتب ولمّا لم تجد ميلا ألى المطالعة أستقرت في مقعد مريح تنتظر عودة آدم , ولكن عند الساعة الحادية عشرة أخذ البرد يزداد تدريجيا في اغرفة وبما أن حطب الموقد أصبح رمادا أضطرت للجوء ألى فراشها.
تشنّجت عندما سمعت صرير الألواح الخشبية التي تكسو الأرض خارج غرفتها , وأصغت ألى وقع الخطى يجتاز البهو ثم يتوقف عند باب الغرفة المجاورة , فأسترخت على وسائدها وشعرت بالأطمئنان لأن آدم عاد ألى البيت.
راودتها فكرة القرع على الباب الفاصل بين الغرفتين ولكنها قاومتها ,ولماذا لا تفعل ذلك ؟ أن آدم هو زوجها وليس من حقه أن يقفل الباب الفاصل بين غرفتيهما في أول ليلة من شهر العسل , وبحركة لا شعورية غادرت فراشها وأندفعت نحو الباب وعندما حاولت فتحه وجدته مقفلا.
منتديات ليلاس
راحت تدق الباب:
" آدم , دعني أدخل".
توقفت الحركة في الغرفة المجاورة فجأة وسمعت وقع خطى تقترب :
" ماذا تريدين؟".
كادت أن تتراجع من شدة الخوف فتابع قائلا:
" الوقت متأخر ويجدر بك أن تكوني نائمة".
تحملت الأهانة وقالت من بين أسنانها المصطكة :
" يجب أن أتحدث أليك وأرفض محادثتك والباب مقفل بيننا , فأرجوك أن تفتحه".
همسات آدم الساخطة كانت مسموعة وهو يدير المفتاح , وعندما أنفتح الباب بقي واقفا على العتبة يحدّق مذهولا بقوام تامي المرتعد , وقد غلفه القمر بخيوطه الذهبية الخلابة وبدت فاتنة جذابة في قميص نومها الحريري الشفاف.
" يا لله!".
وأضاف بلهجة مجردة من كل أطراء:
" أليس لديك ما هو أكثر أحتشاما ترتدينه؟".
بلى , كان لديها ما هو أكثر أحتشامل ولكنها أبت الأقرار بذلك , أنتقاؤها لجهازها كلّفها الكثي من العناء , فلا البرد ولا المكان العدائي الذي أنشأ أناسا عدائيين بقادرين على أقناعها بالتخلي عن قميص نومها الحريري لترتدي آخر أكثر أحتشاما.
عندما نظر ألى الأرض أدركت أنه يتهرب من تأثيرها عليه , وسألها بأقتضاب:
" ماذا تريدين ؟ الأحرى بنا أن نكون في الفراش".
صممت أن تكون جريئة , فتشبثت بذراعه وألقت برأسها على صدره وقالت بهمس حنون:
" أجل يا آدم , أنني أشاطرك الرأي".
تتابعت انفاسه بصوت مسموع وأذا بيديه تنقضان على كتفيها وتهزانها بعنف .
قال وهو يصرف بأسنانه:
" تبا لك يا تامي , يجب أن تقلعي عن كل ذلك , أتسمعين ؟ أتريدين أن تثبتي أن تامي ماكسويل تنال كل ما تريد؟".
توردت وجنتاها خجلا , وحبست أنفاسها , ورفعت رأسها ونظرت ألى محياه الغاضب والتحدي يشع في عينيها وقالت :
" أنا تامي فوكس ولا أطلب سوى محبة زوجي والشعور بذراعيه يطوقانني , هل أغالي في الطلب؟".
بقي صلبا لا يلين , وأمسك بذقنها بين أصبعيه وتكلم بنبرة تفيض قسوة :
" طفلة مدللة مثيرة للغضب! العاطفة الوحيدة التي أكنها لك هي المحال , لأن والدك الخرف حقق كل أمنية لك , تتوقعين الشيء ذاته من زوجك! ولكن هذا ليس أسلوبي".
وأشتدت قبضته ألى حد لا يطاق وتابع حديثه:
" أريد زوجة تضع أحتياجاتي في المرتبة الأولى , وتجعلني مركز أهتمامها , وأن تشتغل جنبا ألى جنب في جميع الأحوال الجوية بدون أن تتذمر من البرد أو الأوساخ أو التعب , وأنت لا تتمتعين بشيء من هذه المؤهلات".
وبدت السخرية في عينيه وهو يرمقها من رأسها حتى أخمص قدميها.
" لا شك في أننا سنكون منسجمين في المجالات العاطفية, ولكن ظروفي لا تسمح لي بأتخاذ صديقة , بل أريد أمرأة تكون لي زوجة طوال الأربع والعشرين ساعة باليوم , لا فتاة غريبة أمضي معها هنيهات فراغي".
تجاهلت أحتقاره , وركزت أهتمامها على الشروط التي أبداها فقالت:
" سوف أشتغل معك يا آدم , سأنفذ كل ما تطلبه مني , أجد متعة في الطهي والتنظيف وسأكون مقتصدة ..".
فأجاب ساخرا والضحكة تتكسر بين كلماته:
" ستقتصدين بطلاء أظافرك!".
وهنا تحركت طباع آل ماكسويل , لقد أذلت نفسها كثيرا أمام هذا الجبلي المتعجرف , وزحفت على ركبتيها أرضاء له , ولم تلق منه ألا التهكم والصد , ولكنها لم تشأ الأعتراف بالهزيمة حتى ولو تسلط سيف على عنقها , لم يكن عليها سوى تغيير أسلوبها.

نيو فراولة 13-09-10 05:13 PM

الأنين الذي أطلقته بدا حقيقيا , وعندما أرتمت على صدره لم يسعه ألا أن يتلقف جسدها المتهاوي.
" ما بك؟".
كانا يتجادلان بهمس ألا أن الخوف أنساه أنه قد يسمعهما أحد فأزداد صوته أرتفاعا والقلق يسيطر عليه :
" تامي , بالله عليك , أخبريني ما بك!".
قالت وهي تئن :
" أشعر ببرد شديد ".
" أكون مندهشا أذ لم تشعري بالبرد".
أخفت أبتسامة في كتفه وهو يحملها ألى السرير , حيث رفع الغطاء العلوي ووضعها بين الأغطية الناعمة , وراح يدلك أطرافها بلطف لتنشيط دورتها الدموية , ووجدت صعوبة في التظاهر بالجمود بينما كانت كل لمسة من أصابعه ترسل الدم حارا في شرايينها .
كادت أن تنفجر ضاحكة عندما تذكرت كيف أنها كانت تتهرّب من مثل هذا الموقف , ولم نس أن تطلق أنينا خافتا لتوهمه أن أرتعاشها مبعثه الرد.
" ضمني أكثر أليك يا آدم , أعتقد أنه سيغمة عليّ".
جازت عليه الخدعة مضمها وأزداد في تدليك أطرافها , تشبثت به بينما كان منهمكا في مهمته , ولم يدرك مدى نجاحها ألا عندما طوق عنقه ذراعان حنونان.....
تصلب فجأة أذ أدرك أنه كان ضحية أستدراج ألى هذا العناق , وتساءلت تامي ما أذا كان غاضبا , ثم قررت ألا تبالي خاصة أنها شعرت بالدفء يسري في كيانها , وطريقة تنفسه أنبأتها بأنه يدرك كونها أمرأة جذابة وعروسا متفانية في حبه.
أستغلت هذه الهنيهات وهي تتوقع الصد المعتاد والسيل من العبارات الجارحة ,ولما لم يحصل شيء من ذلك , تجرأت على فتح عينيها , فهالتها العاطفة الجياشة التي أثارتها في العينين الزرقاوين , وعندما راح يهمس بأسمها أدركت أنها أنتصرت , كان صوته أشبه بماء في ساقية.
" أحبك!".
همستها في أذنه برقة , وشعرت به يرتعش , أقتنعت بأن تصرفاته الفظة لم تكن سوى عقابا فرضه عليها كتحذير لكي لا تحاول أحتواء روحه المستقلة , هذا الرجل الجبلي يريد أن يكون طليق الروح كصقر يجوب الأجواء رافضا جميع أنواع القيود , سواء كانت جسدية أو عاطفية أو زواجية , كان أنطواؤه على نفسه عقبة قامت بينه وبين العاطفة الجياشة التي تكت=نها له , ولكن العقبة زالت وأصبح الصقر مستعدا لأن يكون رهن أشارتها وطوع بنانها.

نيو فراولة 13-09-10 05:46 PM

أحست وهي بين ذراعيه بمشاعرها تبعث حيّة وكأن العاطفة التي خمدت سنوات طويلة بعثها الحب ألى الحياة ثانية و تولتها غبطة عارمة , خيل أليها أنه أصبح كليا تحت سيطرتها ألى أن ضمها ألى صدره بعنف وراح يوجه أليها العبارات النابية.
" أيتها المغرية اللعينة والمحتالة الصغيرة! تعمّدت الأيقاع بي , ولكن كيف أستغل طفلة قادرة على سلب الرجل عقله ؟ ترى , أتملكين الأنوثة الكافية لتحمل نتائج عملك؟ أم أنك تظنينني ساذجا ؟ ربما ثقتك بنفسك نابعة من سابق خبرتك؟".
فقالت متوسلة:
" لا تجعلني موضع الشك يا آدم".
ووضعت راحتيها على وجنتيه النحيلتين وراحت تتوسل اللين في عينيه الزرقاوين العاصفيتين , كانت على أستعداد لأن تضع نفسها بتصرف هذا الرجل , وبكل حياء وعلى سبيل التجربة حاولت أن تشرح له أسباب تحفظها الذي أثار دهشة وأستغراب أكثر صديقاتها تحررا.
منتديات ليلاس
" لم أستسغ فكرة العيش في ضياع دائم مع أنني تعرضت ألى ضغوط هائلة لكي أسلك هذا السبيل , كنت أريد أتحادا دائما مع رجل واحد , ولكن حتى لقائي بك لم يكن هنالك رجل أشعر نحوه بأدنى ميل لأشراكه في حياتي , وبدافع غريزتي , كنت واثقة أن الرجل الذي أنشد سيظهر يوما , ولكي أحفظ نفسي له فقط أصبحت أميل ألى الوحدة".
وأزدادت به ألتصاقا , وتمنت أن يبقى على رقته هذه , فيكون لها الزوج المثالي ويحقق لها الحلم الذي يداعب مخيلتها منذ أن أدركت معنى الحياة , تمنت أن يتخلى نهائيا عن تصلبه وأزدرائه لها فتنعم بحياة زوجية هانئة تخيم عليها السعادة بقرب زوج يتفانى في حبها ويكن لها كل تقدير وأحترام.
همس في أذنها:
" ما الذي يؤكد لي أن هذا سيدوم ؟ ما الذي يضمن لي أنك لن تمليني بعد حين؟".
فأجابت تطمئنه بحماس:
" لم يكن في حياتي سواك...... لم يكن في حياتي رجل بالمعنى الصحيح , أحببتك في أول لقاء لنا وحتى والدي لاحظ ذلك , حتى أنه........".
كف عن كل حركة وقال:
" أكملي , حتى أنه ماذا؟".
ولشدة غبائها قالت له بحياء:
" حتى أنه تقدم أليك بعرض مغر لأبقائك في لندن , وبذلك أتاح لنا فرصة لتوطيد تعارفنا".
دفع بها بعيدا عنه بطريقة مفاجءة :
" ألقى بطعم لأصطياد السمكة , كان الأحرى بي ألا أثق بشخص من آل ماكسويل".
لم تصدق تامي أن هذه اللهجة القاسية تصدر عن شفتين كانتا منذ برهة وجيزة تهمسان بعبارات الغزل في أذنيها .
" هذا ينطبق على طباعك , رأيت شيئا أعجبك فأشتراه لك والدك الخرف".
" كلا , كلا!".
منتديات ليلاس
حاولت وقد هزها تأثير الصدمة أن تصلح ما أفسده أعترافها الغبي :
لقد حاول مساعدتي فقط".
فرد عليها بجفاء:
" ساعدك على نيل مشتهاك , لم تري بعد سوى الناحية الطيبة من طباعي وسنعرف رأيك بالناحية السيئة منها".
رفعها أليه ومددها على ركبتيه وراح يسدد ألى مؤخرتها صفعات لاسعة متتالية جعلتها معترضة غير مبالية بآذان العمتين المثيرة للفضيحة , وراحت تخدشه تارة , وتعضه أخرى في محاولة لوضع حد لهذا العقاب الأليم , سدد أليها عشر صفعات أخرى قبل أن يعتبرها قد نالت ما تستحق من عقاب , ثم حملها على كتفيه وكأنها قطعة من متاع وسار بها ألى غرفتها وبكل أزدراء ألقى بها على سريرها ومشى خارجا بدون أن يلتفت ألى الأمرأة المنتحبة التي كانت تضرب وسادتها بقبضتيها وتقسم أغلظ الأيمان أن تنتقم.

نيو فراولة 13-09-10 06:10 PM

7- أنت ضلع من ضلوعي

في الصباح التالي هبطت تامي لتناول الأفطار وقد أعدّت خطة لهجومها وهي أستغلال نقطة الضعف لدى آدم , ستلازمه وكأنها ضلع من ضلوعه , ستلجأ ألى كل ما تعرفه من فنون الأغراء ضدّ زوجها العنيد , تمكّنت ميغ ماكسويل من تخطي هذه العقبة , فلماذا تعجز هي عنها ؟ وأذا أستطاعت أن تحطم عنفوانه أو أحراجه قليلا فسيكون هذا بعض التعويض عما نالها منه الليلة السابقة.
ألتقت العمة فيني في القاعة وأبتسامتها الماكرة أنبأتها أنها سمعت الصراخ الذي أنطلق من غرفتها.
شمخت تامي برأسها لأخفاء خجلها وقالت:
" أين آدم أيتها العمة فيني؟".
" خرج ألى الجبل ليصدر تعليماته ألى رعاته , ستلد النعاج بعد أسبوع أو أسبوعين وفي هذه الفترة يجب نقلها من الجبال ألى احقول المجاورة للبيت , الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حافلة بالعمل بالنسبة ألى آدم ,ولن يتسع وقته لك , هذا لا يعني أنه ليس بحاجة ألى زوجة".
منتديات ليلاس
وظهر التعب في عينيها فأضافت:
" وخاصة في موسم جز الصوف , فهناك عشرات الجياع يجب أطعامهم".
أنتصبت وقد زال تعبها العابر وتابعت قائلة:
" هناك عشرات الحسناوات المحليات كن يتمنين الأقتران بآدم , وهن قويات البنية ويعرفن كل شيء عن حياة المزارع الجبلي , ولكن لا , كان لا د له من المجيء بغبية مثلك".
أنصرفت حانقة فأنطلقت تامي في الأتجاه المعاكس وتورّدت وجنتاها أنفعالا ودغدغ لسانها جواب سريع لجمته , لولا أمارات التعب التي بدت على العمة فيني لنالت ما يوجعها من لسعات لسان آل ماكسويل .
أنفرجت أسارير العمة هونور عندما دخلت تامي ألى المطبخ , وكانت تحيتها لطيفة بعكس تحية أختها اللاذعة.
" طاب صباحك , أرجو أن تكوني نمت جيدا و.....".
وبان عليها الأرتباك فقالت:
" ما أعنيه هو...".
وبعد أن أستعادت تامي هدوءها , سكبت فنجانا من الشاي في أناء فخاري أسمر وأضافت أليه القليل من السكر ثم قالت:
" ما تعنيه هو أنك سمعت صراخي عندما ضربني آدم في الليلة الفائتة , لاتقلقي , أنني أنوي( الأنتقام)".
كانت العمة هونور تدعك الطحين بالسمن لصنع الحلوى فتوقفت أصابعها عن الحركة لدىى سماعها كلمات تامي , وأتسعت حدقتاها وراحت تفكر بهذه الأجابة الغريبة.
" لا أقصد التدخل في شؤونك يا عزيزتي".
قالتها بينما كانت تامي تقضم بسذاجة قطعة من الخبز المحمص ثم أضافت:
" أقوالك توحي بأن زواجك من آدم سيكون عاصفا كزواج جيمس من ميغ".
فأجابتها موافقة:
" يبدو أنهما يسيران في خطين متوازيين , ولكنني مثل ميغ أنوي أن أنتصر في النهاية".
تجعّدت البشرة المحيطة بفم العمة هونور لترسم ألف أبتسامة صغيرة:
" أدعو لك بالتوفيق يا عزيزتي , لا تتردّدي في طلب المساعدة مني عند الحاجة".
أنتهت تامي من تناول الشاي , ودارت حول المائدة لتعانق العجوز أعرابا عن أمتنانها:
" شكرا لك".
وطعت على وجنتيها قبلة خاطفة:
" أنني بحاجة ألى كل حليف ممكن , أرشديني ألى مكان آدم".
سارت العمة هونور نحو النافذة وأشارت بأصبعها ألى الأعلى وعلى محياها مسحة من الشك :
"قرب قمة الجبل كوخ للرعاة ولا أنصحك بالذهاب بمفردك ,في الطريق صخور ملساء , في أي حال سيكون آدم قد رحل لدى وصولك , السير على الجبال خطر على الوافدين الجدد".
خير لك أن تنتظري عودته ".
منتديات ليلاس
وسألت تامي مستاءة:
" أيعود في موعد الغداء؟".
" كلا , الأتصال بالرعاة وتفقد القطعان يستغرقان النهار بكامله , وقد حمل معه زاده وماءه ,ولا نتوقع عودته قبل المساء".
" لا أستطيع الأنتظار نهارا بكامله , لا بد من وسيلة لوصولي أليه".
أمعنت العمة هونور التفكير وقالت:
" ثمة أحتمال ضئيل في ذهابه ألى النزل الذي في الوادي , المزارعون هنا يتخذونه مكانا للقاءاتهم ,, بحيث يتناولون المرطبات مع الطعام , وأعتقد أن آدم سيكون هناك في موعد الغداء , ولكنها مسيرة طويلة وليس ما يضمن أن تجدي من يعيدك بسيارته ,, ألا يجدر بك أن تأخذي السيارة؟".
" كلا , أرغب في المشي , أكتبي لي توجيهاتك لبلوغ المكان , بينما أصعد وأستبدل حذائي".
" الطريق بسيطة جدا , تنطلق من فوكس هول , تتعرج وتدور حول الجبل الأسود الكئيب المطل على الوادي , سيري على الطريق تري النزل وهو البناء الوحيد في تلك الناحية".

قصائد 13-09-10 06:19 PM

سلام الرواية مرةحلوة الكملية بسرعة وشكرن

نيو فراولة 13-09-10 09:00 PM

قررت تامي أصطحاب الكلب المدعو سيلفر وأنطلقت على الطريق والكلب يقفز في أعقابها , أرتفعت معنوياتها أرتفاع الصقر الذي شاهدته يحلّق فوق رأسها وقد ظهر بوضوح في السماء الزرقاء الصافية.
معظم الثلج قد ذاب عن الجبال , وتحولت الريح نحو الشمال , ولسعة البرد دفعت تامي ألى حث الخطى , أبتسمت للشمس فوق الجبل القاحل الكئيب الخالي ألا من بضعة خراف ومن طير عابر , أبتسمت تامي لشعورها بكونها أبنة هذه الأرض.
" سيلفر!".
نادت الكلب الذي تخلّف قليلا وأبتهجت عندما أستجاب لندائها بوثبة.
بعد مسيرة ساعة تراخت خطاها , وسيلفر الذي كان قبل نصف ساعة قد ربض ورفض أن يتحرك , كان يزن قنطارا وهو ينعم بصوت هانىء داخل سترتها , تمنت لو أنها حملت الطعام الذي عرضته عليها العمة هونور , لم تحمله لأقتناعها بأنها ستتناول الطعام في النزل الذي لم يظهر له أثر بعد , وبالأأضافة ألى الجوع فقد أخذ العطش منها كل مأخذ.
منتديات ليلاس
أستأنفت المشي نصف ساعة أخرى وهي لا تجرؤ على التفكير بمسيرة العودة , قالت تحدث نفسها :
" قد أجد من يعيدني بسيارته".
وهزت رأسها , طوال مسيرتها لم تمر بها سيارة واحدة , ولمحت من بعيد بناء جزمت بكونه النزل , وحثت الخطى , وعندما أقتربت أخذت تتبين تدريجيا يافطة تحمل رسوم كلاب وجياد وفرسان وتحتها عبارات الترحيب.
" نزل الرياضيين".
لم يكن النزل سوى بيت أجريت عليه بعض التعديلات , له غرفة أمامية فيها ست موائد صغيرة نظيفة , على كل منها صحون سجائر فارغة , لم يكن في الغرفة أحد , وسمعت تامي أصواتا مصدرها رواق يؤدي ألى خلف البيت , وفيما هي تتجه نحو الصوت برزت أمرأة من باب ألى يمينها ومدت لها يدا أوقفتها.
" الصالون ألى اليسار يا عزيزتي , المقهى للرجال فقط".
" أنني أبحث عن زوجي , أتعلمين أذا كان هنا؟".
جالت المالكة ببصرها في بنطلون تامي وحذائها الثمين وسترتها المزركشة وردت ببشاشة :
" لا أظن ذلك , ولكنني سأعرف أذا قلت لي أسمه".
وعندها سمعت تامي صوت آدم الرنان:
"هذا صوت آدم".
قالتها للمالكة التي فتحت فمها دهشة:
" لا داعي لأزعاجك , سأجد طريقي أليه".
تركت الأمرأة فريسة للدهشة وأندفعت في الرواق ألى أن دخلت غرفة مستطيلة منخفضة السقف كانت في السابق مطبخا تم تحويله ألى مقهى , شغل الموقد أحدى جدرانه بينما أصطفت مقاعد خشبية بمحاذاة الجدران الثلاثة الأخرى ليشغلها ما يقارب العشرة رجال يتبادلون الأحاديث الودية وسحب الدخان تتصاعد من غلايينهم القديمة , وكان برفقة بعضهم كلاب تربض بصبر عند أقدامهم.
أندفعت تامي ألى الداخل وساد صمت غريب وكأن الحديث قطع بسكين , كان آدم يجلس وظهره أليها , ولكنه أستدار متتبعا نظرات الدهشة التي تملكت رفاقه.
علت وجهه ملامح غريبة , أتكأت تامي بدلال على الباب وأدركت أن لحظة أنتقامها قد دنت وبانت على الوجوه المحيطة بها أمارات الأستهجان لأقتحامها مكانا معدا للرجال فقط.
كانت تتحرق شوقا لأن تصب الزيت على نار الرجولة المتزمتة.
" آدم حبيبي".
وأمام عيون الحضور المحملقة دهشة , جرت نحوه وطوقت عنقه بذراعيها وضمته أليها في عناق حار طويل.
شلّت الدهشة حركته , ثم أمتدت يداه الخشنتان ألى خصرها ودفعها بعيدا عنه , وأمام هذا الأحراج زأدراكه لمغزى صمت رفاقه لم ير بدا من أجراء التعارف بصوت أجش:
" أقدم أليكم زوجتي تامي...... تامي , هؤلاء هم بعض جيراننا".
أصغت أليه برهبة فائقة وهو يتلو سلسلة من الأسماء وكأنها معزوفة لجوقة الشرف , في الليلة السابقة تفحصت ( المحاكمات الجنائية ) لبيتكرن , الكتاب الذي سجل بدقة تفوق دقة دبريت عن العائلات الحدودية الرئيسية والمنتمين أليهم , الأسماء التي كان يتلوها آدم هي الأسماء أياها التي قرأتها في الكتاب : لوثر , كروين , سانكليد , ديكر , روتليدج , نوبل , مسبروف , وآخر من قدمه آدم من رفاقه كان طوم هردن , الذي بدا مرتبكا لزواج آدم المفاجىء.
أنحنى برصانة وقال:
" تشرفنا , أرجو ألا تجدي هذه الضاحية نائية جدا , أما أذا شعرت بحاجة ألى رفيقة فتفضلي ألى منزلي وأنا واثق أن أبنتي بام يسعدها التعرف عليك".
منتديات ليلاس
أزداد الجو توترا , تردد أسم الفتاة في جو الغرفة متنقلا من شفة ألى أخرى , يهمسون به ساترين أفواههم بأيديهم , وساورت تامي الريبة : أيا كانت بام هذه فهي على علاقة مميزة بآدم.
قطع حبل الصمت رجل يجلس في أحدى الزوايا أذ قال:
" النساء! أما من مكان نقصده لنتخلص منهم؟".
تجاهل آدم نظرة تامي الساخطة وبدلا من توبيخ العجوز على قحته أمسك بذراعها بعنف وسار بها ألى خارج المقهى , وزاد سخطها عندما توقف باباب وألتفت ليتعتذر:
" أرجوكم أن تعذروا تطفل زوجتي فهي لا تعرف تقاليدنا بعد ,أمهلوها قليلا فتدرك أن مجتمعنا لا يسمح للنساء بأقتحام أماكن تجمع الرجال , ولكنها ستتعلم ذلك بسرعة".
وبينما كان يدفع بها ألى الرواق أعترضت قائلة :
" أنني عطشى ولم أشرب بعد".
تجهم وجهه وفتح بابا ودفع بها ألى الغرفة الأمامية الصغيرة التي طانت قد رأتها .
" أجلسي في الداخل , ماذا تريدين أن تشربي؟".
" أريد كوبا من العصير , من فضلك".
قالتها بكل دعة وتهذيب لو سمعها والدها لأدرك أنها تضمر مكيدة.

نيو فراولة 13-09-10 09:27 PM


بينما كانت تنتظر عودة آدم , أخرجت سيلفر من مكانه ووضعته على الأرض متجاهلة عواءه أعتراضا , وعندما عاد آدم يحمل كوبا واحدا رفعت حاجبيها تساؤلا:
"ألا تنوي مجالستي ؟".
عقد ذراعيه على صدره وعلى محياه أمارات نفاد الصبر وقال :
" كلا , لا وقت لدي".
" وقتك لا يسمح لك بالتفرغ لي أبدا".
وراحت ترتشف العصير بتمهل.
" سيكون وقتي أكثر ضيقا في المستقبل ,كيف تجرؤين على أحراجي أمام أصدقائي بتلك التحية العاطفية السخيفة . تعمّدت هذا العمل , أليس كذلك؟".
لم تفته حمرة الخجل التي خضبت وجنتيها:
" أرى أنني على حق , كان ذلك أنتقاما مدبرا وكنت تعلمين أن المقهى محظرا على النساء".
منتديات ليلاس
وضعت كوبها وقالت:
" كنت أجهل ذلك , حتى ولو كنت أعلم لما باليت ولتجاهلت تلك التقاليد الخرقاء , ألا تعلمون يا معشر الغزاة أن قانونا صدر يمنع التمييز بين الرجال والمرأة؟ ألم يبلغ آذانكم المنعزلة أنه لم يعد محظرا على النساء ممارسة أية مهنة , فكيف بالحري أرتياد المقاهي التي تحت سيطرة الرجال ؟ سأذهب حيثما أشاء وأذا تعرضت لأي سؤال فسأقول أن مكان المرأة هو بجانب زوجها ! لا أرضى بالبقاء مهملة في فوكس هول بينما تسعى أنت كل يوم وراء ملذاتك , أريد مرافقتك وأذا حاولت منعي فأنني سألحق بك , وعندما أعثر عليك سأحييك كما فعلت اليوم , لا أخجل من أظهار مودتي بل أجد متعة ذلك , وقد يحذو أصدقاؤك حذوي أذا وجدوا من يعلمهم".
" لن تفعلي!".
" جربني!".
كان يعلم أنها جادة في كل ما قالت , بالرغم من علمها أن أهالي الشمال قوم عاطفيون فأنهم يملكون القسط الأوفر من التحفظ الأنكليزي , التصرّف المشين الذي تحدثت عنه سيكون فظيعا بالنسبة ألى آدم.
قال وهو مقطب الجبين ويتحرق شوقا ألى خنقها بيديه المتشنجتين :
" هذا أبتزاز , ميزة أخرى من ميزات آل ماكسويل تطل برأسها البشع".
ردت بكل جرأة :
" خيل أليّ أن تصرفي كان ثناء على رجولتك , سمه ما شئت فالنتيجة واحدة , سألازمك وكأنني ضلع من ضلوعك وقد تحذو حذو من تحمل أسمه فتستبدل ضلعك بزوجة".
" وأمضي حياتي البائسة نائما مثله؟".
وساورته رغبة في ضربها مرة أخر.
أبتعدت تامي عنه وهي تضحك بعصبية:
" أنني مستعدة للعودة ألى البيت الآن , أظنني سمعت صوت سيارة في الخارج وقد يتكرم أحدهم ويوصلنا".
أستدار على عقبيه وهو ينتفض غيظا:
" لا أحتاج ألى من يوصلني , لم أنجز عملي هنا بعد".
فقالت:
" وكيف عساي أن أعود؟".
" عودي كما أتيت , سيؤا على الأقدام , وليت الطريق تطول ثلاثة أضعافها أثناء عودتك".
وأنفجرت بوجهه قائلة:
" متعجرف , فظ , عديم الأحساس , أتريد سيلفر أن يمشي حتى تدمى قوائمه ؟".
منتديات ليلاس
أنتصبت أذنا الكلب لدى سماع أسمه وشع الأسى في عينيه اللتين تركزتا على وجه آدم , وبالرغم من أستهتاره براحتها فأنه لن يترك الكلب للمصير الذي ستلاقيه , رفع الكلب أليه ودسه داخل سترته.
" لا يعرّض هذا الكلب ,وما زال عمره تسعة أسابيع ,ألى مصير كهذا , سوى من كان عديم الأحساس مثلك , سأعيده معي".
أستدار على عقبيه وحدقت تامي به , لا يمكن أن يتخلى عنها .
فوكس هول يبعد خمسة أميال.
وأنطلقت ألى الخارج لتتوسل أليه ,وعضت على شفتها من شدة ألألم , أبطأ هو الخطى ولكن ليس من أجلها بل لأن سيارة أنحرفت عن الطريق وتوقفت ألى جانبه, وبينما كانت تامي تعرج ألما أخفضت سائقة السيارة الزجاج وأطلت برأسها .
" آدم حبيبي , لم أعلم بعودتك , لماذا لم تخابرني هاتفيا؟".
توقفت تامي ونسيت ألمها وأنتصبت قامتها لتسمع رده , نادته الفتاة بعبارة( حبيبي) , ثارت كرامتها وساءتها هذه المودة.

شوشو2 13-09-10 09:33 PM

ارجوكي حببتي التكمله بسرعه

نيو فراولة 13-09-10 09:44 PM

عبوس آدم تحول ألى أبتسامة :
" مرحبا يا بام , لم يسمح لي الوقت للأتصال بك , عدت بالأمس فقط ووجدت أمورا كثيرة مهملة أثناء غيابي".
" أنني أدرك وضعك".
أبتسامة الفتاة المتسامحة جعلت الدم يغلي في عروق تامي.
" أتعدني بالمجيء للعشاء الليلة؟".
وفيما هو متردد ترجلت الفتاة من السيارة , أنها تضاهي آدم طولا , متناسقة القوام مياسة القد , نحيلة الخصر , وبينما كانت تامي تعرج ألى الأمام ترددت كلمات العمة فيني في أذنيها:
" عشرات الحسناوات المحليات يتمنين الأقتران بآدم".
وهذه الفتاة أحداهن ولا شك , كانت ترمق آدم بنظرات نهمة وأصابعها تداعب كم سترته برقة وأهتمام ,وصلت تامي أليهما وسمعت رفض آدم :
" أنا آسف يا بام , هذا غير ممكن الآن , ربما في وقت آخر".
قفزت تامي بقدميها :
" بلى , هذا ممكن يا حبيبي , أتوق للتعرف بأصدقائك وهم حتما يتوقون للتعرف بزوجتك".
منتديات ليلاس
خيّم عليهم صمت مشحون , وكأن الشقراء الفاتنة تحولت ألى صنم , وبانت الصدمة في عينيها الخضراوين وهما تجتاحان وجه تامي متسائلتين عن حقها في أقتحام عالم لم يكن فيه حتى تلك اللحظة سواها , وشعرت تامي بموجات الحقد الموجهة أليها فأرتعدت وأزدادت أقترابا من آدم فصدتها منه نظرة باردة تحمل الكثير من الكراهية.
شعرت وكأنها قزم بين ماردين , وأنتظرت , عاجزة , منبوذة ومع ذلك مصممة على التشبث بحقوقها.
تمالكت الفتاة نفسها وكانت الصدمة لا تزال مسيطرة على صوتها عندما ضحكت وقالت :
" زوجتك يا آدم؟".
تصافحتا وكأنهما توقعان على معاهدة ملامسة بأطراف الأصابع , كمصافحة يتبادلها ملاكمان قبل المباراة .
ترقرق الدمع في العينين الخضراوين ولكن صوت بام كان مرحا عندما قالت:
" يجب أن نجمع كل أصدقائك , وكما قالت زوجتك يا آدم , أنهم يتوقون للتعرف بالعروس سأتصل بأكبر عدد منهم وأدعوهم ألى منزلي هذا المساء , هل الساعة الثامنة موعد مناسب".
أجابت تامي عن نفسها وعن آدم :
" عظيم , وبما أن الجو ينذر بهبوب العاصفة , هل أستطيع أن أوصل أيا منكما؟".
كان الجو فعلا ينذر بعاصفة تهب من عيني آدم وهما تستقران على تامي , وبشجاعة فائقة تجاهلت أستياءه وقبلت الدعوة:
" هذا لطف كبير منك , لا يزال آدم مشغولا هنا وأنا أتمنى العودة ألى فوكس هول ".
بدا حائرا بين واجبه وبين تردده في ترك تامي لوحدها مع بام ولو للمسافة القصيرة التي تفصلهم عن فوكس هول , نظر ألى ساعته وقال:
" بما أننا سنتناول العشاء معك هذا المساء خير لي أن أنصرف الآن , يمكن تأجيل العمل ".
بعد ربع ساعة أنزلتهما بام عند عتبة فوكس هول رافضة تلبية دعوتهما للدخول متذرعة بالترتيبات التي عليها القيام بها لأجل حفلة العشاء , وبوجه مكفهر وأبتسامة جامدة على شفتيها أنطلقت بسيارتها عائدة أدراجها.
أخذت تامي نفسا عميقا قبل أن تنقل المعركة ألى معسكر العدو :
" بام رائعة الجمال , يبدو أن علاقتكما حميمة".
لم يتجاهل آدم علامة الأستفهام التي خلفتها عبارتها :
" علاقتنا حميمة فعلا".
قالها بنبرة وحشية , ثم تابع أصرار:
" ولأوفر عليك مشقة السؤال سأرضي فضولك فأقول لك أن بام هي الفتاة التي كنت أفكر جادا بأتخاذها زوجة لي".

نيو فراولة 13-09-10 09:56 PM

8- هل يبزغ عليّ القمر؟

بينما كانت تامي ترتدي ملابسها أستعدادا لحفلة العشاء أبت على نفسها أن تبدو مكتئبة , لا يمكن الأستخفاف بعرض الزواج الذي كان يلاقي التفكير الجدي ويبدو أن آدم نجا منه بأعجوبة , مع أنه بعقليته الراهنة لا يقر بذلك , ولشعوره بأنه وقع في زواج ليس من أختياره فأن الفتاة التي ملكت عليه لبّه تتمتع بفضائل لا وجود لها , جميع الرجال يتمنون ما لا يستطيعون نيله , جمال بام البارد الذي أصبح بعيد المنال هو الآن سراب في أفق آدم , بينما هي المتحمسة والراغبة فيه والتي في متناول يده أصبح عيبها الوحيد هو كونها سهلة المنال ..
رسمت لنفسها خطة وهي ترتدي ثوبها الحريري المزركش الأنيق الباهظ الثمن , وراحت تحدث نفسها قائلة:
" عليك ببرود الأعصاب يا تامي , لأن رجلك الجبلي يحب أن يكون هو الصياد ,تثيره المطاردة وتفتنه المراوغة ويزدري المطيعة لينة العريكة , أذا كان لا يستسيغ الحلو فأذيقيه المر قليلا".
هبطت الدرج بتؤدة ودلال وكتفاها الفاتنتان تبرزان من غمامة ثوبها الرقيق ذي الألوان الأزرق والأخضر والبنفسجي , وقد طوّق خصرها حزام أثبت أن القوام الرشيق الذي تغلفه هذه الغمامة ليس ساذجا كما يبدو , بينما أنتعلت خفين بنيين يبرزان من تحت الثوب الذي يطلق حفيفا موسيقيا لدى كل خطوة , نفحة عطر منعشة سبقتها لتعلن مقدما عن حضورها وهي تتجه نحو آدم الذي كان ينتظرها في القاعة وعيناه المكفهرتان مثبتتان على شعار العائلة.
منتديات ليلاس
فوق نصف دائرة من النجوم ظهرت عبارات باللاتينية , وقفت تامي على رؤوس أصابعها تقرأها من وراء كتفه بصوت مرتفع وبلفظ محطم خاطىء.
" ما معنى هذه العبارات يا آدم؟".
فقال مترجما:
" سيبزغ علينا القمر ثانية , هذا وعد من الغزاة بالعودة عندما يحين الوقت لجمع المستحقات".
وتذكرت الليلة السابقة , وفي غرفتها التي يغمرها نور القمر كيف أنها عرضت على أحد الغزاة مكستحقاته فرفضها , هل يحقق يوما الوعد الذي يحمله شعار العائلة؟ وهي , هل يبزغ عليها القمر ثانية؟

حلا الكويت 14-09-10 02:07 AM

روايه رائعه وذوقج احلى ..مشكوره يا قلبي ...واحنا بانتظارج .

نجمة33 14-09-10 09:39 AM

مشكوووووووورة

شوشو2 14-09-10 12:10 PM

روايه جميله مشكوره بس بجد كمليها بسرعه في انتظار التكمله

نيو فراولة 14-09-10 12:24 PM

وتذكرت الليلة السابقة , وفي غرفتها التي يغمرها نور القمر كيف أنها عرضت على أحد الغزاة مستحقاته فرفضها , هل يحقق يوما الوعد الذي يحمله شعار العائلة ؟ وهي , هل يبزغ عليها القمر ثانية؟
أرتعشت عندما هبت الريح حول كاحليها , ومدّت يدها أليه وفيها دثار , آملة في أن تتكىء يداه وهما تلفان كتفيها بالدثار وأن يحرك عطرها مشاعره فيدرك أهتمامها به وتجد لديه أستجابة , ولكن لمسته كانت عابرة وهو يلف كتفها بالدثار وقال بصوت يغلفه البرود:
" فلننطلق أذا كنت جاهزة".
لا شك أن بام أمضت ساعات طويلة على الهاتف , هذا ما دل عليه عدد الأشخاص المنتظرين لأستقبالهما عندما دخلا القاعة الرئيسية في بيت أصغر من فوكس هول ,ولكنه يضاهيه فخامة وقد أزدانت الجدران بصور لآل هاردن تكرّرت ملامحهم في وجوه الذين تجمعوا لتقديم فروض الأحترام لآدم ولألقاء التحية على عروسه.
أول صدمة لتامي كانت عندما أخذت بام بيدها وسارت بها نحو أقرب مجموعة من المدعوين وراحت تجري التعارف بطريقة رسمية , ليدي فوكس , أسمحي لي أن أقدم لك عمتي آن هاردن ,وزوجها عمي طوبي".
منتديات ليلاس
ردت تامي كالحالمة على الأبتسامات والتمنيات الطيبة والمجاملات , محاولة طوال الوقت جمع شتات أفكارها لأستيعاب اللقلب الذي أضفى عليها بهذه الطريقة الشائبة ( الليدي فوكس) .
لماذا لم يخبرها آدم بذلك قبلا؟
كان آدم قد توارى بين الجموع تاركا لبام أمر أجراء التعارف الذي قامت به بكل أجلال , مما جعل تامي عاجزة عن كتمان أعجابها , وأخيرا وبعد أن أنجزت بام مهمتها , حملت صحنين من الطعام ألى ركن هادىء حيث أسقطت القناع عن وجهها.
وبطريقة هجومية سألتها:
" كم طالت فترة معرفتك بآدم قبل زواجكما؟".
فردت تامي بحدة متخذة وضعا دفاعيا :
" فترة كافية".
" لم تكن فترة كافية لتكتشفي أنك ستقترنين بلورد , أجل يا عزيزتي , لاحظت دهشتك عندما عرفت عنك بأسم الليدي فوكس , أعترفي أنك كنت حتى تلك اللحظة تجهلين أن آدم يحمل لقبا كهذا".
تململت تامي , ليس من السهل خداع بام.
" لا شك أن آدم نسي أن يخبرني , وربما كان مثلي يعتبر هذه الأمور غير ذات أهمية في المجتمع المعاصر".
أطلقت بام ضحكة لطيفة:
" ولكن عالمنا لم يتبدل نتذ عصور , صحيح أننا عصريون ظاهريا ولكننا بالأاس مجتمع أقطاعي يولي آدم ذات الأجلال والأحترام اللذين لقيهما أول لورد من فوكس وهو حاكم من القطاع الغربي الأنكليزي , قدمت له كل عائلة في هذه المنطقة الولاء , وقد ورث آدم عنه المقدرة القيادية والنزعة ألى أصدار الأوامر والقسوة عندما تدعو الحاجة , ولكن ليس ما يدعوني ألى قول ذلك".
كانت ضحكتها تفوق الثلج برودة , تابعت:
" ألا أذا كان أقترانك باللورد فوكس ليس أكثر من كرة رينارد البلورية".
رفعت عينيها متظاهرة لما يبدو على تامي من حيرة وأضافت:
" لا شك أنك قرأت قصة أيسوب المفروض أن يكون رناارد الثعلب قد أرسل كنزا ثمينا ألى مليكته ولكنه لم يصلها أبدا لأنه لم يكن له وجود ألا في مخيلة الثعلب المحتال , المفروض أن الكرة البلورية تكتشف ما يجري مهما كان بعيدا وتعطي المعلومات عن أي موضوع يطلبه السائل , يمكن تشبيه زواجك بكرة المعلم رينارد البلورية , وعود كثيرة لا تنفذ".
تحية ساخرة وأبتعدت بام تاركة تامي تعمل طعنا بشوكتها في صحن الطعام , كانت دموع المهانة ملحة.
هبت كرامة آل ماكسويل لنجدتها فراحت تجفف دموعها المحتبسة قبل أن تتدحرج على وجنتيها , لو أن ميغ ماكسويل رضخت للهزيمة لما أنجبت لزوجها المتعجرف ثلاث بنات وسبعة أبناء.
ألتفتت تبحث عن آدم فرأت رأسع يشع على جميع الرؤوس , فمشت بأعتزاز والبريق يشع في عينيها بين جموع آل هاردن ألى أن أصبحت بجانبه , نظر أليها وعقد حاجبيه , أدركت أمارات الخطر المنبعث من وجنتيها المتوهجتين فغمرت الهجة قلبها , ليس الزواج قرانا جسديا فحسب , بل هو قران بين عقليتين أيضا وقد أصبح آدم متفهما لمزاجها.
وبسرعة مدّ يده وأمسك بيدها , يجب ألا يدرك الحضور الذين يرمقونهما أنها خطوة دفاعية لأنه تذكر تهديدها بأظهار عواطفها علنا كلما شعرت بأهماله لها.
" هل تستمتعين يا حبيبتي؟".
كادت العبارة العاطفية أن تخنقها وهمست برقة وحنان :
" أنني أستمتع الآن".
وبكل مكر شعرت بأنها كوفئت لدى رؤية وجهه يتجهم.
بينما كان رفاقه يتململون ويتبادلون النظرات المتسائلة المحرجة صدحت الموسيقى فتوجهوا أزواجا نحو القاعة حيث خلت الأرض من السجاد لتصبح حلبة فسيحة للرقص , وبنظرة تفيض حقدا وتخفي رغبته في هزها بكتفيها ألى أن تسترحمه , أمسك آدم بذراع تامي وأتجه بها ألى خارج الغرفة:
" هلمي بنا نرقص".

نيو فراولة 14-09-10 12:43 PM

أنتابها شعور مبهم هو مزيج من الحلاوة والمرارة : ما أجمل التمايل بين ذراعيه في رقصة ( الفالس) الشاعرية , وأغمضت عينيها محاولة أن تتخيّل متعة كونها بين ذراعي من تحب , ولكن العبارات التي كانت تنصب في أذنيها لم تكن شاعرية .
قال لها بصوت ينم عن اليأس :
"يجب أن تتعلمي التصرف بتهذيب أكثر وأخاصة أمام الناس , أعلم أنك معتادة على مجتمع يجوز فيه كل شيء , وأظنك تستمتعين بنكتة كبيرة على حسابي ويجب وضع حد لذلك, الأظهار الصاخب للعواطف يحرج أهالي الشمال , ولن أقبل بعد الآن بأن تجعليني هدفا لنكاتك الغريبة , فأرجوك أن تكفي عن ذلك وتصرفي بصفتك...".
قاطعته بلطف:
" بصفتي ليدي ؟ ولكنني حتى هذا المساء كنت أجهل أنني ليدي , لماذا لم تخبرني ؟".
بدا عليه بأنه مأخوذ , لا مذنب , رقّ قلبها له , من الواضح أنه لم يتعمد عدم أخبارها.
وقال معتذرا:
" أنا آسف , كان يجدر بي أن أخبرك , ولكنني بالواقع لا أعتبر هذا الأمر هاما , لا نفع للألقاب بالنسبة للمزارع".
منتديات ليلاس
ضحكته الساخرة المفاجئة جعلت قلبها يخفق , تابع قائلا:
" خرافي لا تفهم بالألقاب وسيّان لديها أن كنت أضع على رأسي تاجا أو قبعة من القماش!".
وراحت تقهقه وتراخت القبضة الفولاذية التي كانت تطوق خصرها , وأزدادت رقة وهما يرقصان ويضحكان معا ويستمتعان بالفكاهة المشتركة ,وبدا أن الخيط السحري الدقيق الذي يربط بينهما يزداد متانة وهما يقومان بالرقصة تلو الأخرى بدون أن يحاول التخلّي عنها , ربما كان يتظاهر أمام الناظرين عندما أدناها منه أكثر ووضع خده برقة على شعرها وأمطرها بالأبتسامات العذبة مما جعل ركبتيها تعجزان عن حملها , ربما كان ينطبق عليها أسلوب الغزاة وهي لعبة ذكية للبقاء مسيطرا عليها وعلى عواطفها , ولكنها لم تبال حتى ولو كان الأمر كذلك , أولاها كل أهتمامه وهذا جلّ ما تريد , كانا يدوران حول حلبة الرقص عندما أعترضت بام سبيلها ,وقالت:
" آدم , أنك تحتكر زوجتك بطريقة معيبة ! ديريك بيتي وصل متأخرا ويتحرق شوقا للتعرف على زوجتك".
أستدار آدم برشاقة ليحيي الشاب الواقف ألى جانب بام:
" أنا آسف".
ومدّ يده:
"مرحبا , ديريك , كيف حالك؟ تامي , أقدم أليك ديريك بيتي , أنه من أقرباء بام , ثمة قواسم مشتركة عديدة تجمع بينكما".
قال ذلك بنبرة جافة وأضاف:
" بالأضافة ألى كونه مثلك ينحدر من أصل سكوتلاندي فان ديرك يمضي معظم أوقات فراغه مستمتعا بالحياة في المجتمع اللندني ".
نظرة تامي الحانقة ألى ديرك , أربكته ولكنه تمالك نفسه بسرعة دلت على سعة دهائه , فأنحنى بشهامة على يدها الممتدة وتركزت عيناه المعجبتان على محياها .
لمست بام كم سترة آدم وقالت:
" الكولونيل جفرسون يبحث عنك ويود محادثتك في أمر هام".
وبينما تركزت نظرة تامي الحزينة على ظهريهما المبتعدين قال ديرك مستفزا :
" كأنك تودين أحياء قبيلة سوارا في بوشي التي تقضي بأن يلتهم زعيم القبيلة الأمرأة التي تدان بتهمة شائنة".
أستدارت أليه وفي نيتها تحطيم عنفوانه بالأحتقار , ولكن وميض عينيه كان سريع الأنتشار مما أرغمها على الضحك .
وقالت مراوغة:
" هل مشاعري نحو الرجل ظاهرة بهذا القدر؟".
فرد بصفاقة:
" فقط لمن هو شديد الملاحظة مثلي , ولكن يدهشني أفتقارك ألى الحيلة , ظننتك تعلمين أن هؤلاء الشماليين المتخلفين يلزمهم حافز للمطاردة قبل تقديرهم لفريستهم".
رمقت هذا الشاب العابث , الضاحك العينين , المرح الحديث فوجدت أنها معجبة به وأعترفت قائلة :
" أعلم ذلك , ولكنني لا أجرؤ على الجري خوفا من عدم لحاقه بي ".
قابل صراحتها بأبتسامة:
" أسمحي لي أذن أن أقدم نفسي طعما لأصطياد الثعلب الماكر , وأؤكد أنه سيلتقط رائحة المنافسة بسرعة".
منتديات ليلاس
عرض الفكرة بطريقة عابرة وحارت في كونه جادا أم هي مجرد بادرة , أدراك تامي لعنفوان آدم جعلها تتردد قليلا , ولكنها شعرت بأنها في مأمن لعلمها أن ديرك سوف يمارس اللعبة بحسب القاعدة التي تريدها هي , وكان بارعا في فن الغزل الخفيف ولا يميل ألى التورط وأبدت موافقتها بطريقة عابثة .
" أتفقنا , ولنر أذا كان فتيل الدعابة سيفجر نار غيرته".
لم يكونا بحاجة ألى وضع خطة , فهما خبيران في هذا المجال , وسريعا ما تسلطت عليهما النظرات الخفية وهما يتنقلان واليد باليد والعين في العين , متقاربين عندما يرقصان , متلاصقين عندما يجلسان , منهمكين في حديث أعتبره ديرك مسليا , بينما صبغت وجنتا تامي بحمرة الخجل.
" أستمري هكذا , أننا نحرز تقدما".
قال ساخرا ولم ينس أن يطلق أبتسامة رقيقة وهو يمرر أصبعه على حاجبها " الرقصة الأخيرة هي التي حركت كل شيء".
وأرتسمت على شفتيها أبتسامة تفيض حياء.

نيو فراولة 14-09-10 02:50 PM

" بالغت في ضمي أليك وأؤكد أن لهاثنا سمعه من في الغرفة المجاورة ".
فأبتسم وقال:
" قليلا أذن ويظهر آدم ".
ورفع رأسه وهتف:
"صدق حدسي , ها هو قادم ".
تشنجت تامي , لن يكون اللورد فوكس مسرورا بسماع أسم زوجته يتردد على كل شفة ولسان , ولكن لا بأس ما دامت النتيجة ستضع حدا لأهماله المخيف , قالت ذلك في نفسها ورعشة داخلية تخالجها.
بالرغم من جلوسها بمواجهة الجدار فقد أحست بآدم يتقدم نحوها وسرت فيها رعدة من الخوف وركزت عينيها على محيا ديرك وقالت:
" هلم با نتنزه في الحديقة".
كان أحد الأبواب مفتوحا قليلا لأدخال الهواء البارد للراقصين , وبكل ثقة بنفسه تظاهر ديريك بعدم رؤية آدم وهب على قدميه ليرافقها ألى الخارج , تأبطت ذراعه وهي نهبة للأضطراب وسمحت له بأن يسير بها نحو شرفة لها أدراج تؤدي ألى حديقة يغلفها الليل .
أدركت أنها أخطأت عندما لفح الهواء المثلج كتفيها العاريتين وأرتعد بيتي هلعا أكثر منها من شدة البرد .
" هلا أحضرت دثارا لزوجتي يا بيتي؟".
قالها بلهجة آمرة أنصاع لها بيتي بسرعة.
أستدارت تامي وهي تنوي القول أنها مستعدة للعودة ألى الداخل , ولكن الكلمات جمدت على شفتيها عندما أستقرت سترة على كتفيها البطانة الحريرية الدافئة لامست بشرتها الناعمة وما زالت رائحة السيجار تفوح منها , لفت جسدها بالسترة وشعرت بالدفء والحماية , ولكن أبدت أعتراضا لآدم الشامخ فوقها بقميصه الأبيض.
" ستصاب بالبرد يا آدم , فلنرجع ألى الداخل! كان خروجي ألى هنا حماقة , لم يخطر لي أن الهواء بارد بهذا القدر".
منتديات ليلاس
برود نبرة صوته دل على مدى أستيائه .
" أنا كنت على حق أذن , تبين لك فعلا أن قواسم مشتركة عديدة تجمع بينك وبين ذاك الماجن".
لاحظت أستياءه وأستعداده للمشاجرة , فأنكمشت على نفسها من الرجل الطويل المتحفز للأنقضاض عليها لدى أي بادرة تبدو على محياها فتكشف حقيقة أمرها , لا شك أن البارون فوكس الأول كان يستجوب أسراه بهذه الطريقة.
أطلقت ضحكة عصبية وقالت:
" كنت أجهل أن ديرك ماجن".
وأستفسر بفضول :
" لا شك أنكما تطرقتما ألى مواضيع عديدة!".
تشبثت بسترته كدرع تحميها من الشيطان المنفعل , وقالت:
" تحدث عن تقاليد القبائل الأفريقية , أتظنه جاء ألى هنا لهذه الغاية؟".
قالتها وهي تفيض عذوبة ثم أضافت قائلة:
" أعني , ليدرس تفاعلات الأنسان البدائي؟".
أطلق عبارة قاسية قائلا:
" لا تبالغي بأستفزازي يا تامي , ألا أذا شئت التعرض مرة ثانية للعقاب الهمجي الذي تنزله , نحن معشر المتوحشين , بزوجاتنا المنحرفات ".
أرتدّت ألى الوراء وقالت:
"أياك أن تلمسني!".
بخطوة واحدة قطع المسافة التي تفصل بينهما :
" أياك أن تثيري غضبي , ربما وجدت لذة في ضربي لك بحيث تطلبين المزيد الآن ".
وفي هذه اللحظة ظهر ديرك معه الدثار , غير مكترث ظاهريا ولكنه يراقب حركات آدم بحذر, وقدم أليها الدثار قائلا:
" تفضلي يا حلوتي! من المؤسف أن تخلعي السترة عنك , أنوثة المرأة تبرز بوضوح عندما ترتدي ثياب رجل عليها , ما قولك يا آدم؟".
" أقول أنه حان لنا أن ننصرف".
وأرتدى السترة التي أعادتها له تامي , ثم تأبط ذراعها مبديا أمتلاكه لها وهو يسير بها ألى الداخل , لم تتمكن من شكر ديرك ولا التلويح له بيدها مودعة , ولكنها أثناء مرورها به لمحت منه طرفة عين وأبتسامة كأنه يقول لها :
" نجحنا يا شريكتي ! ألتقط الثعلب الرائحة وأبتدأت المطاردة".

نيو فراولة 14-09-10 06:29 PM

9- ليل العذاب الطويل

رفعت تامي رأسها وأسترعى أنتباهها أرتطام حبات المطر بزجاج النوافذ , وفي الخارج كان يخيم الظلام والرطوبة والجو المكفهر , ولم تكن الجبال سوى أشكال مطموسة المعالم تتعذّر لرؤيتها من خلال المطر , ركزت أهتمامها على عملها يغمرها شعور بالرضى والأطمئنان في غرفتها , ملازمة البيت كانت متعة جديدة عليها , ومع أن همّها الوحيد هو أرضاء آدم فأنه لم يخطر لها أن تنهمك بهذه الأعمال البسيطة بهذا القدر.
على الطاولة بجانبها كومة من الحرير المطرز , وعلى ركبتيها قطعة قماش رسمت عليها تامي زهورا وأوراقا وطيورا غريبة الأشكال , العمة هونور أوحت أليها بهذه الفكرة , في الصباح التالي لحفلة العشاء في منزل بام ,سألت العمة هونور ما أذا كانت الحفلة ناجحة أم لا.
منتديات ليلاس
قالت تامي بلا مبالاة:
" أعتقد ذلك , ألتقيت رجلا جذابا ولم أنسجم مع السيدات الحاضرات , كان حديثهن يدور حول معارض يرغبن في الأشتراك بها , وسألنني أن كنت أنوي الأشتراك في أية مباراة فأخبرتهن أنني لا أجيد صنع المخبوزات ولا أعرف شيئا عن صنع المربيات , وحفظ الفاكهة هو لغز بالنسبة ألي , ففاخرن بالتفوق علي مما أفقدني صوابي".
فقالت العمة هونور بشراسة :
" أنني أدرك مشاعرك , أنهن قاسيات وأؤكد أنهن شعرن بالأرتياح لأنك لا تشكلين أي منافسة لهن , أنا وفيني نفوز بمعظم الجوائز الأولى في المعرض الأقليمي منذ سنوات عديدة , فيني ماهرة في صنع المربيات والفاكهة المحفوظة , وأنا حالفني حظ نادر في صنع المخبوزات , ولكن وقتنا هذا العام لا يتسع للجهود المضنية التي يتطلبها تقديم عمل ناجح".
أطلقت زفرة حارة وقالت:
" خسارة , منذ خمسين عاما وكل ما يتقدم به فوكس هول يكون في الطليعة".
شعرت تامي بالحياء فقالت:
" ليتني أستطيع المساعدة يا عمتي هونور , ولكن أيا كانت الجهود التي سأبذلها فأنها لن تفوز بأكثر من ملعقة خشبية".
" لا بأس يا عزيزتي , بالرغم من كل النجاح الذي أحرزته وفيني في ما تقدمنا به لم نحرز حتى الثناء في الرسم وأشغال الأبرة , مهما بذلنا من جهد ".
فاجأتها تامي بالقول :
" أنا ماهرة جدا في هذين الحقلين".
رمتها العمة هونور بنظرة شك :
" أنا واثقة من ذلك ولكن.....".
فقالت تامي يحدوها الأمل :
" ولكن ماذا؟".
" لا أريد أثباط عزيمتك , ولا أشك بمقدرتك , ولكن لدينا نساء موهوبات جدا ونوعية أشغالهن رائعة , عمة بام , مثلا , تفوز بالجائزة الأولى في قسم التطريز منذ أعوام , بينما بام ذاتها رسامة موهوبة جدا وبأمكانها كسب عيشها من الرسم بسهولة أن شاءت".
وهزت العمة هونور برأسها وقالت:
" لا يا تامي , صونا لكرامتك لا أنصحك بالدخول في مباراة ضد أي منهما".
أثارت أقوالها غريزة التحدي لدى تامي , كان ذلك أشبه بمن يحذر سكوتلانديا من دخول حلبة يسيطر عليها أنكليزي .
قالت تامي بحماس :
" أخبريني أين أجد المواد ودعي الباقي لي".
أطلقت العمة هونور زفرة وقالت على سبيل المسايرة:
" ستجدين كل ما يلزمك في الغرفة الخشبية العلوية من منصة للرسم وزيوت وقماش وكل شيء , وسلة أشغالي تغص بالحرائر للتطريز ".
بذوق رفيع وفّقت تامي بين اللونين الأزرق والأخضر , وهما المفضلان لديها , لتلوين ريش عصفور رسمته على قماش أبيض داكن , قالت تحدث نفسها:
" سوف أريهن , سأعوض والدي ولو لمرة واحدة , النفقات الباهظة التي دفعها لتثقيفي".
وأبتسمت أذ تذكرت كيف كانت تستاء من السيدة بيكور معلمتها الفرنسية في أشغال الأبرة التي خصصت ساعات طويلة من وقتها لفتاة أعتبرتها موهوبة جدا.
منتديات ليلاس
" تجيدين أختيار الألوان يا عزيزتي , وتملكين مهارة الأحتراف في التصميم , داومي على ذلك وستكونين ممتنة لهذه المواهب ذات يوم ".
وداومت تامي على ذلك فقط لأرضاء ميولها المبدعة , لأخذ قطعة قماش وتحويلها ألى شيء جميل , والرسم أيضا حقق الغاية ذاتها , قطعة القماش الخالية كانت تشكل تحديا لها , وكانت تعتبر كل صورة تنجزها بمثابة قطعة منها أو بمثابة وليد جديد.
مالت برأسها تتفحص عملها وأبتسمت راضية عن التصميم الذي يتطور ببطء وأتقان , كان ميلها كبيرا ألى الأنتاج بحيث تساءلت كيف تركت وقت فراغها يذهب هدرا , ولكنها منذ مغادرتها المدرسة لم تجد فترة صمت أو وحدة أشعرتها بضرورة قيامها بهذا النوع من العمل , كانت حياتها حافلة بالتفاهات وبجهود بذلتها على أمور لم تأت بنتيجة.

نيو فراولة 14-09-10 06:38 PM


طوت شغلها وأعتبرت أن ما فعلته اليوم يكفي , لا تزال هنالك ثلاثة شهور لموعد المعرض , ألا أنها كانت تمضي كل لحظة فراغ أما في غرفتها أو تجوب الجبال بحثا عن بقعة تخلدها على القماش , ولكنها لم تجدها بعد وقد يحالفها التوفيق اليوم , أطلت برأسها من النافذة ألى أشعة الشمس الضئيلة وقررت الخروج للبحث , فأرتدت واقيا للمطر ووضعت منديلا على رأسها عقدت طرفيه تحت ذقنها وبخطى مرحة هبطت الدرج وأجتازت القاعة.
مرّ بها آدم في سيارته وهي في منتصف الطريق ألى البوابة الخارجية , لوّحت له بيدها بطريقة عفوية وأستأنفت السير غير متوقعة سماع صوت الفرامل ولا وقع الخطى التي أدركتها قبل بلوغها البوابة الرئيسية المزدانة بتيجان من الحديد المجدول وثعالب ذات أذناب طويلة ترتفع حتى صف من الحراب الحادة , كانت هذه الحراب قديما تردع أي أسكوتلاندي ينتهك حرمة أراضي آل فوكس ولكنها اليوم مشرعة وأصبحت شبكة يتسلق عليها العوسج.
كان كل تفكيرها منصبا على تحقيق غايتها , ولم تشعر بأن هناك من يتبعها , وعندما أستقرت يد ثقيلة على كتفها وأدارتها بسرعة شهقت مندهشة :
" أين تذهبين مسرعة؟ هل ألى حيث أعتدت الأختفاء في الأيام القليلة المنصرمة؟".
عقدت ما بين حاجبيها , تكلم آدم بغضب شديد على غير عادته .
أجابت وهي لهجتها مزيج من الدهشة والتهكم:
" أنا ذاهبة في نزهة أذا كان ذلك لا يضيرك".
" قد يضيرني , وذلك يتوقف على الرفيق الذي تختارين !".
فردت وهي مقطبة الجبين :
" أي رفيق؟".
وقال بصوت أجش :
" غيابك في الأونة الأخيرة كشف أمرك , لا تنكري كثرة لقائك بيتي ".
منتديات ليلاس
" كنت مشغولة في الأيام القليلة المنصرمة , أما اليوم فأنوي التنزه بمفردي , أنني أفكر برسم لوحة , جميع المعدات اللازمة متوفرة في البيت , ولكنني أبحث عن منظر جميل معين , منظر يجتذب البصر ,والخيال".
تفرس فيها طويلا وقال :
" أعرف مكانا كهذا , وبما أنه يبعد كثيرا عن الطريق العام علي أن آخذك أليه بنفسي ".
كان المطر قد ألصق بضع خصلات من شعره على جبهته وعلقت قطرات منه في شعره الأسود ,وبينما كانت تامي ترمقه تدحرجت قطرتان على أنفه فنفضهما عنه وبدا نافد الصبر وهو ينتظر أجابتها .
" أحقا تأخذني يا آدم؟".
لم يفه بكلمة بل عاد ألى السيارة وأدار محركها وأستدار بها ثم توقف ألى جانبها وقال بأقتضاب شديد :
"أصعدي!".
ما كان يجدر بها أن ترتاب بحسن حظها , فهدأت من روعها وصعدت ألى جانبه .
حوّل مقدمة السيارة نحو الشمال وأنطلق بها مجتازا سلسلة من القرى الصغيرة في طرقات ضيقة متعرجة غسلها المطر الذي أبتدأ بالهطول صباحا وأستمر ألى ما بعد الظهر , أخذت الطريق تتجه صعودا , ثم أستدار عند منعطف حاد حيث أجتاز سياج عوسج متفرق الأوراق فشاهدت تامي في الأسفل البعيد بحيرة تحيط بها جبال ضخمة منحدراتها الحرجية أجمل شكلا من الصخور الداكنة المحيطة بفوكس هول , توقعت أن يتجه آدم نحو البحيرة ولكنه أنعطف يسارا ألى موقف للسيارات خال ألا منهما .
" في الصيف هذا المكان يكون أشبه بخلية نحل , مزدحما بالناس ولكن الطقس المتقلب في هذا الوقت من السنة يبقيهم بعيدين".
ألتفتت حولها بحثا عن المنظر الخلاب الذي وعدها به , وأصيبت بخيبة أمل , البحيرة ذاتها , بالرغم من جمالها لم تكن خلابة وهي ترتدي حلة رمادية توحي بالكآبة.
قرأ أفكارها وقال وهو يترجل من السيارة:
" رويدك , أستعدي للمشي!".
أجتازا بوابة صغيرة وسلكل دربا تؤدي ألى غابة حيث كانت أكواز الشريين تتحطم تحت أقدامهما , ثم سلكا طريقا مظلمة تحف بها أشجار الشريين المتشابكة تتخلّلها فجوات من الأغصان الخضراء المتباعدة , تلك الأشجار الباسقة الشامخة نحو السماء ذكّرت تامي بثلة من الحرس يصطفون بدقة تكاد تكون هندسية , سنجاب أحمر رابض على غصن وبين براثنه كوز من الصنوبر , أنتفض متنبها وتسلق بسرعة جنونية ألى الأغصان العليا لدى مرورهما.
وبعد قليل سمعت تامي زمجرة مكتومة فأزدادت أقترابا من آدم , وكانت الزمجرة المشؤومة تزداد وضوحا لدى كل خطوة يقومان بها , اوقفها قليلا وأشار ألى حافة الممر الذي ينحدر درجات منحوتة في الصخور , تبعته وهي شديدة الحذر لموطىء قدميها , ثم نظرت بسرعة ألى الأعلى حيث أنفرجت غمامة رمادية وكأنها ستارة أنشقت لتكشف عن شلال من المياه البراقة.

نيو فراولة 14-09-10 06:49 PM

لجمتها الرهبة , فوقفت تستوعب هذا المشهد الأخّاذ , كان تدفق المياه يصدر هديرا وغمامات من الرذاذ تؤلفه أطنان المياه المرتطمة بغضب بالصخور الصوانية , جسر بدائي يمتد فوق المصب الضيق , وعندما جذبها آدم ألى الوسط تشبثت بسياج حديدي دقيق , ونظرت ألى الأسفل ,وساورها شعور غريب غرابة تلك المياه المتدفقة , صدر عن الجسر صرير تحت ثقلهما ولكن آدم بدا هادئا فكبتت خوفها .
تساقط الرذاذ حولها كالضباب مندّيا بشرتها ومضيفا ألى شفتيها المنفرجتين رطوبة .
" عندما تشاهدين أكبر الشلالات السكوتلاندية أو شلالات جبال الألب فأن شلالاتنا المتواضعة تشعرك بخيبة".
قال ذلك بصوت مرتفع يطغى على هدير هدير المياه وتابع قائلا:
" مئات الأشخاص يأتون ألى هنا صيفا عندما يكون الشلال مجرد قطرات من الماء , ولكنه في يوم كهذا يشكل أفضل مشهد لقلة ضئيلة من الناس المدركين ".
منتديات ليلاس
بكل هذا الرذاذ المتناثر حولهما لا عجب ألا ينتبها لقطرات المطر الأولى وهي تتساقط عليهما , وفجأة أخذت السماء الداكنة تفرغ ما فيها على الزوجين الواقفين على الجسر وغير المباليين بهطول الأمطار الغزيرة , هطل الطوفان بمرح شيطاني , وما هي ألا ثوان حتى بلغ البلل بشرتيهما.
أمسك آدم بيد تامي وراح يجري ولما بلغا الضفة دفع بها ألى تحت شجرة وارفة حيث وقفا يلهثان , بدت وكأنها أجتازت الشلالات وهي في كامل ملابسها التي تبلل كل خيط منها.
وكانت المياه تنحدر من شعرها ألى رموشها ومن ثم ألى وجنتيها , كانت تلهث وتبعد قطرات المطر عن عينيها وعندما نظرت ألى محيا آدم القلق أنفجرت ضاحكة.
بعد لحظة من الحيرة راح يشاركها الضحك , كان قد أعدّ نفسه للتأنيب وحتى لسيل من الشتائم ولذلك كان في ضحكة أنفراج وأعجاب بالغرسة الرقيقة التي نبتت في أرض صلبة غير مألوفة .
لف ياقتها حول عنقها وقال:
" قليلات من اللواتي أعرفهن يدركن متعة البلل حتى البشرة , وهي متعة شبيهة بسرقة حديقة للزهور أو بتحطيم الصحون . أتذكرين وأنت طفلة كيف كنت تمشين في المستنقع منتعلة حذاءك لأنه قيل لك ألا تفعلي ذلك؟".
أومأت برأسها وعيناها تشعان :
" الثواني الأولى فظيعة ولكن ما أن يتبلل المرء كليا حتى يتجاوز مرحلة البؤس ويبدأ بالأستمتاع بالبلل , وبما أننا الآن في هذه المرحلة الرائعة لماذا لا نشق طريقنا ألى السيارة تحت الأعصار؟ ذلك لن يزيدنا بللا".
وكولدين صغيرين أمسك أحدهما بيد الآخر وركضا في العاصفة . يرشفان قطرات الماء متحديين الطبيعة , ولما واجهت الطبيعة تحديهما بأمطار أكثر غزارة أزداد أبتهاجا.
عندما بلغا السيارة أرتميا في داخلها كتلة من المرح , أمسك آدم بمقود السيارة وتردد قليلا ثم أستدار ألى تامي وعانقها بحرارة, ونظرت أليه بعينين متسائلتين فقال موضحا :
" هذا العناق مكافأة لك على روحك الرياضية".
لو أنها تلقت وساما لما كانت أكثر فخرا مما هي الآن.
همست قائلة:
" شكرا!".
وراودتها رغبة شديدة في البكاء .
أدار محرك السيارة بسرعة وأنطلقا ينهبا الأرض نهبا.
أستيقظت تامي في حوال منتصف الليل ترتجف بردا , وشعرت بالحرارة تلهب جبهتها وبألم حاد في حلقها , قبل ذلك بأربع ساعات , كانت العمتان قد حملتاها ألى الطابق العلوي , ووضعتاها في حمام ساخن , ونقلتاها منه ألى الفراش , ولازمتاها ألى أن شربت كوبا من الحليب الساخن بعد معارضة شديدة منها , لدى بلوغها فوكس هول عنفت العمة هونور آدم أذ رأته يحمل زوجته المتسخة المبللة ويجتاز بها عتبة الباب , وحتى العمة فيني بعد أن شربت تامي الحليب وأتكأت على وسائدها تمتمت ببضع عبارات تلوم بها أبن أخيها.
منتديات ليلاس
" لا أفهم ماذا يدور بخلده , لا شك أنه فقد صوابه".
أجتاحت تامي رعشة قوية فهبت تبحث عن معطفها البيتي الذي يكون عادة على السرير عند قدميها , كانت تشعر بضعف هائل وبألم حاد في حلقها كلّما بلعت لعابها , أنزلت رجليها عن السرير ولاحظت أن النار الضئيلة في الموقد غير فعالة في الغرفة الباردة .
سارت متعثرة نحو الباب الفاصل بينها وبين آدم ,ساءها الشعور بأنها تسبح في الهواء , وأزعجتها موجات الضعف الحارة والباردة التي تجتاح جسدها.
صرخت:
" آدم!".
هالتها الحشرجة التي صدرت عنها , كرّرت المحاولة ولكن صوتها كان أضعف من أن يخترق الباب السميك فراحت تقرعه بقبضة يدها وتنتحب بضعف ثم سقطت أرضا وقد نفدت طاقتها .
نهض آدم مشعث الشعر , معطفه ملقى بأهمال على كتفيه وفتح الباب وكاد أن يتعثر بالجسد الطريح على العتبة .
" رباه , تامي!".

نيو فراولة 14-09-10 08:51 PM

سمعت هذه العبارة وهي في شبه غيبوبة قبل أن تمسك بها ذراعان قويتان وتضمانها بحرارة ألى صدره قوي , ألقت بثقلها عليه وهي تهمس , بكلمات الأمتنان ومالت برأسها على كتفه , حملها ألى سريرها بلطف ولما حاول الأنسحاب همست معترضة وتشبثت بكمه متوسلة بصوت يكاد لا يسمع:
" لا تتركني يا آدم... أشعر ببرد شديد".
" أنني مضطر لتركك ريثنما أستدعي العمتين ".
وكأن جوابه جاء من مكان بعيد واليأس يسيطر على صوته , خوف أعمى يسيطر على رجل قوي يواجه لأول مرة في حياته عجزا في تقرير السبيل الأفضل الذي يجب أن يسلكه.
وفيما هو متردد أخذت أسنانها تصطك وهزها أرتعاش فظيع أنتهى بأنتفاضة عنيفة بينما تشبثت أصابعها بثنايا معطفه.
" ضمني أليك يا آدم ...... ضمني!".
منتديات ليلاس
ضمها ألى صدره وكأنها طفلة صغيرة راح يهدهدها بين ذراعيه ويهمس أليها بعبارات المؤاساة , وكانت لا تزال بين ذراعيه عندما أنحنى قليلا ألى الأمام ألى أن أستقر ظهرها على الوسائد وراح يلفها بالأغطية بغية جعلها في غلاف محكم , ولكنها قاومت عندما حاول الأبتعاد وأبت أن تترك معطفه.
بحنان كبير أزاح خصلة شعر عن حاجبها الرطب وقال:
" أفهميني يا تامي , لا أستطيع ملازمتك , سأستدعي العمتين للسهر عليك".
" كلا , أريدك أنت".
تأثر كثيرا عندما أنطلقت الكلمات الحزينة بألم من حلقها , ثم راحت تداعب شعره بأصابعها المضطربة.
وبصوت أجش كصوتها توسل أليها قائلا:
" أنا لست من حديد يا تامي".
ولكن شدة مرضها شلّت تفكيرها , يكفيها أنها قريبة جدا منه, مطمئنة بين ذراعيه , أنها تنوي الأحتفاظ بما أحرزت بعد نضال مرير ولا تريد العيش بدونه , قربه منها يقيها الرعشات التي تنشر البرد في كيانها بين حين وآخر.
نجحت وهي ضعيفة حيث فشلت وهي قوية .
أستسلم للأمر الواقع وضم جسدها وراح يهدهدها لتنام وهو يهمس في أذنها بعبارات عاطفية رقيقة من دون أن يكشف شيئا من اللهب الأزرق المنبعث من عينين كانت تبحث فيهما عن الأطمئنان في ليل عذابها الطويل , وكانت تسعى ألى الدفء وهي بجانبه فعانقته بحرارة وراحت تصب في أذنيه عبارات عاطفية غير مترابطة بينما تركزت عيناها على لوحة في أطار معلق على الجدار المواجه لسريرها وكانت اللوحة تحمل العبارات التالية :
" خلق الله الرجل ووجد أن وحدته غير كافية فأعطاه رفيقة لتزيد شعوره بالوحدة".

نيو فراولة 14-09-10 08:53 PM

10- أنت مصدر أزعاجي

جاء ديريك لزيارة تامي حالما أرتأت العمتان أن حالتها الصحية تسمح بذلك , لم يكن هو أول زائريها , كانت بام قد جاءت في اليوم السابق لتلقي على منافستها نظرات تفيض شفقة.
شفاؤها أستغرق أكثر من أسبوع وأمضت أسبوعا آخر في طور النقاهة , وكانت آثار المرض تتمثل بالضعف الذي تعرب عنه دموع تتدحرج من عينين كئيبتين وبنوبات أرتعاش توهن جسدها , وبالعرق المتجمع فوق حاجبيها , كانت هذه الأعراض أكثر ما تصيبها كلما رأت آدم , كان يقطب جبينه لشعوره بأن وجوده يزعجها فيغادرها بعد سؤال سريع عن صحتها وعيناه الحائرتان تتساءلان عن سبب ترددها في الأنفراد به.
شاءت أن توضح له نوبات احياء التي كانت سببا لهذا الجفاء , لم تتذكر بداية مرضها ,كل ما تذكره هو أنه كان معها وأنها أحرجته , وعندما حاولت الأستفسار منه عن ذلك أسكتها , ولكن حمرة الخجل التي تولته أكدت لها صحة ظنها , ومنذ ذلك الحين والأرتباك رفيق جلساتهما.
منتديات ليلاس
أي حدث مؤلم يختزنه عقلها الباطني يسبب لها هذا الأرتعاد كلما فصللت بينهما مسافة صغيرة ؟ لماذا تنكمش حياء مشيحة ببصرها عن العينين الزرقاوين اللتين تتغلغلان في أعماق روحها ؟
تامي ماكسويل خجولة! كم ستضحك رفيقاتها أذا علمن بذلك! كم تثور ميغ سلفتها النشيطة من حيائها المشين أثناء وجود فوكس الأفّاق.
مجيء ديرك كان نجدة لها , دخل وكله ثقة بالنفس و فأرتفعت معنوياتها قورا وقال باسما:
" الحلو للحلوة ".
وألقى أليها بكيس من السكاكر .
" صعقت صاحبة المتجر عندما طلبت فاكهة مجمدة".
وراح يقلدها :
" هذه الفاكهة وعلب الحلوى لا يطلبها الناس ألا في المناسبات الخاصة كمناسبة عيد الميلاد".
كان أنفجار تامي بالضحك أشبه بأنفجار سد مائي , بضع قطرات تتدحرج على الحصى وتدريجيا تزداد تدفقا ألى أن تصبح سيلا جارفا , ولم تستطع السيطرة على نفسها وهو يدور في الغرفة مقلدا العانس ذات الملابس الضيقة التي تدير المتجر في القرية.
قالت وهي تشهق:
" كف عن ذلك , أرجوك".
وراحت تشد خاصرتها بيدها :
" أنك ماهر في التقليد ولكن كفى , سأنفجر من الضحك".
عاد ألى رزانته وتقدم نحوها وأستند بيديه على جانبي مقعدها وأنحنى ليتفحص وجهها الشاحب .
وهمس قائلا:
" عينان رزينتان , لدى دخولي خيل أليّ أنك نسيت الضحك , يلزمك حفلة مرح تزيل الغم من هاتين العينين الواسعتين . أتستطيعين الذهاب ألى حفلة رقص ومرح؟".
أطلقت زفرة وقالت:
" أجل , ولكنني قد لا أقدر على تحمل مشاق السفر".
" السفر؟".
وكاد أن يفقدها أعصابها بنظراته التي تفيض توبخا , وعندما أستطاعت السيطرة على نفسها قالت:
" ألى لندن , أليست هي التي سنقصد؟".
" أنهم أحيانا يقيمون الحفلات هنا في هذه الغابات ,وعلمت أنهم يستعدون لأقامة حفلة , هذه الحفلات تقام عادة في الخريف قبل أن تبدأ مشاق الشتاء , ولكن لسبب أجهله قرر بعض الشبان أقامة حفلة هذا الأسبوع قبل الأنهماك كليا بالعناية بالخراف".
فقالت بفرح ظاهر :
" هذا ممتع , ما هي حفلة المرح بالضبط؟".
" أنه أجتماع للأصدقاء والجيران لأحراز أكبر قدر ممكن من الفرح لفترة محدودة , وهذا الأجتماع يقام ليلة واحدة فقط , ولكنني سمعت أن ثمة أجتماعات تدوم أسبوعا , كل ما يلزمنا هو وسيلة للأنتقال ألى مكان الأجتماع , ملابس عادية وقدرة على السهر والرقص وقد يطلبون أليك أن تغني , ما قولك , أترغبين في ذلك؟".
" أجل , بكل تأكيد ".
بحركة سريعة لمس أنفها بطرف أصبعه :
" كوني مستعدة غدا مساء , سأجيء لأخذك في الثامنة".

نيو فراولة 14-09-10 09:01 PM

عندما أنصرف ديرك أخذت ترتب أفكارها , وبعد تفكير عميق قررت أبقاء الأمر سرا , ستقيم العمتان الدنيا وتقعدانها بينما آدم لا يبالي بمخططاتها , ولكنها لم تستطع مقاومة رغبتها في السؤال فيما كانت تتناول الشاي مع العمة هونور:
" هل حضرت حفلة مرح ؟ سمعت أن هذه الحفلات مسلية جدا ".
" بكل تأكيد حضرتها".
ضحكت العمة هونور ووضعت فنجانها وأتكأت في مقعدها بطريقة أوحت لتامي أنها تمهيد لسرد الذكريات.
" عندما كنت شابة كانت هذه الحفلات تدوم من نهار الجمعة حتى ليل الأربعاء من دون أنقطاع , وكانت كل حفلة تبدأ بصيد الثعالب , يجتمع الصيادون في صباح يغلفه الضباب يرتدون معاطف زهرية اللون وعند أقدامهم يربض قطيع من كلاب الصيد المتحمسة , والأشجار تكسوها ألوان الخريف , وغالبا ما تكون هنالك لسعة من البرد تبقينا في حركة دائمة , وطبقة من الثلج تغطي قمم الجبال الشاهقة , كان البعض يتبع الصيادين على الأقدام وينظر ألى الجبال بالمناظير الكبّرة , وفي نهاية النهار تزأر نار ضخمة في مدفأة النزل حيث تبدأ الأحتفالات فور عودة الصيادين و أما العمل الحقيقي للتجمع فكان يجري طوال النهار في الجهة الخلفية للنزل".
" وما هو العمل الحقيقي للتجمع؟".
" أنه أعادة الخراف الضالة التي شردت في الجبال خلال العام وتسليمها ألى أصحابها رسميا , هذه هي الغاية من التجمع , المزارعون من المناطق المجاورة يجمعون خرافهم الضالة ويضعونها في زرائب خلف النزل حيث يتولى راع مسن طوال النهار تصنيفها معظم الرعاة المسنين قادرون على تمييز الخروف بأسرع ما يميزون أنسانا".
منتديات ليلاس
" أتتعنين أنهم فعلا قادرون على تمييز خروف عن آخر ؟ ولكن كيف؟".
" بواسطة العلامات التي تحملها الخراف , لكل مزرعة علامتها المميزة , يقولون أن هذا العمل يتوارثه الأبناء عن الآباء منذ عهد الفايكينغ الذين غزوا هذه الجبال وأستقروا عليها لأن موقعها ذكرهم ببلادهم , أذا كانت أذن الخراف مقروضة يقطعون طرفها كليا , أما أذا كانت الأذن مشطورة فتكون ممزوقة حتى منتصفها , وأذا كانت مفرضة فيكون الفرض بشكل رقم سبعة , وأذا كانت مقروضة مفتاحيا فيكون القرض بشكل مربع , وبما أنه لكل أذن طرف علوي وآخر سفلي ولكل خروف أذنان أثنتان فيمكن جعل العلامتين متطابقتين , كما أن هنالك الحروق في القرون أو علامات مميزة في مختلف أنحاء جسم الخروف , ولكن الرعاة المسنين لا يحتاجون ألى رؤية العلامات بل يكفي أن يلقي أحدهم نظرة واحدة ليقول:
" هذا الخروف لطوم لوثر أو هو خاصة يون غلندينينغ".
تولى تامي حماس كبير فنسيت حذرها وقالت :
" كم هذا فاتن , أتحرق شوقا لرؤية ذلك".
" لا بد لك من الأنتظار , حفلات المرح لا تقام ألا في الخريف , كثرة العمل في هذا الوقت من السنة لا تسمح للناس بأنشاء عشرين بيتا من الشعر في الساعة الثالثة صباحا".
فقالت تامي متلعثمة :
" ألا يمكن أن تكوني مخطئة ؟ سمعت أنهم ينوون أقامة حفلة مرح هذا الأسبوع".
ضمت العجوز شفتيها وقالت:
"يتمنى البعض أن يكون عيد الميلاد كل شهر , وأن تقام حفلة مرح كل أسبوع , كلا , أنت مخطئة ولا شك , المعروف عن بعض الشبان أنهم يقيمون حفلة مرح خاصة بهم وهي لا تقارن بالحفلات الحقيقية".
غيرت تامي الموضوع قبل أن تساور العجوز الريبة , ولكنها بقيت عرضة للقلق طوال النهار , ولو أمكنها أن تبعث لديرك برسالة تخبره فيها أنها غيرت رأيها لفعلت.
صعدت ألى غرفتها تحدوها رغبة في أكمال أشغال الأبرة التي أهملتها في الأسبوعين المنصرمين , وكانت قد أستقرت في مقعدها بقرب النافذة عندما دخل آدم بعد أن قرع الباب بحياء .
بدا وكأنه في مهب الريح , شعره الأسود مبعثر , نظرته جامدة كالجليد الذي يغطي قمم الجبال حيث أمضى نهاره , كانت ملابسه عادية , سترة سميكة من الصوف وسروال لركوب الخيل وقد عقد وشاحا حريريا تحت ياقة قميصه المفتوحة , قامته المنتصبة ورأسه الشامخ وملامحه العبوسة أبرزت أعتزازه بسلالته.
قالت في نفسها :
" جاء البارون فوكس يتفقد مصدر أزعاجه".
وتشبثت بغيظها لتقاوم موجة الضعف العذبة التي أعترتها , وكادت أن تمنعها من التنفس , دست قطعة التطريز وراء الوسادة ونهضت من دون أن تتأثر بظهوره المفاجىء .
" هل تريد شيئا؟".
أرتفع حاجباه دهشة وأستقرت نظرته على وجنتيها المتوهجتين أولا , ثم على الوسادة التي جعلتها مخبأ وقد ضاقت عيناه ريبة.
" هل أخترت وقتا غير مناسب لزيارة؟".
كان الرد الناعم مشحونا بالأسئلة فتابع قائلا:
" لم هذا الأحمرار ؟ لم هذه الوقفة الدفاعية ؟ ما الذي تخفيه الوسادة ؟".
أتجه نحوها وقرأت تامي أفكاره وتقدمت تسد عليه الطريق مصممة على أبقاء أمر القماش الذي طرزته بأحلامها سرا حتى يحين الوقت المناسب لمفاجأته وأتباعه بما يثبت مهارتها غير المتوقعة.

نيو فراولة 14-09-10 09:16 PM


ضحكت بعصبية وقالت :
" جميل منك أن تمنحني شيئا من وقتك خاصة أن موسم العمل يداهمك , أترغب في فنجان من الشاي؟ منذ قليل شربت والعمة هونور أبريقا منه ولكن بأمكاني أن أعد لك فنجانا".
فرد بعبوس :
" كلا , شكرا".
ثم فاجأها بالسؤال:
" هل جاء بيتي ألى هنا؟".
فأجابت متلعثمة :
" أجل , زارني ليرفع من معنوياتي وحمل ألي هدية صغيرة".
وأحتبس الكلام في حلقها عندما أتجهت نظراته نحو الوسادة , راودتها رغبة في الضحك , خيل أليه أنها خبأت هدية ديريك لتفاخر بها فيما بعد على أنفراد , ولم تحاول أطلاعه على الحقيقة.
وكتلميذة ساذجة سألت متلعثمة :
" هل من سبب معين لزيارتك؟".
منتديات ليلاس
رمقها آدم طويلا وقال:
" أتيت لزيارتك لأنك زوجتي وكنت مريضة وكانت حماقتي هي السبب في مرضك , أتدهشك رغبتي في الأستفسار عن صحتك يوميا ؟ كل زوج يعرف واجباته يفعل ذلك".
" يعرف واجباته !".
وهمست في نفسها بمرارة , أنه لكذلك فعلا , لولا تعلقة بالواجب وأدراكه لألتزاماته لما كانت هي الآن البارونة فوكس.
قالت بصوت حاد :
" أنا بخير , لا تدع حالتي الصحية تعرقل أعمالك بعد اليوم".
وأشارت بعينيها نحو الباب , ولكن آدم أذهلها بتجاهل أشارتها وجلس على مقعد قريب .
أطبقت أصابعه الفولاذية على معصمها وشدها أليه قائلا:
" تعالي , دعيني أنظر أليك".
وأظهر سيطرة أذهلتها وجعلتها تجثو بجانبه وجذبها ألى الأمام وأنحنى برأسه ألى أن ألتقت عيونهما , كانت في ما يشبه الغيبوبة عندما شعرت بأبهامه يلامس وجنتيها فأرتعدت عندما خاطبها بصوت يفيض حنانا .
" أنت رائعة الجمال وقد خلقك الله للحب".
أقترب رأسه منها , ولفحت أنفاسه الحارة وجنتها , على شفتيه طيف أبتسامة وتحول الحنين الجارف الذي يجتاحها ألى أحساس قوي من الرغبة في الأستسلام صاغرة بين ذراعي الرجل افظ الذي ورث شخصيته عن أسلاف كتبوا أسماءهم بالسيف دونما رادع يردعهم , كانوا ذوي أمزجة متقلبة كمزاج آدم الآن , أنه عطش ولا ترويه سوى أمرأة , عرفا الحب والحنين في أقصى درجاتهما ولكن تامي أكتشفت أنها لا تريده بغطرسته بل بحبه الخالي من كل شائبة وأنها تفضل البقاء من دونه على نيل جزء منه فقط.
سيطرت على نفسها وحبست دموعها وقالت:
" هل لك أن تنصرف الآن ؟".
منتديات ليلاس
نهض على قدميه بطوله الفارع , عدم ظهور الندم عليه أثبت حكمة تصرفاتها .
" ما دامت هذه مشيئتك ".
قالها ببرود وسار نحو النافذة وسرح ببصره على القمة المنتصبة كحارس فوق منزله.
وأفصح عن أفكاره بوضوح عندما سألها ببرود :
" أتتوقعين أن يكرر بيتي زيارته؟".
أطلقت تامي زفرة حارة مرتعدة وهي تدرك مدى خطورة لعبتها .
وكذبت قائلة:
" كلا , لم نتخذ ترتيبات حاسمة".
أستدار أليها آدم وعلى شفتيه أبتسامة تفيض سخرية وقال :
" عظيم!".

نيو فراولة 14-09-10 10:24 PM

أتجه أليها ثم قال :
" أؤكد أنك تجدين فيه رفيقا مسليا فأنتما من بيئة واحدة ,وتملكان القيم ذاتها.
وأظنك تدركين أن لنا منصبا علينا المحافظة عليه في هذا المجتمع , أنت وأنا , اللورد والليدي فوكس , من فوكس هول وهو منصب مرموق تربطه ألتزامات معينة , وبما أنك تحبين الأقوال السامية فأنني سأغادرك بعد أن أترك لك لك قولا مأثورا تمعنين التفكير فيه :
من ينل الكثير يطلب منه الكثير".
بقيت تامي محدقة لفترة باباب الذي أغلقه وراءه , لا شك أن كلماته المعسولة كانت تنطوي على التهديد .
" أما أن تنصاعي وألا .......".
مرة أخرى فرض بارون المستنقعات القانون على فتاة ثائرة من آل ماكسويل.
منتديات ليلاس
ثمة باعث دفعها ألى الغرفة الخشبية حيث كانت منذ بضعة أيام تبحث عن أدوات للرسم , فعثرت على لوحة زيتية يعلوها الغبار ووجهها ألى الحائط وكأنها وضعت هكذا عقابا , ثمة ما أثار أهتمامها في الوجه المرسوم على القماش وعندما رفعتها ألى النور أدركت ما هو .
نظرت ألى الصورة وكأنها تنظر ألى نفسها .
كان شعر ميغ ماكسويل كشعرها هي , ألا أنه يفوقه طولا وعلى شفتيها أبتسامة لأمرأة لم تعرف الندم , ولم يكن في العينين المرحتين ظل للجفاء أو العار.
أطلقت تامي زفرة يأس وقالت تطلب الأرشاد :
" ماذا تفعلين يا ميغ لو كنت مكاني ؟ هل تتحدّين مولاك وسيدك لأستثارة أهتمامه أم تكونين وديعة مطيعة؟".
لم تتغير ملامح اللوحة ولا صدر جواب عن الشفتين الجامدتين , ألا أن ضحكة ساخرة رنت في مسامع تامي عندما أنطلقت نفحة ريح من المدخل المفتوح وتلاعبت ببعض الأوراق في طريقها , خيل ألى تامي أنها تسمع نغما موسيقيا , ترديدا خافتا لأغنية قديمة تتغنى بها العمة هونور دائما :
عندما يريد الجمال سجانا.
وعندما يبدأ القتال والغزو
نحن , أبناء الحدود
لا تزال لنا قلوب الغزاة.

نجمة33 15-09-10 04:25 AM

قصه رائعه شكرا لك

نيو فراولة 15-09-10 12:27 PM

11- شجرة الأعدام

في الثامنة ألا ربعا من المساء التالي تسللت تامي من الباب الخلفي لفوكس هول وسلكت طريقها بحذر في ظلال الأشجار المصطفة على جانبي الطريق نحو البوابة الرئيسية.
لا شك أن فتيات الأمس كنّ يتصرفن هكذا , متحديات غضب عائلاتهن للقاء حبيب ممنوع , هذا هذا ما خطر لها وهي تفكر بالجبن الذي أعتراها بالرغم من عنادها وتصرفها الجنوني الطائش , كانت العمتان قد أوتا ألى غرفة الجلوس , وكان آدم مشغولا في مكتبه بأنجاز بعض الأعمال الكتابية التي هي آفة بالنسبة لحياة المزارع , أستأذنت تامي متذرعة بالصداع وصعدت ألى غرفتها ,وما أن دخلتها حتى راحت تستبدل ملابسها فأرتدت قميصا صوفيا أحمر وبنطلون أسود , كان ديرك قد أكد لها أنهما مناسبان للسهرة , ولكن الشجاعة خانتها لدى التفكير بالأسئلة والأعتراضات التي ستنتج عن مجيء ديريك ألى البيت , ولهذا لجأت ألى التسلل من الباب المؤدي ألى الدرج الخلفي.
برزت أنوار اليارة من الظلام لحظة وصولها وهي ألى الطريق الرئيسية , فراحت تلوّح بيديها بأنفعال شديد لتلفت أنتباه ديرك , صرير الفرامل مزق أعصابها المتوترة فألقت نظرة وجل حولها ثم أسرعت وفتحت باب السيارة وأنسلت ألى داخلها.
منتديات ليلاس
أنفجر قائلا:
" ماذا تعنين بظهورك المفاجىء على هذا النحو ؟ لو لم أبطىء للدخول في الممر الضيق لصدمتك بالسيارة".
ولكن غضبه تحول ألى قلق عندما رأى الخوف على محياها فقال:
" أنني آسف , أنت أيضا تولاك الفزع ,لماذا وقفت في وسط الطريق ؟ ألم تستطيعي أنتظاري في البيت؟".
صفقت الباب بعنف وقد أعتراها الخجل وهي توهمه أن الشوق دفعها ألى هذا التصرف.
قالت كاذبة وهي تلهث:
"أنني مستعدة منذ فترة طويلة فشئت أن أمشي ألى هنا لمقابلتك توفيرا للوقت".
شعرت بالأأرتياح عندما أبتسم وأدار محرك السيارة.
" كم متلهفة أنت , هذا لا يدهشني وأنت ربيبة لندن فأن هذه الحياة الجبلية تفزعك , أن هؤلاء الناس ذوي الأكتفاء الذاتي يكرهون المجتمع؟ هل هم وحوش أم هم فوق مستوى البشر ؟".
ولشدة دهشتها أستنكرت تامي هذا الأنتقاد اللاذع :
" أنهم بعكسنا غير أنانيين , لا يتذرعون بالأعذار لأختيار رفاقهم ".
رمقها بنظرة حائرة وقال بلهجة جافة:
" قد يكون لذلك علاقة بأختيارهم العيش في عزلة وسن القوانين الخاصة بهم".
فأجابت تدافع عنهم:
" أنهم من سلالة الغزاة ".
وقال بأستياء :
" مثلنا , لا تحذي حذو العديد من مواطنينا السكوتلانديين فينشأ لديك مركب نقص حيال الأقطاعيين الأنكليز , نحن , معشر السكوتلانيين , مرموقون لولا أرتباطنا بأنكلترا لعشنا كأمة لها ثقافتها الخاصة وقوانينها ومعاهدها , لعصور طويلة قاومنا أبتلاع الأنكليز لنا , تذكري ذلك يا تامي كلّما شعرت بخطر طغيان غطرسة آدم على معنوياتك".
كان ذلك كافيا لأنتشالها من هوة اليأس التي غاصت فيها , فشمخت برأسها وبان في عينيها بريق غريب عندما قالت بحدة:
" ما كان آدم ليوافق على خروجي معك , ومع ذلك فقد خرجت".
أنطلقا بالسيارة ما يقارب الساعة صاعدين تدريجيا في البداية , ثم أخذ المحرك يعمل جاهدا وهما يصعدان ببطء , كانت أشعة القمر الذهبية تمتد عبر القمم وتطل من بين الصخور فتصبغ المياه الرقراقة المتدفقة في أقنية شقتها في الصخور الصوانية وتنساب تحت الجسور وتختفي , ثم تظهر ثانية متراقصة في أنحدارها ألى البحيرة البعيدة في الأسفل .
وفيما كانت السيارة تطلق أنّاتها الأخيرة في الصعود أنبسطت الطريق أمام مبنى منخفض لنزل قديم , الأنوار تتدفق من نوافذه .
ترجلت تامي من السيارة وأتجهت نحو مدخل النزل مسترشدة بالضجيج وبخيط من النور , بينما داعبت أنفها رائحة الزهور البرية.
منتديات ليلاس
كان النزل يزدحم بشبان صاخبين يطلقون الضحكات عاليا , وبينما كان ديرك يشق طريقه نحو المقصف , ثعثر شاب يحمل صينية عليها أكواب المرطبات فيما كان يمر بالقرب من تامي فتشبث بكتفها فجعلها ترتطم بالجدار , وأطلق ضحكة وأستأنف طريقه متعثرا من دون أن يعتذر لها , فعضت على شفتها وأقرت بحكمة العمة هونور , لم تكن معتادة على معاشرة هذا النوع من الناس , مزيج للهجات متعددة لم تكن لأهالي الجبال , كان معظم الشبان يرتدون ملابس المشي , قمصانا صوفية سميكة تحت سترات زاهية الألوان وسراويل سهلة الأستعمال حشرت أطراف أرجلها في جوارب صوفية برزت من أحذية جلدية عالية ذات أزرار معدنية لماعة , كانت حقائب الصيادين مكدسة على جدران بيضاء وعليها صور قديمة للصيادين وبجانبها أبواق نحاسية طويلة وحيوانات قديمة مختلفة , أباريق من الصفيح تتدلى من السقف ينعكس عليها اللهب المتصاعد من كومة حطب ضخمة في وسط مدفأة مجوفة تحلقت حولها مجموعات من الفتيات والشبان جلسوا متربعين على الأرض.

نيو فراولة 15-09-10 12:40 PM


وفيما كان ديرك يقترب حاملا كوبين من المرطبات راحت أحدى الفتيات تداعب أوتار قيثارة , تجهم ديرك وهو يعطيها كوبها وقال:
"أنا آسف يا تامي , يقول صاحب النزل أن هذا المهرجان تقيمه مجموعة من الطلاب الراغبين في تبديد أموالهم ولا يمكن تشبيهه بحفلات المرح الأصيلة , عندما عارضت أحد منظمي المهرجان بلغت به القحة حد القول:
ما بك يا صديقي ؟ الحفلة على هذا النحو أفضل من حفلات الصيد".
وبدا عليه غم شديد جعل تامي تنفجر ضاحكة فشاركها الضحك وهو حائر.
" أنت من حجر يا تامي , لم تتفوهي بكلمة لوم , ما رأيم , هل نشاركهم الحفلة بعد أن أصبحنا هنا؟".
ألتفتت ألى الطلاب المتزاحمين , منذ فترة كانت في أحدى حفلاتهم مصممة على الأستمتاع بكل ما تأتي به الحياة , كانت الفتيات صريحات بشوشات وقلة ضئيلة من الشبان كانت تسعى وراء الأفراط في المرح .
منتديات ليلاس
أومأت برأسها موافقة بعد أن سمعت صوت المغنية يرتفع ناشرا البهجة وقالت:
" أجل , لم لا؟ يمكننا البقاء ساعة على الأقل".
لكن الساعة أمتدت ألى ساعتين ثم ألى ثلاث ألى أن أندمجا في الجو المرح المزدحم والرفقة الطيبة والجو الدافىء المريح , جاء منتصف الليل ورحل ولم يدريا به , أفسحول لهما مكانا بقرب المدفأة حيث الأزدحام جعل تحركهما مستحيلا , في البداية أزعجتهما الحرارة الزائدة المنبعثة من المدفأة ولكن عندما أخذت النار تخبو سيطر على تامي نعاس لذيذ وتدريجيا أخذ رأسها يكبو , ولما قدم لها ديرك كتفه دنت منه وبكل سرور أستعملته كوسادة.
أستفاقت على صوت قيثارة غير متناسق , أصلحت جلستها وفركت عينيها ورأت الطلاب حولها وقد أنهكهم التعب , قليلون كانوا نائمين حيث يجلسون وآخرون كانوا متعانقين يتمايلون على أنغام القيثارة الوحيدة , وفي أحدى الزوايا كانت مجموعة منهم منهمكة في الحديث بصوت منخفض لكي لا يفسدوا متعة الآخرين . كان المقصف قد أقفل منذ فترة طويلة , وفيما كانت تهم بالنهوض رمت ديرك بنظرة عتاب.
" لماذا لم توقظني ؟ كان يجب أن ننصرف منذ ساعات!".
هز كتفيه وقال:
" رأيتك مطمئنة راضية لأول مرة منذ أسابيع فلم أشأ أزعاجك ".
نظرت ألى ساعتها وأمتقع وجهها.
" تجاوزت الساعة الثانية , سيتولى القلق العمتين أذا أفتقدتاني , يجب أن أتصل بهما هاتفيا".
أصلح جلسته وقال:
" آسف يا عزيزتي , لا هاتف هنا , يجب أن تنتظري ألى أن نصل الوادي , في القرية كشك للهاتف".
وبنبرة مستعجلة يغلفها الخوف قالت:
" هلم بنا أذن".
سهرة مفتعلة في الخارج , تصرف جرىء جدا , ولم تستطع تصور ردّة الفعل لدى آدم أذا أكتشفها تتسلل ألى فوكس هول في ساعات الفجر الباكر.

سفيرة الاحزان 15-09-10 01:25 PM

we love uuuuuuuuuuuuu

نيو فراولة 15-09-10 01:44 PM

خرجا فوجدا أن الأرض بللها المطر ,والجليد يلمع على كل غصن وورقة شجر , والصخور الصوانية بدت وكأنها مرصعة بخيوط من الفضة تحت أشعة اقمر , كان الجليد يتحطم تحت أقدامهما وهما يتجهان نحو السيارة , أطلق ديرك بضع عبارات وراح يفرك بشدة زجاج السيارة المكسو بالجليد.
" لا قفي هناك فتتجمدي يا تامي , أصعدي ألى السيارة وأديري المحرك".
وقذف أليها بالمفاتيح فتلقفتها بأصابع شبه متجمدة , أدخلت المفتاح وحاولت أن تدير المحرك ولكن عبثا , وشعرت ببرد شديد في الداخل وكررت محاولة أدارة المحرك مرة تلو الأخرى وراحت تبتهل ألى الله ألا تتحقق مخاوفها وعندها ظهر وجه ديرك عند النافذة.
كان بادي العبوس وقال:
" لا جدوى , البطارية فارغة".
منتديات ليلاس
هزت رأسها وبان التوسل في عينيها وقالت :
" هذا غير ممكن , يجب ألا يكون الأمر كذلك".
ولكن الأمر كان كذلك .
لم يستطع صاحب النزل مساعدتهما :
" ثمة دورية مقرها على تلك الهضبة , ولكنها لا تأتي ألا في الصباح , آسف لا أستطيع أن أقدم لكما مكانا للمبيت , كما تريان , النزل يغص بالطلاب ومعظمهم ينامون على الأرض , يمكنكما الأنضمام أليهم أن شئتما , هذا أذا توفر لكما المكان".
قالها والأسى يغلب في صوته .
وفي هذه الأثناء أخذت أسنان تامي تصطك , وثمة خوف رهيب جعلها تتلعثم وهي تتوسل ديرك.
" يجب أن أعود الليلة ألى فوكس هول , ما فعلته يكفي لأثارة غضب آدم!".
وحاول طمأنتها :
" ليس آدم بعيدا عن التعقل بهذا القدر , الأهالي معتادون على رؤية الغرباء يجنحون ألى الجبال , لا بد أن يفهم".
وشاءت أن تصرخ:
" أنت الذي لا يفهم".
هذا الوضع كفيل بأيقاظ المارد وهي التي ستعاني من ثورته , قاومت موجة من الهستيريا وغادرت السيارة بعد أن أتخذت قرارا سريعا.
" سأمشي ولا بد أن أجد في الطريق من يوصلني في سيارته".
أنطلقت بخطى حازمة ولكن قبضة ديرك الغاضب أمسكت بكتفها وأوقفتها:
قال بحدة:
" لا تكوني مجنونة , فوكس هول بعيد ووسائل النقل هنا نادرة كنور الشمس في هذه الساعة , ستعودين ألى النزل معي".
" لن أعود".
وراحت تقاومه , أما أصرارها لم يجد ديرك بدا من اللجوء ألى القوة ليمنعها من الذهاب , فأمسك بها بخشونة مسمرا ذراعيها ألى جانبيها , وشل حركتها بجسده , ولما وجدت تامي نفسها عاجزة صرخت غاضبة:
" أتركني!".
" لن أتركك قبل أن تعديني بالتعقل".
وأدنى رأسه منها ليتفاهم معها:
" أصغي يا تامي.....".
أنوار أحدى السيارات غمرت الهضبة وأستدارت ألى الموقف بعد أن سلطت أنوارها على شخصين ظهرا وكأنهما في حالة عناق.
هتفت تامي :
" سيارة".
وأفلتت من قبضة ديرك وأندفعت نحو السيارة التي قامت بدورة واسعة قبل أن تتوقف على مقربة منهما .
لاحظت تامي أنها سيارة عادية ,وكانت شفتاها على وشك أن تتوسل السائق , ولكن الكلمات تجمدت على شفتيها عندما ترجل من السيارة قوام مألوف لديها وهمست :
" آدم !".
وجعل الهلع صوتها غريبا والشعور بالذنب كان غصة في حلقها .
" أجل , آدم".
شبك ذراعيه على صدره وحدّق بها وتسمرت عيناه الغاضبتان على محياها الخائف:
" آسف لأفساد جوكما العاطفي".
منتديات ليلاس
وتحوّلت نظراته الباردة ألى ديرك الذي كان يتقدّم نحوها ثم عادت ألى محياها.
" قلقت العمتان لدى أفتقادك ثم تذكرت العمة هونور حديثا أرشدني ألى مكان وجودك , تصرفك الأرعن سبب لها حزنا كبيرا وهذا ما أرغمني على المجيء لأخذك".
صوته المنفعل وغضبه المكبوت دلا على أنه يتمنى لو يلقي بهما معا عن الجبل , المارد النائم أستيقظ فعلا , آتون من الغضب الداخلي مغلف بطبقة ثلجية رقيقة كان ينذر بالأنفجار في أية لحظة , وأدركت تامي أن سيلا من العبارات الحادة سينصبّ عليها وهو يحملها ألى السيارة , والعبارات القليلة التي تفوه بها كانت هي القطرات التي تسبق العاصفة.

نيو فراولة 15-09-10 02:02 PM


هذا التفكير حذرها فأنطوت على نفسها لا تأتي حراكا , كانت تود أن توضح فكرة ديرك ولكنها لم تجرؤ على التفوه بكلمة , سيطرة آدم على نفسه كانت مخيفة أكثر من أظهاره لغضبه , وشعرت بالحسد عندما مرت السيارة بديرك مخلفة أياه جامدا على الجبل البارد.
لم يتح لها مجالا للكلام أثناء الرحلة ألى البيت , شعرت وكأن الخدر يمنعها عن الكلام والتفكير والأحساس , أنقضت ساعة وكأنها دهر حتى أستدار بالسيارة ألى الممر المؤدي ألى فوكس هول وتوقف خارجه , أنفتح الباب وبرزت العمة هونور , النور المتدفق من ارواق أظهر تقاطيع وجهها المرتجف.
أندفعت نحو تامي وأمسكت بذراعيها وقالت:
" يا عزيزتي تولانا القلق بالرغم من ثقتنا من أن آدم سيعثر عليك , لماذا لم تخبرينا بنيتك في الخروج ؟ من الحكمة دائما أن تتركي رسالة لنعرف مكان وجودك تحسبا للحوادث , الأخطار كثيرة في الجبال".
وراحت تثرثر بعبارات غير مترابطة :
" وخاصة في هذا الوقت من السنة عندما يتعمدون نصب الفخاخ للغرباء المتهورين , لا شك أنك تجمدت من البرد , أدخلي , فيني تعد لك شرابا ساخنا وتضع زجاجة من الماء الساخن في فراشك ".
منتديات ليلاس
لم يساور تامي أي حياء فتركت العمة هونور تقودها ألى الداخل , ولكن أ عندما أتجهت بها نحو الدرج أمسك آدم بزمام الأمور :
" أذهبي ألى الفراش يا عمتي هونور , سأهتم أنا بتامي.... أعطني هذه!".
وأخذ صينية عليها أبريق من الكاكاو الساخن من يد العمة فيني التي لجمتها الدهشة وأشار عليها باللحاق بأختها وقال مخاطبا تامي ببرود :
" تعالي معي , يمكنك أن تشربي هذا في مكتبي".
تبادلت العمتان نظرات القلق ثم أسرعتا بتنفيذ ما طلب أليهما , وبعد أن ألقت العمة هونور نظرة عطف أسرعت ألى الطابق العلوي , شعرت تامي بأنها مهجورة , منبوذة نهبة للرعب من الحارس العابس الذي ينتظر دخةلها أمامه ألى المكتب , ألقت تامي نظرة حنين بأتجاه العمتين قبل أن تسير متثاقلة بالأتجاه الذي أشار أليه آدم.
أراحت جسمها المرتجف على مقعد قريب من المدفأة , ومدت أصابعها المتجمدة نحو جذوة الحطب المتبقية في الموقد , أسترعى نظراتها التائهة الشعار المحفور على رف الموقد:
" سيبزغ نور القمر ثانية".
كان هذا الوعد يواجهها كيفما أتجهت أنظارها في البيت , ولكن المؤسف هو أن جميع لياليها المقمرة تحل عليها اللعنة , تحركت فيها روح الأنفعال ومعها شيء من معنويات آل ماكسويل.
ألتفتت أليه وقالت:
" هات محاضرتك ولننته من الأمر , لا جدوى في أن أوضح لك ما حدث لأنني أعلم أن مزاجك لا يسمح لك بالأصغاء , اللورد فوكس رأى وقرر وأصدر حكمه بالأعدام , متى ترسلني ألى شجرة الأعدام؟".
ما كان يجدر بها أن تثرثر مع رجل نفد صبره , وفجأة وجدت نفسها مرفوعة في الهواء.
رفعها عن الأرض وألقى بها بعنف أمامه .
قال حانقا:
" تصرفك الأناني وأستهتارك يفوقان كل تصديق أنك لا تبالين بمشاعر الآخرين ولا تخجلين من السعي وراء ملذاتك , أنت مجنونة متطلبة , فارغة الرأس , لا هم لك سوى زيادة عدد ضحاياك..".
وراح يهزها بعنف حتى أصطكت أسنانها .
" عليك اللعنة , تجعليني أتخلى عن كل شعور حضاري يمنعني من جلد أمرأة بالسوط , كم أفهم وأغفر التعطش للأنتقام الذي جعل أسلافي يطاردون آل ماكسويل الأشرار".
وأشتدّت قبضته عليها مما جعلها تئن فقال:
" ليتك كنت رجلا , لصببت عليك جام غضبي بالطريقة التقليدية ,وكنني سألجأ ألى أسلوب أقل أرضاء في العقاب".
زمجر ببضع عبارات وأمسك بشفتها السفلى بين سبابته وأبهامه وراح يضغط عليها حتى أدماها مسببا لها بذلك جرحا في قلبها يلازمها مدى الحياة , أنه درس في الأزدراء أكثر أيلاما من الضرب وأشد تأثيرا من لسع الكلام , وهذا ما جعلها تعاني من كدمات خفيفة مؤلمة , ثم دفع بها بعيدا عنه وسار مغادرا الغرفة من دون أن يرمقها بنظرة , سرعته في الخروج دلت على أنه لم يعد يطيق رؤيتها ولو للحظة واحدة!

نيو فراولة 15-09-10 04:52 PM

12- سيتحطم قلبي

لازمت تامي غرفتها لمدة ثلاثة أيام تعالج شفتها الجريحة وكبرياءها المحطمة , ولمّا تجرأت أخيرا على الهبوط لتناول الطعام تحينت غياب آدم.
لحسن حظها أن كثرة أشغال آدم في الأسابيع التالية لم تتح له الشعور بوجود الفتاة الشاحبة التي تتسلل بحذر في أروقة فوكس هول والخوف يسيطر عليها , تجفل أذ لاح ظل في القاعة القديمة , طيف تعيس لفتاة مرحة جريئة تمكنت في مدى شهرين من أحياء ثأر بقي كامنا عصورا طويلة.
والمدهش هو أن العمة فيني أثبتت كونها حليفة جريئة لها , بالرغم من أنها لم تفه بكلمة أستنكار ضد آدم فأنها أعربت عن أستيائها من معاملته لعروسه بزفراتها الحارة وبتقطيبها الدائم , وبذلك افهمت تامي أنها ألى جانبها , ولكن تصرفات آدم الصارمة منعت العمتين من التدخل , كان في صغرة يتحمل توبيخ العمتين , أما الآن فهو اللورد فوكس ولا يتحمّل ذلك.
العمة فيني هي التي حرّضت تامي على الخروج لمشاهدة جز الصوف : كل من في الجوار يتجمعون لمشاهدة الرجال يقومون بجز الخراف ووضع العلامات عليها , أما النساء فينهمكن في تقديم الطعام والمرطبات .
أهملت تامي تطريزها الذي كادت أن تنجزه وسرحت ببصرها عبر النافذة , بدت لها الجبال مختلفة الشكل وبعد قليل أدركت السبب , كانت خراف بيضاء كلثلج تنتشر في مساحات شاسعة تكسوها الأعشاب , بقرب المنزل ثمة نعجة كانت دائما تخيفها ولكنها لم تعد تخيفها بعد أن جز صوفها وتضاءل حجمها ألى النصف , النعاج التي كانت حتى الأمس تبدو جميلة المظهر بدت مختلفة كليا بقوائمها الدقيقة وأكفالها النحيلة , تنهدت تامي وقررت أن تعمل بنصيحة العمة فيني فتخرج وتتنشق الهواء الطلق , لا خوف عليها من لقاء آدم , أذا لم تبتعد كثيرا عن المنزل , خفق قلبها بشدة , كان منهمكا في مراقبة جز صوف الخراف وأذا لم يشذ عن قاعدته فأنه لن يعود ألا في ساعة متأخرة من المساء ليسرق النوم لبضع ساعات ويستيقظ عند الفجر.
منتديات ليلاس
سارت ألى الخارج وأتكأت بذراعيها على البوابة , كانوا يجيئون بالخراف , والطريق تغص بسيل لا ينقطع من حيوانات يملأ ثغاؤها الجو ضجيجا.
في أعالي الجبال كانت كلاب الرعاة تتجول بدون توقف لتدفع بالخراف المتخلفة ألى الهبوط ,وقفت تتفرج وقد أعجبت بذكاء الكلاب وهي تجوب الصخور لتخرج من بينها الخراف وتبعدها عن الأماكن الخطرة ثم تعود لتدفع بخروفين قررا عدم اللحاق بالقطيع الخائف.
دفعها الفضول للهبوط ألى الوادي حيث تم تجميع الخراف في زرائب ألى أن يحين دورها في الجز , كان الرجال يجلسون على مقاعد خشبية وعلى ركبهم أكباس كبيرة يجزون الصوف بسرعة فائقة , وقوائم الحيوانات مقيدة مما أثار ضحك تامي أذ لاحظت عليها السخط في البداية لأنها تتعرض للجز الذي يجعلها تبدو عارية ومضحكة للغاية , ثم تقفز مبتعدة لتنضم ألى باقي القطيع العاري.
أمضت ما يقارب الساعة على هذه الحال ثم تولاها خوف شديد لدى رؤية رأس أسود فأسرعت عائدة ألى فوكس هول , وعندما أصبحت في مأمن أبطأت لتتأمل مشهد الحملان وهي تعود للأنضمام ألى أمهاتها وأدهشتها سرعة معرفة كل حمل لأمه , ويبدو أن دهشتها كانت واضحة لأن صوتا ألى جانبها قدّم لها المعلومات :
" لا مجال لأن تتعرف الحملان على أمهاتها بواسطة النظر بل بواسطة الشم , قد تكون رائحة جميع الخراف واحدة بالنسبة أليك ولكنها تختلف بالنسبة لكل حمل".
أستدارت تامي والخوف يملأ قلبها أذ عرفت الصوت المتعجرف حتى قبل أن يقع بصرها على بام , أخذت نفسا عميقا لكي تهدىء أعصابها .
" شكرا لأخبارك لي ...... كنت أتساءل ".
لم يكن في سلوك بام ما يوحي بالمودة :
" أنا أيضا أتساءل حتى متى تبقين حيث لا يرغبون فيك , التظاهر بكونك عروسا سعيدة لم يعد يجوز على أحد وأعلم أن آدم متضايق".
أجابتها تامي:
"أمتأكدة أنت أن معلوماتك هذه ليست صادرة عن أمنية تداعب مخيلتك ؟".
دفقة الأحمرار الذي أعترى بام لم يؤثر على مظهرها , الغريب أنها تحاول دائما أن تظهر هادئة.
" بأمكان المرأة تقدير مشاعر الرجل بدقة وخاصة أذا كانت تراه بأنتظام , جميع أهالي الريف يغبطون آدم لتوفيقه بعروس لا تتطلب شيئا من وقته".
قالتها بام بلهجة لاذعة وأضافت:
" لماذا لا تعترفين ........... وتعودين ألى لندن ؟ وجودك هنا يحرج آدم وهو شديد الحساسية بالنسبة لأنتقادات أصدقائه , هذا لا يعني أننا لا نميل أليك".
منتديات ليلاس
وأعترت صوتها رنة عطف زائفة جعلت تامي تصرف بأسنانها .
" لا مكان لعابرة سبيل مثلك في هذا المجتمع العامل , أنت أنثى للزينة تسر العين ولكنك غير منتجة , رجال الجبال يطلبون ميزة معينة في الزوجة وهي القدرة على مشاطرتهم العمل , خذي اليوم مثلا , بينما كنت تتجولين للتسلية كنت أنا أراقب تقديم الطعام والشراب للعمال , طلب ألي آدم المساعدة وسرني القيام بذلك , سن العمتين لا تسمح لهما القيام بهذا العمل الشاق , أما أنت......".
وهزت بام كتفيها تاركة الصمت يعبّر عن ذاته ثم قالت:
" أذا كان أمر آدم يهمك حقا فعودي من حيث أتيت ولا تتواني في أطلاق سبيله".
كادت تامي أن تختنق غضبا غير أن كرامتها أطلقت جوابا من حنجرتها المتكتمة:
" من يسمعك يعتقد أن زوجي ضعيف الشخصية يفتقر ألى التفكير المستقل , ربما عرفته قبلي ولكنني لا أصدق أن زوجي قد بحث أموره الخاصة مع أمرأة غريبة".
وشدت قامتها أذ شعرت بكونها قزمة أمام طول بام الفارع وقالت:
" لو شاء آدم أسترجاع حريته لطلب ذلك مني بنفسه , وحتى الآن لم يبدر منه أي لا مبالاة نحوي".
شعرت بلذة الأنتصار عندما عضت بام على شفتها وبذلك أفصحت عن قلقها , وحفاظا على كرامتها لجأت ألى خدعة ائسة , وبعد أن أضفت على صوتها رنة من الشفقة قالت تامي:
" الرجل يحب تعدد الزوجات , ولا ترضي نزواته العديدة ألا عدة نساء مختلفات المميزات , ولسوء حظه لا يسمح له القانون ألا بزوجة واحدة وهي لا تكفي لأرضاء جميع نزواته وعندما يختار زوجة عليه أن يجد فيها معظم متطلباته , كما سبق أن قلت , أنا لا أتقن الأعمال المنزلية , ولكن ثمة مجال أبزك فيه , سلي نفسك يا بام ما هو الدافع الذي يجعل الرجل يتغاضى عن الغبار في المنزل وعن وجبات الطعام البسيطة ؟".

نيو فراولة 15-09-10 07:39 PM

كانت بام ساذجة القلب! تولت تامي فرحة شريرة للأحراج الذي سببته عباراتها اللاذعة للفتاة الأكبر سنا.
" ما أنت سوى مبتذلة رخيصة".
قالتها بام بحدة وأستدارت على عقبيها لتبتعد ما أمكنها عن ضحكة تامي الوقحة المثيرة للحنق.
ولكن سريعا ما تلاشى سرور تامي بالنصر فبالرغم من خروجها منتصرة فأن بعض أقوال بام آلمتها كثيرا وخاصة قولها أن آدم طلب أليها أن تساعده في أعمال الجز , أذ أنها تشعر بقدرتها على القيام بهذا العمل , ولكنه لم يتح لها فرصة للمحاولة بل أختار بام مساعدة له وبذلك صبّ الزيت على نار الأقاويل التي تثير ضجة في المجتمع كما قالت بام.
أمضت ما تبقى من النهار في غرفتها تعالج أستنكارها المتزايد لتصرفات آدم , أنه يدين لها بالوفاء ألى أن يتم البت بأمر زواجهما , قالت ذلك وهي تذرع الغرفة جيئة وذهابا .
" سأنهي الأمر معه الليلة , سأصر على التحدث أليه لحظة دخوله مهما كان تعبا".
وبعد أن نسيت خوفها راحت تجوب الغرفة وهي عرضة للأضطراب عاجزة عن التركيز على أي عمل بينما أفكارها في غليان.
ولأنها أبت تناول العشاء , حملت العمتان العطوفتان صينية طعام ألى غرفتها ولكنها لم تقربها لأنها لم تستطع أرغام نفسها على تناول ملعقة واحدة من الحساء .
كان الوقت قد قارب منتصف الليل عندما سمعت صوت السيارة تدخل ممر البيت ,وبدون أن تتوقف للتفكير أندفعت تامي ألى الطابق السفلي ووقفت في القاعة ترتجف داخليا وكاد آدم أن يصطدم بها وهو يجتاز المدخل.
منتديات ليلاس
أمتدت يده لتمنعها من السقوط :
" لماذا لست في فراشك ؟".
سألها ببرود وهو يسحب يده .
فأجابت ببرود مماثل , مصممة على ألا يخذلها الأقدام :
" ثمة أمر أود بحثه معك".
" ألا يمكن تأجيله ؟".
قالها من دون أن يبدو عليه أثر للضيق , خلع سترته قبل أن يتجاوزها ألى المكتب حيث سكب لنفسه فنجانا من الشاي وراح يرشفه بسرعة ولما أنتهى منه سكب فنجانا آخر ولم يسكب فنجانا لها :
" ما الأمر؟".
وحمل فنجانه ألى مقعد حيث جلس ومد رجليه مسترخيا على الوسادة بعد أن أطلق زفرة أرتياح .
لم تكن اللحظة مناسبة للمجابهة ومع ذلك فأن القهر لن يدعها تعرف الراحة .
أندفعت قائلة:
"كنت أتحدث مع بام اليوم".
فهمس وهو يغمض عينيه:
" أحسنت صنيعا , أنها بارعة في الحديث في معظم المواضيع".
فردت بمرارة:
"بما في ذلك موضوع زواجنا".
لم تبدل أساريره , بل بقي متمالكا أعصابه وكأنه ثعلب ينام وأحدى عينيه مفتوحة , وكانت تامي تدرك أنها تستحوذ على كل أنتباهه.
" طلبت ألي تلك الليلة أن أكون على مستوي مركزي الأجتماعي ومع ذلك تحطّ من قيمتي بتجاوزي وبالطلب ألى بام أن تتولى مسؤولياتي وهي تقديم الطعام والشراب للعمال".
ظهرت الدهشة في عينيه الزرقاوين وقال :
" كنت أجهل أنك ترغبين في القيام بعمل لا تقدرين عليه".
فردت عليه حانقة:
" كان الأحرى بك أن تسألني".
وشابت صوتها رنة من التهكم وهي تقول:
" ولكنني نسيت كم كنت مشغولا بمرافقة بام في المنطقة مفسحا المجال ليس فقط لتزايد الأقاويل بل مقويا أقتناع الناس بأنني خسارة كبرى عليك كزوجة , ولشدة ثقة بام بذلك فقد ألمحت أليّ بأنها تريدني أن أخرج من حياتك لتحل هي محلي , كان بأمكانك أن توفر علي ذلك أذ الأحرى بك أن تتريث حتى تتخلص من أمرأة قبل أن تأخذ أخرى".
بقي مسترخيا في مقعده دون حراك , رمقها بهدوء وقال:
" أنا أعتبر بام الزوجة المثالية للمزارع الجبلي , أنها أمرأة مكتملة ومقتدرة من جميع الوجوه على الحياة الزراعية , هذا بالأضافة ألى كونها جميلة ذات محاسن طبيعية".
فيما كان يعدد مزاياها أنكمشت تامي على نفسها :
"ولكنني لا أتيح لها التفكير بأمكانية قيام ما يتعدى الصداقة بيننا , حاليا على الأقل , فذلك لا يكون عدلا لها ولي ولك".

نيو فراولة 15-09-10 07:54 PM

عندما نهض رأت تامي أنه مرهق ولامت نفسها لأنها أخرته عن النوم , وبدا أنه لم ينته من حديثه بعد.
" كلانا يعلم أن زواجنا هو علاقة مؤقتة ولم أجد من الضروري أن أؤكد لك أنني سأوليك وفائي وحمايتي ما دمت زوجتي".
تردد قليلا ثم قال :
" وكذلك أحترامي ولا أظنني فعلت ما يستحق أتهامي بأتاحة المجال للأقاويل ولا يمكن أن أفعل ذلك ما دامت لي زوجة تقيم في منزلي".
ثم أردف قائلا :
" أيضيرك أن آوي ألى الفراش؟".
شعرت بضميرها يؤنبها , الأرهاق الشديد ظاهر عليه , وبحركة لاشعورية أندفعت نحوه وطوقت خصره خصره بذراعيها ألا أنه كان أشبه بقطعة من صوان ولكن ذلك لم يردعها عن الكلام .
" يؤسفني أن أكون عبئا عليك , كم أتمنى أن أكون زوجة مزارع ناجحة ولكنك لم تتح لي فرصة المحاولة ,منذ البداية لم ينشأ بيننا سوى سوء التفاهم".
ونظرت ألى محياه الهادىء وأـستأنفت القول:
" هلا حاولت أن تمحو من ذهنك فكرة كوني عديمة النفع وأنانية , وجميع النعوت التي أطلقتها علي ؟ أريد لزواجنا النجاح , أنا أحبك يا آدم وحبي لك يفوق كل حب وسيتحكم قلبي أذا تخليت عني".
منتديات ليلاس
كان جسده أشبه بصخرة لا تلين ولم يوح أليها بأي أمل , تنحى جانبا وتركها وكأنها على حافة هاوية تائهة الأفكار وأصابعها تتشبث بالهواء.
ربما كان ذلك من جراء الأرهاق ولكنها فضلت الأعتقاد أنه لم يتأثر أبدا عندما قال لها بصوت أجش:
" تمالكي نفسك , المرض أضناك وربما أثر على عواطفك , بعد بضعة أسابيع عندما تكونين قد تمالكت عافيتك , ستندمين على هذه الأقوال".
هزّت رأسها تمهيدا للأعتراض على أرتيابه في أخلاصها , ولكنه تجنب النظر ألى محياها البائس وقال:
" منذ مجيئك ألى هنا لم تفعلي ما يجعلني أعيد النظر في رأيي الأصيل , أنت صغيرة ومندفعة وبسبب حياتك المدللة السابقة تسعين ألى نيل كل ما هو صعب المنال , لو أن في تصرفاتك ما يحمل طابع المسؤولية لأبتدأت بتغيير رأيي , ما زلت في نظري تلك الصغيرة المدللة المتعجرفة , أثبتي لي مقدرتك على الصبر وعلى كبح جماح نفسك , أثبتي لي ولو لمرة واحدة قدرتك على القيام بمهمة شاقة واحدة فأنسى الجدال الثابت ضد بقائك هنا".
ومد يده ألى الباب وقال :
" هذا الحديث طال ".
وأومأ أليها برأسه لكي تسير أمامه .
" أنني متعب جدا ولا طاقة لي على المزيد من الجدال ".
وسارت تامي أمامه بصمت ألى فوق وتوقفت أمام باب غرفتها حيث أمسك آدم بذقنها بين سبابته وأبهامه وحدق في محياها العابس وقال :
" الأشهر القليلة من زواجنا كانت مسرحا للجهاد والكفاح , أمضيتها في أستياء وتعاسة وأنت الآن حائرة وحيرتك تمنعك من فهم نفسك , قريبا ينتهي موسم جز الصوف وبعده المعرض وعندها سنكون في وضع يسمح لنا بأتخاذ قرار بشأنك ".
منتديات ليلاس
وليضع حدا للجدال دفع بها ألى داخل غرفتها وأغلق الباب حيث وقفت لا تأتي حراكا تصغي ألى الحركة الجارية في الغرفة المجاورة وعندما سمعته يطفىء النور أنتقلت ألى النافذة تحدق بعينين تائهتين في الليل المظلم .
وضعها قيد الأختيار .
من الآن حتى موعد المعرض سيقوم آدم بتقدير حسناتها وسيئاتها قبل أن يقرر نهائيا في أن يبقيها هنا زوجة له أو لا , وأفلتت منها آهة . كانت حائرة بين أن تقفز فرحا أو تبكي يأسا.
أرتفعت معنوياتها عندما فكرت بأن الهدنة المضطربة هي أفضل من العداء , أذا أتاح لها فرصة للتفاهم فقد تتمكن من أقناعه بأنها أمرأة ناضجة وليست طفلة مدللة كما ظنها.

نيو فراولة 15-09-10 08:07 PM


13- فرحة لم تكتمل


أستيقظت تامي صباح يوم المعرض يساورها شعور بأنه اليوم المشهود في حياتها , وسرحت بأفكارها تتلذذ بالمباهج المتوقعة.
ستمضي النهار بكامله مع آدم , وستكون العمتان معهما , ولكن ليس طوال الوقت لأنهما حتما ستتجولان بين أصدقائهما , ثم يحين موعد الحكم على أشغال المتابارين والمتباريات , كانت قد أرسلت شغلها , بمساعدة العمتين , ألى حيث سيقام المعرض بعد أن دفعت رسوم الأشتراك , بطاقتان فاخرتان تحملان رقمي القطعتين اللتين أشتركت بهما واللتين تثبتان العمل الذي قال آدم أنها عاجزة عن القيام به , سيكون هذا اليوم حاسما , أنه اليوم الذي حدده آدم لأتخاذ قراره النهائي بشأنها.
لم تكن الأسابيع السابقة قد ذهبت هدرا , أستطاعت أن تمضي فترة معه كل يوم , تارة لخمس دقائق وطورا لمدة ساعة , وفي كل مرة كانت الهدنة بينهما تزداد رسوخا , وكان الجو بينهما وديا تقريبا , جلست في فراشها وأرتسمت على شفتيها أبتسامة سرور , العقبة الوحيدة بينهما هي تأخر آدم بالأقرار بالهزيمة , أبتسمت وهي تتذكر أحداثا متباعدة حين كانت اعاطفة تجعل عينيه داكنتين ألى حد السواد ,وكان يردد أسمها بصوت أجش , وحين تصلب جسده عندما تجرأت مرة ووضعت رأسها على صدره وسمعت خفقات قلبه المتلاحقة.
قفزت من سريرها وجرت ألى الحمّام مصممة على أن تبدو في قمة الجمال عندما تذهب لملاقاته.
منتديات ليلاس
قال لها آدم في الليلة السابقة :
" لا داعي لأن تنهضي والعمتين باكرا , سأكون في ساحة المعرض عند الفجر ولا بأس أذا أتيتن في موعد الغداء".
تبادلت العمتان أبتسامات السرور عندما هبطت وهي تبدو كالزهرة الندية , في ثوب قطني زهري اللون بدون أكمام وتنورة واسعة مستديرة.
أبتسمت العمة هونور وقالت :
" كم تبدين متألقة".
وقالت العمة فيني بتجهم وفي عينيها نظرة حنان:
" فعلا , سيفخر آدم بهذه الأمرأة ".
عانقتهما تامي , كانت تتعجل في تحقيق آمالها ولكنها لم تشأ أستباق القدر , أنهما ماهرتان في تفهم أمزجة من تحبان بحيث أن الأيضاح لم يكن ضروريا .
" هل نحن جاهزات؟".
وسارت بهما نحو الباب :
" أنها الساعة الثانية عشرة , كانت قد وعدت آدم بموافاته في الواحدة".
فأجابت العمة فيني بدون أكتراث:
" سينتظرك حتما , أنه لازمك كثيرا في الأسابيع المنصرفة".
وضحكت العمتان بصوت مرتفع عندما أصبح لون وجه تامي يحاكي لون ثوبها .

نيو فراولة 15-09-10 09:40 PM

كان الصباح ماطرا أما الآن فالشمس مشرقة , وبينماكانت تامي تنطلق بسيارتها نحو الجبال المحيطة بالوادي حيث يقام المعرض خيّل أليها أن الجبال تبتسم لها , عندما أوقفت السيارة وسارت مع العمتين ألى حيث كان المشرف على المعرض يدير العمليا , كانت الشمس تتألق على الساحة الطبيعية في واد وارف الأشجار تجري فيه السواقي وتخيم عليه سماء زرقاء كعيني آدم تشوبها غمامات متفرقة تتوج القمم المحيطة بالمكان.
مررن بمجموعات من الماشية وسط عاصفة كبيرة من الحماس أذ كانوا على وشك أختيار أفضل حيوان في المعرض.
منتديات ليلاس
قالت العمة فيني:
" يحاول أولئك الحمقى تفضيل أي حيوان من هذه الحيوانات الممتازة على سواه , بينما يمكن لأي مبي للمواشي أن يقول لك أن ذلك مستحيل".
رجال أشداء ينتعلون أحذية مطاطية ومعاطف بيضاء كانوا يجرون مجموعة من الأبقار في ذائرة بحيث تمر أمام لجنة التحكيم التي كانت تدوّن الملاحظات في دفاترها , سار أحد الحكام ألى بقرة ورفع ذيلها وربت على بطنها وهز برأسه وعاد ألى زملائه.
قالت العمة فيني:
" مجرد تمثيل , قد تكون هذه البقرة هي الفائزة".
جالت تامي الساحة بنظراتها بحثا عن آدم , ورأت رأسه بشعره الأسود يعلو رؤوس بعض الرجال الذين تجمعوا قرب زرائب الخراف , وفي اللحظة ذاتها ألتفت آدم ورآها ولوّح لها بيده , شعرت وكأن تيارا كهربائيا سرى منه أليها مزيلا كل عقبة تعترض سبيله , ومولدا حقلا مغناطيسيا أجتذب أحدهما نحو الآخر ببطء .
عندما ألتقيا أمسك بيدها وفتحها وطبع قبلة على راحتها , فأطبقت يدها عليها خشية أن تطير منها وقد أذهلها بأظهار عاطفته بهذه الطريقة غير الأعتيادية .
قال بصوت أجش منخفض:
" مرحبا يا تامي".
فردّت عليه من أعماق قلبها :
" مرحبا يا آدم ,وصلنا لتوّنا ".
" أعلم ذلك و كنت أترقب وصولك ".
هذا الأقرار جعل قلبها يطير فرحا , تحركهما البطيء نحو تفاهم أفضل كانت تدفع ضريبته صبرا مريرا , ولكنها أبتدأت الآن فقط تدرك أن القيد الذي فرضه كان يستحق كل ذلك , كان يختبر مدى نضوجها , وكانت حرارة تحيته أشبه بمكافأة لها :
" هل أنت خائفة؟".
ولم ينتظر ردها بل أمسك بذراعها وسار بها نحو المنصة المعدة لتقديم الطعام.
" الأفضل أن نأكل باكرا تجنبا للأزدحام".
وعارضت بضعف:
" والعمتان ؟ ألن تشاركانا الطعام".
فقال برقة :
" دعيهما وشأنهما".
رغبته غير المتوقعة في مرافقتها زادت من خفقات قلبها المتلهف .
تناولا الغداء ألى مائدة لشخصين في ركن هادىء من المنصة بعيدا عن الأزدحام , لم تدر تامي ماذا أكلت , سقط القناع القاتم عن وجه آدم ليظهر محياه المرح الذي كانت قد لمحته ذات مرة وقد أنبأ بوضوح تام بالقرار الذي ألمح بأنه سيتخذه اليوم ,لو كان الطلب أليها العودة الى لندن لما رمقتها هاتان العينان الزرقاوان بأعجاب , ولما لازمت هذه الأأبتسامة الخلابة شفتيه , شعرت بخفقة مجنونة في قلبها عندما ألتقت نظراتهما , صقر الجبل يبدو اليوم مستعدا لأن يأكل من يدها.
كانت تتمنى أن تمضي بقية النهار في ذلك الركن الهادىء , ولكنها أستاءت عندما جاءت العمتان لتفسدا عليهما عزلتهما.
" أسرعي يا تامي , التحكيم في الرسم والتطريز على وشك أن يبدأ , وأستنادا ألى الملاحظات التي سمعناها فأن ما تقدمت به سينال الجائزة الأولى حتما , هل رأيت قطعتيها يا آدم؟
أنهما رائعتان ".
وأشرقت عينا العمة هونور بفخر وقالت:
" أنهما تضعان المعروضات الأخرى في الظل , والتجهم يعلو وجهي بام وعمتها".
أرتفع حاجبا آدم دهشة , ولكنه لم يبد أي تعليق وهم يسيرون ألى منصة العروضات.
منتديات ليلاس
أنتظرت تامي ردة الفعل لديه بأضطراب شديد , كانت لجنة التحكيم المؤلفة من سيدتين ورجل تسير متمهلة حول الرفوف التي تحمل عينات رائعة لأشغال المطرزات الماهرات.
كانت قطععتها معروضة بطريقة مميزة , حتى أن الطيور التي تبدو وكأنها حية كانت تغري المرء بأن يمد لها أصبعه لتحط عليها , برزت بطريقة مثيرة , أوراق النباتات زاهة الألوان مزدوجة ومتشابكة تكسوها أعداد كبيرة من البراعم المغلفة بأوراق تتراوح ألوانها بين الأصفر الزاهي والأحمر , والتطريز الناعم الدقيق أنتزع آهات الأعجابمن المشاهدين , وأصطبغت وجنتا تامي بحمرة الحماس عندما وافق الحكام بالأجماع على أعطاء الجائزة الأولى للمعروضة ذات الرقم الخامس عشر.
صرخت العمة هونور بأبتهاج :
" أنها معروضتك يا تمي , تكاد الدنيا لا تسعني من شدة أعتزازي بك".
حتى العمة فيني تحمست فطبعت قبلة سريعة على وجنة تامي وقالت :
" أحسنت يا عزيزتي , أحسنت".

نيو فراولة 15-09-10 09:54 PM

أستدارت تامي لتواجه آدم وكلها حماس لسماع تعليقه , بدا عليه الأستغراب والذهول ثم تمالك نفسه وأمسك بيدها ونظر ألى أظافرها التي يكسوها طلاء زهري يتمشى ولون ثوبها , ثم ألى أصابعها الرقيقة التي بدت وكأنها لا تستطيع العمل وبادرها القول:
" لم يخطر لي..... لا شك أنك عملت بمثابرة فائقة حتى أنجزت هذا العمل في مثل هذا الوقت القصير , مع أنني لم أرك تشتغلين , متى أشتغلت؟".
" عندما كنت وحيدة في غرفتي , شئت أن أجعلها مفاجأة لك , وعندما كنت تفاجئني بدخولك كنت أخبىء الشغل تحت الوسادة ألى أن تنصرف".
" فهمت".
منتديات ليلاس
شدت بهما العمة هونور قائلة:
" هيا بنا , معرض اللوحات يقام هنا".
وراحوا يشقون طريقهم في الأزدحام , ولكنهم سمعوا تصفيقا حادا وفاتهم سماع أعلان الفائز , مدت تامي والعمتان أعناقهن ووقفن على رؤوس أصابعهن ليستطعن رؤية المكان الذي وضعت فيه شارة الفوز ولكنهن أضطررن للأعتماد على طول قامة آدم الذي كان بأمكانه النظر من فوق الرؤوس المزدحمة ليقدم أليهن المعلومات .
فقال لهن وقد أمتقع لونه:
" الرقم عشرة , الليدي فوكس ,من فوكس هول".
ثم أستدار بها وخرجا معا من الخيمة وكأنه يرفعها عن الأرض , ولم يدع قدميها تلامسان الأرض وأستمر في السير بها ألى أن وجدا مكانا هادئا خلف خيمة الأسعافات الأولية , نظرت تامي ألى محياه وأدهشتها ملامحه المذهولة , احائرة.
" أستغفلتني فعلا , أليس كذلك؟ لا شك أنك ضحكت كثيرا من وراء ظهري وأنت تتظاهرين بهدر الوقت , بينما كنت تعملين بسرعة وبتكتم لكي تذهلني النتيجة , وقد أذهلتني فعلا ولا يساورني أدنى خجل مما أقول , أدين لك بالأعتذار يا تامي , فأنت لست تلك الطفلة المدللة العديمة النفع وما دمت قد أخطأت في هذا الأمر فقد أخطأت في الأمور الأخرى أيضا".
لحظة كهربائية لم تكن كافية لأستيعاب التيار الذي سرى بينهما بددها صوت أنطلق ببرود:
" أسفة لتدخلي بدون أستئذان , ولكن بصفتي واحدة من لجنة تنظيم المعرض طلبوا ألى جمع كل الفائزين لأجراء مقابلة لهم مع الصحافة المحلية , يجب أن أهنئك يا تامي".
منتديات ليلاس
قالت بام ذلك من خلال شفتين مضمومتين , ثم تابعت:
" يبدو أنك حظيت بما يتعدى كونك مبتدئة".
عندما أستدارت على عقبيها ومشت كانت تتوقع أن يلحقا بها , وأطلق آدم ضحكة أستهزاء أضحكت تامي , كانا لا يزالان يستمتعان بطرفة عندما سمعت تامي صوتا آخر لم تتوقع سماعه ينطلق بطريقة ملفتة للأنتباه:
" ها هي تامي , الهرة الصغيرة الخبيثة ! آنسة ماكسويل المتحفظة , بطلة قسم التطريز أتحرق شوقا للعودة ألى لندن لأخبر أترابك".
كان ذلك ستيف هاريس الذي أختزن حقده الذي أصبح كالسوس الناخر ليصبه عليها في هذه اللحظة بالذات.

نيو فراولة 15-09-10 10:06 PM

" ماذا...... ماذا تفعل هنا؟".
قالتها هامسة وقد بان في عينيها أنهيار صرح آمالها , لم تتوقع مجيء ستيف وأنتقامه لكبريائه المحطمة , كانت تظنه بعيدا جدا ولا يمكن وصول حقده ألى هنا.
أنطلق صوت آدم ممزقا هذا الصمت الغريب , تكلم بصفته سيد هذه الجبال وقال بصوت يغلفه البرود:
" أنك تضاهي العجائز مهارة في أطلاق الشائعات يا هاريس! أنت في غير مكانك هنا وأنصحك بالعودة ألى الجحر الذي خرجت منه".
أزداد محيا ستيف أمتقاعا وأدار ظهره لآدم وخاطب تامي:
" أنا في أجازة طويلة , طردت من وظيفتي بفضل تأثير أموال والدك وجشع رئيس التحرير , ولكن بعد كمبريا لم يمنعني من المجيء للأنتقام خاصة أنهما لم يصدقا أن ما كتبته كان من تدبيرك أنت , وأنك خابرتني بنفسك هاتفيا لتضمني أشراكي في لعبتك , كالمعتاد يا تامي نجحت في نيل مبتغاك".
منتديات ليلاس
أستقرت نظرته التائهة على آدم للحظة قصيرة وقال:
" لم تفكري بالأذى الذي تلحقينه بأصدقائك".
أحست تامي بغصة الخوف تعصر معدتها , وكان الجمهور قد تفرّق ولم يبق سوى بام وآدم وستيف لمشاهدة أهانتها.
كان آدم يقف وراءها فقال بنبردة باردة:
" هلا أوضحت ما تقول:
كان ستيف على أتم الأستعداد لتلبية هذا الطلب :
" لا تقل لي أنك تجهل اللعبة التي مارستها تامي عليك تلك الليلة".
وأطلق ضحكة عالية وهو غير مصدق.
" أنكم معشر أهالي الجبال , تشتهرون بالسذاجة ومع ذلك كان يجب أن تدرك أنها خرجت بالزورق وهي تعلم أن ما يحويه الخزان من وقود غير كاف , حتى ولو لم يخطر ببالك أنها أتصلت بي لتضمن وجودي بالأنتظار ومعي آلة التصوير لتسجيل تلك المغامرة للأجيال الطالعة".
أستقرت عينا آدم على محياها ببرود وصلابة كالصخرة التي تحرس منزله وقال:
" أنت فعلت ذلك ؟".
" أنا...... أنا........".
وراحت تلعق شفتيها الجافتين بينما كان عقلها يبحث عن أعذار بسرعة رموشها المنفعلة , كانت مجد طرفة غير مؤذية حينذاك ولكن ستيف عرضها بطريقة جعلتها تظهر بمظهر الخدعة الرخيصة.
" بالطبع هي فعلت ذلك".
قالتها بام بصوت تطغى عليه رنة الأنتصار وأضافت :
" كنت ضحية خدعة كما فعلت أحدى شريرات آل ماكسويل بواحد من آل فوكس السابقين , يا لآدم الشهم المسكين!".
لم تستطع تامي الأحتمال أكثر من ذلك , وفيما كانت العيون المليئة بالأتهام تتسلط عليها , دارت على عقبيها وأنطلقت نحو الجبال الموحشة المجاورة متمنية أن تبتلعها فلا تعود لمواجهة آدم الذي يفيض أشمئزازا.

جنون العشق 16-09-10 01:30 AM

شكلها حلوووة
كم بارت باقي للرواية؟..
عشان أبقرأها كلها مرة واحدة

تسلم يدك يالغلا

eanas 16-09-10 12:10 PM

مشكورة على الرواية الممتعة
بانتظارك

نيو فراولة 16-09-10 02:52 PM

14- عروس من ثلج

غيوم غريبة تتجمع فوق الجبال , ولو كانت تامي من أهالي المنطقة لأدركت أنها أنذار بتبدل الطقس , مجموعة من الغيوم الطويلة المتوازية تشير بكل وضوح ألى أن ريحا عاتية ستهب , ولو كانت العمة فيني هنا لقالت:
" أنها ريح كفيلة بأنتزاع ريش أوزة".
حتى ولو كانت تعلم لما كان لذلك أي تأثير على هربها المريع من أعدائها , أتجهت نحو سفح الجبل والدموع تنهمر على خديها , وأنطلقت نحو الجبال الأكثر أرتفاعا ولم تتمهل ألى أن أخذت قدماها تنزلقان على الأعشاب , أستأنفت الصعود والألم يمزق رئتيها , وكادت أن تبلغ القمة عندما أرغمها ألم أطرافها ورئتيها على الأستراحة , ومن دون أن تبالي بما سيلحق بثوبها من تلف أنزلقت وراء أحدى الصخور الضخمة وفردت ذراعيها على سطحها البارد وألقت برأسها عليها وراحت تنتحب.
منتديات ليلاس
أنقضت ساعة كاملة قبل أن تهدأ تماما لكي تعيد النظر في حالتها , أعمت عينيها وأمت أذنيها عن كل أزعاج , ألتصقت بالصخرة وسمحت لعلقها المعذب أن يردد :
" أنتهى زواجك ,آدم يكرهك ويحتقرك , يجب أن ترحلي , أرحلي...... أرحلي....".
كانت قد وصلت ألى هذا القرار عندما أخذت قطرات المطر الأولى تنهمر على وجنتيها الساخنتين.
أرتجفت وشعرت فجأة بالبرد يخترق ملابسها الرقيقة , ألتفتت ألى الوراء وذهلت , على مقربة منها غمامة كبيرة تتقدم , تهديد بطيء زاحف نحوها , غمرت الغمامة القمم وتستمر الآن في الهبوط .
هبت على قدميها وقد أفزعها قصف الرعد وقطرات المطر الضخمة المتسارعة المتساقطة ألى ساقية قريبة , فات الأوان لتتذكر محاضرات آدم على جنون السير في الجبال من دون المعدات اللازمة :
" قد يكون السير على الجبال ممتعا ولكنه شديد الخطر , لا تخرجي بمفردك قبل أن تصبحي أكثر دراية وحتى بعد ذلك يجب أن تكوني شديدة الحذر وتذكري المصاعب التي تنشأ أذا أصابك أدنى حادث".
أرتعدت ثانية أذ تردد صدى تحذيره في مسامعها ونظرت حولها خشية أن يظهر بقامته المديدة , وعمل عقلها في هذا الأتجاه وراحت تعد الجدل الذي سوف تبديه لذلك المستبد أذا برز أمامها " كان نهارا طويلا حارا , الشمس تسطع في السماء الصافية , والحر يتراقص على الصخور , والسواقي تجري طبيعية , كيف كان لي أن أتنبأ بتقلب الطقس؟".
وما أن أنتهت من الجدل حتى كان المطر قد بللها كليا , قبل ذلك بدقائق معدودات كان كل شيء هادئا تماما ومع ذلك فقد هبت الريح الآن وهي ريح عاتية حارة وتنذر بالسوء , وعندما لمع البرق في السماء المتلبدة , أخذت تامي تهبط الجبل راكضة وقلبها يخفق بعنف وقد جفّ حلقها من شدة الخوف , وعندما أسرعت في الجري تحول الطقس الحار ألى جحيم من الأصوات والهياج , فالرعد يقصف والبرق يشق كبد السماء والمياه تنهمر كالشلال.
توقفت تامي وهي تحاول فتح عينيها المليئتين بالمطر , تحول الممر ألى مستنقع منحدر شديد الأنزلاق والسواقي البطيئة تحولت ألى سيول تجرف كل ما يعترض سبيلها , لم تر تامي بدا من أكمال مسيرتها , قبل أن تهب العاصفة كانت قد ألقت نظرة عابرة على سطوح الخيام المنصوبة في الوادي وقالت في نفسها أذا أكملت طريقها فلا بد أن تبلغ شاطىء الأمان.
ولكن ح ما قاله آدم , فقد علق كعب حذائها بجذر شجرة , فتعثرت وسقطت بعنف على كومة من الأعشاب البرية ظنتها لينة فأذا بها تخفي وراءها صخورا حادة كالحراب , شعرت بألم شديد في أنحاء جسدها عندما أرتطمت ضلوعها وكوعاها وركبتاها بعنف بالصخور المستترة فأطلقا صرخة حادة ضاعت في غمرة الأصوات المحيطة بها , وحاولت النهوض ولكنها عادت فسقطت وهي تئن عندما عجز كاحلها الملتوي عن حملها .
منتديات ليلاس
أنقضى نصف ساعة قبل أن تسمع صوت صفارة , آدم يحمل صفارة دائما.
كان قد أعطاها صفارة وقال لها أن تحملها كلما سارت على الجبال , ودربها على الأشارات الدولية في حالة الخطر , ست صفرات مدى كل منها عشر ثوان لمدة دقيقة ثم دقيقة أستراحة وبعدها ست صفرات أخرى و الصفارة الآن في أحد أدراج غرفتها.
صرخت بيأس :
" أنا هنا ...... النجدة , أنا جريحة , هنا.... هنا!".
وأستمرت في الصراخ ألى أن أصبح صوتها وكأنها في حلم يتردد صداه في جوانب الحفرة السوداء التي أنزلقت أليها , هنا , أطلقت صرخة أخيرة يائسة قبل أن يتلقفها فراغ لا قرار له.

نيو فراولة 16-09-10 03:12 PM

" يا لك من حمقاء صغيرة".
وحشية كلماته تعارضت ورقة يديه اللتين تجوسان جسدها بحثا عن الجروح , طرفت تامي بعينيها بتثاقل وجالت بهما في ملامح آدم التي أثرت عليها العاصفة ورمقته بنظرة حائرة تفيض أمتنانا.
وهمست :
" عثرت عليّ....".
" أصمتي وأشربي هذا ".
ووضع بين شفتيها فوهة زجاجة من الدواء وأرغمها على أبتلاعه , أمسك برأسها بيد والزجاجة باليد الأخرى وراح يسقيها الدواء ألى أن أطمأن ألى تمالكها لقواها وقدرتها على الرد على أسئلته.
" كاحلك متورم كثيرا , هل ألتوى لدى سقوطك؟".
شعرت بأنها مصدر أزعاج له , وأجابت بصوت خافت :
" أجل , لا أستطيع المشي".
" هذا ما خيّل أليّ".
منتديات ليلاس
قالها بأقتضاب ولم يحاول ستر حزمه بالأجوبة الرقيقة , المطر الغزير تحول ألى ستار من الضباب , وبرزت ساقية مكان الممر , وأنقشع الغمام المنخفض وبرزت أشعة شمس باهتة.
تحركت عضلات آدم تحت قميصه المبلل عندما أنحنى ليرفعها بين ذراعيه وقد لاح على شفتيه طيف أبتسامة وهو ينظر ألى المرأة المتشنجة التي تختلف كليا عن المرأة الأنيقة التي حياها لدى وصولها ألى المعرض , شعرها الكستنائي المشوش والملتصق بجبهتها أضفى عليها شكل القنفد الكريه وجالت عيناه في أنحاء جسدها الذي برزت مفاتنه تحت ثوبها الرقيق المبلل الملتصق بها.
تتبعت تامي أتجاه نظراته وأعتراها حياء شديد , وحاولت عبثا أبعاد القماش المبلل عن جسدها.
قال بلهجة جافة:
" أي لغز هي المرأة؟ رأيتك أحيانا في ملابس أكثر شفافية من هذه , لماذا هذا الأحتشام المفاجىء؟".
لم تستطع أن تقول ل أن عينيه أصبحتا أكثر جرأة , وأن شفتيه تبدوان أكثر طيشا , وأن شموخ أنفه المستبد يثير حنقها ........ كان الجو بينهما متوترا دائما , ولكنها هذه المرة تشعر بأن تيارا خفيا من المشاعر تجهل أسمه أنتشلها من أعماقها وجعلها أشبه بطفلة مرتبكة , أهو الغضب؟ أهو الحرج؟ أي قوة هائلة تسبب لآدم هذا الأضطراب الداخلي فيكبح جماح عواطفه؟
كان نقلها بين ذراعيه عملا شاقا مضنيا , للمرة الأخيرة تشعر بخفقات قلبه فألقت برأسها على كتفه لتعانقه عناقا سريا حارا وشدّدت من قبضتها حول عنقه لتربت على بشرته السمراء بأصابع مرتعدة , بعد قليل سيصبح أسمها ( الليدي فوكس سابقا) , وهذا الخاطر جعلها تطلق صرخة صغيرة حافلة بالألم.
فقال بقلق:
" ما بك؟".
" لا شيء .......خيل ألي أنني سأعطس".
" يجب أن نسرع لنضعك في حمام ساخن , وتجنبا لأي تأخير , عندما نبلغ ساحة المعرض , سندور حولها ألى السيارة , وأذا حالفنا الحظ نتسلل من دون أن يرانا أحد , ستجد العمتان من يوصلهما بسيارته ألى المنزل".
عبء من القلق زال عن كاهل تامي , كان همها الوحيد هو أن تنصرف من دون أن تقع عيناها على بام ثانية , مجرد فكرة أقرارها بالهزيمة وبأنتصار منافستها حركت فيها كبرياء آل ماكسويل.
كل شيء تم بحسب المخطط , كما تتم دائما رغبات آدم , كان الجميع قد لجأوا ألى الخيام هربا من العاصفة , فكان موقف السيارات خاليا ألا من حارس عجوز شاهد رجلا أسمر مبللا يلقي بفتاة مبللة ألى داخل السيارة.
منتديات ليلاس
أطلق آدم العنان لسيارته في شوارع مهجورة , لم يهدر لحظة واحدة لنقل تامي ألى الطابق العلوي وراح آدم يصدر تعليماته الحازمة بينما كان يحملها ألى الحمام .
" أذا جلست على هذا المقعد أتستطيعين أنتزاع هذه الملابس المبللة بينما أعد لك الحمام؟".
" بالطبع ,كاحلي لا يؤلمني كثيرا الآن وأظنه قادرا على حملي".
كان ردها رقيقا جدا .
" أرجو أن يكون هذا درسا لك حتى لا تتجولي في الجبال بمفردك في المستقبل , يمكن تأجيل المحاضرات ألى أن تصبحي في حالة تسمح لك بأن تفهمي أنني عندما أصدر أمرا أتوقع تنفيذه , هيا , أخلعي ملابسك".
وبذلك بعث الحياة في حركاتها البطيئة .
" ألاّ أذا كنت بحاجة ألى مساعدة مني".
أجابت متلعثمة :
" كلا , شكرا , أستطيع ذلك بمفردي".
بدت عليه الحيرة , وقال:
" خسارة ....... سأهبط وأعد لك فنجانا من الشاي , لا تتأخري في الأستحمام".
أمضت فترة أطول مما كانت تنوي لأن أفكارها كانت مشغولة بتفسير أقواله , تكلّم عن المستقبل , أي مستقبل؟ لا مكان لها هنا في فوكس هول , حالما يتحسن كاحلها ستحزم أمتعتها وترحل ألى لندن قبل أن يأمرها آدم بالرحيل.

نيو فراولة 16-09-10 03:46 PM

كانت قد أنتهت لتوها من الأستحمام عندما عاد ولم تبدر منه حتى نظرة متهورة واحدة ,ألقى عليها نظرة عابرة ومع ذلك أعتراها شعور غريب .
" رائع , لقد جففت نفسك , حملت أليك الشاي ووضعت قربة من الماء الساخن في فراشك وسأحماك أليه أذا كنت مستعدة".
تولاها أحراج شديد فألتقطت عباءتها عن الأرض , ثمة نظرات شر يرة تتربّص في عينيه ولم يكن في نيتها أثارته.
منتديات ليلاس
وقالت بصوت مرتجف:
" شكرا , أستطيع أن أتدبر أمري بمفردي , يجب ألاّ أرفه نفسي أذا كان عليّ الرحيل حالا ألى لندن".
" خطر لي أنك ستفكرين بذلك , لا داعي , قررت السماح لك بالبقاء هنا".
كان يجب أن تبتهج بهذا القول , لأنها تتمنى البقاء وتعتبر الحياة جحيما من دونه , وبدلا من أن تشكره على غفرانه دفعها الحذر ألى السؤال :
" لماذا".
هز كتفيه وقال:
" أعتدت على وجودك هنا وقد أفتقدك أذا رحلت".
" كما تفتقد قطة صغيرة أو عصفورا غريدا؟".
" لا أحد منهما قادر على رفع ضغط دمي ".
"| أحقا؟".
قالتها وكأنها تنتحب .
" تعني أنك تعتبرني جذابة جسديا وبعد تفكير عميق أرتأيت أنني سأكون مريحة لك أكثر من باميلا".
شعرت بالغثيان عندما لم ينكر آدم أتهامها , كان واثقا جدا منها , ومقتنعا بأنها طوع بنانه فلم يزعج نفسه بخطب ودها , مجرد أفصاحه عن رغبته بالكلام كان كافيا .بقيت تامي مسيطرة على غضبها الجامح وقالت بحذر شديد :
" هل غفرت لي الخدعة التي مارستها عليك؟ وهل تغاضيت عن كوني زوجة عديمة النفع وعن طباعي المتعجرفة؟".
تحرك بسرعة فائقة بحيث لم يتح لها فرصة التهرب من ذراعيه اللتين أمتدتا أليها وشدتاها ألى صدره بوحشية وتمتم بصوت أجش:
" أيتها الصغيرة العنيدة المتعجرفة! ساورتني فكرة أعادتك من حيث أتيت , ألى الرخاء والتسامح والتحرر من الهموم ولكن عندما أضمك أليّ بهذا الشكل ويعبق عطرك في أنفي ويرتد قدّك المياس بين ذراعي وتتساوى خفقات قلبك وخفقات قلبي , أنسى كل جدل ضد أبقاءك هنا ولا أتذكر سوى أن خصرك خلق خصيصا لكي يطوقه ذراعي , كم أنت مفرحة عندما تكونين سعيدة وتهبين نفسك بدون تحفظ , لم أعد قادر علىرفض ما عرضته عليّ بسخاء , أريدك زوجة لي يا تامي!".
" أذا كان هذا ما رضيت به ميغ ماكسويل فأن أنتمائي أليها يخجلني , كرم فائق منك أن تتغاضى عن مساوئي العديدة وأنها لسذاجة منك الظن أنني سأقبل تضحيتك , لا يا لورد فوكس , لا أريد البقاء هنا في معاناة وأن أمضي بقية حياتي ممتنة لك وأحمل ضميري الشرف العظيم الذي أسبغه علي زوجي الغفور , تبا لك".
شعرت بغصة في حلقها , غصة غضب وأسى لأن آدم لم يذكر مرة واحدة العبارة التي تجعلها ترتمي عند قدميه .....عبارة حب.
وقف لا يأتي حركا يحدق في عينيها العسليتين وهو يهضم أهانة رفضها لطلبه , وبعد أن ضاق المكان بالصمت الرهيب سألها:
" ما مدى تأثير ديرك على قرارك هذا؟".
في تلك اللحظة فأنها ما يلمح أليه , بدت شابة صغيرة جدا , تائهة وهي توازن جسمها على قدم واحد لأراحة قدمها من الألم الحاد , وقد برزت وجنتاها المتوهجتان فوق ياقة ثوبها الأبيض وفمها يرتجف من الألم.
منتديات ليلاس
قالت بصوت مرتجف:
" لا أفهم أي شأن لديرك بنا".
كانت تعتبر أن الحمام القديم الطراز ضخما ألى أن أضطجع آدم فيه بقامته المديدة ومنكبيه العريضين وقد برز فكاه , أشبه بأسلافه قبل خوض المعركة , أقلقتها رنة صوته المتعبة الحزينة بعد أن كانت تتوقع منه سيلا من العبارات اللاذعة.
" قال هاريس أنك أتيت ألى هنا للتسلية , وأنني برزت في حياتك عندما بدأ نشاطك الأجتماعي يفقد رونقه , كنت مضطربة تبحثين عن سبيل للتحول والهرب من الحياة اليومية الرتية فراقت لك فكرة تمضية فترة مع رجل جبلي , وألمح لي أن زواجنا لم يكن ضروريا لأنك كنت سترافقينني في أية حال ,ولكنه كان يجهل أنه لم يكن لديك الخيار تحت ضغطي وضغط والدك , لا شك أنه أحزنك أصراري على أهتمامي بالمؤهلات , وأنك ندمت على زواجك مني عندما ظهر بيتي ديرك ليؤكد حنينك الشديد لبيئتك , وقد فاجأتكما تلك الليلة متعانقين".

نيو فراولة 16-09-10 04:05 PM


قالها وكأنه يختنق , ووجدت صعوبة في الأحجام عن ضربه .
أخفض بصره وراح يحرك أصابعه وقد حيرته قوة عاطفته التي لو عادت أليها ذكرى الماضي لدفعت به وهو الرجل الرزين ألى التفكير بالعنف , وأطبق قبضة يده بعنف.
" لأول مرة في حياتي أشعر بغريزة الرجل البدائي للدفاع عما هو له".
ورماها بنظرة أستياء ثم تابع قائلا:
" حتى في تلك الفترة الوجيزة من الزمن أصبحت أعتبرك من ممتلكاتي , زوجتي , التي يجب ألا يجرؤ رجل آخر على ملامستها , أمرأتي , التي يجب ألا تسمح بمثل هذه الألفة".
أصغت تامي أليه صامتة ترتعد , ولكنها أرتدت عند أبدائه الملاحظة الأخيرة وقد حز ذلك في نفسها وشعرت بألم حاد في كاحلها.
قالت وهي تكاد أن تختنق:
" وهل صدقت ذلك عني؟ وأصدرت حكمك علي مستندا ألى دليل قدمه لك رجل حقود , وألى تصورك الخاطىء لتصرف بريء تماما ؟".
منتديات ليلاس
وأجاب بصوت أجش:
" ليس ذلك فحسب , أليست رغبتك في الرحيل تثبت أتهامات هاريس؟ كنت مرغما على المجيء بك ألى هنا , وكنت أنت راغبة في ذلك , ولكنك تصرين الآن على الرحيل مع أنني طلبت أليك البقاء".
شعرت بعبارات مريرة حادة تغلي في حلقها , أنطلقت ألى غرفتها وقد منعها الألم من محاولة شرح ما أحست به من أهانة لقوله أنه يريدها لغاية في نفسه , آلمها عندما جرت لتخرج الحقيبة من الخزانة , وهو ألم ربما كان كان هائلا في غير هذه الظروف , ولكنه الآن برز من خلال غمامة من الغضب والحياء وصرخ بها :
" لن ترحلي!".
أنطلق هذا الأمر من ورائها , فأستدارت تامي متسلحة بعنفوانها وغضبها لتخوض المعركة.
" أنني ذاهبة ألى منزلي يا آدم فوكس ! عائدة ألى حيث الحب والأحترام وألى شخص يؤمن بي ويجعل كلمتي فوق كل ما عداها , وهذه مواصفات لن أجدها هنا".
جميلة وهي ثائرة , رمته بنظراتها الحاقدة وقالت:
" للأسف , لم يغم عليّ أمتنانا عندما سمحت لي بالبقاء , ولكن بالرغم من كوني سافلة , عديمة النفع , منحطة الأخلاق فأنني أطلب من زوجي ما هو أكثر من تنازل ضاغن , لقد دللتك يا لورد فوكس! عندما أتيت ألى هنا كنت مذهولة , ولم أدرك أن وراء مظهرك الفظ تجويفا فارغا مكن قلبك.
أرتميت عند قدميك ولبيت جميع طلباتك وتحملت كل أهانة وكل صدّ منك على أمل أن تبادلني شيئا من الحب الذي أغدقه عليك, ولكنني مللت الآن , سئمتك وسئمت فوكس هول والمجتمع الريفي الذي يعتبر اللورد فوكس رمزا للكمال وأن كلمته هي القانون , أبقفي جحرك المحروس , أبق متواريا وراء الجدران الصوانية الدافئة التي لا يمكن للمشاعر الأنسانية أختراقها! أقترن بعروس من ثلج وعش سعيدا في لحدك المغلف بالعواطف المكبوتة , باميلا لن تثير فيك هاجس الحب أو الغضب وهذا خير ما يناسبك أذ ليس أفضل من زوجة فاترة لرجل متحجر.
سهمها الأخير أصاب هدفه , أرتد رأس آدم المتعجرف ألى الوراء وكأنه أصيب بضربة مؤلمة , فقام بحركة غاضبة وحاسمة , أنقضت قبضتاه القاسيتان على كتفيها وضغطتا عليهما بقسوة ورأت في عينيه بريقا غريبا , نارا متأججة وزرقة مخيفة , لم تكن من حاجة ألى العبارات التمهيدية , وشدها ألى صدره بعنف.
منتديات ليلاس
أبتدأ الأمر بعناق عقابي فيك كل ما أختزنه رجل قوي العزيمة من حقد على نقطة الضعف لديه , كان عناقا ساحقا , كافيا للقضاء على جميع العواطف , غير أنه حرك أحاسيس عاصفة جامحة , لم يلحظ أي منهما هذا التبدل , فالعناق الذي أبتدأ بعاصفة من الكراهية تحول ألى عناق عاطفي حنون وتشبث أحدهما بالآخر وكأنهما غريقان تتلاعب بهما الأمواج الهائجة , تعانقا ثم أنفصلا ليعودا ألى العناق من جديد وفيهما جوع ألى اللقاء وقد نسيا العداء والحقد وهما على أجنحة هذه العاطفة الجياشة.

نيو فراولة 16-09-10 04:23 PM

صبت تامي كل ما في قلبها العاشق من عواطف وأحاسيس , وسرها اشعور بالسيطرة عليه وأدهشها أن تكون همساتها الرقيقة الحنونة قد حولت اللورد المتعجرف ألى عاشق مستعطف متوسل , لم تكن بحاجة ألى أقناع بأنّ ما يجري هو حلم من صنع خيالها نسجته ساعات طويلة من الحنين ألى حدث كهذا , وفيما كان يعانقها بحرارة سمعته يقول بصوت مرتجف:
" أحبك يا تامي , أيتها الساحرة الفاتنة , يا ألهي! أحبك كثيرا , أياك أن تتخلي عني يا تامي , قولي أنك ستبقين!".
أزدادت أقترابا منه وترقرقت عيناها بدموع الفرح وعدم التصديق :
" لن أتخلى عند أبدا يا حبيبي , خاصة أنني عرفت أنك تحبني , ليتك تعلم كم حننت ألى سماع هذه الكلمات , أنتظرت وأبتهلت ولكنني لم أسمع أقرارك ألا الآن".
وفجأة , هي التي أصبحت غير واثقة ومتسائلة , تحاول تهدئة نفسها وتركيز تفكيرها.
" أمتأكد أنت يا آدم ؟ أيمكن أن تكون هذه فترة طيش مؤقت لديك؟ أعلم أنني أجتذبك ولكن هذا لا يكفي , لا يمكن أن تحب وتكره شخصا في آن واحد , ماذا لو ندمت فيما بعد على عبارات تفوهت بها وأنت في أتون العاطفة؟".
منتديات ليلاس
وبحنان فائق جذب رأسها ألى كتفه وكبح جماح نفسه وهو يربت على وجهها المضطرب :
" أذا كان شعوري نحوك هو الأزدراء فأنني أيضا أزدري الطيور المغردة في صباح ربيعي والغمامات السابحة في الفضاء مجتازة القمم الشاهقة , والبحيرات الزرقاء المستكينة بين وديان تحيط الهضاب الخضراء ,وجنح الغراب الأسود وتغريد الكروان , والشمس المنسابة بعظمة وراء الصخور صابغة كل صخرة منها بلونها الذهبي , أنني أكن الأمتنان لكل منها بقدر ما أكن لك من حب , قولي هل هذا يطمئنك؟".
المفروض أن يكون ذلك كافيا , قال لها أن حبه لها يضاهي حبه ليته وحبه للحياة ومع ذلك بقي جزء صغير منها يرتعش.
دفنت رأسها في كتفه وقالت:
"ولكنك صدقت كل ما قاله ستيف عني".
ردّه الخافت دل على أضطرابه :
" شئت أن أصدق أقواله وحاولت جاهدا أن أقنع نفسي بصدقها".
نظرتها أليه آلمته فأكمل متمهلا:
"كنت أعلم أنه ليس من حقي أن أبقيك هنا , فرحت أبحث عن أعذار لكي أعيدك , لا أستطيع أن أوفر لك الحياة التي أعتدت عليها , ولا الرفاهية ولا العيش الهني , ولا الثروة , فأنا رجل فقير بالنسبة ألى والدك , مع أن طموحاتي كبيرة فأنني لا أملك أملا في المستقبل بحيث أستطيع مضاهاته في النفوذ , لا أستطيع أن أوفر لك ما لا تملكين , كرامتي تمنعني من الطلب أليك البقاء كزوجة لي , حبي لك دفعني ألى هذا التصرف".
منتديات ليلاس
أنطلقت زفرة كبيرة من أعماقها , كان يجدر بها أن تدرك ذلك , ما كان يجب أن تتعامى عن كل ذلك وهي تعلم مدى أعتزازه بنفسه وعجرفته الموروثة ورغبته في أعطاء ما هو الأفضل.
" يا آدم العذب الرائع المتعجرف ! ألا تعلم يا أعز حبيب أنك الوحيد الذي يستطيع أن يهلني كل ما أتمنى في هذا العالم؟".
بدت عليه الحيرة وقال:
" ما هو الذي تتمنين ؟ سأحققه لك حتما أذا كان بأستطاعتي".
ألتصقت به ألى أن أصبحت بمثابة ضلع أضافي من ضلوعه ووقفت على رؤوس أصابعها وهمست في أذنه:
" أرجوك يا بارون فوكس, أنني أريد ثلاث بنات وسبعة أبناء".



تمت

زهورحسين 16-09-10 07:43 PM

:flowers2: :flowers2:
:flowers2: :flowers2:
:flowers2:شكرا:flowers2:

eanas 16-09-10 08:58 PM

الله يعطيكي العافية مشكورة على الرواية الررائعة

شوشو2 16-09-10 10:01 PM

مشكوره اختي روايه جميله تسلم ايديك

ليلى3 17-09-10 12:34 AM

تسلم الايادي عزيزتي الرواية جدا رائعة:i24XmaTree:

العنقاء الحزين 17-09-10 05:29 PM

جميلة جدا الرواية دي تسلم ايدك

البندري* 17-09-10 09:12 PM

شكراااااااااااااااااااا
تمتعنا وايد

Rehana 19-09-10 06:34 PM

يعطيك العافية..امل

وتسلمى اناملك:flowers2:

قماري طيبة 25-11-10 03:06 AM

thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

loyalty88 25-11-10 10:42 AM

جامده جدا
مشكووووررره

رومنسية زمانها 27-11-10 03:33 AM

تسلمي فراولتنا رواااااااية جناااااااااان وقمة الاستمتاع تشكري يا الغالية

الجبل الاخضر 08-02-11 12:19 AM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55::flowers2::friends:تسسسسسسسلمين :dancingmonkeyff8:الروايه مرررررره روعه :friends:اختيار يجنن :8_4_134:وشكرا :55:لمجهودك :7_5_129:وننتظر جديدك::flowers2::friends::party0033::flowers2::flowers2::flo wers2::flowers2::flowers2::flowers2:

امر الحب 08-02-11 04:39 AM

شكرا على الرواية
مرة حلوة تسلمي يا قلبي

roufaida 10-02-11 11:29 PM

جميله اووووووووووووى و الله يكون ف عونها ف 3 بنات و 7 اولاد ههههههههههه

نونا المجنونه 21-02-11 05:15 AM

تسلم ايديكي:8_4_134::8_4_134:

مـــــى 21-02-11 10:03 PM

شكلها حلوة كتير

مـــــى 21-02-11 10:04 PM

يسلمو على ها القصه الجميله

مـــــى 21-02-11 10:06 PM

:rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1:

مـــــى 21-02-11 10:08 PM

:0041::0041::0041::0041::0041:

ندى ندى 22-02-11 04:18 AM

رائعه جدا جدا جدا

موريموري 25-02-11 09:01 PM

روايه رائعه مشكوره كتير

ربي اسالك الجنة 26-02-11 03:35 AM

:lol:يسلموووووووووووووووووو واشكرك على هاالرواية اختي باين عليها روعه0

ام شهد الحكيم 01-03-11 09:38 AM

رووووعه تسلم الايادي اللي كتبت والذوق الراقي

سومه كاتمة الاسرار 08-07-11 11:06 PM

تسلمين على المجهود ياقمر والاختيار الموفق
:8_4_134:

nounoucat 20-09-11 11:54 AM

merci pour ce roman

زنوبة 12-10-11 12:44 PM

شكرا لك احب هذه الرواية لانها احس ان القصة غير عن بقية الروايات

دعاء محمد 14-10-11 06:48 AM

:0041:مش لاقية حاجة اقولها غير ربنا ما يحرمنى منكم :0041: ودايما دايما دايما موجودين

سماري كول 24-01-12 08:17 PM

تسلمين ع الروايه الحلوه

ساحرات 14-03-12 01:29 AM

شكرا على هذه الرواية الرائعة وللمجهود الرائع فى كتابتها

ايمان عمر 18-03-12 01:13 AM

:55: الله يعطيكى العافية الرواية روووووووووووووووعة
:0041: :;lkjlkutrfc:

hoob 04-05-12 09:37 PM

:dancingmonkeyff8:
شكرا ليكى

one star 02-06-13 06:55 PM

رد: 97 - اللمسات الحالمة - مارغريت روم - روايات عبير القديمة(كاملة)
 
رووواية جميلة يا عسل تسلم ايدك

الامل المفقود 18-07-13 10:00 PM

رد: 97 - اللمسات الحالمة - مارغريت روم - روايات عبير القديمة(كاملة)
 
:8_4_134: مشكورة يا غالية:liilas:

الواثقةة 13-01-24 01:30 AM

رد: 97 - اللمسات الحالمة - مارغريت روم - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
روايه حلوه ك


الساعة الآن 01:25 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية