منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   107_غفرت لك_ مارجري هيلتون_ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t151123.html)

اماريج 13-11-10 10:01 PM

" أذن سيارة تلك التي صدمتني ! لكن أرجو أن تصغي الي , تلك لم تكن خبطة السائق , لا بد أنني وقعت تماما أمام السيارة فلم يستطع أن يتجنبني".
" نعم , يبدو أنك وقعت على مقدمة السيارة , فقذفت بك جانبا , حمدا لله على سلامتك".
ما كاد الشرطي ينصرف حتى أستغرقت في ثبات عميق
صحت بعد مدة على صوت الممرضة وهي توقظها بوجه بشوش قائلة:
" هوذا زوجك سيدة رادكليف".
فتحت كارين عينيها لترى آرثر واقفا قرب السرير والى جانبه أليزابيت.

نظرت اليه مليا وقد تذكرت كل شيء , كان بودها لو تصرخ طالبة منه ألا يريها وجهه بعد اليوم , لكن أليزابيت كانت هناك الى جانبه وعلائم الأسى والألم بادية على وجهها الحنون ... أقترب آرثر منها لا تبدو على وجهه تعابير الندم والحسرة .

بل لاح متجهما عابسا وقال:
" كيف أنت كارين؟ كيف تشعرين؟".
وأنحنى عليها بقبلة باردة كالثلج , أرادت أن تصرخ به مرة ثانية , لكن أليزابيت أقتربت منها وقبلتها هب الأخرى
فلم تملك الا أن تجيب ببصوت منخفض:
" لا بأس , صداع طفيف, لا زلت غير متأكدة مما حدث".
منتدى ليلاس
جلست أليزابيت بجوارها على السرير , ونظرت الى كارين بعينين شديدتي التأثر وقالت:
" يا حبيبتي المسكينة ! كنت على وشك أن تقتلي , عندما دخل علينا الشرطي..".
قاطعها آرثر موجها حديثه الى كارين قائلا:
" لا أستطيع أن أفهم ما الذي كنت تفعلينه هنا , لا أحد منا يعرف السبب....".
قاطعته أليزابيت بصوت صارم:
" آرثر , هذا ليس وقتا لمثل هذه الأسئلة , وبعد فأن كارين حرة في أن تذهب حيث ترغب ,ولا أظن أنه من الواجب عليها أعلامك عن كل خطوة تخطوها".

تمتم معتذرا بصوت أجوف:
" آسف".
أرتاحت أليزابيت لأعتذاره , دون أن تلاحظ اللهجة الباردة التي عبر فيها عن أعتذاره.
بعد فترة صمت قصيرة تكلم آرثر ببروده المعهود قائلا:
" هل تحتاجين أي شيء؟".
أجابت بهدوء:
" كلا شكرا , أليزابيت تعرف ما أريد".
" هل يعتنون بك جيدا؟".
" كل العناية".
" توجد غرفة خاصة , سأعمل على أن ينقلوك اليها".

" لا اريد غرفة خاصة , لن أمكث أكثر من يوم أو أثنين".
وسادت فترة صمت أخرى قطعتها أليزابيت بقولها:
" أظن من الأفضل أن نترك كارين تنال قسطا من الراحة , يبدو أنها شديدة التعب".
أحتج آرثر بقوله:
" لم ينته وقت الزيارة بعد".
لكن أليزابيت أصرت على ترك كارين لراحتها وقالت:
"سنتصل بك غدا هاتفيا لنسأل عن صحتك , أتمنى أن تكوني أحسن بكثير يا حبيبتي".
منتدى ليلاس
وقفت أليزابيت وقبلت كارين ... وأتجهت نحو الباب قائلة:
" سأنتظرك عند الباب يا آرثر".
غاص قلب كارين عندما يقيت وحدها مع آرثر
أقترب منها قائلا:
" أعتقد أنه لا يوجد ما نقوله".
" أعتقد ذلك".
" أذن الى اللقاء ".
وأستدار متجها نحو الباب , تاركا الغرفة وراءه تغرق في صمت كئيب.

نهاية الفصل 11


اماريج 13-11-10 10:02 PM


12_هل تغفرين لي؟

أمضت كارين ليلة أرق مضنية بدت وكأن ليس لها نهاية , تلاشى فيها كل أمل بالنوم , حتى حبة المنوم التي أعطتها أياها الممرضة الليلية كان تأثيرها محدودا
فلم تنم كارين أكثر من ثلاث أو أربع ساعات نوما متقطعا لم يقو على التخفيف من وطأة ما كان ينتابها من أرهاق جسدي وأجهاد عقلي , في بعض لحظات سباتها كانت تطوف في مخيلتها صور تعاسة زواجها
وفي لحظات أخرى كان ينقلها خيالها الى عالم مستقبلها المجهول , حيث لم تلحظ فيه الا النزر اليسير من الصور المليئة بالوعود ,وعندما حضر الطبيب في الصباح ورأى اللون المحموم الذي يضرج خديها , تلاشت أبتسامته
وقال:
" سمعت أنك أمضيت ليلة مضنية".


حاولت أن تبتسم , وأشارت بيدها الى يدها المجبسة قائلة:
" لم أعتد على هذا بعد".
" سيعوق حركة يدك بعض الوقت".
ثم فحص أصابعها المتورمة وسأل:
" هل تشعرين بتصلبها ؟ سنعمد الى شق الجبس عنها أحيانا , الآن دعيني أفحص بقية الأصابة".
بعد أن أنهى فحوصه أعاد الأغطية عليها , وعبس قائلا:
" هل هناك ما يقلقك؟ سيدة رادكليف؟".

وجه سؤاله بلهجة ذات مغزى , فألتفتت اليه وهزت رأسها بالنفي , ما الفائدة من أخباره بقصة زواجها المهشم؟ وبأن كل يوم مر ويمر عليها مع آرثر ما هو ألا دور في تمثيلية مزيفة؟
وتابع حديثه بلطف:
" غالبا ما يعاني المريض من بعض المشاكل كما تعرفين , وأكثر ما نخشاه هو أن تكون تلك المشاكل سببا من أسباب أعاقة سرعة الشفاء , لا تترددي في طلب أية مساعدة تشعرين أن في أستطاعتنا تقديمها".
منتدى ليلاس
أثرت فيها كلماته الرقيقة الدمثة , فوجمت عن الكلام لعدة لحظات وقد غصت عيناها بالدموع فأشاحت بوجهها عنه , آلمها كثيرا أن يهتم أنسان غريب بما يقلقها ويخيفها بينما آرثر , زوجها , لم يبد ذرة مهما كانت ضئيلة من الأسف والأهتمام.
سمعت صوت الطبيب يكلمها:
" أسمعي , نحن لا نجعل مرضانا يبكون !".
مسحت عينيها وهي تقول:
" أذن لن أسمح لنفسي أن أخرق تقاليدكم".

" حسنا , ستتحسنين بسرعة على ما أعتقد , وسننقلك الى القاعة الكبيرة الآن , وجودك مع مجموعة من المريضات سيفيدك جدا ".
أبتسم لها مشجعا , وأنصرف تاركا الممرضة تساعد كارين على الأنتقال الى القاعة.
حضر آرثر في المساء لزيارة كارين يحمل بعض الزهور والفواكه , وتصحبه ليزا , ألتفتت اليها عيون الممرضات وهي تسير ببطء بين صفوف الأسرة , كانت في كامل زينتها لا يبدو عليها أي أثر من آثار المرض الذي كانت تعني منه خلال الأسبوع المنصرم , مشت يتبعها آرثر يحمل في يده معطفها الجميل .

قبلت كارين قبل مجاملة , وتبادلت معها بعض عبارات الممازحة التقليدية ... أما آرثر فأنه وقف قليلا ثم بدا عليه الأنزعاج من الأصوات العالية التي كانت تصدر عن زائري المريضات الآخر
فأعتذر قائلا:
" سأترككما تتحدثان , حسنا؟".
هزت كارين رأسها , لم تكن ترغب أن يمكث معها ويبادلها الحديث , خاصة في غياب أليزابيت , أما ليزا فأنها جلست الى جانبها يبدو عليها الضيق , تحدثت عن الأيام المملة التي أنقضت في دلرسبك , وتجنبت الحديث عن مشكلة الحمل التي كانت تعاني منها

فسألتها كارين:
" هل أخبرت أمك بالأمر؟".
رمشت عينا ليزا ثم بان عليها العبوس وهي تقول:
" ماذا؟ نعم أخبرتها هذا الصباح , حادثتك المؤسفة وزيارتها الخاصة للمستشفى أستأثرا بكل حديثها أمس , كما شغلتها زيارة صديقها هيرلندنر بعد الظهر".



اماريج 13-11-10 10:03 PM

" هل أستثارها الفرح؟".
" لزيارة صديقها الألماني؟".
" كلا , أقصد الطفل طبعا".
" تستطيعين القول أنها كادت تطير من الفرح , أما بالنسبة لي فأنه سيدهشني كثيرا أذا أستطعت أن أتحمل هذه الحالة مدة أسبوع أو أثنين ".
ثم نظرت حولها بنفاذ صبر وسألت:
" أين ذهب آرثر ؟".

لم تجبها كارين على سؤالها , بل أختلست نظرة الى ساعة القاعة , مع أن ساعات الزيارة كانت أحلى الساعات بالنسبة الى المريضات , غير أنها تمنت لو أن هذه الزيارة أنقضت قبل أن تبدأ
كما أنها كانت متأكدة بأن ليزا تمنت الأمنية ذاتها.
منتدى ليلاس
أنحنت ليزا أخيرا نحو كارين وهمست:
" هل تتأثرين لو أن آرثر أعادني الى البيت قبل أنتهاء وقت الزيارة؟ المستشفيات تثير أعصابي".
هزت كارين رأسها , وأندست متعبة تحت أغطية سريرها
ثم أدارت وجهها على ليزا قائلة:
" بدأت أشعر بالأعياء , أشكرك لهذه الزيارة , أبحثي عن آرثر فقد تجدينه يتحدث الى الممرضة , أو يقف بجوار سيارته , أخبريه بألا حاجة لأزعاج نفسه بالدخول ليقول لي طابت ليلتك".

أغمضت عينيها , وترددت ليزا قليلا قبل أن تحمل محفظتها نحو باب القاعة , وظلت كارين مصرة على أغماض عينيها فلم تشاهد ليزا وهي تلتقي بآرثر عند الباب , ولم ترها وهي تدس يدها تحت ذراعه تحثه على الأبتعاد.
لم تد كارين أتكون آسفة أم شاكرة عندما قرر الطبيب , في صبيحة اليوم التالي , تمديد مدة بقائها يوما آخر , كانت تشعر بتحسن واضح في جميع الأجزاء المصابة من جسمها , وأستعادت حالتها الطبيعية بسرعة , ومع ذلك شعرت بأرتياح شديد لبقائها أربعا وعشرين ساعة أخرى.

كان أحساسها بالقلق يتزايد مع أنقضاء كل ساعة من النهار , فراحت تحاول جاهدة أقصاء الأفكار الموجعة بسبب أقتراب عودتها الى دلرسبك في اليوم التالي , لو أن أمامها أية وسيلة للخلاص!
لم تعد تحتمل أحتقار آرثر وأهماله القاسي لمشاعرها , لماذا يحب أن يكرهها ...؟ فكرت كثيرا , لكنها لم تخلص الى حل شاف لمشاكلها , الحل الوحيد برأيها هو أخبار أليزابيت بالحقيقة
وكان ذلك مستحيلا , كم تمنت لو أن لديها بعض الأقارب تبثهم همومها وآلامها ... توفي والداها منذ مدة وأمست وحيدة في هذا العالم الذي لا يرحم.

عندما بدأ موعد الزيارة المسائية بالأقتراب , وعاودها شعور الأنقباض المألوف وتمنت لو أن تلك الساعة التي كانت ترتقبها المريضات بنفاذ صبر أتت وأنقضت ...
لكنها أستفاقت من تمنياتها بعد قليل , على صوت أنفتاح الباب ودخول الزائرين , نظرت بأتجاه الباب ودهشت لرؤية زائريها ,لم يحضر آرثر هذه المرة , بل أليزابيت يرافقها صديقها الألماني هيرلندنر.

بدت أليزابيت بكامل حيويتها ونشاطها وهي تقترب من سرير كارين , وقد تلاشى عن محياها البشوش كل أثر من آثار المرض , أية معجزة غيّرتها بهذه السرعة ! ظهر الأرتياح جليا على وجه أليزابيت وهي تقول:
"هذا رائع! كنت أنتظر بفارغ الصبر أمتثالك للشفاء , والآن وقد تأكدت من ذلك يأزف الك هذا النبأ , سأسافر الى ألمانيا بعد يومين".
تملكت الدهشة كارين وتمتمت:
" ألمانيا!".
تطوع هيرلندنر بالجواب قائلا:
" سأصطحب أليزابيت معي عند عودتي الى هناك ".
منتدى ليلاس
لم تصدق كارين أذنيها وقالت بذهول شديد:
" بعد يومين! هل أنت ذاهبة لقضاء عطلة؟".
أبتسمت أليزابيت وهي ترمق صديقها وقالت:
" كلا , هلا أخبرتها أنت بالأمر؟".
تبادل الألماني مع أليزابيت النظرا
ثم ألتفت الى كارين قائلا:
" لا تدهشي كثيرايا عزيزتي , أنني أتمنى كل خير للسيدة أليزابيت... فقدت زوجتي الحبيبة منذ خمس سنوات , كانت تعاني من المرض ذاته , لم يستطع الأطباء يومذاك أن يقدموا الا اليسير من المساعدة وما كان علينا ألا أن نقعد ونراقب ذلك الداء الرهيب وهو يلتهم تدريجيا حياتها الغالية , لو كان بالمستطاع أبقاؤها على قيد الحياة بضع سنوات أخرى , لكان أنقاذها ممكنا ... ذلك أن أحدى العيادات المشهورة على الحدود النمساوية , قريبا من المدينة التي أسكن فيها , أعلنت مؤخرا أنها تمكنت من أيجاد العلاج الشافي لهذا الشك الى مدى فعالية هذا العلاج بالنسبة الى الداء المذكور ,فأنني رأيت بأم عيني بعض المرضى المصابين بالداء ذاته يخرجون من تلك العيادة وقلوبهم تطفح بسعادة الشفاء , وعيونهم تتطلع الى المستقبل بمنظار الأمل والرجاء ".



اماريج 13-11-10 10:05 PM

سألت كارين وقد أعتراها بعض القلق:
"هل تعتقد أن لا مجال للخوف؟".
هز هيرلندنر رأسه وقال:
" لا مجال للخوف البتة , العيادة ذات سمعة عالية وأطباؤها أصحاب شهرة معروفة".
تدخلت أليزابيت قائلة:
" ـنهم يخططون كل صغيرة وكبيرة في الجسم , طبعا تختلف طبيعة الداء بين جسم وآخر , والأطباء مستمرون في أبحاثهم الهامة , غير أنهم مقتنعون بأن ما توصلوا اليه من علاج يصلح لأستئصال ذلك الداء اللعين في أكثر الحالات".
منتدى ليلاس
توقفت قليلا ثم تابعت بلهجة حازمة:
" مهما يكن من أمر , فقد عقدت عزمي على السفر , لن أخسر الا القليل لكنني قد أربح الكثير , وافقت على أقتراح هيرلندنر , سيرافقني الى هناك ويزورني من يشاء أن يأتي لزيارتي هناك , آرثر, ليزا , أنت ,وفي أي وقت كان , ذلك أن أمد أقامتي في العيادة قد يستغرق مدة ليست بالقصيرة".
أخذت كارين نفسا عميقا وسألت:
" ما رأي آرثر حول هذا الموضوع؟".
أجابت أليزابيت بشيء من الحسرة:
" أبدى أمتعاضه وعدم رضاه , غير أنه لن يجعلني أعدل عن قراري هذه المرة".

قال هيرلندنر :
" ولدك ينظر الى الموضوع بالريبة والشك يا عزيزتي , وأنا أفهم مشاعره بالنسبة الى ذلك , لو كنت مكانه لساورتني الشكوك ذاتها , لكنك أنت صاحبة القرار أولا وأخيرا , فأذا كنت ترغبين في أعادة النظر مرة أخرى , أو حتى العدول عن رأيك , فلا تتردي لحظة , سأفهم وضعك".
هزت أليزابيت رأسها بأصرار قائلة:
" كلا , أنني أعتبر أقتراحك نعمة حلت عليّ من السماء لم أكن أدري ما أنا فاعلة حتى تعرفت عليك , خاصة وأن الطريقة التي أتبعها آرثر لم تفلح في أظهار أية بارقة أمل".

نظرت اليها كارين بمزيج من الخوف
فأبتسمت أليزابيت وأردفت:
" كانت فكرة جميلة , جمع الشمل في دلرسبك , رحبت بها كثيرا مع علمي بمدى الظلامة التي أنطوت عليها , آرثر بعيد جدا من مقر عمله , ووضع كليف يدعو الى الشفقة , وأنت لا أدري مقدار ما لحق بك من ظلم,شكتت قليلا. ثم أمعنت النظر بكارين وأستطردت:
" أعرف أن الأمور ليست على ما يرام بينك وبين آرثر , على الرغم مما تبديانه لأقناعي عكس ذلك , لا أعرف طبيعة الخلاف لكنني على أستعداد تام لبذل كل ما بوسعي لتسويته
لا أطمع بالتدخل بدون موافقتكما , لكن يجب أن تسويا أموركما بعد عودتك الى البيت , كما يجب أن تفعل ليزا وزوجها ذلك , أنني لست راضية عن هذه الفوضى التي تعيشونها في دلرسبك ,وكأنكم تعدون علي الساعات تنتظرون الوقت الذي أخسر فيه معركتي مع مرضي".

توقفت أليزابيت قليلا تستعيد أنفاسها ثم تابعت:
"حسنا , سأتابع معركتي لكن بطريقتي الخاصة , ومما يجعل المعركة أكثر يسرا بالنسبة لي معرفتي أن أولادي عادوا الى بيوتهم ليعيدوا تنظيم حياتهم بأنفسهم , وبمشيئة الله سأحمل حفيدي بين ذراعي قريبا".
أنهت حديثها وأحتضنت كارين بين ذراعيها التي شعرت بحب أليزابيت الحقيقي فتمتمت هامسة:
" سأصلي من أجل في كل لحظة من لحظات غيابك , ضارعة أن تعودي الينا معافاة سالمة".

بعد قليل أنتهى وقت الزيارة , فأنصرفت أليزابيت مع صديقها الألماني وأستلقت كارين في سريرها يتملكها شعور غريب , ستسافر أليزابيت الى ألمانيا وتنتهي بذلك التمثيلية التي أكرهت على القيام بدور البطولة فيها , أذن بعد أسبوع على أبعد أحتمال
ستعود الى لندن وربما الى السيد بيجنز , وستتحرر أخيرا من هذا الجو البغيض الذي سيطر على حياتها خلال الأسابيع القليلة الماضية , ستكتب الى أليزابيت ولا شك حتى لا تسبب لها قلقا قد يعوق من فعالية معالجتها الجديدة
لن يكون من الصعب أخفاء الحقيقة عنها الى أن تشفى , وبعد شفائها لن تسبب معرفتها للحقيقة أي خطر على حياتها , لا يمكن للسر أن يظل مكتوما الى الأبد , أما بالنسبة الى ليزا.... عليها أن تخط مصيرها بنفسها...
منتدى ليلاس
ما في الأمر أنها ستحرر من آرثر خلال أيام قليلة , وبعد عودتها الى لندن لن تكون بحلجة الى رؤيته على الأطلاق , أي شيء يحتاج الى مناقشة يمكن أن تم بواسطة الهاتف , لن يكون بمقدوره أن يجرحها وبعذبها بعد الآن , لأنها ستصبح حرة!وهذا ما كانت تريده .

كان شعورها الغريب لا يزال يتملكها عندما حضر آرثر صبيحة اليوم التالي , ليخرجها من المستشفى
جلب لها ملابس نظيفة وأنتظرها في الردهة الخارجية حتى ترتديها وتودع الممرضات والمريضات , أخيرا خرجت من القاعة الى حيث كان آرثر ينتظرها بنفاذ صبر.
نظر اليها متمعنا وهو يأخذ حقيبتها من االممرضة
ثم قال:
" أرجو أن تكون الثياب التي أحضرتها لك مناسبة , لم أدر ما أحضر لك بسبب ذراعك".
أجابته بأختصار:
" أنها على ما يرام".



اماريج 13-11-10 10:06 PM

" أخذت ثيابك الملطخة التي كنت ترتدينها أثناء الحادث الى المغسلة لتنظيفها".
قالت بصوت جاف:
"لا ضرورة لذلك".
وسألت نفسها:
" كيف يمكنه أن يتحدث بتلك السهولة كأن شيئا لم يتغير ؟ كأنهما لا يزالان يمثلان ... كأنه نسي ما فعل منذ أربع ليال , عندما دخل عليها يكيل اليها الأتهامات ثم يعتدي عليها بوحشية رجال الغابات , هل يتصور أنها نسيت كل ذلك؟
منتدى ليلاس
مشت بجانبه الى السيارة , كانت تتمنى لو تستطيع ألا ترافقه وتعود معه الى دلرسبك ,لكن لا بأس في التمثيل بضعة أيام أخرى الى أن تسافر أليزابيت وبعدها , من يدري...
فتح لها باب السيارة وساعدها على الدخول , وضع الحقيبة في المؤخرة ثم قاد السيارة دون أن ينطق بحرف , راحت كارين تنظر من النافذة مرتاحة الى صمته
بعد بضعة أميال توقف أمام أحد الفنادق القديمة وقال:
" سنتناول شيئا من الشراب ".

أجابته بجفاء:
" لا أريد شرابا ".
لكنه فتح باب السيارة وهو يقول:
" لكنني أريد , تعالي يا كارو فأنت أحوج ما تكونين لكأس من الشراب يعيد اليك بعض النشاط".
نزلت من السيارة ودخلت معه الفندق حيث جلسا الى أحدى الطاولات في قاعة المطعم , سألها عما تريد أن تشرب لكنها أعتذرت مصرة على عدم تناول أي شيء , ولما أخذ يلح عليها ألحاحا شديدا
وقفت و أستدارت خارجة , وبعد قليل خرج آرثر يبدو عليه الغضب وأتجه نحو السيارة , وما هي ألا لحظات حتى كانا ينطلقان من جديد في طريقهما الى دلرسبك.

لم ينطق آرثر طوال الطريق بأية كلمة حتى وصلا الى البيت
وقبل أن ينزلا ألتفت الى كارين قائلا:
" هل عرفت بأمر أليزابيت؟".
" نعم , أخبرتني ليلة أمس".
" ما هو رأيك؟".
ردت بأقتضاب:
" أعتقد أنه من الخير لها أن تذهب , ومن الأفضل لك ألا تحاول منعها".
" وبعد أن تذهب؟".
هزت كارين كتفيها وقالت:
" لا أعرف , لأنني لا أفهم لماذا تسأل".
" كارين , يجب أن تصغي اليّ!".
" ألا تظن بأنني أصغيت ما فيه الكفاية؟".

وبدون أن تنتظر منه جوابا , فتحت باب السيارة وأتجهت الى البيت حيث قابلتها أليزابيت بالترحيب الحار ,وقبل أن يدخل آرثر سمعت صوت سيارة أخرى تقف أمام البيت , وبعد لحظات دخل القاعة يتبعه هيرلندنر.
كانت الأزهار تزين جميع أرجاء القاعة أبتهاجا بمقدم كارين , كما أعد أهل البيت وجبة غداء فاخرة على شرفها
نظرت كارين حولها فلم تجد ليزا ... وكأنما شعرت أليزابيت بذلك فقالت هامسة:
" آسفة , أضطرت للسفر هذا الصباح , لم تستطع الأنتظار هنا حتى مجيء كليفورد , أذ كانت تحب أن تزف له نبأ حملها بأسرع وقت ممكن , فوافقتها على رغبتها وسمحت لها بالسفر".
منتدى ليلاس
جلس الجميع الى مائدة الغداء , تساءلت كارين بينها وبين نفسها عن السبب الذي دعا ليزا الى السفر بهذه السرعة , لا شك أنها هربت من لقائها , أما آرثر فأنه جلس منكمشا على نفسه , هل كان ذلك بسبب رحيل ليزا المفاجىء ؟
أم لأنه كان متحفظا أزاء هيرلندنر؟ لكن أليس من الطبيعي أن يبدو أرثر بمثل هذا التحفظ أتجاه الغريب؟ كان آرثر صاحب النفوذ الرئيسي في حياة أليزابيت منذ وفاة زوجها
فكيف لا يشعر بالغيظ من تطفل هذا الرجل الذي أصبح فجأة صاحب تأثير شديد على أليزابيث؟ ربما لا ينتبه هيرلندنر الى ما يعتمل في داخل آرثر من أحساس أتجاهه , لكن أليزابيت , التي كانت تعرف كل خفايا طبيعة ولدها , لا بد أن تدرك أسباب الكآبة المتجلية على ملامحه.




الساعة الآن 07:15 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية