ارتدت فيفيان ثوباً من الحرير الخالص . ذا لون وردي فاتح . يبدأ من فوق صدرها ثم يضيق عند خصرها ووركيها .
ليصل بعد ذلك حتى كاحليها ، كان قماش الثوب الحريري ناعماً ، يصدر حفيفاً كلما تحركت . أما تفصيل الثوب فأبرز أنوثتها ورشاقة قوامها . تزينت بالحلية الوحيدة التي تملكها ، والتي نادراً ما تضعها ، وهي عقد اللؤلؤ ورثته من أمها . كان العقد ملتفاً إذ علقت لآلئه الضخمة في سلسلة فضية ، بشكل متباعد . كما انتعلت حذاء بسيطاً ، بكعب معتدل ، بقماش كقماش الثوب الحريري . وربطت شعرها إلى الخلف بشريطة ، مما جعلها تبدو مختلفة وغامضة بعض الشيء . منتديات ليلاس وهذا ما كانت تريده حقاً . أن تبدو فتاة مختلفة الليلة .. وعندما دخلت الخادمة لتسألها إن كانت تحتاج إلى مساعدة ، طلبت منها فيفيان بعض أدوات الزينه . سارعت الخادمة إلى إحضار مستحضرات التجميل . وساعدت فيفيان في إكمال زينتها . فوضعت ظلاً خفيفاً فوق عينيها . والقليل من حمرة الخدود ، واستخدمت أحمر شفاه يميل إلى اللون البرونزي . قالت الخادمة بليندا بحماسة : ( تبدين مختلفة للغاية ، لا بل رائعة ) - حسنا ، فهذه حفلة راقصة . والآن ، ماذا علي أن أفعل ؟ ونظرت إلى نفسها في المرآة مجدداً ، ثم وقعت بقامتها وتنفست بعمق . - الكل في المستنبت الزجاجي . لتناول الكوكتيل قبل أن يصل بقية الضيوف . وقد أعدّت طاولة العشاء هناك ، وستقام الحفلة الراقصة على الشرفة خارج المستنبت . إن الليلة رائعة ، يبدو أن السيدة ديكستر قادرة حتى على تنظيم الطقس . توترت أعصاب فيفيان للحظة . وخطر لها أنها تحب كل من إميليا وماغ ديكستر لكن لعلهما لا تحبانها . ثم هزت كتفيها وهي تتذكر تعليقاتهما ، كما ذكرت نفسها بأن ما قد يحصل الليلة هو ما رغبتا به بالفعل . أخذت فيفيان الخاتم عن طاولة الزينة وضعته في إصبعها للمرة الأخيرة كان المستنبت الزجاجي يتألق بأضواء الشموع ، فبدأ كحديقة أوهار متعددة الألوان ، وعندما وصلت كان الجميع قد سبقها إليه . تألقت إميليا بثوب انساب على جسمها برقة ، أما ماغ فاختارت ثوباً أخضر ، وابنة العم ماري ثوباً وردياً . وارتدت إحدى وصيفتي العروس ثوباً توتي اللون والأخرى ثوباً حريري أزرق . ووقع خيار اللايدي واين رايت على ثوب قرمزي الألوان الزاهية . لكنها بدت مذهلة في اللون الأسود . ارتدت جيني ديكون ثوباً أسود ضيقاً أبرز تفاصيل جسدها المثيرة . وكشف قسمة الأعلى عن عنق عاجي ، وعلق بشرائط رفيعه اللون ، وكان للثوب ذيل صغير فضي الحواشي . كما انتعلت حذاء أسود ، ورفعت شعرها فوق رأسها ، ولبست في أحد معصميها سواراً ماسياً . بدا جمالها ملوكياً ، في هذا الثوب الذي يتناقض مع بشرتها الناصعة البياض ، وأحست فيفيان أنها تافهة. صغيرة الحجم مقارنه معها . لكن هذا لم يزعجها بل أضرم روح القتال فيها . وتوجهت نحو المجموعة مرفوعة الرأس . جلس ليتون و إدي هناك ، وقد ارتديا بذلة سهرة تقليدية وقميصاًَ أبيض . في حين اختار رالف بذلة بنية وقميصاً ملائماً . وفكرت فيفيان أن ما ينقصة يشعره الطويل والقرط في إذنه . هو قبعة إسبانية . وعندما التفت الجميع نحوها ، وهي تقترب منهم ، وقالت : - مرحبا ، تبدون جميعاً غاية في الأناقة ، لا سيما أنت ، رالف . ورفعت كأسها نحوه : لمحت ليتون يقطب جبينه قليلاً ، لكنها سارت برزانة لتقف إلى جانبه . وكلمة ( رزانة ) هي أفضل ما يصف سلوكها في الساعتين التاليتين عندما بدأ الضيوف بالنوافذ . جلست قربه أثناء تناولهما الطعام . ولكن أحاديثهما اقتصرت على العام منها . كان رالف وجيني على المائدة نفسها ، فضلاً عن ثمانية أشخاص آخرين . وهكذا تمكنت من تجاهله نسبياً ، كما لم تتخاصم معه . وراحت تتأمل زوجته السابقة وأخاه . فشعرت بعزيمتها تقوى لأن جيني ديكون بدت متألقة ، جميلة جداً وخالية البال . كما بذل رالف جهده لإرضائها . قال ليتون عندما رُفعت صحون الحلوى : ( هل هذا ما تسمينه الفوز بالأوسكار ، يافيفيان ؟ ) فأجابت وهي ترتشف قهوتها : ( لم أبدا بلعب دوري بعد ) - إذن ستنتقلين من تجاهلي إلى النقيض ؟ ورفع حاجبيه ، وراحت عيناه تجولان على مفاتنها في ثوبها الوردي الجميل . - كل شيء في وقته . أنا بحاجه للاستعداد ، لهذا .... فقاطعها قائلاً : ( تبدين مختلفة . لا أظنني رأيتك متبرجة من قبل ..) - أنا لا أفعل هذا غالباًَ . ولكننا في حفلة راقصة . وظننت أنك لن تلحظ ذلك. - إن أحد الأسباب الأولى التي جذبتني إليك ، هو شكلك الطبيعي . - آه . وحملقت فيه للحظة بدهشة ، ثم حولت نظراتها بعيداً منه بشيء من الإرتباك بينما أضاف مفكراً : - إنني ، في الواقع ، أفضلك طبيعية الشكل . - أنت لا تملكني ، ياليتو ن. جاءت كلماتها هذه نتيجة لشعورها بالظلم . وكـأنها خلقت لتشعر بالذنب حيال أمور عديدة كتزيين وجهها مثلاً. - حقاً ؟ بدأت أشعر أنه بإمكاني ذلك ، إن لم يكن جسدياً فروحياً . كان في عينيه سخرية خالصة ، لكنه أضاف : ( لكني أفضلك طبيعية لأن هذا يضيف غموضاً إلى غموض فيفيان فلوري . هل تودين أن ترقص ؟ لعلك لم تلاحظي ، لكن الفرقة بدأت العزف على الشرفة ) . - بكل تأكيد . في الخارج وبين ذراعية ، قالت : - يبدو أنك نسيت الشيء الوحيد الذي لن أفعله للحصول على اتفاقية ( عصير كلوفر ) يا ليتون. والآن إذا شعرت أن بإمكانك أن تمتلكني بالمفهوم التجاري ، لوافقتك على ذلك. رقصا صامتين لدقيقة أو نحوها ، مما شكل محنة مؤلمة بالنسبة لفيفيان . لكن غضبها الشديد منحها الشجاعة لتتجاهل تأثيره عليها . لا سيما وهي بين ذراعيه . فقال ببطء : - أرجو المعذرة على شكوكي ، يا فيفيان . لكني لا أستطيع منع نفسي من التساؤل عما إذا كان وضعنا هنا أشبه بالجزرة والحمار . أنت الجزرة وأنا هو الحمار . توقفت عن الرقص . لكنه شدها إلى الخلف . وهكذا عادت إلى الخطوات الراقصة من جديد. وسمعته يقول ببساطة ساخرة : ( ألا توافقيني الرأي ؟) - كلا . جاءت كلمتها مقتضبة حازمة . لكنه اكتفى بالإبتسام. - ما الأمر إذن بالضبط ؟ فابتلعت ريقها ، وأجابت : - حسنا ، من المضحك أن الشكوك نفسها تساورني ، وهي أنك أردت امتلاكي مقابل اتفاقية كلوفر رغم طمأنتك لي بأن اتفاقنا سيكون نزيهاً وعادلاً . ولكن لعلي كنت مخطئة . وهنا ، جاء دوره ليتوقف عن الرقص . - هناك شيء واحد أنصحك بالأ تنسيه مهما جرى ، وهو أنك تميلين إلي ... والأنجراف أحياناً . فسألته بلهجة خافته تموج غضباً : (ما معنى هذا ، يا ليتون؟) - معناه أنني لو كنت مكانك لما حملّت كلمة جزره أبعاداً أخرى . هذا كل ما في الأمر . لأني بدأت أغير رأيي بفكرة الفتاة المحطمة القلب . بدأت أظن أن مؤسسة غودمان هي أهم عندك من أي شيء آخر . أجفلت بشكل جلي ، مما جعله يبتسم ويرفع يدها التي تحمل الخاتم ، إلى فمه ليقبلها . لكنها قالت بصوت لا يكاد يسمع : (من كان بيته من زجاج لا يرشق الناس بالحجارة ) . - هذا ممكن ، ولكن ليس لدي ما أخسره ، والآن علي أن أراقص بعض الحاضرات. وأنا واثق من أنه لن ينقصك مرافقون . كان ما يزال ممسكاً بيدها ، فرفعها ليلمسها بشفتيه مرة أخرى وأضاف : ( ودعينا نقول إلى اللقاء مجدداً ، لننهي ما في ذهنك في الحلقة التالية من هذه القصة البطولية المثيرة ). لمعت عيناها وهي تجذب يدها ، قائلة : - لم لا ، يا سيد ( عصير كلوفر ) لم لا ؟ ***رالف . فالتفت رالف ، ورفع عينيه عن جيني ديكون التي كانت ترقص مع رجل طويل القامة ، فضي الشعر ، ليجيبها بلطف : ( آه ، الخطيبة . كيف الحال ، يا فيفيان ؟ أراك لم تفقدي الخاتم بعد ) ؟ - لا ، إنها سهرة رائعه ، أليس كذلك ؟ لكنني عطشى حقاً. وجلست فيفيان عند مائدة صغيرة مخصصة لشخصين . وبعد لحظة ، جلس رالف قبالتها ، وعندما مرّ النادل بهما ، ناداه ثم أخذ عن صينيته كأسي عصير . كانت الحلبة تعج بالراقصين ، وقد ربط بعضهم بالونات في معاصمهم . وبدت هارفست مون كأنها شبح في سماء منتصف الليل المضاءة. رشفت فيفيان كأسها ثم تنهدت . فمال رالف برأسه نحوها ، وسألها : - أين ليتون ؟ لا تقولي لي إنه هجرك؟ - لا ، إنه يراقص بعض الضيفات ، رالف ، ما أجمل هذا .. وأشارت إلى باحة الرقص ، ثم أكملت : ( ألا يمكن للموسيقى أن تكون أكثر حيويه ؟) قطب رالف جبينه ، حين أحس بإشارة غامضة ، ثم ظهر في عينيه الرماديتين وميض مفاجئ ، وسألها : - أتريدين موسيقى أكثر حيويه ، يا فيفيان؟ نظرت إليه من فوق حافة كأسها ، وأجابت : - رالف ، أنا مغرمة بالموسيقى ، لا سيما اللاتينيه منها . أردت ، في صغري ن أن أكون راقصة ، وهذا ما كنت أطمح إليه . ظننت أنك ربما ..لا أردي لماذا ..لكني اعتقدت أنك تشاطرني هذا الميل . خرجت كلماتها الأخيرة بلطف بالغ . أراد رالف أن يتكلم ، إلا أنه عاد وسكت مقطباً جبينه ، ليقول بعد حين : - هل أختلفت أنت وليتون؟ ترددت فيفيان ، أسبلت أهدابها وهي تتذكر كل كلمة قالها ليتون على حلبة الرقص ،فردت منكره : - لا ، أبداً . ثم رفعت بصرها لتحدق في عيني رالف ، وهي تضيف : - لا تقل لي إنك لم تكن تعلم أنني فتاة خطيبة مأجورة . حملق رالف فيها دون أن ينطق ببنت شفة ، فقالت : - حسنا ، لقد أنتهت اتفاقيتنا . لطالما كانت عملية تجارية . وهزت كتفيها ، ثم أكملت : ( لا أردي لم لا أخرج من هنا بشكل مثير ثم ...) وبانت على وجهها الرزانة فجأة ، حين قالت : ( سيمنحك هذا الفرصة لتحل ارتباطك بجيني هذه الليلة . فهذا تصرف سيء ، لأنه أخوك ، وهي زوجته السابقة ) . فقال بحذر : - دعيني أفهم جيداً . نحن ، أي أنا وأنت ، سنصبح محطاً للأنظار هذه الليلة . وبهذا تبقى جيني وحيدة . وكذلك ليتون . هل هذا ما تحاولين القيام به ؟ أن تعيديهما إلى بعضهما البعض ؟ ونظر إليها غير مصدق . فأجابت : ( بل هذا ما ترغب فيه أمك وأختك وجيني نفسها . رغم أنني لا أوافقها على أساليبها ) . كلماتها الصريحة دفعت الأحمرار إلى وجه رالف . ثم عادت تقول بهدوء : - أظن من الصعب عليك أن تعيش في ظل هذا الأخ الأكبر الناجح . قال رالف بمرارة : ( أنت على حق ) ثم نظر إليها متفحصاً ، وأضاف : ( لا أدري لم يتملكني شعور بأنني أنتقل من سيء إلى أسوأ ؟) - أنا لا أطلب منك أن تتعاون معي ، يا رالف ، أرقص معي هذه الليلة وحسب. فأنا هنا لأداء مهمة معينه . وأنا آسفة لهذا . لكني تخليت عن دوري ، فلم لا تضع قلبك وروحك في موسيقاك حتى وإن لم تكن مناسبة لتقاليد أسرة ديكستر ؟ إن نقرك على الطبول في الأمس مسّ روحي ، وستنجح يوماً ما . - هل تعنين ذلك حقاً؟ - نعم ، بكل تأكيد . ولكن لماذا لا ترتبط بفرقة موسيقية ؟ فقال رالف بأسى : - حسنا . ولكن إذا اعتقلونا ، أنا وأنت ، عند الفجر ، وأعدمونا فتذكري أن هذه الفكرة فكرتك. باشرا العمل بالخطة على الفور . ودب الحماس في الفرقة الموسيقية ، فبعثت البهجة في نفوس معظم المدعوين ، وهم في سن ماغ و إدي . عندها ، أصبح جلياً أن نجمي السهرة هما فيفيان ورالف . قال لها ، فيما كانا يرقصان : ( لديك حس موسيقي رائع ، صدقيني ، أنت خسارة في ليتون يا فيفيان !) وضع ذراعه حول خصرها ، وكان رأسها يصل إلى كتفه ، وقادها إلى حلبة الرقص . أفسح الراقصون لهما المجال ، وراحوا يصفقون لمهارتهما البالغة وأثار رقصهما إعجاب الموجودين كلهم . الموجودون كلهم تقريباً ! إذ انتهز رالف وفيفيان غياب ليتون ، فرقصا معاً طوال الوقت كما تبادلا الأحاديث بشكل حميم ، وتعالت ضحكاتهما . وبما أنهما راقصان بارعان ، وجدا في الموسيقلا والأنغام قاسماً مشتركاً . وبعد حين اختفيا عن الأنظار لعشرين دقيقة تقريباً . ابتعدا ليتمكنا من التقاط أنفاسهما وشرب بعض العصير المفضلة ( لابامبا) . ودن أن يمسك أحدهما بالآخر . قدما عرضاً جعل المدعوين يحيطون بالحلبة مجدداً وهو يصفقون . وفي الختام ، رفعها رالف عالياً بين ذراعيه وعانقها بحماس وهو يقول لها إن الرقص معها متعة. وجعلتها الموسيقى ، والمرافق الرائع ، تتألق وتضحك وتبادله عناقة . تلا عرضهما موسيقى ناعمة حالمة ، فحبس رالف و فيفيان أنفاسهما . وهما يرقصان معاً بهدوء . وعند ذلك ، أكتشفت فيفيان أفراد أسرة ديكستر على حقيقتهم . بدت إميليا غاضبة مذهولة . بينما ألقت اللايدي واين رايت ، التي جلست قرب صديقتها ، على فيفيان نظرة أحتقار صاعقة . وكان إدي وماغ يرقصان ، لكن بدأ أنهما يتناقشان بجدية وشيء من الحدة . كانت جيني ديكون تقف وحيدة قرب حلبة الرقص ، بدت طويلة القامة ، مهيبة الطلة . وباردة كالثلج ، لكن ما أن تشابكت تظراتهما للحظة ، حتى قرأت فيفيان فيهما غضباً عارماً ساخراً . أنت تستحقين ذلك ، يا جيني . ولا أدري لم تغضبين ، فقد فتحت لك ولليتون المجال . إلا إذا كنت تكرهين أن يسرق غيرك الأضواء . وتحبين أن تكوني نجمة كل حفلة . أما ليتون ، الذب تجاهلته وتجنبته في الساعات الثلاث الماضية . فجعلها تتوقف وقد تملكها الرعب . كان يستند إلى عمود الشرفة ، وقد عقد ذراعية بينما نطقت ملامحه وعيناه الزرقاوان العميقتان باحتقار واضح . قالت ، وقد راعها أن تكتشف أن صوتها يرتجف : ( رالف ، خل يمكنني الإعتماد عليك لتحسن التصرف حتى نهاية السهرة ؟) فنظر إليها رالف مازحاً ، وسألها : ( ماذا تعنين ؟) - حسنا ، أظني فعلت ما فيه الكفاية . سأخلد إلى النوم . لكن أريدك أن تعدني بأنك ستبتعد عن جيني . أخذ رالف يحتج بأن السهرة لا تزال في أولها . لكنها تجاهلت كل اعتراضاته ، وذكرته بأن الليلة هي ليلة أخته ماغ . وعليه أن يعيد تسليط الأضواء عليها . وأصرت عليه بقولها : ( عدني بهذين الأمرين ؟ ) وأخيراً وعدها بذلك . فابتعدت عنه . ووقفت لبرهة بعيداً عن أنظار أفراد الأسرة لترى ما سيحدث . لم يخلف رالف بوعده . بل توجه مباشرة نحو ماغ ، وأخذها من بين ذراعي إدي . بدت ماغ سعيدة عندما شاركهما الجميع الرقص . وتعالت ضحكتها . تنهدت فيفيان بارتياح وهي تبتعد ، لكن حين عبرت المستنبت الزجاجي سمعت أحدهم يقول : - من هي الفتاة ذات الثوب الوردي ؟ فجاء الجواب : - ظننتها صديقة ليتون ، ولكن ثمة غموض في الموضوع . أظنها صديقة رالف ) . عضت فيفيان على شفتها وركضت نحو المنزل ، وتوجهت إلى غرفتها . كانت الغرفة غارقة في الظلام فلم تشغل النور ، وهي تبحث عن المفتاح لتقفل الباب . استندت إليه وهي تتنفس بعمق تحاول ألا تلفت الأنتباه إليها . حثتها غريزتها ، في الواقع ، على حزم أمتعتها والتسلل بعيداً عن المنزل . ولكن كيف ؟ هزت رأسها ، ثم توجهت نحو الشرفة . وإذا بها تتسمر هلعاً حين أضيئ المصباح فجأة . التفتت نحو المصباح الموضوع على الطاولة فرأت على ضوئه ليتون يجلس على كرسي . كان قد حل ربطة عنقه وخلع سترته ومدّ ساقيه أمامه وحمل في يده فنجاناً من الشاي . وضعت يدها في قلبها الذي أخذ يخفق بعنف وأغمضت عينيها : - لقد أخفتني جداً ! ما الذي تفعله هنا ؟ كيف علمت أني سآوي إلى الفراش ؟ - لم أكن أعلم . فابتلعت ريقها : ( إذن ، إلى متى كنت تنوي البقاء هنا ؟ ) - بقدر ما أريد . فقالت متلعثمة : ( ولكن .. ولكن هذه غرفتي ، لا يحق لك أن تكون هنا ) . - إنه بيتي . أين رالف ؟ أرجو ألا تكوني قد اتفقت معه على أن يتسلق أنابيب المياة إلى غرفتك . سيؤذي نفسه . وحملقت فيه : ( يتسلق ؟ ما الذي تتحدث عنه ؟ لا أظنك تتصور ..لا أظنك تصورت لحظة ..) تأملتها عيناه بتمعن . ثم ارتشف جرعة من شرابه ليضع الفنجان بعد ذلك على المنضدة : - أنت من أخبرني عن العشاق اللاتينيين ، يا فيفيان . وفهمت الآن ما كنت تعنينه . ولكن يمكنه أن يصل إلى هنا عبر أحدى الغرف الآخرى التي تطل على الشرفة . هل هذه هي الخطة ؟ سارت فيفيان مترنحه عدة خطوات ثم ارتمت على حافة السرير : - لا ...آه ..لا ... ما من خطة بيننا ..ليست الخطة من هذا النوع على أي حال . فابتسم ابتسامة صفراء ، وقال : ( كنت واثقاً من وجود خطة ما بينكما لكن أخبريني ) . بللت شفتيها ، وأكملت : (ما بدا صداً لك الليلة . كان في الواقع شيئاً مختلفاً تماماً .. وأظن هذا ما جعلك قاسياً معي ) . نظرت إليه بلهفة ، وقلبها يخفق بسرعة . - أما كنت لتتصرفين مثلي لو كنت مكاني ؟ فما زلت تضعين خاتمي ، ومع ذلك تظهرين للعالم أجمع أن أخي وحده من يهمك .. - هذا غير صحيح ، والسبب الوحيد الذي جعلني أضع خاتمك هو .. جسناً ، أنت تعلم السبب. - نعم . هذا جزء من الأتفاقية بيننا . تمثلين دور خطيبتي ، وتحصلين بالمقابل على إتفاقية ( عصير كلوفر ) . ولكنك لم تمثلي الليلة ، يافيفيان ، سوى دوراً فاجراً .. هبت من السرير ، وواجهته ويداها على وركيها : ( إياك أن تجرؤ ..) لكنه قاطعها بقولة : - وربما أخطأت حين استعملت كلمة ( تمثيل ) فما فعلته نابع من القلب . لهذا جاء طبيعياً منك يا فيفان . فقالت وهي تصر على الأسنان : - هكذا إذن ؟ حسناً ، دعني أخبرك أني قضيت الليلة وقتاً رائعاً . وإن كنت تظن أن حالي أسوأ من حال زوجتك السابقة فأنت مخطئ . فالنظرة التي رمقتني بها جيني ، منذ فترة قصيرة ، كادت تقتلني . لو أن النظر يقتل . ولا أعلم لماذا ؟ هل هذا لأن صحبة رالف أفضل من رفقتك أنت ؟ واستدارت نحوه بعنف وحرارة المعركة بادية جلياً في عينيها ، فقال وهو يضع يديه على كتفيها : - فلنختبر ذلك ، إذن . فقالت بصوت خافت وهي تحملق فيه متشككة : ( ليتون ..إياك ) - بل علّي أن أفعل ذلك ، يا فيفيان . ألم تتحديني ؟ أخذت أصابعه تلامس وجنتيها . - لا ، آه ..لا . وبدأت تستوعب الدمار الذي خلفته الليلة ، فظهر الذعر في عينيها . لكنه تجاهل كلماتها ، وتلك النظرة في عينيها ، وما أعتراها . أغمضت عينيها . ووقفت جامدة بين ذراعية ، وهو ينزع الدبابيس من شعرها . تركه ينسدل على كتفيها وراح يمرر أصابعه فيه . قال : ( هذا أفضل ) وأمسك بذقنها في يده ، ليرفع وجهها نحو الأعلى ، فرفت بأهدابها . وأكمل قائلاً : - تعجبيني الآن أكثر بعد أن أزيل التبرج عن وجهك . كما أن ثوبك جميل . فتحت فمها غير مصدقة ، ثم همست : ( هل أنت جاد ؟ ) فرفع حاجبيه ، وقال : ( آه ، نعم ، يا فيفيان ) وترك ذقنها ليمسك بوجهها بين يديه ، ويتفرس في ملامحه . أحست بقلبها يرتجف ، وخافت أن تعترف له بحبها ، فتفسد الخطة التي رسمتها مع رالف . دفعت ده عنها : ( سأبدا في الصراخ إن لم تخرج من غرفتي ) - لن يسمعك أحد فالموسيقى صاخبة ، ولكن يمكنك أن تفعلي ذلك لتشعري بالتحسن. صرخت وهي ترتجف : ( ماذا ؟ ) - أظن أن كل هذا تمثيل ، أليس كذلك يا فيفيان ؟ أعني تريدين طردي من الغرفة لتستقبليه هو . وقرأت في عينيه سخرية بالغة . سألته وقد جف حلقها : ( هل هذا سبب تعاوني مع رالف برأيك ؟ ) - ليس لدي أدنى فكرة ولا يهمني أن أعلم . ولكن لدينا عمل لم ينته بعد . وضمها بين ذراعيه . فقالت متوسلة : - أيمكن ..أيمكن أن نتحدث بالمنطق بدلاً من ذلك ؟ بدت الأمور بغير شكلها الصحيح ، ترى أن ... فتمتم يقول : ( يدهشني أن يحدث ذلك معك ) مالت نحوه فجأة . إذ أدركت أنها فعلاً كارثة متنقله . بحسب قوله . فقد خرجت الأمور عن مسارها الطبيعي ، ولم تنته لعبتها كما أرادت . ضمها إليه ، فلم تقاوم، لأنها فقدت ما تبقى لها من إرادة أو مقاومة ، لكنها لم تتجاوب معه أيضاً . ومالبثت أن تملكها الرعب فأخذت تبكي . رفع رأسه وقال ساخراً : - آه ، ما هذا ؟ مهما كان رأيي بك يا فيفيان ، فأنت أشجع من أن تنهاري هكذا . لكنها دفنت رأسها في كتفه وأخذت تشهق بمرارة . ثم ابتعدت عنه وجلست على طرف السرير وهي تحاول أن تغالب دموعها . فقال محذراً : - ستصابين بدوار . لم تهتم بكلامه ، فجلس إلى جانبها ، ووضع فنجاناً بين يديها . ثم رفع الشراب إلى شفتيها ، ففعل فعله . جفت عيناها خلال دقائق ، وقالت : ( شكراً ، أظن أن ما جرى أنهكني قليلاً) . قال ببطء ، وهو مقطب الجبين : ( هل تودين أن نتكلم بالمنطق الآن ؟) ارتشفت مزيداً من الشاي ، وأضافت : ( حسناً ، لا تلق اللوم على رالف ، فقد كانت الفكرة فكرتي ، آه ، كيف يمكن للمرء أن يهرب من هنا ؟ لأنني بحاجة إلى ذلك ) . ثم نظرت إليه . كان العبوس ما يزال في عينيه عندما استقرتا على وجهها الذي غسلته الدموع . راح يتأملها بتمعن ، ويتأمل تصرفاتها ، كيف تشبثت يداها بالفنجان الذي أراحته على حجرها وعلى ثوبها الحريري الوردي . ثم خطر له أنها لا تتراجع أبداً ، حتى وعيناها تعكسان رعبها ، ومهما كانت الخطة التي وضعتها الليلة للحصول على اتفاقية عصير كلوفر ، ومهما كانت الكوارث التي تلاحقها ، فشخصيتها تتميز بشهامة وشجاعة غير عاديتين . أخذ الفنجان من بين يديها ووضعه على الأرض. ثم أتكأ إلى الخلف وهي بين ذراعية . ولم يفلتها حتى هدأت ولم تعد ترتجف ، وتوقفت نهائياً عن البكاء . أحس بشعورها بالدفء والحنان بين ذراعيه . وبالأمان ، بعيداً عن ذلك الشعور حيال فتاة ، يبدو أنها تكرس جهودها لهدف واحد وهو الحصول على إتفاق تجاري . لفد خدعته مع أخيه ، كما عانقته مرتين باندفاع . وها هي تهدده بالصراخ إن لم يغادر غرفتها . لكنه كان واثقاً من أمر واحد ، وهو أنه لن يتمكن من أخراجها من حياته إلا إذا محا رالف من ذهنها ؟ قطب جبينه ، حين خطرت له هذه الفكرة . لكنها لم تبعده عنها ، فما من شيء يستطيع أن يدفعه إلى ذلك الآن. مرر يده على شعرها فتململت فيفيان ونظرت أليه بمزيج من الدهشة والحذر . لكنه قضى على حذرها حين عانقها وهو يمسكها برفق . دفعتها مشاعرها الجياشة إلى التفكير . فهي منهكة ، وسريعة الأنفعال . تلفها الكآبة . ويعتصرها الآلم من نبذه لها في السابق . وستحمل هذه الأحاسيس معها بقية حياتها . |
لكن ما زال لديها ذاك الأمان مع ليتون ديكستر ، رغم ما قاله،
ورغم الكلمات التي حكمت عليها بالهلاك منذ البدء . شعرت أنهما وحيدان على هذا الكوكب . وملأ قلبها المجروح بالبهجة . لماذا ؟ لأن عطفه وحنانه لا يمكن أن يكونا لمجرد الثأر منها . فقد شعرت بحاجته الماسة إليها . شعرت بأنها خلقت له ولأجلة . وأنها مناسبة لليتون ديكستر . تملكها شعور بالثقة . واحست بأنه جزء من قلبها . وأنها لا تريد أن تنسلخ عنه. ودّت لو تكتشف أسرارها كلها لليتون ديكستر الذي امتلك فؤداها وشغل أفكارها . وشغل أفكالاها ، هذا الرجل الذي بدّل حياتها ، وجعلها تشعر بالدفء والأمان . ثم قرع أحدهم الباب ... أجفلت ، لا بل أجفلا معاً . ثم تعالى صوت من وراء الباب ، يقول : - فيفي ، افتحي الباب .. أنا رالف . رأت نظرة قاسية ترتسم في عيني ليتون ، وتوترت شفتاه . وشعرت فجأة بضغط ذراعه حول كتفيها ، قرأت في عينيه أمراً حذرها من أن تتكلم. أطاعته ، هذا ما كانت ستفعله على أي حال . لكن رالف قرع الباب مرتين قبل أن تبتعد خطواته . تركها ليتون وهبّ وافقاً بسرعة. جلست حائرة وراحت تمرر أصابعها في شعرها . فتحت فمها لتتكلم ، لكنه سبقها بالقول : ( آسف إن كنت قد سبقت رالف ، ولكن كان عليك أن تحذريني ) . شعرت فيفيان بالدم يهرب من وجهها : ( أنت لم تسبقه ، إنه.. ليس لدي فكرة ..) - ( فيفي ) نظر إليها بسخرية بالغة ، ثم أضاف : ( ارحميني من التفسيرات الكاذبة ، إذا كانت هذه هي الخطة ، فقد نجحت ...) فانفجرت تقول والصدق مرتسم في عينيها : ( لا أفهم ما تعنيه ) فرد بخشونة : ( سأشرح لك الأمر إذن . تقربت من رالف كي أتعلق بك وأهتم بك ، أليس كذلك؟ ) - لا ..هذا غير منطقي ، لم أفعل هذا . فقال ساخراً : هددت بالصراخ ، ثم بدأت بالبكاء ، حتى أنك جعلتني أظن أنك غاية ..في الشجاعة. أردت أن تشعريني بالذنب ، وألا تحسي به أنت . ولم تجدي طريقة أفضل من استغلال رالف كي ...تدفعيني إلى نقطة الاعودة ، يا فيفيان . حملقت فيه وفغرت فاها مذهولة .. فابتسم إبتسامة باردة . . تجمد لها قلبها . - لا تقولي لي إنك لا تعرفين عن الرجال ما يكفي لكي تعلمي هذا . - ولكن لم قد أفعل هذا ؟ - لماذا ؟ كي تبقي متمسكة بادعائك الدائم بأنك لن تستسلمي وتخضعي لي من أجل الفوز بالأتفاقية . وكانت لهجته لاذعه ، فلم تستطع فيفيان سوى أن تحملق فيه بذهول تام، وتابع : - كما أنك أبديت إعجابك برالف أيضاً ، ولكن كان ينبغي أن يخطر بباك أنك لن تحصلي على كل شيء مجاناً . وأن رالف سيأتي ليطالب بأجره . - لا ! إسمع ... - ألم تستغليه هذه الليلة ؟ وقلت إنك استمتعت بكل دقيقة معه؟ - لا ، حسناً ، نعم ، ولكن... وسكتت بعجز ، وراحت تنظر إليه ، عاجزة . ثم قال ببطء . - وهكذا ، حصلت على الأخوين ديكستر . صدقيني يا فيفيان إن هذا إنجاز مميز. لكن هذا الأخ ، وهو أنا ، على وشك أن ينسحب من هذه اللعبة . ثم انحنى متمهلاً ،وأخذ وجهها بين يديه ، فشهقت . - سألقي نظرة أخيرة على فتاة كادت أن تستغفلني . وأخذت عيناه الزرقاوان اللعينتان تطوفان فوق وجهها . تمعن في كل تفصيل أصبح الآن يعرفه جيداً . وكل بقعة ناعمه حساسة منه. ثم قال برقة : ( آه ، نعم ) وعاد بنظراته إليها ، مثقلة بالسخرية واحتقار لم تر مثيلاً لهما . وأضاف : ( أنت جميلة جداً ، وممثلة بارعة ، يا فيفيان .. وبدأت أتساءل أيضاً عما إذا كان خوفك من الطيران والمرتفعات والمصاعد ادعاء منك. لكن اعلمي ما يلي : ( لقد حصلت على ( عصير كلوفر ) مقابل جهودك المضنية ) ترك وجهها ، وحمل سترته وربطة عنقه ثم خرج عبر الشرفة . *** نهاية الفصل السادس ،، ، تحية ملؤها الأريج ... |
جميله كتير لو ممكن التكمله بسرعه موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية
|
اقتباس:
والتكملة لعيونك الحلوين |
- الثمـــــــن
- سيدة ديكستر ؟ أنا فيفيان فلور ي . . أرجوك هل تسمحين لي بالدخول ؟ فأنا أحتاج للتحدث إليك . بعد نصف ساعة ، وكما قرع رالف بابها من قبل . هاهي تقرع باب والدته. كانت الحفلة ما تزال مستمرة ، ولكن فيفيان نظرت خلسة من شرفة الطابق الأعلى فرأت أن عدد المدعوين يتناقص وأن خطأ من الضوء تسلل من تحت باب إميليا ديكستر . طرقت الباب مجدداً ، فانفتح فجأة . كانت إميليا قد أزالت الزينة عن وجهها وارتدت عباءة بيضاء فوق قميص نومها . لكنها لم تفقد شيئاً من مظهرها المستبد . قالت وقد بان النفور في ملامحها : ( فيفيان! أنت آخر شخص أريد التحدث إليه . لا سيما في هذا الوقت من الليل . أذهبي إلى فراشك) . فقالت فيفيان متضرعة : - لا ، أرجوك ، لا تصفقي الباب في وجهي ، أنا حقاً بحاجة إلى شخص يفهمني و ... بحاجة إلى الماساعدة . ترددت إميليا ثم قطبت حاجبيها وهي تنظر إلى وجه فيفيان الشاحب واضطرابها البادي . - صدقيني ، أجد أنك سببت ما يكفي من المشاكل . هيا ، أدخلي ، إنما أحذرك ! عليك أن تحسني التصرف . ثم ابتعدت عن الباب ، وتركت فيفيان تدخل وتغلقه خلفها . كانت الغرفة واسعة ، تحتوي أريكة أمام المدفأة وعدداً من المقاعد المغطاة بقماش قطني نقشت عليه رسوم زاهية. قالت والدة ليتون: - إذن ..كيف يمكنك أن تفعلي ذلك ؟ لا أدري ما هي اللعبة التي تلعبينها .. فقاطعتها فيفيان : ( يا سيدة ديكستر ، هل لي ، أولاً أن أوضح شيئاً ؟ ربما مازلت تكرهينني ، ولكن الأمر ليس كما تظنين ). ثم تنفست بعمق وأخبرت إميليا ديكستر القصة بأكملها . وعندما انتهت من الكلام ، فتحت إميليا فمها وأغلقته مراراً . إلى أن قالت أخيراً : - حسنا ، هذا يفسر بعض الأمور ، ولكن. . ونظرت إلى فيفيان بشيء من العجز ثم أضافت : ( وكيف أتأكد من أن كل ما رويته صحيح ؟) أخرجت فيفيان علبة الخاتم المخلمية ، قائلة : - أرجو أن تعبدي هذا الخاتم لليتون ، وما أردت أن ألبسه . ولكن تلك قصة أخرى . يمكن لرالف أن يطلعك عليها إذا أراد أن يكون صادقاً بهذا الشأن . وسخبرك لماذا فعلنا ما فعلنا . لا أردي لماذا قرع بابي هذه الليلة . لكني أوضحت له أنه لا يمكن أن يحدث بيننا شيء . كما أوضحت له أن عليه ألا يتدخل بين ليتون وجيني . حتى وإن أرادت هي ذلك . وأن هذه فرصته للخروج من ذلك الدور . . . إنها فرصة لنا نحن الاثنين للخروج من هذا الدور الذي تلعبه . ولعلنا . . بهذا ، تتمكن من جمع شملهما . فقالت إميليا وهي تتنهد : ( جيني ، حسناً ، أتصور أنن ليدها أسبابها. ورالف وليتون .. لطالما كان أحدهما ينافس الآخر ) . - أعلم هذا .. وياليتني فكرت قليلاً في ذلك . لكن لم يخطر ببالي أن الحقد بينهما سيزداد بسببي . لم أكن أظن حقاً أن هذا .. وسكتت فيفيان ثم عادت لتقول : ( ليت هذا لم يحدث ! كان علّي أن أخبر أحدهم بالحقيقية لأني شعرت بالذنب حيال أسبوع زفاف ماغ . لكن لم يكن لدي فكرة عما يجري حين جئت إلى هنا .) أخذت إميليا تنظر إليها مطولاًَ بإمعان . كانت فيفيان قد استحمت وشعرها مازال مبتلاً . وظهرت حول عينيها هالتان زرقاوان ، أما وجهها فبدا شاحباً وملامحها مرهقة . وسألتها ببطء: - هناك أمر واحد لم أتأكد منه بعد . ما الذي أبقاك هنا بعد أن بدأت تتفهمين . .. الأمور ؟ أهو ليتون نفسه أم أتفاقية عصير كلوفر ؟ فنظرت فيفيان إلى البعيد ، ثم قالت: - حصل سوء تفاهم حول هذا الموضوع ، أيضاً ، لكنني لا أستطيع أن ألومه لو ظن أنني كنت... متلهفه للحصول على الإتفاقية ومستعدة لإقامة علاقة قصيرة الأمد . ولكن ذلك لم يناسبني . - إذن ، ألم تقعي في غرامه يا فيفيان؟ وطرح السؤال الذي كانت تخشاه وترجو أن تتجنبه . لكنها لم تستطع تجنب عيني إميليا القاتمتي الزرقة كعيني أبنها . قالت: - ظننت ذلك في البداية . ولكن لا ، لم يحدث هذا . أردت أن أطلب منك أن تقولي لليتون إنني لا أستطيع قبول اتفاقية عصير كلوفر الآن ، أو حتى الشامبو . ستمحو وكالة غودمان أسم كلوفر من دفاترها نهائياً . - لم لا تخبرينه كل هذا بنفسك؟ - لا أريد أن أرى ليتون مرة أخرى ..أنا .. من المستحيل أن أشرح له الأمور ، وعلى أي حال .. حان الوقت ..لذلك..أرجوك، كيف يمكنني مغادرة المكان؟ الآن ، صدقيني ! لقد نلت كفايتي وحزمت أمتعتي . هل من الممكن أن أطلب سيارة أجرة بواسطة الهاتف ؟ وشدت قبضة يديها حتى أبيضت مفاصل أصابعها . هزت إميليا رأسها ببطء ، وقالت : - لا . إننا بعيدون جداً عن الحضارة . ولكن بإمكاني مساعدتك . حسنا ، يا عزيزتي . لم لا تبقين في غرفتي قليلاً ؟ إن البستاني عندنا يعمل أيضاً سائقاً عندي . سأرى إن كنت أستطيع إيقاظه . فسألتها متوترة : ( ألا يمكنني الإنتظار هنا ؟ ) نظرت إميليا بحدة ، وقالت : ( لا أظنك ..خائفة من ليتون؟) أغمضت فيفيان عينيها وتساءلت كيف تخبر أمه بأنها لن تستطيع تحمّل مواجهة أخرى معه . وبللت شفتيها ، وأجابت : ( لا ، طبعاً ، ولكن. ) وسكـتت فقالت إميليا فجأة : ( لا بأس ، إجلسي ) ثم غادرت الغرفة . وبعد عشرين دقيقة ، نزلت السلالم برفقة إميليا التي قادتها نحو سيارة الرانج روفر الزرقاء المتوقفه أمام الباب . منتديات ليلاس - أمتعتك في السيارة ، يا فيفيان . وأرجو أن تسامحيني ، لكن يبدو أنها أفضل طريقة للرحيل . - آه ، عندما أصل إلى محطة القطار ، يمكنني أن أهتم بنفسي ياسيدة ديكستر ، شكراً على مساعدتك لي . هزت إميليا كتفيها ، ثم عانقت فيفيان التي بدت الدهشة على وجهها وأضافت : ( اعتني بنفسك ) صعدت فيفيان إلى السيارة وقالت مخاطبة السائق : - مرحبا ، آسفة لهذا .. ثم سكتت وكأن رصاصة أصابتها . لأنها لم ترَ رجلاً غريباً يستعد لقيادة السيارة ، بل ليتون نفسه . وما إن أغلقت إميليا باب السيارة ، حتى أقلع بها . قالت فيفيان بيأس : - كيف يمكنها أن تفعل بي هذا ، بعد كل ما .. قلت لي إن أمك هي مثال للوقار . - وهي كذلك ، إربطي حزام مقعدك . ولو لم تصادفني أثناء بحثها عن ( ريتشاردز) لهربت انتِ! - أهرب بماذا ؟ تجعلني أبدو كمجرمة فارة ، إلى أين نحن ذاهبان؟ - إلى أي مكان يبعدنا عن مستشفى المجانين هذا . إلى أين تريدين الذهاب ، يا فيفيان ؟ - إلى مكان متحضر ، حيث أجد قطارات وسيارات أجرة وطائرات وبيوت ، وذلك كي أصل إلى بيتي ! وأخذت تبحث عن حزام الأمان لتضعه وهما يجتازان مجموعة جميلة من البوابات لم ترها من قبل . - فيفيان؟ - لا أريد أن أتحدث عن ذلك يا ليتون ، فقد انتهى الأمر بيننا ، لقد أصدرت حكمك علّي .. حسنا ، وأنا أصدرت حكمي الآن. - قالت لي أمي إني ربما أسأت الحكم عليك. فقالت بضعف : - وإن يكن ، هذا لن يغير الوضع ، ولا يعني شيئاً ، فقد انتهى ما بيننا وأرفض التحدث عن الموضوع . - لم تدخل في التفاصيل ، قالت إنه علي ، فقط ، أن أصغي إليك . لعلك أفضيت لها بأمر ما حرّك مشاعرها وأكسبك عطفها . ألقت فيفيان براسها إلى الخلف ورفضت الكلام . - هل هي أكاذيب أخرى ، يا فيفيان ؟ هل هذا سبب لهفتك للهرب دون أن تواجهيني ؟ لم ترفع رأسها ، لكنها التفتت تتأمل الظلام من النافذة : ( نعم ، لقد أخبرتها كذبة) - لقد تساءلت عن ذلك . - أحقاً ؟ لا بد أنك سعيد لاكتشافك شخصيتي . فقال متجهماً : ( فيفيان ، إذا كان لديك ما تقولينه ، فقوليه الآن ) - حسنا ، ما هي المسافة المتبقية إلى أقرب محطة قطار ؟ اعترض بحزم ، لكنها رفضت الكلام بعناد ولم ترهب تهديده . ورفضت أن تظهر مدى الحزن الذي يتملكها . انطوت على نفسها ، وبعد أميال عدة استغرقت في النوم. كان الفجر قد بزغ لتوه عندما توقف أمام مطار ( ماسكوت) . طرفت فيفيان بعينيها ، وتمطت ونظرت حولها وقد أصابها دوار . ثم استدارت نحوه ، مذهولة وقد تذكرت كل ماجرى . فقالت متلعثمة : - هل هذا ؟ هذا هو المطار . إسمع ، لم أتوقع منك أن تقطع كل هذه المسافة . كان بإمكاني أن أستقل القطار أو أي وسيلة نقل أخرى . أسند ليتون مرفقه إلى عجلة القيادة وأخذ يتأملها بنظراته . ثم قال باقتضاب: - قبل بزوغ الفجر؟ ربما لن تتمكني من ذلك . ولكن هل هذا هو المكان الذي تريدين أن تكوني فيه؟ وأدركت من نظراته أنها تبدو مشعثة الشعر ، مهملة ، ففركت وجهها وحاولت تمشيط شعرها بأصابعها . وهي تقول مشتتة الذهن : ( حسنا، نعم، إنه المكان المفضل الذي سأغادر منه إلى بيتي ..) - انزلي من السيارة إذن ، وسأحضر لك أمتعتك. جلست على حقيبتها . بينما ذهب ليحجز لها مكاناً على الطائرة. اختار لها مقعداً في الدرجة الأولى . على متن أول رحلة إلى ( بريسبن ) ، التي ستنطلق بعد ساعة. ثم قادها إلى قاعة خاصة مترفة . واقترح عليها إصلاح مظهرها في غرفة الزينة. دخلت مسرورة ، فغسلت وجهها ، وحاولت أن تسرح شعرها ، وأن ترتب مظهرها ، فيما كانت تسعى لتنظيم أفكارها . وعندها عادت إلى القاعة وجدت أنه ينتظرها . وكان قد طلب قهوة وشطائر لهما . تنهدت وهي تجلس أمام فنجان القهوة الساخن ، وأخذت تشم عبيره ، ثم قالت بصوت أجش : - شكراً ، أنا حقاً بحاجة إلى هذا ، ولكن ماكان لك أن ... - فيفيان ، إذا قلت هذا مرة أخرى سأخنقك. رفعت فنجانها ونظرت إليه من فوق حافته. لقد تركت هذه الليلة آثارها على وجهها ... وفضحت لها المرآة كل ذلك ، إذ رات كدمات كالرضوض تحت عينيها . وشحوب غير طبيعي في وجهها . كم تمنت لو حملت معها بعض أدوات الزينة ! وأحست بإرهاق بالغ لم تستطع التخلص منه ... أما هو فلم يبدُ عليه الأعراض نفسها . ولو كان يحتاج لحلاقة ذقنه . بدا ضخماً ، مليئاً بالحيوية ، واثقاً من نفسه رغم مزاجه المعكر . فكرت في كل هذا بمرارة ، فوضعت كوبها من يدها وراحت تدعك جبينها بأصابعها . - هناك أمران ، يا ليتون ، لقد سّلمت الخاتم لأمك ، كما إني لا أريد اتفاقيات كلوفر على الأطلاق . إننا ، أعني مؤسسة غودمان ، ستشق طريقها من دونك. - هل هذا بسبب ما قلته لك ؟ فقالت بثبات تطلب منها جهداً بالغاً ، : ( ما كان علي أن أعقد اتفاقاً مماثلاً معك ، لأنني أجد نفسي مكرهة ، أخلاقياً ، على قبول أي شيء منك). نظر إلى ساعته ، وقال : - فيفيان ، منذ أربع ساعات كنت أضمك بين ذراعي .. هزت كتفيها وعادت ترفع فنجان القهوة ، وأضافت : ( ألا تريدين التحدث في الموضوع؟ ) صاحت بها كل خلية من جسمها تطالبها بأن تخبره بأنه الوحيد الذي أحبته ، لكنه ضرب بهذا الحب عرض الحائط. لكنها كانت تعلم أنها لن تثق مجدداً بليتون ديكستر .. ولم ترّ فائدة من محاولة التفاهم معه . ولن تخبره عن رالف ، وجيني ديكون. . . ناهيك عن مشاعرها الخاصة ؟ وأخيراً قالت : ( لا ) ! فقال متجهماً : ( وماذا عن نتائج ما حصل ؟ ) فأغمضت عينيها : ( لا تقلق ، يا ليتون ، لن أحّملك ذنباً ) بقي صامتاً للحظات ، لكنها أحست بنظراته تخترق أعماقها . ثم قال : ( أليس لديك ما تضيفينه ، يا آنسة فلوري ) ؟ - أنا لست في قفص الشهود في المحكمة ، يا ليتون . ولمعت عيناها غضباً . استند إلى الخلف ، ولكن قبل أن يتاح له الوقت ليتكلم ، تابعت تقول : - هناك ، في الواقع ، شيء أريد أن أضيفه . إذا لم تكن قادراً على إخراج جيني ديكون من قلبك ، كف إذن عن تعذيب نفسك. قرع جرس تبعه تنبيه إلى قيام رحلتها في الطائرة . واتسعت عينا فيفيان حين أدركت فجأة ما هي مقبلة عليه ... ستركب الطائرة. فقالت وقد تملكتها الكآبة والوحشة : ( آه ، لا ،،، هذا آخر ما أحتاج إليه الآن) فرد بجفاء : ( لقد طمأنتني إلى أن هذا ما تريدينه حقاً) - هذا صحيح ، ولكن لم يكن لدّي الوقت لأعدّ نفسي . قال وهو يراقبها بعينين ضيقتين : ( ما زال أمامك عشرون دقيقة تقريباً قبل إقلاع الطائرة) بدا الإحباط عليها وشحب وجهها ، وأضافت : ( لم لا تتذكرين كم كنت شجاعة معي ؟ ) - هذا آخر ما أريد التفكير فيه... سكتت فجأة وعضت على شفتيها ، لكنها أكملت قائلة : ( آه ، ربما أنت على حق . إذا أمكنني ذلك ، فهذا حسن . نعم) ووقفت بعزيمة واضحة ارتسمت على خطوط جسمها ، ثم مدت يدها إلى حقيبة يدها ( لا بأس ،ليس عليك أن ترافقني أكثر يا ليتون، فأنا أعرف البوابة ، لهذا .... لنقل وداعاً الآن ، أنا آسفة لانتهاء كل شيء بمثل هذا الفشل الذريع. لكن ، على الأقل ، يمكنك أن تعود إلى ( هارفست مون) وتساعد ماغ على الاستمتاع بأسبوع عرسها . فوقف قائلاً : ( سأرافقك حتى البوابة ، يا فيفيان ) . - إن هذا يطيل ... وسكتت فجأة . ثم وقف يراقبها كالصقر . فقالت وهي تنظر إلى البعيد : ( لا ، أبداً ، أنا فقط .. لا أحتاج إلى من يمسك بيدي ) فقال بمودة مفاجئة : ( لا بأس . لن أفعل ذلك ، لكني أريد أن أراك داخل الطائرة) فردت بعنف : ( لا تخف ، لن أفلت منك لأهرب عائدة إلى هارفست مون، أليس هذا ما يقلقك؟) فقال ببطء : ( لا ، أبداً ، أنا في أثرك يا فيفيان) خرجت من القاعة مرفوعة الرأس . فتبعها إلى جانبها صامتاً حتى وصلا إلى البوابة . عند ذلك ، وقفت ونظرت من النافذة الزجاجية الكبيرة إلى الطائرة . ثم ابتلعت ريقها وأخذت تربت على جيبي بنطلونها الجينز . وتبحث في حقيبة يدها عن تذكرتها بشيء من الأضطراب . - إنها هنا . أخذ حقيبتها من يدها ، وأخرج من الجيب الخارجي تذكرة السفر ، ثم وضع ذراعه حولها . همست : ( ليتون) . اتسعت عيناها بحذر حين راحت ذكرياتها معه تتدفق إلى ذهنها . أخذ يتأمل قطرات العرق على جبينها ، وسمعته يتأوه قائلاً: - فيفيان ، يمكنك أن تفعلي هذا ، أنت فعلاً رائعة ، وأنا آسف إن قلت لك العكس . هل تريدين إخباري شيئاً ما ؟ فغرت شفتيها . وحدثها فؤادها بأن تكون صادقة معه . لكن، و مثلما كان ستان غودمان يتراءى لها أحياناً . تراءت لها جيني ديكون الآن ، كما تذكرت الفراغ الهائل المخيف الذي تركها فيه قبل خمس ساعات فقط. حين نبذها من جديد . وبقيت حائرة لا تدري كيف ستواجه هذا كله . فقالت بهدوء تام : ( لا ، وداعاً ياليتون . سأكون بخير ) . ثم ابتعدت دون أن تنظر إلى الوراء . عندما دخلت إلى شقتها . ووقفت تنظر حولها ، لم تصدق أنها لم تفارقها إلا منذ أربعة أيام . ووجدت نفسها تفكر متأملة بأن هذه الأيام الأربعة مضت كالحلم ، فقد حدث الكثير في ذلك الوقت القصير ، وكيف يمكن لشخص أن يقع في الغرام في أربعة أيام ؟ أغمضت عينيها وقد شعرت بإرهاق شديد ، ولم يكن أمامها سوى أن تلجأ إلى سريرها رغم أن الوقت لا زال مبكراً . وهذا ما فعلته . ولكن لساعة تقريباً .وبدلاً من أن تستغرق في النوم. تدفقت أحداث تلك الأيام إلى ذهنها . وراحت تتساءل عما فعلت ، وعما ستفعل ، وعما عليها أن تفعل . . ما الذي يحدث الآن في هارفست مون ؟ وأي تفسير أعطي لهربها تحت جنح الظلام؟ أترى أطلعت إميليا ليتون على ما أخبرتها به؟ وإذا فعلت ، فأي فرق سيحدث الآن؟ لا شيء ، على الأرجح ، إلا إذا قرر رالف أن يعترف بكل شيء . ويبدو هذا بعيد الأحتمال ، كما أنها أدّت دورها ببراعه. وضعت أساساً لهذه القصة عندما أثارت غيظ ليتون . في ذاك المطعم على ضفاف النهر ، وهي تصف الرجال الذين تفضلهم . لكنها لم تكن تتصور أن شقشقه يحمل الصفات ذاتها . هل تصرفت بسذاجة بالغة حين ظنت أن رالف سيتقيد بتحذيرها . ولن يحاول أن يخلق شيئاً بينهما من لا شيء ؟ وتملكتها الكآبة لأن الجواب واضح. وإلا لماذا جاء ليطرق بابها في ذلك الوقت من الليل ؟ ولكن لعل أكبر خطأ اقترفته هو أنها استمرت في تلك المهزلة لمدة طويلة جداً . باسم مؤسسة غودمان . وهذا هو الشيء الوحيد الذي تمكنت من تصحيحه.. استيقظت من نومها مع غياب الشمس . نهضت واغتسلت وحضرت شيئاً تأكله . ثم جلست إلى طاولة الكتب بجانب المجيب الآلي الذي ما أنفك يضيء وينطفئ بجنون دون أنقطاع . كانت الرسائل اجتماعية . أما الأخيرة فوصلت قبيل وصولها إلى البيت هذا الصباح. أخذت تنظر إلى الجهاز مذهولة . حين أخبرها مساعد غودمان الشخصي أن ستان أصيب بنوبة قلبية خفيفة منذ يومين . وأن خبر حصول مؤسسة غودمان على اتفاقيتي عصير لكوفر والشامبو قد أنعشه . حين سمعه من ليتون ديكستر نفسه هذا الصباح. وهمست : ( ماذا ، آه ، لا ) |
الساعة الآن 03:52 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية