منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   208 - خطيبة بالايجار - ليندساي ارمسترونغ ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t110194.html)

زونار 04-05-09 02:17 PM

ارتدت فيفيان ثوباً من الحرير الخالص . ذا لون وردي فاتح . يبدأ من فوق صدرها ثم يضيق عند خصرها ووركيها .
ليصل بعد ذلك حتى كاحليها ، كان قماش الثوب الحريري ناعماً ، يصدر حفيفاً كلما تحركت .
أما تفصيل الثوب فأبرز أنوثتها ورشاقة قوامها . تزينت بالحلية الوحيدة التي تملكها ، والتي نادراً ما تضعها ، وهي عقد اللؤلؤ
ورثته من أمها . كان العقد ملتفاً إذ علقت لآلئه الضخمة في سلسلة فضية ، بشكل متباعد .
كما انتعلت حذاء بسيطاً ، بكعب معتدل ، بقماش كقماش الثوب الحريري .
وربطت شعرها إلى الخلف بشريطة ، مما جعلها تبدو مختلفة وغامضة بعض الشيء .
منتديات ليلاس
وهذا ما كانت تريده حقاً . أن تبدو فتاة مختلفة الليلة .. وعندما دخلت الخادمة لتسألها إن كانت تحتاج
إلى مساعدة ، طلبت منها فيفيان بعض أدوات الزينه .
سارعت الخادمة إلى إحضار مستحضرات التجميل .
وساعدت فيفيان في إكمال زينتها . فوضعت ظلاً خفيفاً فوق عينيها . والقليل من حمرة الخدود ،
واستخدمت أحمر شفاه يميل إلى اللون البرونزي .
قالت الخادمة بليندا بحماسة : ( تبدين مختلفة للغاية ، لا بل رائعة )
- حسنا ، فهذه حفلة راقصة . والآن ، ماذا علي أن أفعل ؟
ونظرت إلى نفسها في المرآة مجدداً ، ثم وقعت بقامتها وتنفست بعمق .
- الكل في المستنبت الزجاجي . لتناول الكوكتيل قبل أن يصل بقية الضيوف .
وقد أعدّت طاولة العشاء هناك ، وستقام الحفلة الراقصة على الشرفة خارج المستنبت .
إن الليلة رائعة ، يبدو أن السيدة ديكستر قادرة حتى على تنظيم الطقس .
توترت أعصاب فيفيان للحظة . وخطر لها أنها تحب كل من إميليا وماغ ديكستر لكن لعلهما لا تحبانها .
ثم هزت كتفيها وهي تتذكر تعليقاتهما ، كما ذكرت نفسها بأن ما قد يحصل الليلة هو ما رغبتا به بالفعل .
أخذت فيفيان الخاتم عن طاولة الزينة وضعته في إصبعها للمرة الأخيرة

كان المستنبت الزجاجي يتألق بأضواء الشموع ، فبدأ كحديقة أوهار متعددة الألوان ، وعندما وصلت كان الجميع قد سبقها إليه .
تألقت إميليا بثوب انساب على جسمها برقة ، أما ماغ فاختارت ثوباً أخضر ، وابنة العم ماري ثوباً وردياً .
وارتدت إحدى وصيفتي العروس ثوباً توتي اللون والأخرى ثوباً حريري أزرق .
ووقع خيار اللايدي واين رايت على ثوب قرمزي الألوان الزاهية .
لكنها بدت مذهلة في اللون الأسود .
ارتدت جيني ديكون ثوباً أسود ضيقاً أبرز تفاصيل جسدها المثيرة .
وكشف قسمة الأعلى عن عنق عاجي ، وعلق بشرائط رفيعه اللون ، وكان للثوب ذيل صغير فضي الحواشي .
كما انتعلت حذاء أسود ، ورفعت شعرها فوق رأسها ، ولبست في أحد معصميها سواراً ماسياً .
بدا جمالها ملوكياً ، في هذا الثوب الذي يتناقض مع بشرتها الناصعة البياض ، وأحست فيفيان أنها تافهة.
صغيرة الحجم مقارنه معها . لكن هذا لم يزعجها بل أضرم روح القتال فيها .
وتوجهت نحو المجموعة مرفوعة الرأس .
جلس ليتون و إدي هناك ، وقد ارتديا بذلة سهرة تقليدية وقميصاًَ أبيض .
في حين اختار رالف بذلة بنية وقميصاً ملائماً . وفكرت فيفيان أن ما ينقصة يشعره الطويل والقرط في إذنه . هو قبعة إسبانية .
وعندما التفت الجميع نحوها ، وهي تقترب منهم ، وقالت :
- مرحبا ، تبدون جميعاً غاية في الأناقة ، لا سيما أنت ، رالف .
ورفعت كأسها نحوه :
لمحت ليتون يقطب جبينه قليلاً ، لكنها سارت برزانة لتقف إلى جانبه .
وكلمة ( رزانة ) هي أفضل ما يصف سلوكها في الساعتين التاليتين عندما بدأ
الضيوف بالنوافذ .
جلست قربه أثناء تناولهما الطعام . ولكن أحاديثهما اقتصرت على العام منها .
كان رالف وجيني على المائدة نفسها ، فضلاً عن ثمانية أشخاص آخرين .
وهكذا تمكنت من تجاهله نسبياً ، كما لم تتخاصم معه . وراحت تتأمل زوجته السابقة وأخاه .
فشعرت بعزيمتها تقوى لأن جيني ديكون بدت متألقة ، جميلة جداً وخالية البال . كما بذل رالف جهده لإرضائها .
قال ليتون عندما رُفعت صحون الحلوى : ( هل هذا ما تسمينه الفوز بالأوسكار ، يافيفيان ؟ )
فأجابت وهي ترتشف قهوتها : ( لم أبدا بلعب دوري بعد )
- إذن ستنتقلين من تجاهلي إلى النقيض ؟
ورفع حاجبيه ، وراحت عيناه تجولان على مفاتنها في ثوبها الوردي الجميل .
- كل شيء في وقته . أنا بحاجه للاستعداد ، لهذا ....
فقاطعها قائلاً : ( تبدين مختلفة . لا أظنني رأيتك متبرجة من قبل ..)
- أنا لا أفعل هذا غالباًَ . ولكننا في حفلة راقصة . وظننت أنك لن تلحظ ذلك.
- إن أحد الأسباب الأولى التي جذبتني إليك ، هو شكلك الطبيعي .
- آه .
وحملقت فيه للحظة بدهشة ، ثم حولت نظراتها بعيداً منه بشيء من الإرتباك بينما أضاف مفكراً :
- إنني ، في الواقع ، أفضلك طبيعية الشكل .
- أنت لا تملكني ، ياليتو ن.
جاءت كلماتها هذه نتيجة لشعورها بالظلم . وكـأنها خلقت لتشعر بالذنب حيال أمور عديدة كتزيين وجهها مثلاً.
- حقاً ؟ بدأت أشعر أنه بإمكاني ذلك ، إن لم يكن جسدياً فروحياً .
كان في عينيه سخرية خالصة ، لكنه أضاف : ( لكني أفضلك طبيعية لأن هذا يضيف غموضاً إلى غموض فيفيان فلوري .
هل تودين أن ترقص ؟ لعلك لم تلاحظي ، لكن الفرقة بدأت العزف على الشرفة ) .
- بكل تأكيد .
في الخارج وبين ذراعية ، قالت :
- يبدو أنك نسيت الشيء الوحيد الذي لن أفعله للحصول على اتفاقية ( عصير كلوفر ) يا ليتون.
والآن إذا شعرت أن بإمكانك أن تمتلكني بالمفهوم التجاري ، لوافقتك على ذلك.
رقصا صامتين لدقيقة أو نحوها ، مما شكل محنة مؤلمة بالنسبة لفيفيان .
لكن غضبها الشديد منحها الشجاعة لتتجاهل تأثيره عليها .
لا سيما وهي بين ذراعيه . فقال ببطء :
- أرجو المعذرة على شكوكي ، يا فيفيان . لكني لا أستطيع منع نفسي من التساؤل عما إذا كان وضعنا هنا أشبه بالجزرة والحمار .
أنت الجزرة وأنا هو الحمار .
توقفت عن الرقص . لكنه شدها إلى الخلف . وهكذا عادت إلى الخطوات الراقصة من جديد.
وسمعته يقول ببساطة ساخرة : ( ألا توافقيني الرأي ؟)
- كلا .
جاءت كلمتها مقتضبة حازمة . لكنه اكتفى بالإبتسام.
- ما الأمر إذن بالضبط ؟
فابتلعت ريقها ، وأجابت :
- حسنا ، من المضحك أن الشكوك نفسها تساورني ، وهي أنك أردت امتلاكي مقابل اتفاقية كلوفر رغم طمأنتك لي بأن اتفاقنا سيكون
نزيهاً وعادلاً .
ولكن لعلي كنت مخطئة .
وهنا ، جاء دوره ليتوقف عن الرقص .
- هناك شيء واحد أنصحك بالأ تنسيه مهما جرى ، وهو أنك تميلين إلي ... والأنجراف أحياناً .
فسألته بلهجة خافته تموج غضباً : (ما معنى هذا ، يا ليتون؟)
- معناه أنني لو كنت مكانك لما حملّت كلمة جزره أبعاداً أخرى .
هذا كل ما في الأمر . لأني بدأت أغير رأيي بفكرة الفتاة المحطمة القلب .
بدأت أظن أن مؤسسة غودمان هي أهم عندك من أي شيء آخر .
أجفلت بشكل جلي ، مما جعله يبتسم ويرفع يدها التي تحمل الخاتم ، إلى فمه ليقبلها .
لكنها قالت بصوت لا يكاد يسمع : (من كان بيته من زجاج لا يرشق الناس بالحجارة ) .
- هذا ممكن ، ولكن ليس لدي ما أخسره ، والآن علي أن أراقص بعض الحاضرات.
وأنا واثق من أنه لن ينقصك مرافقون .
كان ما يزال ممسكاً بيدها ، فرفعها ليلمسها بشفتيه مرة أخرى وأضاف :
( ودعينا نقول إلى اللقاء مجدداً ، لننهي ما في ذهنك في الحلقة التالية من هذه القصة البطولية المثيرة ).
لمعت عيناها وهي تجذب يدها ، قائلة :
- لم لا ، يا سيد ( عصير كلوفر ) لم لا ؟
***رالف .
فالتفت رالف ، ورفع عينيه عن جيني ديكون التي كانت ترقص مع رجل طويل القامة ،
فضي الشعر ، ليجيبها بلطف : ( آه ، الخطيبة . كيف الحال ، يا فيفيان ؟ أراك لم تفقدي الخاتم بعد ) ؟
- لا ، إنها سهرة رائعه ، أليس كذلك ؟ لكنني عطشى حقاً.
وجلست فيفيان عند مائدة صغيرة مخصصة لشخصين . وبعد لحظة ، جلس رالف قبالتها ، وعندما مرّ النادل بهما ، ناداه ثم أخذ عن صينيته كأسي عصير .
كانت الحلبة تعج بالراقصين ، وقد ربط بعضهم بالونات في معاصمهم .
وبدت هارفست مون كأنها شبح في سماء منتصف الليل المضاءة.
رشفت فيفيان كأسها ثم تنهدت . فمال رالف برأسه نحوها ، وسألها :
- أين ليتون ؟ لا تقولي لي إنه هجرك؟
- لا ، إنه يراقص بعض الضيفات ، رالف ، ما أجمل هذا ..
وأشارت إلى باحة الرقص ، ثم أكملت : ( ألا يمكن للموسيقى أن تكون أكثر حيويه ؟)
قطب رالف جبينه ، حين أحس بإشارة غامضة ، ثم ظهر في عينيه الرماديتين وميض مفاجئ ، وسألها :
- أتريدين موسيقى أكثر حيويه ، يا فيفيان؟
نظرت إليه من فوق حافة كأسها ، وأجابت :
- رالف ، أنا مغرمة بالموسيقى ، لا سيما اللاتينيه منها .
أردت ، في صغري ن أن أكون راقصة ، وهذا ما كنت أطمح إليه .
ظننت أنك ربما ..لا أردي لماذا ..لكني اعتقدت أنك تشاطرني هذا الميل .
خرجت كلماتها الأخيرة بلطف بالغ .
أراد رالف أن يتكلم ، إلا أنه عاد وسكت مقطباً جبينه ، ليقول بعد حين :
- هل أختلفت أنت وليتون؟
ترددت فيفيان ، أسبلت أهدابها وهي تتذكر كل كلمة قالها ليتون على حلبة الرقص ،فردت منكره :
- لا ، أبداً .
ثم رفعت بصرها لتحدق في عيني رالف ، وهي تضيف :
- لا تقل لي إنك لم تكن تعلم أنني فتاة خطيبة مأجورة .
حملق رالف فيها دون أن ينطق ببنت شفة ، فقالت :
- حسنا ، لقد أنتهت اتفاقيتنا . لطالما كانت عملية تجارية .
وهزت كتفيها ، ثم أكملت : ( لا أردي لم لا أخرج من هنا بشكل مثير ثم ...)
وبانت على وجهها الرزانة فجأة ، حين قالت : ( سيمنحك هذا الفرصة لتحل ارتباطك بجيني هذه الليلة .
فهذا تصرف سيء ، لأنه أخوك ، وهي زوجته السابقة ) .
فقال بحذر :
- دعيني أفهم جيداً . نحن ، أي أنا وأنت ، سنصبح محطاً للأنظار هذه الليلة .
وبهذا تبقى جيني وحيدة . وكذلك ليتون . هل هذا ما تحاولين القيام به ؟
أن تعيديهما إلى بعضهما البعض ؟
ونظر إليها غير مصدق . فأجابت : ( بل هذا ما ترغب فيه أمك وأختك وجيني نفسها . رغم أنني لا أوافقها على أساليبها ) .
كلماتها الصريحة دفعت الأحمرار إلى وجه رالف . ثم عادت تقول بهدوء :
- أظن من الصعب عليك أن تعيش في ظل هذا الأخ الأكبر الناجح .
قال رالف بمرارة : ( أنت على حق )
ثم نظر إليها متفحصاً ، وأضاف : ( لا أدري لم يتملكني شعور بأنني أنتقل من سيء إلى أسوأ ؟)
- أنا لا أطلب منك أن تتعاون معي ، يا رالف ، أرقص معي هذه الليلة وحسب.
فأنا هنا لأداء مهمة معينه . وأنا آسفة لهذا . لكني تخليت عن دوري ، فلم لا تضع قلبك وروحك في موسيقاك حتى وإن لم تكن مناسبة لتقاليد أسرة ديكستر ؟
إن نقرك على الطبول في الأمس مسّ روحي ، وستنجح يوماً ما .
- هل تعنين ذلك حقاً؟
- نعم ، بكل تأكيد . ولكن لماذا لا ترتبط بفرقة موسيقية ؟
فقال رالف بأسى :
- حسنا . ولكن إذا اعتقلونا ، أنا وأنت ، عند الفجر ، وأعدمونا فتذكري أن هذه الفكرة فكرتك.
باشرا العمل بالخطة على الفور . ودب الحماس في الفرقة الموسيقية ، فبعثت البهجة في نفوس معظم المدعوين ، وهم في سن ماغ و إدي .
عندها ، أصبح جلياً أن نجمي السهرة هما فيفيان ورالف .
قال لها ، فيما كانا يرقصان : ( لديك حس موسيقي رائع ، صدقيني ، أنت خسارة في ليتون يا فيفيان !)
وضع ذراعه حول خصرها ، وكان رأسها يصل إلى كتفه ، وقادها إلى حلبة الرقص .
أفسح الراقصون لهما المجال ، وراحوا يصفقون لمهارتهما البالغة وأثار رقصهما إعجاب الموجودين كلهم .
الموجودون كلهم تقريباً !
إذ انتهز رالف وفيفيان غياب ليتون ، فرقصا معاً طوال الوقت كما تبادلا الأحاديث بشكل حميم ، وتعالت ضحكاتهما .
وبما أنهما راقصان بارعان ، وجدا في الموسيقلا والأنغام قاسماً مشتركاً .
وبعد حين اختفيا عن الأنظار لعشرين دقيقة تقريباً .
ابتعدا ليتمكنا من التقاط أنفاسهما وشرب بعض العصير المفضلة ( لابامبا) .
ودن أن يمسك أحدهما بالآخر . قدما عرضاً جعل المدعوين يحيطون بالحلبة مجدداً وهو يصفقون .
وفي الختام ، رفعها رالف عالياً بين ذراعيه وعانقها بحماس وهو يقول لها إن الرقص معها متعة.
وجعلتها الموسيقى ، والمرافق الرائع ، تتألق وتضحك وتبادله عناقة .
تلا عرضهما موسيقى ناعمة حالمة ، فحبس رالف و فيفيان أنفاسهما . وهما يرقصان معاً بهدوء .
وعند ذلك ، أكتشفت فيفيان أفراد أسرة ديكستر على حقيقتهم .
بدت إميليا غاضبة مذهولة . بينما ألقت اللايدي واين رايت ، التي جلست قرب صديقتها ، على فيفيان نظرة أحتقار صاعقة .
وكان إدي وماغ يرقصان ، لكن بدأ أنهما يتناقشان بجدية وشيء من الحدة .
كانت جيني ديكون تقف وحيدة قرب حلبة الرقص ، بدت طويلة القامة ، مهيبة الطلة .
وباردة كالثلج ، لكن ما أن تشابكت تظراتهما للحظة ، حتى قرأت فيفيان فيهما غضباً عارماً ساخراً .
أنت تستحقين ذلك ، يا جيني . ولا أدري لم تغضبين ، فقد فتحت لك ولليتون المجال .
إلا إذا كنت تكرهين أن يسرق غيرك الأضواء . وتحبين أن تكوني نجمة كل حفلة .
أما ليتون ، الذب تجاهلته وتجنبته في الساعات الثلاث الماضية .
فجعلها تتوقف وقد تملكها الرعب . كان يستند إلى عمود الشرفة ، وقد عقد ذراعية بينما نطقت ملامحه وعيناه الزرقاوان العميقتان باحتقار واضح .
قالت ، وقد راعها أن تكتشف أن صوتها يرتجف : ( رالف ، خل يمكنني الإعتماد عليك لتحسن التصرف حتى نهاية السهرة ؟)
فنظر إليها رالف مازحاً ، وسألها : ( ماذا تعنين ؟)
- حسنا ، أظني فعلت ما فيه الكفاية . سأخلد إلى النوم . لكن أريدك أن تعدني بأنك ستبتعد عن جيني .
أخذ رالف يحتج بأن السهرة لا تزال في أولها . لكنها تجاهلت كل اعتراضاته ، وذكرته بأن الليلة هي ليلة أخته ماغ .
وعليه أن يعيد تسليط الأضواء عليها . وأصرت عليه بقولها : ( عدني بهذين الأمرين ؟ )
وأخيراً وعدها بذلك . فابتعدت عنه . ووقفت لبرهة بعيداً عن أنظار أفراد الأسرة لترى ما سيحدث .
لم يخلف رالف بوعده . بل توجه مباشرة نحو ماغ ، وأخذها من بين ذراعي إدي .
بدت ماغ سعيدة عندما شاركهما الجميع الرقص . وتعالت ضحكتها .
تنهدت فيفيان بارتياح وهي تبتعد ، لكن حين عبرت المستنبت الزجاجي سمعت أحدهم يقول :
- من هي الفتاة ذات الثوب الوردي ؟
فجاء الجواب : - ظننتها صديقة ليتون ، ولكن ثمة غموض في الموضوع . أظنها صديقة رالف ) .
عضت فيفيان على شفتها وركضت نحو المنزل ، وتوجهت إلى غرفتها .
كانت الغرفة
غارقة في الظلام فلم تشغل النور ، وهي تبحث عن المفتاح لتقفل الباب .
استندت إليه وهي تتنفس بعمق تحاول ألا تلفت الأنتباه إليها .
حثتها غريزتها ، في الواقع ، على حزم أمتعتها والتسلل بعيداً عن المنزل .
ولكن كيف ؟
هزت رأسها ، ثم توجهت نحو الشرفة . وإذا بها تتسمر هلعاً حين أضيئ المصباح فجأة .
التفتت نحو المصباح الموضوع على الطاولة فرأت على ضوئه ليتون يجلس على كرسي .
كان قد حل ربطة عنقه وخلع سترته ومدّ ساقيه أمامه وحمل في يده فنجاناً من الشاي .
وضعت يدها في قلبها الذي أخذ يخفق بعنف وأغمضت عينيها :
- لقد أخفتني جداً ! ما الذي تفعله هنا ؟ كيف علمت أني سآوي إلى الفراش ؟
- لم أكن أعلم .
فابتلعت ريقها : ( إذن ، إلى متى كنت تنوي البقاء هنا ؟ )
- بقدر ما أريد .
فقالت متلعثمة : ( ولكن .. ولكن هذه غرفتي ، لا يحق لك أن تكون هنا ) .
- إنه بيتي . أين رالف ؟ أرجو ألا تكوني قد اتفقت معه على أن يتسلق أنابيب المياة إلى غرفتك . سيؤذي نفسه .
وحملقت فيه : ( يتسلق ؟ ما الذي تتحدث عنه ؟ لا أظنك تتصور ..لا أظنك تصورت لحظة ..)
تأملتها عيناه بتمعن . ثم ارتشف جرعة من شرابه ليضع الفنجان بعد ذلك على المنضدة :
- أنت من أخبرني عن العشاق اللاتينيين ، يا فيفيان . وفهمت الآن ما كنت تعنينه .
ولكن يمكنه أن يصل إلى هنا عبر أحدى الغرف الآخرى التي تطل على الشرفة . هل هذه هي الخطة ؟
سارت فيفيان مترنحه عدة خطوات ثم ارتمت على حافة السرير :
- لا ...آه ..لا ... ما من خطة بيننا ..ليست الخطة من هذا النوع على أي حال .
فابتسم ابتسامة صفراء ، وقال : ( كنت واثقاً من وجود خطة ما بينكما لكن أخبريني ) .
بللت شفتيها ، وأكملت : (ما بدا صداً لك الليلة . كان في الواقع شيئاً مختلفاً تماماً .. وأظن هذا ما جعلك قاسياً معي ) .
نظرت إليه بلهفة ، وقلبها يخفق بسرعة .
- أما كنت لتتصرفين مثلي لو كنت مكاني ؟
فما زلت تضعين خاتمي ، ومع ذلك تظهرين للعالم أجمع أن أخي وحده من يهمك ..
- هذا غير صحيح ، والسبب الوحيد الذي جعلني أضع خاتمك هو .. جسناً ، أنت تعلم السبب.
- نعم . هذا جزء من الأتفاقية بيننا . تمثلين دور خطيبتي ، وتحصلين بالمقابل على إتفاقية ( عصير كلوفر ) .
ولكنك لم تمثلي الليلة ، يافيفيان ، سوى دوراً فاجراً ..
هبت من السرير ، وواجهته ويداها على وركيها : ( إياك أن تجرؤ ..)
لكنه قاطعها بقولة :
- وربما أخطأت حين استعملت كلمة ( تمثيل ) فما فعلته نابع من القلب .
لهذا جاء طبيعياً منك يا فيفان .
فقالت وهي تصر على الأسنان :
- هكذا إذن ؟ حسناً ، دعني أخبرك أني قضيت الليلة وقتاً رائعاً .
وإن كنت تظن أن حالي أسوأ من حال زوجتك السابقة فأنت مخطئ .
فالنظرة التي رمقتني بها جيني ، منذ فترة قصيرة ، كادت تقتلني .
لو أن النظر يقتل . ولا أعلم لماذا ؟
هل هذا لأن صحبة رالف أفضل من رفقتك أنت ؟
واستدارت نحوه بعنف وحرارة المعركة بادية جلياً في عينيها ، فقال وهو يضع يديه على كتفيها :
- فلنختبر ذلك ، إذن .
فقالت بصوت خافت وهي تحملق فيه متشككة : ( ليتون ..إياك )
- بل علّي أن أفعل ذلك ، يا فيفيان . ألم تتحديني ؟
أخذت أصابعه تلامس وجنتيها .
- لا ، آه ..لا .
وبدأت تستوعب الدمار الذي خلفته الليلة ، فظهر الذعر في عينيها .
لكنه تجاهل كلماتها ، وتلك النظرة في عينيها ، وما أعتراها .
أغمضت عينيها . ووقفت جامدة بين ذراعية ، وهو ينزع الدبابيس من شعرها .
تركه ينسدل على كتفيها وراح يمرر أصابعه فيه .
قال : ( هذا أفضل )
وأمسك بذقنها في يده ، ليرفع وجهها نحو الأعلى ، فرفت بأهدابها .
وأكمل قائلاً :
- تعجبيني الآن أكثر بعد أن أزيل التبرج عن وجهك . كما أن ثوبك جميل .
فتحت فمها غير مصدقة ، ثم همست : ( هل أنت جاد ؟ )
فرفع حاجبيه ، وقال : ( آه ، نعم ، يا فيفيان )
وترك ذقنها ليمسك بوجهها بين يديه ، ويتفرس في ملامحه . أحست بقلبها يرتجف ، وخافت
أن تعترف له بحبها ، فتفسد الخطة التي رسمتها مع رالف .
دفعت ده عنها : ( سأبدا في الصراخ إن لم تخرج من غرفتي )
- لن يسمعك أحد فالموسيقى صاخبة ، ولكن يمكنك أن تفعلي ذلك لتشعري بالتحسن.
صرخت وهي ترتجف : ( ماذا ؟ )
- أظن أن كل هذا تمثيل ، أليس كذلك يا فيفيان ؟ أعني تريدين طردي من الغرفة لتستقبليه هو .
وقرأت في عينيه سخرية بالغة .
سألته وقد جف حلقها : ( هل هذا سبب تعاوني مع رالف برأيك ؟ )
- ليس لدي أدنى فكرة ولا يهمني أن أعلم .
ولكن لدينا عمل لم ينته بعد .
وضمها بين ذراعيه . فقالت متوسلة :
- أيمكن ..أيمكن أن نتحدث بالمنطق بدلاً من ذلك ؟
بدت الأمور بغير شكلها الصحيح ، ترى أن ...
فتمتم يقول : ( يدهشني أن يحدث ذلك معك )
مالت نحوه فجأة . إذ أدركت أنها فعلاً كارثة متنقله . بحسب قوله .
فقد خرجت الأمور عن مسارها الطبيعي ، ولم تنته لعبتها كما أرادت .
ضمها إليه ، فلم تقاوم، لأنها فقدت ما تبقى لها من إرادة أو مقاومة ،
لكنها لم تتجاوب معه أيضاً . ومالبثت أن تملكها الرعب فأخذت تبكي .
رفع رأسه وقال ساخراً :
- آه ، ما هذا ؟ مهما كان رأيي بك يا فيفيان ، فأنت أشجع من أن تنهاري هكذا .
لكنها دفنت رأسها في كتفه وأخذت تشهق بمرارة .
ثم ابتعدت عنه وجلست على طرف السرير وهي تحاول أن تغالب دموعها . فقال محذراً :
- ستصابين بدوار .
لم تهتم بكلامه ، فجلس إلى جانبها ، ووضع فنجاناً بين يديها .
ثم رفع الشراب إلى شفتيها ، ففعل فعله .
جفت عيناها خلال دقائق ، وقالت : ( شكراً ، أظن أن ما جرى أنهكني قليلاً) .
قال ببطء ، وهو مقطب الجبين : ( هل تودين أن نتكلم بالمنطق الآن ؟)
ارتشفت مزيداً من الشاي ، وأضافت : ( حسناً ، لا تلق اللوم على رالف ،
فقد كانت الفكرة فكرتي ، آه ، كيف يمكن للمرء أن يهرب من هنا ؟
لأنني بحاجة إلى ذلك ) . ثم نظرت إليه .
كان العبوس ما يزال في عينيه عندما استقرتا على وجهها الذي غسلته الدموع .
راح يتأملها بتمعن ، ويتأمل تصرفاتها ، كيف تشبثت يداها بالفنجان الذي أراحته على حجرها وعلى ثوبها الحريري الوردي .
ثم خطر له أنها لا تتراجع أبداً ، حتى وعيناها تعكسان رعبها ، ومهما كانت الخطة التي وضعتها الليلة
للحصول على اتفاقية عصير كلوفر ، ومهما كانت الكوارث التي تلاحقها ، فشخصيتها تتميز بشهامة وشجاعة غير عاديتين .
أخذ الفنجان من بين يديها ووضعه على الأرض.
ثم أتكأ إلى الخلف وهي بين ذراعية .
ولم يفلتها حتى هدأت ولم تعد ترتجف ، وتوقفت نهائياً عن البكاء .
أحس بشعورها بالدفء والحنان بين ذراعيه .
وبالأمان ، بعيداً عن ذلك الشعور حيال فتاة ، يبدو أنها تكرس جهودها لهدف واحد وهو الحصول على إتفاق تجاري .
لفد خدعته مع أخيه ، كما عانقته مرتين باندفاع . وها هي تهدده بالصراخ إن لم يغادر غرفتها .
لكنه كان واثقاً من أمر واحد ، وهو أنه لن يتمكن من أخراجها من حياته إلا إذا محا رالف من ذهنها ؟
قطب جبينه ، حين خطرت له هذه الفكرة .
لكنها لم تبعده عنها ، فما من شيء يستطيع أن يدفعه إلى ذلك الآن.
مرر يده على شعرها فتململت فيفيان ونظرت أليه بمزيج من الدهشة والحذر .
لكنه قضى على حذرها حين عانقها وهو يمسكها برفق .
دفعتها مشاعرها الجياشة إلى التفكير . فهي منهكة ، وسريعة الأنفعال .
تلفها الكآبة . ويعتصرها الآلم من نبذه لها في السابق .
وستحمل هذه الأحاسيس معها بقية حياتها .

زونار 04-05-09 02:18 PM

لكن ما زال لديها ذاك الأمان مع ليتون ديكستر ، رغم ما قاله،
ورغم الكلمات التي حكمت عليها بالهلاك منذ البدء .
شعرت أنهما وحيدان على هذا الكوكب . وملأ قلبها المجروح بالبهجة .
لماذا ؟ لأن عطفه وحنانه لا يمكن أن يكونا لمجرد الثأر منها .
فقد شعرت بحاجته الماسة إليها .
شعرت بأنها خلقت له ولأجلة . وأنها مناسبة لليتون ديكستر .
تملكها شعور بالثقة . واحست بأنه جزء من قلبها . وأنها لا تريد أن تنسلخ عنه.
ودّت لو تكتشف أسرارها كلها لليتون ديكستر الذي امتلك فؤداها وشغل أفكارها .
وشغل أفكالاها ، هذا الرجل الذي بدّل حياتها ، وجعلها تشعر بالدفء والأمان .
ثم قرع أحدهم الباب ...
أجفلت ، لا بل أجفلا معاً . ثم تعالى صوت من وراء الباب ، يقول :
- فيفي ، افتحي الباب .. أنا رالف .
رأت نظرة قاسية ترتسم في عيني ليتون ، وتوترت شفتاه .
وشعرت فجأة بضغط ذراعه حول كتفيها ، قرأت في عينيه أمراً حذرها من أن تتكلم.
أطاعته ، هذا ما كانت ستفعله على أي حال . لكن رالف قرع الباب مرتين قبل أن تبتعد خطواته .
تركها ليتون وهبّ وافقاً بسرعة.
جلست حائرة وراحت تمرر أصابعها في شعرها .
فتحت فمها لتتكلم ، لكنه سبقها بالقول : ( آسف إن كنت قد سبقت رالف ، ولكن كان عليك أن تحذريني ) .
شعرت فيفيان بالدم يهرب من وجهها : ( أنت لم تسبقه ، إنه.. ليس لدي فكرة ..)
- ( فيفي ) نظر إليها بسخرية بالغة ، ثم أضاف : ( ارحميني من التفسيرات الكاذبة ، إذا كانت هذه هي الخطة ، فقد نجحت ...)
فانفجرت تقول والصدق مرتسم في عينيها : ( لا أفهم ما تعنيه )
فرد بخشونة : ( سأشرح لك الأمر إذن . تقربت من رالف كي أتعلق بك وأهتم بك ، أليس كذلك؟ )
- لا ..هذا غير منطقي ، لم أفعل هذا .
فقال ساخراً : هددت بالصراخ ، ثم بدأت بالبكاء ، حتى أنك جعلتني أظن أنك غاية ..في الشجاعة.
أردت أن تشعريني بالذنب ، وألا تحسي به أنت .
ولم تجدي طريقة أفضل من استغلال رالف كي ...تدفعيني إلى نقطة الاعودة ، يا فيفيان .
حملقت فيه وفغرت فاها مذهولة .. فابتسم إبتسامة باردة . .
تجمد لها قلبها .
- لا تقولي لي إنك لا تعرفين عن الرجال ما يكفي لكي تعلمي هذا .
- ولكن لم قد أفعل هذا ؟
- لماذا ؟ كي تبقي متمسكة بادعائك الدائم بأنك لن تستسلمي وتخضعي لي من أجل الفوز بالأتفاقية .
وكانت لهجته لاذعه ، فلم تستطع فيفيان سوى أن تحملق فيه بذهول تام، وتابع :
- كما أنك أبديت إعجابك برالف أيضاً ، ولكن كان ينبغي أن يخطر بباك أنك لن تحصلي على كل شيء مجاناً .
وأن رالف سيأتي ليطالب بأجره .
- لا ! إسمع ...
- ألم تستغليه هذه الليلة ؟ وقلت إنك استمتعت بكل دقيقة معه؟
- لا ، حسناً ، نعم ، ولكن...
وسكتت بعجز ، وراحت تنظر إليه ، عاجزة . ثم قال ببطء .
- وهكذا ، حصلت على الأخوين ديكستر . صدقيني يا فيفيان إن هذا إنجاز مميز.
لكن هذا الأخ ، وهو أنا ، على وشك أن ينسحب من هذه اللعبة .
ثم انحنى متمهلاً ،وأخذ وجهها بين يديه ، فشهقت .
- سألقي نظرة أخيرة على فتاة كادت أن تستغفلني .
وأخذت عيناه الزرقاوان اللعينتان تطوفان فوق وجهها .
تمعن في كل تفصيل أصبح الآن يعرفه جيداً . وكل بقعة ناعمه حساسة منه.
ثم قال برقة : ( آه ، نعم )
وعاد بنظراته إليها ، مثقلة بالسخرية واحتقار لم تر مثيلاً لهما .
وأضاف : ( أنت جميلة جداً ، وممثلة بارعة ، يا فيفيان ..
وبدأت أتساءل أيضاً عما إذا كان خوفك من الطيران والمرتفعات والمصاعد ادعاء منك.
لكن اعلمي ما يلي : ( لقد حصلت على ( عصير كلوفر ) مقابل جهودك المضنية )
ترك وجهها ، وحمل سترته وربطة عنقه ثم خرج عبر الشرفة .
***



نهاية الفصل السادس ،، ،
تحية ملؤها الأريج ...

posy220 05-05-09 12:48 AM

جميله كتير لو ممكن التكمله بسرعه موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية

زونار 05-05-09 03:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة posy220 (المشاركة 1945665)
جميله كتير لو ممكن التكمله بسرعه موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية



والتكملة لعيونك الحلوين

زونار 05-05-09 03:08 PM

- الثمـــــــن

- سيدة ديكستر ؟ أنا فيفيان فلور ي . . أرجوك هل تسمحين لي بالدخول ؟
فأنا أحتاج للتحدث إليك .
بعد نصف ساعة ، وكما قرع رالف بابها من قبل .
هاهي تقرع باب والدته. كانت الحفلة ما تزال مستمرة ، ولكن فيفيان نظرت خلسة
من شرفة الطابق الأعلى فرأت أن عدد المدعوين يتناقص وأن خطأ من الضوء
تسلل من تحت باب إميليا ديكستر .
طرقت الباب مجدداً ، فانفتح فجأة . كانت إميليا قد أزالت الزينة عن وجهها وارتدت
عباءة بيضاء فوق قميص نومها . لكنها لم تفقد شيئاً من مظهرها المستبد .
قالت وقد بان النفور في ملامحها : ( فيفيان! أنت آخر شخص أريد التحدث إليه .
لا سيما في هذا الوقت من الليل . أذهبي إلى فراشك) .
فقالت فيفيان متضرعة :
- لا ، أرجوك ، لا تصفقي الباب في وجهي ، أنا حقاً بحاجة إلى شخص يفهمني و ...
بحاجة إلى الماساعدة .
ترددت إميليا ثم قطبت حاجبيها وهي تنظر إلى وجه فيفيان الشاحب واضطرابها البادي .
- صدقيني ، أجد أنك سببت ما يكفي من المشاكل . هيا ، أدخلي ، إنما أحذرك ! عليك أن تحسني التصرف .
ثم ابتعدت عن الباب ، وتركت فيفيان تدخل وتغلقه خلفها .
كانت الغرفة واسعة ، تحتوي أريكة أمام المدفأة وعدداً من المقاعد المغطاة بقماش قطني نقشت عليه رسوم زاهية.
قالت والدة ليتون:
- إذن ..كيف يمكنك أن تفعلي ذلك ؟ لا أدري ما هي اللعبة التي تلعبينها ..
فقاطعتها فيفيان : ( يا سيدة ديكستر ، هل لي ، أولاً أن أوضح شيئاً ؟
ربما مازلت تكرهينني ، ولكن الأمر ليس كما تظنين ).
ثم تنفست بعمق وأخبرت إميليا ديكستر القصة بأكملها .
وعندما انتهت من الكلام ، فتحت إميليا فمها وأغلقته مراراً .
إلى أن قالت أخيراً :
- حسنا ، هذا يفسر بعض الأمور ، ولكن. .
ونظرت إلى فيفيان بشيء من العجز ثم أضافت : ( وكيف أتأكد من أن كل ما رويته صحيح ؟)
أخرجت فيفيان علبة الخاتم المخلمية ، قائلة :
- أرجو أن تعبدي هذا الخاتم لليتون ، وما أردت أن ألبسه .
ولكن تلك قصة أخرى . يمكن لرالف أن يطلعك عليها إذا أراد أن يكون صادقاً بهذا الشأن .
وسخبرك لماذا فعلنا ما فعلنا . لا أردي لماذا قرع بابي هذه الليلة .
لكني أوضحت له أنه لا يمكن أن يحدث بيننا شيء .
كما أوضحت له أن عليه ألا يتدخل بين ليتون وجيني .
حتى وإن أرادت هي ذلك .
وأن هذه فرصته للخروج من ذلك الدور . . .
إنها فرصة لنا نحن الاثنين للخروج من هذا الدور الذي تلعبه . ولعلنا . .
بهذا ، تتمكن من جمع شملهما .
فقالت إميليا وهي تتنهد : ( جيني ، حسناً ، أتصور أنن ليدها أسبابها.
ورالف وليتون .. لطالما كان أحدهما ينافس الآخر ) .
- أعلم هذا .. وياليتني فكرت قليلاً في ذلك . لكن لم يخطر ببالي أن الحقد بينهما سيزداد بسببي .
لم أكن أظن حقاً أن هذا ..
وسكتت فيفيان ثم عادت لتقول : ( ليت هذا لم يحدث ! كان علّي أن أخبر أحدهم بالحقيقية لأني شعرت
بالذنب حيال أسبوع زفاف ماغ .
لكن لم يكن لدي فكرة عما يجري حين جئت إلى هنا .)
أخذت إميليا تنظر إليها مطولاًَ بإمعان . كانت فيفيان قد استحمت وشعرها مازال مبتلاً .
وظهرت حول عينيها هالتان زرقاوان ، أما وجهها فبدا شاحباً وملامحها مرهقة . وسألتها ببطء:
- هناك أمر واحد لم أتأكد منه بعد . ما الذي أبقاك هنا بعد أن بدأت تتفهمين . .. الأمور ؟
أهو ليتون نفسه أم أتفاقية عصير كلوفر ؟
فنظرت فيفيان إلى البعيد ، ثم قالت:
- حصل سوء تفاهم حول هذا الموضوع ، أيضاً ، لكنني لا أستطيع أن ألومه
لو ظن أنني كنت... متلهفه للحصول على الإتفاقية ومستعدة لإقامة علاقة قصيرة الأمد . ولكن ذلك لم يناسبني .
- إذن ، ألم تقعي في غرامه يا فيفيان؟
وطرح السؤال الذي كانت تخشاه وترجو أن تتجنبه .
لكنها لم تستطع تجنب عيني إميليا القاتمتي الزرقة كعيني أبنها . قالت:
- ظننت ذلك في البداية . ولكن لا ، لم يحدث هذا . أردت أن أطلب منك أن تقولي لليتون إنني لا أستطيع قبول اتفاقية
عصير كلوفر الآن ، أو حتى الشامبو . ستمحو وكالة غودمان أسم كلوفر من دفاترها نهائياً .
- لم لا تخبرينه كل هذا بنفسك؟
- لا أريد أن أرى ليتون مرة أخرى ..أنا .. من المستحيل أن أشرح له الأمور ، وعلى أي حال ..
حان الوقت ..لذلك..أرجوك، كيف يمكنني مغادرة المكان؟
الآن ، صدقيني ! لقد نلت كفايتي وحزمت أمتعتي . هل من الممكن أن أطلب سيارة أجرة بواسطة الهاتف ؟
وشدت قبضة يديها حتى أبيضت مفاصل أصابعها .
هزت إميليا رأسها ببطء ، وقالت :
- لا . إننا بعيدون جداً عن الحضارة . ولكن بإمكاني مساعدتك . حسنا ، يا عزيزتي .
لم لا تبقين في غرفتي قليلاً ؟
إن البستاني عندنا يعمل أيضاً سائقاً عندي .
سأرى إن كنت أستطيع إيقاظه .
فسألتها متوترة : ( ألا يمكنني الإنتظار هنا ؟ )
نظرت إميليا بحدة ، وقالت : ( لا أظنك ..خائفة من ليتون؟)
أغمضت فيفيان عينيها وتساءلت كيف تخبر أمه بأنها لن تستطيع تحمّل مواجهة أخرى معه .
وبللت شفتيها ، وأجابت : ( لا ، طبعاً ، ولكن. )
وسكـتت فقالت إميليا فجأة : ( لا بأس ، إجلسي ) ثم غادرت الغرفة .
وبعد عشرين دقيقة ، نزلت السلالم برفقة إميليا التي قادتها نحو سيارة الرانج روفر الزرقاء المتوقفه أمام الباب .
منتديات ليلاس
- أمتعتك في السيارة ، يا فيفيان . وأرجو أن تسامحيني ، لكن يبدو أنها أفضل طريقة للرحيل .
- آه ، عندما أصل إلى محطة القطار ، يمكنني أن أهتم بنفسي ياسيدة ديكستر ، شكراً على مساعدتك لي .
هزت إميليا كتفيها ، ثم عانقت فيفيان التي بدت الدهشة على وجهها وأضافت : ( اعتني بنفسك )
صعدت فيفيان إلى السيارة وقالت مخاطبة السائق :
- مرحبا ، آسفة لهذا ..
ثم سكتت وكأن رصاصة أصابتها . لأنها لم ترَ رجلاً غريباً يستعد لقيادة السيارة ، بل ليتون نفسه .
وما إن أغلقت إميليا باب السيارة ، حتى أقلع بها .
قالت فيفيان بيأس :
- كيف يمكنها أن تفعل بي هذا ، بعد كل ما .. قلت لي إن أمك هي مثال للوقار .
- وهي كذلك ، إربطي حزام مقعدك . ولو لم تصادفني أثناء بحثها عن ( ريتشاردز) لهربت انتِ!
- أهرب بماذا ؟ تجعلني أبدو كمجرمة فارة ، إلى أين نحن ذاهبان؟
- إلى أي مكان يبعدنا عن مستشفى المجانين هذا . إلى أين تريدين الذهاب ، يا فيفيان ؟
- إلى مكان متحضر ، حيث أجد قطارات وسيارات أجرة وطائرات وبيوت ، وذلك كي أصل إلى بيتي !
وأخذت تبحث عن حزام الأمان لتضعه وهما يجتازان مجموعة جميلة من البوابات لم ترها من قبل .
- فيفيان؟
- لا أريد أن أتحدث عن ذلك يا ليتون ، فقد انتهى الأمر بيننا ، لقد أصدرت حكمك علّي .. حسنا ، وأنا أصدرت حكمي الآن.
- قالت لي أمي إني ربما أسأت الحكم عليك.
فقالت بضعف :
- وإن يكن ، هذا لن يغير الوضع ، ولا يعني شيئاً ، فقد انتهى ما بيننا وأرفض التحدث عن الموضوع .
- لم تدخل في التفاصيل ، قالت إنه علي ، فقط ، أن أصغي إليك . لعلك أفضيت لها بأمر ما حرّك
مشاعرها وأكسبك عطفها .
ألقت فيفيان براسها إلى الخلف ورفضت الكلام .
- هل هي أكاذيب أخرى ، يا فيفيان ؟ هل هذا سبب لهفتك للهرب دون أن تواجهيني ؟
لم ترفع رأسها ، لكنها التفتت تتأمل الظلام من النافذة : ( نعم ، لقد أخبرتها كذبة)
- لقد تساءلت عن ذلك .
- أحقاً ؟ لا بد أنك سعيد لاكتشافك شخصيتي .
فقال متجهماً : ( فيفيان ، إذا كان لديك ما تقولينه ، فقوليه الآن )
- حسنا ، ما هي المسافة المتبقية إلى أقرب محطة قطار ؟
اعترض بحزم ، لكنها رفضت الكلام بعناد ولم ترهب تهديده . ورفضت أن تظهر مدى الحزن الذي يتملكها . انطوت على نفسها ،
وبعد أميال عدة استغرقت في النوم.
كان الفجر قد بزغ لتوه عندما توقف أمام مطار ( ماسكوت) .
طرفت فيفيان بعينيها ، وتمطت ونظرت حولها وقد أصابها دوار .
ثم استدارت نحوه ، مذهولة وقد تذكرت كل ماجرى . فقالت متلعثمة :
- هل هذا ؟ هذا هو المطار . إسمع ، لم أتوقع منك أن تقطع كل هذه المسافة .
كان بإمكاني أن أستقل القطار أو أي وسيلة نقل أخرى .
أسند ليتون مرفقه إلى عجلة القيادة وأخذ يتأملها بنظراته . ثم قال باقتضاب:
- قبل بزوغ الفجر؟ ربما لن تتمكني من ذلك .
ولكن هل هذا هو المكان الذي تريدين أن تكوني فيه؟
وأدركت من نظراته أنها تبدو مشعثة الشعر ، مهملة ، ففركت وجهها وحاولت تمشيط شعرها بأصابعها .
وهي تقول مشتتة الذهن : ( حسنا، نعم، إنه المكان المفضل الذي سأغادر منه إلى بيتي ..)
- انزلي من السيارة إذن ، وسأحضر لك أمتعتك.
جلست على حقيبتها . بينما ذهب ليحجز لها مكاناً على الطائرة.
اختار لها مقعداً في الدرجة الأولى . على متن أول رحلة إلى ( بريسبن ) ، التي ستنطلق بعد ساعة.
ثم قادها إلى قاعة خاصة مترفة . واقترح عليها إصلاح مظهرها في غرفة الزينة.
دخلت مسرورة ، فغسلت وجهها ، وحاولت أن تسرح شعرها ، وأن ترتب مظهرها ،
فيما كانت تسعى لتنظيم أفكارها . وعندها عادت إلى القاعة وجدت أنه ينتظرها .
وكان قد طلب قهوة وشطائر لهما .
تنهدت وهي تجلس أمام فنجان القهوة الساخن ، وأخذت تشم عبيره ، ثم قالت بصوت أجش :
- شكراً ، أنا حقاً بحاجة إلى هذا ، ولكن ماكان لك أن ...
- فيفيان ، إذا قلت هذا مرة أخرى سأخنقك.
رفعت فنجانها ونظرت إليه من فوق حافته.
لقد تركت هذه الليلة آثارها على وجهها ...
وفضحت لها المرآة كل ذلك ، إذ رات كدمات كالرضوض تحت عينيها .
وشحوب غير طبيعي في وجهها .
كم تمنت لو حملت معها بعض أدوات الزينة !
وأحست بإرهاق بالغ لم تستطع التخلص منه ...
أما هو فلم يبدُ عليه الأعراض نفسها . ولو كان يحتاج لحلاقة ذقنه .
بدا ضخماً ، مليئاً بالحيوية ، واثقاً من نفسه رغم مزاجه المعكر .
فكرت في كل هذا بمرارة ، فوضعت كوبها من يدها وراحت تدعك جبينها بأصابعها .
- هناك أمران ، يا ليتون ، لقد سّلمت الخاتم لأمك ، كما إني لا أريد اتفاقيات كلوفر على الأطلاق .
إننا ، أعني مؤسسة غودمان ، ستشق طريقها من دونك.
- هل هذا بسبب ما قلته لك ؟
فقالت بثبات تطلب منها جهداً بالغاً ، : ( ما كان علي أن أعقد اتفاقاً مماثلاً معك ، لأنني أجد نفسي مكرهة ، أخلاقياً ، على قبول أي شيء منك).
نظر إلى ساعته ، وقال :
- فيفيان ، منذ أربع ساعات كنت أضمك بين ذراعي ..
هزت كتفيها وعادت ترفع فنجان القهوة ، وأضافت : ( ألا تريدين التحدث في الموضوع؟ )
صاحت بها كل خلية من جسمها تطالبها بأن تخبره بأنه الوحيد الذي أحبته ، لكنه ضرب بهذا الحب عرض الحائط.
لكنها كانت تعلم أنها لن تثق مجدداً بليتون ديكستر ..
ولم ترّ فائدة من محاولة التفاهم معه . ولن تخبره عن رالف ، وجيني ديكون. . .
ناهيك عن مشاعرها الخاصة ؟ وأخيراً قالت : ( لا ) !
فقال متجهماً : ( وماذا عن نتائج ما حصل ؟ )
فأغمضت عينيها : ( لا تقلق ، يا ليتون ، لن أحّملك ذنباً )
بقي صامتاً للحظات ، لكنها أحست بنظراته تخترق أعماقها . ثم قال : ( أليس لديك ما تضيفينه ، يا آنسة فلوري ) ؟
- أنا لست في قفص الشهود في المحكمة ، يا ليتون .
ولمعت عيناها غضباً .
استند إلى الخلف ، ولكن قبل أن يتاح له الوقت ليتكلم ، تابعت تقول :
- هناك ، في الواقع ، شيء أريد أن أضيفه . إذا لم تكن قادراً على إخراج جيني ديكون من قلبك ، كف إذن عن تعذيب نفسك.
قرع جرس تبعه تنبيه إلى قيام رحلتها في الطائرة . واتسعت عينا فيفيان حين أدركت فجأة ما هي مقبلة عليه ... ستركب الطائرة.
فقالت وقد تملكتها الكآبة والوحشة : ( آه ، لا ،،، هذا آخر ما أحتاج إليه الآن)
فرد بجفاء : ( لقد طمأنتني إلى أن هذا ما تريدينه حقاً)
- هذا صحيح ، ولكن لم يكن لدّي الوقت لأعدّ نفسي .
قال وهو يراقبها بعينين ضيقتين : ( ما زال أمامك عشرون دقيقة تقريباً قبل إقلاع الطائرة)
بدا الإحباط عليها وشحب وجهها ، وأضافت : ( لم لا تتذكرين كم كنت شجاعة معي ؟ )
- هذا آخر ما أريد التفكير فيه...
سكتت فجأة وعضت على شفتيها ، لكنها أكملت قائلة : ( آه ، ربما أنت على حق . إذا أمكنني ذلك ، فهذا حسن . نعم)
ووقفت بعزيمة واضحة ارتسمت على خطوط جسمها ، ثم مدت يدها إلى حقيبة يدها ( لا بأس ،ليس عليك أن ترافقني أكثر يا ليتون،
فأنا أعرف البوابة ، لهذا .... لنقل وداعاً الآن ، أنا آسفة لانتهاء كل شيء بمثل هذا الفشل الذريع.
لكن ، على الأقل ، يمكنك أن تعود إلى ( هارفست مون) وتساعد ماغ على الاستمتاع بأسبوع عرسها .
فوقف قائلاً : ( سأرافقك حتى البوابة ، يا فيفيان ) .
- إن هذا يطيل ...
وسكتت فجأة .
ثم وقف يراقبها كالصقر .
فقالت وهي تنظر إلى البعيد : ( لا ، أبداً ، أنا فقط .. لا أحتاج إلى من يمسك بيدي )
فقال بمودة مفاجئة : ( لا بأس . لن أفعل ذلك ، لكني أريد أن أراك داخل الطائرة)
فردت بعنف : ( لا تخف ، لن أفلت منك لأهرب عائدة إلى هارفست مون، أليس هذا ما يقلقك؟)
فقال ببطء : ( لا ، أبداً ، أنا في أثرك يا فيفيان)
خرجت من القاعة مرفوعة الرأس . فتبعها إلى جانبها صامتاً حتى وصلا إلى البوابة .
عند ذلك ، وقفت ونظرت من النافذة الزجاجية الكبيرة إلى الطائرة . ثم ابتلعت ريقها وأخذت تربت على جيبي بنطلونها الجينز .
وتبحث في حقيبة يدها عن تذكرتها بشيء من الأضطراب .
- إنها هنا .
أخذ حقيبتها من يدها ، وأخرج من الجيب الخارجي تذكرة السفر ، ثم وضع ذراعه حولها .
همست : ( ليتون) . اتسعت عيناها بحذر حين راحت ذكرياتها معه تتدفق إلى ذهنها .
أخذ يتأمل قطرات العرق على جبينها ، وسمعته يتأوه قائلاً:
- فيفيان ، يمكنك أن تفعلي هذا ، أنت فعلاً رائعة ، وأنا آسف إن قلت لك العكس . هل تريدين إخباري شيئاً ما ؟
فغرت شفتيها . وحدثها فؤادها بأن تكون صادقة معه . لكن، و مثلما كان ستان غودمان يتراءى لها أحياناً .
تراءت لها جيني ديكون الآن ، كما تذكرت الفراغ الهائل المخيف الذي تركها فيه قبل خمس ساعات فقط.
حين نبذها من جديد . وبقيت حائرة لا تدري كيف ستواجه هذا كله .
فقالت بهدوء تام : ( لا ، وداعاً ياليتون . سأكون بخير ) .
ثم ابتعدت دون أن تنظر إلى الوراء .
عندما دخلت إلى شقتها . ووقفت تنظر حولها ، لم تصدق أنها لم تفارقها إلا منذ أربعة أيام .
ووجدت نفسها تفكر متأملة بأن هذه الأيام الأربعة مضت كالحلم ،
فقد حدث الكثير في ذلك الوقت القصير ، وكيف يمكن لشخص أن يقع في الغرام في أربعة أيام ؟
أغمضت عينيها وقد شعرت بإرهاق شديد ، ولم يكن أمامها سوى أن تلجأ إلى سريرها رغم أن الوقت لا زال مبكراً . وهذا ما فعلته .
ولكن لساعة تقريباً .وبدلاً من أن تستغرق في النوم. تدفقت أحداث تلك الأيام إلى ذهنها .
وراحت تتساءل عما فعلت ، وعما ستفعل ، وعما عليها أن تفعل . .
ما الذي يحدث الآن في هارفست مون ؟
وأي تفسير أعطي لهربها تحت جنح الظلام؟
أترى أطلعت إميليا ليتون على ما أخبرتها به؟
وإذا فعلت ، فأي فرق سيحدث الآن؟
لا شيء ، على الأرجح ، إلا إذا قرر رالف أن يعترف بكل شيء .
ويبدو هذا بعيد الأحتمال ، كما أنها أدّت دورها ببراعه.
وضعت أساساً لهذه القصة عندما أثارت غيظ ليتون .
في ذاك المطعم على ضفاف النهر ، وهي تصف الرجال الذين تفضلهم .
لكنها لم تكن تتصور أن شقشقه يحمل الصفات ذاتها .
هل تصرفت بسذاجة بالغة حين ظنت أن رالف سيتقيد بتحذيرها .
ولن يحاول أن يخلق شيئاً بينهما من لا شيء ؟
وتملكتها الكآبة لأن الجواب واضح.
وإلا لماذا جاء ليطرق بابها في ذلك الوقت من الليل ؟
ولكن لعل أكبر خطأ اقترفته هو أنها استمرت في تلك المهزلة لمدة طويلة جداً .
باسم مؤسسة غودمان . وهذا هو الشيء الوحيد الذي تمكنت من تصحيحه..

استيقظت من نومها مع غياب الشمس . نهضت واغتسلت وحضرت شيئاً تأكله .
ثم جلست إلى طاولة الكتب بجانب المجيب الآلي الذي ما أنفك يضيء وينطفئ بجنون دون أنقطاع .
كانت الرسائل اجتماعية . أما الأخيرة فوصلت قبيل وصولها إلى البيت هذا الصباح.
أخذت تنظر إلى الجهاز مذهولة .
حين أخبرها مساعد غودمان الشخصي أن ستان أصيب بنوبة قلبية خفيفة منذ يومين .
وأن خبر حصول مؤسسة غودمان على اتفاقيتي عصير لكوفر والشامبو قد أنعشه .
حين سمعه من ليتون ديكستر نفسه هذا الصباح.
وهمست : ( ماذا ، آه ، لا )


الساعة الآن 03:52 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية