منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   182 - على حد السيف - مارغريت روم - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t150437.html)

نيو فراولة 28-10-10 10:57 PM

لم تدرك روزالبا نوايا أبريل أتجاهها ألا بعد فوات الأوان , فقد أمسكت بمرفقها ودفعتها بقوة نحو السلالم وهي تقول :
" يا لك من فأرة صغيرو ضعيفة ! أنظري أمامك وورائك لتشاهدي بنفسك مدى سلامة هذه السلالم وبساطتها ! هل تشاهدين تلك الطفلة الصغيرة التي تنزل وحدها , وبأسرع من معظم الكبار , فيما أنت متعلقة بذراعي وكأنك تساقين ألى الجلاد؟".
سيطرت روزالبا على أعصابها قليلا , بمجرد وصولها ألى أسفل السلم ووقوفها على أرض صلبة , ثم تطلعت نحو أبريل محمرة الخدين خجلا وقالت لها بصوت مرتجف:
" أنا آسفة جدا , لا شك في أنك تحتقرينني الآن كثيرا , بسبب سخفي وغبائي!".
أجلساها أبريل على مقعد قريب , وقالت لها:
" أرتاحي قليلا هنا , فقد كنت على وشك الأنهيار , أعذريني على قساوتي وكلماتي الجارحة , ولكنني شعرت بأنفعال شديد عندما رأيتك تجعلين من نفسك هدفا لسخرية الناس وتندرهم , على أي حال , لا يجوز تحميلك مسؤولية هذه التصرفات , فمعظم اللوم يقع على عاتق والديك , الذين وضعاك في مدرسة للراهبات ثم أصرا على أن تعملي معهما في محل الحلويت ...... عوضا عن رميك في بحر الحياة لتختلطي مع من هم في سنك ويفكرون مثلك , ربما كان خالي مخلصا جدا في تبنيه عادات البريطانيين وتقاليدهم وطرق عيشهم , ألا أنه ظل في أسلوب معاملته لك صقليا مئة في المئة , أنت بالتأكيد طائر يحلق مختلفا جدا عن بقية سربه , وعجوز في جسم شابة , سأبذل ما بوسعي من جهود للعمل على ترميم الأضرار التي ألحقها بك والدك من غير قصد , ولكنني لن أتمكن من النجاح ألا أذا قررت أنت التعاون معي ألى أقصى درجة .
منتديات ليلاس
ثم أبتسمت وختمت محاضرتها بالقول :
" لدينا أسبوعان فقط , فتخلي عن عقلية العشرينات أو الثلاثينات من هذا القرن وأعملي على اللحاق بسربك دونما أي تردد أو تأخير !".
أرادت روزالبا في بداية الأمر التصدي لأبنة عمتها والدفاع عن والديها , ولكنها أختارت الصمت كعادتها..... لتجمع شتات أفكارها وتحاول تحليل آراء قريبتها , وعندما ظلت على صمتها المطبق لدى وصولهما ألى المطار وصعودهما من ثم ألى الطائرة المتوجهة ألى باليرمو , تذكرت أبريل لقاء عائليا جرى قبل بضع سنوات والحديث القصير الذي أجرته مع أمها على أثره مباشرة , قالت لها آنذاك , منتقدة أبنة خالها:
"ليست طبيعية أطلاقا تلك الطريقة التي تعزل فيها روزالبا نفسها في أحدى الزوايا , وتجلس ساعات دون التفوه بكلمة واحدة! وحتى عندما يتحدث أليها أحد , فأنها لا تجيب ألا بجمل قصيرة مقتضبة.... أو بكلمة واحدة فقط , وعليه , فليس من الغرابة أبدا أن يتجاهلها الآخرون , أنا شخصيا أنسى في كثير من الأحيان أنها موجودة , أو أنها ليست تمثالا مثبتا في هذه الزاوية أو تلك!".
عاتبتها والدتها حينئذ بلهجة جافة , متمنية لو أنها تتمكن من التصرف مثل أبنة خالها , وعندما لاحظت الأم أن أبنتها تتحدث بأهتمام جدي ومخلص , قالت لها بهدوء وحنان:
" أنتما من طبيعتين مختلفتين , يا عزيزتي , على الرغم من روابط القربى القوية التي تجمع بينكما , أنت تحبين أن تكوني محور الأهتمام والأنتباه , في حين أن روزالبا تحب العزلة والأنفراد , ولكنها شابة سعيدة وصمتها نابع من سكينة الروح , التي لا ينعم بها ألا ذوو الضمائر المرتاحة والصفات الحميدة , أدرسي شخصيتها جيدا , فتجدين أنها تبدي أهتماما أيجابيا وكليا بكل ما يقال لها وحولها , قد تكون بخيلة في كلامها , ألا أنها بالتأكيد كريمة جدا في أبتسامتها الرقيقة العذبة , صدقيني , أيتها القلقة الصغيرة , أن روزالبا تستحق الأعجاب والتقدير وليس الحزن أو الشفقة.... لأنها ولدت ولا تزال تعيش في جو من الحنان والطمأنينة يضحي الكثيرون بثروات طائلة للحصول على مثله أو بعضه .
أنطلقت الطائرة النفاثة بسرعة على مدرج المطار وأقلعت بقوة نحو الفضاء الفسيح ,فلاحظت أبريل أن روزالبا أغمضت عينيها وقطبت حاجبيها وأمسكت بذراعي مقعدها بعصبية وتوتر واضحين , سالتها عما أذا كانت بخير , فأكتفت بهز رأسها أيجابا ..... لأنها صممت على مواجهة الخوف بشجاعة وعزيمة , لن تكون جبانة بعد الآن! قالت لنفسها معاتبة مؤنبة :
" أذا أردت التخلي من الآن وصاعدا عن حياة الآلام الوهمية , فما عليك ألا أيجاد الشجاعة الكافية لأمساك كل ثور يهاجمك بقرنيه ويرميه أرضا ... عوضا عن الهرب منه والأختباء في ملاجىءعيدة ومحصنة!
فتحت روزالبا فمها لتقول لأبنة عمتها أنها كانت على صواب في كل كلمة قالتها في محطة فكتوريا , ألا أنها سمعت في تلك الآونة قائد الطائرة يقول للمسافرين بلهجة شاعرية عبر مكبرات الصوت الصغيرة :
" أيها السيدات والسادة , نحن الآن على أهبة الوصول ألى وجهتنا , أذا نظرتم ألى الخارج , ستشاهدون باليرمو ....... المدينة الجميلة التي تنتشر كمجموعة من اللآليء الثمينة بين أصداف من الجبال العالية ".
باليرمو! هل ستصبح هي بأختيارها أو رغما عنها , مثل تلك المدينة الساحرة , حبيسة الأصداف الذهبية؟

زهورحسين 29-10-10 01:11 PM

ياسلام00ياسلام00
روووووووووووووووووووووعة0000
:55::flowers2::55::7_5_129::55:

نيو فراولة 29-10-10 06:38 PM

3- الرجل الغامض

أقتربت أبريل من أحد الضباط المسؤولين عن جوازات السفر , وهي تحمل جوازها بيد وحقيبتها الصغيرة باليد الثانية , وفيما راح الرجل يقارن بين وجه أبريل وصورتها للتثبت من صحة الوثيقة التي تحملها , ويتأكد بعد ذلك من صلاحية الجواز لفترة غير قصيرة , ومن ثم يطبع على أحدى صفحاته الأخيرة أشارة الدخول , أحست روزالبا بأن الدماء تجمدت في عروقها خوفا من نظراته القاسية وملامحه الشرسة .
وعندما جاء دورها , أعطته جوازها بيد مرتجفة وأعصاب متوترة , ولما فتح الضابط جوازها وقارن بين الصورة ووجه صاحبتها , بدأ يتفحص كافة التفاصيل المذكورة على الجواز بدقة وعناية بالغين , وما أن أشار الضابط ألى شخص وراءها , دونما أي أيضاح أو أستفسار , حتى أحست روزالبا بتسارع ضربات قلبها وأزدياد أرتجاف جسمها , وفيما أخذ الرجل الآخر جوازها وراح يدرسه بهدوء وروية , غير آبه بتململ المسافرين الآخرين الذين يقفون صفا طويلا وراء روزالبا , شعرت حفيدة الكونت روسيني بالعرق يتصبّب من جبينها .
أنّبت نفسها على هذا التصرف اللامنطقي , لأنه ليس لديها أي شيء تخافه ولا داعي بالتالي ألى مثل هذا التوتر , ومع ذلك فقد أرعبها الرجل الأسمر الطويل القامة والمفتول العضلات الذي لا يرتدي أي زي رسمي , قد لا يكون أحد المسؤولين في المطار , ولكنه بالتأكيد رجل ذو نفوذ قوي , ماذا أوحى لها بذلك ؟ هل هي الطريقة التي يحرك بها رأسه , وتدل على هيبة وقوة شخصية , أم هي تلك النظرات الحادة التي تنطلق كالسهام القاتلة من عينيه الكبيرين السوداوين ؟ أنهى الرجل تفحصه لجواز سفرها وأعطاها أياه , قائلا لها بلهجة مهذبة أذهلتها :
" شكرا , آمل أن تتمتعي بوقتك في جزيرتنا , يا آنسة روسيني".
منتديات ليلاس
أنذرتها حاستها السادسة بأن الطريقة التي أستخدمها هذا الرجل في ذكر أسمها , وكأنه يداعبه بلسانه ويتلذذ بطعمه , تبدو كأسلوب الفهد الذي يهنىء نفسه على نجاح صيده ولكنه مستعد للأنتظار بعض الوقت قبل الأنقضاض على فريسته لألتهامها , وأشعرتها غريزتها على الفور بوجود روح من العداء أتجاهها , وراء تلك اللهجة المهذبة والأسلوب الهادىء , ولأن حيرتها كانت شديدة وذهولها أشد وأقوى , فأنها لم تتمكن من التطلع ثانية ألى وجهه ..... وأكتفت بتأمل الأبزيم الذي يربط به حزامه الجلدي , والذي يدل بوضوح تام على شراسة هذا الرجل وعنفه , فقد لاحظت روزالبا أنه حفرت بشكل نافر على هذا الأبزيم المصنوع من الذهب الخالص , صورة وحش مجهول يتهيأ للأنقضاض على أفعى مكومة على نفسها وتستعد بدورها لمهاجمته وأبتلاعه , وضعت الجواز في حقيبة يدها , وقالت للرجل متلعثمة :
"شكرا , أيها السيد و..... وداعا".
أحنى الرجل رأسه بشيء من الأستهتار , وقال لها مشددا بنعومة على الشق الأول من جملته المقتضبة :
" ألى اللقاء ,يا آنسة ".
ما أن أقتربت روزالبا من أبنة عمتها , التي كانت تراقب الموقف عن كثب , حتى سارعت أبريل ألى توجيه سيل من الأسئلة :
" من هو هذا الرجل ؟ ماذا أراد منك؟ وماذا قال لك؟".
" لا شيء يذكر , تمنى لي أقامة سعيدة في هذه الجزيرة ".
" هل أمضى كل هذا الوقت ليقول لك ذلك فقط؟".
" يبدو أنه كان مهتما جدا بجواز سفري".
" أوه! لم يكن الكتاب أذن هو الذي جذب أنتباهه , بل العنوان , فأسم روسيني له وزنه ونفوذه , حتى هنا في باليرمو! ويذكرني هذا الأسم في الوقت ذاته , بأن علينا الأسراع في أنهاء معاملاتنا وأخذ حقائبنا , فمن المؤكد أن جدنا ينتظرنا في سيارته قرب قاعة الخروج , ومن واجبنا ألا نبقيه هناك أكثر مما هو ضروري ".
خرجت الحفيدتان من القاعة بعد دقائق معدودة , لتواجها شمسا ساطعة قوية أربكت روزالبا في اللحظات الأولى , وحرمتها من التركيز على الشخص الذي لوحت له أبريل بيدها ثم هرعت نحوه لمعانقته وتقبيله , وعندما تأقلمت عيناها مع الضوء المتوهج وأتضحت لها الرؤية , شاهدت روزالبا رجلا متقدما في السن يقف أمامهما بكامل أناقته وقامته الطويلة الرشيقة ...يرحب بما باسما وفاتحا ذراعيه , تسمرت في مكانها وهي تشعر بمزيج من الأزدراء والأعجاب , أتجاه هذا الرجل الوسيم الذي يشبه والدها الحبيب ألى درجة كبيرة ... ولا يشبهه أطلاقا في الوقت ذاته , فالطول والرشاقة هما نفسهما , وكذلك الرأس والجبين والعينان العسليتان , ألا أن النظرات مختلفة تماما , ففي حين أن عيني والدها كانتا تشعان بالحنان والرقة والمحبة , فأن عيني جدها الكونت قاسيتان باردتان كالفولاذ , ولم تنتبه روزالبا ألى أن الفم هو أبرز نقاط عدم التشابه بين الوالد وأبنه , ألا عندما وجه أليها جدها أبتسامة عريضة فيما كانت أبريل لا تزال بين ذراعيه , فقد لاحظت أن فمه يتسع ببرودة جافة لا تعرف الدفء أو المحبة , وكأنه ينفذ أمرا بالأبتسام , ولما تركته أبريل لتدخل بسعادة فائقة ألى السيارة الكبيرة الفخمة , أقترب منها بهدوء وقال :
" هذه هي الحفيدة روزالبا ! أهلا بك ألى صقلية , أيتها الحبيبة".

فتاة 86 29-10-10 07:43 PM

WHERE ARE YOU ? IT'S A VERY SMOLE PART
PLEASE WE WANT THE REST
THANKS

lomboks 30-10-10 03:54 AM

مرحبا و الرواية جميلة و انت اجمل و في انتظار البقية :friends:


الساعة الآن 10:14 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية