منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   دمعة في عين القمر (https://www.liilas.com/vb3/t109998.html)

غرور انثى 2010 28-04-09 04:22 PM

دمعة في عين القمر
 
هذي اول مشاركه لي وان شاء الله تعجبكم ...........

هذي القصه من افكاري ......


وراح اخليكم مع القصه




دمعة في عين القمر

لم يكن حاتم في تلك الساعة اكثر من حطام بشر لا اكثر
كان يمسك زجاجة العصير و يجلس على صخرة تشرف على البحر مباشرة
كان سارح الفكر يحاول لملمة حطامة المبعثر فوق شرفات المستحيل ..
و سرح ببصره في اللا شيء
لطالما كان يغرق في بحر الافكار امام شواطئ بحر الماء المالح .
كم كانت جميلة .. كم كانت رقيقة .. كم احبها ..
كانت كحلم ضائع تاه و عبر الطريق من الجنة الى الارض مباشرة ...
كانت تصغره بنحو خمس سنوات ..
و الرجال دوما يكبرون عشيقاتهم فهم ينضجون متاخرين عنهن بسنوات ..
كان قلبه ينخلع الف مرة من مكانه عندما يجلس معها او يحدثها او يرى صورته في بحر عيونها الزرقاء الجميلة .. كان يحبها .. ولا زال يحبها و سيبقى يحبها .. و لكن .. و اه من كلمة لكن ..
و تنهد و هو يسرح ببصره صوب الموج .. و التقطت عيناه صيادا يجلس على صخرة بين الموج يمسك صنارته بصبر يجرب حظه في الصيد كانه تمثال رخامي لا يأتي بحركة .. و راح يراقب الصياد الصبور .. و عاد يسرح بافكاره دون ان يبعد نظره عن الصياد نصف العجوز ..
كان قطار الذكرى يعيده عميقا في مسار الماضي ..
يذكر جيدا كيف كان اول لقاء لهما ..
كان هذا قبل سنوات سبع تقريبا ..
كانت عندها في الخامسة عشرة من عمرها ..
و كان اللقاء في مدينة الملاهي .. في ليلة العيد ..
كانت اجمل فتاة رآها تمشي على تراب الارض بلا مبالغة ..
عيون زرقاء شفافة فيروزية تقدر على حرق الجن نفسه .. شعر قصير اشقر ناعم كالحرير يداعب طرفي خديها الورديين يلون الطفولة التي تتشبث بها و تجعلها تتأرجح ما بين الطفولة و الشباب .. وجه ابيض البشرة بلا شوائب يتألق بجمال لم تذكره الاساطير ..
و زاد تألقها لمسة شقاوة تميز فترة المراهقة تلك ..
كانت ترافق والدها و والدتها و فتى كالقمر المنير لا يزيد عمره عن السنوات التسع يمسك بيد امه يتطلع بعيون متألقة منبهرة الى عالم الاضواء و الصخب من حوله ..
و غابت تلك الاسرة السعيدة عن نظره بين الزحام لكن صورتها لم تغب عنه ..
و لكن صورتها ابدا لم تغب عن مخيلته ..
و لأول مرة في حياته شعر بقلب ينبض بين ضلوعه ..
و تنبه من خواطره على الصياد يحرك صنارته حركة خفيفة و يعدل من جلسته ..
و تنهد ربما للمرة العاشرة و ارتشف جرعة من عصيره و هو يستقبل نسمه هواء تداعب خصلات شعره ..
و عاد يسرح بفكره محاولا ان ينفصل عن عالمه ..
هو .. حاتم .. ابن غالب المصري .. اكبر اغنياء بلده .. صاحب الوجه الجميل الرجولي و الثراء الفاحش .. الذي حباه الله بمواهب تتراوح ما بين الرسم و الرياضة و حتى عالم الكمبيوتر و الفنون و غيرها .. انه الطالب بجامعة (...... ) ذو المعدل العالي و الاكثر شهرة بين الشبان من حوله و الذي يتجاهل الفتيات عادة دون خشونة او كبرياء و ها هو يقع فريسة طفلة مراهقة .
أي شيطان هذا الذي يقال له الحب ؟
اعترف لنفسة انه احبها في ذاك الوقت .. و لم يحاول التنكر لذاته و هو لم يرها الا دقائق معدودة ..
كانت اجمل من اجمل جميلات جامعته ..
كانت سحرا شرقيا لا يقاوم ..
لقد احبها ..
اقسم لنفسة بحنق الف الف مرة انه احبها ..
كان عمره وقتها يزحف نحو العشرين بغير عجلة .. في سنته الاولى بالجامعة ..
كان محط انظار الجميع .. سيارته الفاخرة و زيه الراقي و امواله الغزيرة جذبت حوله الذباب و الذئاب و الناس لعلهم يفوزون بمبلغ محترم .. لكنه ابدا لم يكن غبيا..
فوالده رجل اعمال محنك يفهم البشر و السوق و الحياة .. وهو شبل ذاك الاسد
لكن الشبل تعثر بفراشة رقيقة خرجت لتوها من النور فالقته ارضا بلا حول ولا قوة ..
كانت حمى الحب تجتاح اطرافه و هو لا يزال واقفا مكانه في مدينة الملاهي ..
و وجد نفسه يتجه صوب المكان الذي غابت به العائلة ..
لكنه لم يجد الا افواجا من البشر ..
فترة الجمود تلك اضاعت منه دقائق ثمينة ..
و مدينة الملاهي شاسعة متعددة الاقسام زاخرة بالبشر
هنا من حوله ما لا يقل عن بضعة الاف من الخلق و اكثر من ثلاثمائة دونم من الارض تحوي العابا قد لا تتواجد في المدن الكبرى و منها مسطحات مائية كالغابات و اخرى غرف رعب و اخرى قطارات انفاق و غيرها عشرات الانواع ..
فاين سيجد اربعة افراد في بحر البشر ذاك ؟
و سار على غير هدى نحر نصف ساعة يتجول بلا هدف ..
و يا لحظه الرائع ..
وجد شقيق الفتاة يعالج بيأس لعبة اتاري كبيرة و يحاول تشغيلها ..
و بحس رجل الاعمال ادرك ان الفتى استثمار رابح جدا يجب ان يستغله ليعرف المزيد عن ملاكه الضائع ..
و اقترب من الفتى و قال له مبتسما : هي .. مرحبا ؟
نظر اليه الفتى بتحفظ و صمت و دهشة .
فقال بمرح و هو يمد يده للآله و يضغط بها ازرارا : اضغط هنا و ستبدأ اللعبة مرحلتها الاولى .. و الان امسك عصا التحكم و ....
و راح بحماس حقيقي يشرح له اللعبة و يساعده على احراز الاهداف مما اذاب ثلج التردد من نفس الفتى .. و عرف ان اسمه فادي ..
لم تكن اللعبة جديدة عليه .. فوالده و منذ طفولته لم يترك صنفا من الالعاب لم يجلبه له .. عدا عن انه هو نفسه يمتاز بحدة الذهن ..
و سرعان ما كانت ضحكات فادي تشف عن سعادته بالفوز في كل مرحلة و حاتم يساعده على تخطي المراحل الصعبة ..
و لمحها بطرف عينه تقترب منهما ..
فاجتاحه ارتباك كبير و بح صوته و هو يتحدث مع فادي بارتباك نسبي لم يلاحظه الصغير
و سيطر على نفسه ..
و وصلت هي الى مكانهما و بادرت شقيقها قائلة باحتجاج : اين كنت يا فادي؟ بحثت عنك في كل مكان .. هيا نرجع الي امي ..
صاح الصغير باحتجاج مماثل : لا اريد .. اريد ان اختم المرحلة هذه ..
قالت بوعيد : سأجعل بابا يعاقبك .
صاح فادي و الدمع يتجمع في عينيه الجميلتين كعينيها : لا اريد .
و هنا تدخل هو مغتنما الفرصة م وقال لها : دعيه يكمل المرحلة و سأعتني به و اوصله اليكم حال اكمال المرحلة .
قالت له شاكية : انه مشاغب و لا يطيع احدا .. و يذهب دون اخبار احد بمكانه .
ضحك قائلا : لا عليك .. انه صغير .
قالت بغيظ : قرد صغير .
قال لها بلطف : لا تقسي عليه .. انه شقيقك .
زفرت بغيظ و هي ترمي فادي بنظرة نارية اذابت بجمالها قلب حاتم ..
و قالت : و هل سأبقى واقفة هنا حتى يكمل ( بسلامته ) اللعبة ؟
قال فورا : ما رأيك ان اشغل لك لعبة تتسلين بها ؟
قالت بتردد : لا اعرف كيف العب بها ؟
قال مبتسما : سأدلك عليها .
قالت : و أي لعبة سألعب ؟ انها كثيرة .
قال و هو يشير الى لعبة لها رشاشان من البلاستيك قرب لعبة فادي : هذه جميلة .
قالت و هي تتجه اليها : و كيف تعمل ؟
قال : انها لعبة شرطة و لصوص .. يلعبها اثنان هما الشرطة و عليهما القضاء على العصابة و انقاذ اسرى. و لها خمس مراحل للوصول في الاخيرة الى زعيم العصابة .
وقفت امام مقعد اللعبة مترددة .. كان عاليا نسبيا .. و كانت ترتدي فستانا من الساتان يعيق حركتها .. و وجد نفسه يمسك بيدها الناعمة و يساعدها على الصعود على المقعد ..
و ابتسمت له ابتسامة سحرت كيانة قائلة ببراءة الاطفال : شكرا لك .
ابتسم لها قائلا : عفوا .. هيا نلعب.
و جلس على المقعد المجاور لها و كان المقعدان يشبهان سرج الحصان الى حد ما لكن مع ظهر و احزمة ..
و ساعدها على ربط حزامها و ربط حزامه و اطلق اللعبة ..
و راح اللصوص يظهرون لهما و هو يطلق النار عليهم باحتراف و هي تطلق ايضا و تصيح بمرح مع حركة المقعد كانها تمتطي حصانا ..
و اندمجت باللعبة و هو معها لا يصدق انها يجلس معها و يشاركها نصرا وهميا على لصوص الدجتال ..
كان يرى نفسه و لأول مرة ربما اسعد مخلوق عرفته الكرة الارضية منذ الخليقة..
اجمل بنت بالعالم على بعد شبر منه تلعب بمعيته و تصرخ به بين حين و اخر : هناك واحد .. لا لا .. انتبه .. هناك رهينة .. واااااااااوو .. فزنا .. لالالالالالالا .. لقد اصابوني .
كان يقاتل بقوة لحمايتها من المهاجمين و يتلقى عنها الرصاصات و يسعفها بما يحصل عليه من علي اسعاف كلما اصيبت .. كان كأنه يعيش واقعا لا مجرد لعبة رقمية .
و اعترف لنفسه انه حتى الان يعشق تلك اللعبة لأنها تذكره بها دوما
حتى لقد اشترى فيما بعد عين الجهاز الذي لعبا به بمبلغ يفوق ثمن لعبة جديدة و وضعه في منزله و اضاف اليه اللعبة التي كان فادي يلعب بها ايضا .. فهو يحب كل ما يتصل بحبيبته حتى ما استخدمته ولو لمرة واحدة .. انه الحب العميق الجارف ..
و استيقظ من ذكرياته على صوت محرك سيارة يقترب .. و نظر للخلف ليجد سيارة جيب حديثة قاتمة الزجاج تقترب من الشاطئ و تتوقف غير بعيد عن سيارته الفخمة .. و بحركة خفية تحسس مسدسه تحت قميصه .. و نزل رجل اشيب لكنه غير عجوز من السيارة و يرتدي نظارة سوداء و تناول سلة مغطاة و قصبة صيد و اتجه بعيدا عنه نحو الصخور قليلة الارتفاع
و زفر بتوتر .. بات منذ الحادث الاليم شديد الشك كثير التوتر .. ولا احد يلومه ..
و عاد ينظر الى الصياد الاول الذي لا يزال كما عهده .. صامتا متحجرا ينتظر سمكة ما ..
و ترك العنان مرة اخرى لذكرياته اللذيذة ..
حتى نهاية المرحلة قل الاخيرة لم يكن قد عرف اسمها بعد ..
و كأن القدر كان يحارب لصالحه .. فقد سمعا صوت فادي ينادي قربهما : شيرين .. اريد ان اذهب لماما .
قالت له بتبرم : انتظر قليلا .
قال محتجا : اريد ماما .
قال حاتم : سأرسلك الى ماما لكن تعال و شاهد كيف نقتل الزعيم .
و نجح في شد انتباه الفتى الصغير فقد جاء و وقف يشاهد ما يجري .. كانت حقيقة مرحلة صعبة جدا و طويلة .. و كانت اسعد لحظات بحق بالنسبة لحاتم فقد كانت تتفاعل معه دون حواجز تذكر .. و تنبهها للمهاجمين و تصيح بسعادة لكل تقدم يحرزانه معا ..
و عندما فازا بصعوبة بالغة على الزعيم صرخت بفرح رافعة قبضتاها عاليا ..
و ضحك هو بفرح .. كانت متألقة كملاك حقيقي بضحكتها و فرحها ..
و قال لها : ما رأيك ان نتناول الايس كريم قبل ان اوصلكما الى والديكما ؟
قالت بعفوية : اوكي ..
اختار لهما طاولة فاخرة من الدرجة الاولى و طلب افخر انواع الايس كريم لهما و له .. و كان على الطاولة كراس ملاحظات و اربع قوائم طعام و زهرية جميلة بها ازهار جميلة جدا
طاولة تليق بالوزراء بحق .. كان يحاسب عنهما دون ان يجعلهما يلاحظا هذا .
و ابدت اعجابها بالايس كريم و احس بحس رجل الاعمال بان الموضوع غير مناسب لذا لم يخض به كثيرا بل سألها عن مدرستها و كعادة البنات المراهقات راحت تتحدث عن الدروس و المدرسات و فلانة فعلت كذا و انا فعلت كذا مع المدرسة التي عاقبتني .. و غير ذلك
و كان يجالايها بلباقة و في نفس الوقت يقوم بالرسم على الورقة التي امامه ..
لا يدري كيف .. لكنه وجد انه رسم وجها قريبا للغاية من وجهها .. و قبل ان يدرك الامر كانت تنظر الى الرسم قائلة بدهشة : واو .. انت فنان .
قال مبتسما بحرج: انها مجرد خربشات .
احس باناملها الرقيقة تسحب الورقة من بين يديه : و تتطلع بالرسم بدهشة لم تزل و تقول : خربشة ؟ انها جميلة جدا حدا .. لو كنت ارسم نص هذه الدقة لصرت فنانة .
قال فادي بعفوية : انها تشبهك كثيرا .
تنبهت لصحة كلامه فقالت بحرج : ربما .
و قالت لحاتم : هل يمكنني اخذها ؟
قال بسرعة : طبعا .. انها لك .
قالت مبتسمة و هي تنظر فيها : شكرا لك .
سألته : هل لديك رسومات اخرى بالبيت؟
قال كاذبا : طبعا .. لدي الكثير منها .
قالت : هل يمكنني ان اراها لاحقا؟
قال : طبعا .. بأي وقت تريدين .
كان يخطط وهو يرد لرسم كمية رسومات تثير اعجابها ..
قالت : اكيد انها كلها جميلة .
و تابعت باهتمام : هل يمكن ان اطلب منك ان ترسم لي ؟ ان لم يكن بالامر ازعاج لك.
قال بحرارة و صدق : ولو؟ طبعا يمكنك .. بصدق.
قالت بشكوى: هناك رسمة لمعلمة العلوم و طلبتها مني قبل يوم الاربعاء و لا ادري ما افعل بها .
قال باهتمام : ابعثيها لي وانا سأرسمها لك بدقائق .
قالت : لا اعرف عنوانك .
قال مبتسما : اسكن في ..
و قطع كلامه .. ترى لو عرفته هل ستعامله بهذه العفوية كونه ابن اغنى رجال البلد؟
هل ستصير عندها ردة فعل؟
هل .. و هل؟ الكثير من الاسئلة و المحاذير قفزت برأسه
و عندما لاحظت صمته قالت مستعجلة رده : اين ؟
وجد نفسه بيأس يمليها العنوان فلم يكن في ذهنه فكرة اخرى ..
و كيف له ان يفكر بسلامة و هذه الفاتنة الصغيرة تسحره بجمالها كل ثانية سحرا جديدا ؟
و يبدو انها لم تتعرفه او لم تسمع به من قبل
فقد قالت : حسنا .. انا اسكن في ( .........) و هو قريب منكم و سأرسل فادي لك غدا ليعطيك الرسمة و معها ورقة اشرح لك بها المطلوب .. اتفقنا؟
قال بسرور : طبعا .. على فكرة .. يبدو اننا جيران تقريبا .
قالت بعفوية مازحة : هذا يعني انني سأرسم كل رسمات المدرسة عندك .
و ضحكا معا و فادي يلتهم الايس كريم ناظرا لهما بسذاجة.
كان لا يستغرب انه لم يرها من قبل .. فالمدينة تجعل جارك هو من يسكن بشقة مقابلك مباشرة .. و الساكن في العمارة الملاصقة غريب جدا عنك .
و حياهما الى حد ما غير قريبين لكن يمكن التواصل بينهما عبر المشي عشر دقائق .
كان يتمنى ان تطول الجلسة الى الابد ..
لكن شيرين نهضت قائلة : هل يمكن ان توصلنا الى والدي؟ فقد يقلقان علينا .
قال باحباط لم يظهر على كلامه: هيا بنا .
و نهضوا و ساروا يتفقدون الناس .
و شاهدوا الوالدين يعتليان الدولاب الهوائي الكبير .. كانا يتمتعان بوقتهما .. فالمكان امن و هما يثقا بحسن تصرف شيرين و انها الان بأمان مع فادي .. و وقفوا يراقبون الدولاب يتحرك ..
وقال لها : ما رأيك ان نلعب لعبة لحين توقف لعبة والديك؟
قال: حسنا .. لكن اين؟
قال بحماس : تصادم السيارات .
صفقت بكفيها بجذل و هي تصيح بسعادة .
و حجز لهم دوران متتاليان و جلس بسيارة و جلست هي مع فادي باخرى ..
و راحت السيارات تدور و تتصادم و هما يصادمان بعضهما ضاحكين ..
كانت سعيدة باللعبة و هو سعيد بها هي اكثر ..
و انتهت اللعبة بسرعة .. وقت المحبين اقصر من غيره.
و نزلت من السيارة و تمطت قائلة : لقد تكسرت عظامي .
قال مازحا : هذا جزاء من يتحداني.
قالت مازحة بتحد مصطنع : نعم نعم؟ انا من يتحداني ادمره .
ضحك دون ان يعلق.. ذكاؤه اخبره ان الفتاة لا تحب ان يعاديها احد و لو بالمزاح .. فكونك تتحدى و تقف ضدها البنت ولو بالمزاح يجعلها تنفر منك ولو نسبيا و تقف منك موقف الخصم ولو بغير كراهية و عداء .
لذا قال : اعترف بهذا .. فقد كسرت كل عظامي .
ضحكت بفخر و رضى .. لقد اصاب هدفه ..
و ساروا صوب الوالدين و شعر انه يجب ان لا يفقد اتصاله بها .. فهي الان متحمسة و لا حواجز بينهما .
لكن اذا ابتعدت عنه سيعود الحاجز للنمو و تنساه ..
و قد لا تحدثه .. فالمراهقة فترة غريبة في عمر الانسان .
لذا سألها : هل لديك هاتف او بريد الكتروني؟
قال بفخر : لدي بريد الكتروني .. و سيشتري لي ابي هاتفا نقالا اذا نجح بتفوق هذا العام .
قال لها : هل يمكنك اعطائه لي لكي ارسل لك رسوماتي ؟
قال : اكيد .. و املته العنوان الالكتروني و املاها عوانه ايضا و رقم هاتفه النقال و
قال لها : يمكنني مساعدتك بالدروس اذا افق والداك .. فأنا كنت متفوقا جدا .
قالت : كم كان معدلك؟
قال 96 من مائة .
نظرت اليه بعيون اتسعتا دهشة فغاص بهما غريقا لا امل له بخروج .
و سمعها تسأله : هل انت ماهر بالرياضيات و الانجليزية ؟
قال و الدوار الذي سببته عيناها له لم يزل: بالطبع .. انها سهلة جدا علي.
قالت باحتجاج: سهلة ؟ انها مصيبة حلت علينا .
قال : يمكنني ان اساعدك بكل المواد اذا شئت.
قالت : لا اريد ان اثقل عليك .
قال باخلاص : ابدا .. انا لا شيء لدي اعمله و المواد سهلة علي و يمكنني مساعدتك حتى تتفوقي على الكل.
قالت بتردد: ماذا لو لم يوافق ابي او امي؟
قال : قولي لهما انني مدرس خصوصي.
قالت : انا رفضت ان يحضر لي ابي مدرسين.. لا اطيقهم كلهم بالمدرسة .. فهل اجلبهم للبيت؟
قال ضاحكا : انا لست مدرسا .. اعتبريني صديقا .. ام هل تكرهينني ايضا .
قالت بخجل : لا لا .. لست اقصد هذا .. حسنا .. سأتدبر الامر .
قال و هما يكادا يصلان الى الوالدين : وانا تحت تصرفك و سأنتظر ردك .
و وقف تاركا اياهما يتجهان للوالدين مبتسما .. و لم يكن يسمع ما يتحدثون به .. لكن الوالدين نظرا له مبتسمين بامتنان و لوحت له بيدها مودعة مبتسمة .
و اخرج مفكرته و نظر الى ما دونه من عنوانها و اسمها و بريدها الالكتروني .. كان كأنه يعيش في حلم جميل
حقا يخشى انه حلم سيستيقظ منه .. لكن لا .. انه الواقع الجميل .
صارت اجمل بنات حواء قريبة منه بعد ان اخترقت قلبه بسهولة اكبر من سهولة اختراق رصاصة لجدار ماء رقيق جدا .
و رشف حاتم من العصير رشفة جديدة و هو يحول نظره عن الصياد المتحجر مكانه الى الحد الفاصل بين البحر و السماء في مد البصر يتابع سفينة تمخر عباب البحر صوب اليمين ..
لم يطل انتظاره ..
لم يكن قد نام تلك الليلة .. كان قد فاته ان يقنعها بالتقاط صورة لها و لشقيقها .
لكنه منى نفسه بان الايام قادمة و عليه التقرب منها حتى تصير له وحده ..
لكن المشكلة الكبرى هي الزمن
فهي صغيرة السن على الحب و الارتباط .. و ربما كان صغر سنها ما جعلها تتحدث له بتلقائية و لا تصده .. رغم انه من الصعب على فتاة ان تصده .. فلا ينقصه المال ولا الجمال و لا الرجولة و لا المركز ..
و ربما لآول مرة في حياته المترفة كان حاتم يجلس قبل شروق الشمس على نافذة غرفته المطلة على الحديقة الشاسعة الملحقة بالفيلا العملاقة لوالده.
و علت الشمس و دارت عقارب الساعة وهو مكانه غارق في بحر وردي من الاحرم يعلوه وجه شيرين الفاتن .
و تنبه الى سيارة اجرة تقف امام الفيلا .
فنزل مسرعا و وصل بعد قليل ليجد فادي يقف امام البواب و معه حارس الامن و هو يحاول بخوف ان يشرح لهما ما يريد .. فلم يكن يعرف اسم حاتم ..
و حسم هو الامر بوصوله و رحب بفادي و ناوله فادي ما معه .. كتاب مدرسي و كرتونة رسم و الوان متنوعة و قال انها من شيرين .. فقال له : حسنا .. قل لها ان حاتم سيرسل لك الرسمة اليوم ظهرا الى منزلك .. و الان ادخل لتشرب شيئا ..
لكن فادي رفض قائلا انه يريد الوصول للمدرسة فوالده مشغول اليوم و لن يوصله الى المدرسة و تابع بعفوية طفولية ان شيرين ستذهب مع صديقاتها بالتاكسي ايضا . و ركب السيارة و انطلق به مبتعدة ..
و اعطى اوامره للبواب و الحارس باعلامه لدى زيارة فادي له مرة اخرى .
و تركهما و عاد للفيلا بحماس من يمسك كنزا بيده .. انها من اثر ملاكه الجميل .. تحمل لمساتها .. جزء منها بين يديه .. شيء يخصها يمسك به .. أي سعاده هو بها؟
و صعد لغرفته لا تسعه الدنيا من الفرحة..
و ونشر الكراتين على المرسم و وضع الكتاب امامه يتأمله .. كتاب محبوبته .. يراها من خلال صفحاته .. كلماته .. رسوماته و صوره ..اه لو ضمه الى صدره .. لكن يخشى ان يلمحه احد الخدم و يكثر الحديث السري عنه .
و بدأ الرسم بحماسة و اتقان .. و انهى الرسمة بسرعة .. و جلس يتأملها ..
ستمسكها بيديها الرائعتين .. ستعجبها .. اه لو ضمن الرسالة كلمات حب لها ..
اه لو امكنه كتابة رسالة ..
لكن مهلا..
سيراسلها عبر البريد الالكتروني .. وربما صار يعطيها الدروس
و دعى الله باخلاص ان يوافق والداها على مسألة الدروس تلك
كان يتقلب بين اليأس و الرجاء ..
و وجد نفسه يمسك الكتاب يتصفحه من اوله لآخره ..
ثمه كتابات جانبية و رسومات هزلية غير متقنة على الهوامش كعادة الطالبات ..
لكنها كانت بالنسبة له كلمات و رسومات مقدسة .. فهي بخطها و بقلمها ..
اه لو كان قلما لكي يكون قرب قلبها الصغير .. يحبها .. بقوة يحبها ..
و وجد انه ينتظر الظهر بفارغ الصبر ليرسل لها الرسمة التي انجزها سريعا ..
ساعات طوال بقيت للظهر .. ولأول مرة يشعر بملل و عجز كهذا .. عزاؤه الوحيد كتابها الذي بين يديه يطالع بشغف كل حماقات المراهقة على صفحاته ..





واتمنى اشوف توقعاتكم

نسر ربيعة 28-04-09 11:03 PM

جميل اختى غرور ةاجمل مافى الموضوع دمج الحاضر بالماضى واستعمال الفلاش باك التى تعيد الانسان الى مرفأ الاحداث الاولى من ذاكرته حيث يقيم تجاربه ويعيد حساباته كما اعجبنى ان القصة مكتوبة بالعربية الفصحى اللتى قل استخدامها فى عالم الرواية الحديثة وخصوصا بين القصتصين الشبان مع محاولت عصرنت هذه اللغة واضافة الطابعالعصري عليها
ابع العصرى عليها اسف للاطالة واصلى تالقكى ننتظر منكى المزيد موفقه بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

روح الامس 28-04-09 11:34 PM

السلام عليكم

الرواية جميلة ومختلفة
اسلوبك مختلف ومميز

بس عندي سؤال
هي الرواية في اي مجتمع ؟ مصري و لا ايش ؟؟

تمنياتي بالتقدم والاستمرار

تحياتي

روح الامس

غرور انثى 2010 29-04-09 09:17 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نسر ربيعة (المشاركة 1941274)
جميل اختى غرور ةاجمل مافى الموضوع دمج الحاضر بالماضى واستعمال الفلاش باك التى تعيد الانسان الى مرفأ الاحداث الاولى من ذاكرته حيث يقيم تجاربه ويعيد حساباته كما اعجبنى ان القصة مكتوبة بالعربية الفصحى اللتى قل استخدامها فى عالم الرواية الحديثة وخصوصا بين القصتصين الشبان مع محاولت عصرنت هذه اللغة واضافة الطابعالعصري عليها
ابع العصرى عليها اسف للاطالة واصلى تالقكى ننتظر منكى المزيد موفقه بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

كلامك اسعدني جدا .... وان شاء الله تكون من متابعين القصه الى نهايتها

اشكرك جدا على المرور

غرور انثى 2010 29-04-09 09:20 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روح الامس (المشاركة 1941285)
السلام عليكم

الرواية جميلة ومختلفة
اسلوبك مختلف ومميز

بس عندي سؤال
هي الرواية في اي مجتمع ؟ مصري و لا ايش ؟؟

تمنياتي بالتقدم والاستمرار

تحياتي

روح الامس



روح الامس اسعدني مرورك ......



وبنسبه لسؤالك ........ الروايه في المجمع الفلسطيني مغترب ..... وان كان قصدك الاسم .... كان الاختيار عشوائي



وان شاء الله تستمري معنا

Emomsa 30-04-09 10:46 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مرحبا بكي مغرورة ........


وقصتك جميلة ...... واسلوبك مختلف في الوصف ... حلو مزج الحاضر بالماضي ..... ولكن ما سر خوفه وتوجسه من الشخص الذي خرج من السيارة وجعله يتحسس مسدسه .... هل لانه ابن رجل ثري جدااا تعرض لحادث بسببه حبيبته في المشفى ام ماذا .....
على العموم مازالنا في البداية ... ومنتظرين الاحداث لنعرف ماحدث ....... ...

غرور انثى 2010 30-04-09 10:57 PM



وهذا جزء صغير عشان اشوف باقي الردود


الجز الثاني




ساعات طوال بقيت للظهر .. ولأول مرة يشعر بملل و عجز كهذا .. عزاؤه الوحيد كتابها الذي بين يديه يطالع بشغف كل حماقات المراهقة على صفحاته ..
كانت بعضها اشعار غزلية .. و بعضها تشبه رسائل الجوال .. و ملاحظات دراسية .. و ارقام مختلطة .. و عبارات ساخرة .. و مجرد خطوط متداخلة .. اذا كنت تريد معرفة قصدي فامسك كتاب طالبة مشاكسة و طالعه لتعرف ..
و كانت تلك الخطوط بنظره افضل من خرائط الكنوز
و الرسومات الساذجة اجمل من لوحات دافنشي و بيكاسسو
و الكتابات اعز من مخطوطات العقاد ..
كان يريد للوقت ان يمر ليرسل لها اللوحة التي وضع بها كل فنه و جهده لاتقانها و في نفس الوقت لا يريد للوقت ان يتحرك ليبقى كتابها بين يديه فهو اثر عزيز للغاية منها .
لم يدر كيف مر الوقت .. لكنه نسي نفسه حتى جاءت السيارة و فيها فادي و اخذ الرسمة و الكتاب و غاب عنه و هو كالمخدر.
و ايقظه اتصال مدرب الكراتيه ليذكره بموعده في النادي مما جعله ينطلق كالمجانين الى سيارته ليلحق بالتدريب اليومي بعد ان نسي بقية الامور الصباحية ..
و عند المساء كان يرسل رسالة يستفسر لشيرين يسألها عما حصل بشأن الدروس الخصوصية .. و بعد ارسل الرسالة راح يتصفح النت .. و قبل ان يغلق البرامج لملله منها و بدون مبرر و على غير عادته ابدا عاد يفحص بريده الوارد و لدهشته وجد ردا منها اسرع يفتحه بلهفة ليجدها تخبره ان والديها لم يمانعا لكن يريدا معرفة المعلم و مكان الدروس .
تردد قليلا .. ثم قال لها ان تخبرهما انه طالب جامعي و ان مكان الدروس هو بيتها .. كان يتوقع انه ربما كان حولها او احدهما من يرسل له .. ربما .. كذلك فعشرات الطلاب يعطون الدروس الخصوصية اما من اجل المال او من اجل الخبرة الميدانية في دراستهم..
مرت فترة صمت قبل ان يصله رد منها يقول انها ستبلغ والديه بالامر .. و سألها بحذر عما اذا كان بالامكان الانتقال لبرنامج المسنجر بدل البريد لأجل نقاش التفاصيل فردت بالايجاب ..
و اسرع يشغل البرنامج و يضيف بريدها اليه ..
و اسرع يرسل لها تحية مسائية ردت عليها حالا ..
و بدى بالحديث عن الدروس الخصوصية و تشعب الحديث شرقا و غربا و الى كل الجهات الغير مدونة في كتب الجغرافية حتى انتصف الليل فاعتذرت منه بلطف شديد لأن لديها مدرسة في الصباح فرد بتحية رقيقة و طلب منها التواصل عبر المسنجر .. و رد بالموافقة و فصلت الخط فاغلق الجهاز و اوى لفراشه كأسعد انسان في الكون ..
كان يحلم بها ليل نهار ..
و ها هو على وشك ان يلتقي بها بانتظام عبر الدروس الخصوصية ..
سيكون بقربها اكبر قدر ممكن ..
و وجد نفسه بعد ايام يجلس معها في صالة منزلهم يدرسها مادة الرياضيات ..
كانت متجاوبة جدا معه و لا تتعامل معه بأي تحفظ ..
و توثقت الصلة بينهما مع تكرار الدروس و انتقاء حاتم لكلماته و مراقبة تصرفاته,,
و صار يجرؤ على ان يدعوها للخروج معه و تناول العصير في النادي او للتمشي في مكان هادئ ..
كانت الفتاة معجبة جدا به فهو وسيم رجولي غني لطيف ذكي و موهوب ..
و كان هو يهيم بها حبا ..
كانت شيرين من الفتيات التي قال عنهن احد الكتاب : انها فتاة اذا امسكت بيدها و ذهبت الى السوق و سالك الناس عنها فقلت انها ابنتي لما كذبك احد .. و ان قلت انها زوجتي لما وجدت الا مصدقا ..
و رغم تنامي الحب بينهما الا ان احدهما لم يصارح الاخر بمشاعره ..
بقي بينهما حاجز هو حاجز التخوف من ان يكون الطرف الاخر قد يرفضه و انه قد يكون قد اساء فهمه فيفقده للابد اذا ما صارحه بمشاعره ..
و رغم انه كان حبا صامتا الا انه كان قويا بما يكفي ليعيش بعمق ..
و مع مرور الايام كان الحب يورق المزيد من العمق في القلوب الفتية..
و كانت ايضا ترسم علامات عالية على شهادة شيرين في اخر الفصل و تفوقا جديدا انعش قلب والديها و رضاهما عن المعلم الجديد .. لم يكونا بعد يدركان وجود الحب كدافع لهذا التميز المفاجئ ..
و كانا حذرين حتى امام فادي الصغير .. فالصغار لا رابط لألسنتهم حتى حبات الشوكولاتة الكبيرة التي كان تامر يغرقه بها بين حين و اخر ..
و كانت تستغل اوقات فراغها لمواعدته متحججة بذهابها الى السوق او الى صديقاتها للنزهة و كانت تتفق مع زميلاتها على تغطية غيابها بين حين و اخر مقابل تغطيتهن .
و ذات يوم و فيما هما يجلسان في حديقة جميلة و كانت تداعب العصافير بطفولة انتبه لأمر غيبه عنه الحب الجارف ..
لا تزال شيرين بنتا صغير نسبيا ..
و هذا قد يعني ان حبها هو مجرد اعجاب طفولي لا اكثر
و حتى لو كان حبا حقيقيا فكيف له ان يرتبط بقاصر؟
لن يتم القاضي العقد اذا ما فكر بالزواج منها كما كان يأمل بكل كيانه .
أي معضلة هذه ؟
و اسودت الدنيا بوجهه دفعة واحدة و ملأت الغصة حلقه فجف عن الكلام لدرجة اثار انتباه شيرين التي كفت عن معابثة الطيور و استدارت نحوه متأملة بنظرة شك فاحصة متسائلة ..
فصمت لا يحير جوابا فرفعت حاجبيها بتساؤل ملح
فنكس عينيه للارض لا يدري كيف يخبرها بما جال بخاطره .. فاقتربت منه و رفعت اليها وجهه لتطالعها عيون محمرة ادركت معها ان وراء الاكمة ما ورائها ..
فجلست بجانبه بصمت تنتظر ان يبوح بما في خاطره..
و ادرك عقم البقاء صامتا .. و بكلمات سريعة شرح لها ما دار بخاطره للتو.
و صدمها الواقع الذي غاب عنها طويلا في غمرة الحلم الجميل ..
فجلست ساهمة بجانبة و اركن خديها الورديين على كفيها الرقيقين و سرحت واجمة ..
و طال الصمت قليلا قبل ان يقول لها بحزم : لن ارضى عنك بديلا .. ولو حاربت الدنيا كلها ..انت لي فقط يا شيرين .. لي فقط و سأقتل من يحاول اخذك مني .
نظرت اليه بصمت .. كان الجد الشديد مرتسما على وجهه المتحفز ..
لم تكن تشك في صدقه لكن .. هو لا يعيش وحده في الكون لذا لن يقدر على تخطي الغير متى اراد او قتل والديه مثلا ..
حقيقة كانت تتصور ما سيحصل لو عرف اهلهما بالامر
اهلها سيقولون ان عليه اكمال دراستها قبل التفكير بتلك الامور
و اهله سيفكرون له بعروس من باب زواج المصلحة او الاقارب او ما شابه ..
و في كلا الحالين سيكون اما القلبين مشوار طويل من العذاب و المصادمات ولا تدري اين يوصل في نهايته .
كان تامر من النوع الذي لا يترك للايام ان تتصرف قبله لذا كان و بصمت يقرر في نفسه امرا .. سيخطب شيرين من اهلها و ليحصل ما يحصل .. و صارحها بالامر
و رغم خوفها من ردة فعل اهلها الا انها وافقت .. اول ما سيتبادر الى ذهن اهلها ان الدروس الخصوصية لم تكن كلها دروسا مدرسية و قد يشكوا في انها كانت فريسة له بطريقة او باخرى .. لكنها ايضا ستبذل جهدها دفاعا عن حبها الاول .
و في ذلك المساء كان تامر يذكر لأمه رغبته بخطبة شيرين .. و فرحت الام بطلب الابن بداية لكنه صارحها انها لا تزال صغيرة السن و اعطاها العنوان و التفاصيل فوجمت الام
كانت تدرك ان زوجها سيعترض لصغر سنها و لأنها ليست من العائلة او من جماعته من اصحاب الشركات رغم انها من عائلة ميسورة ..
و الحقيقة ان الام نفسها كانت تطمح لتزويج تامر من ميساء الجميلة ابنة ابن عمها فاروق صاحب الاموال الطائلة و شريك زوجها في عدد من شركاته ..
لكنها تدرك ان تامر ابنها الوحيد بين ثلاث اخوات و يجب عدم خسارته ..
و قررت ترك الامر لزوجها ليبت فيه خصوصا ان زوجها يوافقها الراي بالنسبة لميساء منذ زمن رغم انهما لم يفاتحا تامر بالامر اطلاقا بل بقي مجرد كلام بينهما و ان كانا يرتبان للامر بهدوء و خفية عن طريق تكرار الزيارات و الحفلات و غير ذلك من تقارب الاسرتين المستمر و ترك ( العروسين ) دوما وحدهما بما يشبه الاتفاق الصامت بين الاسرتين على النسب المقبل ..
لم يكن هناك ما يعيب ميساء .. بل الحقيقة كان يميل اليها نوعا ما ..
فهي جميلة .. ذكية .. مثقفة .. ذات شخصية ساحرة كبطلات الافلام او فتيات القصص.
لكن الحب كان يدخر له شيرين
و اه من شيرين و جمالها الجارف
و أي عاقل او مجنون لا يمكنه الوقوع في حبها؟
انه مستعد للتخلي عن ميساء و سحر ميساء و ثروة ميساء و اسرة ميساء و كل ميساء بالدنيا فقط مقابل شيرين لا اكثر .
لكنه خائف من محيطه .. فلن يسمحوا له بالزواج كما يريد ..





اتمنى اشوف تفاعل اكثر .................... وانتظر توقعاتكم

غرور انثى 2010 01-05-09 08:50 PM

وين الردود والتفاعل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

Emomsa 01-05-09 11:50 PM

[SIZE="5"]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارت قصير رائع في وصف المشاعر .... اكثر شيئ واضح ومميز هو الوصف ( وصف المشاعر .... وتتطورها الى اتخاذ القرار المناسب ) لقد اجدتي في وصف مشاعر حاتم وهو يمسك الكتاب المدرسي كأنه يمسك شيئ متعلق به حياته وان تركه تتركه روحه ....... اعجبتني هذه الكلمات عن مشاعر حاتم
و كانت تلك الخطوط بنظره افضل من خرائط الكنوز
و الرسومات الساذجة اجمل من لوحات دافنشي و بيكاسسو
و الكتابات اعز من مخطوطات العقاد


وصف مشاعرهما حينما يتقابلان... وكيف ان مشاعرهما فيها من الحياء ان تظهر بينهما ولكن عند الاخرين تختفي خوفا ... مما سيحدث ... قلقا على قلبين غضين اغرما في وقت وعمر غير مناسبين ......
وقد ظهرت هذه المشاعر الجميلة متجلية في ارتفاع المستوى الدراسي لشيرين ... والحذر الشديد من فادي وكلامهما معا امامه ......


ثم اتخاذ القرار..... اتخاذ القرار تم عندما وجد حاتم امامه ان الاهل سيعارضون لصغر السن ... ولكن لا مفر يجب مفاتحة اهله اولا ....

عندما فاتح اهله لم يجد مانعا ظاهرا .... لان كان لهما تخطيط اخر ... فهل سيتم مايريده؟ ام الاهل سيعارضون سواء من ناحيتها ان ناحيته هو .. وموافقة اهله كانت مجرد كسب وقت للوصول لما يريدونه ....


بصراحة البارت كله اعجبني ... سلمت يداك ......


لا تقيسي موهبتك او مدى جودتك رواياتك وهل هي مثيرة وعلى درجة من التشويق ام لا ... بعدد الردود والقراء ....( فصدقيني هذا رزق )....

ايضا مازالت قصتك في بداياتها فانتظري قليلا ..... واصبري ....


( لكن بصراحة انا زعلانة .... ويجب ان ترضيني ... الست كافية لكي .... خلاص زعلت ...) واحدة واخدة في نفسها مقلب ......[/SIZE
]

غرور انثى 2010 05-05-09 07:19 PM



تابع الجزء الثاني..............


هناك ملايين ستخسرها العائلتان و هناك علاقات و روابط ستنفصم و تخلف ورائها جراحا لا تندمل قد يحولها الزمن لعداء مستحكم تسيل فيه الدماء و قد تكون شيرين اول الضحايا معه .
لكنه سيحارب الكل
الكل بلا استثناء
سيحارب كل حسب وضعه .، لن يقتل اقاربه لكنه لن يتردد باطلاق النار على أي شخص اخر سيقف بينه و بين شيرين
فالحب بلغ منه مبلغ الجنون و التهور .. لن يفرط بها ..
ميساء يتمناها كل شاب بلا مبالغة الا هو الان رغم انه كان سعيدا بها من قبل..
لن تتأثر ميساء بغياب تامر
لكن تامر سيتحطم من غياب شيرين ..
و افاق تامر من افكاره وهو يتطلع الى الصياد الذي يتململ مكانه .. و رشف من العصير رشفة كبيرة يفرغ بها توتره ..
و لاحظ ان السيارة التي اتت اخر مرة و التي نزل منها الصياد ذاك جلس بها اثنان اخران لم يخرجا مما اثار تحفزه ..
لا يبدو الامر مبشرا بخير خصوصا انهما في المقعد الخلفي مما منعه من ملاحظتهما في البداية .. لماذا يجلسان هناك دون حراك؟
و عاد يتحسس مسدسه بحركة خفية و ترك يده بجانبه مستعدة لسحبه فورا ..
لكن الرجلان بقيا مكانهما كأن الدنيا حولهما لا تعنيهما او انهما ينتظران امرا بانتباه مبالغ فيه كأنهما عسكريان مثاليان .. و من يدري فقد يكونا كذلك .
لقد وصلت الامور الى حدها بين اسرته و اسرة منافسة خصوصا حادث حريق الملهى الاخير و الذي كان ضربة موجعة للاسرة المنافسة
اسر المدينة مافيات مصغرة كما الاسر الصينية في نيويورك ..
و ترك يدة تلامس مسدسه للاحتياط ..
و رغم احتمال الخطر الا انه عاد يسرح مرة اخرى بقصته مع شيرين ..
لا لا .. لن اوافق .. هذا مستحيل .!! هدر الاب بوجه تامر بغضب .. و تابع : هل تريد تحطيمي ؟ هل تريد ان تعيش مدمرا من بعدي ؟ هل تريد هدم كل ما بنيته لمجرد هفوة عابرة مع بنت لا زالت تأخذ مصروفها من والدها و تأكل به المثلجات ؟
قال تامر بتوتر حانق :احبها .. ولا اريد غيرها ولو دفعت حياتي ثمن ذلك لا مجرد اكوام من النقود .
قال الوالد ساخرا : مجرد اكوام من النقود؟ وهل تظن انك قادر على الحياة دون تلك الاكوام التي لا تعجبك؟ هل تقدر ان تتخلى عن سيارتك الفاخرة؟ كليتك الباهظة التكاليف؟ ناديك؟ حاسوبك المتطور؟ جناحك الفاخر في هذا القصر؟ مصروفك الكثيف؟ هل يمكنك العمل كمراسل بريد ام كصبي قهوة ؟ ام تفكر في غسيل السيارات لكي تشتري اخر النهار رغيفي خبز لا اكثر؟ هل تظن ان عالم الواقع كما هو في افلام التلفاز السخيفة ؟ ام كما تقرأ عن قصص الحب المزيفة ؟ استيقظ ايها الغبي قبل ان تصدمك الحياة فتدمرك .
بقي تامر صامتا فترة يقلب الامر في ذهنه ..
لا يقدر ان ينكر منطقية ما يقوله والدة
فبدون تلك الاموال لن يقدر ان يعيش عيشة كريمة ابدا و سيخسر حياته و عالمه و أصدقاءه و يعيش عيشة الفقراء الذين لطالما شاهدهم على التلفاز
لن يطيق تلك الحياة
لكن حبه لشيرين كان عميقا
و سأله والده كأنه يقرأ افكاره : اذا كنت تحبها فعلا هل تحب ان تعيش فقيرة محرومة؟
و تغيرت الصورة في ذهن تامر .. يقدر هو ان يحتمل .. لكن هل يطيق وضع شيرين في قبر الفقر؟ ابدا لا يقدر ..
لكن عناده لم يكن يفارقه لذا قال :لن اتخلى عنها يا ابي ..ابدا لن افعل .
قال الوالد بسخط : غبي .. و انا لن اتركك تأخذ غير ميساء والا فابحث لك عن عيشة اخرى بعيدا عني .. وهذا نهائي .. فمن يسعى لتدميري لن ارحمه ولو كان ولدي الوحيد .
تدخلت الام قائلة : تامر .. بني .. الم تفكر ان البنت قاصر و لن يقبل قاض ان يزوجها لك؟
هل تريد ان تتزوجها بغير شرع الله ؟ ام تريد ان تنتظر سنوات طوال ؟
قال تامر : سافكر بالامر .. و سأقرر ما سأفعله .
قال الوالد بحزم : و عندما تقرر تذكر ما قلته لك و على اساسه قرر .
صمت تامر و نهض و غادر المنزل .. كان هناك صراع مرير يدور في ذهنه ما بين الحب و الاسرة .. ما بين شيرين و والداه .. ما بين الفقر و الغنى ..
قد يكون من السهل عليه ان يستغني عن المال و يختار الحب و يبدأ من الصفر
لكن شيرين .. هل يطيق ان يراها باسمال بالية او جائعة او مريضة وهو لا يملك مالا ليسعدها؟ هل يطيق ان يرى جمالها يشحب بسببه هو؟ و يداها الناعمتان تخشوشنان من العمل في منازل الناس لسد رمقها ؟ الموت اهون عليه من هذا .
و وجد نفسه يتجه الى حيث منزل شيرين فخفف سرعة سيارته و توقف ينظر الى المنزل بشغف محب ولها .. يحب المنزل و يحب الشارع و يحب الاشجار و الرصيف و حتى صفيحة القمامة امام الفيلا لأنها كلها تذكره بها ..حتى الشارع هذا .. صار يحب المرور به كلما اراد الذهاب لمكان ما و يسير بابطأ ما يمكن عندما يحاذي منزلها الحبيب..
كم يحبها
كم يعشق عيونها
كي يهيم بصوتها
كم يشتاق لرؤياها كلما غابت عنه ولو كان قد تركها للتو ..
انه الحب
و من يعرف الحب يدرك كم هو جميل و كم يشتاق الحبيب لحبيبته ..
و تنهد بشوق شديد ..
اه لو اطلت من نافذتها الان
اه لو تعرف انه الان هنا و تشفق على حاله ولو بنظرة عابرة
اه لو يرى طيفها من وراء الزجاج ..
و لما لم يكن يريد احراجها مع اهلها او وضع نفسه موضع شبهة لذا تحرك مبتعدا ..
شيرين ..
يا قصيدة سحرية كتبت بدماء قلبي ..
شيرين ..
يا زهرا سحريا من بلاد الجان ..
يا حورية خرجت لتوها من الجنة لارض انا فيها ..
يا عيونا لشيرين تحرق الف روما بمحض نظرة ..
يا شعرا لشيرن كحقول قمح نسجت من ذهب الجنة ..
يا خدودا اشهى من ثمار الفردوس ..
انت يا ملاكي الساكنة في برج عال .. نائمة تنتظر بلوغ الصباح
.. اليك اتي ..
اليك فقط .
و افاق من افكاره على حلم يتحقق ..
كانت شيرين تنزل من سيارة فخمة تقودها فتاة لم يتبينها من تلك المسافة و ان لم يكن شكلها غريبا عليه .. لم يكن يرى سوى رأسها من الخلف ..
و انطلقت السيارة بسرعة لم تتح له الوصول اليها و معرفة الفتاة ..
و نفض الامر من ذهنه
شيرين امامه .. و وصل الى مكانها لكنها كانت قد تحركت و دخلت مجمعا تجاريا قريبا..
لم يتأخر.. ركن سيارته و هبط منها سريعا خلفها بلهفة عاشق ..
و تركها تتسوق حتى امتلأت عربتها من الملابس و الهدايا و العطور و غيرها ..
و عند المكان المخصص للمحاسبة ادهشها تواجد تامر خصوصا ان المكان للنساء
و ابتسم لها ابتسامة صافية جعلتها تقترب مبتسمة بحياء ..
و سألها : هل انتهيت من التسوق ؟
قال : نعم .
و فوجئت به يخرج بطاقة اعتماده و يسدد عنها الحساب و يجرها من يدها قائلا لعامل هناك بلطف: ارجو ان تحضر الاغراض الى السيارة .
و وجدت شيرين نفسها تجلس على المقعد بقرب تامر الذي وضع حاجياتها بالتعاون مع العامل في المقعد الخلفي ثم نقد العامل مبلغا من المال جعل الاخير يلهج له بثناء حار .
و سألته : هل لي ان اعرف لم كل هذا ؟
قال مبتسما : اشتقت لك .
قالت بخجل و دلال : و انا ايضا .
اسعده مجرد وجودها بجانبه لدرجة كادت تذهب قلبه وراء الرياح ..
و لكن حديث والديه اعاده لأرض الواقع بقسوة لذا قال لشيرين التي راحت تخرج حبة ايس كريم مثلثة كالقمع من اغراضها :اريد الحديث معك بأمر هام .
قالت بغير اهتمام : اها .. هات ما لديك .. انا مستمعة .
قال بجدية : قلت لك انه امر هام .. الا تهتمين؟
قالت بنفس اللامبالاة وهي تلعق الايس كريم: اها .. نعم .. انا مهتمة .. تكلم.
نظر اليها وهو يرفع حاجبيه و يقول : شيرين .. قلت لك الامر هام جدا .
ردت بنفس الطريقة : همم .. نعم .. مهم .. اعرف .. انا اسمعك بوضوح .
قال و قد بدأ يتضايق : لا .. هذا غير معقول .. انت لا تهتمين بكلامي .
قالت وهي تنظر اليه بغير جدية قائلة : هه.. تحدث .. انا بقمة الاهتمام .
نظر اليها بصمت تأكل الايس كريم الذي علق بعضه على ارنبة انفها و شفتيها و هي لا تزال تلعقه كقطة صغيرة ..
قال لها بعتاب : هل حبة الايس كريم اهم عندك من حديثي؟ لا بد ان تكون لذيذة جدا لتكون عندك اهم من كلامي .
و فجأة دفعت المثلجات تحت انفه هاتفة بشقاوة : جربها لتعرف .
و فوجئ المسكين بالايس كريم يغلق انفه و فمه و ببرودة الثلج تجمد خياشيمه
فراح يعطس و يسعل بقوة و هي تضحك بتشف و تصفق بيديها
و هتف بها : ايتها الشقية .. انتظري .. سأريك ..
صرخت بمرح و هي تحاول الفرار للمقعد الخلفي لكنه امسك ياقة فستانها و اجلسها مرة اخرى جانبه .. و قبل ان ينتبه كان نفير السيارات يعلو بعد ان انحرفت سيارته عن الطريق بطريقة خطرة لكنه سيطر عليها و أعادها للطريق ..
و لم يكد يفعل حتى تعالى صوت بوق الشرطة ..
و شاهد علامات الرضى على وجوه السائقين في حين استكانت شيرين ببراءة شديدة بجانبه راسمة طفولة الكون كلها على محياها الجميل ..
و نظر اليها بدهشة و هو يقول : يا للعفريتة .
و توقف على جانب الطريق و توقفت عربة الشرطة خلفه و هبط منها شرطي يحمل دفتره و توقف بجانب تامر و اطل برأسه من الشباك قائلا : اوراقك.
تناول تامر اوراقه و ناولها للشرطي ضاغطا على اسنانه ..
و قال الشرطي برصانة وهو يكتب المخالفة : اذا كنت يا بني لا تفكر في حياتك فكر في هذه الصغيرة التي الى جانبك .. لا اظن انك تحب قتل شقيقتك الصغرى بنفسك .. اليس كذلك ؟
نظر تامر الى شيرين نظرة نارية فأجابتها بنظرة براءة طفولية كاد معها ينشق غيظا
و ناوله الشرطي المخالفة الباهظة وهو يقول : احذر .. المرة القادمة سأسحب رخصك ..
و اشار له بالتحرك متابعا : رافقتكم السلامة .
و تحرك تامر الذي لم يقدر طوال الوقت على نطق كلمة واحدة ..
مقلب قوي هذا الذي فعلته به شيرين
يا للشيطانة الصغيرة
وضرب جبهته بكفه .. هو .. تامر .. تضحك منه فتاة صغيرة؟
و قالت له و هي تلعق حبة ايس كريم اخرى بخبث : كم كانت المخالفة هذه المرة؟
قال بدهشة: هذه المرة؟ و هل هناك مرات غيرها؟
قالت بخبث: من يدري؟
نظر اليها بصمت .. ثم انفجر ضاحكا .. فضحكت هي ايضا ..
و فجاة دفع يده تحت يدها فملأ الايس كريم انفها و فمها فعطست هي ايضا بقوة
و ضحك بقوة قائلا : كيف طعمه عبر الانف؟
قالت وهي تسعل و تمسح البقايا : بااااااارد .. و بلا طعم .
قال بخبث : هل تريدين ان اشتري لك المزيد ؟
قالت: شكرا .. يكفي ما اكلته اليوم فهو يكفيني للغد و اكثر .. اتريد انت؟
قال بسرعة : لا لا . شكرا لك على هذا الكرم .. انا ايضا اكلت ما يكفي .
قالت و هي تمسح كفيها : بالهناء و الشفاء .. هل تريد ان تأكل شيئا اخر؟
قال : من هذا الصنف؟ لا .. شكرا .. سأتبع حمية .
قالت :انت الخاسر .
و اخرجت قطعة شوكولاتة كبيرة راحت تخرجها من غلافها بتلذذ ..
و نظر اليها محملقا بالقطعة الكبيرة ثم اختطفها منها وراح ياكلها بسرعة و هي تهزه قائلة باحتجاج : ايها الشره .. هات قطعتي .
لكنه تجاهلها حتى اتى عليها كلها ..ثم مسح فمه بكفه و تجشأ وهي تنظر اليه بغيظ ..ثم استدارت للامام عاقدة ساعديها امام صدرها بغضب و هو ينظر اليها بطرف عينه بتشف..
و بقيت تنظر للامام بغضب .. ثم بدات ضحكات مخنوقة تفلت من بين شفتيها المزمومتين تحاول كتمها بقوة ..
و راح تامر ينقل بصره بينها و بين الطريق بسرعة بتساؤل ثم تناول بسرعة ورقة الغلاف و نظر اليها .. كانت حلوى مخصصة للقطط ..
و صرخ بجزع : ايتها اللئيمة ..حلوى قطط؟.. سأريك ايتها الشقية.
و تعالت صرخاتها الضاحكة ..
و وصلا الى حديقة عامة حيث اوقف تامر السيارة و هبطا منها بسلام ..
و في الحديقة جلسا وراء طاولة قرب نافورة مياه جميلة و طلب تامر عصيرا مثلجا لهما .
و اخبرها تامر بالنقاش الذي دار بينه و بين عائلته حولها ..
فقالت له بانزعاج و خجل: زواج؟ و من قال لك انني افكر بزواج يا تامر ؟ انا صغيرة على هذه الامور .
قال تامر بحرارة : و حبنا يا شيرين؟
قالت بحرج : لا تسئ فهمي .. انا فقط اريد ان اكبر قليلا قبل الزواج منك ، اكبر قليلا اكثر.
قال : افهم كلامك ملاكي.. لكن.. لا اطيق البعد عنك اكثر .
صمتت شيرين فترة و هي تمسك كأس العصير بكلتا يديها و تنظر فيه مفكرة ..
ثم قالت دون ان ترفع نظرها عن كأسها : ماذا لو انتظرنا لما بعد التخرج من المدرسة؟
تراجع بمقعده للخلف و قال: سيجبرونني الى حينها على الزواج من قريبتهم.
قالت : قريبتك يا تامر .. لا تكن فظا هكذا ..قريبتك.
قال ملوحا بكفه : سيان .. المهم انهم يشنون علي حملة واسعة للزواج منها .
قالت : ولم لا ؟
قال: هل جننت؟
كررت : ولم لا؟
قال: ماذا تعنين .. ارجوك شيرين .. الوضع لا يحتمل شقاوتك الان .
قالت وهي تنظر اليه : الامر بحاجة الى تضحية من جانبنا .
قال: لا زال سؤالي ساريا .. ماذا تعنين؟
قالت : تزوج قريبتك.
قال باستنكار : ماذا؟
تابعت : وعندما اصير انا بسن قانونية للزواج و انهي دراستي تزوجني وقتها .
قال : اتزوجك؟ ترضين النزول على ضرة ؟
قالت : انه حل وسط .. نتزوج بالسر وقتها او بالعلن .. من جهة ترضي اهلك و لا تخسر حياتك ومعيشتك ولا تتسبب بدمار العائلتين في عالم يتربص بكم و انتم بأمس الحاجة للاتحاد و من جهة اخرى نكون لبعضنا كما نتمنى دون اعتراض احد .
قال وهو ينظر اليها : انت مجنونة .
قالت: اعرف .. لكن لا حل اخر لديك.
قال : بل لدي حل .. انت فقط لي و لتذهب الدنيا كلها لجحيم .
قالت: و امك؟ و ابوك؟ .. لا حاجة لي بمن لا يحب امه و ابوه فهو لن يحبني .
قال بدهشة : شيرين .. هل ترفضينني؟
قالت بضجر : يا رب الكون.. ما هذا الغباء ؟ .. قلت لك انني فقط اريد منك ان لا تخسر اهلك .. و حبك لي لا يعني تركك لأهلك و من يحبونك .. اقبل ان انزل على الف ضرة ما دمت سأكون معك .. و الى ذلك الحين يفعل ربك ما يريد .. فكر بما قلته لك و لا تجب وانت منفعل او جائع او تعاني من اسهال .

غرور انثى 2010 05-05-09 07:20 PM

اتمنى اشوف ردودكم

Emomsa 05-05-09 11:23 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارت جميل ..... وصفتي حالة تامر جيدا مابين الحيرة والتردد..... والعزم ..... مابين حبه لشيرين ..... ومصلحة العائلة .... مابين العقل ... والقلب .... ولمن الغلبة .......


منتظرينك في الاجزاء القادمة

غرور انثى 2010 08-05-09 12:37 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Emomsa (المشاركة 1946395)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارت جميل ..... وصفتي حالة تامر جيدا مابين الحيرة والتردد..... والعزم ..... مابين حبه لشيرين ..... ومصلحة العائلة .... مابين العقل ... والقلب .... ولمن الغلبة .......


منتظرينك في الاجزاء القادمة



ان شاء باقي الاجزاء تعجبك


وشكرا لكل على مرورك

غرور انثى 2010 12-05-09 11:05 AM


الجزء الثالث ..........

قال : و ما ذنب الفتاة الاخرى كي اظلمها بزواج مصلحة و يكون فكري و قلبي بعيد عنها؟ كيف سأعيش معها و كيف سأكون منصفا في معاملتي لها ؟ انت لا تفهمين شيئا .
قالت : جرب و لن تندم.
قال ك و ان لم ينجح الامر؟
قالت : سينجح .. فقط لا تدمر الدنيا من حولك لأجل انانيتك .
قال : لنفترض انني وافقت غبائك هذا و تزوجت قريبتي .. هل ستنتظرينني فعلا ؟
قالت و هي تنظر للافق مضيقة عيناها بشقاوة : لنفكر بالامر .. هل سأنتظره؟
و عادت تنظر الى كوبها ثم شربت رشفة منه و قالت : لا طبعا .. لن انتظرك .
قال بدهشة : ماذا؟هل .. ؟
قاطعته قائلة : سأحضر انا و والدي لخطبتك من اهلك و لا تقلق بشأن الشبكة و المهر فهي جاهزة عندي و فستان الفرح اشتريته لك من باريس .
ضحك قائلا : شقية كالقرود.
قالت : غبي كفرس النهر .
سألها : ماذا تأكلين ..؟ لم نتناول طعاما منذ فترة .
قالت : سأطلب اكلة احبها جدا .. و هي لا تقدم بالمطاعم لكن يمكن لأي مطعم اعدادها .
اشار للنادل فاقترب و قال تامر :اطلبي .
التفتت الى النادل و قالت : اريد لحم دجاج على شكل شرائح صغيرة بطول 2 سم مقلية مع الفستق و البهارات المشكلة و مخلوطة بالخبز المحمص مع بعض الملح المرشوش فوقها.. متى يمكن ان يجهز الطبق ؟
قال النادل بارتباك خفيف : بعد عشر دقائق يا سيدتي.
تابعاه بنظرهما و هو ينصرف نصف متعثر .
و قالت شيرين باستغراب : يبدو انه مستجد هنا.
ابتسم تامر و لم يجب .. فالنادل المسكين اصابته عيون شيرين بالدوار .. فكيف له ان يحتمل سحر نظراتها .. لن يستغرب تامر ان يحضر النادل بدل طبق شيرين شيئا اخر لا علاقة له بالطعام .. كأن يضع في صينية الطعام هاتف المدير او اسطوانة الغاز و يملحها لها ..
لكن النادل خيب ظنه و احضر الطبق الذي طلبته شيرين بوقت اقل مما حدد
و احضر مثله لتامر ايضا و وضع كأس ماء في المنتصف و مناديل قماشية منمقة الترتيب و شوكة و سكين على كل طبق ثم غادر متحاشيا النظر لأي منهما .
حكيم هذا النادل .. حكيم و مخلص ..
هكذا فكر تامر و هو يتذوق الطبق .. كان لذيذ الطعم ..مقرمشا و شهيا ..
و علقت شيرين قائلة و هي تتناول طعامها : انه طبقي المفضل عندما اكون نصف جائعة او اكون خارج المنزل .. و احيانا داخل المنزل .
تناولا طعامهما بصمت نسبي .. فكل منهما كان يفكر في اتجاه ..
كان هو يفكر فيما قالته شيرين و يحاول ايجاد حل بديل دون فائدة
و هي كانت تفكر في حياتها القادمة .. هل حقا ستقبل التخلي عن عالمها الصغير .. امها .. ابيها .. شقيقها فادي ؟ هل هذا مجرد حلم ؟
لكنها تحبه .. تعترف انها احبته .. ليس من اول لقاء ولا من الثاني ولا العاشر .. لكنه حب نشأ في ظلال مخفية من قلبها و نما بالتدريج حتى كبر دون ان تدرك و لم تقاومه .. بل كانت تراقبه بشغف و سرور ..
و انهيا وجبتاهما على مهل ..
و طلب تامر عصيرا فقالت للنادل : الاناناس لو سمحت .
و قالت لتامر بخجل خفيف : انه المفضل لدي بين العصائر .
قال تامر : و انا احبه ايضا .. احبه و احب من يحبه .
قالت بخجل : تامر .. انت تخجلني .
قال باسما : تكوني اجمل و حمرة الخجل تكسو اذنيك .
قالت : و انت تكون افضل و انت ساكت.
و بعد نصف ساعة كانا يستقلان سيارته في طريقهما للمنزل ..
و قطع افكار تامر صوت باب السيارة الغريبة ينفتح بهدوء كأن احدا يهم بالنزول .. لكن لم ينزل احد .. و فتح الباب الثاني ايضا و لم ينزل احد ..
سحب مسدسه برفق و بشكل خفي و عمّره دون ان يحدث صوتا و رفع زر الامان استعدادا لاطلاق النار .. في جيبه ذخيرة كافية ليبقى حيا حتى تصل المساعدة ان احسن التصرف و مسدسه مليء بالرصاص .. و بدأ يرسم في ذهنه خطة العمل .. هذه الصخرة التي يجلس عليها تصلح كساتر من جهتين .. يبقى جهة الرجل الذي هبط من السيارة .. سيتدبر امره اذا ما لزم الامر .. فهو بعيد نسبيا و لكي يشارك في المعركة يحتاج لدقيقة كاملة ..
و عليه ان يتخلص منهما خلال تلك الدقيقة ..
ان فتح الباب هكذا يعني استعداد الخصم لاستخدامه كساتر لتبادل اطلاق النار ..
لا شك انهما الان يعمران اسلحتمها الرشاشة ..
و مد يده بخفة الى هاتفه النقال وهو يضع زجاجة العصير على الصخرة و لمس ازراره بسرعة و ارسل الاستغاثة المسجلة مسبقا في هاتفه
بعد نشوب الحرب الخفية تلك بين العائلات صار الكل يحتاط لأسوأ الاحتمالات
و لم يطل انتظار تامر .. فقد هبط رجلان يرتديان الاسود و ينتعلان نظارات شمسية على عيونهما .. ضخام الجثث كمجرمي الافلام و يحملان رشاشان خفيفان مزودان بكواتم صوت و لمح تامر الرجل الثالث يجري نحوه و هو يخرج من سلته رشاشا مماثلا ..
و انزلق تامر بخفة و هو ينقلب على بطنه مطلقا رصاصة مدوية اخترقت عين اولهما و صرعته حالا قبل ان يطلق أي منهما رصاصة واحدة..
و انهمر مطر من الرصاص على الصخرة التي اختفى تامر ورائها ..
و تطايرت شظايا زجاجة العصير شبه الفارغة و سال العصير على الصخرة
كان يتمنى ان لا يسيل دمه معها ..
و بسرعة وجه مسدسه نحو الرجل الذي يجري و اطلق صوبه رصاصتان جعلتاه يحتمي بسيارة واقفة مما اخفاه عن تامر الذي عاد يصوب رصاصه نحو الرجل الاول المحتمي بباب السيارة ..
مأزق لطيف بلا شك ..
كان الصيادون يفرون من المكان و بعضهم القى بنفسه في البحر هربا من الرصاص ..
و اطلق تامر رصاصة مدوية صوب الرجل البعيد ليجبره على البقاء مكانه .. ثم زحف بسرعة حول الصخرة و اطل بسرعة مطلقا رصاصة حطمت زجاج السيارة لكنها لم تقتل الرجل للاسف .. و ان ملأت رأسه بالزجاج ..
و عاد تامر يتدحرج و يرسل للرجل البعيد رصاصة اخرى و عاد مكانة تاركا رصاصات الاخير تئز من فوق رأسه ..
و هنا تعالى صوت ابواق الشرطة .. فزاد جنون اطلاق النار .. يريد كل طرف انهاء الامر قبل وصول الشرطة .. و لكن تامر لم يكن صيدا سهلا ..
و برصاصات ثلاث اصاب مقتلا من الرجل البعيد الذي غادر مكمنه وراح يجري نحو تامر مطلقا النار عله يظفر به ..
و هنا سحب الرجل الغليظ زميله القتيل كأنه دمية قماش و القاه مع رشاشه على المقعد الامامي و انطلق بالسيارة مفرغا خزانة الرصاص فوق رأس تامر الذي لم يتمكن من مجرد اخراج رأسه .. و توقف الرصاص و اطل بحذر شديد فرأى السيارة تقف عند جثة الرجل البعيد و الضخم يخطف الجثة الثانية و سلاحها الى الداخل و يطلق لسيارته العنان .. و اسرع تامر يخرج الى سيارته و ينطلق بها ايضا مخفيا سلاحه تحت المقعد و غسل يديه بسائل ذو رائحة نفاذة لإخفاء رائحة البارود ..
و كما توقع استوقفه الشرطة و سأله احدهم عما يجري فقال بذعر مصطنع : مجانين .. انهم مجانين .. لأجل بعض الاسماك يشعلون حربا .
سأله الشرطي : من هم ؟
قال بنفس اللهجة مشيرا للاشيء : سيارة كبيرة و رشاشات و اخرون خلف الصخور .. يا ربنا اللطيف .. سأفر بجلدي.
تركه الشرطي يمر و اتجه مع زملائه لمكان الحادث و تامر ينطلق بخفة مبتعدا عن المكان .. لحسن حظه الشديد لم تصب سيارته بالرصاص و الا لتوقف للاستجواب .. طبعا سيدعي انها اصيبت بعراك المجهولين ..
و شاهد سيارة سوداء داكنة الزجاج تسير نحوه .. انها النجدة وصلت سريعا لكن ليس بسرعة كافية فالمعركة لم تدم لأكثر من دقائق ثلاث .. يبدو ان من خطط للامر حسب حساب النجدات جيدا ..
و انطلق تامر نحو قصر والده و سيارة الحراسة تستدير و تلحق به مسرعة .. لا بد ان الاخبار قد وصلت لعائلته التي تنتظر بقلق وصوله و اعطاء التفاصيل .. كثيرا ما تكون هناك فرقة دعم لفرقة الاغتيال للتدخل حال فرار الهدف او فشل المهمة لسبب او اخر .. لكن وجود الحراسة لا بد سيفشل المهمة كذلك كون سيارة تامر مصفحة .. كل المهمين يستخدمون تلك السيارات المصفحة منذ اندلاع حرب العائلات تلك .. تلك الحرب التي بدأت بسبب شيرين بالذات و ملأت ساحات المدينة دما ..
و وصل تامر و مرافقيه بسلام الى حمى العائلة ..
كانت مهمة فاشلة لعائلة الاخرى..
لكن الخطير فيها انها استهدفت شخصية من كبار العائلة هذه المرة لا احد رجالها العاملين بالحراسة او غيره ..
و هبط تامر من سيارته و هو متوتر واجم ..
انها احد المرات النادرة التي يتم فيها الهجوم في وضح النهار و بوجود عشرات الشهود ..
يبدو ان مرحلة جديدة من الصراع توشك ان تنطلق ..
مرحلة حاسمة ..
و عقد اجتماع سريع لرؤوس العائلة سمح لتامر بحضوره لكي يروي ما حصل ..
و بعد ان اعطى التفاصيل تركهم ليقرروا بينهم ما سيفعلون ..
احتراما للكبار يقوم الشبان باعطائهم خصوصيتهم و عدم التدخل بكلامهم رغم انه غير ممنوع عليهم البقاء و المشاركة في الاجتماعات ..
و صعد تامر الى جناحه الخاص و استلقى على سريره واضعا كفيه خلف رأسه و اطلق لذكرياته المحببة العنان مرة اخرى ..
تعالت زغاريد ام تامر و هي تجلس مع زوجها في منزل والد ميساء التي احاطت بها اسرتها و جلست خجلة مبتسمة .. كانت من الجمال بحيث يمكن جدا لتامر و غير تامر ان يقع في حبها بسهولة كبيرة ..
لكن حب شيرين كان قد سبق حب ميساء .. و مع هذا لم يكن تامر متضايقا من امر خطبته لميساء .. فهذه رغبة حبيبته اولا و كذلك انقاذ لعائلته و ايضا لميساء مكانة كبيرة في قلبه كادت تصير عشقا لولا ان القدر ارسل شيرين لتأخذ مكان ميساء في وجدان تامر ..
كانت قبلات شقيقات تامر لا تفارق خديه و العناق لا يكف من حوله ..
زواج كهذا لهو حدث كبير للعائلتين يستحق ان يقام له مهرجان كامل ..
و كان والد تامر سعيدا فخورا بولده و هو يتحدث لوالد ميساء السعيد ايضا بالخطبة ..
و دارت كؤوس الشراب المشكلة من افخر العصائر و المشروبات على الموجودين ..
و جلس تامر قرب ميساء التي تكاد تذوب خجلا بعد ان حمل الاقارب العروسان حملا الى كرسي مزدوج ليكونا قرب بعضهما ..
و كانت كاميرات الاسرتين تلمع مخلدة هذه اللحظات الجميلة ..
و التفت تامر الى ميساء الخجلة التي تنظر للارض بحياء ..
جميلة كزهرة نرجس ..
رقيقة كورقة اقحوان ..
ناضجة كثمار الجنة ..
مشرقة كشمس اذار ..

Emomsa 13-05-09 12:35 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزء جميل ككاتبته .... لكن هناك غموض ... ما مصير شيرين .....

وبكل بساطة ... خطب ميساء ..... وبعدين ...

هناك الكثير من الغموض .... بجانب الفلاش باك ... الى اين سينتهي بنا .....

على العموم ... استمري منتظرين الجزء القادم لا تتأخرين .....

غرور انثى 2010 14-05-09 08:24 PM

الجزء الرابع

لو لم تكن شيرن بحياته لما وجد على سطح الارض من نسل حواء افضل ولا اجمل من ميساء لتكون شريكة عمره ..
كاد ينسى شيرين في بحر عيون ميساء العسلية المتألقة بجمال اخاذ لا يقاوم ..
كانت تختلس اليه النظر بحياء و تشيح بوجهها بخجل كلما التقت عيناهما تاركة سهما كبيرا ينفذ الى قلبه مع كل نظرة ..
لكن حب شيرين كان درعا صلبا تتحطم عليه تلك السهام الجميلة رغم انها تترك اثرا عميقا .
و بمهارته المعهودة فتح تامر مع ميساء حديثا شيقا انهمكا فيه ناسيين ما و من حولهما .. و ليس اسعد على قلوب الاهل من رؤية العروسين منهمكين بالحديث فهذا دلالة المحبة و الانسجام و بالتالي يحرم مقاطعتهما لأي سبب الا ان يكون سببا قويا و تقوم ام احدهما بالتدخل و باسلوب لبق لتخبرهما بلطف مثلا ان حريقا اصاب المنزل و يكاد يشويهما و بالتالي عليهما التكرم بالمغادرة .. او ان قنبلة تحت قدميهما تكاد تنفجر و بالتالي يجب تغيير المكان لكي لا تتلف ملابس السهرة .. و اقل من ذلك لا يستحق المقاطعة ابدا ..
ان لتقاليد الخطبة قواعد صارمة اكثر من جيش روسيا ..
و مضت ساعات و تامر و ميساء يتحدثان بشتى المواضيع و قد ذاب حاجز الخجل و التردد بينهما و صارا يتعاملان كما يجب مع بعضهما ..
و في وقت متأخر غادرت اسرة تامر منزل اسرة ميساء بعد ان اتفق الطرفان على تفاصيل حفل الخطوبة و مكانه و اجراءاته و ما الى ذلك من عشرات التفاصيل التي يجب ان تراعي العادات و التقاليد و العلاقات العامة مع الاسر الاخرى ..
و عاد تامر الى منزله شاعرا بدوار ..
كان يشعر كأنه يخون شيرين بخطبته ميساء رغم ان هذه كانت فكرة شيرين نفسها ..
كيف اطاع فتاة صغيرة بأمر جلل كهذا ؟
هل كانت تريد التخلص منه ؟ هل تريد ابعاده عنها ؟
لا .. مستحيل .. فهي تحبه .. بكل المقدسات يقسم انها تحبه .. و هو يحبها ..
اذن ليثق بحبها و ليمض قدما في خطتهما معا ..
و هذا ما كان ..
كانت حفلة الخطوبة صاخبة للغاية تحدثت عنها الصحف كثيرا و انفقت الاسرتان مبالغ هائلة فيها .. انها حفلة القرن كما اسموها ..
لكنهم غيروا رايهم عند حفل الزواج الذي جاء بعد اسبوعين فقط من حفل الخطوبة فقد كانت الاسرتان مستعجلتان جدا لإتمام الزواج .. ولولا كلام الناس لكان الزواج بعد يومين من الخطوبة ..!!
كان حفل الزواج حفلا يشبه الاساطير بكل معاني الكلمة ..
فقد جرى الاحتفال في حدائق سياحية تم حجزها بالكامل مدة ثلاثة ايام و اختيار منطقة تسمى ( جنان هاواي) كمكان رئيسي للعرس الذي استمر ثلاثة ايام كاملة دون توقف ولو لدقيقة و اشترك به المع نجوم الفن في المنطقة كلها .. كان مهرجانا حقيقيا صنعت به عجائب تستحق التسجيل في موسوعة جينيس للارقام القياسية .ز كانت اضواء الليزر و المفرقعات الملونة و الزينات و الاضواء تصنع جوا احتفاليا قلما يشهده بلد عبر العالم و كان العرس مفتوحا لجميع الناس مع احتياطات الامن طبعا .. و قدر عدد الحضور بعشرين الفا لكل يوم .. فالطعام مباح و الشراب .. ناهيك عن عشاق الفن الذين حضروا لرؤية نجومهم المفضلين على الطبيعة يحيون عرسا مذهلا بتكاليفة و اعداده و تقنياته ..
اذا كانت حفلة الخطوبة اسموها حفلة القرن فكيف بالعرس؟
لا يدري ان كانت شيرين طالعت الاخبار ام لا .. فهي مسافرة انذاك لقضاء العطلة الصيفية مع اسرتها خارج البلاد في جولة سياحية سنوية كما فهم تستمر حتى اخر الصيف و قرب افتتاح المدارس ككل عام ..
و ربما كان هذا افضل ..
فهو لا يطيق فكرة ان تكون شيرين بالمنزل تطالع اخبار خطوبته و تتألم ..
و ربما كونها غر مطلعة على ما يجري بعث عنده راحة نفسية ساعدته على اتمام الخطوبة كما يجب و دون اية منغصات ..
و هكذا صار تامر و ميساء مخطوبان رسميا لبعضهما ..
و كان تامر لا يقصر مع ميساء ابدا في حقوقها و لا واجباته تجاهها ولا يجعلها تحس بأي شيء .. رغم ان ضميره كان يعذبه ..
ما ذنب ميساء لكي تكون ضحية حبه؟
كيف ستستقبل مسألة زواجه من شيرين ان انكشف الامر؟
كيف ستكون ردة فعل العائلتان؟
لا شك ان جهنم ستزور الارض وقتها و تتربع في المدينة ..
لكن ليبق كل شيء كما هو مخطط له و عندما يتزوج شيرين و يتم حلمه ساعتها لكل حادث حديث و سيجد طريقة ليبقي الامر سرا ..
لا بد ان شيرين الان تتمتع بالسياحة كما فراشة جميلة تنتقل من خميلة لأخرى تنشر سحرها في كل مكان تزوره ..
هذا افضل لها من ان ترى تامر يمسك بيد فتاة اخرى و يسير معها في مكان ما في حين ان شيرين كان من يجب ان تكون مع تامر لا غيرها ..
اه لشيرين و عيون شيرين و جمال شيرين و حب شيرين ..
و هل كثير ان تشتعل حرب لأجل شيرين ؟
و هل غريب ان تنحر الاضاحي عند قدمي فاتنة كشيرين قرابين وثنية ؟
اه شيرين .. يا حارقة روما قلبي .. يا فينوس الحب القاسية .. احبك .
و قطع ذكرياته طرقات خفيفة على الباب ..
و نهض من مكانه بنشاط و سأل: من ؟
اتاه صوت رصين يقول : انا ابو جودت .. العشاء جاهز يا سيدي.
العشاء؟
و نظر الى ساعته .
لقد استغرقته الافكار حتى الليل دون ان ينتبه ..
فقال بسرعة : حسنا انا قادم ..لحظات فقط .
لم يعلق الرجل و انصرف ..
و نزل تامر الى مائدة العشاء حيق التم شمل الاسرة .. والداه و شقيقاته الثلاث و حولهم الخدم ..
و لم يتحدث احد حول الحادث ابدا على الطعام ..
امور الاسرة يجب ان لا يسمعها الخدم ولا العاملين بالمنزل ..
و انتهى الغداء على خير و تفرقت الاسرة من حول المائدة كل الى شأنه ..
و ما ان استقر تامر على سريره حتى سمع طرقات ناعمة على الباب .. و انفتح الباب و دخلت شقيقته الوسطى نرمين قائلة : ما الذي جرى يا تامر؟
قال تامر سارحا في السقف : لا تقلقي يا نرمين .. مجرد حادث عابر راح لسبيله.
قالت : الى متى ؟ هل سنظل نعيش القلق كل يوم؟
قال : ليس طويلا يا عزيزتي .. ليس طويلا .
قالت : منذ اشهر و انت تكرر هذا الكلام .. سيقتلنا القلق عليك يوما .
قال تامر مبتسما : لا تقلقي يا نرمين .. شقيقك له الف روح بجسد واحد .
و قبل ان تتابع نهض قائلا : هم من يجب ان يقلق يا نرمين و ليس نحن .
قالت بغيظ : سحقا .. اكل هذا من اجل فتاة ؟
نظر اليها تامر بصمت قليلا ثم غادر الغرفة بلا كلام .
و سمعها تقول من خلفه بنبرة باكية : سيقتلني القلق عليه يوما .
و ركب تامر سيارته و انطلق بها مرة اخرى فى ليل تملأه انوار المدينة حتى استقر به المقام في حديقة عامة اتخذ بها مكانا منزويا يطل على منظر جميل ..
هذه الحديقة تقع ضمن سيطرة اسرته لذا لا خوف من مشاكل جيدة رغم انه لا يخاف تلك المشاكل ابدا فهو قادر على تخطيها بسلاسة و يسر ..
و طلب كأسا من عصير الاناناس راح يتأمله قليلا ثم ارتشف منه رشفة ..
انه عصيرها المفضل .. شيرين .. حبيبة قلبه ..
و عادت الذكريات تجره اليها ..
اه لدموعها عندما عرفت..
اه لعينين يسيل منهما خمر الجنة ..
اه لوجه ملاك تكسوه الدموع الفضية ..
و تلك النظرة بعينيها ..
تلك الملامة بنظراتها ..
أي قلب من صخر يمكنه ان يصمد امامها دون ان يتصدع؟
أي فؤاد يمكنه ان لا ينفطر لمرأى ذاك الحزن يرتسم على الوجه الملائكي؟
لماذا يا تامر؟ لماذا؟ .. سألته باكية بحرقة ..
قال محطم الفؤاد : اليس هذا ما اردت يا قلب تامر؟ اليس هذا ما اجبرتني عليه ؟
قالت نافضة رأسها كمن يريد الخروج من حلم : لا اصدق .. حقا لا اصدق.
قال بلوعة : شيرين .. اقسم لك انني لم احبب سواك .. وان ميساء ...
قاطعته صارخة من بين دموعها : الم تجد غير ميساء؟ هل انقطع نسل حواء الا من اعز صديقاتي؟ لن اغفر لك هذا ابدا .
قال برجاء حزين : لم اكن اعلم يا شيرين .. ارجوك .. ماذا افعل ؟
بكت بحرقة انخلع لها قلبه من مكانه و راحت تقول : ميساء؟ لا اصدق .. كيف تجرؤ؟
قال بحزن : و كيف لي ان اعرف؟
قالت باكية : لو كنت تحبني حقا اليس من واجبك ان تعرف اهلي و اصدقائي و ما يختص بي؟ الست انا اعرف كل هذه ا لاشياء عنك؟
قال بملامة : لو كنت تعرفين الم تعرفي ان ميساء قريبتي ؟
صرخت قائلة بقلب جريح : كنت اعرف .. و اسعدني هذا اكثر مما تتصور .. لكن ان تتزوجها هذا كثير..
و تركته وانطلقت نحو سيارة اسرتها التي ينتظرها بها سائق و حارسان و قريب لها لم يره من قبل ..
و اندفع خلفها يريد اللحاق بها لكن الحارسان اعترضاه فصرخ بجنون هادر: ابتعدوا عن طريقي.
لم يتحرك الحارسان و بقيا متحفزان فسحب مسدسه هاتفا : سأقتل من يعترضني.
سحب الحرس اسلحتهم فسحب حرسه اسلحتهم ايضا و كذلك قريبها .
و كاد الامر يتحول الى ساحة قتال لولا ان صرخت شيرين : كفى .
توقف الكل فصاحت بهم : كفى .. وحوش .. كلكم وحوش .
قال تامر : شيرين .. ارجوك ..
قاطعته باكية: انا التي ارجوك يا تامر .. كفى .. اريد ان اذهب .. اتركني لوحدي
.

Emomsa 16-05-09 02:28 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الجزء رائع ... ومازالنا نغوص في اعماق ذكريات تامر .....وحبه ... الذي انكتب عليه الموت قبل ميلاده ....

هل شيرين ابنة احدى العائلات الاخرى الذين بينهم وبين عائلة تامر عداوة ام ان العداوة بدأت منذ بداية حبهما ... وطلبه للزواج منها ....
مازال هناك غموض ارجو ان ينكشف قريبا مع توالي الاحداث ....


ما شاء الله متمكنة من خيوط رواياتك وتنتقلين بين الماضي والحاضر بحرفنة وتصفين مشاعر تامر بدقة.......


منتظرين الاحدث القادمة بشوق لا تطولين .....

sandy0 16-05-09 06:47 AM

جميلة اختى بجد تسلم ايدك

و دايما يا رب فى تميز مستمر

mshmshty 17-05-09 03:13 PM

رواية كتير رائعة وبتفكرنى بقصة ورميو وجوليت

منتظرة اعرف باقى الاحداث وبليز متتأخريش علينا

تسلمى على الرواية الرائعة

غرور انثى 2010 21-05-09 09:39 PM

الجزء الخامس


خفض تامر سلاحه بيأس ممزق القلب و قريب شيرين يدخل شيرين السيارة و ينظر لتامر
نظرة حقد و شماتة و دار حول السيارة و احتل مكان السائق و انطلق و شيرين تدفن وجهها بكفيها باكية بحرقة ..
و بقي تامر واقفا ينظر الى السيارة المبتعدة تحمل قلبه داخلها ..
لولا الحياء لجلس و بكى كالاطفال ..
و اعاد سلاحه الى غمده ببطئ و عاد صامتا الى السيارة الخاصة به و اراد اللحاق بسيارة شيرين لكن قائد الحرس منعه .. كان قائد الحرس من اصدق أصدقاءه و هو رجل مخلص بحق لطالما ساعده في المآزق ..
و كان مراد قائد الحرس شابا ذكيا حلو الكلام حازما لا غنى للاسرة عنه لذا اعطوه صلاحيات لاحدود لها تصل لدرجة التصرف دون استشارة احد الا في الامور الكبيرة ..
و لذا كان اول ما فعله في ذاك الموقف وقتها ان جرد تامر من مسدسه و اشار لرجاله فانقضوا على تامر و قيدوه فراح يصرخ بهم بجنون : هل جننتم ؟ ماذا تفعلون؟
قال مراد بهدوء لرجال: ضعوه في المقعد الخلفي و لا تتركوه وحده .
جلس حارس على يمين تامر المقيد و اخر على شمال و قاد مراد السيارة يجلس بجواره حارس يحمل سلاحه متحفزا ..
و انطلقت السيارة مسرعة و تامر يقول بغضب لمراد : هل نسيت من انت ؟ كيف تفعل هذا بي؟ هل انت هنا لحراستي ام لخطفي؟
قال مراد بحزم : اصمت و دعني اركز بالقيادة.
صرخ به تامر : انت مجرد موظف عندي .. هل سمعت .. موظف يأخذ راتبه اخر الشهر .
قال مراد ساخرا : اه .. الراتب ..ذكرتني .. اريد علاوة هذا الشهر .
صرخ به تامر : هل تسخر مني ؟ انت مفصول انت و كل كلابك .
قال مراد لحرسه : كمموا فمه.
صرخ به تامر : خائن ..
و كمم الحرسان فمه فبقي يهمهم بغضب شديد .
و وصلوا الى المنزل فاشار مراد لرجاله فحملوا تامر الغاضب الى الحديقة و هرعت شقيقاته بجزع و رحن يحللن وثاقه و جاء والده و معه بعض مستشاريه ..
و سأل بغضب : من فعل هذا بتامر؟
كان تامر قد تحرر فنزع الكمامة عن فمه و ضرب بها الارض صارخا بغضب: من ؟ اسأل قائد حرسك الهمام .
نظر الاب لمراد بغضب فقال الاخير بهدوء : نعم انا من فعل هذا .
نهض تامر ملوحا بسبابته في وجه مراد بغضب قائلا: ستدفع الثمن يا مراد انت و رجالك الخونة .. لا اريد ان اراك هنا بعد اليوم .. و ساقتلك لو شاهدتك ولو بالشارع.
قال الوالد : كفى .. ماذا حصل يا مراد؟
روى له مراد ما حصل ببساطة .
و قال تامر : انا تامر يقيدني رجالي .. أي مهزله هذه؟ كيف يمكن الثقة بهم بعد اليوم؟
تنهد الوالد مطرقا ثم قال بحزم : مراد .
نظر اليه مراد بهدوء فتابع : لا تنس تفقد مجموعة الحراسة المسائية فجواد مريض اليوم.
ابتسم مراد بصمت فهدر تامر: ماذا؟ هل سيبقى؟ لقد قيدني و عرضني للخطر .
قال الوالد : ولو صفعك لكنت اعطيته مكافئة .
حملق بهم تامر بدهشة قائلا : ماذا؟
تجاهله الاب و عاد للفيلا بتمهل .
و جلس تامر على العشب ..كان يدرك انهم على حق
كان يفرغ توتره بمن حوله بعد ذهاب شيرين ..
و تفرق الكل من حول تامر و بقي رامي الذي قال لتامر بهدوء : ان كانت تحبك حقا فلن تخسرها يا تامر .. لكن ميساء هي المشكلة بينكما .. مشكلة لا ذنب لها .
و تركه و اتجه الى رجاله ليتابع عمله .
و بقي تامر مكانه و الدنيا تدور حوله بدوامة سوداء قاسية ..
و طوال الايام التالية كان يحاول الاتصال بها لكن دون فائدة ..
لقد غيرت رقم هاتفها و عملت له حظرا على المسنجر و لم تعد تذهب الى أي من الاماكن التي كانا يترددان عليها و لم كين يمكنه ان يراها الا عندما تغادر منزلها فحسب و يكون معها حارس او قريب .. و لاحظ ان قريبها ذاك يكثر الذهاب عندهم ..
يبدو انه يريد استغلال الوضع للتقرب من شيرين ..
لكن يبدو انها لا تحبه كما لاحظ ..لا تحب صنف الرجال عموما ..
ما كان يعطيه الامل انها كانت تنظر اليه بحزن و عتاب لا بغضب و كره ..
و هذا جعله يستمر في المحاولة لاقناعها بالعودة اليه لكن بلا فائدة ..
و للاسف انعكس الامر على حياته الداخلية ..
ميساء ادركت بطريقة او باخرى ما يحدث و انها متعلق بشيرين ..
و جن جنونها ..
تامر زوجها يحب اعز صديقاتها؟
اذن هذا هو سبب ابتعاد شيرين عنها مؤخرا ..
و استحالت حياتها مع تامر جحيما لا يطاق ..
تامر يرى ان شيرين احق من ميساء بالزواج كونه يحبها ..
و ميساء ترى تامر يخونها مع اعز صديقة لها ..
و كانت العادات تجبرهما على اخفاء الخلاف بينهما امام الناس .. و الابتسام ..
كان تامر ممزقا بين ميساء و شيرين ..
ممزق ما بين قلبه و ما بين عقله و واجبه ..
عقله يقول له ان ميساء زوجته و لها حقوق الزوجة بكل دقائقها و ان زواجهما هو محور هام للعائلتين و مصدر قوة لا غنى عنه ..
و قلبه يجري وراء شيرين الجميلة الغاضبة كحصان جامح يجر خلفه صاحبه جرا..
و يكاد و الحق يقال ان يفقد كلا الامرين معا .. قلبه و عقله ..
لكن .. هل سيستسلم للامر؟
كلا ..لن يخسر احدا .. لن يخسر اسرته و زوجته و لن يخسر قلبه ايضا ..
سيحارب الدنيا لأجلهما معا ..
كانت شيرين وقتها تعاني ايضا من نارين .. نار حبها لتامر و نار حبها لصديقتها ميساء..
نفس النار تعاني منها ميساء ايضا .. ما بين تامر و شيرين ..
لكن لم تنقطع العلاقة ما بين شيرين و ميساء و كأن احدهما لا تدري بعلاقة الاخرى مع تامر
شيرين لا تظهر لميساء حبها لتامر و ميساء لا تظهر لشيرين انها تعلم بحب تامر لها ..
لعبة مؤلمة بينهما .. لعبة اخفاء المشاعر..
لم يكن تامر يتميز بالصبر الجميل ..
لكنه لم يكن متهورا ..
و كان شديد العناد فيما يختص بما يريد ..
لذا لم ييأس من ان يستعيد شيرين و لم يترك الامر للزمن في نفس الوقت ..
و انطلق صوب منزل شيرين و ما ان وصل حتى شاهد سيارتها تنطلق بها فلحق بها ..
كان يعلم انه ترافق الحرس عادة و انه الان بلا حراسة و قد يتعرض للاذى فيما لو حاول التحدث لها .. لكنه لم يبال ..
و سارت سيارة شيرين مسافة طويلة لم قبل ان تصل مكانا لم تكن شيرين تقصده من قبل ..
حي شعبي قديم متداخل المباني و الزقاقات ..
يبدو انها ملت كل الاماكن و قررت الابتعاد عن عالمها ولو قليلا ..
و هبطت شيرين كأجمل ما تكون الفتيات .. متألقة بفستان بسيط جميل ..
و دهش تامر ان لم يجد معها الا سائق عجوز لا اكثر .. لا حراسة ..
اذن قد يمكنه محادثتها دون عوائق ..
و نزل بدوره من السيارة و سار خلفهما على مسافة نحو عشرين مترا لكي لا يحرجها مع السائق الذي تبدو الطيبة عليه..
كان يفكر في طريقة لكي يجلس معها .. سينتظر حتى يبتعد السائق عنها ولو دقيقة لكي يكلمها ولو كلمة ..
و سارت شيرين و السائق خلفها حتى وصلت مكانا بعيدا نسبيا عن الحي الشعبي .. كان واضحا انها تسير على غير هدى .. فقد كانت المنطقة عبارة عن منازل نصف مهجورة ..
و اسرع تامر في مشيه قليلا .. وما ان صار على مسافة عشرة امتار منها حتى وجد ان اربعة من الشبان يعترضون طريقها بشكل ينذر بالسوء .. و سمع احدهم يقول لها : دعك من هذا العجوز و تعالي معي يا حلوتي فانا اقدر على اسعادك منه ..
قالت له بغضب: انقلع من هنا ايها الوغد؟
ضحك الاربعة و قال اخر : وقحة و جميلة .. هذا ما احبه .
قال السائق : ابتعدوا ايها المجرمون.
قال احدهم بتحد مستهتر : و ماذا لو لم نبتعد؟ هل ستضربنا؟
و ضحك الاربعة بنزق ..
و هنا وصل تامر فتعلقت به شيرين بخوف قائلة : تامر .. الحمد لله انك هنا.
قال احد الشبان لتامر بقسوة: هذا الفتاة لنا ايها الولد .. اذهب الى امك.
استدار تامر نحوه و قال بهدوء : هكذا ؟
قال الشاب ملحا بسكين بين يديه : نعم هكذا و انصحك بان تكسب عمرك .. البنت لنا .
قال تامر بحزم : وانا انصحك بالابتعاد .
اقترب الشاب الضخم منه حتى لامس وجهه وجه تامر و قال : و ان لم ابتعد؟
و فجأة صدر صوت طلق مكتوم .. و تراجع الشاب بألم و دهشة و هو يضع يده على معدته و الدم يسيل من بين اصابعه ..
و رأت شيرين مسدس تامر يتصاعد منه الدخان ..
و دفع تامر الشاب بقدمه فسقط على ظهره .. و رفع مسدسه نحوه و اطلق سبع طلقات اخرى مدوية على صدر و رأس الشاب الذي تناثر جزء منه بمنظر دموي بشع و جسد الاخير ينتفض محتضرا .. و ادار مسدسه بسرعة صوب البقية المأخوذين و اطلق رصاصة اصابت ترقوة ثان ..
و نفذ رصاص تامر فاسرع يستبدل خزانة الرصاص باخرى مما اتاح للثلاثة مجال الفرار لا يلوون على شيء و المصاب يصرخ برعب ..
و اعاد تامر مسدسه لغمده و قال لشيرين المصدومة : هيا نخرج من هذا العفن .
و سارت شيرين معه كالمنومة مغناطيسيا .. لا .. مستحيل .. هذا حلم ولا شك ..
لم تر من قبل انسانا يقتل امامها هكذا .. لم تر رعبا اشد في حياتها من هذا ..
و قال تامر لها و هي لا تعي ما حولها : اياك يا ملاكي ان تخرجي من جنتك الى مكان اخر .. فكل مكان هو جحيم لا مكان فيه لملاك .. الا ملائكة العذاب امثالي .
و ترك السائق ينطلق بها بسيارته كأن عفاريت الدنيا تلاحقه وهو يجري اتصالاته مع اهلها .. و ركب سيارته و عاد الى منزله ..
كانت هذه الحادثة ما فجر الحرب بين العائلات ..
ففي نفس اليوم كانت عائلة الشاب تطالب برأس تامر الذي اصر انه كان يدافع عن نفسه .. و قالت عائلة الشاب القتيل ان تامر تعمد اعدام الشاب بوحشية بعد اصابته لذا يجب ان يعدم و قالت عائلة تامر ان الشاب لو لم يمت لقتل تامر فور ابتعاده كما ان هناك ثلاثة اخرين كانوا مستعدين للفتك به لذا كان الموقف دفاعا عن النفس..
و عرضت عائلة تامر دية للقتيل لكن العائلة الاخرى اصرت على موت تامر .. و من هنا بدأ الصراع و تعددت الاصابات و اختلفت الاهداف من الحرب كلية ..
و لم تنس عائلة الشاب ان شيرين كانت ضمن الحدث لذا طالبت بها فهبت عائلتها لتدافع عنها و وجدت انها مضطرة للتحالف مع عائلة تامر ضد تلك العائلة الكبيرة مما صنع توازنا في القوى يميل قليلا جدا لصالح حلف العائلات المكون من عائلة تامر و عائلة شيرين و عائلة ميساء قريبة تامر ..
العائلات عادة تتكون من الاف من الافراد و تملك موارد غزيرة و مناصب في الدولة و محامون و تمتد العائلات الى كل فروع الدولة مما اعطى الصراع ابعادا متشعبة و جعل احتواء المشاكل امرا عسيرا للغاية حتى على الدولة ..
فكل حدث يقيد ضد مجهول و كل من يعتقل تهب لجان محاماة لاطلاق سراحه ولا احد يترك دليلا خلفه عند العمل ضد الاخر ..
امر معقد يستعصي على الشيطان !!
و هكذا وجدت المدينة نفسها في صراع يلتهم خيرة شباب و مقدرات اكبر عائلاتها و لم يكن بالإمكان لبقية العائلات الا تحاشي الصراع و حماية نفسها ..
و حاولت الدولة ارسال فرق امن كثيرة لكن الصراع لم يزل .. بل تحول الى ضربات خاطفة سريعة مخططة جيدا بحيث تنسب الى مجهول كل مرة عدا حالات قليلة و حتى في هذه الحالات القليلة لا يكاد احد يبقى في السجن بعد تدخل جهات عليا و ضباط و محامين و ما الى ذلك .. كان الامر كأنه صراع المافيا في الثلاثينات ..
و تنهد تامر قاطعا ذكرياته بنفسه هذه المرة و رفع عينيه يتأمل رواد المكان .. يحسدهم على حياتهم الهادئة البسيطة الخالية من المشاكل .. لماذا لم يكتب له ان يعيش مع شيرين بمكان بعيد هادئ لبقية العمر؟ يتمنى ذلك .. يتمناه من كل قلبه الجريح ..
اه لدنيا ليس فيها شيرين .. تكون خرابا و لو كانت مرتعا للغيد الحسان ..
و نهض تامر من مكانه و راح يتمشى حتى وصل الى قرب جدول رقراق يجري بهدوء و الاسماك تلعب داخله مختطفة قطع الخبز او طعام الاسماك مما يلقى لها من قبل العمال المكلفين بالاشراف على المكان ..
و سرح ببصره في الماء و الاسماك و الحصى مجترا ذكرياته من جديد..
كانت علاقته مع ميساء تتدهور يوما عن يوم رغم انه كان يقوم بواجباته نحوها على اتم وجه .. لكن معرفتها ان قلبه ليس لها كان يجعل حياتها جحيما لا يطاق ..
و كانت عندما يفيض الكيل بها تخرج للترفيه عن نفسها حتى تتناسى ما تعيشه من عذاب داخلي مرير ..

غرور انثى 2010 21-05-09 09:40 PM

وشكر خاص لكل اللى ردو على القصه

ان شاء الله يعجبكم هذا الجزء

تحياتي

mshmshty 23-05-09 04:21 PM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...ccee08f47e.gif

غرور انثى 2010 13-06-09 06:32 PM

الجزء السادس


و اسرع تامر في مشيه قليلا .. وما ان صار على مسافة عشرة امتار منها حتى وجد ان اربعة من الشبان يعترضون طريقها بشكل ينذر بالسوء .. و سمع احدهم يقول لها : دعك من هذا العجوز و تعالي معي يا حلوتي فانا اقدر على اسعادك منه ..
قالت له بغضب: انقلع من هنا ايها الوغد؟
ضحك الاربعة و قال اخر : وقحة و جميلة .. هذا ما احبه .
قال السائق : ابتعدوا ايها المجرمون.
قال احدهم بتحد مستهتر : و ماذا لو لم نبتعد؟ هل ستضربنا؟
و ضحك الاربعة بنزق ..
و هنا وصل تامر فتعلقت به شيرين بخوف قائلة : تامر .. الحمد لله انك هنا.
قال احد الشبان لتامر بقسوة: هذا الفتاة لنا ايها الولد .. اذهب الى امك.
استدار تامر نحوه و قال بهدوء : هكذا ؟
قال الشاب ملحا بسكين بين يديه : نعم هكذا و انصحك بان تكسب عمرك .. البنت لنا .
قال تامر بحزم : وانا انصحك بالابتعاد .
اقترب الشاب الضخم منه حتى لامس وجهه وجه تامر و قال : و ان لم ابتعد؟
و فجأة صدر صوت طلق مكتوم .. و تراجع الشاب بألم و دهشة و هو يضع يده على معدته و الدم يسيل من بين اصابعه ..
و رأت شيرين مسدس تامر يتصاعد منه الدخان ..
و دفع تامر الشاب بقدمه فسقط على ظهره .. و رفع مسدسه نحوه و اطلق سبع طلقات اخرى مدوية على صدر و رأس الشاب الذي تناثر جزء منه بمنظر دموي بشع و جسد الاخير ينتفض محتضرا .. و ادار مسدسه بسرعة صوب البقية المأخوذين و اطلق رصاصة اصابت ترقوة ثان ..
و نفذ رصاص تامر فاسرع يستبدل خزانة الرصاص باخرى مما اتاح للثلاثة مجال الفرار لا يلوون على شيء و المصاب يصرخ برعب ..
و اعاد تامر مسدسه لغمده و قال لشيرين المصدومة : هيا نخرج من هذا العفن .
و سارت شيرين معه كالمنومة مغناطيسيا .. لا .. مستحيل .. هذا حلم ولا شك ..
لم تر من قبل انسانا يقتل امامها هكذا .. لم تر رعبا اشد في حياتها من هذا ..
و قال تامر لها و هي لا تعي ما حولها : اياك يا ملاكي ان تخرجي من جنتك الى مكان اخر .. فكل مكان هو جحيم لا مكان فيه لملاك .. الا ملائكة العذاب امثالي .
و ترك السائق ينطلق بها بسيارته كأن عفاريت الدنيا تلاحقه وهو يجري اتصالاته مع اهلها .. و ركب سيارته و عاد الى منزله ..
كانت هذه الحادثة ما فجر الحرب بين العائلات ..
ففي نفس اليوم كانت عائلة الشاب تطالب برأس تامر الذي اصر انه كان يدافع عن نفسه .. و قالت عائلة الشاب القتيل ان تامر تعمد اعدام الشاب بوحشية بعد اصابته لذا يجب ان يعدم و قالت عائلة تامر ان الشاب لو لم يمت لقتل تامر فور ابتعاده كما ان هناك ثلاثة اخرين كانوا مستعدين للفتك به لذا كان الموقف دفاعا عن النفس..
و عرضت عائلة تامر دية للقتيل لكن العائلة الاخرى اصرت على موت تامر .. و من هنا بدأ الصراع و تعددت الاصابات و اختلفت الاهداف من الحرب كلية ..
و لم تنس عائلة الشاب ان شيرين كانت ضمن الحدث لذا طالبت بها فهبت عائلتها لتدافع عنها و وجدت انها مضطرة للتحالف مع عائلة تامر ضد تلك العائلة الكبيرة مما صنع توازنا في القوى يميل قليلا جدا لصالح حلف العائلات المكون من عائلة تامر و عائلة شيرين و عائلة ميساء قريبة تامر ..
العائلات عادة تتكون من الاف من الافراد و تملك موارد غزيرة و مناصب في الدولة و محامون و تمتد العائلات الى كل فروع الدولة مما اعطى الصراع ابعادا متشعبة و جعل احتواء المشاكل امرا عسيرا للغاية حتى على الدولة ..
فكل حدث يقيد ضد مجهول و كل من يعتقل تهب لجان محاماة لاطلاق سراحه ولا احد يترك دليلا خلفه عند العمل ضد الاخر ..
امر معقد يستعصي على الشيطان !!
و هكذا وجدت المدينة نفسها في صراع يلتهم خيرة شباب و مقدرات اكبر عائلاتها و لم يكن بالإمكان لبقية العائلات الا تحاشي الصراع و حماية نفسها ..
و حاولت الدولة ارسال فرق امن كثيرة لكن الصراع لم يزل .. بل تحول الى ضربات خاطفة سريعة مخططة جيدا بحيث تنسب الى مجهول كل مرة عدا حالات قليلة و حتى في هذه الحالات القليلة لا يكاد احد يبقى في السجن بعد تدخل جهات عليا و ضباط و محامين و ما الى ذلك .. كان الامر كأنه صراع المافيا في الثلاثينات ..
و تنهد تامر قاطعا ذكرياته بنفسه هذه المرة و رفع عينيه يتأمل رواد المكان .. يحسدهم على حياتهم الهادئة البسيطة الخالية من المشاكل .. لماذا لم يكتب له ان يعيش مع شيرين بمكان بعيد هادئ لبقية العمر؟ يتمنى ذلك .. يتمناه من كل قلبه الجريح ..
اه لدنيا ليس فيها شيرين .. تكون خرابا و لو كانت مرتعا للغيد الحسان ..
و نهض تامر من مكانه و راح يتمشى حتى وصل الى قرب جدول رقراق يجري بهدوء و الاسماك تلعب داخله مختطفة قطع الخبز او طعام الاسماك مما يلقى لها من قبل العمال المكلفين بالاشراف على المكان ..
و سرح ببصره في الماء و الاسماك و الحصى مجترا ذكرياته من جديد..
كانت علاقته مع ميساء تتدهور يوما عن يوم رغم انه كان يقوم بواجباته نحوها على اتم وجه .. لكن معرفتها ان قلبه ليس لها كان يجعل حياتها جحيما لا يطاق ..
و كانت عندما يفيض الكيل بها تخرج للترفيه عن نفسها حتى تتناسى ما تعيشه من عذاب داخلي مرير ..
و كان تامر يتألم لها كثيرا و يحاول ان يتجنب الصدام معها .. لكن كانا كمن صنع من بارود تكفي اية شرارة صغيرة لتفجيره ..
ثم اتى ذاك اليوم المشؤوم ..
كان يومها قد خرج لاصطياد احد عتاة العائلة الثانية ممن آذوا عائلته بعد ان وردته معلومات مؤكدة عن مكان وجوده ..
كانت غارة غير مجدية اذ لم يجدوا الشخص المطلوب و اشتبكوا مع عدد من رجال العائلة الثانية بشكل كاد يتحول الى كارثة لولا ان اسرع هو و من معه بالانسحاب ..
و عندما رجع منزله لم يجد زوجته فظن انها خرجت كالعادة للتنزه ..
لكن ما ان استقر في مكانه حتى اتته مكالمة من مجهول تقول ان زوجته رهينة و ان عليه ان يدفع نصف مليون دولار فدية لها و ان يحضر النقود بنفسه و ان لا يبلغ الشرطة و حددوا له مكانا هو قلعة اثرية سياحية على تخوم المدينة ..
و جن جنون تامر .. و اسرع يستدعي مراد و عرض عليه الامر و على والده ايضا ..
و قال مراد : الامر واضح .. انه كمين لقتلك انت يا تامر ..
قال الوالد : بقلق: كيف؟
قال مراد : لاحظوا انهم اتصلوا على تامر مباشرة .. هم يعرفونه و يعرفون ان ميساء زوجته و يعرفون رقم تامر .. و هناك الخبر الكاذب عن ذاك المعتوه من العائلة الاخرى .. كان الهدف ابعاد تامر عنم المنزل .. و بما ان زوجته تخرج عادة للتنزه لذا لا بد انهم رصدوا حركتها و ابعدوا تامر عن المنزل كي لا يهب لنجدتها و اختطفوها عندما ابتعدت عن المكان .
قال تامر : ماذا نفعل .؟ هل اذهب لهم الى القلعة؟
قال مراد : غبي .. اية قلعة؟ لن تجد هناك الا كمينا يقتلك و يتقاسم رجاله ما تحمل من نقود مكافئة لهم على عملهم .. فكر بعقل .
قال تامر فجأة: الخبر .. من احضر لنا الخبر عن وجود القاتل لا بد انه مدسوس و سيكون الخيط الذي نتوصل عبره لميساء .
و فورا اجرى الوالد اتصالات ثلاث برجاله و حدد لهم الهدف ..
و قبل مضي ساعتين كان الرجل مقيدا في قبو سري بمنزل تامر و مراد يشرف على التحقيقات معه ..
ولا داع للقول ان التحقيق كان قاسيا و وحشيا ..
فكل اساليب التعذيب الوحشية التي تعرفها عزيزي القارئ و ما قد يخطر ببالك لهو مداعبة رقيقة لما تعرض له المسكين قبل ان يبوح بكل ما يعرف من معلومات سواء طلبوها منه ام لم يطلبوها ..
كان المكان الذي احتجزوا به ميساء حصينا بحق .. فهو مزرعة شاسعة تمتلكها العائلة الاخرى تقع في الارياف و يحيط بها ضور مكهرب مزدوج له ابراج حراسة كمعسكر جيش و حول السياج مساحات مكشوفة و يمنع دخول أي غريب الى المزرعة التي يوصل لها طريق واحد طويل لا يسمح بدخوله الا لسيارات العائلة فقط و يتم التأكد منها في اول الطريق و وسطه و اخره عبر ثلاث نقاط تفتيش محروسة بشدة و أي سيارة تقترب من خارج الطريق ولو بشبر يتم استهدافها حالا هذا عدا عن دوريات الحراسة طوال الليل و النهار التي تحوم حول المزرعة .. و داخل المزرعة و بين الاشجار كلاب حراسة مدربة شرسة تهاجم كل غريب لا يرتدي زي الحراسة المميز الذي لا مثيل له خارج المزرعة و يسير كل خمسة حرس معا و يمنع سير حارس منفردا خوف استيلاء احد على الزي فيما لو وصل بمعجزة للمزرعة .. و المبنى الرئيسي للمزرعة فيلا شديدة التحصين لها باب واحد فقط عليه كاميرات حراسة و جهاز كشف معادن و يحرسه اربعة رجال ..
و دون اطالة اكثر كان المكان مستحيل الاقتحام بلا شك الا لفرق الجيش و الصاعقة بحرب مباشرة و غطاء جوي ..
و بسرعة التم شمل كبار العائلة و معهم تامر و مراد و راحوا يرسمون خطة انقاذ ميساء ..
نظرا لبعد المسافة و قياسا للوقت الذي مضى منذ شاهد اخر شخص ميساء و الوقت اللازم لخطفها و الانطلاق بها بسرعة الى المزرعة مباشرة و بفرض عدم وجود اية معوقات لا بد انه ميساء ستصل المزرعة خلال نصف ساعة تقريبا ..
أي انها الان على الطريق ..
و هذا يعني انهم لم يمسوها بسوء بعد فلا يجرؤ احد من الرجال العاديين على ذلك قبل ان تصل الى الرؤوس الكبيرة التي يمكنها فعل كل شيء فالوليمة للكبار لا للصغار ..
وهذا يعني ان يسرعوا هم بالتحرك قبل ان يفقدوا زمام الامور ..
و اقترح مراد خطة جريئة جدا ..
الهجوم الجوي ..
و راح يشرح خطته بسرعة و تفصيل ناظرا لساعته بقلق .. و حالا اصدر الكبار اوامرهم باستئجار فوري لخمس طائرات مروحية و اعطى مراد رجاله تعليمات سريعة حول المعدات و المواد المطلوبة فورا للعملية ..
و لأهمية الامر كانت الطائرات تقلع خلال نصف ساعة أي في الوقت الذي كانت به ميساء تصل الى مدخل المزرعة مكممة الفم و اليدين و لحسن حظ تامر ان نقاط التفتيش و التدقيق عن البوابة اكسبه دقائق ذهبية .. و زاد عليها دقائق ماسية اخرى تركهم لميساء في حقيبة السيارة لدقائق اخرى كي تتعذب ثم فتحوا الغطاء و اخرجوها بقسوة و جروها من يديها نصف فاقدة للوعي الى مدخل الفيلا حيث القوها هناك .. يمنع عليهم دخول الباب اطلاقا و الا اطلق الحرس و القناصة عليهم النار حالا ..
دقائق اخرى مرت قبل ان يفتح الباب و يصل رجل قاسي الملامح للباب و فتحه ناظرا بازدراء الى ميساء و ان لم يخف اعجابه بجمالها على رجاله ..
و قال بعد قليل لرجال كانوا معه .. انقلوها للقبو حالا و احكموا اجراءات الامن ..
قال احدهم بابتسامة : و هل يقدر احد على الدخول حتى نحكم الاجراءات؟ ..

غرور انثى 2010 13-06-09 06:33 PM

قاطعه الرجل صارخا به : نفذ ولا تناقش .
ارتجف الرجل متراجعا قبل ان ينقض و من معه على ميساء و يجروها جرا الى القبو دون ان يعترض الرجل على قسوة المعاملة .. انها زوجة تامر عدو عائلته اللدود ..
لقد ان اوان حسم الصراع ..
و فيما كان الحرس يغلقون القبو كانت اربع طائرات مروحية تتجه صوب المزرعة بهدير عال جذب انظار الحرس .. و تجاوزتهم الطائرات متجهة صوب المزرعة و كانت تحمل شعارات عسكرية المظهر .. لقد احسن رجال مراد اختيار الطائرات ..
و هذا جعل الرجال يترددون بالتصرف حتى تصلهم التعليمات ..
و كان الطابع العسكري للطائرات قد اربك القادة فظنوا انها مجرد طائرت تتجه الى مكان ما و تمر بالصدفة من هنا ..
و لكن ظنهم خاب فما ان وصلت الطائرات الى فوق الفيلا حتى صنعت دائرة تدور بعكس عقارب الساعة و راحت تمطر الحرس بالرصاص و القذائف و قنابل الدخان المدمع و الملون بكثافة شديدة ..
و انطلقت رصاصات الحرس ..
و اشتعل الجحيم حول المزرعة بطريقة جنونية .. و اوصدت ابواب الفيلا بقوة و اعتلاها الحرس لكن الطائرات اردتهم برصاصاتها السريعة ..
و اصيبت طائرة و تعالى منها الدخان فهبطت بسرعة كالنيزك صوب السور الشرقي و تحطمت ..
و لكن الطائرات الثلاث الاخرى لم تتوقف و راحت تغير مسار حركتها و اسلوب عملها ..
و في ذلك الوقت كان تامر و مراد ينسلون بين الاشجار داخل اسوار الفيلا بعد ان تعمدوا اظهار اصابة الطائرة و اخفاهم الدخان وهم يقفزون داخل اسوار الفيلا تاركين الطائرة تتحطم خارج السور ..
كانوا خمسة رجال لا اكثر ..
كانت كلاب الحراسة تعوي بالم من تأثير الغاز المسيل للدموع و الحرس يجرون لا يكادون يرون ما امامهم و سرعان ما كان الخمسة يرتدون زي الحرس و يستولون على معداتهم و يخفون اسلحتهم داخل الجعب العسكرية للحرس و يضيفون لها ما حملوه معهم من معدات و متفجرات كان الامر مخططا بدقة ..
و اخفى صوت المعركة صوت رصاص الخمسة وهو يفتك بمن يقابلهم من حرس ..
و بتوقيت جميل انطلق صاروخ مضاد للدروع اصاب باب الفيلا فنسفة بعنف شديد ..
و اقتحم الخمسة الباب .. لا داعي للتخفي بعد ان وصلوا للفيلا .. و امسك مراد احد الخدم و صرخ به : اين الفتاة ؟
نظر الخادم حوله برعب
فقال تامر : لا تخف من احد .. لقد قتلنا سيدك و كل رجاله فلا داعي للخوف منهم .. هل ستتكلم ام تحلق بهم؟
كان لتواجدهم داخل الفيلا و عدم ظهور احد و التهديد اثره في نفس الرجل الذي قال برعب باك : انه هناك ..هذا الباب الخشبي الاسود في اخر الصالة .. و هو مزود بجهاز انذار و اخر للامان لتفجير القبو اذا ما اقتحمه احد عنوة .
سأله مراد : و هل يمكنك دخوله ؟ هيا اخبرنا لكي نتركك بسلام .. انت رجل طيب.
انتعش الامل بنفس الرجل فقال بأمل : نعم .. ما عليك الا ان تدخل رقم 3476578 على لوحة الارقام لا اكثر .. انا اعلم هذا لأنني نظفت القبو اليوم و لم يغيروا بعد نظام الامن .
اسرع احد الرجال يدخل الرقم فانفتح القبو و بقي رجلان من الخمسة خارج القبو للحراسة و اخذ مراد و تامر و الرجل الثالث الخادم و دخلوا القبو عبر درج طويل حتى وصلوا الى مكان فسيح قيدت فيه ميساء على مقعد معدني و حولها اسلاك متصلة بقابس كهربائي قريب و عبوة متفجرات ملصقة بالجدار الجنوبي يمتد منها سلك الى السقف و يختفي ليظهر طرفه عند حلق الباب ..
و اسرع تامر يفك وثاق ميساء بحذر و يحملها خارج دائرة الكهرباء التي يبدو انها وضعت للسعها بالكهرباء كلما تحركت على سبيل التعذيب ..
و اسرع الثلاثة يصعدون للاعلى ..
و حين وصلوا الى ما يقرب من اخر الدرج سمعوا صراخا و اطلاق نار كثيف .. لقد وصل الحرس و اشتبكوا مع الحارسين ..
و اسرع الكل يخرج من القبو قبل ان يغلق اليا و يحبسهم فيه ..
و تطاير الرصاص من حول تامر و ميساء و مراد و الرجال الذين احتموا بقطع الاثاث الفاخر و تحولت الصالة الى حطام و دخان .. و استطاع فريق تامر القضاء على المقتحمين و هم ثلاثة في حين اصيب اثنان من الخمسة .. و اسرع مراد يرسل اشارة الى الطائرات فراحت تطلق المزيد من الرصاص و القنابل و الدخان و تركز حول المدخل بغية تغطية عملية الانسحاب ..
و نزلت طائرة بجرأة الى مدخل الفيلا فاندفع الكل يجرون الجرحى اليها و القوهم داخلها و معهم ميساء المرعوبة لدرجة انها لا تقدر على الصراخ ..و صعد حارس معهم و حلقت الطائرة تاركة مراد و تامر في الساحة لاتمام العمل .. يجب انهاء الامر ..
و راح تامر و مراد يزرعان ما حملاه من الغام موقوتة في الفيلا الخالية التي فر ساكنوها عبر سراديب خاصة عند الاقتحام تاركين امر المهاجمين للحرس ..
و انتهيا من ذلك و بقي امر الانسحاب .. ولكن ..
و اه من كلمة لكن .. انها تقلب كل الموازين عادة ..
فقد وصل للمكان ثلة من الحرس الذين توافدوا من كل حدب و صوب الى الفيلا .. و انطلقت رصاصات ثقيلة صوبهما مما اجبرهما على الاحتماء بالمدخل المتهدم للفيلا ..
و راحا يطلقان النار بكل اتجاه ..
و كانت طائرة تصاب و تتحطم هذه المرة اثر الرصاص المتفجر الذي يطلقه الحرس الوافد من خارج المزرعة ..
و نظر مراد لساعته بقلق .. لم يبق وقت لتفجير الفيلا .. و لا مجال لتعطيل المتفجرات .. و نظر لتامر نظرة ذات معنى .. لا بد من المجازفة .. و اصدر اشارة خاصة للطائرات .. و اندفع كلاهما مطلقين النار بكل اتجاه ..
و قبل ان يبتعدا عن المكان شعر تامر بعمود من النار مختلط بصفير حاد يضرب الجهة اليسرى من رأسه و هيء له انه سمع صوت انفجار مكتوم خلفه و غامت الدنيا امام عينيه وهو يشعر بالم ممض لا يدري اين موقعه .. وشعر بعجز عن الحركة و انه مستلق على الارض .. و تبدل المشهد امامه بعد قليل الى غشاوة كاملة و هو يسمع اصواتا مختلطة حوله لا يدري ما تكون .. ثم لا شيء .. ثم بدأ صوت يتسلل الى اذنيه كما الحلم الثقيل .. ثم لا شيء .. ثم اصوات اخرى لفترة ثم فتح عينيه ليجد انه في غرفة ما و اطرافه ثقيلة كالرصاص و شخص غريب يقف فوق رأسه .. ثم غاب المنظر ..
ثم استطاع ان يميز صوتا مألوفا يتحدث الى شخص ما بكلام لم يميزه ابدا ..
كان يشعر بصداع جارف و لا يقدر على فتح عينيه ..
و بعد فترة بدا يستوعب ما يحصل حوله نسبيا و بدأ الحديث المتداخل يتوضح تدريجيا .. و ميز الصوت المألوف يقول : .. في المنزل لذا يجب ان ننتظر .
و فتح تامر عينية ليرى مراد بجانبه فقال بتراخ شديد: ماذا حصل؟ اين انا؟ اشعر بالم في رأسي .. اريد ماء .
قال مراد مبتسما : حمدا لله على سلامتك يا بطل .
نظر اليه تامر بضعف و تهالك على فراشه لكن لم يغب عن الوعي بل اغمض عينيه و قال بصوت ضعيف : ماذا حصل لي؟ اين انا ؟
نظر مراد الى الطبيب بصمت قلق فقال الاخير بهدوء ممسكا نظارته : الضربة على جانب الرأس افقدته جزءا من ذاكرته او هي اضعفته لدرجة شديدة و لن يتذكر تقريبا كل ما مر به منذ عام و حتى الحادث الا بشكل مموه جدا عديم القيمة .
قال مراد : و متى يمكن ان يستعيد ذاكرته؟
مسح الطبيب نظارته و لبسها قائلا :سيستغرق ذلك زمنا .. ربما سنوات او اشهر .. لكن ليس بسرعة .. يجب ان تلتئم الخلايا المصابة و الادوية ستساعد جدا في تحسن حاله على ان يتناولها بانتظام و ان يعطيه من حوله الجو المناسب المريح .
و سمع مراد يقول و قد بدا تامر يحس بثقل رأسه : هل من امل بسرعة الشفاء؟
قال الطبيب باهتمام : ربما اذا استطعتم ان ..
و هنا ثقل سمع تامر و غاص في نوم عميق افاق منه و لا احد حوله الا ممرضة تقوم بعمل ما في زاوية الغرفة و الظلام النسبي يحيط به ..
فعاد يغلق عينيه بارهاق .. ماذا حدث؟ ماذا اصابه؟ لماذا هو هنا؟ لا يدري .. حقا لا يدري ..
لم يكن يذكر شيرين التي ابعدت اصلا عن نظره ...
لم يكن يذكر حبه الكبير و العميق ..
لم يكن يذكر الحرب التي اشعلها بيديه من اجل كرامة شيرين ..
لم يكن ذكر كم قتل و كم دمر للعائلة المنافسة ..
لم يكن يذكر الضربة القاصمة التي دمر بها مع مراد و رجالهما مقر العائلة الاخرى و قضى بها على اغلب القادة و الرجال و كاد يلقى بها مصرعه ..
كان هناك فراغ غريب في ذهنه مليء بصور و كلمات و مشاهد مشوشة ..
وهو الان لا يقدر ان يستخلص منها شيئا ..
سمع الطبيب يتحدث عن فقدان جزئي للذاكرة ..
سيحاول ان يلملم شظايا الذكرى ..
سيحاول ان يعرف ماذا حصل ..
الطبيب قال انه .. ماذا قال؟ ..
مراد ايضا قال ..
مراد لا يعمل مع الطبيب ..
و الذاكرة ستساعد الادوية على السنين ..
و الممرضة ستشفى لاحقا من الضربة على رأس الحادث .. و ..
و غاب عن الوعي .
استمر هذيان تامر كما عرف لاحقا نحو شهر كامل ..
كانت الضربة قد اثرت بشكل سيء على دماغه رغم انها لم تتلفه ..
المواد الناتجة من الطلقة الحارقة دخل جزء منها في رأسه عبر الاصابة مما اثر على مخزون ذكرياته و عمل الخلايا العصبية لديه ..
و كانت حالته تتحسن مع مرور الايام حتى جاء يوم كان تامر فيه يرتدي ملابسه استعدادا للمغادرة ..
ستة اشهر و نصف قضاها ما بين الصحوة و الهذيان ..
ستة اشهر لم ير خلالها الا الاطباء و مراد و ميساء و والديه و شقيقاته الثلاث ..
لم يكن يسمح لمخلوق اخر بالوصول اليه تحسبا للمفاجئات و كان يتم نقله بشكل شبه يومي من غرفة لأخرى عشوائيا و يتم افراغ الغرفة الجديدة من قاطنيها فورا باشراف الاطباء ..
انتهت الحرب العائلية تقريبا ..
و لم يبق الا قلاقل بسيطة هنا و هناك من فلول الاسرة المنكوبة ..
لكن الحذر واجب ..
و سار تامر بين اهله و رجاله عبر ممرات المستشفى مغادرا ..
كان يشعر بالغربة ..

غرور انثى 2010 13-06-09 06:35 PM

ستة اشهر تغير بها الكثير من حوله في مدينة تجري بسرعة الريح ..
كان كمن يولد مرة اخرى ..
و جلس تامر قرب مراد في السيارة و معهما رجال و الاب و الام بسيارة اخرى و معهم رجال و الشقيقات بسيارة لوحدهن مع وصيفة و مربية ..
هكذا تعلموا ..لا تضع كل البيض في سلة واحدة ..
و انطلق الركب عبر الشوارع و تامر يتأمل المدينة بصمت ..
و في الشارع الموصل لمنطقتهم كان مراد ينطلق بهدوء ..
و نظر تامر الى مدخل شارع جانبي .. و سأل مراد فجأة: اليس من المفروض ان نمر من هذا المدخل يا مراد؟
التفت مراد بسرعة نحو المدخل .. كان الشارع الذي يمر من امام منزل شيرين..
و صمت مراد ثم قال باقتضاب : لا.
قال تامر : لكني اشعر اننا يجب ان نمر من هناك.
قال مراد : دعك من المشاعر هذه .. ها قد وصلنا .. حمدا لله على السلامة .
و اتجه مراد بالسيارة الى منزل تامر ثم اوقف مراد السيارة في باحة المنزل الواسعة الفخمة و نزل مشيرا لرجاله اشارات يعرفونها جيدا ..
و نزل تامر بهدوء ناظرا للمنزل .. لقد اشتاق له كثيرا ..
و اتجه الى المنزل برفقة اسرته التي احاطت به ..
و دخل المنزل ليجد الخدم بانتظاره مرحبين و قد زينوا المنزل ..
ووجد كبار العائلة و عشارت الضيوف ايضا في الصالة الكبيرة ..
كانت حفلة استقبال رائعة ..
كلهم يعرفهم .. لكن .. متى تزوج ميساء؟
لا يذكر .. لكنه لم يرفض امر زواجه منها فهي جميلة جدا و يعرفها منذ صغره ..
ذات يوم سيعرف .. لن يكذب كل الناس عليه .. اذن لا بد انه تزوجها حقا ..
لكن لماذا لا تبدو سعيدة جدا به؟ هل تكرهه؟ هل تزوجها رغما عنها ؟ لا يدري ..
و في وقت متأخر صعد تامر الى غرفته و جلس هناك ..
اه لذاك الصداع .. و نظر الى ركن ما من الغرفة ..
لم يكن يدرك ان اهله ازالوا كل شيء يمكن ان يذكره بشيرين من غرفته ..
لكنهم لم يكونوا يعرفون الكثير عن ذكريات تامر ..
و نهض تامر الى ذلك الركن و ازاح الستار عن لعبة اتاري لها سرجي حصان ..
جميلة هذه اللعبة .. ترى من اتى بها ؟ لا بد انها هدية من احد اقاربه ..
و جلس على احد السرجين .. و شغل اللعبة و راح يدير اللعبة و يلعب المراحل .. كانت ذات خمسة مراحل صعبة و يجب اصطياد زعيم العصابة في اخر مرحلة ..
لا يدري لماذا يحس انه يرى عينان زرقاوان رائعتان و شعر اشقر يطلان من وراء كل مرحلة .؟ ذهنه مشوش جدا .. ما قصة العيون الزرق و الشعر الاشقر؟ لا بد انها فتاة ما من اللعبة .. في طفولته لعب هذه اللعبة لكن بطريقة اخرى ولم تكن بها فتاة شقراء و عيونها زرق .. لا يدري .. لا يرى وجها بل عيونا زرقا و شعرا اشقر بشكل باهت جدا ..
و ترك اللعبة و اتجه الى سريره و نام ..
و كان نومه هادئا لكنه يرى خلف الافق دوما من بعيد شعرا اشقر و عيونا زرقاء ..!!
في الايام التالية كان تامر يقوم بجولات مع رجال العائلة و مراد لا يفارقه بغية حمايته ..
كان يريد استعادة صفاء ذهنه قدر الامكان ..
كان يدهشه انه في كثير من الاماكن يحس بالفة و اطمئنان عجيبان ..
لماذا هذه الامكان تثير شيئا ما في كامن في اعماق مكان مظلم في عقله ؟
ماهو هذا الشيء؟
هل حدثت هنا صراعات ؟ لا .. ليس الامر هكذا..
هل كانت اماكن مفضلة لديه مؤخر؟ لا .. طوال عمره يفضل نمطا لا يتغير من الاماكن ..
اذن ما قصتها ؟ ..
لقد تزوج ميساء كما علم من اهله .. اذن ربما كانت هذه اماكن كان يلتقي معها فيها ..
تفسير منطقي جدا لولا امور اخرى ..
الشارع الجانبي .. الشعر الاشقر مع العيون الرزق .. تعامل ميساء معه و الذي به نفور من نوع ما لا يدرك له سببا..
لا شك ان هناك امور كثيرة نسيها و سيتذكرها بمساعدة الاهل ..
سيضطر لترك عقله لأهله كدفتر ابيض يكتبون فيه ما يريدون .. ما يريدون فقط ..
لكن لا بد للاسطر الممحية ان يظهر لها اثر ما ..يوما ما ..
لم يكن تامر غبيا ..
كان يدرك ان تعلقه بالاماكن لا يمكن الا ان ينشأ عن حب عنيف قوي راسخ..
ولا يستغرب ابدا ان يكون اخيرا ق وقع في حب ميساء ..
فهي اجمل بنات عائلتها على الاطلاق ..
و يعرفها منذ المراهقة .. و علاقتهما طوال العمر قوية جدا لكن لم تصل لدرجة الحب..
ربما تطور الامر فجأة و صار حبا .. والا فكيف صارت زوجته؟
لا تفسير اخر سوى انه احب ميساء و هذه الاماكن كانت لهما فيها ذكريات ما ..
اذن ميساء حبيبته ولاامر اخر و سيعيش مع هذا الواقع الجميل ..
يحيره اصرار عقله انه يجب ان يمر من ذاك التفرع في الطرق .. و الشعر الاشقر و العيون الزرق و ضيق ميساء ..

لحظة ضياع 13-06-09 10:00 PM

مبدعه انتي غرور انثى

القصه جذبتني كثيرا ولكن هل الحادثه التى صارت لثامر من ضمن ذكرياته يتذكرها ام حدثت والان تسير حياته كلها بالواقع والحاضر

غرور انثى 2010 25-06-09 01:54 PM

الجزء السابع .................





لا شك ان التفرع كانت لهما فيه ذكرى معينة ..و الشعر و العيون ربما رآهما في اللعبه او لعبة مشابهة و ضيق ميساء ربما ناتج عن امر لا يذكره .. لو كانت لا تريده لما تزوجته من الاصل و هو يعرف انها لا ترفضه و تعامله بدون حواجز و بمحبة كبيرة طوال عمرهما .
لكن مكانا ما في عقله بقي متمردا على هذه التفاسير العرجاء ..
على الطرف الاخر كانت شيرين تراقب ما يحدث مع تامر و تتتبع كل جديد عنه ..
لا يزال حب تامر حيا و قويا في قلبها ..
لكنها لا تقبلان تبني سعادتها على تعاسة اعز صديقاتها ..
كانت تعرف بأمر فقدانه المؤقت للذاكرة .. هذا سيجعله ينساها بالتأكيد ..
و لم تكن العلاقة بينها و بين ميساء منقطعة و ان جفت كثيرا بعد الزواج ..
و رغم قبولها بالامر الواقع الا انها لم ترض بالاقتران بأحد رافضة عشرات الخطاب و اولهم اقرباؤها .. لقد كان حب تامر متأصلا في نفسها ..
لطالما بكت عيونها الرائعة بصمت وقهر و هي تتذكر مشوار حبها القصير الجميل و كيف انتهى بكارثة كانت هي من صنعها ..
هي من اقترحت امر الزواج على تامر .. لكنها مع ذلك لم تطق ان تكون العروس ميساء التي تحبها كاشد ما تحب الصديقة صديقتها المخلصة رغم فارق السن بينهما ..
ولو لم تكن تحب تامر لكان تامر افضل عريس تتمناه لها ..
و كانت تدرك ان ميساء تبادلها نفس المشاعر .. لكن الحب لا يقبل القسمة على اثنين .. فاما ان يكون تامر لميساء او لشيرين .. و هذا لا جدال فيه .. احدهما تعيش و الاخرى تتحطم .
لذا و بما ان ميساء قد تزوجت تامر فعلا لم يبق لشيرين الا ان تختفي في ظلام النسيان .. و فقدان ذاكرة تامر يجبرها اصلا على ذلك لأنه ليس فقط لم يذكرها بل لم يذكر زواجه من ميساء نفسها و لن يتطوع اهله طبعا لتذكيره بشيرين ..
لكن كل هذا لم يمنعها من تسقط اخر اخباره بطرق نسائية خبيثة ..
الحب لا يعرف الذبول ان كان حبا حقيقيا كهذا .. فلا يزال في مكان ما من قلبها امل بان يستعيد تامر ذاكرته و يتذكر شيرين .. و يحبها ..
لم يكن تامربالطبع يشعر بكل هذا ..
لكنه كان يحس انه يعيش حالة حب قوية ولا يدري من حبيبته ..
و ما دام تزوج ميساء فما المانع ان تكون هي تلك الحبيبة؟
امر منطقي جدا جدا ..
سيطلق كل الحب المنتظر في زوايا قلبه ليكون من نصيب ميساء الجميلة .. زوجته ..
و حملت الايام التالية تغييرات جذرية في حياة الاسرة ..
فقد عاش تامر قصة حب جميلة مع ميساء لبتي تقبلت حبه بحذر صنعته حياتها السابقة معه .. تدرك انه فاقد للذاكرة و بالتالي قد لا يدرك ما يفعل ..
و بما انه زوجها اذن ما المانع ان تكسبه الان و للابد؟
و هكذا راحت تتجاوب معه و تعيش معه قصة الحب التي تعتبرها من حقها الشرعي فهي زوجته و هذه المشاعر من حقها لا من حق احد اخر و لو كانت شيرين اعز صديقة لها على الاطلاق ..
و كان تامر يحاول اسعاد ميساء بكل الطرق بعكس حياتهما السابقة التي لا يدري عنها شيئا و كانت هي سعيدة راضية بهذه الحياة الجديدة و لذا لم تحاول تذكير تامر بالماضي ولا باية طريقة من الطرق و هذا ما فعله الكل ايضا ..
و هكذا استقر الوضع و حرص الكل على ان لا يخرج عن مساره هذا لدرجة انهم غيروا طريق مرور تامر ليبتعد عن ذاك المدخل الموصل لمنزل شيرين ..
و تنهد تامر نافضا رأسه متحررا مؤقتا من الذكريات ..
و نظر حوله يتأمل الناس مرة اخرى ..
كم قصة وراء كل بسمة ؟
كم حكاية وراء كل وجه؟
كم منهم سعيد و كم منهم تعيس؟
لا يدري ..
لكنه يدرك كم تناوبت السعادة و التعاسة عليه .. و كم تألم و كم عانى و كم احس بالسعادة .. لك يكن هناك اسعد وقتا عنده من اوقاته مع شيرين و اتعسها عندما ابتعدت عنه ..
اه يا ذاك الشيطان المدعو بالحب ..
و اه يا ذاك الملاك المسمى حبا ..
اذا كان الحب عدوك فستذوق عذابا رهيبا لا يطاق ..
و ان اسعدك الحظ بصداقته كنت من السعداء في الارض ..
و عاد تامر يسرح بالذكريات ..
الف الف مبروك .. انه صبي كالقمر يا تامر .. كم يشبهك , قالتها امه وهي تحمل المولود الجديد بين ذراعيها بسعادة كبيرة و والده مبتسم بفخر و حنان .. لقد اتى للدنيا من يحمل اسم العائلة اخيرا بعد طفلتان كالقمر انجبتهما ميساء من تامر ..
و قالت اخته الكبرى بسعادة : جميل ان يصادف مولده عيد زواجكما الخامس .. سيكون حفلا مزدوجا رائعا .
سألتها امها : اين يارا و نسرين.؟
قالت : تركتهما عند عمتهما حنان .. فهي اليوم لا عمل لديها .
قالت الام بعتاب: حنان لديها اولادها يا علياء .
قالت علياء : لاجل ذلك هي اقدر .. ستلعبان مع اولادها بحديقة الالعاب بمنزل حنان و لن تكونا عبئا عليها .. لا شك انهما نامتا الان .. ثم ان نرمين ستمر عليها و تساعدها .
كان تمار صامتا سعيدا بالمولود الجديد .. و بقي منتظرا ان يتحدث والده ليطلق عليه اسما كما جرت العادة ..
طبعا الجد لا يمكن مجادلته بشأن الاسم مهما كان ..
و صمت الكل احتراما و هم ينتظرون الوالد الكبير ان يتحدث ..
و تقدم الجد السعيد و تناول حفيده برفق و بسمل ثم قال : ما اجمله .. لقد اخذ من ميساء و تامر كل شيء ..
و رفع رأسه نحو العائلة و قال : سيكون اسمه فادي باذن الله .. خذه يا تامر .. يتربى بعزك ان شاء الله .
فادي ...
فادي ..
لماذا احب هذا الاسم هكذا رغم ان البقية لم يبد عليهم انهم احبوا الاسم كثيرا؟
لا شك ان كل واحد وضع في ذهنه اسما و دعا الله طويلا ان يختارة الجد .. في سرهم طبعا ..
لا يدري سبب شعوره ان اسم فادي دخل قلبه بسلاسة غريبة ..
و بقي محملقا في العيون العسلية الدقيقة للطفل الصغير ..
و شعر انه يغوص في بئر عميقة مظلمة الجوانب ..
و قبل ان يتعمق بالغوص وجد نفسه يقفز خارجها عندما سمع صوت الاب يقول بقوة و قد اقلقه قليلا سرحان تامر: هيا يا تامر .. دع الصغير من يديك ليرتاح .
تنبه تامر و ناول الطفل لجدته بارتباك من استيقظ من نومه على دوي مدفع ..
و رغم الحفل في اليوم التالي و سعادته بالمولود الجديد و كل الصخب الا انه لم يستطع نسيان ايم وليده الجديد فادي .. لماذا يشد هذا الاسم ذهنه بقوة الى المجهول؟
طبعا لم يكن يذكر انه اسم شقيق شيرين الاصغر و الذي تعرف عن طريقه اليها في مدينة الملاهي .. و كيف له ان يذكر و كل من حوله يعمل على ان لا يذكر؟
و هكذا بقي تامر صريع حيرة مبهمة تتمثل بعيون زرق و شعر اشقر و الان اضيف لها اسم .. ذات يوم سيعرف .. ماذا سيعرف؟ لا يعرف.. !!
و الى ان يأتي ذاك اليوم سيعيش حياته كما هي .. ولا خيار اخر ..
كان كل شيء يسير كما تحب العائلة و اكثر قليلا..
لكن رياح الماضي لم تكن قد ماتت بعد ..
ففي تلك الفترة كان افراد العائلة المنكوبة و التي كانت على عداوة مع عائلة تامر تعيد لملمة شتاتها خصوصا بعد خروج عدد من افرادها من السجن ..
قد يبرد الانتقام لكن لا يموت ..
كانت شيرين تزور منزله بغير وجوده فهو منزل اعز صديقاتها ..
كانت شيرين تسعد بملاعبة اولاده .. الذين كانت تحس انهم جزء من تامر .. حبها الكبير و تحس انهم كانوا يجب ان يكونوا اولادها هي لا ميساء .. و كانت ميساء تتجاهل مسألة علاقة شيرين بتامر سابقا زز فكل واحدة تكتم عن الاخرى معرفتها بالامر ..

غرور انثى 2010 25-06-09 01:55 PM

و كانت ميساء لا تتضايق من حضور شيرين عندها و ملاعبة اولادها .. فهي تريد ان تكون الامور طبيعية جدا .. فقد صار تامر زوجها و ابو اولادها و لن تدع الماضي يعكر حياتها خصوصا ان شيرين صادقة في مشاعرها تجاهها و تجاه اولادها ..
الزمن كفيل بترميم الجروح خصوصا انه لم يحصل بين شيرين و تامر اكثر من علاقة حب قصيرة الامد اشبه بالصداقة القوية كما تعتقد .. لكنها لم تكن على صواب ..
و الحق يقال ان الاطفال كانوا سعداء جدا بشيرين و رقتها و معاملتها الرقيقة لهم ..
و الاسرة لم تعترض على وودها ..
اولا للحفاظ على الحلف مع عائلتها و ثانيا ان امر تامر قد تم حسمه و لم يعد هناك مجال للماضي فكل ذهب في حال سبيله اذن لا مانع من عودة الامور لمجراها ..
و في منزل بعيد في الضواحي كان رجل ضخم الجثة كث اللحية و الشارب غزير الشعر و اخر متوسط الطول اصلع يرتدي نظارات انيقة يسيران بصمت في الطرقة الخلفية .. و كان الضخم يقول باهتمام : اذن لا يزال تامر حيا و لكنه فاقد الذاكرة .
قال الاخر : نعم .. عندما هاجمونا وقتها و نسفوا الفيلا و قتلوا من قتلوا من رجالنا كان هو ينقذ زوجته المختطفة و التي اختطفها عرفان ساعتها و تعرض هو لطلق حارق اصاب طرف رأسه و انقذه مراد رئيس الامن عندهم من الموت و غادروا المكان لتصل بعدها قوات الشرطة و تعتقل الرجال بتهمة حيازة السلاح الثقيل بلا ترخيص و اعتثلوك انت من المطار و انت عائد كما تعرف من فرنسا يومها بتهمة تهريب السلاح ..
قال الاخر بضيق : اعرف هذا الجزء .
قال الاخر : من يومها لم يقم لنا قائمة .. العائلتان اتحدتا عبر النسب و الثالثة لدى تهديد ابنتهم .. لم تكن تصلك التفاصيل كلها بسبب عزلك في السجن كما تعرف .
قال الرجل و هو يتوقف : لن يذهب كل هذا هدرا .. سننتقم .
قال الرجل : و كيف؟ لا مال ولا رجال ولا شيء .. كل شيء ضاع .
قال الرجل الضخم : ليس كل شيء .
سأله الاول باهتمام : كيف؟
قال الثاني مبتسما بغموض: لا تشغل بالك .. لكن اريد منك مراقبة تامر بدقة هو و اسرته .. اريد ان اعرف كل شيء عنهم .. حتى نمرة حذائه .. و لا تحاول انت ولا غيرك مهاجمته حتى لو كان وحيدا .. لدي انتقام افضل من الموت له .
قال الرجل بتفكير ك انا اثق بك .. لذا سأبذل جهدي لتأمين المعلومات لك .
قال الضخم ملوحا بسبابته : بكل التفاصيل الدقيقة .. وبلا هجوم مهما كان وضع تامر.
ابتسم الاول وهز رأسه و غادر المكان ..
و بقي الاول ينظر الى ما حوله بشرود نسبي ..
لم يكن حقيقة يحسب حساب نكبة كهذه التي حلت بعائلته ..
لكنه كان يخطط سرا لصنع عائلة خاصة به و بالتالي حشد سرا الاموال و عددا من الرجال المخلصين له لهذا الهدف ..
و ها قد حانت فرصة ماسية لهذا بدمار العائلة الاصلية ..
سيسود بعائلة جديدة يكون هو زعيمها ..
و سيعلن انطلاقة العائلة الجديدة بضربة موجعة للاسرة الاخرى يخطط لها من الان ..
لكن عليه ان يخطط للامر جيدا جدا..
ان لا يقع في اخطاء الماضي ..
فهذه المرة لن تكون كالسابق .. فكل الامور تغيرت ..
و راح يراجع في ذهنه الخطة التي اعدها .. جاهل صديقه عندما قال انه لم يكن يعرف بما يحصل .. و قد اجاد و التمثيل عليه .. كان يعرف بكل ما يحصل بكل تفاصيله ..
و على هذا بنى خطته .. فصمت طويلا .. و ادعى الجهل و الانقطاع عن الدنيا حتى نسيه الكل و لم يعد احد يذكره تقريبا .. ثم خرج من السجن ليجد الساحة معدة ..
منافسوه زالوا و العائلات انشغلت بامورها الداخلية و اطمأنت الى زوال الخصوم بعد كل تلك السنين .. و لحسن حظه لم يرافق خروجه أي مظهر ملفت ..
لم يعد هناك من يحتفل بخروج احد او يحزن لسجنه او حتى موته .. كانت ضربة قاصمة .. و هو سيرد الضربة لكن دون ان يناله منها نصيب بشكل او بآخر ..
و تنهد بارتياح .. ان غدا لناظره لقريب ..
علين ان يصبر حتى تكتمل المعلومات لديه و بعدها سيتحرك .. انه عصر المعلومات قبل كل شيء اخر ..
و في الجانب الاخر لم يكن احد بالطبع يدرك ما يحاك لهم في الخفاء ..
فكانت اسرة تامر تعيش بسعادة و هناء كأسرة مثالية لا يشغل بالها شاغل ..
المال موجود و الاقارب كثر و الكل يسعى لسعادتهم وهم لا مشاكل لديهم ..
لكن كان للقدر تصريف اخر لم يكن بالحسبان ..
فلم تكن مرحلة الالام قد ولت بعد ..
كان رجال العائلة الاخرى يراقبون كل حركات و سكنات تامر .. و يسجلون بدقة كل ملاحظاتهم و يرسلونها الىالزعيم الجديد الذي يصنف تلك المعلومات و يدرسها و يستخرج منها ما يفيده في خطته الجهنمية ..
و بعد ايام طوال اكتملت المعلومات المطلوبة و بدأ الرجل عمله ..
و في معمل سري صغير ملحق بمنزله بدأ الرجل يخلط المواد ببعضها ..
كان يركب سما زعافا بطيء العمل لكن تكفي قطرات منه لقتل فيل خمس مرات متتالية ..
في عالم الاجرام يتعلم المجرم الكثير و الكثير من اساليب القتل السرية و المباشرة و كيف يستخدمها بحرفية و بدون اثارة الشك ..
و علم السموم الاجرامي كان يستهويه كثيرا ..
ساعات طوال مضت حتى اكتمل صنع المزيج الشيطاني من عدة سموم ..
لا يريد لتامر اية فرصة للنجاة ..
و بحث في معمله عن قنينة مناسبة فلم يجد فاتجه لمطبخه و افرغ قنينة صغيرة من الصودا و غسلها جيدا و وضع السم بها .. لم يكن لونها يختلف عن لون الصودا مما اوحى له بفكرة ما لكنه نفضها و قرر المضي بالخطة الاصلية فهي اضمن كثيرا ..
و وضع القنينة المدمرة على الطاولة بين ادواته و غادر المكان بعد ان اغلق النوافذ ثم اغلق الباب و تفقد المكان و غادر المنزل كله لأجل الخطوة التالية ..
و اتجه الرجل الى سوق شعبي و ابتاع ملابس غير انيقة لكنها ليست ممزقة ولا رثة ..
و عندما ارتداها ظهر بمظهر رجل مستور الحال لا يظهر فقره الا للمدقق ..
و اتجه الى حلاق فازال لحيته و شاربه و خفف حاجبيه و كل ذلك لأول مرة في حياته .. فلم يحدث ان حلق شاربيه من قبل ولا خفف شعره لهذه الدرجة اطلاقا و لم يعد حاجباه كثان مميزان .. صار رجلا عاديا كالاف يسكنون المدينة ..
و اتجه الى احد النوادي الراقية و طلب مقابلة المدير ..
في غرفته كان تامر يجلس على اريكة في الصالة يسرح باللعبة المنزوية بحزن جامد في الزاوية .. لم يسمح لأحد بلمسها من اطفاله و كان يعتني بها باهتمام رغم انها صارت نادرة في السوق و حل محلها ما هو افضل و احدث ..
شعر اشقر ..
عيون زرقاء ..
تامر ..
لعبة بسرجين ..
مدخل يفضي للمجهول ..
ماذا يربط بين كل هذه الامور التي تقرع فكره بين الحين و الاخر؟ ..
لا يدري ..
حقا لا يدري ..
و كالعادة شعر بالصداع فتنهد و نفض رأسه و نهض من مكانه و اتجه لفراشه و نام ..
في الصباح كان ينطلق كالعادة بسيارته مع ميساء لتوصيل الاطفال الى روضتهم .. و من ثم قضاء ساعات قليلة في النادي قبل ان يذهب الى عمله الذي يبدأ من ساعات الظهر ..
و جلسا الى طاولتهم المفضلة و اشار تامر للنادل ..
و قالت ميساء معلقة : يبدو ان عبد الواحد قد ترك العمل .. هذا نادل جديد.
لم يعلق تامر .. و لم يهتم بتبدل نادل او غيره؟
و اقترب النادل الضخم منهما مرتديا الزي المميز للنادي و قال بأدب جم : صباح الخير .. هل من خدمة اقدمها لكما؟
قال تامر : من فضلك .. عصير المانجا و طبق مكسرات منوع .

غرور انثى 2010 25-06-09 02:02 PM

انحنى النادل باحترام و انطلق يلبي الطلب ..
دقائق و عاد و معه الطلب ..
و فيما هو يصف الكؤوس و الطبق على الطاولة سأله تامر: جديد انت هنا؟
قال الرجل بارتباك خفيف: نعم .. اليوم هو يومي الاول فقد انتقل زميل الى بلد آخر و رشحني مكانه .. انه عمل جيد و مريح .
هز تامر رأسه و لم يجب .. ليس مستعدا لسماع قصة حياة هذا النادل ..
و لم يكمل النادل كلاما بعدها بل اكتفى بصف ما بقي و هو كوب ماء و مملحة و مناديل ورقية على الطاولة و غادر الى طاولة اخرى يجلس اليها بعض الرواد ..
و لم يول الزوجان اهمية كبرى للامر .. نادل جديد لا اكثر ..
و مضت ايام على هذا الحال ..
و في احد الايام كان الرجل يقرر ان الوقت صار مناسبا للعمل ..
و فتح معمله و استخرج زجاجة السم القاتل و خرج بها من المعمل و اغلقه باحكام و فتح القنينة و نقل قطرات منها الى انبوبة اختبار صغبرة و اغلقها باحكام و وضعها في جيبه و وضع القنينة التي تحوي السائل المتبقي على رف قريب لكي يتخلص منها عند عودته .. يجب ان لا يتخلص منها الان فقد يحتاجها لكرة اخرى فيما لو لم يتمكن من تنفيذ الضربة اليوم .. يجب ان لا يتسرع ..
و اتجه الرجل الى النادي كالعادة .. و انتظم في عمله كأن كل شيء رتيب ممل كالعادة ..
و في وقتهما المحدد حضر تامر و ميساء الى النادي و هما يتحدثان في امر ما ..
و جلسا الى الطاولة كالعادة و طلبا العصير و المكسرات ..
و اتجه الرجل يحضر الطلب .. و استغل انشغال الكل بعمله ليفرغ محتويات الانبوبة في الكأسين معا و يضعها في جيبه .. بصماته عليها لذا يجب عدم تركها هنا ..
و سار كالعادة ككل يوم و قدم الطلب لهما و انصرف لغيرهما ..
السم يبدأ مفعوله عادة بعد ساعت طويلة يكون هو خلالها خارج البلاد او قد تنكر بطريقة جديدة و تخلص من السم و اوراقه الثبوتية المزورة و كل ما يدينه ..
لقد اعد العدة بشعر مستعار و شارب و حواجب تعيده لسيرته الاولى ..
لقد حسب حساب كل شيء ..
و رآهما بطرف عينيه يتحدثان و لمح ميساء ترتشف من كوبها فاشاح بوجهه و اتجه الى المطبخ ليكمل عمله بارتياح شديد ..
و لم يظهر على ملامحة أي تغير و هو يعمل ككل يوم .. كان محترفا بحق ..
و بعد ثلاث ساعات مر على طوالتمها ليأخذ الكؤوس الفارغة و باقيا المكسرات ..
( وداعا تامر و ميساء ... لن تعيشا حتى مساء الغد .. و وقتها سأكون على متن الطائرة في رحلة سياحية احتفالا بموتكما .. و القادم اكبر .. ) .. و لم يقدر على منع ابتسامة صفراء من التسلل لشفتيه وهو يصفر بلحن شعبي شائع ..
و عاد من عمله كالمعتاد ليجد صديقه ينتظره و لما رآه مبتسما ادرك نجاح العملية فقال له بمرح حقيقي : هيا نتناول عشائنا فقد اعددت لك مائدة تليق بزعيم مثلك .
ضحك الضخم قائلا: احسنت يا صديقي فانا اتضور جوعا .
و جلسا الى المائدة يأكلان بشهية كبيرة ..
و في ذلك الوقت كانت ميساء تعاني من الام مبرحة في البطن مما استدعى نقلها فورا للمستشفى .. و هناك شخصوا حالتها على انها تسمم بمادة خطرة ..
و بدأوا بغسيل للمعدة و اعطائها العقاقير الطبية ..
و كان واضحا من وجوه الاطباء ان وضعها صعب جدا ..
و سأل والد تامر الطبيب عن حالتها
فقال الطبيب بعد صمت : تسمم مضاعف من خلطة شديدة السمية و الخطورة بطيئة العمل .. لقد تناولت الخلطة السامة جدا بكمية كبيرة.. لا اريد ان اسأل كيف فهو اختصاص الشرطة .. لكن حدث هذا قبيل ساعات .. و الى ان ظهرت الاعراض كان السم قد سرى بكل دمها .
قال الوالد بقلق: و كيف وضعها الان؟
قال الطبيب : لا اخفي عليك ان وضعها حرج جدا .. لو تناولت كمية اقل لكان وضعها افضل كثيرا .. لكن .. لندع الله ان تنجو من هذا السم المميت .. نحن نبذل اكبر من جهدنا من اجل ذلك و استعنا بأكبر خبراء السموم .. لكن .. كل شيء بيد الله
و تركه الطبيب و الوالد يقول بقلق ناظرا للارض : و نعم بالله .. ونعم بالله .
و جلس تامر ساهما مصدوما لا يدري ما يقول او يفعل و اسرته حوله يأكلها القلق ..
و اقترب مراد منه و قال : تامر .. انفض عنك الحزن و ركز معي قليلا ..
نظر اليه تامر بشرود فتابع باهتمام : لقد تسممت ميساء من شيء اكلته .. ما الذي اكلته اخر مرة ؟ و ماذا اكلت طوال اليوم؟ لقد كنت انت معها .؟
قال تامر : لقد اكلنها الكثير من الاشياء معا و لم يحدث لي شيء .
قال مراد : اذا تذكر ما الذي اكلته لوحدها منذ خرجتما في الصباح و حتى بداية ظهور الاعراض عليها .. ارجوك ركز و تذكر جيدا .. فقد يساعد هذا على علاجها ..
ونظر تامر بشرود الى ضابط شرطة و عدد من رجاله يقفون بعيدا قليلا ينظرون اليه ..
و صمت قليلا ثم قال بشرود : اولا تناولت صباحا كوبين من العصير في النادي فقد شربت كوبي كوني لم اشربه و كانت عطشة .. و ثانيا تناولت علبة كولا من محل تجاري اثناء تمشينا خارج النادي من ثلاجة كبيرة .. و بعدها تناولت حبة مثلجات من بائع متجول كان حوله عدد من الاطفال .. و اخر ما تناولته حبة تفاح من مائدة في البيت .. عدا ذلك تناولناه معا ..
تركه مراد و اتجه الى ضابط الشرطة و تحدث اليه قليلا و انطلق معه خارج المستشفى ..
و عاد تامر يغرق في دوامات سوداء بلا قرار ..
كان نشيج اولاده يمزق قلبه المحطم بقسوة ..
كانت الدموع تسيل من عينيه بصمت مقهور ..
يا لقسوة هذا العالم ..
و خرج طبيب اخر من غرفة ميساء مكفهر الوجه و ابتعد مسرعا بلا اية كلمة ..
و عاد قلب تامر يسقط بين قدمية برعب ..
دقائق و عاد الطبيب و معه اثنان اخران و مميرضة تدفع اماها عربة عليها اجهزةو ادوية و دخلوا الغرفة و اغلقوا الباب خلفهم باحكام ..
كان القلق يفتك بالاسرة كلها .. حتى فادي الصغير انطلق يبكي بين يدي خالته التي ضمته باكية بحرقة ..
و خرج طبيب مسود الوجه و قال : تريد ان تراكم .
صدم كلامه الجميع فهز رأسه بيأس و اشار للغرفة فاندفع الكل يدخلون الغرفة و يتحلقون حول السرير .. و خرج كل الطاقم الطبي بصمت حزين..
كانت ميساء شاحبة الوجه للغاية و قد اتصلت بها الاجهزة و خرطوم الاكسجين ..
و فتحت عينها بضعف شديد و العرق يغمر وجهها بغزارة .. و فتحت فمها بضعف و رفعت يدها بضعف اكبر مشيرة الى اولادها الذين يبكون وراحت تلمس وجوههم .. كانت الالام تفتك بها فتكا كسكاكين تمزق كل جسدها ..
و رفعت يدها صوب اختها مشيرة الى فادي فانحنت اختها باكية بالطفل و وضعته على صدر اختها التي ضمته بضعف و الدموع تسيل من عيناها ..
و كان الاطفال يبكون منادين امهم بحرقة متعلقين بالفراش ..
و نظرت اليهم دامعة بضعف و الم يشتد كل لحظة ..ثم نظرت الى تامر و راحت انفاسها تتسارع فترة قبل ان تقول بضعف بالغ اليم : اريد .. ان اطلب .. منك .. امرا .
اقترب تامر يجر قدميه بلوعة و قال : روحي فداك يا حبيبتي .
اغمضت عيناها فسال منهما الدمع و قالت بضعف شديد : اريد .. ان . تـ .. تزوج .. شـ .. يريـ .. ن .. ابـ .. ـنـ..ـة ..أبـ ..و .. فـا ..دي .
طفرت الدموع من عيون الجميع و ميساء تتراخى قليلا و تغمض عيناها ببطء ثم تستكين..
و قال تامر بقوة من بين دموعه : لا .. مستحيل .. لن ..
و وقع نظره على وجه ميساء البارد المصفر و تعالى بنفس اللحظة صفير جهاز القياس .. فراح تامر يهز ميساء هاتفا بخوف و فزع : ميساء .. ميساء ..
لكنها لم ترد فاندفع نحو الباب الزجاجي محطما اياه دون وعي و تناثر الزجاج ارضا بصوت عال لكنه لم يتوقف وهو يهتف صارخا مندفعا الى الممر بجنون: ايها الطبيب .. اين انت .. ايها الطبيب.. بحق الله أين انت ؟
اندفع الطبيب و الممرضات و راحوا يفحصون ميساء بسرعة ..
ثم راحوا يستخدمون جهاز الصدمات الكهربائي ..
و راح جسد ميساء الضئيل يقفز مع كل صدمة ثم يعود للاستكانة و الجهاز يواصل اطلاق صفيره بلا تغيير و الاسرة تتقلب باكية ما بين اليأس و الرجاء ..
ثم اعتدل الطبيب بيأس حزين و مد يده و اسبل عيون ميساء .
فصرخ تامر : لااااااااااااااااااااااا .. ميسااااااااااااااااااااااااااااااء .. لااااااااااااااااااااااااااااااااا ..
و راح الاطفال يبكون صارخين متعلقين بالفراش : ماما .. لا تتركينا .. مامااااااااااا ..
و ضمها تامر الى صدره هاتفا بلوعة باكية: ميسااااااااااء .. لااااااااااااا.. يا الله .. لااااااا .
حتى فادي الصغير كان يبكي واضعا اصبعه في فمه ناظر لأمه مرددا : مّا.. مّا ..
و راحت دموع تامر تسيل على وجه ميساء المصفر الساكن وهو يبكي بحرقة ولوعة بلا حدود و اطفاله يمسكون باصابع امهم الباردة يتلمسون حنانها وقد صاروا ايتاما بلا ام..
و اقترب الاب من تامر و امسك بيديه و ابعده عن ميساء باكيا .. و تامر ينشج باكيا بحرقة ناظر ا لميساء مرددا : يا الله .. ميساء .. لماذا يارب ؟ ميساء .. ردي علي ..
كان بكاء الاولاد يقطع القلب و هم يحتضنون كف امهم مرددين : ماما .. ماما .. اريد ماما ..
و كانت يارا الصغيرة تحاول الوصول الى وجه امها لتلمسه لكن اناملها الصغيرة لا تصل للوجه المستكين و اثار الدموع عليه لم تجف ..
و كانت البنت الاخرى نسرين تضم يد امها تحاول استشعار الدفء بها كما مضى ودموعها لا تتوقف كانها لا تصدق انها صارت بلا ام ..و كانت تبكي بنشيج يدمي القلب ..
و كانت شقيقات تامر يبكين بصوت مسموع و تامر يصرخ بجنون : ميسااااء .. دعوني .. لماذا؟ .. يا الله خذني و دعها .. يا الله دعها لي .. لا تحرمني منها .. ميسااااااء .
و تملص من يد والده و رمى نفسه على السرير يبكي بلوعة ..
و اقترب منه والده دامعا يقول: كفى يا تامر .. اطلب لها الرحمة يا بني ..
قبض تامر اصابعه على الغطاء فوق ميساء و هو يدفن وجهه به منتحبا .. كانت نار الحزن المستعرة في قلبه لا تطاق ..
و عاد الوالد يبعده فجن جنونه و راح يضرب وجهه و رأسه بكفيه صارخا باسم ميساء ..
و شاهد اولاده يحيطون بامهم يحاولون بيأس الحصول على حنانها باكين بحرقة ..
فصرخ بكل قوته : لااااااااااااا.. ميسااااااااااااااااااااااااء.
و هنا دخل عدد من الاطباء و جروا تامر بعيدا و غرس احدهم ابرة في ذراعه فشعر بدوار شديد و سقط ارضا لكنه لم يغب عن الوعي بل بقي ينظر الى السرير و الجسد المسجى باكيا بلوعة شديدة و الم مفرط ..
و اخرجوه للممر و اجلسوه على مقعد هناك و معه بقية الاسرة و الاولاد ..
و شاهد الممرضات من وراء الزجاج يلففن ميساء بغطاء ابيض و يغطين وجهها و يجهزنها فهاج حزنه و نزل دموعه بغزارة و هو يندفع صوب الغرفة ..
لكن دموعه منعته من الرؤية جيدا فاصطدم بالجدار و الباب قبل ان يعيده الاطباء للخارج .

غرور انثى 2010 25-06-09 02:03 PM

و قال له الوالد دامع العينان : اطلب لها الرحمة يا بني .. ما تفعله لن ينفعها في اخرتها .. ما تفعله لا يجوز يا بني .. احمد الله انها لم تعان طويلا .. لقد استراحت من الالم يا ولدي .
تهاوى تامر ارضا قائلا : اااه يا الله .. ميساء .. خذني يا رب .. لا تتركني لعذابي ..
ضمت والدته رأسه لصدرها باكية قائلة : لا قدر الله يا بني ..كفى ..ستقتل نفسك.
في تلك اللحظة كان الاطباء يدفعون سرير ميساء خارج الغرفة ..
فاطلق تامر صرخة ملتاعة و هو يتشبث بسريرها و اطفاله يلتفون حول السرير صارخين منادين على امهم و البنت الوسطى تصيح : ماما .. لا تذهبي ماما .. ماما .. لا تتركيني.
جذبه والده برفق قائلا : كفى يا تامر .. اطلب لها الرحمة يا بني .. كفى ارجوك .
و ابعدت شقيقات تامر بناته عن السرير الذي راح يبتعد و روح تامر تنتزع من مكانها خلفه و بكاء اطفاله يمزق قلبه بقسوة شديدة .. و فادي الصغير يردد ( مّا .. مّا ) باكيا ..
و بقي ينظر من بين دموعه اليها ..
كانت تبعتد ..
لن يراها من جديد ..
قبل ساعات كانت نابضة بالحياة ..
كانت تتحدث اليه ...
يسمع صوتها ..
يضحك معها ..
يمسك يدها ..
يلاعبها ..
تتدلل عليه ..
يمازحها و تمازحه ..
يغرق في عيناها الجميلتان ولا يرغب في الخروج منهما..
لا يصدق انها لن يراها بعد اليوم ..
لا .. هذا لا يمكن ان يحدث له .. هذا يحدث للغير فقط و ليس له ..
هل حقا لن يمسك كفها من جديد؟
لن يضمها الى صدره مرة اخرى؟
لن يسمع صوتها ابدا؟
كيف؟
لماذا؟
ما اقسى هذا القدر الاسود ..
كان عقله يغلي كمرجل بخاري متفجر ..
كان حزنه يلسعه كنار مستعرة في قلبه لا يطيقها بشر ولا جان ..
يريد ان يصرخ ..
ان يحطم الدنيا ..
ما فائدة الحياة بلا ميساء؟
ما نفع أي شيء بعد ميساء؟
يريد ان يلحق بها الى العالم الاخر ولا يتركها ..
لكن نشيج اطفاله الذي مزق حطام قلبه الدامي اعاده للارض ..
لو مات ماذا سيحل بهم؟
هل تحتمل قلوبهم الصغيرة صدمتان معا؟
و ترك دموعه تسيل انهارا و هو لا يقوى على النهوض من ماكنه بسبب الحقنة التي اودعها في عروقه و كان من المفروض ان ينام اثرها ..
لكن شدة انفعاله و حزنه منعا نومه ..
و كيف ينام و ميساء ستنام تحت التراب بعيدا عنه؟
بعد ان كانت تنام في فراش ناعم وثير ستنام تحت التراب ..
قلبه و حبه و ملاكه ستدفن بعيدا عنه ..
سينزل فوقها المطر في الشتاء ..
و ستكون وحدها ..
(لا .. لا تبعدوها عني .. ايها الناس .. انها تخاف الوحدة .. ستبرد في المطر .. اعيدوها لي ... اعيدوها بالله عليكم .. اتوسل اليكم اعيدها .. خذونيانا و اعيدوها ..)
و انهار باكيا على الارض و امه تحتضن رأسة باكية بحرقة ..
و بقي ينظر الى الممر الذي اخذوا ميساء منه على امل ان يراها قادمة مبتسمة و تقول له انها بخير و تمسح دموعه باناملها الرقيقة ..
لا يمكن ان تموت ميساء ..
لا يمكن ان تتركه يحزن ..
ستعود .. بلا شك ستعود ..هي ذهبت لتستريح فقط .. متعبة كانت لا اكثر ..
سيأتي الطبيب و يقول له انها نائمة فقط ..
و سيقول له انها كانت متعبة و ستصحو و تعود للبيت ..
تعود لأطفالها تلاعبهم ..
ستحضن فادي الصغير و يضحك بين اناملها التي تداعب خواصره الطرية ..
و سيمد يده الى شعرها يمسكه كي ينام كعادته كل يوم ..
و سيغفو فادي و هي تغني له اغنية جميلة بين يديها ..
و ستمشي على رؤوس اصابعها لتضعه في السرير ..
ستغطيه و تقبله ثم تسدل الناموسية على سريره و تبتعد بهدوء كي ينام ..
اجل ..
لن يسمح لأحد ان يقول له ان ميساء ماتت ..
من سيعلم يارا دروس الحساب؟
و من سيساعد نسرين على تسريح شعرها في الصباح؟
من سيخفف عنه عناء العمل في المساء بسهرة رومنسية في حديقة المنزل كل يوم؟
من سيعلم فادي الصغير اول خطوات المشي ؟
اه يا ميساء .. اه يا حطام قلبي الحزين ..
عودي بالله عليك .. عودي و لا تتركينا ..
لا تموتي .. فأنت لم تشبعي من الحياة ..
جديدة انت على الموت .. ذاك الدرب الاسود البعيد .. ايها الموت ترفق بها .. رحماك ..
كان تامر يفكر و يتكلم و يبكي في ان معا ..
و كان مراد يقول للاب وهو ينظر الى تامر بحزن : لقد عرفنا الفاعل .. انه غالب الونش و معه صابر المفك .. لقد لقيا ربهما بعد ان تناولا العشاء .. يبدو حسب ظروف المكان انهما تناولا عين السم بالخطأ و كان موجودا في قنينة صودا وجدوها فارغة بالكامل و هما صريعان في غرفة الجلوس و عثرت الشرطة على معمل سري اكدوا ان السم صنع داخله .. و قد تحفظوا على المكان لحين اكمال التحقيق .
اغمض الاب المفجوع عينيه قائلا : لقد لقي عدالة الله .. لكنه ترك لنا مصيبة كبيرة .
هز مراد رأسة و غادر ..
سيقع على عاتقه امر الجنازة و ترتيبات ما بعدها فالاسرة لن تكون بحالة تسمح لها بالقيام بكل تلك الامور .. وهو يعرف ما سيفعل ..
كان حزينا للغاية على ما اصاب ميساء ..
و غاضب اكثر على من فعل هذا ..
لكنه قلق اكثر و اكثر على تامر ..
لن يسمح لصديق عمره ان يجن او يموت حزنا على ميساء ..
تكفي خسارة واحدة بحجم خسارة ميساء لهذه العائلة لتعيش حزينة سنين طوال ..
و تنهد بسخط شديد ..
كيف فعلوها ؟
كيف ؟
لقد حرص بنفسه على بتر اطرافهم كلهم ..
لكن رأسا كان لا يزال في السجن و نسيه الكل حتى هو ..
و ها هو يطل و يلدغهم في مقتل ..
و مات و مات سره معه ..
و نفض مراد رأسه ..
لا وقت لهذا الان . فالجرح العميق لا يزال ينزف ..
يجب ان يقوم بواجبه ..
و راح يجري اتصالات شتى بجهات عديدة ..
و بعد نحو نصف ساعة او اكثر عاد للمشفى ليجد الاسرة لا زالت غارقة بدموعها ..
لا يلومهم ابدا ..
حتى هو يكاد يبكي مثلهم لولا ان واجبه يقهر مشاعره ..
و اقترب من الاسرة الثكلى المصدومة و طلب منهم بأدب العودة معه للمنزل ..
و كما توقع كان الرفض بالاجماع ..
لكنه قال : لقد طلبت نقل ميساء الى المشفى الوطني لأنه قريب من منزلكم لكي يتم اخراجها الى المنزل باقرب وقت غدا من اجل اجراءات الدفن ..
و عندما اتى مراد على ذكر الدفن انخرط الكل في البكاء من جديد خصوصا تامر الذي حقا فقد السيطرة على نفسه مما اجبر الاطباء على تخديرة بجرعة قوية انهار على اثرها ارضا ..
و اقبل عدد من رجال مراد كان قد اتصل بهم فاشار لهم فاتجهوا الى تامر و الاسرة و راحوا ينقلونهم خارج المستشفى الى سيارات خاصة بالعائلة ..
و غادر الركب التعيس مبنى المشفى دون ان يدرك ان ميساء لم تغادر ثلاجة الموتى ..
لكن لم يرد مراد لهم ان يتعذبوا اكثر من هذا ..
لا بد لهم ان يرجعوا للمنزل ليستعدوا لمراسم الدفن العائلية ..
لقد رتب كل شيء .. الصحف .. المعزون .. مكان العزاء .. استقبال الوفود .. مكان الدفن و ساعته و خط سير الركب .. كل شيء ..
فقد اتصل اتصالات شتى برجاله و غيرهم و الكل الان خلية نحل يعملون على ان يكون الامر جاهزا في الصباح ..
بقي امر واحد ان تجهز العائلة نفسها للامر ..
وهو اصعب الامور و اكثرها حساسية ..
كانت الساعة تدق العاشرة مساء عندما وصلت السيارات للمنزل ..
و كان رجال مراد قد ازالوا كل صور ميساء و قامت الخادمات باخفاء ملابسها و ادواتها كلها بناء على تعليمات مراد ..
يجب ان تهدأ النفوس ولو قليلا حتى يمكنه العمل في ظل هذا الظرف التعيس..
ولا حاجة لوصف تلك الليلة ..
فقد باتت العائلة اسوأ ليلة لها على الاطلاق ..
و في تمام العاشرة صباحا كان موكب جنائزي مهيب يغادر المشفى تتقدمه سيارة فاخرة سوداء مكللة بالزهور تحمل نعش ميساء منطلقة في الشارع الخالي الذي تم تحويل السير عنه بالتنسيق مع شرطة المرور لمنع الزحام فقد كان عدد السيارات المشاركة كبيرا جدا ..
و في المنزل كان رجال مراد يرتدون حللا و نظارات سوداء حدادا على الفقيدة ..
و في المنزل القت الاسرة النظرة الاخيرة على ميساء التي كانت تبدو كانها نائمة لا ميتة ..
و بكى تامر حتى كاد يفقد الوعي و حتى ابعدوه عنها بالقوة ..

ام هنا 25-06-09 06:11 PM

مبدعه حبيبتي بس والله قطعتي قلبي اتمني يلاقي تامر السعاده الي فقدها متاببعينك قلبو

ΑĽžαεяαђ 28-03-11 08:52 PM

مهملة من 2009

تنقل للارشيف

0

0

مشرفات القسم


الساعة الآن 06:14 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية