انتقام بلا رتوش
الفصل الأول
موطئ قدم إن أساليب دخول الشخصيات في حياة المرء غريبة حقا , و الأدهى هي طريقة دخول الشخصيات المدمرة . و أشهر طريقتين هما لعب دور الضحية بحيث تتعاطف مع هذه الشخصية و بعد مرور الوقت تكتشف أنك قد غرقت بهموم تلك الشخصية و تفكر فيها أكثر من الشخصية الضحية , وهي تتنعم في حياتك و تتعمق فيها حتى إذا ما حاولت انتزاعها من حياتك لم تستطع لأنها غرزت فيك عواطفها المسمومة و كلما حركتها للخارج كأنك تقطع في لحمك الحي . و أما الطريقة الثانية فهي أن تجد لها موطئ قدم سواء أوجدت دورا سلبيا أم إيجابيا , فمتعتها الحقيقية وهي وجودها في حياتك مهما كلفها الثمن و هذه الشخصية من الأفضل أن تتعايش معها بسلام و أن تجعلها في مسافة بعيدة لتسلم شرها و هي عموما مثل المرض المزمن يجب أن تتعايش معه فأي ردت فعل منك ستجد مقاومة عنيفة منها قد تستغربون أن لي تلك الخبرة مع أنني في بداية الثلاثينيات من العمر , و لكن العجب لم يأتي بعد . أتذكرون القاتل الوسيم الذي ينتظر ضحاياه في الزوايا المظلمة أو المرأة التي تناديك باسمك بدون أن تراها , سأقص عليكم قصة حقيقية تفوق خيال المتخيلين , و هي دليل على أنه أحيانا تكون الحقيقة أغرب من الخيال . لقد انتقلت لقسم التحقيقات الجنائية حديثا , و ذلك كما قيل لي للانطباع الذي تتركه أمام الأشخاص , فأنا شخص لديه موهبة السماع , لدرجة أنني بطريقة لا أفهمها و الذي أعرفه أنني بمجرد وجودي مع الشخص فإنه يفتح فمه واسعا ولقول كلمات بسيطة أو إيماءات لدفعه للتحدث أكثر , و للآن لم تهزمني أي شخصية إلا شخصية واحدة هذه الشخصية مثل الإخطبوط أو كما أتخيلها مثل الجن الأزرق , وهي شخصية قد لا تلفت انتباهك في المجتمع و هي ليست امرأة مع العلم أن هناك شخصيات لا يستهان بها , هذا الرجل قد تتوقع منه أي شيء , من ألطف تعبير إلى أشنع جرم , طبعا هذا كلامي بعدما انتهت قضيته , لقد كان البحث عنه مثل البحث عن ساعة في زمن حضارة مفقودة . و لكن في النهاية و مهما حصل لابد للحق من الظهور و الشر مهما طال مقامه فهو لزوال لا أريد إخافتكم و لكن أريد أن أعطيكم درس عن وحش آدمي و لكن من قرب حتى نعلم فمعرفتك لنفسك و للعدو تجعلك تنتصر في كل معركة . الفصل الثاني الرجل الأزرق بعد انتهاء التحقيق مع فارس أو كما أسماه زميلي خالد بالرجل الأزرق , خرجت لأتنفس بعض الهواء النقي لقد خرجت و كأنني خرجت للتو من قبر , لقد رأيت جمال الطبيعة و السلام الذي يحل في الأرجاء و لكي تحس بالجمال لا بد أن يكون هناك نقيض فالشيء لا تعرف قيمته إلا عندما تعايره بغيره . لقد وصل فارس إلى هدفه و لكن بأي ثمن , لقد كلفه الثمن غاليا , قد نصل و لكن ما هو الثمن الذي ندفعه لقد رأيت نظرة من نظرات فارس لقد كان ينظر نظرة ملئها الرضا أو أشبهها بنظرات شخص يذنب و لكن بدل أن يؤنبه ضميره تراه باسما ضاحكا . هل من المعقول أن يضحي الإنسان بكل ما يملك و كذلك بحياته من أجل شيء , قد لا تراه مسألة حياة أو موت , و لكن هذا ما هو حاصل , و لقد مرت علينا قضايا سبب القتل أشياء تافهة جدا مثل قتل لسلب خمسة ريالا أنا لا أمزح , و هناك من يدوس كل شيء أمامه حتى يصل فيمسح كل شيء في هذه الحياة إلا هدفه , فيأكل و يشرب و يتنفس و يحيا لشيء واحد فقط , لقد حزرتم نعم هو الهدف . هل عرفتم في ماذا يتميزون , إنهم يتميزون في وضوح الهدف بشكل كبير جدا , فترا المجرم يرى نفسه يستعد و يبدأ و ينفذ في مخيلته . قطع خالد حبل أفكاري و قال صائحا برغم أنني قريب منه و للكن هذه عادته خالد : كيف حالك ( بالرغم من أننا مع بعض منذ الصباح ) ما رأيك في الرجل الأزرق , إنه حيوان , حيوان بمعنى الكلمة , و لكن حيوان بعقل كمبيوتر . قلت : لو لم نمسك بهذا الشخص , أو تعتقد أنه هناك مثل هذا الشخص ؟ خالد : أعتقد أن هناك مثله كثيرون , و كذلك في الجهة المقابلة أناس لهم بالمرصاد . قلت : أوتستحق تلك الحياة أن تعاش بطريقتهم . خالد : أوتسمي تلك بالحياة . قلت : هل ترغب بأن أقول لك شيئا غريبا خالد : دائما قلت : لوهلة عند التحقيق , غبت عن الوعي و كأنما أصبحت أنا فارس فرأيت ما يرى و سمعت ما يسمع خالد : ..... قلت : لقد كنت أحس أن رأسي بها مثل الخدر أو كأنني أسمع صوت دمي يجري في العروق , و كان هناك طنين خافت جدا في أذني و لكن ممكن أن تلاحظ وجوده . خالد : شيء جيد تابع . قلت : أعتقد أن وقت الجريمة يؤثر على نفسية القاتل وطريقة تنفيذه للجريمة للجريمة و كذلك اختلاف المسرح . خالد : نعم فمن خبرتي , أستطيع أن أقول لك أن الشخص عندما يريد أن ينفذ الجريمة عمليا ستكون هناك متغيرات و ثوابت . الفصل الثالث ذات الرداء الأحمر إنهم يغرونك بالمال أو بالسلطة أو بالمرأة أو بالسعادة , و يخوفونك بالتعاسة و الوحدة و المرض أي أنهم يتلاعبون بك , و عندما تستيقظ تفهم و تميز بهذه الكلمات نطق فارس أول اعترافاته , و كانت مثل القطرات الأولى من المطر و الذي ينهمر بغزارة تباعا , و لقد تكلم بكلام يحتاج للتفكر في كل كلمة فيه . دائما ما ألاحظ أنه عندما يعترف الجاني فإنه يعترف بكل شيء , و هناك استثناءات هل فارس من هذه الاستثناءات ؟ وفي جزء من التحقيق و عندما كان يقول فارس الحقيقة خالد : اسمك فارس ..... فارس : نعم , وهو لا يعبر عن شخصيتي كما تراها أعتقد أنك غير مقتنع بالاسم . خالد : أولا , هل تقر بفعلتك ؟ فارس : نعم . خالد : و ما هي فعلتك . فارس : لقد رأيت شيئا و أردت الحصول عليه . خالد : بالقتل و التزوير و التدمير . فارس : الغاية تبرر الوسيلة ألم تقرأ ميكيافيللي . خالد : إذا أنت تتبع ظل الشيطان على الأرض . فارس : أعتقد أن الكثيرون يطبقون فلسفته , و لكنهم كالحمال بقلوب الذئاب . خالد : و ما هو الشيء الذي أرد الحصول عليه . فارس : التحرر و التنوير . خالد : لا تقل لي أنك ماسوني . فارس : أنا أكره الماسونية , فهي مثل الجيفة في حفلة سكارى . خالد : إذا لماذا سقطت في فخ ذات الرداء الأحمر . فارس : أنا لم أسقط في فخها . لقد كانت بالنسبة لي مثل دقيقة إضافية تعطيها لشخص يحتضر. خالد : إذا لماذا قتلتها ؟ فارس : أوتعتقد أنني وقعت في غرامها و أنني عاشق مغفل , لقد كنت أعرف الخدعة و لكن كان مخططي يتشارك مع مخطط العدو . لقد كان الهدف من وضعها في طريقي هي جعلي عبدا لهم , أي محاولة لتركيعي . خالد : لم أفهم . فارس : لقد صحوت ووجدت أن الجميع يتمتع بهذه الدنيا و أنا الوحيد الذي يحمل السلم بالعرض , لقد كنت أعرف الصواب و الخطأ , و لكن لم يكن هناك نور في آخر النفق لقد انتظرت طويلا . خالد : ثم .. فارس : قررت أن أهدم المعبد على رأسي و على رؤوس الأعداء . خالد : و ماذا فعلت ؟ فارس : لقد سحبت كل رصيدي ال1ي كنت أجمعه لحياة السعادة و أعدت تشكيل شخصيتي للمجتمع و كان ذلك سهلا لدرجة مضحكة , لقد كان المجتمع ينخدع لأبسط المظاهر , ذهبت في اتجاهين متعاكسين , فلم يكن عندي وقت , لقد ذهبت لعدوي مباشرة , لقد عرفت أنه سيقدم لي الفخ , فقررت بلعه برغبتي , لقد كانت امرأة جميلة و قليل أن تجد ذلك النوع من النساء , و في الجهة الأخرى حاولت أن أعيش لذة أخرى . قاطعه خالد اشرح الاتجاه الأول . ثم أكمل كما تحب الفصل الثالث الضحية الحسناء فارس : لقد كان عدوي ماسوني برغم عدم انتمائه لتلك الفئة رسميا , لقد كان معجبا بتلك المنظمة . و مثل الحيوانات أمكنني توقع حركاتهم مسبقا و كنت أسبقهم بخطوة , لقد أدركت مسبقا بماذا يغريني , و لم يكن يقدم ابنته إلا بعد أن يئس من كل المحاولات لقد تزوجتها , وأنا أدرك أنني لست بكفء للزواج بها لقد كنا مثل الحسناء و الوحش , لقد حاول أبها فرض السيطرة علي بالقوة و تركيعي . خالد : كيف ؟ فارس : لقد كان مصاص دماء بشري , لقد كان يسرق أحلام الشباب , يتبناهم حتى يكتمل المشروع ثم يلفق لهم تهم باطلة . خالد : و هذا ما حصل معك في السابق . أعتقد أن أب زوجتك المحترم قد هو من صفعك الصفعة الأولى . فارس : لقد كنت مدينا لتلك الصفعة , لقد أيقضتني من الأوهام التي صممت في قوالب مما جعلتنا في سجن كبير . لقد سرق حلمي , أو تعلم أي حلم , تعب عشر سنوات ضحيت بالتعليم و الزواج و كل شيء لأصل لهدفي و في النهاية يأتي ذلك المحترم و يسلبني أعز ما أملك الحلم و الحرية . لقد أمضيت في السجن مدة ثلاث سنوات بتهمة لم أرتكبها , و أرى عدوي يستمتع بما سرق . لذلك قررت أن أحاسبه على كل سنة ضاعت مني , و بدأت مجددا و في غضون سنة سرقت و اختلست من كبار التجار . و زورت و في رحلتي هذه اكتشفت مدى الفساد الذي يلف بعض التجار فزت في السرقة إمعانا في أذاهم . و عندما حانت الفرصة كان لي خيارين لا ثالث لهما أولهما أن أتوقف و أتلف تلك الأموال و أتسامح مع الماضي و الثاني أن أستمر في مخططي . و لكن الشق كما يقولون أكبر من الرقعة , لقد كان الغضب يتملكني , لقد عشت سبعة عشر سنة لا أدري كيف أصفها , لقد صنعوا مني وحشا و حان للوحش أن يلتهم أول وجه , و حلفت أن أنتقم . خالد : و بعدها أعدت تشكيل نفسك و قدمت نفسك للعدو بشخصية أخرى و طمعوا و أكلوا الطعم و الذي باعتقادهم أنه أكل الطعم . فارس : نعم , لقد أردت أن أسلب منه أعز ما يملك خالد : أوتستحق المسكينة ذلك المصير . فارس : بتاتا , للحظة حاولت أن أتراجع , و أجعلها تهرب معي , و لكن .. خالد : فهمت لقد اكتشفت المسكينة شخصيتك الحقيقية عندما ناداك أحد الأشخاص في أحد المطارات بإسم مشروعك الذي سرق . فارس : لقد تملكها خوف , حتى أنها كادت تموت من الخوف . خالد : لذلك قررت التخلص منها . فارس : نعم , لقد كانت ستنهي كل شيء , لقد كانت فتاة صالحة , لا تستحق أن تعيش بين وحشين . خالد : لهذا قتلتها . فارس : بل قتلتهما خالد : ماذا تقصد . فارس : لقد كانت حاملا في الشهر الأول . خالد : يا إلهي . فارس : لقد انتقلا إلى مكان يعمه العدل و السلام . خالد : و بعدها ماذا حدث ؟ فارس : لقد جن جنون الأب , لم يعرف كيف قتلت و كيف قتلت , لقد كنت أنوح من الحزن عندما علمت بحملها و كنت في شبه غيبوبة , و لم يشك بي أحد . لذلك قررت أن أوجه الضربات السريعة للعدو و أسلم نفسي للعدالة و لا يمكن أن أسلم نفسي على الجرم و المجرم الأكبر لم يعاقب , لقد كان هدفي أن أعاقبه في ابنته و لم أفكر أن أقتلها لقد حاولت أن أجغله يفقدها وهي حية أمام ناظره كل يوم حتى يتحسر كل لحظة . و لكن الأقدار تجري في اتجاه آخر . الفصل الرابع وجها لوجه لم أدرك أن هذا الوجه هو وجه فارس الحقيقي و لقد استجوبناه عشرات المرات و كل مرة يظهر بشخصية مختلفة , و كأنه يملك بنك شخصيات و لكن لابد للنهاية أن تأتي . لقد حدثنا فارس كيف أن الأب الحزين على ابنته انتقل من حالة الحزن إلى حالة غريبة و بدل أن يتوب إلا أنه سعر و أصبح أكثر شراسة من ذي قبل , لقد كان الحرام يغذي حياته عشرات السنين و كان الشر حياته التي لم يعرف غيرها . لقد كان موت الحسناء زوجة فارس ميتة محيرة لقد اعتقد أنها ميتة طبيعية لولا خطأ بسيط وقع فيه القاتل , لقد كانت الضحية عسراء تستخدم يدها اليسرى , و من كلام أبيها عرفنا كيف كانت وضعيتها عند الموت لقد كانت علبة الدواء ( وهي عبارة عن علبة ماء صحة تذوب فيه الضحية الأقراص لأنهل لا تستطيع ابتلاعها ) التي انتحرت بها في الجهة اليمنى من السرير , و الوضع الطبيعي أن تكون في الجهة اليسرى كذلك الأقراص التي بالعلبة ليست نفس الدواء بمعنى أنه وجد مكونات أدوية مختلفة كانت قاتلة للضحية . و لم نتمكن من العثور على الجاني فقد كان من الممكن أن تغلط الضحية هي نفسها بعملية التذويب . و لكن لم تحم حول القاتل أي شبهة , فلقد سافر قبل مقتلها بيوم واحد , و هو قبيح و هي زوجة صالحة فشبهة الخيانة غير واردة . و لكن لولا اعتراف القاتل بأنه هو الذي أذاب لها الأدوية قبل سفره كمساعدة للزوجة , و هذا الفعل لا يستحث الضحية على الإفصاح عنه , لأنه لفته كريمة عادية من زوج لزوجته . و لكن اعتراف القاتل جاء بعدما نفذ مخططه كاملا فقد كانت ضرباته سريعة للعدو . فلم تفق الضحية الثانية إلا و هي في الهاوية و لقد كان العدو قريبا و مألوفا و هذا النوع من أشد الأعداء , ففكك فارس مملكة عدوه من الداخل , حتى أنه ساواها بالتراب و لكن فارس لم يستطع التمتع لمدة طويلة بنصره و مات عدوه بسرعة . فانتهى الحفل قبل أن يبدأ , و أحس أنه لم يعد شيء يستدعي الحياة من أجله و قد أوغل في الانتقام لدرجة أنه لا يتخيل أن يبدأ من جديد و كيف يبدأ و تلك الأيدي ملطخة بدم أبرياء و الاتجاه الآخر الذي اتجهه ليس ليشرف أي شخص بل هو لعنة و طريق ليخدم الهدف السابق , لقد فقد فارس بوصلته في أصعب وقت . لقد وصل إلى هدفه و انتقم شر انتقام , و لكن ماذا بعد , لقد أحس فارس أن هذه الدنيا فارغة فراغ يوحش , لقد حاول أن يقتل نفسه و لكن كان أجبن من ذلك بكثير , لذلك كان يحاول أن يهرب بحياته بلبس شخصيات في التحقيق عله ينجو , و لكن لكل ظالم يوم . الفصل الخامس الاتجاه الآخر استجوبت فارس للمرة الأخيرة فارس : هل من الممكن أن أدخن . قلت : سيجارة واحدة . فارس : لا يهم , لقد كنت قد حدثتكم عن الاتجاه الأول و الآن سوف أعترف بالاتجاه الآخر . قلت : لم أطلب منك ذلك . فارس : بل قد فعلت , أرى انبهارك بهذا العالم السفلي و صدقني إنك مهيئ لأن تكون أحد قادته و لكن الله تعالى حفظك . أرى الغضب في عينيك كان من الممكن أن تكون مكاني الآن , إياك أن تنزلق في هذا القعر . قلت : إن انبهاري و غضبي شيء مبدئي و لكن سأكون بالمرصاد لك و لأمثالك . أعرف أنني أتعمق في الجحيم , لكن أنا رجل قانون و أعرف كيف أنقذ نفسي . فارس : أتمنى لك التوفيق , و أتمنى أن تستفيد مني فلست متوفرا للأبد . قلت : ابدأ بما تشاء. فارس : أسلوب جميل و يعجبني تفتح ذهنك , لقد شعرت أن غضبي يقل مما زاد جنوني , فقررت أن أتجه لاتجاه يغذي غضبي . قلت : هذا مفهوم و لكي تشعر بشعور إيجابي يكفيك أن تبتسم ليتحقق ذلك الشعور , أما الشعور السلبي فيتطلب على الأقل عنصرين حتى تفتح لك ملفات السلبية و يتحقق ذلك الشعور . فارس : كان ذلك صحيحا , كان غضبي من عدوي يقل مع الزمن لذلك رغبت بتغذيته و فكرت ما الذي يغذي غضبي , فكان ذلك هو تلقي الاهانات قلت : كيف ؟ فارس : لقد كنت أطارد السيدات المتزوجات , و كان الشتم و السب و أحيانا الضرب بالأحذية يجعلني في حالة غضب كالدواء ليبقيني على مستوى واحد . قلت : وما النتيجة ؟ فارس : النتيجة أكبر مما تعتقد , من الممكن أن تبدأ معركة بكلمتين . و لكن جرعت الدواء لم تعد تجدي فقررت زيادتها . قلت ك بسرقة ملابس و حقائب النساء . قلت : و ذلك يشعرك بماذا ؟ فارس : كان يشعرني بغضب عنيف على نفسي لقد استثرت البقية الباقية من الخير في نفسي . و هذا ما كنت بحاجة له , غضب عنيف في مستواه طويل في مداه , لم يكن هدفي غير ذلك الغضب و ليس الشهو ة قلت : و لذلك دمرت حياة إحدى السيدات . فارس : و التي كانت زوجة سرية لعدوي و مصدر سعادة له , و اكتشفت ذلك بالصدفة عندما سرقت منزلها , هل تعلم مقدار السعادة التي حصلت عليها من ذلك الاكتشاف و كانت المرة الوحيدة منذ مدة طويلة التي شعرت فيها بالسعادة . الفصل السادس الانهيار لقد انتهى التحقيق , و ثبت الجرم و انتهت القضية و حوكم فارس , و كان حكما عادلا , لقد كان فارس ذو شخصية بأعصاب حديد , حتى أنه في الحكم و بعده بفترة كان كثير الابتسام , و لكن عندما اقترب تنفيذ الحكم , حاول أن يؤخره باعترافات جديدة , لقد كانت اعترافات مقيتة و فاسدة . و بعد تسجيله لتلك الاعترافات بقي الحكم كما هو فليس هناك أقسى من عقوبة الموت , و الجزاء في الآخرة أشد عندما حان يوم القصاص انهار الجبل و انكشف الوجه الأخير و الذي سوف يواجه فيه فارس الموت لم أتوقع أن تكون ردة فعله بتلك الطريقة , لقد كان مثل من شاب في لحظة واحدة , و لو لم تحكم عقلك لأخذتك به الرأفة , فلا أعتقد أنه هناك إنسان أضعف منه في وجه الأرض . الغريب أننا جميعا نعرف نهاية هذا الطريق , و لكن حينما يفكر عقل بالشر و حينما تبطش يد بالظلم , من أصعب الرجوع , هناك كثيرون يتوبون و هناك كثيرون لا يتوبون أيضا , لله تعالى الحمد أنني كنت في الجهة الأخرى . أنا لا أفهم لماذا يضحي بشخص في لحظة غضب أو طيش أو شهوة بكل شيء . نعم كل شيء .أي العقل حينما نكون في احتياجه , أو كما قيل إن العقل يختفي عندما نكون في أمس الحاجة له . هذه الأحداث ليست للعبرة أو التبصر , إنها كمن ينزع قلبه و ينظر إليه بعينيه . قاطعني خالد كالمعتاد خالد : لقد تم الإعدام و لماذا لم تشاهد ؟ قلت : لا أحب أن أرى مشهد الموت , فبالكاد الإنسان يحس بالحياة في هذا الزمن . خالد : قد يكون موت شخص فيه حياة لآخرين . قلت : ماذا حدث , أين سيجارتك . خالد : أتعلم إن منظرك بدون دخان أفضل لذلك قررت أن أترك التدخين . قلت : ما رأيك في قضية فارس ؟ خالد : إنها قضية مثل غيرها من القضايا الكثيرة , و لكن الشيء الفريد هو هدف القاتل . أتعلم أعتقد أن التسامح هو الحل و الذي كان من المفروض أن تنتهي به هذه القصة . قلت : التسامح نعم , هل تذكر ذلك الشخص الذي تنازل عن مقتل ولده حتى من قيل أن يعرف التفاصيل و عندما علم تفاصيل قتله البشعة انهار و لكن لم يتراجع عن تسامحه و لكن القانون جرى مجراه . إن هذا الأب عرف أنه ما من شيء يرد له حقه , و أعتقد أنه لجأ إلى الله تعالى و استخلف خيرا منه . قلت : لو تسامح فارس و ترك الماضي في قبره و لم يخرجه لكان الآن أب سعيد خاصة أنه واسع الحيلة . خالد : في النهاية هناك أبواب يجب أن تظل موصدة و لا تحاول أن تفتحها , الغضب و الحسد و الطمع و الشهوة و السرقة المخدرات إياك أن تفتح أحد تلك الأبواب .فأغلب القضايا لا تخرج عن تلك العناصر و النتيجة جرائم متنوعة . عدت إلى البيت و أنا محمل بالكثير من الأفكار , لقد نظرت من نافذة إلى الجحيم , ما لهؤلاء المجرمين هل تستحق هذه الدنيا لكل تلك الشراسة و الإجرام . ألا يرون أناس يسهرون لينام غيرهم , ألا يرون الأطفال يلعبون و لا يهمهم ماذا يحمل لهم الغد من حزن أو سعادة , ألا يرون أن العشب ينمو ثانية لو انتظرنا عليه ألا يعرفون أن الأمل سيأتي لو صبرنا عليه لفترة أطول قليلا . ألا يعلمون أن الحياة أقوى من الموت . تمت بحمد الله تعالى |
الساعة الآن 02:26 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية