منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   438 - فتاة الزنبق - سارة كريفن ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t147868.html)

سفيرة الاحزان 29-08-10 10:50 AM

438 - فتاة الزنبق - سارة كريفن ( كاملة )
 

فتاة الزنبق
سارة كريفن

روايات احلام الجديدة


الملخص

قال دانيال بخشونة :
يا الهي , لاين . هذه ليلة زفافنا . هل تريدين ان اركع على ركبتي اتوسل اليك .
ردت بنبرة عنيفة , انت لا تصغي الى ما اقوله . يجب ان تفهم انني لا استطيع تحمل البقاء بقربك . انا افضل الموت على البقاء معك ,لأن كل شيء انتهى .. انتهى . هل تسمعني , ما كان يجب ان اكون هنا . وما كان عليّ القبول بالقيام بهذا الأمر المخيف .
ارتفع صوتها بشكل عاصف :
- عليك ان تتركني وشأني .
راقبت وجهه يمتلئ غضبا وكرها . سمعت صوته يصلها عبر اجواء مليئة بالمرارة :
- لا تقلقي ايتها الكاذبة , المخادعة . سأدعك وشأنك . لن ألوث يدي بك حتى لو اتيت زاحفة على الزجاج المكسور .
منتديات ليلاس
بعدئذ رحل دانيال . فأرتمت لاين على سرير زواجها الفارغ .
شعرت بالألم في حلقها يكاذ يخنقها . الى درجة جعلتها عاجزة عن البكاء
للامانة منقول

سفيرة الاحزان 29-08-10 10:52 AM


1 - لقـــاء وجفــــاء !
ما إن أنطلق المصعد إلى الطابق الرابع ، حتى وضعت لاين سنكلير حقيبة سفرها الكبيرة أرضاً ،
وحركت أصابعها المتشنجة ، ثم تراجعت واتكأت على الجدار المعدني .
أوصلها الأدرينالين إلى هنا من الغضب وخيبة الأمل ، وبالرغم من التعب والإرهاق اللذين أصاباها أثناء السفر ،
وبالإضافة إلى كاحلها المتورم الذي يؤلمها بشدة .
ما من أحد في الشقة في هذا الوقت . جيمي في عمله ، ولن يكون هناك من يدللها على الرغم من احتياجها المطلق إلى ذلك .
لكن من المؤكد أنها ستنعم بالهدوء والسلام لفترة قبل بدء انهمار الأسئلة عليها ، ما الذي أتى بك؟
منتديات ليلاس
ما الذي حدث لعملك في السفينة ؟ أين هو آندي ؟
ما إن توقف المصعد وفتح الأبواب حتى رفعت لاين حقيبتها ،
ثم خرجت إلى الممر ، إلا أنها أجفلت عندما آلمها كاحلها .
دخلت الشقة ، ووضعت حقيبتها على الأرض ، ثم وقفت تحدق بإعجاب حولها في غرفة الجلوس الكبيرة مع المطبخ الصغير المواجة لها .
هذا الجزء يمثل المنطقة المحايدة من الشقة التي تضم أيضاً غرفتي النوم الرئيسيتن المواجهتين لبعضهما وهي المساحة المشتركة بينهما هي وجيمي .
لاحظت وهي ترفع حاجبيها ، إن الشقة تبدو مرتبة على غير عادتها .
ما من زجاجات فارغة أو جرائد مجمعة أو علب كرتون فارغة من بقايا الأطعمة ،
وهي علامات مميزة في حياة أخيها .
أيكون تذمرها الدائم قد أعطى نتيجة في النهاية ، ولم تعد بحاجة إلى تنظيف
الممر لتتمكن من الوصول إلى غرفة نومها النظيفة ؟
مع تلك الفكرة لمعت برأسها فكرتان : الأولى ، باب غرفتها مفتوح في حين أنه يجب أن يبقى مغلقاً ،
والثانية ، يمكنها أن تسمع بوضوح أن هناك من يتجول في داخلها .
حسناً ! أنا لم أتواجد في هذه الشقة منذ أكثر من شهر .
ربما بدلت السيدة آرشر ، التي تنظف الشقة ، دوام عملها ، وربما لهذا السبب يبدو المكان نظيفاً للمرة الأولى .
فتحت شفتيها لتعلن حضورها وتتأكد مما تفكر به ، لكن الكلمات لم تخرج من فمها مطلقاً .بدلاً من ذلك فتح باب غرفتها على مصراعيه ، وخرج رجل شبه عار ليدخل إلى غرفة الجلوس .
أجفلت لاين ، وأغمضت عينيها ، ثم تراجعت إلى الوراء بسرعة .
فتعثرت بحقيبتها التي وضعتها على الأرض قبل قليل .
ارتطمت الحقيبة بكاحلها من جديد ، ما أرسل وخزات من الألم في ساقها كلها جعلت أسنانها تصطك على بعضها .
أطلق المتطفل شتيمه ، ثم اختفى داخل الغرفة التي غادرها للتو ،
تاركاً لاين واقفة هناك وكأنها تحولت إلى حجر .
صوت مرعب ضعيف في رأسها أخذ يهمس بتوسل : لا . . . آه ! لا . . . !
هي تعرف هذا الصوت . تعرفه جيداً كما تعرف صوتها تماماً ، مع أنها لم تتوقع مطلقاً أن تسمعه من جديد .
لم تشك للحظة بهوية الدخيل ، لذا أمسكت حقيبتها واستدارت لتغادر المكان على الفور .
ما إن أصبحت في منتصف الطريق وهي تتجه نحو الباب حتى سمعت صوته مرة ثانية : ( لاين ؟!).
تلفظ بأسمها الكامل بنبرة كريهة تحمل شيئاً من القرف والإشمئزاز .
- من بين كل سكان العالم . . . ما الذي تفعلينه هنا بحق الجحيم ؟
بطريقة ما تمكنت من التلفظ باسمه . قالت بصوت عالِ : ( دانيال . . . فلاين ؟!)
استدارت لاين ببطء وحذر ، وهي تشعر بجفاف في فمها . لاحظت أنه لفّ
جسمه بمنشفة كبيرة . وقف دانيال عند مدخل غرفة نومها ، وقد لامس كتفه العاري بزهو كبرياء إطار الباب .
فكرت وهي تشعر بالخدر يسيطر عليها وأنه لم يتغير كثيراً خلال السنتين الماضيتين ،
فشعره الأٍسود القاسي يلمع من الرطوبة ، أما وجهه النحيل الواضح المعالم وخداه البارزان وفمه المنحوت
فما زالت تسبب لها اضطراباً في دقات قلبها كالعادة .
جالت نظراته من رأسها حتى قدميها . حدقت بها عينان بلون البندق من تحت رموشه الكثيفة السوداء ،
متأملة سروالها الأبيض الواسع المصنوع من الكتان وقميصها المجعد ذات اللون الأزرق الداكن .
رفعت لاين ذقنها بكبرياء ، محاولة أن تتجاهل توهج خديها من الخجل والإحراج ،
وقالت : ( ما الذي تفعله هنا ؟).
بدا وجهه الأسمر مليئاً بالعداوة نحوها حين أجاب : ( أستحم . أليس هذا واضحاً ؟)
- والأمر الأكثر وضوحاً هو أن ليس هذا ما أقصدة .
حاولت بقوة أن تبقى صوتها ثابتاً ، لأنها تريد أن تحظى ببعض القوة والسيطرة على هذا الوضع المزعج والمفاجئ ،
فتابعت : ( أنا أسألك ما الذي تفعله في هذه الشقة ؟)
قال : ( لكن أنا سألتك أولاً . ما الذي تفعلينه هنا بدلاً مت إعداد الشراب المثلج في مؤخرة السفينة ).
أجابت لاين ببرودة : ( كل ما عليك معرفته هو أنني الآن في منزل ، وأنني أريد البقاء فيه ،
لذا بإمكانك أن تذهب بعيداً عن شقتي ، قبل أن أتصل بالشرطة كي تخرجك بالقوة ).
منتديات ليلاس
بدت نظرته مليئة بالإزدراء قبل أن يقول : ( آه ! من المفترض أن أرتجف وأطيع . أليس كذلك ؟
لا مجال لذلك يا عزيزتي إلا إذا كان أخوك العزيز قد خدعني .
وبصراحة أنا لا أعتقد أنه يجرؤ على القيام بذلك ، فنصف هذه الشقة له ، وأنا أستعمل هذا النصف بالتحديد ).
سألته لاين ببطء : ( أنت . . . تعيش هنا ؟ بأي حق ؟)
أجابها : ( لدي عقد إيجار لمدة ثلاثة أشهر ، تمت صياغته بطريقة قانونية ،
وهو قيد التنفيذ ).
شعرت بقلبها يدق بعنف وبدون انتظام بين ضلوعها ، وقالت : ( أنا لم أوافق على هذا العقد ).
قال يذكرها : ( أنت لم تكوني هنا ، وجيمي أكد لي أن تلك العلاقة الغرامية السعيدة ستستمر ، إذا اعتقد أنك وصاحب تلك السفينة ستبقيان معاً لفترة طويلة ).
نظر إلى يدها اليسرى الخالية من أي خاتم زفاف ، ثم لوى شفتيه قائلاً : ( أم تراه فهم ما قلته بطريقة خاطئة ؟)
فكرت لاين ، بالطبع! بطريقة خاطئة تماماً . لكن في ذلك الوقت بدا لها أن من الأفضل أن يعتقد جيمي ذلك .
قالت بصوت عالٍ : ( حصل تبديل طفيف في الخطة ).
قال : ( أحقاً ؟ إذا ، هل تركت خلفك ضحية أخرى ؟ أخشى أن يصبح هذا الأمر عادة لديك ).
انتظر لدى سماعة تنفسها العميق الذي لم تستطع أن تتجنبه ، ثم أكمل بصوت ناعم : ( مهما يكن الأمر ، قررت الإقامة في الشقة أثناء غياب أخيك في الولايات المتحدة ).
رددت كلامه بصورة آلية : ( غياب . . . من ؟ ومنذ متى . . . ؟) .
- منذ ثلاثة أسابيع . وهذا . . . وضع مؤقت .
- ولماذا لم يخبرني ؟
صوته الأجش بدأ أكثر وضوحاً وهو يوضح : ( حاول جيمي الإتصال بك ،
إلا أن الاتصالات الهاتفية أو حتى الفاكس عبر مكتبك بقيت دون إجابة ).
رفع دانيال كتفيه ، ما جذب انتباهها رغماً عن إرداتها إلى عضلاته القوية .
فقالت من خلال أسنانها : ( لنفرض أن هذا الإتفاق قانوني ، إلا أنه يفسر سبب خروجك من غرفة نومي ).
قال وهو يبتسم : ( إنها الآن غرفتي . . . طوال فترة الإيجار . أخيراً ها أنا أنام في سريرك ، يا عزيزتي . وهكذا أصبح لدي فكرة أستمتع بها ).
صاحت لاين محتجة : ( لا ! هذا الأمر مستحيل بالنسبة لي ).
قال دانيال بنعومة : ( دغدغت هذه الفكرة أحلامك في وقت من الأوقات ، وحملت لك السعادة ولو لوقت قصير).
علقت لاين بحدة : ( حصل ذلك قبل أن أتحول إلى مخادعة وكاذبة ومستهترة ، فهذا ما قلته عني بالتحديد ).
قال : ( ما تقولينه صحيح ، لكن الإنتقال للعيش في غرفتك ليس فيه إساءة ،
وليس سببه الحنين إلى ما كان يجب أن يحدث بيننا ).

سفيرة الاحزان 29-08-10 10:56 AM


لوى شفتيه بسخرية وتابع : ( ببساطة . . . هو مجرد آمر ملائم لي ).
تابعت لاين كلامها كأنه بم يقل شيئأً : ( مهما يكن ، يجب أن تفهم أنني لا أرغب في العيش تحت سقف واحد معك الآن ،
تماماً كما كان عليه الأمر منذ سنتين ).
وافقها بالقول : ( يمكنني أن أرى أنها مشكلة بالنسبة لك ).
- يسعدني أن أرى أنك مستعد للتفكير بمنطق .
فاجأها ذلك بالفعل ، وهذا دفعها لتتنفس بهدوء أكثر قبل أن تتابع : ( إذا ،
لِمَ لا تقدم على تدابير فورية لتنتقل أنت وكل ما تملكه إلى مكان أفضل وأكثر ملاءمة لك ؟)
ظهرت على وجهه ابتسامة عريضة وهو يقول : ( ما يحصل هنا هو مشكلتك وحدك ، ولا علاقة لي بالأمر ،
لأنني لن أذهب إلى أي مكان ، وما تقررينه هو شأنك الخاص ).
قالت بصوت مرتجف : ( لكنك لا تريد أن تعيش هنا حقاً ).
- لِمَ لا ؟ قبل هذه الدقائق الخمس الأخيرة ، كنت سعيداً جداً .
- لكن هذا المكان دون مستواك ، فهو ليس منزلاً رائعاً يليق بمليونير . . .
توقفت عن الكلام قليلاً لتفكر ، ثم أكملت : ( . . . إلا إذا تمت تصفية مؤسسة النشر العالمية ،
وبما أنك أنت من يدير شؤونها ، فهذا كل ما تستطيع الحصول عليه هذه الأيام ).
منتديات ليلاس
قال دانيال وقد خلت ملامح وجهه من أي تعبير : ( آسف لتخييب أملك ، لكن الأعمال تسير على أتم ما يرام ،
وأنا باق هنا لأن الأمر يناسبني ولو بسكل مؤقت ).
ضم ذراعيه إلى صدره وتابع : ( واجهي الأمر ، لاين ، أنت اخترت العودة من دون أن تخبري جيمي على الأقل من بين كل الناس ،
فهو يعتقد أنك لن تعودي إلى هنا مطلقاً . مهما يكن ، أنا وقعت اتفاقاً مع جيمي ، لذلك يمكنك استعمال النصف الأخر من الشقة إذا رغبت في ذلك ).
لم تنظر لاين إليه وهي تقول : (هذا أمر مستحيل ، وأنت تعلم ذلك جيداً) .
أجابها : ( في الواقع ، لا أعلم شيئاً . إن أردت البقاء أو الذهاب فالأمر سيان لدي .
إلا إذا كنت تخدعين نفسك ظناً منك أنني ما زلت أحمل بعض الميل الطفيف إليك .
إن كان الأمر كذلك ففكري جيداً ) .
توقف عن الكلام وظهر التجهم على وجهه . راقت كيف تلون خداها من الإحراج ،
ثم تابع : ( . . . لكني أحذرك أنني لن أتحمل أية إهانه منك ، كما أن الإعتماد على طيبة قلبي لن تنجح أيضاً ).
- لم أكلن أعلم أنك طيب القلب .
تجاهل دانيال تعليقها ، وقال بعد قليل : ( إن كنت لا تريدين المشاركة في الشقة ، فارحلي ).
قال : ( هذا بيتي ، وليس لدي مكان آخر لأذهب إليه ).
- إذاً افعلي ما قلته لك .
أضافت بعد قليل بشيء من القسوة : ( مع أنني أشك بصعوبة الامر ، لكن أنت وأخوك تدينان للناس بالكثير من المواقف الحسنة ) .
نظر إليها من دون اهتمام ، وتابع : ( إن قررت البقاء هنا أفضل من الذهاب إلى مكان آخر ،
أقترح عليك التوقف عن الشجار والبدء بتنظيم أمورك ، فلديك عمل يحتاج إلى وقت طويل جداً ) .
استدار دانيال ليغادر الغرفة وهو يقول : ( ولا تطلبي مني أن أعيد لك غرفتك . فقد رفضت ذلك من قبل ).
قالت لايم من بين أسنانها : ( ما كنت لأحلم بذلك . في النهاية ، وبعد مرور عدة أسابيع سترحل ، وحتى حلول ذلك اليوم السعيد سأخيم في غرفة جيمي ) .
رمته بتلك الكلمات مع أنه أغلف باب الغرفة وراءه .
للحظة ، وقفت لاين في مكانها تحدق بالباب الخشبي . قالت لنفسها إنها تعيش كابوساً ، وإنها ستستيقظ في لحظة ما لتجد أن كل ما عاشته في الدقائق الأخيرة قد زال .
شعرت أنها ترتجف بقوة من الداخل ، وكل ما رغبت به هو أن ترتمي على الأرض وتبقى هناك .
لكن دانياب قد يخرج من الغرفة في أية لحظة ، وآخر ما تريده هو أن يجدها رابضة على الارض المخططة اللماعة عند قدميه ،
كأنها حيوان صغير جريح . لم يخطر ببالها لحظة أنها قد تراه من جديد ،
أو تقابله وجهاً لوجه كما حصل الآن .
فقد أقنعت نفسها أنه خرج من حياتها إلى الأبد .

تعمدت أن تذهب إلى مكان بعيد كي توفر على نفسها الألم إذا ما لمحته ولو للحظة واحدة عن طريق الصدفة ،
آملة أن تتلاشى الذكريات التي جمعتها شيئاً فشيئأً . لكن ها هو هنا من جديد ، ويبدو أن ذلك الشعور بالعار والعذاب الذي تحمله من ماضيهما سيبقى حياً ومؤلماً لديها إلى الأبد .
قالت لنفسها بعناد : ( لم أسمح له بأن يعتقد أنني ما زلت أهتم لأمره .
لا أستطيع تحمل ذلك . علي أن أقنعه أن الأمر لا يعنيني مطلقاً أنا أيضاً ـ
انتظرت إلى أن هدأت دقات قلبها وانتظمت أنفاسها قليلاً ، ثم سارت ببطء نحو غرفة
جيمي ، محاذرة أن تثقل كاحلها المتورم أثناء السير .
أدارت مقبض الباب ودفعته ليفتح ، لكنه قاوم بعناد . وضعت لاين كتفها عليه وراحت تدفعه إلى الداخل محاولة الحصول على فتحة واسعة بما يكفي
لتتمكن من المرور من خلالها ، وما إن نجحت في مسعاها حتى أجفلت .
توقفت كم أصيب بصاعقة ، وشهقت من خيبة الأمل .
ما رآته لم يكن غرفة نوم بالتحديد ، بل مخزناً مختلف الأغراض ، فكل بوصة من المكان
ملئت بشيء ما . رأت مجموعة من الصناديق موضوعة على الأرض ،
إلى جانبها أقفاص مليئة بالكتب والأقراص المدمجة ، بالإضافة إلى عدد من الحقائب
المختلفة الأحجام القديمة الطراز . لاحظت وهي غير قادرة على تصديق ما تراه أن فراش السرير الخالي من أية أغطية مغطى بأكمله بمحتويات خزانتها ، وأن الأشياء التي تعيق فتح الباب
هي مجموعة من الصناديق المختلفة الأحجام التي وضعت على الأرض بصورة عشوائيةمشكلة كومة كبيرة .
إنها بحاجة إلى ساعات من العمل لتتمكن من تأمين مساحة كافية فقط للسير في الغرفة ، وهذا ما تحتاجه أيضاً إلى مكان الإستحمام أو النوم الذي هي في أمس الحاجة إليه .
شعرت بالدموع تحرق عينيها . فبعد كل المشاكل المروعة مع آندي ، ها هي تعود إلى منزلها لتجد هذه الفوضى !
بالإضافة إلى وجود اللعين دانيال فلاين . إنه ينام في غرفتها ، ويستعمل هذه الغرفة كمستودع لوضع حاجياته .
تمتمت بغضب ، محطمة كل إحساس بالشفقة على النفس : ( لو أنني أستطيع الوصل إلى النافذة ، لرميت هذه القذارة كلها في الشارع ) .
لقد أفرغ كل ما تملكه على السرير . مجرد التفكير بذلك جعلها تنكمس على نفسها .
لم ينجو بفعلته تلك ! أقسمت بذلك وهي تعرج عائدة إلى غرفة الجلوس ، ثم تطرق بقوة على باب الغرفة الأخرى .
فتح الباب على الفور ، وواجهها دانيال بوجه عابس . كان قد ارتدى سروال جينز ، لكنه لا يزال حافي القدمين ، عاردي الصدر .
شعرت لاين بجفاف في فمها ما إن عاودتها الذكريات التي تهرب منها .
سألها : ( ماذا تريدين الآن ؟ )
قالت بصوت مضطرب : ( الغرفة الأخرى تصلح زريبة للحيونات . إنها مكب للنفايات .
اريد أن أعرف ما الذي تنوي أن تفعله بشأنها ).
أجاب بضيق : ( لا شيء فتلك الأغراض لا تخصني . هذه ليست مشكلتي ) .
منتديات ليلاس
شهقت لاين وسألته : ( ما ذا تقصد بحق السماء ؟ إنها مليئة حتى السقف بأشياء تخصك ، وأريدك أن تنقلها من هناك على الفور ) .
لوى شفتيه بإستهزاء وقال : ( عملك في البحر لم يذهب سدى . ماذا هناك أيضاً في برنامج عملك ، سيدتي القائدة ؟
أيقتصر الأمر على التوبيخ أم يتعداه إلى القصاص الصارم ؟) .
أشارت بإصبعها نحو الغرفة وراءها ، وقالت : ( تلك هي الجهة التي أشغلها الآن من الشقة ، وأريد أن أراها خالية ) .
- إذا أقترح عليك أن تبدأي العمل منذ الآن .
بدأ كأنه يشعر بالملل من رؤيتها وهو يتابع : ( مع أن الله وحده يعلم أين ستضعين تلك الصناديق .
من أجل توضيح المسأله فقط ، لا علاقة لي بأس شيء في تلك الغرفة . بعض تلك الأغراض هي لأخيك .
لكن الجزء الأكبر منها هو لفتاة تدعى ساندرا . وأعتقد أن تلك الفتاة رافقته في رحلته إلى نيويورك ) .
حدقت لاين به غير مصدقة : ( جيمي ترك كل هذه الأشياء ، وتركني لأتعامل مع تلك الفوضى المرعبة ؟
آه ! لا يعقل أنه فعل ذلك ) .
ابتسم دانيال بسخرية ، ,علق قائلاً : ( ألا يفل ؟ إذا كنت ترغبين في التحدث بالأمر معه ، بإمكاني أ نأعطيك رقم هاتفه في مانهاتن ) .
أجابت بضيق وتوتر : ( من فضلك ، لا تزعج نفسك ، سأتولى الأمر بنفسي ) .
قررت أن تستدير على الفور وتسير مبتعدة ، بعد أن رفت رأسها عالياً ،
لكن بينما هي تستدير شعرت بطعنة قوية جداً من الألم في كاحلها جعلتها تصرخ بصوت عالٍ وتترنح .
بخطوة واحدة سريعة أصبح دانيال قربها . وضع يده تحت مرفقها وهو يقول : ( ما الأمر ؟ ) .
- لا تلمسني !

سفيرة الاحزان 29-08-10 10:58 AM

حاولت أن تبتعد عنه ، ولكنه رأى الضمادة على قدينها فشد قبضة يده على مرفقها . سألها : ( ما ذا فعلت بنفسك بحق السماء ؟) .
أجابت بإقتضاب : ( التوى كاحلي . هذا كل شيء . من فضلك دعني وشأني ، ولا داعي لهذه الجلبة ) .
- لست أنا من يزعق من شدة الألم .
رفعها دانيال بين ذراعيه ، وحملها إلى أحد المقاعد الطويلة الموضوعة أمام المدفأة ، ومددها على الوسائد .
مع أن تصرفه هذا لم يكن سوى وليد اللحظة الراهنة ، لكنه أجبرها على التذكر بكل ما لديها من وعي نعومة بشرته ورائحتها العطرة .
فكرت ، آه . . . يا آلهي ! أنا لست بحاجة لذلك . . . وانتشر إحساس بالرعب في إعماقها .
ركع دانيال أمامها ، وبدأ ينزع الضمادة عن كاحلها .
قالت بتوتر : ( يمكنني أن أفعل ذلك بنفسي ) .
رماها بنظرة ساخرة ، وعلق قائلاً : ( والآن ، من الذي تيثير جلبة بسبب أمر تافة ؟ )
التزمت لاين الصمت شاعرة أن وجهها يتقد من الخجل والأرتباك .
حدقت من وراء كتفه ، وهي تعض بأسنانها على شفتها السفلى ، بينما راح دانيال يعاين مفصل قدمها المتورمة . سألها : ( متى حدث ذلك ؟) .
منتديات ليلاس
رفعت كتفها ،، وقال : ( منذ يومين ) .
قال بحزم : ( كان عليك أن تريحيها على الفور ، لذا يجب أن تبدأي منذ الآن ) .
نهض برشاقة ، وتوجه إلى المطبخ . عاد بعد عدة دقائق وهو يحمل كيساً مليئاً بمكعبات الثلج .
- خذي ! ضعي هذا عليها .
أطاعته لاين على مضض ، وبدت تعابير الثورة على وجهها بينما راح دانيال يثبت كيس الثلج بالضمادة التي نزعها عن قدمها .
قالت بضيق ما إن أنهى عمله : ( شكراً لك ) .
- لا داعي للشكر .
تابع بنبرة لاذعة وهو يقف بإستقامة : ( لدي اهتمام ثابت وأكيد بأن أرى ساقيك تعملان بصورة جيدة .
فالبحث عن عمل يحتاج إلى الكثير من الجهد ، وأنت بحاجة إلى راتب بدون أي تأخير ) .
وعاد ليختفي في المطبخ ، تاركاً إياها تشهق من الغضب .
عندما عاد ، كان يحمل كوباُ من الماء موضوعاً على صحن ، إلى جانبه قرصان من الدواء ،
قال : ( هيا ! خذي هذه ) .
- و ما هي تلك ؟
قال بصوت لاذع : ( مخفف للألم . . . ولا تقلقي ، فلن تستيقظي لتجدي نفسك في مكان سيء السمعة ) .
فيما هي تبتلع الدواء على مضض وتعيد له الكوب فكرت : ( لو أنك تملك أدنى فكرة عما حدث في الأيام القليلة الماضية ،
لربما ستفهم لماذا أنا مشدودة كالأسلاك ، لكنك لا تعلم .
في مطلق الأحوال ، أنت هو الشخص الأخير في العالم الذي يمكنني أن أخبره بما حدث .
نظر إليها دانيال بتجهم ، وسألها : ( سأعد القهوة ، هل تريدين فنجاناً ؟) .
هزت لاين رأسها ، وقالت : ( لا ! شكراً ) .
اتكأت إلى الوراء على الوسائد ، وأغمضت عينيها وهي تفكر بحزن ،
التخلص من رؤيته ستكون البداية . بداية صراع طويل وقاس لتتخلص من الذكريات التي أثارها فيها ،
والتي فشلت السنتان الأخيرتان اللتان مرتا في محوها .
لكن حواسها ظلت متأثرة به حتى بعد أن سار مبتعداً .
يا له من أمر محزن ! كيف يمكنها أن تتأثر بهذا القدر برجل دمر ثقتها بنفسها وبكل ما حولها ،
فتركها مشتته ضائعة .
شعرت بحركته وهو يستخدم أدوات المطبخ ، فتحركت بعدم ارتياح على الوسائد .
آه ، يا إلهي ! الأسابيع القادمة ستكون نوعاً من العذاب الذي لا يمكن لأي مهدئ للألام أن يسكنه .
لكن مهما كان شعورها ، فلن تستطيع الإنتقال من هنا على الفور ،
ومن المحتمل أن يعرف ذلك . لطالما تمنت أن تكون متألقة جداً بنجاحها وبسعادتها إذا ما التقيا صدفة يوماً ما ،
كي تتمكن من التحديق بعينيه بدون أي إهتمام .
لكن يبدو أن للقدر خطة مختلفة تماماً .

لا فكرة لديها مطلقاً كم هو المبلغ المتبقي من المال في حسابها المصرفي ، لكنه بالتأكيد ليس بذي أهمية .
فقد استعملت ما لديها من مال في بطاقة اعتمادها لشراء بطاقة السفر للعودة إلى بلادها .
ومع رحيل جيمي ، لن تستطيع حتى أن تحصل على قرض مؤقت .
- لا تستسلمي للنوم ، لاين .
منتديات ليلاس
صوته جعلها تقفز مجفلة ، وهي تسمعه يتابع : ( حاولي أن تتأقلمي مع الوقت في لندن ، وإلا فإنك ستعانين من آثار السفر لعدة أيام ) .
فتحت عينيها على مضض ، ونظرت إليه ، فرأت أنه يحمل في يده كوباً كبيراً .
- أقترح عليك أن تشربي هذا ، فأنت بحاجة إلى الكافيين لتتمكني من الإستيقاظ .
- جلس على الأريكة قبالتها ، وراح يراقبها بعينين ضيقتين .
- ما هي خطة عملك الآن بعد أن اصطدم شريكك البحار بالصخور ؟
لفها التوتر ، وقالت بنبرة هجومية : ( أنا لم أقل ذلك بالتحديد ) .
- لا داعي لتقولي ذلك .
رشفت لاين رشفة من القهوة وهي تحاول أن تجد جواباً مقبولاً .
- لنقل فقط إنني وشريكي اكتشفنا أن لدينا أفكاراُ متناقضة ومتضاربة .
أظن ذلك كافياً .
رفع دانيال حاجبيه بسخرية ، وعلق : ( حسناً ! لا شك أن ما قلته مألوف لدي ) .
شعرت بأحشائها تعتصر من الألم المفاجئ ، لكنها قالت بهدوء : ( أتمنى إلا تتحدث عن الأمر أكثر من ذلك ) .
قال دانيال بنعومة : ( رفض التحدث عن الأمور هو أشبه بمحاولة تغطية بركان . إلا تعتقدين ذلك ؟) .
قالت بحزم وعناد : ( لا ! لا أعتقد ذلك . أعتقد أنه يجب على المرء إلاحتفاظ بخصوصيته ) .
- ألهذا السبب لم يستطيع أحد الاتصال بك في فلوريدا ؟
لا ! فكرت بضيق أن سبب ذلك هو أن آندي لم يدفع إيجار المكتب ، فقام المالك بإقفاله . لكنني لم أعلم بالأمر في ذلك الوقت .
أجابت : ( أنا وجيمي شقيقان ، لكن لكل منا حياته الخاصة واستقلاليته ) .
- أنت توقفت عن الاتصال بأخيك ، أما أنا وجيمي فبقينا على اتصال دائم خلال الأشهر الماضية .
شيء ما في كلامه أو ربما في صوته جعلها تشعر بوخز غريب في عمودها الفقري .
في الواقع ، ما من داع لأن تتقاطع طريقيهما .
جيمي شخص عادي يعمل في شركة للمحاسبة في المدينة ، أما دانيال فقد ورث إمبراطورية عائلته ،
وأصبح صاحب سلطة قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره .
كما أن دانيال هو صديق سيمون ، وليس أي شخص آخر ،
سيمون . . . أخوها الأكبر المميز ، والصبي اللامع الذي يكبرها بعشر سنوات .
فكرت بذلك وهي تشعر بألم حاد مدمر ،
لطالما كان سيمون الصديق المفضل لدانيال منذ أيان المدرسة .
كلاهما عملا في السلاح الجوي ، وكانا من الاعضاء المميزين في علبة الكريكيت ، وفي فريق
التنس . لكن هناك يتوقف التشابة بيينهما ، دانيال هو الأبن الوحيد لأب مندفع وجه كل طاقاته وعاطفت نحو العمل بعد وفاة زوجته ،
ساعياًُ وراء التوسع والربح بنهم لا يشبع ، ولم يترك لابنه الصغير سوى القليل من وقته .
في أسام العطل المدرسية كان الصبي يترك تحت رحمة فريق العمل الذي يعينه والده ويدفع له ،
أو ينتقل للإقامة مع معارف والده المختلفين ، والذين لديهم أولاد في مثل سنه .
منتديات ليلاس
أما سيمون فعاش في كنف أمه واثنين من الأخوة الأصغر منه سناً في آبونسيروك ، ذلك المنزل الرائع مع حديقته الكبيرة ،
حيث كان يأتي إليه في كل عطلة صيف وبعد نهاية كل فصل داراسي .
كان روبرت فلاين يوافق على أن يمضي ابنه جزءاً من العطلة مع عائلة صديقه ،
ولطالما قالت أنجيلا سنكلير إن المنلز معتاد على استقبال الضيوف ،
لذا فإن ضيفاً جديداً لن يشكل أي فرق .
إلا بالنسبة لي ! فكرت لاين بذلك وهي تشعر بألم مفاجئ .
فقد شكل حضورة كل الفرق في العالم بالنسبة لها . . .
لكن تلك المنطقة محرمة عليها ، وهي لا تجرؤ على الذهاب إلى هناك ، لا سيما الآن .
أنهت احتساء قهوتها ، ووضعت الكوب على الأرض .
- أنت وجيمي لستما صديقين ، أليس كذلك ؟ لطالما اعتبرته إدنى مستوى منك .
ومن المؤكد أنك لا تواجه مشكلة في إيجاد مكان تمكث فيه ،
فلماذا أنت هنا إذاً ؟
- إنه أتفاق مناسب لنا معاً .
لكنها تابعت بعد قليل : ( كنما أن ( كوبر دايموند ) لا تملك فروعاً في نيويورك ،
فما الذي يفعله جيمي هناك ؟ )


سفيرة الاحزان 29-08-10 11:01 AM


قال دانيال : ( إنه يعمل لدي ، في القسم الملكي في هيروندلابوكس )
تضاعف إحساسها بالقلق والتوتر ، وسألته غير مصدقة : ( أيعمل لديك ؟
لماذا بدل عمله ؟ )
- ربما كان هذا موضوعاً آخر يجب أن تبحثيه معه ؟
أنهى داينال شرب قهوته ، ثم نهض وهو يتابع : ( إنه ينتظر اتصالك . )
حدقت به لاين وهي تسأله : ( هل تحدثت إليه ، وأخبرته أنني هنا ؟ )
- فعلت ذلك وأنا في المطبخ ، قلت له إن غرفته يجب أن تنظف ، وإن توضع كل محتوياتها في مخزن خاص به ،
ووافق على ذلك ، لكن لسوء الحظ ، شركة النقل التي اتصلت بها لا تستطيع القدوم قبل نهار الغد ، وهكذا عليك أن تمضي الليلة على الأريكة ,
رفعت لاين ذقنها قائلة : ( هل اتصلت بشركة النقل أيضاً ؟ إنني قادرة تماماً على القيام بذلك . )
اقترح دانيال بهدوء وبساطة : ( هل تريدين أن أتصل بهم ثانية وألغي الحجز ؟ )
منتديات ليلاس
أرادت لاين أن تقول نعم ، لكنها أدركت أن ذلك تصرف غبي من قبلها .
لا سيما أنه بذل مجهوداً ليتم العمل بأقصى سرعة ، كما أن النوم في غرفة الجلوس لفترة طويلة أمر لا يعجبها مطلقاً .
قالت على مضض : ( لا ! لتدع الأمور على حالها ) .
قال برضى : ( قرار صائب ، لا بد أنك تتعلمين ) .
توقف قليلاًُ عن الكلام ، ثم تابع : ( علي الذهاب إلى المكتب لعدة ساعات ،
وهكذا ستتمكنين من تقريع أخيك قدر ما تشائين بسبب عدم رغبتك في وجودي هنا . )
قرأ الرسالة من خلال عينيها اللتين ازدادتا التماعاً ، فأبتسم ،
وتابع ينصحها : ( حاولي إلا تنهضي لكي يشفى كاحلك بسرعة ،
فأنت بحاجة إلى ذلك ، هكذا ستتمكنين من السير على الأرصفة بدلاً من المكوث هنا ) .
منتديات ليلاس
معرفتها أنه لم يقل إلا الحقيقة لم تحسن من طبعها المتقد أو تهدئ من اضطراب مشاعرها المندفع كاندفاع المد نحو الشاطئ ، وهي تراقبه يسير مبتعداً ليدخل إلى الغرفة . . .
غرفة نومها ، ويغلق الباب وراءه .


الساعة الآن 04:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية