منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   438 - فتاة الزنبق - سارة كريفن ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t147868.html)

سفيرة الاحزان 29-08-10 11:44 AM


5 - الفـــارس النبيــــل
أخيراً تحركت ببطء وتثاقل ، تساءلت كم من الوقت مضى وهي جالسة مكانها ،
تحدق في الفراغ . مهما يكن ، علمت أن الوقت أصبح متأخراً جداً ،
وليس لديها أية رغبة أن تبدو متكومة هنا في الزاوية كبيت العنكبوت عند عودة دانيال .
شعرت أنها متوترة جداً وأنها لن تتمكن من الحصول على النوم في هذه الليلة ،
على الرغم من حاجتها القوية له ، فكرت بغصة :
ما إن تنتهي من ذلك كله ويصبح الماضي خلفها بشكل نهائي ،
ربم تصبح قادرة على إيجاد السلام . في الوقت الراهن ،
قد يساعدها تناول شراب مهدئ .
قررت ذلك وسارت نحو المطبخ . ربما يكون علاج السيدة إيفرشوت المجرب والموثوق به للأرق علاجاً نافعاً الآن .
سكبت كوباً كبيراً وأضافت إليه ملعقة من العسل مع القليل من بوردة جوزة الطيب .
حملت الكوب إلى الغرفة التي ستعتبرها منذ الآن غرفتها .
آخر عمل قامت به قبل أن تصعد إلى السرير وتندس تحت الغطاء ،
هو إعادة دفتر العناوين إلى حقيبتها .
هذا الوضع الراهن سيمر وينتهي في نهاية الأمر ،
وقد تصبح قادرة على السخرية منه .
عندما سيغادر دانيال سنتفق أن من الأفضل لنا أننا لم نبق متزوجين .
وإلا لقتل أحدنا الآخر بدون أي شك .
أما الآن فبإمكانن أن نتصرف بشكل تلقائي ومتحضر .
وليس هناك مشكلة حقيقة لطالما كنا صديقين ، والآن عدنا صديقين .
حنقت تنهيدة وهي تفكر أنها ستقرر ما سنفعله عندما يصبح الأمر ضرورياً ،
منتديات ليلاس
أما في الوقت الراهن فلديها اهتمامات أخرى .
أطفأت المصباح ، واستدارت على جنبها محالوة أن ترتاح لتستجمع نفسها كي تنام .
لكن أفكارها ظلت تدور باستمرار وتئن مرسلة الصور المتلاحقة ،
في ذكريات قاسية ومؤلمة كجرح السكين .
بعد وفاة سيمون لم تتمكن لاين من العتبير عن حزنها الشخصي ،
إذ توجب عليها أن تساعد أمها لتتخطى تلك الأزمة .
لم يقتصر الأمر على أمها فقط ،
لأن كنديدا أصبحت مقيمة دائمة في آبوتسبروك كما لو أنها أرملة سيمون ،
وبدأت لاين تتساءل إن كانت تفكر بالرحيل يوماً .
أثناء مراسم الجنازة بدت أنجيلا في منتهى الرقة بمعطفها الجديد الغالي الثمن والمصنوع
من المخمل الأسود . سارت بقرب جيمي عبر الممر المحاط بالمعزين لتصل إلى مكان إتمما المراسم .
تبعتها كنديدا وهي متعلقة بذراع دانيال ، بعد أن تأكدت أنها تركت لاين على المقاعد الخلفية .
بعد ذلك رجع معهم عدد كبير من المعزين إلى المنزل .
وبقيت لاين منشغلة بمساعدة السيدة إيفرشوت بإعداد الشراب البارد والساخن والقهوة ،
بينما جلست أمها على الأريكة مع كنديدا لاستقبال المعزين .
عندما غادر الجميع ، حان الوقت لممارسة شعائر آخرى ،
وهي قراءة وصية سيمون التي كتبها على عجل مباشرة قبل رحيله .
في الواقع لا يملك سيمون شيئاً واحداً يستحق أن يورثه بموجب وصية ، وهو شقة
في منطقة مانيون في لندن ورثها عن والده .
أوصى سيمون تلك الشقة مناصفة بين جيمي ولاين،
وكذلك قيمة الأيجار من ساكنيها ، السيد والسيدة بيومولت .
- ما هذا الهراء ؟
فجأة لم تعد أنجيلا حزينة وذابة .
منتديات ليلاس
جلست مستقيمة وعيناها تقدحان شرراً ،
وهي تتابع : ( هذه الشقة جزء من أملاك زوجي ، وكانت لسيمون طالما هو حي ،
أما الآن فيجب أن تعاد إلي . )
سعل السيد هاثرون محامي العائلة بقسوة قبل أن يعلق :
( لا ! إنها ميراث حقيقي له سيدة سنكلير ، ويحق لابنك أن ينقل ملكيتها بالشكل الذي يراه مناسباً .
أخوه وأخته هما المستفيدان الوحيان من وصيته . )
على الرغم من عمق ارتباكها بسبب تبدل الأحداث في حياتها ،
لاحظت لاين فجأة وجه كنديدا الشاحب وفمها المقفل بغضب ،
وأدركت أن أمنيات سيمو نالأخيرة لم تشملها هي أيضاً .
تعمد دانيال البقاء بعيداً عند قراءة الوصية ،

سفيرة الاحزان 29-08-10 11:47 AM


وبعد حين وجدته لاين في آخر الحديقة واقفاً على ضفة النهر .
كان يرمي الحصى على سطح الماء وقد بدأ وجهه قاتماً وحزيناً .
لفظت اسمه فاستدار لينظر إليه ، ولم تظهر على وجهه أي تعابير تشير إلى إنه مسرور لرؤيتها .
- هل تريدين شيئاُ ما ؟
حاولت أن تبتسم : ( فقط . . . أردت الخروج لفترة . )
تابعت بعد لحظة من التردد : ( أعتقد أنك كنت تعلم بشأن وصية سيمون . أليس كذلك ؟ )
جاء دور دان ليبدو متردداً ، لكنه قال : ( أجل . ذكر ذلك الأمر أمامي ،
يجب أن تكوني سعيدة فالشقة غالية الثمن ، وهي تقع في مكان مميز جداً . )
قالت ببطء : ( ربما كان على سي أن يترك الشقة لكنديدا ،ففي النهاية كادت أن تصبح زوجته ،
وهي لم تحصل علة أي شيء . )
منتديات ليلاس
أضافت بمرارة : ( أعتقد أنه افترض أنه سيعود سالماً ، وبإمكانه تغيير كل شيء في وقت لاحق . )
استدار دانيال لينظر إلى النهر ، وقال بصوت أجش : ( أجل .أعتقد أن هذا بالتحديد ما فكر به . )
قالت بصوت ضعيف مكبوت : ( الحياة مخيفة جداً بدونه . يبدو كل شيء بمنتهى الفوضى . )
- إنها كذل كأكثر مما تتصورين .
قال كلماته بصوت بالكاد يسمع ، ثم أجبر نفسه على الإبتسام ببرودة عندما نظرت إليه بإستغراب ،
وتابع : (لكنك قريباً سترحلين من هنا لاين . ففي النهاية ستعودين إلى راندالز بعد عدة أيام . )
ساد الصمت بينهما ، ثم سألته لاين : ( و أنت . . . هل ستبقى طويلاً هنا ؟ )
قال دانيال بضيق وبرودة : ( لا ! علي أن أغادر . سأسافر إلى سيدني غداً ،
وهناك بعض الأعمال التي يجب أن أنجزها قبل رحيلي ) .
قالت وهي تحاول أن تخفي خيبة أملها : ( آ ه ! فهمت . . . بالطبع .
من الأفضل أن أعود أنا أيضاً ، فلا بد أنهم يتساءلون عن مكاني . )
شعرت بالحزن والخجل ، فيما علق دانيال بصوت أكثر لطافة :
( أنا لم أقصد أن أتحدث بغضب . بعد تمضية عدة أسابيع في أوستراليا ربم سأعود في مزاج أفضل . )
وقف ينظر إليها ، وللحظة مشوشة فكرت أنه سيلمس خدها أو أنه سعانقها .
وكادت للحظة أن تميل نحوه ، لكنه بدلاً من ذلك قال بهدوء :
( ستتحسن الأمور مع الوقت لاين . صدقيني ! )
وسار مبتعداً بسرعة .
لكنه كان على خطآ . فكرت لاين وهي تتقلب بعدم ارتياح ، فلقد اكتشفت ذلك
بعد فترة قصيرة جداً .
بعد مرور ثلاثة أيام . وبعد عودتها من القرية ، وجدت أمها في غرفة الجلوس .
بادرتها لاين قائلة : ( وجدت حقيبتي المدرسية في القاعة . ما الذي يجري ؟
كيف وصلت إلى هنا ؟ )
كانت أنجيلا على الاريكة . وهي تقلب صفحات مجلة الأزياء .
قالت : ( أنا طلبت إحضارها والتأكد من أنها أصبحت خالية .
من فضلك ، إنها مزعجة جداً في الطريق . )

حدقت لاين بها ، وقالت : ( ولكن . . .لماذا ؟ شارف الفصل على نهايته وعلي
تحضير الكثير من الدرس لأتمكن من المتابعة . لا أستيطع البقاء أكثر من هذا الوقت ! )
وأنا لا أستطيع تأمين المزيد من المصروف في تلك المدرسة . . . !
وضعت أنجيلا المجلة ، ونظرت إلى أبنتها ، ثم تابعت : ( . . . لذلك اتصلت هاتفياً بالسيدة هالام ، وقلت لها
إنك لن تعودي إلى راندالز . أخبرتها أننا بحاجة لك في المنزل من الآن فصاعداً . )
- أمي ! رسوم المدرسة تدفع من المنحة ، إلا إذا تم سحبها لسبب ما .
هل حصل ذلك ؟
- لا ! لكن المنحة لا تغطي كل شيء . هناك الكثير من المصاريف ألآخرى التي يتوجب عليّ
تغطيتها ، ونحن لا نستيطع الإستمرار على هذا النحو .
شعرت لاين فجأة أنها بادرة كالثلج . قالت : ( عليّ الذهاب إلى المدرسة كي أتمكن لاحقاً من الذهاب إلى الجامعة ) .
قالت أمها بضيق : ( أخشى القوم إنك لن تفعلي .
انتهيت للتو من دفع أقساط جامعة جيمي ، ولا رغبة لدي مطلقاً في البدء من جديد معك ،
الآن سيمون لم يعد موجوداً للمساعدة في تغطية المصارق الكثيرة ،
لذلك قررت أن أدع السيدة إيفرشوت ترحل ، وسنتمكن من إدارة المنزل والطهو بأنفسنا . )
قالت لاين بنبرة مذعورة : ( هل طردت إيفي ؟ لا يمكنك فعل ذلك . )
منتديات ليلاس
أجابت أنجيلا بإقتضاب : ( فعلت ذلك وانتهى الأمر .
سوف تبقى هنا لفترة محددة ، وأنت ستمضين معظم الوقت معها ، لتتعلمي إدارة شؤون المنزل .
في مطلق الأحوال ، إنه الوقت المناسب لتجعلي من نفسك شخصاً ذا فائدة هنا . )
غاص قلب لاين في صدرها كالحجر ، وقالت : ( من فضلك . . .
من فضلك أمي ، قولي إنك لا تقصدين أي كلمة مما قلته . نحن نتحدث عن حياتي هنا . )
- وماذا عن حياتي أنا ؟ هل تدركين كيف كانت الحياة بالنسبة لي منذ وفاة والدك ؟
أجبرت على المكوث هنا ، ورحت أتوسل الناس للبقاء معي كي لا أصاب بالجنون التان بسبب السأم .
نهضت أنجيلا وأخذت تسير في الغرفة بسرعة وتوتر :
( هذا المنزل لم يكن إلا حملاً ثقيلاً خلال تلك الأعوام الطويلة ،
وهذا الحمل ستشاركين به إيلينا ، على الأقل حتى تصبحيفي الثامنة عشر من عمرك ) .
توقفت عن الكلام لفترة ، قبل أن تضيف بضيق :
( اسألي السيدة إيفرست عن أكياس من البلاستيك لوضع ثياب المدرسة فيها ،
فلن تكوني بحاجة لأي منها بعد الآن .
راقبتها لاين وهي تعود إلى المقعد وتمسك بالمجلة ،

سفيرة الاحزان 29-08-10 11:49 AM

عندها تحركت ببطء ، وقد تيبست قدماها ، سارت المسافة نحو الباب ،
ثم أغلقته بهدوء وراءها . وقفت للحظة في القاعة وهي تشعر بالذهول أو الإنسحاق .
لطالما أنبأها حدسها الداخلي أنها ليست الطفلة المفضلة عند أمها .
لكنها أملت أنهما ستتقربان من بعضهما بطريقة ما بسبب حزنها على سيمون ،
إلا أنها أدركت الآن كم كانت مخطئة . فكرت : أشعر كأنني لم أكن أعرفها ، وكأنني أمضيت حياتي كلها مع امرأة غريبة .
أدركت لاين بعد قليل أنها ليست الوحيدة التي تعاني من قساوة أنجيلا ،
فعندما تمكنت من السير متعثرة نحو المطبخ رآت وجه السيدة إيفرشوت الشاحب وفمها المطبق بشدة ،
وضعت ذراعيها بخيبة أمل ويأس حول المرأة العجوز ، وضمتها إليها وهي تقول : ( آه ! إيفي , إنني آسفة جداً ) .
قالت مدبرة المنزل بصوت حزين : ( لم أفكر للحظة أن السيدة سنكلير ستعاملني هذه المعاملة بعد مرور تلك السنوات .
ماكان ذلك ليحدث مطلقاً لو أن المكسين السيد سيمون لم يمت ) .
فكرت لاين وهي مستلقية على السرير تحدق بالظلام ، ينطبق ذلك على أمور كثيرة آخرى ،
كل أشباح الماضي خرجت من الصندوق الآن لتعذل ذاكرتها المتعبة ،
وتذكرها بقسوة لاترحم بكل ماحدث في تلك الأسابيع القاسية المربكة ،
حيث تحولت من فتاة مليئة بالأحلام والأمال إلى خادمة مطيعة .
مرت ليال كانت لاين تسقط خلالها متهالكة على السرير من شدة الإرهاق بسبب التنظيف والطبخ وتلبية طلبات أمها المتواصلة .
في خضم تلك لحالة بلغت الثامنة عشرة من عمرها ولم تقم أية حفلة في يوم ميلادها الفعلي تلقت ساعة من أمها وعقداً من جيمي ورزمة تركتها لها جدتها المتوفاة .
أرسلها وكيل أعمالها السابق ومنفذ وصيتها . احتوت الرزمة على مجوهرات سنلكير اللؤلؤية ، وعلى نسخة من قصة تنسون ( ملحمة الملك . )
منتديات ليلاس
ومعها أيضاً أسطورة ( لأنسلوت وإيلينا ) .
كما وصلت باقة من الورد الزهري اللون عددها ثماني عشرة وردة من دانيال ،
ومعها صندوق من المخمل في داخلة قرطان من الذهب على شكل زهرتين ، تتوسط كل منهما حبة ماس صغيرة .
عندما عرضت لاين الهدية على الجميع بعد العاء علقت انجيلا بصوت لايخلو من النكد :

- انهما رائعا الجمال , لكنها بالطبع هدية مبالغ فيها قليلا لطفلة في مثل عمرك .

تقدم جيمي الى الامام ونقل نظراته بين امه التي رفعت حاجبيها استغرابا وكنديدا التي تجهم وجهها , ثم ابتسم وقال : ع

- على العكس . ربما دان يرسل لنا جميعا فكرة مفيدة تذكرنا ان لا يني اصبحت رسميا امرأة واصبح لديها الحق ان تعيش بمفردها .

ثم اضاف عن قصد وبصوت فيه تصميم :

- هذا بالاضافة الى القدرة على اتخاذ قراراتها بنفسها .

ساد صمت غريب للحظة ثم قالت انجيلا باقتضاب :

- آه ! لا تقل كلاما سخيفا ومنافسا للعقل .

ثم حولت الحديث الى مواضيع مختلفة تاركة لاين في حيرة من امرها , وهي تشعر بالانزعاج والتوتر .

مع ذلك لم تكن لاين مستعده لمواجهة القنبلة التي انفجرت بعد عدة ايام والتي اثرت على مستقبلها , وهي حتى الان تعاني من اثارها .

تقلبت في السرير , وضربت الوسادة بقبضتها في خضوع ,ثم دفنت وجهها فيها وهي تقول لنفسها ان عليها ان ترتاح الان ,فكل شيء سيصبح افضل بعد نوم ليلة كاملة . لكنها علمت ان ماتقوله لنفسها غير صحيح , وان الألم سيبقى هناك بانتظارها عندما تفتح عينها .



استيقظت لاين في صباح اليوم التالي في وقت مبكر جدا . استلقت للحظة وهي تشعر بالاتباك كليا , وهي ضائعة عن معرفة الزمان والمكان . شعرت كأن عينيها مليئتان بالرمل .

اما حلقها فجاف كرمال الصحراء , كانها كانت تبكي في نومها , لكنها لا تستطيع تذكر ما راودها من احلام . نظرت الى الساعة المضيئة بجانب سريرها .

وجلست على الفور . دفعت شعرها الى الوراء بعيدا عن وجهها . ذكرت نفسها ان امامها يوما طويلا , لذا فإن العودة الى النوم قليلا رفاهية لاتستطيع تأمينها .

استحمت وارتدت ثيابها , ثم نظرت الى خزانتها بحثا عن ثوب ملائم للحصول على عمل . امسكت تنورة سوداء وقميصا قطنية بيضاء اللون . بدت كلتاهما نظيفتين , لكنهما مجعدتان وتحتاجان الى القليل من الكوي.

وضعت حزاما فوق ردائها , وفتحت الباب بحذر , ثم اختلست النظر الى غرفة الجلوس , فبدا لها كل شيء هادئا كليا .

سارت ببطء وهي حافية القدمين نحو الخزانة الطويلة في المطبخ حيث توضع المكاوة , يبدو ان دانيال اختار ان ينام تاركا باب غرفته مفتوحا قليلا لسبب ما,ذ

وهذا يعني انها بحاجة الى ابقاء الضجة في حدها الادنى , انهت عملها وكانت تتسلل عائدة الى غرفتها وقد وضعت ثيابها المكوية على ذراعها , عندما لمع بذهنها فجأة ان باب غرفة دانيال مفتوح لأنه تركه هكذا عندما غادر مساء البارحة .

وهذا يعني فقط انه ...

قالت لنفسها بقسوة : انت لست متزوجة به , ولم تكوني مطلقا ... ليس بالمعنى الحقيقي للكلمة , وانت تدركين تماما انه لن يعيش بمفرده لأنك رفضته .

كنت تعرفين ذلك طوال السنتين الماضيتين , لذلك من السخافة ان تشعري بهذه المرارة , وان تشعري بالمرض والألم والخيانة , وكانه لم يكن مخلصا لك .
منتديات ليلاس
عليك الا تسمحي للغيرة بأن تحفر في داخلك كانه مخلب مسموم, فتتخيلي انه مع امرأة اخرى يعانقها ويضمها اليه , ويتشارك معها بكل شيء كان بامكانك ان تحصلي عليه , لكنك عملت بتعمد على التخلي عنه



بعد مرور عدة ساعات حصلت لاين على عمل مع انها سمعت التردد في صوت مستخدمتها الجديدة , علقت السيدة موس وهي تنظر الى لاين من فوق نظارتها :

- انت شابة جدا لتكوني عاملة في سيتي كلين . نحن عادة نفضل سيدات اكثر نضجا . زبائننا هو اشخاص مميزين , ويطلبون اعلى مقاييس النظافة .

هزت رأسها وتابعت :

- لاتبدين من النوع الصالح لهذه الاعمال , آنسة سنكلير.

ابتسمت لها لاين بثقة وقالت :

- اؤكد لك انني معتادة على العمل القاسي . ووو

- حسنا ! غادرت افضل فتاتين تعملان لدى الوكالة مؤخرا , ولهذا ينقصني عدد من الموظفين في الوقت الحالي . واعتقد ان لاشيء يمنع من ان اقدم لك شهرا للتجربة .

تابعت المرأة المتقدمة في العمر بتعال:

- اريد شهادة شخصين عنك للتأكيد على مؤهلاتك , فأنا حازمة بهذا الشأن . في النهاية معظم اعمالنا تتم في غياب الزبائن عن منازلهم .

وبسرعه تحدثت عن الأجر الذي وجدته لاين معقولا , واضافت :

- ستتشاركين بالعمل مع دينيز . انها واحدة من افضل العاملات لدي , وهي ستعمل على تقييمك وسترسل التقرير لي .

سفيرة الاحزان 29-08-10 11:50 AM


جالت بنظرها عليها , وتوقفت عند كاحلها المفوف بضمادة فقلبت شفتيها بتردد:
- التنظيف بحاجة الى مجهود جسدي , واتمنى ان تكوني قوية بما يكفي لتتمكني من تحمله .
قالت لها لاين بلا اهتمام :
- انه مجرد التواء بسيط , وسأصبح بألف خير نهار الاثنين .
تنفست السيدة موس بصوت مسموع :
- اذا اتوقع وصولك عند الـ7.30 صباحا , كما انني اشدد على الدقة في المواعيد .
فكرت لاين وهي تغادر مكتب سيتي كلين ان ماتبقى من النهار سيمتد بشكل الى ما لا نهاية امامها , وان لارغبة لديها في العودة والبقاء وحيدة في الشقة .
لاتريد ان تكون على بعد خطوات من غرفة النوم الفارغة . ولا تريد ان تبدأ بالتفكير بدانيال من جديد , متسائلة اين يمضي ليلة البارحة ومع من .
مع انها تعلم ان ذلك امر محتم, اينما كانت او مهما حاولت ان تتجنب التفكير بذلك . تلك الاسئلة التي تعذبها الآن عذبتها لمدة سنتين , ولطالما شعرت بالبؤس المطلق لأنها لم تتمكن من التخلص منها .
اتراها ستتمكن من النسيان لو ذهبت للسير قليلا في شوارع لندن ؟
لم ترغب يوما في العيش في المدينة , لكن بعد انتهاء زواجها اصبحت خياراتها محدودة , لاسيما بعد ان خسرت عائلتها آيوتسبروك, ولم تعد تستطيع العودة اليها . لقد تغيرت حياتها كلها منذ تلك اللحظة وما زالت .
وهكذا , ما ان قررت عائلة بيومنت ان تتخلى عن شقة مانيون بلايس بدا لها ان الخيار الوحيد الواضح امامها هو ان تنتقل للعيش فيها مع جيمي , لا سيما عندما عرض عليها العمل كمساعدة في معرض حديث للفنوان في وست اند . ب
اما الشخص الذي امن لها هذا العمل فهو والد سيليا , فهو يملك اسهما في المعرض . في ظاهر الامر بات لديها كل ما يمكن ان تطلبه , كما كانت تذكر نفسها بشكل دائم وممل ,
منتديات ليلاس
في حين حاولت ان تتظاهر ان ليس هناك ثقب اسود كبير من الوحدة والبؤس في اعماق عالمها الصغير . لكنها لم تعد تستطيع التظاهر بعد الآن.
لا تستطيع ان تقول لنفسها ان دانيال ينتمي الى الماضي في حين انه هنا , تماما في وسط الحاضر , كما انها لا تستطيع ان تهرب من جديد مهما كانت غاضبة وحزينة .
هذه المرة ستبقى لتواجه هذا العذاب وهذا الألم .

عادت الى الشقة في بدايات المساء لتجد ان دانيال سبقها الى هناك . رمى بحقيبة عمله على احد المقاعد , فيما اغلق باب غرفته باحكام .
بعد تردد قصير , سارت عبر الغرفة , وطرقت بابه, لم تسمع اية اجابة لفترة , ثم فتح الباب وواجهها وهو يعقد حزام ردائه الحريري الازرق الداكن حول خصره وقد علا العبوس وجهه . سألها بسخرية :
- هل لديك رادار داخلي يعلمك متى انتهي من الاستحمام ؟
- انا آسفة .
تمنت الا تبدو شديدة الارتباك , شعرت بالغضب لإدراكها انها متوردة الوجه من الاحراج.
- احتاج الى التحدث اليك , لكنني سأفعل ذلك في ما بعد.
قال دانيال بنبرة آمرة :
- قولي ما تريدينه الآن , فأنا سأخرت بعد قليل .
وهل ستبقى غائبا طوال الليل ايضا ؟ تمكنت من الامساك بالسؤال قبل ان تخونها شفتاها وتتفوهان بصوت عال. بدا لها انها ستكون اكثر امانا ان نظرت الى الارض بدلا من النظر اليه .
- في الواقع اريد ان اطلب خدمة منك .
- احقا تريدين ذلك ؟
على الرغم من كل شيء, ادركت انه يتأملها بسخرية , وهو ينظر بازدراء نحو قميصها البيضاء البسيطة وتنورتها السوداء المتحفظة .
اخذت لاين نفسا عميقا , وقالت وهي لاتزال تتجنب النظر الى عينيه :
- دان , من فضلك ... الا تستطيع ...؟ اقصد ... انت لا تجعل الأمر سهلا علي.
ضحك دانيال بقسوة وغضب , وسألها :
- أمن المفترض ان آخذ هذا الامر بعين الاعتبار الآن ؟ هل تعتقدين انه كان من السهل علي ان اذهب الى محامي واقول له انني رفضت من قبل عروسي بعد اقل من اربع وعشرين ساعة من زفافنا ؟
قالت وهي تبتلع غصة بصعوبة :
- لا... لااعتقد ذلك . انا ادرك بالطبع انه لايحق لي ان اطلب اية مساعدة منك لذا اعتذر .
ما ان استدارت مبتعدة حتى قال :
- انتظري! ما الذي تريدينه ؟
رفعت ذقنها عاليا , وقالت :
- وجدت عملا اليوم , لكنه يتطلب التواجد في منازل اشخاص متغيبين عن منازلهم , لذلك انا بحاجة الى من يعرف عني او يضمن طريقة تصرفي .
سألها وقد ظهر العبوس على وجهه :
- أي نوع من الاعمال هذا ؟

اجابت وهي تضم ذراعيها الى صدرها :
- انها شركة تدعى سيتي كلين , وهي تؤمن خدمات لتنظيف مبان فيها شقق خاصة .
قال بنعومة:
- يا الهي ! لقد دار الدولاب دورة كاملة .
انها ردة الفعل التي توقعتها لذا تقبلت لاين تعليقه من دون أي اجفال .
منتديات ليلاس
اوضحت قائلة :
- هذه المرة سوف أؤمن معيشتي على الاقل , لكنني بحاجة الى توصية ... بل توصيتين , لكن فيونا صاحبة المعرض الذي كنت اعمل فيه ستؤمن التوصية الثانية . اعتقد انها شعرت بالامتنان لأنني لم اذهب الى هناك لاستعادة عملي القديم .
ادركت لاين انها تثرثر فتوقفت على الفور وقالت :
- اذا , هل يمكنك القيام بذلك ؟
سألها دان بنعومة :
- وماذا يفترض بي ان اقول ؟ ان اقسم انك جديرة بالثقة بشكل مطلق , وانك تؤمنين الرضى الكامل بكل الاوقات ؟ الا اكون بذلك كمن يقدم شهادة كاذبة عزيزتي ؟
شعرت لاين بالأم يعتصرها وكانها اصيبت بضربة قاضية , لكنها اجبرت نفسها على البقاء صامدة قوية , والتحدث بصوت ثابت وحازم , مع ان وجهها تورد من الخجل من جديد بسبب سخريته .
- اعتقد ان الاهتمام الرئيسي للشركة هو السرقة , لذا يمكنك القول انني لم اسرق منك شيئا ابدا . ربما يمكنك ببساطة ان تذكر ذلك , وان تعطي افادتك بعض الايجابية ... ربما ؟
- ربما ! للحظة تساءلت ان كنت تتوقعين مني ان اقوم من جديد بدور الفارس النبيل صاحب الدرع الذهبية , واقدم على انقاذك .
توقف عن الكلام للحظة ثم اضاف :
- لكنني مازلت قادرا على التصرف بشهامة , لذا اتركي عنوان شركة التنظيف في مكان استطيع ان اراه فيه , وسأطلب من سكرتيرتي ان تكتب لهم .
عضت على شفتها وقالت :
- انا ممتنه لك .
- شكرا على تأكيدك , لكنني اعرف مسبقا الحدود التي تظهرينها لامتنانك , بما فيها عواطفك الدفينة , لذا لتكن الخدمة الأولى والاخيرة , هل نستطيع ذلك ياعزيزتي ؟
تراجع دانيال الى داخل غرفته واغلق الباب , تاركا اياها واقفة في الخارج تحدق بألواح الزجاج المغلقة . لكن ما ان عادت ببطء الى غرفتها حتى وجدت نفسها تتذكر نبرة الغضب في صوته .
ادركت ان ذلك الغضب ممزوج بشيء اخر من السهل جدا التعرف عليه , شعرت برجفة تسيطر عليها .

سفيرة الاحزان 29-08-10 11:53 AM


6 - لا تتــــــــركنــــــــي !
دار الدولاب دائرة كاملة !
راحت كلمات دانيال تردد بصورة دائمة في ذاكرتها ، عندما استلقت على السرير
وأخذت تحدق بالسقف .
تساءلت إن كان دانيال ما زال يذكر ذلك اليوم الذي عاد فيه منذ سنتين ،
وبعد عشرة أشهر على وفاة سيمون .
يومها داخل إلى غرفة الجلوس في آبوتسبروك ،
فوجدها واقفة على السلم تحاول جاهدة أن تعلق ستائر جديدة وصلت ذلك الصباح .
- ما الذي تفعلينه هناك ، بحق السماء ؟
لم تلاحظ لاين دخوله إلى المنزل ، لذا فوجئت بوجوده في الغرفة ،
طرح دانيال سؤاله عذا بغضب وهو يقف خلفها .
ما جعلها تقفز مجفلة ، كي تنزل عن السلم بسرعة قصوى وهي ترتجف .
- أنزلي حالاً !
لم يكن هناك داع لأن يلف يديه الأثنتين حول خصرها ويرفعها عن السلم .
منتديات ليلاس
مع ذلك هذا ما فعله . وضعها على الأرض لتواجهه ،
وهي مخطوفة الأنفاس متوردة الخدين .
- دان ؟!
سمحت لاين لنفسها أن تبدو متفاجئة كي لا تظهر قوة مشاعر الفرح التي سيطرت عليها لرؤيته من جديد ،
بعد تلك الأسابيع التي بدت من دون نهاية .
لاحظت بأسى كم يبدو فاتناً ، وقد ارتفع كمّا قميصه البيضاء عن ذراعيه ،
ليظهرا سمرة بشرته ، كما لاحظت أن تلك الخصلة من شعره الأسود متدلية على جبهته كما تبدو دائماً ،
ما جعلها تشتاق لتمرر يدها عليها وتعيدها إلى الوراء .
بعد ذلك أدركت ان من الخطر أن تقف مكانها وهي تحدق به وقد فتحت فمها .
تذكرت أيضاً أنها ترتدي ثياباً قديمة للعمل هي عبارة عن سروال قصير قديم وقميص باهته اللون .
سارعت تقول : ( لم تذكر أمي مطلقاً أنها تتوقع حضورك .
هل ستبقى هنا كي أحضر لك غرفتك . أم . . . ؟ )
قاطعها بحدة : ( لا فكرة لأمك مطلقاً بأنني هنا . أنا أنزل في فندق غير بعيد من هنا ،
وأتيت لأنني لم أجدك في راندالز . ما الذي يجري ؟ )
رفعت كتفيه وقالت : ( تركت المدرسة . ألم تخبرك بذلك السيدة هالام ؟ )
- بالطبع أخبرتني . وبالتفصيل أيضاً .
لكنه تابع يسألها بضيق وانزعاج : ( لكن ما لم تستطع قوله هو : لماذا ؟ )
- لم يعد لدينها مدبرة منزل ، وأنا مفيدة أكثر هنا .
ساد الصمت لبرهة ، ثم قال دان بنعومة : ( يا إلهي ! هذا أمر لا يصدق . ما الذي حدث للسيدة إيفرشوت ؟ )
- رحلت هي أيضاً . لم نعد نستطيع الإحتفاظ بها في هذه الأيام .
قال وقد ظهرت نبرة غريبة في صوته : ( إذاً ، أنت تقومين بعملها الآن ،
وتتقاضين الراتب نفسه على ما أظن . أليس كذلك ؟ )
- يا إلهي ! لا . ما أفعله هو جزء من الإقتصاد في المصروف .
- يمكنني تخيل ذلك . وإلى متى ترغب أمك في الإستمرار بهذا التدبير الشاذ ؟
- حتى يتم بيع أبوتسبروك . ذهبت أمي إلى التسوق العقاري البارحة . من يعلم ؟
وتابعت : ( تحاول أمي أن تجعل المنزل أكثر إشراقاً بهدف التأثير بالمشترين ) .
قال دانيال بإستياء : ( أريد أن أعلم متى وصلت إلى هذا القرار الخطير ) .
- ما إن أصبحت في الثامنة عشرة من عمري ، ولم يعد هناك أي دور للوصي .
منتديات ليلاس
آه ! شكراً لك على القرطين الرائعين وعلى الورود .
ثم أضافت بسرعة : ( أردت أ نأكتب لك كي أشكرك ، لكنني لم أكن أعلم أين أنت بالتحديد ) .
- انسي أمر الهدية الآن .
عقد دانيال حاجبيه في تجهم بارد ، وتابع يقول : ( إذاً ، أين هي أمك الآن ؟
أريد أن أتحدث إليها ) .
- إنها في نادي الغولف . ستعود عند الساعة الخامسة ،
وهي تتوقع أن تجد هذه الستائر معلقة .
- إذاً ، يمكنها أن تعلقها بنفسها .
أمسك دان القماش السميك من بين ذراعيها ، ورمى به فوق ظهر المقعد ،
وتابع يقول : ( ولتخاطر هي بكسر عنقها لا أنت ) .
قالت لاين معترضة : ( يبدو أنك لم تفهم ما قلته لك . إنه جزء من عملي ) .
أجابها بلطف : ( أنت مخطئة لاين . أفهم ما تقولينه تماماً ، إلا أنني أساأل نفسي ما الذي تفعله أمك في نادي
الغولف ، بحق السماء ! ) .
قالت لاين بصوت مكبوت : ( إنها تذهب إلى هناك كل يوم ، بدأت بأخذ دروس منذ
أكثر من سنة على يد المدري الجديد جف تانفليد ) .


الساعة الآن 02:44 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية