منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   دمعة في عين القمر (https://www.liilas.com/vb3/t109998.html)

غرور انثى 2010 21-05-09 09:40 PM

وشكر خاص لكل اللى ردو على القصه

ان شاء الله يعجبكم هذا الجزء

تحياتي

mshmshty 23-05-09 04:21 PM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...ccee08f47e.gif

غرور انثى 2010 13-06-09 06:32 PM

الجزء السادس


و اسرع تامر في مشيه قليلا .. وما ان صار على مسافة عشرة امتار منها حتى وجد ان اربعة من الشبان يعترضون طريقها بشكل ينذر بالسوء .. و سمع احدهم يقول لها : دعك من هذا العجوز و تعالي معي يا حلوتي فانا اقدر على اسعادك منه ..
قالت له بغضب: انقلع من هنا ايها الوغد؟
ضحك الاربعة و قال اخر : وقحة و جميلة .. هذا ما احبه .
قال السائق : ابتعدوا ايها المجرمون.
قال احدهم بتحد مستهتر : و ماذا لو لم نبتعد؟ هل ستضربنا؟
و ضحك الاربعة بنزق ..
و هنا وصل تامر فتعلقت به شيرين بخوف قائلة : تامر .. الحمد لله انك هنا.
قال احد الشبان لتامر بقسوة: هذا الفتاة لنا ايها الولد .. اذهب الى امك.
استدار تامر نحوه و قال بهدوء : هكذا ؟
قال الشاب ملحا بسكين بين يديه : نعم هكذا و انصحك بان تكسب عمرك .. البنت لنا .
قال تامر بحزم : وانا انصحك بالابتعاد .
اقترب الشاب الضخم منه حتى لامس وجهه وجه تامر و قال : و ان لم ابتعد؟
و فجأة صدر صوت طلق مكتوم .. و تراجع الشاب بألم و دهشة و هو يضع يده على معدته و الدم يسيل من بين اصابعه ..
و رأت شيرين مسدس تامر يتصاعد منه الدخان ..
و دفع تامر الشاب بقدمه فسقط على ظهره .. و رفع مسدسه نحوه و اطلق سبع طلقات اخرى مدوية على صدر و رأس الشاب الذي تناثر جزء منه بمنظر دموي بشع و جسد الاخير ينتفض محتضرا .. و ادار مسدسه بسرعة صوب البقية المأخوذين و اطلق رصاصة اصابت ترقوة ثان ..
و نفذ رصاص تامر فاسرع يستبدل خزانة الرصاص باخرى مما اتاح للثلاثة مجال الفرار لا يلوون على شيء و المصاب يصرخ برعب ..
و اعاد تامر مسدسه لغمده و قال لشيرين المصدومة : هيا نخرج من هذا العفن .
و سارت شيرين معه كالمنومة مغناطيسيا .. لا .. مستحيل .. هذا حلم ولا شك ..
لم تر من قبل انسانا يقتل امامها هكذا .. لم تر رعبا اشد في حياتها من هذا ..
و قال تامر لها و هي لا تعي ما حولها : اياك يا ملاكي ان تخرجي من جنتك الى مكان اخر .. فكل مكان هو جحيم لا مكان فيه لملاك .. الا ملائكة العذاب امثالي .
و ترك السائق ينطلق بها بسيارته كأن عفاريت الدنيا تلاحقه وهو يجري اتصالاته مع اهلها .. و ركب سيارته و عاد الى منزله ..
كانت هذه الحادثة ما فجر الحرب بين العائلات ..
ففي نفس اليوم كانت عائلة الشاب تطالب برأس تامر الذي اصر انه كان يدافع عن نفسه .. و قالت عائلة الشاب القتيل ان تامر تعمد اعدام الشاب بوحشية بعد اصابته لذا يجب ان يعدم و قالت عائلة تامر ان الشاب لو لم يمت لقتل تامر فور ابتعاده كما ان هناك ثلاثة اخرين كانوا مستعدين للفتك به لذا كان الموقف دفاعا عن النفس..
و عرضت عائلة تامر دية للقتيل لكن العائلة الاخرى اصرت على موت تامر .. و من هنا بدأ الصراع و تعددت الاصابات و اختلفت الاهداف من الحرب كلية ..
و لم تنس عائلة الشاب ان شيرين كانت ضمن الحدث لذا طالبت بها فهبت عائلتها لتدافع عنها و وجدت انها مضطرة للتحالف مع عائلة تامر ضد تلك العائلة الكبيرة مما صنع توازنا في القوى يميل قليلا جدا لصالح حلف العائلات المكون من عائلة تامر و عائلة شيرين و عائلة ميساء قريبة تامر ..
العائلات عادة تتكون من الاف من الافراد و تملك موارد غزيرة و مناصب في الدولة و محامون و تمتد العائلات الى كل فروع الدولة مما اعطى الصراع ابعادا متشعبة و جعل احتواء المشاكل امرا عسيرا للغاية حتى على الدولة ..
فكل حدث يقيد ضد مجهول و كل من يعتقل تهب لجان محاماة لاطلاق سراحه ولا احد يترك دليلا خلفه عند العمل ضد الاخر ..
امر معقد يستعصي على الشيطان !!
و هكذا وجدت المدينة نفسها في صراع يلتهم خيرة شباب و مقدرات اكبر عائلاتها و لم يكن بالإمكان لبقية العائلات الا تحاشي الصراع و حماية نفسها ..
و حاولت الدولة ارسال فرق امن كثيرة لكن الصراع لم يزل .. بل تحول الى ضربات خاطفة سريعة مخططة جيدا بحيث تنسب الى مجهول كل مرة عدا حالات قليلة و حتى في هذه الحالات القليلة لا يكاد احد يبقى في السجن بعد تدخل جهات عليا و ضباط و محامين و ما الى ذلك .. كان الامر كأنه صراع المافيا في الثلاثينات ..
و تنهد تامر قاطعا ذكرياته بنفسه هذه المرة و رفع عينيه يتأمل رواد المكان .. يحسدهم على حياتهم الهادئة البسيطة الخالية من المشاكل .. لماذا لم يكتب له ان يعيش مع شيرين بمكان بعيد هادئ لبقية العمر؟ يتمنى ذلك .. يتمناه من كل قلبه الجريح ..
اه لدنيا ليس فيها شيرين .. تكون خرابا و لو كانت مرتعا للغيد الحسان ..
و نهض تامر من مكانه و راح يتمشى حتى وصل الى قرب جدول رقراق يجري بهدوء و الاسماك تلعب داخله مختطفة قطع الخبز او طعام الاسماك مما يلقى لها من قبل العمال المكلفين بالاشراف على المكان ..
و سرح ببصره في الماء و الاسماك و الحصى مجترا ذكرياته من جديد..
كانت علاقته مع ميساء تتدهور يوما عن يوم رغم انه كان يقوم بواجباته نحوها على اتم وجه .. لكن معرفتها ان قلبه ليس لها كان يجعل حياتها جحيما لا يطاق ..
و كانت عندما يفيض الكيل بها تخرج للترفيه عن نفسها حتى تتناسى ما تعيشه من عذاب داخلي مرير ..
و كان تامر يتألم لها كثيرا و يحاول ان يتجنب الصدام معها .. لكن كانا كمن صنع من بارود تكفي اية شرارة صغيرة لتفجيره ..
ثم اتى ذاك اليوم المشؤوم ..
كان يومها قد خرج لاصطياد احد عتاة العائلة الثانية ممن آذوا عائلته بعد ان وردته معلومات مؤكدة عن مكان وجوده ..
كانت غارة غير مجدية اذ لم يجدوا الشخص المطلوب و اشتبكوا مع عدد من رجال العائلة الثانية بشكل كاد يتحول الى كارثة لولا ان اسرع هو و من معه بالانسحاب ..
و عندما رجع منزله لم يجد زوجته فظن انها خرجت كالعادة للتنزه ..
لكن ما ان استقر في مكانه حتى اتته مكالمة من مجهول تقول ان زوجته رهينة و ان عليه ان يدفع نصف مليون دولار فدية لها و ان يحضر النقود بنفسه و ان لا يبلغ الشرطة و حددوا له مكانا هو قلعة اثرية سياحية على تخوم المدينة ..
و جن جنون تامر .. و اسرع يستدعي مراد و عرض عليه الامر و على والده ايضا ..
و قال مراد : الامر واضح .. انه كمين لقتلك انت يا تامر ..
قال الوالد : بقلق: كيف؟
قال مراد : لاحظوا انهم اتصلوا على تامر مباشرة .. هم يعرفونه و يعرفون ان ميساء زوجته و يعرفون رقم تامر .. و هناك الخبر الكاذب عن ذاك المعتوه من العائلة الاخرى .. كان الهدف ابعاد تامر عنم المنزل .. و بما ان زوجته تخرج عادة للتنزه لذا لا بد انهم رصدوا حركتها و ابعدوا تامر عن المنزل كي لا يهب لنجدتها و اختطفوها عندما ابتعدت عن المكان .
قال تامر : ماذا نفعل .؟ هل اذهب لهم الى القلعة؟
قال مراد : غبي .. اية قلعة؟ لن تجد هناك الا كمينا يقتلك و يتقاسم رجاله ما تحمل من نقود مكافئة لهم على عملهم .. فكر بعقل .
قال تامر فجأة: الخبر .. من احضر لنا الخبر عن وجود القاتل لا بد انه مدسوس و سيكون الخيط الذي نتوصل عبره لميساء .
و فورا اجرى الوالد اتصالات ثلاث برجاله و حدد لهم الهدف ..
و قبل مضي ساعتين كان الرجل مقيدا في قبو سري بمنزل تامر و مراد يشرف على التحقيقات معه ..
ولا داع للقول ان التحقيق كان قاسيا و وحشيا ..
فكل اساليب التعذيب الوحشية التي تعرفها عزيزي القارئ و ما قد يخطر ببالك لهو مداعبة رقيقة لما تعرض له المسكين قبل ان يبوح بكل ما يعرف من معلومات سواء طلبوها منه ام لم يطلبوها ..
كان المكان الذي احتجزوا به ميساء حصينا بحق .. فهو مزرعة شاسعة تمتلكها العائلة الاخرى تقع في الارياف و يحيط بها ضور مكهرب مزدوج له ابراج حراسة كمعسكر جيش و حول السياج مساحات مكشوفة و يمنع دخول أي غريب الى المزرعة التي يوصل لها طريق واحد طويل لا يسمح بدخوله الا لسيارات العائلة فقط و يتم التأكد منها في اول الطريق و وسطه و اخره عبر ثلاث نقاط تفتيش محروسة بشدة و أي سيارة تقترب من خارج الطريق ولو بشبر يتم استهدافها حالا هذا عدا عن دوريات الحراسة طوال الليل و النهار التي تحوم حول المزرعة .. و داخل المزرعة و بين الاشجار كلاب حراسة مدربة شرسة تهاجم كل غريب لا يرتدي زي الحراسة المميز الذي لا مثيل له خارج المزرعة و يسير كل خمسة حرس معا و يمنع سير حارس منفردا خوف استيلاء احد على الزي فيما لو وصل بمعجزة للمزرعة .. و المبنى الرئيسي للمزرعة فيلا شديدة التحصين لها باب واحد فقط عليه كاميرات حراسة و جهاز كشف معادن و يحرسه اربعة رجال ..
و دون اطالة اكثر كان المكان مستحيل الاقتحام بلا شك الا لفرق الجيش و الصاعقة بحرب مباشرة و غطاء جوي ..
و بسرعة التم شمل كبار العائلة و معهم تامر و مراد و راحوا يرسمون خطة انقاذ ميساء ..
نظرا لبعد المسافة و قياسا للوقت الذي مضى منذ شاهد اخر شخص ميساء و الوقت اللازم لخطفها و الانطلاق بها بسرعة الى المزرعة مباشرة و بفرض عدم وجود اية معوقات لا بد انه ميساء ستصل المزرعة خلال نصف ساعة تقريبا ..
أي انها الان على الطريق ..
و هذا يعني انهم لم يمسوها بسوء بعد فلا يجرؤ احد من الرجال العاديين على ذلك قبل ان تصل الى الرؤوس الكبيرة التي يمكنها فعل كل شيء فالوليمة للكبار لا للصغار ..
وهذا يعني ان يسرعوا هم بالتحرك قبل ان يفقدوا زمام الامور ..
و اقترح مراد خطة جريئة جدا ..
الهجوم الجوي ..
و راح يشرح خطته بسرعة و تفصيل ناظرا لساعته بقلق .. و حالا اصدر الكبار اوامرهم باستئجار فوري لخمس طائرات مروحية و اعطى مراد رجاله تعليمات سريعة حول المعدات و المواد المطلوبة فورا للعملية ..
و لأهمية الامر كانت الطائرات تقلع خلال نصف ساعة أي في الوقت الذي كانت به ميساء تصل الى مدخل المزرعة مكممة الفم و اليدين و لحسن حظ تامر ان نقاط التفتيش و التدقيق عن البوابة اكسبه دقائق ذهبية .. و زاد عليها دقائق ماسية اخرى تركهم لميساء في حقيبة السيارة لدقائق اخرى كي تتعذب ثم فتحوا الغطاء و اخرجوها بقسوة و جروها من يديها نصف فاقدة للوعي الى مدخل الفيلا حيث القوها هناك .. يمنع عليهم دخول الباب اطلاقا و الا اطلق الحرس و القناصة عليهم النار حالا ..
دقائق اخرى مرت قبل ان يفتح الباب و يصل رجل قاسي الملامح للباب و فتحه ناظرا بازدراء الى ميساء و ان لم يخف اعجابه بجمالها على رجاله ..
و قال بعد قليل لرجال كانوا معه .. انقلوها للقبو حالا و احكموا اجراءات الامن ..
قال احدهم بابتسامة : و هل يقدر احد على الدخول حتى نحكم الاجراءات؟ ..

غرور انثى 2010 13-06-09 06:33 PM

قاطعه الرجل صارخا به : نفذ ولا تناقش .
ارتجف الرجل متراجعا قبل ان ينقض و من معه على ميساء و يجروها جرا الى القبو دون ان يعترض الرجل على قسوة المعاملة .. انها زوجة تامر عدو عائلته اللدود ..
لقد ان اوان حسم الصراع ..
و فيما كان الحرس يغلقون القبو كانت اربع طائرات مروحية تتجه صوب المزرعة بهدير عال جذب انظار الحرس .. و تجاوزتهم الطائرات متجهة صوب المزرعة و كانت تحمل شعارات عسكرية المظهر .. لقد احسن رجال مراد اختيار الطائرات ..
و هذا جعل الرجال يترددون بالتصرف حتى تصلهم التعليمات ..
و كان الطابع العسكري للطائرات قد اربك القادة فظنوا انها مجرد طائرت تتجه الى مكان ما و تمر بالصدفة من هنا ..
و لكن ظنهم خاب فما ان وصلت الطائرات الى فوق الفيلا حتى صنعت دائرة تدور بعكس عقارب الساعة و راحت تمطر الحرس بالرصاص و القذائف و قنابل الدخان المدمع و الملون بكثافة شديدة ..
و انطلقت رصاصات الحرس ..
و اشتعل الجحيم حول المزرعة بطريقة جنونية .. و اوصدت ابواب الفيلا بقوة و اعتلاها الحرس لكن الطائرات اردتهم برصاصاتها السريعة ..
و اصيبت طائرة و تعالى منها الدخان فهبطت بسرعة كالنيزك صوب السور الشرقي و تحطمت ..
و لكن الطائرات الثلاث الاخرى لم تتوقف و راحت تغير مسار حركتها و اسلوب عملها ..
و في ذلك الوقت كان تامر و مراد ينسلون بين الاشجار داخل اسوار الفيلا بعد ان تعمدوا اظهار اصابة الطائرة و اخفاهم الدخان وهم يقفزون داخل اسوار الفيلا تاركين الطائرة تتحطم خارج السور ..
كانوا خمسة رجال لا اكثر ..
كانت كلاب الحراسة تعوي بالم من تأثير الغاز المسيل للدموع و الحرس يجرون لا يكادون يرون ما امامهم و سرعان ما كان الخمسة يرتدون زي الحرس و يستولون على معداتهم و يخفون اسلحتهم داخل الجعب العسكرية للحرس و يضيفون لها ما حملوه معهم من معدات و متفجرات كان الامر مخططا بدقة ..
و اخفى صوت المعركة صوت رصاص الخمسة وهو يفتك بمن يقابلهم من حرس ..
و بتوقيت جميل انطلق صاروخ مضاد للدروع اصاب باب الفيلا فنسفة بعنف شديد ..
و اقتحم الخمسة الباب .. لا داعي للتخفي بعد ان وصلوا للفيلا .. و امسك مراد احد الخدم و صرخ به : اين الفتاة ؟
نظر الخادم حوله برعب
فقال تامر : لا تخف من احد .. لقد قتلنا سيدك و كل رجاله فلا داعي للخوف منهم .. هل ستتكلم ام تحلق بهم؟
كان لتواجدهم داخل الفيلا و عدم ظهور احد و التهديد اثره في نفس الرجل الذي قال برعب باك : انه هناك ..هذا الباب الخشبي الاسود في اخر الصالة .. و هو مزود بجهاز انذار و اخر للامان لتفجير القبو اذا ما اقتحمه احد عنوة .
سأله مراد : و هل يمكنك دخوله ؟ هيا اخبرنا لكي نتركك بسلام .. انت رجل طيب.
انتعش الامل بنفس الرجل فقال بأمل : نعم .. ما عليك الا ان تدخل رقم 3476578 على لوحة الارقام لا اكثر .. انا اعلم هذا لأنني نظفت القبو اليوم و لم يغيروا بعد نظام الامن .
اسرع احد الرجال يدخل الرقم فانفتح القبو و بقي رجلان من الخمسة خارج القبو للحراسة و اخذ مراد و تامر و الرجل الثالث الخادم و دخلوا القبو عبر درج طويل حتى وصلوا الى مكان فسيح قيدت فيه ميساء على مقعد معدني و حولها اسلاك متصلة بقابس كهربائي قريب و عبوة متفجرات ملصقة بالجدار الجنوبي يمتد منها سلك الى السقف و يختفي ليظهر طرفه عند حلق الباب ..
و اسرع تامر يفك وثاق ميساء بحذر و يحملها خارج دائرة الكهرباء التي يبدو انها وضعت للسعها بالكهرباء كلما تحركت على سبيل التعذيب ..
و اسرع الثلاثة يصعدون للاعلى ..
و حين وصلوا الى ما يقرب من اخر الدرج سمعوا صراخا و اطلاق نار كثيف .. لقد وصل الحرس و اشتبكوا مع الحارسين ..
و اسرع الكل يخرج من القبو قبل ان يغلق اليا و يحبسهم فيه ..
و تطاير الرصاص من حول تامر و ميساء و مراد و الرجال الذين احتموا بقطع الاثاث الفاخر و تحولت الصالة الى حطام و دخان .. و استطاع فريق تامر القضاء على المقتحمين و هم ثلاثة في حين اصيب اثنان من الخمسة .. و اسرع مراد يرسل اشارة الى الطائرات فراحت تطلق المزيد من الرصاص و القنابل و الدخان و تركز حول المدخل بغية تغطية عملية الانسحاب ..
و نزلت طائرة بجرأة الى مدخل الفيلا فاندفع الكل يجرون الجرحى اليها و القوهم داخلها و معهم ميساء المرعوبة لدرجة انها لا تقدر على الصراخ ..و صعد حارس معهم و حلقت الطائرة تاركة مراد و تامر في الساحة لاتمام العمل .. يجب انهاء الامر ..
و راح تامر و مراد يزرعان ما حملاه من الغام موقوتة في الفيلا الخالية التي فر ساكنوها عبر سراديب خاصة عند الاقتحام تاركين امر المهاجمين للحرس ..
و انتهيا من ذلك و بقي امر الانسحاب .. ولكن ..
و اه من كلمة لكن .. انها تقلب كل الموازين عادة ..
فقد وصل للمكان ثلة من الحرس الذين توافدوا من كل حدب و صوب الى الفيلا .. و انطلقت رصاصات ثقيلة صوبهما مما اجبرهما على الاحتماء بالمدخل المتهدم للفيلا ..
و راحا يطلقان النار بكل اتجاه ..
و كانت طائرة تصاب و تتحطم هذه المرة اثر الرصاص المتفجر الذي يطلقه الحرس الوافد من خارج المزرعة ..
و نظر مراد لساعته بقلق .. لم يبق وقت لتفجير الفيلا .. و لا مجال لتعطيل المتفجرات .. و نظر لتامر نظرة ذات معنى .. لا بد من المجازفة .. و اصدر اشارة خاصة للطائرات .. و اندفع كلاهما مطلقين النار بكل اتجاه ..
و قبل ان يبتعدا عن المكان شعر تامر بعمود من النار مختلط بصفير حاد يضرب الجهة اليسرى من رأسه و هيء له انه سمع صوت انفجار مكتوم خلفه و غامت الدنيا امام عينيه وهو يشعر بالم ممض لا يدري اين موقعه .. وشعر بعجز عن الحركة و انه مستلق على الارض .. و تبدل المشهد امامه بعد قليل الى غشاوة كاملة و هو يسمع اصواتا مختلطة حوله لا يدري ما تكون .. ثم لا شيء .. ثم بدأ صوت يتسلل الى اذنيه كما الحلم الثقيل .. ثم لا شيء .. ثم اصوات اخرى لفترة ثم فتح عينيه ليجد انه في غرفة ما و اطرافه ثقيلة كالرصاص و شخص غريب يقف فوق رأسه .. ثم غاب المنظر ..
ثم استطاع ان يميز صوتا مألوفا يتحدث الى شخص ما بكلام لم يميزه ابدا ..
كان يشعر بصداع جارف و لا يقدر على فتح عينيه ..
و بعد فترة بدا يستوعب ما يحصل حوله نسبيا و بدأ الحديث المتداخل يتوضح تدريجيا .. و ميز الصوت المألوف يقول : .. في المنزل لذا يجب ان ننتظر .
و فتح تامر عينية ليرى مراد بجانبه فقال بتراخ شديد: ماذا حصل؟ اين انا؟ اشعر بالم في رأسي .. اريد ماء .
قال مراد مبتسما : حمدا لله على سلامتك يا بطل .
نظر اليه تامر بضعف و تهالك على فراشه لكن لم يغب عن الوعي بل اغمض عينيه و قال بصوت ضعيف : ماذا حصل لي؟ اين انا ؟
نظر مراد الى الطبيب بصمت قلق فقال الاخير بهدوء ممسكا نظارته : الضربة على جانب الرأس افقدته جزءا من ذاكرته او هي اضعفته لدرجة شديدة و لن يتذكر تقريبا كل ما مر به منذ عام و حتى الحادث الا بشكل مموه جدا عديم القيمة .
قال مراد : و متى يمكن ان يستعيد ذاكرته؟
مسح الطبيب نظارته و لبسها قائلا :سيستغرق ذلك زمنا .. ربما سنوات او اشهر .. لكن ليس بسرعة .. يجب ان تلتئم الخلايا المصابة و الادوية ستساعد جدا في تحسن حاله على ان يتناولها بانتظام و ان يعطيه من حوله الجو المناسب المريح .
و سمع مراد يقول و قد بدا تامر يحس بثقل رأسه : هل من امل بسرعة الشفاء؟
قال الطبيب باهتمام : ربما اذا استطعتم ان ..
و هنا ثقل سمع تامر و غاص في نوم عميق افاق منه و لا احد حوله الا ممرضة تقوم بعمل ما في زاوية الغرفة و الظلام النسبي يحيط به ..
فعاد يغلق عينيه بارهاق .. ماذا حدث؟ ماذا اصابه؟ لماذا هو هنا؟ لا يدري .. حقا لا يدري ..
لم يكن يذكر شيرين التي ابعدت اصلا عن نظره ...
لم يكن يذكر حبه الكبير و العميق ..
لم يكن يذكر الحرب التي اشعلها بيديه من اجل كرامة شيرين ..
لم يكن ذكر كم قتل و كم دمر للعائلة المنافسة ..
لم يكن يذكر الضربة القاصمة التي دمر بها مع مراد و رجالهما مقر العائلة الاخرى و قضى بها على اغلب القادة و الرجال و كاد يلقى بها مصرعه ..
كان هناك فراغ غريب في ذهنه مليء بصور و كلمات و مشاهد مشوشة ..
وهو الان لا يقدر ان يستخلص منها شيئا ..
سمع الطبيب يتحدث عن فقدان جزئي للذاكرة ..
سيحاول ان يلملم شظايا الذكرى ..
سيحاول ان يعرف ماذا حصل ..
الطبيب قال انه .. ماذا قال؟ ..
مراد ايضا قال ..
مراد لا يعمل مع الطبيب ..
و الذاكرة ستساعد الادوية على السنين ..
و الممرضة ستشفى لاحقا من الضربة على رأس الحادث .. و ..
و غاب عن الوعي .
استمر هذيان تامر كما عرف لاحقا نحو شهر كامل ..
كانت الضربة قد اثرت بشكل سيء على دماغه رغم انها لم تتلفه ..
المواد الناتجة من الطلقة الحارقة دخل جزء منها في رأسه عبر الاصابة مما اثر على مخزون ذكرياته و عمل الخلايا العصبية لديه ..
و كانت حالته تتحسن مع مرور الايام حتى جاء يوم كان تامر فيه يرتدي ملابسه استعدادا للمغادرة ..
ستة اشهر و نصف قضاها ما بين الصحوة و الهذيان ..
ستة اشهر لم ير خلالها الا الاطباء و مراد و ميساء و والديه و شقيقاته الثلاث ..
لم يكن يسمح لمخلوق اخر بالوصول اليه تحسبا للمفاجئات و كان يتم نقله بشكل شبه يومي من غرفة لأخرى عشوائيا و يتم افراغ الغرفة الجديدة من قاطنيها فورا باشراف الاطباء ..
انتهت الحرب العائلية تقريبا ..
و لم يبق الا قلاقل بسيطة هنا و هناك من فلول الاسرة المنكوبة ..
لكن الحذر واجب ..
و سار تامر بين اهله و رجاله عبر ممرات المستشفى مغادرا ..
كان يشعر بالغربة ..

غرور انثى 2010 13-06-09 06:35 PM

ستة اشهر تغير بها الكثير من حوله في مدينة تجري بسرعة الريح ..
كان كمن يولد مرة اخرى ..
و جلس تامر قرب مراد في السيارة و معهما رجال و الاب و الام بسيارة اخرى و معهم رجال و الشقيقات بسيارة لوحدهن مع وصيفة و مربية ..
هكذا تعلموا ..لا تضع كل البيض في سلة واحدة ..
و انطلق الركب عبر الشوارع و تامر يتأمل المدينة بصمت ..
و في الشارع الموصل لمنطقتهم كان مراد ينطلق بهدوء ..
و نظر تامر الى مدخل شارع جانبي .. و سأل مراد فجأة: اليس من المفروض ان نمر من هذا المدخل يا مراد؟
التفت مراد بسرعة نحو المدخل .. كان الشارع الذي يمر من امام منزل شيرين..
و صمت مراد ثم قال باقتضاب : لا.
قال تامر : لكني اشعر اننا يجب ان نمر من هناك.
قال مراد : دعك من المشاعر هذه .. ها قد وصلنا .. حمدا لله على السلامة .
و اتجه مراد بالسيارة الى منزل تامر ثم اوقف مراد السيارة في باحة المنزل الواسعة الفخمة و نزل مشيرا لرجاله اشارات يعرفونها جيدا ..
و نزل تامر بهدوء ناظرا للمنزل .. لقد اشتاق له كثيرا ..
و اتجه الى المنزل برفقة اسرته التي احاطت به ..
و دخل المنزل ليجد الخدم بانتظاره مرحبين و قد زينوا المنزل ..
ووجد كبار العائلة و عشارت الضيوف ايضا في الصالة الكبيرة ..
كانت حفلة استقبال رائعة ..
كلهم يعرفهم .. لكن .. متى تزوج ميساء؟
لا يذكر .. لكنه لم يرفض امر زواجه منها فهي جميلة جدا و يعرفها منذ صغره ..
ذات يوم سيعرف .. لن يكذب كل الناس عليه .. اذن لا بد انه تزوجها حقا ..
لكن لماذا لا تبدو سعيدة جدا به؟ هل تكرهه؟ هل تزوجها رغما عنها ؟ لا يدري ..
و في وقت متأخر صعد تامر الى غرفته و جلس هناك ..
اه لذاك الصداع .. و نظر الى ركن ما من الغرفة ..
لم يكن يدرك ان اهله ازالوا كل شيء يمكن ان يذكره بشيرين من غرفته ..
لكنهم لم يكونوا يعرفون الكثير عن ذكريات تامر ..
و نهض تامر الى ذلك الركن و ازاح الستار عن لعبة اتاري لها سرجي حصان ..
جميلة هذه اللعبة .. ترى من اتى بها ؟ لا بد انها هدية من احد اقاربه ..
و جلس على احد السرجين .. و شغل اللعبة و راح يدير اللعبة و يلعب المراحل .. كانت ذات خمسة مراحل صعبة و يجب اصطياد زعيم العصابة في اخر مرحلة ..
لا يدري لماذا يحس انه يرى عينان زرقاوان رائعتان و شعر اشقر يطلان من وراء كل مرحلة .؟ ذهنه مشوش جدا .. ما قصة العيون الزرق و الشعر الاشقر؟ لا بد انها فتاة ما من اللعبة .. في طفولته لعب هذه اللعبة لكن بطريقة اخرى ولم تكن بها فتاة شقراء و عيونها زرق .. لا يدري .. لا يرى وجها بل عيونا زرقا و شعرا اشقر بشكل باهت جدا ..
و ترك اللعبة و اتجه الى سريره و نام ..
و كان نومه هادئا لكنه يرى خلف الافق دوما من بعيد شعرا اشقر و عيونا زرقاء ..!!
في الايام التالية كان تامر يقوم بجولات مع رجال العائلة و مراد لا يفارقه بغية حمايته ..
كان يريد استعادة صفاء ذهنه قدر الامكان ..
كان يدهشه انه في كثير من الاماكن يحس بالفة و اطمئنان عجيبان ..
لماذا هذه الامكان تثير شيئا ما في كامن في اعماق مكان مظلم في عقله ؟
ماهو هذا الشيء؟
هل حدثت هنا صراعات ؟ لا .. ليس الامر هكذا..
هل كانت اماكن مفضلة لديه مؤخر؟ لا .. طوال عمره يفضل نمطا لا يتغير من الاماكن ..
اذن ما قصتها ؟ ..
لقد تزوج ميساء كما علم من اهله .. اذن ربما كانت هذه اماكن كان يلتقي معها فيها ..
تفسير منطقي جدا لولا امور اخرى ..
الشارع الجانبي .. الشعر الاشقر مع العيون الرزق .. تعامل ميساء معه و الذي به نفور من نوع ما لا يدرك له سببا..
لا شك ان هناك امور كثيرة نسيها و سيتذكرها بمساعدة الاهل ..
سيضطر لترك عقله لأهله كدفتر ابيض يكتبون فيه ما يريدون .. ما يريدون فقط ..
لكن لا بد للاسطر الممحية ان يظهر لها اثر ما ..يوما ما ..
لم يكن تامر غبيا ..
كان يدرك ان تعلقه بالاماكن لا يمكن الا ان ينشأ عن حب عنيف قوي راسخ..
ولا يستغرب ابدا ان يكون اخيرا ق وقع في حب ميساء ..
فهي اجمل بنات عائلتها على الاطلاق ..
و يعرفها منذ المراهقة .. و علاقتهما طوال العمر قوية جدا لكن لم تصل لدرجة الحب..
ربما تطور الامر فجأة و صار حبا .. والا فكيف صارت زوجته؟
لا تفسير اخر سوى انه احب ميساء و هذه الاماكن كانت لهما فيها ذكريات ما ..
اذن ميساء حبيبته ولاامر اخر و سيعيش مع هذا الواقع الجميل ..
يحيره اصرار عقله انه يجب ان يمر من ذاك التفرع في الطرق .. و الشعر الاشقر و العيون الزرق و ضيق ميساء ..


الساعة الآن 10:57 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية