منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t201557.html)

Rehana 21-12-15 07:22 AM

1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...0674715031.gif

اليوم راح انزل اليكم رواية
الأمل الأخير
للكاتبة : ديانا هاملتون

الملخص
" أتريدينني أن أفقد عقلي ؟ "
من يكون هذا الرجل الذي كانت تظن أنها تعرفه غاية في ضبط مشاعره ؟ ربما كانت انجيلا تصدق منذ أربع سنوات أن كريس فورد كان يحبها حقاً كما كان يقول . ولكن الخبرة علمتها حالياً أن تكون على حذر . ذلك أنه ليس الحب بل هو الانجذاب الذي كان يسعد زوجها . ولم يكن في نية أنجيلا أن تخضع لذلك .


الرواية للامانة منقولة .. تم تدقيقها من قبلي

Rehana 21-12-15 07:24 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
الغلاف الاصلي للرواية

http://www.liilas.com/up/uploads/lii...0675431671.jpg

Rehana 21-12-15 07:25 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
روابط فصول الرواية

الفصل الاول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

العاشر و الاخير

Rehana 21-12-15 07:28 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
الفصل الأول

ناولت انجيلا سائق التاكسي أجرته لدى وصولها ، فلمعت عيناه الرماديتان وهو يرى الهبة السخية التي اضافتها إلى الأجرة وهي تشكره بلغته . على الأقل ، لم تكن لغتها الأسبانية سيئة رغم أن جوليا التي كانت تزهو بلهجتها الراقية ، كانت تسخر من لهجتها الأندلسية المميزة التي كانت تعلمتها من معلمها جيف الذي كان يرعى الحدائق خلف منزل كريس في مدينة فالنسيا .
انتابتها رغم حرارة الجو ، قشعريرة شملت جسدها النحيل . أنها لا تخدع نفسها ، ذلك ان جوليا لا بد أنها تمضي الآن كثيراً من الوقت هنا كعادتها من قبل ، وربما أكثر . ومقابلتها لها الآن ، بعد أن عرفت ما عرفت ، ستكون أشد إيلاماً لها من مواجهتها لزوجها .
لم يكن هذا يعني أنها كانت تفكر في كريس فورد كزوج لها منذ هجرانها له منذ أربع سنوات . وكانت تذكر نفسها بذلك وهي تحمل حقيبة ثيابها الصغيرة التي أحضرتها معها من لندن إلى جونيز . ذلك انها نفته من حياتها ، ومضت في حياتها قدماً ، بمساعدة خالتها ، حيث أوجدت لنفسها مهنة تعتاش منها ، مقررة في النهاية قبول عرض توم للزواج ، وبذلك اسدلت على الماضي غطاء كثيفاً .
ولم يبق سوى أن تطلب من كريس الموافقة على الطلاق ، وكذلك لكي يعود فيشتري منها الأسهم التي كان توم قد أصر عليها ، رغم ان لا شيء بالنسبة إليها كان ذا أهمية بجانب حريتها ، خصوصاً المال ، رغم حاجتها إليه .

Rehana 21-12-15 07:30 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
جالت عيناها العسليتان في أنحاء تلك الساحة الجميلة ، وهي تتساءل عما إذا كانت تستسلم إلى إغواء الجلوس إلى إحدى تلك الموائد المنتشرة تحت العشرات من أشجار البرتقال ، حيث ترشف كوباً من عصير البرتقال البارد المنعش . ولكنها ما لبثت أن نفت هذا الخاطر لأنها كانت متأكدة من أن معدتها المضطربة سوف تلفظ أي شيء يدخل إليها ،حتى ولو كان شيئاً منعشاً مثل عصير البرتقال .
كانت قد سبق وسمحت لنفسها بهدر خمس دقائق توقفت أثناءها في ذلك الميدان ، وذلك من الوقت الذي يستغرقة الوصول سيراً إلى ذلك المنزل الذي عاشت فيه يوماً مع كريس ، حياة امتزجت فيها البهجة بالألم .
تصلب فمها وهي تدخل الشوارع الضيقة في الحي القديم من المدينة ، دون أن تهتم للعرق الذي كان ينضح من بين كتفيها . ففي هذه الشوارع البيضاء المتشابكة ، ذات الشرفات الزجاجية ، غمرها شعور بالحنين ، فقد كانت نسيت كم أحبت هذه المدينة البهيجة المليئة بالنشاط ، والتي اقيمت على هذا الرأس البحري .
لقد كان ثمة الكثير مما سبق وظنت أنها نسيته, الحسن منه والسيء ، فلم تعد ذكراه تؤلمها بشيء .
وكادت تعود أدراجها هاربة بعد إذ وقع بصرها على البوابة الحديدية المزخرفة التي تكاد تسد الشارع الضيق ، وتمنت لو كانت استمعت إلى نصيحة توم في ان تكلف محامياً بكل شيء . ولكنها قاومت هذا الدافع كما اعتادت ان تقاوم كل مخاوفها أثناء الأربع سنوات الماضية .
كان جسدها النحيل ، في الطقم الكتاني البني اللون الذي كانت اختارته للسفر ، متوتراً مليئاً بالعزم والتصميم ، فهذا لم يكن سوى منزل ، وإن يكن أجمل منظراً من الكثير من غيره ولكنه مع ذلك ، مجرد منزل لا أكثر. وكان يلي البوابة باحة واسعة يأتي بعدها سقف عتيق معقود من الحجر ، ثم بعد ذلك ، الحدائق تظللها أشجار المانيولا المزهرة حيث بإمكانها أن تجلس في انتظار عودة زوجها من مكتبه الفاخر في المنطقة التجارية خلف الأسوار الأثرية التي تحيط بالمدينة .
كما أن بإمكان آن أن تحضر لها صينية شاي .
ولم تكن تصدق أن من الممكن أن تكون صديقتها الأسبانية العجوز قد تخلت عن عملها في إدارة منزل كريس . ذلك أن آن كانت منذ أربع سنوات ، تحكم سيطرتها على إدارة المنزل بيد من حديد في قفازين من المخمل .
وكان لآن لسان سليط وقلب أسد ، ولكنها أحبت انجيلا ، والتي كانت عند قدومها بريئة إلى درجة مؤلمة . فقد كانت في التاسعة عشرة عندما أحضرها كريس عروساً له ، بينما مظهرها وخبرتها كانتا تماثلان فتاة في العاشرة كما سبق وأشارت إلى ذلك خالتها ليلي ذات يوم .
ولكنها ذكرت نفسها ، وهي تدفع البوابة الحديدية ، بأن هذه لم تعد هي المشكلة . ذلك أن سنة من الزواج أحدثت بها الكثير ولكنها لم تحطمها ، لأنها عادت بمساعدة خالتها ليلى ، تستجمع شتات حياتها ، لتخفي من ذهنها كل أثر لزوجها كريس وأفعاله ، وتبرز امرأة في الرابعة والعشرين لا يمكن أن يستغفلها أحد .

Rehana 21-12-15 07:31 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
لم يكن كريس يعني ، بالنسبة إليها ،شيئاً الآن . حتى انها لم تكن لتهتم بأن تكرهه نتيجة لما فعله معها . وهكذا ، بدلاً من أن تشعر بالتوتر والعصبية ، عليها أن تركز اهتمامها في ما أنجزته في رحلتها تلك لاكمال شفاء نفسها .
وعندما يعود هذا المساء ، ستكون هي في انتظاره ، وستعرض بكل هدوء ، ما جاءت لأجله . وفي اللحظة التي تحصل فيها على موافقته ، وطبعاً لن تكون هناك مشكلة بالنسبة إلى ذلك ستعود إلى انكلترا وتوم وعملها ، متطلعة إلى يوم زفافها في الخريف القادم .
اجتازت الباحة بسرعة دون اهتمام بجوها الذي يعبق فيه شذا زهر البرتقال ، لتدخل القاعة الواسعة الباردة شبه المظلمة ذات الأرض الرخامية والجدران المغطاة بالخشب المزخرف .
بدا الحزم على وجهها الصغير في محاولة التخلص من إغراء هذه البلاد وشعبها وهندسة بيوتها والذي امتلك مجامع قلبها في الماضي . لن يحدث ذلك مرة أخرى بعد أن ادركت ان المظاهر هي غالباً خدّاعة ،وان الناس يكذبون وان الألسن المعسولة قد تقول أشياء لا تعنيها .
ستنتظر في مكان ما دون الحاجة إلى إزعاج آن في وقت القيلولة هذا .
وضعت حقيبتها بجانب أحد الجدران وأذناها تلتقطان صوت حفيف ثياب ،وأنفاس تقترب ،ومن ثم تجمدت في مكانها وهي ترى كريس أمامها وهو يقول بصوت أجش : " وهكذا عدت في النهاية "
لم تكن قد توقعت رؤيته بهذه السرعة . كانت اهدابه الكثيفة السوداء مسدلة فوق عينيه تخفي ما بنفسه ، بينما قميصه الأبيض يزيد من سمرة بشرته وسواد شعره الحالك ، لقد أنساها مرور السنوات مدى تأثيره عليها .
كان يجب عليها أن تتذكر ذلك ، وتستعد له .
أرغمت نفسها على التحديق به وقد بدا التحدي في عينيها العسليتين ، محدثة نفسها بأن جمال المظهر لا يعتد به . ذلك أن عينيه السوداوين الحادتين المتألقتين ، وتقاطيع وجهه الوسيمة إلى درجة غير عادية ، كل ذلك قد أدار عقلها الساذج عندما وقعت عيناها عليه لأول مره منذ خمس سنوات .
ولكن رؤيتها ازدادت وضوحاً الآن . . وها هي ذي تراه بوجهين الخيّر والشرير معاً .. وجه رجل بإمكانه أن يقتل أخاه بكل بساطة ، وأن يستل من روحها براءتها ، وذلك بكبريائه ، فيستغلها ثم يغدر بها دون أن تطرف له عين .
أجابته محاولة أن لا يبدو عليها الخوف وهو يقترب منها بخفة الفهد : " جئت لمدة نصف ساعة فقط ، ولن أحتاج لأكثر من ذلك " .
ابتسم بفتور وهو يقول : " ان مما يشرفني جداً أن تتكبدي كل تلك النفقات في السفر ، والعناء في ترك بيتك في وسط انكلترا ، كاستون هورم ، ويا له من اسم غريب ، وذلك في القدوم إلى هنا بالطائرة فقط لكي تمضي معي نصف ساعة ، لا غير .. انه حقاً شرف بالغ "
سألته وقد تملكها الذعر والذهول : " وكيف علمت بمكان إقامتي ؟ "
اجاب ببرود: " إذا كنت تظنين أن من الممكن أن أدعك

Rehana 21-12-15 07:31 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
تتركيني وترحلين دون أن أعرف مكانك ، فأنت اذن لا تعرفينني " .. ولمعت عيناه السوداوان بعنف وهو يتابع قائلاً : " ان الأحداث الماضية أثبتت انك لا تعرفينني .. أليس كذلك يا زوجتي ؟ " ومد يده إليها بما يشبه الإزدراء وهو يقول : " لقد أمضيت ستة أشهر مع خالتك في ساو حيث ساعدتك على أن تقومي بدراسة مكثفة حتى تأكدت من أنك قد عوضت ما سبق وفاتك من دراسة مهنة التجارة التي كنت هجرتها بزواجك ثم أرسلتك إلى ذلك المكان ذي الاسم الغريب في اواسط انكلترا ، حيث اشتغلت مساعدة لمدير فندق ، أليس هذا ما حدث ؟ "
وشعرت أنجيلا بأن ماكان قد بقي من لون في وجهها قد تلاشى ، فقالت : " إذن كنت تتجسس عليّ " لقد كانت تظن نفسها في أمان ، وأنهابالنسبة إليه قد غابت تماماً عن وجه الأرض .
عدّلت من وقفتها بقلق ، وهي تعض شفتها السفلى ، كل ذلك الوقت .. الستة أشهر من العمل الشاق المجهد لكي تنال شهادتها ، ثم الوظيفة التي ساعدتها خالتها في العثور عليها بواسطة وكالة التوظيف التي تملكها ، والتي كانت في منطقة راوسوردشير شبه المنفية في أقصى البلاد ، وحيث شعرت هناك بأنها في أمان . أخذت تفكر ملياً في تصرفات كريس مما زاد في ثقتها بنفسها وشعورها بالاستقلال ، هذا بينما كان هو طيلة الوقت يعرف مكانها بالضبط ، وما الذي كانت تفعله ، ولم تستطع احتمال التفكير في ذلك ، لا بد أن هذا هو شعور من يعود إلى منزله بعد غياب ، ليجد المنزل قد عاث فيه اللصوص سلباً ونهباً .
رد عليها قائلاً : " انني أفضل أن اعتبر الأمر وكأنه مراقبة لشيء يخصني " وكان يقول ذلك بلهجة متعالية تعبر عن استهجانه لاختبار كلماتها تلك ، فإن صفة الجاسوسية لم تكن لتتناسب مع فكرته عن نفسه كرجل شريف .
وكونه قد وضعها تحت المراقبة ، يعني أنه يعلم كل شيء عن توم ماكلين ، وكيف تعارفا ، وعدد المرات التي يتقابلان أو يخرجان فيها معاً ، حاولت أن تتظاهر بالصلابة وهي تفكر في أن طلبها الطلاق الآن لن يكون مفاجأة له على الأقل .
ولكن كان من الصعب عليها الشعور بالصلابة في الوقت الذي كانت فيه عيناه الثاقبتان تخبرانها بأنه يعرف كل ما ينبغي معرفته عنها دون أن يهمه هذا في شيء .
قال ببطء ساخر شعرت معه بما يشبه الغثيان : " إذا كان علينا أن نمضي معاً نصف ساعة ، فإن من الأفضل أن تمضيها براحة " وقادها إلى قاعة جلوس صغيرة في مؤخرة المنزل . ذلك أن قربه منها ، جعلها تضطرب إذ تذكرت يوم كانت النظرة الواحدة من تلك العينين السوداوين اللتين لا يمكن سبر غورهما ، كانت كفيلة بأن تملأها لهفة .
تلك ذكريات لم تشأ استعادتها . هزت رأسها بغية التخلص منها . وأطاعت إشارة خفيفة منه ، لتجلس على كرسي منجد بقماش دمشقي . كانت قد اختارت هذه الغرفة لها في ما مضى ، فكانت تأتي إليها غالباً للقراءة أو الإسترخاء ، خصوصاً عندما تكون جوليا بصداقتها الزائفة في المنزل .

Rehana 21-12-15 07:32 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
أترى كريس يذكر هذا ؟ أتراه اختار هذه الغرفة من بين العديد من الغرف الأخرى ، لكي يجعلها تتألم ؟ لا بد أنه يعلم أن هذا المكان هو الذي كانت قد اختارته جوليا في النهاية ، لكي تنفجر بتلك الحقيقة القاسية المدمرة .
استقامت أنجيلا في جلستها وهي تتمنى لو يجلس هو أيضاً ولكنها لم تشأ أن تطلب منه ذلك فتشعره باهتمامها به . لم تكن تريده أن يظن أن بإمكانه أن يؤثر عليها بأي شكل .
قال لها أخيراً : " لقد تغيرت يا انجيلينا "
كان صوته عميقاً عاطفياً جعلها ترد عليه بحدة دون تفكير : " إنني أفضل اسم انجيلا " فقد كان أبواها وكريس فقط هم الذين اعتادوا مناداتها بهذا الاسم . وقد كانت تحب والديها ، وهما متوفيان الآن ، وقد أحبت كريس أيضاً ولكنه بالنسبة إليها يمكن اعتباره ميتاً هو أيضاً ، وهكذا لم تشأ أن يذكرها أحد بذلك .
أجابها :" لا أريد أن أناديك بإسم هو بشع بالنسبة إلى رجل ، ولا يمكن التفكير به بالنسبة إلى امرأة ، وخاصة تلك التي نشأت نشأة راقية "
جلس على مقعد مخملي مستطيل وهو يرمقها ساخراً ما أثار حنقها . لو كان فكر أثناء السنوات الأربع الماضية ، في تلك الفتاة الممتلئة الواسعة العينين والتي تبلغ التاسعة عشرة من العمر والتي يصل شعرها البني الفاتح إلى منتصف ظهرها ، أما الآن ، فقد قصته قصيراً ، وكانت زينة وجهها الوحيدة هي صباغ وردي فاتح اللون على شفتيها .
ولكنها بعد تركها له فقدت الكثير من وزنها ولم تستعده قط ، كما أن لون شعرها قد اصبح قاتماً ، وكانت خالتها ليلي هي المسؤولة عن تغيير مظهرها هذا ، إذ قالت لها : " لا يمكنك أن تكافحي في الحياة بهذا المظهر الذي يبديك مثل آليس في بلاد العجائب ، خصوصاً وأنت تريدين أن تتحملي مسؤولية وظيفة محترمة . لقد كنت أحب شقيقتي جداً ، ولكن طريقتها في تنشئتك لم تعجبني ، إذ جعلتك مختلفة في طريقة لباسك ، هذا إلى لهفة والديك وحمايتهما لك ، عن بقية الفتيات "
على كل حال ، لم يأخذ الاعتراف بأن ليلي كانت على صواب ، وقتاً طويلاً من امعان الفكر . حيث أن قدومها إلى العالم بعد خمسة عشر عاماً من زواج والديها ، كانا اثناءها قد امتلأ خوفاً من عدم الإنجاب ، قدومها ذاك جعلهما يبالغان في حمايتها والخوف عليها .
أما تعليمها فقد كان في مدرسة بنات خاصة ، وكان والداها يختاران لها صديقاتها بعناية تامة ، كما أن نشاطاتها خارج المدرسة كانت أشبه بنشاطات آنسة من العهد الفكتوري وليس فتاة في القرن العشرين .
وقد كانت رغبتها في دراسة المعاملات التجارية والبقاء في انكلترا بعد تقاعد والديها والعودة إلى أسبانيا ، قد استجيبت بعد توسل طويل منها ومداولات عديدة بينهم ، وعلى الأخص ، بعد تدخل خالتها ليلى التي كانت أصغر سناً من أمها وغير متزوجة ، وتعهدها بأن تجعلها تقيم معها في شقتها في ساو .
حتى أثناء تلك السنة ، لم تبذل خالتها ليلي كثيراً من الجهد في دفعها إلى العالم الحقيقي ،ذلك أن ليلي أثناء حياة والدي أنجيلا ، لم يكن في إمكانها التدخل في طريقة

Rehana 21-12-15 07:33 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
حياة ابنة أختها الهادئة المجدة في دراستها والتي كانت بريئة إلى حد يدعو إلى الشفقة . هذا إلى جانب أنها كانت من الاستغراق في إدارة وكالتها الناجحة ، بحيث لم تكن تجد ما يكفي من الوقت لكي تحاول تغيير فتاة مثلها يبدو عليها الرضى التام بنفسها كما هي ، ولكنها كانت في ذلك الحين غاية في السذاجة ، وليس في مقدورها أبداً أن تفهم رجلاً مثل كريس فورد . إذ كانت عدة كلمات رقيقة كفيلة بأن تدير رأسها الأحمق البرئ ، فهو لم يكن بحاجة إلى بذل كثير من الجهد ليضمن الحصول على مايريد من امرأة هي من الغباء والخبل في حبه بحيث تقوم بالدور الذي كان يريدها أن تقوم به ضمن خطته الماكرة تلك .
أجابته هامسة بصوت عذب : " نعم ،لقد تغيرت "
ومن الغريب أن قولها هذا بما أظهرته من تحد وتمرد ، بعث في نفسها الارتياح وهي ترى نظراته تنصب عليها مقيمة من رأسها حتى أخمص قدميها لتستقر أخيراً في عينيها اللامعتين ولتخبرها بأن كلماته لم تكن تخلو من معنى ، وأنه اعتراف بذلك التغيير ، باستحسان تام .
وما دام قد أدرك الآن أنها لم تعد ممسحة للأقدام ، مستسلمة للآلام والاذلال الذي كان هو ورفيقته يعرضانها له ، وذلك في سبيل كلمات فارغة كان هو يتنازل في التفضل بها عليها . وما دام قد ادرك ذلك ، فإن بإمكانها الآن أن تتناقش معه على قدم المساواة ، وهذا وحده يستحق ما كلفتها هذه الرحلة ، والجدل الذي دار بينها وبين توم عندما أخبرته عن عزمها على مواجهة زوجها غير المرغوب فيه ، شخصياً وذلك بعد أن أصبحت الآن مساوية لذلك الرجل المخيف ، ولم يعد ثمة ما تخشاه . وبسرعة وقبل أن يحملها وجوده على تغيير رأيها في هذا الصدد ، قالت بصوت حازم : " أريد الطلاق " ولم يتغير التعبير الذي كان على وجهه بأكثر من رمشة في جفنه وهو يسألها قائلاً : " لماذا ؟ "
كادت أنفاسها تحتبس إزاء برودة جوابه هذا ، فقد اعتبرت هذا إهانة مما أثار غضبها وجعل صوتها متوتراً وهي تجيب بحدة : " هل ثمة حاجة حقاً لهذا السؤال ؟ لقد انتهى زواجنا في الواقع منذ أربع سنوات وقد حان الوقت لكي ننهي كل شيء "
قال بصوت ما زال يحمل عدم الاهتمام ، وعيناه لا تتحولان عن وجهها : " اتظنين أن الطلاق ينهي كل شيء ويمحو الماضي ؟ كان بإمكانك أن تطلبي الطلاق في اي وقت أثناء الأربع سنوات الماضية ، فلماذا لم تفعلي ذلك ما دام زواجنا لم يعد محتملاً بالنسبة إليك ؟ "
اسكتها قوله هذا . وحملقت فيه محدقة في تلك العينين السوداوين بعمقهما المخيف وكأنها تفتش عن جواب لسؤاله ذاك . ذلك أنها طوال الأربع سنوات الماضية ، لم تحاول أن تخفي زواجها ولكنها لم تتحدث عنه لأي انسان ما عدا ليلي ثم توم بعد ذلك بوقت طويل . ولكنها ، مع ذلك لم تتحدث بالحقيقة كاملة ، وإنما عللت الأمر بأن ثمة اختلافات بينها وبين كريس لا يمكن التغلب عليها . ولم تفكر بالطلاق إلا بعد أن تقدم توم إليها بعرض الزواج .
لم تعرف السبب في شعورها المفاجئ بالارتباك إزاء سؤاله هذا ، ولم تشأ الاعتراف بذلك ، إذ أن هذا سيكون معناه أن شرعية علاقتهما ما زالت تشدها ، ما يجعلها غير قادرة على مواجهة الانقطاع النهائي بينهما .

Rehana 21-12-15 07:33 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
اغمضت عينيها لحظة قصيرة ، وعندما فتحتهما مرة أخرى كانتا تلتمعان كأنوار الكهرمان . ليس بإمكانها قط أن تنزل به نفس العذاب الذي أذاقها ، ولكن بإمكانها أن تشعر بالرضى إذ تخدش كبرياءه وشدة زهوه بنفسه . وقالت : " انك تعرف سبب تركي لك . فهل تعتقد انني ارغب في أن اتذكرك واتذكر ما فعلت ؟ لقد ابعدتك وابعدت زواجنا عن ذهني تماماً . ولم اهتم بتذكره لحظة واحدة إلى أن أدركت انني بحاجة إلى حريتي لكي أتزوج مرة أخرى ".
وعندما لمحت انقباضاً خاطفاً مفاجئاً في عضلة فكه العلوي ، ادركت أنها نجحت نوعاً ما وان لم تكن متأكدة من ذلك . كانت أنامله ما زالت على فمه ، فذلك التوتر إذن ، لم يكن مجرد تخيل منها . وقفت وقد شعرت فجأة بالتعب ، لم يكن لديها وقت لمزاولة الآلاعيب . وحالما تنتهي من هذه المقابلة ، ستعود إلى فندقها المتواضع حيث سبق وحجزت غرفة لقضاء الليلة .
رفع عينيه بتكاسل ، يراقب حركتها هذه . كان ما يزال مسترخياً بترفع ، وهي تقول : " بما أننا مكثنا مدة طويلة منفصلين لا يمكنني أن ارى صعوبة في ذلك ؟ " تابعت بلهجة متوترة : " اننا ، انا وتوم مصممان على الزواج آخر هذه السنة .. في الخريف إذا أمكن . وأظن ان هذا يمنحنا وقتاً كافياً لإنهاء إجراءات الطلاق " .
وشعرت فجأة بالرغبة في الابتعاد عن هذا المكان ، وكأن جو هذا المنزل ووجود هذا الرجل الذي كان يمثل يوماً ، الحياة نفسها بالنسبة إليها ، كان كل هذا يكاد يخنقها . هذا بالإضافة إلى عودتها إلى وكر الخديعة والقسوة ، وجمال اقليم الأندلس وكذلك فتنة هذا الشرير الذي يبدو بشكل انسان .. والذي كاد يدمرها يوماً ما .
حتى أنها لم تذكر له إمكانية استعادته منها تلك الأسهم التي تملكها . فهذا يمكن القيام به في ما بعد بواسطة محام . فهي لن تستطيع قضاء لحظة واحدة أخرى معه . واتجهت لتخرج من الغرفة متباطئة ، عندما سمعته يتلفظ بكلمة واحدة هي : " كلا "
شعرت ، بعد سماعها هذه الكلمة ببرودة جو الغرفة تزداد كما شعرت بقدميها تتسمران في الأرض وقد تجمد الدم في عروقها ، ولكن ربما لا يعني ما ظنته هي ،واستدارت إليه بسرعة وقد بان عليها التحفز للدفاع وهي تشعر به يتحرك مقترباً منها .
كان يقول وقد بانت السخرية في عينيه السوداوين : " الطلاق في القانون الأسباني ، يمكن أن يقع في حالة انفصال الزوجين عامين كاملين ، انما طبعاً بشرط قبول الطرفين . وإذا لم يتفق الطرفان على ذلك ، فإن مدة الإنفصال تصل إلى الخمس سنوات "
ولأول مرة تلوح على فمه ابتسامة انما لم تصل إلى عينيه ، ما جعل شعوراً من عدم التصديق يتملكها .
وقالت بصوت خشن : " لا يمكن أن تكون جاداً في قولك هذا " ولم تستطع أن تتمالك نفسها من الشعور بالقلق والذعر مما جعل الاحمرار يصعد إلى وجنتيها .وتراجعت وقد فارقها إتزانها .

Rehana 21-12-15 07:34 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
قال يجيبها : " لم أكن في حياتي جاداً كما أنا الآن " .
كانت وقد التصقت بالجدار خلفها ولكنه وقف مكانه لا يتحرك ، وشعرت بالضعف والدوار ، حتى كاد يغمى عليها لأول مرة في حياتها .
لمعت عيناه السوداوان قليلاً وهو يتأملها وقد رفع حاجبه الأسود متهكماً ، وبان على ملامحه رضى خبيث وهو يلمس تفوقه عليها قائلاً : " وهكذا يا زوجتي ، مازالت أمامك سنة كاملة قبل أن تبدئي حتى بإجراءات الطلاق "
وضع راحتيه على الجدار فوق رأسها ما شعرت معه بالخوف وكأنها وقعت في الفخ ، ولكنها لم تشأ أن تظهر ذلك , وقالت له بعنف : " اتعد نفسك رجلاً ؟ انك لا شيء سوى دودة صغيرة حاقدة " وشعرت بالرضى وهي ترى جسده يتصلب وقد تجمدت ملامحه المتكبرة وهوينزل يديه ويتراجع إلى الخلف .
قال آمراً وقد بدا عليه الحنق : " اوضحي موقفك "
ولكنها لم تهتم ، لم تعد تخاف حتى من هذا الرجل الذي سفك دم أخيه في سبيل المال .
قالت بعنف تدافع عن نفسها :" ما هو السبب الذي يجعلك تتأخر في الطلاق ؟ انك لا تريدني . لم تردني من قبل قط . وأنت الآن لا تريدني أن أسعد مع رجل آخر ، وهذا ما يجعلك حقوداً كريهاً "
ان بقاء هذا الزواج الخامد سنة آخرى ، لا يعني له شيئاً ، فجوليا راضية بالبقاء طيلة المدة ، كما قالت لها مرة بوضوح ، فقد كانا حبيبين منذ زمن طويل قبل أن يخدعها هي ، بهذا الزواج السريع وسيبقيان كذلك ما داما على قيد الحياة ، سواء حملت جوليا اسمه ولبست خاتمه ، أم لا . وقالت له بازدراء وهي تتوجه نحو الباب مرة أخرى : " لا تظن أن امتداد زواجنا سنة أخرى سيهمني ويهم توم مثقال ذرة "
كانت متأكدة من ذلك ، على الأقل فقد كان توم رجلاً عملياً ، ويمكنه الانتظار . ولكن وجنتيها التهبتا عندما قال لها بعدم اهتمام : " ان توم ماكلين لا يهمني أبداً . فهو أقل أهمية من ان يشكل تهديداً "
حدقت فيه بعنف وقد شعرت باسوأ مخاوفها تتحقق ، ذلك انها لم يسبق أن ذكرت اسم توم كاملاً . لا بد أن جواسيسه قد اكتشفوا ذلك وابلغوه به . وهكذا كانت على صواب . إذ ينتابها الجنون وهي تعلم أنه قد جمع كل دقائق حياتها ، عالماً بالضبط متى قابلت توم وكم من المرات خرجت معه .
قال لها : " إذا كنت تريدين الزواج من محاسب صغير متوسط العمر ذي بطن متدلية ، رجل يكره إنفاق النقود ، ومعلق بأمه ، فإنني لا أملك إلا أن أرثي لهبوط مستواك . إذا كانت هذه هي رغبتك النهائية ، فأنا لا أستطيع منعك ، ولكن لا تنتظري مني أن أسهل لك هذا الأمر "
قالت وهي لا تستطيع منع شعور الاشمئزاز من أن يتملكها : " اوووه " ودار رأسها . كيف يتهمها بالعمل على تدني مستواها بينما هو أشد الرجال قسوة وخبثاً والذي شاء لها سوء حظها أن تعرفه ؟
كما أن توم لم يكن متوسط العمر . فقد كان في السابعة والثلاثين ،أي أكبر من كريس بثلاثة أعوام فقط ، كما أن بطنه ليست متدلية .

Rehana 21-12-15 07:35 AM

رد: 1072 -الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الاول )
 
أما إذا كان على شيء من الحرص فلا عجب في هذا . فقد توفى والده قبل أن ينهي دراسته ، وكان على أمه التي عاش معها إلى أن ماتت بالسكتة القلبية منذ عام مضى ، كان عليها أن تكدح لكي تعلمه إلى أن ينال المؤهل ،وحتى ما بعد ذلك ، حين كان يكافح لكي يقف على قدميه . وأن يكره إلقاء نقوده التي تعب في جمعها ، كيفهما اتفق . ذلك أنه كان يعلم جيداً كم كلفة جمع كل قرش منها .
وأخيراً قالت وقد تجلت الكراهية في صوتها : " إنه على الأقل ، لم يعدني بأن يحضر لي القمر والنجوم ، ليناولني السم بعد ذلك "
سألها وقد توتر جسده متوعداً ، وعيناه تخترقان عينيها : " وبماذا وعدك هو ؟ على كل حال هذا شيء لا أهمية له "
واستدار على عقبيه ليضغط زر جرس قرب الباب وهو يقول : " لقد استدعيت آن ، وهي اما تقودك إلى باب غرفتك ، وإما إلى باب الخروج ، ان الخيار لك "
أجابت : " إنني أعرف طريق الخروج ، فقد كنت أعيش هنا . هل تذكر ؟ "
لم تكن ثمة وسيلة تجعلها تسكن وإياه تحت هذا السقف ، حتى ولو ليلة واحدة ، وسيكون مجنوناً لو اقترح عليها هذا ! ولكنها كانت تعلم أن رجاحة عقله ليست موضع السؤال ، على أنه كان مراوغاً فقط وهو يقول لها بنعومة : " إنني أريد أن اصل معك إلى حل وسط ، يا انجيلينا . وافقي على المكوث هنا لمدة أربعة أسابيع ، فإذا وجدت نفسك ، آخر هذه المدة مازلت راغبة في الزواج من ذلك المحاسب ، فسأوافق على الطلاق ، واعدك بأن أسير بالاجراءات بأسرع ما يمكن . أما إذا رفضت ذلك فاذهبي إذن ، وانتظري سنة أخرى , ولكنني أحذرك بأن في امكاني أن اجعل الإجراءات القانونية تسير ببط السلحفاة . إن بإمكاني القيام بذلك . صدقيني "


نهاية الفصل الأول

Rehana 22-12-15 06:38 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
الفصل الثاني

" ماذا يريدك أن تفعلي ؟ "
بدا من صوت توم أنه لا يصدق أذنيه ، وكررت أنجيلا كلامها فقالت : " طلب مني البقاء هنا لمدة أربعة أسابيع .فإذا فعلت ، فإنه سيوافق على الطلاق ، وإلا فهو لن يوافق "
وخفضت من صوتها رغم أنها كانت بمفردها في غرفة مكتب كريس , وأضافت تقول : " وهكذا علينا أن ننتظر سنة أخرى لكي نبدأ الاجراءات . وقد فكرت في أن الأمر يستحق قبول هذا الشرط " ونطقت بالجملة الأخيرة بسرعة رغم أنها لم تكن واثقة من ذلك تماماً .
سألها وقد ظهر الشك في لهجته : " ما الذي يهدف إليه ؟ أتراه يسعى إلى الصلح ؟ " لم تلمه لقوله هذا ، ولكن الفكرة نفسها كانت تراها مضحكة . وقالت تطمئنه : " كلا ، بالطبع "
وبينما كانت تفكر في أن كريس لم يكن يريدها قط ، ما عدا استعمالها كواسطة للحصول على وريث . وعندما ادعى أنه وقع في حبها ، ومن أول نظرة تقريباً ، كان يكذب . لقد كان كريس فورد رجلاً يجيد الكذب تماماً .
ولكن لم تكن ثمة طريقة تطمئن بها توم ، لأنه لم تكن تعرف ما وراء شرط ذلك الزوج الذي لم تعد تريده . كان من الممكن أن تفهم رفضاً صريحاً منه للطلاق ، معيدة ذلك إلى حقده وضغينته ، ولكن وعده لها بالموافقة على الطلاق بعد أربعة أسابيع ، كان شيئاً فوق مستوى إدراكها . لا شك أن وراء ذلك حيلة مدبرة ...
قال توم بلهجة شرسة : " حسناً ، هناك أمر ما .. لقد سار الطلاق بيني وبين جويس دون أية مشاكل . لقد تركتني وخرجت ، وحيث أنه لم يكن هناك أولاد .. " وسكت فجأة ، ثم عاد يسألها بحذر : " وأنت ليس لديك أولاد ، أليس كذلك ؟ "
أجابته بحدة : " وهل كنت سأخفي عنك ذلك لو كان لدي ؟ "
وفكرت في أنه لو كان لديها أولاد ، إذن لحرّضها على البدء باجراءات الطلاق حال مرور عامين ، بعد أن يأخذ لنفسه حق الوصاية عليهم . وستعتبر نفسها عند ذلك محظوظة إذا هو قبل برؤيتها لهم بشكل محدود . وكان بإمكانها أن تفهم سبب انزعاج توم عندما تحولت إليه الأمور ، ولكن ليس له أن يرتاب بشيء بالنسبة إليها هي .
أجابها متملقاً : " كلا، بالطبع يا عزيزتي ، إنني آسف . ولكن كل شيء يبدو لي ، من مكاني هذا ، داعياً إلى الارتياب . هل أنت متأكدة من أن العودة إلى العيش معه ، لن يفسد كل شيء ؟ "
ولم يكن قد خطر هذا ببالها . قطبت جبينها وهي تنظر إلى زجاج النافذة الذي كان يعكس أشعة الشمس ، ثم أجابته ببطء : " لا أظن ذلك "
وتمالكت نفسها وهي تقول بسرعة ، بصوت أجش : " سأتصل برئيسي في العمل غداً وأطلب منه تمديد الإجازة لي "
فقال : " إن كيفن لن يعجبه ذلك " وكان توم يعني أن رئيسها لن يوافق على تمديد العطلة . ولكن انجيلا عذرته بصمت ، لان الاحداث كانت غير عادية .

Rehana 22-12-15 06:39 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
قالت : " إنه سيتدبر الأمر ، فليس في الأفق أية مشاكل أو تغيير في الأوضاع ، وتوماس غاية في الكفاءة " وكان توماس هذا السكرتير الذي تعمل معه عند جلبرت مدير المؤسسة . وبما أن انجيلا مساعدة كيفن الشخصية منذ أكثر من ثلاث سنوات ، دون أن تأخذ أية إجازة كاملة ، فإنها لم تكن تتوقع أية مشكلة بالنسبة إلى تمديد الإجازة .
عندما انتهت المكالمة أخذت تفكر في أن فكرة هذه الاجازة لم تكن صادرة عنها .
كانت نيتها في البداية ، هي أن تمضي أسبوعاً في اسبانيا ، فتترك فالنسيا مبكرة في الصباح ، بعد أن تكون قد نالت موافقة كريس على الطلاق ، ثم تستأجر سيارة لتطوف أنحاء هذه المنطقة الرائعة الجمال والحيوية ، مودعة إياها إلى الأبد .
ولكنها بدلاً من ذلك ، وجدت نفسها مرغمة على تمديد إجازتها ، لتمكث هنا كرهينة عند كريس لتنفيذ مخططه الملتوي ، غير قادرة على الاستمتاع بمناظر هذه المدينة الرائعة الجمال ، وذلك للتوتر والقلق الذي ستكون عليه ، وهي تنتظر وتراقب أقل إشارة تكشف لها نواياه الخبيثة .
كان مزاجها متعباً وهي تخرج من المكتب إلى القاعة ، فقد كان النهار يمر بسرعة . وبدلاً من أن تتجول في الأنحاء ، بإمكانها أن تذهب إلى آن في المطبخ فمعها على الأقل ، تستطيع أن تعرف أين هي ، بينما مع كريس هي لا تعرف .
كان وجه آن قد أشرق بالسرور عندما لبت استدعاء كريس لتجد انجيلا في انتظارها ، وقد بدا الجمود الممزوج بالكراهية ، على ملامحها للطريقة التي أرغمت فيها على البقاء هنا . ولكن آن ، بطبعها الأسباني الناري الذي أخذ بالتقلب ما بين التعنيف والترحيب ، رسم على شفتي انجيلا ابتسامة عريضة وهي تطلب منها بلغتها الأسبانية المهشمة : " تكلمي ببطء فقد اوشكت أن أنسى انني بحاجة إلى التمرين "
أجابت آن : " وهذا ما سأساعدك عليه .. وكذلك جيف ، فهو ما زال هنا .. كلهم مازالوا هنا ، وكل على ما هو عليه لم يتغير بانتظار عودتك "
ولم يوقف هذا الفيض من الحديث سوى طلب كريس الهادئ بأن يعدوا غرفة للسيدة . وكان ذلك بعد أن باحت تلك المرأة بالسر بقولها :" كل شيء بقي في انتظارك طيلة الأربع سنوات . إن السيد كريس لم يخطئ أبداً . ربما نعود بعد الآن إلى رؤية رأسه العالي ووجهه العابس "
ارتسمت على شفتي انجيلا ابتسامة بالرغم منها ، وهي تتذكر الضيق على ملامح كريس . ذلك أن آن لم تكن تحترم أحداً مهما علا مركزه . وأثناء إقامة انجيلا الطويلة والتي دامت عاماً ، لم تر الخوف يمنع آن من أن تقول ما يجول في ذهنها ، رغم أنها هي نفسها لم تكن واثقة من أن إقامتها الاجبارية هنا قد تغير من عبوس كريس ورأسه العالي ، ما عدا لمحة من الرضى لنجاحه في إرغامها على ذلك .
ومع ذلك ، ربما كان من الأفضل لو كانت نافست صراحة مدبرة المنزل هذه بالنسبة إلى زوجها ، إذن لربما كان امكانها ان تعيده إلى حجمه مرة كل مدة . ولكن ، رغم خضوعها له هذه المرة ، فهذا لن يحدث مرة أخرى . فالأمر لن يستمر تحت سقف منزله هذا أكثر من أربعة أسابيع .

Rehana 22-12-15 06:40 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
ووجدت آن في المطبخ حيث كانت تلقي أوامرها إلى غليندا الخادمة المكلفة بكل شيء ، ومن ثم قوبلت رغبتها بالمساعدة ، بالرفض من جانبها ، وذلك بقولها : " إن المطبخ ليس مكانك . وغداً سأحضر إليك لأخذ التعليمات منك . هل نسيت ما كنت قد علمتك إياه ؟ "
أجابت انجيلا بلهجة لاذعة: " وهل أجرؤ على ذلك ؟ " وأخذت تتذكر ، وقد انتابها الحنين ، كيف تلقتها آن على الفور ، وقد علمت مبلغ عدم خبرتها ، ثم أخذت تعلمها كل ما كانت بحاجة إلى معرفته لادارة منزل اسباني بهذا الحجم .
والآن ،يبدو أن مدبرة المنزل كانت تظن أن عودتها الآن هي نهائية . ولم يطاوعها قلبها على أن تخبرها بأنها لن تبقى أكثر من أربعة أسابيع وأن ذلك تم رغماً عنها .
تركت أنجيلا المطبخ وقد علت ملامحها الكآبة ، ذلك أن عملها في تحضير طعام العشاء ، كان كفيلاً بأن يبعد ذهنها عن حاضرها هذا ، وما هي بسبيل أن تتحمل مسؤوليته ، وماذا كان في ذهن كريس عندما قرر أن بقاءها هنا هو شرط لقبوله الطلاق ، كل ذلك كان سيسبب لها الكوابيس . ورأت أن تعود إلى غرفتها لتحاول الاسترخاء ، لقد كانت بحاجة إلى استعمال كل ذكائها ، إذا كانت ستشاركه العشاء هذه الليلة ، لكي تظهر أنها لم تعد تلك الفتاة الواهية المغلوبة على أمرها التي عرفها .
ذهلت وهي ترى نفسها تسير في أنحاء المنزل والممرات وكأنها لم تتغيب عنه قط ، وفتحت باب غرفتها وكأنها لم تغب سوى ساعة أو نحو ذلك .
كان الزهو يملؤها وهي تظن بأنها نسيت كل شيء ، ومحت من ذهنها تلك السنة من زواجها وكل ما كانت عانته فيها ، ولكنها تعلم الآن ان هذا النسيان ليس في طاقتها . وبسرعة ، وقبل أن يدفعها الذعر إلى الهرب من هذا المنزل وذكرياته دفعت الباب ثم دخلت بثبات .
كانت الغرفة البالغة الاتساع ما تزال كما تركتها بالضبط صف النوافذ المستطيلة ، السقف المعقود ، الأثاث المزخرف والسجادة الثمينة .. كل شيء حتى الزهرية البلورية التي كانت تضع فيها دوماً وروداً بيضاء كانت تجمعها من الحديقة لكي تضعها على المنضدة بجانب السرير .
وجعلتها الغصة التي شعرت بها في حلقها ، تصر على اسنانها ، لقد بدا وكأن الزمن يعود إلى الوراء . وكانت هي ترى عقارب ساعة حياتها تعود في الاتجاه المعاكس بمثل هذه القسوة ، كانت كأنها تعود لتعثر على قسم من كيانها كانت تظنه ضاع وانتهى أمره .
كان لهما غرفتان منفصلتان منذ البداية ، ولم تستطع حينها أن تفهم سبب ذلك . وكانت هذه أولى الآلام التي ذاقتها على يده ، وهي كثيرة . لقد جعلها انتقالها المفاجئ من بلدها وحياة الدراسة والهدوء ، ومن كل ما ألفته في حياتها ، وانتقالها إلى بلاد غريبة عنها تماماً ، وحياة لم تحلم بمثل جمالها ، ورفاهية وثراء اصيل، وخدم لا تفهم لغتهم .. كل ذلك جعلها غير واثقة من نفسها إلى درجة تناقش فيها مسألة النوم معاً في غرفة واحدة ، ولم تلبث أن حاولت اقناع نفسها بأن هذا لا بد أن يكون تقليداً اسبانياً .
وكان هو ، بطبيعة الحال يزورها من وقت لآخر ، ولكنها كانت تقضي ليالي كثيرة وحدها ، متلهفة إلى مجيئه إليها ، لتلاحظ بعد ذلك ، تدريجياً كيف أنه لم يكن يقترب منها قط عندما تكون جوليا موجودة في المنزل .

Rehana 22-12-15 06:41 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
ولم تعد إلى رشدها ، وتمالك نفسها إلا بعد أن فاضت عيناها بالدموع الحارة . كلا ، لا ينبغي ذلك ، إن احترامها لنفسها يمنعها من أن تبكي فترة من ماضيها سبق وألقت به بعيداً عن ذهنها .
رفعت رأسها بكبرياء وهي تنظر إلى السرير ، متعمدة أن تراه على حقيقته ، قطعة نفيسة من الأثاث ، مزخرفاً بصور الأزهار والثمار .
وحدثت نفسها بملل ، أن ذلك سيوفر لها ، على الأقل نوماً مريحاً ، متناسية كيف كان مريحاً إلى درجة غير عادية . وطبعا ، كل شيء قد بقي على ما كان عليه .. ولما لا ؟وساورها الشك في أن كثيراً من الأشياء قد تغيرت منذ بني المنزل .
أما بالنسبة إلى الورود البيضاء .. حسناً ، لا بد أن آن تذكرت متعتها هي في قطفها بنفسها من الحديقة تحت رقابة جيف ، وكيف أن هذا كان يوفر لها شيئاً تعمله ، وكيف كانت تستمتع بعطرها الذي كانت تعبق به الغرفة ، وكيف كان منظرها النقي يدخل السلوى إلى نفسها عندما كانت تستفيق من أحلامها المرة غالباً .
كان شخص ما قد وضع حقيبتها على الأرض أسفل السرير . تقدمت بخطوات واثقة تفتحها بعنف . كان ما احضرته معها قليلاً جداً لا يتجاوز تنورتين من القطن مع بعض القمصان ، وبنطالي جينز .
أما إذا كان كريس لا يزال يفضل حضور العشاء بملابس رسمية ، فان عليه أن يتحمل صابراً مظهر السائحة الذي كانت قررت أن تبدو به وهي تطوف بالسيارة أرجاء الأقاليم ، والنوم في الفنادق الرخيصة ، وذلك إذ تودع تلك الأماكن التي طالما أحبتها ، وهي تعلم أنها لن تعود إليها مطلقاً .
وسحبت من الحقيبة تنورة قطنية سوداء مع قميص أبيض قطني كذلك ، فوضعتها على السرير ، ثم حملت بقية الثياب إلى الخزانة ، لتصاب بصدمة وهي تفتحها وتنظر إلى ما بداخلها .
كان كل ما كانت تركته خلفها ، لا يزال في مكانه ، الحريري منها ، الشيفون ، الساتان ، الكتاني . وحملقت أنجيلا في تلك الملابس الثمينة وقد توتر فمها .
لقد كان كريس سخياً عليها ، فهي لا تستطيع اتهامه بالبخل أبداً ، ولكن .. وزاد توتر فمها وهي تفكر في أن الكرم ليس بذي أهمية بالنسبة إلى من هو في مثل ثرائه .
وكانت هي في ذلك الوقت ، شديدة الشعور ،أحياناً بالوحدة . كانت تشعر بالشوق إلى مرافقته ، ما جعلها تحاول أن تسلي نفسها بالذهاب بصحبة احدي بنات أخت آن العديدات ، كلوديا إلى أسواق مدينة بلباو ، وربما اشبيلية أو سيفيل ، حيث تمضيان عدة ليالي في أفخم الفنادق وتشتريان كل ما تريانه . ولكن ، مهما بلغ مقدار ما تنفقه أو جمال ما تشتريه فانه لم يكن يدخل العزاء إلى نفسها عندما تكون جوليا موجودة .
كانت جوليا من الجاذبية والجمال ما جعل انجيلا تشعر بنفسها كتلميذة مدرسة تبالغ في ارتداء الثياب الباذخة .

Rehana 22-12-15 06:42 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
وهكذا كفت عن محاولة منافستها وإنفاق نقود كريس ، لتنكب على دراسة اللغة الأسبانية بكل اهتمام ، واكثرها مع جيف وهي تطوف معه أنحاء الحديقة التي كان يعمل فيها ، وأحياناً مع غليندا أوآن أو كلوديا أو أي شخص آخر . ولم تكن قد أخبرت كريس بأنها تتعلم لغته ، فقد جعلتها مفاجأتها الكبرى له .
وهكذا ما أن شعرت في نفسها لكفاءة حتى استسلمت ذات مساء ، وكانوا جميعاً حول مائدة العشاء ، استلمت زمام الحديث باللغة الأسبانية ، واثقة بأن انجازها ذاك سيقابل بالاستحسان .
ولكن لو أنها فكرت في ذلك قليلاً ، لانتظرت إلى ما بعد عودة جوليا إلى انكلترا حيث كانت تعمل في إدارة فرع شركة فورد للاستيراد والتصدير ، ذلك ان جوليا رفعت حاجبها المرسوم بدقة ، وعلى فمها شبة ابتسامة متهكمة وهي تقول : " انجاز لا بأس به لولا هذه اللهجة المؤسفة . من الذي علمك هذا ؟ الغجر ؟ "
عندما وصلت انجيلا إلى ذكرياتها إلى هذا الحد ، تجاهلت الألم المفاجئ الذي شعرت به في فؤادها ، وأزاحت بوجه متجهم ، تلك الأثواب النفيسة بعيداً في الخزانة ، مفسحة بذلك مجالاً للقطع القليلة من الملابس التي أحضرتها معها .
كان لهذه الغرفة تأثير سيء عليها ، اذ عادت إليها فيض ذكريات مضت ، ولا بد أن تقوم بشيء في هذا الشأن .
ستبدأ أولاً بالتخلص من كل هذه الملابس . وإذا كانت آن لا تعرف من يمكن أن يستفيد منها ، فستعرف ذلك غليندا أو كلوديا ، أما هي فلن تعود إلى استعمالها أبداً هذا إلى أنها لم تعد تلائم قوامها الآن . كان من السهل عليها أن تتجنب كل تلك الذكريات وذلك باقناع نفسها بأنها لم تعد نفس الفتاة التي كانت عليه من قبل .
لكنها لم تعد متأكدة من ذلك ، بعد أن انتهت من الاغتسال ، وعادت من الحمام إلى غرفتها لتفاجأ بكريس وجهاً لوجه . وتفاعل في نفسها مزيج من الصدمة والعنف ، إلى شيء آخر لم تستطع تحديده ، ما جعلها تتجمد في مكانها ويداها فوق رأسها الذي كانت تجففه بالمنشفة .
ارتفعت عيناه لتتلاقيا بعينيها ، وجعلت نظرته وجنتيها تتوهجان ، ولم تكن قد احمرت خجلاً منذ سنوات .. منذ أن أصبحت هي المسؤولة عن حياتها . وساورها الغضب وهي ترى مدى تأثيره عليها لدرجة يجعلها تحمر خجلاً وقالت له بصوت خشن :" أخرج من غرفتي "
قال : " ولكنك كنت ترحبين بي من قبل يا انجيلينا "
ذكرتها رقة صوته والطريقة التي لفظ فيها اسمها ، بما كانت عرضة له من تحقير ، ما اختلطت معه أحاسيسها حتى لم تعد تعرف هل هي تقف على رجليها أم على رأسها . وزاد اضطرابها هذا من رغبتها في الثأر منه وذلك بإيلامه والاضرار به كما أضر بها وآلمها . فقالت بصوت خافت لاذع : " إنني ما كنت أرحب بك وإنما كنت فقط أتقبل وجودك ثمة فرق بين الأمرين "
تصلب جسده الشامخ القوي على الفور ، وتصلب فكه بشكل عدائي وقال : " هذا كذب "

Rehana 22-12-15 06:42 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
وانتابها شعور بالفوز وهي تفكر أن بامكانه ان يتهمها بالكذب ، ولكنه لن يكون متأكداً من ذلك أبداً . إنها تتعلم أساليبه وبسرعة وقبل أن تهدأ مشاعرها ، تصنعت نظرة برود وعدم اهتمام وهي تقول : " بما أن ذلك كان في الماضي ، فقد انتهى أمره . ألا تظن ذلك ؟ على كل حال ، ما الذي تريده ؟ "
أجاب ببرود جمد الدم في عروقها : " لا شيء سوى أن أخبرك أن آن ستقدم العشاء بعد ربع ساعة "
ولأول مره تلحظ ملابس العشاء البالغة الأناقة التي يرتديها . لقد كان رائع المنظر كعادته وقد أسبغ عليه غضبه لكبريائه الجريحة ، رجولة عنيفة متألقة .
ولكنها أخذت تذكر نفسها بأن المظهر الخارجي ليس هو المهم ، وإنما الباطن ، وباطن كريس فورد كان عفناً فاسداً .
حاولت جهدها أن تبدو عفوية غير مهتمة وهي تقول : " أرى أنكم غيرتم عاداتكم . ذلك أن العشاء لم يكن يقدم قبل العاشرة وغالباً حوالي الحادية عشرة . وعلى أية حال ، فأنا لست جائعة الآن "
قال وعيناه تحدقان في عينيها بحدة : " سواء كنت جائعة أم لا ستأكلين ، فقد قدمنا موعد العشاء لأنك قادمة من سفر طويل ولا بد أنك متعبة "
قالت هازئة : " ما أعظم مراعاتك لشعور الآخرين ، إنه تغيير آخر ، فأنا لا أتذكر أن مراعاة شعور الآخرين كان من عاداتك "
ولكنه ما لبث أن قال : " ربع ساعة " . وتحول خارجاً من الغرفة وكأنه لم يعد يطيق البقاء بقربها لحظة واحدة أكثر من ذلك .
مشت في أنحاء المكان قليلاً ، لتجد مائدة سخية في احدى الباحات الثلاث في المنزل . وكانت النافورة التي تتوسطها تخترق صمت الظلام بخرير المياه . كان سكان البلاد الذين سبق وعاشوا في الاندلس من قبل ، والقادمون من بلاد جافة ، كانوا يعشقون رؤية المياه وتدفقها .
كان الليل يعبق بشذا الأزهار من مختلف الورود والرياحين التي نفذت إلى رأسها ، ما جعلها تشعر بالبهجة . كما كانت المصابيح الحديدية تلقي بأضوائها السحرية مما كان يزيد من غموض المكان .
ونبذت انجيلا ، بعنف أفكاراً ساورتها ذلك أنه منذ سنوات كان من الممكن أن تفقد عقلها لفكرة العشاء مع كريس معاً في مثل هذا المكان الشاعري وأن تفعل أي شيء تعبيراً عن سعادتها وشكرها . ولكن لا شيء من ذلك بعد الآن .
أخذت تمر بأصبعها على غطاء المائدة الأبيض الذي يغطي المائدة المستديرة ، ثم قالت : " أرى أن المائدة معدة لشخصين فقط أليست جوليا معك حالياً ؟ "
لقد سبق وتقبل حقيقة تبدل شكلها الجسماني ، وعليها الآن أن تظهر له أن موقفها كله قد تغير ، وأنها الآن المسيطرة على حياتها ومصيرها كأية امرأة ناضجة ، وأنها لم تعد طفلة كبيرة بحاجة إلى من يحميها ، وستبدأ بأن تريه أن بإمكانها أن تذكر أسم تلك المرأة دون أن تصاب بنوبة عصبية .

Rehana 22-12-15 06:43 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
تقدم نحوها وجذب كرسياً وهو يرفع حاجبه قائلاً : " منذ مدة طويلة كما أظن "
لم تصدقه ولكنها لم تشأ أن تجادله كي لا يشعره ذلك بالرضى ، وعلى كل حال فهذا غير مهم . وقبل أن يجلس أمامها كانت آن وغليندا قد أقبلتا تحملان أطباق الطعام الضخمة .
كان هناك ثلاثة أنواع لذيذة من السلطة ، إلى جانب الأطباق الأندلسية المشهورة ، ومن يستطيع أن يقاوم الأربيان ، القريدس ، الذي تطبخه آن بالفلفل والثوم والمقلي بزيت الزيتون ، ولم تكن انجيلا تستطيع ذلك رغم علمها أن توم ، لو كان في مكانها لعبس لهذا الاسراف .
ساعدها الاسترخاء والطعام الجيد على نسيان السؤال الذي كان يسبب لها الغيظ ، وهو عما تفعله هنا في المقام الأول ، ثم تذكرت أنها لم تستطع تناول أي افطار أو طعام على متن الطائرة . ولكن ، ما أن انسحبت آن وغليندا من المكان ، حتى نسيت كل هذه الأطياب لتعود إلى واقعها .
كانت ذبذبات الضوء التي كان يرسلها لهب الشمعة تتلاعب فوق سترة كريس العاجية اللون وعلى اصابعه السمراء وهو يقشر برتقالة ، وقد كسا وجهه الظلال والغموض . ومع أنها كانت تعلم أن هذه الثمرة لا مثيل لها في الحلاوة وغزارة العصير في انكلترا ، إلا أنها رفضت بهزة من رأسها القطعة التي قدمها إليها .
لا بد أن توم كان سيصاب بالاغماء لو أنه رآها الآن . ولم تكن هي لتلومه ، ذلك أن كل شيء هنا كان يحوي متعة للحواس .. للنظر .. والسمع والذوق والشم ، كانت هذه الجلسة توحي بالشاعرية البالغة .
ولكن كل هذا لم يكن سوى وهم . وتنهدت دون وعي منها ، فقال كريس بخشونة : " هل أنت متشوقة إلى حبيبك المهيب ، يا انجيلينا ؟ متمنية لو كان هنا مكاني ؟ "
أجابت وهي تنتبه إلى نفسها على الفور ، وقد تصلب ظهرها تحدياً : " بالطبع "
ومع هذا ، فلم تكن هذه هي الحقيقة .
انها طبعاً متشوقة إلى توم ، متشوقة إلى تعقله واستقامته . ولكن ليس بامكانها أن تتمنى وجوده هنا ، ذلك أنه لم يكن يعبأ بالخيال ، فقد كان يحب أن يعرف كل شيء ، ووجبة مثل هذه في جلسة كهذه أحرى بأن تسبب له الضيق . فهو يفضل غرفة جيدة الإنارة ، وطعاما ً انكليزياً صرفاً مؤلفاً من نوعين ،أما ما كانت تستمتع به هي الآن من طعام وشراب ، فلابد أنه كان سيزعجه ، لو أنه كان حاضراً ، لأنه لن يكون بامكانه مشاركتها استمتاعها هذا . سألها : " هل تحبينه ؟ "
كان السؤال في منتهى الجدية ، ولكنه كان منحنياً إلى الامام في دائرة الضوء وقد بان التهكم في عينيه . وقابلت هي نظراته بحذر ولم تعرف بماذا تجيب . لقد سبق وأحبت من قبل ، فكاد هذا يخرجها عن عقلها . إن ما تشعر به نحو توم لا يماثل مطلقاً تلك العاطفة المجنونة التي جعلتها رهينة لمجرد نظرة من هذا الماكر الأسمر .
لقد جعلها مغرمة به ، ودمر احترامها لنفسها ، وجعلها غير قادرة على التفكير في أي شيء أو أي شخص ما عداه .

Rehana 22-12-15 06:44 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
كلا أبدا لم يكن شعورها نحو توم يشبه أياً من هذا ، كما أنها هي لم تكن تريد ذلك . لن تسمح لرجل قط بعد الآن بأن يتحكم بها بذلك الشكل .
ولكنها لم تكن تريد حتى محاولة ايضاح ذلك فتخبره أنها وافقت على الزواج من توم لأنه سيكون أباً جيداً للأولاد الذين سينجباهما .. ولانه ثابت وعقلاني ويحترمها ، ويسمح لها بأن تحترم نفسها ، ثم لا يحاول أبداً السيطرة عليها .
وهكذا أجابته قائلة : " ليس هذا من شأنك ، إن ما نحن بحاجة إلي الاهتمام به ، هو انهاء زواجنا هذا " .
وهنأت نفسها على أنها اوقفته عند حده بجوابها هذا . ولكي لا تدعه يعتقد بأن له سلطة عليها ، فقط لأنها وافقت على البقاء ، قالت له بطلاقة : " ربما أقرر السفر في الصباح ذلك أن بامكاني دوماً أن أقيم دعوى انفصال شرعي "
أجاب بجفاء : " وهذا يأخذ إثني عشر شهراً ويكلفك كثيراً ، ثم لا تحصلين على موافقتي على الطلاق ، هذا إلى انني لو كنت مكانك لما أزعجت نفسي بكل هذه الاجراءات ، فأنت غير مغرمة بذلك المحاسب اكثر مما أنا مغرم به "
نظرت إليه مقطبة حاجبيها وهي تقول : " كيف بامكانك أن تعرف ما أشعر به .. ؟ "
فقال بصوت صارم : " إنني أعرف أكثر مما تظنين بكثير يا زوجتي ، ربما تتسائلين عما تفعلينه هنا ، ولماذا أبقيك هنا في منزلي .. فدعيني أخبرك . لقد كنت اتهمتني مرة باقتراف عمل شائن إلى درجة جعلتني أقسم بأن أنتقم منك وذلك بجعلك تذوقين نفس الألم الذي سببته لي ، وهذا هو السبب في أن وضعت من يراقبك ، ويدون كل تحركاتك ليضعها في تقرير يرسله إلي " .
حملقت انجيلا بصمت في تلك العينين السوداوين ، وقد جف حلقها ، كانت كلمة الانتقام كلمة كريهة ، كلمة تنتظر السنوات ، تتحين أكثر الفرص هولاً فتنال حقها . هل هذا سبب وجودها هنا الآن، في هذا الفخ الجميل الضخم ؟
هزت كتفيها بخفة وهي تقول دون أن يطرف لها جفن : " إن أساليب التخويف والاضرار بالضعفاء ، لا تناسبك يا كريس . لقد كنت أتهمتك بأمرين شائنين ، أم أنك نسيت ذلك ؟ فأي من هذين الأمرين جعلك تبذر نقودك في سبيل مراقبتي ؟ هل هي تهمة قتلك لأخيك ، أم استمرار علاقتك بجوليا بعد زواجنا ؟ "
تجاهل تعنيفها الساخر وهو يحدق فيها بعينين شبه مغمضتين وكأنه يريد أن يصل إلى أعماق روحها ، وقد تجمدت أصابعه على كوبه ، وأخذ ضوء الشمعة يتذبذب على ملامحه الرائعة الجمال ، جاعلاً منها قناعاً لا يمكن قراءته ، قناعاً تمنت فجأة لو تمزقه بأصابعها .
قالت له ببرود : " إذا كنت تتذكر ، فأنت لم تنف أياً من هاتين التهمتين ، هل السبب أنك لم تستطع ذلك ؟ " وتشعب بها الفكر وهي تسأله هذا . لو أنه فقط حاول أن يفعل ذلك ، لكانت سعيدة جداً ، لقد كانت بشوق مؤثر إلى أن تصدق كل ما يقول ، حتى في ذلك الحين ، حتى بعد أن أخبرتها جوليا بالحقيقة فقد كانت مفتونة به .
ولكنه لم يقل في ذلك الحين شيئاً ، حتى ولا كلمة يدافع بها عن نفسه تجاه هاتين التهمتين .

Rehana 22-12-15 06:45 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
قال يجيبها وكبرياؤه يغلف كل مقطع من كلماته : " وهل كنت أنا بحاجة إلى نفي ذلك ؟ " كانت عيناه باردتين لا تنطقان بشيء وهو يستند بظهره إلى الخلف فتغمره الظلال ، ليتابع قائلاً : " أظن أن واقع حضورك إلى هنا بنفسك بدلاً من تكليف محام بهذه القضية ، هذا الواقع ينبئ عن نفسه "
وكان صوته قد رق وانخفض إلى أن اصبح مغناطيسي التأثير وهو يتابع قائلاً : " لو كنت صدقت حقاً أنني من النوع الذي يقترف مثل هذه الجريمة الشائنة ، لما جئت إلي ، هذا عدا موافقتك على المكوث معي ، إن هذا يدل بأنك لم تصدقي ذلك حتى في ذلك الحين . إن ما جعلك حقاً تهربين إلى انكلترا بتلك السرعة ، ظناً منك ان بامكانك نسياني ، إنما هو اعتقادك بأنني أخونك مع جوليا ، لقد كنت من عدم النضج في ذلك الحين بحيث لم تستطيعي مواجهة ذلك النوع من الغيرة والتفكير فيه وتقليبه على وجوهه "
ووقف دافعاً كرسيه إلى الخلف ، وهو يتابع قائلاً : " إنك لم تعودي طفلة ، إن الجاذبية مازالت موجودة ، إنما اضيفت إليها النضج . لقد أصبحت حقاً خصماً محترماً جديراً بمواجهتي ، أليس كذلك ؟ " واقترب منها ، فوقفت بسرعة ، محاولة منع ساقيها من الاهتزاز وصوتها من الارتجاف ، وهي تقول : " ليس بيننا ما نتقاتل لأجله .. لم يعد بيننا ذلك " ولكنها لم تتوقع قط أن يقول بكل رقة : " لا بد أنك ترين المعركة التي ظهرت .. ولكن لا تخافي .. إنها ستصل إلى نهايتها الناجحة " ورافقها إلى الداخل وهو يتابع قائلاً : " هل لي أن اقترح عليك أن تفكري قليلاً في ما قلته لك ؟ فهذا سيعجل من قدوم النصر ، إن صبري يفرغ لقد انتظرت طويلاً جداً . على كل حال .. إن بعض النساء يستهلك تمام النضج عندهن ، أكثر من البعض الآخر . فهي عملية لا يمكن أن يعجل بها ولكن النتائج تستحق أن ينتظرها المرء " .


نهاية الفصل الثاني

Hiam 22-12-15 08:48 PM

اسم على مسمى يا ريحانه فالريحانه لا تجود الا باطيب الروائح
وانت دائما رواياتك روووووووووووووووووعه
من الفصل الاول شكلها قصة جامدة وممتعه
بطلة هالقصة شكله بينقصها الثقة بالنفس لتصدق حقودة وغيورة (جولي)
بانتظار البقية 🌹

عبيرجودواختها 23-12-15 05:00 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
روووعه الروايه ، يسلمو حبيبتي عَ هيك روايه بطله كتيييير

Rehana 23-12-15 06:49 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثالث )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Hiam (المشاركة 3583809)
اسم على مسمى يا ريحانه فالريحانه لا تجود الا باطيب الروائح
وانت دائما رواياتك روووووووووووووووووعه
من الفصل الاول شكلها قصة جامدة وممتعه
بطلة هالقصة شكله بينقصها الثقة بالنفس لتصدق حقودة وغيورة (جولي)
بانتظار البقية 🌹

تسلمي حبيبتي .. كلك ذوق بردك الراقي
بالفعل بطلتنا ينقصها الثقة بالنفس لعدة اسباب
اما هالحقودة تستحق اشد عقاب على افعالها المدمرة
وحياك الله في أي وقت

Rehana 23-12-15 06:50 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبيرجودواختها (المشاركة 3583897)
روووعه الروايه ، يسلمو حبيبتي عَ هيك روايه بطله كتيييير

الله يسلمك يارب
منورة بردك

Rehana 23-12-15 06:52 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثالث )
 
الفصل الثالث

في الماضي كانت انجيلا لا تمل من مراقبة المرفأ حيث المراكب والعبارات والسفن التجارية ويخوت النزهه والرافعات . ولكنها هذا الصباح لم تكن ترى شيئاً .
لقد تسللت من البيت كالجبناء في الصباح الباكر ، لتجول في الأزقة والطرقات الضيقة حتى الجأها العطش إلى مقهى هناك لتجد نفسها بعد ذلك في المرفأ دون وعي منها .
كانت الشمس الآن قد ارتفعت في كبد السماء وشعرت بصداع يكاد يحطم رأسها بعد ليلة تملكها فيها الأرق والقلق وهي تحاول جهدها نسيان ما كان كريس قد قاله .
لقد قال لها بكل استعلاء ان تعاود التفكير بالنسبة إلى الأسباب التي جعلتها تتركه ، وقبل كل شيء في قلة ثقتها به التي جعلتها توجه إليه ذينك الاتهامين الشائنين .
ولكنها لن تفعل ، ذلك ان الأيام التي امضتها في البحث في أعماقها عن هذه الأمور ، قد ولت وانقضت منذ زمن طويل ، وزواجها من كريس قد انتهى ولم يبق منه سوى الاسم ، كما أن المستقبل الطيب مع توم على مرمى البصر منها . وذلك ما كانت تريده هي ، نعم ذلك ما تريده بالضبط .
وضايقتها أشعة الشمس ، فأخرجت نظارتها الشمسية من حقيبة يدها لتضعها على عينيها في الوقت الذي جاءها صوت كريس من خلقها يقول بجفاء : " يالها من مفاجأة "
تجمدت أنجيلا في مكانها . وما لبثت أن أجابته بحدة دون أن تستدير إليه : " ما الذي أتى بك إلى هنا ؟ "
أتراه ما زال يضع حولها الجواسيس ، حتى هنا ؟ أم أنه تبعها بنفسه ؟ ولكنه أجابها وقد ازداد صوته جفاء :" لا تقولي أنك نسيت أن جل أعمالي هي في المرفأ ، وأن زيارتي إلى هنا متكررة "
أجابت كاذبة : " نسيت ذلك تماماً " ثم استدارت تواجهه ، لم يسبق أن عاكسته قط في ما مضى ، أو جادلته . لقد كانت دوماً متلهفة إلى ارضائه وتكريس اهتمامها له . وسرها الآن أن تعامله بالمثل . وتألقت عيناها من خلف نظاراتها .
إنها بالطبع ما زالت تتذكر زياراته المتكررة إلى المكاتب في حوض السفن التجارية والأوقات التي كانت تسلك فيها هذا الطريق بهدف مصادفته ، متسائلة عما إذا كان في هذه المنطقة أم في مكتبه في ضاحية المدينة . فهو لم يكن يتكلم عن عمله إلا نادراً وربما كان يراها أصغر عقلاً من أن تهتم بمملكة التصدير التي كان جده أنشأها .
ولكنه كان يمضي الساعات مع جوليا عندما كانت هذه تحضر إلى فالنسيا ، ليتحدثا في شؤون العمل .. أو هذا ما كان هو يقوله .
قال وهو يبتسم لها : " إذن ، يمكنني أن استنتج من هذا أن كآبة الجو في انكلترا بالإضافة إلى وظيفتك المملة كل ذلك قد أتلف ذهنك "
كان في ابتسامته العريضة التي تدعوها إلى الرد عليه وفي نظراته الثاقبة ذات المعنى ما جعلها تواجهه بما أمكنها من الحماس قائلة : " هذا ليس صحيحاً ، فأنا أحب


Rehana 23-12-15 06:53 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثالث )
 
وظيفتي ، وهي أكثر متعة من محاولة أن أكون زوجة مطيعة لأسباني ثري ، فأجلس طيلة الوقت لا أفعل شيئاً سوى الجلوس بين الأزهار ، ولا أتكلم إلا عندما يكلمني أحد ، وأتساءل متى ستعود إلى البيت ، هذا إذا عدت . إن عملي الآن من الأهمية بحيث أنني قد نسيت كل الأمور غير الهامة مثل زياراتك إلى المرفأ أو عدمها "
قال : " هل هذه هي المشكلة ؟ ربما كان علي أن اطلب من الخادمة ماري أن تعلمك مسح الأرض "
كانت النظرة العنيفة قد عادت إلى عينيه ما جعلها تحول نظراتها عنه بسرعة وقد ساورها الاضطراب ، وهي تحاول تشتيت أفكارها في ما تراه حولها ، راجية أن تهدئ من خفقان قلبها المتسارع ، ومحاولة أن ترفع حمالة حقيبتها على كتفها ، ثم قالت تجيبه ببرود : " ألا ينبغي أن تكون الآن في عملك ؟ لا أريد أن أعيقك عن ذلك " في الماضي ، لم تكن قادرة أبداً على اعاقته عن عمله ، ذلك أنه كان يمضي أغلب اوقاته في مكتبه، ما عدا طبعاً ، في الأوقات التي تكون فيها جوليا موجودة .
ولكنها لم تكن تريد أن تذكره بذلك . لا ينبغي لها أن تذكر اسم تلك المرأة أمامه مرة أخرى .
قال كريس برقة : " لقد أخذت اجازة من العمل "
وعلى حد علمها ، لم يكن هذا النهار عطلة عامة . ولكنه لم يكن يرتدي ملابس المكتب . فهي لا تتصوره جالساً خلف مكتبه الضخم مرتدياً مثل هذا القميص المقفول الأسود قصير الأكمام وهذا البنطال الأبيض الخفيف .
قالت : " ما أجمل هذا . استمتع اذن بنهارك " واندفعت في طريقها بسرعة ورشاقة ، مقتحمة حركة المرور الصاخبة غير آبهة ، قاصدة بذلك إنهاء حديثها معه ، إذ لم يكن ثمة سبيل إلى أن تمضي النهار بصحبته حتى ولا قسماً منه . فقد قررت في نفسها أن أفضل طريقة لقضاء هذه الأسابيع الأربعة هي أن تبقى بعيدة عنه وتبقيه هو والماضي بعيداً عن ذهنها قدر الإمكان .
ولكنه قال بصوت بالغ الرقة : " إن اجازتي هي أكثر من يوم واحد بكثير " واجفلت عندما مد يده يبعدها عن شاحنة مسرعة كانت قادمة نحوها ، وهو يتابع قائلاً : " أربعة أسابيع بالضبط "
أغمضت انجيلا عينيها وهي تميل نحوه ، متمتمة بضعف : " ياللهول " وكانت تفكر في أنه إذا كان سيبقى ملاحقاً لها طوال أربعة أسابيع ، فلا بد أن ينتهي بها الأمر إلى الجنون.
قال لها برقة : " دعيني أمسك بك ، فأنا أكره أن أظن أن وجودي قد دفعك إلى الانتحار بين العجلات "
ياله من تهكم يحوي كل الكراهية ، وشعرت بالغضب وهو يجتاز بها زحمة السير ، قاطعاً بها الشارع بخبرة تامة .
سألها : " أتريدين قهوة ؟ " فأجابته وهي تدفعه بحدة بيديها الصغيرتين : " إنني لست بحاجة إلى أن تقطع بي الطريق .. لا أريد منك أن تشتري لي قهوة .. وبالاختصار .. " وتألقت عيناها الواسعتان من خلف زجاج نظاراتها وهي تتابع قائلة : " لست بحاجة إليك أبداً "
أجاب وقد التمعت أسنانه البيضاء في وجهه الأسمر بإبتسامة عدوانية . قائلاً : " بل أنت بحاجة إليّ . إنك بحاجة إلى موافقتي على الطلاق الذي تملكتك رغبة مفاجئة به "

Rehana 23-12-15 06:55 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثالث )
 
نظرت إليه عابسة الوجه ، ولكنها ما لبثت أن قالت باستسلام : " هذا صحيح فأنا بحاجة إليك لذلك الأمر . ولكنني لا استطيع فهم السبب الذي جعلك تطلب مني البقاء هنا وكذلك توم ؟ "
إذا كانت تتوقع أنها بذكرها اسم زوجها المقبل ، ستحمله على الاعتراف بأن مساومته لها للبقاء كانت سخيفة اذا كانت كذلك فقد خاب املها ، لأن كل الذي قاله كان :" هذا حسن ها أنك ترغبين أخيرا في الكلام . انك بهذا على الأقل يمكنك مراجعة التفكير في الأمر . هيا دعينا نتحدث "
ولم يكن لديها فكرة واضحة عن المكان الذي كانا ذاهبان إليه ، وإنما فكرة غامضة عن السبب الذي جعلها تسير بجانبه وهما يتنقلان بين الشوارع الضيقة والشيء الوحيد الذي كانت متأكدة منه هو ان موافقتها له على اقتراحه بهذا الصدد كان أسهل من مخالفته . فقد كان قادراً تماماً على ارغامها على مراجعة التفكير في الأمر كما قال ، فقد يكون في امكانه التحكم في تحركاتها للشهر القادم ، ولكنه لن يستطيع التحكم في ما يعتمل في داخلها . ولماذا يحاول اعادة الماضي بكل ما يحويه من آلام واحزان ؟ لقد انتهى ذلك الماضي ولا فائدة من مراجعة التفكير في ما كان حدث فيه ، ولماذا؟
ولم تتوقف عن التذمر في نفسها ، الا عندما وصلا إلى طريق فسيح للسير على الأقدام قد غمرته أشعة الشمس وكانت مياه البحر الزرقاء تغسل الصخور البيضاء متدفقة فوقها بعنف .
التوى قلبها ألماً وهي تشعر بفداحة الخسارة ، فقد كان كريس هو الذي عرفها على هذه المدينة الخلابة ، ولم تستطع مقاومة عشقها لها . ثم عاد فطردها منها ، وهذا شيء آخر جعلها تكرهه .
ولكنها عادت تذكر نفسها بأنها لا تكرهه ، فهو لم يعد يمثل لها شيئاً الآن حتى ولا عدواً .
ولكنه ، ولحسن الحظ بدا عليه العزوف عن الكلام مثلها ، ولكن الهزء بدا على شفتيها وهي ترى نظرات الاعجاب تنهال عليه من النساء المارات . وفكرت في أن أيا منهن تعرف حقيقته لا بد أن تهرب منه ميلاً أو أكثر ، ولكن تلك الحمقاوات لا يستطعن رؤية سوى مظهره الخارجي الرائع الوسامة .
قال : " لا بد أنك جائعة ، لأنني أناكذلك "
أجفلت وصوته يقاطع أفكارها هذه ، ونظرت إليه بحدة . لم تكن لتصدق ما بدا في صوته هذا من مودة ، ولكنها لم تشأ أن تتساءل عن مصدر كل هذا الدفء في لهجته . ذلك أن التنقيب عن اسباب تصرفاته لن يفيدها بشيء إلا إذا كانت على استعداد لمواجهة كل انحراف ومراوغة وسوء في اعماق نفسه وهذا مالم تكن على استعداد له .
أومأت برأسها قائلة : " قليلاً " وحولت نظراتها عنه بسرعة لتسمرها على الأفق البعيد ، غير راغبة في النظر إليه .
ولكن عندما أجلسها إلى خوان مظلل على رصيف مقهى ، انحنى إلى الأمام ورفع نظاراتها الشمسية من على عينيها . وشهقت محتجة ، أتراه يعرف دوماً ما يجول في ذهنها ،

Rehana 23-12-15 06:56 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثالث )
 
هل كان هذا هو السبب في ارغامه لها على النظر إليه ؟ لأنه كان يعرف أنها كانت تتجنب ذلك ؟
قال بصوته الجذاب الرقيق ما جعلها تصرف بأسنانها : " انك لست بحاجة إلى النظارات ، فنحن جالسان في الظل . هذا إلى أنني أريد أن ارى عينيك اللتين ما زالتا رائعتي الجمال "
لم تهتم لاطرائه هذا ، اجابته بحدة : " لا يمكنني تصور سبب تصرفك هذا " واغتصبت ابتسامة قصيرة للنادل الذي أقبل عليها بالعصير الذي طلبه كريس والذي يتوافق مع السمك المقلي الذي كان أحضره معه من مطعم قريب .
قال لها : " انك تدهشينني فمنذ أربع سنوات كانت مخيلتك عجيبة في خصوبتها " وألقى عليها نظرة باردة ذات معنى ما توهج له وجهها غضباً . فقالت بحدة : " إنني لم أتخيل الأشياء التي قالتها لي جوليا . فعقلي ليس من ذلك النوع " .
قال بلطف وهو يسكب العصير في كوبها :" ربما معك حق " وأخذت تراقبه برهة وهي تتساءل عما إذا كان بإمكانها ان تتركه وتبتعد عنه . بينما كان هو يتابع قائلاً : " ولكن مخيلتك كانت من القوة بحيث سمحت لك بأن تصدقي ذلك أو بعضه على الأقل . وساعدتك على أن تزيدي زخارف إلى ما قيل لك ، إلى أن جعلتك كالأطفال تتصورين أشياء لم تكن موجودة .. كل تلك المخاوف التي تكمن في الزوايا المظلمة " وهز رأسه الأسود الشعر ، الذي سقطت خصلة منه فوق حاجبيه المرفوعين ، ولم تعرف انجيلا ما إذا كانت نظرة التعنيف واللوم التي ظهرت في عينيه مصطنعة أم لا ، ثم تساءلت عما يجعلها تهتم لذلك .
قالت : " ليس ثمة فائدة من التنقيب في الماضي سواء سمحت لمخيلتي بتخيل تلك الأمور أم لا . ذلك أن زواجنا قد انتهى .. انتهى منذ أربع سنوات " قالت ذلك وهه تشعر بالفزع لاهتزاز صوتها وتردده شاعرة بالخوف من النظر إليه لأنها كانت تعلم أن عينيه الثاقبتين ستريان الكثير في عينيها . فهكذا هما دوما . لم يكن عليه منذ سنوات إلا أن يحدق في أعماق عينيها بنظرة واحدة ليعرف أنها وقعت في غرامه بذلك الشكل العميق العاجز . أترى نظرات العشق والهيام تلك التي كان يراها في عينيها قد أوحت إليه باستغلالها ؟ هل كان ذلك حقاً ؟ وهل كان نصف اللوم يقع عليها هي أيضاً مثله ؟ فتتقدم بكامل إرادتها لكي تكون الضحية كما لم يحدث قط في التاريخ ؟
هزت رأسها دون وعي ، وهي ترفع يدها ترتب خصلات شعرها الحريرية البنية اللون التي كانت تتطاير حول وجهها . بينما قال هو بعنف : " لا تظني أنني قد اعتبرت زواجنا منتهياً لمجرد مغادرتك المنزل . فإن كونك كنت طفلة خصبة المخيلة لم يغير من الأمر شيئاً "
واجهته قائلة وقد توتر فكها : " انك تحيرني ، فأنا لم أسمع منك كلمة واحدة منذ أربع سنوات . إلى متى كنت تنتظر ؟ أربعين سنة أخرى ؟ كنت تعتبر أن زواجنا لا يمكن أن ينتهي ، ومع ذلك لم تفعل شيئاً لا شيء مطلقاً "
ذلك عدا عن بثه جواسيسه حولها لمراقبتها . استحال الازدراء في عينيها إلى عنف قاتم .. ولكن الدهشة مالبثت ان تملكتها وهي تراه يبتسم ، وهو يقول : " ان الجو أكثر حرارة من أن يسمح بالقتال ، إن كل نيتي هي أن أساعدك على رؤية الأمور بشكل أكثر وضوحاً "
***
ولكنها لم تشأ ذلك .. وسرعان ما أوقفت تسلسل أفكارها . ان الحق معه ، فالجو كان اكثر حرارة من أن يسمح لهما بالحدة والانفعال ، وكذلك لم يكن ثمة فائدة من ذلك . كما أن الجو هنا ، تحت هذه المظلة الملونة ونسائم البحر تهب عليهما ، كان بارداً رائعاً . وكان يمكن أن يكون مريحاً جداً لولا قوة كريس على جعلها واعية إلى حضوره طيلة الوقت .
مال إلى المائدة مستنداً بساعديه السمراوين عليها وهو يسألها قائلاً : " والآن ، أخبريني عن عملك في انكلترا "
شعرت بغصة في حلقها ، واهتزت يدها وهي ترشف العصير ، وقالت : " ربما يدخل الملل في نفسك " وسكتت فجأة وقد ساورتها فكرة مفاجئة في أن عملها الذي لا يخرج عن مساعدة كيفن في إدارة الفندق ، هو عمل رتيب مممل حقاً ، لا يقارن بتلك الإمبراطورية التجارية التي ترسل السفن عبر المحيط إلى أنحاء العالم حاملة ثروات اسبانيا الزراعية والصناعية من زيتون وزيت زيتون ، وفاكهة ولوز ، وجلود وسجاد وغير ذلك .
قال : " أخبريني إذن ، عن الأشياء التي لا تدخل الملل إلى نفسي ، جربي هذه أولاً " وغرز الشوكة في قطعة سمك ووضعها في فمها وهو يتابع قائلاً : " حدثيني كيف تعرفت إلى ذلك الرجل البدين الذي تظنين انك ستتزوجينه "
فوجئت بما وضعه في فمها ، وما أن استعادت أنفاسها حتى قالت له بكبرياء : " إن توم ليس بديناً ، ولا أدري كيف جاءتك هذه الفكرة عنه "
قال وهو يدس قطعة أخرى من السمك في فمها : " لقد رأيت صورته . أنني لست أعمى انني لا اصدق أبداً أن من الممكن أن تفكري في اتخاذه زوجاً بدلاً مني "
كانت غطرسته تلك غير المعقولة وتقديره البالغ لنفسه .. والذي جعله يعتبر أن عليها ان تحتقر أي رجل سواه .. كل هذا جعلها تشعر نحوه بالرثاء تقريباً .
منعت نفسها بعنف من ان تبعد تلك الخصلة العنيدة من شعره الأسود عن جبينه وهي تفكر في ان اخباره بأن المظهر الخارجي للرجل لا يعني شيئاً وأن ما بداخل الأنسان هو المهم اخباره بذلك سينقص من قدرها .
ذلك أن زواجهما قد انتهى سواء قرر هو ذلك أم لا . وعندما يتم الطلاق ستتزوج من توم . وهكذا ستتصرف بالنسبة لهذا الأمر ، كأمرأة ناضجة وتجيب على سؤاله بطريقة مهذبة فقالت : " يوجد مركز للعب الغولف ملحق بالمجمع حيث أعمل . وكان توم عضواً فيه منذ افتتاحه ولكنه لم يتعود على الاستراحه والتحدث إلى الآخرين بعد اللعب او الاشتراك في نشاطات النادي الا بعد وفاة والدته منذ حوالي السنة ،حيث بدأ يحضر الاجتماعات ،وهكذا تقابلنا اذا كان يهمك حقاً أن تعلم كما قلت . لقد كنت في النادي ذات يوم حيث كنت اعمل بديلة لموظفة لم تحضر إلى العمل ،وهكذا أخذنا نتحدث معاً "
ومع أن توم لم يتكلم كثيراً في ذلك الحين ، فقد بدت عليه الوحدة وكان قد طلق زوجته منذ فترة ، كما أن امه قد توفت حديثاً فأصبح منزله خاوياً ، وشعرت هي بالعطف عليه لأنها كانت تدرك معنى الشعور بالوحدة .

Rehana 23-12-15 07:01 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثالث )
 
لم تكن ساعات عملها الانفرادية لتسمح لها بأن تتعرف إلى اناس خارج نطاق الموظفين ، واكثر هؤلاء كانت لهم اسرهم الخاصة . وهكذا عندما اقترح عليها توم الخروج معه في يوم عطلتها التالي فيتمشيان ثم يدخلان إلى مطعم حيث يتناولان الطعام ،عند ذلك وافقت على الفور ، فقد كان الضجر قد ادركها من قضاء وقت فراغها في غرفتها الموجودة على سطح الفندق حيث كانت تغسل شعرها وملابسها ، أو تذهب بالباص إلى المدينة لتحضر فيلماً دون رغبة منها .
وعاد كريس يقول متهكماً : " ومن ثم طلب منك التعرف إليك أكثر أليس كذلك ؟ ما أجمل هذا . هل أخبرته بأنك متزوجة ؟ قد لا تكونين فعلت ذلك ، ماذا فعلتما ؟ "
أجابته : " لقد نزل المطر في ذلك الحين " وبدا من ملامحه أنه يشعر بالتسلية البالغة لمظهرها وهي تقول ذلك . تجاهلته ومضت تحدق في ما بقي من طعامها .
لقد أمطرت السماء حقاً . وهكذا انتهت نزهتهما بالعودة كلّ إلى منزله .
وتدريجياً أثناء الأسابيع والشهور التالية ، عرف الواحد منهما الآخر جيداً ما جعلهما يتبادلان الاحترام والمودة . وأصبحت مواعيدهما رتيبة سهلة . ولم يعودا بحاجة إلى بعثرة نقودهما في سبيل الترفيه فقد كانا قادرين على الاستعاضة عن ذلك .
كانت تفتقد الحياة المنزلية المريحة . وكانت علاقتها بتوم تذكرها بحياتها العائلية في حياة والديها ، قبل أن تتحول الأمور بهذا الشكل المفجع . كما ساعدتها على دفن تلك السنة من حياتها الزوجية في زوايا النسيان من ذهنها .
لم تشعر في قصر كريس أن احداً احتاجها ، ولكن توم يحتاجها الآن ، وهذا ما أوجد لديها شعوراً طيباً بالارتياح . قال كريس بسخرية جافة : " يا لهذا الصمت . هل أفهم من ذلك أن ليس عندك ما تقولينه أكثر من ذلك ، بالنسبة لعلاقتكما ؟ أن العجب يتملكني لكونك لم تموتي من شدة الانفعال "
توترت أصابعها حول الشوكة ، ولكن صوتها كان بارداً منضبطاً وهي تقول : " لم يكن الجو ماطراً على الدوام . انني اؤكد لك هذا " وسكتت لتتركه يستنتج ما يريد من كلامها هذا .
بان العنف في نظراته ، وتوتر فكه بشكل ينذر بالشر . مهما كان الذي فهمه من قولها هذا ، فهو لم يعجبه حسب الظاهر . لقد كان طوال الوقت يرسل إليها الوخزات بكلماته دافعاً إياها إلى حافة الانفجار ، فلماذا تهتم اذن اذا لم يعجبه ان ترد اليه الوخزات ؟
رد عليها قائلاً : " الذي أعرفه ان الطقس في بلادك تلك ماطر على الدوام " وكان يوقع باصابعه لحناً على حافة المائدة وهو يتابع قائلاً : " لم يمر بي أي حدث سار هناك " قالت : " أحقاً ؟ " وكان صوتها متوتراً لما يحويه من مشاعر عنيفة مكبوتة لم تكن تتوقع أو تريد أن تعاودها مرة آخرى . وتابعت تقول : " لقد أمضيت هناك وقتاً كافياً لكي تجتمع بجوليا وتبدأن علاقتكما " وكان وجهها يكاد يحترق . كانت أقسمت على ألا تذكر له اسم تلك المرأة مرة أخرى ، ولكن ها هي ذي هنا تتكلم كأية زوجة غيوزر، ما سيجعله يظن أنه ما زال بامكانه أن يسبب لها الألم .

Rehana 23-12-15 07:01 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثالث )
 
ان عليها ان تصحح ذلك الانطباع في نفسه قبل أن يتجذر في ذهنه المنحرف فتابعت تقول بصوت عال : " وإذا لم يكن هذا حدثاً ساراً بالنسبة إليك فهناك ميراث أسرتك الذي آل إليك أثناء وجودك في بلادي ، لقد كان موت أخيك مناسباً تماماً هناك ، أليس كذلك ؟ وهكذا سقط كل شيء بين يديك "
ولكن ما أن افلتت تلك الكلمات من بين شفتيها حتى أدركت انها تمادت في الكلام وتملكها الندم . وأخذت أصابعها ترتجف فتناولت حقيبة يدها ووقفت . ان وجودها بجانبه هو غلطة شنيعة ، وقد جعلها هو تتخلى عن سلوكها المهذب .
ابتعدت عنه تاركة إياه بجانب المائدة ، ثم ما لبثت أن توقفت وقد ساورها شعوربالخزي والخجل من نفسها للرد عليه بمثل هذه الطريقة الخشنة . واستدارت إليه تحاول الاعتذار لتتملكها رعدة شملت جسدها .
لقد استحال ذلك الوجه الرقيق الجمال إلى وجه شرير قد اظلمته كرامة مجروحة لا تعرف الصفح . وسحبت أنجيلا نفساً عميقا ً.. ثم ولت هاربة .


نهاية الفصل الثالث

Rehana 24-12-15 05:31 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
الفصل الرابع

اتكأت انجيلا بذراعيها على العتبة الحجرية الباردة لنافذة غرفتها . كان هواء الليل هادئاً دافئاَ ينفخ بلطف قميص نومها القطني الخفيف .
وأمام عينيها كانت الحديقة مغمورة بضوء القمر الفضي الغامض تتخلله الأنغام الدائمة لمياة النافورات . تنهدت وقد بدا القلق والإزعاج في عينيها ، إذ كانت تعلم أن ضيقها ذاك ليس عائداً تماماً للطريقة التي كانت تجنبت فيها كريس ، وذلك بإخفاء نفسها بين الأزقة المتشابكة لتعود عند الغسق وتخبر آن بأن تحضر لها عشاءها إلى غرفتها .
إن لكريس عليها حق الاعتذار للكلمات غير اللائقة التي وجهتها إليه في نهاية الغداء هذا النهار . وكان عليها أن تواجهه بالاعتذار هذا على مائدة العشاء . ولكن العالم لم يخرب لأنها هربت منه أثناء الغداء بذلك الشكل . إن بإمكانها أن تعتذر إليه في الصباح . كلا ، بل انقباض نفسها كان له سبب أعمق من هذا . لقد أدركت أن السبب هو هذا المكان ، جماله والذكريات التي يثيرها في نفسها .
عندما أحضرها كريس إلى هذا المكان لأول مره عروساً له ، كانت مشغوفة به حباً وكانت أشبه بالأطفال في أمور عديدة . وكان ما يحيط بها من جمال وترف هو فوق مستوى إدراكها . ولم يكن هو أثناء المدة القصيرة التي تعارفا

Rehana 24-12-15 05:32 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
وعادت بها الأفكار إلى لقائها به لأول مرة ، وكان ذلك أثناء أٌقسى ما مرّ بها في حياتها من أحداث .
كانت انجيلا قد علمت قبل ذلك بثلاثة أيام بمقتل والديها معاً في حادث انزلاق سيارتهما بين الجبال أثناء عاصفة رعدية ، بينما كانا يمضيان إجازة بين القرى البيضاء المنتشرة على المنحدرات الجبلية . فقد كانا تركا حرارة الصيف على الساحل ، طلباً لبرودة الجو في الجبال ، ليواجها بدلاً من ذلك حتفهما .
واستقلت هي وخالتها ليلي ، الطائرة إلى بلدة رانتا وقد حوّلها الذهول إلى دمية متحركة .
كانت الجنازة هادئة تماماً ، حيث لم تكد هي تلاحظ ذلك الغريب الفارع القامة والذي كان يرافق محامي والديها الاسباني السيد جوناثان ، إلى أن قدّم نفسه إليهما باسم كريس فورد ، وذلك بعد عودتهما إلى الفيلا العصرية على شاطئ رانتا شمال خليج فالنسيا . كما أخبرها بأنه كان على معرفة بوالدها حيث كان هذا الأخير اشترى منه عدداً من الأسهم لاستثمارها ، ما يعني أنها أصبحت الآن ملكاً لها .
ووجدت فيه في خضم حزنها البالغ ذلك ، ما كانت بحاجة إليه من رقة وعطف ومساندة ، كما أن طلاقته في اللغة الانكليزية ، عززت مكانته لدى خالتها ليلي التي قالت لها : " يا له من حظ حسن يساعدنا في اجتياز ذلك الروتين الحكومي المتشابك . إن السيد جوناثان لا بأس به ، ولكن لغته الإنكليزية ضعيفة جداً ، أما بالنسبة إلىّ فإن الكلمة الأسبانية الوحيدة التي أعرفها هي شكراً " .
ولكن في ما بعد ، أثناء الأيام القليلة التي استطاعت ليلي أن تقتنصها من عملها في انكلترا ، شعرت انجيلا بتغير في موقف خالتها من ذلك الأسباني الجذاب . فقد أصبحت معه عنيفة فظة تقريباً ، وأخذت تنظر إليه بارتياب .
وكان كريس يأتي إليهما يومياً ، وذلك اثناء انشغالهما بالمهمة الحزينة ألا وهي فرز محتويات الفيلا وكان يبدو عليه الانجذاب نحوها ، وكذلك هي لم تكن قادرة على أن ترفع عينيها عنه . ومع أن النطق كان يجافيها عند وجوده ، إلا أنها كانت واثقة من أنه بنظرة واحدة فقط ، يمكنه أن يدرك مبلغ جنونها به . فهي لم تقابل رجلاً مثله قط من قبل .
لقد دعاهما كريس إلى العشاء بعد الجنازة بثلاثة أيام ، وذلك في مطعم أقيم قرب القاعدة البحرية الأمريكية . ولم تشأ ليلي قبول هذه الدعوة بحجة أنها غير لائقة إذ مازال الوقت مبكراً لذلك بالنسبة إلى وفاة أختها وزوجها .
ولكن كريس أصر على ذلك بكل ما يملكه من جاذبية ورجولة لا مثيل لهما ، أما انجيلا فقد اندفعت إلى السوق وهي في غاية الانفعال ، حيث ابتاعت ثوباً لترتديه لتلك المناسبة ، أسود اللون بالطبع . وعندما رأتها خالتها بهذا الثوب ، وقد أسدلت شعرها البني المحمر الذي وصل إلى خصرها تقريباً ، وإلى صبغها شفتيها باللون الوردي عندما رأتها خالتها بهذا الشكل قالت لها بحدة : " إن الخوف يتملكني إذ أفكر في ماقد تقوله أمك لو بإمكانها أن تراك الآن " .
امتلأت عينا انجيلا بالدمع ، وكانت شفتاها ما زالتا ترتجفان عندما وصل كريس ، لقد قدم لها حينذاك يده وكأنه كان يعلم سهولة انكسار قلبها . لقد كان السيد جوناثان

Rehana 24-12-15 05:34 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
المحامي لطيفاً بالطبع ، ولكنه كان رجلاً مشغولاً على الدوام . أما خالتها ليلي .. حسناً ، لم تكن ليلي امرأة عاطفية ، بل كانت عقلانية جافة . وقد قالت أثناء العشاء : " إن علينا أن نترك هذه البلاد بعد غذ ، فإن لدي عملي الذي أديره بنفسي . وبما أنك كنت في غاية الشهامة نحونا يا سيد فورد فهل بإمكاني أن ارجو منك التفضل بالطلب من المحامي بأن يجد شخصاً ليجمع ما في الفيلا من ملاءات وستائر ومناشف وما أشبه ، ثم يتصدق بها إلى دور الأيتام ؟ أما الأثاث فسيبقى مكانه طبعاً إلى أن يصدر حكم المحكمة بإخلاء الفيلا بعد انتهاء الاجراءات القانونية . وكذلك لايجاد شخص ينظف البيت تماماً قبل تسليم المفاتيح إلى السيد جوناثان "
قفز قلب انجيلا وأوشكت أن تنفجر ذعراً وتعاسة . فقد كانت تظن أنها ستمكث هنا مدة أطول من ذلك ، إذ كانت هناك أشياء تخص والديها كانت هي تريد أن تحتفظ بها للذكرى ، مثل قميص حريري رائع الجمال كانت أمها تستعمله في المناسبات الخاصة ، وقبعة الصيد التي تخص والدها ، والتي كانت بمثابة تسلية الأسرة على الدوام . لم تكن تريد إلقاء كل هذا بعيداً كما تريد خالتها . فبهذا يبدو وكأن والديها لم يوجدا قط في هذه الحياة .
أجابها كريس ، عند ذلك ، وقد بدا في صوته الرائع لأول مرة نبرة فولاذية : " إنني أدرك مبلغ مسؤولياتك العملية التي لا يمكنك إهمالها . ولكن إذا شاءت أنجيلا أن تبقى بعض الوقت فإنني سأتحمل المسؤولية بالنسبة إلى راحتها فهي إذا مكثت وقتاً أطول في المنطقة التي كان والدها اختارا السكن فيها بقية حياتهما ، فربما يفيدها ذلك في التخفيف من حزنها لفقدانهما " .
وهكذا بالطبع أنهى الأمر ، وقد شجع هذا انجيلا على تحدي خالتها لأول مرة منذ عاشت معها ، لقد كانت عطلة صيفية طويلة ، ذلك لأن موعد عودتها إلى الجامعة لم يكن قبل شهر أيلول ( سبتمبر ) وهكذا لن يكون أمامها في بلدتها سوى مشاعر الحزن لفقد والديها . كما كان هناك شيء آخر وهو أنها أصبحت غارفة في غرام كريس حتى أذنيها ، فهي لم تكن تستطيع النظر إليه دون أن تشعر بالدوار ، كما أنها لم تكن تستطيع احتمال فكرة عدم رؤيته مرة أخرى .
وهكذا بقيت ، واستمعت بنصف اذنها إلى خالتها ليلي وهي تحذرها قبل افتراقهما ، بقولها : " إنك في التاسعة عشرة من عمرك وليس بإمكاني أرغامك على العودة معي إلى انكلترا ، ولكنك بريئة كالأطفال وأنا لا أثق بذلك الرجل ، فقد يريدك لغاية دنيئة في نفسه ، ولكن هذا ليس كل شيء ، فأنا لا أدري ما الذي يهدف إليه . ولكنني أنصحك ، وهذا لمصلحتك ، إياك أن توقعي بإمضائك على أية ورقة إلا إذا كانت مترجمة إلى اللغة الإنكليزية ، وأيضاً إياك أن تضعفي أمامه . وقد تجدين هذا الأمر مغرياً جداً ولكن لن يكون في إمكانك مواجهة نتائج أمر كهذا ".
وبعد ذلك بستة أسابيع ، كانا قد تزوجا في احتفال هادئ ولم توجه لخالتها دعوة لحضور زفافها . وكان كريس قد أخبرها بأنه وقع في غرامها من أول لحظة تقريباً ، وقد صدقته في ذلك الحين .

Rehana 24-12-15 05:35 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
وفي يوم زواجهما لم تكن تعلم عنه أكثر من القليل الذي كان اخبرها به ، فقد كان والداه متوفيين . ماتت أمه وعمره سنتان ، ومات أبوه وهو في العشرين . وكان له أخ أكبر منه ، بيتر ولكنه مات هو أيضاً بطريقة مفجعة ، وذلك منذ عدة سنوات . وهو ووحيد الآن ليس له من الأقارب سوى عدد من أبناء الأعمام البعيدين ، وهو يعيش في فالنسيا . أما عمله فيتعلق بالسفن وحمولاتها .
لا شيء مما كان أخبرها به ، كان قد أعدها لمثل هذا, لحياته المترفة هذه لحجم ونفوذ امبراطورية أعماله . وكل تلك الأحلام عن منزل أبيض تستقر فيه معه ، فتنظفه يومياً في انتظار عودته من عمله ، تطهو طعامه وتحمل أولاده .. كل تلك الأحلام قد تشتت فجأة .
واخترق فؤادها الألم ، وتحركت بضيق وهي تتنفس بعنف .
ولم تكن قد مرت بتجربة حب من قبل . فقد كان والداها في غاية الحرص عليها ، كما أنها هي كذلك لم تكن لتهتم كثيراً . وبطبيعة الحال ، كان لها صديقات أثناء وجودها في الكلية ، كانت تدرك بغريزتها أن والديها ما كان ليوافقا على صداقتها لهن ، لأن الطريقة التي كن يتتحدثن بها عن اصداقائهن الشبان ، لا بد كانت تجعل شعر رأسيهما يقف ، ولكنهما كانا في اسبانيا يستمتعان بأيامهما بعد تقاعدهما عن العمل .
كانت قوة مشاعر كريس تسحقها ، جاعله منها كومة مشتتة غبر مترابطة من الأحاسيس .
كانت جوليا في ذلك الحين ، قد ظهرت لأول مرة بعد زواجهما ، تملك كل ما يعوز انجيلا . فقد كانت رائعة الجمال فاتنة واثقة من نفسها كما كانت عيناها تتبادلان مع عينيه نظرات العبث والغزل ، بينما عينا انجيلا لا يظهر فيهما سوى الوله والقلق .
ولكنها حاولت أن تواجه كل هذا . حاولت أن لا تشعر بالاهتمام عندما كانت جوليا تقوم بإحدى زياراتها المتكررة من مكتب فرع الشركة في انكلترا لترى زوجها يمضي مع موظفته وقتاً أطول من ذلك الذي يمضيه مع زوجته ، مناقشاً ما يقول شؤؤون العمل .
ولقد حاولت أن تحسن من ذوقها في ملابسها ، وأن تساهم في إدارة منزله بشكل مفيد . ولكنها ما لبثت أن توقفت عن ذلك عندما أخبرتها جوليا بالحقيقة عن علاقتها بزوجها كريس ، تلك العلاقة التي كانت قد أبتدأت طيلة تلك السنوات في انكلترا ، والتي ستنتهي بالزواج عندما تتم انجيلا مهمتها وتمنحه وريثاً ، وبعد ذلك تنحى جانباً مشكورة .
ولكن كل ذلك قد انتهى الآن ، وعادت انجيلا إلى واقعها الحاضر . لقد كانت حين قابلته ، عديمة الخبرة وقد أذهلتها الصدمة المفاجئة بموت والديها معاً . كانت في منتهى العجز والضعف . وقد استغل هو كل ذلك . لقد كانت سهلة الإنقياد ولكنها لم تعد كذلك .
ولكن ، لماذا خفق قلبها وهي تسمع ذلك الصوت الرقيق يهتف بها من الحديقة قائلاً : " انزلي وتمشي معي . دعينا نتحدث إن الليل رائع الجمال "
قالت : "كلا " لتستدير بعد ذلك . بسرعة مبتعدة عن النافذة . أتراه يظنها مجنونة لكي تعرض نفسها إلى مخاطر ضوء القمر وشذا الحديقة الذي يعبق في الجو وإلى وحش كاسر بشكل رجل ؟

Rehana 24-12-15 05:35 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
وخاطبها صوت ساخر من أعماقها يسألها أين هي تلك المخاطر ؟ فإذا كانت هي امرأة راشدة ، هادئة منضبطة فلماذا تخاف أي شيء يصدر عنه ؟
وهكذا أجابته بذلك بعصبية ، وصعدت إلى فراشها لتدفن رأسها تحت الوسائد . ومن المؤكد أنها لم تستطع سماع تلك الضحكة الرقيقة الصادرة من الحديقة .. ورأسها بين الريش والحرير .
خاطبها بذلك الصوت ذي النبرات المغرية وهي تجتاز الحديقة نحو غرفة طعام صغيرة حيث يقدم طعام الفطور .قائلاً : " كيف كان نومك؟ " وأجابته : " جيد جداً " وكان هذا كذباً طبعاً ، فعيناها لم تكادا تعرفان النوم أثناء ذلك الليل الذي بدا طويلاً , ولكنها لم تشأ أن تقول له ذلك .
استقامت في جلستها وهي تحرص على عدم النظر إليه مباشرة ، ثم قالت بصوت متوتر : " إنني آسفة بالنسبة إلى الأمس . فليس لي الحق في أن ألمح إلى أن موت أخيك بيتر كان بشارة لك "
وعلمت بوضوح أن هذه الحقيقة تكاد تبكي . فهي لم تصدق أبداً أن يكون في إمكان كريس ارتكاب جريمة . أن يغدر بأخيه ويقتله في سبيل المال . فكبرياؤه واحترامه لنفسه أكبر كثيراً من أن يسمح له بذلك ، حتى أنها لم تصدق ما كانت الصحف الإنكليزية في ذلك الحين ، قد كتبته ممما يثبت قول جوليا . كانت في أعماقها ترفض ذلك ، ولكنها استغلت تهمة القتل تلك ، متظاهرة بتصديقها حتى بينها وبين نفسها كعذر لإنهاء زواجهما .
أجابها : " اعتذارك مقبول " وكان الهزل يبدو في صوته وكأنه كان يعلم أن اعترافها ببراءته كان حاصلاً لا مناص منه .
وما زالت هي لا تستطيع مقابلة عينيه ، ومضت تنظر في كوب العصير الطازج الذي سكبه لها ، ذلك لأن توتراً مريعاً ما زال قائماً بينهما بالرغم من قبوله اعتذارها ذاك ، والحقيقة التي ظهرت من ورائه . وكان ذلك التوتر يكاد يقف له شعرها ولا أحد يعلم ما كان يمكن أن يراه في عينيها لو أنها نظرت إليه .
" إنني مسرورة إذ أرى فيك شيئاً من التعقل " كانت هذه كلمات آن وهي تدخل الغرفة مسرعة حاملة صينية يتصاعد منها بخار القهوة ، وتابعت قائلة : " لن أصعد إلى غرفتك بعد الآن بالصواني ، أيتها السيدة ، إلا إذا كان لدي شهادة ممهورة بتوقيع الطبيب يقول فيها إنك مستلقية تنتظرين الموت "
تلاشى التوتر وانجيلا تطلق ضحكة حين التقت عيناها أخيرا بعيني كريس . كانت حرارة الذكريات المشتركة تتصاعد من الأعماق ، كما كان لإبتسامته تأثير مفاجئ على أحاسيسها .
ولكن كريس انتشلها من ذلك المستنقع الغريب ، بقوله هازئاً : " إنها أسوأ من قبل ، ولكن ما سيجرى للمنزل من دونها ؟ " وساعدها كلامه في تمالكها لنفسها .

Rehana 24-12-15 05:39 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
سحبت نفساً عميقا ًومضت تسكب القهوة وتراقبه وهو يمسح الخبز بالزبدة ، لقد أصبحت الآن طبيعية تماماً حتى انها لم تشعر بأقل ذعر وهو يقول : " سنذهب إلى الشاطئ هذا الصباح قبل الازدحام . أظن شاطئ مينو مناسباً "
أجابت وهي تضع زيت الزيتون على الخبز بيد ثابته تماماً : " لما لا ؟ " ذلك أنه ليس بإمكانها أن تتجنبه طيلة أربعة أسابيع ، أو تعترض على كل اقتراح له .
ولكن بعد ذلك بساعة ، ابتدأت احاسيسها تتنبه . صحيح أنهما لم يكونا بمفردهما على الشاطئ ، فقد كان هناك بعض الأمهات الاسبانيات الشابات مع اطفالهن ، يلعبون على الرمال ، ولكن ذلك لم يمنع تلك العينين السوداوين العميقتين من التحديق فيها بحدة ، كما أن عينيها قد انجذبتا نحوه .
وانتبهت أخيراً إلى نفسها ، فحولت عينيها عنه وقالت له دون أن تنظر إليه : " سأراك فيما بعد " وأرغمت نفسها على السير بخطوات ثابته نحو الماء . ينبغي أن لا تدعه يلحظ مقدار تأثيره عليها . فذلك سيكون مصدراً للتسلية بالنسبة إليه .
وغاصت في الماء وهي تشتم نفسها . ربما كان عقلها هادئاً منضبطاً ، ولكن جسدها التعس كان شيئاً آخر . وتمنت مستميتة لو كان توم موجوداً ، لقد كانت تشعر في وجود توم بالأمن والراحة ، فهو لا يجعلها تحس بالتوتر لأقل نظرة .. ومن يرد ذلك ؟ انها لا تريد . كما أن توم يجعلها تشعر بأنها مصانة ، محترمة ، متمالكة لمشاعرها ، وهذا ما كانت تريده .
كانت الشمس ترسل أشعتها الحارقة ، كما كان البحر الأزرق المخضر يعكس تلك الاشعة المتألقة ليبدو كسطح حجز ضخم من الفيروز . وتنفست انجيلا بعمق ، ثم غطست في المياه حيث أخذت تمرح في المياه الباردة المنعشة .
حدثت نفسها أن بإمكانها ان تمكث ساعات في المياه تلك فهي بالتأكيد لن تستلقي على الشاطئ وعلى كل حال ، ربما الخطر الذي كانت تراه ، لا وجود له إلا في مخيلتها . إذ ربما لم يكن يحاول إغواءها . إنما هي الجاذبية التي يملكها ، والتي ربما لم يكن يقصدها فعلاً .
كلا ربما لم يكن الأمر سوى ردة فعلها هي فقط . ردة الفعل هذه التي تشاركها فيها أية امرأة أخرى يصادف أن تنظر إليه ذلك أنه ليس هناك من سبب يجعله يحاول مغازلتها . فهو لم يسبق أن رغب فيها حقاً قط . كما أن من المؤكد أنه لم يحبها كذلك . وبعد صبره على انفصال دام أربع سنوات ، لا يمكن أن يكون راغباً بها مهما كان الأمر.
إن بإمكانها الآن أن ترى نفسها ، ترى كيف طوت نسخ الصحف القديمة التي تحدتها جوليا بأن تطلع عليها . وكيف خرجت إلى الشارع لتشير إلى سيارة أجرة تعود بها إلى منزل خالتها في ساو . إنها لم تذرف دمعة واحدة ، وإنما تناولت الهاتف ببساطة لتدير رقمه في مكتب فالنسيا وتقول له : " إنني هنا في انكلترا ، إذا كان يهمك ذلك . وأنا لن أعود إليك . فأنا لن أستطيع العيش مع شخص قتل أخاه .. حتى ولو كان أفلت من العقاب لنقص البراهين " لقد سمعته يتنفس بحدة ، وأمكنها أن تتصور العنف الذي بدا في عينيه . ولكنه لم يقل شيئاً ينفي به اتهامها هذا . لا شيء مطلقاً .

Rehana 24-12-15 05:41 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
وعندما لم يعد بإمكانها احتمال الصمت الذي تلا ذلك ، قالت بحدة : " لقد أخبرتني جوليا بكل شيء عن هذا الأمر ، وعن علاقتكما المستمرة , وهي على حد علمي أكثر من مجرد صديقة عزيزة بالنسبة إليك " ثم أقفلت الخط وهي تقسم بأن لا تفكر في الماضي بعد الآن .
ولكن هاي هي ذي تقوم بذلك مرة أخرى ، وساورها الغضب من نفسها ، وصرفت كل شيء من ذهنها وهي تستدير لتطفو على ظهرها شاعرة بأشعة الشمس تحرق وجهها ، وهي تحاول ملء ذهنها تدريجيا ً بتوم آملة أن يطرد منه كل شيء آخر .
وشعرت به قريباً جداً منها وكانت مياه البحر تنساب من شعره وكتفيه ، وقطرات لا تحصى من المياه تلتمع على وجهه في أشعة الشمس مظهرة أياه بطلاً خرافياً صاعداً من أعماق البحر .
وأخذت تتحسس بقدميها القاع عبثاً ، وقد سادها الارتباك ، وكاد الذعر ينتابها وهي تفكر في أنها لا تفهم شيئاً . ولكنه كان يسندها دون جهد ، مجتازاً بها المياه ودفعها الخوف إلى أن تقول له بحدة : " لا تفعل ذلك . كيف تزحف نحوي بتلك الطريقة حتى كدت أصاب بنوبة قلبية ؟ "
وأسكتتها ابتسامته العريضة المخادعة . وانبسطت قبضتاها اللتان كانتا قد همتا بضربه ، لتدفعه براحتيها عنها . كان بإمكانها أن تشعر بخفقات قلبه ، كما أن خفقات قلبها قد تسارعت هي الأخرى ، قال ساخراً : " إن قلبك يخفق بجنون "
صدر عن انجيلا صوت مختنق ، وأخذت تقاوم باستماتة شعورها الذي كان يدفعها إليه .
ولكن ذلك كان شيئاً جنونياً لا ينبغي أن يحدث ، إذ لا يمكن أبداً أن تكون مازالت راغبة به .. كلا ، يجب ألا يكون هذا . إنه تدمير لنفسها وتحقير لها ..
وشهقت وهي تقول ثائرة : " لا بد أن جوليا غائبة منذ أسبوع أو أكثر ، ماجعل شعورك بالاحباط يدفعك إلى التنازل للتقرب مني " وأكملت في نفسها قائلة ، أو الحاجة إلى أن يصبح أباً لطفل لا تستطيع هي أن تمنحه إياه .
أجاب : " نعم . طبعاً جوليا " ونظر إليها وقد بان في عينيه عذاب سرعان ما تلاشى قبل أن تتمكن من معرفة كنهه ، وحدقت في سواد عينيه وهي تضرب المياة بذراعيها . لقد كانت توقعت منه أن يبدي الغضب أو الازدراء .. ولكن ليس العذاب أبداً .. إذا كان ما رأته هو عذاب حقاً . وظهرت الحيرة في عينيها وهو يقول : " والآن بما أن الشيء الذي فرق بيننا قد بان كذبه ، فعلينا أن نتحدث عن الشيء الآخر ، والذي هو جوليا ، لقد حان الوقت لذلك " .
وأدار رأسه الأسود الشعر ، وعاد نحو الشاطئ . وتبعته انجيلا ببطء وهي تفكر .
لقد كانت الآن على استعداد تام للاعتراف بأنها لم تصدق قط أن بإمكانه أن يقتل أخاه ، بصرف النظر عن كلام جوليا . لقد كانت جعلت من هذه التهمه ستاراً لكيلا يعلم أنه حطم قلبها الأحمق ، مفضلة على ذلك أن يأخذ عنها فكرة أنها أمرأة تقدم المبادئ العليا على العواطف ،امرأة اخرجت من قلبها آخر أثر من الحب والاحترام له ، لأن الجريمة التي كان ارتكبها أثارت اشمئزازها .
وما لبثت أن اعترفت بأن عملها ذاك كان مثيراً للإشمئزاز ، ولكنه كان الطريقة الوحيدة التي ساعدتها على احتمال ذلك العذاب الهائل الذي شعرت به وهي تدرك أنه لم يحبها قط ، بل كان يستغلها فقط .

Rehana 24-12-15 05:42 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
ولكن هل بإمكانها احتمال الحديث عن جوليا ودورها في حياته ؟ مجرد التفكير في هذا يجعل الدم يتجمد في عروقها . ولكن إذا هي رفضت ذلك فقد يعلم .. يعلم ماذا ؟ أنها مازالت تحبه ؟ وسخرت من نفسها ، لا شي من ذلك أبداً . ما هي إلا أمرأة طبيعية لها مشاعر أية أمرأة أخرى ، وهو أكثر الرجال جاذبية . فماذا لو أنها استجابت إليه ؟
وهكذا ستتصرف كما لو أن ذلك الارتباك الطفيف الذي اعتراها لم يحصل مطلقاً . وكان هذا ما قررته وهي تسير على الشاطئ دافعة شعرها الذي يقطر ماء ،إلى خلف رأسها ، وقد عادت تحدث نفسها في أنه إذا هو أصر لسبب لا يعلمه أحد ، على التحدث عن جوليا فستصر على أسنانها وتتابع معه الموضوع . عليها أن تظهر له أنها الآن امرآة مختلفة تماماً . امرأة هادئة ، معتدلة محنكة وقادرة تماماً على مناقشة فترة من حياتها قد أصبحت الآن جزءاً من الماضي .
سألها وهو يستدير نحوها : " هل أنت مستعدة ؟ " وكانت هي قد استعادت هدوءها وهي تربط شريط حذائها الخفيف . أجابت قائلة وهي تجاهد للوقوف على قدميها : " تماماً " فقال : " لقد طلبت من آن أن تبكر بموعد الغداء . وبإمكاننا أن نجد مكاناً ظليلاً في الحديقة بعد الظهر . فإن لدينا أشياء ينبغي أن نتحدث عنها " .
كانت تدرك أنه يعني بذلك جوليا . ولكنها لن تظهر الاهتمام بذلك . وأجابته بهدوء وهو يسير أمامها في منتزه جميل فسيح : " كما تشاء . إنني موافقة تماماً "
كانت تشعر بالزهو لما بدت عليه من رصانة وهدوء ، ولكن شيئاً من الغضب انتابها بعد إذ رمقها بنظرة جانبية ساخرة وهو يقول : " لو كنت أعلم انك ستكونين موافقة تماماً على كل ما أريد ، إذن كنت أموت سعيداً راضياً "
ولكن غضبها لم يدم طويلا ، إذ سرعان ما بدا هادئاً ، فأجلسها في مقهى على الرصيف وطلب لها عصير البرتقال ، ثم استأجر سيارة لإعادتهما إلى المنزل ، وهو يسليها ، طوال الوقت ،بالنوادر الشيقة المسلية إلى أن دار رأسها من كثرة الضحك .
سارت بجانبه وهما يدخلان القاعة المبردة . لقد بدا أثناء الساعة الماضية ، تماماً مثل الرجل الذي وقعت في غرامه طيلة تلك السنوات ، وكانت ابتسامتها الغبية لا تزال على شفتيها حين دخلت آن تستقبلهما وقد بدت وكأنها ابتلعت برتقالة وهي تقول : " ان لديك زائراً يا سيدتي ، لقد أصر على الانتظار . ربما تحبين أن تري ما يريد . اخبريه انك لن تمنحيه أكثر من دقيقتين . فأنا سأباشر بتقديم طعام الغداء "
وقهقهت انجيلا بحماقة إنها لأمر ما لم تستطع مغالبة الضحك ، لو أمكن لآن أن ترى نفسها كم تبدو مضحكة بزاويتي فمها المنحدرتين إلى أسفل ومنخريها المتسعين كحصان عجوز . وكانت ما تزال تضحك رغم عبوس كريس ، عندما أطل توم برأسه من أحد الأبواب وهو يقول متذمراً : " ها أنت ذي أخيراً يا أنجيلا . إنني أنتظر هنا منذ ساعات . أين كنت ؟ "


نهاية الفصل الرابع

Golden flower 24-12-15 08:22 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
رووووووعه بنتظارك ي الغلا

Rehana 25-12-15 07:53 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الرابع )
 
الفصل الخامس

أعاد أنجيلا إلى وعيها بشكل عنيف . لو أن توم قد ظهر على الشاطئ هذا الصباح ، عندما كانت تجاهد في مقاومة مشاعرها نحو كريس ، ربما كانت توسلت إليه أن يأخذها بعيداً عن كل هذا ، في تلك الدقيقة نفسها . إنها تكاد تسمع نفسها تقول له إن أربعة أسابيع مع هذا الماكر هو ثمن باهظ لطلاق سريع ، وأنها تفضل ، على ذلك أن تنتظر سنة كاملة ، على أن تكون معرضة إلى .. حسناً ، ماالذي كانت معرضة إليه ؟
ولكن من الغريب أنها وهي تراه هنا ، بلحمه ودمه رجلاً جديراً بالثقة ، ومحاسباً مرموقاً في مدينة صغيرة .. انها تتمنى لو كان بعيداً عن هذا المكان مليون ميل ، دون أن تدري لماذا .
كانت آن مسمرة في مكانها وقد بدا عليها الاستهجان كما أن كريس بدا غارقاً في الصمت والجمود . وعلمت هي دون أن تنظر إليه أن قناع الغطرسة والإزدراء يغطي ملامحه كما أن وجهها بدا جامداً هي الأخرى وقد شعرت بنفسه كلوح من الخشب .
قال توم وقد بدا عليه الانزعاج : " حسناً ، أليس هناك تعارف ؟ "
كان وجهه الخشن الودود ينضح بالعرق ، ورأته أنجيلا بادي الضيق في سترته وقميصه القطني وربطة عنقه المقلمة . وبدا برصانته وهدوئه ، مثالا للرجل الإنكليزي ولم تر في هيئته أي انسجام أو تناسب .
تملكها الذعر فجأة لأفكارها الخائنة هذه فاندفعت للعمل ، مجتازة القاعة إليه لتكون على مقربة منه ، وهي ترسم ابتسامة على شفتيها وتقول معتذرة بصوت مرتجف : " سامحني يا عزيزي . لقد اذهلتني رؤيتك هنا . لم تكن لدي أية فكرة عن مجيئك " وكانت هذه هي الحقيقة ، إذ أنها لم تعرف عنه قط أي تصرف مفاجئ لا يمكنها الاحساس ما جعلها تشعر معه دوماً بالأمان ، بعكس كريس الذي افقدها كل شعور بالحياة الآمنة .
أجاب : " حسنا لقد قررت أن آخذ عطلة لبضعة أيام . ولم يكن ثمة وقت لاخبارك ، لقد انتظرتك ساعات طويلة " .
قالت : " إنني آسفة " وماذا بإمكانها أن تقول غير ذلك؟ كيف بإمكانها أن تقدم خطيبها إلى زوجها ! ولكن توم حل هذه المشكلة عنها ، إذ مشى فوق الأرض المبلطة بالقرميد ، وصرير حذائه اللامع يتجاوب في المكان ، وهو يجرها معه ، ماداً يده إلى كريس قائلاً : " لا بد أنك فورد . إنني توم ماكلين . وأنا واثق بأن خطيبتي أخبرتك كل شيء عني "
أجاب كريس بصوت بالغ الجمود : " بما فيه الكفاية " وارتجفت انجيلا ، وغضبت من نفسها لسماحها له بالتأثير عليها . ولكن هذا الخبيث قد تجاهل تماماً يد توم الممدودة ، كما أن الغطرسة كانت تكسو وجهه لدرجة مخيفة . وتابع يقول : " كم يوماً تنوي أن تمكث في فالنسيا ، يا سيد ماكلين ؟ "

Rehana 25-12-15 07:59 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
وبشكل ما ، جعل هذا السؤال يبدو وكأنه إهانة . اجاب بجفاء : " ثلاثة أو أربعة أيام . هذا إذا وجدت مكاناً أقيم فيه ، وهذا هو السبب في قدومي إلى هنا مباشرة . هل نذهب يا أنجيلا معاً لكي .. "
قاطعه كريس بنعومة مفاجئة : " إنك ستبقى هنا لتناول الغداء معنا ، وسأتدبر أمر إقامتك بينما تطلب زوجتي من آن أن تجهز مكاناً لك على المائدة " ثم أبتعد ببساطة تاركاً انجيلا تحدق في ظهره المبتعد بارتياب . ما الذي ينويه يا ترى ؟ لقد توقعت في البداية من نوع استقباله غير الحسن لتوم ، أنه سيلقي بالرجل المسكين خارجاً فيكسر عنقه ، ولكنه بدلاً من ذلك ..
سألها توم : " اتظنين أنه يعني أن، يبقيني هنا في ضيافته ؟ "
فعبست لمقاطعته لها إذ تفكر في سبب تصرف كريس . وقالت : " ماذا ؟ " ثم هزت رأسها وقد كفت عن التفكير . ذلك لأنه لا يفهم ما يمكن أن يدور في رأس ذلك الشرير ، إلا رجل نال درجة الشرف في السلوك اللا عقلاني . وقالت تجيبه : " لا أظن ذلك . هل تظن أنت أن هذا ممكن في هذه الظروف ؟ "
أجاب مسلماً برأيها بجفاء : " ربما كلا ، رغم أن هذا سيوفر علي أجرة الفندق ، وعلى كل حال فأنت مقيمة هنا في هذه الظروف "
تنهدت انجيلا إذن فهذا هو السبب في أنه ترك كل شي ليأتي إلى هنا ويتصرف بشكل خارج عن المعقول ، وقالت بفتور : " لقد أوضحت الأمر بالنسبة إلى هذا الموضوع ، على كل حال ، فهذا شيء لا يمكننا مناقشته في هذا الوقت "
قال : " كلا بالطبع ، الحق معك تماماً ، سنتحدث فيه في ما بعد عندما أستقر . عندما دعاني فور إلى الغداء كنت موشكاً على طلب المساعدة منك لكي أجد مكانا متواضعا نظيفاً ، لأنني لا أريد أن أحشر في مكان زري ، ولكن ليس أغلى أجرة من المعقول . وسنجد حلاً للأمر بعد الغداء مباشرة . أخبريه أن لا يزعج نفسه فبإمكاننا التصرف دون مساعدته "
وكان هذا هو رأيها بالضبط وعضت شفتها بقلق . لماذا تغير موقف كريس من توم هكذا فجأة ؟ ولما تسمح هي بأن يسيطر على تفكيرها في الوقت الذي عليها أن لا تفكر سوى بـ توم ؟ أخذت تتساءل عن كل هذا بحدة . ثم هزت راسها وكأنما تنفضه ، وقالت بلطف : " لا بد أنك متعب . فإذا كنت لا تعرف التجوال في المنطقة ، فلا بد أن الحضور إلى هنا كان صعباً تماماً ، خاصة وأنت لا تعرف اللغة . اجلس ريثما أذهب وأرى آن بالنسبة إلى الغداء " . وقادته إلى أحد المقاعد الطويلة الظهر المصفوفة بجانب الجدران ، وهي تتابع قائلة : " مع أننا لسنا بحاجة إلى البقاء هنا ، فهناك مقاه كثيرة ومطاعم صغيرة ..."
هز توم رأسه يقاطعها قائلاً : " كلا ، فالأفضل أن نتناول الطعام هنا ما دام قد دعانا . فلماذا ننفق النقود على الطعام في الوقت الذي لسنا بحاجة إلى ذلك ؟ "
قالت وهي تستدير متجهه نحو المطبخ : " نعم ، لماذا؟ "
لقد وجدت صعوبة في التصرف نحوه بلطف . فما كان له أن يحضر بهذا الشكل . لقد وضعها بذلك في موقف صعب . وسيكون تصرفه دوماً هكذا ، مهما كانت الظروف .. إذا يضع مسألة توفير النقود في رأس الأوليات .

Rehana 25-12-15 08:02 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
ولم يكن مزاجها ليسمح لها بتلقي تعليقات آن المبالغ فيها ، باتزان وهدوء كعادتها ، وذلك عندما أعلنت لها أن توم سيتناول الغداء معهما ، فأجابتها : " إذن ، فسيأكل ذلك الرجل القصير البدين معك ؟ كان على السيد كريس أن يلقي به خارجاً " .
ألقت نظرة على محيط خصر آن الذي يزيد عن محيط ضيف الغداء بثلاثة أضعاف ، وقالت برصانة وهي تبتلع استنكارها للوصف غير الصحيح لتوم بالبدانة وقصر القامة : " إن اخلاق زوجي أرقى من ذلك "
فقالت آن وعيناها تلتمعان : " هكذا إذن ، انك تعترفين الآن بان السيد كريس هو زوجك ! آه ، حاولي أن تتذكري ذلك ، يا سيدتي . إن ذلك الرجل كان يحدّق في كتاب الجمل المترجمة ، ثم يشير إلى كلمات أراد بها أن يخبرني أنه خطيبك ، إنه شخص عامي ولهجته رديئة جداً . وقد أخبرته بذلك بلغته ، فقط لكي أجعله يعلم هذا . كذلك أخبرته أن يعود في ما بعد .. بعد وقت طويل جداً ، ولكنه رفض "
انسحبت انجيلا جامدة الوجه قبل أن يفلت زمام صبرها . لقد خرجت آن عن حدودها ، ولم يكن الموقف يسمح لها بالشرح .. حتى ولو شاءت ذلك . وهل اهتمت آن يا ترى بتذكير كريس بأن له زوجة ، عندما كان يسرح ويمرح بعلاقته مع جوليا هنا في هذا المنزل ؟ كلا ، طبعاً ! فهناك قانون للرجال وآخر للزوجات . ثم ما الذي جعلها تشير إلى كريس بكلمة ( زوجها ) ؟ فهي ليست بالعلاقة التي كانت تريد أن توجه الأنظار إليها ، خصوصاً وأن زواجها سينتهي قريباً بصفة قانونية .
عادت الى القاعة لتجد توم يجول في الانحاء. كانت تتمنى لو تهرب ، فتغتسل وتبدل ثيابها . ولكن لم يكن لديها وقت كاف في الحقيقة ، وهي لا تظن أن بإمكانها تركه وحده . وقال وهو ينظر إلى السلالم الجميلة بعينين ضيقتين : " لقد فتحت الأبواب وتفرجت على الغرف ، إنه مكان رائع ، أليس كذلك ؟ لا بد أن عنده ما يكفي من المال لكي يستطيع العيش في مثل هذا المنزل " .
أومأت برأسها موافقة . فهي لم يسبق أن تحدثت قط عن أحوال كريس المالية مع توم ، وفي الحقيقة لم تتحدث عنه اطلاقاً ، محاولة بذلك أن تنسى زواجها التعس ذاك . ثم ألم يدرك توم مبلغ قلة تهذيبه البالغ وهو يطوف الغرف في منزل يخص أناساً آخرين ، فاتحاً أبوابها ؟ ثم ألم يشعر بعدم الارتياح بالنسبة للوضع هنا ؟ وضعه بالنسبة إلى كريس ووضعها هي بينهما ؟
لا يبدو ذلك . لأنه عندما عاد كريس مشرقاً منتعشاً بعد أن اغتسل وغير ثيابه مرتدياً بنطالاً أبيض اللون وقميصاً أسود واسعاً ما جعله يبدو رائع الرجولة بينما لو كانت الحياة عادلة ، كانت يجب أن يبدو بالنسبة إلى نفسيته ، رجلاً مرهقاً وليس العكس الذي يجعل توم يبدو بجانبه سلبياً بالغ التملق والتهذيب .
تنهدت انجيلا متفجعة وكريس يقودهما ، بأدب مبالغ فيه إلى مائدة الطعام التي أقيمت في الخلاء . لقد جعلهما كريس هما الأثنين يبدوان في حالة لا يحسدان عليها . فقد بدا منتعشاً أنيقاً متمالكاً لنفسه بينما كانت هي ما تزال في نفس البنطال القديم والقميص المقفل الرخيص ، أما توم فقد ظاهراً عليه الاختناق في سترته الرياضية . لقد كانت قطرات العرق تلتمع على جبينه ، وشعره القصير ملتصقاً بجمجمته وعنقه بالغ الاحمرار .

Rehana 25-12-15 08:04 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
وأثناء الطعام كان كريس يراقبهما معاً وقد بدا في عينيه شيء لم تستطع فهمه .. شيء جعله يبدو كرجل يراقب مهزلة تحدث أمامه .
ولم يعجب هذا انجيلا . فهي لا تعرف ما يهدف إليه ولا تثق به .
قال توم : " لا بد لي من القول يا سيد فورد ، ان من علو الأخلاق فيك أن تقدم إلي مثل هذا الغداء الممتاز .. أنا الغريب على بابك ، وما أشبه .. أخلاق عالية في الحقيقة "
وانكمشت انجيلا خجلاً وارتباكاً عندما أخذ هو يضحك لنكتته الواهنة .
ومع أنها كانت تظن أنه كان يفضل لو كان الطعام بفتيك بقري ، إلا أنه أكل كل ما وقع بصره عليه ، ما جعل لسانه يجري بسهولة فيقول : " ولكننا نحن الاثنين رجلان عاليا الأخلاق ، ويجب ألا تكون انجيلا سبباً للنزاع بيننا . كلا ، أبداً وعلى كل حال فقد بقيتما منفصلين أربع سنوات وهذا يعني انه لا يمكن أن تكون ثمة مشاعر سيئة بيننا في هذا الخصوص "
قال كريس مبتسماً ببطء ،وهو يستند إلى الخلف : " لقد رجعت انجلينا الآن "
تمنت انجيلا لو تضربه . فقد كان يتصرف كصبي مدلل ، وعندما نظر إليها توم عابساً ، قالت بلهجة متوترة : " لا تهتم لذلك فهو يخدعك "
زاد عبوسه وهو يقول : " يخدعني ؟ " وفجأة ، انبسطت أساريره وهو يهمس لها بسرعة : " ربما كانت لغته الانكليزية قاصرة على فهم الدقائق في الحديث ، فلم يحسن التعبير " وقل أن تتمكن هي من اخباره بأن كريس متمكن من اللغة بشكل كامل ، عاد توم فقال له بصوت عال بطئ اللهجة : " أعلم ذلك ولكن فقط لأربعة .. "
فقاطعه كريس بنعومة : " لقد طلبت من السائق جيف أن يحضر السيارة الساعة الثالثة . وقد حان الوقت تقريباً " ونهض واقفاً وارتجفت انجيلا وهي ترى رشاقته الوقحة وتلك الابتسامة الغامضة التي بدت على شفتيه وهو يقول : " هل امتعتك موجودة ؟ ان جيف سيأخذك إلى فندقك " ثم ذكر أسم افخم فندق وأغلاه أجرة في المدينة . وضاقت عيناه في نظرة ساخرة وهو ينظر إلى توم الذي كان يقف بصعوبة وهو يقول : " هذا كرم أخلاق بالغ منك ، لقد تركت حقيبتي في القاعة ، هيا بنا يا انجيلا فأنا لاأريد أن يطول انتظار السائق "
حدقت فيه بارتباك ، انه لن يبقى على انشراحه هذا عندما يستلم قائمة الحساب في نهاية اقامته ، إنه يظن اهتمام كريس ذاك به ومساعدته له لأنه توم ماكلين ، كان يمسك بزمام الأمر .
أنه لم يدرك ان استضافة كريس له ، وسماحه له بأن يطأ عتبه بابه ما هو إلا لكي يجعله يحفر قبره بيده ، وذلك بالكشف عن عيوبه وقصوره بالنسبة إليه .
ويبدو أن خطته تلك نجحت . فهي تنظر الآن إلى توم لتجد فجأة أن لا شيء فيه يعجبها .

Rehana 25-12-15 08:05 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
قال كريس : " إن لدى انجيلينا موعداً عند العصر "
كانت من الاستغراق في أفكارها بحيث لم تنتبه إلى هذا الصمت المثقل بالمعاني الذي ساد ، وبدا أن صوت كريس هو وحده الذي بامكانه ان يخترق تركيز أفكارها تلك .
وطرفت بجفنيها وهي تحاول النهوض على قدميها ، ولكنها بإشارة من يد كريس تراجعت كدمية دون إرادة لتعود فتجلس مكانها .
وتابع هو يقول : " ومن الطبيعي أنك بحاجة إلى بعض الوقت للراحة والاستقرار "
كان واضحاً أن كريس يسيره بكلامه هذا كما يريد ، ولكن توم لم يكن يدرك ذلك . أترى ذكاؤه قد أفسده كثرة الطعام الذي تناوله ، فلم يفهم ما يحدث . وللحظة تملكه اليأس منه فتركته لمصيره عندما رأته يومئ برأسه بموافقة تامة وهو يقول : " تماماً لقد كان يوماً مرهقاً حقاً ، خصوصاً تلك الرحلة بين منطقة المطار ومدينة فالنسيا . وربما آخذ حماماً ساخناً ثم استسلم لغفوة قصيرة . سأراك هذا المساء يا انجيلا . سأتصل بك عندما أرتاح "
لم تجب وأخذت تراقب كريس وهو يرافقه إلى الباب ثم تسمعه يقول : " لا تتصل بنا . نحن سنتصل بك "
ولم تصدق أن توم يمكن أن يكون بهذه السذاجة ، ام لعلها نوع منحرف من الغطرسة ؟ حيث أجاب بدماثة وبراءة : " أشكر لك هذا . فأنا أعتقد أن نظام الهاتف الأسباني يستلزم بعض الوقت للتعود عليه "
هل كان يصدق حقاً ان كريس سيتصل به ليخبره ان انجيلا جاهزة للخروج معه للتجوال في المدينة؟ وربما يرسل إليه سيارة لتحضره ؟ أتراه بمثل هذا الغباء ؟ .
وقفت وقد بدا عليها الانزعاج ثم أسرعت إلى غرفتها . مهما يكن فهي لا تريد قضاء بعد الظهر مع توم لترى كيف ينفجر من الذعر عندما يكتشف مبلغ غلاء أجرة هذا الفندق الذي حجز له كريس فيه . ولم تكن النقود تنقص توم مطلقاً ولكنه كان يكره انفاقها دون ضرورة . ولكنها أيضاً لم تكن تحب أن تمضي الوقت كذلك مع كريس .
أشعرها الاغتسال ببعض الانتعاش وخرجت من الحمام إلى غرفتها حيث فتحت باب خزانة ثيابها المكتظة ، وعبست وهي ترى الملابس التي كانت احضرتها معها . وما لبثت أن أخذت وهي تشعر بالذنب بشكل غريب ، أخذت تقلب الثياب التي كانت خلفتها وراءها عندما تركت المنزل منذ سنوات.
ليس من هذه الملابس ما يناسب قوامها الآن ولكن .. وأخذت أصابعها تتلمس الحرير والساتان ، الدانتيلا ، والمخمل ، والكتان . ثم أخرجت أحدالقمصان الكثيرة التي كانت ابتاعتها .
لم تكن قد ارتدت قط هذا القميص الذي بيدها وعندما أدخلت ذراعيها في الكمين الفضفاضين وشعرت ببرودة الحرير الأخضر تلامس بشرتها شعرت بحيوية غريبة .
شعرت بأنوثتها إلى درجة بالغة وربطت الحزام حولها ثم مشت إلى النافذة المستطيلة لتقفل مصراعيها ، تصد بذلك شمس بعد الظهر القاسية .

Rehana 25-12-15 08:09 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
وتمنت لو لم يفكر توم في القدوم إلى هنا .. وذلك لأسباب عديدة . فحضوره غير المتوقع قد جعلها في موقف صعب تقريباً ، حيث من المؤكد أن أي رجل غيره أكثر حساسية كان يحجز لنفسه أولاً ، غرفة في فندق ما ثم يتصل بها ليخبرها أنه هنا . وهكذا جعلها كريس تراه بعين جديدة ، وذلك بوضع ذلك الرجل في موقف يبدو فيه جشعه وانعدام احساسه .
وما لبثت أن شعرت بالضيق من نفسها للتفكير بهذا الشكل ، فتنفست بعمق وهي تأخذ عهداً على نفسها أن لا تفكر بأي من ذينك الرجلين طوال بعد الظهر هذا . عليها أن تستريح ، وأصبحت الغرفة بإغلاق النوافذ ككهف في أعماق المياه . غاصت بين الوسائد وقد سادها شعور بالأمان ، وما أن اغمضت عينيها حتى عادت ففتحتهما بعنف على صوت كريس يقول : " تبدين غاية في الراحة "
نهضت مستندة إلى مرفقها تقول بحدة : " ألم يعلمك أحد قط أن تقرع الباب قبل الدخول ؟ " لقد شعرت بأن هدوء هذه الفترة قد تشتت ، وهي تراقب بعداء اتجاه عينيه الساخرتين نحو الثوب الذي ترتديه .
أجاب وهو يجتاز الغرفة ، وعيناه على وجهها الثائر : " أقرع باب غرفة نوم زوجتي ؟ تعالي ، تعالي يا عصفورتي عليك أن تتعلمي الاسترخاء "
أجابت : " الاسترخاء في وجودك ؟ لا بد أنك تمزح ، ثم أنني لا أريد منك أن تدعوني بذلك الاسم " ذلك انه ذات يوم ، في الماضي السحيق أو هكذا يبدو لها الآن ، كان يدعوها عصفورته . وكانت تتصور في ذلك الحين ، ان ذلك كان دليلاً على الحب والتدليل ، ولكن ما عرفته بعد ذلك كان مختلفاً .
ورفع هو حاجبيه قائلاً : " هل ترينني شخصاً بديناً أشيب لا أساوي شيئاً ؟ حسنا اذا كان هذا فأنا لست كذلك ؟
هل من الممكن أن يكون ألماً ذاك الذي جعل عينيه تضيقان وفمه يتصلب؟ لقد كانت الغرفه شبه مظلمة ، وكان هو ما يزال يبدو عليه الضيق وهو يجلس على حافة سريرها ، بكل ثقة ويقول لها : " أما أنت فقد كنت وما زلت عديمة النظر ، ربما قد فقدت امتلاء جسدك ذاك ، والذي كان يجعلك أشبه بالعصفورة ولكنك ما زلت جميلة كما كنت على الدوام "
أخذ قلب انجيلا يخفق بعنف ، وأمسكت أنفاسها ، ولم تستطع الكلام ولا الحركة . ذلك لأنها كانت تشعر بالفرح لقربه منها ، وفي نفس الوقت كانت تشعر بالخجل من نفسها لمشاعرها هذه نحوه كما شعرت نحوه بالكراهية وهو يستند إلى أحد أعمدة السرير ومضى ينظر إليها بعينين ضيقتين .
حدقت فيه محاولة أن تنسى تأثرها بوجوده ، وقالت ببطء : " ما الذي أتى بك ؟ ابتعد من هنا " .
وأثارت أعصابها نظرة السخرية التي رمقها بها وهو يقول بهدوء : " كما سبق وأخبرت ذلك الرجل التافه الصغير الحجم ، فإن لديك موعداً بعد الظهر معي فلا تتظاهري بنسيان ما كنا اتفقنا عليه من المحادثة ، وقد اقترحت أنا أن يكون ذلك تحت سقيفة في الحديقة . اتذكرين ؟ على كل, حيث يبدو أنك تفضلين الارتياح في غرفتك .. فليس لدي اعتراض "
هذا صحيح فليس لديه أي اعتراض . وأحمر وجهها أتراه يظن أنها لبست هذا القميص وأغلقت النوافذ ، كل ذلك لأجله لأنها كانت تعلم انه قادم ؟ آه ، انها خيالات الماضي ما زالت تسيطر عليها ، فما أعظم ما تشعر به من الاذلال . قالت بوجه متجهم : " ليس لدينا ما نتحدث عنه ، ليس ثمة فائدة من إثارة الماضي في الوقت الذي استقر فيه أمر المستقبل "

Rehana 25-12-15 08:10 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
قال : " مع ذلك الرجل الصغير المرعب ؟ آه يا انجيلينا لا أظن أن ذلك سيكون أبداً ، هل تعتقدين ذلك حقاً ؟ "
لم تجب ، ورفعت نفسها لتستند إلى الوسائد خلفها ثانية ساقيها تحتها .
وعاد يقول : " هذا إلى انك مدينة لي بالايضاح ، بعد الاتهام الذي كنت وجهته إليّ "
كان صوته ، وهو يقول ذلك ينضح بالشر ، وكأنه ينذرها بأنه لا يريد مناقشة في هذا الأمر .
وفكرت بصمت في أنه ربما معه حق . فكبرياؤه العنيدة البالغة حد الغطرسة . والتي كانت أبرز صفاته لا بد جعل من اتهامه باقتراف جريمة قتل غدراً لأجل المال وليس نتيجة عنف مفاجئ ، اتهام كهذا كان اهانة مضاعفة لرجل مثله .
قالت له وهي تكره نفسها على مبادلته نظراته تلك : " وما الذي تريد مني قوله ؟ انني سأعتذر مرة أخرى اذا كان هذا ما تريد "
فقال : " كلا بل اخبريني ما الذي قيل لك ، ماذا قيل لك بالضبط ؟ "
وتساءلت ، لماذا يريد ذلك ؟ هل لأنه ما زال يتألم لأن جوليا كذبت بهذا الشأن ؟ لقد كان أخبرها بأن تلك المرأة لم تحضر إلى فالنسيا حسب ظنه منذ فترة طويلة . ولم تكن قد صدقته هي ،ولكنها الآن تصدقه وهي ترى محصلة تلك الكآبة المرسومة في عينيه السوداوين ، أتراه نفى جوليا من حياته لأنها كذبت ، لأن كبرياؤه كانت اقوى من مشاعر العواطف عنده ؟ أما زال يشتاق إليها متألماً من بعادها .. رغم هذا ؟
قالت : " حسناً جداً ، إذا كان هذا يساعدك .. " ولكنه قاطعها بصوت خشن متوتر : " ربما . وعلى كل حال ، فأنا بحاجة إلى أن أعرف ، فبهذا تظهر الأمور على حقيقتها "
شعرت بارهاق منعها من أن تسأله عن ما هية تلك الأمور ، وقالت بصوت شارد : " كنت أنت بعيداً " ولم تشأ أن تضيف قائلة أنه مع كثرة رحلات العمل التي كان يقوم بها ، أنه كان دوماً يحرص على أن يكون موجوداً اذا كانت جوليا في منزله . ولكنه لم يكن هناك تلك الأثناء وتابعت قائلة : " جوليا .. " كم ما زال يؤلمها أن تذكر اسم تلك المرأة بصوت عال . وحاولت أن تبدي شيئاً من القوة في صوتها وهي تقول : " كانت جوليا هنا . قالت أنها تظن أن علي أن أعلم انك قتلت أخاك . ذلك أن كل شيء كان قد آل إلى أخيك بيتر بعد وفاة والدك . فأردت أن تسيطر على كل شيء ، وكنت من القسوة بحيث اقترفت جريمة قتل لتحصل على ماتريد ، قالت انها تريد أن تحذرني منك " وارتجفت انجيلا وهي تتذكر صدمتها لما سمعت وعدم تصديقها له في ذلك الحين .
وحاولت أن تنفي ذلك من ذهنها ما دام ليس عليها ان تخبره عن الأشياء الأخرى التي كانت قالتها لها جوليا . فهي لم تستطع أن تحمل نفسها على الحديث عن ذلك ، حتى في هذا الوقت ، بعد أن دفن كل ذلك في أعماق الماضي واصبح حبها المجنون لكريس في خبر كان ، واستقر أمر مستقبلها مع توم .

Rehana 25-12-15 08:11 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
نعم ، لقد كان مستقبلها هذا مستقراً كان كذلك بالتأكيد .
سألها : " وهل صدقتها أنت ؟ "
فهزت كتفيها قائلة : " لا ادري " كم يبدو هذا مخجلا وهي تقوله .وكم يحوي من الخيانة للرجل الذي كانت تحبه ، ولكن مع هذا كان عليها أن تصدق ذلك ، فقد كان هذا عذراً كاملاً .
فهي لم تكن لتستطيع اخباره قط بالحقيقة ، فقد كانت معرفتها بانه كان يستغل حبها الأعمى له ضدها ويخدعها ولم يتزوجها إلا لغرض واحد فقط هو انجاب وريث ، كانت معرفتها هذه تشكل عبئاً رهيباً من الأحزان لم يكن بامكانها تحمله . كانت بحاجة إلى ان تبتعد عن زواجهما محتفظة بشيء من الكرامة . أترى كان عملها ذلك شيئاً مريعاً .
نعم ، ربما كان كذلك ، ربما كان عملها ذاك شيئاً لا مبرر له ، ولكن قبل أن تتأصل هذه الفكرة في ذهنها قالت بسرعة : " لقد قالت انني اذا كان لدي أي شك في ذلك فعلي أن أعود إلى الصحف التي صدرت في ذلك الوقت . لقد كنت انت بعيداً كما قلت ، فعدت إلى لندن وقرأت ما ذكرته تلك الصحف . وكان فيها كل شيء . صورة السيارة عند أسفل الصخور وأخوك ميتاً بداخلها ، صورة مفتاح الاشعال المفقود ، الشكوك حول افتعال الحادث ولكن دون برهان . عودتك السريعة إلى اسبانيا بينما ملأت جوليا الفراغ الذي نشأ عن غيابكما أنت وأخاك ، وكنت أنت في رحلة تقوم بعمليات الاستيراد هناك . وكان ان استلمت هي الادارة من المدير السابق غير الكفؤ الذي أحيل على التقاعد المبكر . وكانت قد ورثت كوخاً على الشاطئ وكنتما أنتما الاثنان تعيشان فيه معها . وكان بيتر غارقاً في حبها ، وكان يظهر ذلك صراحة وكنت أنت تغار .. " وسكتت بسرعة وهي تعض شفتها بعد ان شعرت بنظراته الباردة ثم عادت تقول مصححة كلامها :" تغار من سلطة بيتر في الشركة حيث تنص وصية الوالد على أن يرث هو كل شيء ، بينما تبقى أنت مجرد يد عاملة "
فقال بجفاء بلهجة آمرة ، وعيناه لا تغادران وجهها المضطرب : " لا تسكتي عن الكلام " وتمالكت نفسها فقد كان في تكرارها لكذب جوليا ما جعل شعوراً مريعاً يتملكها . كيف أمكنها أن توحي لنفسها بأنها صدقتها .
وتابعت تقول بلهجة جافة :" في اليوم الذي حدث فيه ذلك وكان يوم أحد ، كنت أنت وبيتر قد ذهبتما إلى المكتب وتبعتكما هي .. ولقد نسيت السبب في هذا . وسمعتكما تتشاجران . سمعت بيتر يقول : (إنني لو سقطت ميتاً ، فستكون أنت سعيداً . إذ سترث كل شيء وأتمنى عند ذلك أن أكون حاضراً لأراك تزيد في تخريب الأمور ، ولكن ليس في امكانك أن تحصل على ذلك بالطريقتين) أو شيئاً من هذا القبيل . لقد مضى وقت طويل منذ سمعت هذا الكلام "
كان هذا صحيحاً ولكنها ما زالت تذكر كل كلمة من الكلمات الأخيرة الرهيبة . " لقد ذكرت أيضاً أنها سمعتك تهدده بالقتل "
قال كريس بكآبة : " لقد قلت ذلك فعلاً ، ولكن ليس بهذا السياق . فقد كان اعترف لتوه بمقدار الخراب والفوضى اللذين الحقهما بالشركة وكنت أعلم مسبقاً أنها ابتدأت بالانحدار منذ استلمها بيتر ، ولكنني لم اكن ادرك مبلغ عمق المستنقع الذي كنا نغرق فيه . لقد قلت له انه كان عليّ

Rehana 25-12-15 08:12 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
ان اقتله لسوء تصرفه بمصالح الشركة .. كان كلام غضب ولا شيء غيره .. ثم تابعت قائلاً إن عليه أن يترك كل القرارات الهامة مستقبلاً لي أنا ، وان عليه أن يتوقف عن الانفاق باسراف على النساء وغيرها من المسرات التي يعتقد أنه لا يستطيع العيش من دونها . وكان سبق وأخبرني .. " وبدا عليه مما ظهر من مرارة على جانبي فمه ، انه يلوم نفسه بشدة . ولكنه هز رأسه وهو يسألها : " وماذا أيضاً قيل لك ما جعلك تصدقين أنني أنا زوجك من الممكن أن ارتكب جريمة قتل ؟ "
وشعرت بأنها تستحق تلك النظرة القاسية التي رافقت سؤاله ذاك . ولكن مسألة ضياع مفتاح الاشعال كان شيئاً غير عادي . وارتجفت وهي تقول له بصوت خشن : " لقد قالت انه بعد فحص سيارة أخيك لم يكن هنالك أثر لمفتاح الاشعال ( السويتش ) وهذا طبعاً كان يشير إلى اشتراك شخص أخر في الأمر . وقد وجدته جوليا في حوزتك ، قالت ان بيتر كان قد ترك الشركة وهو في قمة الانفعال وانك تبعته بسيارتك الخاصة واقنعته بالتوقف ، وأخذت المفتاح ( السويتش ) ، ثم قبل أن يجد بيتر الوقت ليدرك ما كان يحدث دفعت أنت السيارة من فوق الجرف . وقد ألقت هي بالمفتاح بعيداً لأجلك لقد اخبرتني انكما انت وهي الشخصان الوحيدان اللذان يعلمان بما حدث "
فقال وقد بدا عليه السرور تقريباً : " يا للمقدرة الفذة على الابتكار " فحدقت فيه بارتباك . لا بد بالطبع من أن يكون هناك تفسير آخر لمسألة ضياع المفتاح ( السويتش ) ولكنها لم تكن تظن أن من الممكن أن يكون تأثير اكاذيب جوليا عنه شيئاً غير الألم فقد كانا ، رغم كل شيء حبيبين منذ سنوات وكانا ينويان الزواج في النهاية .
قالت بلهجة تنبض عطفاً :" ولكنك طبعاً لم تأخذ ذلك المفتاح "
واتسعت عيناها ذهولاً وهو يرد عليها قائلاً : " ولكنني أخذته . لقد قيل لك ما يكفي من الحقيقة التي تتفق مع ما قرأته في الصحف . وما يكفي من الأكاذيب التي تحملك على تصديق الأسوأ . ولو كنت قرأت ما كتب بعد ذلك عن هذه القضية ، لعلمت أن قرار المحلفين الذي تلا التحقيق النهائي ، أعلن أن الموت قد حدث قضاء وقدراً . لقد تقدمت للشهادة وكررت ما سبق وأدليت به إلى الشرطة . . وهو حيث انني كنت أعلم أنه منفعل وثائر ، وأنه قد تناول حبوباً مهدئة للأعصاب ، فقد تبعته بعد أن ترك المكتب ، وادركته عند المرتفعات الجبلية وحاولت أن اقنعه بأن يدعني أقود به السيارة بقية الطريق إلى كوخ جوليا حيث كنا نسكن ولكنه رفض أن يتزحزح . غير أنه اخبرني بأنه لن يقود أكثر من ذلك . ولكي أتأكد من أنه لن يقود فعلاً فقد انتزعت المفتاح من مركز الاشعال ، ثم عدت بسيارتي إلى المدينة ناوياً اعادته في ما بعد عندما أعود مساءً إلى الكوخ ، آملاً أن يكون قد هدأ في هذه الأثناء . لقد كان كل ما أخبرتهم به هو الحقيقة ولكن ليس كل الحقيقة ، ذلك أن أخي قد انتحر " .
سكت وابتلعت هي كلمات العطف التي أوشكت أن تنطلق من فمها . فهو لا يحب سماعها وخصوصاً منها هي ، ولا شك انه اعتاد الآن عبر السنوات على فكرة موت أخيه وعلى هجرانها لبيت الزوجية بتلك الطريقة وهي تتهمه بقتل أخيه .

Rehana 25-12-15 08:13 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
ولكنها قالت بهدوء تام : " إذن فجوليا لم تلق بعيداً بذلك البرهان ، الذي هو مفتاح الاشعال؟ "
أجاب : " كلا بالطبع ، لقد كانت علمت أن المفتاح لدي لأنني أنا كنت اخبرتها بذلك ، لقد أخذته أنا إلى الشرطة حالما سمعت بما حدث لأخي . أما ما لم أخبر به أحدا قط ، فهو أن بيتر كان يهدد بالانتحار . فقد كان على شفا الافلاس ، وما سمعته جوليا لم يكن سوى جزء من تهديده ذاك . لقد كان يعيرني بعدم الاهتمام قائلاً : بأنني سأكون سعيداً اذا هو مات . وقلت لذلك المسكين بكل غطرسة واذلال أن يسلمني قيادة الشركة ويكف عن الاسراف والعيش كمليونير " ونزل عن السرير ومضى يذرع الغرفة .
ارتجفت انجيلا ، وقالت :" لا تلم نفسك " ولكنه لم يسمعها وعاد يقول :" انني لم آخذ كلامه مأخذ الجد . لقد ظننت أن حديثه ذاك انما كان بتأثير الكآبة التي كان يشعر بها ، وعندما اندفع ذلك النهار خارجاً من المكتب كالعاصفة كان علي أن اتبعه فقد كنت خائفاً عليه ، وكما أخبرت الشرطة أدركته عندما أوقف سيارته في مكان مشرف . لم أخبرهم عن تهديده بالانتحار . ولماذا أفعل ذلك ؟ فأنا لم آخذ تهديده ذاك جدياً . وأنا أعلم أنه كان يفضل أن يظهر أن موته كان قضاء وقدراً وليس انتحاراً ، ما يعني نقص شجاعته في مواجهة ما أفسدته يداه . ولم أناقش الأمر عندما قررت الشرطة أنه حاول الرجوع بسيارته إلى الكوخ ، فمد يده إلى مكان السويتش في الوقت الذي أرخي فيه الكابح .. فهذا شيء يقع فيه أي رجل سبق وفكر مراراً بالانتحار وهو يمر بأزمة نفسية عميقة "
فهتفت انجيلا : " كريس " ذلك أنها لم تستطع احتمال ذلك . فقد كان يبدو شخصاً يتعذب . نزلت بدورها من السرير ومشت نحوه وهي تقول : " عليك أن لا تلوم نفسك لما حدث " كانت تهمس بذلك وقلبها يقطر ألماً لأجله ، ولأجل هذه التهمة السافلة التي كانت تقذفه بها طيلة تلك السنوات لتتخذها ستاراً تختفي وراءه ، لأنها لم تكن من القوة بحيث تدعه يعلم الحقيقة الكاملة. وتابعت تقول : " وربما كانت الشرطة على حق ، وكان الحادث قضاء وقدراً "
فقال :" من يعلم ؟ ان لي آرائي الخاصة . ولكن في النهاية من يعلم حقيقة ما جرى بالضبط . هذا أمر لم يعد يشغل بالي " . وخفق قلبها وهي ترى عينيه اللامعتين تحدقان في عينيها ، وهو يتمتم : " انني متفهم لما حدث ، وأنا اصفح عنك الآن . ان اعتذارك مقبول "
وشعرت برأسها يدور . ما الذي يحاول أن يفعل أو يقول ؟ وشعرت بالدم يجري حاراً في عروقها .
عليها أن تضع حداً لذلك الآن في هذه اللحظة قبل أن يتلاشى عزمها ازاء عواطفها التي ابتدأت في التأجج ، وهذا الشوق الملح . وأشاحت بوجهها عنه وهي تتوسل إليه بصوت مختنق : " كلا ، كلا ، يالك من متغطرس "
فقال : " وهل هذه غطرسة اذن ، فلنستمتع بها معاً ، كفى تفكيرا ً بعقلك ودعي قلبك يفكر عوضاً عنه "
وعندما همس في أذنها :" اقتربي مني يا زوجتي العزيزة " خضعت له دون اعتراض ..


نهاية الفصل الخامس

Hiam 25-12-15 03:41 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
واو شو مثيرة هالفصول بطلنا كان الله بعونه ما بيكفيه خسارة شركته واخوه وكمان تيجيه كمان خسارة زوجته!!!!
بس (اذا متذكرة صح) ليه كان يتركها وينام كل واحد بغرفة تانية؟؟؟ فيه "ان" الموضوع!
يسلموا دياتك ريحانتنا وعساكي خضراء على طول ما تتاخري علينا لاني عم بانسى شو صار وبارجع اقرا الفصول القديمة مرة تانيه 😌

Rehana 26-12-15 08:14 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الخامس )
 
صباح الخير ... عيوني كل اليوم بنزل فصل
نفس السؤال انطرح في عقلي او أنا بدقق الرواية ^-^

Rehana 26-12-15 08:20 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السادس )
 
الفصل السادس

شعرت أنجيلا بأنها تسبح في بحر مظلم من المشاعر والأحاسيس كان رأسها يدور .
لقد حدث لها شيء ما أثناء السنوات الماضية ، وتشوش ذهنهها . وما لبث هو أن أوضح لها الأمر قائلاً : " لقد كبرت يا زوجتي الحبيبة ، انظري كيف تؤثرين بي "
كبرت ؟ واحتبست انفاس انجيلا وتصلب جسدها ، وشعرت كأن ماء بارداً صب فوقها . أتراها أوشكت الآن على أن تتخلى عن كل ما اكتسبته من نضج ومقدرة وقوة إرادة تمكنت معها من أن تقفل باب الماضي ، لتصبح تلك المرأة المستقلة الواضحة الرؤية التي كانت تنشدها على الدوام ، لكي تنسى تلك الفتاة التي لم تكن أكثر من ممسحة أرجل ؟
أصحيح هذا ؟
هل بإمكانها أن تسمح لهذا الرجل بأن يؤثر عليها ؟ هل تسمح له بأن يعود إلى السيطرة عليها كلياً مرة أخرى ؟ هل هي تريد أن يحدث هذا وهي تعلم أن توم على بعدميل واحد على الأكثر منها ؟ هل بإمكانها أن تعرض مستقبلها الذي قررته لنفسها للخطر ؟
وأدارت عينيها بسرعة عن وجهه المتألم . إن الرغبة المحبطة يمكن أن تكون مؤلمة جداً . كانت تقر له بذلك ولكنها لم تسمح لنفسها بأن تهتم .
وعندما حاولت الابتعاد وجدت ساقيها واهنتين لا تكادان تتحركان ، وتساءلت عما إذا كان بامكانها أن تجتار المسافة التي تفصلها عن الحمام دون أن تسقط أرضاً فيكون هذا هو العار الأخير والخزي النهائي المريع .
وسألها : " إلى أين انت ذاهبة ؟" وكان صوته خشناً فأجابته بصوت متوتر : " سآخذ حماماً . لا أريد أن اراك هناك عندما أنتهي . ولا تنتظرني على مائدة العشاء إنني ذاهبة لرؤية توم "
" آه " والتمعت عيناه وهو ينظر إليها من بين أهدابه السوداء الكثيفة وقال متابعاً : " إنني أتساءل عند أي نقطة تذكرت وجوده ؟ " وابتسم ساخراً . فصرفت بأسنانها وقد تأكدت ظنونها في أنه كان مصمماً على أغوائها لمجرد الرغبة في الانتقام ليس إلا .
ألم يخبرها بتصميمه على الانتقام منها بسبب التهمة التي كانت وجهتها إليه منذ أربع سنوات لكي يجعلها تذوق الألم الذي يحيل الروح إلى جماد . وذلك إلى حد جعله ينفق بسخاء على مراقبتها ورفع تقارير إليه عن كل حركة تبدر منها ، والآن ها هو ذا الوقت قد حان لتنفيذ انتقامه .
وجذبت عينيها من عينيه المغناطيسيتين ، ضاغطة شفتيها وابتعدت عنه وصوته يتابعها مرسلاً الرجفة في كيانها ، وهو يقول بنعومة فائقة : " طيري يا عصفورتي فأنا قانع بالانتظار " ولم تشأ أن تسأله عما يعنيه بكلماته تلك . يمكنه أن يكون غامضاً مزعجاً قدر ما يشاء فهي لن تهتم انها تكرهه .

Rehana 26-12-15 08:22 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السادس )
 
عندما انتهت من حمامها وجففت شعرها ، ثم أخذت تسرحه بالمشط ، أحست بيدها ترتجف وحاولت أن تتمالك نفسها . لقد سمحت لنفسها بأن تتجاوب مع جاذبيته الطاغية . ولكن أي امرأة تستطيع المقاومة وبجانب ذلك ما زالت ظروف موت أخيه تؤثر في نفسه بعمق بالرغم من قوله لها أنه تآلف مع هذا الواقع . فإذا هي لم تشعر بالعطف ازاءه وتحاول تقديم المواساة ، فهي اذن خالية من الإنسانية .
ولكن هذه الأعذار لم تخفف عنها إلا قليلاً . وكانت الخشية تبدو في عينيها الذهبيتي اللون وهي في طريقها إلى غرفة النوم ، وكانت شبه متوقعة أن تراه ما زال في غرفتها ، برغم ما سبق من تقريعها له . ولكن الحمد لله أن الغرفة كانت خالية فتنهدت بارتياح .
وجعلتها سرعتها في الخروج من المنزل بليدة الحركات . وزمجرت منزعجة بعد إذ سقط قلم أحمر الشفاه من يدها ليتوارى متدحرجاً تحت الأدراج .
فلتدع ذلك .
فالأفضل لها أن تقابل توم دون أي زينة من أن تغامر بالتأخر . هذا إلى أن توم ليس من النوع الذي يهمه المظهر ، فهو لم ينتبه مره إلى ما ترتدي من ملابس ، كما أنه لم يهتم قط بمظهرها .
في فترة القيلولة كان المنزل ، عادة يغرق في الصمت . وهكذا خرجت إلى الشارع دون أن تصادف أحداً . وهرعت تجتاز الطريق والخشية تتملكها من أن يلحق بها كريس ليرغمها على الرجوع .
ولم تستطع أن تفهم السبب في سماحه لها بالخروج خصوصاً عندما أخبرته أنها ستذهب لرؤية توم .
لقد تأكدت الآن من أن محاولته في اغواءها ، وقد كاد ينجح في ذلك فعلاً ، كان من جراء رغبته في الانتقام ولكنها لم تستطع أن تفهم لماذا خضع بهذه السهولة . لقد كان ينوي ايذاءها ، أن يشعرها بنوع من الألم لن تنساه أبداً . لقد كانت متأكدة من هذا ، فهو لم يكن يرغب فيها حقاً أو يشعر نحوها بأي شيء .. وإلا لكان اتصل بها منذ سنوات ، أنه لم يرغب فيها قط ، بل كان يرغب فقط في الطفل الذي كان يريدها أن تمنحه إياه . لقد كان دوماً يحب جوليا ، نعم ، لقد أراد ذلك الماكر أن يجعلها مدمنة على حبه ، ثم يذلها بعد ذلك إلى أن تعود ممسحة للأرجل مرة أخرى ، هادماً علاقتها بتوم ، ومن ثم يلقي بها خارجاً ، ولكن لماذا سمح لها بالخروج . انها لن تفهمه مطلقاً حتى ولا بعد ألف عام .
وعندما وصلت إلى الواجهة الأنيقة للفندق الذي يقيم فيه توم ، أبعدت كريس وأعماله عن ذهنها الذي أصبح مكرساً الآن لتوم ولنفسها فقط . ولكن عندما أخبرتها موظفة الاستقبال التي كانت سألتها عنه ، أخبرتها عن رقم ومكان غرفته هزت رأسها نفياً ، مفضلة أن ترسل إليه خبراً ثم جلست تنتظره في ردهة الانتظار الفخمة ذات الأرض الرخامية .
قال لها توم وقد بدا عليه وكأنه استيقظ من نومه لتوه : " كان عليك أن تصعدي إلي " وكان وجهه منتفخاً من النوم ولهجته كافية لكي تجعل انجيلا تشعر بالذنب وبالأنانية معاً ولكنها لأمر ما لم تستطع تفسيره حتى لنفسها شعرت بالكراهية لأن تكون معه بمفردهما .

Rehana 26-12-15 08:23 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السادس )
 
فاستدارت قائلة : " ان ثمة أشياء كثيرة تستحق المشاهدة هنا في جونيز ، ويجب أن لا نضيع لحظه حيث ستكون هنا لوقت قصير فقط " أترى ذلك يبدو وكأنها تريده أن يعود إلى انكلترا بسرعة ؟ وكانت تتسائل عن هذا عابسة لنقص اللباقة في حديثها وقالت بسرعة : " إنني أعرف مقهى قريباً بامكاننيا أن نتناول كوباً من الشاي "
ولكن حتى هذا الاقتراح الذي قدمته بكل ما تملك من رقة ، لم يستطع أن يذهب بالاستياء الذي كان مرتسماً على ملامحه . وسرعان ما علمت السبب بعد أن خرجا من الفندق إلى الشارع حيث قال متذمراً : " إنني سأخرج من هذا الفندق حال استيقاظي من النوم غداً صباحاً . لقد أوشكت أن أصاب بصدمة حيث قرأت التعرفة . انني لا استطيع فهم السبب الذي جعل كريس يحجز لي غرفة في هذا المكان "
وفكرت أنجيلا في أن باستطاعتها هي أن تفهم ذلك ، لقد كان كريس قد جمع من المعلومات عن توم ما يكفي لكي يعلم كرهه لانفاق نقوده . ولكنها أبعدت عن ذهنها هذه الأفكار المرعبة وقالت : " فلنجلس هنا فترة ، ثم نتمشى بعد ذلك متنزهين أو نتفرج على الأشياء التي تفضلها ، يوجد هنا الكثير من المتاحف والأماكن الرائعة الجمال و ... "
فقاطعها معترضاً : " إن حرارة الجو لا تسمح بذلك " ولم تشأ أن تقول له أنه ينبغي أن يخلع سترته الصوفية هذه ويرتدي شيئاً أكثر بساطة وبرودة . ولكن إذا كان مصمماً على أن يكون نكد المزاج فإنها مصممة مثلة على أن تقابل ذلك منه ببالغ اللطف والهدوء . ذلك أنها ما زالت تشعر بالذنب لسلوكها مع كريس .
وكان مقهى الرصيف الذي جلسا فيه ، ما يزال كما تذكره منذ سنوات . وكان الشاي الذي يقدمه مازال شاياً انكليزياً حقيقياً حسب وصف توم له ، كما شعر بالرضى لثمنه المعتدل .
ابتسمت وهي تسأله : " هل تشعر بتحسن الآن ؟ "
فابتسم لها قائلاً : " آسف لكوني كنت نكداً ضيق الخلق ، عليك فقط أن تجدي لي مكاناً آخر أقيم فيه ، فما الذي يدفعني إلى دفع هذه الأجرة فقط للنوم . إن بإمكاني أن ألقي رأسي في أي مكان شرط أن يكون نظيفاً ومريحاً بشكل معقول "
فأجابت وهي تتنفس بعمق بذهن شارد : " طبعاً " ذلك لأن ابتسامته لم تبعث فيها أي احساس ، وتساءلت عن السبب في أنها لا تذكر أنه سبق وأثار فيها أي شيء من ذلك . أتراها وافقت على الزواج منه لاعتقادها في لحظة ضعف أنه ينقصها الشعور بالأمان في منزل خاص بها ، وكذلك لتكوين أسرة ؟ أترى تغير شخصيتها هذا الذي جاهدت في سبيل الحصول عليه قد أنساها جمال الحب وروعة نسيان العالم كله مع الحبيب ؟
وتحركت في مقعدها بضيق ، وقد توهج وجهها وهي تتذكر كيف أطلقت العنان لتصرفاتها ومشاعرها مع كريس منذ ساعتين ، وذلك بشكل لا يبرره أي عذر .
قال لها :" يبدو عليك أنك تشعرين بحر شديد ، كان ينبغي عليك أن تتناولي فنجاناً من الشاي فهو يبرد الجسم كما ثبت ، من أي شراب بارد " قال ذلك لأنها فضلت الشراب البارد عن الشاي .
فقالت بحدة : " أحقاً " انها ستصرخ لو قال الآن أن الشاي أرخص ثمناً .

Rehana 26-12-15 08:23 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السادس )
 
أغمضت عينيها وقد شعرت على الفور بالندم لحدتها هذه . ذلك أنه سبب لها الانزعاج منذ قدومه ، ومازال شعورها كما هو . انها لا تعرف ماذا جرى لها وقال توم وكأنه يتهمها بشيء خفي : " لم يسبق أن اخبرتني بأن فورد مفرط الثراء "
فأجابت : " وهل كان ينبغي علي ذلك ؟ " ولم تستطع أن تفهم ما دخل ثراء كريس في الأمر . وجعله ما بدا على وجهها من حيرة يقول لها : " إنك بحاجة إلى من يرعى أمورك يا حبيبتي " وأشار إلى النادل يلفت نظره إلى فنجانه الفارغ وهو يقول بعد أن فتح قاموس الجمل المترجمة : " املأ هذا من فضلك " لافظاً هذه الجملة بأعلى صوته وكأن النادل المسكين أصم ، ثم أغلق القاموس وقد بدا عليه السرور من نفسه ، وهو يتابع قائلاً لها : " كان عليك بالطبع أن تخبريني " ومال على المائدة يقول بصوت منخفض وكأنه يخشى أن يسمعه أحد : " ان هذا يجعل الأمر مختلفاً إلى درجة كبيرة تماماً في الحقيقة . لم يسبق لك قط أن أخبرتني الكثير عنه . لقد كنت دوماً اتصوره رجلاً متشرداً عاطلاً عن العمل تقريباً . ولكن نظرة واحدة إلى ذلك المنزل الذي يعيش فيه وطريقة حياته ، وخصوصاً ذلك الغداء الذي قدمه ، هذا عدا عن السيارة التي اوصلتني إلى الفندق .. كل ذلك دفعني إلى التفكير . وعندما دخلت إلى غرفة الاستقبال في الفندق أخذت أتحدث إلى الموظف والحمد لله أنه كان يعرف شيئاً من الانكليزية ، واستعلمت منه عن بعض الأمور بالنسبة إلى فورد الذي يبدو أنه رجل محترم جداً هنا ، إذ يملك احدى أهم شركات التصدير في البلاد . ان بإمكانك أن تطالبيه بمبلغ حسن عند الطلاق كهبة قانونية .. "
فقاطعته بيأس : " أتظن ذلك حقاً ؟ " ذلك أنها لم تطمع بشيء قط من كريس ، ما عدا حبه ولما لم يكن بمقدوره منحها ذلك فهي لم تطلب أي شيء آخر .
ورد توم عليها قائلاً : " انني لا أظن ذلك فحسب ، وإنما متأكد منه .. " وسكت عندما رأى النادل يعود إليهما بشاي جديد .. ثم تابع بعد ذلك قائلاً : " يا لك من امرأة ، كان بإمكانك الحصول على نفقة ضخمة طوال تلك السنوات ، انني لا أدري سبب انفصالكما .. فأنت لم تخبريني قط بتفاصيل ذلك .. ولكن بعد مقابلتي له ، إلى معرفتي بك جيداً أراهن بحياتي على ان الذنب في انفصالكما هو ذنبه " ودفع إليها بفنجان الشاي ، فحدقت فيه عابسة لأنها لم تكن ترغب فيه ، بينما كان توم يقول : " حال عودتنا إلى انكلترا ، سنتخذ محامياً ماهراً ، أنسي مسألة الطلاق هذه السنة ، ودعيه يمط بالأمر قد ما يريد فباستطاعتي الانتظار ، اننا نحن الاثنين سنعود إلى الوطن غداً حيث نحاول أن نستخلص منه كل قرش نستطيعه ثم .. "
" كلا " صدرت هذه الكلمة عن انجيلا بلهجة باردة حاسمة ، ثم تابعت قائلة : " إنني لا أريد شيئاً منه لا شيء مطلقاً " وهتف صوت من اعماقها يذكرها قائلاً حتى ولا حبه ؟ ولكنها هزت رأسها تبدد بذلك هذه الأفكار من ذهنها ، محاولة تجاهل هذه الحقيقة غير المرغوبة وعادت تركز اهتمامها على توم . ولكنها رغم جهودها البالغة لم تستطع أن تستعيد بالنسبة إليه ذلك الشعور الدافئ بالمودة .

Rehana 26-12-15 08:24 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السادس )
 
ما الذي جعلها تفكر بالزواج منه ؟ هل كانت حقاً شاعرة بكل تلك الوحدة ، والاستماتة في سبيل امتلاك منزل خاص وأسرة ؟ .
إن عودتها إلى جونيز ورؤيتها كريس مرة أخرى وعودة رغبتها فيه كل ذلك جعلها ترى نفسها وعلاقتها مع توم على ضوء جديد . فاتحا عينيها على الحقيقة .
ان سحر الحب والشعور بالإنتماء إلى رجل واحد ما زال هناك بنفس العنف والقوة اللذين تملكاها لدى أو لقاء لها مع زوجها . ولا بد أنها شعرت بذلك إلى حد ما ، منذ اللحظة التي رأته فيها يتقدم لاستقبالها في تلك القاعة الضخمة لحظة ووصولها .
وفكرت يائسة في أن هنالك شيئا آخر ، وهو أنها ما زالت تحبه . لقد حاولت أن تنكر هذا ، ولكن أي شيء سوى هذا يفسر قبولها إصراره على بقائها معه تلك المدة التي اشترطها ، والإشمئزاز البالغ الذي شعرت به عندما كشف توم لها عن خطته لاستنزافه ماليا قدر إستطاعته ؟ ورفعت عينيها إلى توم بإكتئاب . كان يبدو عليه وكأن يجاهد في السيطرة على انفعالاته . وتساءلت عن السبب الذي تحطم فيه زواجه الأول . ولكنها لم تشعر باهتمام يدفعها إلى البحث في ذلك . وكررت قولها , وهي تعلم أن هذه هي نهاية كل ما كان بينهما من وهم وخداع بالراحة والاستقرار .. كررت قائلة : " كلا "
فقال : " اسمعيني " ورأت أنه يجاهد للاحتفاظ بصوته هادئاً ، وتساءلت كيف بإمكانها أن تخبره بانتهاء كل شيء بينهما ، وما سبق وقرراه بالنسبة لحفلة الزفاف .. آمالهما في المستقبل كل شيء . وفي النهاية لم يكن عليها أن تفكر في ذلك ، لأنه عندما رسم ابتسامة على وجهه وهو يقول لها :" إنني أعلم أن حب المال ليس من صفاتك ، وكان هذا ما يعجبني فيك على الدوام . ولكن يجب أن لا تسمحي له بأن يستغلك فهو مدين لك وأنا سأقوم بالأمر بنفسي لكي أجعلك تجمعين .. على كل حال ، يمكنك أن تطمئني إلى وضع هذا الجانب من أمورك بين يدي ، إذا كنت حساسة من هذه الناحية " وعندما قال ذلك . أجابته على الفور ودون تفكير :" إنني آسفة ولكن لم يعد هناك مستقبل يجمعنا " ولكنها لم تكن آسفه في الواقع ، إذ سرعان ما شعرت بنفسها حرة طليقة . كيف أمكنها قط أن تعتقد أن بإمكانهما العيش معاً بسعادة وارتياح ؟
وبدا عليه الذهول لحظة ، ما شعرت معه هي بشيء من الإشمئزاز من نفسها . كان بإمكانها أن تنهي ما بينهما بطريقة أكثر لطفاً ورقة ، بالنسبة إلى ما كان بينهما من صداقة ، ولكن هل بإمكانها أن تخبره بأن الساعات القليلة الماضية قد فتحت عينيها على صفات فيه إما أنها لم تلحظها من قبل ، وإما أنها كانت تختلق لها الأعذار ؟ وأنها الآن أصبحت تراه على حقيقته ، شخصاً خسيساً طماعاً مدعياً ؟ إنها لا تريد أن تؤلمه بذكر كل هذا .
وقال أخيراً وقد بدا عليه الغيظ أكثر من التألم : " إنني لا أدري ما الذي تتحدثين عنه ، لماذا لم يعد هناك مستقبل يجمعنا معاً ؟ هذا ما أريد أن أعرف ، لقد كان ذلك ممكنا ً قبل عشر دقائق .."
فقاطعته قائلة : " توم .. إن زواجنا لن ينجح ، إن الحب بيننا غير موجود ، وستكون النهاية أن يتسبب الواحد منا بتعاسة الآخر " .

Rehana 26-12-15 08:25 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السادس )
 
ذلك أن أحداً منهما لم يأت على ذكر الحب ولو مرة واحدة . انها ترى الآن أنهما بشكل ما ودون أي مبرر ، وجدا نفسيهما منساقين إلى التفكير في الزواج والعيش معاً عندما تحرر ، وهي تدرك الآن أن ذلك قد لا يكون كافياً بالنسبة إليه ، وليس كافياً بالنسبة إليها ، ولأنها تعرف تماماً ما هو الحب ، فإنها لن تقبل بأقل منه .
وعاد يقول وهو ينفخ غيظاً وقد ازداد احمرار وجهه : " ومتى توصلت إلى هذا القرار الخطير ؟ كنت أظنك امرأة راشدة ، ولكنك تتصرفين كالأطفال . ان ما يصنع الزواج الناجح هو شيء أكثر مما يسمى الحب الذي لا يدوم كما تعلمين . وعندما يذهب هذا ، ما الذي يبقى لك ؟ اننا نحن على الاقل نعرف أين نضع أقدامنا " ومال إلى الأمام قاصداً اقناعها بقوله وهو يحاول أن يبتسم : " انك تعلمين أن المودة والاحترام يربطان بيننا ولنا هدف واحد .. سيكون لدينا أطفال بالطبع ، اننا نريد أن يكون لدينا اثنان ، أليس كذلك ؟ وبوجود مبلغ تعويض الطلاق الضخم ، سيكون بإمكاننا الانجاب بمدة أسرع مما كنا قررنا .. "
فقاطعته بوجه جامد : " كلا ، إنني آسفه لهدم كل ذلك فجأة بهذا الشكل ، ولكن هذا هو كل شيء ، ولا تسألني أي ايضاح . فقط أقبل هذا والذي هو أفضل لكلينا "
فقال وقد توترت شفته بحقد : " أفضل بنظر من ؟ بنظرك أنت بالطبع . وليس عليك أن توضحي شيئاً . فإن بإمكاني ادراك كل شيء " وبدا عليه الغضب والاشمئزاز ، ولكنها تقبلت كل ذلك معتبرة أنها ربما تستحقه أو تستحق بعضه على الأقل . بينما كان هو يتابع قائلاً : " لقد جئت إلى هنا لتطلبي منه الطلاق شخصياً ، وذلك رغم كل نصائحي ، بينما كان من الممكن أن يتم كل شيء بواسطة محام وبهدوء تام ، ولم أفهم السبب في ذلك الحين ، ولكنني فهمته الآن . فأنا لم أكن أعلم أنه بهذا الثراء المفرط ، إنما أنت كنت تعلمين . وهكذا صممت أنت على محاولة إجراء صلح بينكما . ذلك أن راتبك لا يعتد به ، كما أنه ليس باستطاعتي أن أوفر لك نوع الحياة التي يستطيعها هو . وهكذا جئت إلى هنا . تقولين إنه أصر على بقائك هنا عدة أسابيع وإلا فلن يوافق على طلاق قريب .. فما هذا الكلام؟ وهل تسخرين مني آملة أن أصدقك؟ ربما أنت رفضت ترك منزله بينما هو لم يكلف نفسه عناء طردك منه ، ولكن تأكدي من أنه سيفعل ذلك ، وماذا يريد رجل مثله من أمرأة مثلك ؟ " ووقف بعنف ، فانقلب الكرسي على الرصيف بينما كان يتابع قائلاً : " عندما أفكر في ما أنفقته من نقود في القدوم إلى هنا ، ظاناً انك قد تكونين بحاجة إلى المساعدة للتخلص منه ، هذا عدا عن المبلغ الباهظ الذي علي ان ادفعه اجرة الغرفة في ذلك الفندق "
وبدا عليه وكأنه سينفجر ثائراً ، ولكن انجيلا لم تشعر بالأسف لأجله . كيف يجرؤ على القول بان كلامها عما اشترطه عليها كريس كان كذباً ؟ كيف يجرؤ على اتهامها بالجشع إلى المال ؟ وحدقت فيه بنظرات باردة . ثم قالت بلهجة صارمة : " أرسل إلي قائمة الحساب " وأخذت تنظر إليه وهو يبتعد عنها بثيابه غير المناسبة ، وتساءلت عما إذا كان بإمكانه أن يجد طريقه إلى الفندق من خلال هذه الشوارع الضيقة المتعرجة .

Rehana 26-12-15 08:26 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السادس )
 
ولكنها لم تهتم كثيراً بذلك بل شعرت بالبهجة بنشوة الحرية .. وجلست برهة برد معها الشاي ، بينما كان الجالسون في المقهى حولها ينظروون إليها ، وما لبثت أن دفعت الحساب ثم أخذت تطوف في أنحاء المدينة العتيقة دون هدف ، وقد ابتدأت الحياة تدب في الشوارع ، بعد أن برد الجو والمتاجر تفتح أبوابها .
كانت تشعر بالرضى ، وبأنها تماماً في وطنها في هذه المدينة الخلابة التي سبق واعتبرتها مدينتها . ونبذت عنها كل الأفكار لتستمتع بكل لحظه تمر بها ، إلى أن أقبل الغروب فجلست في مقهى على الرصيف ثم طلبت كوباً من العصير .
لقد كان النشاط يدب في كل مكان ، وكانت هي تعلم بالتجربة أن سكان المدينة مولعون بالخروج عند حلول المساء للتنزه والمتعة ، كما كانت هي تشاركهم شعورهم هذا . ونهضت أخيراً ككثيرين من الجالسين حولها ، لتسير في ذلك المنتزه الفسيح الجميل إلى أن تعبت قدماها فاتكأت على الحاجز الصخري للمتنزه تستمع إلى تأوهات البحر والأمواج تتخبط فوق الصخور .
كان المنتزه مزدحماً بالناس الذين كانوا يستمتعون ويسيرون جماعات . وفجأة ودونما سبب ظاهر شعرت بالإكتئاب يغمرها .
ان عليها أن تعود إلى انكلترا بعد أن لم يعد ثمة سبب لبقائها إذ لم يعد مهماً سواء وافق كريس على الطلاق أم لا ، فهي لن تتزوج من توم ولا أي شخص آخر . لن يكون في امكانها ان تحب شخصاً آخر بعد كريس .
فهل كان توم على حق ؟ أتراها اصرت على القدوم لمقابلة زوجها لطلب الطلاق شخصياً رغم كل منطق . لأنها كانت في أعماقها تريد الصلح معه ؟ ولكن ليس لأسباب مادية كما قال ، بل لأنها ما زالت تحبه أكثر من الحياة نفسها . فهي لم تتوقف عن حبه طوال السنوات الماضية .
ورغم محاولاتها اقناع نفسها بأنه قاتل ، في حين كانت تشعر في اعماقها بأنه ليس ممن يرتكبون مثل هذه الجريمة.
كانت تتخذ من هذا ستاراً تخفي خلفه الحقيقة التي لم تستطع النطق بها ، وهي أنه كان يتخذها وسيلة لانجاب وريث له ، لأن المرأة التي يحبها حقاً لا يمكنها الإنجاب .
ولكن هذا الأمر لم يتغير ، فلقد سار بها خطوة بعد خطوة ، خلال موت أخيه المفجع ، طالباً منها أن تخبره بكل ما سبق وقيل لها عن ذلك بالتفصيل . ولكنه لم يقل شيئاً ينفي عنه التهمه بأنه كان على علاقة بتلك المرأة طوال مدة زواجهما ، مستغلاً إياها ، هي انجيلا البسيطة بكل تلك القسوة وذلك إلى حين اكتشف كما يبدو كذب جوليا بالنسبة إلى اتهامه بالقتل .
كلا ، لم يتغير شيء بهذا الخصوص ، وامتلأت عيناها فجأة بالدموع ، فأخذت تقاومها بعنف ، وهي تسمع صوت انصفاق باب سيارة وصوته يناديها . استدارت لتواجهه والتعاسة تغمر فؤادها .


نهاية الفصل السادس

Hiam 26-12-15 02:26 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السادس )
 
شكرا ريحانه رح اقرأ هالفصل بانتظار الفصل الجديد بكرة
على فكرة هي كم فصل؟

Rehana 27-12-15 06:46 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السادس )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Hiam (المشاركة 3584823)
شكرا ريحانه رح اقرأ هالفصل بانتظار الفصل الجديد بكرة
على فكرة هي كم فصل؟

العفو عزيزتي
هي عشرة فصول :toot:

Rehana 27-12-15 06:48 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السابع )
 
الفصل السابع

كان واقفاً في دائرة ضوء مصباح منبعث من تلك المصابيح الكثيرة التي تقوم على امتداد الحاجز الحجري ، بينما كانت سيارته المرسيدس الفارهة خلفه . وكان الضوء يبرز كل الخطوط الخشنة في ملامحه الجميلة .
وقال آمراً : " ادخلي "
كان من الحماقة أن تتمرد على أمره الخشن ذلك ، ذلك إن إشارة يده تلك النابضة بالسلطة ، هذا إلى رؤيتها المفاجئة له كل ذلك جعلت خفقات قلبها تتسارع ، كما جعلت الوهن يدب في ساقيها . وهكذا سارت إلى السيارة وقد رفعت رأسها دون أن تنظر إليه .
لم يقل شيئاً وهو يجلس بقربها ليخرج بالسيارة إلى زحمة الشارع . ولكن الشرود القاسي الذي كان بادياً على جانب وجهه القوي ، أنبأها كل شيء وهو أن كريس فورد لم يكن يهزل .
جلست في مقعدها الفخم متصلبة الجسم ، وهي تحدق أمامها دون أن ترى شيئاً . كان يدور في نفسها صراع بين ذكرى تلك الدقائق الرومانسية التي أمضتها معه في غرفتها منذ ساعات ، وبين علمها بحبها اليائس له ، وضرورة عودتها إلى بلادها صباح الغد ، في أبكر وقت ممكن . وسرها أن لاذ هو بذلك الصمت المشحون إذ ما كانت لتستطيع الجواب لو أنه كلمها بشيء .
كانت تشعر بحاجة ماسة إلى البكاء ، وستفعل ذلك ولكن ليس الآن . سيأتي وقت الدموع فيما بعد ، دموع الندم لكل هذه التمنيات بالحب نحوها ولو مرة واحدة ، فيرى فيها شيئاً غير كونها جسداً سليماً يحمل له وريثاً . لو أنه فقط لم ينغمس في حب جوليا وما زال ، في أعماق فؤاده ، نادماً لثورة كبريائه تلك التي أرغمته على قطع علاقته بها بعد أن رآها تنشر عنه تلك الأكاذيب الشائنة عنه وعن طريقة موت أخيه .
ولكن كان هنالك شيء واحد مؤكد وهو انها ستسافر غداً . وهذه المرة سيكون الفراق فيها نهائياً . لن تكون هناك فرص أخرى ، ولا آمال خفية لم تكن تدرك من قبل انها كانت دفينة في أعماقها ، لا أوهام بعد الآن .
انها لن تراه بعد الآن أبداً .
ولكنها لم تستطع أن تجعل من هذا الصمت المؤلم آخر ذكرى تحملها له . وهكذا سألته فقط لتبدد هذا الصمت المريع : " كيف وجدتني بين كل هذه الجموع الحاشدة ؟ أم أن الأمر كان مجرد صدفة ؟ وانك لم تكن في الواقع تفتش عني ؟ "
فأجاب : " بل كنت أفتش عنك "
فنظرت إليه بجانب عينيها لترى شفتيه ملتويتين ، كما رأت على ضوء مصابيح الشارع ، خطوطاً كونها الاجهاد على ملامح وجهه . أتراه كان قلقاً عليها ؟ آه لماذا هي لا تفتأ تتعلق بالأوهام ؟ فهي تعلم أنه لم يسبق أن اهتم بها قط . والآن قد أصبح اهتمامه أقل من ذي قبل ، هذا إذا كان ثمة شيء من الاهتمام ، فلماذا يقلق إذن ؟

Rehana 27-12-15 06:48 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السابع )
 
وقالت : " ما كان لك أن تزعج نفسك ، فأنا لم أتاخر كثيراً " وجاهدت في أن تصحب كلماتها هذه بشيء من البشاشة ، مصممة بذلك على أن تمضي الدقائق القليلة الباقية لهما معاً بغاية التهذيب .
ولكن يبدو أنه لم يكن يفكر بهذه الطريقة ، لأن صوته كان لاذعاً وهو يرد عليها قائلاً : " ولكنني أزعجت نفسي فعلاً . فأنا أطوف في الشوارع منذا ساعات أبحث عنك وعن ماكلين . حتى إذا رأيتكما معاً ، علمت أنكما لستما معاً في الفندق " وانحرف بالسيارة في زقاق بالغ الضيق ، ثم عاد يسألها بحدة :" على كل حال ، أين هو ؟ "
وغلى الدم في عروقها ، ياله من أثيم ، إنه يبدو وكأنه يهتم بها حقاً . ورفعت أناملها تضغط صدغيها اللذين أخذا ينبضان بالألم . ولكن ، نعم إنه يهتم بذلك فعلاً لأنه إذا كان وجدها في غرفته ، فسيعلم من ذلك أن خطته الخبيثة لم تنجح ، فليذهب السلوك المهذب بعيداً اذن . وردت عليه بمرارة :" إنه في طريق العودة إلى انكلترا . انك دمرت علاقتنا بطريقة ما . أليس هذا ما سعيت لأجله ؟ "
وتردد لحظة لا تعدو جزءاً من الثانية ، وكأنه يحاول فيها استيعاب ما تقول ، قبل أن يجيب معترفاً بقوله : " نعم ، ولكن لا تلوميني لقد حفر ذلك الرجل البدين قبره بيده " ثم تابع برقة : " إنني لم أفعل سوى أن وضعته في موقف يبدو فيه جشعه وذهنه الخسيس أمام عينيك الذهبيتين الجمليتين ."
وفكرت أنجيلا وهي تصرف بأسنانها ، في أنه ما زال لا يعرف كل صفاته تلك ، واغمضت عينيها إزاء صداعها الذي كان مستمراً في ازدياد . انها لا تريد ان تخبره بأن توم كان يلح عليها في ان تنتزع منه مبلغاً ضخماً نفقة وتعويضاً . كلا انها لن تخبره بشيء من ذلك ، لقد بقيت عاماً كاملاً من حياتها تريه مبلغ حبها له . كل لمحة من عينيها الهائمتين كانت تعلمه بأنها ملك له ، وذلك لدرجة ان بإمكانه ان يدوسها بقدميه إذا كان هذا يسره ، وكم كان يسره هذا فعلاً . انها بتأملها في ماضيها ذاك ، تدرك كم كان سلوكها ذليلاً حقيراً ، لقد كانت ممسحة لرجليه لدرجة تعجب معها الآن كيف تمكنت ، بعد ذلك ، من أن ترتفع بنفسها عن الأرض .
ولكن هذا لن يحدث أبداً بعد الآن . انها لن تجعله أبداً يأخذ فكرة مهما صغرت عما كانت تشعر به نحوه .
وانتبهت مجفلة والسيارة تقف بهما أمام باب المنزل . وكان رأسها الآن ينبض بالألم بشدة . ومع هذا ، فقد بدا علي كريس غاية الارتياح وهو يستدير نحوها وقد مد ذراعه على ظهر المقعد . لقد تلاشي الآن كل ذلك التوتر والانزعاج اللذان كانا يكسوان وجهه في البداية ، ولمعت عيناه في ضوء مصابيح الباحة التي كانت تنعكس عليهما ، لمعتا وهما تنظران إليها بابتسامة عابثة .
وعندما كان ينظر إليها بهذه الطريقة لم تكن تثق به ، ولا بنفسها . وأشاحت بوجهها تتلمس مقبض الباب وهي تجفل للألم الذي وخزها في صدغيها ، ثم نزلت من السيارة وفي ثوان كان يقف بجانبها . ومع أنها انتبهت لصوت انصفاق الباب ، فقد اعجزها دوار اصابها عن الحركة .
وهتف وهو يمسك بها يديرها ناحية الضوء وقد بدا الاهتمام في عينيه : " ما بك ؟ "

Rehana 27-12-15 06:49 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السابع )
 
ولا مت نفسها للضعف الذي بدا منها ، فقد كانت تريد أن تذهب إلى غرفتها مباشرة ، لتباشر في حزم امتعتها لتسافر في الصباح الباكر ، ولكن ها هي ذي هنا مخلوقة ضعيفة تستند إلى ساعده القوي . وكان يهمس برقة : " ما أشد شحوبك ، هل أنت مريضة يا عصفورتي الصغيرة ؟ "
فأجابت : " كلا " وتمالكت نفسها بجهد . وبالكاد منعت نفسها من أن تطلق لدموعها العنان مسلمة نفسها إليها كلياً .
فقد كان حبها له أكبر من ان تقاومه ، ولكن كان عليها أن تكافحه ، لأنها إذا لم تفعل ذلك فستجد نفسها تفشي كل شيء ، فتخبره أنها مازالت تحبه وستحبه على الدوام ، متوسلة إليه بأن يلقي إليها ما يتخلف لديه من فضلات والتوى فهمها اشمئزازا من نفسها .
تراجعت عنه عدة خطوات وهي تقول : " صداع بسيط لا أكثر " وترنحت في مكانها والصداع يشتد ويشتد ، أمسك بيدها ليساعدها على الدخول إلى المنزل ، ولم يتركها إلى عندما وصل إلى غرفتها ثم صرخ ينادى آن .
ووضعها على السرير بكل لطف ، ثم أنحنى يخلع حذاءها ثم انتصب واقفاً وابتعد عنها .
واغرورقت عيناها بالدموع . لماذا لا تستطيع أن تتوقف عن حبه ؟ لماذا سمحت لنفسها بأن تنتابها هذه الدوامة من المشاعر ؟ ثم أخذت تشتم نفسها لشعورها بالارتياح لرؤيته بعد لحظات .
وعندما حاولت أن ترفع نفسها نحو الوسائد خلفها ، قال بلهجة آمرة : " استلقي دون حراك " وحاولت أن تتمكن من القول له أنها بخير تماماً ، وأن تطلب منه مغادرة غرفتها "
ولكنه ، بعد أن أمرها بذلك جلس على السرير بجانبها ومد يده يتخلل شعرها بأصابعه وعيناه مسمرتان على وجهها ، ثم أحضر منشفة مبللة بماء بارد وأخذ يمسح بها جبينها . ولطف عمله هذا من الصداع ، وجعلها تشعر برغبة في النوم ، ولكنها لم تجرؤ على الإسترخاء . وأدركت أنها على حق في الحذر لنفسها ، عندما قال لها بجفاء : " من الواضح أن ليس بإمكانك الاستجابة إلى ما يدرو في رأسي ولكن هناك الغد . أليس كذلك ؟ " وأغمضت عينيها تطرد من نفسها الشعور الدافئ الذي تملكها وهي تنظر في وجهه لا تريد أن تفكر في ما يدور في رأسه . وقالت :" إنني مسافرة غداً ، فدعني أحزم أمتعتي "
كانت تفكر في أن يرغمها على البقاء إذا هي صممت على السفر . ولماذا يفعل ؟ صحيح انها كانت منعته من أن يستمر في غوايتها إلى النهاية ، ولكن هذا لا يعني له شيئاً كثيراً وقد لا يعني شيئا على الإطلاق . فهو بإمكانه إما أن يأخذها أو يتركها ، فهذا لا يهمه كثيراً . ذلك أنه أنجز ما كان خطط له ، وهدم علاقتها بتوم ، وهذا هو المهم بالنسبة إليه بكل تأكيد .
وكانت هي بدورها دون قصد السبب في تحطيم علاقته بجوليا حين أخبرته عن الأكاذيب الشائنة التي أخبرتها بها حبيبته تلك عنه ، وذلك في محاولتها الناجحة للتخلص منها ، هي زوجته غير المرغوب فيها ، وهكذا تم انتقامه منها حين أخبرته بفصم علاقتها بتوم ، وقد توقعت منه لدى إبداء رغبتها بالسفر ، أما هزة عدم اهتمام من كتفيه وأما تقديم عرض مؤدب, يبطن التهكم في أن يأخذها بسيارته إلى المطار ،

Rehana 27-12-15 06:49 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السابع )
 
ولكن ما أجابها به هو : " انك لن تذهبي إلى أي مكان إلا إذا كنت أنا معك "
وكان الصداع من الألم بحيث منعها من أن تفهم شيئاً ، وكانت أصابعه مازالت تمسد جبينها وتزيد من شعورها بالخمول . وعندما هم بالكلام تصاعد الطرق على الباب .
كانت آن ، وقد أقبلت تحمل حليباً دافئاً وعلبة تحوي حبوباً مهدئة للألم . وحملقت في وجه انجيلا ثم هتفت بها غاضبه : " انك لم تتناولي عشاءك وهذا سبب ما تشعرين به من صداع ، خصوصاً وليس ثمة لحم يكسو عظامك " ثم قالت لكريس : " أما بالنسبة إليك ، فكان عليك أن تهتم بهأ أكثر من ذلك . وسأحضر إليها الآن صينية عشاء "
فقال : " شكراً يا آن ، فهذا يكفي الآن ، وإذا أرادت السيدة طعاماً ، فسأعلمك بذلك "
فأجابت : " (إذا) ؟ لا يجب أن تكون كلمة (إذا )هذه ، وسأحضر لها .. "
ولكن نظرة تحذير باردة من تلك العينين السوداوين أرسلت تلك المرأة هاربة من الغرفة ، وهي تتعثر في سيرها ، بعد إذ أدركت انها تمادت في الأمر . وعضت انجيلا على شفتها وقد أدركت أن آن لن تعود بعد ذلك الطرد الحازم ولما كان من عادته أن يحتمل لسانها السليط ، فقد كان ذلك بشرط أن لا يتعارض مع رغباته . ولا شك أن ترددها على الغرفة لم يكن يناسب ما في نيته . ولا بد أنه لأمر ما يهدف إلى بقائهما في الغرفة بمفردهما .
كان الصمت مزعجاً . ولم تحتمل التوتر الذي كانت تشعر به ويزيد من شعورها بالمرض . ولكن كريس لم يبد عليه الاهتمام . فقد كان يذرع الغرفة بخطوات واسعة كعادته ، ورمقته بنظرة حاقدة وهي تنهض نفسها لتستند إلى الوسائد ، ثم تدلي ساقيها فوق جانب الفراش .
لماذا لا يخرج من الغرفة ويتركها ؟ قال لها : " لا تنظري إلي بهذا الشكل " وجعلها الهزل الذي بدا في لهجته تتمنى لو تضربه . هل هنالك ما يضحك ؟
قالت : " إنك لا ترقص وتضحك عندما يحطم رأسك الصداع " وأخذت ترمقه من بين أهدابها وهو يفتح علبة الدواء ويفرغ منها قرصين في راحة يده قدمهما إليها مع كوب الحليب الدافئ وهو يقول : " ابتلعي هذه . انها قد تجعلك تشعرين بالنعاس ولكنها ستذهب بالألم هيا ، ابتهجي لا اظنك ستموتين "
فقالت متذمرة : " إنني مبتهجة تماماً . أشكرك " وابتلعت القرصين مع جرعتي الحليب ، وهي تفكر في أنه مازال لديها أمتعتها التي عليها أن تحزمها .
وأعادت كوب الحليب إلى الصينية ، ولكن كريس أخذه وعاد يدسه في يدها قائلاً : " اشربيه لآخر قطرة منه "
وتنهدت وهي تعود لشربه . لم تشعر بالقوة في مقاومته رغم أنها لم تكن تحب شرب الحليب مطلقاً . فهو سيبقى واقفاً إلى أن تطيعه . وأخذ من يدها الكوب الفارغ وهو يبتسم باعتداد ضايقها . ولكنه عندنا انحنى يقبلها على جبينها ، انقلب عالمها رأسا على عقب . ولكنها ما أن رأته يمددها على سريرها حتى صاحت به : " كفى يمكنني أن أقوم بذلك بنفسي " ورفعت يدها تبعد يديه اللتين كانتا تساعدانها على استلقائها ولكنه لم يتراجع وهويقول :

Rehana 27-12-15 06:50 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السابع )
 
" كفي عن المقاومة ولو مرة واحدة . إن النوم سيستولي عليك بعد لحظات ولن يمكنك بعد ذلك من أن تكوني ممددة بشكل سليم . لا بد من أن تنامي مرتاحة " وتنهدت ببطء وقد ازداد ارتخاء مفاصلها وخدر حواسها بفعل الحبوب . وأخذت تنظر إلى عينيه اللتين كانتا تخترقان عينيها ، وهي تتمنى لو تغرق في سوادهما ، وأغمضت عينيها تتأوه بغبطة . وعندما حاولت أن تفتح عينيها لم يسمح لها جفناها الثقيلان بذلك .
كان هناك شخص يتحرك في الغرفة يزيح ستائر النوافذ ليسمح لشمس الصباح بالدخول ، لا بد أنها آن أو ربما غليندا .
وتحركت انجيلا في السرير الضخم وهي تشعر بالارتياح . وحاولت أن تتذكر كيف جاءت إلى السرير ، وتذكرت كل شيء عن الصداع إلى أن وصل كريس طبعاً ثم . آه .. لقد أحضرت لها آن دواء ضد الصداع وحليباً دافئاً ، وارتجفت وهي تتذكر طعم ذلك . لا بد أن الحبوب كانت قوية الفعالية لأنها تكومت بعد ذلك ، تحت الملاءات ونامت على الفور .
على كل حال ، لماذا القلق ؟ فمهما كان ذلك العقار الذي أحضرته آن لها ، فقد أفادها تماماً ، فهي تشعر بارتياح تام الآن . وستنهي حزم أمتعتها بسرعة وسهولة ، دون حاجة بها إلى التفكير في أنها هذه المرة راحلة دون عودة . إذ لا فائدة من اقلاق نفسها بالحزن على ما لا مناص لها منه .
وجلست في فراشها ليتجمد الدم في عروقها لسماعها صوته يقول : " هل استيقظت أخيرا؟ هذا حسن " إنه هو إذن ، وليس آن ولا غليندا . وحملقت فيه ذاهلة وهي تراه يتقدم من مائدة الزينة يضع في الزهرية باقة من الورود البيضاء النضرة والتي كانت قطفها لتوه من الحديقة وقال : " لقد جمعتها لك عند الفجر ، كيف حالك ؟ لقد تفقدتك عدة مرات أثناء الليل ولكنك كنت نائمة كالأطفال "
وثارت أعصابها لفكرة أنه كان يراقبها أثناء الليل، وقالت له : " إنني بخير ، شكرا إنها ورود جميلة " وشعرت بالأسف لأنها لن تبقى هنا لتستمع بها . ونظرت إليه قائلة : " اريد تبديل ملابسي الآن "
فقال وهو ينظر إليها ويبتسم ابتسامة صبيانية : " هذا حسن "
كان يبدو أصغر من سنه بعشر سنوات على الأقل . وفكرت في أنها عندما تصبح في مثل سنه ستحسده على ذلك . ولكنها في ذلك الوقت ستكون قد نسيته تماماً ، أو على الأقل ، سيكون قد أصبح في ذاكرتها ذكرى بعيدة باهتة . وحملقت فيه ، فابتسم لها وجلس على حافة السرير وهو يقول : " اننا سنمضي النهار في الجبال ، فأنت دوماً كنت تستمتعين بذلك "
كان هذا صحيحاً , ولكنها كانت أكثر الأحيان تذهب لتلك النزهات بمفردها . فهو قد أخذها مرة واحدة فقط . وكان ذلك أثناء الأيام الأولى من زواجهما ، عدا عن شهر العسل الذي دام فقط أربعة أيام بالضبط قبل أن يعود ليغرق نفسه في عمله الذي لم يكن لينتهي أبداً . وتوترت شفتاها وهي تتذكر كيف كانت تعود من نزهاتها المنفردة تلك ، وهي تثرثر عما رأته واستمتعت به ، وأين ذهبت راجية

Rehana 27-12-15 06:51 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السابع )
 
عبثاً أن تدب الحماسة فيه فيخصص لها وقتاً يخرجان معاً إلى تلك النزهة الخلوية .
ولكنها لن تذكره بذلك . فإن هز ذاكرته لن يفيد بشيء سوى أن يعلم بأنها كانت تهتم به أكثر من اللازم . وبدلاً من ذلك قالت : " إنني عائدة اليوم إلى أنكلترا إذا وجدت طائرة في الوقت المناسب "
ولم يبد عليه اي انزعاج لالقائها دعوته هذه التي جاءت متأخرة في وجهه ، بل مال برأسه إلى جانب بكل بساطة ، ومضى يحدق في وجهها طويلاً قبل أن يقول : " لم هذه السرعة الجنونية ؟ لقد كنت مصممة على البقاء هنا أربعة أسابيع .. ما زال أمامك ثلاثة أسابيع ونصف "
هذا صحيح ولكن مهما كان حبها له جنونياً ، فهي ليست مجنونة تماماً ، إذ لن يكون بإمكانها أبداً أن تخفي مشاعرها نحوه إن هي بقيت تلك المدة إلى جواره . وهكذا أجابته بصوت متوتر : " كان ذلك عندما كنت حريصة على نيل الطلاق بأسرع وقت ممكن "
فحنى رأسه مسلماً بوجهه نظرها ، ونظرت إليه هي بارتياب . لا بد أنه يخفي ابتسامة يسخر فيها منها . ولكن الجد كان يكسو ملامحه عندما رفع رأسه قائلا ًوهو ينظر في عينيها الحذرتين : " إنني أفهم هذا . والآن ، بما أن ذلك الذي كان مرشحاً لك زوجاً ثانيا ً ، قد انتهى أمره الآن ، فقد أصبحت حرة في الذهاب حيثما تريدين الآن . على كل حال .. إن تأخرك يومين آخرين لن يضرك .. اعتبري ذلك عطلة تستمتعين بها . إنني متأكد من أننا نحن الاثنين راشدان إلى حد يمنعنا من أن يمسك الواحد منا بخناق الآخر " ولم يكن أمامها إلا الاعتراف بأنه على حق .
أين الضرر في ذلك ؟ ما دامت تتذكر على الدوام أنه لم يهتم بها يوماً قط ، بالطبع . ان وضع هذه الحقيقة القاسية نصب عينيها هو ضمان لعدم تغلب الضعف عليها إزاءه .
هذا إلى ان اشارته إلى توم جعلتها تتساءل عما إذا كان من الحكمة حقاً أن تسافر الآن . إذ قد تجد نفسها على نفس الطائرة لا سمح الله .
لم يكن أمامها مناص من ان تصادفة على الدوام ، عندما تعود إلى عملها ، فالمجتمع هناك صغير ولن يكون في امكانها تجنبه إلى الأبد . ولم تكن هي جبانة ، ولكنه لن يتقبل أبداً فكرة أن زواجهما لن ينجح وسيظل يعتقد أنها تصرفت معه بدناءة ، لكي تتصالح مع زوجها الثري للاستمتاع بأمواله .
وتصورت شماتته بها عندما يبرهن له عودتها إلى انكلترا عن تحذيره الهازئ لها بأن كريس سيطردها من منزله ، إذ ( ماذا يرى رجل مثله في أمرأة مثلها ؟ ) سيكون عليها أن تتحمل كل ذلك في النهاية ، بالإضافة إلى عبوسه وتجهمه , ولكن لماذا تستعجل الأمور ؟
وقالت : " موافقة "
كانت نظراته إليها لا تقاوم ولكن ذلك لم يكن السبب في قرارها هذا طبعاً .. ولتظهر له عدم اهتمامها هزت كتفيها وهي تقول : " لا بأس . إنما ليس أكثر من يومين ، وستكون نزهة لطيفة بين الجبال "
وسمّرت عينيها على أحد أعمدة السرير ، رافضة أن تنظر إليه ، ولم تتحرك إلى أن نزل عن السرير وتحول خارجاً من الغرفة وهو يقول : " ستكون السيارة بانتظارك بعد ثلث ساعة " وتردد لحظة قصيرة جداً عاد بعدها يقول :" أعدك بأن يكون هذا يوماً لا ينسى "


نهاية الفصل السابع

Hiam 27-12-15 10:11 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل السابع )
 
رووووووعه يا ريحانه فصل خفيف لطيف
بس الرحلة اكيد حتكون مثيره وحاسه انها رح تكشف له عن حبها ويا ترى كيف رح تكون ردود الافعال؟؟؟؟
في انتظارك يا عسل 💐🌸🌷🌹🌻🌺🌼

Rehana 28-12-15 07:52 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثامن )
 
الفصل الثامن

يوم لا ينسى ! لقد رفضت أنجيلا أن تفكر في ذلك فهذا لم يكن يعني لها شيئاً . فقد كان لكريس موهبة فريدة في أن يجعل المرأة تحس بأنها غير عادية . كانت كلمة واحدة منه أو نظرة ، كفيلة بأن تجعل أي امرأة ، مهما كان عمرها ووضعها تشعر بأنها المرأة الوحيدة في العالم . ولكنها ما أن تغيب عن نظره حتى ينسى وجودها في هذا العالم ، بينما هي ...
ولكنها هي انجيلا ، كانت خبيرة به . فقد كانت أكثر حكمة من أن تقع أسيرة كلماته المعسولة .
استحمت ثم ارتدت بنطالاً قطنياً فوقه قميص طويل الكمين مقفول إلى العنق . وذلك لحماية بشرتها من أشعة الشمس ، وليس فقط من نظرات كريس المحرقة .
حملت قبعتها القش الواسعة ، وحقيبتها اليدوية ثم نزلت في منتهى الإنضباط ، وربما بإمكانهما أن يتحدثا بتعقل عن تفاصيل الطلاق القادم ، كأي شخصين راشدين .
كانت الخادمة منحنية تغسل الأرض الرخامية . وابتسمت للمرأة العجوز وهي تحييها ، وكانت هذه من سكان المرتفعات ونحيلة كالعصا ، ولكنها بمثل نشاط فتاة في العشرين كانت تقول دوماً أن أمها عاشت مئة وسنتين وإنها مصممة على العيش أكثر من ذلك .
وجاء صوت كريس من الباب يقول : " إنك تعلمين أنه يمكن شراء ماكينه لتنظيف الأرض لا تأخذ منك جهداً أكثر من ضغط زر فيها ، ولا خطر منها على الإطلاق "

Rehana 28-12-15 07:52 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثامن )
 
فجلست على كعبيها قائلة : " أنا أعرف هذا ، يا سيد كريس ولكنني أعرف أيضا انه لا يوجد ماكينه تنظف الأرض كما تنظفها يداي ، عندما أموت وأدفن ، عند ذلك يمكنك شراء تلك الماكينة لتسعد بها "
فقال كريس وهو يمد يده إلى انجيلا فتأخذها هذه مسرورة دون تفكير ، قال هازلا وعيناه السوداوان تتراقصان : " واحسرتاه ، فأنا محاط بنساء عنيدات ! ماذا بإمكان رجل وحده أن يفعل ؟ "
فأجابت انجيلا : " لن تظفر بغير ذلك " فقد كان أهالي هذه المنطقة معروفين بكبريائهم العنيفة ، وكان هذا يجعلهم منفردين . ومن المؤكد أنه كان لا يختلف عنهم في ذلك ، وهذا يبرر صبره على لسان آن الحاد ، في حين لو كان مكانه أي رجل أجنبي لطردها منذ سنوات لعنادها ذاك .
وأجابها : " ربما كنت على حق ، لقد جهزت لنا آن سلة طعام ، وأظن أن علينا السير مبكراً قبل أن تشتد الحرارة ولكن إذا شئت أن تتناولى فطوراً أولاً .. "
فقاطعته : " كلا ، دعنا نشرع بالسير "
تملكها شعور من يقوم بعطلة مرحة ، وكان عليها أن تحتفظ بحذرها . وجلست في مقعدها من السيارة برصانة .
وسألها بنظرة جانبية دافئة : " سنتوقف في إحدى مقاهي القرية لتناول القهوة أتفضلين مكاناً معيناً ؟ "
فأجابت بهدوء : " كلا ، فالخيار لك " وسرعان ما ندمت على كلماتها هذه وهي تراه يرفع حاجبه الثقيل وقد بان عليه اعتداد الرجال البغيض بأنفسهم .
وعندما تركا الطريق العام ، صعوداً في الطرقات الجبلية لم يكن أمامها إلا أن تشعر بالإسترخاء وهما يصلان إلى أولى تلك القرى البيضاء .
قال كريس وهو يحول السيارة إلى طريق منحدر : " سنجرب هذا المكان " ووافقته هي بسرور.
وعندما أوقف السيارة ، وترجلا منها أخذ يسيران الهوينا نحو المقهى .
كانت تعشق حيوية هذه البلاد وألوانها الجميلة ، وشعرت بغصة وهي تعلم أنها لن تزورها مرة أخرى ، فهي بعد يومين ستكون قد عادت إلى بلادها ، لتبدأ من جديد ذلك الدرب الطويل الشاق في سبيل إعالة نفسها ، ولتحاول نسيان كريس .
ولكنها ما لبثت أن ابتلعت غصتها . إنها ستحاول أن تستمتع بهذا النهار مهما كان الأمر . ولن ينشأ عن ذلك أي ضرر ، هذا إذا حرصت على أن لا تظهر مشاعرها له .
سألها برقة وهو يقودها إلى أحدى الموائد : " هل أنت سعيدة ؟ " كان يبدو في غاية الأناقة كعادته ولكن هذا لم يكن شيئاً جديداً بالنسبة إليه .
وجذبت نفساً عميقاً وهي تحول عينيها عن عينيه ، وتومئ برأسها . نعم ، لقد كانت سعيدة هذه اللحظة . فمادامت ناسية من هو ، وماذا كان يعني لها في الماضي ، وماذا يعني لها حالياً ، ومادامت مركزة أفكارها فيما حولها فهي سعيد ة ، وقال : " هذا حسن " وأنبأها الدفء في صوته أنه أخذ اعترافها هذا بظاهره ، دون أن يخطر بباله الحدود التي وضعتها له . ولكن هذا لم يكن مهماً .

Rehana 28-12-15 07:53 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثامن )
 
وتناولا الفطور بصمت لم يتبادلا خلاله سوى بضع كلمات ، وعندما انتهيا سألها : " هل نشرع في السير ؟ "
كانت تريد يومها هذا أن يمر بهما دون مشاكل ، يوماً لا ينسى تذكره عبر السنين القاحلة المجدبة التي ستمر بها من دونه .
وكانت بالفعل مسرورة لقرارها هذا وهما يصعدان بين الجبال ، والجو في السيارة رائقاً عذباً يلفهما معاً مقرباً الواحد منهما إلى الآخر . وكانت السعادة تغمر كيانها وهما ينزلان من السيارة يحملان سلة الأطعمة بينهما إلى حيث الجرف الصخري والصقور تحوم فوقهما تراقبهما .
ونزلا وقد ران فوقهما الصمت ، إلى ضفة جدول رقراق ، تنتشر الخضرة والأشجار حوله ، ووضع كريس السلة في ظل شجرة سنديان على مرمى حجر من الجدول ، بينما جلست انجيلا على الحشائش وهي تروح بقبعتها أمام وجهها استجلاباً للنسائم .
وسألها :" أتريدين كوباً من العصير ؟ " فأومأت برأسها موافقة دون أن تنظر إليه ، فقد كان من الجاذبية ما خفق قلبها له ألماً .
ولكن هذه حماقة منها ، ذلك أن الغرض من نزهتهما هذه لم يكن سوى الاسترخاء والاستمتاع ، وهذا يعني أن ليس عليها أن تسمح له بالتأثير عليها ، وأن ترفض الذكريات .
وأخذت تخرج من السلة أنواع الأطعمة والفواكه المختلفة ، وكذلك السلطات اللذيذة هذا إلى الأكواب البلورية والأطباق .
ابتسمت له وهو يقف مشرفاً عليها ، وقالت : " عرفت الآن السبب في وزن هذه السلة الثقيل " ولكن سرعان ما تلاشت الابتسامة عن شفتيها إزاء نظرته الخطرة عليها أن تكون الآن على حذر .. حذر بالغ .
جلسا على العشب وهي تحاول التركيز على الطعام ، حامدة الله أنه كان يملأ طبقيهما غافلاً عن كل هذه المشاعر .
ولكن كلا ، فالنظرة التي كان يقيمها بها ببطء وهي تتناول منه الطبق بيد مرتجفة ، انبأتها بأنه لم يكن غافلاً قط . ولكنه ، والحق يقال ، لم يحاول أن يستغل ضعفها البادي ، وإنما اكتفى بالتحديق فيها من تحت أجفانه وهو ما كانت نتيجته انها لم تستطع أن تأكل شيئاً ، ذلك ان الطريقة التي كان ينظر فيها إليها جعلت قلبها يخفق بعنف . بينما جعلت فمها في جفاف الصحراء . وتناولت كوب العصير الذي ناولها إياه لتشرب نصفه في جرعة واحدة .
وابتسم لها بطريقة عرفت منها أنه كان يعلم شعورها تماماً ، وأنه كان قانعاً بانتظار ما لا مناص من حدوثه ، ذلك أن كريس لم يكن فتى غراً لا يستطيع ضبط نفسه ..
إذن فان عليها أن تجعله يدرك خطأه ، وأن ليس شيئاً يحدث .
وهكذا ناولته الكوب الفارغ وهي تقول بتحد هادئ : " لقد كنت عطشى ، والآن استطيع أن آكل شيئاً "
ولكنها لم تتناول سوى حبة زيتون ، حبة واحدة ، انغلق بعدها حلقها عن ابتلاع أي شيء آخر ، وشعرت بالخزي وقد تأكدت من افتضاح مشاعرها أمامه .
كانت ترتعش شاعرة في الوقت نفسه ، بالكراهية لنفسها لتصرفها بهذا الشكل . وكانت تتوقع منه أن يدلي

Rehana 28-12-15 07:54 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثامن )
 
بملاحظه ما بشأن ذلك ، ولكن كل ما فعله هو أن استلقى على ظهره ، ثانياً ذراعيه تحت رأسه . وهذا ما منحها فرصة تتنفس فيها ، ولكنها لم تستطع احتمال النظر إليه . كانت بحاجة إلى ضبط النفس أكثر من أي وقت آخر ، ما كان لها ، في الحقيقة أن تأتي إلى هذه النزهة معه .
وأدارت ظهرها له ، ولكنها ما لبثت أن اختلست نظرة من فوق كتفها كان يبدو نائماً ، بينما كان صدره يعلو وينخفض .
كان واضحاً ان اللحظة الخطرة حقاً قد مرت وانتهت . لقد علم تأثيره عليها ، كما علم أنه كان بامكانه ان يشعل النار فيها بكلمة واحدة منه ، ولكنه مع ذلك لم يكلف نفسه ذلك العناء فهو لم يرها تستحق الاهتمام .
طبعاً ، كان عليها أن تشعر بالارتياح لذلك . هذا مؤكد ! كما أن قلبها لم يكن يلتوي ألماً ، كلا طبعاً ، بل كل ما في الأمر أن هذا الشعور كان من تأثير أشعة الشمس الحارقة . وصدرت عنها آهه لم تحاول تبريرها لنفسها ، ثم انتقلت إلى ظل شجرة السنديان وهي تبتلغ غصة في حلقها ثم استلقت على العشب .
وتدريجياً أخذ السكون العذب وهذه المناظر الرائعة مع شذا ملايين الزهور والحشائش البرية ، في تهدئة أحاسيسها ، كما ساعدها على التفكير في مشاعرها بشيء من التعقل . نعم ، إنها تشعر بالحب نحو كريس ، ولكنها تريد أكثر من ذلك ، أكثر كثيراً إنها تريده هو أن يحبها وهو ليس باستطاعته منحها ذلك ، وهذا يتركها فارغة اليدين .
ولكنها عادت تصحح لنفسها ، كلا ، إنه لا يتركها فارغة اليدين وإنما يترك لها الأمان .
إن الأمان من الألم الذي بامكانه أن يلحقه بها ، كان كل ما تحتاج ، كانت تعزي نفسها بهذا والنعاس يجتاحها ، وذكريات الليلة الماضية ، حين أخذ يهتم بها أثناء شعورها بالصداع والوهن ، تتواثب إلى ذاكرتها . ذكرت شعورها عند ذاك . كانت قد نسيت ذلك ولكنها مسروة الآن بتذكره فهذا سيساعدها على إخفاء مشاعرها أثناء هذه الفترة القليلة التي بقيت لهما معاً ، وهذا يعني أن الخطر منه لم يكن كبيراً .
وكانت آخر فكرة تملكتها ، قبل أن تستغرق في النوم نهائياً ، هي أن لديها الكثير مما ترضى عنه ، فقد كان في ادراكه مقدار حبها له ، في ذلك الحين ، كان في ذلك ذلة كبرى لها . وكذلك توقعها منه ذلك ، وربما .. ربما ظن هو في ذلك الحين أنها لم تأخذ تلك الأقراص المهدئة للألم ، إلا لترتاح وتتعزى عما تشعر به نحوه ...
أخذت تزيح تلك الحشرة عن خدها بتكاسل ، ولكن هذه لم تتزحزح وبقيت تراوح مكانها تهاجمها بخفة . فتذمرت والنوم ما زال مسيطراً عليها ، ثم انقلبت على جنبها ، تغطي وجهها بذراعيها .
ولكن تلك الحشرة عادت تسير على يدها . هل ورم جلدها واحمراره سيكون كل ذكرياتها عن رحلتها هذه إلى أسبانيا ؟ وجعلتها هذه الفكرة في كامل اليقظة ، فعادت تنقلب على ظهرها فاتحة عينيها لترى كريس جالساً إلى جانبها على الأرض وبين أصابعه عشبة طويلة .

Rehana 28-12-15 07:54 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثامن )
 
وقالت بتذمر ساخر : " آه ما أشد انشراحك " وغاظها أن تشعر بقلبها يثب من مكانه وهي تستيقظ لترى نفسها موضع تسلية له . ولكنه لم يرد ، بل ابتسم لها تلك الإبتسامة البطيئة الحافلة بالمعاني التي جعلت خفقات قلبها تتسارع .
أخذ يراقبها وهي تقف ثم تنفض الشوائب عن ثيابها ، بينما تسمرت عيناه على وجهها . فبادلته هي النظر ، كان يشعرها بعدم ارتياح بالغ وكان ماهراً في ذلك ولو دون قصد .
حولت نظراتها بعيداً وهي تبتعد عنه فسألها بصوت أجش : " إلى أين أنت ذاهبة ؟ "
فأجابت : " لأتمشى قليلاً " كانت تريد أن تجد مجالاً تتنفس فيه براحة ، أن تستيقظ تماماً . وبأنهما مجرد شخصين يعرف الواحد منهما الآخر ، يستمتعان بنزهة عادية .
وعلى ضفة الجدول ، ثنت بنطالها وخلعت حذائها ونزلت في الماء الذي كان بارداً كالثلج ، والذي كان ما تريده بالضبط ، ونزلت قليلاً تخوض في الماء بحذر لأن الصخور المسطحة كانت زلقة تحت قدميها ، ثم تجمدت في مكانها عندما سمعت صوته يهتف بها من خلفها مباشرة: " حذار إن الصخور خداعة "
فاستدارت ببطء لتحدق فيه برغمها ، فهي لم تتوقع منه أن يلحق بها ، ولكن لا بأس فهذه ليست مشكلة .
كان مشرفاً عليها تحجب كتفاه العريضتان أشعة الشمس عنها . وكان يبتسم لها عن أسنان ناصعة البياض في وجهه الأسمر ، بينما خصلات شعره الأسود تحركها النسائم على جبينه .
وهتفت في أعماقها بعنف وهي تشعر بقلبها يتلوى ألماً بتأثير حبها له ، آه أليس لهذا نهاية ؟ .
وعضت شفتها السفلى وهي تبتعد عنه فجأة إلى الخلف ما جعل قدميها تنزلقان على الصخرة الملساء فصرخت دون وعي وهي تقع جالسة وقد غمرتها المياة الباردة إلى وسطها .
كان شعورها بالمذلة والسخرية من نفسها كبيراً . ولم تجدالعزاء حين مد يديه ينتشلها موقفاً إياها على قدميها وهو يسألها باهتمام بالغ : " هل أصابك أذى ؟ " فردت عليه وهو يقودها ليجلسها على ضفة الجدول وهي تزم شفتيها باستياء : " كلا " ذلك أن كرامتها فقط هي التي تأذت ، وكانت فقط من تأثير الماء الشديد البرودة ، أما غداً فستنتشر في جسدها الكدمات وسيكون عليها أن تنقل معها وسادة تجلس عليها حيثما توجهت ، أما حالياً فقد كررت كلمة ( لا ) وهي تدفع يديه عنها قائلة :" دعني فأنا لا أنوي أن أعيد ذلك المشهد مرة أخرى "
فأجاب : " يسرني أن أسمع هذا ، فان تكرار المشهد لن يكون مسلياً هذه المرة "
كانت تعلم أن هذا تزمت منها ولكنها لم تهتم .

Rehana 28-12-15 07:55 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثامن )
 
ولم يكن هذا لانعدام ثقتها به ، فقد سبق وسنحت له فرصة الليلة الماضية فلم يغتنمها ، وهذا يعني إما أنه لم يشعر بوجودها ، وإما أنه لم يكن من الفطنة بحيث يدرك ما جال في ذهنها كما كانت تظن . كلا ، ولكنها لا تثق بنفسها هي .
ما الذي سيحل بها بعد ذلك ؟ سيزيدها حبه خبلاً .. وماذا عن ألم الفراق ، والطلاق ؟ هل سيكون بامكانها احتمال ذلك ؟ وسمعته يتمتم هامساً : " إنني زوجك يا انجيلينا ولي الحق في ان أنظر إليك كما أريد "
آه صرخت من أعماقها المعذبة . لماذا ذكرها بذلك ؟ صحيح أنه قانونياً مازال زوجها ، ولكنه في الحقيقة ، لم يعد كذلك . هل معنى هذا أن رغبته في الانتقام ما زالت غير مشبعة ؟ وأنه ينوي أن يعود لاستعبادها كلياً مرة أخرى ، قبل أن يبترها من حياته ؟ هل من الممكن أن يكون بكل هذه الغطرسة والقسوة ؟
ولكن كل ما أمكنها قوله هو : " إننا سنتطلق "
فقال : " ومن قال هذا ؟ إبقي هنا وعودي زوجة لي مرة أخرى يا انجيلينا "
أتبقى ؟ وتصلب جسدها إن من السهل أن تقبل بذلك .. من السهل جداً . ولكنها أبداً لن تضع نفسها في ذلك الموضوع لتبدأ الأمور من جديد .. أبداً ، أبداً . أن تمر أسابيع لا تكاد تراه .. إلى على مائدة العشاء أحياناً ، وأن تنام بمفردها في ذلك السرير الواسع وهي تتساءل عما إذا كان سيأتي إليها وهي تعلم أنه لا يحبها ، وأن حبها له جعلها مستعبدة له .. مجرد ممسحة أرجل !!
وبقوة تملكتها من حيث لا تدري دفعته عنها قائلة : " كلا ، وأرجوك أن تبقى بعيداً عني ، إنني لن أبقى لأعيد الماضي من جديد .. "
دفعها بعيداً عنه بعنف وهو يتابع قائلاً : " أتدفعينني إلى الجنون ، ثم تقولين إبقى بعيداً عني ؟ أتريدنني أن أفقد عقلي ؟ "
فقالت وهي تشهق : " كلا ، لا تفعل هذا يا كريس ، أرجوك أن لا تفعل هذا "
فقال وهو يلوى فمه بسخرية مرة : " ما الذي على أن لا أفعل .؟ أن لا أهتم بزوجتي ؟ "
لكن هذا ليس حباً ، إنها لم تره من قبل بمثل هذا العنف .. لقد كان دوماً متمالكاً نفسه في كل موقف ، وإزاء كل مشاعره ، ولم تحتمل رؤيته بهذا الشكل وكأنه يعاني عذاباً مبرحاً .
لقد سبق وتركته مستاء ، بعد ظهر أمس عندما ذهبت للقاء توم وها هي ذي الآن تقوم بهذا العمل مرة أخرى . إن الرجل لا يمكنه احتمال هذا عادة . ولكن الأمر ذنبه كما هو ذنبها . كانت تفكر في ذلك بكآبة وهي ترى الثورة في عينيه .
ما كان لها أن تسمح له بأن يسيطر على مشاعرها بهذا الشكل ، وكان كل همها الآن هو الترفيه عنه ، أن تخبره بأنها تحبه وبأنه لن يكون هناك رجل غيره في حياتها أبداً .. أبداً . ولكن ، فقد سبق وسارت في ذلك الطريق من قبل ولكنها لن تكرر ذلك مرة أخرى .
إلا أنها لا تجرؤ على ذلك . لم تتمكن من أن تعاود تلك السيرة . حتى ولا لأجل حبها له ، وإلا فإنها ستحتقر نفسها طيلة حياتها بعد ذلك .
وما لبثت أن أدركت بالضبط اللحظة التي ربحت فيها المعركة ، هذا إذا كان هذا الفراغ الذي تشعر به يمكن أن يدعى ربحاً .

Rehana 28-12-15 07:55 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثامن )
 
ذلك أن فمه تصلب ، وعكست عيناه الازدراء العميق الذي شعر به لنفسه ، قبل أن يحول مبتعداً عنها وهو يقول بصوت بارد خشن جعل كيانها يرتجف : " سأسألك للمرة الأخيرة هل تريدين أن تدعي جانباً سوء التفاهم الذي حدث بيننا في الماضي ، وتبقي معي زوجة لي ؟ فكري في هذا لحظة "
ولم تكن بحاجة إلى أن يخبرها أنه لن يعرض عليها ذلك مرة أخرى . فقد بدا ذلك في كل خلجة من عضلات جسده المتكبر وهو يتحول عنها إلى حيث ابتدأ يعيد جمع الحاجيات في السلة يمنحها بذلك وقتاً . وعندما انتهى عاد إليها وأخذ يساعدها على توضيب حاجياتها .
لكنه لم ينظر إليها مباشرة مرة واحدة . وعندما سألها بصوت متوتر : " حسناً ، ما هو جوابك؟"
ترنح قلبها وهي تتساءل فقط .. إن جوليا الآن قد خرجت من المعادلة ، ولكن ربما ما زال يفتقد تلك المرأة التي شغلت قلبه فيما مضى ، وينوح عليها في أعماق فؤاده . ولكن جوليا قد استحقت الاقصاء الآن لأكاذيبها تلك عنه ، وجوليا لن يكون لها مكان أبداً بعد الآن في حياة كريس وهذا يترك الأمر الآخر ..
" أتريد أطفالاً ؟ " جاء صوتها هذا ،فاتراً مهزوماً مسبقاً ولكن عليها أن تعرف فإذا كان يريدها لأشياء أخرى غير إنجاب ولد يرثه .. ففي هذه الحالة قد يكون ما زالت هناك فرصة لهما ..
وللحظة ومض في عينيه السوداوين الملتهبتين شيء لم تستطع فهمه ، وهما تشتبكان في عينيها . ولكنه سرعان ما تلاشى ليدلي إليها بالجواب الذي كانت تتوقعه في أعماقها ، قال : " وماذا غير ذلك ؟ "
أشاحت بوجهها تخفي دموع اليأس ، لتقول بعد ذلك ببساطة وكبرياء : " إنني آسفة ، ولكن الجواب مازال كلا " وكان أسفها أكثر مما يمكن له أن يتصور . واستدار إليها ليقول بلهجة فيها من التهذيب والكبرياء ما جعل الدم يتجمد في عروقها : " كما تشائين أيتها السيدة كما تشائين "


نهاية الفصل الثامن

sohoya 29-12-15 02:11 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثامن )
 
اوميقااد الفصل مررره كان جميل ومررره يحمس وما اعطاني مجاال افكر ايش اللي حيصيرر:55:
...
اول رد ليا بالمنتدى :)

Rehana 29-12-15 07:02 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثامن )
 
سعيدة جدا بأول رد لك في المنتدى ^^

Rehana 29-12-15 07:16 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
 
الفصل التاسع
قالت بلهجة حاسمة وهي تنقر بأصابعها على المكتب : " كلا ، ليس لدّي شيء لأجلك ، ولن يكون قبل أسبوعين على الأقل "
استدارت انجيلا إلى الخلف في كرسيها الخشبي أمام مكتب خالتها ، وهي تقابل العينين الرماديتين الباردتين بآهة خفيفة ثم تقول : " لم كل هذا ؟ لقد كنت دوماً تشكين من عدم وجود موظفين مؤقتين ، درجة أولى ، لديك ما يكفي من العملاء ، هل هجرك كل زبائنك ؟ "
ذلك أن المفروض عليها – في هذه الحالة –أن تسجل أسمها في وكالة أخرى للوقت الحالي إلى أن تزدهر الأحوال . ولكن وكالة خالتها تبدو ناجحة تماماً ، وانجيلا بحاجة إلى العمل ونظرت نحو المكتب في انتظار شيء من الإيضاح .
مرور السنين لم يلطف من طباع خالتها ، ولم يكن الناظر يلمس دفئاً في ملامحها ، كما كان صوتها فظاً تقريباً وهي تقول : " إنك بحاجة إلى إجازة من العمل . هذه هي المسألة ، فأنت لم تأخذي عطلة منذ التحقت عندي في العمل في حزيران (يونيو) " وتكلمت في هاتف المكتب تطلب صينية شاي ، لتعود فتقول : " هل نظرت إلى نفسك مؤخراً ؟ انك تبدين كالأموات "
فقالت انجيلا : " هذا هراء . ان صحتي جيدة تماماً ، هذا إلى أن كثرة العمل لا تضر أحداً "
فقالت بإبتسامة ضئيلة : " أوافقك على ذلك . ثم ان حياتي هي البرهان على صحة هذا " وفي هذه اللحظة دخلت السكرتيرة تحمل صينية الشاي المطلوبة ، وما أن وضعتها على المكتب وخرجت ، حتى عادت خالتها تكمل كلامها قائلة : " ولكنني لا أقيد مشاعري برجل إلى حد الألم ، فإن لي من احترامي لنفسي وتعقلي ما يمنعني من ذلك "
فقالت انجيلا بهدوء : " إنك قوية الأعصاب " ولكنها كانت تغلي في داخلها غلياناً وهي تسكب الشاي . ما الذي تعرفه عن الحب والمشاعر ؟ انها لم تحب أحداً ولا شيئاً قط في حياتها ، ما عدا وكالتها التي ابتدأت بها منذ الصغر.
وقالت خالتها : " ان بإمكاني في سني هذا أن أقول ما يجول في نفسي "
ما هذه الومضة من الهزل التي بدت في تلك العينين الرماديتين ؟ لم تكن انجيلا متأكدة مما رأت تماماً وهي تناول خالتها فنجان الشاي . بينما كانت هذه تتابع قائلة : " في رأيي أنك في طريقك إلى الإصابة بانهيار عصبي " وقبل أن تفتح انجيلا فمها لتسخر من هذا الرأي ، سارعت هذه تقول : " إذا كنا سنتابع الخطة التي اتفقنا عليها ، فأنا أريدك قوية معافاة ، فلا تسقطي فريسة لأي مرض أو فيروس في هذا الشتاء . ان كوخي فارغ الآن ، واسبوعان تمضينهما فيه ، لا تقومين بشيء سوى الاسترخاء وتناول الطعام الجيد ، هذا إلى الهواء الطلق هناك ، كل هذا سيفيدك . ألا تظنين ذلك ؟ انك تبدين وكأنك لم تأكلي وجبة كاملة منذ شهور . بإمكانك ان تأخذي سيارتي ، وسأتدبر نفسي تماماً في سيارة أجرة" .
ولكن اسبوعين لا تفعل فيهما شيئاً سوى التفكير ، كان بمثابة كابوس بالنسبة إلى انجيلا ، إنها لن تذهب . وقالت بتوتر : " إن اسبوعين دون مكسب ليس هذا ما أريد ، وأشكرك على كل حال . انك تعرفين كم أتعب في توفير المال "
فأجابت : " إذن ، فعليك أن توافقيني على أن قضاءك شهور الشتاء عاطلة عن العمل بسبب أمراض البرد والإرهاق ، لن يساعدك على توسيع حسابك في المصرف . بجانب هذا ، فليس منا من يتوقع انضمامك إلي شريكة في العمل غداً ، ذلك أن تعلمك سير العمل سيأخذ منك وقتاً . انك حالياً تتعلمين كيفية التعامل مع العملاء المنتظمين . هل أتابع كلامي ؟ " ولم يكن هذا ضرورياً .
فهي حال عودتها من اسبانيا استقالت من عملها ولم يكن ذلك لأنها شعرت بنفسها غير قادرة على مواجهة توم ، فهي ليست جبانة إلى هذا الحد ، ولكنها كانت بحاجة إلى عمل أكثر أهمية تستطيع معه أن تزيد من مكاسبها . ذلك أن مستقبلها قد يمتد أمامها فارغاً خاوياً ، ولكن بإمكانها أن تجعله مريحاً مادياً قدر امكانها .
ولم يكن سهلاً عليها طلب العون من خالتها ، وهي التي لم توافق قط على زواجها من كريس كما أنها لم تكن تخفي ذلك ، وقد ساندتها في بداية تحطم زواجها ذاك ، في إنهاء تعلمها ومهنتها ، ثم تدبرت لها أمر وظيفتها تلك . ولكنها غضبت وانتابتها الشكوك عندما أعلنت انجيلا انها ستطلب الطلاق من كريس شخصياً . إلا أن انجيلا تنازلت عن كبريائها إذ ما الفائدة من أن تكون لها خالة في وضع يمكنها فيه مد يد العون لها ، ثم لا تمنحها وظيفة في وكالتها ؟ وهذا ما كان .
ووافقت الخالة على ذلك . ولكنها سألتها عما يمنعها ،إذا هي جمعت من أجرها الذي ستقبضه ، وبعد أن تتعلم سير العمل ، سألتها عما يمنعها من أن تدخل شريكة معها في الوكالة !
وبدت هذه ومازالت فكرة حسنة ، وهكذا أخذت توفر للمستقبل كل قرش تحصل عليه ، ونظرت إلى ساعتها قائلة : " حسناً "
وتنهدت انجيلا وهي تعلم أن ليس بإمكانها معارضة خالتها . وهي على كل حال ، لا تتوقع أن تبدأ بالعمل قبل اسبوعين .
وقالت : " كما تشائين ، إذا كنت تصرين على ذلك ولكنني لا أحب الذهاب إلى الكوخ في هذا الوقت من السنة "
فقالت : " هذا يعني أنك أكثر غباء مما كنت أظن . فإن الجو سيكون رائعاً هناك على الشاطئ في شهر تشرين الأول ( أكتوبر ) هذا . كما أن الكوخ ذو تدفئة مركزية كما تعلمين "
ولم يكن من العسير على انجيلا التعود على قيادة سيارة خالتها ، ولا الوصول بها إلى الكوخ في تلك القرية الساحلية وعلى المقعد بجانبها خريطة ممتازة للطرق .
ولكن المشكلة الحقيقية هي كيفية احتمال اسبوعين لا يشغلها فيهما سوى أسفها على كريس الذي يملأ عقلها وقلبها حزناً وألماً .
ولكن قد تكون خالتها على حق ، فيساعدها الهواء النقي على النووم . ذلك أنها لم تستطع النوم جيداً ، ولا الأكل منذ تركت جونيز في اليوم الذي تلا تلك النزهة المشؤومة بين الجبال .

Rehana 29-12-15 07:18 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
 
ولكن كم من الرياضة والهواء الطلق تحتاجه لكي تبتعد عنها تلك الأحلام التي لا تفتأ تتردد عليها ليلياً ، فترى نفسها مرة أخرى معه في آخر مواجهة بينهما ، وهو يقود بها السيارة عائداً إلى جونيز وقد ران عليهما الصمت والتوتر .
وعندما تنازلت أخيراً عن كبريائها الذي دفعها إلى اخفاء مشاعرها عنه لأنه ما كان بإمكانها أن تقبل مزيداً من المذلة ، وحاولت استجماع أطراف شجاعتها لكي تشرح له سبب رفضها ، لكي تخبره بأنها بحاجة إلى حبه الذي لم يكن بإمكانه منحها إياه ، عند ذلك لم يشأ الاستماع إليها ، مسكتاً إياها لدى أول كلمة نطقت بها ، وذلك بقوله بعناد : " لا تضيعي وقتك بالكلام ، فلم يعد هناك ما يقال لقد انتهى كل شيء بيننا "
وكانت هذه آخر كلمات قالها لها ، ولكنها ما زالت تسمعها في احلامها ليلة بعد ليلة . وكان قد تركها أمام المنزل وتابع طريقة دون أي إيضاح ، وإلى الوقت الذي ذهبت فيه إلى المطار ، كان هو لم يعد . وخنقتها الغصة المعتادة كلما فكرت فيه ، مصحوبة بثورة واحتقار لنفسها . إن عليها أن تجتاز هذه المحنة ، أن تنساه لا بد من ذلك . فمن غير الممكن أن تمضي بقية حياتها متمرغة في الأحزان .
هذا إلى ان هذا النهار كان بالغ الجمال ، وكانت هي دوماً تحب البحر . ولم تكن قد شاهدت كوخ من قبل ، ولكنها شاهدت صوره ، وكانت خالتها قد ابتاعته منذ سنوات لتعيش فيه بعد تقاعدها عن العمل ، وهي أثناء الصيف تؤجره لمن يريده لأيام معدودات كل مرة .
وسرعان ما عثرت انجيلا على الكوخ بسهولة تامة . متبعة مواصفات خالتها . وكان يبعد عن البحر قرابة العشرين دقيقة سيراً على الأقدام ، وكذلك كانت القرية وكان هناك حانوت بإمكانها ابتياع مواد غذائية طازجة منه . كما أن الذين يعتنون بالكوخ كانت مزرعتهم تبعد عنها مسافة قليلة ، كانوا يبيعونها ما تحتاجه من حليب طازج . وإذا احتاجت لأي شيء يتعلق بصيانة المنزل ، فما عليها سوى الاتصال بهم ، فقد كانت أسرة متطوعة ميالة لمساعدة الغير .
وقد اكتشفت مدى ذلك عندما أوقفت سيارة خالتها أمام الكوخ بجانب سيارة لاند روفر ، استغربت هي أن تجدها في هذا المكان المنعزل ، وعبست قليلاً وهي تغلق باب سيارتها وتستدير إلى مؤخرة السيارة لكي تخرج حقيبتها من الصندوق ، ذلك أنها رأت باب الكوخ يفتح ، وصوت امرأة تخاطبها ببشاشة قائلة : " ان ابني سيحملها عنك ، انك انجيلا أليس كذلك ؟ "
كانت امرأة قصيرة سمينة ترتدي مئزراً فوق تنورة وكنزة . وكانت تتابع قائلة : " لقد اتصلت خالتك بنا هاتفياً هذا الصباح لتخبرنا بقدومك . وهكذا احضرت لك شيئا من الحليب والبيض والخبز صنع البيت . كما أنني اشعلت التدفئة المركزية ، كما أن اكبر ابنائي ، أحضر لك كمية من الحطب للمدفأة لأن الليل هنا بارد جداً والنار ضرورية رغم التدفئة المركزية ، أليس كذلك؟"
واستوعبت انجيلا هذا الطوفان من المعلومات ، وهي تبتسم ، وعندما صافحت يد المرأة الممدودة ، سألتها : " انك السيدة طومسون ، أليس كذلك ؟ "

Rehana 29-12-15 07:18 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
 
فأجابت : " إننا لن نستعمل الرسميات هنا ، ادعيني باولا ، أين ترى ذهب ذلك الصبي ؟ "
وما لبث أن أقبل فتى في حوالي الثامنة عشرة . ولم يكن طويلاً وإنما متين البنيان ، وذا عينين زرقاوين ودودتين ووجه جذاب ، ثم حمل حقيبتها وبقية أمتعتها إلى الكوخ ، بينما تبعته هي بعد اقفال سيارتها .
وصعد بالحقيبة إلى الطابق الثاني ، بينما سارت باولا أمامها إلى المطبخ ، حيث باشرت بإعداد الشاي ، وأخراج ما احضرته انجيلا معها من معلبات من صندوق الكرتون وهي تقول : " إنك لن تحتاجين لكل هذا ، لقد قالت خالتك ، إنك بحاجة إلى تغذية جيدة . وعندما رأيتك علمت أن الحق معها ، وهذه هي مشكلة فتيات هذه الايام اللاتي يظنن أنهن لا يبدين جذابات إلا إذا كن أكياس عظام . كان علي أن احضر إليك شيئاً من كعك الفاكهة الذي صنعته ، اسمعي لماذا لا تتناولين العشاء معنا هذه الليلة ؟ ان ولدي سيأتي ليصطحبك حوالي السابعة مساء ، ثم يعيدك فيما بعد ، وإذا لم يكن موجوداً فسيحضرك زوجي . لقد وعدت خالتك بالعناية بك وجعلك تحت نظري دوماً ، صحيح منطقتنا هنا آمنة ، ولكن من يعلم !"
فقال الولد بحياء : " إن هذا من دواعي سروري "
قالت انجيلا : " هذا كرم منك ، ولكنني سأمضي المساء في تنظيم أشيائي ، وقد أنام مبكراً . والآن كم تريدين مني ثمن الحطب والمواد الغذائية ؟ "
وكانت قد ابتدأت تشعر بالإرهاق من ثرثرة هذه المرأة ، ومن تسكع ابنها حولها والطريقة التي يراقب بها - بعينيه اللامعتين – كل حركة تصدر عنها .
وأجابت : " لا أريد منك شيئاً . ان بيني وبين خالتك اتفاقاً على أنني وابني نعتني بالمنزل والحديقة وننظفهما بعد رحيل المستأجرين ونهتم بالماء والكهرباء وكل أعمال الصيانة . وقد طلبت مني أن أزودك بكل شيء يفتح شهيتك . ياليتني لم أنس احضار كعك الفواكه ذاك "
وخافت انجيلا من أن يخطر ببال المرأة ، ارسال ابنها بالسيارة لإحضار ذلك الكعك ، فسارعت تقول : " بالنسبة إليّ فإنني لا أحب الحلوى مع الأسف " وأخذت فنجانها الفارغ إلى حوض الغسيل وهي تشعر بالضيق . انها تستطيع العناية بنفسها تماماً . فلماذا تظن خالتها العكس؟
لقد مضى عليها الآن اسبوع في هذا الكوخ ، إذا كان الحال سيستمر بهذا الشكل .. فسيأتي بول أبن السيدة طومسون هذا الصباح أيضاً محملاً بأنواع الأطعمة من أمه ، فستحزم أمتعتها وتعود إلى لندن . لقد أخذت ما يكفي من هذه الإجازة حتى أنها أرغمت نفسها على تناول الطعام بشكل جيد . ولكن ما قد تكون اكتسبته من وزن كانت تخسره في اتعاب نفسها كل ليلة لكي تتمكن من النوم بعد ذلك .

Rehana 29-12-15 07:19 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
 
وكان هذا النهار هو أول نهار جميل مر عليها مما يعني انها لم تجد فرصة بعد لتطوف في الغابات ، وتتمشى على الشاطئ . وهكذا .. ذهبت بالسيارة إلى المدينة القريبة حيث أمضت الصباح في التسوق ،لتدخل بعد الظهر داراً للسينما حيث شاهدت فيلماً لم تستمتع به تماماً ، ما زاد في الضجر الذي يكتنفها . وعندما عادت إلى الكوخ اشعلت انجيلا النار في المدفأة ، ثم تحولت تسدل الستائر لتحجب هواء هذه الليلة البارد الرطب .
من المؤكد أن خالتها لا يمكن أن تنتظر منها البقاء في جو كهذا ، وحيدة دون أن يشغلها شيء فكرياً . كما أنها لم تستطع قبول الدعوات التي كانت أسرة طومسون توجهها إليها . لم تكن تريد صحبة أحد .. كان الوحيد الذي تريد صحبته هو .. وسرعان ما ابعدت عن ذهنها تلك الأفكار وجلست على السجادة تحتضن ركبتيها بذراعيها وتحدق في نيران المدفأة وهي تستمع إلى صوت انهمار المطر في الخارج .
وكان هناك شيء آخر ، شيء غير المطر أو الريح . كان صوت سيارة تقترب .
وقفت انجيلا وهي تتنهد ، انه بول ومن غيره يأتي بسيارته في مثل هذا الوقت من هذه الليلة الماطرة ؟ هل من الممكن أن يكون محملاً بالمزيد من الأطعمة بعد أن اخبرته هذا الصباح بأن ثلاجتها لم تعد تسع شيئاً ؟ كما وتمنت أن لا يكون آتياً لكي يذكرها بموعدهما صباح الغد لكي يأخذها إلى مناسبة قروية تقام مرة كل شهر وموعدها غداً مساء ، وكانت قد أخبرته بأنه إذا كان الجو سيئاً فلن تذهب . محاولة أن يكون رفضها ذلك رقيقاً مهذباً لأنها كانت تعلم أن نيته طيبة ويريد خدمتها . وربما يشعر بالأسف لأجلها لوحدتها هذه . ولكنها لم تكن لتتحمل هذه الشفقة منه كما أنها ستكون مرافقة غير مسلية .
وذهبت تفتح الباب وهي تحاول أن تبتسم مخفية ضيقها الذي تشعر به . ثم إذا بها تشهق ، وقد تجمد الدم في عروقها وهي تجد نفسها تواجه عيني كريس الكئيبتين .
كان كريس آخر شخص تتوقع رؤيته ولا بد أن الصدمة بانت عليها ، لأنه قال لها بلهجة باردة جادة جعلت قلبها يتلوى ألماً : " كان عليّ أن أخبرك مسبقاً بقدومي ، ولكن خالتك اخبرتني بأن الكوخ لا يحوي هاتف "
لا بد أنها هي التي أخبرته بوجودها هنا واعطته إرشادات الطريق . لا بد أنها هي من فعل ذلك . فلماذا وهي التي لم تكن موافقة قط على علاقتها مع كريس منذ البداية ؟ كما أنها ذعرت عندما عادت ابنة اختها في ايار (مايو) الماضي لتخبرها بأنها ألغت زواجها من ذلك الرجل المناسب والموثوق به توم ، ما جعلها تنصحها بأنها كلما أسرعت في نسيان ذلك الرجل ، كان ذلك أفضل لسلامتها النفسية .
" هل أستطيع الدخول ؟ " وذكرتها برودة لهجته بالمطر الذي ينهمر عليه ، وبوقفتها هذه عند الباب ، فوقفت جانباً وهي ترتعش ، شاعرة بالإحتقار لنفسها وهي ترى قلبها يخفق لحظة مروره بجانبها .
لم يكن لديها فكرة عن سبب قدومه ، فقد سبق وقال لها بلهجة قاطعة بأن كل شيء قد انتهى بينهما . ربما كان الأمر يتعلق بالطلاق ، وكانت تحدث نفسها بذلك وهي تغلق الباب خلفه .
ولم تشأ أن تسمح لنفسها بأن تأمل في سبب غير هذا ، وأنه قد يكون راغباً في رؤيتها . ومع ذلك فإنها لم تستطع منع خفقات قلبها الجنونية وهي تسير خلفه إلى غرفة الجلوس وساقاها لا تقويان على حملها .
كان شعره الأسود تبلله مياه المطر وكذلك كتفا بذلة العمل الأنيقة التي يرتديها . واستدار نحوها قاطعاً تأملاتها وهو يراقب النار ،وأخذ يتأملها وهي تدور لتقف خلف ظهر كرسي وكأنها تتخذ بذلك ، حاجزاً يمثل عدم رغبتها بوجوده .

Rehana 29-12-15 07:19 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
 
ولم تكن عيناه السوداوان تنطقان بأي معنى . فقد بدا عليهما وكأنهما كانتا تشهدان مرور مليون سنة بأحداثها ، حتى لم يعد هنالك شيء جديد يثير فيهما الاهتمام . وشعرت بأنها تكاد تختنق . لقد تلاشت كل تلك الجاذبية الصارخة غير تاركة أثراً لتلك الإبتسامة الماكرة ، ولا لتألق العينين ذاك الذي كان يعدها بالسعادة . . لم يبق ثمة أثر واحد فيه من ذلك الرجل الذي كان يوماً .. وقال : " ما كان عليك إخفاء نفسك وراء ذلك الكرسي ، فإنني ما جئت إلى هنا لأهاجمك "
وعلت وجهها حمرة خفيفة بعد أن جعلها تنتبه إلى ما قامت به – دون قصد – ولم تجد ما تقوله تدافع به عن تصرفها هذا ، وهكذا أراحت ذراعيها على ظهر المقعد ذاك واتكأت عليهما وهي تسأله بمثل بروده : " لماذا جئت ؟ "
فلاحت على شفتيه ابتسامة باهتة وهو يجيب : " لأقدم إليك عرضاً عملياً .. وماذا غير ذلك ؟ لقد كانت خالتك كتبت إليّ منذ فترة قصيرة .. ولكنك طبعاً ، تعلمين كل شيء عن ذلك " وبدت المرارة على فمه وهو يتابع قائلاً : " أما كان بإمكانك أن تتصلي بي مباشرة ؟ أكان عليك أن تتخذيها واسطة بيننا ؟ "
فهتفت وبدت الحيرة في عينيها . ما الذي يتحدث عنه ؟ وما الذي جعل خالتها تكتب إليه ؟ إنها كانت لا تكاد تطيق ذكر اسمه .
أجاب قائلاً وقد بدا عليه الضجر وهو يستدير نحو النار يدفئ أمامها يديه : " كم خالة لك ؟ يبدو أنك مرتاحة جداً هنا ، بينما فهمت من رسالتها انك لا تكادين تتوقفين عن العمل لكي تتنفسي .. على كل حال .. " واستدار يواجهها وهو يتابع قائلاً : " سنتحدث في ذلك فيما بعد " وعادت الإبتسامة الباهتة إلى شفتيه وهو يقول : " هل من الممكن أن تكملي ترحيبك الآخاذ هذا بتقديم فنجان قهوة ؟ "
هل كل هذا التهكم ضرورياً منه ؟ ووقفت تتنفس بصعوبة وقد تصلب جسدها ، وهي تحدق فيه بارتياب ، إذ ترى ومضة خاطفة في تلك العينين السوداوين ، بدا كريس القديم من خلالها وهو يقول : " أرى أنه ما زال بإمكاني أن أثير أعصابك " وما لبثت تلك الومضة أن تلاشت أو ربما كان ذلك مجرد تصور منها ، لأن العينين السوداوين تلك عادتا غير معبرتين وهو يقول بذلك الصوت الجاد البارد المهذب : " لقد كان الطريق طويلاً ، والتدفئة في السيارة التي استأجرتها من غاتويك لم تكن صالحة ، فأنا أشعر ببرد شديد "
أضافت أنجيلا في ذهنها ، أنه أيضاً متعب وجائع ، وكان ذلك واضحاً من الخطوط التي تنبئ عن الإجهاد في ملامحه المرهقة ، ذلك أنه إذا كان قد قاد السيارة ليأتي مباشرة إلى هنا ، فلابد إذن من أنه يعاني من هذه الأمور الثلاثة . وتجاهلت ما ثار في نفسها من عطف ، ومشت إلى النار بوجه جامد ، تلقمها مزيداً من الخطب بينما جلس هو على كرسي بذراعين مادا ساقيه أمامه ، وقالت تجيبه إلى ما طلب : " بالطبع ، وشيئاً تأكله أيضاً .. أتريد عجة ؟ " وكانت تفكر في أن هذه وسيلة للتخلص من كل ذلك البيض الموجود لديها في الثلاجة ، وكانت تحرص على عدم النظر إليه ، لما كانت تشعر به من الألم ، وما أشد حماقتها إذ لا تستطيع الكف عن حبه وكانت خائفة من أن يبدو هذا في عينيها .

Rehana 29-12-15 07:20 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
 
ولم تنتظر جوابه ، بل مشت إلى المطبخ حيث أغلقت الباب خلفها ، ثم استندت إليه باسطة راحتيها عليه .
لقد مضت شهور منذ رأته آخر مره ، ولكن شوقها إليه لم ينقص ،وكان كفاحها في أن تتعود على فكرة أن زواجها قد أنتهى ، كان أسوأ مما كان منذ أربع سنوات .. أسوأ بكثير .
مع أنه عند ذاك كان سيئاً بما فيه الكفاية ، وذلك بالرغم من أن الستار الذي اختلقته أكاذيب جوليا كان لا يزال موجوداً .
وكم تشبثت هي بذلك الستار مختفية خلفه . لقد قتل كريس أخاه . فقد ارتابت الشرطة بذلك كما كانت جوليا تعرف هذا تماماً ، لا يمكن لأحد أن يحب قاتلاً متعمداً ، ومن هنا لا يمكن لها أن تحبه . أو هذا ما كانت تحاول إقناع نفسها به .
ولم يكن عليها سوى أن تعترف بالحقيقة والتي هي أنها تركته لأنه لم يكن يحبها . لقد كان يحب جوليا ، أما هي انجيلا فقد كان مستغنياً عنها وكان سيلقي بها جانباً حالما يحقق غرضه منها وهو أن تنجب له وريثاً ، ولم تكن هي على نضج كافٍ لكي تخبره بكل ذلك ، ولكن هل هي الآن على كفاية من النضج ؟ أليس عليها أن توضح كل شيء لتظهر الحقيقة كاملة ؟ وربما سيكون بإمكانها في النهاية أن تضع الماضي وراء ظهرها ؟
وعضت شفتها بحزم وهي تتجه نحو الثلاجة بخطوات مهتزة . كان كيانها كله يرتجف متوتراً بتأثير رؤيتها له هنا فجأة على غير انتظار ، ودون أن تعرف لماذا .
لقد قال إن الأمر يتعلق بالأعمال ، وليس عن الطلاق الوشيك ! وما دخل خالتها في الأمر ؟ لماذا كتبت إليه ؟ هذا إذا كانت كتبت إليه حقاً . ولكن لماذا يكذب كريس في أمر كهذا ؟ وأخرجت كرتونة بيض وضعتها على مائدة الطبخ بيدين مرتجفتين . وفتح الباب خلفها ، وجاءها صوت كريس يقول بصوت كالفولاذ : " أن ثمة زائراً لديك . ولو كنت مكانك لطلبت منه أن يقرع الباب في المرة القادمة قبل أن يدخل . لقد بدا محطماً عندما رآني . ويظهر أنني أفسدت خطته لهذه الليلة . وكذلك خطتك ، وكان عليك أن تخبريني أنك في انتظار صديقك الصغير هذا ،إذن لكنت عدت مباشرة ، فأنا أعرف كيف أتصرف بتعقل " .


نهاية الفصل التاسع

ريم الشوبكي 29-12-15 10:33 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
 
متشوقه جدرا اعرف شو رح يصير هلأ اتمنى تنزلي الباقي سرعخ وشكرا على تزليك للرواية رائعهه جداا:55::0041::0041::0041::

Rehana 30-12-15 05:33 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
 
اسعدني جدا حماسك وترقبك الى احداث نهاية الرواية
العفو عزيزتي

Rehana 30-12-15 05:46 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
 
الفصل العاشر والأخير

أجفلت انجيلا لشراسة النظرة التي رأتها في عيني كريس ، والمرارة التي بدت على شفتيه . ولولا ما تعرفه عنه لاتهمته بالغيرة .
حولت عينيها عن وجهه المتجهم ، ثم خرجت من المطبخ عالية الرأس كيف يجرؤ على القول إن بول هو صديقها الصغير ، لأن لا أحد سواه يأتي إلى بيتها في هذا الوقت من الليل ؟
كان بول واقفاً داخل الباب الخارجي ومياه المطر تنساب من سترته الجلدية ، وهو ينتقل في وقفته بعصبية من قدم لأخرى ، ولمعت عيناه عندما رآها ،ولكنها عندما سألته بلهجة بدا فيها الضيق : " ما الذي أستطيع عمله لأجلك ؟ " أومأ إليها بأن تقترب منه ، وهو يهز رأسه . وأدركت هي سبب ذلك ، فقد كانت تشعر بنظرات كريس الملتهبة مصوبة نحوهما من حيث كان يقف عند عتبة باب المطبخ .
وقال بشبه همس :" لقد أرسلتني أمي برسالة هاتفية من خالتك . فهي كانت تحاول أن تتصل بنا طوال بعد الظهر والمساء ولم يكن أحد منا في المنزل . والآن فقط ابلغتنا الرسالة "
سألتة : " لا أظنها مريضة ؟" ومع أن خالتها لم تمرض قط ، إلا أن انجيلا لم تستطع أن تجد سبباً آخر يجعلها بهذا الحرص على الاتصال بها . ولكن هز رأسه وهو يزيد من خفض صوته قائلاً : " كلا ، لقد اخبرتنا بأن ننذرك بأن كريس في طريقه إليك . ولم تكن تريد أن تبلغه بمكانك ولكن لم يكن أمامها خيار آخر " وانتقلت عيناه إلى آخر الغرفة حيث كريس ، لتعودا إلى انجيلا وهو يتابع قائلاً :" يبدو أننا تأخرنا ، أتريدين مني أن أخرجه من المنزل إلى ما وراء السياج ؟ "
وأثر في نفسها تظاهر بالشجاعة كعادة الفتيان مما منعها من الضحك ذلك أن اخراج كريس من المنزل كان يستلزم أكثر من واحد وقالت له بحزم :" كلا ، طبعاً " كان بإمكانها أن تتصرف دون الحاجة إلى هذه التمثيلية المثيرة التي قامت بها خالتها ، والتي كان يبدو لديها سبب وجيه طبعاً دفعها لذلك . فهي لو كانت سبق وتسلمت الرسالة في الوقت المناسب لكانت توخت الحذر ولما أذهلتها الصدمة لرؤيته بهذا الشكل . وتابعت تقول : " إن الأمر يتعلق بالعمل ، وأنا لا أمانع في ذلك حقاً " وحاولت أن تبتسم لكي يذهب .
لقد كانت فكرة حسنة أن تجعله يعتقد أن اضطراب خالتها لأجلها ما كان إلا لأنها لم تشأ أن تفسد ابنة اختها عطلتها بالحديث عن العمل . فماهو بينها وبين كريس كان شيئاً خاصاً وليس موضوعاً لتخمينات لا تنتهي في المزرعة تلك . وتابعت تقول : " ان هذا يطرد عني ملل هذه الليلة الممطرة " فبدا عليه الارتياح وهو يقول : " لا بأس إذن " وربما كان ارتياحه الظاهر لعلمه الآن أنه غير مطالب بتحقيق ما سبق وعرضه من إلقاء كريس خارجاً . وتابع قائلاً :" إنني ذاهب الآن . لا تنسي موعدنا غداً مساء "
وخرج قبل أن تفهم ما قاله .ولكنها ما لبثت أن تذكرت ما سبق وعرضه عليها ، بأن يأخذها إلى احتفال القرية .

Rehana 30-12-15 05:48 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
وجاءها صوت كريس قائلاً :" يمكنك إذا اسرعت أن تناديه ليعود ، لأنني راحل . إنني لا أحب أن أحرمك من أحد عندما انشئت علاقة مع ذلك الرجل البدين لم أستطع أن أصدق ذلك ،ولكن أن تتخذي غلاماً أصغر منك بعشر سنوات حبيباً .. "
فقاطعته متذمرة : " هذا غير صحيح " وكادت أن تضربه وهو يقول باختصار بينما كان يسير نحو الباب : " سواء عشر سنوات أو سنتان فماأهمية ذلك ؟ "
لقد سبق وقال إنه راحل ، وكان يعني ما يقول كما يبدو ، ولكن ذلك ليس قبل أن تقول ما تريد قوله . فمن يظن نفسه ؟ وبسرعة وضعت نفسها بينه وبين الباب . فكان عليه لكي يخرج منه أن يزيحها جانباً بيديه .
ونظرت عيناها الذهبيتان الواسعتان بتحد في عينيه السوداوين العميقتين وهي تقول : " انك ستبقى هنا إلى أن تخبرني سبب مجيئك " وعلى حد علمها ، لم يسبق أن بلغ أحد من التهور إلى حد اصدار أوامر إلى كريس فورد . كما أنه لم يستطع أحد أن يجعله يفعل شيئاً رغم مشيئته ، وكل ما يريده كان يناله . حتى أنها هي نفسها استسلمت لمشيئته . ذلك ان خالتها هي أقوى امرأة عرفتها قط ، ومع ذلك جعلها كريس تقربمكان إقامة زوجته كما يبدو من الرسالة الهاتفية التي أرسلتها .
وتساءلت انجيلا ، وهي ترتجف عما إذا كانت ستتمكن من القيام بإقناعه على البقاء .. حتى ولو للحظات يفصح فيها عن غرضه من القدوم .. هذا إذا كان مصراً على الذهاب .
ولم تعتمد كثيراً على حظها . ذلك أن نظرة إلى التصميم البادي على وجهه ، هذا إلى كراهية ساخرة هذه النظرة انبأتها بأنه سيزيحها من طريقه بمثل السهولة التي يضرب بها ذبابة بكفه . ولكن هذا لن يكون قبل أن تجعله يدرك أنه لن يستطيع أن يفلت من نتيجة مخاطبته لها بهذا الشكل !
ضغطت بجسدها على الباب بشدة ، وهو تقول رافعة الرأس بصوت هادئ : " دعنا نتحدث في واقع الأمور بهدوء ولو مرة واحدة . ان بول وهو الفتى الذي كنت أنت فظاً معه ليس حبيبي ، كلا ولا توم كان كذلك . لقد صممنا حقاً على الزواج ولكنني لم أحبه قط . فأنا لست الفريق الخائن في زواجنا التعس ، كما أنك ما زلت لم تخبرني بسبب قدومك إلى هنا "
نظر إليها ببرود وهو يقول : " سأكتب إليك رسالة بهذا الأمر ، أو ربما الأفضل أن أكلف المحامي بذلك "
فكرت وقد سرى الخدر في جسدها ، في أن هذا لا بد يتعلق بالطلاق . وشهقت وهو يتقدم خطوة وقد بداعليه نفاذ الصبر مصمماً على إزاحتها عن طريقه ، وقال لها : " انظري إلي يا انجيلا ما الذي كنت تفعلينه بنفسك ؟ "
وهل كانت تتمكن من شيء سوى الطاعة ونظراته الثابتة مصوبة عليها ؟ ورفعت جفنيها تنظر إليه مترقبة من بين أهدابها ، بينما كان هو يتفرس في ملامحها باهتمام بالغ .
وأخذ قلبها المسكين يرفرف بين جنبيها عندما قال : " لقد أخبرتني بأنها قلقة بشأنك ، لأنك تجهدين نفسك بالعمل . ويبدو أنها لم تكن تكذب . ما الذي تحاولينه ؟ قتل نفسك ؟ "

Rehana 30-12-15 05:48 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
غالبت لذلك رغبة يائسة في البكاء ، وأخذت تحاول تمالك نفسها بينما كان هو يتابع قائلاً : " لقد نقص الكثير من وزنك ، لما كل هذا ؟ لا تخبريني بأنك لست سعيدة في حياتك يا انجيلا إذ أنك أنت التي اخترتها بنفسك "
وقادها عائداً بها إلى الغرفة بينما كانت هي تتساءل بقلق عما إذا كان نحولها هو السبب في أن غير رأيه بالنسبة إلى الرحيل . ولكن لماذا يهتم بها بعد أن انتهى منها نهائياً عندما رفضت أن تلقي بنفسها من جديد في زواج من دون حب ؟
ولم تكن في حالة تسمح لها بالاعتراض عندما أجلسها على كرسي بذراعين ، ثم استدار يحرك النار . وكانت هي تراقب كل حركة منه بعينين متسعتين شديدتي التألق مفتونة بحركاته العفوية الرشيقة وعندما قال : " لقد كنت تحدثت عن قهوة وطعام سأذهب لاحضار ذلك . أما أنت فامكثي بالضبط حيث أنت " عند ذلك علمت أن اعصابها ستثور . فقالت بصوت مرتجف : " لا أريد شيئاً إنني لست عاجزة ، وكما أنني لا أدعي اينشتاين إلا أن معدل ذكائي هو فوق الصفر ، إن كل ما أريده هو أن أعرف لماذا جئت ؟ "
وأكملت لنفسها ولماذا أردت الرحيل بسرعة عندما جاء بول ، ولماذا عدت فغيرت رأيك مرة أخرى ولكنها أبقت هذه الأسئلة لنفسها .
قال : " سأخبرك بذلك أثناء تناولنا الطعام "
تبعته إلى المطبخ حيث عادت تكرر :" إنني لست عاجزة هذا إلى أنك لا تعرف أين توجد الأشياء " ولكنها كانت تعلم أن غرضها من اللحاق به ما كان إلا لتكون بقربه وتملي عينيها منه لآخر مرة في حياتها. وناولته الفطر ليحضره ، بينما أخذت هي تخفق البيض ، لتعود فتقول بشيء من الانطلاق :" فلتكن بيننا هدنة فإن من الغباء أن نتشاجر . كم ستمكث في انكلترا؟ "
أجاب : " سأعود غداً بالطائرة إلى جونيز "
قالت : " ولكن ذلك يعني .. " واستدارت تعد المائدة وهي تفكر في أن عليه أن يقوم برحلة طويلة عائداً إلى المدينة هذه الليلة وذلك لكي يلحق الطائرة التي تقوم برحلتها إلى جونيز مرتين اسبوعياً . ورغم تمالكه لنفسه إلا أنه لا يستطيع أن يخفي علامات الإرهاق هذه التي تبدو على وجهه فتجعله يبدو منهكاً كبيراً في السن ،كما أن الجو ما زال رديئاً والمطر ينهمر وكأنه لن يتوقف أبداً . وتملكها القلق عليه كما سيتملكها طوال حياتها ، مادامت تحبه . قالت :" ألا يمكنك تأخير ذلك ؟ لقد سبق وقمت برحلة طويلة بالسيارة هذا اليوم . وعليك أن ترتاح ليلة على الأقل قبل .. "
قاطعها قائلاً : " هل تعرضين علي شيئاً ؟ " فأدركت ما يعنيه كما أدركت من تجهم وجهه أنه يتوقع منها أن يتملكها الغضب فترشده إلى أقرب فندق ، ولكنها قالت : " بالطبع إن عندي هنا غرفتي نوم ، أهلا بك للبقاء هذه الليلة " واستدارت إلى الموقد تضع البيض فوق الفطر ، تاركة إياه يفهم من عرضها هذا ما يشاء ، فيقرر إما القبول أو الرفض .
ولكنه لم يقل شيئاً ، وكانت تشعر بعينيه عليها تراقبانها وشعرت بدمها يجري في عروقها بسرعة ليزيد من خفقان قلبها ، لماذا لم يقل شيئاً ؟ أي شيء حتى ولو ليقول أنه يفضل أن يسير إلى الأهوال هذه الليلة على أن يبقى وإياها تحت سقف واحد ؟ لقد كان يحطم أعصابها بصمته هذا . وكانت يدها ترتجف وهي تقدم له صحنه الذي وضعت له فيه حصة الأسد .

Rehana 30-12-15 05:49 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
ولكنها ما أن جلست حتى أبدل صحنها بصحنه ، ونظرت هي في الطعام أمامها ، ثم مالت بظهرها لا تستطيع أن تأكل ذلك . وسمعته يسألها : " هل كنت تعنين ما تقولين ؟ وأن ذلك الغلام المنمّش الوجه لم يكن يشاركك حياتك ؟ وذلك رغم أنه دخل المنزل دون استئذان وكأن له الحق في ذلك ،ورغم أنه كان يهمس إليك بالحديث وكأنه ذو علاقة قوية بك ، ورغم تذكيره لك بالموعد غداً مساء؟ "
أجابت مندفعة : " لقد جاء برسالة هاتفية من التي أرادت أن تنبهني إلى أنك في طريقك إلي ، وعندما رآك علم أنه جاء متأخراً ، وهكذا أخذ يتكلم همساً . وأنا لا ألومه بالنسبة إلى الطريقة التي كنت تحدق فيها إليه ، ثم أنه كان قد عرض أن يصحبني إلى احتفال شهري في القرية لأنه كان يشعر بالأسف لأجلي ،لوحدتي هذه حسب ظنه ولكنني لم أكن أنوي الذهاب " وأبعدت عنها صحنها بينما رأته يتناول طعامه بشهية كبيرة ، ولسبب ما جعلها هذا تشعر برغبة في أن تقول له بلهجة لاذعة : " كل ما يمكنني قوله هو أنك سيء الظن "
أجاب : " كلا بل أنا إنسان راشد . واضح جداً فهو في ذلك السن العزيز الذي يسيطر عليه التفكير بطيش ، ولا تنسي انك جميلة ورائعة جداً " وأنهى آخر لقمة من طعامه ووضع الشوكة من يده ووجدت انجيلا الوقت مناسباً لتغيير الحديث فقالت : " إنك ما زلت لم تخبرني بسبب قدومك "
استدار في مقعده واضعاً ساقاً على ساق ، وذراعه على مسند الكرسي وعيناه الغامضتان لا تتركان وجهها ، ثم قال :" لقد كتبت إلي خالتك وقد تلقيت الرسالة منذ أسبوع فقط وكان لدي موعد عمل هام في مدريد ، ولكن ما أن انتهيت منه حتى كنت في طريقي إلى هنا لأصل هذا الصباح ، كما تعلمين وقد علمت بمكانك من خالتك ، إنما ببعض الصعوبة ثم جئت إليك هنا مقدماً عرضاً عملياً "
قطبت جبينها تسأله : " ولماذا كتبت إليك ؟ "
هز كتفيه قائلاً : " أحقاً أنك لا تعرفين ؟ لقد اتهمتني باهمالي واجبي قائلة بأنني رجل غني وأنني دمرت حياتك " ولوى فمه عابساً وهو يتابع : " أما كيف دمرتها فهذا ما لم استطع فهمه لقد عشت معي سنة من حياتنا الزوجية هذه الحياة التي هجرتها من نفسك وكامل إرادتك كما هو المفترض ، لم يدفعك أحد إلى ذلك . وقد سبق واعترفت بأنك لم تصدقي ما كانت أخبرتك به جوليا . لقد قالت أنها قلقة لأجلك ويبدو أنك أغرقت نفسك في العمل إلى حد الارهاق وذلك لكي تجمعي مبلغاً يؤهلك للدخول شريكةمعها في عملها . لقد اقترحت بأنه إذا كنت أنا لا أرغب في مساندتك مالياً فعلي أن أستعيد منك تلك الأسهم التي كان يملكها والدك في شركتي ثم تركها لك "
وضعت انجيلا فنجانها في صحنه بعنف وهي تقول : " ما كان لها الحق في ذلك " إنها لا يمكن أن تغفر لخالتها أبداً تدخلها السافر هذا ، فلو أنها كانت تريد شيئاً من كريس لفعلت ذلك منذ وقت طويل , وأرغمته على دفع نفقة لها بواسطة المحكمةإذا لزم الأمر ، وتابعت تقول : " إنني لا أريد شيئاً منك ، ولم أرد ذلك قط "

Rehana 30-12-15 05:50 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
وسكتت غاضبة وهي ترى وجهه يتصلب وقد جرحت كبريائه ليجيبها قائلاً : " لقد أوضحت ذلك أكثر من مرة فلا ضرورة للتكرار ، ومع ذلك فإن عليك أن تتصرفي . إنني أرى من الأفضل لك أن تتمسكي بأسهمك تلك ، وإن كانت ليست كثيرة العدد على كل حال ، ذلك أن قيمتها ستعلو بالطبع وستتلقين منها إيراداً سنوياً "
قالت بعنف : " هكذا إذن ؟ " وكانت لا تزال غاضبة من تدخل خالتها ، ليأتي ختام هذا الحديث فيزيد من تعاستها ، إنها لم تفكر مطلقاً من قبل في بيع هذه الأسهم ، سواء له أو لغيره . إلى أن أتى توم على ذكر هذا الأمر ... مستمراً في ذكره ، وحتى ذلك الحين شعرت بكراهية غامضة للقيام بمثل هذا العمل ،إنها تعلم الآن أن تمسكها بتلك الأسهم وبإيرادها السنوي لأنها كانت الشيء الوحيد الذي بقي يربطها بالرجل الذي ستبقى على حبه .
تابع قائلاً : " وهكذا ما أقترحه عليك هو أن تحتفظي بتلك الأسهم ، وعندمايتم الطلاق سأقوم أنا بتمويل اشتراكك مع خالتك . ولن يكون لك – في نفس الوقت – أن تقلقي من جهة توفير كل ما تكسبينه فإنك بذلك على الأقل تستطيعين أن تعيشي وتأكلي بشكل أفضل "
كانت التعاسة تكتسحها موجة بعد موجة ، وشعرت بأنها أضعف من أن تجيب بشيء . إنها تعلم السبب في ذلك والذي هو موت الأمل في نفسها ، لقد كانت تكافح جاهدة في سبيل القبول بهذا الوضع ، وذلك منذ عودتها من أسبانيا ليعود هذا الأمل إلى الحياة بمجيئة إليها هذه الليلة .
لقد حاولت أن لا تتمسك باي امل ولكن لا بد أن الأمل كان موجوداً طوال الوقت بانتظار أن يعود فيقتلها حزناً من جديد ، والآن بحديثه الهادئ الخالي من المشاعر هذا عن الطلاق ، تلاشي آخر أمل مخادع كانت تعلل به نفسها .
ووقفت وساقاها تتمايلان تحتها ، وأخذت تجمع الأطباق لتضعها في حوض الغسيل وسمعته يقول من وراء ظهرها : " حسناً ؟ " وكان صوته حاداً عديم الصبر.
عند ذلك استدارت إليه تواجهه ، وكان وجهه كأنه قدّ من الخشب . وجذبت نفساً عميقاً ثم هزت كتفيها قائلة : " إذا كان هذا ماتريده "
لقد بدا عليها وكأن الحياة استلت من كيانها ، كانت تعرف ذلك ، ولكن هذا لا يمكن أن يكون السبب في كل هذا الغضب الجارف الذي انتابه وجعل عينيه كالجمر ، أو في الطريقة التي قال بها بصوت خشن : " إنني أحاول أ ن أوفر لك الاطمئنان إلى المستقبل ولكن هذا ليس ما أريده وأنت تعلمين ذلك جيداً "
ضرب قبضته في راحتة بعنف وهو يتابع : " إن ما أريده هو أن تمكثي معي في فالنسيا زوجة ، لقد طلبت ذلك منك مرتين وفي المرتين رفضتني فلا تدعي إذن أنك لا تعرفين ما أريد "
ازدردت انجيلا ريقها شاعرة بالاختناق أتراه ولد لكي يعذبها ؟ والتمعت عيناها بالدموع . ها قد حان الوقت لربط الأمور ببعضها فلربما استطاع أن يفهم ويكف عن تعذيبها باقتراحاته . فقد كانت منذ فترة فكرة في هذا الأمر وفي ما إذا كان هو الطريق الوحيد لوضع الماضي خلفها بحزم .
قالت : " إنني لا أستطيع أن أكون زوجتك ما دمت لا تحبني فليس في استطاعتي خوض تلك التجربة مرة أخرى "

Rehana 30-12-15 05:50 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
سألها : " ما هذا الذي تتحدثين عنه ؟ "
كانت لهجته ضجرة وكأنها تبعث الملل في نفسه ، ما جعلها لا تستطيع حبس دموعها اكثر من ذلك ، فانهمرت على وجنتيها وهي تجيبه قائلة بصوت مرتجف يائس : " إنك لم تحبني قط على الاطلاق . بينما أنا كنت أحبك كل الحب ، فلم أستطع احتمال ذلك ، لشد ما آلمني عدم اهتمامك بي "
قال وكأن ذلك قد أوضح كل شيء :" آه "
إنها ترى الآن أنه فهم الأمر ، بطبيعة الحال فهو لن يكرر طلبه منها في البقاء زوجة له . لقد ظفرت بحريتها أخيراً ، على حساب كرامتها . تلك الكرامة التي منعتها طوال تلك السنين من اخباره بالحقيقة كلها ، تلك الكرامة التي كانت الوحيدة التي استطاعت استخلاصها من بين حطام زواجهما .
قال وفي لهجته رقة أدهشتها : " وما الذي جعلك تظنين أنني لا أهتم بك ؟ " ومدّ يده يرفع ذقنها بلطف يرغمها على فتح عينيها الخائفتين والنظر ببطء وهو يسألها بصوت أجش : " هل أفهم من ذلك أن السبب الوحيد لرفضك الصلح معي كان لاعتقادك بأنني لا أحبك ،وأنني لم أحبك قط من قبل ؟ "
أومأت برأسها إيجاباً وقد منعها الذهول من الإجابة ، ها أنها قد أوضحت له كل شيء ، فماذا يريد أكثر من ذلك ؟
ولدهشتها قال لها وعيناه تبتسمان : " لا داعي للبكاء يا عصفورتي الصغيرة " ولمع الهزل في عينيه كعادته التي تذكرها دوماً ، والتوى قلبها بألم الحب والمرارة . بينما تقوس فمه بتلك الجاذبية الخاصة به وحده ، مظهره ملامحه الوسيمة بكل جاذبيتها كان من الروعة بحيث فاق احتمالها .
وسرعان ما تلاشت الغصة في حلقها وهو يمسح دموعها عن وجنتيها ويكرر قائلاً : " لا داعي للبكاء ، إنك تحبينني وهذا طبيعي "
ارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة ، بينما قلبها يتحطم . لشد ما تحبه ! إنه يعرف ذلك الآن ، ولكنها لم تعد تهتم . ولو كان رجلاً آخر لاعتبرت ذلك غروراً منه ، ولكنه بالنسبة إلى كريس فهو ثقة رائعة بالنفس . تماماً كما سبق وقال لها في فالنسيا إنه لا يهتم بتوم مطلقا لأنها بصفتها زوجته لا يمكن أبداً أن تضع شخصاً مثل هذا مكانه .
وهذا كان صحيحاً لسوء الحظ .
والآن ، لم يبق ثمة شيء يقال .
تراجعت إلى الخلف وليس لديها ما تقوله سوى : " سأفكر في عرضك في أن تشتري لي أسهماً في وكالة "
" إنك لن تفعلي ذلك ، فقد سحبت هذا العرض ، فأنا أعلم الآن لماذا كنت ترفضينني على الدوام ، الأمر غاية في البساطة وهو أنك ستعودين معي إلى فالنسيا زوجة لي . وأينما ذهبت تذهبين معي ، إنك لن تتركيني بعد الآن أبداً "
قالت بيأس : " ولكن لم يتغير شيء إنني لا أريد أن أجرب تلك الآلآم مرة أخرى و .. "
أجاب موافقاً بلهجة حارة : " كلا ، لم يتغير شيء ، ولن يتغير مطلقاً ، ذلك أنني أحببتك على الدوام قبل كل شيء "

Rehana 30-12-15 05:51 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
قفز قلبها من موقعه ، وتساءلت عما إذا كانت تجرؤ على تصديقه . وبينما كانت مترددة بين ذلك أو عدمه ، إذا به يبعدها عنه لحظه وهو يحاول تمالك نفسها ، ثم قادها عائداً بها إلى غرفة الجلوس . ثم سألها برقة : " والآن أخبريني ما الذي يجعلني أتزوج فتاة بلهاء؟ أخبريني ما الذي يجعلني أتزوج إمرأة لا أحبها "
لقد جعلها بهذا تبدو غاية في البلاهة فابتسمت بلطف مستمتعة بروعة هذه اللحظة فقط دافنة وجهها في سترته تستمع إلى ضربات قلبه.
كانت لديها هذه اللحظة فقط لتسمح لنفسها بأن تشعر بالهناء مقنعة نفسها فيها بأنه تزوجها فقط لأنه كان يحبها ومازال يحبها .
ثم رفعت رأسها تنظر إليه ،محاولة أن تستجمع الشجاعة لكي تذكره بتلك المرأة المخيفة ثم انفجرت تقول : " لقد أخبرتني جوليا ذلك اليوم بالحقيقة . وكنت أنت بعيداً ، لقد جاءت إلي وأخبرتني بأنكما كنتما حبيبين لسنوات طويلة ، وأنه كان عليكما أن تتزوجا منذ مدة طويلة ، ولكنها لم توافق لأنها لا تنجب أولاداً .. وذلك نتيجة حادث حدث لها في طفولتها ، كما قالت . وكانت هي تعلم أنك تريد وريثاً وأن هذا كان بالنسبة إليك شيئاً بالغ الأهمية "
وتهدج صوتها بينما جمد كريس في مكانه . لقد شعرت بالتوتر يستولي على جسده منتقلاً إليها وكانت قد أبتدأت ترتجف وقد تملكتها رجفة شملت جسدها بأجمعه .
وتابعت : " عند ذلك قررت أن تتزوجني ، وأن تطلقني عندما أنجب لك وريثاً . ولكننا لم ننجب ولم تكن ثمة دلالة على أنه سيكون لنا طفل ، لقد قالت جوليا إن صبرك قد بدأ ينفد وأنك صرت تكرهني وتكره هذا الوضع كله ، لقد كانت تحذرني بكلامها ذاك "
كان لصمته الطويل الذي تلا حديثها ولتصلب جسده الذي استمر كلياً ، ما جعلها تتوقع الأسوأ ، ولكنها كانت من الاستغراق في ذكرياتها المؤلمة إلى حد فوجئت معه بغضبه الذي تفجر وهو يندفع واقفاً بعنف ، يصرخ في وجهها :" كانت تحذرك ؟ وأنت صدقتها ؟ ومازلت تصدقينها أكثر مني ..؟ أنا زوجك ، هل تراني سأتعرض لمثل هذا العذاب مرة أخرى؟ .. إنني أغسل يدي منك "
ودفع يديه في جيبي بنطاله ،وأخذ يذرع أرض الغرفة ثائراً وارتجفت انجيلا ، ولم تعد تدري ما تقول ، فهي لم تتوقع ردة فعله هذه ولم تكن تعرف ما تفعل تجاهها .
وقالت بصوت مبحوح : " أتعني أن هذا ليس صحيحاً ؟ " ورأته يجمد في مكانه ، ثم يستدير على عقبيه وعيناه تلتهبان وهو يقول ساخراً بقسوة : " وهل تصدقينني إذا أنا قلت أنه ليس صحيحاً ؟ وهل تجعلين كلمتي فوق كلمة تلك الكاذبة الآثمة المجنونة ؟ أم أنه كثير عليك أن تثقي بزوجك ؟ لقد أسرعت تماماً باخباري بأنك صدقتها تماماً بالنسبة لأكاذيبها عن دوري في موت أخي . أسرعت تماماً بالهرب واتهامي بالاجرام أتعلمين كم آلمني ذلك ؟ أتعلمين ؟ "
وبدا متوحشاً لدرجة شعرت معها أنها تتمزق إرباً وكان الصمت مخيفاً ، حتى الريح توقفت عن العصف والمطر عن الهطول . وعضت شفتها وقد فهمت ماهية شعوره عند ذاك ،

Rehana 30-12-15 05:51 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
وقالت تذكره بصوت هادئ : " إنني لم أصدق ، في الواقع أبداً ذلك الجزء مما قالته عن قضية أخيك . وعندما توقفت في ما بعد عن التفكير , وبعد أن تمالكت نفسي بعد تلك الصدمة التي أصابتني حين قيل لي بأنك تزوجتني فقط ، لاستغلالي علمت انك لست من النوع الذي يقتل أخاه متعمداً . وقد سبق واعتذرت لذلك ، وماذا علي أن أفعل غير ذلك ؟ "
قال بصوت بارد قاس : " بامكانك أن تخبريني عما منعك من أن تقذفي بوجهي بالتهمة الأخرى ، لقد تمتمت بشيء عنها ، وعن أنها كانت حبيبتي ولكنني لم أكترث بذلك وأرجعته إلى اغاظة طفولية منك لي . لماذا لم توضحي لي كل شيء ؟ "
وكان يسألها وقد شبك ذراعية فوق صدره وقد بدت في عينيه نظرة مخيفة ، ولكنها أجابت ببساطة دون أن تحول نظراتها عنه : " إنها الكرامة لقد سبق وأخبرتك بأنني بعد أن هدأت وابتدأت أفكر بتعقل ، لم أستطع أن أصدق انك قتلت أخاك . ولكن الشيء الآخر .. لم أستطع أن أصل بشأنه إلى قرار . ذلك أن سماعي لجوليا تخبرني انك انت وهي كنتما حبيبين ، وأنها لا تعتبرني تهديداً لها بأي شكل لأنني لم أكن سوى مراهقة غبية ، مملة وعاطلة من أي جمال ، وأنك ستأمرني بالرحيل حالما أنجب لك الوريث ، عند ذلك لم أستطع أن اخبرك خفت أن أذكرك بوضعي وهو أنني مجرد فتاة مخبولة متشبثة بك ، مهجورة من الحبيب ، وعلى استعداد للإذلال أمامك لما تتفضل به عليها من اهتمام عابر . لقد كانت الكرامة هي كل ما بقي لي لم يكن لدي شيء غيرها "
اشتد اللهب في عينيه ورفع كفيه يغطي بهما وجهه للحظه قصيرة ليزيحهما بعد ذلك ببطء ، وهو يقول بصوت بدا فيه الهلع : " الكرامة لقد ولدت معها ، وبإمكاني أن أتفهمها بالنسبة إليك ، ويا لها من إثم "
وقال بصوت مفعم بالمشاعر : " لنفتح صفحة جديدة نحن الإثنين "
ونظر في عينيها ملياً ، ورأت تألق الدموع في عينيه السوداوين . قال لها :" إن كرامتي هي التي منعتني من الحضور إليك لأطلب منك الرجوع إلي . إنها لم تسمح لي بأن أغفر لك تصديقك ما قالته لك تلك الكاذبة الحقيرة عن دوري في موت أخي ، بدلا من أن تثقي بي ، أنا زوجك . ولكنك بقيت تعذبينني . إنك لم تبرحي أفكاري مطلقاً . لقد وضعتك تحت المراقبة لتسجيل كل حركة منك ، لقد كنت أحدث نفسي أنني كنت أترقب الفرصة المواتية وانتظر يوماً أتمكن فيه من الانتقام وذلك لأجعلك تعانين نفس الألم الذي جعلتني أعانيه ، ولكن الحقيقة .. "
" الحقيقة هي أنني لم أكن أحتمل عدم رؤيتك ، ولم أكن لأتوقف عن الأمل ، كنت في نهاية كل يوم أتساءل عما إذا كان اليوم التالي سيعيدك إلي . لقد كنت أحتفظ بالورود البيضاء اليانعة في غرفتك بانتظارك على الدوام ، تماماً كما كنت أنا في انتظارك ، إنما تمنعني كرامتي من القدوم إليك متوسلاً "
تأوهت وهي تقول مذهولة : " آه يا كريس ما أشد حبك لي "
قال لها :" منذ اللحظة التي رأيتك فيها " وأمسكها برقة بالغة وكأنه يخاف عليها من أن تنكسر وهو يتابع قائلاً : " كنت صغيرة ، هشة ، بريئة ، رائعة الجمال ، وقد أصبح قلبي أسيرك على الفور ، لقد كنت تعانين من كارثة مفجعة بفقدك والديك ، كما كانت تزعجك خالتك سيئة الطبع تلك . كنت أريد أن أبعدك عنها لأعتني بك ، وأحبك وأجعلك آمنة وأراقبك وأنت تتفتحين كالزهرة ، فهل من عجب أن تزوجتك بمثل تلك السرعة ؟ "

Rehana 30-12-15 05:52 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
عادت وقطبت جبينها حينما قال لها برصانة : " أما مسألة غرفتي النوم المستقلتان فعائد إلى انك كنت صغيرة السن وبريئة للغاية ، فلم أحب أزعاجك وكنت انتظر حتى تصبحين في سن ناضجة "
قالت : " بينما أنا طيلة الوقت كنت أظن أنني لا أرضيك ، وكنت متأكدة من أنني خيبت أملك في شخصي ، وأنك إنما تمضي كل اوقاتك في العمل لأنني أسبب لك الضجر "
قال : " إنك لم تسببي لي الضجر قط يا حبيبتي ، ولكنني في ذلك الحين ، كان علي أن أعمل بغاية الجهد . ذلك أن الشركة في عهد أخي بيتر كانت موشكة على الافلاس ، فكنت أبنيها من جديد ، لأجلنا نحن الاثنين . وكان علي أن أوضح لك كل ذلك . ولكنني كنت أظنك سعيدة ، وكيف كان لي أن أعلم أنك لم تكوني كذلك ؟ كان يجب عليك أن تخبريني "
اعترفت قائلة وهي ترتجف : " لقد كنت عديمة الشعور بالأمن والثقة ، وهذا هو السبب في انني صدقت جوليا في ما قالت . وعندما تكلمت معك في الهاتف ذلك اليوم ، كنت ذاهلة مضطربة ، لقد أخبرتك بأنني سأتركك وبسبب ذلك . وكان كل ما كنت أريده منك هو أن تقول لي ان كل هذا كذب في كذب . كنت سأصدقك عند ذاك كلمة واحدة منك فقط كنت بعدها سأعود إليك على أول طائرة . ولكنك لم تنكر كلمة واحدة ، عند ذلك ظننت أنك لم تستطع الانكار لأن المسألة كانت حقيقية "
نظر في عينيها بعينين تجلى فيهما العذاب وهو يقول بصوت يقطر ندماً : " إنها الكرامة ، ياغاليتي .. عليك ان تفهمي ، فإن لك نصيبك من ذلك أنت أيضاً ، ذلك أنك عندما وجهت إلي تلك الاتهامات جعلتني في حالة صدمة ، لتحل محلها بعد ذلك الكبرياء والكرامة المجروحة ، ما كان لي أن أخبرك بأن كل ما سمعته كان غير صحيح . ما كان لي أن أتوسل إليك ، لقد كنت زوجتي المحبوبة ولهذا كان عليك أن تثقي بي تماماً . هذا ما كانت توحية إلي كرامتي . الكرامة هي التي أبعدتني عنك أربع سنوات حافلة بالعذاب . كيف كان لي أن أعلم بأنك كنت تشعرين معي بأنك مهددة بذلك الشكل ؟ عديمة الثقة والطمأنينة ؟ لقد كنت بالنسبة إلي على الدوام ، انجيلينا ، زوجتي الرقيقة الرائعة الجمال . لقد كان قلبي مكاناً أميناً لك على الدوام ، بينما لم تخرج جوليا عن كونها موظفة معتبرة "
قالت وهي ترتجف : " ولكنها كانت كما يبدو تملك كل ما لا أملكه . كانت ذكية ، رائعة الجمال ، فاتنة ورشيقة . وعندما كانت تأتي إلى فالنسيا ، وكان هذا مراراً ، كانت تقضي كل الوقت معك بينما كنت أنا وحيدة في البيت ، أنسق الأزهار وأتساءل عما بإمكاني أن أقوم به لأجعلك تهتم بي كما تهتم بها ، وهكذا صدقت كل ما قالته عني مثل أنني لم أكد أعدو طورالمراهقة وأنني صغيرة بالنسبة لسني ، وغير خبيرة وعادية الجمال وسمينة "
قال : " ما أشد حماقتك التي مازلت عليها ، يا حبيبتي ذلك أنك عندما اعترفت لي بأنك لم تصدقي بأن من الممكن

Rehana 30-12-15 05:52 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
أن أكون مجرماً ، كنت متأكداً من أنك لا بد رفضت أيضاً ما كانت قالته لك تلك المرأة عن علاقتنا المزعومة ، وعندما أعدت الرجل البدين إلى انكلترا ، كنت مقتنعاً تماماً خصوصاً وقد تجاوبت معي عندما حاولت التقرب منك ، وهذا هو سبب شعوري بتلك المرارة عندما رفضت البقاء معي . آه يا انجيلينا ، كان عليك أن تعلمي أنني كنت سأحبك وسأراك رائعة الجمال سواء كنت في التاسعة عشرة أم في التسعين ، نحيلة أو سمينة بحجم البيت "
قام من مكانه ليأخذها معه إلى المطبخ وقال : " سأصنع لنا قهوة ثم أتحدث عن تلك المرأة التي أكره الكلام عنها ، إنما لآخر مرة فقط ، هل تفهمين ؟"
ورمقها بتلك النظرة العنيفة المصحوبة بالكبرياء والتي تعشقها . إنها كذلك لا تحب الكلام عن تلك المرأة ، ولكنها رضيت بأن تستمع إلى ما يريد قوله .
قال : " لا بد أنها كانت مخبولة ، ولم أكن أنا منتبهاً إلى ذلك في البدء . وكان لها علاقة مع أخي بيتر ، ولكن هذا لم يدهشني . فقد كان لا يرد أية أمرأة جذابة تعترض طريقه . وكانت هي تعمل في انكلترا في فرع الواردات ، فهي لم تكن من النوع الذي يجذبني ، ولكنها كانت ممتازة في عملها ، ما كان يجعلني أخصص لها بعض وقتي عندما كانت تأتي إلى المكتب الرئيسي في فالنسيا ، فكان عندها أفكار مبدعة من الممكن أن تستفيد منها الشركة ، وهكذا تظاهرت بعدم ملاحظة اهتمامها بي ، فلتعدني غبياً مادامت ذات فائدة للشركة . أما ما لم أدركه تماماً ، فقد كان عمق مشاعرها نحوي ، إذ أنها كما يبدو كانت في أعماقها تعتبرني ملكاً لها . وهكذا لم يخطر في بالي قط أن الغيرة قد تتملكها إلى حد الخبل ، حين وقعت أنا في الغرام لأول مرة في حياتي ، وأسرعت بالزواج منك قبل أن تغيري رأيك وهكذا حاكت تلك الأكاذيب لتخيفك وتبعدك عني "
لم تستطع انجيلا أن تمنع نفسها من السؤال : " وماذا جرى لها ؟ "
فأجاب : " ماذا تظنين ؟ عندما علمت بما أخبرتك به من أكاذيب ، طردتها من العمل على الفور . لقد هددتها بأن أرفع عليها دعوى بتهمة القذف وتشويه السمعة إذا هي أرتني وجهها بعد ذلك أو رأيتها في أملاك أو أماكن تخصني . كانت لا تزال في منزلي عندما عدت من رحلة العمل تلك ، فاتصلت بي أنت من انكلترا . وبعد تلك المكالمة الهاتفية تركت مكتبي لأفتش عنها وكانت في غرفتي " ولدى نظرة الألم التي بدت في عيني انجيلا ، ضغط على يدها متابعاً : " لقد وضعت نفسها في ذلك المكان دون علم مني ،ولكنني طردتها خارجاً طارداً إياها من العمل "
تأوهت بسعادة وكأنها تحلم ، وما لبثت أن تحولت إليه تسأله : " أتذكر أثناء نزهتنا في الجبال ؟ عندما طلبت مني أن أبقى زوجة لك فسألتك ما إذا كان طلبك هذا لكي يكون لنا أطفال ، وقلت أنت ماذا غير ذلك ؟ لماذا أجبتني بذلك ؟ " وبدا عليها الاستياء ، لو لم يفعل ، ربما كانت ستبقى معه ولما عاد الكبرياء ففرقهما تلك الشهور الماضية المليئة بالعذاب .

Rehana 30-12-15 05:53 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
فأجاب باسماً : " لقد ظننت أن هذا ما كنت تحبين سماعه ، ولا علاقة له بخطتي المزعومة في أن أنجب منك طفلاً ، ثم أطردك في ليلة ممطرة . ذلك أنه بعد حوالي ستة أشهر من زواجنا ، كنت قد أخبرتني ذات مرة أنك تريدين طفلاً ، أم أنك نسيت ؟ كان يبدو عليك ، في ذلك الحين ، غاية التشوق للحمل "
وتذكرت الآن أن هذا كان صحيحاً ، فقد كانت في ذلك الوقت ، تظن أن وجود طفل قد يزيد من القرب بينهما ، دون أن تعلم أن عدم نضجها ، والشعور بعدم الثقة الذي غرسته في نفسها جوليا هو الذي كان يجعلهما متباعدين .
فتحت انجيلا عينيها عند سماع زقزقة العصافير ، فارتسمت على شفتيها ابتسامة حالمة ما لبثت بعدها أن نزلت من السرير ، فارتدت معطفها المنزلي واتجهت نحو المطبخ لتضع الشاي . سمعت طرقات .
وكان كالعادة .. بول محملاً بصندوق كرتون يحوي أطعمة أرسلتها أمه ، واتسعت عيناه وهو يراها في ثيابها المنزلية وشعرها الأشعث وعينيها الحالمتين وكريس خلفها يقول : " شكراً ، لا نريد شيئاً لهذا اليوم " وذلك بلهجة من يقول أتظن نفسك بشراً ؟ وغالبت انجيلا رغبة في الضحك وهي تقول للفتى بلطف : " هذا جميل جداً من والدتك ، ولكن عندنا ما يزيد عن كفايتنا ، وأنا وزوجي سنرحل إلى فالنسيا اليوم أو غداً ، إنني سأزوركم قبل الرحيل ، وشكراً لكم جميعاً لكل العون الذي اسديتمون إلي ّ " ثم أغلقت الباب بهدوء في وجهه الذاهل ، بينما قال لها كريس : " إنني أحس اليوم بكرم أخلاق يجعلني أشعر بالأسف لأجله . فهو قد فتن بأكثر النساء جاذبية في العالم ، ليرى بعد ذلك أنني أخذتها منه "
فقالت : " إن ابريق الشاي على النار "
أجاب : " هذا حسن . إننا سنعود إلى فالنسيا غداً . وبإمكانك أن تكتبي رسالة إلى خالتك . أو أن تتصلي بها هاتفياً من المطار ، أما اليوم فأنا بحاجة إلى الراحة ، هل نسيت ؟ إنك أنت التي أصررت على أن أرتاح ليلة قبل أن أذهب إلى المطار ، ولكنني سأصنع الشاي أولاً والخبز المحمص ، بينما أنت تذهبين وتبقين في غرفة الجلوس قرب المدفأة ، فلا شيء أفضل من ذلك في مثل هذه البلاد الباردة الممطرة "
وهكذا أطاعته إذ عليها أن تهتم براحته من الآن فصاعداً ، وهذا وعد منها أفصحت عنه نظراتها إليه وهو يلحق بها بعد ذلك بدقائق . وعد منها حفظته على الدوام ، بمباهج حبهما المتبادل ومسراته ، وذلك في مستقبل خال من الغيوم يضمهما معاً .


تمت

Rehana 30-12-15 05:54 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
احب اشكر الاعضاء اللي تابعوا الرواية وعلقوا لشدة حماسهم مع احداث الرواية

تحياتي لكم

Hiam 30-12-15 07:10 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
وهي عرفنا ليه كان يتركها تنام لحالها
بالاول فكرت خالتها حست بحبها له علشان هيك اتصلت فيه
بس طلع بدها فلوسه هالعجوز الشمطاء هههههه
واخ من الكرامه اللي بتضيع الحب وبتفرق بين الاحباب
يسلموا كتير ريحانه غلبناكي معنا 💐🌹🌻🌺🌼🌸🌷

انا مغربية 08-01-16 01:31 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
:dancingmonkeyff8:يسلموا

فاكى 11-01-16 06:34 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
روايه ررررررررررررروعة

ماروكو انيس 13-02-16 05:48 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
مشكوررررررررررررررين

غدير ابراهيم 25-02-16 05:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3583333)

اليوم راح انزل اليكم رواية
الأمل الأخير
للكاتبة : ديانا هاملتون

الملخص
" أتريدينني أن أفقد عقلي ؟ "
من يكون هذا الرجل الذي كانت تظن أنها تعرفه غاية في ضبط مشاعره ؟ ربما كانت انجيلا تصدق منذ أربع سنوات أن كريس فورد كان يحبها حقاً كما كان يقول . ولكن الخبرة علمتها حالياً أن تكون على حذر . ذلك أنه ليس الحب بل هو الانجذاب الذي كان يسعد زوجها . ولم يكن في نية أنجيلا أن تخضع لذلك .


الرواية للامانة منقولة .. تم تدقيقها من قبلي

فيه مشكلة مع الصفحة

Rehana 25-02-16 07:44 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
مساء الخير ☺
كيف يعني في مشكلة مع الصفحة؟ وضحي اكثر

غدير ابراهيم 27-02-16 06:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3583333)

اليوم راح انزل اليكم رواية
الأمل الأخير
للكاتبة : ديانا هاملتون

الملخص
" أتريدينني أن أفقد عقلي ؟ "
من يكون هذا الرجل الذي كانت تظن أنها تعرفه غاية في ضبط مشاعره ؟ ربما كانت انجيلا تصدق منذ أربع سنوات أن كريس فورد كان يحبها حقاً كما كان يقول . ولكن الخبرة علمتها حالياً أن تكون على حذر . ذلك أنه ليس الحب بل هو الانجذاب الذي كان يسعد زوجها . ولم يكن في نية أنجيلا أن تخضع لذلك .


الرواية للامانة منقولة .. تم تدقيقها من قبلي

تانكس لأبداعاتك

ندى ندى 03-03-16 05:21 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
شكرا حبيبتي رواية رائعه

وجميله جدا

هتوف المجد 03-03-16 04:29 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
شكراً لك على هذا المجهود

ساشا علي 03-03-16 10:28 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
رررررروووووووووووعة

مندوري 09-03-16 05:41 AM

السلام عليكم ورحمة الله

Asmaa adel 05-04-16 03:02 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثاني )
 
الروايه رائعه شكرا لكي

نورا العبيدي 08-07-16 07:57 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
ياااريت تكوون نهاية قصة حبي هيك

فرحــــــــــة 09-07-16 12:07 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
غاليتى
ريحانة
ذوق رفيع . واختيار رائع
إستمتعت بقرأتها
شكراً جزيلاً لك
على هذا الرقي
دمتى بكل الخير
فيض ودى

امانى سمير 31-01-17 08:58 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
رواية جميلة جدا دى تانى مرة اقرها و ملاتش منها:liilas:

الاء بيكيه 27-03-17 10:04 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
روااااااااايه رووووووووووعه

الامل المفقود 08-04-17 12:51 AM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون ( كاملة )
 
انا لم اكمل قرائتها بعد
شكرا بالفعل رواية اكثر من رائعة

هدى شوشو 17-04-17 12:10 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
يسلموا ااااا

غروووووور 28-09-19 05:19 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
شكراااا لج علي الروايه

Moubel 07-12-21 08:23 PM

رد: 1072 - الأمل الأخير - ديانا هاملتون - دار النحاس ( كاملة )
 
رواية رائعة جدا
شكرا لك على المجهود


الساعة الآن 07:02 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية