منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f833/)
-   -   حين تلتحم الخطايا/بقلمي (https://www.liilas.com/vb3/t201455.html)

عَزف 05-12-15 12:15 AM

حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
السلام عليكم ,,,

اكتب بلا هُدًى ,فقد اشتقت لرعشه الكتابة التي تنتاب اناملي هكذا في خضم الكلام . في كل مرة اجبر نفسي على الكتابة اجدني استرسل في قصة جديدة , شيءٍ لم يخطر لمخيلتي قط , ربما هي عدوى الكتابة او القراءة لا يُهم .
اكتب كثيرًا وانا اعلم انه ليس هناك ما يستحق النشر, يكفيني ان أعيش و انا اكتب واعلم ان الكتابة حق لا يمكن ان يسلبه احدٌ مني يومًا .
ليس لدي بداية لأكتبها, او نهاية لاسطرها هُنا فقط سأبدأ من حيث أصبحت حياة أبطالي تسير بمنحنى غير متوقع .
لم نشرتِ هذه الرواية؟ لأنه كان لزاما علي ان اترجم كل تلك المآسي التي دارت في مخيلتي يومًا , وان أتيح لكم فرصة رؤية دموعي التي سكبتها لأجلهم في اسطر , آملة منكم ان تعيشوا لحظاتهم وان تتخيلوا أنفسكم مكانهم .

*الرواية ليست مجهود فردي وانما عمل كاتبتين , نقبل نقدكم البناء والهادف للإرتقاء بهذا العمل *

بسم الله نبدأ ....



حين تلتحم الخطايا
(البارت الأول)




““تمارس أحيانا الصمت ، تقول إن في الصمت شئ من الموت ، ثم لا تموت ، هذا القلب لا يسكت .”

— مصطفى حمزة



إسطنبول /2014 / قبل سنة



مهما امتد حزني لمساحات شاسعة تخترق قلبي وتتعداه ، ومهما صرخت *كل هذا سيمر* ، ومهما اندلعت حرائق اليهود في صدري ، ومهما حاولت الانكار وتظاهرت بتجاهلي كل المصائب التي تجري حولي ، مهما تمنيت ومهما تألمت ، برغم هذا كله ، لن يمر هذا الحُزن عبثًا , لن تمر هذه الخيانة بأقل الخسائر كما اعتقدت , كل الفرص التي سنحت لي ان اغير وقائعي/مصائبي

ولم انتهزها تمر امامي وهي تراقص خيباتي وتهزأ بعطفي وحسن نيتي

اقترب رجلٌ منه وهو ينزع العِصابة عن عينيه : يحيا غبائك لأبد الآبدين

همس والعبرات تسد مجرى دمعه : مالي امنية اخيره ؟

قهقه الآخر بخبث : انا لي الكلمة الأخيرة يا سيف ...

-

الولايات المتحدة / كاليفورنيا

شعرت بيدٍ ضخمه تلتف حول معصمها لتلويه , لم يمهلها الضخم القابع خلفها أي فرصة لتقاومه او لتدافع عن نفسها , في غضون جزء من الثانية اسقط على رأسها عصا حديدية لتسقط بين يديه مغشيًا عليها

اخرج من جيبه علبة دواء صغيرة تحتوي بودرة زرقاء اللون

وضع ابهامه اعلى انفها ليسد مجرى تنفسها وقرب العلبة لانفها , أزال أصابعه بسرعة فاستنشقت تلك البودرة التي خدرت جسدها فما عادت قادرة على مقاومته ابدًا ...

**

استيقظت وهي تشعر بخدرٍ في أطرافها بل وجميع جسدها , فتحت عينيها لتجد الدنيا مقلوبة , لا لا هي المقلوبة ومربوطة كالذبيحة من ارجلها ليتدلى رأسها وشعرها الطويل قد تدلى أيضا ليلامس أرضية الحجرة المغبرة . شعرت بعجزٍ كبير وهي تحاول ان تحرك نفسها بصعوبة بالغة زادتها الحبال الملتفه حولها كأفعى تشدّ من اسرها وتعصرها , حاولت الكلام او الصراخ ولكن شعرت بان طاقتها ستنفذ فألتزمت الصمت حتى حين ...

**

الثانية عشر ليلا _ إسطنبول/ 2015 الآن



في احد الفلل الهادئة , ليلتها كان البدر قد توسط السماء في ليلة صيفية

في احد اطراف الحديقة الواسعة , وبجانب شجرة مديدة, اسدلت شعرها الطويل بتموجاته الخفيفة واراحت جسدها على العشب الأخضر المهذب بعناية , وعيناها الواسعتان معلقتان بالنجوم والقمر

همست بصوتها الناعم : كيف امحوك من اوراق ذاكرتي, وأنت في القلب مثل النقش في الحجر

بلحنٍ تحفظه ودمعة تأبى ان لا تسقط :أنا أحبك يا من تسكنين دمي , إن كنت في الصين أو كنت في القمر

وقفت وهي تكاد تفقد اتزانها ,انصرفت من المكان بهدوء لتصعد الدرج بإرهاق شديد نفسيٍ قبل ان يكون جسديًا , فتحت غرفتها ,و اشعلت الأضواء بهدوء وبعدها صرخت بفزع من المنظر امامها .....

**

فتحت الأضواء لتجد شبحا مفزعا *كما تعتقد* يجلس على سريرها متربعًا بهدوء

عادت للخلف وهي تضع يدها على قلبها وجلست على الأرض ثم انفجرت ضحكًا على نفسها

ليقفز هو من فوق السرير ليجلس ارضًا بجانبها وهو يضحك : ههههههههههه اما شكلك ي الخوافه

تنفست بعمق ثم نظرت له بحقد لتوجه له ضربة قوية على كتفه : خووفتنننيي وجع يوجع ضلوع العدو خير وش هالحركات اللي متعلمها , هذا استقبال ولا تفجيع ؟

غرق الآخر في ضحكاته :ههههههههههههههههههههه لا تسأليني كيف دخلت

نظرت لنافذة الشُرفة المفتوحة و اليه

ابتسمت وهي تقف : بغا يوقف قلبي

نظرت اليه مجددًا بإبتسامة ليفتح ذراعيه لها ويضمها له وهو يقبل وجنتها

بإبتسامة : اشتقت لك حييييل والله

ابتعد عنها ليمط وجنتيها كطفلة : وكلبوووش بس اللي ما يقدر على فراقي

جلست على سريرها مرة أخرى : ايه كيف أجواء الرياض ؟

جلس بجانبها : جميلة فوق ما تتصورين ي ميرا جديًا تمنيت تكونين معاي بس ماحصلت فرصة

ماريا بضحكة : لا واللي يعافيك ماني بايعة عمري اسافر وياك , بعدين شالصواريخ هذي ماعمري شفت احد مدح جو الرياض

سُلطان بضحكة : ادري من غاسل مخك على رياضنا الجميلة

سعلت ماريا ثم ضحكت: الله يخليك لا تضحكني وانا مالي خلق قال ايش رياضنا , اهه ي قلبي

حرك سلطان يديه بالهواء باستخفاف بحديثها وكأنه لا يهتم به ...

**

اليوم التالي ...

الثامنة صباحًا , تجلس على احد مقاعد الحديقة وبيدها كوبُ شايٍ قد فرغ , تستمر على حالها ترقب السماء , تتأمل الفراغ وكأن به شيئًا يغريها/يلهمها , وكأن عقارب الوقت توقفت في يومٍ معين , وكأن الزمن يجبرها على الصمت .

الوذ بصمتي كثيرًا واعول على تفكيري حالة هذياني هذه , اعلم انه لمن الجنون ان اعتقد نفسي ميتة في قوقعتي المغلقة التي فُرضت علي في وقتٍ كنت احتاجه, ركضت للحياة لاهثة وما لبثت حتى انقطعت انفاسي وبت أرى الموت في كل زاوية , افكاري ساءت كثيرًا خلال هذه السنة حتى أصبحت اتخيل الموت يطرق باب حجرتي سبعون مرة في اليوم , أخاف ان أعيش طويلًا واتخيل موتي كثيرًا فأموت من خوفي قبل ان يأتي اجلي , آه يا ارقي وكوابيسي التي لن تنقطع , يا نجمتي التي اسميتها فرح ولم ارها مذ سنة خلت , اين اختفى بريقك الذي سحرني واخذني لخيالٍ بعيد , لصورة عفوية بكاميرا رديئة تجمعني بوالدي , و ضحكة امي الجميلة و قبلات والدي على جبيني , اين اختفيت واخذت كل احلامي معك , وامي معك , ووالدي معك , وحياتي معك , اين انتِ يا فرح ؟

خرج للحديقة ليجدها على حالها هائمة في الفراغ كعادتها , يعتصر فؤاده منظرها البائس وكأنها قد جاوزت الأربعين ودخلت سن العجز والاكتئاب , انه ليحزنه ان يرى في عيني بِكره هذا الضياع الذي لا يعرف مصدره

جلس بجانبها : صباح الخير

لم تجبه وكأنها غارقة تمامًا في افكارها / موتها

فهد بنبرة اعلى : بنت ماريا

التفتت اليه بشرود : هه , ابتسمت بهدوء : هلا بابا

فهد : وش مشغلك ؟

ماريا وهي تهز رأسها : يعني مافيه شيء محدد يابونايف

بونايف بقهر على حالها : تعبت معك ومن افعالك ، صايرة مثل البزر نوقف على اكلك ونومك ، حالك مو عاجبني يكون بعلمك

ماريا بنبرة باردة : انت بس فكني من فرقة الفتن واكون لك من الشاكرين

وقفت وهي تهمس : وانا ممنونة كثير من حالي , ومريحي وضعي

وقف هو الاخر بعصبية وهو يمسك يدها : اكل زي الناس ما تاكلين الا وانا على راسك , خافي ربك في حالك شوفي عيونك كيف التهبت من قل النوم والتغذيه , انتي اللي تجبريني احط فرقة عليك واوديك عيادات واراجع حالتك

ماريا بنبرة مهتزة : انا ما فرضت اهتمام احد علي , انا ولية نفسي

بونايف بصراخ : كل هذا تحاولين تجذبين الاهتمام حولك

ماريا : ادري انك مادريت عني وبس تفكر في اخواني اهم شيء تريح ضميرك مني

افلت يدها بصدمة من تفكيرها , ولّت بعدها تاركته خلفها يغلي من غضبه من تصرفاتها , نعم يحبها لكنه يشعر انها بعيدة كثيرًا عنه او هذا ما تفعله بارادتها , ابتعادها عن الكل ووحدتها عدا سلطان

همس بهدوء: الله يصلحك بس

وخرج لعمله ...

**

من جهة أخرى من إسطنبول

امام المستشفى يقف بهدوء وهو يدس كفيه في جيبي بنطاله

دخل المبنى الضخم وهو يحفظ عدد خطواته , حتى وصل لغرفتها ومَثّل امامها , جلس على الكرسي المقابل لها وهو يرقب سكون ملامحها الناعمة , نائمة كطفلة لا يُسمع لها نحيبٌ ولا صُراخ , يغلفها الهدوء والطمأنينة

اقترب منها بهدوء شديد وهو يضع كفه على يدها الباردة , احتضن يدها بيديه الضخمتين وهو يلهج بصوتٍ خفيض رتّل (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)

أعاد ترديدها مرارًا وفي كل مرة يزيد من ارتفاع صوته

فتحت عينيها ,و بدا صوتها كهذيان وهي تقول بصوتٍ خفيض : سيف

اغمض عينيه بشدة يمنع دمعة لم تسقط بعد , ابتلع غصته وهو يقبل كفها : عيُونه انتي ودنيته وكل اهله وناسه

لعقت شفتيها وبصوتٍ ثقيل : تعبت

همس برقة : جعله بِي , ماعاش من يتعبك يا قلبي انتِ

ابتسمت بهدوء : يُوسف ؟

انزل رأسه على كتفها : يا شقا شبيه غاليك

رفعت يدها بصعوبة وهي تمررها على شعره الكثيف : ليش ؟

يُوسف بعبرة تكاد تخنقه : كل ما ناظر المرايه يذكره , كل ما تكلم يذكره , كل شيء يذكرني فيه , شقيان قليبي من هالتعب شقيان يا بعد كل العرب

نزلت دمعة من عينيها وهي ترتجف : متى بنفرح ؟

يُوسف: متى ما ربك أراد

تسابقت دمعاتها الغزيرة : راحوا كلهم ما بقا الا انت , لا تروح

يُوسف : يروح الجسد , ولا القلب والروح والعقل كلها معك

ببحه اهلكها المرض : راحوا اثنين ما بقا غيرك

يٌوسف : يغمد الله ارواحهم بالجنة

انزل كفها , وترك قبلة على جبينها وهو يودعها بإبتسامة استغصبها حتى لا يضيق قلبها اكثر وهو يداري قلبه من ان يسقط عند عثرة امام الباب . يداري جرحه النازف الذي لم يبرأ منذ سنة .

**

الثالثة مساءًا / إسطنبول

جلست على الاريكة بملل : مابي اروح خلاص ي بابا

بونايف وهو يرتشف قهوته بهدوء: اولًا مو انتي اللي تقررين وثانيا بتروحين غصب عنك هي قالت لازم جلستين أسبوعيا وانتي مرة وحدة وباليالله

ماريا بتذمر : يا حبيبي انت افهم ماعندي شيء أقوله ترا مجرد تضييع وقت

نظر لها بحزم : وانا عاجبني شكلك وانتي تضيعين وقتك يلا البسي وروحي لا توجعين لي راسي

**

تمشي بخطواتٍ صغيرة امام المبنى الضخم وهي تعد خطواتها , واحد , اثنان , ثلاثة , أربعة , خمسة ستة , سبعة , ثمانية , تسعة , عشــــــ

صوت محرك , مزمار سيارة , وهواء ساخن يعبر وجهها , وسيارة سوداء متجهة صوبها , تريد اختراقها

نعم سيارة مسرعة متجهه اليها

صرخت ماريا وهي تضع يديها على اذنيها , داهمتها افكارٌ كثيرة

اهربي , اركضي , اختبئي من الموت القادم اليك , لكن لشدة صدمتها لم تسعها ثوانٍ من التفكير لتتخذ قرارها , توسعت عينها وهي ترى السيارة تقترب سريعًا ...


انتهى ..


برد المشاعر 05-12-15 03:42 AM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
السلام عليكم ورحمة اللله


أول شي مبروك للكاتبتين نزول الرواية

ثانيا أتمنى تستمرا في التنزيل ودون انقطاع ‏

ونجي للمهم ‏

الأسلوب روعة والأحداث مشوقة والغموض يلف الشخصيات من كل جانب ‏

انسجمت في القراءة الصراحة شغل متعوب عليه ويستحق الثناء ‏

ياليت تستمروا وحابة أسأل عن مواعيد التنزيل وشكرا ‏

عَزف 05-12-15 11:51 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة برد المشاعر (المشاركة 3578801)
السلام عليكم ورحمة اللله


أول شي مبروك للكاتبتين نزول الرواية

ثانيا أتمنى تستمرا في التنزيل ودون انقطاع ‏

ونجي للمهم ‏

الأسلوب روعة والأحداث مشوقة والغموض يلف الشخصيات من كل جانب ‏

انسجمت في القراءة الصراحة شغل متعوب عليه ويستحق الثناء ‏

ياليت تستمروا وحابة أسأل عن مواعيد التنزيل وشكرا ‏


وعليكُم السلام ورحمة الله
الله يبارك فيك حبيبتي وان شاء الله نكون عند حسن ظنك وننزل بدون انقطاع اذا ربي اراد ، وشكرًا عالكلام الايجابي والحُلو صراحة اعطانا دافع اننا نكمل
بالنسبة للمواعيد ان شاء الله راح ينزل بارت كل جمعة ، وان حصل شيء من تغيير الموعد او شيء راح نكتبه بالصفحة هِنا او عالآسك .

عبق فرح 05-12-15 02:37 PM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
السلام عليكم
مبارك نزول روايتكما ، بداية جيّدة بأسلوب متين وسهل...
واضح أن القصّة محتواها مختلف عما قرأناه سابقًا
استمرّا وبانتظاركما..

عَزف 15-12-15 01:10 PM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
حين تلتحم الخطايا
(البارت الثاني)

يا أيها الموتى بلا موت ؛ تعبت من الحياة بلا حياة
وتعبت من صمتي
ومن صوتي
تعبت من الرواية والرواةِ
ومن الجناية والجناة
ومن المحاكم والقضاة

سميح القاسِم

**
قبل سنة....
الولايات المتحدة . كاليفورنيا


لم اكن يومًا بهذا العجز الذي يقيد يدي وانا معصوبة العينين ، كيف لي الخلاص من صرخاتي وحزني ، من تكتل الاوجاع في صدري ، من فواجعٍ لا تنتهي .

شعرت بأيدٍ تتلقفها عقب انحلال الحبالِ عنها
لم تعد قادرة على الحراك فثلاثة ايام من العذاب انهكتها
فتحت عينيها بإرهاق لتجد طاولة بيضاء طويلة ، وضعوها على الطاولة ، ومددوها على بطنها ، حاولت الفرار ولكن ايديهم الضخمه لم تمهلها فرصة لمقاومتهم ، قيدوا يديها واقدامها باصفاد صنعت في الطاولة نفسها ثم سحبوا حزام الطاولة من الاسفل ليشدوه على ظهرها

نظرت اليهم وهم يحاولون تثبيتها واخر يحمل اداة غريبة يبدو شكلها كالختم الحديدي صرخت وهي تراه يقربه الى رقبتها من الخلف ، شعرت بحرارته تلسع جسدها وصراخها لم يزده الا ضغطًا عليها ....

***
اشعر بالحياة تتسرب مني ، رويدًا رويدًا اموت او لا اموت ، لم اعد اشعر بالفرق بين موتي وحياتي ، الاسوء من الموت ، ان تعيش وانت لا تحدث فرقًا في هذا العالم ، ارى نورًا من بعيد يشدني اليه بحبلٍ رفيع لم يبقَ سوى القليل وينقطع ، ظلمتي هذه تتلاشى والنور بدأ يغزوني ، اين انا ؟


**


فتحت عينيها ببطء والنور يخترق بصرها ، ووجه طبيبتها امامها بإبتسامة لم تفارقها منذ رأتها
الطبيبة(سورّيه): الحمد الله عَسلامتك
هزّت رأسها بنفي : انا متّ
الطبيبة بحنيه: لا حبيبتي شو هالحكي ، لساتك عايشه
صرخت ماريا : شلون ما مت شلون ؟ شفتها واللله صدمتني انا مت متّ
بدا تنفسها سريعًا وضربات قلبها في ازدياد ، وفي مرحلة متقدمة سوف يصيبها الاغماء لا محالة
صفعتها الطبيبة على خدها وهي تحاول ان تجعلها تستيقظ من حالة اللاوعي هذه
دخل سلطان الغرفة بخوف عندما سمع الصراخ خارجًا
نظرت الى سلطان طويلا ، ثم بدأت نبضاتها تعود لمعدلها الطبيعي وهدأت رويدًا رويدًا
قالت بنبرة مهتزة : شفتها يا سلطان والله كانت بتصدمني انا ما اتوهم
سلطان بسخرية :يا شيخه خوفتينا عليك ، بغيت اصدم مرتين من السرعة ، قومي بس مافيك الا العافيه

*ابتسمت الطبيبة برضا وهي ترى سلطان قد التزم بتعاليمها بالحذافير*

نظرت ماريا للاثنين بصدمة اغمضت عينها بوهن وهي تحاول تذكر ما حَصل لها قبل قليل ...
**
سيارة سوداء متجهة صوبها ، تكاد تصدمها
صرخت ماريا وهي تضع يديها على اذنيها ، داهمتها افكار كثيرة...

توسعت عيناها وهي ترى السيارة تقترب سريعًا ، لكن في الثوانِ الاخيرة توقفت السيارة ولا يفصل بين مقدمتها وجسد ماريا سوى بضع انشات ، لكن ولشدة هلعها سقطت مغشيًا عليها امام صاحب السيارة ...
**

توقف امام المنزل
نظر اليها وهو بالكاد يخفي قلقه : للحين تجيك كوابيس
هزت رأسها بالايجاب وبصرها في الفراغ
سُلطان بنبرة هادئة : ليش تحبين تعورين قلبي عليك ؟ ليش هالصد منك ؟ ليش في كل مرة اقول اني فهمتك وانك تحسنتي ترجعين تنتكسين نظرت اليه : اخاف عليك من حزني ، اخاف عليك تتغير وتصير مثلي
بحزنٍ عظيم طغى على صوتها : انت الشي الوحيد الحُلو بحياتي ، مابي غبائي ياخذك مني، انت مو بس عمّي انت اخوي وامي اللي تركتني واختي وكل اهلي

سلطان لم يتمالك دمعه امام حبيبته وطفلته وابنه اخيه ، ضمها اليه ودمعه يبلل قميصها : انا موجود يا روح عمك ، بنتظرك كل عمري لين ترتاحين من اللي فيك
ابتسمت ماريا وهي تبتعد عنه : اووف صرنا دراما كوين
ضحك وهو يضرب كتفها: انزلي من سيارتي الشرهه على اللي يواسيك بس
نزلت وهي تضحك : ما راح تجي ؟
سلطان : لا لا بروح البيت ارتاح .
ماريا : براحتك ، مع السلامة

انتظر دقائق بعد دخولها للمنزل ورفع هاتفه واجرى اتصالًا
سلطان : ايه بوقف ورا واجيك
.....
رد سلطان : لا حول الله انت شفيك ؟ الحين اعلمك وش صار
....
سلطان بنبرة عالية : لاا طبعا ما تدري عن شيء
....
سلطان : صدقني لو درت ما راح يفيدنا بشيء
....
سلطان وهو ينزل من السيارة : يلا جايك الحين ونشوف

**

**
في اليوم التالي ..

الثامنة ليلًا
تقف امام خزانتها وهي تعبث بملابسها وفي اذنها سماعة لا سلكية: شف ذي المرة انا بجي بس المرة الجاية ببيتنا
سلطان : خلاص المرة الجاية عندك بس اسكتي وتعالي ، من 4 ساعات وانتي تقولين دقيقة وانا عندك
ماريا : يا حبيبي يا سلطان الغالي ، انت ماعليك من كلمة دقيقة تحرى الصبر ودقيقه وانا عندك

**
بعدَ ساعة ...

جلست امام التلفاز على ركبيتيها وهي توصل الاسلاك : يللا ما صارت تجيب البلايستيشن سنة خلصنا

سلطان وهو خارج من غرفته وبيده حقيبة البلايستيشن : وانتي ما صارت بس تصرخين لا اله الا الله

سحبت الحقيبة وبدأت بشبك الاسلاك : نلعب على ايش ؟

سلطان بإبتسامة : لا تدخلين نفسك في أشياء اكبر منك

ماريا وهي تنظر له بتحدي : لا تغتر علي وتكبر راسك , لا تنس من فاز اخر مرة

سُلطان بتشاؤم : الله لا يقوله تفوزين , انتي وعقاباتك الشنيعة

ضحكت ماريا وهي تتذكر اخر مرة غلبته و جعلت منه *مصخرة* بكل ما تحمله الكلمة من معنى : ترا الفيديو كليب للحين عندي

سلطان وهو يشغل الجهاز : تمصخري الحين ونشوف من بيفوز

ماريا وهي تأخذ يد التحكم : فيفا لعبتي ي حبيبي



**
في المستشفى ..

يوسف بإبتسامة وهو يلبسها حذائها : جعلني ما انحرم من هالابتسامة

ام يوسف : لا تدللني كثير واتدلع عليك

وقف يوسف وهو يحمل حقيبتها : يحق لها ام يوسف تتدلع علينا وتتدلل , انا ان ما دلعتك ادلع مين ؟

ام يوسف بغمزه: تدلع زوجتك ان شاء الله عاجل غير آجل

ضحك يوسف : يمه شسالفة الأمهات مع العرس ؟ كل سالفة بالدنيا تحورينها لين توصلين للعرس الله يهديك

ام يوسف وهي تضرب كتفه : خلاص خلاص صك الأسطوانة

يوسف وهو يقبل جبينها : ها حاسة بشيء ولا عوار ؟

ام يوسف بضيق : مابي الا العافية

يوسف باهتمام : طيب شرايك نسوي تحليل أخير ونطلع عقبها

ام يوسف : يوسف خلاص ي حبيبي سوينا الصباح وشوله نحلل من جديد

دفعته بمرح للخارج : امش وانت ساكت , انا اخلص من هالدكاتره تجي انت

يوسف وهو يمسك يدها ويعانقها باصابعه : خلاص سكتنا , اهم شيء سلامتك وطلعتك بخير

**

في جهة أخرى , رمت يد التحكم بعصبية : الحكم غشاش خير ي بابا وش هالمباراة الفاشلة

سلطان بضحك : نعم خير وش الحكم غشاش ؟ ترا لعبة ي جاهلة

وقفت ماريا : أطالب بشوط إضافي

سلطان : لا والله عدنا اللعبة ثلاث مرات , اعترفي بهزيمتك النكراء وتقبلي عقابك

تنفست بهدوء وهي ترفع يديها للاعلى : شكواي لله

سلطان بإبتسامة : لا لا لا , قولي تقبلت هزيمتي من سلطان بن نايف ال فهاد واقر بعدم التكبر والتبجح عليه وقبول العقاب

ماريا بضحكة : معروض هو ؟ والله ما أقوله

سلطان : لا تحلفين بس , تقبلي هزيمتك

ماريا : تقبلتها بقلبي , قول العقاب وفكنا

سلطان بإبتسامة خبث : مستعدة للعقاب العسير ؟

**
يجلس في احدى المقاهي ، تحديدا في خارج المقهى على احد الكراسي
رفع هاتفه ثم وقف بسرعة ليخرج في لحظة لم ينتبه للرجل الانيق الذي امامه وهو يحمل كوب قهوة زجاجي فدفعه ليسقط الكوب ويبلل ثيابه وينكسر الكوب على الارض

صرخ الرجل بعصبية : اتمشي وعيناك في السماء ؟!
يوسف بصراخ هو الاخر : اعتقد انه كان يجب عليك توخي الحذر وانت تتنزه بكوب قهوتك
تقدم الرجل منه وهو يشد ياقه قميصه ليلكمه على وجهه وهو يزمجر
ليدخل الاثنان في معركة لفظية قبل ان تكون جسدية

في نفس المكان ولكن خلفهم ...


على احد الكراسي كان يجلس شاب في نهاية 18 من عمره وقف ليحاول فض النزاع بين الرجلين حتى تفرقا وذهب كل شخص في طريقة ...

**

صباح اليوم التالي ..

استيقظ على رنين هاتفه ، ماذا سيحدث لو نمت لدقيقة بعد ؟ تهاتفت المكالمات المزعجة كثيرا بالنسبة له
تناول هاتفه بانزعاج وهو يستمع لصياح سكرتيره
اغلق الخط وهو لم يستوعب ما الذي حصل سوى رسالة ، وليست رسالة له وحدة بل لكل موظفي الشركة ، فتح الرسائل بسرعة ليجدها في قائمة الرسائل الغير مقروءة :
( نشكركم على جهودكم معنا موظفّي شركة ' الفهّاد ' و نمنحكم اجازة لهذا اليوم كعربون عرفان لعملكم الجاد ) .

**

في المطبخ يقلي البيض وهو يراقص الملاعق بلحنٍ سيء وكلمات اسوء من تأليفه :
يا صباح الحب والورد والفل آهه ، يا صباح الاوف آهه ، يا حبيبي معاك لآخر العمر ، لآخر الحُب وبرجع وبأوول بحبك آهه
صاح بنبرة عالية وهو يغمض عينيه: آههه
لم يشعر الا بمخدة آتيه من الخارج
ماريا بعصية: ووجع ان شاء الله ازعجتني عاد من زين الصوت يوم تصيح كذا سلطان برواقة : صباح النور ي قلبي انتِ جعلني ما ابكيك
ماريا وهي ترفع حاجبًا : قل والله ؟ سمعت الجيران فضحتنا حتى القطاوة انخرشت وهجت سلطان بإبتسامة : ي حبيبتي يا ميرا حنا وش نبي من ذي الحياة غير عبادة الله والحب ؟
جلست ماريا على الكرسي : نبي ناس(ن) صاحية وانا بنت اخوك
سلطان وهو يشتم رائحة غريبة : شكله انحرق شي صرخت ماريا وهي ترى النار تشتعل : حرييقه
التفت سلطان خلفه ليجد منشفه اوقعها خطأ على النار فاشتعلت
فتحت ماريا الخزانة بعجل وهي تخرج مطفأة الحريق لتخمد النار
نظرت له بغضب: فاشل من يوم انخلقت
سلطان بحزن: انحرق بيضي
نظرت له باستغراب: لا ي شيخ ننحرق حنا ونموت عادي بس بيضك ما يخرب
خرجت من المطبخ وهي تقول: غيِّر ملابسك بنطلع نفطر برا

**
جلس يوسف في سيارته وهو يمسح الدم النازف من انفه
فتح الرجل الباب وجلس بجانبه وهو يبتسم : عسى ما تعورت
ضحك يوسف : تسلم والله يا عمر بس كسرت لي خشمي وفقعت عيني
عمر : عاد خطتك وتحمل ما يجيك منها
يوسف بابتسامة وهو يلوح بمفتاح لعمر : نجحت ولا لا ؟
ضحك عمر : عنبو بليسك انت ادمي مو صاحي كلش
يوسف : خلاص ترا الليلة بندخل بيت رئيس القسم
عمر : معاك ولو تقول نطب في النار ويا بعض طبيت

**

بعد ساعتين ...


دخل المطبخ ليجدها واقفه امام الموقد ، ابتسم يُوسف بحب واقترب منها بهدوء وهو يقبل رأسها : صباح الخير ي الغاليه
ردت والدته بدون ان تلتفت: صباح النور يا بعد اهلي
شعر بكلمتها كجرحٍ ندي لم يلتأم بعد ، فهو يعيش وحيدًا مع والدته ، ولم يتبق من اقربائه سواها وخالته التي تعيش في الطائف ...
جلس على احد الكراسي

يوسف: ما اتفقنا تلتزمين باوقات ادويتك و ترتاحين عقليا وجسديا
ام يوسف: شسوي عاد ، مليت وانت تعرفني ما احب اجلس فاضيه ،ولا عندي احد يرد علي الصوت

يوسف بإبتسامة : شوفي الجانب الحلو ، انا موجود بحياتك واغنيك عن كل الدنيا
ام يوسف : ماقلت لك خفف من غرورك شوي
يُوسف : معاذ الله اكون من المغرورين يا ام يوسف

التفتت اليه ثم شهقت بخوف من شكله
ام يوسف وهي تتلمس وجهه الملئ بالكدمات : بسم الله عليك وش فيك من متضارب معه
يوسف بهدوء: هدي يمه شفيك ، مزح بيني وبين عمر لا تخافين
ام يوسف وهي تضرب يديها ببعض: الله لا يبارك في هالمزح وش ذا شوف وجهك كنه بطاطس مهروسه
ما ان سمعها يوسف حتى انفجر ضاحكا من تشبيهها له
يوسف وهو يحاول ان يتمالك نفسه : يممهه وش هالتشبيه
ام يوسف بحنق : وانا صادقه ....

****
دخلا المنزل بهدوء عكس خروجهما بسبب الارهاق
ماريا بخمول: انا عني بحط راسي وانام لين الليل
سلطان وهو يغلق الباب : الله يستر بس لا يجيني تخبط بالمعدة من التخبيص قبل شوي
نبرة ثالثة افزعت الاثنين: لا تخاف التخبط بيجيك مني مو من شي ثاني
نظرت ماريا لسلطان بخوف وهي تهمس : جاك الموت .....

انتهى...

عَزف 15-12-15 01:42 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبق فرح (المشاركة 3578859)
السلام عليكم
مبارك نزول روايتكما ، بداية جيّدة بأسلوب متين وسهل...
واضح أن القصّة محتواها مختلف عما قرأناه سابقًا
استمرّا وبانتظاركما..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
الله يبارك فيك حبيبتي ، شكراً على ردك الجميل
وان شاء الله الجاي اجمل ..

جرة قلم 21-12-15 04:33 AM

ليلاس أحلى ناس هههههههههه

برد المشاعر 22-12-15 01:54 AM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
يسلمو عزف فصل جميل ولو إن الغموض مانفك للآن ‏

إيش الي صاير مع ماريا وهل سلطان يحاول علاجها من شي أو إنه يحاول إغراقها فيه ‏

يوسف الباين فيه أحداث قوية بتدخله في حياة ماريا بس ما فهمت قصة بيت الرئيس الي بيدخلوه مشكلتي أنسى الأحداث لو مر كثير بين الفصل والثاني فليش ما يكون فصلين في الأسبوع ‏‏>‏‏> فيس بريء يرفرف برموشه ‏

في الإنتظار بشوق وسلمت أناملكم ‏

عَزف 05-01-16 02:11 PM

السلام عليكم/:*

احب اهنّي جميع الطلّاب المكافحين اللي اجزّوا اليوم ، وتهنئة ثانية للي اجزوا من زمان ، وبس والله استمتعوا بكل ثانية واستمتعوا بالبارت بعد ...*


حين تلتحم الخطايا(البارت الثالث)


‏تعبتُ أبحث عن مَأوى ألوذُ به
من وَحشة الأملِ المَحفوف بالخطرِ

أعدتُ ترتيبَ تاريخي فأدهشني*
أنّي أموتُ مِراراً دونما أثرِ!

"محمد البغدادي"

**

2014 / قبل سنة وشهر


يوسف وهو يحادث سيف *سكايب* : اشتقنا يا توأمي اشتقنا*
والدتهم وهي تصرخ من بعيد : اسأله كيف الجو*
ضحك سيف : قلها برد يذبح*
يوسف : كيف احوال الشركة وش مسوي*
سيف بهدوء : مدري يا يوسف ، اغلاطي قاعدة تتراكم وظنوني الي توقعتها ما تخيب كسرتني وانا اخوك*
يوسف وهو الذي يفهم اخيه : لاي درجة وضعك معقد ؟*
سيف وهو يحاول تقييم وضعه : 9/10*
يوسف والتوتر قد تملكه فعلا : اسحب نفسك منها وتعال*
سيف بعمق : انا طحت بالهاوية مقدر اطلّع نفسي منها*
يوسف : ابوي ما علمنا كلمة ما اقدر يا سيف*
**

العاشرة صباحًا /اسطنبول / الآن 2015


ماريا بصوت خفيض : جاك الموت يا عمّي جاك*
سلطان يتجاهلها بإبتسامة : تو ما نور البيت والله*
رمى فهد المفتاح عليه : ورا المزهرية ؟ غبائك ماله حدود*
ابتسمت ماريا : اي والله صادق*
نظر سلطان لكليهما وهو يمثل الحزن : ايه اجتمع علي الاب وبنته وانا مالي عضيد ولا سند*
ماريا بمزحة سمجه : سند ولا كاش*
جلس سلطان على الاريكة بجانب شقيقه وهو يقبل راسه : يا جعلني فدا هالراس*
*فهد بإبتسامة : والله اشك اني بكون كذا*
نظرت اليهما ماريا : وردة يابسة انا محد معبرني*
نظر اليها سلطان : والله من دمك الثقيل يا بايخه*
وقف بونايف امام الباب ليخرج للباب *: بكرا اشوفكم الاثنين بالشركة*
شهقا الاثنان : ايييش*
التفت اليهما وهو يشير بأصابعه : شغل يوم ضيعتوه بتفاهاتكم بتعوضونه بشهر كامل بدون ويكند واللي يعارض راح تزيد مدة عقابه*
قال كلامه بحزم وخرج واغلق الباب خلفه

نظرت ماريا لسلطان ثم القت بنفسها على الارض بحزن : آهه ياربي كله منك*
جلس سلطان ونظر اليها : والله محد قالك اسمعي كلامي*
نظرت بجانبها لتجد البلايستيشن مبعثر الاسلاك ...

**

الليلة السابقة ...

سلطان : مستعدة للعقاب العسير ؟
ماريا بحنق : قول وخلصنا*
سلطان بخبث : رسالة من سيرفر الشركة*
وقفت ماريا وهي تضع يدها على خصرها : نعم ان شاء الله ؟ ما سمعتك عيد*
سلطان وهو يكرر حديثه ببطء: باختصار تخترقين سيرفر الشركة وترسلين رسالة مضمونها اجازة للكل*
ضحكت ماريا بإستخفاف : تبي بابا يذبحني ولا يقتلني*
سلطان : هه هه الثانية احسن ، سوي اللي عليك وانتي ساكتة ولا تعرفين عقاب اللي ما ينفذ التحدي يا جبانة *
ماريا بعزم *: اموت ولا تنقال لي هالكلمة ...

**

اسطنبول/ التاسعه ليلًا ...

تجلس مع والدها ، ولا يزال يوبخها بحديثه معها ، تعتقد بأن اغرب علاقة والد بابنته تنشأ بينهما ، فإذا ما تخاصما يتحدثان طويلًا واذ لم يكونا كذلك فحديثهما قليل وينحصر في القاء الاوامر والمعارضة من طرفها


قالت ماريا وهي ترتشف قهوتها بتلذذ : لازم تقتنع يا بابا ان العقاب اغلب الاحيان يكون ثواب

بونايف بإبتسامة : ترا الكلمتين اللي قلتيهم مالهم علاقه ببعض*
ضحكت ماريا : لا تدقق ، حبيت اسوي حكمة وسجع في نفس الوقت*
نظر اليها والدها طويلا حتى نطق: يعني تتوقعين عقابي لك ممكن يصير ميزة تستفيدين منها ؟*

ماريا وهي تنظر لفنجانها : يمكن ؟ صح انا ما احب تصميم وفن بس ما يمنع انه يكون عندي موهبة ومخبيتها عنك*
بونايف : اكتب على جبهتي ، مالك اي فرصة تنجحين بالموضوع*
نظرت اليه بإبتسامة : على ايش ؟*
بونايف بثقه : اللي تبينه*
ماريا بإبتسامة تحدي: حطني في اقل مستويات السلم الوظيفي عندك ، ولا تظهر شهاداتي غير الثانوية ، وبعد شهر راح تشوفني بمكان ما تتوقعه*
ضحك والدها : الا اني اشوفك مطرودة بالشارع*
ماريا بثقه اكبر : لاماراح تشوف هاليوم ابد*
بونايف وهو يحك ذقنه بتفكير : وش تبين بالمقابل ؟*
ماريا بخبث : رخصه لدراجة نارية*
وقف بونايف وهو يضحك : هههههههههه لا ترفعين راسك فوق تنكسر رقبتك يا بابا

**
في جهةاخرى من اسطنبول -تحديدًا الجزء الآسيوي منها-

توقفت سيارة يوسف *خلف احدى المنازل البسيطة بدورين*
نظر عمر ليوسف: متأكد من اللي بتسويه يا يوسف*
يوسف : انا ما تركت كل شي وسعيت لهنا الا وانا متامل من اللي بسويه

ضغط على المقود بعصبية وهو الحليم الذي لا يشعل فتل غضبه الا سبب قوي : كل شخص كان له دخل في موت سيف راح يندم ، ما انولدت عشان ينذبح اخوي واسكت*
عمر بهدوء: انت هدّ ، القضية تسجلت انتحار ليش تفتح جروح عقب سنة من الحادث ؟*
نظر له يوسف بقهر : سيف مو اللي يذبح نفسه ولا يبيعها لاي سبب ، هذا وانت اقرب اصحابه يا عمر*
عمر وهو يحاول اقناعه : انا مقهور مثلك يا يوسف بس تتوقع حنا بنلقا شي الشرطة ما لقته ، وبعدين ما يفتح القضية الا دليل ادانة قوي وحنا مو معانا هالدليل*
*يوسف وهو يهمس: والدليل راح نلقاه بمساعدة ملف القضية*
نظر عمر للمنزل : تتوقع خطتك بتنجح*
يوسف وهو ينظر للمنزل هو الآخر : ان شاء ، راح ندور ثغره اي ثغره توصلنا للمجرمين*
عمر**بإبتسامة : والله انت مو هين على هالتخطيط
التفت اليه يوسف : لا تنس بكرا بالليل لازم نكزن موجودين هِنا قبل لا يرجع*
عمر وهو يضحك : تدري اني للآن مو مصدق انك خليتني اراقب الشايب من اسبوعين*
ابتسم يوسف : بس طلعنا نتيجة وبنستفيد منها*
وتذكر يوسف ملاحقته هو وعمر للرجل لمدة اسبوعين ليعلما اوقات وجوده وخروجه من المنزل حتى وجدا الوقت المناسب لاقتحام مكتبه واخذ ملف القضية ،القضية المسجلة باسم شقيقه *:
سيف بن بدر*

**
اليوم التالي / الثامنه صباحًا/ اسطنبول*

*

صباحٌ رقيق تطل شمسه بخجل من خلف السحب الكثيفه تارة ، وتغطيها تارة اخرى وكأنما السحب ستارة تحجب سطوع شمس الصيف عن أهالي اسطنبول...*


في فِله آل فاهد،*


في احدى صالات الاستقبال *...

يجلسان بهدوء وبرسميه فهذا هو اللقاء الثاني الذي يجمعها عقب سنة كاملة ...


بونايف : يا يوسف ادري اني حطيتك في اختيار صعب ، لكن انا اعمل على مصالح شركتي العامه وانت ادرى ، اخوك الله يرحمه كان يملك 30٪ يعني نسبة مو هينه من الشركة*
يوسف بتفهم : معاك حق ، بس اعذرني على انفعالي في اول مرة التقينا ، كان الموضوع شوي حساس بالنسبة لي

بونايف بهدوء : عاذرك وانا الغلطان لما كلمتك في ذاك الظرف الصعب ، لكن قلت لك لك حق الاختيار اما تكمل او لا

ابتسم يوسف : تعب اخوي ماراح يضيع صدقني وراح ....

صمت يوسف وهو يسمع اصوات تكسر الزجاج خارجًا يعقبها بقليل صياح باللغه التركية*
اغمض بونايف عينيه باحراج شديد ولم يمر وقت حتى ظهرت الخادمه وهي تلهث

: اعذرني سيد فهد الوضع صعب قليلًا يجب عليك ان تأتي حالًا

نظر بونايف الى يوسف بحيرة : عن اذنك شوي وراجع لك

وخرج *ليصعد الدرج بخطوات سريعه ليجد ماريا واقفه في زاوية الصالة البسيطة وهي تحمل شمعدانًا في يدها

نظرت اليه احدى العاملات وهي تحمل علبة دواء في يدها : ترفض تناول ادويتها سيد فهد*
صرخت ماريا بتركية : لا اريد تناول هذا السّم*
نظر اليها والدها بترجي : يا ماريا يلا اشربي دواك جننتيني كل يوم على هالحال ما يصير يا بنتي*
نظرت اليه بانكسار : بابا الله يخليك مابي والله هو يخليني امرض زيادة تكفى

حاولت العاملة الاقتراب منها لتصرخ ماريا بقوة : ابتعدييي عني انا لست مريضه*
قالت العاملة بهدوء: نعم انتي لست مريضه يا عزيزتي لكنك تحتاجين اليه هيا تناوليه*
نظر اليها والدها بحزم : والله ياماريا ان ما اكلتيه ما يحصل لك طيب فاهمه والله لادخلك مستشفى وتعرفيني عند حلفي*
ارتعبت ماريا من ان تمر بتلك التجربة التعيسة مرة اخرى فرمت الشمعدان جانبًا وتقدمت لتأخذ الدواء بعنف من العاملة*
وتناولت حبة واعقبتها بالماء

اقترب منها والدها : افتحي فمك*
فتحت فمها بتلقائية وهي تعلم ان والدها يفعل هذا ليتأكد انها تناولت الدواء ولم تخبأه*
نظر لفمها طويلا ثم اردف*
: ارفعي لسانك يلا*
رفعت لسانها بملل وهي تنظر اليه*
بونايف وهو يربت على رأسها : شاطرة

وعاد لينزل من جديد ليوسف*
جلس بإحراج شديد وهو ينظر اليه : اسف اذا تأخرت*
يوسف بهدوء : لا عادي*
بونايف بعجله *: انا مسافر يمكن حول شهر ، ابي تكون امور الشركة بيدك وبيد سلطان*
يوسف : تروح وترجع بالسلامة *بس...

ابتسم بونايف : اعتبرها اختبار تجريبي لك اثبت نفسك*
يوسف يبادله الابتسامة : ممكن اعرف كيف دريت اني بكمل شغل معاك ؟ ماتوقعت اني جاي عشان اخذ نصيب اخوي وارجع لديرتي مثلًا ؟*
وقف بونايف وهو يرفع كتفيه : عيونك وكلامك يقولون اشياء ما قالها لسانك ، وخمنت

ابتسم يوسف : لا تخمن كثير معي يابو نايف ، انا من ذيك النوعيه الي مستحيل تتنبأ بافعالها*

بو نايف : ظني فيك مثل اخوك لا تخيبني واكون لك من الشاكرين

**
بعد ساعة ..

نظرت الى المبنى الضخم في الشارع المقابل ، ثم نظرت لخريطة السيارة التي تؤكد ان هذا المبنى هو شركة والدها بالفعل
نزلت من السيارة ووقفت طويلًا تتأمل المكان حولها والسيارات ، احست بالم في ذراعها فرفعت كم القميص الطويل ليكشف لها جلدها الذي مال لونه الى الازرق والبنفسجي من الكدمات ضغطت على ذراعها بالم وهي تحاول نسيان ما حصل لها في المنزل ولكن لم تستطع فمزاجها في اسوء حالاته .



مرت دقيقه على الاكثر وهي واقفه في مكانها ، احست بعينٍ تراقبها ، اغلقت باب السيارة بحذر وهي تنظر خلفها ، ولكنها لم تجد شيئا ، حاولت ان تبعد هذه الفكرة الحمقاء من عقلها ، ربما ما يحصل لها مجرد اوهام*
لكن الغريب لم يمهلها الكثير لتفكر ان الذي يحصل لها مجرد وهم ، اذ فاجئها وهو ينتزع حقيبتها السوداء الفخمه من يدها

في نفس اللحظة توقفت سيارة يوسف بجانب سيارتها ، فتح الشباك بريبة ، *فوقعت عينه على المشهد *امامه، فتح الباب لينزل ليساعد تلك المرأة المسكينة ولكن حصل شي لم يتوقعه ..

**
بقيت ماريا ممسكة بحقيبتها *بيد ، وبالاخرى*
شدّت قميص السارق اليها ، ثم افلتت حقيبتها و رفعت ذراعها بسرعه وضربته بكوعها على رأسه*
ترك الرجل الحقيبة ولكنها لم تتركه وسددت له ضربة بقدمها في بطنه

ثم فر هاربًا منها*
همست ماريا لنفسها وهي تعدل قميصها وشعرها : غبي*

في حين تقدم يوسف اليها بقلق : هل انتي بخير سيدتي*
نظرت اليه ومزاجها لا يساعدها حقا على التأدب ، قالت بنبرة جافه : اعتقد انك استمتعت بالفلم القصير*
يوسف الذي فهم قصدها ، بانه لم يساعدها منذ البداية*
قال ببرود : رأيت بأنك تفرغين غضبك ، لم اشأ حقا ان تفرغيه علي

نظرت لعينه مباشرة وقالت بفضاضه : ما شأنك بي ؟ حقًا ما شأنك ، التفت الى طريقك ودعني*
تجاهلها يوسف بطبعه الذي يكره الجدال خاصه مع النساء ، وركب سيارته وهو يشتم نفسه لانه تحدث اليها اصلًا*

توسعت عينها وهي تراه يحرك سيارته مبتعدًا : الحمد الله والشكر

**
في سيارة يوسف*
يوسف وهو يحادث عمر : ايه خلاص ببدأ اداوم بالشركة*
عمر بريبه: ماتوقعت 1٪ حتى انه يسلمك الموضوع بهالسهولة*
يوسف : ماعلينا اهم شيء الحين نكسب بونايف*
عمر : ايه صح ، ترا نظمت الاجتماع وكل شيء جاهز مثل ما طلبت*
توقفت سيارة يوسف في المواقف الخلفيه للشركة : يلا انا جايك الحين*
واغلق الخط*

**
الموظفة وهي تختم حديثها : وان احتجتي للمساعدة يمكنك طلبي على هذه التحويلة*
وكتبت عدة ارقام على الورقة امام ماريا وخرجت

نظرت ماريا حولها بحزن وهي تشعر بانها معاقبة فعلا بهذا العمل الملل ، علم والدها بنقطة ضعفها وتحديه لها زاد الامر تعقيدا ، كيف ستترقى في هذه المدة البسيطة هذا ما ستركز عليه الآن .

*رفعت هاتفها من الطاولة *، و ضغطت مرة اخرى على الرقم المسجل (جمجم)*
ليأتيها الرد نفسه الذي تكرر عليها للمرة الخامسة لليوم ( الرقم المطلوب غير متوفر حاليًا اترك رسالة بعد سماع الصافرة )
اغلقت الخط بقهر وهي تنظر امامها للغرفة المكدسة بالاوراق المبعثرة ، وقفت ثم زفرت بقوه : انتي قدها ياماريا ، ثم شمرّت عن اكمامها وهي تعتزم تنظيف المكان وترتيبه ، وتحويل الارشيفات الورقيه لاخرى الكترونية ... والكثير جدًا من الافكار التي تقافزت كالكرات في عقلها .*




**

تحمل الاوراق والملفات الكثيرة وهي تتذمر : الناس تطوروا وذولا للحين عندهم ارشيف*
تعثرت برباط حذائها فتساقطت بعض الاوراق على جانبي الممر*
جمعت بعض الاوراق ثم التفتت لتجد شخصا يكاد يدوس على احدها*
عقدت حاجبيها ثم زحفت بسرعه على ركبيتيها لتلتقط الورقة*
ولم تدر بفعلتها انها جعلت الرجل يسقط ارضًا *
*
وقفت ماريا باحراج شديد : اعتذر جدا انااسفه لا تؤاخذني يا سيد*
نظر لها عمر بغرابة : لا بأس يا انسه*
استغرب عُمر ولم يتعرف عليها فهو تقريبا يعرف جميع الموظفين*
جلست ماريا مرة اخرى تجمع ما تبقى من اوراقها وهي تكرر الاعتذار*
عمر بهدوء: منذ متى تعملين هُنا*
ضحكت ماريا وهي تنظر لساعتها : اعتقد منذ ساعتين ونصف*
ابتسم عمر وهو يقف : لاول مرة اجد موظفة دقيقة في عملها مثلك
ماريا بسخريه *: نعم فحمل الاوراق وترتيب الارشيف عمل شاق ومهم*
عمر وهو يمد يده لها : عُمر مدير العلاقات العامة*
هزت رأسها له باعتذار : امم انا لا اصافح ....*
ثم اكملت بإبتسامة: انا مَاريَا ، بالفتح وليس ماريّا*
رفع حاجبه بإبتسامه: اسم جميل يا ماريا ، سُعدت بالتعرف اليك ...*


***
اثناء الاجتماع*
يقف عمر على رأس طاولة الاجتماعات الطويلة التي ضمت جميع رؤساء الاقسام وهو يلقي كلماته*
: اعزائي مدراء الاقسام ، قبل بدء الاجتماع النصف السنوي اريد ان اطلعكم على امر .*
فكما يعلم جميعكم قبل سنة من هذا اليوم توفي شريك السيد فهد المساهم بما يقدر ب 30٪ من حصّه الشركة ، اليوم قرر الوريث له حسب التوصيه السيد: يوسف تولي منصبه مما يجعله عضو في مجلس الادارة بالاضافه كونه شريك معنا ، رحبوا بالسيد يوسف ي اصدقاء*

وقف يوسف بإبتسامه اجبر نفسه على رسمها وهي يتلقى التهاني من المدراء المتواجدين في القاعه
يوسف بصوتٍ هادئ : اشكركم جميعًا واتمنى ان اكون محلًا لثقتكم وسأكمل معكم ما تركه اخي الراحل ، وشكرًا*

وجلس مرة اخرى*

سلطان بصوته الجهوري الواثق: يمكننا الآن البدء ...*

**
السابعة / انتهاء العمل*

امام غرفة يوسف كان يقف هو وسلطان*

سلطان برسميه: عالبركة ان شاء ، متأمل فيك خير استاذ يوسف*
يوسف : ان شاء الله تشوف الخير ماراح اخليك تندم على نظرتك هاذي صدقني*
انظم اليهم عمر بإبتسامه: اووه اجتمعوا علينا هالحين منو يفكنا*
سلطان بإبتسامة : وش قصدك ، محنا مالين عينك مثلًا*
ضرب عمر كتف سلطان بميانه : لا لا مالين ونص يبه ، ناقص انا تنتهي مسيرتي المهنيه وهي توها ما بلشت*

في الجهة المقابلة لسلطان كانت تقف ماريا وهي تشير بيدها اليه ، هز سلطان رأسه باستفهام لها ولم يعلم انه لفت انظار يوسف وعمر اليها*

نظر اليها عمر ثم الى سلطان بريبه: مو كنها تكلمك*
صدّ يوسف واولاها ظهره بدون ان يلتفت اليها حتى*
ابتسم سلطان باحراج : عن اذنكم*


ابتسم عمر ليوسف : تصدق انها توها بدت دوامها اليوم ما امداها مـ*
قاطعه يوسف بضيق : استغفر ربك هاذي اعراض ، يمكن اخته او زوجته ما تدري*
عمر وهو يخرج من المكان مع يوسف : استغفر الله هذا احنا استغفرنا ، يلا عجل بس ورانا شغل لا تنسى


**

امام المنزل نفسه الذي توقف يوسف وعمر امامه صباحًا*

نزل عمر من السيارة وهو يعدل القبعه ، ثم اخرج نظارات كبيرة من جيبه ووضعها على عينيه*

وقف عمر امام الباب الامامي للمنزل وهو يسترجع ما سيقوله*
قرع الباب ، ففتح بعد قرعتين*

عمر بالتركية : مساء الخير سيدتي*
المرأة بإستغراب : مساء الخير ، كيف يمكنني مساعدتك يا ...
اخرج عمر بطاقه من جيبه بسرعه : صالح ، انا طالب في الجامعة ولدي احصاء عشوائي للتدريب*

ابتسمت المرأة بود : وكيف يمكنني خدمتك يا بني ؟*
عمر بهدوء : سأسلك بعض الاسئلة*
ابتسم : ليست شخصية بالطبع فهذا ممنوع كما تعلمين*
المرأة : تفضل ...

***
في نفس الوقت كان يوسف يتسلل الى المنزل من الباب الخلفي ، اخرج سلسلة المفاتيح من جيب بنطاله وادخل احدى المفاتيح *...*

دخل للمنزل بهدوء وهو يسير على اطراف اصابعه*
حتى وصل للدرج امام الباب اشار بأصبعه لعمر الذي حاول تمديد حديثه ليتسنى ليوسف دخول مكتب الرجل ...


***
دخلت المنزل وهي تعلق حقيبتها : باااااابا*

تقدمت وهي ترى حقيبة سفر امام الدرج*

عبس وجهها ودخلت الصالة لتجده يجلس على الاريكة وهو يتحدث على هاتفه : ايه خلاص دقايق واطلع للمطار ، ماراح اطول ان شاء ولا تقولين للعيال خل افاجئهم*
واغلق الخط بإبتسامة : مشاء الله يقولون متوصيه بالشغل*
ماريا بنبرة ضعيفه: مسافر لها ؟*
بهتت ابتسامة بونايف بضيق: اتوقع لها اسم*
ماريا : متى بترجع*
بونايف: على مهلتك ، بعد شهر ان شاء الله
نظرت اليه متفاجئة : شهرررر ! يعني ما كفّاها ابعدتني عن سنين والحين بتاخذك مني ، اول مرة نكمل كم شهر وحنا مع بعض

بونايف بحدّة : احترمي الفاظك هاذي حسبة امك
صرخت ماريا وهي غافله عن العقوق التي ترتكبها بحق والدها : لا تقول عنها امي ، الام ما تغرّب بنت صغيرة عمرها 7 سنوات وتنفيها بعيد عن ابوها ، سنين وانا مادري باي ذنب تركتني ، ذنبي انها زوجتك وبحسبة امي ؟لا يا بابا انت ما اهتميت ، كنت عند عيالك تربيهم وتدرسهم وعايش كل لحظة معاهم وانا مالي غير ربي وجمانه *هاذي مو امومه*

بونايف وهو يصرخ مثلها : هذا الكلام تقولينه لي انا ؟ ابوك يا جاهلة انا ابووك
نظرت اليه و دمعه حبستها لسنين لتغرق مقلتيها : ابوي ماعرفتك الا هالسنة بس هالسنة عرفته*
بونايف بانفعال : ايه ابوك انا ما تغير ولا شيء *انتي الشيء الوحيد اللي تغيرتي عقب رجعتك من امريكـ

ماريا بعصبية من تكراره لهذا السبب : مافيييييني شيء رجعت مثل ما رحت ، امريكا ما غيرتني بس انت اللي ماعرفتني قبل ما اروح عشان تعرفني الحين*

بونايف وهو يقترب منها : انا اعرفك اكثر من نفسك من كل الناس اللي حولك ، ياخذني الحزن لك دايم مادري ليش ، في عيونك خيبه يابنتي خيبه كبيره وكسر اكبر ولا اتني راضيه تخليني اجبره

*مسح على رأسها : انتي نقطة ضعفي تدرين؟ تخربين كل محاولاتي اني اكون قاسي معاك*
مدّ ابهامه ليسمح دمعها: لا تبكين ، جعل عيني ما تبكيك يابوي انتي*

ابتعدت عنه وهي تمسح دمعها ...

يا حزني عليك يا ابنتي ، يا قطعة فُصلت عن روحي وبقيت بدونها ناقصًا ، ما احزنك ؟ ابتعادي عنك ام هجرُ امك لك ؟ ما اغضبك ؟ حُبي لزوجتي اهو الذي قهرك. اه يا قرةَ *عيني يا عمر والدك ما ابعدك ...*

**
وقف امام السيارة بحزن وهو ينظر لاضواء غرفتها المغلقه تنهد وهو يكره نفسه حين يسافر ولا يودعها ولكن صوتها اوقفه*
ماريا وهي تعدو بإتجاهه : باابا ...*


**
بعيدًا عن تلك الاجواء تمامًا*

يقف يوسف حائرًا في وسطالمكتب ولم يجد سوى اجابة واحدة لتساؤلاته: لا شيء يذكر*

نظر يوسف حوله بخيبه : لازم لازم يكون عنده نسخه هِنا*
حك رأسه باضطراب وهو يحاول امساك اي طرف لاي خيط يمكنه من حل معضلته هذه*
رفع عينه لاعلى وهو يهمس لنفسه من باب حل المشكلة : خلاص ريلاكس ، الحين هو رجال ذكي وفاهم اكيد راح تكون ملفاته هنا بس وين*

بدأ بالمشي جيئه وذهابًا في الغرفة الصغيرة بتوتر كبير ، ثم فجأه سمع صوت غريب*
عاد للخلف قليلًا ثم ضرب الارض بقدمه وابتسم*
عاد للخلف اكثر وهو ينظر للمكان بدقه اكثر ، جلس على الارض وهو يقيم ارتفاع الغرفة وبدا له انه هنالك انخاف طفيف في زاوية الغرفه ، اقترب من الزواية التي كانت لا تبعث للشك ابدًا ، قطعة سجاد صغيرة وضع فوقها اصيص زهورٍ طويل*

ابعد الاصيص جانبًا ثم رفع قطعه السجاد ليجد الارض الخشبية عكس الغرفة التي كانت مغطاة ببلاطٍ لؤلؤي*
ابتسم يوسف : حركة ذكية والله*

وضع يوسف يديه بين خشبتين وحاول رفعها بهدوء لكن الخشب كان صامدًا ، فتشجع يوسف وسحبها بقوة*
***
عمر وهو يحدث المرأة: حسنًا ، وكم تملـ*
فجأة صدر صوت تحطمٍ عالِ فالتفتت المرأه بخوف خلفها : يا الله ما هذا الصوت*
ذعر عمر من الصوت وقال بهمس: يا مصيبه*
المرأهبتوتر : اعذرني لارى ما الذي حصل*
ناداها عمر : لا لا ارجوك لم يبقَ الا القليل*
المرأه وهي تصعد الدرج : لن اتأخر*
اخرج عمر هاتفه بسرعه واتصل بيوسف الذي رد عليه فورًا : اطلللع يا غبي جات جااات*
يوسف بعزم : خلاص الحين القاه بس دقـ
سمع يوسف صوت خطوات يقترب من الغرفة ، تجاهلها وهو يبحث بين الملفات الكثيرة*
خطوة ، اثنتان وتقترب اكثر
، ويوسف تحت هذا التوتر ، يحاول تجنبه لكن سيكشف امره لا محالة*
يوسف بهمس مرتجف وهو يسمع يد الباب تدار : يارب لا يارب ابعدها عني يارب*


انتهى .*





ملاحظة :*

في نقطة صغيرة حابه انوه عليها اللي هو الوقت والترتيب الزمني ، اول شيء الجزئية اللي تكون ببداية البارت -فلاش باك قبل سنة- *والله الاسم رهيب ، المهم ماعلينا* هالاجزاء انحطت عشان توضح الاحداث لان الاحداث اللي تصير الآن هي نتائج احداث صارت قبل سنة وتأثيرها مستمر على الابطال لحد هذا الوقت وستار الغموض راح ينزاح شوي شوي لحد يستعجل .*شرايكم بحركات التشويق والاثارة بس**

والتوقيت الزمني اللي بنفس البارت يعني مثلا "الساعة التاسعة ، العاشرة صباحا وهكذا..."*
لا تستغربون منه وتقولون الله واكبر ، قبل مقطع صبح واللي بعده ليل ، يعني يا حبايبي مو معقولة اسرد الاحداث اللي تصير بالتفصيل الذي يؤدي للملل ، فانا ماراح اذكر الا الاوقات اللي فيها شيء مهم ويخدمني ويفيدكم بنفس الوقت بدون حشو زايد بالاحداث بس عشان يطول البارت ، وسلامتكم -عَزف-*

عَزف 06-01-16 12:42 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة برد المشاعر (المشاركة 3583575)
يسلمو عزف فصل جميل ولو إن الغموض مانفك للآن ‏

إيش الي صاير مع ماريا وهل سلطان يحاول علاجها من شي أو إنه يحاول إغراقها فيه ‏

يوسف الباين فيه أحداث قوية بتدخله في حياة ماريا بس ما فهمت قصة بيت الرئيس الي بيدخلوه مشكلتي أنسى الأحداث لو مر كثير بين الفصل والثاني فليش ما يكون فصلين في الأسبوع ‏‏>‏‏> فيس بريء يرفرف برموشه ‏

في الإنتظار بشوق وسلمت أناملكم ‏


وعليكُم السلام يا اهلا فيك 'قلوب'

نورت وشكرًا على ردك اللطيف ` اسعدتينا بصراحه بتوقعاتك ، بالنسبة لسالفه الرجل/المحقق ،انكشفت بالبارت الرابع ، باختصار هو الشخص اللي كان موكل بقضيه سيف 'اقري البارت وبتفهمين وش اقصد' .
والغموض جزء اساسي من الحبكة ي جميلة ؛ لكن اوعدك ستار الغموض راح ينزاح قريبًا ان شاء الله .
وش اللي خلاك تتوقعين انه موقف قوي راح يدخل يوسف بحياة ماريا ؟ مو معقولة يكون شخص ثاني مثلًا ؟ .
واخيرًا راح اتكلم عن البارتات ان شاء الله البارتات راح تنزل اسرع الآن بما اننا في فترة اجازة الآن وراح نرضيك باللي يسرك ولا يهمك ، دمتي سالمة .

عَزف 20-01-16 02:03 PM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
بسم الله الرحمن الرحيم نبدأ ...
-لا تلهيكم عن الصلاة والعبادة-


حين تلتحم الخطايا ( البارت الرابع )


ليس من شوق إلى حضن فقدته

ليس من ذكرى لتمثال كسرته

ليس من حزن على طفل دفنته

أنا أبكي !

أنا أدري أن دمع العين خذلان ... و ملح

أنا أدري ،

و بكاء اللحن ما زال يلح

لا ترشّي من مناديلك عطرا

لست أصحو... لست أصحو

ودعي قلبي... يبكي !

محمود درويش
**


قبل سنه /

تحاول ان تصرخ بلا جدوى وآلامها تشتد عليها من كل جهة ولازالت تشعر باشتعال النار في رقبتها ، برغم السطح البارد الذي تستلقي عليه ، كأن حرارة الكون وضعت جسدها المرتجف حاولت ان تضبط انفعالها وتهدأ نبضها وتتنفس ببطء
عضت على شفتها وعقلها يعيد ذكرياتها واحبابها كلهم .

هذا دمي وهذا حزني اين ابي وامي عنّي ؟ دمعها الذي حبسته طوال سنين ابى ان يخرج في تلك اللحظة ، دعت بقلبها كثيرًا ان تموت بسلام بلا الم او حزن وبلا ذاكرة وبلا كل المآسي التي مرت بها ،اغمضت عينها بوهن : يارب مابي اموت زي الـ
تعثرت الكلمة، لم تخرج علقت وسدّت مجرى تنفسها 'منبوذه' ان تموت كالمنبوذة في العراء ، سقطت على قلبها كصخرة ...

**

تستلقي على الثلج الناعم ودمها القاني يعانق بياض الارض ، كانت كالجثه الملقاه على قارعه الطريق ، وكأنها خطيئة لوثت طهارة الصفحات البيضاء وصفائها ...

على الطريق الخالي كانت تنظر حولها بقلق وخوف من ان تكون قد تاهت في الطرقات المتفرعه ، خففت من سرعتها وهي تقرأ اللوحات ببطء حتى وقعت عينها على "ماريا " .. ملقاه في الثلج تسبح في بركة من الدماء المتجمدة ، وجسدها الذي بهت لونه ومال للازرق كان واضحًا لها وان كانت بعيدة ، اوقفت السيارة وركضت باتجاهها بخوف شديد وهي تحاول جس نبضها

**
الآن 2015 / اسطنبول ...

عمر وهو يحدث المرأة: حسنًا ، وكم تملـ
فجأة صدر صوت تحطمٍ عالِ فالتفتت المرأه بخوف خلفها : يا الله ما هذا الصوت
ذعر عمر من الصوت وقال بهمس: يا مصيبه
المرأه بتوتر : اعذرني لارى ما الذي حصل
ناداها عمر : لا لا ارجوك لم يبقَ الا القليل
المرأه وهي تصعد الدرج : لن اتأخر
اخرج عمر هاتفه بسرعه واتصل بيوسف الذي رد عليه فورًا : اطلللع يا غبي جات جااات
يوسف بعزم : خلاص الحين القاه بس دقـ
سمع يوسف صوت خطوات يقترب من الغرفة ، تجاهلها وهو يبحث بين الملفات الكثيرة
خطوة ، اثنتان وتقترب اكثر
، ويوسف تحت هذا التوتر ، يحاول تجنبه لكن سيكشف امره لا محالة
يوسف بهمس مرتجف وهو يسمع يد الباب تدار : يارب لا يارب ابعدها عني يارب

وقفت المرأة امام الباب لتفتحه
من خلفها : امي
التفتت اليه ليردف : ما الذي تفعلينه امام مكتب والدي ، ان علم بانك دخلتيه حتمًا سيفجر البيت بصراخه
نظرت اليه : لقد سمعت صوت تكسر شيء ما من هُنا
ابتسم الشاب : امي اسف لقد اسقطت الطاولة فحسب

نظر للخلف ليرى عمر واقف بتوتر : من هذا الرجل ؟
التفتت وهي تنظر لعمر : اهه انه طالب يجمع احصائية ، شهقت بخفه :يالله لقد تركت الصبي المسكين خارجًا
قال الشاب: الم ينتهي عمله
قالت الام : لا اعلم يا صغيري ، عندما سمعت الارتطام تركته هكذا امام الباب ، لاذهب اليه


**

تنفس يوسف الصعداء وهو يسمع خطاها مبتعدة عن الباب ، ثم نظر امامه ورفع الملف عاليًا وابتسامة جميلة قد ارتسمت على شفتيه


**


وقف امام السيارة بحزن وهو ينظر لاضواء غرفتها المغلقه تنهد وهو يكره نفسه حين يسافر ولا يودعها ولكن صوتها اوقفه
ماريا وهي تعدو بإتجاهه : باابا ...
التفت اليها ، اقتربت منه وضمته بقوة : انا اسفه والله والله تكفى سامحنا
التعدت عنه وقبلت كفه وجبينه بحب : ترجع بالسلامة
ابتسم لها وقبل رأسها : انتبهي لنفسك

**

في السيارة يحادث الطبيبة

فهد بنبرة جافة : لا تحسبي حسابك ماتوقع راح تزورك ماريا بالايام الجايه
الطبيبة بتفهم: ماريا بنت طيبه كتير وعانت كتير بليز ما تضغط عليّا ، بعرف انها بتعزبك
فهد وهو ينظر للطرق المزدحمه: تعذبني كثير
الطبيبة : اتخيل انك عايش حالتها بتشوف موتك كل يوم وما بتموت ، ارق وتعب وكوابيس غير هاد كلو ما عندا اخوات لحتى تطلع حزنها
فهد وهو غير مستوعب حتى الان حال طفلته: بس انا اشوفها متقلبه مادري ، تضحك وتنكت وفجأة تقلب وتعصب
الطبيبة : ماريا هي من هالنوع ما بتحب حدا يشفق عليّا ويهتم فيها على هالاساس ، بس صدئني لما تختلط مع ناس غير وتشغل نفسها راح تتناسى
ابتسمت الطبيبة: وعفكرة اعجبت بافكار ماسيو سلطان كتير ، علاجها بدون ما تحس وعقابك الها فكرة حلوة
ابتسم فهد بدهاء وهو يتذكر ان كل ما حصل كان خطة منه هو وسلطان عدى جزء ارسال الرسالة : يعطيك العافيه على قد تعبك واغلق الخط ...


**


تحتضن الوسادة بقوة وكأنها تفترسها ، تنتقم للنوم الذي يأبى ان يجيئها بعصر الوسادة بين اناملها ، تقاوم كل رغبة تحثها على ضرب رأسها بالحائط ، الصداع يفتك بخلايا عقلها وهي لا تستطيع مقاومته

تنظر للساعة بعينٍ نصف مغمضه 3:15

الظلام الدامس يدفعها على هاوية الجنون اكثر ، الصداع يدهسها اكثر ويفرد جناحيه على بساط رأسها

عقارب الساعة من جهة اخرى تستفزها ، تك تك تك
نظرت للساعة من جديد 3:20
صرخت بألم وهي تضرب رأسها : خلااااص

من جهة اخرى تدق الباب بفزع : انسة ماريا هل انتي بخير ؟
صرخت : دعيني وشأني فاطمة
فاطمة وهي لا تزال تطرق: اريد ان اطمئن عليك فحسب
ماريا وهي لا تحتمل الالم صرخت : انا بخير

رمت برأسها على الوسادة وهي تتنفس بسرعة : يالله تعبت تعبببت ابي انام

واغمضت عينها لتجبر نفسها على النوم ...


**

الساعه الثامنه

فتحت عينها بخوف وهي تشعر بشيء يزحف ماحتها ، واذ بافعى ضخمه صفراء اللون تقترب ناحيتها
انفرطت شفتيها لتصرخ ولكنها لم تستطع واطرافها ثقيلة وكأنه تدبست بالفراش ، نزلت دموعها بضعف وهي تحاول فعل اي شيء يردعها عن الاقتراب
التفت الافعى حول جسدها الغض وبدأت باعتصارها حتى شعرت ماريا باضلعها تتكسر
اغمضت عينيها بألم ثم فتحتها لتجد ذلك الوجه المألوف ولكن ذلك الوشم موسوم على جبينه كخطيئة لا تمحى ، ككلمة مذنب التي لا تدينه بذنبه حتى ، يضع يديه حول رقبتها ليخنقها ...


**

استيقظت بفزع والعرق قد بلل جسدها تمامًا وضعت يدها خلف رقبتها وهي تتلمس النتوء بالم
حاولت ضبط تنفسها السريع ولكن يدها امتدت لهاتفها لتتصل بسلطان
ماريا وهي تنظر للوحة علقتها امام سريرها : ايه تعال بسيارتك وخذني ، مالي حيل اسوق حتى

واغلقت الخط وهي ترمق اللوحة التي يطغى عليها اللون الاصفر بحنق ...


**

توقفت سيارة سلطان امام المبنى الضخم وهو عبارة عن شكل هدنسي يوحي من بعيد بحرف f ، اما عن هيكله الزجاجي كان يعكس جميع ما حوله

نظر لماريا : اليوم يمكن اتأخر دقي على السواق يرجعك
نزلت ماريا وهي تهز رأسها ايجابًا ...


تقدم للداخل بخطوات يحفظها وهو ينظر للصالة الواسعة المزينة بالباركيه البني وقطع السجاد الفخم ، باستقابله طاولة خشبية تجلس خلفها موظفة الاستقبال
اما من الجهة اليسرى كانت توجد قطع من الارائك المفرّقه بلون السكّر الاشقر وفي اليمين كانت توجد طاولة طويلة بنية من خشب السنديان وقد رصت اكواب القهوة عليها بترتيب وبجانبها الة صنع القهوة ، فقد كان الدور الاول عبارة عن صالة استقبال فخمه ذات طابع عصري
اما في الدور الثاني الذي يقع به مكتب سلطان كان امام المصعد لوحة ضخمه لاول ساعة صنعتها الشركة ووكانت نتشتر على اليمين لوحات اخرى ، صورة لمعطف واخرى لنظارة والعديد من منتجات الشركة التي اكتسحت الاسواق حتى وصل انتشارها لمطعم في كاليفورنيا واخر بالرياض وسلسلة فنادق فعائلة الفهاد تملك الكثير من المبدعين ...
اما في اليسار مدخل واسع يضم العديد من المكاتب المفتوحة ذات طابع بسيط ولكن متعدد الالوان وجدران زجاجيه بالكامل فعلى عكس الطابق السفلي الرسمي كان طوابق الموظفين مليئة بالابداع والافكار والشغف ، لانه تنص احدى بنود الخدمة العمل في بيئة تساعد على الانتاج فعلى مدار كل سنتين يقوم الموظفين باعادة تصميم وهيكلة طوابقهم ومكاتبهم كما يرغبون ...

دخل سلطان للقسم بابتسامته المعتادة وصبّح على الموجودين وانسل لمكتبه المغلق بهدوء

**
وقفت ماريا امام المقهى الصغير في الاستقبال ، اخذت كوب قهوتها وشكرت البائع بينما تقدم عمر ناحيتها وقال : السلام عليكم
ابتسمت وردت بلهجتها : وعليكم السلام هلا
توسعت عينا عُمر وهو ينظر اليها : عربية ؟
بهدوء قالت: وسعودية بعد
نظر عمر لعينيها القرمزية الواسعه وشعرها المصبوغ بالاسود ولكن قد بدا شعرها الفاتح واضحًا عند الجذور هيئتها التي لا توحي ابدًا بمظهر فتاة عربية ...
عمر بانذهال: مشاء الله مو باين بالذات عيونك تبارك الرحمن
ماريا وقد انزلت نظرها للاسفل: طلعت بعيوني على امي
رفعت نظرها مجددًا وقالت بمرح: وماقلت انك بتجولني بالشركة ولا غيرت رايك؟
اشار عمر لها بيده لتتقدم: هو انا اقدر اصلًا ؟

**

عمر بإبتسامة وهو يسير بجانب ماريا : منو بقيت ما عرفتك عليه ؟
ماريا بضحكة : هو انت بقيت احد الله يصلحك
اشار عمر باصبعه لمكتب والدها الذي يقع امامهما مباشرة في الطابق
: هذا عاد مكتب صاحب الشركة فهد الفهاد
هزت رأسها بينما اشار لباب : وهنا مكتب شريكه
رفعت ماريا اصبعها بتخمين وهي تضرب الارض بقدمها كالطفلة : دقيقه دقيقه امم العناد لا لا العيّاد صح
ضحك عمر وهو ينظر لها ولحركاتها البريئة: ههههه العوّاد ، يوسف العوّاد
قطبت حاجبيها وهي لا تتذكر جيدًا سوى اسم سيف ، يبدو ان ذاكرتها بتدأت تصدأ على الاحرى
ماريا وهي ترفع اصبعها كطالبة : الحين ممكن اسألك شيء ؟
عمر بابتسامة : سئلي براحتك
ماريا : انت كويتي صح ؟
همهم عمر بالايجاب لتكمل : ليش لهجتك كذا مثلنا
عمر وهو يشير بسبابتيه لها : نقطة حلوة ، برافو عليك والله
اكمل بهدوء: انا قضيت عمري كله مع سعوديين فأثروا علي كثير فصرت احجي مثلهم تقريبا
ماريا وهي تهز رأسها : تمام , انا رايحة مكتبي
ابتسمت : وشكرًا على الجولة السياحية


**

في مكتب يوسف..

يجلس امام المكتب بتملل شديد ، فهو يكره الجلوس وكما يعتقد ان الجلوس يولّد الكسل ويبطئ نشاط العقل
وقف وبدأ بالمشي جيئه وذهاب في المكتب وعيناه تتلصصان على كل شيء اللوحات الجدارية المتقنة ذات الالوان الهادئة والمريحة للعين ورف الكتب الذي لا يتخلى عنه شقيقه في اي مكان والرائحة التي تزيد شوقه اليه ذاك الذي ترك بصمته في كل زاوية من هذا المكتب وفي ذاكرته


فتح عُمر الباب واطل برأسه : يصير ندخل حضرة المهندس
ابتسم يوسف بشفقه على حاله : يا حلم ما اكتمل !
دخل عمر واغلق الباب خلفه : يا معود وش لك بالكرف والتعب ، اقعد بمكتبك معزز مكرم
يوسف وهو لا يزال يمشي : ياخي مليت وش هذا بس جالس ابي اتحرك ابي احس اني على قيد الحياة
عمر بنبرة غريبة: نبضات قلبك هي اللي تحدد حياتك او موتك
استغرب يوسف قليلًا من نبرته ولكنه لم يعره اهتمام ، جلس على المقعد امامه : اسمع الحين احنا في الخطوة الثانية من البحث ، لازم اخلي بونايف يثق فيني وهو مغمض عينه
عمر وهو يهز كتفيه بعدم ارتياح : انا اقولك نبطّل
نظر اليه يوسف بتعجب ، اردف عمر بنبرة عالية : اييه ايه نبطّل ، فهد ماله بالمشاكل وماله علاقة باللي صار ، غير كذا وقت الحادث كان بامريكا
يوسف : اسمع بونايف كان اقرب لسيف بعدك ، وغير كذا هو الخيط الوحيد
فكّر يوسف لثوان قليلة ثم قال : لازم نعرف سبب سفرته هناك
عمر :اكيد كان رايح يشوف شغله
يوسف : اي شغل ؟
عمر وهو يضرب جبينه : نسيت اقولك ، هو له مطعم بكاليفورنيا
يوسف باعصاب تالفه : وليش ماقلت لي من اول
عمر: طافت عن بالي
وقف يوسف وهو ينظر للمباني من نافذته الشفافه : خلاص اليوم بنبدأ نجمع معلومات عنه ونشوف كيف ندخل مزاجه


**

صباح اخر في العاصمة / الرياض

والشمس ترسل اشعتها الحارة في ارجاءها ، فلا صيب السماء قد نزل ولا نسيم عليل قد مرّ من هُنا
في فلّه ضخمه تسقط في بقعة بعيدة عن مركز المدينة ، كانت اسوارها العالية المزخرفة بالنقوش قد ميزتها عن الفلل الباقيه ، وبالداخل كان المنزل عبارة عن قطعة زجاجية فخمه قد شكلت على هيئة منزلٍ يذهل البصر منذ النظرة الاولى ، ولكن الستائر الطويلة كانت حائًلا دون رؤية ما بداخل المنزل ..

نزلت فتاة السابعة عشر بخطواتٍ واسعة على الدرج الرخامي بالرغم من وجود مصعد ، وهي تحاول جمع شعرها القصير بلا جدوى فتركته بنعومته حرًا يغطي جزءًا من رقبتها الطويلة
تثاوبت فاغمضت عينيها وهي نضع كفها على فمها
حتى شعرت بشيءٍ غريب لين عالق في خفّها وبعد ثانية شعرت بحرارة تلسع طرف ابهام قدمها نظرت للاسفل ثم رأت شمعة بل المئات من الشموع موزعه على الدرج بترتيب ورائحة الفانيلا العبقة غطت المكان
صرخت وهي تعرف الفاعله جيدًا ، هي بالتأكيد شقيقتها الوحيدة والطائشة : جماااانه وجع !

نزلت الدرج بخطى واسعه لتجد شقيقتها التي تكبرها بـ ثمانية اعوام ، تجلس في وسط الصالة الفخمه تضع سجادة ذات زخارف غريبة وحولها الكثير من الشموع على شكل مربع مع فتحه لتستطيع الخروج من مربع الشمع ، مغلقة لجميع الستائر وعلى الطاولة امامها وضعت المبخرة ، وفوق رأسها قماش ذو الوان صارخه تعمي البصر من بشاعتها
جود وهي تقف بغضب: ردّي لا والله انادي امي عليك مريضه وش هذا
جمانه التي كانت تجلس على الارض بوضعية " اليوغا " لم تفتح عينيها حتى: وش الشيء اللي اهم من جلسة استرخائي ؟
جود : هييه حنا ببيت مو منتجع الحمد الله البيت كله شموع صاحية انتي ؟ وبعدين وش ذا الخياس اللي على راسك اللهم عافنا بس
فتحت عينيها ببطء والتفت اليها : شوفي يا جود والله لاقوم اتوطى ببطنك ، كيفي يختي بيت ابوي حرة احط فيه اللي ابي
جود وهي تصرخ : يمممه الحقي المجنونة شوفي وش مسوية بالبيت
نزلت والدتهم من الدرج بسرعه ودفعت احدى الشموع فانكسرت
ثم صرخت جمانة بعصبية : يمهه سمّي باللله
والدتهم : بسم الله الرحمن الرحيم ، انكسر الشر
دخلت ام جمانه الصالة ثم شهقت وهي ترى الشمع وحالة جمانة التي لم تكن غريبة اطلاقًا : صاحية انتي وش مهببه قومي ضفي عفشك يالله صباح الخير
وقفت جمانه وهي تنظر لجود بحقد : والله الواحد لا يسترخي ولايرتاح شدعوة كلها شمعتين
دفعتها جود بخفه من كتفها : توكلي ستر الله عليك يا جده

هذه هي حياة العائلة الصغيرة ، ما بين جنون جمانه واتزان جود تقف والدتهم لتمنع اشتباك الاختين اللتان لا يفرق بينهما سوى الطبع ، فقد ورثتا كل شيء عن والدتهما التي لازالت تحتفظ ببعض جمالها المخبئ بين طيات العمر الذي سرق منها الكثير من شبابها ...


**

ادار مفتاح الباب بهدوء وهو يطل برأسه داخل الشقة نظر ليجد الصالة امامه مطفأة الاضواء
دخل واغلق الباب خلفه واقفله ثلاثًا وهو يتوجه للداخل ، لغرفة والدته ليجدها مستلقيه على سريرها وعينيها معلقة بالسقف
اقترب منها وهو يتنحنح لتعرف بوجوده رفعت رأسها وابتسمت
قبل رأسها ونظر لكفها ليقبله ولكنه وجدها تغلق يدها بشدة فخمن انها تحمل صورته او بالاحرى صورة شقيقه المتوفى
يوسف : كيفك اليوم ؟
هزت رأسها : نحمد الله
نظر للساعة ثم اليها : وليش حبيبة ولدها مانامت للحين
ابتسمت من دلاله لها وقالت بمرح : نتنظر ولدها ينومها ويقولها قصة
قفز يوسف الى السرير : ما طلبتي شيء عيوني لك كم نورة انا عندي
نظرت اليه وهي تضحك: وش بتسوي يالاخ ؟ هههههه
اشار لصدره : بنومك وش بسوي
ابتسمت بعذوبة وقلبها يدعي ان يطيل الله في عمره واستلقت بهدوء على صدره وصورة الاخر لا تفارق مخيلتها ، سيف حبيبها وابنها وتؤام يوسف ، اغمضت عينيها وعقلها يعود للخلف قبل سنين عديدة عندما عزم ابنها الرحيل لتركيا ....


**

في الرياض ..

يجلس سيف بتوتر وشقيقه بجانبه صامت كعادته التي تغيرت عندما مات سيف
تقف والدته وهي تلوح بيدها : يعني ليش هناك ليش برا ليش مو عندي
سيف وهو ينفض شعره بقسوة: يمه حبيبتي الرجال يبي اوقع عقد شراكة فاهمتني ش ر ا كه قالها ببطء شديد لتستوعب والدته
قالت نورة بحدة : وليش ما يوقعها هِنا ان شاء الله
سيف : يمه هنا هو عنده مسثمرين وشركاء واجد وقال يبي احد ثقة بتركيا وانا المرشح الاول افهميني ، بيئمن لي مسكن في احسن وارقى حي وسيارة وكل اللي احتاجه
نطق يوسف اخيرًا : بس بالنهاية انت اللي بتخاطر بمبلغ كبير عشان تشتري حصه كويسة من عنده
سيف وهو ينظر حوله : الوضع بتركيا متدني وببيع ٣٠٪ بسعر ولا اكبر منافسيه يحلم فيه ، انا بطور خط الانتاج وبشتغل على كل شيء
يوسف وهو يلفظ ببرود : وان ما نجحت ؟
وقف سيف ونظر لشقيقه : يوسف انا مو زيك احسب حتى طول المسامير عشان لا تنهدم البناية انا تاجر والتاجر لازم يخاطر انا حسبت كل شيء ومتأكد من خطوتي هاذي باذن الله
نظرت اليه والدته وهي تتنهد بصوت عالي : انت وش دخلك بهذا كله وماهو من مجالك ، اشتغل بشهادتك وبتعين خير

**
توقفت ذاكرتها هُنا بعد خروج سيف غاضبًا وهو يردد : انا راح اخاطر
وها قد خاطرت باغلى ما تملك يا صغيري حياتك ! واملي الوحيد فيك ، كنت فخورة بك ولازال حتى بعد مماتك ، اعلم بانك لم ترمي بنفسك للهلاك بل اقتاتوا روحك للموت اوانا بعيدة عنك ، يومها اتصلت كثيرًا ولم اجب لانك لم تزرني ارسلت الكثير من الرسائل (ادعي لي ، نسيتي نبرتي وانا اقولك حلوة اللبن؟، سامحيني يمه وحلليني )
طفرت دمعتها على قميصه وكفها يقبض على الصورة اكثر بلوعة الام التي فقدت طفلها
رحمة الله عليك يا سيف .


**

فتحت هاتفها وضغطت على الرقم المعتاد فسمعت الرسالة المعتادة : اترك رسالتك بعد سماع الصافرة ... بدأت بالحديث بالتركية

همست بشجن ملأ الكلمة : امي !
اشتقت اليك كثيرًا .. كثيرًا جدًا
اتصلت لاخبرك بأني اشتقت اليك ، اشتقت لصوتك امي
صمتت قليلًا تستجمع حزنها : كل يومٍ اصلي ادعو كثيرًا لئلا تنسيني ارجوك لا تقولي بانك كذلك .
امي كل يومٍ ارى كابوسًا ، ارى الموت يا امي
ابكي كثيرًا ليس لانني اعتقد بأني سأموت بل لأني خائفة ان اموت قبل ان اراك واقبل رأسك . امي انا لا اعلم مالذي يحصل انا خائفه خبئيني عندك وردّي علي ارجوكِ
نشجت بقهر ومسحت دمعها وهي لا تزال لم تقفل الخط ، نظرت للهاتف وقالت بصوتٍ كسير : احبك مهما يحصل امي احبك ابنتك ماريا
واغلفت الخط بحزنها هذه ربما كانت الرسالة الخمسين التي تتركها لوالدتها هذا الشهر فهي لاترد ومساعدتها لا ترد وماريا لا تستطيع الذهاب اليها لتطمئن حتى

وضعت رأسها على المكتب وغرقت في حزنها وبلحنها الممتلئ بالدمع : كيف أمحوك من أوراق ذاكرتي و أنت في القلب مثل النقش في الحجر أنا أحبك يا من تسكنين دمي إن كنت في الصين، أو كنت في القمر


**

نزل من الطائرة التي لا تضم سوى ١٠ اشخاص كان يتقدمها فهد بمشيته وسطوته التي تأسر القلب فعلى الرغم من سنواته التي جازوت الاربعين بكثير فلا يزال يتمتع بلياقه قد لا تجدها في ابناء العشرين ، نظرة ساحرة وعينان تأسران القلب بلونهما الفاتح ، ووجهه الصافي الذي لم تظهر سوى خطوط خفيفه تؤكد كبر عمره بالاضافه للشيب الخفيف الذي لم يضعفه بل زاده وقارًا
خلفه يمشي رجلان من رجاله احدهما يحمل حقيبته السوداء الجلدية الفخمه من ماركة الشركة نفسها


**


تقدم السائق السعودي وهو يفتح باب الروزرايس له : نورت الرياض يابو نايف
ركب بونايف السيارة وهو يلفظ بثقل : الله يسلمك

رفع الهاتف الايفون ذي الشريحة السعودية الجديدة وضغط عدة ارقام يحفظها
بونايف: اسمع بكرا الصبح شوف شغلك
....: لا تخاف بنحافظ على الامانة
بونايف: ايه مابي ولا غلطة ، تدري شكثر متأمل فيك
.....: كل شيء راح يكون تحت السيطرة
واغلق الخط ...


انتهى ....

عَزف 31-01-16 03:42 PM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
حين تلتحم الخطايا

( البارت الخامس )

**
هُنا كنّا تلاقينا
فناجى الحبّ قلبينا

وفي يومٍ سعى واشٍ
فامسى وصلنا بينا

وضِعنا في متاهاتٍ
حيارى رغم انفينا

**
قبل سنة ..
الولايات المتحدة ..

كان النور الساطع يخترق ظلمتها ، يناديها من غياهيب اللاوعي ، عودي لنفسك ، استيقظي واتركي العالم خلفك
فتحت عينيها ببطء ورائحة المعقمات وهاجم شعيرات انفها ، اخذت نفسًا عميقا وبصرها يلمح بياض الاغطية والجدران ، حاولت رفع جسدها المنهك ولكنها تراجعت عندما اعتراها الالم ، رفعت اصبعها وضغطت الزر بجانبها وبدأت بالبكاء والصياح

مرت ثوان حتى دخلت الطبيبة الصهباء وبجانبها الممرضة وتبدو عليهما امارات الدهشه
اقتربت الطبيبة وهي تحاول تهدئتها وامساكها
نظرت لها ماريا بضعف : انا انا لا اتذكر شيئًا اين انا نظرت الطبيبة لعينيها : لا بأس ستتذكرين اهدأي ارجوك
جلست على السرير بانكسار وهي تضم سيقانها : لماذا انا هنا ؟ مالذي يحصل لي

تقدمت الطبيبة وهي تجلس بجانبها وتمسح على رأسها : دعيني افحصك وستكونين بخير عزيزتي
اقتربت منها ماريا لتعانقها وهي تبكي ، لم تمانع الطبيبة هذا وعانقتها هي الاخرى لثوان ثم خرجت من غرفتها تاركة ماريا نائمة هناك
**
بقيت ساكنه حتى سمعت صوت الباب المغلق ، رفعت رأسها واخرجت الهاتف الذي سرقته من معطف الطبيبة توا عندما عانقتها
ضغطت الارقام التي تحفظها غيبًا على شاشة الهاتف ، سرعان ما تحول همسها الخافت ودعائها ان يجيب صاحب الرقم الى شتائم ...

**
الآن 2015 / الرياض ..

امام قصر ال فهاد الشهير والذي يقع في مركز مدينة الرياض فتحت البوابتان الذهبيتان والتي وضع على مقبضاها كتلتين من الذهب المصقول والذي نقش عليها بخط كوفي محترف: الفهّاد

دخلت سيارة الروز من البوابة ، للمدخل الفخم الذي وضع على جانبيه احواض من الزهر ومن خلفها حدائق مشذبه بعناية تقدمت السيارة تشق طريقها على الطريق الذي كان مزينًا ببلاطات سكرية وزرقاء حتى يكاد للناظر ان يحسب نفسه في وسط نهرٍ صاف ، قطعت السيارة الطريق الذي كان اشبه بقرية صغيرة تقع في فرنسا ، حتى وصلت اخيرا للمدخل الرئيس وكان في المنتصف نافورة من ماء الورد وحوضها الذي امتلأ ببتلات الورد المقطوفة حديثًا ،فعلى الرغم من حرارة الشمس التي قضت على الرائحة النقية الا ان نافورة الزهر كما يسميها اصحاب المنزل كانت تطفي على المكان رونقًا وخاصة بالليل عندما تشع من فتحاتها الصغيرة نورًا اشبه بالنجوم

نزل فهد وهو يستنشق الرائحة ، رائحه وطنه المعبقه بالورد وان لم يكن مغرمًا به لذلك الحد ،
تقدم للباب ودفعه بهدوء ليجده مفتوحًا وفي استقابله زوجته التي كانت بجانبه تبدو صغيرة بالسن ترتدي جلابية مطرزة ، اقبلت عليه وهي تضمه بعشق : الحمد الله على سلامتك يا نظر عيني
ابتعد قليلًا ثم قبل كفها : الله يسلمك ويخليك لي
نظرت له لدقيقة تجمع الدمع في عينيها : والله اشتقت لك
مسح دمعها بانامله : يابعد روحي وانا اكثر
نظر حوله بتوجس : واشتقت للعيال
نظرت حولها وابتسمت : نايف بالدوام كالعادة ، ورهف نايمه
نظر لساعته بغرابة : للحين ؟
قالت ام نايف: والله ماتنام الا مع طلعة الصبح هذا حالها
صمتت لثانية ثم هتفت وكأنها تذكرت توًا : يووه نسيت ابو جمانة بالمجلس ينتظرك ...

**
دخل بونايف المجلس وهو يسلم ليقف بوجمانة بابتسامة وهو يضمه بحراره ، صديق مراهقته وشبابه وربما شيخوخته ايضا
بوجمانة : وينك يارجال وش هالقطعه ؟
جلس بونايف : انت ادرى بالشغل
بعد السؤال عن الحال بدأت علامات الجدية ترتسم على وجه بونايف
: قل لي وش سويت بالموضوع اللي قلت لك عليه
بوجمانة : ماشيين على الخطة ، بس فيه ملاقيف يلفون علينا يافهد
نظر له فهد بإبتسامة : اعرف كيف بتصرف معاهم ، انت كمل الهطة زي ما اتفقنا ونشوف كيف يلعبون مع فهد الفهّاد

**
بعد يومين من الرتابه ...


يا دمعًا كالشوك علق في مقلتيّ ولم يزل ، على كل لحظة قلت له عد ولم يكترث لتحذيراتي واوهامي كما يعتقد ، ليس الثأر ما ابحث عنه ان الانتقام عذرٍ سخيف يتخذه كل احمق ليبرر شناعة افعاله . كل ما اريده هو ردع السوء عن باقي الناس فكرة ان رجالًا قتلة يتجولون براحة بينما يريقون الدماء وكأنه كوب قهوة اريق على الرصيف هي بحد ذاتها مرعبة ...
هذا ما ارّق عقل يوسف وابعد النوم عن عينيه تنفس بعمق واتجه للخارج ، للحديقه المشتركة بين اهالي المبنى ، شعر بنفحة هواء باردة لطفت الجو الحار ،
استنشق الهواء بعمق وبدأ بالعدو ، كانت هذه احدى طرائقه التي يغلب فيها ارقه الذي بدأ يزاوله في الايام الاخيرة منذ بدأ بالنبش عنه ، المشتبه به الاول فهد بن نايف الفهّاد ، وصمة شرف في تاريخ هذه العائلة المعروفة جدًا بنشاطها وابناءها حادي الذكاء

**

قبل يوم /في شقه عمر
١٢ - منتصف الليل
نظر امامه لكل الصور المعلقة فرك رأسه بيده بقوة وهو يهتف لعمر : مستحيل يكون فيه انسان بهاذي .......

ضاعت الكلمة منه
مد عمر له بكوب القهوة وهو يهمس: الدقة والكمال
يوسف بدون ان ينظر له : بالضبط

رمق يوسف المكان حوله صالة متوسطة الحجم لا يشغلها الكثير من الاثاث بسيطة الى حدٍ معقول يطغى عليها اللون الاسود بالمجمل ولكن التحف الملونة والوسائد اضفت على المكان بعض البهجة

اغمض يوسف عينه يحاول ان يستجمع افكاره وهو يحفظ كل ما بحث عنه بمعية عمر
: فهد تزوج مرتين الاولى جابت له نايف و رهف
والثانية تركية جابت له ملاك

فتح عينه ووقع بصره على صورة نايف ، النسخه الكربونية من فهد الاكثر شبابًا يمتلك نفس النظرة الثاقبة وتلك العينين الفاتنتين وعوارضه شديدة السواد زادت جاذبيته كوالده ،
وفي جهة الزوجة الثانية لم يجد لها اي صورة او اي تعريف سوى اسمها:
نِهال أدوتشين

رفع عُمر ورقه اخرى او بالاحرى شهادة وفاة مصدّره من مكّه: ملاك فهد الفهّاد ، متوفية عن عمر يناهز ١٧

باقتضاب كان يتحدث وكأن شيئًا ما لا يعجبه بهذه الابنة ...
ورقة اخرى و فتاة اخرى قال يوسف : ماريا فارس نايف الفهّاد

ابنة اخ فهد الذي توفي في حادث سيارة شنيع اودى بحياته وزوجته وابنة فهد ووالد فهد 'نايف'

والناجية الوحيدة : ماريا التي لم تصب باذى كبير سوى بعض الكسور وجرح عميق في مؤخرة رأسها ادى لمكوثها في غيبوبة لحوالِ اسبوعين ثم استفاقت
قال عمر كتلطيف للجو 'البوليسي الجدي' : نفس اسم الموظفة الجديدة ،نظر ليوسف : عرفتها
امال يوسف شفتيه : هو انا اعرف القديمين عشان اعرف الجدد ؟
عمر وهو يحاول تذكيره : اول يوم اشتغلت البنيه اللي نادت سلطان لما كنا نتكلم ، اللي عيونها حلوين
صمت لثانية ثم اردف: وااايد وايد حلوين
انفجر يوسف ضاحكًا : ههههههههههههه حلوة ذي وانا شدراني
قلد عمر ونبرته الحالمة : واايد حلوين اجل ؟ ههههه
صمت يوسف لثوان ثم تذكر : اييه بس مالتفت لها ، قصدي ما دققت
يوسف وهو يحاول ان يستوعب : طيب مو معقول تكون نفسها بنت اخوه ؟ بنت اخو سلطان فهد
هز عمر رأسه بنفي شديد : لااا مستحيل ، صح انها تتكلم سعودي وملامحها شوي عربية بس ماتوقع ، تدري وين تشتغل ، بالارشيف
رفع يوسف حاجبه : ويعني ؟
عمر بتبرير : يعني من المستحيل يوظفها عمها بشغله نفس هاذي ، شوف سلطان على سبيل المثال يعني
وبعدين اكو شيء ثاني بس .....
قال يوسف يستحثه للحديث : بس ايش ؟ شفيك انت قول اللي عندك
عُمر بتردد : يعني اتوقع انها بعلاقه مع سلطان
نظر يوسف له بدهشه لم يستوعب ماقيل له للتو : مستحيل
عُمر : استغفر الله يعني بس اربع وعشرين ساعه ويابعض يعني وكلامهم وحركاتهم مو مال موظفه ومديرها
يُوسف بخبث: طبعًا حطيت عينك على بنت الناس انت ووجهك ذا
عمر بارتباك : حسبي الله على بليسك ، كذا ظنك فيني يابوبدر ؟
ابتسم يوسف : والله مادري عنك وش مهبب


نظر يوسف للورقة الاخيرة سلطان بن نايف الفهّاد شقيق فهد والذي تولى العناية به هو الاخر في نفس سنة وقوع الحادث

تنهد يوسف ولكن عقله لا يزال مشوشًا بعض الشيء، ماريا ، سلطان.

نقطة ضعف لابد ان يكون هناك نقطة ضعف في كل هذا ، نقطة ان ضغط عليها بقوة هدمت كل تلك المثالية ، ماهي هذه النقطة ؟

**
توقف امام باب العمارة مجددًا وعاد لغرفته بصمت وهدوء كما خرج وكان السؤال لايزال يرن في اذنه ، ماهي نقطة ضعفك يا فهد ؟

**
في حي آخر ، اكثر ترفًا

ركبت السيارة وبهدوء سلمت
بإبتسامة عابثه باغتها سلطان: من سيارتي لسيارة زوجك يا كريم

ردت ماريا بإبتسامة هي الاخرى : بعدك ياعم


اتجه للطريق خارج مركز المدينة ، كان من احد الطرق الخالية من اعمدة الانارة ولا يزينها سوى ضوء القمر والنجوم المتلألأه في صدر السماء فتحت ماريا النافذه واستنشقت الهواء الصافي من الملوثات بنهم شديد وكأنها تود تجديد رئتيها تمامًا
انعطف مع مخرج ثم توقف بعد ان قطع ثلاثة كيلومترات

نزلا من السيارة واخذ سلطان سلة من المقعد الخلفي وتوغلا بين المروج الخضراء على طريقٍ يحفظانه عن ظهر قلب ..جلسا على جرف السهل الممتد امامهم ، كان المكان حالك الظلام سوى من مصابيح الزيت التي كانا يخبئناها في الكوخ الصغير خلفهما
لكان المنظر صباحًا اكثر جمالًا من الان هكذا فكرت ماريا وهي تنظر للاسفل

اتى النسيم البارد ليحرك شعر ماريا المنسدل
همس سلطان : قرب الشتاء
نظرت اليه : بترجع للرياض ؟
اعاد سلطان جسده للوراء واراحه على العشب ووضع يديه خلف رأسه : انتي الوحيدة اللي مصبرتني على هذا كله
استلقت هي الاخرى : بس بعرف وش لاقي بالرياض ومو لاقيه هنا
التفت اليها : اهلي ، اصحابي ، الغربة غربة اهل واحباب يا ماريا مايفرق المكان دام انه يجمعنا
قالت بصوت رخيم: الله يسهل لك ويحفظك
تنهد وهو يود ان يدير دفه الحديث اليها : وانتي ، كيف الشغل والناس والزحمه
ماريا : مادري بس لما شفت الناس والعالم والحياة ، ليش انا الوحيدة اللي احس بالضياع ، بالموت وكل هالحزن
سلطان وهو يشعر بنصره وقد تحقق ما اراده بالضبط : مانتي وحيدة في حزنك ، كلنا نحزن ونتعب بس مانبين للناس
قالت ماريا بشيء من الاختناق: موبيدي انسى شيء ، ماقدرت اتأقلم مع اللي صار ، اموت مية مرة باليوم من خوفي ، ماني لاقيه الامان في اللي حولي

جلست ونظرت اليه والدمع يملأ عينها دون ان يسقط : ماقدر اصلي كويس اوسوس كثير وادعي كثير بس ماقدر دايم انسى واضيع تعبت

جلس سلطان قبالتها وقال بجدية : ان الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ، خذي خطوة جادة في كل امورك وبتلاقين ربي يوفقك

فهمت ماريا مغزى حديثه الذي يدور عن سترها الآن : بيجي يوم وربي بيهديني
وقف سلطان ونظر اليها : لو جاتك سكتة ومتي هالحين متى بتستقيمين ، الموضوع مو مقرون بهداية الله انتي اعملي اول عشان تستحقين هالهداية ، ماريا انا ساكت على وضعك احترام لخصوصيتك

وقفت ماريا وهي تنظر اليه : الدين ماهو اجبار يا استاذ طيب
وابتعدت عنه عائدة للسيارة وهي تلف خصلات شعرها على اصيعها وتشدها بعصبية ، عادة سيئة اخرى لا تتخل عنها ماريا في عصبيتها ، لحق سلطان بها وامسك بذراعها : الدين ماهو اجبار ادري ، ولا جبرتك على شيء بس قدّري نعم الله عليك واشكريه
هدأت ماريا وهي ترى هدوء كلماته : ان شاء الله .

**
اسطنبول - الثامنة صباحًا

تجلس بالسيارة بملل ، بدأت باللعب بتنورتها السكرّية الطويلة وعقلها يتذكر ملاعب التنس ، النادي ورشاقتها
تأففت وهي لا تتذكر اخر مرة مارست بها الرياضه
تعلم في قرارتها بقوامها الطويل الممشوق فهي دائمًا احبّت جسدها فهو متوسط بين النحالة والسمنة تعد *رويانه* بمصطلح اخر ، ولكن ممارستها للرياضه امر بعيد كل البعد عن القوام فقد كانت تولي لصحتها اهمية كبيرة فيما مضى ..

تقدمت للأمام قليلًا وهي تهمس بالتركية : توقف هُنا
هز السائق رأسه باطاعة وتوقف جانبًا
نزلت ماريا بإبتسامة : تشكرّادريم

**

كان يقود السيارة بمهل حتى سمع صوت طقطقه في الخلف نظر للمرآه وتنهد واوقف السيارة على جانب الطريق ونزل ليتفحصها ، نزع معطفه في السيارة باهمال ثم تنبه لسلاحه الذي اصبح مكشوفًا فسحبه من حزامه بالخلف ووضعه في درج السيارة

**

نظرت حولها بانشداه للمباني العالية وكان لا يزال على وصولها للشركة الا عدة مبان ، رفعت رأسها للأعلى وهي تتأمل انعكاس الحياة على اسطح المباني
، ولكن شيء ما لامع جدًا اثارها اكثر ، تقدمت للامام حتى اصبحت امام المبنى تمامًا ركزت نظرها للأعلى لاخر طابق ، للسطح واصابتها الصدمة وهي ترى رجلًا يرتدي ثيابًا بيضاء ناصعه يثبت شيئاً ، واخرستها الصدمة حين انتهى من تثبيته وجلس خلفه كانت تصوب نظرها على سلاح رشاش عيار 50 ...


انتابتها رعشه والذكريات السيئة التي تعانق اللون الابيض تزيدها توترًا ولكن لما حاولت قياس امتداد التصويب وقعت عينها على رجل يرتدي قميص اسود مشمرًا اكمامه يجلس امام العجلة الخلفية لسيارته ويبدو انها معطلة ، رفعت عينها للاعلى ثم للرجل المسكين الذي رفع هاتفه ويبدو انه لا يعلم مالذي يخطط لاجله


تقدمت بغريزة لا تعلم ماهيتها بسرعة باتجاه الرجل

يوسف وهو يحادث عمر : مادري ، انا قريب من الشركة و....

لم يشعر سوى بيدين على ظهره حاول الاستدارة ولكن نبرتها المألوفه لم تمهله الكثير وهي تصرخ : اخفض رأسك
ثم تهالت الطلقات عليهما ، وبدأ الناس بالصراخ والسيارات اطلقت ابواقها للصياح بحدة تصم الاذان

يوسف الذي انصاع لليدين خلفه وبدأ بالجري محاولًا تفادي الطلقات الطائشة التي اصابت الناس حوله عض على شفتيه بقهر انزاله مسدسه في السيارة حماقه كبيرة منه

ثم مرة اخرى تقدم الجسد امامه عادت اليد الناعمة لتمسك معصمه وهي تجره للجهة الاخرى من الشارع ، لم يلمح شي سوى تنورتها السّكرية التي كشفت عن ساقيها وهي تجره بقوة لاحد الازقة البعيدة


**
ثم اخيرًا توقف اطلاق النار
وضعت يدها على صدرها وهي تحاول استيعاب الادرينالين الذي افاق جسدها من خموله التفتت اليه وهي لازالت تتنفس بسرعة: هل انت بخير
نظر اليها وعقله لا ينسى ، عينان لم يرَ مثلهما او لم يعر غيرها هذا الاهتمام ، عينان واسعتان وطويلة تشع ببريق قرمزي مائل للاخضر مريحتان وتبعثان للدفأ وقد بدا له الصوت معروفًا:
اتمنى ان تكونِ استمتعت بالفلم القصير
اغمضت عينيها بعدم تصديق : انت ! لا يعقل ابدًا
همس ببطئ وهو ينظر لقلادتها الذهبية : آلفهّاد
قطبت حاجبيها : نعم ؟
وقعت عينيه على عينيها تمامًا
يوسف وهو يحاول اخراج نفسه من سحر تلك الفاتنتان : واضحة الصدف
ماريا وهي تنظر بشك : كل شيء له تدبير مافيه شي اسمه صدف
يوسف وانفه بدأ بالانزعاج حقًا من الرائحة في ذلك الممر الضيق : كيف شكله ؟
تنهدت وهي تتذكر : لابس ابيض ومعاه بندقيه

خرج من الممر نظر لسيارته وقاس البعد بنظريه وهو يهمس : مُستأجر ،
نظر لاحد المباني واشار باصبعه : كان هناك ؟
نظرت ماريا لاصبعه وهزّت رأسها بحيرة : ايه
نظرت له بريبة: كيف عرفت ؟
التفتت اليها :انتبهي لنفسك وروحي لشغلك
نظرت اليه بحنق: دقيقه بس ، انت مين عشان تأمر علي ووش صلتك فيني عسى ماشر ان شاء الله
اقترب منها وبحدة قال : صدقيني اللي بتسوينه لمصلحتك ولمصلحة الناس ان قلتي حرف واحد راح يلحقونك ويذبحونك فاهمه

شعرت بضعف كبير وبدت تشتد عضلاتها خوفًا همست بهدوء: بببب بس
اقترب منها بهدوء ونظر لها باصرار : انسي اللي صار وانسيني سمعتي ؟ غلطة او حرف ممكن يكلفك باقي حياتك
هزت ماريا رأسها برعب منه ومن نظراته ومن كل الذي جرى لهما
وابتعدت عنه مكملة طريقها للشركة وهي لا تزال ترتجف كطفلة

**
تقف امام النافذة ترقب الشرطة والضجيج بالاسفل وتبحث بعينيها عنه بطل هذه القصة ، الرجل الذي لا تعرف عنه سوى نبرة صوته المميزة التي تثبت كالرنين في الاذن وعيناه اللتان تشعان بالقوة والهيبه في آن واحد ...

فتح سلطان باب مكتبه ليجدها واقفه بصمت ، ازدادت ضربات قلبه خوفًا من ان يكون اصابها مكروه اقترب منها ووضع كفه على كتفها
التفتت اليه وهي لاتزال في صدمة من سرعة الاحداث
نظر سلطان للنافذه : كنتي من الموجودين وقت الحادث
ماريا بهدوء : وشفت مسبب هالفوضى
توسعت عيناه وهو يرى برودها القاتل : وماتكلمتي ؟ ليش

ماريا وهي تترك مكانها: ماله داعي
صرخ سلطان بعصبية : والناس اللي انصابوا وتضرروا وش ذنبهم في غبائك ؟ انتي مقدرة حجم سكوتك يضرهم ويضرك
ماريا وهي تخرج من مكتبه: ذنبهم انهم كانوا بالمكان الغلط وبالوقت الغلط
التفتت اليه ونظرت له : انا اللي باكون في مصيبه ان تكلمت ولا تسألني ليش
امسكت بالمقبض وهمست اخيرًا : ومحد بيضيع حقه
اتمسك ولو بأملٍ صغير لذلك الشاب الاسمر ، نظرته تلك لم تكن عادية بل هو يعرف من تهجم عليه وسوف ياخذ بحق جميع من تضرر ، هذا ما آمله
**
في مكتب يوسف ، بعد هدوء الاحداث في الشارع لاتزال الشركة في حالة فوضى وضجيج لم يعتده يوسف ، لكن وبرغم الازعاج استطاع ان بيتجمع افكاره وهدوئه وعيناه على الكيس البلاستيكي الذي يضم ثلاث اغلفة للطلقات من السلاح الذي كان مصوبًا اليه تحديدًا ولم يصبه ولو بخدش بسيط ،
فُتح باب مكتبه فأخفى الكيس بسرعه داخل سترته السوداء ، نظر له عمر بريبة وتوجس وجلس امامه : وش صاير ؟
مد يوسف الورقه البيضاء الصغيرة لعمر الذي قرأها بصوت عالي : لا تخليِ فضولك يحفر قبرك جنب اخوك .
رمى عمر الورقة : قلت لك مانبي نتورط يا يوسف
وقف يوسف وهو ينظر لعمر : يعني كنت داري ان كل شي مدبر ؟
عمر وهو يتنهد : سيف كان اعز اخوياي ، اكيد ماراح يذبح نفسه بس كل شي حولي يقول ان اللي ورا هذا كله شخص كبير ما ترك وراه اي اثر عشان كذا تخليت عن البحث
نظر له باصرار : وانت هم لازم تتخلى
يوسف وهو يعض شفته بعصبية : كل اللي سووه مجرد تهديد ، الطلقات كانت عشوائية بس باحترافية، انصابوا ناس كثير كان مقصدهم اخاف وما اتأذى ، يعني باختصار قرصه اذن على حساب غيري
نظر عمر للورقة بيده : وين لقيت هاذي اجل ؟
يوسف وعقله في فلكٍ اخر : مكان التصويب

**
قبل دقائق ، عندما فرت ماريا خائفة ، تتبع مكان ركضهما ليجد. الرصاصات كانت مصوبة باتقان في جهات بعيدة عنهما ، رفع رأسه ونظر للضجيج حوله وعشرات المصابين المأججين بدمائهم ، شعر بالقهر يتغلغل داخله اكثر، ما ذنب الابرياء بما يحصل لي ، تتبع الاثر حتى اقترب من سيارته ليجد محفظه ملقاه على الارض
رفعها وهو. يتأكد من عودتها لتلك الفتاة ، فتحها ليجد ورقة مستطيلة تحمل ٥ صور ، يبدو انها صورة ملتقطة في غرفة تصوير في مدينة ملاهي
تظهر فيها ماريا بشعرها الاشقر الزاهي يتغلله اللون البنفسجي وتضع على رأسها قبعه *ميكي ماوس* وبجانبها فتاة اخرى محجبة بوضعيات تصوير مضحكة ..
استغفر ربه وهو يبحث عن شيء يدل على صاحبتها ، اعترته صدمة كبيرة اخرى وهو ينظر لصورة اخرى في الجهة المقابلة للصورة الاخرى

نفس الفتاة لكن هذه المرة كان شعرها الفاتح نقيًا دونما شوائب او الوان اخرى تبتسم ويدٌ سمراء تغطي عينيها ونفس صاحب اليد يقبل رأسها من الخلف ، صاحب اليد الذي لم يخطئ يوسف في معرفته بالرغم من عفويته في الصورة 'سلطان الفهّاد'

ورقته الرابحة بين يديه ، ابتسم وهو يغلق المحفظه ويدخلها لجيبه ، توالت الافكار والمخططات لعقله في ثوانِ ، فاجمل الصدف جمعته بفتاة قريبة لعائلة الفهّاد لكم سيسهل بحثه ان اقترب منهما قال في نفسه واكمل مسيرته ...

تقدم للمبنى المكون من ٤٠ طابقًا ، استغل الفوضى الحاصلة فكان عبوره للادوار في منتهى السهولة حتى وصل للطابق الاخير ، فتح المصعد ليجد بضع درجات وباب حديدي ضخم مشرع لآخره ، تقدم للسطح الواسع ونظر للسور القصير اللذي بالتاكيد ساعد القناص في مهمته ، للحظة كاد ينسى نفسه وشعر وكأنه يحلق في السماء وبين السحب وهو ينظر للمباني حوله والمشهد الذي كان يعطي الكثير من الهدوء سوى اصوات ابواق الشرطة وصياح الناس الذي لم ينقطع حتى الان ، لفت نظره بالون احمر مربوط بحجر ، تقدم له بعجلة ليجد ورقة بيضاء اسفل الحجر كتب عليها بقصاصات الورق : لا تخليِ فضولك يحفر قبرك جنب اخوك .

نظر للارض المليئه باغلفه الطلقات ، اخرج من جيبه كيسًا بلاستيكًيا يحتفظ به دائمًا ومنديل ، رفع احد الاغلفه بالمنديل وهو يهمس : براونينغ
ثم وضع الغلاف مع اثنين اخرين في الكيس وخرج من المكان كما دخل ، وصل التهديد كما يجب له ان يكون ...

**

في الرياض

نظرت جود اليها بخوف : جج جمانه
بقيت للمرة الرابعه بدون رد
مدت يدها بتردد امام وجه جمانة التي بقيت فاتحه العينين ومشدوهه وكأن شيئا مهما تراه ولكن على العكس لم يكن امامها سوى الحائط
جود بخوف حقيقي هذه المرة: جمانه شوفي والله ان طلعتي تطقطقين علي بدعي عليك ، فيك شي ؟
بقيت جمانة صامتة فزاد حنق جود التي وقفت مزمجرة : والله انجني بكيفك مالي دخل
وخرجت من غرفة جمانه ثم عادت مرة اخرى وجلست قبالتها
جود بحنان : جمجم تكفين عاد خلينا نطلع والله طفش
انتظرت دقيقه وهي ترى جمانة على وضعها
وقفت على السرير ثم صفقت بيدها وبدأت بالصراخ
فجأة انتفضت جمانة ونظرت اليها : الله يشفيك صاحية انتي
جلست جود من جديد : انتي اللي صاحية وش تسوين ؟
جمانة وهي تتنفس بهدوء : كنت احاول اتوغل في عقلي الباطن واعيش غيبوبة وانا صاحية بس خربتي علي كالعادة
وقفت جود وهي تمسك بيديها : قومي يلا بس خل تتوغلين خلينا نطلع
اغمضت جمانة عينيها وكأنها تستغرق في التفكير : بوافق بس على شرط واحد
قفزت جود بفرح : امري اللي تبين
فتحت جمانة عينيها : تدورين معاي على مايكل
فتحت جود فاهها باستغراب : نعم مين مايكل ذا ؟
ابتسمت جمانة : جوالي مايكل

هزت جود رأسها بالموافقه ثم خرجت من غرفة جمانة وهي تهمس لنفسها : كان لازم ابوي يسمعني ولا يوافق لك تدخلين علم نفس .

**

اسطنبول / الثانية ظهرًا
رفعت ماريا هاتفها واتصلت بها مجددًا وهي شبه فاقدة للامل في رد جمانة على اتصالاتها ولكن فاجئها الرد السريع
جمانة : مرحبًا عميلنا العزيز في اتصالات جمانة للاستفسار اضغـ
صرخت ماريا بفرح : جمجم ، وينك ماتردين عالجوال لي كم وانا اتصل عليك
تنهدت جمانة : والله ضاع مايكل يختي
ماريا بحزن : وعسى لقيتيه بس
جمانة بإستياء: شرايك يعني ؟ لو مولاقيته ماكان رديت
ضحكت ماريا : طيب وين كان ؟
جمانة : تخيلي لقيته ورا الثلاجة ، كنت دارية ان سيرال *خادمة منزلهم* داسته عني
ماريا : ايهه خلاص ماعلينا من سيرال ، المهم انا متورطة يابنت الحلال ابي مخك
ضحكت جمانة : ماعرفتي كيف تترقين صح ؟
استغربت ماريا : كيف دريتي ؟ وجع كل شي تعرفينه انتي
جمانة : حبيبتي عندي ابوي اطبق عليه استراتيجيات ويكب العشا عندي ، المهم بقولك انا الحين طالعه مع جود لارجعت كلمتك


واقفلت الخط ...


انتهى ...

عَزف 07-02-16 06:45 PM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
حين تلتحم الخطايا
( البارت السادس )


الصدمة التي لا تقتلك لا تجعلك اقوى ، انها تجعلك شخصًا اخر....


**


قبل سنة ...
الولايات المتحدة الامريكية
تضع الهاتف على اذنها بتوتر شديد وعينها على الباب

ماريا بتعب : مادري وين انا بالضبط بس متأكدة اني خارج ساكرامنتو
الرجل على الخط الآخر : طيب خليك معاي دقيقة بتتبع الرقم

وضع هاتفه على الطاولة ثم نادى احد الرجال : عبدالله
دخل عبدالله الغرفة المتوسطة المليئة بالشاشات والراديوهات والكثير من الاجهزة : هلا شبغيت ؟
نواف : في رقم ابيك تتبعه لي بسرعه
عبدالله : على امرك
واخذ الورقة المدون الرقم عليها وخرج ...

نواف وهو يعود اليها : بكلم بوخالد وفرقة الدعم

سعلت وهي تصر على اسنانها : دبر اللي قلت لك وتعال بدون محد يدري ، مو لازم نسوي بلبلة وضجة ونلفت الانتباه

ارهفت سمعها للاصوات المقتربة من غرفتها ،
اقفلت الهاتف بسرعة وهي تدسه تحت وسادتها ...

في تلك اللحظة بالذات ادير مقبض الباب ف اغمضت عينيها واستلقت على السرير بسرعة مؤدية دور المريضة المتعبة والنائمة ..


دخلت الطبيبة الصهباء مجددًا وهي تنظر للممرضة : يجب نقلها الى ساكرامنتو حاًلا ، وردنا اتصال من الشرطة يبدو انها كانت مختطفه
لم تبد ملامح الدهشه ابدا على وجه الممرضة وهي تهز رأسها استجابة لاوامر الطبيبة


اقتربت الممرضة منها وبدأت في معاينتها وتفحصها ...

**

فتحت عينيها براحة بعد خروج الممرضة ، رفعت جسدها ثم نزلت من السرير بصعوبة شديدة تأملت الغرفة الخالية من جميع مظاهر الحياة سواها

وقفت على الارض الباردة فاحست بقشعريره غريبة زادها ارتعاشًا ، موجة هواء باردة ضربت ظهرها المكشوف

اكملت خطاها نحو الباب
واقفلته تنفست بعمق وتقدمت للحمام 'يكرم القارئ' الصغير وقفت امام المرآه وهي تتلمس شحوب وجهها والهالات التي كانت كالبقعه السوداء على وجهها ، فتحت ازارير الرداء الطبي الخفيف لتنكشف لها اثار تعذيبهم لها ..

كان اغلب جسدها مليئًا بالضمادات ، وكل بقعه قابلة للإيذاء ، عدى اماكن الضماد ، كان بقية جسدها مليئا بالكدمات الزرقاء ، لكن الوصمه الاكبر والافجع كانت تختبأ خلف خصلات شعرها الذي قصوا نصفه وقطعوه بايديهم ، كان هناك وشم بارز لايزال ينزف وضمادته مليئه بالدماء التي لم تتوقف بعد حتى بعد ان حُرق ، تجاهلت كل هذا وهي تفكر بالقيام ببعض التمارين البسيطة لتمديد عضلاتها


**

بعد دقائق اصبحت قدرتها على الحركة اكثر مرونة من قبل ، كان الباب يدق بهدوء ، اقتربت خلف الباب وهي تهمس : لاحقه عالاكشن

ثم فتحت قفل الباب بابتسامة ...

**
في رواق المشفى كانت نفس الممرضة تدفع سرير ماريا وفي معيتها ٣ ممرضين آخرين يدفعون السرير لإخراجه لسيارة الاسعاف المستعدة لنقلها الى ساكرامنتو ..

اما امام المشفى بين الاغصان الجافه ، والكتل الثلجية تقف سيارة سوداء مظللة وبداخلها رجلين ، ضرب احدهما كتف الآخر الذي كان مستغرقًا في نوم عميق : هيا استيقظ وانظر
استيقظ الاول ليجد سيارة الاسعاف وحولها ٣ سيارات سوداء مصفحة
نظر لصديقه : هل يعقل انهم سينقلونها الى مكان اخر
قال الاخر وهو يتبعهم بلا مبالاة :نعم الم تسمع جهاز التنصت ؟ المهم ان لا نفقد اثرها كما قال الرئيس ...
**

في احد ممرات المشفى ، كانت الممرضة المنشودة تمشي بهدوء وهي تسند جسدها الى الجدار الى ان وصلت لأحد ابواب الطوارئ المؤدية للخارج ...
**

وصلت للمواقف الخارجية لتجد دراجتين ناريتين يجلس على احداهما رجل ذو بنية ضخمه لم تظهر ملامحه بسبب الخوذة التي يرتديها

اقتربت اليه ونزعت الكمامة عن وجهها المرهق وسط نظراته المعجبه او بالاصح المندهشه من نجاح خطتهما ...
اخرج من كيس كان بجانبه بذلة سوداء وخوذة ومدها لها:
يلا لا نتأخر ...


**

اسطنبول /٢٠١٥ الآن ..

3:00

هي ساعة ، ساعه واحدة فقط تهالت على هاتفها الاتصالات والرسائل والتنبيهات ..

لمجرد السلام ارادت ان تتجاهل اتصالات والدها ليس كرهًا له ولكن عجزها عن تفسير هذه الفوضى لنفسها كفيل بان يعجزها ايضا عن التفسير لشخص اخر ، لكن لا حل اخر امام اصرار والدها فأجابت

لدقيقه كاملة كانت صامته خلف هذيان والدها وحديثه الكثير وكلماته المتقطعة لم تفهم حرفًا مما قال وكأنه يطرح عليها سؤال / اكملي الجمل
(صار لك شي ، تأذيتي ، سلطان ،طلق النار ! ، وين كنتي ، ماريا ، خفت .....)

كان يهذي هذا ما اعتقدته للحظة ، حتى هدّأ من روعه بنفسه وبات يتحدث بهدوء اكثر : انصاب احد في اضرار ؟
ماريا ببرودها المعتاد : لا
بونايف : كنتي موجودة وقت اللي صار
...: لا
بونايف : ها وش مسوية بموضوعنا ؟
تلاشى برودها عند ذكره لتحديهما : جاري البحث ، بس واضح انه في مدير هنا ما يوظف الا بشهادة حسن سيرة وسلوك
ضحك بونايف : لا لا ، فيه مدير مخلي مهمته لك
شهقت ماريا : لا تقولها
بحماس بونايف: هو فيه ثغره ، كنت ناوي اتدبر وضعها بس لما طلعتي بسالفه التحدي قلت اخليها تحترق بجحيم ماريا

ماريا بضحكة : مستحيل احد يعلى عليك بهالمواضيع
اردفت : بس على فكرة في حربي كل الوسائل مشروعة للفوز كذا سلطان قال لي

يونايف وكأنه للتو تذكر : سلطان قدم تصريح ؟
ماريا وهي تلف بكرسيها نحو الشاشة : سلطان على جميع شاشات تركيا في هاللحظة ...

**
في القاعة الصغيرة التي لا تضم سوى قلة من الصحفيين الذين سيبرزون كأول من غطى هذا الحدث السياسي المهم كما اوهمهم سلطان ..

في تلك اللحظة كانت تقف احدى الصحفيات موجهه حديثها لسلطان : سيد سلطان كما وردنا ان الهجمات كانت بسبب الاوضاع السياسية المضطربة المتعلقة بتركيا، لكن سؤالي هو هل هدف هذا الهجوم استهداف السيد فهد رئيس هذه الشركة ؟

شكرها سلطان ثم تحدث بصوته الجهوري الذي لفت الانظار ، بالاضافه لجاذبيته التي جعلت اغلب الصحفيات مشدوهات ليس بسبب وسامته الخارقة ولكنه كان بتمتع بحضور قوي وشخصية جعلت منه قذيفه في مدفع التصريحات الكثيرة والخطابات والرد على الصحف : الكل هنا يعلم استراتيجية موقع الشركة والذي يقع في وسط العاصمة التركية مما يجعله عرضة للهجمات وحتى الآن لم يتبين الفاعل لكنني اؤوكد للجميع ان السيد فهد غير مستهدف على الاطلاق ، ليس لان شركتنا تلقت الضرر الاكبر يعني باننا مستهدفون من قبل اي جماعة ولكن الاوضاع ستجبرنا على اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الوقت ، من لديه استفسار اخر ؟

رفعت العديد من الايادي ، اختار سلطان احد الصحفيين الذي عرف نفسه : مراد من صحيفة *****

هز سلطان رأسه وابتسم : تفضل
اكمل مراد : سيد سلطان هناك ما نُشر عن عضو مجلس الادارة والشريك الجديد : السيد يوسف
ونطق بتكسير : العوّاد
هل يمكن القول بان هذا اعتراض صريح وواضح بعدم قبوله وعدم تمكنه من هذا المنصب بالاضافة لسنوات الخبرة الذي يفتقر اليها ؟

تنحنح سلطان : على العكس تمامًا الجميع يرحب بالسيد يوسف بيننا ، وهو كما تعلمون الوريث الشرعي بالوصاية على املاك شقيقه المتوفى ، له كامل حرية التصرف بها كما يريد بموافقة المالك فهد

نظر سلطان لساعة الحائط ثم اعتذر للصحفين منهيًا بذلك التصريح الذي ابتدأ بلقطات للحدث والمصابين بالاضافه الى صورة يتيمة غير واضحه باللون الابيض والاسود من كاميرات الشارع التي اظهرت طيف ماريا وهي تعدو ممسكة بيوسف وهما يتفادان طلقات النار بجانب علامات استفهام كبيرة وواضحة باللون الاحمر ، من تكون البطلة ياترى ؟
بعدها كان تصريح سلطان الذي انهاه باجابة استفسارات الموجودين
**
اغلقت ام يوسف التلفاز بقلق وهو يبث اخيرًا تصريحات سلطان .
وضعت يدها على قلبها وكأنها تلقت للتو نبأ مقتل سيف ، فرت دمعة كسيرة من عينها ، سيأخذونك مني كما اخذوا شقيقك ، سيقولون جازفت، وذنبها اردى ابنيها قتيلين ، اشعر وكأن ماحل بي عقاب على كل السوء الذي احدثته ، ما ذنب صغاري بي ، بغروري وانانيتي ، يالله اخذت الاول وذهب قلبي احم لي الآخر والا سيذهب عقلي وابقى عجوزًا مسنة بلا امل .
الامل ، دمعة اخرى نزلت وهي تتذكر زوجها 'بدر' الذي كان يردد ان شعلة من الامل ستنير طريقهم .
اين الامل يابدر امات معك ام مع سيف ؟



**

دخل يوسف المنزل وتفكيره منصب بوالدته التي استعجلت مجيئه باتصال مقتضب جدًا نظر عن يمينه لاندفاع الهواء الذي اتى مع والدته التي همت بتقبيله واشتمام رائحته بحب ودمعها يسقط على قميصه كالنزيف
ابعدها قليلًا ومسح دمعها باطراف اصابعه : مافيني الا العافيه هذاني قدامك جعل عيني ما تبكيك
انهال دمعها مجددًا : قلت لك نرجع لديرتنا مو راضي
يوسف بهدوء : قضاء وقدر
رفعت سبابتها بحدة : طيارتنا باقرب وقت ونرجع فاهم
امسك يوسف بكتفيها لتجلس على اقرب اريكة وهو يهدئها : ونترك كل تعب سيف يا يمه ما يصير
نظرت له بحزن : يعني يصير تروح من يدي بس ما يصير تضيع الفلوس صح ؟
بجهنم الفلوس اهم ما عندي انت يا يمه
نظر لها يوسف طويلًا ثم قال : بغير كل شيء هنا
نظرت له باستغراب : كيف ؟ وش قصدك
قال يوسف : يعني نغير مكان الاقامة بنسكن بمكان اكثر امان
نظرت له بريبة : وانا لين ذاك الوقت وش بسوي
مسح على رأسها بإبتسامة غبية : بتروحين لخالتي شرايك
همت والدته بالاعتراض لكنه قال قبلها : اول شيء انا بغير المكان وثاني شيء يبيلك احد يداريك ويونسك مافي احسن من خالتي وبناتها لهاذي المهمة وثالثا من زمان لك عنهم وعن الديرة غيري جو
صمتت والدته امام الحاحه وطريقته في اقناعها فقالت بتردد : بس تمرني من وقت لوقت
وضع يوسف اصبعه على انفه : على هالخشم تامرين انتي بس
وقبل رأسها وخرج عائدًا لعمله

واكتملت المهمة ابعاد والدته قدر المستطاع عن الاحداث الشائكة التي تحوم حوله ، هذا ما يتمناه على اقل تقدير ...


**


دخل من البوابة الكبيرة التي فتحت له على مصاريعها ، ولرفاعة مكانته وشأنه لم يكن الحراس على استعداد ان يخاطروا او حتى يفكروا ان يفتشوه ، انرلوا اعينهم خشيه منه وهو يمر بجانبهم بتعابير جدية ومهيبة في الوقت ذاته ، كان ما يريحه هو خوفهم منه ، تناقلهم انه عديم الرحمة وقاسي لا يغضبه ابدًا بل يزيده ثقه بانهم لا يجرؤون ان يخدعوه حتى ..

اجتاز الحراسة الاخرى امام احدى غرف المستودع البالي ، دخل الغرفه وجلس على احد الكراسي الجيدة نوعًا ما بالنسبة لهذا المكان
نظر للجالس خلف الطاولة : لازم تغير هالزبالة اللي انت فيها
رفع الآخر جسده عن الكرسي واقترب منه : بركاتك
جلس امامه ورفع اقدامه على الطاوله الخشبية امامه : وصل التهديد ؟
ابتسم بخبث : زي ما خططنا بالضبط
تنفس بهدوء : ماهو زي سيف ابد ، مستغل ذكائه بس عاطفي
قال الآخر : نقطة ضعفه واضحة رغم كل مميزاته
قال وهو ينزل اقدامه من على الطاولة : العب عالوتر
وقف خارجًا : لا توصي حريص


**



نظرت للملفات حولها بتأفف ثم حولت نظرها لشاشة الحاسب وهي لم تجد ولا ثغرة بحجم ثقب الابرة في رؤساء الاقسام
نظرت لهاتفها من جديد ولفظت بقهر : ولاشيء للآن
جمانة : بلا غباء ، اكيد ماراح تلقين عليهم شيء لا بالنت ولا بملفاتهم ولا ما صاروا مدراء
ماريا وهي تمشي في المكتب الصغير : مستحيل انسان ما يخطي محد معصوم الا كان ملاك او
جمانة وهي تكمل : او ان ابوك ذكي لدرجه اختار الصفوة من موظفينه عشان هالمناصب الكبيرة
ماريا وهي تنظر للارشيف حولها ثم طرأت لها فكرة : انا غبية
جمانة باعتياد : توك تكتشفين
همست ماريا بحماس : لا لا جد ، بدال ما ادور ثغرات الموظفين ليش ما ادور بمشاكل الشركة

جمانة بحماس وهي تفهم فكرة ماريا : صححح ، المشاكل اللي ممكن يسببها موظف
ماريا بخبث: ومو اي موظف يقدر يسويها الا موظف خاين
جمانة وهي تؤيدها : خاين يملك ثقة ابوك والموظفين لدرجة محد يشك فيه
ماريا بفرح : سلطة بحيث حتى لو انكشف يقدر غيره يغطي عليه
اغلقت الخط وهي تتجه نحو الارشيف الالكتروني وطبعت على محرك البحث : ازمة
ليظهر لها على اقل تقدير الاف الروابط
حكت ذقنها ، يجب تقليص النتائج وتغيير محرك البحث
طبعت الآتي : تسريب
فظهرت لها قرابة ٥٠٠
من جديد كتبت -تسريب /الفهّاد -٢٠١٥-٢٠١٤-٢٠١٣
فظهرت تقريبًا ٣٠٠
تنهدت وهي تقرأ التواريخ : تسريب مجموعة الشتاء ١٥/١/٢٠١٤
وقعت عينها على كلمة تسريب والفهّاد باللون الازرق ضمن مقال اخر مذيل بتاريخ ٢٠١٥ : الفهّاد: سيتم تصفية الموظفين وتسريب المجموعات للمنافسين يناقض شرف المهنة
مقال اخر : مجموعة التألق لـ تاونايدر *شركة وهمية* تنفي تحريضها لتسريب تصميمات شركة الفهاد وتقول في بيان ......

لمعت عينها وهي تبحث عن التصميمات ،فظهرت لها تقريبًا عشرة اسماء بحثت عنها جميعها حتى توقفت عند الاسم السادس ، رئيسة قسم التصاميم : سارا

بحثت عنها واكتشفت ترقياتها السريعة من مراسلة بسيطة لرئيسة قسم التنفيذ و الانتاج

وجدت الكثير من العناوين المؤديه اليها دخلت لرابط صفحتها على الانستقرام ثم صعقتها الصدمة بعد دقيقة حتى وصلت لاواخر الصور مما هو مجموعه ٧٥٠ صورة

تتعلق برقبته بإبتسامه عفوية والاخر يبتسم وهو يرفع هاتفه ليصورهما

تبدو في الصورة اصغر سنًا وربما شعرها الاسود الطبيعي غير شكلها ولكن رئيسة القسم التي لا يخطأ اثنين في رسم ذاك الشق اعلى جبينها يبدو ان علاقه ما تربطها بهذا الشاب ، سرعان ما تلاشى شكها حين وصلت لصورة اخرى لها وهي ترفع كفها بإبتسامة ويظهر خاتم فضي في اصبعها
نظرت للتاريخ قبل سنتين

هزت رأسها وهي تبحث عن عنوان مؤدي لذلك الشاب حتى وصلت لصفحته وليس صفحته فحسب بل الى عنوان منزله ايضًا ...


**

نصف ساعة واقفة امام المبنى وهي تنتظر السائق
رفعت هاتفها لثالث مرة بغضب : اين انت حتى هذا الوقت ؟
السائق بارتباك : تعطلت السيارة ، لا اعلم كم سيستغرق اصلاحها

اغلقت ماريا الخط ثم اتصلت بسلطان
سلطان : خلاص راجع لك ، انتظريني في الحديقة اللي ورا الشركة
اغلقت هاتفها بتردد وهي ترى طيفًا يمشي خلفها التفتت ورائها لتجد الشارع هادئ وخالي على غير العادة ، لابد ان سبب ذلك هي تلك الاحداث التي حصلت صباحًا ، لكن ما لفت نظرها هو طيف اسود يمشي بهدوء ، كتمت انفاسها ومشت باتجاه الحديقة مبتعدة عنه ولكنه لم يفارقها ، اسرعت خطواتها فاسرع الطيف خلفها

انزلت يدها وهي تتفحص السكين المثبتة حول فخذها ثم دست يدها في حقيبتها مخرجة مسدسها
اسرعت باتجاه الحديقة محاولة تضيع ذلك الطيف ولكنه مايزال يلحق بها

توغلت في منتصف الحديقة ثم توقفت فجأة وهي تصرخ : ابتعد والا ساطلق النار
ثم التفتت اليه بغضب وهي لا تلمح سوئ السواد : انا امتلك تقرير نفسي اقتلك هُنا ولا اتضرر
لوحت بالمسدس اليه مباشرة : ابتعددددد عنيييي

وفجأة بدون سابق انذار شعرت بجسد اخر يقترب منها فلم تتمالك نفسها و .....


انتهى ..

عَزف 15-02-16 10:34 PM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
السلام عليكم "
اسفه عالبارت المتأخر ! بس كانت الشبكة عندي مفصولة وماقدرت انزل البارت $ بس رضاوتكم بارت طويل وان شاء الله يكون قد المستوى المطلوب

قراءة ممتعة # ...



حين تلتحم الخطايا


البارت السابع(7)

**

" السرُّ في مأساتنا

صراخنا أضخمُ من أصواتنا

وسيفُنا أطولُ من قاماتنا"

-نزار قباني-

**


قبل سنة ، الولايات المتحدة الامريكية ...

كل مافي الامر انني لازلت في حالة من الصدمة، النجاة من الموت بهذه الطريقة مرعب ، احاول عبثًا ان اصرف تفكيري لمنحى اخر بعيد عن هذه الهاوية التي تقترب مني ، تًبا لكل مؤامراتهم ضدي و محاولاتهم تعقبي ...
لم يكن لدي فرصة اخرى سوى الهرب ، في المعارك يعد الهروب في احيان جبنًا وفي احيان اخرى يعد قوة وذكاء وانتصار صغير ، لكن لم تزل هذه الحرب حربي ولن يخوضها غيري

اخذت نفسًا عميقًا وهي توقف دراجتها النارية عند احد المنعطفات ، نظرت للخلف حيث توقف هو الاخر باستغراب ونزل لها : ليش وقفتي ؟
ماريا بهدوء : دبرت السيارة اللي قلت لك عنها ؟
نظر لها : انا مو فاهم ولا شيء للآن
ركزت نظرها لعينيه خلف الخوذة : انا لازلت تحت حمايتكم صح؟
هز رأسه بالايجاب
قالت وهي تترك الدراجة خلفها وهي تسير بالاتجاه المعاكس : راح تحموني لين ما تمسكونهم
قال وهو يتبعها : راح نمسكهم صدقيني
التفتت للخلف ونظرت اليه : لحد ذاك الوقت راح تكون تعليمات حمايتي مني مو من شخص ثاني ، انا اكثر وحدة تعرف الاعيبهم ماراح يخلوني بحالي لحد ما ياخذون اللي يبونه
بقيا يسيران عكس الطريق حتى عادا للمنعطف الاساسي واتجها للجهة الشرقية
كانت خطة ماريا كالآتي ، ترك دراجاتهم في الجهة الغربية من الطريق حتى توهمهم باتجاههم هذا الطريق ، بسيطة وذكية ، اما اثار الاقدام فكان نواف يخفيها باستعمال جذع شجرة متوسط يمحي اثار اقدامهم من الثلج ، اما في الجهة الاخرى كانت تقف سيارة كومارو فضية جلس نواف في المقعد الامامي اما ماريا فجلست في الخلف واستلقت وهي تنزع الخوذة بالم شديد بسبب اصاباتها واغمضت عينيها ...

** ً
في جهة اخرى من ولاية كاليفورنيا / العاصمة

في احدى الغرف المخصصة للاجتماعات الخاصة الذي كان يضم اشخاص بالغي الاهمية في قطاعهم والذين يتهافت المجرمين على قطع رؤوسهم والاحتفاء بذلك ، كان مقرهم سري للغاية يقع في مركز كاليفورنيا ، ربما للحظات يتبادر للكثير انها مكشوفة للغاية ولكن ان كنت في وكر العدو نفسه فلن يشك بك ابدًا وكانت هذه استراتيجية تجعل العدو يدور حول نفسه يبحث عنك في اللحظة نفسها التي تكون توغلت في اعماق منطقته دون ان يشعر بك ..


كانت تضج الطاولة المستديرة بالكثير من الحديث الدائر حول ماريا واختفائها المثير للقلق لاسبوع ،حاولوا فيه بكل جهد البحث عنها في كل مكان دون جدوى ...


نظر اكبرهم ورئيسهم اليهم بشيء من القهر : بنت ام عشرين نتخطف ولا نلقاها وش هالمهزلة ؟
بقي الآخرون صامتون من خوفهم منه
، نظر للفتاة الجالسة في الزاوية بصمت مطبق : وعلى اساس صديقتها وتعرفين تحركاتها شلون بغمضه عين يصير هذا كله ،
ضرب الطاولة بكفه : كانت حمايتها علينا وحنا ضيعناها

دخل رجل اخر بخوف شديد وهو ينظر لمديره وغضبه الذي لا يحمد عقباه : ووو وردتنا معلومة اااا يي يابو خالددد
نظر اليه بوخالد بنظره مرعبه وثاقبة اخافت الرجل وهو يقول بارتجاف : بو نايف ، في طريقه لكالي(اختصار لكلمة كاليفورنيا)

'قالها باختصار شديد وفر هاربًا من جو التوتر الذي ملأ القسم باكمله لاسبوع كامل من البحث عن تلك الفتاة ، عميلتهم وفي ذات الوقت امانتهم

**

في الجهة الخلفية من المبنى كانت ماريا تحكم ضمادتها
نظرت لـ نواف بشيء من الاحراج : سوري
نظر نواف لبقع الدم التي لطخت السيارة عندما كانت تهم بتنظيف جراحها : لا عادي
ونزلا من السيارة ، نواف بقوامه الضخم العسكري ، وماريا بخطواتها المائلة

**
نظر الشاب لرئيسه : انا اقول نكلم ابوها عن كل شيء انها تشتغل معانا ، يعني صدقوني اذا صار شيء حنا بنكون بالوجه


اقتحمت المكان وهي تدفع الباب : اتوقع محد له سلطة يقرر عني
تهلل وجه بوخالد حين رآها وان لم تكن في احسن حالاتها
نظر لنواف بكثير من الغيظ: يعني تعرف مكانها ولا قلت ، حسابك معي يا نواف

انزل نواف رأسه باحترام لقائده بدون اعتراض

تقدمت ماريا من احد الكراسي وجلست وهي تقاوم اظهار اوجاعها : ماراح يدري ابوي بأي شيء
نظر اليها نواف وقال بشيء من الاستهزاء : انتي ما تدرين عن ...

التفتت اليه وقاطعته بحدة وهي تقول : لا تحسب اني غبية ومادري عن شيء ، كل اللي سواه ابوي وتعاملاته الممنوعة ادري فيها ، وانه انمسك وخبّر عن كل شركاؤه بشرط انكم تحمون عايلته

نظرت للباقين بعمق : ادري عن كل شيء يصير حولي
رفعت سبابتها : بس ماراح يكذب احد على ابوي وعقدنا راح ننهيه بكل بساطة ، وانا اعرف كيف اتصرف مع ابوي واطلع حجة لغيابي

ابتسمت بهدوء وهي تقول : بس خطتنا راح تمشي زي ما خططنا لها والخلية راح تنمسك من كبيرهم لين صغيرهم
هز بوخالد رأسه موافقًا على كلامها : دامنا وصلنا لهالنقطة ماراح نتراجع لحد ما نمسكهم سامعين
وقف اعضاء فرقة بوخالد وادوا التحية باخلاص وهم يقسمون على اكمال المهمة حتى النهاية ومن ضمنهم ماريا الفهّاد ...
**


اسطنبول - 2015

اغلقت هاتفها بتردد ، نظرت للساعة ، ارتجف جسدها وهي موقنة بأن موعد دوائها قد فات

حاولت ان تداري ارتجاف جسدها الذي يبحث عن مسكنه في هذا الوقت ولكن بدأ الاضطراب باديًا على ملامحها

شعرت بطيفٍ اسود خلفها ، نظرت لامتداد ظله فجزعت وقلبها يسترجع احداثها المُرّة قبل سنة ...

فما كان منها سوى تفحص السكين المثبته على فخذها دائمًا وتفقد المسدس الصغير بداخل حقيبتها

كتمت انفاسها للحظة ومشت بهدوء فلحق بها ذلك الطيف لم تحتمل تدفق الرعب في اوردتها ففرت هاربة متجاهلة صرخات ذلك الغريب المخيف ...

توقفت في منتصف الغابة صرخت في وجهه كثيرًا ولكن لم يعرها اهتمامًا واقترب بهدوء منها


نظرت للرجل باصرار ، او بصورة ادق لشبح رجل طويل يقف بعيدًا بين الاشجار صامتًا ...
كانت طلقة واحدة فقط ، طلقة في مكانها الصحيح توديه الى عالم البرزخ ولكن شيئا هناك في لجّة قلبها يصرخ للتريث ، لاخذ نفس عميق والهرب ولكن لا مفر من مواجهة كل هذا الهراء ، تعلم جيدًا انها مراقبة من الفرقة وعينٌ اخرى لا تغفل عنها ثانية ، عين الله التي تحيط كل شيء ، تلك الرهبة والقشعريرة مستها عندما هب الهواء ليداعب شعرها المنسدل
نظرت للطيف بصوت عالي : وش تبي مني ؟
كان انهزامها جليًا في عينيها ان رآها : نسيتوا تذبحوني ؟ ولا شكلي نسيت احساسي وناوي ترجعه لي

وفجأة وبدون سابق انذار شعرت بجسد اخر يقترب منها ساحبًا علبة الرصاص اسفل المسدس
سقط المسدس من يديها وتراخى جسدها المتعب معه : خلونيييي بحااالي تعبببت انااااا تعبت
سقطت ارضًا وعيناها تذرفان الكثير ، ليس دمعًا ولكنه حزنها وخيباتها تساقطت عنوة ، رغمًا عنها : واللللله والله تعبت


يد من خلفها تلقفتها من الارض نظر لها ثم ضمها بخوف : خلاااااص اششش مافي شيء لا تخافين خلاص
وقف يوسف مشدوهًا خائفًا ومضطرب ، كل هذا كان غريبًا عليه ، هذا الانهيار وهذا الحصن الذي تفكك امام عينيه ، ماهذا الفزع وهذا الخوف الذي يجبر فتاة على حمل مسدس في حقيبتها

تنبه ل سلطان الذي جثا على ركبتيه بالقرب منها وهو يهدئها ، وبعد ثوان اخرج علبة دواء من جيبه وادخلها في فمها بدون ماء وحمل جسدها
فما كان من يوسف سوا اللحاق بهما ...

**
نظر اليه وهو يدخلها للسيارة لتستلقي بهدوء وكأنها خُدرت تمامًا ، اغلق الباب ونظر ليوسف بحرج شديد : والله مدري وش اقولك يابو بدر
يوسف برسمية وهو يتفهم احراج سلطان : حصل خير
هتف سلطان بتبرير : يعني الصراحة اسف بالنيابة عنها ، بس هي شوي مريضة اذا ما كلت دواها بالوقت تتوهم وتقول كلام ماله سنع اعذرها وانا اخوك
رفع يوسف المحفظة : انا شكلي رعبتها ، بس كنت برد لها البوك ، انا اللي مفروض اعتذر
اخذ سلطان المحفظة بإبتسامة صفراء : يعطيك العافية ما قصرت
وركب السيارة وانطلق بها تاركًا يوسف حائرًا في صمته وافكاره ، مرض نفسي هذا ما آلت اليه نفس يوسف ولكن ما هذا الخوف الشديد الذي اودى بها لحال كهذه ؟ ما الذي يحصل ولا يدركه يوسف
**

الرياض - 2015

دخلت المنزل وهي تحمل كعبها بين كفيها بخطوات متعثره وهي لا تزال تتحدث منذ خرجت من قاعة العُرس
جمانة : والله منّي ، كم لي مارقصت يا عالم انهد حيلي ياقوم
نظرت لها جود : تخيل يبه ماخلت اغنية ما رقصت عليها المطفوقة ومن الضحية طبعًا جود قال ايش استحي ارقص لحالي
نظر والدهما الى جمانة بضحكة : زين اقنعتك تجين ، غيرتي جو
التفتت له جمانة بإبتسامة : اي والله من زمان عن الاشاعات هههههههه
واستلقت على اول اريكة امامها

رمقتها جود بغيض : اصلًا مشاء الله على اختي تعشت على المعازيم
جمانة التي لم تكلف نفسها عناء رفع رأسها لجود حتى : والله هم اللي يجيبون الكلام لانفسهم ولا فيه احد يحط ريش على راسه تقل دجاجه
ضحك والدها : استغفري يابنت
صعدت جود غرفتها بعبوس متجاهلة جمانة تمامًا
نظرت ام جمانة لابنتها : الله يهديك تعرفين اختك ماتحب تحكي بالناس
ابو جمانة : اما جمانة حكاية ، تموت في القيل والقال والاشاعات والكلام الكثير
اعتدلت جمانة في جلستها : والله بكيفها ..

**

جلست ام جمانة بجانب زوجها
الذي نظر اليها بارتياب واقفل هاتفه بجانبه : شكل الموضوع جد
نظرت اليه : جايين خطاب
تهلل وجه بو جمانة : مشاء الله لمين ؟
قالت بوجوم : لـ جمانة
عبس وجه بو جمانة : يالله ..
رفعت ام جمانة رأسها : وش يالله ، كلمها واقنعها
شخصت عينا بوجمانة : قولي لا اله الا الله يا حرمة ، تو ما سألنا ولا شفنا الولد
ام جمانة : تسأل وكل شيء حطها قدام الوضع كذا بنتك ذي ما تنعطى وجه
قال بوجمانة : قدري وضعها مسكينة
قالت ام جمانة بقهر : اربع سنين مرت كافي خلاص ، قلبي اتكسر على بنتي ، تشوف ضحكها وهبالها الزايد من اللي فيها
قال بوجمانة بنبرة يملؤها الاسى : تحبه ، وجمانة اذا حبت ما تنسى
ام جمانة باصرار : تتناسى ، هي ماهي اول وحدة يصير فيها كذا خلك منطقي شوي
اردفت : وبعدين اشوفك تميل لجمانة ترا حتى جود لها نصيب
قال بو جمانة بنبرة قاسية : جود لاقية عندك كل شيء وبعدين جمانة منكسرة محتاجة احد يعوضها عن اللي فقدته مشكلتها ساكتة وتخبي بقلبها اما جود عادي تفضفض وتتكلم
تمددت ام جمانة على السرير : والله لازم تطلع من هالاكتئاب وتشوف حياتها
بوجمانة : يعني ندمر ذكرياتها ومانحترمها عشان تشوف حياتها ؟
ام جمانة وهي تطفأ الاباجورة : والله اذا لزم الوضع نسوي كذا عشان نسعدها ونسعد اختها
**

اسطنبول - صباح جديد

كان الصبح يشع من وجهها وابتسامتها الجميلة ، اما احداث البارحة لا تذكر منها اي شيء ، كانت تلك احدى نوبات الهلع التي تفقدها وعيها وتنسى تمامًا ما جرى قبلها
نظرت لسلطان: طبعًا انا صح دايم مو شيء جديد على ماريا الفهّاد
سلطان : الله واكبر عاد يا الشيخة اذا انتِ ماريا انا انا 'واشار بسبابته لصدره ' سلطان ولد شيخ الفهّادين كلهم يا بنتي
اوقف السيارة لتنزل ماريا بتباهي : يا حـ ' صرخت بعدها بـ آههه افزعت سلطان الذي نزل بسرعة
ثم نظر اليها وانفجر ضاحكّا : ههههههههاااي بزر انتِ بزر ما تعرفين تعتدلين وانتِ ماشيه الله لا يبلانا بس
وضعت ماريا يدها حول ساقها بوجع وعيناها محمرتان من الالم : يعورني
قالتها بنبرة عفوية تملئها الانوثه والهدوء
تقدم سلطان اليها وقد شعر بجدية الوضع
سلطان وهو يتفحص ساقها : شكلها ملتوية
احكمت يدها على فخذها : سلطان تعورني بموت ياربي اهه
وقف سلطان ليوقفها وهي تستند عليه : يا الله انك ترحم عبدك سلطان من دلع البنات
ادخلها للشركة في نفس اللحظة دخل يوسف خلفهما وهو ينظر اليهما بامعان شديد ، ابنة اخيه ام عشيقته ام لا شيء من هذا كله ، بدأ الشك يساور يوسف الفطِن ، كلمات عمر لا تخرج من عقله وتصرفاتهما تثير الشكوك حولهما

ثم تنبه ان الفتاة تبدو متألمة من شيء
صبح على سلطان ثم قال : سلامات
ابتسم سلطان وهو يجلسها على الاريكة : لا خير ان شاء الله ، التواء بسيط شكله
نظرت له ماريا بامعان وبنظرة مخيقة كما اعتقد يوسف
نظر سلطان لكليهما ثم هتف لماريا : يوسف العواد شريكنا
واشار لماريا بتردد : ماريا الـ
ركلته ماريا بقدمها السليمة بخفه لتنبهه لعدم ذكر قرابتهما ...

لم تكن تحتال ولكن ان كان هذا المدير بهي ستحصل على الترقية منه دون تعاطف او وساطة فقط لانها من العائلة المالكة للشركة

كانت ماريا صامته وهي ترمق يوسف وهو الاخر كذلك
قال سلطان بشيء من المرح : شكلكم تعرفون بعض
ماريا : ايه
ويوسف بنفس اللحظة : لا

نظر سلطان لِ ماريا
التي اردفت : قصدي اعرفه بس ماقد قابلته
قالت باقتضاب اثر نظرات يوسف المحذره لها

ابتسم يوسف : ممنون بمعرفتك
ابتسمت ماريا بمجاملة كارهه لهذه الجلسة : وانا بعد تشرفت
نظرت لسلطان وهي تشير لساقها
ضرب سلطان رأسه : بروح اجيب لك ثلج
نظر لها يوسف بهدوء : لا باس ان شاء الله وغادر ..

**

كانت ماريا تقف في المرر المقابل لمكتب يوسف وهي تتأفف وقعت عينها على احدى الموظفات السوريات
تقدمت اليها بابتسامة : قُونايدن ياسمين
ابتسمت ياسمين : قُونايدن ماريا ، شو اخبارِك ؟
هزت رأسها : ماشي الحال ، وين مودية هالاوراق ؟
قالت ياسمين وهي تشير بسبابتها لغرفة يوسف : للاستاذ يُوسف
سحبتها ماريا : لا تتعبي نفسك انا بوديها حبيبتي
وافقت ياسمين واعطتها الاوراق فمن يرغب بدخول غرفة السيد يوسف سيء الطبع والمدقق 'كما يعتقدن '

دقت ماريا الباب ودخلت

يوسف ولم يرفع رأسه عن الاوراق : تأخرتي دقيقتين ، كالعادة ياسـ
رفع رأسه ليرى ماريا وهي تضع الاوراق على مكتبه بقوة
ثم نظرت اليه : ليش كذبت على سلطان ؟
قال يوسف بلا ميالاة : اولًا اذا انتي تعتبرينه كذب معناه انك 'كذبتي'
قالت بتوتر : مشاء الله ي الصادق !
يوسف وهو يرفع رأسه لها : صح التقينا قبل بس ماكنت اعرفك ، سلطان سأل تعرفون بعض ، ولا انا غلطان ؟
هزت ماريا رأسها : لا تحور الموضوع في النهاية كذبنا ، وانا مااحب اكذب ولا اخفي شيء عن احد بالذات سلطان
ابتسم يوسف : قصدك لعبتنا ذلك اليوم ؟
ماريا بقهر : سمّيها مثل ماتبي ، للحين ضميري يأنبني بسببك يا استاذ يوسف

يوسف ببرود : مو لازم سلطان يدري بكل شيء ...
ماريا وهي تغلق الباب : الا لازم
خرجت من مكتبه
في نفس اللحظة رن هاتف يوسف رفعه لتقول والدته : يلا يمه جهزت تعال لا تفوتنا الطيارة
اقفل الخط وهو يهمس : ان شاء الله ....

**
في المطار ...

نظرت لعينيه : انتبه لنفسك وكل كويس ولا تنس الكهرباء ولا الفرن اعرفك وقفل الباب وسوق بهداوة ولا ...
قبل رأسها : ماراح انسى ان شاء الله
ابتعد عنها : بعدين شدعوة يمه طول الطريق وانتي توصيني
نظرت اليه وعينيها مليئة بالدموع : استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه ان تحفظه يارب العالمين ياكريم
قبل كفيها بحب : الله لا يحرمني اياك يا يمه وتوصلين بسلامة الله
نظرت له بانكسار لتثنيه : ليتك جيت معي لين جدة يا عيني
يوسف بحزن اكتسى نبرته: ياليت يا يمه بس تدرين تو توظفت ماقدر ولا انتي عارفة غلاك عندي واني ما برخص فيك بس ماقدرت
ربتت على ظهره بحنان : عاذرتك يا روح امك اهتم بنفسك زين
قطع حديثهم النداء للطائرة المجهة للمطار في جدة

نظر اليها للمرة الاخيرة : استودعتك رب العالمين ي الغالية .


* استودعوا كل شخصٍ تحبونه واي شيء فإن امانة الله وودائعة لا تضيع ، كلمات بسيطة ستحفظ احبائكم لكم ويكونوا تحت حماية المولى جل وعلا *

**

ماريا وعينها على الساعة ويدها تحمل هاتفها على اذنها : تخيلي بس طلعوا مراقبين مكالماتي وانا اسئل نواف ويقول لي *قلدت صوته الخشن * لا حنا مانحب اللف والدوران

ضحكت جمانة : هههه لا تحاولين نبرته فخمة ماتقدرين تقلدينه

ماريا بابتسامة : منجد احس يختي اي واحد بيقدم على عسكرية ولا اي شيء حكومي يعطونه كورس 'كيف تخلي نبرة صوتك فخمة ' ههههه

اردفت ماريا : يلاا جمجم اكلمك بعدين مهمتي بدت

جمانة : طبعتي مخطط الشركة لا تضيعين بس

ماريا وهي ترفع المخطط التفصيلي لمبنى الشركة : لا لاتخافين مجهزة وضعي ، تخيلي بس بوخالد يكشفني بنتحر
جمانة : بسم الله عليك يختي يلا مع السلامة

واقفلتا الخط ...

كان الساعة قد اقتربت من موعد استراحة الغداء ، كانت ماريا قد انهت جزئيًا الكثير من عملها
خرجت من مكتبها وصعدت المصعد وتوجهت للدور الثالث ،
فتح باب المصعد امام مدخل طويل كان مليئًا بالغبار وشِباك العناكب ، وكانت الكراسي المكتبية ملقاة على الارض والمكان اشبه بمقبرة اقرب اليه من دور في شركة فخمة كشركة الفهّاد ، لم تعر المكان الذي اوحى اليها وكأن حربًا ما اقيمت هُنا ونظرت للخريطة بين يديها وهي تبحث عن مخرج الطوارئ ، اخترقت المكان وهي تضع كفها على فمها وعينها تدور في المكان ، وصلت لباب كبير سحبت مقبضه ولكنه لم يهتز حتى انزلت المخطط وشمرت اكمام قميصها الازرق وسحبت الباب بكل قوتها حتى تحرك لمساحة صغيرة تسمح لجسدها بالمرور

ما ان فتح الباب حتى ظهرت لها الكثير من الصناديق والعُلب وادوات التنظيف تجاهلتها متقدمة للباب الاحمر الجانبي وهي تفتحه بهدوء و اصبح في ثوان المكان مليئا بالنور والهواء النقي ، وبدأت بالنزول من الدرج الولبي خلف المبنى
لتجد سيارة اجرة تنتظرها امام البوابة الخلفية ...

**


توقفت سيارة الاجرة امام منزل بسيط في حي ميسور الحال ، نظرت للشاب الاشقر بتمعن وهو يدخل المنزل
نظرت لحقيبتها الموضوعه في حجرها ثم ادخلت يدها وتلمست المسدس الصغير قالت بخبث : لاحق عالاكشن
التفت اليها سائق الاجرة بملل : هل ستنزلين هنا ام ماذا ؟

نظرت اليه واعطته اجرته ونزلت
اخرجت من حقيبتها شالًا ورديًا لفته على وجهها ووضعت نظارتها السوداء الكبيرة على عينيها ، ثم سحبت قبعة بنفس لون الشال ووضعتها على رأسها وتقدمت من المنزل
رنت الجرس ففتح الشاب الاشقر الباب : تفضلي يا سيدتي ؟
ماريا بهمس : هل فيصل يسكن هُنا
كشر الشاب : لا لا يوجد شخص بهذا الاسم
رفعت ماريا يدها بسرعة وهي ترش على وجهه سائل شفاف اغابه عن الوعي تمامًا

دخلت المنزل وهي تسحبه للداخل بإبتسامة : اعتذر عن الازعاج هههه
**

يتبع ...

عَزف 15-02-16 10:36 PM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
حين تلتحم الخطايا
البارت السابع (7)
الجزء الثاني ..




في احد المقاهي بجانب الشركة وضع يوسف الملف امام عيني عمر

فتحه عمر وهو ينظر للصور امامه ، كانت صور لموقع الجريمة واخرى لجثة سيف

رفع عمر عينه لِ يوسف باستفهام

قال يوسف : دقق شوي بالصور ، لاحظ شيء مهم

عاد عمر للنظر للصور وهو لم يفهم قصد يوسف : ما فهمت

يوسف وهو يتنهد : الصور كلها للجثه وين وجه سيف ؟
نظر عمر للملف مرة اخرى وهو لايجد صورة واحدة لوجهه
ازدادت ضربات قلبه : ولاصورة !

يوسف وهو يسحب الملف من يده : وانا ما شفت وجهه بعد وانت ادرى
اخفض يوسف رأسه : عندي شك ١٪ بس
عمر باندهاش : يوسف شدعوة انا المتعرف على جثته ولا ناسي

رفع يوسف رأسه : انا بحثت بكل شيء ، كل شيءجايز يا عمر ، مو ممكن قدر يهرب او شيء يعني

اضطربت انفاس عُمر وهو يفكر للحظة بٱن صديقه لا يزال يعيش ، بانه على قيد الحياة وان نفس الشمس تشرق عليهما سويًا ، وضع يديه على رأسه ليخفف الصداع الذي انتابه توًا : يالله مستحييل اللي تقوله !!!

اخذ يوسف الملف وهو يقف ليخرج : بكرا ببدأ البحث
نظر له عمر : بترجع للشركة ؟
هز يوسف رأسه بالنفي : لا ، بروح اريح شوي هلكني الشغل
ضحك عمر بإستهزاء : وايد هلكك الشغل ، روح يا معود الله يستر عليك بس

**

فتح الشاب عينيه ليجد نفس المرأة تجلس امامه حاول فتح فمه للصراخ ولكنها كانت قد احكمت لف الشريط اللاصق عليه ، حاول التحرك ولكن دون جدوئ ليجد نفسه مربوط بكرسي خشبي في قبو منزله
ماريا بالتركية : اذًا انت و 'سارا' تعيشان هُنا اليس كذلك ؟

هز الشاب رأسه بنفي و خوف
اكملت ماريا وهي ترفع المسدس في وجهه : سازيل اللاصق عن فمك صدقني ان صرخت ستسكت طلقة واحدة من المسدس
بصرخة اخافته : فهمتني ؟

هز الشاب رأسه موافقًا والدمع يغزو وجنتيه ، ازالت ماريا اللاصق
الشاب بنبرة مرتجفه : مالذي تريدينه منا ؟ هاا المال يوجد مال ساعطيك ارجوك اطلقي سراحي ارجووووك
وضعت ماريا المسدس على جبينه : لا اريد مالك يا احمق اصمت
سكت الشاب وعيناه معلقة على المسدس : اااا ذذذاً ماا ماذا تريدين مننيي وبدأ بالبكاء
رحمت ماريا ضعفه بخوفه بالرغم من المسدس الفارغ جلست امامه من جديد : اخبرني عن كل شيء تفعله خطيبتك ، اعلم بانها تسرب المجموعات تكلم هيا
قال الشاب بسرعة : نحن لا نملك المال ، نريد ان نتزوج ولكن لا نملك شيء ، هي تبيع التصاميم لاي شركة تدفع سعرًا اعلى وهم بالتالي ينزهونها حتى ترقت
ولكنها لم تعد تفعل ذلك
شعت عينا ماريا بالحقد : اذًا تخون رئيسها ؟
ابتلع الشاب ريقه بخوف : قلت لك لم تعد تفعل ذلك
قالت ماريا : وهل هناك شيء يثبت كلامك ؟
: نعم كل الاوراق والمستندات موجودة في مكتبها في درج في مكتبها ومفتاح الدرج موجود في علبة مكياج ، ارجووك دعيني وشأني
ماريا وهي تنظر لعينيه : وهل تملك انت مفتاح مكتبها ؟
هز الشاب رأسه ايجابًا : نعم نعم انا املكهه

**

في سيارة الاجرة رفعت المفتاح الفضي امام عينيها بابتسامة وهي تحدث نفسها : يالله انك تكثر امثاله الخوافين

**
وصل لاحد المجمعات السكنية التي كانت توحي للناظر اليها بان سعرها لا يقل عن الالاف ، تنفس بعمق واخرج البطاقة الذكية والمفتاح من درج السيارة ونزل ، تقدم للمصعد وادخل البطاقة واعقبها بالمفتاح ، لتترجم البيانات في ذلك المصعد وتوجه للطابق السادس حيث شقة سيف
انفتحت ابواب المصعد ليجد يوسف نفسه امام مدخل ابيض بالكامل تزينه طاولة بيضاء على جانبه تحمل الكثير من التحف من حول العالم التي جمعها سيف ..

تقدم للباب امامه وادخل البطاقة والمفتاح كالمصعد ليفتح له الباب على مصاريعه ...

**


كل شيء حولي ينادي.
انعكاسي في هذه المرآه يؤنبني على اخطائي وحتى تلك الصور التي تحمل ضحكتي انا وتوأمي .

حزني عليه يفتت اضلعي يقسمني لنصفين ثم يعيدني مرة اخرى لذات العذاب ، لا مبالاتي اسقطتني هُنا كالصقر الجريح من وجعي عليه
ادار ظهره ليعود ويخرج من هذا الترف الذي اصابه بحمى اشتياق تذكره بشقيقه ولكن خيطًا رفيعًا كان يعيده للخلف كلما تقدم للأمام
**

عادت به خطوته للخلف واستدار من جديد وهو يحاول تجاهل كل شيء يبكيه ، تقدمت خطواته لليسار ثم فتح الباب الاول ليجد غرفة عادية تبدو كغرفة ضيوف وتقدم للباب الاخر وتأكد بانها غرفة شقيقه ...

**
فتح الباب بهدوء وكأنه يهمس لرائحة شقيقة و كل ذكرياته ان تبدأ بتمزيق فؤاده برقة وهدوء .
وقف في منتصف الغرفة وهو ينظر حوله وعيناه تسقط على صورة هُنا وضحكة هناك
للحظة شعر وكأن ذلك الاتصال السقيم يأتيه الآن،
تلك النبرة التي مهما هذبها الهدوء تبقى ترن في اذنيه لتصمه عن سماع اي شيء بعده : ادعوا له بالرحمة


**

كان المكان عبارة عن غرفة واسعة امامه كان يوجد اريكة وامامها طوالة سوداء مبعثره ، تحمل عشرات اشرطة الافلام وبجانبها كوب قهوة لم يبق به سوى القليل وجهاز تحكم و اوراق
اما على اليمين كان يوجد سرير اسود بالكامل مبعثر هو الاخر اما فوقه كان معلق على الحائط بوسترات وصور لفريق الاتحاد الذي يعشقه سيف ،

كان المكان مبعثر ومزدحم بالاشياء ولكن هذا لا يخفي ذوق صاحبه الرفيع في اختيار الالوان والاثاث

**


كان حزني اكبر من يحمله هذا القلب ، اكبر من ان يستوعبه عقلي ، وكأنني لُعنت حينما ولدت مطابقًا لك ، اراك في كل مكان ، اسمعك في صوتي ، اراك في عيني واشياء اخرى كثيرة لا يكفيها بكائي عليك . كنت انت ضحكتي ان حزنت ، وشقيقي الوحيد ،
تقدم من سريره بترنح ، اقترب من الوسادة ووضع رأسه عليها بثقل ، بعادة لم يتخلص منها ادخل كفيه تحت الوسادة ولكن شيئًا ما كان هناك كالورقة ، سحبه يوسف ونظر اليه وقلبه ينبض بعنف
صورة اوقفت عقارب الساعة ، اوقفت الزمن لتلتقط ، صورة لم يتوقع بيومٍ من الايام ان تبكيه هكذا صورة
تجمعه بسيف وهما ابناء السابعة عشر ، وسيف يحمل كأس ذهبي كان قد فاز به بفريق كرة القدم الذي يقوده سيف والدته بالمنتصف بينهما ممسكة بيدهما للاعلى بإبتسامة فاتنة ووالده يقف بجانب سيف واضعًا كفه على كتفه

سقطت دمعته على تلك الصورة لم يمسحها بل تركها تكمل طريقها وضع الصورة على صدره ، وضم جسده كالجنين ودمعه يسيل على الوسادة بلا انقطاع ...

لم يتشعب بي الحزن كما يفعل الآن ، اقسمت الا اجعل اي وجع يتوغل بي ، ان يسيطر علي او يتمكن مني ، لكن موت سيف كسرني وبعثر هدوئي الذي اصطنعته منذ وفاة ابي ، كيف لابواب السعادة ان تغلق في وجهك كلما حاولت فتح احدها ؟ كيف يمكن للراحة ان تودعك وتحمل حقائبها مغادرة حياتك ؟ كيف للموت ان يكون اصعب علينا من صاحبه ، نخاف ان يموت احبائنا قبلنا ان نعايش الم فقدانهم اصعب من ان نعيشه لانفسنا

تنهد وكأنه يخرج كل حزنه من قلبه في انفاسه ، اغمض عينيه وغط في نومٍ عميق ...

**

عادت للشركة وكان الليل قد حل حينها ، عادت كما دخلت ولكنها استغنت عن المصعد فنزلت من الدرج ...

**

توقفت في ردهة الدور الثاني وهي تلتقط انفاسها ولكن فجأة شعرت بكفٍ ضخمة على فمها وجسد يسحبها للخلف ، توسعت عينيها بخوف ووضعت يديها على تلك الكف لتبعدها ولكن ! ....

انتهى ...

عَزف 22-02-16 05:51 PM

رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
 
لسلام عليكم ,, رجعت لكم ببارت قوي ودسم ومهم وملئ بالاحداث , أتمنى وانتم تقرون تركزون كويس كويس # , وأتمنى أكون عند حسن ظنكم , بسم الله نبدأ ...

^لا تلهيكم عن أداء الصلاة والعبادات^


حين تلتحم الخطايا البارت الثامن (8)

طَالَ الغِيابْ

حُزنٌ يَطولُ وغَيبةٌ مُتَعمَّدةْ

وأنا الذي ضَيَّعتُ عُمري في انتِظارِكْ

مازلتُ أشعُرُ في غِيابِكْ

أنَّ الحنينَ إليكِ طاغٍ

فوقَ احتِمالي واحتمالِ الأورِدةْ

اشتقتُ أن أُلقي بنفسي في العُيونِ

الشَّارِدَةْ

*عبدالعزيز جويدة*

قبل سنة ...
يجلس في السيارة بتوتر شديد وهو ينظر للخلف بين الفينة والأخرى
التفت له سائقة بريبة : سيف !
انتفض سيف وهو لا يزال متوترًا : سامحك الله , ارعبتني
عاد السائق للنظر للطريق : ما الذي يحصل يا بُني لم انت خائف هل هناك خطب ما ؟
: لا لا يوجد , فقط قُد بسرعة اكبر
هز السائق رأسه بيأس : اني اقود فوق السرعة المحددة , مالذي يدعوك للاستعجال هكذا ؟
: اخشى ان تفوتني المباراة
شحب وجه السائق : مباراة وفي وسط الأسبوع , ابتسم بمرح : هل انت بخير حقًا ؟
حاول سيف تخفيف توتره بنبرة مرحة : وما الضرر في ذلك , اريد ان اغير روتيني الممل قليلًا
ابتسم السائق : كما تشاء يا صغيري

**
توقفت السيارة امام البوابة الضخمة , نزل سيف وبيده حقيبة بلاستيكية كانت ملابس سيف الرسمية لا تناسب جُو المكان ابدًا , ربطة العُنق والمعطف الرسمي اثار ضحكات الكثير حوله .
نظر في الارجاء ليجد رجلين يقفان بعيدًا وهما ينظران اليه تأكد انهما المنشودان : هاقد بدأت التسلية
مثّل ارتعاده وخوفه منهما وفر هاربًا ليثير انتباههما , واختفى وسط الزحام الكثيف الذي أعاق حركتهما

وقف امام المدرجات وهو يبحث عن مكانه بين هذه الجموع حتى وجد مكانه ابتسم ومشى بخطى ثابته اليه

جلس على الكرسي ونزع معطفه وارتدى سترة رياضية , اخرج بعض الوان الوجه ولطخ وجهه وارتدى باروكة منفوشة , ادخل معطفه في الكيس البلاستيكي وبسكين يحملها دائمًا في جيبه غرسها في بنطاله الطويل ليكشف عن شورت رياضي اسفله , فعل سيف كل هذا ولم يثر أي شبهات حُوله فموقعه يهيء له فعل الكثير دون اثارة الانتباه او حتى الشك .

الآن – 2015 – المانيا


نظر حوله للأشياء التي يحفظ اماكنها , الكُرسي البلاستيكي الذي لم يجلس عليه احدٌ منذ دهر , للطاولة البنية التي بهت لونها واصبحت شقوقها واسعة تكاد تتهشم في أي لحظة , للستائر العتيقة وللنافذة التي لا يستطيع القفز منها والهرب , ان الهرب من كل شيء ليس بهذه البساطة , يصرخون في كُل مكان أن الهروب حُلو , يجعلنا احرارًا , ولكن هروبي هو قيدي , انا كالشاه المربوطة نعم تحررت من اسر الشباك ولكن من يخلصني من اسر السكين الموجهة لقلبي ؟
سحب قلمه من تحت الوسادة ومعها الدفتر الأسود الضخم المليء بقصاصات الورق الصغيرة , ومنشورات عديدة وبعض النقود , نظر اليه طويًلا , الى هربه الوحيد من قضبان هذا المشفى , هروبه الساحر الى عالم لا يسع شخصًا غيره , عالمٍ واسع يهيم فيه كيفما يشاء , يهرب من هربه الأعظم فيه , اعلم في قرارة قلبي اني أخطأت وان عتبهم علي يساوي عُمرًا ودهرا من انتظار ميت ! ولكنني بالنهاية مت ولن يغير حقيقة وقع هذا الحزن على قلب امي شيء حتى رؤيتي على قيد الحياة , اضعت الطريق في غُربتي وما عاد قلبي يكفي لاستيعاب وحدتي...

دخلت الممرضة بابتسامة وقالت : عن من تكتب اليوم ؟
رفع رأسه لها باستهزاء : اكتب عن فتاة المانية ثرثارة كاترينا
اقتربت منه وهي تضحك دفعت الكرسي المتحرك امامها : يبدو انك بحاجة التعرف لبعض الناس لكي تعود للكتابة من جديد
واكملت حديثها وهي توجه نظرة خاطفة للكرسي الفارغ
قال هو بنبرة هادئة وهو ينظر اليها : ما حاجتي للناس وانا لدي كاترينا لا تصمت ابدًا
ضحكت كاترينا وهي تساعده على الجلوس على الكرسي : يبدو انك اقترفت ذنبًا بحق شخصٍ يحبك فعاقبك الاله بِي

**
توقفت في ردهة الدور الثاني وهي تلتقط انفاسها ولكن فجأة شعرت بكفٍ ضخمة على فمها وجسد يسحبها للخلف ، توسعت عينيها بخوف ووضعت يديها على تلك الكف لتبعدها ولكن لم تكن حمقاء لتقع في الفخ نفسه مرتين
، تسارعت نبضات قلبها ولم ترضَ بالذي يحصل ، رفعت قدمها بسرعه واعادتها للخلف وركلته على بطنه ، رمى بجسدها وهو يصيح بألم التفتت اليه ورفعت رأسه لتضربه بالحائط ولكنها سرعان ما تخلت عن الامر وهي ترى وجه سلطان المسكين المتألم بشده
شهقت بخوف : يا حياتي انا
ضربها على معصمها بقوة : صاحية ولا مجنونة انهيتي مستقبلي اخخخ منك بس
نظرت ماريا لمعصمها بألم هي الاخرى: والله اسفه ما قصدت
نظر اليها بشك:أنتي شتسوين تالي الليل ؟
ماريا بكذب متقن : باقي لي كم ورقة اسجلها عالجهاز قلت اخلصها مرة وحدة عشان ارتاح بكرا
سلطان وهو ينظر لعينيها بعدم تصديق : ماشاء الله وهالكم ورقة وش هي ان شاء الله , مكتبك تحت اذا انتي مضيعه يعني
توترت ولكن حاولت ان تخفي ذلك خلف نظراتها المتحلطمة فعلًا : يالله منك مسوي فاهم , اصلًا الأوراق اللي بسجلها هي معاملات اليوم شفيك
ضرب سلطان رأسه ببلاهة : أي صححح , والله ناسي , سوري عالغلط المطبعي , مطوله يعني ؟
هزت ماريا رأسها بالنفي : لاشدعوة بس بنسخهم وارجع البيت
سلطان : خلاص براحتك , وانا بكلم الخدامة تجي مع السواق ما يصير ترجعين لحالك في ذا الليل

راقبت ماريا خطوات سلطان حتى نزل , تنفست الصعداء وهي تكمل طريقها لمكتب سارا

**

اقتربت من المكتب بخطوات عجلى ووجدت الباب كما اعتقدت مقفل ، اخرجت المفتاح الذي اعطاها اياه الشاب
، ابتسمت بنصر وهي تدخل المكتب
فتشت في الادراج ، وبين الملفات ولم تجد شيئًا يثير الشبهة او الاهتمام على حدٍ سواء ، لكن شيء غريب بدأ يتضح لها عندما شغلت مصباحها اليدوي ، نتوء صغير على جانب المكتب
اقتربت منه لتجده كالقفل الصغير جدًا ، فتحت احد الادراج واخرجت علبة البودرة وفتحتها لتجد المفتاح النحيل اسفل الفرشاة ، فتحت القفل بسرعه وسحبت المفتاح لتخرج القطعه المستطيلة الصغيرة التي كشفت عن ملفات كثيرة : تصاميم ، شيكات ، نقود ، والاهم من هذا دليل الإدانة الأكبر ورقة مستطيلة الشكل بيضاء لا تحوي سوى عدة كلمات وشعار الشركة المنافسة
تثبت وبكل بساطة عن عمل هذه الفتاة تحت اسم مهنتها : مساعدة في التصميم
هتفت ماريا بقهر : حسبي الله ونعم الوكيل , مساعدة وهي حتى ما تعرف تمسك قلم
اخذت جميع الاوراق والوثائق وتقدمت لآلة النسخ وبدأت بأخذ نسخه من كل ورقة بعد ان تصورها بهاتفها
احست بضجيج يقترب فأسرعت حتى تخبئ اثرها وتخرج من المكتب وهي تدس الاوراق في حقيبتها ...

خرجت من الشركة وهي تتنفس براحة بعد ان اغلقت كل شيء خلفها واقفلت الباب .
ارتسمت ابتسامة بلهاء على شفتيها ' تمت المهمة بنجاح ساحق ' اقتربت من مرادها الان

**
فتح يُوسف عينيه , ليجد نفسه يطفو على سرير شقيقه , نزل من السرير ليجد مرآه طويلة امامه , نظر لنفسه طويلًا لشحوب ملامحه , لذلك الحزن الذي يفتش في تفاصيله عن خلايا حية ليميتها , ماتت كل فرحة كانت ترتسم على وجهه ,

لوهلة شعر وكأنه انعكاسه مخيف , وكأن شعر عواضه اصبح كثيفًا وقد نبتت بالرغم منه لحية خفيفه , كيف نسي نفسه لهذه الدرجة مالبث حتى ادرك اخيرًا ان هذا الانعكاس ماهو الا توأمه , فحبة الخال الصغيرة اسفل حاجب سيف والتي لا يميزها سوى يوسف ووالدتهم كانت اكبر دليل ان ما امامه هو شقيقه المتوفى

مد يده المرتجفة للمرآه ولكنها تكسرت وأصبحت قطعًا صغيرة , اقترب منها ليلملمها ولكن السكين سبقته وانغرست في ظهره

**
فتح عينيه بفزع ، نفث عن يساره ثلاثا وهو يستعيذ من الشيطان نظر بجانبه ليجد قارورة ماء نصف ممتلئة فتحها وشربها دفعه واحدة
اعاد القارورة الى مكانها ولكن لفت انتباهه فواتير , الكثير جدًا من الفواتير
جمعها كلها وفردها امامه كانت جميعها لنفس المطعم ، كان اسمه عصيًا للفهم ليوسف فأحرفه كانت بالهندية
ابتسم وهو يتذكر ولع سيف بالاكل الهندي وبالهند , كانت تلك احدى الأشياء التي يخبئها عن من حوله , وكان سفره الكاذب بحجة العمل يؤدي به لطريقة ما الى الهند .

قلّب يوسف الفواتير ولكنه لاحظ احرفًا على البعض منها
دقق اكثر فيها فوجد الاحرف موجودة على الفواتير المسجلة بطلب واحد فقط ، بدأ بتصفيتها وعقله يعمل ، اهذه رسالة تدل على مكان سيف ، ام احجية يطلبه ان يحلها ، لم يشعر يوسف بنفسه الا وهو يبحث في انحاء الغرفة ، فوجد واحدة تحت السرير واخرى فوق الطاولة ، كانت بعثره الغرفة لا توحي بشك ولو بسيط بأن هناك لغز مخبأ هُنا ، جمع يوسف اخيرا ست فواتير رتبها حسب التاريخ وكانت صدمته عظيمة عندما رتب الاحرف الانجليزية والرقم الوحيد امامه :

Find it.(1) (اعثر عليه)


نظر لساعة يده فوجد الوقت قد تأخر ,جمع الفواتير كلها ووضعها في جيب بنطاله , وسحب سترته الملقاة على الاريكة وترك المكان مبعثرًا وخرج كما دخل .
**

في المملكة العربية السعودي / الرياض

كانت الظلام لايزال يعطي المكان سكونًا عجيبًا وشعور غامر بالراحة والهدوء ، كان العامل الأكبر هو صوت الاذان الذي يهدّي النفوس ويبعث الامان يصدح في الرياض ...

دق الباب ثلاثا حتى سمع هسيسًا خافتًا يعطيه الاذن بالدخول ، فتح الباب فهاجمته لفحة هواء باردة من الغرفة
اشعل الاضاءة وهو يلقي بصره على المكان المبعثر كان ذلك على خلاف عادة رهف المنظمة جدًا , تغاضى عن تلك الفوضى وهو يعزي ذلك للإجازة والإهمال الذي يصاحبها
اقترب منها بإبتسامة : يلا يا بابا قومي الفجر لا يفوتك
فتحت عينيها ورفعت جسدها النحيل عن السرير ، كانت هذه المرة الاولى التي يدقق فيها فهد بملامح ابنته كان وجهها شديد الشحوب وعيناها محمرتان وجسدها قد زادت نحافته

بونايف وهو يتلمس وجهها : تعبانة يا ابوي ؟ شفيه وجهك متغير
رهف بابتسامة صفراء : مافي شيء تعرف اجازة وسهر

استغرب بونايف فكان حالها خلاف اقاويل والدتها بل كان نومها منظم جدًا
حاول تجاهل ذلك بابتسامته وهو يشجعها للقيام للحاق بالصلاة قبل فوات وقتها ..

**
قد مرّ اسبوعٌ كامل , ماريا تزداد تفائلًا ويوسف غارق في حيرته خائف من نتائج ما سيفعل, وكانت محاولاته لايجاد ذلك المطعم تبوء بالفشل في كل مرة , اما عُمر لا يزال غارقًا في شكه و ووالدة يوسف نسيت نفسها بين ضجيج شقيقتها وبناتها , كان الكُل يعيش اسبوعًا رتيبًا ...

**
كان الصبح يعني لماريا الكثير , عملت لاجل هذا اليوم ايامًا كثيرة , سحبت وشاحًا ابيض ووضعته على كتفها العاري من الاكمام
نظرت لشكلها مرة أخيرة : ترتدي فستانًا ناعمًا كُحلي اللون يصل لفوق الكعب بقليل يضيق حتى خصرها ثم يعلن عن انحلاله واتساعه حتى الكعب , تركت شعرها الناعم بتموجاته الخفيفه حتى منتصف ظهرها ,كان لونه قد عاد ووجهها الأسمر زادها جمالًا نظرت لانعكاسها وهي تبتسم : يا اسمر يا اسمراني هههههههه لو يشوفني بابا يذبحني على هالبرونز

رفعت حقيبتها البيضاء ونزلت بابتسامة , تناولت دوائها بتهذيب على غير العادة , كان المنزل لأول مرة يبدو هادئها وبدون صراخها كل يوم

توجهت للسيارة وهي تحضر للمفاجأة الجميع فاليوم يوم ماريا فهد الفهّاد !

**

توقفت السيارة الفاخرة أمام بوابة الشركة مباشرة هرع السائق التُركي يفتح لها الباب نزلت وهي تبتسم, وقفت لثوان وهي تحادث سائقها
ماريا بهدوء ومرح غريبين على السائق الذي اعتاد شحوب ملامحها وسوء طبعها كل صباح : اتتذكر تلك الكعكة التي احضرتها
اشارت بيديها كطفلة : كانت مليئة بالشوكولا ومزينة باللوز والفراولة وبداخلها مكسرات
ابتسم السائق من شرحها له : نعم اتذكرها انسة ماريا
صفقت بيديها بسعادة : تمام , احضر منها الليلة , اريد العودة للمنزل فقط لاتذوقها اتفقنا
هز السائق رأسه : كما تحبيني يا انسة
**
في جهة أخرى بالقرب من البوابة
قطب حاجبيه باستغراب, فتاة تعمل في الأرشيف مُرتبها اقل من القليل تملك سائق وسيارة بهذه الرفاهية , هذا عدا ملابسها احذيتها وحقائبها بالرغم من بساطتها الا انها لا تدل الا على فتاة ثرية مدللة !
كان عمر يتحدث ولكنه لاحظ انتباه يوسف المتركز في نقطة اخرى , نظر هو الاخر اليها وهي تدخل الشركة : مشاء الله حتى السواق على حساب سلطان مدللها حيل !

التفت يوسف اليه : اكف الناس شر لسانك لا يطيحك ربي بمصيبة
نزل عمر وهو يقهقه : الله عالحكم والنصايح شكل شغلكم كله بالوراثة *يقصد والدة يُوسف *, انزل انزل

لم يرد يوسف عليه , كان هذا وحسب مقدار ما يجب ان يتحدثه في الصباح , فقد اشتاق كثيرًا للاكتفاء بالكلمات القليلة , اشتاق لهدوئه الذي اقتحمته الأسئلة والشكوك حتى اصبح يبحث عن الكلمة كبحثه عن كنز , اصبح حرفٌ واحد مهم وجدًا بالنسبة اليه
**
دخل يوسف الشركة وافترق عن عُمر الذي فضّل الجلوس قليلًا ليتصفح هاتفه
وقف هو الاخر امام المصعد , ما لبث حتى وقفت ماريا بجانبه
نظر اليها وهمس : السلام عليكم
التفتت اليه بارتباك : وعليكم السلام ...
قالت ماريا بشيء من الخجل : ابي اكلمك اليوم في موضوع , يعني اذا كنت فاضي
يُوسف بهدوء : عن ؟
ماريا بتوتر كبير : اقولك بالمكتب
رفع حاجبيه وهز رأسه للأمام: اها
تنفست ماريا بعمق وفكرة سيئة أتت لتهاجم تفكيرها التفتت اليه وعيناها متوسعتان من الدهشة : يعنييي قصدي سالفه طويلة ما يصلح اقولها هِنا كذا , لا تفهم غلط طيب
انزلقت ابتسامة ليُوسف لم يستطع منعها : طيب
عضت ماريا لسانها : حمقاء !
وفُتح باب المصعد , دخل يُوسف وامرأة أخرى , هز رأسه لماريا بالدخول ولكن خجلها الذي ذابت فيه منعها من ذلك اشارت له بيدها مبتعدة عنه وهي تحدث نفسها : يمههه وش هالهيبه فلم رعب وربي
وصعدت الدرج , فمكتبها العتيق يقع في الدور الأول , فلم تمانع صعود الدرجات القليلة المؤدية اليه ...


**
أخرجت المفتاح من حقيبتها وفتحت باب المكتب , وضعت حقيبتها على طاولة صغيرة بجانب , كان وجهها للباب وعينها على هاتفها , لم تكن حتى لاحظت ذلك الجسد المتربع على كُرسيها : عالبركة
شهقت بخفة وسقط هاتفها وهي تميز هذا الصوت جيدًا
التفتت للخلف بخوف : نواف !
ابتسم نواف : الله يسلمك , توني وصلت
عادت والتفتت للباب واغلقته : وش مدخلك هِنا
نواف : بس اتأكد من بعض المعلومات
نظرت له ماريا بريبة : بوخالد يدري ؟
نواف: هو اللي ارسلني عقب الاحداث اللي صارت
انزلت هاتفها ووقفت امامه مباشرة : تتوقع هُم اللي مدبرينه ؟
نواف بنبرة اخافت ماريا : ماريا , بقولك شيء بس لا تنفعلين
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تحثه ليكمل حديثه : للآن مو متأكدين بس ...
استنزفت ماريا طاقتها وهي تهتف : بس ايييش كمل لا تلعب باعصابي
نواف : نتوقع وجود اطراف ثانية بالموضوع , السالفة مو متعلقة فيك لوحدك , الشركة حولها شكوك كثير والسالفه مو هينة

ماريا وهي تحاول ان تفهم : يعني اللي بتقوله انه ابوي وانا مستهدفين بس عشان ابوي صاحب الشركة ؟
: بالضبط
نظرت ماريا للسقف بتفكير : ان كانت السالفة كذا
اردفت : معناته انه حتى يوسف و سلطان داخل ضمن دائرة التهديد

ضربت كفيها ببعض وهي تهتف : وانا أقول , يعني السالفه كِذا يا أستاذ
نظر لها نواف بتعجب : أي سالفة
لثانية فكرت ماريا بينها وبين نفسها وفضلت الصمت : ولاشيء بس كنت بانية هالفرضية وتأكدت , اييه ويعني بحثت بالموضوع لقيت شيء عنه ؟

وقف نواف : للحين نتحقق منه
ماريا بتفكير : طيب كيف يعني فرع تركيا هو اصغر فرع بالنسبة للاماكن الثانية , ليش يستهدف وايش معنى يوسف ابوي عنده شركاء كثير

نواف : وهذا هو بالضبط اللي اشتغل عليه , تمييز تركيا عن باقي الفروع
اقترب من الباب ثم التفت اليها لمرة أخيرة : بس حطّي في بالك مانبي مغامرات جديدة , انا اللي مسؤول عن مراقبتك
وخرج
**
في الرياض /

نظرت ام جمانة لزوجها وهو يتعطر : طالع ؟

الفتت اليها زوجها : ايه بروح المصنع
ام جمانة : أقول حبيبي
نظر اليها بشك : دام السالفة فيها حبيبي يعني مصيبة
ام جمانة بنبرة ناعمة : جمانة
أبو جمانة :ما خلصت هالسالفة يعني

وقفت زوجته باعتراض : لا ما خلصت يا حبيبي , قلت لك معك او بدونك انا بكلمها
تنهد زوجها : سوي اللي تبين بس انا مالي علاقة باللي يصير حذرتك وانتي حرة
ام جمانة : لازم تكون موجود ولا انا بتطيح السالفة براسي وتعرف جمانة لا عصبت وزعلت وش تسوي
ابتسمت ام جمانة : ابيك مساند لي



**
**
دخلت جمانة غرفة والديها بعد قرع الباب
بابتسامتها المعتادة : ماتوقعت انكم اشتقتوا لوجهي الصبوح لهالدرجة يعني
نظرت لوالدها من بعيد ثم شهقت : يالله وش هالزين يبه وش هالحلا انفداك بس
ركضت لوالدها كطفلة وهي تقبل رأسه : والله واخذتي الزين مني وانا ابوك
نظرت لوالدتها : أقول يبه لا تتغزل وتمدح واجد ترا الام طبينتها بنتها (طبينتها= شريكتها=الزوجة الثانية)
جلست ام جمانة باعتدال : اسمعي يا جمانة في موضوع بنكلمك انا وابوك
تنفست جمانة بعمق : خير اللهم اجعله خير ؟
ام جمانة بهدوء : ولد منيرة الحمداني متقدم لك ....

**
وقفت وهي تنظر لوالديها : طبعًا لا ومو موافقه , أصلا كيف تفاتحوني بالموضوع وتكلمون الناس وعارفين اني رافضه من الأساس ؟

ام جمانة : استهدي بالله واجلسي , ماهي اكبر مصايب الدنيا لا انخطبتي
جمانة : الا اكبر مصايبها انكم فكرتوا بس اني بوافق عليه حتى ! انا في ذمة بدر
أبو جمانة : بدر مات !
جمانة بنبرة باكية : بدر ما مات في قلبي وتراي حرام على رجال الدنيا عقبه
ام جمانة وهي تمسك بكتفي ابنتها وتهزها : اصحي من اوهامك وعيشي حياتك والله لو انه مكانك انه ليتزوج من رابع يوم بعزاك

لم تتمالك جمانة جرحها النازف , فخرجت من غرفة والديها وهي تضع يدها على قلبها

**

لماذا ايقظتم ألمي , سنواتٌ مرت وانا اقص عليه حكاية من قبل النوم , سنواتٌ عجافٌ مرت وانا ابكيه ومن دمعي اصنع وسائد والحفه لاغطيه حتى غفا في زاوية قلبي , انا لم انس يومًا , اوصدت الباب عنك , حاولت ان اتقبل انك متت على الأقل بالنسبة لي ولكن لم يعد لي في نفسي حاجة اخفيها عنهم او عنك , غيابك سلبني كلّي وليتك ابقيت بعضي لي لأعزي نفسي به

امتدت يدها المرتجفة بالحنين لدرجٍ اسفل سريرها سحبته وهي تخرج خاتمًا الماسي , وضعته امامه ونظرت لجزئه الداخلي الذي حُفر في جوفه : J&B
قربت الخاتم لشفتيها وقبلته مرارًا مرة بعد أخرى حتى نسيت نفسها وغزا دمعها وجنتيها ...

**
كانت الساعة تسابق عقاربها في الرياض حتى حان وقت الغداء في بيت بو جمانة


جلست جود على الطاولة,نظرت للكرسي بجانبها واستغربت فراغه منها , نظرت خلفها وحولها باندهاش عجيب , ثم نظرت لوجه والديها : شفيكم ؟ ووين ام بطين غريبة مو اول وحدة عالسفرة ؟؟؟

نظر أبو جمانة لزوجته بعتب : حرمتيها الاكل
نظرت اليه بهجوم : والله ماحلفت عليها ما تاكل
وقف أبو جمانة : ضيقتي صدرها وتقولين ما حلفت يا قوعينك بس
نظرت اليهما جود باستغراب : يبه قل لا اله الا الله , شفيكم وش صاير
وقفت ام جمانة هي الأخرى : ماصار والله , قلنا لها ولد منيرة خاطبك قلبت الدنيا وما قعدتها
وضعت جود يديها على رأسها : ياللله , شلون كلمتوها , يمه ماتعرفين جمانه !

هتفت ام جمانة بصوت عالي : بدر الله يرحمه مات من سنين وعزينا فيه اهله وخلصت السالفه ليش للحين متعلقه بالموضوع , لازم تعيش حياتها وتشوف نفسها
تركتهم جود صاعدة الدرج وهي متوجهة لشقيقتها

وقفت امام الباب المقفل : جمون حبيبتي تعالي الغداء الله يخليك اللقمة كذا تغص ما تمر وانا اختــــ

فُتح الباب فجأة وسقط جسد جمانة على شقيقتها باكيه , كانت شقيقتها الصُغرى الأمان والحب وملجأ دمعها , شجارهما كان لا ينتهي وكذلك حبهما , الأخت نعمة لا يعوض فقدها لا حُبيب ولا صديق .

**
تجلس في غرفتها تضم ساقيها لجسدها , تشعر بان الهواء ينفذ من الغرفة شيئًا فشيئًا , كان ضيق قلبها اعظم من هذا الهواء الذي يأبى ان يدخل رئتيها باعتدال , احست بيدٍ ثقيلة تخنقها , نزلت دموعها غزيره على وجهها لم تتحمل هذا الضيق الذي يحاصرها فهرعت للباب لتخرج
امسكت بالمقبض وهزته ولكن الباب كان مغلقًا انزلت يدها للمفتاح ولكن الباب لم يكن مؤصدًا
صرخت بخوف وهي تضرب الباب بكل ما اوتيت من قوة حتى فتحه والدها باستغراب
نظر اليها فهد : شفيك وش صاير ليش تبكين
اقترب منها وضمها لصدره وهو يسمح على رأسها همست رهف بخوف : خفت الباب يتقفل علي
بعثر شعرها بمرح : بنت فهد تخاف يتقفل عليها الباب وتبكي
ضحكت رهف : يالله يبه لا تمسكها علي الحين
عانق كتفيها وهما ينزلان سويًا : والله يا عندي لك سوالف لليل
نظرت اليه بابتسامة : وانا مستعدة اسمعك لليل

**
تجلس متربعة على مكتب سلطان الذي كان منغمسًا في ملف بين يديه وبين كل حين يتأفف مظهرًا توتره الشديد
نظرت اليه ماريا : هّد ان شاء الله يصير كل شيء مثل ما تبون
رمى الملف جانبًا وفرك رأسه : المبيعات كل يوم تنقص , قاعدين ندفع فلوس على بضاعة ما تنشرى يا ماريا وضعنا في الحضيض !
نزلت من المكتب وتوجهت اليه سحبت كتفيه للخلف : ريح نفسك ولا تنهك عقلك , الجسم اذا تعب , حتى المخ يتعب وياه
اغمض عينيه باسترخاء تام وهو يحاول ان يصفي ذهنه وافكاره ولكن صوت الباب وهو يُفتح قد جعل جسده ينتفض

فتح يُوسف الباب ولكنه صد بصره , ابتعدت ماريا عن سلطان قليلًا وهي ترقب حركات يُوسف التي تظهر وبلا شك كرهه لها على وجه الخصوص

نظرت لسلطان مرة أخيرة : لا تجهد نفسك
وخرجت متعدية يُوسف تحت نظراته الفاحصة لها جيدًا

سلطان وهو يمد يديه للامام : تفضل
تقدم يُوسف وجلس امام سلطان : انا صراحة شايف الوضع ما ينسكت عنه , لازم نلاقي حل للازمة
ابتسم سلطان بتوتر : فرعنا هِنا مشاكله كثيرة , توهقت وانت توك بالبداية
هتف يُوسف : انا أقول نسوي إعادة هيكلة للاقسام
سلطان بتفكير : إعادة الهيكلة تستغرق وقت طويل ونتائجها ماهي مضمونة
رفع رأسه بابتسامة وهو يتذكر ماريا , كان فهد دائمًا ما يعود اليها في الأمور الإدارية وكانت حلولها ذات مفعول سريع ومرضي جِدًا بعكس نايف الذي كانت أفكاره دائم ما تتمحور حول المال والاستثمار

سلطان : اعرف شخص , ممكن يساعدنا بحملة إعلانية قوية وحل ان شاء الله
وقف يُوسف : خلاص كل كلّمه وانا بنظم لنا جلسة برا الشركة ونتفق
وخرج دون ان يمهل سلطان للحظة ان يتلفظ باسم : ماريا , حلهم في الوقت الحالي ...

**

في الممر كانت تقف ماريا وهي تتحدث بهاتفها : لا لا احضر أخرى متوسطة الحجم , سيأتي سلطان ايضًا تعلم انه يحب الكيك كثيرًا

تنهدت : نعم من نفس المحل الذي احبه

في نفس اللحظة كان يُوسف متوجهًا لمكتبه ولكن حديثها استوقفه للحظة , شعر وكأنه اقترب من الحل وكثيرًا ابتسم فجأة وذهب لمكتبه بسرعة وهو يرفع السماعة : ياسمين تعالي المكتب الحين وبسرعة

**

وقفت ماريا امام مكتب يُوسف بحيرة , عدّلت وشاحها واخذت نفسًا عميقًا ودقت الباب ودخلت

كانت في تلك اللحظة ياسمين تخرج من المكتب , كانت لحظة عظيمة بالنسبة لماريا لأول مرة ترى شبح ابتسامة على ملامح يُوسف القاسية , برغم وسامته الذابلة خلف تكشيرته الدائم و ملامحه الهادئة كانت تُشعر بشيء من القسوة والبرود اللذان يغلفانه

رفع يُوسف نظره اليها : أتمنى يكون الوقت التي قطعته لك يستاهل !
جلست على احد المقاعد وشعرت بقوة وثقة غريبة تتسلل اليها : متعلق بمشاكل الشركة وعندي الحل
ضغطت ماريا على الملف الأصفر بين يديها وكأنها تستمد قوتها منه : الشركة صاير فيها تسريب تصاميم وبسبب هالشيء كثرت بضاعة التقليد ونزل مستوى الدخل وارتفع مستوى الإنتاج

وقف يُوسف بعدم مبالاة وهو يرفع هاتفه : احضر لي كوب الشاي المعتاد
نظر اليها ثم اكمل : واخر للانسة

فغرت فاها بتعجب من تصرفه اللامبالي ونظرت اليه بحقد
هز رأسه : وموظفة الأرشيف وش علاقتها بهذا كله
قالت وهي تصر اسنانها : كل ما نزل مستواك كل ما سمعت اكثر , اللي حولك ما يعطي اهتمام انك تسمع او لا لكن دايم اللي تحت يعرف كل شيء

وقف يوسف وهو يدخل كفه في جيبه : واو كلام عميق
أكملت ماريا وكأنه لم يقاطعها : الكل يدري بهذا الكلام بس
أخرجت الملف وفردت الأوراق امام مكتبه : مو الكل يدري من هالشخص
جلس يُوسف بانشداه امام الأوراق وبدأ يقلبها لم يستوعب الصدمة كيف يمكن لمديرة مخلصة كَـ سارا ان تفعل مثل هذه الأمور , كيف فاته هذا , كيف اكتشفت هذه الفتاة هذا العمل بسهولة وهي التي لم تكمل سوى عدة أسابيع منذ بداية توظيفها ؟
حاول ان تتزن نبرته: نسخ ؟ (رمى بالاوراق اليها ) وين ضمانتي بهالموضوع ؟
أخرجت المفتاح 0الصغير من حقيبتها : تقدر تلقى النسخ الاصلية بمكتبها

عاد يُوسف بكرسيه للخلف : وايش ضمانتك انتي
ابتسمت ماريا : توقع لي ورقة أكون مكانها
ضحك يُوسف وهو ينظر لثقتها : وان رفضت عرضك المُغري
لملمت ماريا الأوراق : فيه كرسي غيرك مستعد يكتب كل الشركة باسمي
حك يوسف عوارضه : وليش ما رحتي لهالباب من البداية ؟
همست ماريا : من باب سد الذرائع !

في لحظة كان العامل البسيط قد دخل ومعه كُوبي الشاي وضعهما امام ماريا ويُوسف
يُوسف : طيب بس السالفة مو بهالبساطة
ماريا وهي تسحب كوب الشاي لتشربه : مستعدة لأي شيء
تذوقت بعضه ثم احست بمذاق لاذع في فمها ولكن من باب الاحترام حاولت بلع تلك الرشفة , نظرت للشاي شديد السواد والخالي تمامًا من أي سُكر
ماريا بقرف : استغفر الله وش هذا
اكمل يُوسف شُربه للشاي متجاهلًا مَاريا وهو يفكر بكيفية اقتحام مكتب سارا واخذ الوثائق , كانت فكرة نفيها وطردها خارجًا بعد ان يشهّر بها هي الحل الأمثل بالنسبة اليه, فالخيانة ذنب عظيم اقترفته واكثر ما يمقته يُوسف في هذه الحياة هُم الخونة !

**
تجلس باستقامة وهي توقّع على الأوراق بابتسامة : ماراح تندم مَاسيو يُوسف ان شاء الله
كان فكرة واحدة تؤرق عقل يُوسف فَـ رد عليها باقتضاب : أتمنى !
وقفت وهي ترفع الورقة بفرح بين يديها , وقف يُوسف معها وعينه على ساعة الحائط : تقدرين تتفضلين على مكتبك

خرجت ليخرج يُوسف خلفها وقلبه يسبق خطواته وكفّه تحتضن تلك الورقة التي أتت بها ياسمين , ورقة وتعيده للحياة وربما تعيد شقيقه !

**

دق الباب ثالثة وهو ينظر حوله بحيرة , يبدو ان العنوان خاطـــ
لم يكمل جملته حتى فُتح له الباب وبدا له من خلفه رجل في وسط الاربعينات قد غزى الشعر الأشقر وجهه ورأسه
شهق الرجل بخوف : توووووبه تووووبه
واغلق الباب لكن قدم يُوسف كانت اسرع لتصده عن الاغلاق : دقيقة استمع الي , انا شقيقه , شقيق سيف
خف دفع الباب وبقي الرجل ينظر ليوسف لدقائق حتى اقبل عليه يضمه ويقبل رأسه وكأنه ابنه
ابتسم يُوسف بحب لهذا الرجل الذي دخل قلبه منذ اول ثانية , أشار الرجل بيده : تفضل يابني لا يمكن ان تقف امام الباب هكذا

ابتسمت زوجة الرجل وهي تضع الشاي امام يوسف : لتحط به رحمة الله , كان شقيقك شابًا صالحًا , لم ينقص شيء علينا حتى توفي
هز يوسف رأسه بامتنان له وغادرت

نظر له الرجل : كيف يمكنني مساعدة ابني ؟
اطال يُوسف نظره في كوب الشاي : كيف كانت أيامه الأخيرة ؟
انزل الرجل عينه في كوبه : اهه ابني كان متعبًا جِدا ويخاف من كل شيء , كان يلح علي بان اسامحه وان لا اخبر احد بتحركاته
ابتسم الرجل بألم : بالرغم من كل شيء لم يتخل عنّي
كان يُوسف يغرق في حديث الرجل وهو يتذكر كره سيف لقيادة السيارة ولطالما كان هو الذي يوصله لعمله والجامعة وكل مكان
رفع يُوسف رأسه ولمعت عيناه وهو يهتف : اريد معرفة الأماكن التي كان يزورها شقيقي كثيرًا
ابتسم الرجل : كان سيف لا يزور الكثير من الأماكن , لكن ذلك المطعم الهِندي كان يعشقه
رفع يوسف نظره : مطعم هِندي ؟
ضحك الرجل : هههه غريب اليس كذلك , انه مطعم مميز ولكن لا يعرفه سوى القلة كشقيقك

**
كان يقود السيارة بجنون , كانت المعلومة لا تباع ولو بذهب الكون بالنسبة ليوسف
القى نظره على هاتفه وعقله حقًا من نغمة الآيفون المستفزة وجِدًا , ولكن فرحته الآن وهو متوجه لذلك المطعم لا تساويها فرحة , كان في سره يود لو بامكانه معانقة ماريا , فهي التي أودت به بهذه الفكرة المجنونة , تمى وبشدة ان لا تخيب ظنونه وشكوكه فلو كان هناك امل ولو صغير يبقيه على قيد الحياة لــــ

عاد الهاتف ليرن

سحبه يُوسف وبنبرة غريبة : قل لا اله الا الله حرقت الجووال والله
عُمر المحرج : يُوسف الاجتماع بيفوتك
يُوسف بسعادة : وان فات خله يفوت شفيك

عُمر : اول اجتماع لك وبتسوي كذا , وبعدين وش هالنبرة ؟ من زمان ما سمعتها
يُوسف : بعدين اقولك لك , كل شيء بوقته حُلو

**
داخل قاعة الاجتماعات ، كانت تجلس بجانب سلطان وهي تعبث بالقلم تارة وتتثاوب تارة اخرى ، نظرت للساعه بملل شديد ثم نظرت لسلطان الذي هز رأسه يحثها على الصبر
دخل عمر القاعة بإبتسامة محرجة : ثوانٍ وسوف يكون السيد يُوسف هُنا

دقائق مرت حتى فتح يُوسف الباب بهدوء ، كانت هيبته فرضت عليهم الوقوف دون ان يشعروا حتى ماريا التي تكره حدّة اخلاقه وقفت باحترام
جلس يُوسف واشار لهم بالجلوس : يمكننا ان نبدأ
وقفت ماريا وهي تلوح بيديها بالتركية : ليبدأ الاكشن
نظر جميع الجالسين اليها ، من تكون هذه وكيف تتجرأ ان تتحدث هكذا امام مدرائها ، تقدمت مَاريا من جهاز العرض بخطوات مائلة وناعمة : اقدم نفسي ، ماريا ، بالفتح ماريَا
واقدم نجمة الليلة ، نظرت لِـ سارا ، توجهت جميع الانظار اليها وبدأ التوتر يظهر على الفتاة التي تغيرت تعابير وجهها خوفًا واستفسارًا عما يجري هُنا

في تلك اللحظة بدأ جهاز العرض بعرض صورة جعلت الجميع مندهشًا ، ما الذي يحصل هُنا ؟؟ صرخت ماريا خائفة
وبدا الهلع على الجميع واضحًا عدا يُوسف الذي لم تسعه الصدمة لان يتحدث حتى : يالله ، علقت في حنجرته وأبت الخروج !


**
كانت تجلس خلف باب الحمام *يكرم القارئ* وتضع كفيها على رأسها المجهد , كان الصداع يوشك ان يفجرها , والصرخات تقترب من اذنها اكثر فأكثر , نظرت لهاتفها للخمس المكالمات الفائتة المسجلة باسم : S

ودت للحظة ان تعاود الاتصال به ولكن هجمة الصداع كانت اقوى , اغمضت عينيها بتعب , ثم عادت لتفتحها لتجد ظلًا اسودًا على الجدار امامها , وقبضة ثقيلة على عنقها , انفرجت شفتيها لتصرخ ولكن وكأن اليد داخل حلقها تعيد كل كلمة يمكن ان تتلفظ بها

شعرت بخدرٍ في أطرافها , استسلمت لكل هذه المعاناة حولها فاغمضت عينيها واسترخى جسدها ولكن .....


انتهى ...


الساعة الآن 10:00 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية