منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f484/)
-   -   انتقام بلا رتوش (https://www.liilas.com/vb3/t111733.html)

saeed al shaman 29-04-09 08:27 PM

انتقام بلا رتوش
 
الفصل الأول



موطئ قدم



إن أساليب دخول الشخصيات في حياة المرء غريبة حقا , و الأدهى هي

طريقة دخول الشخصيات المدمرة .

و أشهر طريقتين هما لعب دور الضحية بحيث تتعاطف مع هذه الشخصية و

بعد مرور الوقت تكتشف أنك قد غرقت بهموم تلك الشخصية و تفكر فيها

أكثر من الشخصية الضحية , وهي تتنعم في حياتك و تتعمق فيها حتى

إذا ما حاولت انتزاعها من حياتك لم تستطع لأنها غرزت فيك عواطفها

المسمومة و كلما حركتها للخارج كأنك تقطع في لحمك الحي .

و أما الطريقة الثانية فهي أن تجد لها موطئ قدم سواء أوجدت دورا

سلبيا أم إيجابيا , فمتعتها الحقيقية وهي وجودها في حياتك مهما كلفها الثمن

و هذه الشخصية من الأفضل أن تتعايش معها بسلام و أن تجعلها في مسافة

بعيدة لتسلم شرها و هي عموما مثل المرض المزمن يجب أن تتعايش معه

فأي ردت فعل منك ستجد مقاومة عنيفة منها

قد تستغربون أن لي تلك الخبرة مع أنني في بداية الثلاثينيات من

العمر , و لكن العجب لم يأتي بعد .


أتذكرون القاتل الوسيم الذي ينتظر ضحاياه في الزوايا المظلمة أو

المرأة التي تناديك باسمك بدون أن تراها , سأقص عليكم قصة حقيقية

تفوق خيال المتخيلين , و هي دليل على أنه أحيانا تكون الحقيقة

أغرب من الخيال .

لقد انتقلت لقسم التحقيقات الجنائية حديثا , و ذلك كما قيل لي

للانطباع الذي تتركه أمام الأشخاص , فأنا شخص لديه موهبة السماع

, لدرجة أنني بطريقة لا أفهمها و الذي أعرفه أنني بمجرد وجودي مع

الشخص فإنه يفتح فمه واسعا ولقول كلمات بسيطة أو إيماءات لدفعه

للتحدث أكثر , و للآن لم تهزمني أي شخصية إلا شخصية واحدة

هذه الشخصية مثل الإخطبوط أو كما أتخيلها مثل الجن الأزرق , وهي

شخصية قد لا تلفت انتباهك في المجتمع و هي ليست امرأة مع العلم أن

هناك شخصيات لا يستهان بها , هذا الرجل قد تتوقع منه أي شيء , من

ألطف تعبير إلى أشنع جرم , طبعا هذا كلامي بعدما انتهت قضيته , لقد

كان البحث عنه مثل البحث عن ساعة في زمن حضارة مفقودة .

و لكن في النهاية و مهما حصل لابد للحق من الظهور و الشر مهما طال

مقامه فهو لزوال


لا أريد إخافتكم و لكن أريد أن أعطيكم درس عن وحش آدمي و لكن من قرب

حتى نعلم فمعرفتك لنفسك و للعدو تجعلك تنتصر في كل معركة .










الفصل الثاني





الرجل الأزرق




بعد انتهاء التحقيق مع فارس أو كما أسماه زميلي خالد بالرجل

الأزرق , خرجت لأتنفس بعض الهواء النقي لقد خرجت و كأنني خرجت للتو


من قبر , لقد رأيت جمال الطبيعة و السلام الذي يحل في الأرجاء

و لكي تحس بالجمال لا بد أن يكون هناك نقيض فالشيء لا تعرف قيمته إلا

عندما تعايره بغيره .

لقد وصل فارس إلى هدفه و لكن بأي ثمن , لقد كلفه الثمن غاليا , قد

نصل و لكن ما هو الثمن الذي ندفعه

لقد رأيت نظرة من نظرات فارس لقد كان ينظر نظرة ملئها الرضا أو

أشبهها بنظرات شخص يذنب و لكن بدل أن يؤنبه ضميره تراه باسما

ضاحكا .

هل من المعقول أن يضحي الإنسان بكل ما يملك و كذلك بحياته من أجل

شيء , قد لا تراه مسألة حياة أو موت , و لكن هذا ما هو حاصل , و لقد

مرت علينا قضايا سبب القتل أشياء تافهة جدا مثل قتل لسلب خمسة

ريالا أنا لا أمزح , و هناك من يدوس كل شيء أمامه حتى يصل فيمسح كل

شيء في هذه الحياة إلا هدفه , فيأكل و يشرب و يتنفس و يحيا لشيء

واحد فقط , لقد حزرتم نعم هو الهدف .

هل عرفتم في ماذا يتميزون , إنهم يتميزون في وضوح الهدف بشكل كبير

جدا , فترا المجرم يرى نفسه يستعد و يبدأ و ينفذ في مخيلته .

قطع خالد حبل أفكاري و قال صائحا برغم أنني قريب منه و للكن هذه

عادته

خالد : كيف حالك ( بالرغم من أننا مع بعض منذ الصباح ) ما رأيك في

الرجل الأزرق , إنه حيوان , حيوان بمعنى الكلمة , و لكن حيوان بعقل

كمبيوتر .

قلت : لو لم نمسك بهذا الشخص , أو تعتقد أنه هناك مثل هذا الشخص ؟

خالد : أعتقد أن هناك مثله كثيرون , و كذلك في الجهة المقابلة أناس

لهم بالمرصاد .

قلت : أوتستحق تلك الحياة أن تعاش بطريقتهم .

خالد : أوتسمي تلك بالحياة .

قلت : هل ترغب بأن أقول لك شيئا غريبا

خالد : دائما

قلت : لوهلة عند التحقيق , غبت عن الوعي و كأنما أصبحت أنا فارس

فرأيت ما يرى و سمعت ما يسمع خالد : .....

قلت : لقد كنت أحس أن رأسي بها مثل الخدر أو كأنني أسمع صوت دمي

يجري في العروق , و كان هناك طنين خافت جدا في أذني و لكن ممكن أن

تلاحظ وجوده .

خالد : شيء جيد تابع .

قلت : أعتقد أن وقت الجريمة يؤثر على نفسية القاتل وطريقة تنفيذه

للجريمة للجريمة و كذلك اختلاف المسرح .

خالد : نعم فمن خبرتي , أستطيع أن أقول لك أن الشخص عندما يريد أن

ينفذ الجريمة عمليا ستكون هناك متغيرات و ثوابت .



الفصل الثالث


ذات الرداء الأحمر

إنهم يغرونك بالمال أو بالسلطة أو بالمرأة أو بالسعادة , و يخوفونك بالتعاسة و الوحدة و المرض
أي أنهم يتلاعبون بك , و عندما تستيقظ تفهم و تميز
بهذه الكلمات نطق فارس أول اعترافاته , و كانت مثل القطرات الأولى من المطر و الذي ينهمر بغزارة تباعا , و لقد تكلم بكلام يحتاج للتفكر في كل كلمة فيه .
دائما ما ألاحظ أنه عندما يعترف الجاني فإنه يعترف بكل شيء , و هناك استثناءات هل فارس من هذه الاستثناءات ؟
وفي جزء من التحقيق و عندما كان يقول فارس الحقيقة
خالد : اسمك فارس .....
فارس : نعم , وهو لا يعبر عن شخصيتي كما تراها أعتقد أنك غير مقتنع بالاسم .
خالد : أولا , هل تقر بفعلتك ؟
فارس : نعم .
خالد : و ما هي فعلتك .
فارس : لقد رأيت شيئا و أردت الحصول عليه .
خالد : بالقتل و التزوير و التدمير .
فارس : الغاية تبرر الوسيلة ألم تقرأ ميكيافيللي .
خالد : إذا أنت تتبع ظل الشيطان على الأرض .
فارس : أعتقد أن الكثيرون يطبقون فلسفته , و لكنهم كالحمال بقلوب الذئاب .
خالد : و ما هو الشيء الذي أرد الحصول عليه .
فارس : التحرر و التنوير .
خالد : لا تقل لي أنك ماسوني .
فارس : أنا أكره الماسونية , فهي مثل الجيفة في حفلة سكارى .
خالد : إذا لماذا سقطت في فخ ذات الرداء الأحمر .
فارس : أنا لم أسقط في فخها . لقد كانت بالنسبة لي مثل دقيقة إضافية تعطيها لشخص يحتضر.
خالد : إذا لماذا قتلتها ؟
فارس : أوتعتقد أنني وقعت في غرامها و أنني عاشق مغفل , لقد كنت أعرف الخدعة و لكن كان مخططي يتشارك مع مخطط العدو . لقد كان الهدف من وضعها في طريقي هي جعلي عبدا لهم , أي محاولة لتركيعي .
خالد : لم أفهم .
فارس : لقد صحوت ووجدت أن الجميع يتمتع بهذه الدنيا و أنا الوحيد الذي يحمل السلم بالعرض , لقد كنت أعرف الصواب و الخطأ , و لكن لم يكن هناك نور في آخر النفق لقد انتظرت طويلا .
خالد : ثم ..
فارس : قررت أن أهدم المعبد على رأسي و على رؤوس الأعداء .
خالد : و ماذا فعلت ؟
فارس : لقد سحبت كل رصيدي ال1ي كنت أجمعه لحياة السعادة و أعدت تشكيل شخصيتي للمجتمع و كان ذلك سهلا لدرجة مضحكة , لقد كان المجتمع ينخدع لأبسط المظاهر , ذهبت في اتجاهين متعاكسين , فلم يكن عندي وقت , لقد ذهبت لعدوي مباشرة , لقد عرفت أنه سيقدم لي الفخ , فقررت بلعه برغبتي , لقد كانت امرأة جميلة و قليل أن تجد ذلك النوع من النساء , و في الجهة الأخرى حاولت أن أعيش لذة أخرى .
قاطعه خالد اشرح الاتجاه الأول . ثم أكمل كما تحب



الفصل الثالث


الضحية الحسناء


فارس : لقد كان عدوي ماسوني برغم عدم انتمائه لتلك الفئة رسميا ,

لقد كان معجبا بتلك المنظمة . و مثل الحيوانات أمكنني توقع

حركاتهم مسبقا و كنت أسبقهم بخطوة , لقد أدركت مسبقا بماذا

يغريني , و لم يكن يقدم ابنته إلا بعد أن يئس من كل المحاولات

لقد تزوجتها , وأنا أدرك أنني لست بكفء للزواج بها لقد كنا مثل

الحسناء و الوحش , لقد حاول أبها فرض السيطرة علي بالقوة و تركيعي .

خالد : كيف ؟

فارس : لقد كان مصاص دماء بشري , لقد كان يسرق أحلام الشباب ,

يتبناهم حتى يكتمل المشروع ثم يلفق لهم تهم باطلة .

خالد : و هذا ما حصل معك في السابق . أعتقد أن أب زوجتك المحترم قد

هو من صفعك الصفعة الأولى .

فارس : لقد كنت مدينا لتلك الصفعة , لقد أيقضتني من الأوهام التي

صممت في قوالب مما جعلتنا في سجن كبير . لقد سرق حلمي , أو تعلم

أي حلم , تعب عشر سنوات ضحيت بالتعليم و الزواج و كل شيء لأصل لهدفي

و في النهاية يأتي ذلك المحترم و يسلبني أعز ما أملك الحلم و

الحرية . لقد أمضيت في السجن مدة ثلاث سنوات بتهمة لم أرتكبها , و

أرى عدوي يستمتع بما سرق . لذلك قررت أن أحاسبه على كل سنة ضاعت

مني , و بدأت مجددا و في غضون سنة سرقت و اختلست من كبار التجار .


و زورت و في رحلتي هذه اكتشفت مدى الفساد الذي يلف بعض التجار فزت

في السرقة إمعانا في أذاهم . و عندما حانت الفرصة كان لي خيارين لا

ثالث لهما أولهما أن أتوقف و أتلف تلك الأموال و أتسامح مع الماضي

و الثاني أن أستمر في مخططي . و لكن الشق كما يقولون أكبر من

الرقعة , لقد كان الغضب يتملكني , لقد عشت سبعة عشر سنة لا أدري

كيف أصفها , لقد صنعوا مني وحشا و حان للوحش أن يلتهم أول وجه , و حلفت أن أنتقم .
خالد : و بعدها أعدت تشكيل نفسك و قدمت نفسك للعدو بشخصية أخرى و

طمعوا و أكلوا الطعم و الذي باعتقادهم أنه أكل الطعم .

فارس : نعم , لقد أردت أن أسلب منه أعز ما يملك

خالد : أوتستحق المسكينة ذلك المصير .

فارس : بتاتا , للحظة حاولت أن أتراجع , و أجعلها تهرب معي , و لكن ..
خالد : فهمت لقد اكتشفت المسكينة شخصيتك الحقيقية عندما ناداك أحد

الأشخاص في أحد المطارات بإسم مشروعك الذي سرق .

فارس : لقد تملكها خوف , حتى أنها كادت تموت من الخوف .

خالد : لذلك قررت التخلص منها .

فارس : نعم , لقد كانت ستنهي كل شيء , لقد كانت فتاة صالحة , لا

تستحق أن تعيش بين وحشين .

خالد : لهذا قتلتها .

فارس : بل قتلتهما

خالد : ماذا تقصد .

فارس : لقد كانت حاملا في الشهر الأول .

خالد : يا إلهي .

فارس : لقد انتقلا إلى مكان يعمه العدل و السلام .

خالد : و بعدها ماذا حدث ؟

فارس : لقد جن جنون الأب , لم يعرف كيف قتلت و كيف قتلت , لقد كنت

أنوح من الحزن عندما علمت بحملها و كنت في شبه غيبوبة , و لم يشك

بي أحد .


لذلك قررت أن أوجه الضربات السريعة للعدو و أسلم نفسي للعدالة و لا

يمكن أن أسلم نفسي على الجرم و المجرم الأكبر لم يعاقب , لقد كان

هدفي أن أعاقبه في ابنته و لم أفكر أن أقتلها لقد حاولت أن أجغله

يفقدها وهي حية أمام ناظره كل يوم حتى يتحسر كل لحظة . و لكن

الأقدار تجري في اتجاه آخر .





الفصل الرابع



وجها لوجه




لم أدرك أن هذا الوجه هو وجه فارس الحقيقي و لقد استجوبناه عشرات

المرات و كل مرة يظهر بشخصية مختلفة , و كأنه يملك بنك شخصيات و

لكن لابد للنهاية أن تأتي .

لقد حدثنا فارس كيف أن الأب الحزين على ابنته انتقل من حالة الحزن

إلى حالة غريبة و بدل أن يتوب إلا أنه سعر و أصبح أكثر شراسة من ذي


قبل , لقد كان الحرام يغذي حياته عشرات السنين و كان الشر حياته

التي لم يعرف غيرها .

لقد كان موت الحسناء زوجة فارس ميتة محيرة

لقد اعتقد أنها ميتة طبيعية لولا خطأ بسيط وقع فيه القاتل , لقد

كانت الضحية عسراء تستخدم يدها اليسرى , و من كلام أبيها عرفنا كيف

كانت وضعيتها عند الموت لقد كانت علبة الدواء ( وهي عبارة عن علبة

ماء صحة تذوب فيه الضحية الأقراص لأنهل لا تستطيع ابتلاعها ) التي

انتحرت بها في الجهة اليمنى من السرير , و الوضع الطبيعي أن تكون

في الجهة اليسرى

كذلك الأقراص التي بالعلبة ليست نفس الدواء

بمعنى أنه وجد مكونات أدوية مختلفة كانت قاتلة للضحية .

و لم نتمكن من العثور على الجاني فقد كان من الممكن أن تغلط الضحية


هي نفسها بعملية التذويب .


و لكن لم تحم حول القاتل أي شبهة , فلقد سافر قبل مقتلها بيوم

واحد , و هو قبيح و هي زوجة صالحة فشبهة الخيانة غير واردة .

و لكن لولا اعتراف القاتل بأنه هو الذي أذاب لها الأدوية قبل سفره

كمساعدة للزوجة , و هذا الفعل لا يستحث الضحية على الإفصاح عنه , لأنه لفته كريمة عادية من زوج لزوجته .

و لكن اعتراف القاتل جاء بعدما نفذ مخططه كاملا

فقد كانت ضرباته سريعة للعدو . فلم تفق الضحية الثانية إلا و هي في

الهاوية و لقد كان العدو قريبا و مألوفا و هذا النوع من أشد
الأعداء , ففكك فارس مملكة عدوه من الداخل , حتى أنه ساواها بالتراب
و لكن فارس لم يستطع التمتع لمدة طويلة بنصره و مات عدوه بسرعة .

فانتهى الحفل قبل أن يبدأ , و أحس أنه لم يعد شيء يستدعي الحياة

من أجله و قد أوغل في الانتقام لدرجة أنه لا يتخيل أن يبدأ من جديد

و كيف يبدأ و تلك الأيدي ملطخة بدم أبرياء

و الاتجاه الآخر الذي اتجهه ليس ليشرف أي شخص بل هو لعنة و طريق

ليخدم الهدف السابق , لقد فقد فارس بوصلته في أصعب وقت . لقد وصل

إلى هدفه و انتقم شر انتقام , و لكن ماذا بعد , لقد أحس فارس أن

هذه الدنيا فارغة فراغ يوحش , لقد حاول أن يقتل نفسه و لكن كان

أجبن من ذلك بكثير , لذلك كان يحاول أن يهرب بحياته بلبس شخصيات

في التحقيق عله ينجو , و لكن لكل ظالم يوم .







الفصل الخامس




الاتجاه الآخر



استجوبت فارس للمرة الأخيرة

فارس : هل من الممكن أن أدخن .


قلت : سيجارة واحدة .

فارس : لا يهم , لقد كنت قد حدثتكم عن الاتجاه الأول و الآن سوف أعترف

بالاتجاه الآخر .

قلت : لم أطلب منك ذلك .

فارس : بل قد فعلت , أرى انبهارك بهذا العالم السفلي و صدقني إنك

مهيئ لأن تكون أحد قادته و لكن الله تعالى حفظك . أرى الغضب في

عينيك كان من الممكن أن تكون مكاني الآن , إياك أن تنزلق في هذا

القعر .
قلت : إن انبهاري و غضبي شيء مبدئي و لكن سأكون بالمرصاد لك و


لأمثالك . أعرف أنني أتعمق في الجحيم , لكن أنا رجل قانون و أعرف

كيف أنقذ نفسي .
فارس : أتمنى لك التوفيق , و أتمنى أن تستفيد مني فلست متوفرا

للأبد .
قلت : ابدأ بما تشاء.


فارس : أسلوب جميل و يعجبني تفتح ذهنك , لقد شعرت أن غضبي يقل مما

زاد جنوني , فقررت أن أتجه لاتجاه يغذي غضبي .


قلت : هذا مفهوم و لكي تشعر بشعور إيجابي يكفيك أن تبتسم ليتحقق

ذلك الشعور , أما الشعور السلبي فيتطلب على الأقل عنصرين حتى تفتح

لك ملفات السلبية و يتحقق ذلك الشعور .

فارس : كان ذلك صحيحا , كان غضبي من عدوي يقل مع الزمن لذلك رغبت

بتغذيته و فكرت ما الذي يغذي غضبي , فكان ذلك هو تلقي الاهانات

قلت : كيف ؟

فارس : لقد كنت أطارد السيدات المتزوجات , و كان الشتم و السب و

أحيانا الضرب بالأحذية يجعلني في حالة غضب كالدواء ليبقيني على

مستوى واحد .

قلت : وما النتيجة ؟

فارس : النتيجة أكبر مما تعتقد , من الممكن أن تبدأ معركة

بكلمتين . و لكن جرعت الدواء لم تعد تجدي فقررت زيادتها .

قلت ك بسرقة ملابس و حقائب النساء .

قلت : و ذلك يشعرك بماذا ؟

فارس : كان يشعرني بغضب عنيف على نفسي لقد استثرت البقية الباقية

من الخير في نفسي . و هذا ما كنت بحاجة له , غضب عنيف في مستواه

طويل في مداه , لم يكن هدفي غير ذلك الغضب و ليس الشهو
ة
قلت : و لذلك دمرت حياة إحدى السيدات .

فارس : و التي كانت زوجة سرية لعدوي و مصدر سعادة له , و اكتشفت

ذلك بالصدفة عندما سرقت منزلها , هل تعلم مقدار السعادة التي حصلت

عليها من ذلك الاكتشاف و كانت المرة الوحيدة منذ مدة طويلة التي

شعرت فيها بالسعادة .






الفصل السادس




الانهيار



لقد انتهى التحقيق , و ثبت الجرم و انتهت القضية و حوكم فارس , و

كان حكما عادلا , لقد كان فارس ذو شخصية بأعصاب حديد , حتى أنه في


الحكم و بعده بفترة كان كثير الابتسام , و لكن عندما اقترب تنفيذ

الحكم , حاول أن يؤخره باعترافات جديدة , لقد كانت اعترافات مقيتة

و فاسدة . و بعد تسجيله لتلك الاعترافات بقي الحكم كما هو فليس

هناك أقسى من عقوبة الموت , و الجزاء في الآخرة أشد

عندما حان يوم القصاص انهار الجبل و انكشف الوجه الأخير و الذي سوف

يواجه فيه فارس الموت
لم أتوقع أن تكون ردة فعله بتلك الطريقة , لقد كان مثل من شاب في

لحظة واحدة , و لو لم تحكم عقلك لأخذتك به الرأفة , فلا أعتقد أنه

هناك إنسان أضعف منه في وجه الأرض .
الغريب أننا جميعا نعرف نهاية هذا الطريق , و لكن حينما يفكر عقل

بالشر و حينما تبطش يد بالظلم , من أصعب الرجوع , هناك كثيرون

يتوبون و هناك كثيرون لا يتوبون أيضا , لله تعالى الحمد أنني كنت في الجهة الأخرى .
أنا لا أفهم لماذا يضحي بشخص في لحظة غضب أو طيش أو شهوة بكل شيء .

نعم كل شيء .أي العقل حينما نكون في احتياجه , أو كما قيل إن


العقل يختفي عندما نكون في أمس الحاجة له . هذه الأحداث ليست

للعبرة أو التبصر , إنها كمن ينزع قلبه و ينظر إليه بعينيه .

قاطعني خالد كالمعتاد

خالد : لقد تم الإعدام و لماذا لم تشاهد ؟

قلت : لا أحب أن أرى مشهد الموت , فبالكاد الإنسان يحس بالحياة في

هذا الزمن .

خالد : قد يكون موت شخص فيه حياة لآخرين .

قلت : ماذا حدث , أين سيجارتك .

خالد : أتعلم إن منظرك بدون دخان أفضل لذلك قررت أن أترك التدخين .

قلت : ما رأيك في قضية فارس ؟

خالد : إنها قضية مثل غيرها من القضايا الكثيرة , و لكن الشيء

الفريد هو هدف القاتل . أتعلم أعتقد أن التسامح هو الحل و الذي كان من المفروض أن تنتهي به هذه القصة .


قلت : التسامح نعم , هل تذكر ذلك الشخص الذي تنازل عن مقتل ولده

حتى من قيل أن يعرف التفاصيل و عندما علم تفاصيل قتله البشعة انهار

و لكن لم يتراجع عن تسامحه و لكن القانون جرى مجراه . إن هذا الأب

عرف أنه ما من شيء يرد له حقه , و أعتقد أنه لجأ إلى الله تعالى و

استخلف خيرا منه .
قلت : لو تسامح فارس و ترك الماضي في قبره و لم يخرجه لكان الآن أب

سعيد خاصة أنه واسع الحيلة .

خالد : في النهاية هناك أبواب يجب أن تظل موصدة و لا تحاول أن

تفتحها , الغضب و الحسد و الطمع و الشهوة و السرقة المخدرات إياك

أن تفتح أحد تلك الأبواب .فأغلب القضايا لا تخرج عن تلك العناصر و

النتيجة جرائم متنوعة .



عدت إلى البيت و أنا محمل بالكثير من الأفكار , لقد نظرت من نافذة

إلى الجحيم , ما لهؤلاء المجرمين

هل تستحق هذه الدنيا لكل تلك الشراسة و الإجرام .

ألا يرون أناس يسهرون لينام غيرهم , ألا يرون الأطفال يلعبون و لا

يهمهم ماذا يحمل لهم الغد من حزن أو سعادة , ألا يرون أن العشب ينمو

ثانية لو انتظرنا عليه ألا يعرفون أن الأمل سيأتي لو صبرنا عليه لفترة أطول قليلا .

ألا يعلمون أن الحياة أقوى من الموت .





تمت بحمد الله تعالى


الساعة الآن 02:26 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية