ولمحت صورتها في المرآة وهي خارجة من تحت الماء , كانت عيناها عيني أنسانة غريبة , وتأملت نفسها وقد لفت حولها منشفة , أين ذهبت دومني دان الطفلة التي كانت تبحث عن الأشباح في الغابة , وكانت تحلم في السابعة عشرة بشاب طويل ذي عينين مرحتين ,وشعر أصفر , وأغلقت دومني عينيها لتتحاشى رؤية الفتاة التي في المرآة , الفتاة التي يملكها رجل لا تحبه! منتديات ليلاس ولم تلبث دومني أن أكتشفت أن اليونانيين يفضلون تناةل الطعام في الهواء الطلق , تحت أشعة الشمس , أو على ضوء النجوم , وأن وجباتهم المسائية تبدأ في ساعة متأخرة ,وأنهم يبطئون فيها , ويتحدثون عن أشياء كثيرة , وغالبا ما ينتصف الليل قبل أن يأووا الى فراشهم , وكانت النجوم تلمع في المساء عندما خرجت دومني مع بول الى الحديقة حيث مدت المائدة المشعشعة , كانت ترتدي ثوب دانتيل بلون المشمش , وأحاط شعرها الأشقر بوجهها في تصفيفة رائعة ,وبدا بول في بدلة السهرة الداكنة أكثر طولا بجانبها , وقد جذب ببدلته الداكنة , وسلوكه الغامض الأنتباه , وجعل من دومني هدفا لعيني شابة كانت تقف ممسكة بكأس بجانب نافورة مضاءة , كانت ترتدي ثوبا خوخي اللون وأنعكست عليها أضواء النافورة , فأظهرت وجنتيها الشامختين , وعمق عينيها الغامضتين , وغزارة شعرها الأسود حول عنقها , وبخطوات المرأة الواثقة بجاذبيتها المفرطة , تقدمت من بول ودومني فأدركت دومني في الحال أن تلك المرأة هي ألكسيس , أرملة لوكاس الذي مات غرقا , وتفحصت ألكسيس دومني بنظرات فاترة وهي تسألها أذا كانت أنديلوس أعجبتها , كانت لغتها الأنكليزية سليمة جدا , وكانت لهجتها غاية في النعومة ,وقالت: " أتمنى ألا تجدي نفسك معزولة تماما عن كل ما هو متحضر في ذلك البيت الذي يملكه بول". وأستدار بول الى المائدة يسكب كأسين ,ولم تكن عمته وأخته قد ظهرتا بعد , وردت دومني بعد أن شكرت بول وهي تأخذ منه كأسها: "أعتدت الحياة في بيت ريفي". ولم تكن دومني تتوقع أن تحب ألكسيس كثيرا , أذ أحست أنها ستجدها من ذلك النوع الذي يعيش لنفسه فحسب , كان ذلك واضحا عليها كعطرها العنبري النفاذ , الذي كان منتشرا حولها وملحوظا في حركاتها الشبيهة بحركات القطة الفارسية الميالة الى الرفاهية , وأطلقت ألكسيس ضحكة عالية ,وقالت: " ذلك البيت ! ألم أقل لك من قبل يا بول أنه أشبه بالصومعة؟". ورشف بول رشفة من كأسه , وقال وهو يواجه عينيها: " قلت ذلك , ولكنه بني كذلك حتى يمكن أن يجد فيه الرجل مهربا من المدنية المزعومة". " ولكن دومني أمرأة ... وواحدة في مثل حلاوتها لا بد أن تشعر بالملل مع مرور الوقت وهي منفية في صومعتك المنعزلة , أعرف أنني شخصيا كنت سأشعر بذلك". قال بول مبتسما: " أنت مخلوقة قلقة من بنات المدينة يا ألكسيس ,ودومني فتاة ريفية , وأرجو أن تجد متعة في همسات البحر وأشجار الصنوبر ,والسير في الغابات نهارا". " صحيح؟". وأحست دومني بشعور عدائي نحو تلك الفتاة لم يسبق لها أن أحست به نحو غيرها , أذ كان واضحا أن ألكسيس لم تكن تعني بأن يكون بيت بول غير ملائم لزوجت لكنها كانت قطة جميلة تنهش في كل شيء , لتستمتع فقط بأستعمال مخالبها , فردت دومني: " أنني أحب الغابات لأنها تذكرني بوطني". وقالت ألكسيس بأبتسامة لدومني : " لا تدعي ساحرة الغابة تجذبك بعيدا يا عزيزتي .... فقد تضيعين....". وقال بول بجفاء: " عرفت هذه الغابات منذ كنت صبيا ... وأذا ضلت دومني طريقها , فسأجدها حالا , وسأعود بها الى البيت". ومنحته ألكسيس أبتسامة ناعسة من خلال أهدابها وهي تقول : " يا لك من شخص محب للسيطرة , يا بول". منتديات ليلاس ثم نظرت الى دومني وقالت: " أليس مرعبا لأنكليزية أن تتزوج واحدا من يونانيينا المستبدين؟". وأحست دومني بالتوتر وبقيت بجانب بول , وشعرت بالأرتياح عندما حولت ألكسيس أهتمامها الى وصول مضيفتهم ,وأثنين من الخدم يحملان صواني الطعام , وظرت كارا لاهثة الأنفاس في ثوب أخضر , ومعها آلة الماندولين التي وضعتها بعناية على مقعد تحت أحدى الأشجار. وقالت ألكسيس وهي تتشدق بالكلمات: " هل سنستمع الى الموسيقى أثناء تناولنا الطعام؟". ورمقتها كارا بنظرة غجرية متحفزة , وقالت: " دومني ترغب في سماع الموسيقى اليونانية , هل عندك مانع؟". وحولت ألكسيس عينيها نحو الفتاة وقالت: " ومن أكون في هذا البيت حتى أمنع شيئا؟". ثم حملقت فيها وهتفت: " أحمر شفاه يا كارا؟ هل وضعته من أجل نيكوس؟ آه... ها هو قادم ... نيكي, أبنة خالك الصغيرة وضعت أحمر شفاه تكريما لك!". |
وكان نيكوس شابا وسيما لطيفا , وفي طريقه الى بول , شد شعر كارا بدون رقة , وأحست دومني بمدى زهو أمه الأرملة به , كما أحست أيضا أن الصغيرة كارا متعلقة به وأن لم تكن تشعر بذلك تماما , ذلك أن وجهها أحتقن بشدة لملاحظة ألكسيس , ومسحت أحمر الشفاه في سرعة بمنديلها وجلس نيكوس بجانب دومني على المائدة , وساعدها حديثه الودي على الأسترخاء والأستمتاع بأطباق الطعام اليونانية , وأنطلق نيكوس بأبتسامته المرحة يشيع جوا من البهجة أثناء تناول الطعام , فكان يقدم النخب في صحة العروسين وهو يردد قولا مأثورا : الزيت من الكريم , والخل من البخيل والنخب من الأبله ! وبأختلاس نظرة نحو بول , تبينت دومني أن نيكوس يشبه صورته في شبابه وهو بملابس المقاتل الفدائي , وأحست أنه منذ ذلك الحين , تدخل الشيطان , وأحال الشاب المثالي الى رجل قاس , وتساءلت أذا كان أحد الموجودين حول المائدة يشك في ذلك , أم أنهم كانوا يعرفون ويتقبلون الأمر بأعتباره طبيعة الرجل اليوناني الناضج؟ منتديات ليلاس وقال نيكوس: "لا بد أن أنديلوس تبدو غريبة بعد أنكلترا , وأنك تشعرين حتما أنك بعيدة جدا عن وطنك!!". وردت دومني : " أجل أنكلترا تبدو بعيدة جدا ". وغمز نيكوس لعينه عبر المائدة لكارا وقال: " أذن يجب أن نبذل أنا وكارا قصارى جهدنا لنعاونك على الأحساس بأنك في وطنك.......". وأبتسمت دومني للشاب الذي ضحك بصوت مرتفع وقال: " بول... يجب أن تحافظ جيدا على أقحوانتك البيضاء هذه, وألا سرقتها منك , هل يوجد لها مثيلات كثيرات في أنكلترا؟". أبتسم بول قائلا: " تستطيع أن تذهب الى هناك في مهمة ,وحينئذ سترى بنفسك , لكنني لا أظن أنك ستجد أخرى مثل دومني تماما". وضرب نيكوس بيده على المائدة وهو مزهوا , فأنبته أمه على تصرفه الذي أهتزت له الأطباق وأدوات المائدة , وقالت: " أذا تصرفت كصبي , فسيعتقد بول أنك غير لائق بعد لمركز هام في العمل". قال بول بتؤدة: " نيكوس في حالة معنوية طيبة صوفيولا , وأنا أستمتع بسماع الخيالات التي يمتلىء بها الشباب". وأهتزت أهداب ألكسيس الطويلة فوق وجنتيها بينما كانت النظرة التي رمقت بها بول اخفي ضحكا غامضا وهي تقول: " أنك لم تصل بعد الى الشيخوخة يا بول , أن لك خيالاتك أيضا...". وتقلصت أصابع دومني حول كأسها , ذلك أنها أحست أن ألكسيس بما لها من حاسة القطة , تبينت أن بول تزوجها عن جموح خيالي وليس عن عاطفة , بول... شقيق الزوج... الغني... الجذاب....الذي لا بد أن تكون ألكسيس نفسها قد حركت خياله. وقالت كارا حالمة: " أنا أحب كل تلك الحكايات الخيالية والخرافية , أن بيت بول يبدو لي دائما ذا طابع أسطوري وهو يقع شامخا فوق صخرة النسر المطلة على البحر". وقال نيكوس مازحا في مودة: " وهل تتصورين دومني الأميرة الأسيرة؟". وأتكأت كارا على المائدة , وأسندت ذقنها الى يدها , وأبتسمت قائلة: " بل أن دومني تشبه البجعة المسحورة التي خلعت رداءها لتستحم كفتاة , والتي أضطرت لأن تتزوج الرجل الذي سرق رداءها البجعي ". ورمقت العمة صوفيولا أبنة أخيها بنظرة حادة وصاحت: "عم تتكلمين أيتها الطفلة؟ هل ترى يا بول؟ أنها تعيش في عالم وهمي ". وأفرغ بول ما في كأسه وقال: " كارا في السادسة عشرة ...طفلة". ولكن دومني لمحت بريق الغضب في عينيه , كانت أخته غير الشقيقة الوحيدة التي تملك كل عواطفه , وتساءلت دومني أذا كان يحب أن تعيش معهما , كان من الواضح أن كارا ليست سعيدة في حضانة عمتها , ذلك أن نيكوس كان يظهر لها من الأهتمام المختفي وراء مزاحه معها أكثر مما أمه تحب , بالأضافة الى وجود ألكسيس , التي لم يكن مزاحها في رقة مزاج الشاب أو براءته. منتديات ليلاس وقررت دومني أن تقترح على بول دعوة كارا لقضاء بعض الوقت معهما , وأقامتها كان يمكن أن تمتد لتصبح دائمة , أذا وجدتها أقامة سعيدة ,وكانت دومني متأكدة من ذلك , أذ كانت كارا متدفقة الحيوية ,وموسيقية , وكان بيت بول بحاجة الى قفزات الشباب في أرجائه , والى ضحكات تعيد النبض اليه , ذلك النبض الذي خلا منه خلال السنوات القليلة الفائتة. وأفاقت دومني من شرودها عند ذلك الحد , لتجد ألكسيس تحملق فيها وأبتسامة صغيرة على شفتيها , ثم تحول بصرها ناحية بول ,ولمحتها دومني تزم فمها الأحمر وهي تقيس بعينيها عرض كتفيه , ثم ترتفع بهما الى الشفتين المطبوعتين بالتصميم , وبالحدة , وبالرغبة. وعندما نهض الجميع من حول المائدة , لتناول القهوة على المقاعد الموضوعة تحت الأشجار , أحست دومني بأن ألكسيس تراقبها وبول يحيط كتفيها بوشاح من الدانتيل , وينزع من شعرها حشرة صغيرة أستقرت فيه ورغم أنها كانت لمسة خفيفة , لكنها كانت تنطق بالتملك ليشهدها الجميع.... تملكها من شعرها الأشقر , حتى قدميها الصغيرتين في الحذاء الفضي.... هي الأنكليزية الباردة الرقيقة.... كانت ملكا للزوج اليوناني المستبد.وتوترت ألكسيس أذا رأت بول يوجه دومني الى المقاعد الأكثر أنعزالا. .......نهاية الفصل الثامن....... |
سلااام وييينك تاخرتي متحمسه للبقيه
|
اقتباس:
الروح الهائمة شكرا لمرورك ومتابعتك للرواية نوررررتي حبيبتي تحيااااااتي لك ياعسل |
9-شال الياسمين ....................... سبق لدومني أن أستمعت الى الموسيقى اليونانية القديمة في أثينا , لكنها تبينت أنها لم تكن شيئا يذكر بالمقارنة مع سحر الأنغام التي عزفتها كارا – وكانت كارا تغني بنعومة تارة باليونانية , وأخرى بالأنكليزية , وسرت رجفة في أعماق دومني مع نهاية كلمات الأغنية الحزينة. " لا أستطيع أن أموت ألا أذا كنت بجانبي أيها الوجه الروحاني , أيها الملاك , مع آخر أنفاسي قبلني حتى الموت". وأحاط بول كتفي دومني بذراعه في قوة وسألها: " هل تشعرين بالبرد؟". فهمست وهي تشعر كأن أصبع القدر تسللت خلال ظلمة الليل فتسرع من خفقان قلبها تحت يد بول: " كلا, أنها الموسيقى , وتلك الأغنية الصغيرة الحزينة". وقفزت ألكسيس واقفة على قدميها وقطعت روعة الغناء قائلة وبريق غريب في عينيها: " دعونا جميعا نذهب الى ملهى ( القناع الفينيسي) لنرقص.... سيكون ذلك أكثر بهجة من الجلوس هنا والأستماع الى موسيقى كارا الحزينة , لا بد أن آل فانهورن هناك وربما يكون باري سوتيرن أنضم اليهم , أنه يحب الرقص". وقال نيكوس بتكاسل وهو يمد ساقيه الطويلتين فوق سور الحديقة: " أنت نشطة أكثر من اللازم يا ألكسيس , ولكنني أحب الموسيقى التي تعزفها كارا". عادت ألكسيس تقول بنفاذ صبر: " آه , هيا بنا , سيكون لدينا متسع من الوقت للجلوس وسماع الموسيقى عندما تكبر , الآن أفضل الرقص , وفرقة الموسيقى في الملهى جيدة للغاية". وقالت دومني وقد خفق قلبها لدى سماعها من ألكسيس أن باري ربما يكون قد ذهب الملهى : " أنا أفضل الذهاب...". وقال بول مرغما: " حسنا سنذهب أذا لم تكوني متعبة". وبمرح أنفلتت دومني من بين ذراعيه وهي تقول: " وهل يمكن أن يصاب الأنسان بالتعب في اليونان؟". ثم ذهبت مع الفتاتين لأعادة تنظيم شعرها , ولأحضار وشاح , بينما رفضت العمة صوفيولا الأنضمام الى المجموعة , معلنة أنها تخطت عمر الذهاب الى الرقص ,وضحك نيكوس قائلا: " نراك في الصباح!". منتديات ليلاس ثم أنحنى وقبل وجنتها , فأمسكت بكتفيه لحظ ,ونظرت اليه بشغف , ثم تركته يذهب , دافعا بأبنة خاله داخل سيارة ذات سقف منخفض , وكانت ألكسيس على وشك الدخول في سيارة بول ,لكن نيكوس أمسكها من خصرها , وقال مازحا: " ستركبين معنا , ما زال بول ودومني في مرحلة الرغبة في الأنفراد". قالت ألكسيس متجمدة وهي تشير الى سيارته: " سنتحطم في هذه الحشرة". |
الساعة الآن 09:41 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية