منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   23 - لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t119847.html)

Books_king 21-09-09 05:37 PM

23 - لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة )
 
السلام عليكم وكل عام وانتم بخير

هذه اول رواية انزلها ان شاء الله تعجبكم

Books_king 21-09-09 05:39 PM

لا احد يشبهك




- هل فكرت بنتائج عملك
- أجل ، أنا والسيد موريل وإبنته سنكون وحدنا في القصر وعندها سيبدأ الهمس والتساؤل في القرية

ظن هاري موريل، على أثر حادثة مروعة شوهت وجهه، انه عانى ما يكفي، ولم يعد في حياته مكان للنساء, ولا مشاعر ما عدا الكراهية وعدم الثقة.
لكن لماذا يجب أن تهتم كارولا بهذا، فوظيفتها هي تعليم إبنته الصغيرة، وعليها أن تحصن قلبها وعواطفها ضد آراء هاري موريل وتصرفاته القاسية، وإلا ستعاني من إذلاله لها.منتديات ليلاس




رابط تحميل الرواية



http://www.liillas.com/up2//./extension/rar.gif

Books_king 21-09-09 05:54 PM

1 - ممنوع الدخول




تلألأت أبراج قصر "بكلاند" الطويلة بالأنوار الغريبة، نتيجة أنعكاس اضواء سيارة كارولا وارندر التي أوقفتها وبسرعة فائق، بعد عبورها الطريق الداخلية للقصر الذي تستخدمه كطريق مختصر للوصول إلى منزل عمتها. سادت العتمة المخيفة، بعد إطفاء مصابيح السيارة، وكذلك الصمت الرهيب مما جعلها ترتجف خاصة عندما سمعت نعيق الشؤم ينبعث من بين الأشجار.
منتديات ليلاس
قصر "بكلاند"َ كان فارغا منذ أكثر من سنتين ... أبراجه المرتفعة تناطح السماء، أرضه الواسعة المهجورة مليئة بالعشب والأشواك الضارة. خلال عطلة الصيف، منذ ستة أشهر، جابت كارولا حديقته الموحشة مفكرة بإستئجار عمال لإصلاحها وتنظيفها، لكن عمتها إيما منعتها بشدة من التدخل.

القصر الآن، للغرابة مسكون من جديد، أنوار تتلألأ ساخرة في وجه كارولا وهي جالسة في سيارتها تحدق عابسة ... يا للغرابة! إن العمة إيما لم تذكر هذا في رسائلها... أدارت محرك السيارة تواقة إلى إستبدال هذه العتمة المخيفة بدفئ منزل عمتها... وهبطت الطريق أمامها هبوطا حادا أخفى جدارن القصر المرتفعة والذي تم إصلاح مزاليج أبوابه الصدأة، المهجورة منذ سنوات، وقد أقفلت الآن وللمرة الأولى، وعلقت لوحة كتب عليها "ممنوع الدخول".
إبتسمت كارولا في نفسها... سيكون من المسلي معرفة المزيد عن شاغلي القصر الجدد، وعمتها إيما لا شك قادرة على تنويرها فهي تمتلك "قاعة الشاي" الوحيدة في القرية، تلك القاعة التي طالما أسمتها كارولا "قاعة الاخبار" فمعظم الشائعات والفضائح تنتقل عبرها من شخص لآخر خلال تناول فنجان الشاي.

- كارولا يا أبنتي ... كنت أتوقع وصولك منذ نصف ساعة... لم تعجبني أبدا فكرة القيادة ليلا خاصة لإمرأة وحدها.
- توقفي عن القلق... لقد وصلت سالمة.
إيما نورد،بنفسيتها الوقورة وطبيعتها المدققة كانت الأم والأب لـ كارولا منذ كانت في الثانية عشرة، بعد فقدانها لوالديها إثر حادثة غرق يختهما. كانت الحادثة ضربة موجعة للطفلة، لكن العمة المترملة حديثا آنذاك، سارعت لضمها تحت جناحها لتعويضها عن الخسارة بحنان رائع أنسى كارولا مصابها، حيث عاشت مع العمة حياة ملؤها السعادة الهناء.
وضعت العمة طبقا من الحساء أمام كارولا.
- إشربي الحساء، قبل أن نتحدث.
نبرة الصوت هذه تعرفها كارولا منذ نعومة أظافرها، نبرة تعبر تماما عن حالتها النفسية عندما تكون منزعجة من شيء ما وانزعاج العمة الآن يبدو واضحا. والسبب واضح كذلك. إنه استالقة كارولا من وظيفتها كمدرسة بعد خدمة خمس سنوات.
- لماذا فعلت هذا؟ لماذا ضيعت تعب خمس سنوات؟
- ليس الأمر وليد الساعة عمتي... منذ وقت طويل وأنا أحس بأنني مخنوقة... فقررت منح نفسي إجازة طويلة قبل أن أبحث عن عمل في مجال آخر يكون أكثر إثارة للاهتمام.
- وما هو أكثر أهمية، أو مكافئة من التدريس؟ لا تبتسمي لي بهذا المتسامح!
بلعت كارولا ريقها، ودفعت خصلة من شعرها الحريري وراء أذنها وقالت :
- ألا تعجبك فكرة وجودي في المنل لفترة؟
هجوم كارولا اللطيف على عمتها كان من أفضل وسائل الدفاع عن نفسها لذا ابتسمت منتصرة عندما شاهدت تعابير وجه العمة توحي بالهدوء والسكينة.
- بل من الرائع أن تعودي للعيش معي في المنزل مجددا... أنت الآن في الخامسة والعشرين وأعتقد أنك تدركين ما هو المناسب لك؟
أرتاحت كارولا لاقفال الموضوع خاصة وأن عمتها لم تصر على طلب تفسير للأمر... واخذت تراقب العمة وهي تحضر الشاي... وغرقت في ذكريات الماضي. ذكريات الطفولة، يوم دخولها هذا المنزل الريفي وهي طفلة. بل وقبل هذه الفترة أيضا عندما تركت لوحدها في رعاية خدم بسبب إصابة والديها بجنون التجول والسفر الدائم بهدف استكشاف أجزاء العالم المختلفة. وبعد موتهما ترك الامر لعمتها ايما لتعلمها معنى النظام والتقيد به. الى جانب أشياء اخرى، منها إحترام خصوصية افكار ورغبات الآخرين... ((لا تقتحمي خصوصية غيرك ما لم يدعك تفعلين)).

وضعت العمة إبريق الشاي وفنجانا أمامها
- عند مروري بقصر "بكلاند" رأيته مضيئا. لم أكن أدري أنه عاد مسكونا، لذلك عبرت طريقه الخاصة لأصل الى هنا.
هزت العمة رأسها الرمادي بحزن:
- اوه يا عزيزتي ... بلدة لونغفيلد لم تعد كما كانت منذ قدوم هاري موريل وإبنته إلى القصر منذ ثلاثة أشهر مع مجموعة من الخدم.
حب الفضول والاستكشاف حركا ذهنها لكنها لم تجد الصدى لذلك فأسرعت تقول:
- موريل؟ اسم غير عادي! ربما ليس أمريكيا، هل جاء الى هنا بعد أن تقاعد عن العمل؟
- لا أظن هذا. لمحته يوما، وبدا لي شابا. إنه رجل أسمر... شرس المنظر يسير في الشارع وكأنه مالك له.
- إبنته؟
- إنها في السابعة من عمرها. سمراء جميلة، مثيرة للشفقة.
- هيا الآن عمتي... أية إشاعات استخلصتها من "قاعة الأخبار"؟
- القليل... ما عدا البعض منها تسللت من القصر الى البلدة. حصل حادث من سبعة أشهر، قتلت فيه زوجته وابنه البالغ عشر سنوات. هذا كل ما لدي لك من أخبار. كما أن السيد موريل لم يفتن رجال القرية بسبب إقفاله الدائم لأبواب القصر، ووضع لوحة كتب عليها ممنوع الدخول.

Books_king 21-09-09 05:57 PM

تصورت كارولا مدى انزعاج القرويين، لكنها أعطت الحق لهذا المالك الجديد في إقفال الأبواب... وتابعت العمة:
- اسمتر القصر خاليا لسنوات، ولا يمكن لوم احد في استخدام ارضه كطريق مختصر نحو الشاطئ. كما أن المالك القديم لم يكن يمانع في ذلك أما الآن وعلى من يرغب في الوصول الى الشاطئ أن يستخدم الممر القديم.
- حيث نما السرخس والنبات البري بنسبة غير عادية وما تبقى من الممر أصبح منزلقا بسبب قلة الاستخدام وطبقات الطحلب.
- بالضبط.
- ألم يتمكن أحد من يحث هذا الأمر مع السيد موريل؟ فقد يعيد النظر في إعادة فتح الأبواب للعموم؟
- هاري موريل لا يقابل أحداً. إلا اذا اضطر لهذا... وبناءً لموعد فقط... اما خطر استخدام الطريق القديم فهو من مسؤولية مجلس بلدية القرية، وكما سمعت، لقد ابلغهم السيد موريل أنه لا ينوي السماح بإستخدام أملاكه كممر عام.
- لا يبدو دمث الأخلاق مطلقا.
- ستعرفين كم فظ عندما أخبرك أنه استخدم أكثر من أربعة مربيات لإبنته خلال ثلاثة أشهر، كل واحدة منهن كانت تهرب مقسمة على عدم العودة مهما كانت الاغراءات.
- مربيات؟
- أجل... فحالة ابنته لا تسمح لها بالانتساب الى مدرسة... ولقد نشر موريل إعلانات بهدف الحصول على مربية لها، تكون في نفس الوقت مدرسة، وحظي بالعديدات منهن، آخرهن غادرت يوم الثلاثاء، وكما عرفت لم يحظ بغيرها بعد.
دارت فكرة العمل كمربية ومدرسة في رأس كارولا فقالت:
- أتساءل...
- كارولا ... انت لا تفكرين بالتقدم لهذا العمل أليس كذلك؟
رفعت كارولا عينيها لتنظر مباشرة الى عيني عمتها:
- ولم لا؟ فـ أنا عاطلة عن العمل أبحث عن عمل مختلف عن السابق... وعند السيد وظيفة قد تكون تحديا...
- عرفت أنه ظالم. رجل دون قلب.
- أنا أفكر بـ إبنته واضح أنها بحاجة إلى من يرعاعها. أتعتقدين أنني لو كتبت له، سيمنحني فرصة لمقابلته؟
- ما من شك في هذا ... ولكن ...
- إذن... سأفعل هذا فوراً
ولمع بريق المعركة والتحدي في عيني كارولا. مما جعل العجوز تتنهد مستسلمة:
- كارولا عزيزتي... فكري جيدا قبل أن تورطي نفسك مع الرجل.
- لا ضرر من المغامرة، كما أني لست مضطرة لقبول الوظيفة اذا لم ترق لي... أما القرار فلا يمكن إتخاذه إلا بعد مقابلته.
انطلقت كارولا في الصباح التالي نحو مركز البريد، ومعها رسالتها التي كتبتها بعناية. مستمتعة بشمس الشتاء المعتدلة التي تدفئ بشرتها، وهي سائرة في شارع تتجمع منازله الريفية أمام سطح تلة مليئة بالأشجار. نادراً ما كانت تستخدم سيارتها للتنقل في البلدة الصغيرة التي تخترقها السواقي الشتوية المندفعة من التل المغطى بغابة كثيفة تنتعش فيها حياة الطيور.
يطل خليج المكسيك من خلف الأشجار الصنوبرية التي تصل حتى الشاطئ، وخلال فصل الصيف يصبح الخليج الصغير للبلدة والذي تحميه تلتان مرتفعتان عىل جانبيه، جنة للمتزلجين، وراكبي متن الأمواج العالية، والصيادين.
أبراج قصر "بكلاند" كانت ظاهرة بوضوح عبر الأشجار، ففكرت كارولا بسرعة بالسبب الذي جاء بها إلى قلب القرية... ربما كانت متسرعة في كتابة طلبها هذا لوظيفة مربية في ذلك القصر... لكن هذا العمل سيكون أمراً مختلفا جداً عن العمل الروتيني الذي سئمت منه. إستبدال صفا من ثلاثين ولدا، بفتاة واحدة قد يكون أكثر صعوبة، وهذا يتوقف على قدرات التلميذة.
منذ مقتل خطيبها ديفد بايتون في جنوب أفريقيا، حيث كان يعمل جنديا مرتزقا، قبل سنة تقريبا، اصحبت غير مستقرة في عملها، ترغب في التغيير الذي الذي قد يجعلها تنسى الفراغ الذي سببه مقتله... إستقالتها لم تكن بالتالي مفاجئة لزملائها... كلنها الآن بعد عودتها من هناك الى بلدتها الصغيرة اصبحت اكثر استعدادا لتفضيل هذا المركز المعروض امامها.
هاري موريل... يخيل إليها انها تعرف هذا الإسم؟
بعد خروجها من مركز البريد وقفت لتستمتع بأشعة الشمس من جديد واستنشقت ملء رئتيها الهواء العليل النقي قبل أن تنطلق عائدة الى منزل عمتها التصل "قاعة الشاي" حيث رائحة البسكويت المخبوز الطازج كانت في استقبالها عند المدخل
ورأت رجل قوي البنية وافقا. يتحدث مع عمتها، لكنهما توقفا عن الحديث لحظة دخولها. قالت لها العمة:
- كارولا، اعرفك على د.مارك كيندي... لقد استلم عمله كطبيب هنا، مكان الدكتور درو العجوز.
استدار الطبيب نحو كارولا واخذت عيناه الرماديتان تتفحصانها بسرور ظاهر:
- لقد سمعت الكثير عنك آنسة وارندر... لكن احداً لم يكلف نفسه عناء القول بأنك جميلة جداً.
أحمر وجه كارولا، وضحكت لاخفاء حرجها.
- أنت صريح جداً د.كيندي
- لا اؤمن باخفاء مشاعري انني معتاد على الصراحة في كل أعمالي وآرئي... اقول ما يجول في خاطري دون تكلف.
- إنها ميزة تثير الاعجاب... لكنها ليست حكيمة دائما
نظر الطبيب الى ساعته:
- ربما... آنسة وارندر استميحك عذراً على القيام ببعض الزيارات للمرضى، هل تسمحين لي بزيارتك هذا المساء؟
فـ ابتسمت وردت بـ أدب:
- سـ أتشوق لـ رؤيتك مجدداً د.كيندي.
بعد انصرافه قالت العمة:
- انه شاب ظريف

استدارت كارولا تقول لعمتها محذرة:
- عمتي ايما ... لا تبدأي بـ ممارسة الضغط على بهدف الزواج منذ اول يوم لي هنا. ثم انني لست مستعدة بعد لمبادلة العواطف مع مطلق أي رجل.
- آن لك أن تنسي ديفد يا عزيزتي، وتجعليه من الماضي. كل أمرأة بحاجة لأن تُحَب وتُحِب، خاصة انت لانك تملكين طبيعة سمحاء دافئة يجب أن تتوجه نحو زوج وأولاد لك. وكلما طال انتظارك كلما اصبحت أشد حساسية وفي النهاية ستجدين نفسك مركونة على الرف مع العانسات المنعزلات.

فهزت كارولا كتفيها :
- ليس لدي رغبة في اصبح عانسا عمتي، لكنني...
- اقترح عليك اذن ان تفعلي شيئا. لقد اصبحت في الخامسة والعشرين وهذا سن مناسب لتكوني زوجة ولتكوين اسرة سعيدة فلا يمكنك الانتظار أكثر.
لو ان احدا غير عمتها حدثها بهذا الاسلوب لفقدت السيطرة على اعصابها، وهذا امر نادر الحصول مع عمتها. فضحكت قائلة :
- يا للسماء عمتي. هل تتوقعين مني الزواج من اول رجل التقيه؟

هزت العمة رأسها بثبات :
- لا يا طفلتي. لكن لا تصدي كل رجل عند رؤيته. اعط نفسك الفرصة لتتعرفي اليه.
لمعت عيناها الزرقاوان مرحا :
- اتعنين مارك كيندي؟
- رجل في سنه ومركزه تتمناه كل فتاة
فهزت كارولا رأسها :
- يبدو أنك اخترت لي الزوج المناسب.
- لا تحرمي أمرأة عجوز من أحلامها يا طفلتي.
- الأحلام لا تتحقق دائما يا عمتي... لكني اعدك ان اكون لطفية معه اذا كان هذا يسعدك.
وانحنت من فوق الطاولة تقبل وجنتها.

Books_king 21-09-09 05:59 PM

ارتدت كارولا ملابسها بعناية ذلك المساء تهيؤا للزيارة الموعودة. فبدت جميلة انيقة بلمسة صغيرة من الزينة على وجهها. لقد انعم الله عليها بـ بشرة صافية لا تحتاج الى عناية، ما عدا في أشهر الصيف عندما تتلاعب الشمس بـ بياض بشرتها.
كانت العمة ايما تيحك الصوف امام النار فـ ابتسمت معجبة عندما اطلت كارولا بـ طلعتها الجميلة.
منتديات ليلاس
- انت صورة عن امك عزيزتي. كنت اظنها اجمل امرأة عندما جاء بها اخي لـ أول مرة الى منزلنا لـ لقاء والدي.
- كانا سعيدين معا... اليس كذلك عمتي؟
- اجل يا طفلتي. وانت اكملت عليهما سعادتهما. مع انهما كانا يضطران لـ تركك بـ استمرار بسبب سفرهما المتواصل والذي كان يتعارض مع تعليمك وتوجيهك.

ورحلت بـ ذكرياتها الى ايام الطفولة. كانت ليالي الشتاء قرب الموقد ممتعة والعمة ايما تصب ما عندها من قصص مخزونة كانت تسليها.

طرق مارك كيندي الباب الامامي قاطعا على كارولا حبل افكارها فوقفت على الفور تفتح له الباب. لم يجهد نفسه بـ اخفاء إعجابه.. ومع انها كانت معتادة على كلمات الاعجاب من الرجال الا انها احمرت قليلا وسحبت يدها من يده لـ تتقدمه ىل غرفة الجلوس حيث رحبت به العمة :
- مارك يا فتاي الطيب. تعال واجلس بقربي هنا اقيس طول ذراعك.
فرد بـ حرارة وهما ينضمان اليها قرب النار :
- لطف كبير منك سيدة نورد ان تحيكي لي هذه الكنزة. علمت أن ليالي الشتاء هنا باردة. لكن الطقس ما زال معتدلا بشكل مدهش.
واستمرا بالحديث لكن كارولا لم تعد تصغي لهما ركزت اهتمامها بما تحيكه عمتها. اذن لقد التقطت عمتها شخصا هائما آخر لتعتني به. وتشبع هوايتها في تبني الناس كبارا كانوا ام صغارا انها هواية اعتادت عليها كارولا ومن الطبيعي ان يحظى د.كيندي الذي يعيش وحيدا دون زوجة بعطفها الامومي. خاصة ان في سيماء وجهه نظرة "الولد الصغير الضائع".
رفعت نظرها فجأة لتلاحظه يحدق بها... ابتسم بـ حياء وقال :
- عمتك تدللني من وصلت الى القرية منذ اربعة اشهر.
- عمتي ايما مدللة كبيرة. لكنها تصبح مستأسدة رهيبة في بعض الاعيان لانها تؤمن ان من واجبها التأثير على من تهتم بأمره.
فتمتمت العمة دون اهتمام :
- هراء. انا لا ادلل الناس ولست مستأسدة كذلك لكن عندما يدفن احدهم رأسه في الرمال غالبا كالنعامة فهناك امر واحد يجب فعله وهو ان اسحبه له
فعلق مارك ببراءة :
- من المذهل كيف يتصرف الناس هكذا

فنظرت العمة الى كارولا :
- اجل ... امر مذهل.
وعادت للحياكة ثانية فاخذت السنارتان تلاسلان رسالة اشعلت روح المرح عند كارولا. وقد قال مارك بعد انفجارها بالضحك :
- اقلت شيئا مضحكا؟
- لا
وتساءلت في نفسها عن موقفه فيما لو عرف هذه الالغاز واكملت :
- عمتي كانت تقرصني في اذني قليلا .. وسجلت علامات مؤكدة.
لم يتظاهر مارك بانه فهم سبب ولم يضغط ليحصل على تفسير وهذا ما جعلها تشعر بالارتياح والشكر وبعد انسحاب العمة طلبا للنوم قال لها مارك :
- اخبرتني عمتك هذا الصباح انك تفكرين بتقديم طلب للعمل في قصر "بكلاند".
- الامر ليس مجرد فكرة بل نويت فعلا
- لا ارغب في التدخل كارولا... لكن أتظنين انه قرار حيكم
- اخبرني مارك... لماذا يصر الجميع على نصحي بأن لا افعل؟
- الجميع؟
- نعم... عمتي ثم موظفة البريد والآن انت.
- انا لا انصحك بان لا تفعلي. لكنني اتساءل عما اذا كنت تدركين ان حصولك على الوظيفة يعني الاقامة في القصر.
- وما الامر الفظيع في هذا؟
فأحمر وجهه قليلا :
- ستعيشين لوحد، دون مرافقة، مع هاري موريل وابنته روزي.
- انا لست ممن يمزج العمل بالمرح يا مارك. وانا متأكدة ان السيد موريل ايضا لا يبحث عن علاقة حب بعد موت زوجته خاصة وانه لم يمض على وفاتها زمنا ليسمح لنفسه بذلك.
فقال بهدوء :
- انت فتاة جميلة يا كارولا. جميلة لدرجة تغيرين بها رأي أعند العزاب.
هل يشير بكلامه هذا الى نفسه؟ وتسارعت دقات قلبها قليلا فحاولت تغيير الموضوع بسؤاله :

- هل قابلت السيد موريل؟
- لوقت قصير عندما استدعاني لفحص ابنته.
- كيف يبدو؟
صمت الطبيب مفكرا ثم رد بهدوء :
- اظن من الافضل ان ادعك تعرفين بنفسك... وسنتبادل الملاحظات عنه فيما بعد.
- لست متأكدة انه سيعتبر طلبي مهما
- مما عرفته انه يائس من امكانية تركيز الدروس في ذهن ابنته ولن ينجح كثيرا في ذلك الا اذا غير من تصرفاته مع الطفلة.
- تصرفاته؟
- روزي غير مسموح لها بحرية الانخراط واللعب مع الاطفال، فأصبحت مكبوتة منزوية. وتعليمات والدها حول تربيتها هي السبب الحقيقي للخلاف القائم بينه وبين المربيات السابقات... اسمعي دعينا نتكلم عن انفسنا قليلا وننسى مشاكل قصر "بكلاند". هناك مطعم صغير جميل عند الخيلج يقدم افضل الاسماك في المنطقة ما رأيك فيما لو دعوتك على العشاء مساء الاسبوع القادم؟
امسك بيديها يضغط بلطف محاولا اقناعها وهي تحدق به مفكرة غير قادرة على نزع صورة السيد موريل والحديث عنه من افكارها.
- انني سعيدة بدعوتك كثيرا، مارك.
عندما رافقته الى الباب التفتت دون شعور الى ناحية القصر... ماذا يجري حقا خلف هذه الجدارن الحجرية؟ هل الأب والإبنة لا يزالان يعانيان من آثار الحادثة التي دمرت حياتهما، ام ان هناك تفسير آخر لتصرفاتهما؟
اختفت أنوار سيارته الخلفية فتنهدت كارولا... قد يكون مارك صديقا محترما. وأملها ان لا يطلب اكثر من الصداقة. فهي لا تستطيع تصور نفسها زوجة لطبيب بالرغم مما تفكر به عمتها. ثم يجب ان يكون الرجل الذي سيعيد ايقاظ قلبها بعد الحب الذي عرفه لـ ديفد باتون، يجب ان يكون شخصا مميزا.
اصبح الوقت الان متأخرا لسحب طلبها ولا شيء يمكن ان تفعله سوى الانتظار, ولا يستطيع احد اجبارها على القبول بوظيفة لا تعجبها ولديها مطلق الحرية برفضها.
هذه الفكرة اراحت نفسها وهي تطفئ الانوار وتتجه الى غرفتها. لكنها حلمت بالقصر تلك الليلة. لساكنيه صور مظلمة مظللة بقيت دون وجه... ولدقائق لا متناهية اتلقت في الظلمة تحاول تركيز تفكيرها في امور اكثر استساغة. الى ان عادت الى نوم دون احلام.

Books_king 21-09-09 06:01 PM

نهاية الفصل الاول

Books_king 22-09-09 09:04 AM

2 – لا تنظري خلفك




استدعاؤها للذهاب الى القصر وصلها بيد مبعوث خاص بعد الغداء في اليوم التالي. واعادت كارولا قراءة المذكرة لتقنع نفسها بالمحتويات الموجزة اذ بدأت بلهجة صارمة وخط واضح :
((الآنسة وارندر العزيزة
أتوقع حضورك عند الساعة السابعة من هذا المساء، حاملة معك الوثائق اللازمة المتعلقة بالوظيفة موضوع الطلب.

هـ. موريل))

في رسالته حدد موريل موعد المقابلة دون ان يسألها اذا كان الموعد مناسبا لها واستنبطت بأن هذا امر وعليها إطاعته وتنفيذه...
فاندفعت كارولا متوجهة الى الهاتف وفي نيتها الاتصال بهاري موريل لتقول له رأيها به بالوظيفة بكل صراحة... فجأة اجبرتها روحها المرحة على انقاذ الموقف فتخلت عن الفكرة اما رغبتها في المضي بمشوراها الجديد بغض النظر عن الانطباع الذي تملكها في هذه اللحظة.
منتديات ليلاس
تسللت انوار سيارتها عبر الظلمة لتسطع على اللوحة النحاسية التي تحمل اسم "قصر بكلاند" وكانت الابواب الحديدية الضخمة امامها... مقفلة.
توقفت امامها سائلة نفسها:
- ماذا الان؟ هل اخرج لافتحها بنفسي ام من المفترض ان اضغط على الزامور الى ان يحضر احدهم لفتحها؟
ما ان توقفت سيارتها على بعد متر واحد من الابواب حتى شهقت وحدقت بذهول. الابواب الثقيلة تتحرك بكل نعومة ودون صوت لتنفتح على مصراعيها سامحة لها بالدخول وكأنها فكا حيوان هائل ينتظر ابتلاع فريسته.
احست بشعور غريب انها قد علقت في فخ لكنها نفقت الافكار السوداء عنها وتابعت الطريق الملتوية من خلال الاشجار المرتفعة الى القصر المبني منذ عشرات السنين على الطريقة الانكليزية.
كانت ساقا كارولا ترتجفان عندما صعدت درجات السلم العريض الى الشرفة الامامية... الانوار كانت تشع من غرفة الجلوس خلف ستائر جاجبة... تلك الليلة كانت ليلة مظلمة فالغيوم تجمعت منذ بعد الظهر تنذر بهطول المطر لم تخف يوما من الظلام الا ان الصمت المرعب المحيط بها جعلها ترتعش. استجمعت قواها ورفعت المقبض النحاسي فوق الباب لتقرعه مرتين.
فتح الباب على الفور واستقبلها رجل يرتدي بزة رسمية ليسألها بكل ادب عن اسمها ثم قادها الى ردهة ضخمة باهة الاضاءة. لقد مضى الان سنتان على زيارتها الاخيرة للقصر فلم يتسنى لها الوقت الكافي للنظر فيما يحيط بها والخادم المتصلب الظهر يقودها الى غرفة جلوس مضاءة. واشار الى باب في الناحية الاخرى من الغرفة قائلا:
- السيد في مكتبته. بأمكانك الدخول سيدتي.
امرها صوت عميق اجش بالدخول بعد ان دقت الباب فادارت المقبض النحاسي اللامع وخطت الى الداخل بساقين مرتجفتين. بدخولها من غرفة الجلوس الساطعة الانوار الى المكتبة التي لا ينيرها سوى مصباح فوق الطاولة اصيبت بعمى مؤقت في نظرها وارتبكت اكثر لسماعها صوت رجل يقول :
- يا إلهي... انت هيلين بنفسها!
سارعت ترد مرتجفة:
- انا... استميحك عذرا؟
- سيدة طروادة التي جرت بوجهها الملائكي خلفها الف سفينة...
تفضلي بالجلوس آنسة وارندر.

فجلست منصاعة للأمر الا ان الرجل بقي واقفا مديرا ظهره الى النور مما سمح له وبدون في رؤيتها بوضوح ولم تر من هذا الرجل سوى رأس مرتفع بكبرياء وجسد نحيل قوي فالظلمة ابقت قسمات وجهه مخفية عنها.
- من اين انت؟
- انا كارولا وارندر. امريكية المولد بلدتي لونغ فيلد عشت فيها منذ بلغت الثانية عشرة من عمري وهاجرت الى جنوب افريقيا وعملت فيها مدرسّة لمدة خمس سنوات.
- وما الذي جعلك تتقدمين لهذه الوظيفة؟
- انا بحاجة لها. وانت تعرف ذلك سيد موريل.
- لكنني لم انشر اعلانا عنها في الصحفية المحلية.
- لا. اخبرتني عمتي بأنك ... قد تكون محتاجا لمعلمة.
- عمتك؟
- ايما نورد... انها تملك "قاعة الشاي" الوحيدة في القرية.
- هاه. هل احضرت معك اوراقك الرسمية؟
- نعم.

واعطته المغلف رافعة بصرها اليه فتقدم نحوها ليصبح في دائرة الضوء فوجدت نفسها تنظر الى ندبة جرح بشعة تمتد من صدغه الى فكه في الجهة اليمنى من الوجه. فتقلصت عصلات معدتها لكن التحدي في عينيه اعادها الى صوابها، فقالت:
- ستجد في هذا الملف كل ما هو مطلوب، دقيقا ومرتبا.

لمعت عيناه سخرية، وبقيت تنظر اليه بهدوء وصمت. لكن قوة نظرته المتفحصة والثابتة عليها حولتها الى كتلة من الاعصاب المتوترة المرتجفة لدرجة انها اخفت ذلك الجرح الذي يشوه خده.

كما ان اصابع اليد التي قلبت اوراقها الخاصة بانت لها رغم نعومتها وقصرها، جميلة وقوية أضف لذلك جمال شعره الاسود القاتم وجبهته العريضة. له حاجبان كثيفان منعقدان بتقطيبة لا تنم عن شخصية واعدة إطلاقا.

Books_king 22-09-09 09:06 AM

اخيرا قال وهو يعيد لها اوراقها:
- من الملاحظ انه ليس لديك خبرة في التعليم الافرادي الخاص.
- لا. انها التجربة الاولى ولكن في مضمار التعليم ان علّمت واحداً او ثلاثين يبقى الاساس واحد.
- ليس تماما آنسة وارندر فالوظيفة المعروضة هي العمل كمربية. وهذا يعني ان تعملي ليل نهار. فهل باستطاعتك ممارسة هذا النوع من العمل؟
- لست ارى سببا يمنع. فأنا مولعة جدا بالاطفال.
- لكنك صغيرة السن آنسة وارندر.
- انا في الخامسة والعشرين.
- صغيرة. صغيرة جدا على هذا النوع المعروض من العمل.
احست كارولا بالاحباط:
- هل يعني هذا رفضك لطلبي سيد موريل؟
ساد صمت متوتر واجها خلاله بعضهما، منتظرة بقلق شديد جوابا على سؤالها.
- لا استطيع رفض طلبك (وفرقع باصابعه) لكن يجب ان اعترف ان امرأة اكبر سنا ستكون مناسبة اكثر فانا اعيش هنا وحيدا مع ابنتي آنسة وارندر، والوظيفة تفرض عليك السكن معنا. فوجود امرأة مسنة في منزلي منطقي ولا يثير تساؤل. لكن وجود شابة مثلك قد يثير الشبهات.
- ادرك هذا سيد موريل.
- لا يبدو ان هذا يزعجك كثيرا.
- لا. لا يزعجني.
- لماذا استقلت من عملك السابق؟
- اردت التغيير وكذلك الابتعاد عن جنوب افريقيا.
- وهل لرجل علاقة بهذا القرار؟
- اجل. بطريقة غير مباشرة.
قررت على الفور ان ردا بسيطا بالقبول او الرفض هو الافضل لانهاء هذه المقابلة فقالت:
- سيد موريل. انا...
فقاطعها بطريقة فجائية وترت اعصابها:
- هل اقترحت عليك عمتك العمل عندي؟
- لا. بل نصحتني بالابتعاد عن ذلك.
فـ ألتوت اطراف فمه:
- صراحتك جديرة بالثناء.
- هل سـأحصل على الوظيفة؟
- آنسة وارندر، ان الظروف التي احاطت بإبنتي منعتها من التحصيل والتقدم خاصة خلال الاشهر السابقة ونظرا لهذه الظروف لا يسعني الى القبول لانني لم اعد استطيع تحمل الانتظار. فوضع ابنتي التعليمي لا يحتمل التأجيل اكثر من ذلك.
- أيعني هذا...؟
- يعني انك حصلت على الوظيفة، هذا اذا كنت لا زلت تريدينها بعد شرح التفاصيل لك؟
- شكرا لك.
وتنهدت تسترخي في مقعدها شاعرة بنوع من الرضى لم تستطع تفسيره. لكنه قال ساخرا:
- لا تشكريني بعد آنسة وارندر، فـ روزي طفلة متوترة حساسة جدا. منذ وقوع الحادث الذي قتل زوجتي وهي تعاني من كوابيس مزعجة ليلا. حتى انها اصبحت مكبوتة كئيبة. وتحتاج الى الكثير من العناية. وهذا شيء لا استطيع توفيره لها شخصيا في هذا الوقت. بسبب هذا نصحني الاطباء بتعليمها في المنزل الى ان تتمن من الذهاب الى المدرسة وآمل ان يتم هذا في نهاية السنة. فالامر يعتمد على مدى تقدم حالتها.
- كم عمرها سيد موريل؟
- ستكون في الثامنة منتصف كانون الثاني(يناير) من العام المقبل. ارجو ان يكون الراتب الذي سأدفعه لك مرضيا. اذا كنت مستعدة لتحمل النتائج والعناية بطفلة معقدة، فمتى اتوقع انتقالك للسكن في قصر بكلاند؟
لعقت شفتيها بتوتر واجابت:
- في اي وقت يناسبك.
- غدا بعد الغداء؟
همست ترد بالايجاب وقد انقطعت انفاسها للسرعة التي تمت فيها الامور:
- اجل.
- جيد. من الان ولنهاية الاسبوع سيكون لديك الكافي للتعرف على روزي قبل البدء بتدريسها وتعليمها.
ساعدها في ارتداء معطفها وخرجت مستعجلة راغبة في مغادرة القصر والابتعاد عن هذا الرجل المثير للاضطراب. وبدا السيد موريل مدركا سبب تأهبها السريع وتوترها لانه رفع حاجبيه بسخرية وقال:
- تعرفين طريق الخروج؟
فهمست:
- اجل. ليلة سعيدة، سيد موريل.
المطر الخفيف كان ينهمر في الخارج رذاذه الناعم كان باردا يصفع وجهها المتورد وهي تدخل السيارة. لم تجرؤ على النظر خلفها لكن كل عصب فيها كان يحس بانه واقف في مكان ما يراقبها. انفتحت الابواب الحديدية دون صوت عند اقترابها منها. فتنهدت بارتياح لمرورها منها واستدارت يسارا نحو منزل عمتها.
عند وصولها سألتها العمة:
- حسنا؟
- الماثلة امامك هي المربية الجديدة في قصر "بكلاند".
- اجلسي واخبريني ما حدث.
- لم يحدث شيء مميز. كان السيد موريل يفضل امرأة اكبر سنا للوظيفة لانها تتطلب السكن هناك. لا اظنه قادرا على الاختيار في هذا الوقت.
- كارولا. ارجوك ان تقولي انك لم تقبلي الوظيفة.
- لكنني قبلتها عمتي ايما. ويتوقعون وصولي الى القصر بعد غداء الغد.
حدقت بها عمتها مرعوبة مذعورة واطراف فمها ترتجف دليل القلق العميق.
- وله فكرت بالنتائج؟
- اجل عمتي ايما. السيد موريل وابنته وانا سنكون لوحدنا بعد ان يستريح الخدم في غرفهم. والالسنة المعتادة على القيل والقال في القرية سوف تبدأ بالهمس والتساؤل عما يجري في الليالي المقمرة بين صاحب القصر الجديد وموظفته الشابة.
وضحكت بسخرية غير معتادة عليها واكملت:
- استطيع تخيل اسئلتهم: ((هل يتغازلان بين شجيرت العليق. ام انه قيدها بالسلاسل ليفترسها في القبو؟))
- هذا امر لا مزاح فيه.
- لست امزح. فالناس آثمون في تفكيرهم عندما يريدون.
تمسكت يدا العجوز بمسندي معقدها، وعلى اساريرها دلائل عدم الموافقة العنيدة:
- كارولا. امنعك من قبول الوظيفة.
- لن تستطيعي منعي عمتي. فانا كبيرة بما يكفي لاتخاذ قراراتي بنفسي. واذا اراد الناس التكلم عني فـليفعلوا. بالنسبة لي هذه الوظيفة كغيرها وضميري مرتاح. لذا سأكون في القصر غدا لأعلم روزي موريل وهذا كل شيء.
بالرغم من جهدها لم تستطع العمة ايما اخفاء لمعان الاعجاب من عينيها وهي تقول:
- ارجو ان تكوني واعية لنتائج فعلتك هذه.
- واعية تماما.
- لا ادعي انني سعيدة, لكنني ساقف الى جانبك مهما حدث. فانا اثق باستقامتك، لكنني لا اثق بذلك الرجل.
لاح وجه هاري موريل البشع امام عيني كارولا فاخذت ترفرف عينيها بسرعة لتمحو صورته. لقد وجدته مثرا للاضطراب واكثر من مخيف بقليل. لكن من الصعب الحكم على اخلاقه بعد لقاء قصير.
الحكمة في قرارها امر يمكن الجدل فيه لكنها كانت تسعى وراء التحدي ساعة وراء ذلك الشيء المختلف عن التدريس العادي الذي هربت منه. قطع رنين الهاتف افكارها فوقفت ترد بينما دخلت العمة الى المطبخ لصنع الشاي. وكان المتحدث مارك كيندي الذي قال بعد التحيات:
- ساكون متفرغا كليا لك فما رأيك بنزهة في السيارة معي؟
عضت شفتيها معربة عن خيبة امل. وقالت معتذرة:
- اسفة مارك لن استطيع. علي الذهاب الى العمل في قصر"بكلاند" بعد ظهر الغد.
- ايعني هذا انه عينك في الوظيفة فعلا؟
- نعم.
- هل تدركين مدى تورطك؟
- اعرف بالضبط ما سأفعل مارك.
- كنت في القصر لمعاينة روزي. كانت في حالة هستيرية عندما وصلت واضطررت لتخديرها لان الكوابيس التي تنتابها ليلا ترهق اعصابها كثيرا.
- اتظن ان لي علاقة بما حصل معها هذا المساء. لا بد ان والدها اخبرها انني قادمة في الغد. اتظن ان فكرة وجود مربية جديدة غريبية عنها هي التي سببت لها الانهيار؟
- هذا ممكن.
- يا الهي.
- ستواجهك مشاكل كثيرة كارولا. فاذا احتجت لمساعدة او نصيحة لا تترددي في طلبها مني. تعلمين انني اكون مسرورا للمساعدة.
عرضه بالنصيحة والمساعدة اعطاها الثقة فقالت:
- شكرا لك انت لطيف جدا.
فضحك قائلا:
- لا تشكريني. دعيني اعرف اوقات فراغك لارتب مواعيدي. بالمناسبة هل تذكرين دعوتي لك على العشاء.
- اذكر. لكن يجب ان نؤجلها قليلا، ساتصل بك حال استقرار الوضع الجديد.
نظرت العمة ايما النظرة الفضولية وهي تدخل صينية الشاي وتضعها على الطاولة المنخفضة. لكن كارولا شاحت بعينيها بعيدا كي لا تلتقي نظرتها بنظرة عمتها المفترسة.

شربتا الشاي بصمت. صوت تكتكات الساعة ساهم في توتير الجو الذي طالما كان دافئا بينهما. واخيرا قالت العمة:
- لم يفت الوقت بعد لتغيري رأيك.
- وماذا سيظن السيد موريل بي اذا تراجعت الان؟
- ايهمك ما يظنه بك؟
- وهل من السهل مواجة نفسي مستقبلا بعد ان جبنت امام اول تحدي في الحياة؟ لا اظن عمتي. لن استسلم لخوفي قبل ان احاول.
- لم تستطيعي يوما مقاومة اي تحدي انت في هذا تشبيهين اباك. لكم خفت من ان ترثي منه حبه للتجوال. وظننتك لخمس سنوات مضت انك استقريت في افريقيا. لكن بعد عودتك لم اعد واثقة من ذلك. ما انت بحاجة اليه هو الاستقرار مع زوج وتأسيس عائلة.
فابتسمت كارولا تحدق حالمة بالنار:
- لم اخلق للزواج، ليس بعد. وفي هذه المرحلة بالذات على الاقل لقد نشأت على الحرية واحب ان اتمتع بها لفترة اطول.
عندما اطفئتا الانوار كي تخلدا الى النوم لم تكن كارولا تحس سوى بالقليل من الارتباك حول مستقبلها. وستكتشف روزي موريل عما قريب ان لا حاجة للخوف من مربيتها الجديدة. لكن ولسبب مجهول كانت تحس ان هاري موريل سيكون اقل تعاونا معها من ابنته. فله قلب من فولاذ احست منذ اللحظة الاولى وخشونة ساخرة جعلت من الصعب عليها تخيله كأب لطفلة صغيرة حساسة.
لكن من غير المجدي التفكير بكل هذا في الوقت الحاضر.
مدت يدها لتطفئ النور وتسللت الى الفراش فمن المستحيل محاولة التفكير دون معرفة الوقائع الحقيقية.
وستعرف تلك الوقائع بالتأكيد بعد ظهر الغد.

Books_king 22-09-09 11:40 AM

الفصل الثالث بعد قليل

Books_king 22-09-09 11:45 AM

3 – لا احلام معه


كانت السماء ملبدة بالغيوم والطقس باردا عندما وصلت كارولا الى قصر "بكلاند" في اليوم التالي. هدير البحر الهائج حمل معه الهواء القوي الذي كان يلوح تنورتها ليلصقها فوق ساقيها...منتديات ليلاس
صعدت مسرعة فوق الدرج العريض واتجهت نحو الباب وضربت المقبض النحاسي. استقبلها الرجل نفسه صاحب البزة الرسمية، وسألها بأدب عن مفاتيح سيارتها، ثم قال:
- السيد في المكتبة.

الرسالة واضحة السيد موريل ينتظر وصولها فأحست كأنها الفراشة المدعوة لدخول شباك العنكبوت.

- اذن لقد وصلت آنسة وارندر.

وقف هاري موريل خلف طاولته الأبنوسية السوداء ثم تقدم نحوها مصافحا. يده غمرت يدها لفترة قصيرة ثم اشار اليها بالجلوس.

- بصراحة، شككت في امكانية عودتك. توقعت مكالمة هاتفية منك تنبئني بتغيير رأيك.
- لا أتخذ عادة قرارات فورية كي اتراجع عنها في اخر لحظة.
- تعنين ان قرارك هذا كان مستعجلا وان كبريائك يمنعك من التراجع؟
- لا اعني شيئا من هذا.
- لكن الشك ساورني في حكمة قرارك.
- الشك رد فعل طبيعي، اليس كذلك؟
- طبيعي ومنطقي عندما تفكرين بما تورطين نفسك به.

التوت شفتاه المستقيمتان فيما يشبه ابتسامة لم تصل مطلقا الى عينيه. حدقت به كارولا فترة اطول مما يجب حتى احست بنبضات غريبة في عنقها فمالت بنظرها عنه قائلة:

- سيد موريل. لدي احساس غريب انك تحاول دفعي الى تغيير رأيي.

اعجبه تعليها فابتسم ابتسامة عريضة اظهرت اسناسنة البيضاء اللامعة واضحة في تقاسيم وجهه السمراء وكان متكئا على طاولته مكتفا ذراعيه على صدره.

- ربما.
- لماذا؟
- لانك صغيرة السن، وستكونين عرضة للاذي لان سيرتك ستصبح على لسان النمامين في القرية.
- لكنك لم تكن مهتما لهذا الامر ليلة امس.

امسك بعلبة السجائر. مد يده مقدما لها واحدة لكنها رفضت. اشعل سيجارة لنفسه وقال:

- لا. لكنني كنت اشك في صحة قراري. فانا لم ابلغ بعد سن الشيخوخة، لا زلت في الخامسة والثلاثين وهو سن صغير يكفي لان أعجب بفتاة جميلة... فتاة لها جمال كلاسيكي مثل جمالك. هل تفهمين ما احاول قوله؟

واشتد احمرار وجنتهيا :

- اجل. والقرية ستظن بنا الأسوأ
- بالضبط.

تحرك مبتعدا عنها ليقف امام النافذه يحدق الى الخارج فاحست كارولا وكأن يدا تضغط على قلبها فسألته:

- هل يزعجك هذا؟
فتقدم ثانية ليقف اما كرسيها:

- لقد قيل الكثير عني في الماضي آنسة وارندر. فما الفرق في زيادة اتهام او اتهامين الى اللائحة السوداء الطويلة التي اكتسبتها؟
- اذن فالمسألة قد سويت, اليس كذلك؟
- فلتتحملي انت وحدك وزرها وتذكري انني حذرتك.


وساد صمت بينهما قطعه طرق خفيف على الباب.
- ادخل.
فدخلت امرأة شابة مبهرجة شعرها الاسود الناعم ينسدل مغطيا ظهرها ترتدي ميلة شديدة النظافة ناصعة البياض. اتجهت عيناها اللوزيتان نحو كارولا. حدقت بها للحظات قبل ان تستدير بغنج نحو السيد الواقف مقطبا جبينه عابسا فيها:
- اسفة سيد موريل الانسة روزي ليست في غرفتها.
حبست كارولا انفاسها دون وعي منها بينما قال هاري:

- اين هي اذن بحق الله؟
- لست ادري سيدي. فتشت عنها في كل الغرف. جاكسون وسالي مشغولان الان بالتفتيش عنها في الحديقة.
- هل فتشتم البرج؟
- اجل سيدي. تركتها عشرة دقائق تلعب في غرفتها وعندما عدت لم اجدها.
- أتساءل بمن تظن هذه الطفلة انها تلعب. انها تعرف انني سآخذك لمقابلتها.
- ربما هذا هو سبب اختفاؤها, فالاطفال ميالون للقلق والخجل من الغرباء.
- انها تتعمد عصيان اوامري. شيلا، اذهبي وساعدي في التفتيش خارجا ينما افتش في المنزل مرة اخرى.


هزت شيلا رأسها وغادرت الغرفة بقلق امومي. فالتفتت كارولا لتقول بسرعة:

- سيد موريل. ارجوك ان لا تكون قاسيا مع روزي سيجعلها هذا تكرهني اكثر حتى قبل مقابلتي.

لكن القساوة ظهرت جليا في حركات فمه المشدودة فرد بحدة:

- انها تستحق العقاب.
- اطلب من العفو هذه المرة فقط. ارجوك سيد موريل؟

توقعت ردا حادا، الان ان قسمات وجهه دلت على الهدوء والسكينة

- يبدو ان روزي قد وجدت فيك بطلا يدافع عنها آنسة وارندر.

تغافلت عن سخريته لتيجب:

- معاقبتها الان ستسيئ الى علاقتنا وستجعل من مهمتي اكثر صعوبة لا بد انك تدرك هذا؟
- حسنا انسة وارندر. هذه المرة فقط سأتجاهل تصرفها. لكن ان استمر عصيانها فلن اتردد في معاقبتها كما تستحق.

تنفست كارولا الصعداء بحذر مدركة كم كانت متوترة بانتظار رده

- شكرا.

انفتح الباب فجأة ودخلت شيلا تجر طفلة صغيرة الجسم في يدها:

- وجدناها مختبئة في سقيفة الحديقة القديمة سيدي.
- شكرا لك شيلا. بإمكانك الذهاب.

قفز قلب كارولا بالشفقة على الطفلة التي استندت الى الجدار.

- تعالي الى هنا روزي.

ارتجفت شفتها الزهرية اللون لكنها اطاعت لتقف امام والدها ورأسها منخفض

- اريدك ان تقابلي مربيتك الجديدة الآنسة وارندر. هذه ابنتي روزالي... قولي لها ((كيف حالك)) روزي.

ودفعها بيده الى الامام. فتلعثمت الصغيرة في التحية الرسمية مما سبب اختناقا في حنجرة كارولا وهي تمسك اليد الصغيرة الممدودة اليها لتحس بإرتجافها. وتحدثت بنعومة:

- مرحبا روزي. كنت متشوقة لـ رؤيتك.

سألت روزي بصوت رفيع متوتر:
- هل استطيع الذهاب الى غرفتي الان؟

فرفع اصبعه محذرا:
- اجل يمكنك الذهاب ولا تعاودي الخداع. فهمت؟

هزت الطفلة رأسها وغادرت المكتبة بأقصى سرعة. التفت هاري موريل الى كارولا وهو يتقدم الى الباب:

- كنت سأبحث معك تفاصيل عملك، لكنني اظن من الافضل ان اريك جناحك لأتركك تستقرين اولا. حديثنا سيتأخر الى ما بعد العشاء.

Books_king 22-09-09 11:49 AM

كانت تحس بقوة وجوده قربها وهما يصعدان السلم العريض المعتم المتجه الى الطابق الاعلى. صمته العميق اصابها بتوتر عصبي كما ان لمسة يده على ظهرها ليدلها على الطريق زادت من احساسها بالتوتر والقلق فقد كانت تحس بها كتيار كهربائي.
لحقت به عبر الممر المعتم ايضا الى ان توقف فجأة وفتح بابا ثم تنحى جانبا ليسمح لها بالدخول فدخلت وهي قريبة جدا منه مما ادى الى ملامسته فشمت رائحة كريم الحلاقة استاغته احاسيها فاستجمعت نفسها بحدة ونظرت حولها لتجد نفسها في غرفة جلوس صغيرة مفروشة بأثاث مريح كانت جزءا من جناح ستعيش فيه خلال اقامتها في القصر.

بدا لها ان وجوده يسيطر كليا على الغرفة وعلى احاسيسها معا وهو يشير الى غرفتها. سوف تستكشفها فيما بعد. بعد تخلصها من تلك العينين المسببتين لها بالاضطراب الذي لازمها في تلك اللحظات وسمعته يقول:
- تلك غرفة روزي. ارجو ان تجدي كل شيء حسب رضاك.

لكنها كانت واثقة ان لا يهتم كثيرا برضاها فوجهه الخالي من التعبير كان يشير الى ان افكاره كانت في مكان اخر وليس معها إطلاقا وتابع القول:
- على فكرة, العشاء في السادسة والنصف تماما وستدلك روزي على الطريق الى غرفة الطعام.
اقفل الباب خلفه مغادرا قبل ان تفكر بالرد. فأصبحت فجأة لوحدها في محيط غير مألوف مع طفلة تقبع في غرفة متصلة بغرفتها. ليس لديها اي اهتمام بمربيتها الجديدة والتي يجب ان تكسب ثقتها بحذر كبير.
ترددت قليلا امام المرآة وقد راعها منظرها. شعرها الاشقر الفضي اللماع الذي طالما كان مثار التعليق والاعجاب لـ لونه غير العادي كان مبعثرا حول كتفيها. حدقت بعينيها الزرقاوين في صورتها فلم تعجبها وابتسمت ابتسامة ملؤها القلق.


تركت باب غرفة نومها مفتوحا آملة ان تظهر روزي فضولها الذي اظهرته من قبل ولم يطل الوقت حتى ادركت ان تخمينها صائب. ولاحظت انها مراقبة بحذر من وراء الباب فتظاهرت انها لا تحس بالمراقبة. وتابعة عملها في تفريغ الحقائب. فضول روزي ظاهرة صحية وعليها ان تجد طريقة لاخراج روزي من قوقعتها.

اخرجت علبة مجوهرات موسيقية صغيرة وامسكتها بيديها تلمس الحفر اليدوي المطعم بالعاج. كانت العلبة لأمها. ذكرى احدى رحلاتها الى الشرق. واصبح الطيف المراقب جامدا كالتمثال في تحديقه بالعلبة الغريبة. فأبتسمت كارولا لنفسها وفتحت الغطاء وبدأت الموسيقى تملأ الغرفة.

شهقت روزي شهقة صغيرة مسموعة، لكن كارولا تظاهرت بأنها لم تسمع تاركة الموسيقى تعزف الى ان انتهت. فامتدت اصابعها الى المفتاح لكنها لم تعبئ العلبة ثانية تتمنى من الطفلة بصمت ان تظهر نفسها لكن عندما ظهر فشل الإغراء تنهدت ووضعت العلبة على طاولة الزينة.

دخلت كارولا الى الحمام تغتسل وهي تفكر بأن تزور الفتاة في غرفتها. سرحت شعرها بعناية ليستيعد بعض لماعنه ثم لمسة احمر شفاه فرضيت عن مظرها وتركت غرفتها متجهة نحو غرفة الفتاة عبر فسحة ممر صغيرة.

كانت روي في فراشها وكتاب الصور على ركبتها لكن ما قرعت كارولا ودخلت حتى رمنت الطفلة الكتاب وخرجت من الفراش متوترة:

- مرحبا روزي ارجو ان لا تعترضي على زيارتي لك. لكنني اشعر بالوحدة دون احد اكلمه.
اشارت كارولا الى الفتاة لتعود الى الفراش لكنها بقيت واقفة متصلبة قرب السرير. فجلست كارولا على حافة السرير والطفلة تنظر اليها بإستغراب. وسألتها كارولا بعفوية:
- هل كنت تقرأين هذا؟ اتحبين الكلاب؟

بقيت العينان البنيتان حذرتان مرتابتان مع ان رأسها اهتز تجاوبا فتابعت كارولا:

- كان عندي كلب صغير كنت اسميه "الارقط" اذ كان له بقع بنية وقوائم بيضاء كالطماق. أتعرفين ما هو الطماق؟
هزت الطفلة رأسها نفيا فتابعت:
- منذ زمن كان الزي الشائع ان يرتدي الرجال قماشا ابيضا تغطي سيقانهم وتدعى الطماقات.
لم يبدو من الفتاة اي تجاوب. فحاولت كارولا مجددا:
- هل لديك اصدقاء تلعبين معهم؟
- ابي لا يسمح لي بالاصدقاء.
- ولماذا لا، روزي؟ اتحبين المدرسة؟
- لا.
- يمكنك المرح هناك اذا اردت.
لم تجب روزي بل احنت رأسها تنظر الى اصبع قدمها وهي تديره فوق السجادة.

بدأت الريح في الخارج تقوى وحملت معها اصوات الموج الغاضب من البحر. فسألتها:
- اتسمعين صوت البحر المرتفع فوق صوت الريح؟ عندما كنت صغيرة كنت احب السير على الشاطئ خاصة في فصل الشتاء حيث لا يمكنني التمتع بالسباحة.
لكن روزي لم تقل شيئا كان فيها شيء غريب من ابيها خاصة حين ترفع رأسها وتابعت كارولا:
- هناك على الشاطئ يوجد كهف بين الصخور لم يكتشفه احد بعد فهو مكاني السري الخاص كنت اختبئ فيه عندما كنت اريد البقاء لوحدي اذا احببت سآخذك الى هناك يوما عندما يتحسن الطقس.

لم يبدو على الصغيرة الاهتمام باقتراحها فوقفت كارولا محبطة لتعود الى غرفتها.
- سأتركك الان لتتابعي قراءتك
عند الباب تذكرت ما قاله لها والد الفتاة فالتفتت تقول:
- انتظريني وقت النزول الى العشاء. فلست واثقة انني سأتمكن من ايجاد طريقي. هل تنتظرينني؟
فردت الطفلة بعد تردد بالايجاب فأبتسمت لها:
- شكرا لك روزي. سأراك فيما بعد.
ولكي تبدو بمظهر رسمي سعت كارولا الى ارتداء تنورة وبلوزة جديدتين قبل نزولها الى غرفة الطعام وبالرغم من رسمية الآنية الفضية اللماعة الموزعة على المائدة الا انها اكتشفت ان رب عملها لا يهتم كثيرا بالرسميات.

روزي انتظرتها كما طلبت منها. لكنها حافظت على صمتها وهما متجهتان الى غرفة الطعام. وكانت تجربة غريبة لها الجلوس لتناول عشاء صامت مع رب عملها وإبنته. فكلاهما متحفظ ومبتعد لا تشابه مطلقا الوجبات المرحة التي تشاركها مع عمتها في مطبخها الصغير.

ظهرت شيلا عندما انتهت الطفلة من شرب كوب الحليب وسارت معها راغبة الى غرفتها وتمنت كارولا لو تستطيع اللحاق بها لكن رب عملها كان قد ذكر لها انه يود الحديث معها بعد العشاء فبقيت تنتظر صامتة.

الريح كانت تزداد قوة طوال بعد الظهر وارتجفت كارولا لتفكيرها بالعاصفة القادمة. وراقبت العينان السوداون رد فعلها هذه بسخرية. مما جعلها تقفز فورا الى الدفاع عندما سألها:
- هل تخيفك العواصف الساحلية؟
- ليس بشكل خاص لكنني اعرف مدى الاضرار التي قد تسببها.
- اضرار؟
- لقد تسببت في الماضي بأضرار جسيمة في المنازل والمطر جرف اساس بعضها الاخر عن التلة. وكان يمكن ان يجرف الطوفان عددا من الاطفال كانوا يلعبون لولا سرعة الحطابين بالانذار كما ان الساقية التي تقطع القرية طافت ذلك اليوم وتم اخلاء عدة مباني على جانبيها.
- اعتقد ان هذا لا يحدث دائما؟
- لا. ليس دائما لكن عندما يحدث كل من في القري يهب للمساعدة وتنقلب الكنيسة الى مأوى ومستشفى مؤقت اذا حصلت اصابات.
- واضح انك عشت ويلات احدى هذه العواصف.
رفعت كارولا رأسها لتلاحظ ان على شفتيه التواء خاص اعطاه شكلا شيطانيا:
- بل عاصفتان لأكون اكثر دقة.
صمت قليلا ثم قال:
- بشأن روزي. افضل ان تبقى الامور ضمن الروتين المنظم لتبدأ دروسها عند الثامنة صباحا. سيصلك الشاي عند العاشرة تتابعين بعده الدروس الى الثانية عشرة بعد الغداء ترتاح ساعة في غرفتها. بعد ذلك لا شأن لي كيف تمضيان ما بقي من وقتكما.
- حسنا سيد موريل. اذا كان هذا كل شيء اود الذهاب الى غرفتي...
- ارجوك ان تجلسي فلم انتهي بعد.
كان في صوته نبرة التسلط فعادت فورا واخفضت رأسها لينسدل شعرها الى الامام في محاولة لاخفاء احمرار وجهها:
- آسفة.
- ستتناولين الافطار والغداء في جناحك مع روزي. فـ أنا اتناول الافطار باكرا جدا وعادة اتناول سندويشا على الغداء في مكتبتي. اما طعام العشاء فنتناوله معا. هل هناك اسئلة؟
- اين سأعطيها الدروس؟
- الغرفة المجاورة لغرفتك مؤثثة خصيصا لهذا. ستجدين كل ما تطلبينه. لكن اذا لزمك شيء فأعلميني كما اطلب منك تقديم تقرير يومي عن نشاط روزي. ربما بعد العشاء الوقت المناسب لذلك.
كان هذا اسخف طلب سمعته كارولا لكن في الوقت الحاضر ستمتنع عن ابداء رأيها به. وتابع هو:
- هناك امر آخر. لا أسمح لها بالجري في الحدائق دون مرافقة راشد. والافضل ان يكون انت فهناك اقسام في شمالي الارض وغربها لم تنظف بعد. وامكانية وجود افاعي ليست بعيدة. انت الان مسؤولة عنها واتوقع منك تعليمها النظام كما يجب. واذا لم يكن الامر ضروريا ومهما جدا لا اود ان تزعجيني في مكتبتي.

ما هو ذلك العمل المهم الذي لا يريد ان يزعجه فيه احد؟...
يا الهي. كم هي غبية، لماذا لم تتعرف عليه من قبل. انه كاتب القصص الشهير في الغرب الامريكي بأكمله قصصه حولت الى اعمال سينمائية ومسرحية وتلفزيونية في طول البلاد وعرضها وفي جميع انحاء العالم لسنوات طوال. وهي الان موظفة لديه.

Books_king 22-09-09 11:51 AM

لديه.
- لقد شحب وجهك آنسة وارندر. هل انت بخير؟
- اجل... اجل. لكنني عرف من انت لتوي.
- حقا؟
- حضرت حفلة افتتاح مسرحيتك الاخيرة في العام الماضي في افريقيا، لقد اعجبت النقاد كثيرا.
فلمعت السخرية في عينيه:
- لكنها لم تعجبك؟
- انا... حسنا... إنني...
- ارجك ان تأخذي حريتك في ابداء رأيك آنسة وارندر. من المثير للاهتمام معرفة رأي واحدة من الرأي العام بعملي.
علمت كارولا انه وضعها في موقف سيء اذ ان رأيها ليس له اهمية معنوية. لكنها بسبب تصرفه وبسبب غضبها من هذا التصرف ابدت رأيها بجرأة لم تكن تحس بها:
- رأيي انك ابتكرت شخصيات كانت تحتسب كل الامور ببرود تام خاصة فيما يتعلق بالتوجهات الإنسانية في الحياة.
- حقا؟ولماذا؟
- كانت الشخصيات تفتقد الدفء الانساني في علاقاتها والقدرة على الاهتمام بمشاكل الناس الاخرين.
حدق بها باهتمام ثم قال:
- تبدين رومانسية انسة وارندر
- معظم الناس رومانسيون الى حد ما, على ما اعتقد.
- اذن معظم الناس يسيرون بغباء وؤوسهم في السحاب يعيشون في عالم خيالي لكن حقيقة الحياة قاسية حتى انها ظالمة لا ترحم ولا خلاص للمرء من لذعاتها التي تصادفه. هناك حب، كراهية، معاناة. وكلنا في الاساس مندفعون لندوس شخصا ما تحت الاقدام عندما نرغب في الحصول على شيء. الناس تكذب وتغش لتصل الى اهدافها يتلاعبون بمشاعر بعضهم البعض. وعندما يحصلون على ما يريدون يتخلصون من الاخرين كما يتخلصون من الاشياء التافهة التي لا قيمة لها. والنساء هن القديرات اكثر في هذا المجال.

حدقت به كارولا صامته, لم تقابل من قبل عاصفة من المرارة مجتمعة في شخص واحد كهذه.
- كلنا احرار في آرائنا الخاصة سيد موريل. لكنني افضل ان اكون رومانسية من اكون متشككة.
- لكنني من النوع المتشكك آنسة وارندر. لان الحياة اثبتت لي انني محق.
- اتمنى ان لا يكون في نيتك تربية ابنتك على نفس معتقداتك.
- ستكون حرة في تكوين ايمانها الخاص... لكنني اجرؤ على القول انها توصلت الى بعض الاستنتاجات المماثلة.

وقف على قدميه لتحذو حذوه لكنها وقفت تواجهه ورأسها الى الخلف تحديا تحس بنبضات قبلها في عنقها:
- اذن سيكون من صميم مهمتي ان انير طريقها باتجاه معاكس.
- او لتعلميها الاعيب النساء المنحرفة التي يستخدمنها دائما.
ارتفعت يدها الى عنقها... وتمتمت "ليلة سيعدة" مخنوقة وتوجهت بسرعة الى غرفتها. ولم يلحق بها هاري موريل ولا منعها من المغادرة. عندما اقفلت بابها استندت اليه لعدة دقائق محاولة التقاط انفاسها.
- ماذا دهاني؟ لماذا سمحت له بتكديري؟ وما يهمني من آرائه او كيف يختار ان يعيش حياته؟ انا هنا لاعلم وارشد ابنته الى ان تتأهل للعودة الى المدرسة لا شيء غيره.
واسرت لنفسها مكررة مرات ومرات انسي امره. لكن هاري موريل رجل لا يمكن نسيانه بسهولة.
منتديات ليلاس

استيقظت كارولا ليلا على صوت الزمهرير والعواصف كان صوت المطر يصفق زجاج النوافذ والبرق يلمع قبل الرعد. الا ان هناك صوتا شدّ انتباهها انه صوت نحيب الطفلة الذي جعلها تقفز من سريرها لترتدي روبها وتضع خفها في قدميها. وشكرت ربها لتفكيرها بفتح باب روزي قبل ان تنام.
- روزي؟
توقف النحيب على الفور فتقدمت كارولا الى الامام لتضيء المصباح الصغير قرب السرير
- اتخيفك العاصفة؟

هزت روزي رأسها وتراجعت الى الوسادة لكن وجهها الشاحب المليء بالدموع قص على كارولا القصة الحقيقية. ولمع البرق الحاد يبتعه الرعد القاصف لترتجف الطفلة بشكل ظاهر، وليقفز قلب كارولا حنانا. وبدون تردد جلست بقربها على السرير وضمتها بين ذراعيها.

دفنت روزي وجهها دون اعتراض في صدر كارولا. يداها تتمسكان بالروب بينما ذراعا كارولا الحنونتان تلفانها، ووضعت خدها على شعر روزيالاسود واخذت تكلمها بنعومة والعاصفة مستمرة في غضبها.

بمرور الوقت خف ارتجاف الطفلة الى ان غطت في النوم اخيرا. يدها على خدها الاحمر المرتاح في صدر كارولا. علت بسمة عذبة وجه كارولا وهي تراقب الطفلة النائمة. وحركت ذراعيها قليل لتريح عضلاتها ثم اراحت نفسها على الفراش بقربها والطفلة مرتاحة بين ذراعيها.

لم تدر كم من الوقت نامت هكذا. لكنها استفاقت لتكتشف ان العاصفة تحولت الى انهمار مستمتر للمطر وان هاري موريل يقف قرب السرير ينحني فوقها. رفرفت عينيها بارتباك وهي تنظر اليه. ثم سحبت ذراعها بحذر من تحت جسد روزي النائمة. لكن الحركة فتحت مقدمة ثوبها لتكشف صدرها بإغراء.

بسرعة لا توازي سرعة نبضات قلبها سارعت الى ضم طرفي الثوب لاخفاء ما بدا من صدرها. ومن التواء شفتيه علمت ان حركتها هذه كانت متأخرة فصبغها الحرج من عنقها الى وجهها. فتسللت من السرير دون ان تنظر اليه لتقف امامه مستعدة للهرب.

منظر صدرها العاري امامه كان تجربة غريبة لها فتعالى الفزع المجنون الى قلبها وادركت مدى غبائها عندما تجاهلت تحذيرات عمتها وهاري موريل نفسه. انه رجل اخطر بكثير من ان تعيش معن تحت سقف واحد. دون اية تأثيرات عاطفية.
- لقد انتهت العاصفة والافضل ان تعودي الى فراشك. فأنت ترتجفين من البرد.
ما ان بلغت الباب حتى قال:
- انسة وارندر؟
فتمسكت بجانب الباب لتستطيع الوقوف والتفتت اليه.
- انا اقدر لك ما فعلته لـ روزي. ولو لم اكن مستغرفا في النوم لفعلت لها الشيء عينه.
ذهلت لكلامه فهزت رأسها وعادت الى غرفتها ومضى وقت طويل قبل ان تغفو مجددا ثم لاحقها في احلامها طيف مخدومها ينحني فوقها. تفتيشها اليائس عن مهرب افسدته قوى سحرية غريبة سيطرت عليها. وعندما بدا ان أسرها محتم استيقظت بصرخة لتجد نفسها جالسة في الفراش. منهكة ومتعبة رمت نفسها على وسادتها من جديد وعادت نبضات قبلها الى طبيعتها وغطت في نوم لا احلام فيه.

Books_king 22-09-09 11:53 AM

نهاية الفصل الثالث

safsaf313 22-09-09 03:20 PM

الروايه يظهر انها حلوه:dancingmonkeyff8:
بالتوفيق يا كنج واحنا مستنيين التكمله:55:

aghatha 23-09-09 01:23 AM

looks interesting i like cold blooded heros merci 4 the novel ;waitin 4 the rest

Books_king 23-09-09 09:19 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة safsaf313 (المشاركة 2061568)
الروايه يظهر انها حلوه:dancingmonkeyff8:
بالتوفيق يا كنج واحنا مستنيين التكمله:55:




الله يعافيك اختي
يشرفني متابعتك
والفصل الرابع في الطريق

Books_king 23-09-09 09:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aghatha (المشاركة 2061916)
looks interesting i like cold blooded heros merci 4 the novel ;waitin 4 the rest



اهلا بك اختي

بالفعل الروايات التي ابطالها دمهم بارد لها نكهة خاصة

Books_king 23-09-09 09:25 PM

4 – قلب من حجر




أستيقظت كارولا صباح الاحد تتمدد بكسل بعيد النظر بفكرة البقاء في الفراش مدة اطول. ثم تذكرت العاصفة التي هبت في اللية الماضية وأدركت اين هي. رفعت يدها تنظر الى ساعتها. إنها السادسة والنصف... الوقت لا زال مبكرا لكن لعدم الفتها خع الروتين الجديد قصر "بكلاند"، تسللت من الفراش وأرتدت روبها.
منتديات ليلاس
كيف ستكون ردة فعل روزي عندما تلتقيان ثانية؟ (دخلت الحمام). هل ستكون منكمشة أكثر بسبب إضطرارها الى البحث عن الراحة مع شخص ما زالت لا تثق به، ام ستكون اكثر انفتاحا؟

عندما عادت الى غرفتها سمعت دقا على الباب ودخلت شيلا مع صينية القهوة وقالت بـأدب:
- صباح الخير سيدتي. إستيقظت مبكرة.
وضعت الصينية على الطاولة قرب السرير. فردت كارولا وهي تجلس على طرف السرير وتصب لنفسها فنجان قهوة ساخن:

- لا أريد ان أضبط نائمة في صباح اول يوم عمل لي هنا... هممم طعم القهوة لذيذ.
- لا يستيقظ احد قبل السابعة هنا.... ستكونين طيبة مع الآنسة روزي.
لم يكن هذا سؤال بل تقرير واقع فأدهش كارولا وأعطاها شعورا بالرضا لإحساسها ان شخصا في هذا المنزل بدأ يثق بها.

- واضح انك تحبين روزي
- أعتنيت بها منذ كانت طفلة. والدتها...

وصمتت، مما اثار فضول كارولا لكنها غيرت الموضوع قائلة:

- قالت لي روزي انك ذهبت اليها ليلا.
- وهل بدت منزعجة من هذا؟
- أبداً سيدتي. قالت أنك لم تغضبي منها لخوفها.
- ولماذا أغضب؟
نقلت شيلا ثقلها من قدم الى اخرى قبل تجيب:

- ليس من حقي ان اتكلم... لكن المربيات السابقات لم يفهمن مطلقا تصرفات الآنسة. كانت مريضة سريعة الخوف والسيد هاري كان يطلب منهن عدم تدليلها واسترضائها... لكنها بحاجة الى الكثير من الحب... كنت دائما اقول لجاكسون، زوجي، أن هذه الطفلة لم تحصل في الماضي على ما هو كاف من الحب والعطف.
- لكن الا يمنحها السيد هاري حبه واهتمامه؟
اكفهر وجه شيلا:

- السيد دائما مشغول بالكتابة. هو لا يريد لها سوى السعادة والبعد عن التعاسة ولكن قلبه من حجر.

قلبه من حجر دوت الكلمات في ذهنها بعد خروج شيلا بوقت طويل هذا واقع لا ريب فيه وكأنه مقدود من الجرانيت فهي لا تتصوره مطلقا يظهر اي مشاعر دافئة حنونة. له رأي سيء بالجنس البشري عموما والنساء خصوصا هذا ما اكتشفته من نقاشهما في الامسية السابقة.


تنهدت كارولا وهي تنظر الى ساعتها ما الفائدة من اضاعة الوقت في محاولة تحليل نفسية رجل معقد كمخدومها؟ خسارته لزوجته وإبنه مفهومة و واضحة لكن لماذا انعكست هذه المرارة على الحياة نفسها؟ لا بد انه عرف بعض السعادة مع زوجته وولديه؟

لاحظت وهي تنظر من نافذتها ان الغيوم تتلاشى لتفسح المجال امام الشمس لتطل فتركت نظرها يجول في المباني الملحقة بالقصر ثم كثبان الرمال المليئة بالعشب والاشواك حتى وصلت الى الامتداد الواسع لخليج المسكيك خلف تلك الرمال لكن مظهر البحر المائج كان يشير الى اضطرابات كبيرة تحت سطحه تماثل الاضطرابات النفسية التي كانت تحس بها. عودتها الى غرفة جلوسها الخاصة الصغيرة كانت في وقت مناسب مع دخول شيلا تبتسم بأدب وضع صينية على طاولة منخفضة:

- فطارك سيدتي.
رفعت كارولا الغطاء عن الصينية وتنسمت رائحة البيض المقلي مع اللحم.

ـ يا الهي. لن استطيع اكل كل هذا.


وحدقت شيلا بنحول جسد كارولا تحت الكنزة السميكة وابتسمت:

- روزي حضرت الافطار. قالت انك نحيلة وعظامك بارزة... كشخص كان يتضور جوعا.
فضحكت كارولا:
ـ هل قالت هذا؟

أخذت تتلمس التجاويف في خديها لقد خسرت كثيرا من وزنها خلال السنة التي امضتها لوحدها في جنوب افريقيا بعد مقتل خطيبها لكن ليس الى الدرجة التي المحت اليها روزي.

- قولي لها انني سابذل جهدي لآكل هذه الوجبة اللذيذة التي قدمتها لي.
ابتسمت شيلا راضية وخرجت لتعود الى المطبخ.
حركة خفيفة استرعت انتباهها فرفعت نظرها لتشاهد الطفلة التي وقفت تراقبها مقطبة باهتمام.

- صباح الخير روزي... هل أفطرت؟
هزت روزي رأسها وتراجعت قليلا. فقالت كارولا:

- اذن ادخلي لتسليتي وانا اتناول افطاري.

استرخى وجه الفتاة الصغيرة المتوترة وتقدمت ببطء لتجلس على حافة كرسي مواجه لكارولا. فتظاهرت كارولا ان ما حدث اللية الماضية لم يكن. وحافظت على وجود جو عادي بينهما وهي تنهي افطارها وتصب فنجان قهوة قالت:

- لك شعر جميل روزي. أتمشطه لك شيلا؟
- نعم. واحيانا أمشطه بنفسي.
بالرغم من تجاوب الفتاة معها الا انها حافظت على نفس الحذر:

- أترغبين في مشاركتي بقطعة التوست هذه... حقا أستطيع اكلها

ردت روزي بحياء وهي تمد يدها لتأخذ التوست:

- شكرا لك.
ثم تفرست بكارولا لعدة لحظات قبل ان تسالها:

- ما اسمك؟
قفز قلب كارولا فرحا وهي تقول لها الاسم. فكررته روزي:

- كارولا ... اسم جميل.
- بامكانك مناداتي به اذا احببت. ماذا سنفعل اليوم؟
- لا اعرف.
- حسنا اذا كنت راغبة اريني اين سنأخذ الدروس بعدها نخرج للاستكشاف في الحديقة. فالطقس بدأ يتحسن.
- ما هو الاستكشاف؟
- يعني التفحص. النظر الى..
- ليس هناك ما ننظر اليه في الحديقة.
- بل هناك اذا عرفت عما تفتشين هل نأخذ هذه الصينية الى المطبخ اولا؟
- لست مضطرة لهذا العمل. شيلا تؤديه دائما عندما تدخل لترتيب الغرف.
- حسنا. انذهب الان.

Books_king 23-09-09 09:27 PM

فتحت روزي الباب المقابل لغرفتها

- في هذه الغرفة احب ان اتلقى دروسي
- كم هي جميلة
كانت الغرفة واسعة غرفة صف مصغرة فيها طاولة وكرسي للمدرسة وطاولة وكرسي اصغر. لوح اسود مثبت الى الجدار خلف طاولته ورفوف للكتب تحوي ما يكفي من مواد لتدريس صفا باكمله. النافذه الواسعة تطل على منظر رائع للتلة الواقعة خلف القصر والمليئة باشجار الصنوبر، في هذا الوقت بدأت شمس الصباح ترسل اشعتها الذهبية لتعطي الغرفة الدفء الناعم فقالت كارولا:

- من الرائع العمل في غرفة جميلة كهذه.
- لا احب المدرسة.
- لماذا؟
- تجعلني اتعب.
نظرت كارولا بعطف اليها وقررت ان لا تفرض على الصغيرة ما يرهقها في البداية.

- لنذهب للتنزه في الحديقة الان.

التزمت كارولا الممرات المرصوفة بين النباتات الكثيفة التي تشكل جزءا من حديقة القصر وارضه الواسعة. فسلوك طريق اخر نوع من الغباء بعد حولت العاصفة التراب المليء بأوراق الشجر الى سجادة اسفنجية لا يمكن السير فوقها قبل بضعة ايام.

ابدت روزي عدم الاهتمام في البداية لكن حماس كارولا الطبيعي الى ما يحيط بها ايقظ الاهتمام في نفس الفتاة. خاصة بعد ان قاما باعمال عديدة منها جمع اوراق شجر من عدة الوان واشكال واحجام. وحالفهما الحظ في اكتشاف عش حمام بري على غصن منخفض لشجرة "أكاسيا" فرفعت كارولا الصغيرة لتلقي نظرة اليه فصرخت من البهجة لاكتشافها حمامتين صغيرتين حديثتي الولادة ملتصقتين داخل العش. فسألت روزي حين حاولت كارولا اعادتها الى الارض:

- هل يمكننا العودة غدا لنلقي نظرة اخرى عليهما؟
- اجل... طبعا.
- صباح الغد؟
- سنلقي نظرة عليهما بعد ظهر الغد بعد ان تستفيقي من نومك وهذا وعد مني.

سارتا معا الى شجرة صمغية كانت تنزف صمغها فسألت الصغيرة بعد ان نزعت قطعة لحاء:

- هل هذه الاشجار قديمة؟
تفحصت كارولا قطعة اللحاء في يد روزي:

- بعضها اقدم عهدا من القصر نفسه.
- لماذا يسمى منزلنا قصر "بكلاند"؟
- حسنا لانه كالقصر ببرجيه المرتفعين على جانبيه... احدهما لمجرد الزينة كما تعملين اما الاخر فيمكنك التسلق فوقه لتطلي على البحر والتلال.
- كيف تعرفين هذا؟
- زرت القصر منذ زمن بعيد واذكر ان احدا اخذني الى البرج. لكن الاسم قصر "بكلاند" حصل عليه المنزل منذ زمن بعيد جدا اتحبين سماع القصة؟
- نعم.
جلست كارولا الى جذع شجرة مقطوعة فانضمت اليها روزي تحتضن مجموعة اوراق الشجر بين يديها. فقالت كارولا:

- السيد والسيدة بكلاند جاءا الى هذه المنطقة الساحلية من تكساس منذ سنوات بعيدة. فالسيد بكلاند كان مريضا وبحاجة للسكن في مكان صحي ينعم بوجود الشمس والهواء البحري المنعش. واخذ الناس في القرية يطلقون على المنزل اسم قصر السيد والسيدة بكلاند. وبالتدريج اصبح قصر "بكلاند". عاش في القصر اخرون بعد السيد والسيدة بكلاند انما بقي اللقب معروفا باسمهما وقد كرسه فعليا احد المالكين الجدد عندما نحته على لوحة نحاسية ثبتها عند الابواب.
- قصة مثيرة للاهتمام لم اكن اعرفها. كم عمر القصر في ظنك؟

قفزت كارولا و روزي فزعا لصوت مالك القصر. وتوقف تفكير كارولا للحظات تحدق بمخدومها وتحاول السيطرة على دقات قلبها. بنطلونه الجينز الاجرد اللون، كان مندسا تحت حذاء موحل عالي الساقين, ابهاماه معلقان في حزامه الجلدي العريض فوق خصره النحيل. وردت عليه:

- أظنه بني منذ ما يقارب الثمانين سنة.
فقال ساخرا:
- واستطيع القول ان قصة اصله تناقلتها الألسن الى ان اصبحت بعيدة عن الحقيقة.

روزي التي جلست بصمت قرب كارولا منذ وصول ابيها نزلت عن جذع الشجرة لتتاعب بحثها عن الاوراق غير مبالية بالحديث العدائي المتبادل. سارعت كارولا بالقول:

- السيد بيركنز صاحب المخبر اخبرني القصة بنفسه فوالده شارك في البناء في ذلك الوقت. وقدم معظم المواد... وكما ترى القصر مبني من حجارة غير موجودة الا محليا.
- اذن فالقصة فيها شيء من الحقيقة طالما رواها السيد بيركنز.
- انا لست من النوع المشكك الذي يشك في كلام من اعرفهم واثق بهم منذ طفولتي.

نظر اليها متجهما، لتتعمق الخطوط حول وجهه:
- اذن انت لست أمرأة غير عادية فسحب آنسة وارندر ولكنك ساذجة كذلك. لو كنت مكانك لكنت حذرا أكثر لا يمكن الثقة باي انسان هكذا.

ردت عليه بسرعة ودون تفكير:
- وهل يشمل رأيك هذا نفسك؟

كادت تعض لسانها ندما عندما لاحظت النظرة الغاضبة التي رمقها بها، نظرة توحي بأنها انسان لا ميزة له، وليس له الحق أو الجرأة في مناقشة شخص مثله. واجابها بصوت متحفظ:
- اجل. عندما يناسب الموقف وجهة نظري

حاولت اللحاق بـ روزي المتجهمة الى المنزل لكنه امسك بذراعها:
- دعيها تتقدمنا.

نظرت بسرعة الى الاصابع القوية الملتفة على ذراعها واحست شعورا غريبا من الضياع عندما تركها. وقال بلهجة طبيعية:
- انا مسرور لرؤية روزي مرتاحة لك وبهذه السرعة.
- أكنت تظن انها لن تفعل؟
- من الصعب القول كيف يمكن لها ان تتصرف. حتى في سنها المبكر هذا تمتلك صفات المرأة الكاملة.

اذا كانت نيبته ان يغضبها فقد نجح لكنها كبحت ردا حادا وسارعت خطاها. فتابع دون اكتراث:
- حول ما جرى ليلة امس، اشكرك على ما فعلت. لكنني لا اريدها ان تعتاد على مثل هذه الحوادث الطبيعية. يجب ان تتعلم ان لا شيء يخيف في العاصفة.
- خوفها سيزول مع الزمن. لكن حتى ذلك الوقت، لا استطيع الوقوف متفرجة دون مساعدتها. ليلة امس...
- ليلة امس كانت استثنائية. ومعذورة.

Books_king 23-09-09 09:29 PM

توقفت كارولا في مكانها لتستدير وتواجهه برفع رأسها متحدية:
- أفهم من هذا ان لي الحرية في مسألة تعليمها؟
- طبعا. اذا كانت لأساليبك النتيجة المطلوبة فسأترك الامر لك كليا.

ادار رأسه متكبرا ليسير في الاتجاه المعاكس لاتجاهها. لكنها تصرفت تصرفا ندمت عليه فيما بعد. اذ نادته قائلة:
- سيد موريل. انت تهتم بأمر روزي اليس كذلك؟ اعني انت تهتم اذا كانت سعيدة ام لا؟

تفرست بها عيناه السوداوان من الرأس حتى القدم بوقاحة أرسلت الدم الى وجنتيها:
- انسة وارندر. انت تنسين امرا مهما. روزي ابنتي ولدي مسؤولية كبيرة نحوها. فاذا لم اهتم بسعادتها، لما بدلت كل هذه المربيات في فترة قصيرة. ولكنت استبقيت الاولى. ولسمحت لـ روزي أن تمضي في خوفها لتصبح ابعد من اي علاج نفسي. فهل يجيب هذا عن سؤالك؟

بللت كارولا شفتيها متوترة:
- اجل. انا آسفة.

استدار على عقبيه بسرعة مبتعدا عنها والغضب يوسع خطواته... على الرغم من ندبة الجرح على خده بدا لها اعظم رجل شاهدته في حياتها.


جذبت نفسها مجفلة من افكارها واستدارت تفتش عن روزي. تؤنب نفسها على وقاحتها في استجوابه عن حبه لابنته لقد استحقت رده الغاضب دون شك.
وفي فترة بعد الظهر خلال نوم روزي انتهزت كارولا الفرصة لتمضي الساعة في غرفة الدرس تراجع الكتب التي حددها السيد هاري وتتفحص سير العمل الذي مرت به روزي من قبل.

استمرت في تفحصها مدة تزيد على الساعة تتقبل وترفض عدة طرق وتسجل الملاحظات. كانت مستغرقة بعملها حتى انها لم تلحظ مرور الوقت. لذا تعجبت لدخول روزي قائلة لها ان شيلا قد احضرت لها صينية الشاي.

بعد عشاء تلك الامسية ودعت كارولا الطفلة رزوي متمنية لها ليلة سعيدة قبل ان تستقر امام النار لتقرأ كتابا. غيوم العاصفة كانت قد عادت الى التجمع ثانية بعد الظهر. واخذ البرق يلمع من مكان بعيد فوق البحر. ولاحظت ان روزي بدأت تتملل لاحساسها بالعاصفة فقالت لها بلطف:
- سأفتح باب غرفتك وغرفتي. فاذا عادت العاصفة واخافتك اتعديني بأن توقظيني؟

هزت روزي رأسها بالايجاب ثم استدارت الى جانبها تواجه. فراقبتها كارولا للحظات ثم انحنت لتطبع قبلة خفيفة على خدها:

- تصبحين على خير روزي.

قبل ان تخرج من الباب سمعتها تقول:
- تصبحين على خير كارولا.

انها بداية مشجعة جلست قرب النار وبيدها الكتاب... لكن لماذا تشعر بنها راغبة في البكاء؟

منتديات ليلاس


واجهت كارولا عدة مصاعب خلال اول اسبوع في القصر. اول حصة لها في غرفة الدرس كانت جيدة جدا. طريقتها في التدريس بدت غريبة لـ روزي فأطاعت تعليماتها وكأنها تتابع لعبة ما. النماذج والرسومات التي جعلتها تقوم بها كانت جزءا من برنامج عمل تنوي اتباعه معها. وكما توقعت تبخر كل تردد في نفس روزي للدرس. لكنها لم تكن ناجحة معها عندما وصل الامر الى التطبيق. لكن هذه عقبة يمكنها التغلب عليها مع الوقت بعد ان ترتاح لها روزي اكثر فاكثر فتصبح قاردة على التركيز.


لكن بعد اليوم الاول اخذت الرياح مع كارولا تجري بما لا تشتهي السفن. حيث كانت كارولا تستيقظ كل ليلة على صراح روزي فتسرعة الى جانبها وتهدئ من روعها وتعطيها الحبوب التي وصفها لها مارك. كانت الحبوب تساعدها جدا. لكن الكوابيس كانت تصيبها بالارهاق مما يسبب عدم قدرتها على التركيز في اليوم التالي.


في احدى الليالي ايقظ صراخ روزي السيد هاري. لكن بعد ان تأكد من قدرة كارولا على معالجة الوضع عاد الى غرفته دون ان يقول كلمة.


مواجهة هاري بتقرير يومي عند المساء كانت مهمة صعبة خاصة وان روزي لم تحرز بعد اي تقدم ملموس واخذ يعترض على طريقتها في التعليم مشيرا الى اتباع افكار واساليب قديمة الطراز لم تعد سارية المفعول. ولا مقبولة لديه. وكانت تجد نفسها تعود الى جناحها كل مساء دون إقناعه بصحة افكارها.


في احدى الامسيات واجهها بسؤال بعيد عن موضوعهما العادي:

- أعتقد ان القرويين لا زالوا مستائين من عدم سماحي لهم بالمرور عبر املاكي؟
- هذا صحيح.
- لكنني كنت اظن انهم نسوا نفورهم مني منذ اسابيع.
- لن يتوقف هذا النفور لم يحصلوا منك على اذن بإستعمال تلك الطريق الآمنة نحو الشاطئ.
- كيف يصلون ذلك الشاطئ اللعين لا يهمني. كان عليهم ان لا يتركوا الممر الاصلي يصل الى هذه الحالة السيئة أبداً
- سيد موريل على الرغم من انني مذنبة بقدر اي واحد منهم في استخدام اراضي القصر كطريق مختصر لكني اعترف ان من حقك الكامل الاعتراض على استخدام ارضك للمرور. لكن الموضوع الذي اود شرحه لك هو ان السلطات تاخرت كثيرا في البدء بالتصليح. ولا يوجد طريق اخر يمكن استخدامه الى ان يرمموا الطريق الاصلية.

فلوى شفتيه بخشونة:
- ما عدا الطريق التي تمر بأرضي.

ظهرت روزي لحظتها لتركض وتقف الى جانب كارولا. فاستدار هاري نحو مكتبته فسألت روزي متوترة وهي تنظر الى والدها:
- ايمكننا الذهاب لنرى صغار الحمائم بعد الظهر، لا بد انها اكسبت ريشا الان.
- لنذهب الان.

Books_king 23-09-09 09:31 PM

لحقت كارولا بالطفلة التي بدت مستعجلة للوصول في الطريق سألتها:
- لماذا كان والدي غاضبا هكذا؟
- لا اظنه غاضبا... بل هو قلق حول شيء ما.
- مما هو قلق؟

لاحظت كارولا كم من المذهل تغير مزاج الصغيرة بعد ان رفعتها لتشاهد الحمائم ثم جلست الى جذع الشجرة.

وردت عليها:
- روزي. مشاكل والدك لا تعنيني ولا تعنيك. فمهما كانت يمكنه حلها بنفسه.
- ايريد اعادتي الى المدرسة الداخلية؟
- لم يذكر لي شيئا عن هذا.

فأرتجفت شفتا الفتاة الزهريتان:
- لا اريد الذهاب الى مدرسة داخلية اريد البقاء مع ابي

نظرت اليها كارولا مذهولة قبل ان تضمها اليها ولم تظهر الصغيرة ممانعة لضمها.

- حبيبتي. انا واثقة أن والدك لن يرسلك الى مدرسة داخلية.

لكن ماذا تعرف عنه؟ ماذا تعرف عن شعوره حول الموضوع فقد يعتبر المدرسة الداخلية الحل الوحيد لمشاكله.

التفت ذراعا روزي حول عنق كارولا
- هل ستطلبين منه ان لا يرسلني الى المدرسة الداخلية؟ اتفعلين؟

تطلعت كارولا الى عيني الفتاة الواسعتين وخنقت الغصة مجرى نفسها:

- سأفعل ما بوسعي روزي.

Books_king 23-09-09 09:32 PM

نهاية الفصل الرابع

safsaf313 23-09-09 11:11 PM

يالا يا كنج متابعين معاك:dancingmonkeyff8:
شد حيييييييييييلك:party0033:
( شوفت اد ايه تشجيع ههههههه):lol:

صبر98 24-09-09 12:16 AM

شد حيييييييييييلك بارك الله فيك ورحم الله والديك:D

nana1210 24-09-09 10:42 AM

:lol::peacتسلم الايادي شد حييييلك
e:

Books_king 25-09-09 12:05 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة safsaf313 (المشاركة 2062316)
يالا يا كنج متابعين معاك:dancingmonkeyff8:
شد حيييييييييييلك:party0033:
( شوفت اد ايه تشجيع ههههههه):lol:




الف شكر على التشجيع
وهاهو الفصل الخامس قادم

Books_king 25-09-09 12:08 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صبر98 (المشاركة 2062369)
شد حيييييييييييلك بارك الله فيك ورحم الله والديك:D



رحم الله والدي الجميع
شكرا لتفاعلك

Books_king 25-09-09 12:11 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nana1210 (المشاركة 2062736)
:lol::peacتسلم الايادي شد حييييلك
e:




اهلا بك وشكرا للتفاعل وهاهو الفصل الخامس

Books_king 25-09-09 12:16 AM

5 – القلب يرقص




ذلك المساء جلست كارولا بمواجهة هاري قرب طاولته العريضة وبحذر راجعت ما ستقوله له.

- هل هناك شيء اخر تودين قوله عن تقدم حالة ابنتي؟
- لا. لكنها خائفة من ان ترسلها ثانية الى المدرسة الداخلية.

مرت لحظات صمت مطبق استطاعت خلالها الاحساس بموجات غضبه.
- وهل اثرت معها هذا الموضوع؟
- لا. لكنها سألتني عن سبب غضبك... وانا...
- نعم. تابعي...
- قلت لها انك قد تكون قلقا حول شيء ما.
- حقا؟ وبعدها؟
- قالت دون مقدمات انها لا تريد العودة الى المدرسة الداخلية ولم يكن امامي سوى الاستنتاج ان هذا امر يزعجها اكثر مما تتصور.
- وماذا تقترحين ان افعل. هل اذهب اليها لإبلغها بأن لا تقلق اذ ليس لدي النية في إرسالها الى المدرسة الداخلية؟
- وهل هذه هي الحقيقة؟
- لا! فالحقيقة آنسة وارندر انني لا املك فكرة بعد عما يجب ان أفعل بها. فانا لا اريد قطعا ابعادها عني ولكن قد اضطر لهذا.
- هل حاولت شرح الامر لها؟
- لا لم ارغب في التسبب بمزيد من التعاسة لها. ربما في المستقبل فالامر لا يزال مبهما بالنسة لي.
- الامر يهمها كثيرا لذا لا بد من ان تعرف انك لا تنوي ابعادها الا اذا اصبح الامر ضروريا بالكامل. انها تعاني من احساسها بعدم الامان هذه هي مشكلتها اساسا
- لقد تركت السكن في لوس انجلوس طلبا للهدوء والسكينة اللذين يمكن ان توفرهما هذه المنطقة خاصة وان جوها المختلف والصحي قد يساعد في شفائها فماذا يمكنني ان اقدم اكثر من هذا؟
- ان تعطيها بعضا من وقتك واهتمامك

خفق قلبها بعنف وهو ينظر اليها بانزعاج:

- انسة وارندر خلال الاسابيع الماضية سعيت جاهدا للانتهاء من كتابي هادفا لايجاد الفرصة التي تسمح لي بقضاء وقت اطول معها. وكل ما احتاجه الان بضعة اسابيع اخرى بعدها سأكون تحت تصرفها متى شاءت.

لم تجد كارولا اي خطأ في هذا وانبت نفسها بصمت على تسرعها:

- لم اكن اعرف انك

قاطعها ساخرا:
- لا فالناس نادرا ما يعرفون وسأكون ممتنا لك اذا لم تتسرعي في الحكم علي مستقبلا قبل حصولك على كل الوقائع.

قاطعه رنين الهاتف فالتفت ليلتقط السماعة ولم تنتظر كارولا لتسعم الحديث فاستغلت الفرصة وانسحبت الى جناحها.
منتديات ليلاس
تنهدت وهي تضيء المصباح الصغير قرب السرير وامسكت بمجلة قلبت صفحاتها دون تركيز وجه كان يتراءى امامها وتعنيفه الاخير لا زال يؤثر فيها واسرت لنفسها:
"عند كل مناقشة تدور بيننا ينبغي علي ان اقف في موقع الدفاع ترى ما السبب؟"


سمعت طرقا خيفا على الباب لكنه انفتح قبل ان ترد ليدخل هاري ويقفله خلفه ويستند اليه هذه المرة الاولى التي منذ وصولها يدخل غرفتها وادركت ان شيئا قد حدث عندما لاحظت تجهم وجهه:

- ظنتت انك قد تهتمين لمعرفة ما حدث في القرية ومن كان المخابر. انه السيد كايلي ذهب ابنه الصغير الى الشاطئ بعد ظهر اليوم ووقع في الممر المنزلق واصيب بجرح عميق في رأسه استدعى نقله الى المستشفى. من بين كل الشتائم والكلام المرير فهمت انه يحملني مسؤولية اصابته لذا سيرسل لي فاتورة تكاليف علاج ابنه.
- لكن هذا امر سخيف.
- قولي هذا له
- وماذا ستفعل؟
- اولا سألقي نظرة على ذلك الممر اللعين حال ان تسنح لي الفرصة
- هل لي بابداء اقتراح قد يحل المشكلة؟ هناك بوابة صغيرة في الجدار الجانبي خلف خلف جناح الخدم. يمكن فتحها للمرور. وستحتفظ بخلوتك الخاصة وترضي القرويين لحين ترميم الممر.

Books_king 25-09-09 12:18 AM

تبع اقتراحها صمت متجهم فخفق قلبها بالخوف متوقعة في اية لحظة اصابتها بسلاطة لسانه. لكنه قال:

- ربما يستحق الامر بعض التدقيق.

رفعت رأسها بحدة لتتأكد ان ما سمعته صحيح. فوجدت نظرته الثابتة خالية من اية سخرية فسألته:

- هل اقدم لك فنجان قهوة انها فورية
- شكرا لك
- لقد زودتني شيلا مشكورة بفنجانين وابريق كهربائي لا تستخدمه فارجو ان لا تمانع
- يبدو لي انك خلال اسبوعين سحرت قلوب جميع من في المنزل
حملت الصينية الى الطاولة الموضوعة بينهم وجرتها نحوها

- اذا كان الامر هكذا فانا لم اقصده
- أتساءل عن هذا
اخذ منها فنجان القهوة قبل ان يتابع:

- من الملاحظ انك احرزت نجاحا في علاقتك مع روزي. فهل تنوين استعمال سحرك لفتح طريقك والوصول الى قلبي ايضا.

تصلب كل جسدها امتعاضا:
- لا ادري عما تتكلم... فانا لم...
- اوه هيا الان هل انا امام امرأة لا تستغل جمالها وفتنتها لتسيطر على اكبر عدد من القلوب.

فعلقت بخشونة رافعة يدها دون وعي الى عنقها مخنوقة الانفاس

- لست انوي الجدال معك سيد موريل حول هذه النقطة لانه من الواضح انك لم تقابل في حياتك سوى النساء الشريرات وانا واثقة تماما ان ما من امرأة استطاعت تحطيم الدرع الذي تضعه متعمدا حول قلبك

ماذا تقول بحق الله؟ ماذا تفعل؟ لماذا تكلمه هكذا؟ لكن ما حدث بعد لحظة جعلها تحدق به بذهول... لاول مرة منذ قابلته رمى رأسه الى الوراء ضحك ضحكة طبيعية خاليا من التصنع. لم تستطع تصديق ذلك حتى تعابير وجهه عبرت عن صدق ضحكته. وهي التي اعتادت منه المواجهة بابتسامة ساخرة.

عاد السيد هاري الى طبيعته المسيطرة ولاحظت بخيبة امل عودة الخطوط المتجهمة لترتسم على وجهه وقال:

- انت محق تماما. وانا اعرف تماما اساليب الخداع التي تستخدمها النساء لقد عايشت مرة مثل هذه الاساليب.

المرة الثانية؟ وهل هناك من مرة اولى؟ من الواضح ان هناك اسباب وجيهة ادت لاحساسه العميق بالمرارة اسبابا لا يمكن تصور قساوتها او حدتها لذا قررت ابدال وجهة الحديث الى جهة توحي بالامان والهدوء.


- سيد موريل. اذا اردت الذهاب الى القرية في سيارتي في بعض الاوقات فهل تأذن لي بأخذ روزي معي؟
- لا أود عرضها امام الناس
- عرضها امام اي ناس. بحق الله؟ وهل انت خائف من انتقام الناس؟ لن ينتقم احد من طفلة في القرية مهما كان السبب. وقد يفيدها الخروج ولقاء الناس كثيرا. وقد تتصادق مع اطفال في مثل سنها وتطلب من اللعب معه هنا.
- لا انا امنع هذا قطعيا
- لماذا؟
- لا اتحمل وجود اولاد يجوبون المنزل وانا اعمل ... ثم ...
- لكن اراضي القصر واسعة لتحتوي دزينة اطفال دون الحاجة لازعاجك
- يجب ان اضيف الى معلوماتك سبب عدم قدرتها على الدخول الى المدرسة فالاطباء نصحوا بعدم تعرضه لاي اثارة من اي نوع كانت . ووجود اطفال يلهون معها قد يثيرها.
- صحيح طبعا. لكنني اود ان تلتقي بعمتي. انها لطيفة جدا مع الاطفال. والاطفال يعجبون بها.
- وماذا يجعلك تظنين انها ستكون لطيفة مع روزي؟
- كنت طفلة عندما احتضنتني عمتي ايما.

لم يكن هذا موضوعا تحب ان تطرقه لكنه مهم جدا كي تجعل هذا الرجل يدرك انه لا يستطيع ابقاء طفل بعيدا عن عالمه الخارجي. فتابعت:

- كان والدي عالما نباتيا يهوى ايضا السفر والابحار مما ولد لديه حب الاستطلاع والاكتشاف الذين اديا الى ضرورة التجول ونادرا ما كانت امي تسمح له بالسفر وحيدا. وفي احدى السفرات لغابات الامازون اعترضتهما عاصفة بحرية ساحقة واعلن وقتها عن فقدهما.

Books_king 25-09-09 12:20 AM

فقطب هاري حاجبيه متأثرا:

- اكنت في الثانية عشرة عندما حدث هذا؟
- اجل . خفت وارتبكت واعتقدت ان الدنيا انتهت الى ان تولت عمتي ايما حضانتي وتربيتي.

ظنت انها قد حصلت على الراحة عند اخباره ما حدث معها لكن التعبير في وجهه بقي على حاله فسكتت منتظرة تعليقا منه. لكنه وقف ومد اصابعه ليفرك فكه مفكرا. ثم قال اخيرا:

- اذا كنت تظنين ان لقاء عمتك سيساعد روزي فليس لدي اعتراض. لكنني لا اريدها ان تتعرض لاية اثارة مفرحة كانت ام محزنة.

فوقفت كارولا لتضع يدها على ذراعه شاكرة:

- اعدك اعتني بها جيدا... وشكرا لك

نظر الى يدها الممسكة بذراعه فابعدتها محرجة ابتسم وهو يراقب تبدل اللون في خديها فأخفضت نظرها لتخفي ارتباكها.


- شكرا للقوه ... تصبحين على خير كارولا.


خرج قبل ان ترد لكن صدى اسمها الخارج من بين شفتيه اصاب جسدها برعشة محببة فردعت نفسها هامسة لها :
" احذري كارولا هاري موريل قد يكون ناجحا في تحصين قلبه ليحميه من الوقوع في الحب لكن قلبك ضعيف ورقيق ومشكوك بأمره قد لا يستطيع الخلاص من حبائل الحب اذا لم تردعيه مسبقا وسريعا"


اليوم التالي كان مميزا بدفئه وجماله على الرغم ن انه من ايام الشتاء القارس قصدت كارولا الشاطئ ترتدي بلوزة قصرة الاكمام ورفعت بنطلونها عن ساقيها لتركض فوق المياه المندفعة فوق لسان رملي تحده كثبان تنمو عليها الاشجار الصغيرة من كل جانب. هكذا كانت تحب ان يكون الشاطئ منذ كانت طفلة. ان يكون لوحدها مع افكارها ربما لتخفي دموعها او سعيا وراء الهدوء والارتماء في احضان الطبيعة

رفعت رأسها وتنفست عيمقا لتستنشق الهواء النقي ولمتلأ رئتيها ولعقت شفتيها لتتذوق طعم الملح. لطالما احست بالانتعاش وهي تسير على الشاطئ لا تسمع سوى صوت الموج في اذنيها ولا تحس سوى بحرارة الرمال تتسلل الى اصابع قدميها.
مدت ذراعيها لتنعم بالحرية ترقص على رمال الشاطئ المغتسل باشعة الشمس.

دون ان تعي انها مراقبة استمرت بالدوران الراقص الى ان تهاوت مقطوعة النفس منهوكة القوى وتمددت فترة فوق الرمال تحدق بغيمة تقطع طريقها عبر السماء الصافية لكنها سرعان ما اغمضت عينيها في وجه اشعة الشمس الحارقة وفجأة اسحت بظل يخيم فوقها ففتحت عينيها ثانية لتجد ان السماء محجوبة بكتفين مليئتين بالعضلات شديدي السمرة لا بل السواد من قوة حرارة الشمس. فرفعت نظرها اكثر لتصطدم بوجه قاس على بعد سنتمترات من وجهها.

لم يكن امامها سبيل لخلاص مشرّف فالذراعان القويان كانا مزروعان بثبات الى جانبيها يأسرانها دون يلامساها. بذهول لاحظت الهالة الذهبية حول بؤبؤ العينين غريب كيف انها لم تلحظ هذا من قبل وتحولت نظرتها الى آثار الجرح في وجهه فأحست برغبة لا تقاوم بأن تمرر اطراف اصابعها عليه من الصدغ حتى الفك. وسمعته يقول ساخرا:

- هناك سبب للاستعراض الراقص الذي عرضته منذ لحظات... وانا اكيد ان بامكانك تنويري عنه
- وهل يجب ان يكون هناك سبب؟
- اجل عندما ترقص امرأة على الشاطئ بالطريقة التي رقصت بها. فلا يمكنني سوى الاستنتاج انه كان تعبيرا عن تعاطفها مع رجل ما يشك بذلك... ربما كنت انا ذلك الرجل؟

وعلقت انفاسها في حلقها وصاحت به:

- كيف تجرؤ على هذا القول؟
- ليست المرة الاولى التي تحاول فيها امرأة شد انتباهي اليها.

ضحك بخشونة وامسكك بيدها ليجذبها واقفة فشدت يدها منه ونفضت الرمل عن شعرها وبنطلونها وهي وتمتم بغيظ:

- انا لا افعل هذا... ول افعله مطلقا...
- لكنك قد تفعلين... عندما تقوى غريزة الصيد فيك. كل النساء سواسية.


شحب لونها بشكل ظاهر:

- لك رأي مشين بالنساء سيد موريل؟
- صحيح آنسة وارندر؟

ناداها كارولا مساء امس وادركت فجأة انه لا يرتدي سوى شورت قصير يتعلق بخصره النحيل ليبرز ساقيه القويتين. لكنها ابعدت نظرها قائلة:

- النساء لسن فاسدات كما تحب ان تصورهن.
- اتعتقدين بان بعضهن فاسدات؟
- لا اعترف بشيء كهذا.
- انت تناقضين نفسك. لكن هذا لا يغير رأيي.. فلي خبرة رائعة في الموضوع. وكلها مع النساء. وهذا ما جعلني ادرك ان ليس هناك من أمرأة في الكون يمكن للمرء ان يثق بها او ان يعتمد عليها.

Books_king 25-09-09 12:22 AM

استدار عنها وهو يتكلم بصوت ملؤه المرارة ... لا بد ان هناك امرأة قد جرحته بالصميم. لكن من؟ ولماذا؟

تركزت عيناها على اثر جرح اخر كان يمتد من منتصف صدره فوق ضلوعه حتى جانبه الايسر. لكن منظره لم يؤثر ابدا على رجولته البارزة. مما جعلها تحس بشيء لم تحس به مع رجل اخر. وارتفعت نظرتها الى الجرح في وجهه. ثم احمرت حرجا بعد ان لاحظت ان ضبطها تراقبه فلوى فمه ساخرا:

- هل تجدين جروحي منفرة؟
- لا... انها غير منفرة ولا تزعجني اطلاقا.

كيف تشرح له قوة رغبتها لأن تلمسه. وتمرر اصابعها على جرحه. تتحسن دفء جسده القوي. دون ان تذل نفسها. قاطع صوته أفكارها بحدة:

- كنت افكر بإقتراحك.
- اقتراحي؟
- فتح البوابة الجنوبية. اتذكرين؟
- اوه اجل. هل ستتركها مفتوحة؟
- اجل لكن المشكلة كيف سأعلم الجميع بقراري؟ هل اسير في طرقات القرية معلقا يافطة على صدري مكتوب عليها " مسموح المرور عبر اراضي قصر بكلاند"

علمت فورا انه لا يريد الاعلان رسميا عن انه انصاع للامر. فقالت بسرعة:

- لن يكون هذا ضروريا... سأبث تلميحات في "قاعة الاخبار" وسينتشر.
- قاعة الاخبار؟
- انها "قاة الشاي" لعمتي. الجميع يذهب هناك للثرثرة والتقاط الفضائح. تنفس هناك بكلمة, فتنتشر في القرية بحروف كبيرة وتصلك على جناح الريح. وقبل ان يرف جفنك.
- حسنا بما ان المشكلة الان حلت سألقي نظرة على الممر الذي يبدو ان الجميع مهتم به. اتعرفين الطريق اليه؟
- طبعا
- تعالي معي اذن.

قادته نحو الممر من بين اشجار الصنوبر. ليجداه مليء بالطحالب. بينما نبات السرخس والخنشار ينميان بجنون من الرطوبة عل جانبيه. ولو ترك دون مساس لكان جنة جميلة للنظر لكنه تسبب منذ فترة في حادثة اليمة. وسمعت كارولا هاري يقول:

- يا الهي بكل تأكيد هناك طريق اخر الى الشاطئ؟
- من جهة الطريق المعبد اجل. لكن لمن يريد التمشي...

عندما شاهد ما يكفيه قاطعها مشيرا الى وجوب العودة. والعودة تمت بصمت. لكن عندما لامس ذراعها ذراعه فجأة، اجفلت بعنف وذعرت لإحساسها بقشعريرة جميلة في جسدها. رد فعلها لم يمر دون ان يلاحظه فنظر اليها نظرة سريعة عبرت عن الغضب وشيء اخر شيء جعلها ترغب بالبكاء الصامت المؤلم. وبقي صامتا وفجأة سارع الخطى وكأنه يستعجل الابتعاد عنها.

عند اول فرصة اتصلت كارولا بعمتها لتطلب منها نشر خبر فتح البوابة الجنوبية للقصر امام الجميع في قاعة الشاي. فسألتها العمة بفضول:

- وما الذي دفعه لتغيير رأيه؟ ربما حادثة الصبي كايلي؟
- ان الحادثة دفعته لقبول اقتراحي.
- اقتراحك؟ من الملاحظ انك استعطت التأثير عليه.
- ليس لي اي تأثير... بل كان الامر اقتراحا مناسبا في الوقت المناسب. لاتنسي اذاعة الخبر.
- اعتمدي علي يا عزيزتي.

صباح اليوم التالي خلال فترة التدريس تأكدت كارولا ان الطفلة روزي بحاجة الى توجيه لتحسين خطها فهو غير سوي يتدرج من كبير الى صغير دون ترتيب. فأمسكت المسطرة لتخطط لها الدفتر وتقدمت نحوها.... على الفور انكمشت الفتاة وتراجعت الى الخلف. فسألتها قلقة:

- ما بك روزي؟

لم تقل روزي شيئا, لكن عيناها كانتا مثبتتان الى المسطرة. وهي تتنفس بقوة. بدرت لها فكرة:

- أظننتني سأضربك؟


فهزت روزي رأسها وانفجرت بالبكاء. فجلست كارولا الى المقعد الصغير بقربها وامسكت بيديها الصغيرتين المرتجفتين:

- روزي لم اكن انوي ضربك. فما هو السبب الذي سيدفعني لضربك؟
- بسبب خطي السيء. فالمربيات الاخريات كن يقلن لي انهن سيضربنني.

Books_king 25-09-09 12:23 AM

اشتدت ذراعا كارولا حول روزي تحتضناها. متمتة:

- حبيبتي... انا واثقة ان تحذيرهن كان من اجل لفت اهتمامك الى خطك. وما كن ليفعلن هذا مطلقا.

فزاد بكاء روزي ودفنت رأسها في صدر كارولا:
- كن رهيبات ... كرهتهن.
- من السيء كراهية الاخرين.

ردت روزي بصراحة الاطفال:
- لم استطع منع نفسي. هن جعلنني اكرهن. لم يكن مثلك... فانت مختلفة.
- انا سعيدة لاعتقادك انني مختلفة فانا اريدك ان تصدقيني عندما اقول لك انني هنا لأساعدك بكل وسيلة املكها, ولا تكوني ابدا خائفة مني. لانني لن اؤذيك مطلقا.

رفعت روزي وجهها المبلل بالدموع ولأول مرة كان خاليا من الريبة منورا بابتسامتها الرقيقة. هذه الحادثة شكلت نوعا من الاختراق النفسي بينما ساعدت على وجود تغيير نوعي لعلاقتهما في الايام التي تلت. روزي كأي طفل اخر تجاوبت مع الحب الذي قدمته لها كارولا. وتفتحت كالزهرة لكتشف ما بداخلها. كارولا لم تذكر شيئا من تلك التغيرات عندما قدمت تقريرها اليومي الى هاري بعد العشاء. لكنها احست انه مدرك للحالة التي وصلت اليها الطفلة وان الامر اسعده.


بعد عدة اسابيع لم تعد كارولا غريبة في القصر كما لم تعد روزي غريبة للعمة ايما بعد زيارتها الاولى التي شملها بعضا من التوتر. وقالت العمة لـ كارولا عندما وصلت مع الطفلة بعد ظهر احد الايام.

- هناك شيء اود اخبارك اياه. بعض الملاحظات الشريرة تمر على الالسن منذ سكنك في القصر.

فشهقت كارولا بغضب:
- صحيح؟

فأشارت ايما بيدها دليل فقدان الصبر:

- لن يفيدك ان تمنعيني من الكلام كارولا... فيستمر الناس في الحديث.
- وماذا يقولون؟ ربما من الافضل ان لا تقولي لي.
- كارولا... لا استطيع الجلوس وترك الناس يتحدثون بالسوء عنك... فهناك حدود لتساهلي.
- ضميري مرتاح عمة ايما. وسيبقى هكذا مهما قال الناس.
- اصدقك. والعديد قد يصدقك. لكن سيبقى من يستمر في الشك.

انقطع الحديث بدخول روزي من المطبخ تحمل قطعة حلوى بالبندق وعلى وجهها علامات رضى كوميدية. لم تستطع العمة منع نفسها من الضحك عليها. وقالت روزي متفاخرة:

- هذه ثالث قطعة.

فقالت كارولا:

- والدك سيسلخ جلدي اذا لم تتناولي عشاءك اللية.
- هل سيفع هذا حقا؟

فأبتسمت كارولا تتفحص وجه روزي لتنظفه:

- لا. لكنه قد يغضب لسماحي لك بتناول الكثير من الحلوى في وقت متأخر من بعد الظهر. وسيكون الحق معه في غضبه اذا لم تتناولي العشاء. اليس كذلك؟
- اعتقد هذا.

فوضعت اصبعها تحت الذقن الصغيرة لترفعها نحوها:
- لنأمل لهذه المرة على الاقل ان يفهم والدك اذا لم يكن لديك قابلية للأكل اكملي الحلوى ولنذهب الى المنزل.

وتمسكت يدها الصيغرة بتنورة كارولا التي طمأنتها:
- لن اذهب روزي حتى ولو غضب مني والدك.

ركضت الفتاة راضية الى حيث تقف سيارة كارولا ناسية مخاوفها. وتسلقت الى الداخل لتكمل ما تبقى من حلوى البندق.

Books_king 25-09-09 12:26 AM

أمسكت العمة ايما بذراع كارولا وقالت متنهدة:
- الطفلة تحتاج اليك. وتركك لها الان كارثة.

هزت كارولا رأسها بصمت. وعلمت انها قادرة على الاعتماد على عمتها دائما لكن دعمها في هذه اللحظات كان له اهمية خاصة. واكملت العمة بحنان:

- لكن علي ان اطلق لك تحذيرا هاما. لا تدعي حبك للطفلة يستعبد قلبك... فالفراق حتمي، وتعلقك بها سيزيد صعوبة الفراق.

بقي تحذير العمة يرن في اذني كارولا وذهنا وهي تقود السيارة عائدة الى القصر مع روزي. لكنها اصيبت بإنقباض حاد خاص عند رأس معدتها بسبب عصبيتها في التفكير، فالتحذير جاء متأخرا. انها فعلا مأسورة القلب ليس بحب الطفلة وحسب، بل كذلك بهاري موريل.

فمع مقدرتها على ابعاده عن افكارها نهار كانت تصبح عاجزة عن هذا تماما في الليل. فهو يقتحم عليها احلامها، ليسخر منها باستمرار وعليها ان تحصن قلبها ضد القلق وضد هذا الحب المتصاعد. والا ستعاني من اذلاله لها. اكثر بكثير مما تتصور. منتديات ليلاس

Books_king 25-09-09 12:31 AM

نهاية الفصل الخامس

نونا المجنونه 25-09-09 12:38 AM

كمليها بسرعه بليزززززززززززز

Books_king 25-09-09 08:07 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نونا المجنونه (المشاركة 2063133)
كمليها بسرعه بليزززززززززززز

الا تقصدين كملها:lol:

aghatha 25-09-09 12:58 PM

lol i think i understand ur mistake sis, girls are domineerig here it was a slip of key anyway it doesnt matter bcoz we wanna c la suite merci 4 ur efforts n plz dnt keep us waitin
P.S:its a forum of addicts

Books_king 25-09-09 04:17 PM

6 – الشيطان

Books_king 25-09-09 04:18 PM

صمتت كارولا فجأة عندما كانت تتلو تقريرها اليومي على هاري موريل في احدى الامسيات:

- سيد موريل هل هذا حقا ضروري؟ اليس من المرضي اكثر ان اكتفي بتقرير شهري حول حالة روزي وتقدمها.

استدار هاري عن وقفته المعتادة قرب النار ليواجهها بتعبير مبهم ارتسم على وجهه:

- الديك سبب لهذا الاقتراح؟
- روزي تجد صعوبة في بعض الاحيان في التركيز على عملها. وقد انجح في تركيز اهتمامها في يوم بينما قد افشل في التالي وهذا يتوقف على حالتها النفسية وكذلك نوعية العمل الذي يختلف من يوم لآخر لهذا السبب اجد نفسي مضطرة لإعطائك مرة تقريرا جيدا وفي الاخرى تقريرا سيئا.
- اذن تعتقدين انه من الافضل تقديم تقرير شهري؟
- سيكون من السهل علي أعطاؤك صورة عامة ضمن فترة محددة

تفرس بها هاري بصمت. يداه مدسوستان في جيبي بنطلونه تعبير مبهم على وجهه. كان من الصعب التخمين بما يفكر او تصور رد فعله. لكن واقع ظهوره بمظهر من يفكر بإقتراحها كان املا جيدا لها. واخيرا قال:

- ربما تكونين محقة.
- اعرف انني محقة.
- لو استطعنا جميعا ان نملك نظرة سليمة عن الصواب والخطأ لما كانت الحياة معقدة كما هي الان. حسنا انسة وارندر. ليس ليد اعتراض على اقتراحك.
- شكرا لك. لكن هناك مسألة اخرى اريد مناقشتها معك... ايمكنك توفير آلة تسجيل لغرفة الصف؟
- هناك آلة تسجيل في غرفة الجلوس.
- اعرف لكنني احب ان اجلس لوحدي احيانا لأمتع نفسي بالموسيقى وقد تزعجك لو استخدمنا غرفة الجلوس.

فقطب عابسا:
- انسة وارندر. لقد استخمدتك للاهتمام بتعليم ابنتي وليس لاضاعة الوقت في سماع الموسيقى الراقصة.
- ليس هذا قصدي سيد موريل. فالاستماع الى الموسيقى خلال ساعات التدريس اصبح امرا مطلوبا في هذه الايام فالموسيقى والاغاني وقصص الاطفال اصبحت جميعها ضرورية في مناهج التعليم.
- لكنني لا اوافق على هذا.
- اتريد ان يستمر تعليمها بطريقة طبيعية قدر المستطاع ام لا؟
- اجل لكنني لا ارى ما علاقة الموسيقى بالتعليم.
- علاقة متينة. اذا لم تكن تريد شراء آلة تسجيل سأحضر واحدة من منزل عمتي لتسهيل هذا الغرض.
منتديات ليلاس

Books_king 25-09-09 04:20 PM

- لا. اذا كانت آلة التسجيل ضرورية فسننزل الى القرية غدا لنشتري واحدة مناسبة.

فتمتمت شاركرة وقررت الانسحاب.

- كارولا...

توقفت ويدها على مقبض الباب واستدارت ببطء:
- اريدك ان تعرفي انني مسرور بالطريقة التي تتعاملين بها مع روزي. واريدك ان تبقي... ولكن...
- ولكن ماذا؟
- لا بد انك سمعت الاقاويل في القرية؟

من المحتم ان تصل اسماعه تلك الاقاويل وتنهدت:
- اجل سمعتها لكنني لا انوي التفكير بها.
- انا لا اهتم بنفسي كارولا... لكنك انت لا تستحقين الدس الحقير.

اهتمامه المفاجئ اثار دهشتها لكنها كانت مصممة على تبقى ثابتة في قرارها

- كنت اتوقع الدس عندما قبلت عرضك وليس لدي النية للانسحاب.
- قد تندمين على هذا.
- لا استطيع ترك روزي الآن. لقد بدأت تثق بي. وتركها الان سيكون جرما.

علا وجهه المتجهم تعبير غريب وتقدم نحوها شيء ما في عينيه المحدقتين في عينيها ملأها بشعور يؤكد بإنها على شفير هوة. وان هذا الرجل يمسك بحبل نجاتها بقوة بيدين قادرتين.

- اذا كان هذا شعورك فلن اتطرق الى الموضوع ثانية... لكن في اي وقت تودين فيها تغيير رأيك...
- لن أغير رأيي.
- تصبحين على خير كارولا.

صرفه لها كان كمصراعي باب خشبي أقفلهما بعد السماح لها بالقاء نظرة خاطفة على شيء غير واضح. ايمكن ان تكون قد تصورت ذلك التغيير في وجهه لسبب بسيط هو انها تريد ان تراه؟

ابعدت هذه الافكار عنها ثم عنفت نفسها " انت حمقاء كارولا وارندر" ثم اتجهت الى غرفة روزي للتأكد من نومها بإرتياح.

في اليوم التالي بعد فترة الغداء قرر السيد هاري ان يفي بوعده فأحضر سيارته وتوقف امام الباب الامامي تأهبا للذهاب الى القرية. جلست الى جانبه لتنسى توترها وتسترق النظر الى اليدين القويتين الرشيقيتن اللتين تقودان السيارة. ولم يعد لديها شك فكفاءته في القيادة جلتها تتصور انه لو تزوج سيكون بنفس الكفاءة في السيطرة على زوجته.

اذا كان القرويون يتحدثون عن كارولا بالسوء لوجودها في القصر. فقد برهنوا عن الحنكة واللباقة حين اخفوا مشاعرهم عند رؤيتها برفقة مخدومها وإبنته بينما كانت البائعة في المحل مذهولة بفتنة وجوده. واشترى آلة التسجيل دون تردد وبينما كان هاري يدفع الثمن توجهت كارولا وروزي لانتظاره في السيارة.
- كارولا

احست بمن يمسك بذراعها وهي تساعد روزي على الصعود الى السيارة. فاستدارت لترى امامها الدكتور مارك كيندي؟
- كنت بإنتظار تلك المكالمة الموعودة حتى كدت افقد الامل برؤيتك مجددا

احست بموجة خجل تجتاحها لقد نسيت تماما وعدها لمارك بتناول العشاء معه:

- اسفة مارك لكنني كنت مشغولة وانت كذلك كما اعتقد ماذا عن الوباء المعدي المنتشر في القرية؟

نظر مارك الى السيارة ليتبادل بضع كلمات مع روزي ثم استقام ليكمل الحديث مع كارولا:

- الوباء انتهى الان واذا لم تكوني مشغولة ما رأيك بمرافقتي اللية على العشاء؟
- أتمنى هذا من كل قلبي مارك ... لكن...

توقفت عن الكلام في منتصف جملتها عند رؤيتها لهاري يخرج من المحل وتقطيبة غضب بين عينيه. وحيا مارك ببرود:
- مساء الخير د.كيندي.... اظنك تعرف الآنسة وارندر؟
- اجل اننا صديقان ولقد دعوتها اللية على العشاء اذا لم يكن لديك مانع؟

Books_king 25-09-09 04:21 PM

حبست كارولا انفساها لمواجهة الرجلين امامها. لكن التوتر زال اخيرا عندما رد هاري ببرود:

- الانسة ليست بحاجة الى اذن من دكتور اؤكد لك انها قادرة على اتخاذ القرار بنفسها.

فرد مارك بسرعة:
- انتهى الامر اذن سأحضر لآخذك عند السادسة كارولا.
- مارك لا اظن...

لكنه تجاهل احتجاجها ملوحا بيده وابتعد لتجد نفسها تواجه هاري بحرج اكيد. فقال لها ساخرا وهو يفتح لها باب السيارة:
- يبدو انه اتخذ القرار عنك. النساء دائما مخلوقات ضعيفات لا قرار لهن.
كبحت ردها الغاضب على سخريته وصعدت السيارة رحلة العودة تمت بصمت مزعج جو الاسترخاء بينهما اضطرب منذ لحظة ظهور مارك.

سألتها روزي بعد اسراع جاكسون عند سلم القصر:
- انستطيع سماع بعض التسجيلات بعد الظهر كارولا؟

قاطعها هاري بحدة:
- من سمح لك بمناداة الآنسة وارندر بإسمها الاول؟
فأنكمشت روزي وتدخلت كارولا بسرعة:
- انا اعطيتها الاذن سيد موريل.

فترك الموضوع وسار الى صندوق السيارة فابتسمت كارولا لروزي مشجعة وهما تلحقان به. لكن ما ان دخل الخادم يحمل المشتريات حتى لاتفت هاري الى كارولا:
- حسنا... بعد رؤيتي ان الامور ممتازة وودية بينكما... لماذا لا تناديني هاري؟
- لا... لا استطيع.
- لماذا؟ اذا كنت استخدم اسمك الاول فلماذا لا تستخدمين اسمي؟
- الامر مختلف... انت رب عملي.
- واذا اصريت كرب عملك؟
- الافضل... ان لا افعل.

شدت روزي بيد كارولا نافذة الصبر:
- كارولا.
- اصعدي الى غرفتك روزي ... كارولا ستلحق بعد قليل.


تجهم وجه روزي لكنها فعلت ما امرت به وسارعت الى الداخل تاركة كارولا لوحدها مع هاري. وازداد توترها عندما لامست يده مرفقها:

- اريد رؤيتك للحظات... ولوحدنا.

لم يترك ذراعها الى ان وصلا الى خلوة مكتبته... حتى بعد ان جلسا يواجهان بعضهما عبر الطاولة كانت لا تزال تحس بضغط يده مرفقها قال لها دون مقدمات:
- لم اكن اتوقع ان تربطي نفسك كليا بـ روزي... كما انني لا اهتم كثيرا بتصرفات د.كيندي ولا اعجبني الاتهام الفارغ بأنني احبسك في قصر "بكلاند".

Books_king 25-09-09 04:23 PM

فهمت كارولا على الفور سبب غضبه وحاولت التخفيف عنه قدر ما استطاعت:
- الامر كله غلطتي دعاني منذ فترة على العشاء آملا بالموافقة ونسيت ذلك تماما. لكنني لا اظن ان الدكتور كيندي كان يقصد التلميح بأنني سجينتك. فالأمر سخيف وانا لم أعتبر نفسي سجينة مطلقا.

فالتوت شفتاه بسخرية:
- اذن ارجو ان تأخذي حريتك في اوقات الفراغ التي تحتاجينها ضمن المعقول شريطة ان تعلميني بها وسأطلب من شيلا العناية بـ روزي. فأنا لا ارغب ان تنقطع علاقتك بالدكتور.

أرتفع الدم الى وجه كارولا ثم سارع للانسحاب ليتركها صفراء شاحبة:
- لست على علاقة مع د.كيندي.
- حسن جدا. لا ارغب في ايجاد شرخ في ... صداقتكما. هاك مفتاح للباب الامامي فيما لو تأخرت.

بعد تردد طويل اخذت منه المفتاح:
- شكرا لك.

فوقف فجأة:
- بإمكانك الذهاب الان.

فحدقت به حائرة قبل ان تقف بحدة لتغادر الغرفة. لماذا كلما صرفها بتلك الطريقة الفجائية يتملكها شعور غريب بأنه يصفق الباب في وجهها؟ وتوجهت فورا الى غرفة روزي.

الامسية التي امضتها مع مارك لم تكن كما تمناها. فقد كانت افكارها مع روزي مع خوفها من ان يحدث لها شيء في غيابها مما قد يثير نقمة هاري فوق رأسها.

قاطع مارك حبل افكارها وهما يشربان القهوة:
- لا اقصد ان اثير موضوع هاري موريل وإبنته لكنني اود ان اعرف مدى تقدمها.
- انها في تحسن ملموس.
- اتدركين انك تفوقت على كل من سبقك من مربيات؟
- هذا ما اعتقده
- ما سر نجاحك؟
- لست ادري ما اذا كنت ناجحة تماما. فـ روزي لا زالت منكمشة على ذاتها لم تتحدث مطلقا عن امها ولا عن اخيها او عن الحادثة لكنها تخفي كآبتها في داخلها. انني واثقة من هذا. ولو استطعت جعلها تتلكم لأصبحت فتاة مختلفة.
- هل فكرت في استخدام طريقة الصدمة؟
- لا. اتظنها طريقة حكيمة؟
- انا لست طبيبا نفسيا لكنني اظن انها فكرة تستحق التجربة. تعالي الان دعينا نرقص.

امسك بيدها ليقودها الى حلبة الرقص وضمها الى صدره ضمة عنيفة واخذا يتحدثان احاديث بسيطة بعيدة عن المواضيع الشخصية. عادا من سهرتهما الهادئة وهو يوقف سيارته تحت ابراج القصر أطفأ أنوارها واستدار نحو كارولا قائلا بإصرار:
- يجب ان أراك أكثر كارولا. اتسمحين لي بأخذك في نزهة الى الريف بعد ظهر احد الايام؟ نستطيع التوقف في مكان ما لشرب الشاي والتمتع بالمناظر.

رمت كارولا نظرة سريعة الى الضوء خلف نافذة غرفة النوم وكأنما تتوقع ان ترى الستائر تنزاح لتكشف عن مخدومها. فقالت:
- انا ... لست ادري
- لن اقبل رفضك.
- حسنا مارك

Books_king 25-09-09 04:24 PM

فتحت الباب بسرعة لتبتعد بعد ان احست بنواياه.
- كارولا...
فقاطعته بلطف:
- تصبح على خير مارك. وشكرا لك على هذه السهر الجميلة.
اقفلت الباب ثم ركضت مسرعة فوق درجات السلم قبل ان يستطيع منعها. وسمعته يدير محرك السيارة عند وصولها الى الباب. فإستدارت لتشاهده يلوح لها قبل يختفي.

بعد لحظات كانت في الردهة المعتمة نور غرفة الجلوس ينير طريقها نحو السلم لكن قلبها توقف لحظة عن الخفقان حين لاحظت ظلا طويلا يتطاول فوق الارض ليوقف تقدمها.
- كارولا.
استدارت لترى هاري يقف بالباب واكمل:
- هل لي ان اراك في مكتبتي للحظات... ارجوك؟

اغلق الباب وراءها ثم تقدم نحوها وهي تقف امام النار واشار اليها لتخلع معطفها وتجلس.
- هل امضيت امسية جميلة؟
- كانت جميلة جدا... شكرا لك سيد موريل.
- هاري. كنت على وشك شرب فنجان قهوة قبل النوم اتحبين مشاركتي؟
- شكرا لك.

اصابتها الحيرة لتصرفه ولم تتمكن من فهم هذا اللطف الذي يبديه نحوها لكنها حاولت ان تسترخي وهو يقدم لها فنجان قهوة. مرت الدقائق بطيئة وهما يحتسيان قهوتهما مع ذلك لم يتحدث هاري. اخيرا اصبح الصمت لا يحتمل فاضطرت الى اقتحام صمته:
- أهناك شيء كنت تنوي بحثه معي؟

حدق به لحظات قبل ان يرد:
- سأسافر غدا الى هيوستن لانجاز بعض الاعمال كان يجب ان ابلغك قبل الان لكنني نسيت.
- اوه... هل ستغيب طويلا؟
- اسبوعا على الاكثر سيهتم الخدم بك وستكونين بأمان.
- انا واثقة من هذا.
- لكن هناك امرا اصر عليه لا اريدك ان تخرجي ليلا في غيابي.
- لن اترك روزي لوحدها مطلقا.
- لكنك سترين د.كيندي ثاينة على ما اعتقد؟
- اجل اظن هذا.
- لا تتردي بدعوته اذا احتاجت روزي لعناية طبية واذا رغبت في الاتصال بي هناك رقم هاتف غوردن دانتون مسجل في دفتر الهاتف
- غوردن دانتون... المخرج؟
- اجل ... اتعرفينه؟
- لا لكن كل من يهتم بالمسرح سمع به.
- وهل تهتمين بالمسرح؟
- كمتفرجة نعم.
- وهل فكرت مرة بالعمل المسرحي؟
- يا للسماء ... لا. مرة عرضنا مسرحية في المدرسة ولعبت فيها دور الشريرة. هل انهيت كتابة روايتك؟

Books_king 25-09-09 04:25 PM

بدت الدهشة عليه قبل ان يشير الى اوراق مخطوطة مرتبة على مكتبته.

- انهيتها هذا المساء.
- الست سعيدا بإنتهائها؟
- انها رواية جيدة. اذا كنت مستعدة للنظر الى الحياة دون هذه النظارات الملونة باللون الزهري. لقد دونت كل حقدي فوق هذه الصفحات.... مما ترك في داخلي فراغا يستمر عادة عدة ايام قبل ان أبدأ بجميع غيره لرواية جديدة. اتودين المزيد من القهوة؟
- لا شكرا لك الوقت متأخر...
- استبقيتك اطول مما كنت انوي.
منتديات ليلاس
تقدم الى حيث وضعت معطفها على ذراع كرسي فالتقطت حقيبها ووقفت. كانت تعبة مصابة بدوار خفيف وضعف في ساقيها ايمكن ان يكون هذا بسبب ضغط يديه على كتفيها هوه يلبسها المعطف؟

- سأسافر باكر غدا. لذا ودعي روزي عني.

اغمضت عينيها لحظات وظهرها نحون تحس احساسات محرمة وهو يشدها الى الخلف لتستند الى صدره... للحظة قصيرة احست بإنفاسه الحارة على صدغها. ثم دفعها عنه بلطف باتجاه الباب:
- تصبحين على خير كارولا.

غادرت المكتبة دون النظر الى الخلف لا تجرؤ على هذا خوفا من مواجهة سخريته. اجتاحتها موجة خجل عندما ادركت انه لو لم يدفعها عنه لبقيت قانعة بالإلتصاق به... ربما من الأفضل ان يبتعد عنها لبضعة ايام. فسيعطيها هذا الوقت الكافي لتتغلب على خجلها وتجدد قبضتها على عواطفها التي تبدو وكأنها ستنزلق.

لم تكن كارولا تشاهد هاري سوى وقت العشاء وبعده بقليل. لكن غيابه احدث فراغا في القصر. وجوده كان يكفي لإعطاء كل يوم معنى جديدا. الامر سخيف وغير متوقع لكنها لا تنوي اطلاقا الغوص تحت سطح عواطفها.


دخلت روزي غرفة كارولا ذات صباح وهي تمشط شعرها. وتسمرت نظرة الطفلة على العلبة العاجية الموسيقية الموضوعة داخل الدرج المفتوح. فقالت لها وهي تلمس حافتها:
- هلا جعلتها تعزف ثانية؟

ادارت كارولا المفتاح في مؤخرة العلبة وتذكرت اول يوم لها في القصر. الان، والموسيقى الحنونة الشرقية تملأ الغرفة اخذت تراقب الفتاة عن كثب فلاحظت الاستغراق الكامل في الاستماع. وتسلتها الفتاة بعد انتهاء الموسيقى:
- اجعليها تعزف ثانية... ارجوك كارولا.
- ما رأيك بالذهاب الى نزهة عند الشاطئ هذا الصباح؟
- انستطيع هذا؟ هل ستريني كهفك الخاص؟
- كهفي الخاص...

ضحكت كارولا لتذكرها كيف حاولت كسب اهتمام روزي بذكرها الكهف الذي اكتشفته وهي طفلة ثم قالت:
- طبعا سآخذك الى كهفي الخاص اذا احببت هذا.

Books_king 25-09-09 04:26 PM

شقا طريقهما الى الشاطئ حيث تتخذ الأرض ارتفاعا حادا لتصبح الصخور مرتفعة... العشب البري والأحجار المليئة بالأوراق كانت في التربة الرملية اسفل الصخور. وتقدمت كارولا مباشرة الى حيث تمتد صخرة ضخمة الى الامام وكأنها السقف المعلق وسط الاخريات. بقطعة خشب ازاحت اغصان شجيرة شوك لتكشف عن مدخل كهف صغير لم يكن اكبر من تجويف حفرته مياه البحر عند ارتفاع المد. فسألتها روزي بتوق وهي تقفز نحو المدخل.

- انستطيع الدخول.
- اظن هذا. لكنه ليس عميقا.

أمسكت يد الطفلة ليدخلا. لقد مرت سنوات كثيرة لم تزر فيها هذا الكهف. ولم تكن مستعدة نفسيا لانخفاض السقف الذي لم يتمكن طولها الحالي من التكيف معه. شهقت عندما احست بضربة حادة على جبهتها وتمسكت بالجدار. ولمع ضوء اعمى بصرها قبل ان يزول الألم. ثم بدأت ترتجف من الصدمة. فسمعت روزي تقول بصوت مرتجف:
- لم احب هذا المكان... انه بارد ورائحته غريبة.

كانت غلطة ان تأتي بروزي في حالتها المتوترة والفائقة الخيال الى هذا الكهف العتيق المتعفن الجو... ادركت كارولا هذا والالم يزول ليبقى فقط نبض بطيء من الالم. سيغضب هاري لهذا لو عرف بإبدالها الدروس بهذه الرحلة الاستكشافية السخيفة.

دون كلمة امسكت بيد روزي لتعودا الى القصر. وتبدلت الرائحة العفينة للكهف المهجور بالهواء النقي.

أتسعت عينا روزي من الفزع وصاحت:
- انت تنزفين دما.

رفعت كارولا يدها بسرعة الى جبهتها واندهشت لرؤية الدم على اصابعها. فتمتمت بالتطمين ثم غطت الجرح بمنديلها قائلة:
- لا تنزعجي حبيبتي. لا بد انه مجرد خدش. لنعد الى المنزل حيث استطيع تنظيفه.

أمسكت روزي بيدها قلقة وعادتا الى القصر بأسرع ما امكنهما. واحست كارولا بالتعب والأرتجاف حال وصولها الى غرفتها وتفحصها الجرح في مرآة الحمام. هناك خدش بشع تحت خط الشعر على جبهتها لجهة اليسار. بعد تنظيف معظم الدم الذي تجمد، توصلت الى استنتاج مؤلم انها تحتاج الى عناية طبية. فأخذت روزي تنتحب:
- انها غلطتي انا طلبت منك الذهاب الى الكهف

ضمدت كارولا جرحها وتجاهلت ثيابها الملطخة بالدم لتجلس على حافة المغطس وتحتضن روزي:

- لم تكن غلطتك إطلاقا روزي... كان يجب ان اتذكر بأنني اصبحت اطول بكثير عن آخر مرة كنت فيها هناك.
- لكن...
- دون لكن ... انها غلطتي الغبية لا غلطة احد... الان دعينا نرى اذا كان يمكن ان نجد د.كيندي في عيادته.
- هل سيقطب الجرح كما فعلوا مع ابي؟

صحيح لقد نسيت كارولا روزي لا زالت تحتفظ بذكرى حية للحادثة التي حصلت لهم. واحست بأكثر من الغضب مع نفسها لتسببا بإعادة الذكريات إليها بهذه الحدة.

- لا أظن الجرح خطير هكذا... لكن الطبيب سيعرف ما عليه ان يفعل.

Books_king 25-09-09 04:28 PM

لكن كارولا كانت مخطئة فقد اضطر مرك الى ازالة بعض الشعر عن جبهتها ليتمكن من تقطيب الجرح. واصبحت عيناها حمروان من الألم عندما انتهى... لكنها ابتسمت في وجه روزي لترى ان الراحة حلت مكان القلق. وسألتها روزي:
- اتشعرين بتحسن الان؟
- كثيرا

فحذرها مارك:
- قد لا تشعرين هكذا في الغد. سيحدث بعض التورم ويمكن ان يتغير لون الجلد.

فمازحته كارولا:
- لطف منك ان تحذرني ان منظري سيكون مخيفا في الغد.

فضحك مارك ولامس خدها بإصابع باردة:

- لا يمكن ان تبدي مخيفة مطلقا كارولا.

اخفضت عينيها بسرعة امام حدة نظراته:
- شكرا لك مارك. اظن علينا العودة الى القصر قبل ان يفتقدنا احد.
- سأزيل القطب لك بعد اسبوع واذا احسست بالألم خذي هذه الحبوب ولا تنسي انني قادم لآخذك في نزهة يوما ما.
- لن انسى مارك وشكرا لك مجددا.

مرت الايام ببطء دون اي حادث سوى ذلك الحادث المؤسف. لكن عند مشوارهما الثاني الى القرية زارتا العمة ايما التي صاحت عندما رأت الجرح في جبهة كارولا:
- يا للسماء ماذا حدث لك؟
- حادث بسيط... دخل رأسي في الجدار.
فأكملت روزي:
- في جدار الكهف.
- الكهف؟
- لقد ذهبنا نش... نش...
فأكملت كارولا لها:
- نستكشف.

في تلك اللحظة دخلت امرأة تجر كلبا صغيرا وراءها الى قاعة الشاي فتخلت روزي عن مظهرها الجاد لأول مرة وهرعت بعينين طفوليتين مذهولتين حقيقيتن لتملس فرو الكلب وتعلب معه. وهمست وهي تركع:
- أتمنى ان يكون لي كلب كهذا.

فإلتقت عينا كارولا بعيني عمتها بتفاهم كامل. اخذت ايما الطفلة الى المطبخ لإغرائها بقطعة حلوى بالبندق بينما اخذت كارولا تتحدث الى المرأة مالكة الكلب.

السيدة كايلي، كانت والدة الطفل الصغير الذي اصاب نفسه عندما انزلق فوق الممر الى البحر. اخبرتها بأن لديها كلبة ولدت ثماني جراء بقي منها خمسة.

تركت كارولا روزي في رعاية العمة لتقود سيارتها بسرعة الى منزل السيدة كايلي وتختار جروا مماثلا للذي اعجب روزي. وقالت للسيدة وهي تفتح حقيبتها:
- بكم انا مدينة لك سيدة كايلي؟
- هل الجرو لـ روزي موريل؟
- أجل.
- خذيه دون ثمن. فبعد دفع السيد موريل كل تكاليف علاج ابني لا يمكنني قبول المال منك.

حدقت كارولا بالمرأة غير قادرة على تفسير مشاعرها. ثم قالت:
- انا لم اكن اعرف
- لقد تلقظ زوجي بكلمات سفيهة في ذلك الوقت لكنه ندم عليها فيما بعد ولم نعد نفكر بالأمر بعدما اتصل زوجي بالسيد موريل واعتذر له. وفوجئنا بعدها بإتصال المستشفى بنا لتبلغنا ان المصاريف دفعت بالكامل.

Books_king 25-09-09 04:29 PM

اذن السيد هاري موريل يملك مشاعر انسانية ... هذا ما حدثت نفسها به وهي عائدة الى قاعة الشاي مع الجرو الصغير الجالس في المقعد الخلفي يتفحص السلة المسطحة التي اشترتها لينام فيها.


قالت لرزوي بعد دقائق:
- لدي شيء لك في السيارة.
- ما هو؟
- مفاجأة. تعالي والقي نظرة.

صاحت روزي بفرح شديد وهي تصعد المقعد الخلفي للسيارة وتحتضن الجرو بين ذراعيها:
- انه جرو... عمتي ايما تعالي وانظري الى ما حصلت عليه.
فتطلعت العمة اليت لحقت بهما الى السيارة:
- يبدو لي وكأنه شيطان صغيرة.
- اذن سأسميه "ديفل(شيطان)" هل هو لي؟ حقا كارولا؟
- انه لك اذا اردتيه.
- اوه... بلى ... اريده. وانت تريد ان تبقى معي ديفل اليس كذلك؟

ضحكات روزي السعيدة جعلت المرأتان تنظران الى بعضهما بإبتسام وهما تتذكران نفس المنظر منذ سنوات بعيدة مع كارولا وكلب مماثل.

- حسنا حان وقت رجوعنا الى اللقاء عمتي، وشكرا على عنايتك بروزي.

صعدت الى السيارة وانطلقت بها بينما لم تكن الطفلة تعي شيئا سوى صديقها الجديد:
- اتظنين ابي سيسمح لي بإستبقائه؟
- لا ارى سببا لمنعك من الاحتفاظ به.

فكرة ان يرفض هاري وجود الجرو لم تخطر ببالها لكن الوقت الان متأخر للتفكير بهذا. فأكملت:
- هناك امكنة واسعة في القصر ليركض الكلب فيها دون ازعاج احد
- الا يمكن ان ينام معي؟
- اللية فقط

امضت روزي طوال بعد الظهر مع ديفل فوق المرجة واذهل كارولا التغيير الذي حدث للطفلة التي غالبا ما كانت متقوقعة منكمشة على نفسها نادرا ما تبتسم. ضحكاتها وهي تتدحرج مع الجرو فوق عشب المرجة سببت فيضانا مفاجئا من الدموع سالت من عيني كارولا. عندما اقتربت روزي منها قالت:
- انت تبكين؟

فضحكت كارولا وهي تحتضنها:
- هذا لانني سعيدة لسعادتك.

استلقى الجرو منهكا تعبا من اللعب الذي لم يتعود عليه، في سلته. ذلك المساء عندما وضعت كارولا روزي في سريرها تمتمت الصغيرة ناعسة تمد ذراعيها:
- كارولا... شكرا لك على هذه الهدية الرائعة.
- باركك الله روزي.

واستدارت لتطفئ المصباح وتترك الغرفة كي لا ترى روزي الدموع التي اثقلت رموشها.

لم يكن يلزم الكثير من الخيال لتعرف كارولا ان زواج هاري لم يكن زواجا سعيدا فإسمها لم يذكر مطلقا لا على لسانه ولا على لسان إبنته. و موضوع الحادثة التي قتلتها وابنها لم يكن الموضوع الذي يرغب ان يتكلم عنه احد. الحادثة برمتها لفت بغموض أثار ريبة كارولا. هل سبب مرارته خسارته لاحبته. ام ان هناك اكثر مما يظنه الناس؟ ولماذا حين تتقلب روزي في سريرها مصابة بالكابوس تصيح متوسلة ان لا تضرب. مقسمة انها لن تتفوه بكلمة لأحد.

تنهدت كارولا تمرر يدها على جبينها لقد استنفذت كل النظريات حول الموضوع لكنها لم تقترب من الحقيقة مطلقا. تماما كما كانت اول ليلة ايقظتها في صراخ الصغيرة مع ان الكوابيس خفت الان فالسبب لا زال مختبئا في عقلها الباطن.

ربما من واجبها بحث الامر مع هاري... لكنها تعلم ان للمسألة طبيعة شخصية. وقد لا يعجبه ان تتدخل وهي الغريبة في شؤونه هل ستفهم يوما هذا الرجل المليء بالمرارة؟ هل سيسمح لها، لاي احد من الاقتراب منه ليتعرف على الرجل المتخفي خلف قناعه؟

Books_king 25-09-09 04:30 PM

نهاية الفصل السادس

Books_king 25-09-09 04:31 PM

7 – تختار النجوم





بدأ صباح السبت بجو سعيد كالمعتاد. لم يكن هناك دروس تبقيهما في المنزل وكانتا قد قررتا الذهاب الى الشاطئ للعب فوق الرمال او الجلوس على الصخور لمراقبة المراكب المارة على بعد. يومها جن جنون الجرو وهو ينبح على طيور النورس يطارد اشياء خيالية يتخبط فوق الرمال ويركلها كالأبله.
منتديات ليلاس
خلعت كارولا شالها الحريري من على عنقها لتربط به شعر روزي كما ربطت شعرها قبل ترك المنزل. ما عدا بضع صيادين فوق الصخور بعيدا كانتا لوحدهما. في البداية بدت روزي غاضبة من الجرو لقفزه فوق قصور الرمال التي كانت تبنيها ليدمرها لكن الغضب انقلب الى لعبة استمرت فترة الى ان اجبرهما العطش على العودة الى المنزل.

هناك انقلب كل شيء فجأة الى ما هو سيء... ركض الجرو عبر المطبخ ثم الممر الى الردهة روزي خلفه تماما وكارولا منقطعة النفس ضاحكة خلفهما.

انه مرح بريء لكن الوضع تشوش على حين غرة. فقد عاد هاري قبل الموعد المتوقع ووقف يراقبهم وامرأة في ثياب انيقة تقف الى جانبه. وماتت ضحكات كارولا على شفتيها وهي تقف جامدة في مكانها. بينما اخذ الجرو يدور حول الشخصين المذهولين، و روزي تركض بجنون وراءه. اطبق هاري يده في النهاية على رقبة الجرو ورفعه معلقا عاجزا في يده. بينما امسكت الضيفة بذراع روزي لتجذبها وتوقفها بخشونة. وقال هاري ببرود هو يمد يده حاملا الجرو:
- ما معنى هذا؟ ولمن هذا؟

فصاحت روزي دون تردد وهي تخلص نفسها من قبضة المرأة متقدمة نحو ابيها:
- انه لي. كارولا اهدتني اياه.

تسمرت عيناه بكارولا وهي واقفة مسمرة في مكانها. وبدا عليه الغضب بينما بدت الدهشة على رفيقته والفضول وهي محدقة في كارولا. وفي تفاصيل جسدها متأملة مظهرها المزري بالمقارنة مع أناقتها. وسألت المرأة بإزدراء:
- ومن تكون هذه؟

وضع هاري الجرو بين ذراعي روزي وامرها بالخروج ثم اشار الى كارولا وعلى وجهه قناع من الغضب المكبوت:
- هذه مربية روزي... كارولا وارندر. كارولا هذه خالة روزي... دوريس ستيفنز.

اذن هذه هي شقيقة والدة روزي... نظرت كارولا باعجاب الى بذلتها الخضراء الزمردية الانيقة... فحولت المرأة ثقلها من ساق الى ساق خرى ترفع رأسها الى الأعلى وعينيها الخضروان تقيمان كارولا ببرود، ثم صرفت نظرها عنها وكأنها ليست بذات اهمية. واستدارت لتواجه هاري معلقة:
- انها صغيرة السن... اليس كذلك؟

احست كارولا بالغضب يتصاعد في نفسها لمعاملتها لها وكأنها غير موجودة. فرد هاري بطريقة عادية مفتلعة:
- لست ادري.
واخذت عيناه تجولان فوق جسد كارولا ووجهها مما تسبب في احمرار وجهها. وتابع:
- قد تكون صغيرة. لكنها نجحت نجاحا رائعا في تجربتها مع روزي.

Books_king 25-09-09 04:36 PM

احنت كارولا لتخفي سرورها بهذا الاطراء غير المتوقع منه لكنها كانت واثقة ان غضبه لم يزل بعد. فتابعت المرأة:
- امرأة مسنة لكانت افضل منها. الا تظن هذا؟
- النساء المسنات من الصعب ايجادهن... واخذ الوقت يداهمني فلم يعد لدي مجال للانتظار.

فتنهدت دوريس:
- ارجو ان تكون مدركا ما فعلته. او سأذهب لارتاح في غرفتي قليلا.
- افعلي ما شئت دوريس.

بنظرة اخيرة الى كارولا توجهت دوريس الى السلم وعادت عنيا هاري لتتفرسا بكارولا مجددا:
- اريد كلمة على انفراد معك انسة وارندر.

اقفل باب المكتبة وراءهما واستند اليه، ويداه مكتفتان على صدره ثم قال دون مقدمات:
- لم اذكر انني سمحت لك باهداء كلب لروزي
- لا. وانا اسفة لكن...
- لكن ماذا؟
- انت لن تعترض بالتأكيد؟
- بل اعترض بشدة

خشونة صوته جعلتها تتراجع وهو يتقدم ويقول:
- في اولى فترات استقرارنا هنا طلبت من كلبا... فأوضحت لها ان هذا امر مستحيل... الم تقل لك هذا؟

فقالت كاذبة كي تحمي روزي:
- بلى
- اعتقد انك ظننتني قاسيا دون ضرورة معها؟
- لست قاسيا... لكن لست منطقيا... ربما.

فضاقت عيناه:
- الم يخطر ببالك انني رفضت لان عودتنا الى المدينة امر محتم؟ ماذا تظنين اننا سنفعل بكلب داخل شقة؟

انها فكرة لم تخطر ببالها فعلا... هاري على حق ... فالشقة ليس بالمكان المناسب لاقتناء كلب وهديتها الغبية تسببت الان بمشكلة كان يمكن ان لا تظهر. فهمست:
- انا اسفة سأشرح الامر لروزي واعيد الجرو الى اصحابه.

اطبقت اصابعه على ذراعها فأثار دفؤها دغدغة غير متسامحة. ثم سحبها الى النافذة حيث شاهدت روزي تجلس تحت شجرة سنديان والجرو نائم بين ذراعيها. وقال:
- كارولا ... سأجد طريقة لايواء هذا الجرو ... لا يمكننا الان انتزاعه منها.
- اعلم لكن...

فقاطعها ساخرا:
- لست قاسي الفؤاد كما تعتقدين... اتظنين انني لا اقدّر ما يعنيه هذا الحيوان لها؟

ردت عليه بعد ان استعادت رباطة جأشها بسرعة:
- انا اعرف انك لست قاسي الفؤاد كما تدعي ان تكون.
- اهناك معنى خفي خلف هذا التعليق؟

Books_king 25-09-09 04:39 PM

اصبح الان قريبا جدا منها فشعرت براحة تامة لكن دفء جسده وعطر ما بعد حلاقته هاجمتا مشاعرها بطريقة مدمرة. فتحركت مبتعدة عنه قليلا لترتاح من توترها الداخلي وتلمست تمثال نسر نحاسي فوق طاولته. وقالت:
- حصلت على الجرو من السيدة كايلي والد الطفل المصاب عند الممر.
- وماذا في ذلك؟
- اخبرتني انك دفعت فاتورة المستشفى.
- والان تعتقدين انك وجدت شقا في دروعي؟

وجهه كان كالصوان وهو يقف الى جانب النافذة. قوله هذا لم يشجعها على الرد. مع ذلك سمعت نفسها تقول:
- شق صغيرة جدا... ربما
- كوني حذرة كارولا ... والا.

لقد خطت الى منطقة ممنوعة وعليها الهرب بسرعة:
- هل ستبقى الانسة ستيفنز هنا طويلا؟

فرفع حاجبيه دهشة:
- يومين او ثلاثة نادرا ما تبقى طويلا. لماذا؟
- كنت اتساءل اتحبها روزي؟
- لا.

رفعت كارولا رأسها بحدة فأرتسمت بسمة غريبة على شفتيه ثم اكمل:
- دوريس ليس لها طبيعتك السمحة مع الاطفال... تفعل ما بوسعها... لكن...

احمر وجه كارولا مجددا لاحساسها برقته فهو لم يتوان عن مدحها هذ اللية وللمرة الثانية. وتمتمت :
- الافضل ان اذهب الى روزي.
- كارولا...

غريب كيف ان رنة اسمها من بين شفتيه كانت تبعث الارتجاف اللذيذ فيها.
- شكرا لك.

استدارت تواجهه مندهشة:
- على ماذا؟
- على لطفك مع روزي...
- انا مولعة بها.
- وانا واثق ان الشعور مشترك بينكما.
- اتمنى ان يكون صحيحا.

ارادت ان تهرب قبل ان تخونها ساقاها لكنه استدار لينظر الى عينيها.

- هناك شيء مختلف في شعرك.
احست وكأنها ستصاب الإغماء يده تزيح شعرها جانبا حيث مشطته بعناية ليخفي اثر الجرح. واسودت عيناه.
- كيف حدث لك هذا؟
- اقترحت ان نذهب يوما لنستكشف كهفا قديما... ولم احتسب جيدا علو السقف بالنسبة لي.
- ما هو مدى سوء الاصابة؟

تلمست اصابعه اللصوق. ثم تسللت الى شعرها لتجعل من التفكير السوي امرا صعبا عليها. فتلعثمت وهي تقول:
- لقد... ا... احتجت ... بض... بضع غرزات.

فهمس :
- يا الهي. علي ان اوبخك جيدا... لكنني سأكتفي بالقول ان عليك التفكير جيدا قبل اللجوء لمثل هذه الاماكن في المرة القادمة.


صاحت روزي عندما وصلت كارولا اليها في الحديقة:
- اعرف ما جاءت تفعله هنا ثانية.
- من الطبيعي ان ترغب خالتك برؤيتك احيانا.
- انها لا تأتي لتراني... انها تأتي لتبتز والدي.
- روزي!
- هذا صحيح. لقد سمعتها.
- سمعتها؟

امسكت روزي بالجرو لتضمه اليها وكأنه الطفل الرضيع:
- اجل. قالت لوالدي انه اذا لم يعطها المال فستذهب الى الشرطة وتبلغهم عن شيء رهيب فعله والدي.

احست كارولا وكأن يد عملاق عصرت قلبها. اهذا معقول ام انه محض اختلاق من مخيلة روزي؟ ربما سمعت هذا خلال حديث متبادل واساءت الفهم. فالأطفال عادة يميلون الى خلق تفسيرات لأحاديث الكبار. لكن ماذا لو كانت تقول الحقيقة؟ ايمكن ان تكون دوريس ستيفنز تبتز هاري لسبب مجهول؟

- روزي ... يجب ان لا تقولي لأحد ما قلتيه لي الان... اتعديني؟
فهزت روزي رأسها:
- لم اقل لأحد سواك. انت فقط.
- اذن لنبق هذا سرا بيننا. انفعل؟ والان تعالي اكاد اموت عطشا لشرب شيئا بارد. ولا بد ان ديفل عطش ايضا.

قامت دوريس بجهد كبير لتتحدث مع روزي لكن الفتاة حدقت بعناد وانزواء بطبقها واجابت بكلمات مختصرة. قد تكون قليلة الادب في اظهار مدى كراهيتها لخالتها بهذا الوضوح لكن كارولا كانت مؤمنة بأن دوريس تتعمد جاهدة اثارة الطفلة لإثبات شيء ما لهاري. فقد كانت تنظر اليه بإستمرار عندما تفشل محاولاتها في الاثارة. والنظرة في عينيها لا يمكن تفسيرها الا بالإنتصار على هاري.

اشتدت عضلات فك هاري ... وعلمت كارولا انها اذا كانت تريد تجنب مشهد كريه عليها التدخل... فوقفت بسرعة وتقدمت الى جانب روزي والتقت بنظرة هاري النارية بهدوء
- كان اليوم متعبا لروزي وهي تعبة. هل لي ان آخذها الى غرفتها؟

وتصارعت المشاعر في اعماق السيد هاري قبل ان يقف وينحني لها:
- تصبحين على خير روزي وقولي لخالتك تصبحين على خير.

احست كارولا بالجسد النحيل يتصلب تحت يدها لكنها حركتها بطلف باتجاه المرأة التي جلست تراقبهما بعينين ضييقتين. وكانت روزي شديدة الذكاء في معرفة الى اي مدى تقترب ورفعت خدها لدوريس فقبلتها ثم قالت بأدب "تصبحين على خير" ثم عادت الى جانب كارولا. وقالت دوريس بدهاء:

- ربما نقضي بعض الوقت معا غدا ان لم تكوني تعبة.

احست كارولا بإشتداد قبضة روزي على اصابعها. و ردت متجهمة:
- ربما.

وفيما هما يصعدان الدرج التفتت روزي الى كارولا قائلة:
- لا اريد البقاء معها بمفردنا كارولا.

اخذت كارولا تلعن في سرها دوريس ستيفنز لظهورها في وقت كانت فيه روزي على وشك الشفاء من مخاوفها. وقالت بحزم:
- اذا كنت تريدين رؤيتها لوحدكما يا حبيبتي فلست مضطرة وهذا وعد مني.

وفي لحظات اخرى كان الجرو مستلسما للنوم في سلته داخل غرفة الغسيل وروزي قابعة في فراشها. اخذت افكار كارولا طريقها الى البحث في امكانية ابتزاز دوريس للسيد هاري. لا بد ان هناك تفسيرا منطقيا لقول روزي. لكن كيف ستكتشف الحقيقة دون ان تتطفل.

كانت افكارها تدور في دائرة مشوشة عندما قررت الدخول الى الحمام لترتاح جسديا وفكريا. فالامر بأكمله خارج قدرتها وكلما فكرت اكثر بالامر كلما ازدادت حيرتها.


كانت الساعة تجاوزت الحادية عشرة عندما توقفت عن محاولة اجبار نفسها على النوم. وخرجت من السرير. فما تحتاجه هو القليل من الهواء النقي. ارتدت معطفها فوق فستان النوم. وزررته. تطلعت الى غرفة روزي لتتأكد من نومها ثم فتحت الباب بسرعة ونزلت عبر الممر الى الباب الجانبي الموصل الى البرج.

خطوات قدميها المدسوسان في الخف الطري لم تصدر صوتا فوق الدرجات الحجرية التي تقود الى البرج. وفي العتمة الخفيفة كان ظلها يعكس صورا مخيفة على الجدار. لم تكن خائفة لقد تعودت على الصعود للبرج كلما جفاها النوم. لتجد الهدوء والسكون رفيقين مريحين وتبقى مسترخية الى ان يبدأ جفنيها بالانطباق على بعضهما من شدة التعب. استدارت عند اخر منعطف للدرج وفتحت الباب الثقيل. واندفع هواء البحر البارد لاستقبالها. فتنسفت تنفسا عميقا تملأ به رئتيها ثم استندت الى الجدار المنخفض. القمر كان في اكتمال دورته نوره الخافت المنعكس على مياه البحر يعطيه لون سجادة لامعة في الليل.

لا بد ان والديها استمتعا بهذا السحر مرات عديدة خلال ترحالهما عبر البحار. كم مرة جلسا على سطح يختهما ليلا. والبحر هادئ والقمر مكتمل يصغيان الى صوت همس الامواج الناعمة على متن يختهما؟ هل عاشا نفس احساسها الغريب؟ انهما الان في سلام مع العالم وما من احد.. لا بل ما من شيء يمكن ان يمسهما؟

النجوم كانت مجتمعة في صفحة سماء صافية قريبة جدا حتى انها قد تفكر بإنها قادرة على ان تمد يدها لتمسك بواحدة... ربما .. واحدة فقط.. لتعطيها لهاري.. لتشرح له... حبها؟
لا، ابدا.
لكن مليون نجمة فوقها كانت شاهدة على استسلامها للحقيقة.

سألت نفسها : " لماذا هاري؟ لماذا رجل لم يعد لديه مكان في حياته لأمرأة؟ رجل اذاقته الحياة مرارة حتى لم يبقى في قلبه مكان للحب؟ لما لا يكون حبها لشخص اخر مثل مارك؟ انه لطيف رقيق واضف انه واق في حبها. لماذا اختار قدرها ان يوقعها في حب رجل مثل هاري؟
منتديات ليلاس
صوت خربشة خفيفة وراءها جعلها تلتفت بحدة. وعلقت انفاسها في حلقها بعد تقدم من كان موضوع تفكيرها منها. يداه في جيوب روبه السميك.

- ألم تستطيعي النوم؟
- لا.
- ولا انا. تعودت اللجوء الى هذا المكان ليلا عندما احتاج الى التفكير.

وجهه جامد في ضوء القمر. الخطوط من الانف الى الفم انطبقت لتلامس شفتيه... توق غريب اليه جعلها تستدير عنه وتضع يدها على قلبها. علها تستطيع ايقاف خفقانه المؤلم. واجبرت الكلمات ان تخرج م فمها:
- سأعود الى الداخل الآن.
- أتجدين رفقتي كريهة؟
- لا.. بالطبع لا.

الكلمات هذه المرة خرجت من قلبها... وأمرها بلطف:
- ابقي اذن... من المذهل كم ان النجوم براقة في مثل هذا الوقت من الليل. اتعلمين ان من المستحيل ان يلاحظ المرء النجوم في المدينة؟
- ربما لان الحياة هناك صاخبة جدا حتى ان المرء لا يتوقف لحظة ليتمتع بهدوء وجمال الطبيعة؟

أهذا صوتها الذي يرد عليه؟
- لو كان امامك الخيار أتختارين العيش في المدينة ام ستفضلين مكانا خياليا هادئا كهذا المكان؟

انه سؤال غريب... لكنها اجابت بعد تفكير:
- اختار المكان الهادئ.
- ولو تزوجت رجلا في يوم ما. ومهنته تحتم عليه السكن في المدينة
- اذهب معه طبعا.

تفرس بها جيدا قبل ان يسأل:
- ألن تعترضي؟
- لن اقف في طريقه. ثم انني...

وعضت شفتها بقلق ما القصد من هذا النقاش والى اين سيقود؟ سألها وهو يتقدم ليقصر المسافة بينهما مما اثار نبضاتها خوفا:
- اجل؟
- عندما ... انت... انا... تحب شخصا فسعادتك تكون معه. ولن يهمك اين تعيش.

اجابتها المتلعثمة الصادقة ألبست وجهه قناعا من السخرية القاسية.
- هذا نبل زائد منك. لكن ما ان تضعي الحبل حول عنق شيطان مسكين حتى تنسين هذه الكلمات الشاعرية التي تلفظت بها الان. وسيضطر عندها لفعل ما تريدينه انت.

صاح قلبها : " هاري انا لست هكذا. لانني احبك". لكن عقلها جعلها تقول بصوت مرتفع حاد:
- لو انصاع لأوامري سيكون رجلا ضعيفا ولا يستحق اكثر من هذا.
- واذا لم يفعل يمضي ما تبقى من حياته يناضل من اجل مبادئه حتى من اجل وجوده.

كانت تواجه جدارا صلبا. اما هو فكان يغرز سيفا حادا في قلب ينبض حبا وحنانا. فهمست:
- تجعل الزواج يبدو وكأنه ميدان معركة.
- انه هكذا تماما. ميدان معركة وعلى الرجل التحلي بالشجاعة في مواجهة تكتيكات النساء الشيطانية.
- الزواج ليس هكذا اطلاقا. ولا النساء شريرات كما توحي.
- ألسن كذلك؟
- انت تعلم انهن كذلك.

تحرك عندها فتراجعت الى الحائط تحس بالحافة تغرز في ضلوعها فوق الخصر تماما. فأحتجزها هاري بوضع يديه على جانبيها فأحست انها عالقة في الفخ انفاسه حركت شعرها فتسارعت نبضاتها بشكل خطير. كانت في وضع هش وضعها فيه متعمدا قربها منه اثار فيها مشاعر حاولت كثيرا ان تكبحها:
- انت لست مختلفة عن النساء الاخريات كارولا. لو اخذتك بين ذراعي الان. ستذوبين وتصبحين ألعوبة في يدي. لكنك من الداخل انت شيطانة مغوية ماكرة كبقية بنات جنسك.
- هذا غير صحيح.

وضع يده على ظهرها.. قوية .. تطلب الاذعان.. يضمها الى قساوة جسده. خشونة روبه كانت تحت راحتي يديها وهي تحاول دفعه عنها. لكن الضعف شلها وقضى على قواها فقال ساخرا:
- أنت ترتجفين.

عناقه لها كان دون رحمة، مطالبا في البداية. ثم اصبح ناعما عن قصد يمرر يديه على ظهرها ليوقظ إحساسا لم تعرفه من قبل. كانت تعلم ان عليها مقاومته، لكنها افكار لا فائدة منها وكل عصب من اعصابها كان ينبض بالتجاوب لملامسته. لكن... من الجنون تركه يغازلها بهذا الاسلوب وفي وقت لا يقود سوى الى تحطيم قلبها. وبهذه الفكرة القاتمة بدأت تقاومه. تأوهت في هدأة الليل, التي لم يكن يقطعها حتى تلك اللحظة سوى صوت خفقان قلبها:
- لا. ارجوك لا تفعل.
- شفتاك تقولان "لا" لكن جسدك يقول "نعم" وهذا يثبت وجهة نظري ان النساء مخادعات.

إستردت وعيها بسرعة فادخلت الهواء النقي الى رئتيها عبر حلق آلمها:
- ماذا كنت تتوقع مني ان افعل؟ اظننت انني سأسمح لك بما تريد كي تؤكد لنفسك انني ككل النساء، استخدم جسدي للإيقاع بك؟
- هل ستنكرين ان الفكرة خطرت لك؟

كان هذا اخطر غرزة سيف وتخلفت من بصرخة لتنزل الدرج الملتوي وعبر الممر القصير وغرفة جلوسها ثم غرفة نومها.

غضبها في تلك اللحظات سيطر على المها فتعلقت به كغريق يتعلق بخشبة في بحر هائج... الى ان تغلب عليها النعاس.


بقيت كارولا مبتعدة عن طريق هاري طوال صباح يوم الاحد لكن من المحتم ان يلتقيا على الغذاء مع ضيفة المنزل تصميمها على مسح ذكرى ما حدث بينهما وتصرفاته الباردة جنباها قدرا كبيرا من الاحراج.

بعد الظهر كمعظم باقي الايام جلست كارولا في غرفة التدريس تحضر عمل اليوم التالي... واندهشت عندما سمعت طرقا على الباب ودخلت دوريس لتدخل معها رائحة عطر فاخر. لم تكن كارولا تتصور انها مهتمة بحال روزي. فتصرفاتها كانت توحي بذلك عندما اجابتها كارولا على اسئلتها حول الطفلة. اذن لا يمكن ان يكون اهتمامها هو سبب هذه الزيارة. فالسبب واضح على الارجح هو وجودها في القصر كمربية لروزي... ولن تضع دوريس لحظة للوصول الى الموضوع.
- منذ متى وانت موظفة عند هاري؟
- اكثر من شهرين بقليل.
- وستبقين الى ان تصبح روزي قادرة على العودة الى المدرسة الداخلية؟ لو كان لي يد بالامر لقررت عودتها منذ زمن.

لو ان لها يدا بالامر لما كان لروزي فرصة في دخول منزل ابيها مجددا. وردت كارولا:
- اذا وجد السيد موريل انني ممتازة.. سأبقى.
- انا واثقة انه يجدك هكذا فهو ابدا لم يكن في وسعه مقاومة وجه او جسد جميل.

فردت كارولا بإشمئزاز ظاهر:
- ليس لمظهري اي علاقة بعملي.
الصوت الاجش تحول الى السخرية:
- ليس له علاقة؟ هل وقعت في حبه؟
اخذت كارولا ترتجف لكنها تمكنت من المحافظة على قدر كاف من الهدوء الخارجي:
- انسة ستيفنز لست ارى سببا لكل اسئلتك هذه.

صرفت دوريس النظر عن احتجاج كارولا بطريقة المرأة المعتادة على تنفيذ ما تريد وقالت بلؤم:
- لا تراوغي حول الامر انسة..... اه ... وارندر. هل وقعت في حبه؟

تصادمت نظراتهما ورمت كارولا الحذر جانبا لترد بحدة:
- اذا كنت قد احببته فهذا ليس من شأنك

فأبتسمت دوريس ابتسامة رضى جعلت كارولا ترتجف:
- اوه... لكنه من شأني يا عزيزتي... اترين هاري لن يتزوج سواي. لأنه لو فعل سأحطم حياته.
- بأية طريقة؟
- يا عزيزتي. لقد حاول تسميم شقيقتي مرة ولو لم اكن معهما وآخذها الى المستشفى بسرعة لكانت ماتت يومها. وسمعته كذلك يهدد بقتلها قبل ساعة واحدة من الحادثة.

وصمتت لتترك المجال لحديثها ان يعطي التأثير المطلوب ثم اكملت:
- بضع كلمات في الاتجاه المناسب يمكن ان تدمره لو اعيد فتح ملف القضية واعلنت هذه الوقائع.

اهذا ما سمعته روزي؟ اذا هناك بعض من الحقيقة في قول روزي البريء؟ هل صحيح ان هاري يدفع لهذه الشريرة المال للبقاء صامتة؟ انها افكار رهيبة تفضل عدم التركيز عليها. لانها تجدها صعبة التصديق.

- لا يمكنك ابتزاز رجل بهدف الزواج منك ثم التوقع بأن تجدي السعادة معه.
- لا بد انك تعرفين انسة وارندر انه رجل ثري... وهذا هو الدافع الوحيد الذي احتاجه لأبقى سعيدة. ومن يمكن ان تكون زوجة اب لروزي افضل من شقيقة امها؟

قالت كارولا بعد ان احست بموجة خوف تجتاحها:
- يجب ان تعذريني انسة ستفينز. لدي اعمال اقوم بها.

فهمت دوريس ان المطلوب منها الخروج فوقفت من على الكرسي لتقول بلهجة تهديد واضحة:
- تذكري فقط واقع انه لي انسة وارندر. وانت لن يعجبك ان يقترن اسمه بالفضيحة على صفحات الصحف. اليس كذلك؟

ردت كارولا وهي تشعر بالغثيان لفكرة ان تكون امرأة بجمال دوريس ستيفنز سيئة الاخلاق وفاسدة بهذا القدر.
- اظن انني بدأت افهم اشياء كثيرة كانت تحيرني في السابق. وانا شاكرة لك. انسة ستيفنز.

عطر خفيف في الجو كان كل ما بقي عالقا ليذكرها بزائرتها. وعادت كارولا للجلوس على كرسيها تدفن وجهها بين يديها ما قالته لدوريس صحيح لقد بدأت تفهم لماذا يكره هاري النساء هكذا. اذا كان المثال لحكمه هو دوريس. هل من الممكن ان تكون زوجته بجماله وحساسيتها فوق المسرح تشبه شقيقتها في الشخصية؟

لم تصدق كارولا مطلقا ان هاري قد تعمد تسميم زوجته ولا انه دبر الحادثة التي كانت حياته وحياة اولاده في خطر من جرائها. فهو دائما يسيطر على مشاعره ولا يمكن غبيا لدرجة قتل احد في ثورة غضب او بدونه انها واثقة من ذلك ثقة لا تستطيع تفسيرها.


افكار كارولا الخيالية بانها قد تظهر لهاري في نهاية مشوراها معه معنى السعادة الحقيقية ماتت ميتة عنيفة قبل ان تبصر النور. قد تكون تمكنت من تخفيف حدته او هز دفاعاته لكنها لن تتمكن من تحدي القبضة التي تقبض بها هذه المرأة عليه قبل ان تعرف الحقيقة الكاملة. وهو لن يجعلها مطلقا موضوع سره. انها موظفة لديه... شخص اخر يستطيع املاء شروطه عليه او الافضاء بنظرياته او تسلية نفسه معه اذا اراد لكنه لن يعتبرها مطلقا اهلا لمشاركته مشاكله.

تأوهت وكأن السكين قد التوى في قلبها مما جعلها تنسى كل شيء ما عدا الالم الذي سرى في جسدها. حب هاري محنة لم تمر بمثلها من قبل. لقد احبت ديفيد خطيبها السابق بطريقة محددة وارادت الزواج منه. لكن مشاعرها نحون ليست شيئا بالمقارنة مع هذا الشوق الغامر والرغبة الحارقة التي تتملكها. كل عصب من اعصابها يبدو متيقظا لسماع صوته، خطواته. ولمجرد وجوده معها تحت سقف واحد. انها غبية لسماحها لهذا ان يحدث مع ذلك لم تكن يوما نابضة بالحياة ولا مدركة واقعها كأمرأة اكثر من الان.

لم تعرف كم بقيت في غرفة التدريس غارقة في افكارها تائهة عما يحيط بها لكنها قفزت بعنف عندما انفتح الباب دون يقرعه احد. لتسألها روزي بلهجة سلطوية تشبه لهجة ابيها:
- ألن تأتي لتناول الشاي؟

بعد كل افكارها البعيدة المنال البعيدة عن المنطق سؤال روزي بدا لها مرحا. فدفعت شعرها الى الوراء وضحكت لا تستطيع لوم الصغيرة اذا وجدت تصرفها غريبا. اذ كيف لطفلة ان تفهم الآمال المثيرة للاشفاق التي يحلم بها الكبار احيانا. او سبب الضحك الهستيري عندما يذكر "امر مهم" مثل شرب الشاي؟

Books_king 25-09-09 04:41 PM

نهاية الفصل السابع

صبر98 25-09-09 09:58 PM

بانتظار التكمله وشـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

aghatha 25-09-09 10:27 PM

thx keep up the good work

nana1210 25-09-09 11:51 PM

تسلم الايادي شكرا

Books_king 27-09-09 07:59 AM

أعتذر على التأخير واليوم ان شاء الله راح نعود

السيدة ملعقة 27-09-09 02:52 PM

ننتظررررررك بفارغ الصبر

Rehana 27-09-09 07:43 PM

يعطيك ألف عافية

طبعا أنا قرأت هذا رواية ..وبصراحة روووعة

موفق اخي بالكتابة

تحياتي لك

Books_king 27-09-09 08:26 PM

مرة اخرى اسف على التأخير ولكن ظروف عملي

الرواية لم يتبقى لها سوى فصلين بعد هذا الفصل الذي سأضعه الان

السيدة ملعقة ___________ شكرا لمرورك وقرأءة ممتعة


قمر الليل _____________________ يشرفني رد اختي وفعلا رواية من اروع الروايات

Books_king 27-09-09 08:28 PM

الفصل الثامن فصل رائع وجميل جدا يشهد مد وجزر بين هاري و كارولا

وايضا سنشاهد تقاربا اخر بين كارولا والطفلة روزي ما هو يا ترى لنرى

Books_king 27-09-09 08:29 PM

8 – أصابع القمر


عادت دوريس الى هيوستن بعد نهاية الاسبوع. وبمرور الوقت اصبحت معتادة على زياراتها المتكررة للقصر. وازدادت ريبتها بأن تكون دوريس الان اكثر تصميما على ايقاع هاري بين براثنها. كذلك تعودت على تصرفات روزي الغريبية كلما كانت خالتها في المنزل كانت وكأنها لسبب ما تخاف منها وتحس بأمر كريه يظهر تحت قناع الخالة الفاتنة.
منتديات ليلاس
خلال هذا الوقت كانت كارولا تتجنب بحذر البقاء مع هاري لوحدهما قدر المستطاع جهودها تكللت بالنجاح وساعدها في ذلك غيابه وسفره الدائم فقد كان مضطرا الى التوجه نحو لوس انجلوس لانشغاله في انتاج مسرحيته. وهو كما عرفت يهتم شخصيا بتفاصيل الاخراج والانتاج حتى الصغيرة منها.

وبمرور الايام اعتادت كارولا على ملاقاة مارك كيندي اكثر من ذي قبل. رفقته المريحة لاعصابها كانت ضرورية لتنسيها وجود هاري المتزمت... كان دائما يأخذها مع روزي في نزهة عندما يكون هاري غائبا. او يلتقيهما على الشاطئ عندما يكون الطقس دافئا او ينضم اليهما في المنزل لتناول الشاي قبل المضي في جولاته الطبية. وكانت تقدر هذه الصداقة كثيرا مع انها تعرف ان مشاعره نحوها ابعد ما تكون عن الصداقة. ورأت انه من التعقل فسخ هذه العلاقة الا انها لم تكن قادرة على جرح مشاعره وكل ما كانت تأمله ان يفهم معنى تصرفاتها اذ لا يمكنها مبادلته سوى مشاعر الصداقة الحقة.

كانت اشجار الصنوبر ترسل ظلالا طويلة فوق المرجة بعد الظهر احد الايام الدافئة عندما ظهرت سيارة هاري. لم يكن وصوله متوقعا قبل اليوم التالي. فقزت روزي بدهشة راكضة لمقابلته يسابقها جروها الذي اصبح الان تقريبا من الاكتمال ككلب. وقفت كارولا جامدة تراقبه. ينزل من سيارته منتظرا وصول روزي ليحملها بين يديه ويمرجحها في الهواء ثم ينزلها الارض بعد حضنها لوقت قصير.

وتقدمت كارولا ببطء تبلع ريقها بقوة لتزيل غصة علقت في حلقها مقاومة الدموع التي هددت بالبروز. لقد زالت الحواجز بين الاب وابنته وسعادتها لا توصف. واحست بالنظرة المتفحصة التي كان يرمقها بها وهي تخطو فوق الممر المرصوف بالحصى الى حيث يقف مع روزي.

- هل انت سعيدة بقدر سعادة روزي لرؤيتي؟

فخفق قلبها بإنزعاج:
- اتمنى ان تكون قد حصلت على رحلة موفقة سيد موريل.

سخرت عيناه من تحفظها المتعمد وانحنى لها قليلا:
- كانت رحلة سيعدة. شكرا لك كارولا

دخلا المنزل وروزي بينهما وظهرت شيلا تحمل صينية قهوة ادخلتها غرفة الجلوس حيث صبت كارولا القهوة. وجلست روزي على الارض لتقص لوالدها كل ما فعلتاه في غيابه وبكل براءة لم تغفل واقع قضائهما الكثير من الوقت مع مارك كيندي . واصغى هاري بتحمل مدهش كانت عيناه خلالها تلتقيان بعيني كارولا عند ذكر اسم مارك. مما يكفي لإرسال اللون مسرعا الى وجنتيها. وعرفت ما يفكر به لكن لم يكن امامها طريقة لمنع هذه الافكار فقد تبدو بلهاء. وقال بعد ان توقفت روزي لتلفظ انفاسها:

- لاحظت ان البوابة الجانبية مقفلة.
- اتصل احد المنفذين من مجلس البلدية خلال غيابك ليقول ان الممر القديم رمم وتم تنظيفه واصبح صالحا للاستخدام ولم يعد القرويون بحاجة لاستخدام ارضك وطلب مني شكرك على صنيعك وستتلقى رسالة شكر رسمية لهذا. ولم يعد هناك حاجة لابقاء الباب مفتوحا. فطلبت من جاكسون إقفاله
- فهمت

لم تستطع ان تفهم من تعبيرات وجهه ما اذا كان سعيدا لهاذ الخبر ام لا. ام انه اصبح معتادا على رؤية الجميع يمرون عبر املاكه وانقطاعهم الان يعد خسارة.

بعد العشاء عندما انهت ما عليها من واجبات خرجت كعادتها لتسير على الشاطئ لت تذهب بعيدا قبل ان تحس ان احدا يحلق بها. وان المتقدم منها فوق الرمال هو هاري دون شك. فقفز قلبها ليصل حلقها... واحست برغبة مجنونة في الركض لكن هذا امر سخيف لا طائل منه فخطواته العريضة قطعت المسافة بينهما بسهولة وتلاشت رغبتها في الهرب عندما اطبقت اصابعه على ذراعها العارية وادارتها نحوه. وقفت جامدة للحظات تحبس انفاسها. تتمنى لو تستطيع الاخبتاء تحت اقرب شجرة كي تهرب منه. قال اخيرا وهو يترك ذراعها:
- توقفي عن محاولة تجنبي كارولا.
- انا لا اتجنبك.
- بلى تتجنبينني. كلما اقتربت منك هذه الايام تهربين كالأرنب المذعور.

استدارت كي لا تواجه وجوده المثير للاضطراب حدقت في البحر حيث كان القمر يرسل اشعته ليظهر سحره
- لا فائدة من النقاش معك... فالأمر ينتهي بنا دائما الى الجدال العقيم.
- نحن نتجادل لأنك لا تتقبلين الحقيقة.
فهزت رأسها:
- لا استطيع تقبل آرائك المشوهة.
- هذا لأنك تفضلين السير وعينيك مغمضتين تنسجين عالما من الخيال حولك كي تتجنبي الحقيقة.
- اوه ما الفائدة؟

Books_king 27-09-09 08:30 PM

أرتفعت يدها اشارة العجز فأمسكت اصابعه بكتفيها ليديرها ثانية نحوه. لمسته كانت لذيذة بشكل لا يحتمل. قربه منها عذاب كله سعادة... والقمر يشع بلطف على خده المجروح احبت متشوقة ان تضع رأسها على صدره لتحس مرة اخرى بقوة ذراعيه حولها.
لم تستطع فيما بعد ان تفهم ما اذا كانت هذه النشوة الساحرة مردها تأثير القمر ام تفكيرها الجنوني به. لكنها لم تعد راغبة في المقاومة عندما شدها مطالبا بالتجاوب بذراعيه القويتين اكثر فأكثر على خصرها النحيل. حتى اصبحت متأكدة ان ضلوعها تواجه خطر التحطم. فهمست بإنكسار:
- هاري!
- ظننتك لن تتفوهي بإسمي مطلقا.

فتوسلت اليه:
- ماذا تريد مني يا هاري؟
- حذرتك من انني بشر... اتذكرين؟ انت امرأة شهية جدا كارولا ولست صغيرة ايجب ان اوضح لك ما اريد؟

كانت يداها لا زالتا على صدره واحست بالبرودة وهي تدفعه بلطف لتبتعد عنه
- لا. لا... داعي للايضاح... افهمك تماما
- و...؟

اختفى القمر وراء غيمة عابرة فارتجفت لانتشار الظلام من حولهما واحست ان هنا نورا مماثلا في اعماقها قد اختفى:
- اعلم ان هذا الامر في مجتمعنا الاباحي الذي نعيش فيه امر مباح ومعقول. لكنني لا استطيع منح نفسي لرجل ما لم اكن احبه ويبادلني الحب ... انا اسفة

وقف هاري جامدا واحست بالسرور لأنه لن يتمكن في العتمة من رؤية البؤس المرسوم على وجهها. ثم سألها:
- ما هي اللعبة التي تلعبينها كارولا؟
- ظننتك تعرف الكثير عن النساء
مرت الغمامة لحظتها فلمعت عيناه في ضوء القمر:
- اما انا فلا اظن انني التقيت بمن هي مثلك من قبل.
- لكنك قلت لي مرة انني مثل كل النساء... مخادعة شريرة
- قد تكونين هكذا لكن لا يعني هذا انك اقل شهوة.
- ارجوك

استدارت عنه غاضبة لكنها تعثرت بشيء. فأطبقت يداه عليها كي لا تقع ثم التفت اصابعه على معصمها لتجرها اليه. رفعت يديها لتبعده لكن ما ان احست بدفء جسده وسرعة خفقان قلبه على راحتيها حتى ترددت. فمه اصبح على شعرها ثم اخذ ينخفض حتى اصبح على كتفها مما اصابها بضعف غريب احست به في ركبتيها واشعل نارا متأججة في عروقها فتوسلته:
- هاري لا تفعل هذا.
- انت ساحرة وضوء القمر يعكس جمالا رائعا على شعرك. رائحتك كرائحة الورود المبللة بالندى الصباحي.

تصاعد صوت البحر ليصبح ضجيجا يصم اذنيها يهدد باغراقها وقامت بمحاولة اخيرة يائسة لتحرير نفسها من السحر الذي القاه عليها. فشهقت :
- ارجوك ... يجب ان اذهب الان

اخذت ترتجف وهي تقاومه ودون توقع تحررت فتهاوت على قدميها قليلا وبقلب يركض لاهثا احست انها على وشك الاغماء وسمعته يقول بخشونة وصوته يضرب كالسوط على اعصابها المتوترة المرهفة التي لم تستعد بعد اتزانها:
- اجل اذهبي كارولا اذهبي قبل ان افقد اتزاني تماما وفي المرة القادمة التي تقررين فيها التمشي تحت ضوء القمر اعلميني بهذا كي ابتعد عن طريقك.

هربت كارولا مسرعة فوق الرمال الناعمة واضاعت طريقها عن الممر الصحيح حتى انها كافحت العشب المرتفع وكادت تقع عدة مرات قبل ان تصل المنزل ما ان وصلت غرفتها حتى كان حلقها يشتعل نارا فرمت نفسها فوق السرير بعد ان انهارت ساقاها تحتها بينما كان قلبها يخفق بسرعة حتى ان انفاسها كانت تخرج شهيقا عبر فمها المفتوح

كادت في الواقع تستسلم للرغبة التي اثارها فيها انها فكرة مؤلمة فاذا لم تمتلك قلبه فهي لا تريد شيئا منه. ستحبه دائما لكنها لا تريد لذكرى حبها ان تتلطخ بعلاقة ليس للقلب فيها دور ولذكرى لن تدوم الا لمرحلة قصيرة محكومة بمزاجه المتردد او لمتطلبات دوريس التي تلقيها بقوة في وجهه
تأوهت ووجها مدفون في الوسادة.

- يا الهي ايجب ان اعيش حياة لا اعرف فيها سوى الالم والوقوع في حب لا حكمة فيه؟

الدموع انهمرت بارتياح وتقبل... لقد خسرت الكثير في حياتها: والديها، ديفيد واخيرا هاري الذي لا تحتل مكانا في حياته لكن ذكر اسمه... صوره في الصحف... او شخص اخر يشبهه كلها اشياء ستبقى تذكرها بحبه الحي... حب لن يساعدها على الراحة عندما تتملكها الوحدة.

Books_king 27-09-09 08:31 PM

الغريب في الامر انها نامت دون صعوبة تلك الليلة. لتستيقظ مجفلة بعدها بساعات عندما هز احد كتفيها. مدت ذراعها لتضيء المصباح امام السرير فوجدت روزي واقفة قربها وخديها مبللين بالدموع. حدقت بها يغلب عليها النعاس وفجأة هبت مستيقظة
- روزي ما الامر؟ اكنت تحلمين؟
هزت روزي رأسها ثم دفنت وجهها في كتف كارولا وعادت الدموع تتدفق من عينيها ثانية:
- انا خائفة كارولا
- ما الذي اخافك حبيبتي؟
- لا استطيع ان اقول لك. لقد وعدت امي ان لا اقول لأحد
التفت يدا كارولا حول جسد الفتاة الصغيرة وضمتها لفترة طويلة دون كلام. لم يحن بعد الوقت المناسب للاستفسار عن الماضي. لكنها علمت دون شك ان هذه الطفلة المسكينة لن ترتاح قبل تفشي عن السر الرهيب.

أرجعت كارولا خصلات شعر روزي الى ما وراء اذنيها لتكشف عن وجهها المضغوط بقوة على كتفها وقالت بنعومة:
- روزي حبيبتي احيانا الوعود يجب ان لا تنفذ عندما يكون هناك سبب جيد. اذا كان الوفاء بالوعد الذي قطعناه يجعلنا تعساء فمن الافضل عدم الالتزام به. قطعت وعدا لامك وذلك الوعد يجعلك مريضة تعيسة كما يتعس والدك. هل تفهمين ما اقول حبيبتي؟
- لكن امي قالت انها ستضربني
- امك لن تسطيع ضربك الان حبيبتي ولو علمت كم انت تعيسة لما غضبت منك لنكوثك بوعدك
بدأت مخاوف وشكوك روزي تتبدد اما نظرة كارولا الثابتة... لكن خلال اشهر من الصمت الطويلة عانت الصغيرة جهد كبير للتحدث عن الاشياء التي كانت تطارد احلامها لدرجة الهستيريا. فبدأت القصة مترددة في البداية ثم اندفعت فأصغت كارولا اليها برعب يتصاعد الى ان استلقت روزي منهوكة القوى بين ذراعيها.

استطاعت والدتها ان تقنع والدها باصطحابها مع الأطفال ليلة الحادثة لحضور حفلة تقام في منزل احد الاصدقاء في الريف... كان في الحفلة العديد من الضيوف وبعد وضع الاطفال في الفراش نام جون شقيقها دون وعي لكن روزي استيقظت على اصوات في الغرفة المجاورة ... فاعتقدت انهما والديها قد قررا العودة للمنزل. فدخلت الغرفة الاخرى لتجد امها نصف عارية بين ذراعي رجل غريب. منظر العراء لم يؤثر كليا على الطفلة بقدر ما اثر بها واربكها قبلات امها لرجل غير ابيها.

غضبت الام لرؤية روزي فاظهرت قساوتها وهي تجبرها على الوعد بالصمت. وهنا فهمت كارولا لماذا كانت روزي تصرخ في منامها متوسلة ان لا تضرب مقسمة ان لا تقول كلمة لأحد. هذه الحقيقة ملأت قلب كاورلا بالحقد على الام المسؤولة.

وبينما كانت الام تمارس عقابها الخالي من الشفقة على ابنتها، غادر الرجل الغرفة هاربا مما زاد غضب المرأة... ودخل هاري في هذه اللحظة ليرى هذا المنظر وحصل شجار بينهما تسبب بمغادرتهما الحفلة باكرا. وبسبب تعبها من الضرب الذي تلقته من امها نامت روزي دون وعي في المعقد الخلفي للسيارة ورأسها على جحر اخيها بدوره ورأسه على مؤخرة المعقد. لهذا لم تعرف ما هو سبب الحادثة لكنها استيقظت لتجد نفسها في ارض السيارة وجون ممدا في المقعد الخلفي بارد عندما لمسته وتذكرت انها غطته ببطانية. والدها كان فاقد الوعي ينزف دما فوق المقود بينما لم تجد اثرا لوالدتها في السيارة التي اعتبرت مفقودة في خندق ماء. وهزت والدها واخيها محاولة التحدث معهما لكنها لم تتلق جوابا فصرخت مولولة وخرجت من السيارة لتجلس على حافة الطريق تبكي بهستيرية الى ان مرت سيارة وتوقفت قربها. بعد ذلك لم تعد تدري ما حصل فكل شيء اصبح مبهما لها وهنا ايقنت كارولا ان الطفلة فقدت وعيها.

وهكذا ساهمت الحادثة الفاجعة وقبلها تعرض الطفلة للضرب الموجع في اخلال توازنها ... هذا ما ادركته كارولا وهي تنظر بإشفاق الى الطفلة المستلقية بين ذراعيها... فقالت لها بلطف ومرارة:
- لكنك لم تعودي خائفة اليس كذلك روزي؟
- قليلا لكنني لن اخاف مطلقا اذا بقيت معك. ايمكن ان ابقى معك كارولا؟
- بالطبع.

وحملتها لتشاركها فراشها اطفأت المصباح وجمعت الجسد الصغيرة المرتجف الى صدرها وقبلتها.
- انتهى الان كل شيء حبيبتي. لا حاجة للخوف ثانية نامي واحلمي بأشياء جميلة نستطيع فعلها في الغد.
فهمس صوت الطفلة صغير ناعس بصدق جعل الحرارة تتدفق في جسد كارولا:
- احبك اكثر من اي شيء اخر كارولا

ترقرقت الدموع في عيني كارولا وهمست لها:
- وانا احبك روزي حبيبتي. كثيرا

إفشاء السر ازاح حملا ثقيلا عن كاهل الطفلة لذا استيقظت صباحا متألقة لتعود طفلة سعيدة قانعة. الصمت الطويل الكئيب اصبح من الماضي واخذت تتكلم بحرية مع كارولا عن كل الافكار التي تراودها. اكتسبت كارولا نظرة جديدة مؤثرة على حياة الاب وابنته فهي دائمة الاصغاء. ولم تكن روزي تعي ما تسببه لها ببرائتها، وتعليقاتها الطفولية.

لم تستجوب كارولا الفتاة مطلقا مفضلة ان تخرج منها المعلومات بشكل طبيعي وحرية الكلام كان امرا جديدا بالنسبة لروزي. مما ادى الى تطور وتقدم مذهل في عملها التعليمي. كانت روزي طفلة ذات مخيلة رائعة. واظهرت اهتماما كبيرا بالتسجيلات التي امنتها لها كارولا. فكانت تصغي الى الموسيقى والقصص لتعطي تعليقاتها فيما بعد. والتعليقات اصبحت مركزة في النهياة ولم تحاول كارولا ردعها. فالأطفال في سنها بحاجة للتعبير الحر عن انفسهم ولطالما ذهلت كارولا بالطريقة اليت تروي فيها الفتاة قصة ما تبرزها الى الحياة بإيماءات حية تظهر عن موهبة كبيرة عند فتاة صغيرة.

Books_king 27-09-09 08:32 PM

دخل هاري صباحا دون توقع الى غرفة الدرس بينما كانت روزي تروي قصة الدببة الثلاثة... فأدركت كارولا على الفور ان شيئا رهيبا قد حدث. وجهه ابيض الجرح على خده ينبض باللون الاحمر وعيناه مسودتان من الغضب مما جعل دم كارولا يتجمد في عروقها. وصاح بروزي:
- ماذا تفعلين بحق الشيطان؟
فتوقفت الصغيرة في منتصف جملتها مرتبكة محتارة خائفة من نبرة صوته
- هاري... سيد موريل ... لا سبب كي
- هل هذه فكرتك؟

اجفلت كارولا وتراجعت الى الوراء فاخذت روزي تبكي عندما شاهدته يمسك بيد كارولا. صوت البكاء كان له تأثير متعقل على هاري فتنفس بحدة وتمتم بشيء غير مفهوم وجلس على الاريكة ليأخذ روزي بين ذراعيه.
- لا تبكي يا طفلتي .... لم اقصد اخافتك
ولم يكمل شرحه لسبب غضبه لكن روزي هدأت لكلامه فدفنت رأسها في كتفه ولفت ذراعيها حول عنقه لكن عيناه اللتان نظرتا الى كارولا لم تفقدا شيئا من الغضب.


وتلاشت دموع روزي ثم ضحكت لشيء قاله لها والدها. لكن كارولا كانت متوترة جدا لذا لم تنتبه لما قاله واخيرا وقف ينظر اليها والتوتر باد في كل خط من خطوط وجهه:
- اريد رؤيتك في مكتبي بعد الغداء فورا.

الصباح فقد بهجته واقفلا آلة التسجيل وساد الصمت الغرفة. ولكنهما استمرتا في العمل باشياء اكثر اهمية. ركزتا على علم الحساب الذي لم يكن مفضلا لدي روزي فهناك مواضيع اكثر اهمية.


عندما لملمت شيلا اطباق الطعام علمت كارولا انها لن تستطيع الان تجنب المصير المحتوم. فتركت روزي في فراشها ونزلت لتقف قليلا خارج المكتبة تمرر يدها بتوتر فوق شعرها ثم قرعة الباب. فسمعته يصرخ من الداخل:
- ادخل
دخلت لتجده واقفا وارء طاولته:
- اجلسي

فجلست على اقرب كرسي لها لكن بقي واقفا متجهم الوجه.
- من اعطاك الحق في تشجيع روزي على التمثيل الذي شهدته هذا الصباح؟
- لا احد... سيد موريل... لكن...
- لم اطلب منك تعليمها فنون التمثيل مع غيره من مواد التعليم. وهذا يجب ان يتوقف على الفور.
- لكن...
- على الفور اتسمعين؟
واستدار من وراء طاولته ليقف اماما كأنه يهددها. عضلات فكه تتحرك بوحشية لكن كارولا رفضت التهديد.
- لو شرحت السبب لاتسطعت الفهم.
- لست مدينا لك بأي شرح من اي نوع. افعلي ما اقوله فقط
- لكن هذا غير معقول سيد موريل.

ركزت نظرها على تمثال النسر الحائم بدلا ن الاضطرار الى النظر اليه واكملت:
- ان اكثر شيء طبيعي لفتاة مثل سنها ان تلعب العابا حية وتمثل مواقف محددة
فسألها ساخرا:
- صحيح؟ لا بد ان هناك طريقة اخرى كي تعبر فيها عن نفسها خارج نطاق التمثيل.
- لكنها فتاة موهوبة و لاعجب ان يكون لها هذه المقدرة... ولست ارى سببا لكبح هذه الموهبة.

لم تكن كارولا تتوقع ما حدث فقد لوى معصمها في يديه بطريقة بعيدة عن اللطف. وجرها على قدميها وقال والكلمة تخرج من اسنانه:
- هذا يكفي لن اسمح بتشجيعها على هذا بأية طريقة... هل اوضحت ما اقول؟
- واضح تماما سيد موريل؟

لم تستطع تحمل الالم في معصمها ولا قربه الشديد منها...

تركها فجأة فترنحت ممسكة بطرف الطاولة خوفا من السقوط بينما اخذت تنظر بغضب الى الاثار الحمراء التي تركتها اصابعه... في الغد ستكون اثارها اكثر وضوحا لتذكرها بهذه المجابه. ثم قال بحدة متجاهلا اياها ومتجها وارء الطاولة ليجلس:
- بإمكانك الذهاب.
- قبل ان اذهب هناك شيء اريد قوله سيد موريل. روزي لم تبلغ الثامنة بعد. وعندما تبلغ سن الرشد ستقرر بنفسها العديد من الاعمال قبل ان تجد ما يناسبها وبإظهارك الاعتراض قد تجعل مهنة التمثيل تبدو اكثر جاذبية لها.

Books_king 27-09-09 08:33 PM

فسخر منها:
- علم نفس آنسة وارندر؟
- لا ... بل منطق سليم.

ظننته لحظات سيرد بقساوة لكنها سمعته يقول:
- لقد قلت كل ما اريد قوله في هذا الموضوع.

بعد عشاء تلك الليلة عادت الى غرفة جلوسها بعد ان وضعت روزي في الفراش ووجدت هاري يجلس على مقعد مريح فخفق قلبها بعنف لكنها تمالكت نفسها بقوة وقالت بهدوء:
- أكنت تنتظر لتقول شيئا ما؟
- هذا لك؟

مد يده بكتاب شعري صغير كانت تقرأه قبل العشاء. فهزت رأسها تبتلع ريقها بصعوبة وهو يفتح الكتاب.
- قرأت فيه الاهداء "حبي دائما... ديفيد" هل كان حبيبك؟
- لا. بل كان خطيبي.
- كان؟
- قبل اثر انفجار لغم على حدود جنوب افريقيا حيث كان يعمل جنديا في جيشها... وكنت انا انفذ عقد وظيفة للتعليم.
- اتودين اخباري بالامر؟
- ليس هناك الكثير لاخبره. انا وهو التقينا في منزل صديق مشترك هناك. ونشأت بيننا صداقة ... احبني وظننت انني احببته. فأعلنا الخطوبة. وعينا موعد الزفاف وأستأجرنا الشقة الى ان...
- الا ان قتل.
- اجل عندما مات ظننت العالم انتهى ولهذا قررت انهاء عقدي هناك والتفتيش عن عمل في مكان اخر.
- والان اكتشفت انك لم تحبيه مطلقا
- اجل احببته واظن اننا كنا سنسعد معا
- ولكن؟ اظن ان هناك "ولكن"؟
رفعت كارولا نظرها نحوه وقد اسودت زرقة عينيها:
- ادركت الان انني احببته حبي لأخ حنون. لا كما يجب ان تحب المرأة رجلا تتمنى الزواج منه.
- اذن لقد حصلت على خلاص محظوظ.
- ان ما تقوله كريه جدا فلا يمكن للخلاص المحظوظ ان يكون على حساب حياة الاخرين.ها انت ترواغين ثانية.

فوقفت بحدة هل هي مرواغة؟ ما الذي يمنعها ن الاعتراف بحقيقة مشاعرها وهل تخاف ان تتفوه بها؟ لا. انها تعرف الان ان زواجها من ديفيد كان غلطة سترتكبها... لكن التفكير بأن موته كان وسيلة خلاص لها ترك في نفسها طعما مرا. انه طعم الحقيقة.

فتنهدت بتعاسة:
- انت محق كما اعتقد. كنت احاول تجنب الحقيقة.
فضحك ولاحظت ان الضحكة لم تصل الى عينيه:
- على الاقل اتفقنا على امر مشترك. اكان هناك رجل محدد جعلك تدركين انك لم تحبي ديفيد؟
- ايجب ان يكون هناك احد؟
- الامر عادة هكذا. اهو مارك؟
- اوه ...لا. لن اتمكن مطلقا...

اختنق صوتها في حنجرتها وهو يضع الكتاب على ذراع مقعده ويقف
- لن تتممكني مطلقا... من ماذا؟
فهمست مقطوعة النفس
- ان احب مارك.
- هل انت واثقة؟
- اجل واثقة جدا

نظر اليها متفرسا قبل ان يستدير نحو النافذة لون قميصه الكحلي يزيد من سمرة بشرته وتناسق عضلات جسده كما كان يحيط نفسه بهالة مرواغة لم تستطع فهمها. وقال اخيرا:
- حول موضوع نقاشنا اليوم بإمكانك الاستمرار في توجيه روزي كما ترينه مناسبا.
هذا التنازل كان مفاجئا لها... ما من شك انه امضى الكثير من الوقت يدرس المسألة ووجد صعوبة في الاعتراف بخطئه... ارتسمت بسمة رقيقة على شفتيها وهي تمرر عينيا بحرية على ظهره ورأسه الاسود الشعر. لم تحبه مطلقا كما تحس الان. واستلزمها جهد كبير لتمنع نفسها عن التقدم الى جانبه.
دون ان يستدير سألها:
- حسنا؟
- شكرا لك سيد موريل.
استدار ليواجهها ونظرة شك في عينيه:
- اهذا كل ما لديك لتقوليه؟
ماذا كان يتوقع يا ترى؟ وسألته:
- ما الذي جعلك تغير رأيك؟

فأبتسم :
- على عكس ما قد تظنين انا استمع احيانا الى نصيحة تعطى لي حتى ولو اتت ن فتاة مثلك.
- هل سيريحك لو وعدت انني لن اشجعها كثيرا وان اتعامل مع الامر بشكل طبيعي؟
- لا اريد تغيير تعليمها مطلقا واعتراضي كان مبنيا على اسباب شخصية. ولم يكن لي الحق في فرض رغباتي عليها.

Books_king 27-09-09 08:35 PM

اخذ يجوب في الغرفة قلقا لتدرك كارولا كم عاني ليتفوه بإعترافه:
- روزي شخصية مستقلة لها حقوقها ستقرر يوما لنفسها ما تريد. اما انا فآمل ان اتمكن من مساعدتها لتبتعد عن عالم التمثيل لكن في النهاية سيكون الخيار لها.

توقف فجأة لينظر اليها ساخرا:
- خطابك الصغير اعطاني الكثير لافكر به.

لوحت كارولا بيديها تصرف النظر عن كلامه لكنه امسك بيديها ليتفحص اثر اصابعه على معصميها. وسألها بدهشة:
- هل سببت انا لك هذا؟ احيانا يغيب عن ذهني ان النساء سريعات الاصابة بالرضوض.
لم تكن كارولا مدركة لما يجب ان تفهمه ن ملاحظته تلك. لكن المداعبة الرقيقة لاصبعه فوق معصمها سببت مشاعر اوجدت صعوبة في تجاهلها. هل لاحظ تسارع نبضاتها يا ترى؟

يجب ان تبتعد عن فقد احست بإحساس قريب من الذعر... لكن كيف؟ لمسته وقربه منها يجبرانها على التصرف بغباء... وفي هذه اللحظة بالذات ترغب في تقبليه اكثر من اي شيء في العالم.
منتديات ليلاس
- انت ترتجفين ... هل اخيفك الى هذا الحد؟
بالفعل كانت ترتجف اغمضت عينيها للحظة لبتعد صورته عنها جاهدة في السيطرة على نفسها:
- ربما انا متعبة قليلا لقد كان يوما طويلا شاقا.

فتركها وقال :
- اجل هكذا كان. تصبحين على خير كارولا.

لمسته كانت لا تزال تدغدغ معصميها. لكنها الان وحيدة وتحس بالبرد الشديد فجأة. وجوده المسيطر لا يزال مهيمنا بشكل محسوس في الغرفة. وتمنت ببلاهة لو تستطيع التقاط هذا الوجود لتلف نفسها كالعباءة.

Books_king 27-09-09 08:36 PM

نهاية الفصل الثامن

nana1210 27-09-09 11:10 PM

شكرا ومستنيين الباقي

aghatha 28-09-09 07:32 PM

thank u brother 4 this sweet novel

ناعمة 28-09-09 09:51 PM

شكرا شكرا
وبالإنتظار :)

nana1210 29-09-09 10:03 AM

ربنا معاك مستنيين بفارغ الصبر

anysh 30-09-09 08:09 AM

كنج ...متابعين معاك وننتظر التكمله....

ومشكوووووووور...

Books_king 30-09-09 06:53 PM

السلام عليكم انا اعتذر على التأخير ولكن الجهاز عندي انعطب وصارله يومين بالتصليح

سامحوني وهاهي التكملة قادمة في الفصل التاسع وهو الفصل قبل الاخير

Books_king 30-09-09 06:54 PM

9 – رجل اسير



مرت ثلاث اسابيع مشحونة بالاضطراب زار فيها غوردن دانتون المخرج المسرحي قصر بكلاند مرتين. وبالرغم من انها لم تدر كيف حدث هذا الا انها وجدت نفسها تقوم بدور المضيفة لضيف هاري (المقصود هنا هو انها اصبحت بمثابة سيدة القصر) الذي استقبل وجود كارولا بدماثة خلق اثارت اعجابها واحترامها.
منتديات ليلاس

كان رجلا طويلا في الاربعينات نحيلا قليلا شعره الاسود اخذ يتلون بالرمادي بسرعة عند الصدغين مميزا مما سهل امر تعارفهما... كان صاحب سلطة قائمة بذاتها في عالم المسرح. رجلا يعرف تماما كيف يحصل على الافضل من النساء والرجال الذين يمرون تحت يده. لكن بالرغم من مظهره الموحي بالرهبة كان رجلا دافئا جدا ومتعاطفا. هذا ما اكتشفته بعد زيارتها الثانية للقصر.

في احدى الامسيات قدمت كارولا القهوة على الشرفة دون ان يكون في نيتها البقاء طويلا لكن الانوار انطفأت فجأة لتحيط بهم العتمة الكاملة. وظهر جاكسون يحمل مصباحين وكأنه كان يتوقع ما حصل . بعد وضعه احدهما على طاولة صغيرة اختفى مع هاري داخل المنزل لإصلاح علبة الموصلات الكهربائية فبقيت كارولا لوحدها مع غوردن الذي طرح عليها سؤلا دون سابق انذار:

- انت تحبينه. اليس كذلك؟

ارتجف الفنجان الفارغ في يدها مهددا بالوقوع لكن غوردن سارع الى تهدئة يدها بمهارة مدهشة. ارسلت اللون الاحمر الى وجنتيها وقال بهدوء:
- لا فائدة من الانكار عزيزتي. لك عينان معبرتان اخبرتاني بأكثر مما قد ترغبين في قوله

فتنهدت يائسة وقد تلاشت منها الرغبة في انكار الحقيقة.

- اوه يا عزيزي غوردن... هل انا شفافة الى هذه الدرجة؟
- بالنسبة لي اجل... فعملي يرتكز على معرفة الناس لكن مشاكل هاري تشغله كثيرا عن ملاحظة ما حوله وما عنده واقع انك امرأة جميلة. احيانا اعتقد انه يلزمه هزة ارضية لتدمير الجدار الذي اقامه حول نفسه. انت لم تلتق بزوجته الاولى... أليس كذلك؟
- لا لكنني رأيتها على المسرح مرة او مرتين.. كيف كانت؟
- على المسرح كانت ابرع الممثلات اللواتي ساعدني الحظ ان التقي بهن. خارج المسرح كانت مدمرة كالافعى التي قتلت كليوباترا. ما من رجل متزوجا كان ام لا يمكنه مقاومتها وفي السنوات الاخيرة من حياتها ادمنت على شرب الخمرة والمخدارت.
تملكت كارولا قشعريرة الصدمة. وسألت :
- أكان هاري يعرف هذا؟
- انا متأكد انه كان يعرف. لكن لا فرق فألاثنان معا لم يخفيا واقع فشلهما الزوجي. زواجهما لم يعد واقعا منذ عرفت انها حامل بروزي.
- لكن لماذا؟
- هذا هو السؤال المحرق – كما يقولون – كانا يبدوان سعيدان خلال السنوات الاولى فجأة لم يعودا للظهور معا. ولم تعد هي تخفي واقع انها تتمتع بصحبة غيره من الرجال. جاهد هاري كثيرا ليحرق نفسه الى ان اصبح هذا الرجل القاسي المرير الذي ترينه اليوم
- الم يكن هناك امرأة غيرها في حياته؟
- العديد قبل زواجه.... لكن فيما بعد؟... لا

اضيئت اساريره الرائعة بإبتسامة جعلتها تفهم شفافية سؤالها واكمل:
- وصلت الى استنتاج انه فقد اهتمامه بالنساء تماما.... او ربما...... ليس تماما
تردده البسيط جلب فكرة ملحة اخرى الى ذهنها:
- واين موقع دوريس ستفينز في هذه الصورة؟

لوح بيده وكأنه يجد ذكر اسمها مكروها:
- دوريس ستيفنز لسنوات عاشت في ظل اختها آملة ان تكتسب قدراتها المسرحية. لكنها لم تكن تمتلك موهبة تسمح لها بأكثر من ادوار صغيرة. وبموت شقيقتها الان الصقت نفسها بهاري بنفس الطريقة آملة كما اعتقد ان تنجح في التوصل الى ان تكون السيدة هاري موريل الثانية.

وصفه لعاهات دوريس كان قاسيا لكن شخص في مثل مركزه يجيب عليه ان يكون قاسيا. وسألته:
- تجعل امرها يبدو متعمدا ومثيرا للشفقة؟
- الحياة هكذا عادة
- اجل اعتقد هذا

فكرة ان تحل دوريس مكان شقيقتها كزوجة لهاري كانت مؤلمة لها فالامكانية ليست بعيدة نظرا لما تهدده به. فتأوهت في سرها وتفوهت بما يخيفها:

- أتظنها قد تنجح في ان تصبح زوجته؟
- اتمنى العكس.
لحظتها عادت الانوار ثانية... وتابع :
- سيكون بمثابة كارثة فوق كارثة.
- وما هو الذي سيكون كارثة فوق كارثة؟

Books_king 30-09-09 06:56 PM

صوت عميق القى السؤال فجأة فتوترت اعصاب كارولا تتساءل بفزع ما الذي سمعه هاري من حديثهما. نظرت الى غوردن لكنه بدا غير مهتم وهو يجيبه:
- لو ان الممثلة الاولى في مسرحيتك مرضت ليلة الافتتاح والبديلة انهارت اعصابها.

اعجبت كارولا برده صامته وكادت تنفجر بالضحك وهي تلاحظ عمزة عينه الخبيثة. فقال هاري بخشونة وعيناه تلاحظان احمرار وجه كارولا:
- في هذه الحالة سنعطي كارولا دور البديلة... ستكون رائعة للدور لما لديها من مواهب.

اصبح الصمت متوترا ماذا يعني بهذا؟ نظرت الى غوردن بإستغراب فسارع الى القول:
- لا اظن هذا يا هاري.

لم تستطع كارولا فيما بعد ايجاد سبب التوتر الذي ساد في تلك اللحظة على الشرفة فصرفت النظر مفسرة الامر على انه محض خيال منها.

وصلت دوريس في احدى زياراتها المفاجئة للقصر في نهاية الاسبوع التالي ومر اليومان اللذان امضتهما هناك بسرعة ما عدا حادثة واحدة حصلت لحظة وصولها مباشرة.

كانت كارولا و ورزي قد وصلتا لتوهما من زيارة للقرية لتجدا دوريس تتشمس على الشرفة. في ثوبها العاري الكتفين الاصفر الكاشف عن كتفيها اللامعين في وجه الشمس. رافعة طرف فستانها الى ما فوق الركبة بكثير لتكشف عن ساقيها الطويلتين الجميلتين السمراوتين. وفقت بسرعة لحظة وصولهما الشرفة وحيت روزي بحرارة مصطنعة لكن روزي لم تنخدع والاطفال نادرا ما ينخدعون فبقيت متصلبة وصامتة في حضن خالتها.

سألتها دوريس بحدة وهي تبعدها عنها قليلا:
- ما بك؟ الست سعيدة لرؤيتي؟
فردت روزي دون تررد:
- لا
كان رد روزي صريحا لدرجة الوقاحة لكن قبل ان تستطيع كارولا اصلاح الامر دفعتها دوريس بعيدا. عيناها الخضروان اشتعلتا غضبا.

- انت فتاة مزعجة وقحة. وسأفعل ما بوسعي كي تحصلي من والدك على القصاص الذي تستحقينه.
ارتجفت شفة روزي السفلى وهي تنظر الى كارولا قائلة:
- سأذهب الى غرفتي.

فقالت دوريس ببرود:
- اجل اذهب الى غرفتك وابقي فيها الى ان تكوني مستعدة للإعتذار

وامسكت بيد كارولا لتعرز اظافرها الطويلة في ذراعها بينما كانت على وشك اللحاق بروزي :
- انت اريد محادثتك
نظرت كارولا باستغراب الي اليد المتأنقة الاظافر وقالت ببرود:
- ارفعي يدك عن ذراعي
فرفعت يدها بسرعة لكن اثر الاصابع الاربع الغائرة بقي كتذكار ثم قالت بحدة:
- انت المسؤولة عن تصرفات الطفلة
- استميحك عذرا؟
- لا تظري الي بهذه البراءة انسة وارندر... انت تعرفين عما اتكلم
- اؤكد لك انني لم اشجع روزي يوما على اي تصرف ضدك

فالتوى الفم الجميل ساخرا
- وانصحك ان لا تفعلي فلن اتردد عندها في صفعها ثم ارسالها الى مدرسة داخلية لحظة اتزوج بهاري

تذكرت كارولا تعليق غوردن فترددت بين الشفقة عليها والخوف منها اضافة الى خزنته ذاكرتها في داخلها من كمية كبيرة من الغضب:
- هذا الموقف لن يحل مشكلتك معها انسة ستيفينز
- ربما لا لكن سيبقيها بعيدة عن طريقي معظم الوقت... فشقة هاري ليست كبيرة بما يكفي لثلاثتنا وكلبها الكريه هذا يجب ان اتخلص منه
الثقة في كلامها صورت كارولا ان زواجها امر محتم فأحست برعدة في قلبها. وسألتها:
- هل بحثت الامر مع هاري؟
ارتفع حاجباها المقوسان بعناية:
- طبعا
- هكذا اذن
فقد اليوم دفأه وكبحت كارولا اشمئزازها ترى هل سمح هاري لنفسه اي يقع ضحية ابتزازها والثمن هو الزواج منها ام انه اقترح هذا بكامل ارادته؟ وهل يسمح لنسفه بان يخدع مرتين؟ ايعني هذا انه وافق اخيرا على دفع الثمن؟ قطع صوت دوريس حبل افكارها :
- لقد حذرتك بان زواجنا محتوم
فتمتمت كارولا:
- لقد فعلت

Books_king 30-09-09 06:56 PM

واعتذرت لتدخل المنزل معتمدة على ما تبقى من رباطة جأشها ليحملها لاهثة الى جناحها. حيث استقبلتها روزي صائحة:
- اكرهها
- لا يجب ان تقولي هذا
- لا استطيع منع نفسي... فهذه هي الحقيقة.
جذبتها كارولا الى ايكة صغيرة لتجلسا معا متواجهتان:
- لقد كنت فظة جدا معها روزي
- اعلم وانا اسفة لكنني اعرف انها لا تحبني
فتنهدت كارولا:
- كيف يمكن ان تكوني واثقة من هذا؟ لو انك تعطينها الفرصة فقط تكتشفين انها تحبك كثيرا.

صاحت روزي بعصبية:
- انها لا تحبني... واعرف هذا... واعرف ماذا تريد.... انها تريد الزواج من ابي.... عندها سأضطر ان اكون لطيفة معه لانها ستصبح امي الجديدة.

احست كارولا وكأن الفتاة تكاد تختنق لم يفتها شيء مما يحصل... انها شديدة الملاحظة اكثر مما يظن الجميع... وسألتها:
- هل سيكون هذا امرا رهيبا؟
- اجل .. اجل . هكذا سيكون ... اوه كارولا لماذا لا تتزوجين انت من ابي. لتصبحين امي. افضلك انت مكانها بدل اي شخص في العالم.

كانت هذه الكلمات اطراءا ذا قيمة رفيعة قدمته لها تلك الطفلة المرهفة لكنه كان ايضا بمثابة ضربة موجعة لقلبها.

- شكرا لك لقولك هذا حبيبتي ... لكنني لا استطيع الزواج منه

فاتسعت عينا روزي انزعاجا واحباطا
- لماذا؟
- حسنا .. الناس لا يتزوجون هكذا روزي. يجب ان يحبوا بعضهم بعضا.
- الا تبحين ابي؟
- اوه اجل احترمه واعجب به كثيرا
- لكن اذا حاولت جهدك ستحبينه الا يمكنك هذا؟

لم تكن الصغيرة تدرك مقدار العذاب الذي تسببه لقلب كارولا بكلامها البريء هذا. ضحكت كارولا مرتجفة موشكة على البكاء:
- اوه .... روزي .... ليت الامر بسيط هكذا.

دفنت روزي رأسها في كتف كارولا. ولحسن الحظ لم تلحظ حالة البكاء التي تكاد تستولي على كارولا وهي تضع خدها على الشعر الاسود وتضعط بيدها على الجسد الصغير:
- الا تريدين ان تكوني امي؟

اشتدت ذراعا كارولا حولها قليلا. في محاولة لتخفيف الالم الذي يعتمر في نفسها.
- اتخلى عن كل شيء في العالم لاكون امك .... لكن...

فجذبت روزي نفسها من بين ذراعي كارولا وسألتها بحدة:
- اذن لماذا لا تقولين لابي؟
- لا
- لكن كارولا

توسلتها كارولا وقد ساد جو من اليأس دفع بالدموع المخنوقة الى الخارج:
- روزي حبيبتي
- اوه حسنا لماذا يكون الكبار دائما صعبي المراس؟

خلصت روزي نفسها من بين ذراعي كارولا وتوجهت الى غرفتها فأرتمت كارولا على الاريكة واغمضت عينيها لتمنع الدموع

- اوه هاري ... هاري . لماذا جئت الى هنا لماذا اخترت هذا المكان من بين كل الاماكن لابحث عن عمل؟ لماذا لم اذهب الى اي مكان صغير آمن لا يكون فيه خطر معرفتك؟

Books_king 30-09-09 06:57 PM

من اجل افتتاح المسرحية التي حددت في اول اسبوع من اخر شهر في السنة . وقبل بضعة ايام سافر الجميع الى لوس انجلوس لهذا الغرض وللاقامة في منزل غوردن دانتون. وشرح هاري الامر فيما بعد والسيارة تعبر ابواب فيلا غوردن:
- لقد رتبت امر بقاءت و وروزي مع غوردن و زوجته اما انا فسأبقى في شقتي

لم تناقش كارولا الامر فالمنزل الهولندي الطراز وسقفه المثلث الابيض المنزلق المنخفض جذب اهتمامها وعلمت انها في يوم من الايام لو سنحت لها الفرصة ستعيش في منزل مشابه وسط المروج والاشجار وقال هاري بصوت مسترخ لطيف:
- انه مكان جميل كلما اتيت اليه احس بجماله وسحره. وسوزان هي من افضل النساء اللواتي اعرفهن. ولها الفضل في استمرار الهدوء والامان في منزلها الرائع.

هذا تصريح غريب من فم هاري لكنها لحظة شاهدت سوزان دانتون تنزل الدرجات المنخفضة للمنزل لتستقبلهم فهمت ما كان يعنيه بكلامه عن هذه المرأة
منتديات ليلاس

رحب سوزان بكارولا وكأنها واحدة من العائلة. ثم ادخلتهم الى برودة المنزل بغرفه الواسعة واثاثه الاثري المنتقى بعناية والممتزج بدقة مع اثاث اكثر حداثة. اول انطباع لكارولا كان هو ذلك التناسق في الاثاث والالوان فقد اختارت سوزان الالوان الخريفية المريحة لغرفة الجلوس . والصفراء الشاحبة للغرفة التي ستحتلها كارولا مع روزي.

صينية الشاي كانت تنتظر عودتهما من الجولة في المنزل و روزي الضائعة دون جروها خرجت الى الحديقة قالت سوزان لهاري بصوتها الموسيقي العذب:
- غوردن ينتظرك في المسرح وتأكد من عودتكما الى المنزل قبل السابعة هذا المساء فانت تعرف مدى انجرافه في عمله وليلة الافتتاح اصبحت قريبة

فأبتسم هاري:
- سأبذل جهدي. لكن اتمنى ان لا ننجرف جميعا في هذا الوقت؟
فتمتمت سوزان :
- يا الهي ارى منذ الان ان العشا سيفسد
- لكنني لن اتخلى عن عشائك اللذيذ بارادتي سوزان

احنى رأسه لكارولا وقال لها:
- اراك فيما بعد
فضحكت سوزان :
- ليس بعد السابعة

التفتت الى كارولا بعد مغادرة هاري:
- استرخي عزيزتي لن يصيب روزي ضرر في الحديقة و ارجو ان تتناولي معي فنجان شاي اخر.

بعد ظهر ذلك اليوم الذي قضته مع سوزان كان الوقت الوحيد الهادئ الذي شعرت به كارولا خلال اقامتها في لوس انجلوس.. بطريقة او باخرى انجرف الجميع في التحضيرات والتصاعد المتزايد للتوتر ليلة الافتتاح. اكثر لحظات الاحراج لكارولا كانت عندما استراح الجميع في غرفة الجلوس بعد العشاء في اخر امسية قبل الافتتاح.

النقاش طبعا دار بالتزام حول المسرحية. وبالرغم من معايشتهما التدريبات لفترة طويلة فقد ظلل تفكير الرجلين عنصر الشك فسارعت سوزان تحذرهما.

- لا تتركا المجال للخوف والشكوك بالسيطرة على الوضع. سيكون النجاح حليفكما. وبعد ليلة الغد سأعطيكما انا وكارولا رأينا الثمين. الن نفعل هذا كارولا؟

ردت كارولا بهدوء:
- اخشى ان يكونا مضطرين للاعتماد على رأيك لوحدك سوزان. فأنا سأبقى مع روزي.
انفجرت سوزان بعد صمت متوتر:
- هراء. واحدة من الخادمات بإمكانها البقاء معها، ولن يعود لديك سبب ليفوتك العرض الاول.

فقال هاري بكسل:
- كارولا لا تقدر عملي حق تقديره سوزان... لذا لا تريد الذهاب.

قالت كارولا وهي تنظر الى سوزان:
- اود الذهاب لكنني ظننتك لا تريدني ترك روزي.

سارعت سوزان تقول بسعادة:
- سوي الامر اذن
لكن كارولا قالت وخداها محمرين:
- لم يسوّ تماما. لا احمل في حقيبتي زيا.

لكن سوزان لم يصدها هذا التصريح:
- غدا سأذهب معك لشراء ما هو مناسب واظنني اعرف محلا محترما يعرض ازياء جملية.

قال هاري:
- انا في مزاج فائق الكرم الليلة لذا اشتري اي شيء تريدينه كارولا وارسلي لي الفاتورة.

صاحت سوزان بفرح:
- هاك الان لا تتلقى امرأة عادة عرضا كهذا. فوافقتي بسرعة كارولا قبل ان يغير رأيه.

زاد الاحراج من سرعة نبضات قلب كارولا وهي تلتقي بنظراته الساخرة:
- شكرا لك هاري.
وقف غوردن الذي كان يراقب ما دار بتحفظ قائلا:
- والان بعد ان رتب سوزان وهاري مستقبلك القريب اتودين بعض الشراب؟
- شكرا لك.
- وانت عزيزتي؟
فهزت زوجته رأسها موافقة:
- تعال ساعدني هاري.

وهو يمر من ورائها امسك بشعرها ليرفع وجهها اليه:
- سأترقب منك رأيا صريحا صادقا في الغد لا تنسي




تفحصت كارولا نفسها في المرآة مرتدية الثوب الحريري المتعدد الالوان الذي اشرته بعد الحاح سوزان واصرارها. وكان عليها ان تعترف انها قامت بالاختيار الموفق. كان الثوب يكشف عن الكتفين اللذين اكتسبا اللون الذهبي من جراء ساعات قضتها مع روزي عند الشاطئ والقماش الناعم التصق بنعومة عند حنايا صدرها وخصرها الناعم الرقيق. وتركت شعرها منسدلا كغيمة رقيقة فوق كتفيها. واعتنت اكثر من المعتاد بمكياجها.


ارادت ان تبدو في احسن حالاتها امام هاري لكنها كانت تشك في ان يؤثر به مظهرها فقلبه متحجر مع النساء. كما ان وجود دوريس في حياته يشغله عن رؤية جمالها.

دق باب غرفتها بينما كانت سوزان معها تشرف على اخر اللمسات ليدخل هاري:
- سننطلق انا وغوردن... هل ستتمكنان من الذهاب لوحدكما؟
فردت سوزان بصوت مطمئن:
- طبعا هاري سنصل المسرح قبل رفع الستارة بكثير.

قبل ان ينسحب هاري لمعت عيناه بغرابة وهو ينظر الى كارولا. فقالت سوزان بعد خروجه:
- ها قد ذهب رجل اخرى صعب المراس والطباع بحاجة ماسة ليد امرأة لتطفئ النار الغاضبة في نفسه.
- رجل اخر صعب الطباع؟
- اجل عزيزتي في طريقة ما هاري وغوردن متشابهان طباعا واخلاقا. التقيت غوردن عندما كان ينتج مسرحية كنت بطلتها... واصطدمنا منذ لحظة وقعت عيوننا على بعضنا. واذكر انني اعتبرته رجل مستحيل الطباع ودون قلب. لن للقلب تفكير خاص به. وانتهى بي الامر واقعة في حبه. وعشت بشقاء لا يوصف الى ان اكتشفت بأعجوبة انه يحبني ايضا.

ضحكت محرجة لما كشفته لكارولا من اسرارها ثم اكملت:
- لم اتعرف على غوردن دانتون الانسان الا بعد ان فتح لي ذراعيه وقلبه. عندها اكتشفت انه حساس جدا ورجل رائع.
- اتظنين هاري سيسمح لأية امرأة ان تقترب منه لتحقق مثل هذه المعجرة؟
- اجل. اذا كانت المرأة المناسبة. لقد اخبرني غوردن الكثير عنك. وهو حكم ممتاز على الشخصيات لكنني بعد مقابلتك شخصيا عرفت انه محق. لقد فعلت المعجزات مع روزي. واعرف تماما انك قادرة على فعل الشيء نفسه مع هاري.
- هذا اذا سمح لي. لو انه... رائع منك ان تقولي هذا لكنني اظن بانه مصمم على الزواج من دوريس.

فشحب لون سوزان:
- لو فعل هذا فسيسقط من تقديري لكنه ليس بالغبي
- لا لكن قد لا يكون امامه خيار

ساد صمت مميز قبل ان تقول سوزان بهدوء
- حسنا لست واثقة مما تعنينه لكنني شخصيا لا اظن ان امام دوريس اية فرصة.

لم يعد امامهما وقت بعد القاء نظرة اخيرة على روزي في فراشها قادت سوزان سيارتها برفقة كارولا الى المسرح حيث احست كارولا بانها غريبة وهي تجلس على افخم مقاعد امامية بدلا ن تلك التي لا يتمكن الناس العاديون امثالها من الجلوس على غيرها في المؤخرة وهمست لسوزان:
- هل سينضم غوردن وهاري لنا؟
- لا. فانا اعرفهما فسيختبئان خلف المسرح ليمارسا قلقهما وهما يراقبان المسرحية ويلتقطان كل ردة فعل عند الجمهور.


عندما خفت الانوار للدلالة على قرب بدء المسرحية اشتد توتر اعصاب كارولا حتى ان كراس البرنامج اهتز في يدها فابتمست سوزان لها مشجعة لكن كارولا لاحظت ان سوزان كذلك ترتجف وسرت همهمة بين الحضور والستارة ترتفع ومنذ تلك اللحظة لم تع كارولا سوى الاحداث الدرامية الجارية فوق المسرح.

وبانكشاف عقدة القصة عبر الشخصيات ادركت كارولا ان المسرحية قد تكون قصة هاري شخصيا. الحب الكراهية والتحرر النهائي من الوهم مفاهيم حركت مشاعر كارولا ونقلتها من حالة الصدمة الى البكاء دون خجل. وعندما ماتت اخيرا البطلة الظالمة على يد عاشق سريع الغضب انهار الجمهور جميعا بتنهيدة ارتياح. لكن هذه لم تكن النهاية فزوج البطلة استعاد حريته التي كان يرغبها ليكتشف انه اصبح اسير سلاسل المرارة التي تحيط به حيث لا مهرب منها ما عدا بين ذراعي امرأة مجهولة سيطرت على الفصل الاخير بتقديمها القدرة على الحب والدفء اللذين بديا حتى تلك اللحظة حكمان مستحيلان.

بهبوط ستارة النهاية احست كارولا وكأنها خالية من كل مشاعر وقفت على قدميها كما فعل الجميع ظهر هاري على المسرح ليحيي الجمهور الراعد بالتصفيق لكنها احست بانقباض رهيب عند رأس معدتها جعلها تتمنى لو تجد مكانا تختبئ فيه الى الابد

الفكرة الوحيدة التي بقيت واضحة في ذهنها كانت قول هاري لغوردن تلك الليلة في القصر " انها ستكون رائعة لدور البطلة في عدة طرق"

اهكذا يراها؟ امرأة لا قلب لها، لا يوقفها شيء لتسكب ما تريد من الحياة بغض النظر عن التعاسة التي قد تسببها للآخرين؟

لا... لا... هذا مستحيل. لا يمكن ان يفكر بها هكذا بعد الاشهر التي عاشت فيها معه تحت سقف واحد. صحيح انهما تناقشا حول امور محدودة وغازلها قليلا مرتين وبالتأكيد لم تمتلىء نفسه بهذه السرعة بالمرارة التي تدفعه للتفكير بها هكذا؟

احست كارولا بيد سوزان على ذراعها:
- كارولا انهما بانتظارنا خلف المسرح اتحسين بالتعب عزيزتي؟
- لا... لا. انا بخير
- مسرحية هاري مؤثر اليس كذلك؟
- اجل...... كثيرا

وشقتا طريقهما عبر باب جانبي الى البهو برز غوردن من بين حشد يسعى لتهنئته نظرة واحدة لقسمات وجهه الرائعة اظهرت انه اكثر من راض عن العرض والترحيب الذي لاقاه.
- هاري وانا مشغولان الان مع الصحافة لماذا لا تعودان الى المنزل لانتظار ضيوفنا. سنلحق بكما في اسرع وقت.

ارتياح كارولا لعدم اضطرارها لمواجهة هاري في تلك اللحظات كان لا يوصف ستجد بذهابها الى المنزل الوقت الكافي لتستجمع نفسها وتقرر مذا ستقول عندما يطلب رأيها سوزان كانت صامتة مثلها في طريق عودتهما وتصورت كارولا انها لا زالت تفكر بالمسرحية كما جميع من شاهدها لمدة ثلاث ساعات. فما من شك انها كانت ناجحة وستستمر هكذا طالما تدفق الجمهور لرؤيتها. لكن بالنسبة لكارولا هذه التحفة التي ابتدعها هاري افسدها باتهاماته واتهامته صارخة تعرفها تماما

تهربت كارولا الى غرفتها لتختلي بنفسها. بعد قليل سمعت سيارة هاري تقترب لكنها لم تكن راغبة في مواجهته وسمعت دقا خفيا على باب غرفتها بعد دقيقة. فنادت :
- ادخلي سوازن

لكن الداخل لم يكن سوزان بل كان هاري على الفور حاولت الهرب من الغضب الصامت في عينيه محاولة التفكير بسبب غضبه وقال لها بخشونة وقد لوى شفتيه بوحشية:
- الم يكن في المسرحية شيء كان له معنى لك؟ الهذا السبب تختبئين في غرفتك لانك لم تستطيعي مواجهتي بالحقيقة؟
- لم اكن اهرب منك هاري
- حقا؟ لماذا لم تكوني اذن في الطابق السفلي عندما وصلنا؟
- صعدت القي نظرة على روزي ثم اردت البقاء وحيدة للحظات
- لماذا
- لافكر بالمسرحية
- و؟
- كانت رائعة؟
- اهذا كل شيء؟
- امن المفروض ان يكون هناك شيء اخر؟
فرد بحدة :
- لا. اذا لم تجدي في المسرحية شيئا له ميزة خاصة لك فأنا أسأت تقديرك تماما.
- لا اظن ان فهمت
- لا. لن تفهمي.... قد تفهمين هذا.

امسكها بخشونة مثبتا ذراعيها الى جانبيها ليضمها اليه بقوة جعلتها تبكي ذراعاه كانتا وكأنهما تعاقبانها حتى انها اصبحت على شفا الاغماء لكنه اخيرا تركها. ولم تفتح عينيها الا بعد ان سمعت الباب يصفق خلفه فأراحت ساقيها من حملهما بالجلوس على كرسي ورائها.

Books_king 30-09-09 06:58 PM

نهاية الفصل التاسع

ان شاء الله احاول اضع الفصل العاشر والاخير الليلة او غدا على ابعد تقدير

anysh 30-09-09 08:54 PM

جميييييييل جدا ....ياريت تكملها اليوم....

nana1210 01-10-09 03:02 PM

جميل مستنيين التكملة بفارغ الصبر

Books_king 01-10-09 08:12 PM

السلام عليكم

ها هو الفصل الاخير من هذه الرواية الرائعة

تفضلوا

Books_king 01-10-09 08:12 PM

10 – لا حاجة للكلمات

Books_king 01-10-09 08:13 PM

تدفق الضيوف من غرفة الجلوس الى الشرفة، واول شخص التقته كارولا عند انضمامها اليهم كانت دوريس... التي قالت لها بصوت مطلي بعسل يخفي وراءه السم:
- يبدو لي، انك كموظفة تأخذين كل شيء كحق لك. هل اخذت الاذن من هاري لحضور الحفل.

ردت سوزان بدلا من كارولا بعد ظهورها الفجائي الى جانبها:
- كارولا ليست بحاجة الى اذن من احد لتنضم إلينا. فهي هنا ضيفة عندي.

هزت دوريس كتفيها مبدية عدم الاكتراث وعيناها تضيقان كراهية:
- اوه... حسنا... اعتقد انك تعرفين انك ستصبحين دون وظيفة في نهاية هذا الشهر. بعد ان يعود هاري الى السكن في لوس انجلوس بصورة دائمة؟

احست كارولا بفراغ داخلها. وكأنها ـ دون وعي ـ اقفلت الباب على مشاعرها لتبقى دون مشاعر... فتمكنت من النظر الى عيني دوريس الخضراوين دون ارتجاف.
- انا واثقة انه عندما يحين وقت انهاء خدمتي فسيكون هاري قادر تماما على صرفي من العمل دون مساعدة منك.

فتحولت نظرة دوريس بإستخفاف:
- فكرت ان احذرك اذ لا نفع لك بأخذ راحتك ضمن دائرة اصدقائه.

خطت سورزان فجأة الى الامام وصاحت:
- انت لست صديقة لي دوريس. ولم اكن اعلم انك صديقة لهاري... لذا كوني حذرة قبل ان تتابعي اهاناتك لصديقة لي وفي منزلي.

لم تسمع كارولا من قبل لهجة باردة سلطوية ن شخص لم تعرف عنه سوى الدفء والحنان. ولا بد ان دوريس تعرف جيدا انها تمادت الى اقصى الحدود، فقد لاحظت كارولا ان بقعتين قرمزيتين قد احتلتا خدها قبل ان تستدير وتغادر الغرفة.
منتديات ليلاس
وقالت سوزان من بين اسنانها حانقة وهي تمسك بذراع كارولا:
- كم انها امرأة بغضية. من الجيد ان اكون متزوجة من رجل مثل غوردن يمكنه ان يكون قاسيا في تعامله مع امثالها... دعيني احضر لك شرابا يا عزيزتي... تبدين انك بحاجة لشيء ينعشك.

وقفت كارولا منتظرة رجوع سوزان تنظر الى دوريس تقف مع هاري يتحدثان ويتضاحكان.... بإمكانها ان تحظى به فلن تهتم فهما يتمتعان ببعضهما.

شارفت السهرة "على مضض" على نهايتها بعد منتصف الليل بقليل. ولم تبق كارولا لتحضر مغادرة الضيوف فأكتفت من نظرات هاري الباردة فأعتذرت لسوزان بعد خروج اول سيارتين من الضيوف.

دوريس كانت اخر من غادر وراقبتها من نافذة غرفتها تركب سيارة هاري ليوصلها.

Books_king 01-10-09 08:14 PM

بعد تلك الليلة لم يعد اي شيء الى ما كان عليه بينهما... عادا الى هيوستن ثم بالسيارة الى لونغفيلد صباح يوم الاحد وفي طريق عودتهما الى القصر كان الصمت سيدهما ولولا ثرثرة روزي احيانا لأنفجرت كارولا بالبكاء. لقد تعودت في الماضي على سخريته لكن عدم اهتمامه البارد كان اكثر ايلاما من اي شيء اخر اختربته معه.

الجو في قصر بكلاند في فترة عيد الميلاد لا يمكن وصفه سوى بأنه لا يطاق. وكانت كارولا دائما تهرب الى الشاطئ مع روزي حيث كانتا تقضيان بضع ساعات تخلو من الهم مع "ديفل".
العمة ايما اثارتها كذلك الزيارات العديدة التي قامتا بها خلال هذه الفترة مع انها أبدت ملاحظات على الظلال السوداء التي بدأت تظهر حول عيني كارولا. الا انها لم تفسر لها السبب. فهي كانت تتجنب الخوض بمشاكلها.

دعاها مارك لتناول العشاء معه في احدى الامسيات فقررت ان هذه فرصة لها للتحدث معه. لكنها عندما واجهته على طاولة العشاء انحبست الكلمات في حلقها وبقيت صامته. لكن الفرصة سادت بينهما في النهاية وهما عائدان الى المنزل. فقد اوقف مارك سيارته على مرتفع يطل على القرية. وجلسا لبضع دقائق يراقبان البحر يلمع تحت ضوء القمر.

- اظن ان روزي ستعود الى المدرسة الداخلية في السنة القادمة؟
- اجل... اعتقد هذا.
- وكم ستبقين معها في القصر؟
- الى ما بعد السنة الجديدة بقليل... لماذا؟

سؤال سخيف فهي تعرف الى اين سيقود الحديث.
- هل فكرت بخطة للمستقبل؟
- لا
- كارولا . نعرف بعضنا منذ اشهر الان... و...

فقاطعته:
- انت صديق عزيز يا مارك. وسأفتقدك عندما اغادر القرية.
- لست بحاجة لمغادرة القرية... بإستطاعتك الزواج مني.
- انا... لا اظن...

قاطعها بإلحاح:
- لا بد انك عرفت انني احبك كارولا.

يده لامست كتفها واحست كأنها مجرمة وهي تبتعد عنه، لكن يجب ان تقول له:
- اجل ... اعرف... وانا اسفة.
- هل يعني هذا؟
- يعني شعورك نحوي يشرفني جدا... لكنني لا استطيع الزواج منك دون ان احبك مارك... صحيح انني متعلقة بك... لكن...
وابتلعت ريقها بصعوبة فسألها مارك بعد صمت طويل:
- هل هناك شخص اخر؟
- اجل. لكن لا رجاء من حبه.
- هاري موريل؟ هذا ما ظننته... ايعرف مشاعرك نحوه؟
- لا. اخشى ان يكون حبا من جانب واحد.

استدار يواجهها ثانية بنفس اللهفة التي اظهرها قبل قليل
- كارولا ... يا عزيزتي... لماذا تضيعين وقتك مع رجل لم يقدرك حق قدرك؟ يمكننا ان نسعد معا لو حاولنا.

اذا لم تستطع اقناعه بالكلمة. فعدم تجاوبها مع محاولته تقبليها هو الرد الانسب. ثم همست بعد ان تركها:
- مارك ستبقى دائما الصديق العزيز جدا على قلبي... لكنني لن استطيع الزواج منك ومشاعري مع... مع شخص اخر.. فلن يكون هذا انصاف لك. لانك تستحق كل السعادة

حاول ان يبتسم بعد طول صمت لكنه لم ينجح بذلك
- حسن جدا كارولا. لكن تذكري سأكون دائما موجودا اذا احتجتني يوما.

انحنت نحوه لتقبل خده شاكرة
- سأذكر هذا مارك... و شكرا لك

وصلا القرية بعد لحظات حيث لمحت كارولا سيارة متوقفة قرب منزل عمتها ايما فخفق قلبها بشدة انها سيارة هاري. لكن ماذا يريد هاري من عمتها ولما هذه الرغبة الفجائية للتعرف اليها؟

فتحت ابواب القصر آليا وعبر مارك بسيارته وبينما كانت كارولا تودعه قررت ان تزور عمتها لتعرف سبب وجود هاري هناك.

Books_king 01-10-09 08:16 PM

حال ان استطاعت في الامسية التالية سارعت كارولا الى منزل عمتها وهناك في الجو العائلي داخل المطبخ الدافئ قررت سؤال عمتها:
- تناولت العشاء ليلة امس مع مارك في المعطعم.... وفي طريق عودتنا لاحظت انه كان لديك زائر.

رغم صعوبة اثارة العمة ايما بدا عليها انها تلاقي صعوبة في حمل صينية الشاي. واجابت:
- اجل كانت زيارة السيد موريل لي غير متوقعة.
- ماذا كان يريد؟
- اوه معظم حديثه كان عن روزي وقال انه سعيد بتحسن صحتها وسألني عن المدارس المحلية فهناك امكانية في استمرار سكنه في قصر بكلاند

هذا يتناقض مع قول دوريس بأنه عائد الى المدينة وبعد معنوياتها منهارة لدرجة قررت السفر قالت وهي تبتسم:
- لا استطيع تصور دوريس تتخلى عن حياة المدينة لتستقر في قصر ريفي.
- دوريس؟
- دوريس ستيفنز. انها خالة روزي. المرأة التي سيتزوجها ألم يحدثك بذلك؟

سجلت عينا العمة الرماديتين الدهشة وشيئا اخر لم تعرفه كارولا:
- حسنا.. اجل.. لقد ذكر شيئا عن الزواج.

اذن لقد تقرر الامر واقنعته دوريس اخيرا بزواج سيكون اكثر تدميرا له من زواجه الاول. انه غبي اما هي فغبية اكبر لانها احبته. وتابعت بصوت مرتفع:
- مسكين هاري ومسكينة روزي

جواب عمتها جعلها تدرك انها تلفظت بما تكنه بصوت مرتفع:
- لماذا تقولين هذا؟
- اوه لاشيء ما رأيك به الان بعد مقابلته؟
- انه رجل دمث الاخلاق وليس ذلك الشخص المغرور الذي كنت اظنه. ومن المؤسف وجود ذلك الجرح في وجهه.
- اجل
- لكنه لم يؤثر على وسامته
- لا

وفكرت في نفسها " اوه هاري ... هاري لماذا احببتك بهذا القدر؟" وقاومت رغبة في البكاء على كتف المرأة التي ربتها وقاطع صوت العمة افكارها
- هل قررت ماذا ستفعلين بعد ان تتركي العمل في القصر؟
- لا. ليس بعد

وضعت العمة يدها على ذراع كارولا تخفف عنها وفي قبضتها نوع محدد من اللهفة:
- لا تستعجلي يا عزيزتي. هناك متسع من الوقت للتقرير
انها ملاحظة غريبة من عمتها التي طالما اصرت في الماضي على ان القرار يجب ان يؤخذ على الفور لا ان يوضع على الرف

وصلت دوريس الى القصر في الليلة التي تسبق عيد الميلاد معلنة انها ستبقى الى ما بعد السنة الجديدة. وبمراقبة تعبير وجه هاري لوصولها لم تلاحظ كارولا اذا ما سره بقائها ام لا. وبتصميم على تجنبهما معا... خرجت تنضم الى روزي وكلبها في الحديقة. نيتها كانت ابعاد روزي عن طريق خالتها لكن ما ان خطت الى الردهة حتى دخلت روزي راكضة وهي في حالة هستيرية فنادتها كارولا:
- روزي
وحاولت اللحاق بها ولكنها شاهدت دوريس تدخل من الباب الامامي فإستدارت نحوها لتسأل:
- ما جرى؟
نظرت اليها دوريس بوقاحه ميهنة:
- ليس من شأنك معرفة ما حصل... لكنني قلت لها انك ستغادرين المنزل قريبا واننا دبرنا امر رحيلها هي كذلك الى مدرسة داخلية.
- ماذا قلت؟
- حسنا يجب ان يخبرها احد والاقرب افضل

لم يكن هناك مجال للشك بنظرة الرضى في عينيها الشريرتين
فاجتاحت كارولا موجة غضب وجدت صعوبة في كبحها... لم تشعر في حياتها انها راغبة في فعل شيء مؤذ جسديا... وقالت ببرود قاتل:
- دوريس ستيفنز ... اذا كنت قد تسببت بتدمير كل ما فعلته خلال الاشهر الماضية بتكدير تلك الطفلة مجددا... اقسم انني سأجعلك تندمين على ما تبقى من حياتك



******
يتبع...

Books_king 01-10-09 08:17 PM

صاح صوت هاري الاجش العميق من ورائها:
- ماذا يجري هنا؟

فاستدارت كارولا لتواجهه وعيناها مسودتان بغضب صارخ وقالت بصوت يقارب الصياح مشيرة الى دوريس
- اسألها

غير قادرة على تحمل رؤيتهما معا مرت بسرعة من امام هاري لتصعد الدرج تفتش عن روزي حيث وجدتها مستلقية مكومة فوق الصوفا في غرفة الجلوس الصغيرة جسدها النحيل الصغير يرتجف من النحيب فصاحت وهي تجمع الطفلة بين ذراعيها لتهدئ من روعها:
- روزي حبيبتي لا تبكي. بكاؤك يحطم قلبي.
- قالت... قالت ... انك ذاهبة... وانني ... انني ذاهبة الى ... مد... مدرسة داخلية.
واغرقت وجهها تنتحب من جديد على كتف كارولا يداها تتمسكان بيأس بقميصها. واكملت:
- قولي ان الامر ليس صحيحا كارولا. قولي انها كاذبة

اشتدت ذراعا كارولا حول الطفلة وهي تبتلع ريقها بصعوبة:
- روزي... هدئي نفسك... ستمرضين اذا بكيت هكذا.
- كارولا .... لا اهتم... لذهابي الى المد.... المدرسة الداخلية... لكن .... لكن ... عديني ان لا تذهبي .... عديني ان تبقي

مسحت كارولا خصلات الشعر الاسود عن وجه الفتاة المبلل بالدموع كما كانت تفعل في الماضي. وتمنت من كل قلبها لو تستطيع اعطائها الراحة والطمأنينة التي تريدها.
- حبيبتي ... لقد استعدت صحتك... ويجب علي ان ابحث عن وظيفة في مكان اخر.

فصاحت روزي وهي ترفع وجهها الاحمر الصغير:
- مع ذلك بإمكانك البقاء هنا. واذا كنت مضطرة سأذهب الى المدرسة الداخلية سأفعل لكن يجب ان تكوني هنا عندما ازور المنزل في العطلات... ارجوك لا تذهبي كارولا... ارجوك.
- انت لن تذهبي الى المدرسة الداخلية... وكارولا لن تذهب من هنا يا طفلتي الحبيبة... كارولا ستبقى هنا حيث تنتمي.

لم تسمعا صوت خطوات هاري وهو داخل عليهما لكن اعصاب كارولا توترت عندما نظرت اليه. ماذا يحاول ان يفعل؟ ان يؤخر المحتوم؟ ثم اجتاحت فكرة رهيبة رأسها... اذا كان يتوقع منها ان تبقى لتشهد زواجه من دوريس فهذا امر مستحيل.

لا.
ابدا لن تبقى لترى ذلك يحدث حتى ولا من اجل روزي. وسمعت روزي تسأله بإثارة:
- اتعني هذا يا ابي؟
- اعني كل كلمة قلتها
- يوبي
جفت دموعها على الفور وهي تقفز في مكانها فرحا

وقال هاري بهدوء:
- والان انزلي الى المطبخ فسالي تخبز لك بسكوتك المضلة وانا واثق انها لن تمانع ان تتذوقي بعضها.

قفزت روزي الى كارولا لتحتضنها ثم سارعت تخرج من الغرفة وقفت كارولا لتحلق بروزي وقالت:
- كيف تقول لها انني سأبقى وانت تعرف ان هذا غير صحيح؟
- لأنني اريدك ان تبقي كارولا.... دائما
- لكنني لا استطيع البقاء ...... هذا مستحيل
- اعرف انك متيمة بـ روزي .... فهل انا من تجدينه منفرا.
- لا. لا اجدك منفرا..... انا....

ساد توتر غير محتمل بينهما وشيء اخر جعل كارولا تحس وكأنها على وشك الوقوع من فوق حافة هوة... حبست انفاسها لا تجرؤ على رفع نظرها الى اعلى من زر قميصه. وسمعته يقول:
- اريدك كارولا. هل هذا يعني لك شيئا.
- ماذا تعرض علي بالضبط هاري؟
- الزواج... مع كل حواشيه اللازمة اذا كان هذا ما تريدين؟



#######
يبتع...

Books_king 01-10-09 08:18 PM

سألته مقفلة عقلها وقلبها في وجه قوة وسلطة عينيه:
ـ ألم تغض النظر عن شيء؟ انا اشبه بطلة قصتك... الا تذكر؟


اقترب منها كثيرا لدرجة كاد يلامسها وقال بخشونة:
- ولكنك لست مثلها مطلقا
- لكنك قلت لغوردن...
- افترضت انكما تتناقشان في المسرحية ولم اقصد ان تكون ملاحظتي جدية

هل ستجن ام ان هذا امر واقع؟ انها لن تستغرب منه ان يفعل هذا فـ طالما عذبها بإغوائه هذا. وتذكرت ما قاله لها ليلة الافتتاح: "اذا لم تجدي شيئا في المسرحية له ميزة خاصة لك فأنا اسأت تقديرك تماما"


فجأة توضح لها كل شيء وضوح طعنها في قلبها وهي ترى المرأة في الظل في المشهد الاخير تعطي البطل سبيل الخلاص من عقدته

فهمست ترفع نظرها الى السماء خائفة من ان تصدق انه يعنيها:
- اوه... هاري. كل استطيع التفكير به هو انك كنت تراني في شخصية البطلة. فلا عجب انك كنت غاضبا مني عندما لم افهم رسالتك الغامضة لي في المشهد النهائي... كنت تقصدني انا .... اليس كذلك؟

رقت عيناه لدرجة جعلتها ترتجف وقال بلمحة ساخرة:
- وهل يمكن ان اقصد فيها شخصا اخر؟ وانت الشخص الوحيد الذي لديه القوة لتحريري من عقدي.

واحتواها بين ذراعيه يختلط بكاؤها بضحكها قبل ان يزداد ضغط ذراعيه على جسدها ليمحو منه اخر اثر للشك. وسألته لحظة سمح لها بإلتقاط انفاسها:
- دوريس.... ماذا ستفعل بدوريس؟

فأسودت عيناه من الغضب:
- لقد فعلت كل ما يجب ان افعله معها... طلبت منها توضيب حقائبها والخروج من منزلي على الفور. واذا لم اكن مخطئا سمعت سيارتها تنطلق من دقائق. ولا اظنها ستعود مطلقا.
- لكن هاري... يجب ان اعرف.... هل كانت تهددك بشيء ما؟
- لقد تصورت هذا. وسمحت لها بمتابعة تصورها. لقد عاشت عالة علي منذ تزوجت شقيقتها ولم اجد سببا يمنع ان يستمر الوضع هكذا بعد موتها. حتى الان

دفنت كارولا وجهها في كتفه فسمعت ضربات قلبه الثقيلة بعد ان شدها اليه فتلعقت اليه فتعلقت به قبل ان تهمس:
- لقد تفوهت بتصريحات رهيبة
- انني حاولت تسميم زوجتي وانني قتلتها
- اجل
- وهل صدقتها؟
- لا. بدا كلامها مقنعا لكنني لم استطع ان اصدق انك قاتل
- ثقة عمياء؟
- شيء من هذا القبيل
- يا الهي كارولا انا لم التق بمثلك بعد تملكين كل شيء يجب ان تملكه المرأة لطيفة، متفهمة، ولك قدرة هائلة على الحب .... انت تحبينني فعلا . اليس كذلك؟

فضحكت :
- الم اكشف نفسي بحماقة؟
- اجلسي عزيزتي... هناك الكثير اشرحه لك. من اين ابدأ؟
لم يجلس قربها واحست بضياع لابتعاد ذراعه من حولها
- لماذا لا تبدأ منذ البداية هاري؟

Books_king 01-10-09 08:18 PM

فضحك بدوره :
- البداية؟ ثقتي بالنساء تحطمت في سن صغيرة عندما هجرت امي ابي سعيا وراء الثراء ومات ابي بعد سنة. سامحيني لقساوة ما سأقوله لكن يجب ان تعرفي الحقيقة عرفت الكثير من النساء قبل زوجتي. لكنني لم اكن جادا معهن اما هي فكانت ذكية في اخفاء حقيقة شخصيتها. وتزوجتها بعد سبعة اشهر رزقنا جون. زواجنا لم يكن ناجحا. كانت هي تحب المسرح وتحب الرجل بنفس القدر. ثم اكتشفت انها حامل بروزي وثارت ثائرتها علي ... خلال هذه الثورة عرفت الحقيقة. جون لم يكن ابني كارولا
- و روزي؟
- روزي ابنتي فبعد معرفة الحقيقة حول جون اجريت كل الفحوصات الضرورية لأحصل على برهان طبي يثبت انها من صلبي. بعد هذه الحادثة تدمر الزواج. ولم اخبر احدا بما اكتشفته لكنني لم اعد المسها بعدها.
- اذن لم يكن لدوريس ممسك جدي عليك؟
- مطلقا. واعتقد انها صدقت كذبتها واستخدمتها عندما كانت تحتاج الى المال. وكنت اتسلى بتركها تعتقد انها تبتزني
- لقد جعلتني اعتقد انها نجحت في ابتزازك للزواج منها
- انها كالشيطان. وهل صدقتها؟
- لم اكن ادري ما الذي يجب تصديقه. بدت لي مقنعة . لكن اخبرني عن الحادثة
- طلبت مني زيارة اصدقاء لها. حيث تقوم حفلة من الحفلات المقيتة المستهترة. كنت بحاجة الى قليل من الراحة فقبلت. في منتصف الحفلة اختفت وسرعان ما اكتشفت السبب عندما شاهدت زوج صديقة لها يخرج من غرفة نوم. فدخلت ووجدتها تضرب روزي والسبب واضح وهذا ما اغضبني اكثر من اي شيء اخر. فقررت مغادرة الحفلة قبل حصول فضيحة علينة. فتشاجرنا الى ان فقدت اعصابي وهددتها باستعمال العنف اذا لم تتمالك نفسها. وسمعت دوريس هذا ففكرت بشيء اخر تهدنني به.... كارولا
- اصدقك هاري. تابع كلامك
- حاولت زوجتي ان تتابع الشجار في السيارة. لكنني رفضت ان اثور وانا اقود. لكن صمتي اثارها اكثر. فأمسكت بالمقود بهستيرية وكانت لها قوة المجنونة لحظتها. ففقدت السيطرة على السيارة وانقلبت في خندق مائي فاندفعت بقوة الصدمة الى الخارج وانسحقت تحت السيارة وقتل جون فورا بينما انقذت روزي لانها مستلقية على المقعد الخفلي فارتمت على ارضيت السيارة

قطعت كارولا المسافة بينهما لتجلس على طرف مقعده وتضع رأسه على صدرها فالتفت ذراعه حول خصرها ومررت اصابعها بلطف على جراح وجهه.
- هاري يجب ان اقول لك... لقد عرف سبب كوابيس روزي منذ مدة.

واعادت عليه القصة التي حكتها لها روزي مما اكد شكوكه بأن الفتاة شاهدت امها في احضان الرجل الغريب.
- يا الهي العزيز. لا عجب ان الفتاة المسكينة كادت تجن
- لم يعد الامر مهم الان هاري. الماضي انتهى الان ولم يبق امامنا سوى المستقبل.
- شكرا لك كارولا.
- ماذا كنت تفعل عند عمتي؟
- ذهبت لأرى اذا كانت تمانع في ان تتزوج ابنة اخيها من رجل مثلي. احبك كارولا.

انتظرت طويلا لتسمع منه هذه الكلمات وها قد حثت المعجزة فانفجرت الدموع من عينيها فأخذ يمسحها بشفتيه عن خديها. وتعلقت به. ثم سألته:
- متى اكتشفت حبي لي؟
- منذ البداية كما اعتقد. اردتك لكنني لم اثق بأمرأة
- اتثق بي الان؟
- ثقة عمياء
- هاري... لكنني لست كاملة
- ولا انا. فهل تتزوجينني يا حبيبيتي؟

Books_king 01-10-09 08:20 PM

حبيبتي! انها كلمة لم تكن تعتقد انها موجودة في قاموسه مع ذلك تخرج من شفتيه في هذه اللحظات. تنهدت بسعادة:
- اجل سأتزوجك يا حبيبي

فتمتم بإلحاح وفمه على رقبتها:
- يجب ان يتم هذا في الحال. اتظنين انك قادرة على تحويل قصر بكلاند الى بيت عائلي حقيقي؟
- اوه هاري... اجل. اتعني بهذا انك تريد السكن هنا وان روزي ستتمكن من الذهاب الى المدرسة المحلية؟
- صحيح
- حبيبي... احبك كثيرا.... هذه اجمل هدية عيد ميلاد تلقيتها. احبك
- ماذا قلت... لم اسمع اخر كلمة جيدا

واقتربت فمه من فمها فأختارت روزي تلك اللحظة لتدخل كالعاصفة الى الغرفة جمدت مكانها للحظات تحدق بهما قبل ان تسأل بذهول:
- ايعني هذا.. انكما تحبان بعضكما الان. وانك ستصبحين امي الجديدة؟

ضحكت كارولا محمرة الوجه لدرجة اصبح لونه قرمزي:
- اجل حبيبتي

صاحت روزي بأعلى صوتها سعيدة وعانقتهما معا:
- لننزل الى اسفل لنحتفل. فخالتي دوريس ذهبت منذ زمن وهذا يعني ان نحتفل ثلاثتنا فقط

لف هاري ذراعيه حول كل منهما:
- بالتأكيد لدينا شيء نحتفل به... وستحضر لنا شيلا الليمونادة. لنفعل كما اقترحت روزي

وثم يقبلون بعضهم بعضا ويتمنون لبعضهم امنيات العيد لم تعد كارولا تستطيع كبح دموعها. سعادتها اكبر من ان تصدقها. لكنها هنا يده ضاغطة على خصرها والنار في عينيه وهو ينظر اليها من فوق حافة كأسه.

لم يعد هناك حاجة للكلمات فعيونهما كانت مرآة لأرواحهما... وقريبا... في القريب العاجل... سيتحقق الحلم... وستصبح له... الى الابد.
منتديات ليلاس




########

Books_king 01-10-09 08:21 PM

نهاية الرواية


ارجوا لكم/لكن قراءة ممتعة

Books_king 01-10-09 08:21 PM

الرواية على شكل ملف وورد ان شاء الله سيكون متوفر غدا باذن الله تعالى

صبر98 02-10-09 12:28 AM

اخيرااااااااااااا:) شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...

anysh 02-10-09 02:11 AM

روووووعه ويعطيك الف عافيه :55:

اسماء88 02-10-09 02:14 PM

رواية اكثر من رائعة يسلمو اديك و بانتظار المزيد

nana1210 02-10-09 10:58 PM

تسلم الايادي شكرا

فراشة * 03-10-09 12:57 AM

روايه رررررررررررررراعه
جدا
اجدت الاختيار خيو

الجبل الاخضر 05-10-09 03:56 PM

تسلم ايدك مشكور على الاختيار الرائع ومجهودالموفق شكرا

Books_king 16-10-09 06:31 PM

الله يبارك فيكم وقراءة ممتعة

قماري طيبة 31-01-10 06:08 PM

رواية جدا جدا جميلة سلمت يديك عليها
جزاك الله الف خير. بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

moura_baby 23-02-10 12:31 AM

رواية اكثر من رائعة يسلم اديك

الهيفاء 24-02-10 06:17 PM

رواية رائعة ومؤثرة، سلمت يداك وشكرا....

رومنسية زمانها 27-02-10 12:01 AM

رواية رائعه يعطيك الف عافية يارب
وماننحرم منك ولا من جديدك

يسلمووووو

samahss 29-08-10 07:45 AM

الرويه جميله جدا تسلم الايادى

ساكنه 07-11-10 11:32 PM

سلام الى الاخوات منتدى ليلاس احب اشكركم على مجهودكم الرواية مررررة حلوى خلتني ابكي صرررح روووعة وتسلم الانامل ودمتم

nadafha 27-11-10 10:14 PM

رائعه شكررررررررررررررررا

charouza 30-11-10 07:55 PM

yeslamoooooooooooooooooooooooooooo

charouza 01-12-10 05:46 AM

yeslamoooooooooooooooooooooooooooooo

شووقهـ 03-12-10 04:57 AM

يعطيك العافية كنج

عن جد استمتعت بالقصة

مررره روووعة

مودتي لك

هدىgb 10-12-10 05:16 AM

روووووووووووووعه الروايه

تسىلم ايدك

دمت بمحبه

زهرة منسية 23-12-10 01:29 PM

شكرا لك الروايه حلوه قوى بالرغم من انها فى البدايه كانت (بدون مشاعر) الا انها كان فيها حاجه بتخلينى عايزه اكملها ولم يخب ظنى فيها شكرا مره اخره يعطيك 1000 عافيه

نجمة33 25-12-10 03:37 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك

الناعسه 12-02-11 11:09 PM

حلوؤوؤؤوعه

ملك محمد 06-03-11 08:47 AM

شكرا على الرواية الجميلة
وانا عن نفسى استمتعت بيها جدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

hoob 07-03-11 10:49 PM

روععععععععععععععععه جميله خالص

انكوى قلبي 08-03-11 03:38 PM

رائعه جدا هذي الروايه شكرا اخي على تنزيلها

sho0sho 08-03-11 09:06 PM

ياااي شكلهاا روااية حلوة ... شكرا عالمجهود الطيب

ندى ندى 23-12-11 04:23 AM

جميله جدا جدا

حنان محمد ابراهيم 23-12-11 01:11 PM

الرواية رووووووعة جدااااااا شكرا لك

soso18381 06-03-12 10:34 AM

هاي للجميع

انا من مشجعي روايات عبير والاحلام الرومنسية ... ممكن اعرف من الاعضاء الكرام عن اكتر رواية عجبتهم

ملك فارس 14-05-12 05:28 AM

مميزه جدا ومؤثره مع انى تاثرت بالطفله اوى ولكن الروايه جميله وتسلم الايادى

أميرةالاحساس 14-05-12 12:54 PM

شكراً على الرواية الحلوة.

سومه كاتمة الاسرار 21-05-12 11:20 PM

شكرا على الاختيار الرائع منتظرين الجديد دومت بود
:8_4_134:

princess miroo 28-02-13 03:27 AM

رد: 23- لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة)
 
يسلمووووووووووووووووووا علي المجهود حبيت الروايه كتير

الجبل الاخضر 09-11-13 11:48 PM

رد: 23- لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة)
 
تسلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

زهرة البحر 21-12-14 12:53 PM

رد: 23 - لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة )
 
شكرا ...... شكرا....... شكرا:55:

دودودندش 30-05-15 11:40 AM

رد: 23 - لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة )
 
شكررررررررررررررررررا علي الروايه الجميييييييييله

amal salim 23-08-15 11:05 PM

رد: 23 - لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة )
 
graciasssssssssssssssssssssssssss

مونى احمد 30-08-15 03:12 PM

حلوه اوى اوى
تسلم ايدك،ف انتظار المزيد

كويويتا 31-08-15 08:35 PM

رواية مشوقة شكرا جزيلا

الفه 26-12-15 11:38 PM

رد: 23 - لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة )
 
مشوقة منذ البداية انا احب هذاالنوع شكرا لكل من ساهم في هذا المنتدى الراءع:55::55::liilas:

فرحــــــــــة 28-10-16 01:03 AM

رد: 23 - لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة )
 
اخى الفاضل
Books_king
رواية رائعة متميزة
سبمت يداك هلى الاختيار الموفق
لك منى كل الشكر والتقدير
دمت بكل الخير
فيض ودى

فرحــــــــــة 28-10-16 01:04 AM

رد: 23 - لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة )
 
اخى الفاضل
Books_king
رواية رائعة متميزة
سلمت يداك على الاختيار الموفق
لك منى كل الشكر والتقدير
دمت بكل الخير
فيض ودى

زينب ط 17-01-22 01:27 PM

تسلم ايدكي عالمجهود الرائع

هتونا 21-02-22 08:55 PM

رد: 23 - لا أحد يشبهك - إيفون ويتال ( كاملة )
 
حلوة كثيييير احلا تحية وشكر


الساعة الآن 12:33 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية