منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 317 - امرأة تحت الرماد - كيم لورانس ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t174691.html)

زهرة منسية 06-04-12 03:11 PM

الفصل الرابع
 


4- لن تخاطر بحياتك !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


لم تنتظر كايتى لتعرف أن نيكوس سيفعل ما تطلبه منه بل فتحتى الباب بعنف ورفعت فستانها الطويل ثم ركضت برشاقة فى الشارع وصولاً إلى المدخل الذى تتشارك به مع سايدى
راحت تقرع الباب بعنف وهى تبحث عن المتاح فى حقيبة يدها وقبل أن تجده ظهرت سايدى مرتدية بنطالاً حريرياً واسعاً وقميصاً فضفاضاً وهى تطرف بعينيها من النعاس
"أين الحريق....؟" لم تكن كايتى تملك الوقت لتضيعه فى التفسيرات:"فى الطابق العلوى؟"
أتسعت عينا سايدى بينما أدركت للمرة الأولى العجلة فى تصرفات كايتى:"أنت جادة؟"
تنشقت الهواء وأضافت:"أنا أشم رائحة الحريق!"
فدفعت كايتى صديقتها بفظاظة وصرخت وهى تصعد الدرج راكضة:"هذا لأن شقتى تحترق وألساندر مازال فى الداخل!"
تجاهلت الصرخة القلقة التى أطلقتها سايدى قائلة:"لا يمكنك أن تصدعى إلى هناك يا كايتى....أنه مجرد هر!"
غدت رائحة الدخان أقوى وهى تصعد السلالم.وعندما وصلت إلى الطابق العلوى لم تلاحظ شيئاً غير مألوف ماعدا القليل من سُحب الدخان التى تتسرب من تحت باب شقتها .مع القليل من الحظ قد يصل رجال الإطفاء قبل أن يخرج الأمر عن السيطرة.وقفت مترددة لبرهة لا تعرف ما عليها أن تفعله .؟ماذا يفعل الآخرون فى ظروف كهذه....؟
(عند وقوع المصائب أعتمدى على حظك) فكرت فى ذلك بطريقة مبهمة ثم أخذت نفساً عميقاً وفتحت الباب .تنفست الصعداء بقوة إذ لم تقذفها كرة نالرة قاتلة .وضعت يدها على صدرها إذ راح قلبها يخفق بسرعة جنونية وكأنه يحاول الهروب من قفصها الصدرى فقالت فى نفسها: (لعل هذا يوم سعدى رغم كل شئ....يوم سعدى....؟يا إلهى!ها انا أفكر كأحد أولئك البلهاء الذين يرون جانباً مشرقاً فى كل مصيبة مهما كانت شديدة. تحلى بالتفاؤل يا كايتى .شقتك تشتعل لأنك نسيت إطفاء المكوأة هذا ليس حظاً بل مصيبة)
هدأت أعصابها وقويت عزيمتها لسماع صوتها .كانت شقتها عبارة عن غرفة مشيعة تحوى مطبخاً وغرفة نوم مع حمامها الخاص ومع أن الغرفة الرئيسية كانت مليئة بدخان لاذع أدمع عينيها إلا أن كايتى لم تر علامات حريق أخرى واضحة ما يؤيد نظريتها القائلة بأن الحريق بدأ فى غرفة النوم حيث كوت فستانها على الأرض بدلاً من تكليف نفسها عناء جلب لوح الكوى
راحت تنادى هرها وهى تتقدم بحذر الغرفة المملؤة دخانا:"ألكسسسسس...."لم تكد تقطع مسافة صغيرة فى الغرفة حتى أصبحت الرؤية معدومة لكنها تمكنت من ملاحظة اللون البرتقالى الباهت الظاهر من تحت باب غرفة نومها فكان الشئ الوحيد الذى وجّهها فى الظلام مع أن أثار فيها شعوراً قوياً بقلق...كم من الوقت سيتمكن الباب من احتواء ألسنة النار؟فى وقت كهذا لا يفيد الخيال الناشط بشئ قالت لنفسها: (التفكير فى هذا الأمر لا يجدى نفعاً.أكمل مهمتك فقط فكلما أبكرت فى إيجاد هذال الهر اللعين كلما أسرعت فى الخروج)
وبالرغم من رباطة الجأش هذه راحت ركبتاها ترتعشان وهى تتقدم بحذر .كانت تتوقف بين الحين والأخر لتستمع لكنه لم يكن يجيب نداءها
لم تعلم كايتى لما توقعت أن يجيبها فـ ألكساندر لم يكن هراً لطيفاً ولا هراً صغيراً جيداً .فهو يهاجمها إن حاولت أن تبدى له أى عاطفة .لو كان إنساناً لقال الأطباء أنه يعانى خللاً فى شخصيته
قالت فى سرها بتجهم: (لو كنت أتحلى بأى منطق لتركته يتفحم!)
بينما راحت تناديه بلطف وتملق وأصطدمت بشئ صلب: طاولة القهوة التى اشترتها من متجر الأغراض المستعملة .الأصطدام بالخشب كان كافياً لجعلها تقع على ركبتيها.ِعرت على الفور بأنها جرحت ركبتها كما شعرت بالقماش الناعم لفستانها يتمزق:"تباً"
وبينما كانت جاثية على ركبتيها لاحظت أن الدخان قرب الأرض أقل كثافة فقررت إكمال بحثها من موقعها هذا
كانت تزحف بحذر عندما سمعت صوتاً ينادى بأسمها ففكرت: ( نيكوس.....حسنا إن كنت تريد قتلى هذه فرصتك المثالية)
منتديات ليلاس
وقررت أن الوقت مناسب الآن لمزاح السئ فأكملت بحثها حريصة على تجاهل صيحاته التى تزداد إلحاحاً
تحولت ضحكتها المتجهمة إلى سعال عندما سمعت صوت إرتطام قوى تبعته شتيمة بالغة اليونانيةوأدركت لاحقاً أن السعال هو ما دله على موقعها لأنها بعد لحظان شعرت بيدين قويتين تنزلقان تحت ذراعيها وترتفعانها عن الأرض
"دعنى أيها الأحمق!"
"لا تتحركى وإهدأى .لقد أمسكت بك" لقد فعل ذلك بالفعل أمسكها فى قبضة قوية جعلت الهروب مستحيلاً :"أنت فى أمان الآن"
لم تكن كايتى ترغب فى أن ينقذها أحد .وقد أعلمتها غريزتها أن ذراعى نيكوس لايكس لن توفرا لها الأمان ولكن لفكرة ما يمكن لهاتين الذراعين أن تفعلا بها هى ما جعلها تبدأ بمقاومته.وأمتزج تنفسها بالنبرة المطمئنة فى صوته العميق فبدت أكثر توتراً.
صرخت عندما توقف عن محاولاته اللطيفة لتهدئتها واستعاد طبعه ومن دون تردد رمى بجسمها المقاوم على كتفه على غرار رجال الأطفاء فقالت لنفسها: (لم تعد المقاومة تجدى وأرخت بثقلها مستسلمة بتعب .

************

زهرة منسية 06-04-12 03:14 PM

الفصل الرابع
 
أضطرت كايتى للبقاء فى هذه الوضعية المهينة إلى أن بلغا المدخل حيث وجدت نفسها مرمية على الأرض الخشبية التى خططتها سايدى ودهنتها قبل الميلاد فقالت فى سرها: (يا إلهى ! مسكينة سايدى...! حصل كل هذا بسبب غبائى ! أنا مستأجرة جهنمية!
شعرت بأصابع باردة تضغط على النبض عند أسفل عنقها ثم بيد هى نفسها نفسها على الأرجح تنسل تحت ذقنها لتبدأ برفع رأسها بحزم
فتحت عينيها الدامعتين وشعرت بالأحراج عندما بدا لها أن نيكوس يعزو سبب جمودها إلى فقدانها للوعى.ثم شعرت بالخجل لأنها فكرت فعلياً فى لحظة ضعف بتركه يحاول إنتعاشها
كان الصوت فى رأسها قوياً وأمراً : "هلا توقفت عن هذا"
ولكن ما صدر عبر شفتيها الجافتين كان نقيقاً ضعيفاً
قال ذلك الوجه الكبير المنحنى فوق جسمها فيما هو يقف :"حسنا لقد أرحتنى لست بحاجة إلى الإنعاش"
وبالرغم من أن وجه نيكوس وثيابه كانت ملطخة بالسخام إلا أنه ما زال وسيماً للغاية كعادته فى أى وقت
قالت بصوت أجش:"تصور راحتك وزدها أربعة أضعاف"
"لم أتوقع الشكر لإنقاذى حياتك ولكن التمدن قد يكون جيداً....."
إنقاذ حياتى ! صرت أسنانها بينما كانت تحاول جاهدة الجلوس ثم أجابت: "لم تكن حياتى للإنقاذ إلى أن بدأت تتصرف كإنسان الكهف"
وراحت تلهث وبدت غير قادرة على الوقوف فتمسكت بأول دعامة وقعت عليها لتتمكن من النهوض وكانت الدعامة رجليه المحيطتان بجسدها الصلابة التى صادفتها جعلتها تتوقف وتقلصت عضلات معدتها فلم يعد الهروب يبدو أمراً مستعجلاً
وعادت كايتى إلى نفسها فشعرت بالخجل الشديد .لم تستطيع مسامحة نفسها لأنها أضاعت لحظات ثمينة فى ظل هذه الظروف.فقالت بغضب شديد:"لا بد ان ألكساندر تفحم فى الداخل بسببك"
أعلمته بذلك بينما سحبت جسمها من بين قدميه وحاولت الوقوف.ولكن ما أن فعلت حتى خانتها ركبتاها علا وجه نيكوس تعبير خائف إلا أنه بخفة ورشاقة رياضية أمسك بها قبل أن تنزلق على الأرض مما لطف حدة سقوطها على السطح الخشبى
احنى رأسها بين ركبتيها وأخذت تضر الهواء بيديها بحركات عشوائية ولم يسمح لها نيكوس بالوقوف إلا بعد أن توقفت عن الصراع.
"أيها الرجل الغبى !غبى!"قالت هذا وهى ترتعش وتمسح دموع الغضب التى أنهمرت على وجهها القذر تاركة أثاراً شاحبة من السخام .كان نيكوس جاثياً بالقرب منها ولم يبدو متأثراً بهجومها فأشارت إلى الباب وتابعت:"مازال ألكساندر فى الداخل"
تجهم وجه نيكوس وأجاب:"سمعتك.حافظى على هدوئك فالجنون لن يفيدنا"
فأجابته بصوت مرتفع:"أنا هادئة !"
"لماذا لم تخبرينى بما كنت تفعلينه من البداية؟هذا ليس الوقت المناسب لتحافظى على سمعتك"
رفعت كايتى حاجبيها غير مصدقة .سمعتها؟ أما بالنسبة للهدوء فقد كان مغزى كلامه ظالماً وكافياً ليثير غضبها من جديد .فقدت قدرتها على الأجابة مؤقتاً ثم صرخت فى وجهه أو بالأحرى كانت لتصرخ لو لم تكن تسعل كثيراً: "تتكلم كما لو أنك أعطيتنى فرصة لإخبارك"
منتديات ليلاس
تنفست سايدى الصعداء عندما وصلت إلى السلالم وقالت:"كايتى !يا إلهى...كايتى!أنت بخير الحمد لله! يا إلهى!على حقاً أن أفقد بعض الوزن سوف أسجل أسمى فى النادى الأسبوع القادم......"
راح نيكوس ينظر مذهولاً إلى سايدى وهى تثرثر وبدا لـ كايتى أنه على وشك على الإدلاء بأحدى ملاحظاته الشريرة فدفعته بمرفقها بقوة وقالت له فى محاولة لحماية صديقتها من كلماته الالذعة:"إنها مذعورة .وهذه طريقتها فى التعامل مع الأمور"
يا إلهى لا يتحلى هذا الرجل بأى إحساس!
تفهم نيكوس الموضوع فتركها بعد أن هز رأسه أمراً إياها بملازمة مكانها! ؤرلقبته كايتى مذهولة بينما أنحنى على سايدى مبتسماً وقال لها بسحر ورقة فائقة:"خذى نفساً عميقاً"
كان لصوت نيكوس تأثير مهدئ على سايدى التى رفعت إليه نظرها بإمتنان .رأتها كايتى تسيطر على نفسها قبل أن ترسم على وجهها نظرة تقدير.ثم سألها نيكوس :"هل أنت مصابة بالربو؟"
"لا أنا فقط سمينة وغير متناسقة" ضحكت سايدى وأكملت :"ركضت من البوابة إلى هنا .أظن أن رجال الإطفاء قادمون سمعتهم من بعيد ....هل أعود وأنتظرهم...؟"
"رافقى كاترينا إلى الأسفل .وأتركا المنزل على الفور"

زهرة منسية 06-04-12 03:15 PM


ففكرت كايتى فى سرها : (أظن أن أمثال نيكوس يعودون إلى أصلهم فى ظروف كهذه.ظروف تتطلب شخصاً مسؤولاً يتخذ القرارات .لا يمكن لأحد أن يتهم نيكوس بأن لديه مشكلة فى إتخاذ القرارات ولا حتى ألد أعدائه الذى قد يكون أنا.)
"لن أذهب إلى أى مكان قبل أن يخرج....."
أعلن نيكوس بتعالٍ وكأنه سيد عظيم :"أنا سأحضر ألكساندير وأنت ستغادرين المبنى"
ثم سأل بينما كان يتقدم نحو الشقة المشتعلة :"كم يبلغ من العمر؟"
"لا يمكنك العودة إلى هناك" لا يمكنها أن تدع رجل يموت فى سبيل إنقاذ هرها
"ركزى تفكيرك !"
كان تركيز كايتى مركزاً فعلاً ولكن على النقاط الفضية الرائعة فى عينيه.شعرت فجأة بالضغط والأرهاق والرعب .فما من وقت أسوأ من هذا للأعتراف بإنها تشعر بالأنجذاب نحو هذا الرجل.تمنت لو إنها تجد تفسيراً أخ لتوقف تفكيرها عن العمل وتحول جسمها إلى كتلة من الأحاسيس الحية عندما تكون بالقرب منه
"كم يبلغ من العمر؟" أعاد نيكوس طرح السؤال إذ لم تجب عن سؤاله الأول. لم تفهم كايتى أهمية السؤال.لكنها شعرت بإنها مضطرة إلى الأجابة ذلك أن لدى نيكوس قوة تجبرها على التجاوب مهما بلغت بساطة السؤال والطلب :" ثلاثة أعوام على ما أظن"
جمد نيكوس مكانه وقال بإزدراء ورعبب :"ثلاثة أعوام؟!"ثم أخذ نفساً عميقاً قبلل أن يكمل:"تركت طفلاً يبلغ من العمر ثلاثة أعوام وحده؟!"فغرت كايتى فاها.لقد....لقد ظن....ظن فعلاً أنها....!خانتها الكلمات . يا إلهى ! كانت تعلم إنها برأية امرأة منحطة .ولكن ليس إلى هذه الدرجة! كانت سايدى تمسك بـ كايتى فأسرعت لنجدة صديقتها:"طفل؟" نظرة إلى الرجل اليونانى الذى بدا وكأنه أصيب بالجنون وأكملت: "....ألكساندر هر"
كان نيكوس يتحضر للأنطلاق وبدت عضلات جسمه متشنجة لحجم المهمة التى تنتظره.ولكن لدى سماعه كلماتها تحول إلى تمثال جامد.لا يتحرك فيه شئ إلا عينيه اللتين أنتقلتا من كايتى إلى سايدى التى هزت رأسها موافقة ثم عادتا لتتفحصا وجه الأولى
راقبت كايتى عضلات حلقه تتقلص وهو يبتلع ريقه قبل أن يقول:"خاطرت بحياتك لإنقاذ هر؟"
"آسفة.أعلم أنه كان ليناسبك أكثر لو أننى تركت طفلاً عاجزاً وحده فى الشقة"
فتجهم وجهه بإنزعاج وقال:"ما الذى تقصدينه ؟يناسبنى أنا؟ ليس لدى أفكار خفية"
"أنت على حق .ليست خفية بل واضحة وجلية.من الأسهل عليك أن تستمر بالإدعاء أنك تقوم بهذه التضحية لتنقذ صديقك من زواج رهيب إن تبين أننى وحش لا يملك أى إحساس .ولكن تبين أننى لست ساقطة متحجرة لن تبدو صديقاً وفياً بل حيواناً حاقداً لا يمكنه تحمل رؤية الآخرين سعداء لأنه متحجر العاطفة وعاجز عن إقامة علاقة سليمة!"
التقطت أنفاسها ما إن أنهت كلامها فتحول الذهول فى تعبيره إلى غضب جامح وسأل بتعال وعنف :"هل أنتهيت؟"
"لا لم أنتهِ بعد" سمعت كايتى نفسها تجيبه بشراسة مع إنها لم تعد تملك أى قوة.وزادت حدة الصمت المترقب فرفع نيكوس حاجبه بإستهزاء .
"لم أخاطر بحياتى .أنت تصورت ذلك فقط" ذكرته بذلك مع أن أفعالها بدت مختلفة الآن ثم سمعت نفسها تضيف :"كان يجب أن أعلم أنك لا تحب الحيوانات"
وتساءلت فى سرها بغضب ساخط : (لِمَ لا يمكننى إبقاء فمى مطبقاً وأحافظ على تقدمى عليه؟) ما الذى يملكه هذا الرجل ليدفعها إلى قول أشياء سخيفة؟فعندما يكون موجوداً تسيطططير عليها حاجة ملحة لإثبات أنها أكثر أنانية وسطحية مما يظنها
"أنا أحب الحيوانات .فى الواقع أنا أفضلها على بعض الناس أحيانا خاصة على النساء المجنونات الغبيات"
تملك كايتى عادة إجابة جيدة ومناسبةلكل الأوضاع .لكنها شعرت بإحراج عميق عندما امتلأت عيناها بالدمع لدى سماعها هذه الإهانة التى تستحقها فى نظر نيكوس .ويبدو أنها ليست الوحيدة التى شعرت بالإنزعاج فقد أكتشفت بالصدفة نقطة ضعف أخرى عند نيكوس.فقد بدا حائراً أكثر منها أمام دموعها .فتنحنح وقال:"لم أقصد....."
بينما كان يتكلم لاحظط للمرة الأولى اليد التى مدها بإتجاه كايتى.حدق إليها للحظات وكأنها ليست له وبسرعة أعاد يده إلى جانبيه وخلا وجه من أى تعبير .أخذ نفساً عميقاً وأعطى تعليمات لـ سايدى:"خذى كاترينا إلى الخارج.وأنتظرا رجال الإطفاء"
منتديات ليلاس
أخرجت سايدى من جيبها مصباحاً وأعطته أياه فشكرها . فقالت كايتى :" لا أحتاج أن يأخذنى أحد إلى أى مكان"
وعندما لاحظت ان كلماتها وقعت فى آذان صماء رفعت صوتها وأكملت:"لا يمكنك أن تعود إلى الداخل"
"أنظرى إلى الجانب المشرق....إن لم أخرج من هناك فستكونين حرة للزواج بـ توم"
أرتعبت كايتى عندما استدار ودخل إلى شقتها المملؤة بالدخان لوم لم تمسك بها سايدى لتبعته للداخل.
"لا تقلقى .فهو ليس أحمق .كان يحاول أن يغضبك ليس إلا" قالت لها سايدى ذلك لتهدئها بينما كانت تراقب وجهها ثم أضافت :"لن يخاطر بحياته"
بدت هذه الثقة لـ كايتى فى غير محلها خاصة إنها صادرة عن شخص تعرف إلى نيكوس للتو.فقالت وكأنها تحاول إقناع نفسها :"لست قلقة.حسناً كنت لأشعر بالمثل نحو أى شخص آخر.لا أصدق أنه أتهمنى أنا بالمخاطرة بحياتى .ماذا يحاول أن يثبت؟"
فأجابة سايدى بتوتر :"هل تمانعين إن تابعنا الحديث فى الخارج؟"
"ماذا؟نعم طبعاً....." ألقت كايتى نظرة أخيرة نحو باب شقتها وتبعت سايدى إلى الأسفل


زهرة منسية 06-04-12 03:17 PM


"ماذا قصد عندما قال......؟
"ظننتك قلت إنك سمعت رجال الإطفاء...." قاطعت كايتى صديقتها بينما كانت تبحث بعينيها عن أى أثر للأضواء على الطريق .فأجابت سايدى معتذرة :"ظننت أنى فعلت عندما قال ذلك الرجل.....؟"
"نيكوس" تلفظت كايتى بأسمه وأفكارها مشتتة
"عندما قال نيكوس...يا إله السماوات!...نيكوس...؟!"
كادت كايتى تسمع ذقن صديقتها يرتطم بصدرها عندما أستوعبت الأسم فأكملت :"اتقصدين أنه الرجل الذى......؟"
"الرجل الذى تزوجته ؟نعم . لا أعلم كيف يمكنك التفكير بذلك بينما يشتعل منزلك بسببى .من المفترض أن تصرخى بوجههى وتهددينى"
"سأفعل إن كان ذلك يريحك.ولكن أولاً أخبرينى كل شئ عن هذا الرجل الرائع"
"ليس لدى ما أخبرك به" حاولت كايتى تجنب موضوع نيكوس بالتحديد مع أنها لم تكن تملك الخيار بسبب ما آلت إليه الأمور .خيارتها محدودة فى باقى المور أيضاً فالأمل بالزواج من توم بات الآن حلماً بعيداً.
"لقد ظهر هذا المساء . يبدو أنه وتوم أرتادا الجامعة ذاتها."
"لا أصدق ذلك !كم هذا غريب!لا بد أن الأمر بدا لك غير منطقى!"
"لم أواجه فى حياتى شيئاً غير منطقى لهذه الدرجة!"
"هل كشف الأمر لـ توم؟"
"ليس بعد ولكنها مسألة وقت ليس إلا"
نظرت كايتى وراءها للمرة المئة فى الدقيقتين الآخيرتين وحدق إلى المنزل :"ألا يفترض أن يكون قد خرج؟"
حاولت سايدى تهدئتها :"مرت دقيقتين فقط يا كايتى" ثم قالت ممازحة :"أتعلمين ؟ لا أعرف كم دفعت له ولكن لو أشيع أنه معروض للبيع لأرتفع السعر كثيراً"
فأنكرت كايتى بحرارة :"لم أشتره!...حسنا ليس بهذه الطريقة كان ذلك أتفاق عمل ليس إلا"
هزت سايدى كتفيها غير مبالية :"حسناً هل أنت متأكدة من أنكما لم تلتقيا منذ يوم الزواج؟"
"لا أظننى كنت لأنسى"
لا فاللقاء مع نيكوس لايكس يترسخ فى الذاكرة إلى الأبد مثل.....؟
"هذا غريب ! فأنتما لا تتكلمان أو تتصرفان مثل شخصين التقيا للتو.....؟لم تضطر كايتى للإجابة لأنهما فى تلك اللحظة بالذات سمعتا صفارة مميزة ومنتظرة . فراحت كايتى تقفز فى مكانها والدموع تتساقط بصمت على خديها وهى تصرخ :"لقد وصلوا!"راقبت المرأتان سيارة الإطفاء تقف أمام المنزل ويترجل منها عدة رجال.
"هل أخبرتك يوماً عن إنجذابى لرجال الإطفاء ؟"
لاحظت سايدى تعبير كايتى المصدوم فبدت مرتبكة :"حسناً أنت لديك نيكوس .لا يمكنك أن تبخلى علىّ برجل إطفاء"
فأجابت كايتى بحدة :"ليس لدى نيكوس"
"حسناً.ولكن تحلى بروح رياضية كايتى .أنا أحاول أن اتسلى....."أشارت إلى أحد رجال الإطفاء وأكملت:"هذا الرجل يبدو رائعاً...."
لم تعد كايتى تسمعها....ركضت بإتجاه رجال الإطفاء وأمسكت بذراعه وحاولت أن تتكلم....لم يكن الوقت مناسب لتخسر قدرتها على الكلام.لكن رجل الإطفاء معتاد على التعامل مع أشخاص يرتعدون من الخوف,وهالة الهدوء التى تشع منه ساعدت كايتى على النطق .فأشارت نحو نافذة الطابق العلوى وقالت له:"ثمة رجل فى الداخل"
"هل مضى على وجوده هناك وقت طويل ؟"
أبتلعت كايتى ريقها ومررت أصابعها فى شعرها الطويل بدون أنتباه فجعلتها رائحة السخام الصادرة منه تشعر بالدوار.لابد أن هذه الرائحة الكريهة ذاتها تفوح من جسمها كله.أما بالنسبة إلى شكلها....فقالتلنفسها: يا إلهى كم أنا سطحية ! أفكر فى شكلى وسط كل ما يحدث! ثم أجابت الرجل بصوت مرتفع :"لا أدرى....يبدو وكأنها هناك منذ وقت طويل"
أرتعشت شفتاها وفركت وجهها قبل أن تعترف :"إنها غلطتى أظننى تركت المكوأة مشتعلة....عرفت أننى نسيت شيئاً والآن قتلت نـ...نيكوس وألكساندر"
سألها بحدة:"فى الداخل أكثر من شخص؟"
فأتت سايدى لنجدتها وفسرت للمرة الثانية : "ألكساندر هو هرّ" ثم قالت لـ كايتى :"سيكون بخير يا كايتى.لم يبد لى رجلاً يسهل قتله"
"هل هناك طريقة لدخول المنزل غير الدرج"
"هناك سلم طوارئ فى الجهة الأخرى من المنزل" لم تبال كايتى باليد المشجعة التى أحاطت بكتفيها
"يا لى من أنانية !أعدته إلى الداخل من أجل...."بدت شفتاها بالإرتجاف بينما تأملت بخوف نتائج أفعالها.فجأة سُمع دوى عظيم وأنفجرت نافذة غرفة نومها .فمد رجل الإطفاء يديه ليحمى المرأتين من قطع الزجاج المتساقطة ثم قال لهما:"من الأفضل أن تبتعدا قليلاً وتنتظرا سيارة الأسعاف"
رأت كايتى فمه يتحرك وسمعت كلماته .لكنها شعرت بأنها فى حفرة سوداء .شعرت بالضعف
هزت سايدى رأسها موافقة ثم دفعت كايتى إلى الخلف بينما كان رجل الإطفاء الضخم يعطى تعلماته لرجاله وسط الصراخ
نظرة سايدى بقلق إلى وجه صديقتاه النحيل.فقاومتها كايتى وأبعدتها عنها.بينما راحت تنظر بعينين ملؤهما الرعب إلى ألسنة النار البرتقالية اللون المتصاعدة من النافذة .فأقترحت سايدى بلطف:"هيا كايتى!علينا ألا نقف فى طريقهم جارتنا السيدة جايمس تحضر القهوة"
لفت كايتى ذراعيها حول جسمها بقوة وراحت تذرع الحديقة دذهاباً وأياباً.وتحت طبقة السخام التى تغطى وجهها بدا لون بشرتها أبيض كالموتى .قالت:"لقد مات أليس كذلك؟أعنى أن كان فى الداخل لابد أنه مات .أليس كذلك؟ لا يمكن لأحد أن ينجو من هذا الأنفجار"
منتديات ليلاس
هزت سايدى كتفيها بعجز وقالت:"لا أعرف حقاً"
صدر من بين شفتى كايتى الشاحبتين صوت حاد مكبوت قبل أن تتمكن من منعه مما جعل سايدى ترتجف خوفاً عليها
بعدئذ تتالت الأحداث بسرعة جنونية لدرجة أن سايدى لم تعد تعرف ماذا تفعل .فصرخت برجال الإطفاء تذرهم بينما كانت كايتى تركض نحو باب المنزل بسرعة جنونية وكأن الشياطين تلاحقها
لم تكن كايتى لتتمكن من بلوغ الباب فرجلا الإطفاء يقتربان . لكن قبل أن يصلا إليها تعثرت ووقعت وإذا بها تصرخ من شدة الألم فى كاحلها الذى التوى بطريقة سيئة فقالت لنفسها : (هذا ما كان ينقصنى "كاحل ملتوٍ"أو بالأحرى مكسور نظراً للطريقة التى تجرى بها أحداث اليوم!)
مسحت كايتى الدموع عن وجهها دموع الشفقة على الذات ثم عضت شفتها السفلى وركزت جهودها للوقوف على قدميها.
حاولت أن تقوم بخطوة وتنفست الصعداء فكاحلها آلمها ولكنه تحمل وزنها.سارت وهى تعرج نحو شجرة وأستندت إلى جذعها ثم نظرت نحو المنزل
فكرت ملياً ما الذى دفعها للقيام بهذا العمل البطولى.وكأنها قد تفعل شيئاً لا يستطيع رجال الإطفاء القيام به!عندئذ أدركت ما الذى دفعهم لتحول أنتباههم عنها . رجل طويل يظهر من الدخان .فتنفست الصعداء:"الحمد لله"
راقبت بعينين دامعتين المسعفين يتوجهان نحو نيكوس ثم بدا لها أن الضجة القوية تتحول إلى أنين خافت والوجوه المتسارعة تصبح أكثر بطئاً قلبها وحده الذى أستمر فى الخفقان بسرعة حتى أنها كانت تشعر بكل شهيق فى صدرها.رفعت يدها إلى رأسها المخدر وهى تبذل جهداً كلما حاولت التنفس.فقالت لنفسها: ( أن فقدت الوعى الآن سيتهمنى بإدعاء ذلك لأسرق لحظة المجد منه) 
ولكنها لم تفقد وعيها فقد وجد التوتر طريقة أكثر واقعية ليظهر بها .
"أظننى سوف أتقيأ" لم توجه كلامها لشخص معين بل قامت بذلك بصمت ولم يلاحظ الأمر أحد.فقد كان الجميع يحيط بـ نيكوس .أرتسمت على شفتيها أبتسامة ساخطة ولكن راضية بينما أتكأت من جديد على جذع الشجرة وهى تقول لنفسها : (أنه يعرف كيف يحول نفسه إلى بطل...هذا دور وُلِدَ لكى يلعبه.)

نهاية الفصل الرابع
قراءة ممتعة للجميع

زهرة منسية 06-04-12 06:34 PM

الفصل الخامس
 


5- لا تتحدّى القدر
ــــــــــــــــــــــــــــ

منتديات ليلاس

بدا واضحاً أن البطل لم يكن مسروراً بلحظة مجده
"أنا بخير" تبع السعال إعلانه فأفقده مصداقيته.تجاهل النصيحة بالتنفس بعمق وأبعد قناع الأوكسجين الذى كان أحدهم يحاول وضعه على وجهه وأضاف:"لست بحاجة إلى هذا!"
فشرح المسعف بصبر:"لكنك تنشقت الكثير من الدخان"
وبعد بضع لحظات من الجدال غير المجدى توصلا إلى نوع من الحل فقال نيكوس:"أعدك أن أرفقك إن منحتنى بضع لحظات على انفراد مع زوجتى"
أشار نيكوس إلى المرأة الواقفة وحدها فى الحديقة ثم ندم على ذلك لعى الفور لأنها لم تكن بحاجة إلى تعزية على الإطلاق . بل بدت بحال جيدة جداً فأرتجل قائلاً :"أظنها مصلبة بصدومة "
أمل نيكوس أن تشكل إجابته تفسيراً كافياً لواقع أن (زوجته) كانت قادرة على إحتواء سرورها لخلاصه من الحريق.أرتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة ثم هز كتفيه على الأقل هى ليست مدّعية
"حسناً لبضع لحظات فقط...."
منتديات ليلاس
هل وجد الآخرون أنه من الغريب ألا تشارك زوجته فى لجنة الترحيب؟ألا تكون قد أسرعت لترتمى بين ذراعيه فيما دموع الفرح تنهمر على خديها؟لم يفكر نيكوس بهذه المسألة طويلاً.فهو لا يهتم أبداً برأى الآخرين بتصرفاته غير أن تلك الصورة بقيت عالقة فى ذهنه .ليس لأنه يفكر بتأثيرها على الآخرين بل لأن تأثيرها عليه هو ما استحوذ على تفكيره
وبينما كان يقطع المسافة بينهما توردت وجنتاه تحت السواد الذى يغطيهما .وأن ظن من يراقبهما أن اللون ناتج عن النار التى نجا منها للتو فهو مخطئ.
رفعت كايتى ظهرها عن جذع الشجرة ودفعت خصلة شعر كثيفة عن وجهها ثم قالت:"وجدتنى إذاً...."
هز نيكوس رأسه سؤالها جعله يدرك أنها حتى لو لمتفعل شيئاً لجذب انتباهه ففى داخله رادار حدد مكانها منذ اللحظة التى خرج فيها من المبنى .




الساعة الآن 03:58 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية