منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   7_ شهر عسل مر _ فيوليت وينسبير _ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t141014.html)

اماريج 12-05-10 03:49 PM

وبأعصاب مرتجفة كجذور منزوعة من أرضها غادرت غرفتها في طريقها الى عشاء عرس كئيب , ولمحها بول عندما ظهرت على قمة السلم ,
وألقت نحوه نظرة جانبية لتعرف هل ما زال حانقا عليها , وطمأنتها أبتسامته التي سخرت من مخاوفها , وصعد اليها , وشعرت بخفقة في قلبها وهو يقول لها:
" تبدين كملاك في هذا الثوب .... وأشعر أنك ستتلاشين فجأة وراء سحابة , وتتركينني وحدي".

ورمقته بفضول وهما يدخلان حجرة الطعام , ولأول مرة تساءلت أذا كان تزوجها رغبة في رفقتها وليس لجمالها فحسب .
وفي بدلة السهرة , كان خلابا أكثر من أي وقت مضى , شعرت به عملاقا أغريقيا في قميصه الحريري وسترته السوداء ,ولم تكن هي ضئيلة لكن طوله الفارع جعلها تعاني ذلك الأحساس.

وفجأة داهمها الشعور بأنه يقاسي الوحدة , أنه غني , ووسيم , وجذاب الى حد الروعة , لكن هذا الرجل كان وحيدا وغامضا , وهي أصبحت زوجته!
ولم تكن دومني ذاقت طعاما طوال اليوم , وشعرت فجأة بالجوع ويانيس يضع أمامها طبقا من المحارات الشهية , وهمست:
" يبدو لذيذا".

ومنحت يانيس أبتسامتها الحلوة , أبتسامة لم تمنحها الى بول قط , الذي لم تتنبه الى أنه كان ينظر اليها وهو يفتح الزجاجة ,وفرقع غطاء الزجاجة ,
وفار السائل الذهبي , وأنسكب على جوانب الزجاجة , وغمس بول أصبعه ومسح بها خلف أذن دومني , وقال مازحا في شيء من السخرية وهو يملأ كأسها:
" هذا يجلب لك الحظ يا دومني".

وجلس أمامها , وملأ كأسه هو الآخر , ثم رفعها مرددا نخبا باليونانية , فسألته دومني دون أن ترفع رأسها عن الطعام:
" هل يمكن أن أعرف معنى ما قلت؟".

" قلت أن في كل كعكة زواج , الأمل هو أحلى ثمرة".
وحينئذ رفعت بصرها , ولمحت ضوء الشموع يسكب ظلاله عل صدغيه وجبهته ذات الندبة , وسمعته يقول:
" مما يدعو للأسف أن أحدنا لم يعرف الآخر بما فيه الكفاية , فلو كانت الفرصة أتيحت لنا للرقص والنزهة لساعدك ذلك على أن تكوني أقل خجلا معي , لكن لا حيلة لنا في الأمر , كانت لدي أعمال هامة هنا في انكلترا أستغرق معظم وقتي ,وهذه الأعمال هي التي أتت بي على غير ما توقعت".
منتديات ليلاس
وشعرت برجفة تسري في كيانها , لأن وصوله غير المتوقع الى أنكلترا , كان أول خيط في نسيج الورطة , التي تعيش الآن دوامتها , فلم يكن هناك وقت لدى دوغلاس ليغطي وعجزت هي عن أن ترى أبن عمها الضعيف الجذاب , محكوما عليه بالسجن لحماقته.... تمنت فقط أن يستوعب الدرس ... ولو على
حسابها !
وأنتهيا من تناول الطعام , وأقبلت زوجة يانيس تقدم القهوة , كانت سمراء متحفظة , تجري في عروقها الدماء الرومانية , وقدمت لدومني هدية صغيرة , فرحت بها , حتى أنها نسيت برهة أنها ليست عروسا عن حب كما كانت لينا وزوجها يظنان وكانت الهدية عبارة عن سلة صغيرة من المعدن والزجاج مليئة بالتفاح المسكر
وأبتسمت دومني قائلة:
" أنها جميلة للغاية وغير عادية كم هو لطيف منكما!".


اماريج 12-05-10 03:52 PM

ووقفت لينا لحظة تتأمل وجه دومني الجميل , ثم قالت:
" لتكن السعادة دائما من نصيبك , وليباركك الله وليمنحك....".
ونطقت كلمة باليونانية , وساد الغرفة صمت بعدما أنسحبت لينا وأغلقت خلفها الباب ,
وحينئذ لم تستطع دومني أن ترفع عينيها عن وجه بول , وتلاشى الأشراق من وجهها فجأة , وأمتلأت عيناها بنظرات القلق وهي تسأل هامسة عن معنى الكلمة اليونانية التي نطقت بها لينا.... ورد بول في هدوء قائلا:
" تعني طفلا.... صبيا....".

وتحركت الندبة فوق عينه عندما لمح الخوف في نظراتها , وأنحنت هي بسرعة فوق صينية القهوة , وملأت الفنجانين الصغيرين , بالقهوة التركية , وعندما ناولت بول فنجانه كان وجهها مقنعا بالجمود.

وشربا عدة فناجين , ثم نهضت دومني ,وأخذت تتطلع بقلق الى محتويات الحجرة من لوحات فنية وقطع أثرية , وأخيرا وقفت أمام الستارة الكبيرة التي تغطي النافذة , وفجأة تخلى عنها الهدوء الذي ألتزمته أثناء تناول العشاء , وأخذ معه أهتمامها بجزيرة أندبلوس الذي تحدث عنها بول ,
بهرها بعض الشيء وصفه جمال الجزيرة , وكلامه عن بيته القائم فوق ربوة عالية مطلة على شاطىء خاص , كان السكان يسمونه (بيت صخرة النسر) .

وفجأة قالت بصوت مختلج:
" دعني أذهب يا بول , دعني أذهب لو كان عندك قلب , أنت تعرف أنني لا أحبك".

وهنا تقطع أنفاسها , وأحتبس صوتها , وأمسكت الستارة بيدها كأنها تحتمي بها , وبينما كان بول ينهض من مقعده ويعبر الغرفة في أتجاهها , تأملته, رأت فيه قوة النمر وسيطرته أذ يمكنه أن يسحق كافة العقبات التي تعترض طريقه الى ما يريد.
وسأل:
" وماهو المفروض أن افعله أذا تركتك تذهبين؟ هل تتوقعين مني أن أحرق هذه الشيكات في مثل هذه الحالة , وأخرج خالي الوفاض , أو أكتفي بالرماد".
" وما الذي يمكن أن يحققه لك زواجنا , لا شيء أيضا سوى ذرات رماد".
وكان اليأس يطل من عينيها وهي تتكلم , وهو أمامها بوجهه الوسيم وكل قسمة تنطق بالقوة وبالعناد , وعادت تقول:
" أذا أرغمتني على الحياة معك يا بول ... سأكرهك".

وأطلق ضحكة ناعمة وقال:
" الكراهية والحب متشابهان يا أسيرتي.... كلاهما عاطفة عمياء".
" لا يوجد حب بيننا .... ولن يكون أبدا".
وبرقت عيناها تؤكدان عن الحب المعنى , وتقدم منها قائلا:
" آه.... ولكنك تتكلمين عن الحب الرومانسي".

وأقترب وأمسك بوجهها بين يديه الدافئتين , وأخذ يبحث في أغوار عينيها وهو يقول:
" يمكنك أن تجدي لدي أي حب ألا ذاك النوع الذي تقرأين عنه في الكتب".
وأزداد خفقان قلبها وهو يتكلم , وفكرت في باري الذي أسعد قلبها وجعلها تتساءل عن الحب وأسراره...
منتديات ليلاس
وعاد بول يهمس:
"هل أخبرك رجل من قبل أن لك عينين رائعتين , أشبه بالسماء الصافية؟".
وأحنى رأسه وقال:
" يجب أن تفهمي يا دومني أنني عندما أعقد صفقة أحرص كل الحرص على الوفاء بألتزاماتي , وأحرص أيضا على أن يقوم الجانب الآخر بألتزاماته".
همست مصدومة:
" ذلك في العمل , ولكن هذه حياتنا , سعادتنا , هل أنت متشائم الى حد يجعلك لا تؤمن بالسعادة , هل أنت جامد , حتى أن شيئا لا يؤذيك؟".


اماريج 12-05-10 03:55 PM

" لا يمكن أن يؤذيني ما يظنه الآخرون عني , أنا يوناني , ولا يهمني ألا ما أعتقده أنا في نفسي , عقدنا صفقة يا دومني , هذا الصباح , أنت زوجتي ولن أدعك تذهبين".
وأحست أنه يعني كل كلمة نطق بها , كان ذلك مسطورا على صفحة وجهه , الوجه الجميل , القاسي , تنبعث من عينيه أشعاعات تطاردها وتخيفها , وفجأة تخلصت من ذراعيه , وقفزت من الشرفة الكبيرة , وأسرعت بجنون في أتجاه الشاطىء.

وتقاذفتها الرياح الباردة , وتعثرت فوق الرمال بحذائها ذي الكعب العالي , فوقها كان القمر مختفيا وراء السحب , يلقي عليها ضوءا باهتا من الظلال".
وألقت نظرة مذعورة خلفها , كان بول يتبعها , وفي الضوء الخافت بدا وجهه شيطانيا ,وأنطلقت تجري بكل قواها , بيأس غريب دفعها الى الهرب منه ,
حتى أنها لم تتبين مدى قربها من البحر والصخور النائية عند طرف الشاطىء , وفجأة أرتفعت أمواج البحر , وأطلقت دومني صرخة عندما تعثرت وسقطت على صخرة , ثم شعرت بموجة هائلة تغطيها , وتسحبها, وأصابتها برودة الماء بصدمة بدأت تفقدها وعيها , لكن صوتا هادرا كان يتردد في أذنيها :
" دومني... دومني".
مصحوبا بكلمة يونانية ضاعت وسط هدير الأمواج.

وقفز بول بعدما خلع حذاءه غير عابىء بالعاصفة وسبح بقوة في اتجاه الذراع النحيل الذي كان كل ما ظهر له من زوجته , وعلى ضوء البرق بدأ يلمح وجهها المذعور , وبعد لحظة , كان يضمها وسط الأمواج بينما تشبثت هي فيه بعنف كتشبث الأنسان بالحياة , وساعدها على رفع رأسها فوق الماء , وبدأت تتنبه , وتدرك من هو منقذها ... بول... زوجها , الذي تركت جسمها المذعور في حمايته.

وحملها حتى الشاطىء , وصعد بها سلالم الفيللا , ودلف الى غرفة الجلوس من خلال الشرفة الكبيرة , وأرتجفت دومني بين ذراعيه , وسعلت قليلا , وعندما نظر اليها تساقطت المياه من شعره الداكن على وجهها , وفتحت عينيها الزرقاوين وتحركت شفتاها بلا صوت ترددان أسمه ..... وقال هو بمنتهى الرقة :
" كل شيء على ما يرام يا طفلتي الحمقاء , أنت الآن في أمان".

وأسرع الى الأريكة البيضاء بجوار المدفأة ,وضغط على الجرس مستدعيا يا نيس , الذي أقبل ليجد بول راكعا بجانب الأريكة , مقتربا من شفتي دومني المرتجفتين كأسا من الشراب , وحملق الخادم فيهما , وقال بول بلهجة جادة:
" كنا نتنزه على الشاطىء , وسقطت زوجتي في الماء أخبر لينا أنني أريد زجاجات ماء ساخن في سرير زوجتي حالا , وأيضا أن تعد لها حماما ساخنا , وأحضر لي أزار الحمام السميك , بسرعة".

وجرى يانيس الى المطبخ ,وباليونانية شرح للينا ما حدث , فبدت الدهشة في عينيها , وقالت:
" هذا كارثة ليست علامة طيبة يا يانيس , يقال أن من يغني في الصباح يبكي قبل الصباح التالي".
" ما الذي تتحدثين عنه أيتها المرأة ؟".
منتديات ليلاس
وحدق يانيس في زوجته بينما كانت تملأ الزجاجات بالماء الساخن , فقالت:
"ألم تسمعه يغني قبل الأفطار هذا الصباح؟ عروسان يتنزهان على الشاطىء في ليلة عاصفة .... أليس ذلك غريبا؟".
" تعتقدين أنهما تشاجرا؟".
" أظن أنه من الأفضل أن تسرع بأحضار أزار الحمام , وألا ملأ البيت صياحا ".


اماريج 12-05-10 03:57 PM

وبعدما أحضر يانيس الأزار لسيده , قال بول لدومني:
" سأخلع ثيابك المبللة , لا تقاوميني وألا عرضت نفسك للأنهاك أكثر مما أنت عليه الآن".
وكانت بالفعل منهكة جسمانيا وعقليا , وأرتجفت مثل قطة مبللة ,كانت نظراته ولمساته أبوية , وكان حانيا وهو يلفها في الروب , وعندما رفعها عن الأريكة , تركت ذراعها يلتف حول عنقه , وظلت على هذا الوضع وهو يصعد بها السلالم الى جناحهما الأبيض , حيث كانت لينا في أنتظارهما.

فقال لها:
" أعطها حماما ساخنا ثم ضعيها في سريرها , وناوليها كوبا من الحليب الساخن"
وأومأت لينا برأسها, وقالت دومني وهي تقاوم ضعفها :
" تصبح على خير يا بول , أنا آسفة على خروجي وسط العاصفة".
" أنا أيضا آسف , في أية حال , أنسي ما حدث , وحاولي النوم , سأراك في الصباح".

وأنصرف الى غرفته مغلقا الباب خلفه جيدا , وبعد لحظات لحق به يانيس وقال:
" أعددت لك حماما ساخنا يا سيدي".
وفي شرود سأل بول:
"ماذا قلت يانيس".
" أنت مبتل تماما يا سيدي , الحمام جاهز".
وأبتسم بول وربت على ذراع خادمه شاكرا.

وأستسلمت دومني للنوم بمجرد أن أنتهت من شرب الحليب , كان نوما ثقيلا في البداية , بلا أحلام , ثم فجأة , حلمت أنها تجري على الشاطىء البارد, تسمع هدير الموج , وتحس بكعبها العالي يغوص في الرمال , وكان القصر يطل عليها من خلال السحب , وشيئا ما كان يتعقبها , وأستدارت وألقت نظرة سريعة , فرأت قطا ضخما يطاردها تتسع عيناه بريقا ذهبيا مخيفا , كانت متأكدة أن الحيوان أذا أمسك بها , فسيمزقها أربا.

وأخذ يتقدم ويتقدم , وعندما أوشك أن يمسك بها , صرخت:
" دومني , طفلتي , ماذا حدث؟".
وأفاقت على الصوت , وتلاشى الكابوس , ووجدت النور مضاء , وبول منحنيا فوقها , ممسكا بكتفيها بيدين دافئتين ثابتتين , وعاد يقول بخبث وقلق معا:
" هل من عادتك أن تصرخي في نومك؟".
" هل.... هل صرخت حقا؟".
منتديات ليلاس
وتأملته على الضوء الخافت خصلات شعره الداكن متهدلة فوق جبينه , والبيجاما السوداء الحريرية مفتوحة , يظهر منها صدره العريض الكثيف الشعر .
وسألت:
" كم الساعة ؟ هل أقترب الصباح؟".
" جاوزت الساعة منتصف الليل بقليل".

ثم أفتر ثغره عن أبتسامة كشفت أسنانه البيضاء , وهو يقول مازحا:
" أرجو فقط ألا يكون يانيس وزوجته سمعا صرختك".
وهزت كلماته قلبها , ورغم ذلك وجدت نفسها تبتسم وتقول هامسة:
"أعتقد أنه كابوس ؟ يا للغرابة , لم يحدث لي ذلك منذ كنت طفلة".
ونظر اليها بول , ثم جلس على حافة سريرها ,وسألها :
" هل كان كابوسا يتعلق بي؟ ولكنني يا دومني لن أسيء اليك أبدا , ألا تعرفين ذلك؟".

وأمسك بيدها ورفعها الى قلبه , وضغطها , وعلى الضوء الباهت تأملت دومني وجهه , ومن جديد لمحت معاناة الوحدة على ملامحه فظلت راقدة بلا حراك وهي ترنو اليه بعينيها الزرقاوين الواسعتين , كانت ترى غريبا ليس سوى زوجها وفي اليد التي ضمها الى قلبه الغريب , الأجنبي , المعقد , لمحت الخاتم الذهب الذي يؤكد حقوقه عليها.

.........
نهاية الفصل الثاني.........


snow whight 13-05-10 12:07 AM

جميله جدا جدا بس بليز متتاخريش علينااروج
وتسلمى يا عسل على المجهود وحسن الاختيار


الساعة الآن 12:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية