لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روائع من عبق الرومانسية > رومانسيات عربية > رومانسيات عربية - القصص المكتملة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

رومانسيات عربية - القصص المكتملة رومانسيات عربية - القصص المكتملة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-09-16, 12:02 AM   المشاركة رقم: 26
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2015
العضوية: 289479
المشاركات: 9
الجنس أنثى
معدل التقييم: بسسمة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 12

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بسسمة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نجمه الصباح المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
افتراضي رد: رواية .. خفقات هاربة .. بقلمي .. رقية سعيد .. الفصل السابع

 

مبروك على الرواية

 
 

 

عرض البوم صور بسسمة   رد مع اقتباس
قديم 10-09-16, 09:26 PM   المشاركة رقم: 27
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2015
العضوية: 306524
المشاركات: 33
الجنس أنثى
معدل التقييم: نجمه الصباح عضو له عدد لاباس به من النقاطنجمه الصباح عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 115

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نجمه الصباح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نجمه الصباح المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
افتراضي رد: رواية .. خفقات هاربة .. بقلمي .. رقية سعيد .. الفصل السابع

 

الفصل الثامن
التفتت تنظر له بغضب وهي تقول
- كيف تجرء على لمس ذراعي بل وكيف تتجراء على ادخالي للغرفة بالقوة ماذا تظن نفسك ؟
قال بهدوء وعيناه تحدق في محياها الفاتن
- اريد التحدث معك ندى
اجابت بغضب وحده
- لايوجد ما نتحدث عنه ابتعد عن طريقي اًريد المرور
ابتسم ببرود وهو يتقدم ببطئ لتتراجع إلى الوراء بذعر حاولت اخفاءة
- لا تقترب مني وإلا اقسم أن اصرخ واجمع كل من في المنزل هنا
اجاب بغيض
- تباً ندى لا اريد غير أن اشرح لك ماجرى مع عبير .. لم لا تفهمين
اجابت ببرود بينما داخلها بركان ثائر لاتعرف سببه
- وما شأني انا لتشرح لي !! وبماذا يهمني معرفة اين تذهب ومع من !! اساساً لا دخل لي بحياتك الشخصية انت حر التصرف
اقترب يمسك ذراعها بقوة ألمتها لكنها لم تبين ذلك هزها بعنف وهو يقول
- اصمتي ندى انت لا تفهمين شيئاً .. ستستمعين رغما عنك
قلبها كان يخفق بعنف وجسدها ارتجف بشدة فكرت بسرعة بكيفية التخلص قربه منها يربكها ويشتت انتباهها .. فما كان منها الا أن تضرب قصبة ساقه بقوة
ليتركها متاوهاً وهو يمسد ساقه ويقول بغيض
- متوحشة
اتجهت الى الباب بسرعة وهي تشير له بسبابتها بتوعد طفولي لذيذ
- اياك وملاحقتني مرة ثانية لأني عندها لن اسكت سأقول لحازم يتصرف معك تصرفاً لن يعجبك ابداً ..هه مغرور
تركته وذهبت براس مرفوع .. تسللت الأبتسامة لشفتيه وقد بات اكثر اصراراً على مفاتحة حازم والأن حالاً وهو يقسم على انها ستكون له تلك العنيدة الفاتنة
...........................................................
توجه حازم بخطوات واسعة نحو الخارج يريد استنشاق بعض الهواء .. يحتاج لان يختلي بنفسه قليلا بعد هذا الأكتشاف الخطير الذي اكتشفه متاخراً .. سمع صوت احمد ينادي عليه بصوت مرتفع
- حازم .. حازم
التفت له يقول له بجمود
- نعم احمد هل هناك شيء
اجاب بحرج
- اردت أن اتحدث معك قليلا في أمر مهم
قال حازم بلامبالاة
- انا خارج الأن هل تريد ان تاتي معي
قال بسرعة
- اجل اتمنى ذلك
تخلص من سترته وربطة عنقه التي كانت تخنقه ليرميها في المقعد الخلفي للسيارة ..انطلق يقود بشرود كل منهما يدور براسه الاف الأفكار .. فحازم ينعى حظه العاثر واكتشافه المتأخر بينما احمد يحاول ترتيب كلماته وايجاد وسيلة اكثر سهولة لبدأ الحوار معه .. وصلا الى متنزه قريب ترجلا من السيارة .. المكان كان هادئاً خالياً من الناس لا يسمع غير صوت سلاسل الأراجيح وهي تتحرك بتناغم مع هبوب النسيم بين حين واخر .. اتكأ حازم بمرفقيه على ركبتيه وهو يشبك اصابعه تحت ذقنه ينظر الى نقطة وهمية والأفكار تعصف براسه بلا رحمه .. بينما احمد كان يقف وهو يضع يديه بجيبي بنطاله الجينز يرمق حازم بنظرات ساهمة .. اجلى صوته وهو يقول
- حازم
لم يسمع اجابة كان يبدو شديد التركيز وهو مقطب الجبين .. فقال مرة اخرى بصوت اعلى
- حازم
نظر له وهو يعتدل بجلسته
- نعم احمد .. ماذا كنت تقول
اجاب احمد وهو يبتسم
- الظاهر انك تفكر بشيء مهم جداً لقد ناديتك ولم تسمعني
ارتفعت زاوية فمه بشبح ابتسامة ليقول بخفة وهو يغير مجرى الحديث
- ماهو الأمر المهم الذي اردت التحدث عنه
جلس بجانبه على المقعد .. تنفس بعمق يحاول تهدئة نبضاتة الثائرة واستحضار شجاعته التي هربت ما أن قرر مفاتحته بالأمر قال بصوت هادئ ومترقب
- حسنا .. لو فرضنا أن هناك شخص يتقدم لندى يحبها ويحترمها ويقسم على أن يحافظ عليها بحياته... لكن حصل له أمر ليس بيده اتهم بتهمة باطله لا يد له فيها
قال حازم بأبتسامة عابثة وقد فهم ما يرمي إليه
- اتقصد انه اتهم بمحاولة للقتل ..
نظر له احمد بانكسار وهو يؤما براسه ايجاباً
اجابه حازم بمكر
- وأن قلت لا
اكتست ملامح احمد الوجوم وهو يقول بصوت خافت
- هذا من حقك ولا احد يلومك على هذا
اجاب حازم بأبتسامة
- انا بالنسبة لي موافق على ذلك .. ايها الغبي انتَ لست صديقي فقط بل أخي ايضاً وانا لن اجد من هو افضل منك لندى ..
تهلل وجه احمد بأبتسامة عريضة وهو يقول
- احقا ما تقول حازم الن تشعر بالندم نظراً ل......
قاطعه حازم بصرامة
- لو لم اكن متأكد من برائتك صدقني لما وافقت على طلبك ابداً
ابتسم بسعاده
- وانا أرجوا أن يقدرني الله واكون عند حسن ظنك و اجعلها سعيدة مدى الحياة
ابتسم حازم ببشاشة وهو يقول
- حسنا سأخذ رايها في الوقت المناسب وابلغك بقرارها
اوما احمد وهو يتوجس خيفة من رفض تلك الشقية له .. لايعرف كيف ستكون ردت فعله أن رفضته ربما سيذهب لمنزلهم ويهزها بقوة إلى أن توافق او ربما يخطفها إلى مكان بعيد الى أن تتعطف بموافقتها !! لا يعرف ماسيفعل لكنه بالتاكيد لن يسكت على رفضها

************************************
تنهدت بتعب وهي تتكئ على حافه الحوض تتطلع لوجهها الشاحب بالمرآة.. لقد عاودها الغثيان مره اخرى خلال يوميين متتاليين بالأخص في الفترات الأولى من الصباح .. ابعدت خصلات من شعرها الحريري خلف اذنها وهي تقوم بغسل وجهها عدة مرات لتستعيد نشاطها ..
خرجت من الحمام وهي تترنح بمشيتها ما تزال تشعر بالدوار ، جلست على حافة السرير بشرود تمسك المنشفه بيدها ..ما الذي يحدث معها ؟ ربما تكون قد تعرضت للبرد او اكلت شيئاً سيئاً اثر على معدتها ، ستشرب شراباً دافئ عل تقلبات معدتها تهدأ قليلا
عاودها الغثيان بشكل اقوى فركضت متجهة الى الحمام تفرغ مافي جوفها ...
عندما دخل حسن ليأخذ مفاتيح سيارته التي نسيها في غمره استعجاله ..سمعها تتقيأ بصوت مرتفع فتوجه الى الحمام بسرعه ليجدها جالسه على الأرضيه الباردة و وجها شاحب بشده ، توجهه لها بلهفه وخوف وهو يقول
-يا الهي ..ماذا بك مريم ؟ ما الذي اصابك ؟
اسندها بذراعه وساعدها على النهوض بينما بيده الأخرى فتح الصنبور وغسل وجهها عدة مرات قال لها بخوف واهتمام واضحين
-لماذا لم تخبريني بأنك مريضة ! ارادت النفي ألا انه لم يمهلها لترد حملها متجها بها الى الفراش يضعها برقه كأنها شيء ثمين يخشى عليه من الأنكسار
ركع امامها وهو يمسك يدها ويقول بصرامة المحببه
-الان سنذهب الى الطبيب بدون مناقشه وهذا قرار نهائي .. أن وجهك شاحب بشده اخشى ان تكون قد تعرضتِ لتسمم غذائي
اجابت بتعب وهي تعتدل بجلستها
-لا داعي لذالك ..صدقني انا بخير ..سأشرب شيئا دافئاً لا تقلق
اجاب وهو يقطب جبينه
-لا يوجد نقاش قلت لك ساخذك الى الطبيب حالا ..هيا سوف اساعدك على ارتداء ملابسك
اومأت باستسلام وهي تراقبه يتوجه الى الدولاب ليخرج لها شيئاً ترتديه .. قالت له برقه
-لا داعي لذلك حبيبي استطيع فعل ذلك بنفسي
لم يجيب بشيء وهو مستمر يقلب بين ملابسها يختار ما ترتديه و كأنه لم يسمعها تتكلم معه
-اخيراً وجدتها
هتف وهو يخرج فستاناً اصفر اللون مع الوشاح الخاص به وتوجه اليها وضع الفستان على السرير ثم ساعدها لتجلس برقه ..
احست بغلالة من الدموع قد ترقرقت بعينيها من فرط مشاعرها لهذا الرجل الحنون قالت بصوت مبحوح
-انا سأرتديه ..ارجوك حسن اخرج من هنا
اجاب وهو يرفع حاجبيه الكثيفين
-لا اصدق انك لا زلت تخجلين مني !! ...
تورد وجهها بشده ..ولم تجيبه
فتح عينيه بتعجب وهو يقهقه عالياً ويقول
-يا الهي انتِ تمزحين !! بعد كل هذا الوقت تخجلين مني حبيبتي !
ابتسمت بحرج وهي تقول بطفولية
-اذا لم تخرج وتدعني ارتدي ملابسي وحدي لن اذهب الى اي مكان
عقدت ذراعيها ..دليلا على جديه كلامها ..فما كان منه ألا أن يوقف وهو يرفع يديه بأستسلام ويقول
-حسنا ...حسنا..مولاتي ..انت عليك الامر وانا علي السمع والطاعه ..سانتظرك بالخارج لا تتاخري
اومأت برأسها وهي تتابع مغادرته بحب
***************************************************
تجلس في كافتريا الجامعة وهي شاردة الملامح تتطلع الى الخاتم الذهبي القابع في بنصر يدها تحركه يميناً ويساراً تتساءل ..هل استعجلت بقبول هذه الخطبه ام لا ؟ لقد لمست تغيرا في نظرات حازم لها و في نبره صوت ايضاً فهل هذا يعني انه......
استغفرت ربها عدة مرات وهي تهز راسها لتطرد تلك الأفكار ..يا الهي كيف تفكر به وقد اصبحت مخطوبه لرجل اخر ! انتبهت لندى وهي تغمز لها بعينها وتقول
-تفكرين فيه اااااااااااااااااه أنه الحب يا لك من محظوظة ، محمد شاب وسيم جداً ..انا سعيدة من اجلك عزيزتي
قالت نور بمكر
-حدسي يخبرني انك ستكونين التاليه قريباً
ارتبكت ندى وهي تقول
-لا ..لا افهم الى ما ترمين !
اجابت وهي ترفع حاجبها
-اها ..حقا ! لا اعرف لما ينتابني شعور انك تعرفين كل شيء
احمرت وجهها بشده وبدا قلبها بالخفقان
-انا ..لا افهم ما الذي اصابك اليوم ؟ لقد بدات تهذين بكلام غير متزن
ضحكت نور برقه
-حسنا حبيبتي فقط لا ترتبكي هكذا ! كنت امزح معك .. ونعم انا اقول كلام غير متزن ..هل يريحك ذلك ؟
لم تعلق ندى بشيء بل زمت شفتيها بحنق طفولي لبعض الوقت لكن سرعان ما عادت لمرحها المعتاد وثرثرتها التي لا تنتهي .. استمرا يتجاذبان اطراف الحديث و هما تشربان العصير كانت نور تتفادى التحدث عن محمد ما أن تسألها ندى عنه حتى تسارع هي بتغير مجرى الحديث .. عند خروجهم من الكافتريا لمحت بسام يقف مع مجموعة من الطلاب ..كان واضحاً انه يتناقش معهم بامرا ما
قالت لندى بسرعة
-ندى ثانية واحده واعود
قالت ندى بتعجب وهي تراقبها تبتعد عنها
-الى اين تذهبين ؟؟
-سأتي فوراً ثم اخبرك ..خذي هذه الكتب احمليها ريثما اعود
مشت نحوه بخطوات سريعة وهي تناديه عندما راته يهم للمغادره
-بسام ...بسام ...
التفت الي مصدر الصوت وما ان رائها حتى تغيرت ملامحه وعقد حاجبيه قائلا بجمود
- اهلا أنسه نور ..هل من خدمة اقدمها لك ؟
اجابت وقد احمر وجنتيها بشدة .. تتذكر اهانتها وكلامها الجارح الذي وجهته إليه
-كيف حالك بسام ؟ ارجو ان تكون بخير
اجاب باقتضاب
-الحمد لله
احست بأرتباك من لهجته الرسمية والبارده ..قالت بتعلثم
- لقد ...لقد ...اردت.. أن اعتذر لك عن الكلمات التي وجهتها لك في وقت سابق ..ارجو ان تسامحني وتتقبل اعتذاري فقد كنت في حالة نفسية سيئة ..بسبب ..بسبب الظروف التي كنا نمر بها
ارتخت ملامحه قليلاً وهو يجيبها
-لا داعي للأعتذار , انا اقدر وضعك
اجابت وهي تلوح بيدها باعتراض فلمع خاتم خطبتها بوضوح أمام عينيه
-كلا ..لقد تصرفت معك بوقاحة ..ارجوك بسام حقا اٌريد منك أن تسامحني ..فأنت بمثابه أخ وصديق بالنسبة لي
ابتسم بألم وهو يستمع لكلامها اخ وصديق
-حسنا ..لقد سامحتك اذا كان ذلك يشعرك بالراحه ..ثم اكمل وهو يشير ليدها
-مبارك لك على خطبتك كان يجب أن تخبرينا لنقوم بالواجب
نظرت بأرتباك الى خاتمها وهي تقول
- شكراً العقبى لك أن شاء لله .. لقد تم كل شيء بسرعة ولم تسنح لي الفرصه لأخبر احداً
بقيت فترة قصيرة تتكلم معه الى أن سمعت صوتاً رجولياً من خلفها ..التفتت لتراه محمد ينظر لها وعيناه تقدحان شرراً
-السلام عليكم .. لقد مررت بالقرب من هنا ففكرت بأن اقلك للمنزل ، ثم اشار براسه ببرود وهو يقول
-الن تعرفيني ؟
قالت بأرتباك بعد أن استعادت توازنها من المفاجأة
-نعم..نعم ..بالتأكيد..
قالت وهي تشير الى بسام
-بسام زميلي وفي نفس مرحلتي الدراسية ..و بمثابه أخ
ثم اشارت لمحمد وهي تقول لبسام
-محمد .خ...خطيبي
مد بسام يده ليصافحه وعلى وجهه ابتسامه صادقه بينما بقي محمد جامداً في مكانه دون أن يمد يده ليرد على سلامه لعدة ثواني , حتى ظنت بانه لن يقدم على السلام ، احست بالاحراج .. غير انه مد يده اخيراً وهو يقول ببرود
-تشرفنا
احس بسام بوجود شحنات من التوتر في الجو فنقل بصره بينهما بأحراج وهو يستأذن للمغادره
ما أن غادر حتى التفت لها يخبرها بلهجة صارمه
-هيا معي لأقلك الى المنزل
اجابت بعناد وهي لا تعلم سبب تغيره
-لا ..لدي محاضره اخرى لا استطيع تركها
اجابها بنفاذ صبر
-لقد أستاذنت من اخويك هيا بنا
اجابت بعناد طفولي اكثر
- ومن سمح لك بذلك ؟ اسفة لن اذهب لمكان
تمتم بحده وهو يقرب رأسه منها
-الان نور ..ستأتين معي الان ، هيا امامي وألا اقسم ان احملك على كتفي امام الجميع دون ان ابالي بأحد
شهقت برقه وهي تفتح عينيها وتقول بصوت منخفض لا يسمعه سواها
- فظ ..
اجاب وهو يرفع حاجبيه بتسائل
- ماذا قلتي نور ؟
قالت بغيظ
-قلت حسناً دقائق والحق بك
استدارت دون أن تعطيه فرصة للأجابه .. ذهبت الى حيث تنتظرها ندى ، كانت تقف و على وجهها معالم الملل .. ما أن رأتها حتى تهللت اساريرها وهي تهتف
-اين ذهبتِ ..ستبدأ المحاضره خلال دقائق
اجابت بقلة حيلة وهي تأخذ اشيائها
-لقد اتى محمد ليقلني الى المنزل .
همت ندى بالرد ألا انها اسكتتها بسرعه وهي تستعد للمغادره
-لا تسألي اكثر اخبرك بالتفاصيل في وقت لاحق
غادرت مسرعة وندى تنظر لها وهي ترفع حاجبيها بعدم فهم
عند صعودها الى السيارة بقي محمد على نفس ملامحه من الجمود ... يضغط على مقود السيارة بعنف لايعلم ماذا اصابه عندما رأها تقف تتحدث معه بتلك الألفة والأريحية شعر بنار تنشب بداخله .. نظر لها بطرف عينه .. كانت تدير وجهها الى الناحية الأخرى تنظر الى واجهات المحلات بشرود سمعت صوته يقول ببرود
-هل تفعلين ذلك كل يوم ؟
ادارت وجهها بسرعة وهي تنظر له بعدم فهم
-ماذا تقصد؟
اجاب بجفاف
-اقصد وقوفك مع زملائك الشباب ..والتحدث معهم بهذه الأريحيه ، هل يحدث بأستمرار ؟
قالت بغضب وهي لا تصدق ما يقول
-يا الهي ..ما الذي تقصده بهذا الكلام ؟ ان بسام بمثابه اخ و زميل .. و جواباً على سؤالك ..لا ، انا لا اتكلم مع زملائي ألا بحدود الدراسة فقط
ارتخت ملامحه وهو يقول بجدية
-ارجو أن لا يتكرر هذا مرة اخرى ..حاولي تجنب الكلام مع الشباب
اجابت بعصبيه
-الذي فهمته من كلامك انك تشكك باخلاقي
اجاب بسرعة وهو يدرك تماديه في غيرته ..
-كلا طبعا ..انا لا اشك لو ذرة واحده ..ما هذا الكلام الذي تتفوهين به !
تنهد بحرقه وهو يكمل
-اسف حبيبتي ..قدري وضعي ، تخيلي كنة شعوري وانا ادخل وارى خطيبتي التي احبها تقف مع شاب ينظر لها بهيام ..هل تعرفين ها ..اجيبي ؟؟
لم تجب بشيء وهي تدير وجهها الى الناحيه الأخرى ...ثم قالت بعد فترة صمت قصيرة
-الم تسمع عن شيء اسمه الثقه ؟
قال بنبرة اسف
-اسف حبيبتي ..لكنني اشعر بالغيرة الشديدة ..لو كان الأمر بيدي لما جعلت احد ينظر لك ابدا ولحبستك داخل جزيرة لا تحتوي سوانا
احمر خداها بسرعه ولم تجب .. تنفست بضيق وهي تفكر بسرها .. اللهي لما هو مصر على أن يشعرني بالذنب تجاهه الى متى سأبقى بهذا الجمود معه .. ماذنبه ليتحمل نتيجة هروبي من حب فاشل كان من طرف واحد فقط ، بينما محمد يكاد يطير فرحاً وهو يلاحظ خجلها وارتباكها .. قام بتغير دفة الحديث والتطرق الى امور اخرى ليرفع الحرج عنها.. طوال الطريق وهي تشعر بالأنزعاج لكنها تحاول رسم ابتسامة بسيطة لتجارية بكلامه مع شعورها المتزايد بالندم والذنب !
************************************************************ ******
كانت تقضم اظافرها بتوتر وهي تجوب غرفتها ذهاباً واياباً ..وداخلها غضب يغلي من لا مبالاته .. يتجاهلها ولا يتصل الا في اوقات متباعده ولوقت قصير فقط ، حديثة يقتصر على كلمات باتت باردة و رسمية ..لقد تغير جداً ..بالأخص بعد حادثة عبير .. ابتلعت ريقها بصعوبه وهي تجلس على حافة السرير ..هل تراه علم شيئاً عن صلتها بالحادث ؟
هزت راسها وهي تطرد هذه الأفكار من رأسها وتقول بهمس ..يا لي من غبية ، كيف يعرف وممن اذا كان الكلام سر بيني وبين عبير ! وهي لا زالت بغيبوبه اذن من اين له أن يعرف ؟! حسنا يجب أن تتصرف لقد صمتت وتحملت عجرفته ولا مبالاته كثيراً
التقطت هاتفها وهي تضغط على الازرار بقوه ، رن الهاتف عدة مرات حتى ظنت انه لن يجيبها
اجاب بصوت بارد
-السلام عليكم
قالت بسرعة
-اهلا حازم .كيف حالك ؟
اجاب بضجر وهو يتكأ على المقعد ويتلاعب بقلمه الذهبي بين اصابعه
-الحمد لله ..كيف حالك انتِ ؟
اجابت بنبرة مرتجفة
-انا ..انا ..بخير الحمد لله ..سكتت فجأة لا تعرف ماذا تقول أخذت تجول بعينيها في الفراغ بأرتباك
اجاب بصوت بارد
-هل هناك شيء ضروري لتتصلي بهذا الوقت ؟ انا مشغول جداً
اجابت وهي تبتلع ريقها بصعوبه يا الهي لما هو بارد لهذه الدرجة !
-لا ..لا شيء ضروري فقط اشتقت لك و اردت أن اطمئن عليك ..
انتابه شعور بالعطف عليها لأنه اهملها حتى كاد ينسى وجودها بحياته ، يشعر أنه يظلمها لكنه لا يعرف كيفية التصرف كيف يحل نفسه من هذا الأرتباط الذي بات يخنقه بشدة ! تنهد بتعب وهو يفرك عينيه ويقول
-اسف ياسمين ..لقد كنت مشغولا في الفترة الأخيرة كانت هناك امور مهمه تشغل بالي صمت قليلا و اكمل
- حسناً ما رأئيك ان نخرج اليوم للعشاء ؟
اجابت بفرحة حقيقية
-حقا حازم هل تتحدث جديا ؟
اجاب بسخرية
- وهل امزح معك مثلا ؟؟
اجابت بارتباك
-لا... لا اقصد ذلك .. فأنت لم تخرج معي منذ فترة طويلة
قال بجدية
-حسناً ..سأتي لأصطحبك الساعه الثامنة ..هل يناسبك الوقت ؟
قالت بلهفة
-اجل يناسبني تماماً
انهت الأتصال وعلى شفتيها ابتسامة سمجة .. اراحت ظهرها على الوسائد وهي تحدث نفسها ، حسناً لن اكون ياسمين ان لم ارجعك الي نادماً مهما كلفني من ثمن سأصبر على غرورك وعجرفتك فقط الى ان يتم الزواج الذي تأخر تنفيذه اكثر مما يجب .
************************************************************ *****
استقبلوا الخبر بفرحة كبيرة ..فبعد أن ذهبا الى الطبيب تبين ان مريم حامل في بداية شهرها الثاني
حسن كاد أن يطير فرحاً عندما اخبرته الطبيبة بنتيجه تحاليلها ..و اوصتها بالراحه .. وعدم حمل الأشياء الثقيله وكذلك وصفت لها بعض الفيتامينات التي تقوي حملها ..
اراد حسن ان يقبلها امام الطبيبة غير انه تمالك نفسه وعينيه تبرقان بسعاده وهو يلتهمها بنظراته المتيمة
والدته كانت اكثر سعاده حتى انها ارادت ان ترقص فرحاً وهي تتمتم بايآت الحمد والشكر ..وتوصيها بعدة وصايا ..وهي تقول بحماس
-من اليوم لن تعملي شيئاً ستلازمين الفراش الى أن تنتهي الشهور الأولى من الوحام
ارادت الأعتراض ..الا انها اوقفتها بصرامه امومية بحته وهي تقول
-كلا حبيبتي يجب ان تسمعي كلامي ولا تعارضي وهذا أمر نهائي لا رجعة فيه ثم اكملت مازحة بوعيد
-وإلا سأعاقبك بشده
اومأت راسها وهي تلمس بطنها المسطح وعلى شفتيها أبتسامة عذبة
************************************************************ ****
دلفا إلى داخل المطعم وهي تشعر بأنقباض لا تعرف سببه .. لم تكن تفكر بالخروج لكنه أصر على اصطحابها .. والأدهى من ذلك موافقة والدها له على كل ما يطلب !
اما من ناحيته فقد كان سعيد جداً وهو يأمل أن يتقرب منها اكثر ..فرغم حصوله على رقم هاتفها إلا أن المكالمات كانت قصيرة ومختصرة دوما يشعر بها متباعده ..وكأنها قد اُجبرت على القبول به ..
قطب جبينه بانزعاج اجبرت !!! ولما اجبرت ! ومن يجبرها على ذلك ؟ لقد التمس عمق محبة والديها واخوتها لها ومن المستحيل أن يجبروها على شيء...طرد هذه الأفكار من رأسه بقوة ..واعزاها بسبب الخجل ، نعم ..هذا هو الخجل فهي خجولة جداً ..شعر بالراحه لتوصله لهذا الأكتشاف العظيم ..وقرر تبديل خطه هجومه فقام بالأتصال بأبيها يستأذنه ليخرجا الى العشاء وافق بعد عناء طويل ووعده بانهما لن يتاخرا بالرجوع ..
عندما ذهب لأصطحابها رفض الدخول إلى المنزل متعللا بتأخره ..فأنتظرها خرجاً وهو يتكأ على سيارته اعتدل واقفاً بسرعة ما أن رأها.. كانت تسير وتلك الهالة السحرية تحيط بوجهها الفاتن بينما طيات فستانها الواسع كان يلتف حول ساقيها بكل خطوه تخطوها نحوه فبدت كأنها احدى أميرات الخيال انبهر من جمالها وهو يقف ساهماً بملامحها المتورده
كانت ترتدي فستاناً زهري اللون يغطي منطقة الصدر الدانتيل مبطن من الداخل بقماش من الساتان يضيق من الأعلى فيما يتسع من الأسفل وحجاباً من اللون نفسه زادها فتنة و جمال
اتخذت الصمت حليفاً لها طوال الطريق ... عند وصولهما المطعم ، بدا محمد في قمة السعادة كما كان مهذب ورقيق جداً معها... جلسا وطلبا العشاء ثم اخذا يتكلمان قليلا .. كان يخبرها بعدة امور عن حياته .. مثل نوع الموسيقى التي يعشقها الكتب التي يحب قراءتها وكذلك كيف يقضي اوقات فراغة بممارسة الألعاب الرياضية المفضلة كألسباحة وركوب الخيل .. بعد فترة قصيرة احست بالقليل من الأسترخاء والراحه .. تستمع لكلامه وهو يخبرها عن مغامراته عندما كان في الجامعة0وكيف كان ينظم وقته عند الامتحانات .. كانت تبتسم بخجل وهي تستمع له ..
تكلم وهو منطلق بحريه ..احس بشعور داخلي غريب بالسعادة و الرضا ، و الشبع أيضا ! اجل فهو على استعداد تام بعدم الأكل والشرب بشرط ان يبقى امام عينيه هذا الوجه الفاتن طوال حياته ..كان ينظر لبسمتها الرقيقه بأفتتان يبحر ويسافر بزرقة عينيها الصافية من المستحيل ان يتخيل حياته دون وجودها فيه , هل احبها ام هو مجرد افتتان .. لا يدري .. رن هاتفه فجأة ليقطع عليه سيل تأملاته ... استاذن قليلا ليرد على المكالمه ..اجالت عينيها بضجر في المكان لتشعر بقبضه بارده تعتصر قلبها
عندما اتجهت انظارها الى ..حازم وياسمين وهما يجلسان بالطاولة المجاورة لهما .. كانت ياسمين توليها ظهرها بينما وجه حازم كان واضح امامها جدا ..يبدو عليهما الانسجام التام ..بقيت مسمره بنظرتها عليهما ..بألم واختناق وهي تقول بسرها ..وانا البلهاء التي ظنت بانه قد تغير وبدأ يشعر بشئ ما تجاهي .. ارادت الذهاب فوراً الى المنزل ولكن كيف .. شعرت بانها على وشك البكاء .. لماذا كلما تنجح قليلا بنسيانه يظهر امامها من جديد كانه كتب عليها ان تعيش حياتها ولعنة حبه تلاحقها اينما اتجهت..
اشاحت عينيها عنهما بصعوبه وهي تعض على شفتها بقوة لتمنع ظهور ارتجافها ... انهى مكالمته وهو يعتذر ثانية ..أبتسمت بشحوب وهي تجيب على اسئلته بصوره آليه تحاول بكل ما اوتيت من قوة عدم النظر اليهما ..كانت تدعي انها تستمع الى مايقوله محمد لكن بالحقيقة كان عقلها وقلبها هناك معه تحلق بسمائه .. حاولت ان تجاريه في مزاحه وكلامه وهي تفكر ..يكفي غباءً يجب ان امحيه من ذاكرتي وسافعل ..
امسك الشوكه بيده وهو يضغط عليها بقوه عندما التفت فوقعت عيناه عليها وهي تجلس بكل اريحيه تبتسم له ابتسامتها المدمره و تتحدث معه بحميمية ..و تومئ براسها ..فيما كان محمد يتكلم وهو يتكئ بمرفقه الى الامام فبدت جلستهما كانها جلسه عاشقين متيمين .. اصبحت عينيه بلون الدم و اتسعت فتحتي انفه وهو يزفر بغضب اشاح بعينيه عنهما عندما سمع صوت ياسمين تتساءل برقه
-هل انت بخير حازم ؟
اجاب بحده
-لما تسالين ؟ هل تريني مجنونا امامك ام امسك بشعري واشده ؟
بهتت ملامحها لرده الغريب والحاد فانعقد لسانها لا تعرف ما تقول ..
تنفس بعمق وقد احس بسخافة ما تفوه به فقال بنبره اقل حده وان كان ما يزال مقطبا لجبينه
-اسف ..انا اسف لا اعرف ما الذي يجري لي ! اكاد افقد صوابي
قال ذلك وهو يفرك جبينه بقوه ويريح ظهره الى الوراء
اجابت بصوت خافت
-حسنا تكلم وقل لي ما يشغلك لعلي اساعدك
نظر لها نظرات غامضه احتارت كيف تصفها ، صمت فتره من الزمن وقال اخيراً وهو يهز كتفيه بلا مبالاة
-لا شيء مهم لا تشغلي بالك ..سيكون كل شيء على ما يرام
اومات وهي تستغرب من تبدل مزاجه بسرعه لقد اصبح غريب الاطوار في الاونة الاخير تغير كثيرا ليس نفسه الشخص الذي خطبها وكان يلبي جميع رغباتها دون نقاش .. نظرت له بعدم راحه وهي تفكر بسرها .. ترا مالذي اصابك وجعلك تتغير بهذا الشكل .. هل ندم على خطبتي ؟ هل تضايق بسبب طلباتي وتصرفاتي التي احيانا ابالغ بها ؟ هل يفكر بانهاء الخطبة ؟!! ... لالا بالتاكيد لم ولن يندم انها مجرد وساوس بدات تنتابني في الفترة الاخيرة ويجب ان لا اجعلها تسيطر على تفكيري ... تنهدت بخفوت وبدأت تكمل طعامها بصمت
****************************************
بعد ان انتهيا من وجبه العشاء شرعا بطلب طبق التحليه الا انها استاذنت قليلا للذهاب الى دورة المياه .. دخلت وهي تتطلع لوجهها في المرآة وهناك اطلقت العنان امام طوفان دموعها التي كانت تلجمها بقوة بكت بحسرة ونشيج متقطع.. النساء كن ينظرن لها بشفقة لكن لم يتدخلن بسؤالها عن سبب البكاء بعد مرور فترة قصيرة .. غسلت يديها و وجهها قليلا لتهدا من ضربات قلبها واحمرار عينيها .. وضعت بعض مساحيق التجميل لاخفاء اثار البكاء وقد نجحت باخفاءه ، تاكدت من وضع حجابها بصوره صحيحه و اخذت نفسا عميقا وهي تتجه الى باب الخروج ... ماان رفعت عينيها حتى تفاجأت برؤيته متكأ الى الجدار عاقدا يديه على صدره وهو ينظر للاسفل يبدو انه بانتظار احد ما ابتلعت ريقها بصعوبه ..وحاولت المرور بجانبه دون ان ينتبه الا انه رفع راسه بسرعه ما ان سمع خطوات على الارض ..نظر لها بغضب وهو يعترض طريقها و يقول
-نور اريد التحدث معك!
لم تجب على كلامه و تطلعت اليه ببرود وعينيها تتوهجان فيما وجهها قد اكتسب حمره محببه .. تقدم منها ببطء بينما تراجعت الى الوراء الى ان اصطدمت بالجدار وقلبها يخفق بجنون ..قال لها بصوت منخفض وحاد
-كيف سمح لك اخوتك بالخروج معه لوحدك وانتما ما زلتما خاطبين فقط بدون رباط شرعي بينكما ها ؟
اتسعت عيناها بصدمه وهي ترمش بارتباك وتعالت ضربات قلبها بقوة اكبر ..ما الذي يهذي به هذا المجنون ؟! استجمعت شجاعتها التي اكتسبتها من تجاهله المستمر لها .. والان بعد ان قررت التنفس قليلا والبدء بحياة جديده يأتي ليشتت عالمها.. الا يكفي الضياع والحيرة التي تعيش بها وبسببه هو .. قالت بحدة لم يعهدها بها ابدا
-ماذا تظن نفسك فاعلا ! ..ومن سمح لك بالتدخل بحياتي ؟ ثم ان ابي واخوتي هم المسـئولون عني ..ما شانك انت ؟
تنفست بحده وهي تكمل
-وما شانك ان خرجت مع خطيبي ام لا ؟..انت تخرج مع ياسمين وانتما خاطبين بدون عقد القران لما لا تنصح نفسك بهذا الكلام ؟ رجاءً لا تتدخل فيما لا يعنيك.
تركته وهي تنطلق من امامه بسرعة قسوى دون ان تهتم بسماع رده ... وقف يطالع اثرها بذهول يريد التاكد ، هل هذه نور الهادئه التي ما ان تراه لا تستطيع النظر لعينيه و يتحول وجهها الى ثمره فراولة ناضجه !
منذ متى و تلك الصغيرة تمتلك لسانا سليطا هكذا .. يبدو ان هناك الكثير من الاشياء التي كنت تجهلها يا حازم وآن اوان اكتشافها .
***********************************************
كانت تجلس بغرفتها تستذكر دروسها عندما سمعت صوت ( حازم ) يطلب الاذن بالدخول فسمحت له
دخل وهو يقول ببشاشة
-كيف حال طالبتنا النجيبه ؟
اجابت بابتسامه عذبه
-الحمد لله بخير
-هل يمكنني الحديث معك قليلاً ؟
قالت بمرح
- طبعا , وقتي كله ملك لك اخي العزيز
جلس على الكرسي المجاور لمكتبها الصغير وهو يتكأ على مرفقه
-حسنا ايتها الشقيه اريد ان اخبرك بشيء . باختصار شديد وبدون مقدمات لقد طلب احدهم يدك للزواج
شحب وجهها واختفت ابتسامتها وهي تقول
-من ؟ من الذي طلب يدي ؟
نظر لها بغموض وصمت لفتره قصيره يتطلع لوجهها الشاحب
-احمد
قالت بارتباك وهي تتهرب من عينيه
-اي احمد ؟
قال بمكر وهو يرفع حاجبيه
-وكم احمد نعرف ! احمد شقيق نور
احمر وجهها وهي تتلاعب بطرف كتابها و تقول
-لكنني لا افكر بالزواج الان اريد ان انهي دراستي اولاً
ابتسم وقال
-اطمئني لن يكون هناك زفاف الا بعد التخرج ..سيكون فقط عقد قران
تعلثمت وهي تقول
-لكن انا ..انا ..
قاطعها بخفه
-انا من رائيي ان توافقي ، احمد شاب طموح ومجتهد وانا اطمئن له ولن اجد خيراً منه زوجاً لكِ , فكري جيدا واخبريني بردك على مهلك
اومأت راسها بصمت وهي مطرقة الراس ..لا تقوى على النظر لوجهه .. خرج وتركها وهي تتميز غيطا وتتمتم
-ماذا يظن الاستاذ احمد !! انني ساوافق من فوري و اكون ممتنه وشاكرة لاختياره لي .
اخبرت عائلتها انها لا ترغب بالزواج الان وتحبذ تأجيل الفكره لوقت اخر ..لكن والدتها و اخيها دحضا كل امل لها بالتملص ..وبعد سلسله من الاقناع والشد والجذب من ناحيتها و ناحية اخيها و والدتها من جهه اخرى وافقت وهي تتوعده بسرها ..
وقد كان ، فها هي تجلس في صالة منزلهم الكبيره ..وهي ترتدي فستانا ذهبي ينساب على جسدها مظهرا منحنياتها الانثوية بسخاء مفرط ..فيما كان شعرها الحريري قد صفف بطريقه مبهره يهفهف حول وجهها برقة ..عينيها تلتمع بترقب كقطة شرسة وقلبها يخفق بعنف
بعد ان تم عقد القران بسهولة ويسر .. جاء الوقت ليلبسها احمد شبكتها
دخل بكل غرور وخيلاء وتوجهه حيث كانت تجلس ..ما ان وقعت عيناه عليها حتى احس باندفاع الدماء الساخنة الى راسه بقوه كادت ان تفجره الى اشلاء .. وهو ينظر الى ما ترتديه ، كانت ذراعيها عاريتان وقد نقش من بداية عضدها الناعم الخمري الى نهاية اصابعها الرقيقه الحناء بكل اتقان بينما جزء من اعلى صدرها العامر يظهر بوضوح من اعلى فستانها وان كانت تغطيه بشال رقيق ..
شعرها الذي يراه لاول مرة كان حكاية اخرى متحررا من الحجاب الذي دائما كان يحول من متعة نظره اليها باختصار كانت اية من الجمال المتفجر ..
هدر قلبه بين جدران صدره بعنف وهو يتساءل بسره ما الذي ترتديه هذه البلهاء ! الا تخاف من العيون المتربصه حتى لو كن نساء فقط ..
حسنا سيكون لها حساب قاسي لكن ليس الان ... قبلها على جبينها بمنتهى الأدب واتخذ مكانه جانبها ارتبكت بشدة وقلبها يؤلمها من شدة خفقانه , تنفست الصعداء لعدم تماديه او القيام باحدى الاعيبه الخاصة معها.. البسها شبكتها بهدوء وتاني مستفز كادت ان تصرخ غيظا
التقت نظراتهما صدفة فغمز لها بخفة ... اتسعت عينيها وقد احمر وجهها من تصرفه الوقح .. اشاحت وجهها بسرعه الى الامام وهي تتمتم بغيظ
" مجنــــــــــــون "
من ناحية اخرى حاولت نور قدر استطاعتها ان تتجاهل وجوده بالاخص وهي تتذكر ما جرى بينهما في اخر لقاء ..على العكس منها كان حازم بالرغم من وجود ياسمين التي بذلت جهداً كبيراً للاختلاط والاندماج مع اجواء الحفلة محاولة منها لارجاع اهتمامه وكسب قلبه من جديد .. الا انه لم يستطيع ان يشيح عينيه عنها لثانية واحده كأنه يريد التأكد من وجودها امامه يحفر ملامحها بداخله ..
يتضح عمق شعوره يوماً بعد يوم و ينغرز حبها في قلبه اكثر فاكثر .. عقد العزم على ما يريد ان يفعله بتصميم و اصرار
استغل انشغال ياسمين التي كانت تتحدث مع شقيقته وتوجه اليها ما ان لمحها تسير باتجاه غرفة ندى ، صعد الدرجات بخفة .. كانت تريد ان تتاكد من وضع حجابها بصوره صحيحة .. فاستاذنت للذهاب ..
ما ان خطت اولى خطواتها داخل الغرفه حتى احست باحدهم يغلق الباب وصوته المميز الذي يبعث الارتعاش لقلبها كلما سمعته يصل اليها واضحاً وبكل ثقه وهو يقول بهدوء
-كيف حالك نور ؟
استدارت وقد اتسعت عينيها بذهول .. همست بعدم تصديق
- ما.. ما لذي تفعله هنا ؟ كيف تجرأت ! ولما تغلق الباب ؟ ارادت التوجه الى الخارج لكنه سبقها وسد عليها الطريق وهو يمد ذراعه و يقول بصوت اجش
-لما العجله نور ؟ اريد التكلم معك قليلاً
تراجعت الى الوراء ببطء ..و قالت بحده
-لا يوجد بيننا كلام ..بعد اذنك اريد الخروج
قال بسرعه
-بلى ستسمعين رغما عنك لان لدي كلام يهم مستقبلك جدا
نظرت له بتساؤل وحيرة وهي ترمش بارتباك ..ابتلع ريقه بصعوبه وهو يشاهد لمعة عينيها المترقبة لما يريد ان يقوله ... اراد ان يحتضنها ويقبل هذا الثغر المنفرج بشكل موجع .. موجع بشده لقلبه العاشق
طال الصمت المطبق بينهما كان يتأملها بامعان وهو مسمرة عينيه على شفتيها المكتنزتين انتبهت لنظراته المسمرة عليها ... احست بالحرج والضيق وهي تطرق راسها بخجل لتقول بحدة
-ارجوك لا يصح ذلك ..ماذا لو راك احد ؟ ماذا سيكون موقفي امام اهلي واخوتي وقبل كل شيء ربي !
اجابها بلهفه
-اقطع لسان من يتجرأ ويتكلم عنك كلاماً سيئاً
اكملت بنفس الحده وهي تكتف ذراعيها على صدرها لمنع ظهور ارتجاف جسدها
-اذن دعني اخرج رجاءً
ابعد يده عن الباب ومررها بين غصلات شعره الداكنه وهو يتنهد بتعب ..فتقدمت تمشي بتمهل وهي تنظر له بطرف عينها وما ان وضعت يدها على المقبض حتى سمعت صوته الرجولي يقول بلهجة احتارت كيف تفسرها .. رجاء ..توسل..يأس
-لا تتزوجينه نور
تجمدت يدها على المقبض وهي تضغط عليها بقوة
اكمل ...
-ارجوك نور ستندمين .. كلانا يعلم انك ستندمين
نهاية الفصل الثامن

 
 

 

عرض البوم صور نجمه الصباح   رد مع اقتباس
قديم 15-09-16, 11:01 PM   المشاركة رقم: 28
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نجمه الصباح المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
افتراضي رد: رواية .. خفقات هاربة .. بقلمي .. رقية سعيد .. الفصل الثامن

 

فصل رائع جدا

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar   رد مع اقتباس
قديم 17-09-16, 09:43 PM   المشاركة رقم: 29
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2015
العضوية: 306524
المشاركات: 33
الجنس أنثى
معدل التقييم: نجمه الصباح عضو له عدد لاباس به من النقاطنجمه الصباح عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 115

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نجمه الصباح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نجمه الصباح المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
افتراضي رد: رواية .. خفقات هاربة .. بقلمي .. رقية سعيد .. الفصل الثامن

 

الفصل التاسع
غشا عينيها غلالة من الدموع وهي تتنفس بالم لاتصدق ماتسمعه ...لم تجب على كلامه ..وما الذي ستقول ؟ هل تخبره بانه تاخر جداً ولم يعد ينفع الكلام ولا الندم !
هل تخبره انها كانت تنتظر منه هذا الكلام منذ وقت طويل ؟!!
يالك من مستبد و اناني يا حبيبي .. فلتعلم شيئاً القلب لغيرك لم ينبض .. والعين غيرك لن ترا .. فاطمئن واحتفل بانتصارك فقد حطمت قلبي بجدارة
فانا اليوم شبح انسانه لاروح فيها ولا مشاعر ...
فتحت الباب وهي تسرع الخطى تحاول جاهدة طرد الدموع التي غشت عينيها عضت على شفتها السفلى بقوة وهي تحبس انفاسها تحاول ان تخنق تلك الشهقه التي تهدد بالخروج رغما عنها متحديه كبريائها الزائف ..و تسخر من ادعائها للنسيان ..خرجت من الباب الخلفي للمطبخ فاستقبلها الهواء الربيعي الذي لفح وجهها كانه يواسيها ويخفف من آلمها اتكأت على الجدار و هي تضع يدها على قلبها الغض الذي يعصف بقوه بينما انفجرت الشهقات المكتومة لتتناغم مع خفقاتها التي عادت للحياة من جديد بعد ان كانت ترقد في سبات طويل ..
............................................................ ..................................
بعد انتهاء الحفل وخلو المنزل من المدعوين توجهت للصعود الى غرفتها لا تريد سوى النوم بعد هذا اليوم المتعب والمرهق لجسدها واعصابها
لتتفاجئ بطلب حازم لها وهو يقول
-انتظري ندى ، ادخلي الى غرفة الضيوف احمد ينتظرك يرد ان يتكلم معك قليلا
تعلثمت وقد احمر وجهها بشده وهي تقول
-لكن ..لكن اخي انا.. انا
اجاب بصرامه وهو في مزاج غاضب لا طاقة له على الكلام
-اذهبي انت الان زوجته يريد التكلم معك قليلا
اومأت راسها باستسلام وتوجهت الى الصالة وكأنها ذبيحه تقاد الى حتفها .. دخلت وقلبها بدأ يتقافز داخل اضلعها وهي تراقب ظهره العضلي الذي اولاه لها لكنه ما ان احس بدخولها حتى استدار بلهفه ينظر لها بمكر وهو يحرك حاجبيه ويقول
-مبارك عروستي الجميله
اشاحت وجهها بغيظ وذهبت للجلوس في اقصى الاريكه وهي تدعي الامبالاة
- ما الذي تريد قوله ؟ هيا تكلم بسرعة ..اشعر بالنعاس
وضعت يدها على فمها وهي تتثائب بملل
تقدم بخفه و امسك معصمها فجأة وسحبها بقوه لتصطدم بصدره العضلي الصلب تجمعت الدماء بوجهها فدفعته وهي تحاول التملص من يديه بحده
- اتركني ما الذي جرى لك ! سيشاهدك اخي
اجاب ببطء وهو يمط الكلمات من بين شفتيه
-كلا لن ياتي لا تقلقلي ..ثم اكمل وهو ينظر لفستانها بعينين جائعتين
-ما الذي ترتدينه ..ها ؟ هل جننتي ؟ كيف سمحت لك والدتك بذلك ؟ لو كنت اعرف انك ستلبسين مثل هذه المهزله كنت مزقته قبل ان تضعيه على جسدك
حاولت التخلص من بين يديه كطير صغير وقع في الفخ وهي تقول بتحدي
-البس ما يحلو لي و ما شأنك انتَ ؟!..ثم انها جلسة للنساء فقط
اجاب بمكر
-امممممممم تلبسين ما يحلو لك و تتساءلين ما شأني انا ؟! حسناً سترين ما هو شأني ؟
اجابت بارتباك وشك وهي مازالت تجاهد لتخلص من قبضته
- ما الذي تقصده بكلامك ؟!
لم يجيبها كلاميا
شفتاه كانت تبحث عن شفتيها ليقبلها بقسوة .. يريد ان يعلم هذا الفم ان لا يتحداه ثانية .. يده تتلمس خصرها وظهرها بحميمة اثارت ارتعاشة زلزلت سائر جسدها ..
بقيت جامدة في مكانها من هول المفاجاة ولكن ما ان استعادة وعيها حتى بدات بدفع صدره عدة مرات بقبضتها الصغيرة ولكن عبثاً تحاول كانت كمن يزحزح جدار عن مكانه ..
اخيرا تركها متقطعه الانفاس وهو لا يزال ممسكاً خصرها بقوه بدون ان يسمح لها بالهروب قالت بحده ممزوجة بالخجل وهي تحاول ابعاد قيد ذراعيه عن خصرها
- ابتعد ، كفى ، ما الذي تريده بعد مني ؟
قال بكل جرأة
-اريد هذا حبيبتي لتتأكدي جيداً ممن اكون
غرس اصابعه بشعرها وسحبها لقبله اخرى طويلة , ليسكت هاتان الشفتان اللتان اهلكتا قلبه وعقله لشهور طويلة
تركها بعد ان شعر فجأة بالم حاد بساقة فقد ضربته للمرة الثانية على قصبة ساقة .. فابتعد وهو يتألم وينظر لها بغيظ
-للمرة الثانية تفعلينها ندى حسنا ايتها الشرسة كل ما يصدر منك جميل وعلى قلبي كما الشهد حبيبتي ... وبعث لها قبله في الهواء
اتسعت عيناها دهشةً من شدة وقاحته وهي تتمتم بكلمات غير مفهومه و تتراجع لكي تسارع بالهروب من هذا الرجل الذي بداء يقتم عالمها الهادئ ويهدد امنها الداخلي ..
................................

زفر بضيق وهو يتذكر المشادة الكلامية التي حصلت بينهما صباح اليوم و لأول مرة منذ زواجهما...
كان يستعد للخروج وهو يلتقط مفاتيح سيارته من المنضدة المجاورة للسرير .. عندما رآها تقف أمام المرآة تسرح شعرها الحريري بشرود تقدم ببطء و وقف خلفها وهو يلف ذراعيه حول خصرها ويتلمس بطنها الذي بدأ بالبروز قليلاً ، لكنه تفاجأ من ردة فعلها الحادة وهي تبعد ذراعيه بضيق وتقول بغضب غير مبرر ..
-ابتعد عني حسن أرجوك ..انا لا أطيق رائحتك إنها مقرفة
فتح عينيه باستغراب وقد أحس بالحرج من كلامها الجارح
-انــا ! انا يا مريم رائحتي مقرفة !! ثم أكمل بصوت مرتفع قليلا ..انا لا اعلم ما الذي أصابك ؟ منذ حملك وأنت تتصرفين بغرابة ! لم تعودي تطيقين كلمة مني , كل يوم مزاجك متغير تتصرفين و كأنك طفلة صغيرة .. لم اعد اعرف كيف أرضيك ! صدقاً لم اعد اعرف كيف أتعامل معك ؟!
هتفت بغضب مماثل وقد تجمعت الدموع بعينيها
-انا !! مزاجي متغير و أتصرف كالأطفال ! وماذا أيضا ؟ هيا ..هيا .. أفصح و قل كل ما يعتمر بصدرك
نظر لها بصمت عدة دقائق لكن نظراته كانت تقول ألاف الكلمات التي ألجمت لسانها عن الكلام ثم حمل سترته وخرج بغضب وهو يصفق الباب بقوة اجفلتها ....
استفاق من شروده و اتكأ على سطح المكتب بمرفقيه وهو يمسح وجهه بتعب لا يريد العودة للمنزل كي لا يواجهها مرة أخرى متجنبا مزاجها المتقلب فلتهدأ قليلا علها تشعر بخطئها .. بعد التفكير قليلا قرر الخروج لاستنشاق الهواء ليستطيع ان يجد طريقه يتعامل بها مع هذه الطفلة الكبيرة ..
*****
كانت تجلس بغرفة نور تقص عليها ما جرى بصوت مرتعش و عيون دامعة .. استمعت لها نور بدون ان تقاطعها وقد فهمت أسباب الخلاف حتى قبل ان تقصه عليها مريم..
قالت لها برقه:
-كفى مريم لم يحصل شيء لكل ذلك ، هذه خلافات بسيطة تحدث بين اي زوجين و يمكنك حلها بمنتهى السهولة لكن....
قالت مريم بلهفة
-لكن ماذا ؟
أجابت نور بتمهل وهي تراقب ملامحها المحتقنة من البكاء
-سأقول ..لكن عديني ان لا تفهمي كلامي بشكل خاطئ وتتقبلي كل ما أقوله بصدر رحب
أجابت بسرعة
-أعدك
تنفست بعمق وقالت لها بخفوت
-حسنا انا أرى ان أخي يشعر بالإهمال مريم
همت بمقاطعتها لكنها أكملت
-انا لا اقصد إهمالك في طعامه او ملابسه وغير ذلك . لكن .....
تنهدت بيأس وهي تشيح بيدها في الهواء
-اقصد انك لم تعودي كالسابق ، صرت قليلة الاهتمام به ، لا تدللينه او تحسسيه بأهميته في حياتك ...يا الهي مريم حتى اني لم اعد أراك تجلسين معه كالسابق
قالت بشفتين مرتجفين
-صدقيني نور ليس في نيتي ذلك أبدا ..انا ..انا....
قالت نور برقة وهي تربت على يدها
-افهم ما تحاولين قوله .. وأنا لا ألومك بالعكس فلقد سمعت بان الحامل تتحكم فيها هرمونات معينة تؤدي إلى تقلب المزاج أثناء الحمل تجعلك تفقدين أعصابك أسرع من المعتاد او تجهشين بالبكاء لأتفه الأسباب لكن هذا لا يمنع من انك يمكن ان تحسسيه بقيمته وأهميته في حياتك مريم ..فإذا شعر الرجل بالإهمال سوف ينفر من منزل الزوجية و يبدأ بالبحث واللجوء لامرأة أخرى ليجد عندها الاهتمام المفقود من زوجته ..أرجو ان لا تأخذي كلامي على انه انتقاد لتصرفاتك , لكنني أخبرك وجهة نظري للأمور فحسب .
قالت مريم بابتسامة بسيطة
-شكرا لك نور ..لقد أصبت في كل ما قلتيه فعلا بدأت أهمله وأصبحت أنانية التفكير لا هم لي سوى طفلي كان يجب ان أكون أكثر حذرا ومراعاة لمشاعره نسيت بأنه زوجي وحبيبي ووالد طفلي وله حقوق وواجبات علي مراعاتها ..لكن اخبريني أيتها المشاغبة من أين لك كل هذه المعلومات ؟!!
ضحكت نور وقالت
- لا أظن ان هناك احد لا يعرف بان الحامل تمر بسلسلة من التغيرات في جسدها و هرموناتها لذلك تكون دائما حساسة ومرهفة المشاعر .
أومأت برأسها وهي تفكر في كل كلمه قالتها نور ..
انها محقة ، منذ متى لم ينفردا او يجلسا جلسة حميمية ! بالفعل أصبحت تهمل حقوقه عليها في الفترة الأخيرة ..
يا الهي هل من الممكن ان يفكر في امرأة غيرها ؟ حتما ستجن لو فعل ذلك..
وقفت فجأة بحماس وكان الحياة قد دبت فيها من جديد عاقده العزم على إصلاح الأمور وإعادتها لنصابها مرة أخرى .
*****
كان يتكأ على حافة السور الحديدي للجسر بعد ان أوقف سيارته على بعد أمتار قليلة من مكانه وقوفه..اخذ نفسا عميقا استنشق فيه عبق الربيع المختلط برائحة النهر المنعش ..نظر الى انعكاسات الأضواء على النهر في هذا الوقت من الليل ..الهدوء والسكون الذي تخللته الأصوات البعيدة الآتية من قارب صغير يتهادى على مهل كأنه يخشى ان يعكر من صفو هذا الانعكاس الوهاج الذي لاح على سطح النهر .. كل ذلك ساهم في استعادته لبعض هدوءه النفسي بعد ان كاد ان يختنق ..بعد فتره لا بأس بها من الوقوف أمام هذه اللوحة التي أبدع الخالق في صنعها ..عاد أدراجه الى المنزل وهو يتوق من اجل الحصول على القليل من الراحة
عند دخوله كان المنزل غارق في صمت عميق تنهد وهو يفرك جبينه بتعب ..يبدو ان الكل قد غط في النوم ..نظر لساعته واندهش انها قاربت من الساعة الثانية صباحاً ..كيف مضى كل هذا الوقت دون ان يشعر !!
مرر أصابعه في خصلات شعره وهو يجول بنظره الى أركان المنزل بملل .. قبل ان يتوجه الى غرفته..وهو يجر قدميه جراً ..عند دخوله فوجئ بطاولة معدة بإتقان وقد رصت عليها الإطباق المتنوعة من الطعام الشهي ..بينما أضيئت الشموع الذي احترق نصفها وهي تنتظر مع صديقتها التي نامت على الأريكة وكأنها طفلة صغيره ..نظر لها بحب وقد نسي كل ما جرى بينهما...فهذا هو قلب المحب يسامح ويعفو عن محبوبته حتى لو كان هو المخطئ ..اقترب منها بخطوات هادئة بعد ان تخلص من سترته ورماها بإهمال على الأريكة المجاورة ..
كانت تلبس قميصا للنوم بنفسجي اللون قصير جدا يصل الى ما بعد ركبتيها بقليل مظهرا ساقيها الرشيقتين المرمريتين بوضوح .. جلس القرفصاء وهو ينظر لملامحها الفاتنة المسترخية في نوم عميق ..رفع يده يتلمس وجنتها وشفتيها بحب خالص ظهر واضحا بعمق عينيه الأبنوسية الداكنة ..طبع قبلة صغيرة على شفتيها الشهيتين ..تململت وهي تشعر بأنفاسه الساخنة تلفح وجهها , فتحت عينيها ببطء لتصطدم بعينيه اللامعتين ..فركت عينها كطفله صغيره ..وهي تنظر له وتهمس بعتاب
-اين كنت حبيبي ؟ لقد تأخرت كثيراً
استقام واقفا وهو يدعي اللامبالاة ..
-لقد كنت أتنفس بعض الهواء النقي هل لديك اعتراض ؟
نظرت له وقد غشا عينيها الدموع من نبرة صوته اللامبالية
-هل صار الهواء بقربي يخنقك يا حسن !
نظر لدموعها التي التمعت في عينيها فرق قلبه لها ..جلس قربها وهو يقول
-لقد تعبت من أسلوبك المستفز في الكلام ..حتى بت لا اعرف كيف أتعامل معك !
قالت بتوسل وهي تلتفت اليه وتضع يدها على ركبته
- صدقني انا لم أقصدك الكلام الذي قلته صباحا فقط كل ما في الأمر ان رائحة عطرك أزعجتني جدا ...لم استطع ان أقولها بشكل أكثر لطفاً ...انا..انا....
لم تتمالك نفسها وهي تجهش بالبكاء كطفلة صغيرة معاقبة
فما كان منه سوى ان امسك رأسها الصغير يدفنه في تجويف عنقه غرست رأسها اكثر وهي تلتصق به بشدة تلتمس دفئ جسده وقد لفت خصره بذراعيها الغضتين .. رفع وجها المحتقن بالدموع بيده الخشنة .. وبدأ بتقبيل عينيها وهو يلتقط دموعها بشفتيه ، هبط يزرع قبلاته على رقبتها المرمرية و وجنتيها ويعود مرة أخرى ليستقي من رحيق شفتيها بينما يداه تتجولان على جسدها الغض الذي تاق له بعد حرمان طويل .. وفي لمح البصر حملها بخفه متوجها الى غرفة نومهم ..رفعت رأسها تنظر له بحب
-الن تأكل قليلا ؟ يبدو انك جائع
اجاب بصوت متحشرج من فرط المشاعر التي عصفت بقلبه
- فعلا انا جائع جدا ...وعلى وشك التهامك
ابتسمت بحب لتعود مرة أخرى تدفن خجلها في صدره العضلي الصلب..وهي سعيدة برجوعها لملاذها الآمن الذي افتقدته بشدة بسبب غباءها ولا مبالاتها , بعد فترة طويلة جدا ، نظرت له بحب وهي تتلمس وجنته بأناملها الرقيقة .. قبلته برقة ، همهم بخفوت وهو يشدد من احتضانها .. ابتسمت براحة وهي تنام بين أحضانه و تتوسد صدره .. بينما ذراعيه طوقتها بشدة ..بعد ان تبادلا وجددا عهود الحب والوفاء وهما يتناجيان كعصفوري حب ..
*********
استيقظت على صوت هاتفها يرن بإلحاح شديد تأففت وهي تضع الوسادة على رأسها وتتمتم من هذا المزعج الذي يتصل بهذا الوقت .. يا الهي حتى في يوم الجمعة لا تجد راحتها ...صمت الهاتف فترة قليلة من الزمن ليرن مرة أخرى بعناد ... التقطته من على الطاولة المجاورة لسريرها وأجابت وهي مغلقة العينين
-نعم
أتاها صوته الرجولي
-صباح الخير زوجتي الجميلة
-أجابت بنصف عين مفتوحة
-صباح ال.....ثم اعتدلت وهي تقول بحده وقد غادرها النعاس
-أنت ؟! كيف حصلت على رقم هاتفي؟!
أجاب بمرح
-وهل يعتبر رقم هاتفك من المعلومات السرية العليا !! ثم حصلت بطريقة بسيطة وسهلة جدا أسهل مما تتخيلين
فكرت لثانية من اين حصل على رقمها ؟ هل من الممكن ان تكون نور أعطته له او ربما طلبه من أخيها لا هو ليس بتلك الجرأة ليطلبه من أخيها إذن هي نور اجل من المؤكد أنها هي ! قطبت وهي تهز رأسها وتجيب بغيظ من بين أسنانها المطبقة
-وما الذي تريده وأنت تتصل بهذا الوقت المبكر من الصباح !
أجاب بتوبيخ لطيف
-يا الهي لقد قاربت الساعة الثانية عشر ظهراً وتقولين مبكر ؟
قالت بلا مبالاة وهي تلف خصله من شعرها بإصبعها
- اجل مبكر ..انا أراه مبكراً ..والآن ماذا تريد مني؟؟
أجاب بكل غرور وثقة وهو يتكلم بلهجة آمرة
- أمامك نصف ساعة لتكوني جاهزة..سنذهب لتناول وجبة الغداء سوياً
قالت بغيظ من ثقته وتعجرفه
-وانا لن اخرج الى مكان معك ..هل هذا واضح ؟
أجاب بتسلية بدت جلية في نبرة صوته
-حسنا ..كما تشائين .
استغربت هدوءه وتقبله لرفضها بهذه البساطة بدون اعتراض
أغلقت الهاتف وهي ترمي رأسها مرة أخرى على الوسائد الوثيرة وقد غادرها النعاس .. تفكر في أمر هذا المتعجرف المغرور يظن انها من الممكن ان تخضع بسهولة لا يعرف من هي ندى ...لم يمضي الكثير من الوقت الا وهي تسمع أصوات ضوضاء بالخارج قفزت بسرعة لتنظر من النافذة ... عندما شاهدته يقف وهو يرتدي نظارته الشمسية ويطلق زمور سيارته بطريقه مزعجة جدا .. تراجعت للوراء وهي تضرب جبينها وتتمتم بيأس يا الهي ما الذي فعلته لابتلى بمثل هذا الشخص المتهور؟!
ذهبت لغسل وجهها وأسنانها بسرعة قياسية .. نزلت السلالم بخفة دون ان تنتبه لملابس نومها الطفولية التي ترتديها ولا شعرها الفوضوي الذي كان يسافر معها في كل مكان ..
توجهت الى المطبخ حيث تجلس والدتها لتفاجأ به يقف متكأ على إطار النافذة وهو يضع يديه بجيبي بنطاله .. يتكلم بأريحية وكأنه احد أفراد العائلة ، نظرت له بغيظ ..وهي توجه الكلام لوالدتها
-امي اين حازم ؟
أجابت والدتها بلهجة موبخة
-الناس تقول صباح الخير عند الاستيقاظ
قالت ببرود
-صباح الخير
أجاب احمد برقة وهو يبتسم ابتسامه عريضة
-صباح النور والسرور
التفتت لوالدتها وهي مقطبة الجبين
-والآن امي اين حازم ؟
قالت والدتها وهي مشغولة بتقشير بعض الخضراوات استعدادا لطبخ وجبة الغداء
-خرج منذ قليل ، قال ان لديه عملاً ضروريا يقضيه ويرجع بسرعة
قالت بطفولية وهي تتخصر و تضرب قدمها بغيظ
-كيف تدخلينه الى المنزل امي وأخي ليس موجودا !
رفعت فاطمة وجهها بسرعة وهي تقول بلهجة موبخة
-بنت!! ما الذي تقولينه ؟ هذا زوجك ويأتي بأي وقت يريده ، هل فهمت ؟
نظر لها بابتسامة تسلية وهو يحرك حاجيه صعودا ونزولا كادت ان تشد شعرها غيظاً لبرودة أعصابه..
وقفت والدتها فجأة لتمسح يديها بمنشفة المطبخ و هي تقول
-لقد نسيت أمرا ضروريا في غرفتي ..سأرجع فورا.. التفتت الى احمد وهي تقول
-تصرف كما لو كنت بمنزلك لن أتأخر
تركتهما وخرجت بسرعة ..استغل احمد صدمة ندى من تصرف والدتها وهي تحدق في إثرها بذهول ..واقترب منها بسرعة وخفة ممسكا لمعصمها بقوة
انتبهت له وقالت وهي تحاول تحرير يدها من قبضته
- ابتعد ..ما الذي تعتقد نفسك فاعلاً ؟!
أجاب بخفة لا شيء أريد ان ألقي على زوجتي تحية الصباح هل لديك مانع في ذلك ؟
ولم ينتظر جوابا ..
قبلها وهو يحاصرها بجسده الضخم .. أحست قشعريرة سرت على طول عمودها الفقري بينما تعالت دقات قلبها تقرع كالطبول , لكنها تجاهلت الأمر وهي تضرب ساقه بخفها الرقيق ..تركها وهو يحاول التقاط أنفاسه ..هز رأسه ..بطريقه آسفة وقال
-آسف حبيبتي ليس في كل مرة تنجح هذه الطريقة ..ليس وأنت ترتدين هذا الشيء المضحك وأشار برأسه لقدمها ..
نظرت بارتباك الى خفيها الكبيران اللذان احتضنتا قدميها الصغيرتين ، كان مضحك الشكل عبارة عن أرنب كبير.. فجأة انتبهت الى منامتها الطفولية التي طبع عليها شخصيات للرسوم المتحركة ..أحست بوجهها يحمر خجلا..أجابت بارتباك وهي تحاول التخلص من قبضته
- أرجوك دعني ، أريد الذهاب..
قال بتسليه وقد أحس بخجلها ..فمنذ دخولها وهو يحاول تمالك نفسه أمام والدتها من الانقضاض عليها وتقبيل كل أنش في وجهها الذي بدا أجمل من اي وقت مضى وهي تقف كطفلة صغيرة مشاكسة
-قولي من فضلك حبيبي
رفعت وجهها المحتقن وهي تنظر له بغيظ وتقول
-بأحلامك
أجاب بتسلية وهو يشدد من إحكام قبضته حول خصرها
-إذن دعينا نقف هكذا الى ان تأتي حماتي العزيزة وتشاهدنا.
فتحت فمها ببلاهة وهي تسمع ما يقوله هذا المجنون.. تداركت نفسها وهي تقول بتوسل بينما كفت عن المقاومة وهي تضع يديها على صدره لتبعده قدر الإمكان
_أرجوك
أكمل وهو ينظر بتساؤل
-أرجوك يا ماذا؟؟
أسبلت أهدابها وهي تبتلع ريقها بصعوبة وتقول بخفوت
-حبيبي ..
قال وهو يقرب أذنه أكثر من شفتيها
-ماذا؟ أعيدي لم اسمع
قالت بغيظ
-أرجوك يا حبيبي ..ها هل ارتحت الآن ؟
قال بمكر
-لم تقوليها بحب ..قوليها وأنت تنظرين لي بحب وهيام
نظرت له بذهول وقد اتسعت عيناها من بروده و وقاحته ..همت بالرد عليه بكلمات لاذعة لكنها تراجعت عند سماعها صوت والدتها يقترب فقالت بسرعة وهي تنقل بصرها للباب فيما أحست انها على وشك البكاء ووجهها يتوهج احمرارا
-أرجوك يا حبيبي
ابتسم بانتصار وهو يتركها ويعدل من ياقة سترته بغرور مستفز .. ابتعدت عنه بغضب وهي تتوجه الى خارج لكن صوت والدتها أوقفها عندما دخلت وهي تقول
-اذهبي وارتدي ملابسك ..لقد نسيت ان أخبرك ان احمد طلب من حازم السماح له بان تخرجا سويا
قالت باعتراض
-لكن امي
قاطعتها بصرامة
-الان هيا بسرعة
خرجت وهي تدب الأرض بغيظ بينما راقبها احمد بعيون محبة وقلب يخفق بجنون لهذه المرأة المسماة زوجته
دخلت لغرفتها وهي تتمتم بغيظ "المغرور المتعجرف ماذا يظن ؟ انني سأطير فرحا لأنه سيتعطف على ويصطحبني الى الخارج ! هه حسنا سترى ما سأفعله بك أستاذ احمد"
تعمدت ان تطيل الوقت وهي ترتدي ملابسها ببطء شديد ..لبست بنطالا واسعا بعض الشيء اسود اللون .. يعلوه قميصا محتشم بلون الاخضر يصل الى ركبتيها ..وتعمدت لبس حجابا اسود لتغيظه أكثر .. وضعت القليل من مستحضرات التجميل ..نظرت لشكلها بالمرآة تتطلع لانعكاسها وهي تبتسم ابتسامة تنم عن الرضا التقطت حقيبة يدها السوداء وهي تنزل برشاقة وخفة
عندما شاهدها لمحت بعينيه نظرات إعجاب سرعان ما تحول الى تقطيبه غضب وهو يقول بصوت هادئ متوعد
-ما الذي ترتدينه ؟
أجابت ببراءة وهي تتلمس قميصها و تمسد عليه
-ماذا ؟! الم يعجبك قميصي انه جديد لقد اشتريته قبل فترة قصيرة هذه أول مرة ارتديه
أجاب بنبرة مكبوتة
-تعرفين تماما ما اقصد ..فلا تتغابي ندى واذهبي لتغيري حجابك
كتفت ذراعيها بعناد وهي تقول
- وان لم افعل ؟
أجاب بنبره باردة
-هل تريدين ان تعرفي ما يمكنني فعله ؟ لكنني أؤكد لك بأنه لن يعجبك ابداً
نظرت له بشك..ليقول بقوة اجفلتها
-الآن ندى ولا تختبري صبري وجنوني
ابتلعت ريقها وهي تقول بلهجة حاولت ان تخرج لا مبالية
-حسنا .. سأغيره لكن ليس خوفاً من تهديدك الزائف لا ..بل لأنني منذ البداية لم أكن مقتنعة به ..
خرجت وهي ترفع رأسها بكبرياء مضحك أرسلت بسمة تسلية لشفتيه
نظر لها بطرف عينه ..كانت طوال الطريق متجهمة الوجه وعابسة الملامح كطفله أضاعت لعبتها ..
كان يبتسم بسره مستمتع بمشاهد ملامحها الغاضبة وهو يشاكسها بالكلام لكنها عنيدة وقاسية القلب لا تجيب عليه سوى بنظرات حادة...دلفا الى داخل المطعم حيث رحب به النادل بحرارة ..بدا انه من رواده المعروفين ..كان مطعما صغيرا وحميمياً ..لكنه مرتب وحديث الطراز يحتوي على نوافذ كبير تطل على منظر ساحر لشلال كهربائي ينساب بعذوبة ..انبهرت وهي تنظر اليه كأنها طفلة ترى لعبه لأول مره ..نظر لها بحنان وهو يساعدها على الجلوس .. اختار نافذة قريبة جدا من هذا المنظر الآسر للعيون قال برقة
-كنت اعلم ان المكان سيعجبك
نظرت له وعينيها تلمع ببريق خاطف
-جدا جدا انها المرة الأولى التي أرى فيها شلال كهربائيا مصنوع بهذا الإتقان
أجاب بلهجة دافئة
-حسنا سآتي بك هنا باستمرار ما رأيك ؟؟
نظرت له وهي تعود لتقطيبها الطفولية
-كلا شكرا لا اريد منك شيئا
أجاب بصبر وكأنه يخاطب طفلة صغيرة
-لما لا ؟؟ انها فرصة لنتعرف بها أكثر على بعضنا البعض انا اعلم انه تم عقد القران بسر.....
قاطعته بنفاذ صبر
-تقصد عقد القران الذي فرضته أنت و اخي علي
قال بجدية وقد عبست ملامحه الوسيمة بانزعاج
-انا لم افرض عليك القبول بي وحتى وان كان فنحن لازلنا في البداية
قالت بريبة
-ماذا تقصد ؟
أجاب بجدية وهو يرجع ظهره الى الوراء فيما أحس بوخزه حادة تخز صدره حين قال
-اقصد فلنعقد فترة هدنة ..امممممممم مثلا لمدة شهر نتعرف على أنفسنا أكثر فان لم تستسيغي طباعي ولم تستطيعي تقبلي بحياتك ..أعدك ان أحلك من الارتباط بي
قالت بارتباك و تلعثم
-هل تعني ما تقول ؟
أجاب مؤكداً وقد عاودت تلك النغزة لتهاجمه بشكل أقوى
-بكل تأكيد ..ثقي بي
قالت بشبح ابتسامه وقد راقت لها الفكرة
-موافقة
مد يده الضخمة وقال
-هيا فلنتعاهد
نقلت بصرها بين يده و وجهه ببلاهة ..نظر لها بابتسامة عريضة متسامحة وعفوية ..بعثت الاحمرار لوجنتيها فما كان منها سوى ان تمد يدها بارتباك وخجل .. ليحتضن كفها الصغير ويهزها بقوة
أحست كان تيارا كهربائيا سرى بجسدها بعث ارتعاشه لذيذة لقلبها البكر ..فسحبتها بسرعة لترجعها الى حضنها وتشبكها مع يدها الأخرى
طلبا وجبتهما وبقيا فترة يتحدثان في أمور مختلفة وكم كان سعيدا وهو يرى تجاوبها واندماجها معه بالحديث ... وشيئا فشيئا بدأت تشاركه بالكلام وتخبره عن اهتماماتها وهواياتها المفضلة حتى انها اخبرته عن مطربها المفضل ولكم تقافز قلبه فرحاً وهو يرى ضحكاتها الرقيقة عندما أنتقد صوته وعلامات الغيرة واضحة على وجهه.. انقضى الوقت سريعا وهي تشعر بالراحة الغريبة التي بدأت تتسلل لقلبها من جديد
**********
كانت نور تجلس في صالة الضيوف مع محمد بينما ذهبت والدتها لتجلب له واجب الضيافة بعد ان غمزت لها بعينها عندما أرادت نور القيام بذلك متمتمة بصوت منخفض
-اجلسي معه قليلا يا بنتي ..هو لا يأتي كل يوم ..ولا تكوني قليلة الكلام وابتسمي وأزيلي هذا التجهم من وجهك
أومأت بخفوت بينما أحست بالارتباك الشديد وهي تفرك يديها بتوتر ..تدعو من كل قلبها ان يعود والدها وأخيها بسرعة لينقذاها من هذا الوضع المحرج.
.كان ينظر لها بحنان وهو يلاحظ مدى ارتباكها وخجلها الشديد منه وهي جالسة في المقعد المجاور له ..ولكم شعر بالسعادة لخلو المنزل من إخوتها و والدها فقد غادرا الى أداء الصلاة في إحدى المساجد القريبة , الأمر الذي جعله يبدأ معها بالحديث الذي كان يصوغه ويعيده مراراً وتكراراً بين نفسه وهو يستعد للقدوم لمنزلهم ..بدأ محمد الكلام وهو يجيل بنظره عليها بلهفه وحب
-لقد جئت لأودعك لأنني سأسافر الى البلدة المجاورة من اجل صفقة تجارية جديدة
قال بدعابته المعهودة بعد ان طال صمتها
-الن تقولي رافقتك السلامة ؟
أحست بتجمع الدماء في وجهها بينما تسلل بضع قطرات من العرق ليظهر على جبينها من شدة خجلها وهي تقول بصوت هامس ومتقطع
-را..فقتك ..السلا..مة
بقيت مطرقة الرأس لا تقوى على رفع وجهها.. كانت عيناه لا تفارقان رأسها المنحني.. ينظر لها بحب خالص يلتهم تفاصيلها بنهم يلتقط كل حركاتها.. يديها المتشابكتين بخجل وارتباكها .. تنهد بحرارة وهو يقول بصوت خافت
-كيف حالك نور ؟
أجابت وهي مازالت مطرقة الرأس
-الحمد لله , كيف حالك أنت ؟
أجاب بابتسامة رقيقة وهو يميل ناحيتها قليلا
-الحمد لله بخير .. اشتقت لكِ
لم يجد منها تجاوباً فأكمل بخفوت
- ما ان انتهي من هذه الصفقة سأعود لأفاتح والدك بأمر عقد القران ما رأيك نور ؟ لم تجب عليه و لم ترفع رأسها ..أحست بقلبها يعتصر بقوة بقبضة من حديد .. هل سأصبح زوجته بهذه السرعة !!
أغمضت عيناها بألم وهي تقول بسرها رباه اعني على نسيانه
أجاب بتسلية
-يقولون ان السكوت من علامات الرضا ..اذن سأعتبره موافقة
أيضا لم تجيب بكلمه ولم تنظر له ، قطب وهو يتساءل لما هذا البرود ؟ بدأ الأمر يشعره بالسوء , الى متى ستظل على هذه الحال من عدم التجاوب !
لقد حاول ويشهد الله لكم حاول بشتى الطرق لكن ما ان يتقدم خطوة حتى يتراجع خطوات ..
هز رأسه بعنف سيصلح كل شيء عندما يعقدا القران عندها ستكون زوجته ..تفجر الدم في أوردته وهو يتخيلها بين أحضانه مستكينة و راغبة ..حسنا سيصبر عليها الى ان يتم الأمر فقط فلينتهي من هذه الصفقة وبعدها لكل حادث حديث.
عندها دخلت والدتها وهي تحمل له العصير
وقف احتراما لها وهو يأخذه من يدها ويقول بأدب
- أتعبت نفسك أمي
قالت بابتسامة امومية
-لا شيء من واجبك بني سيأتي رأفت وحسن حالا وتتناول الغداء معنا
حاول الاعتذار الا انها قالت بصرامة
-ابدا لن تخرج من غير ان تتذوق شيئا من طبخ نور..
نظرت نور لوالدتها بعتاب لم يلاحظه محمد لكن والدتها تجاهلت نظراتها وهي تكمل بفخر
- لقد ساعدتني اليوم كثيرا في اعداده ؟ الا تريد ان تتذوق طبخها !
قال بحب وحنان جارف وهو ينظر لوجهها الذي احتقن بالدماء بسرعة
-بالتأكيد أريد ذلك.سيكون من دواعي سروري ..
وما هي الا دقائق قليلة حتى سمعا صوت رأفت وحسن وهما يدخلان ويرحبان به .. كانت تجلس و بداخلها بركان ثائر يهدر بشدة بالكاد استطاعت ان تتمالك نفسها أثناء وجبة الغداء و ان تغتصب ابتسامة وهي تأكل عدة لقيمات , كانت تلاحظ نظراته المسلطة عليها بين الحين والأخر لكنها تمثل عدم الانتباه تعبت من تمثيل الامبالاة وعدم الانتباه كل يوم احساسها بفداحة خطئها يزيد كيف استطاعت ان تعالج خطأ بخطأ اكثر بشاعة لكن فات أوان الندم وكل شيء اصبح واقع ملموس وعليها القبول به شاءت ام ابت ، استغلت فترة جلوسهم وهم يشربون الشاي ويتكلمون بأمور مختلفة ..فاستأذنت بسرعة قبل ان تخونها عبراتها التي تهدد بالسقوط كأنها أمطار الشتاء الغاضبة ..
الا يحق للمحكوم بالإعدام بالبكاء قليلا او بتمني أمنية قبل ان ينفذ به الحكم ! هكذا كانت تفكر بمرارة ..تريد البكاء بحرقة عل دموعها تغسل قلبها وتنقيه من حبها المستحيل ومن شعورها بالذنب تجاه انسان احبها بصدق.. عند مغادرتها الصالة لم ترى خيبة الأمل التي ارتسمت على وجهه وهو يشيعها بنظراته الهائمة
ودعهم و قلبه يتقافز فرحا وكله شوق ولهفة من اجل ان ينهي مهمته ويعود ليحقق حلمه الذي انتظره طويلا ..
***************
كان يقود سيارته لساعات طويلة وهو يشعر بالتعب الشديد فهو لم ينم جيدا .. لقد نصحه والده بان يستقل القطار لكنه فضل قيادة سيارته لشعوره بالراحة اكثر اكمل اعماله العالقة في المدينة وقرر زيارة صديقة الذي يسكن في احد القرى الريفية المجاورة قبل ان العودة انها فرصة فهو لن يسافر كل يوم ... لن يبقى طويلا فقط سيسلم عليه فقد اشتاقه كثيرا وكذلك ليدعوه لحفل زفافه .. ابتسم بنعومة وهو يصبر نفسه بانه بات قريبا جدا .. بدأ الليل يسدل ذيوله شيئا فشيا وظهر نور القمر الفضي ليزيل عتمة الليل البهيم الذي خيم على المكان البعيد نسبيا عن المدينة ... شرد وهو يفكر بنور وكيف سيكون حفل الزفاف سيعلمها كيف تحبه سيصبر عليها هو يعرف انها خجولة وهذا ما وزاده تمسكا بها .. لكن من المؤكد ان خجلها سيزول بعد الزواج ابتسم بحالمية وهو يتخيلها تستقبلة بعد عناء عمل بيوم طويل ومتعب .. ان يرزقه الله بطفلة تشبهها هذا جل ما يتمناه
أحس بثقل اجفانه وبدا يتسلل النوم لعينيه اتكأ بمرفقه على إطار النافذة وهو يسند رأسه بيده .. فجأة أحس بشيء صلب يعيق حركته بدا كأنه حيوان ضخم .. حاول ان يبصر طريقه لكن عبثاً يحاول التف عده مرات ليتفادى الاصطدام بأي شي يأتي أمامه لكنه لم يستطع التركيز على قيادته ليس وهو يشعر بهذا التعب الشديد ليحدث الاصطدام بجذع شجرة ضخمة على جانب النهر المجاور للطريق و بسرعة جنونية ..عندها شعر بآلام حادة أسفل رأسه و نزول سائل لزج على وجهه ورقبته ، جاهد بكل ما أوتي من قوة ليخرج من السيارة التي انتشرت فيها رائحة الوقود المتسرب ، استطاع بشق الأنفس ان يخرج من خلال النافذة وهو يزحف و يعافر ليصل لأبعد مكان ..
استطاع ان يصل لمسافة بعيدة نسبيا استرخى ليلتقط أنفاسه بصعوبة وهو يشعر بدوار رهيب كأنه يهوي داخل حفرة عميقة تجذبه بقوة ..لم يمضي بضعه ثواني الا وقد أحس بظلام دامس يلفه من كل جانب قبل ان تنفجر سيارته الى أشلاء حارقة معه كل أوراقه الثبوتية التي اعتاد ان يضعها في جيب سترته التي نزعها و وضعها في المقعد الخلفي لسيارته
**********
نهاية الفصل التاسع

 
 

 

عرض البوم صور نجمه الصباح   رد مع اقتباس
قديم 24-09-16, 09:43 PM   المشاركة رقم: 30
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2015
العضوية: 306524
المشاركات: 33
الجنس أنثى
معدل التقييم: نجمه الصباح عضو له عدد لاباس به من النقاطنجمه الصباح عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 115

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نجمه الصباح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نجمه الصباح المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
افتراضي رد: رواية .. خفقات هاربة .. بقلمي .. رقية سعيد .. الفصل التاسع

 

الفصل العاشر

كانت تقود سيارتها وهي تدندن بعذوبة بينما راحت أصابعها تنقر بخفه على المقود مع موسيقى تشايكوفسكي الشهيرة بحيرة البجع التي كانت تصدح بصوت مرتفع نسبياً لتبعد عن عينيها شبح النعاس وشعرها الأسود الغجري يتطاير بخفة بفعل الهواء القادم من نافذة سيارتها الحمراء الحديثة
التفتت تنظر بعينيها اللوزية ذات الرموش الكثيفة الى سلمى ابنة عمتها ذات الخمس وعشرون ربيعاً التي كانت تنام بعمق شديد وهي تستند باسترخاء على مقعد وكأنها تنام بأفخم الفنادق الراقية ..لاحت على شفتيها الكرزيتان ابتسامة حانية لطالما كانت لها الأخت والسند وبئر أسرارها ولكم تلقت التوبيخ بدلاً عنها بروح مرحة بدون تذمر ..سلمى تكبرها عاماً واحداً تعيش معهم بعد ان توفيا والداها اثر حادث بشع وهي مازالت صغيرة لم تتعدى مرحلة المراهقة ..شاء لله ان يموتا والداها على الفور فيما خرجت سلمى من الحادث برضوض بسيطة وسطحية و كانت برغم سنها الصغير أكثر تعقلاً وحكمةً منها فهي معروف عنها التسرع في اتخاذ قرارها بالإضافة الى التهور والفضول التي دائما ما توقعها بمشاكل عدة ..
أعادت انتباهها الى الطريق المظلم الخالي من السيارات .. الذي لا يصله الا ضوء فضي خافت من القمر مع الضوء الصادر من انارة سيارتها , الهدوء والسكينة الذي يعم المكان بالإضافة الى الهواء المنعش الذي يهب بين فينة وأخرى في الجو فُيحدث صفيراً قد تبدو لسامعها مرعبة .. لكن بالنسبة لفتاة كساره كانت تشعر كأنها الحان شجية تنساب على مسامعها لتزيد الطمأنينة الى قلبها ..
السماء الصافية ممتدة الى ما لانهاية بلونها الأسود الكاحل إضافة الى النجوم المتلألئة المبعثرة عليها هنا وهناك والتي ظهرت بوضوح في هذه الليلة الصافية أضفت جواً شاعريا يبعث على التأمل والاسترخاء ..
اقترحت عليها سلمى ان تتخذ الطريق الرئيسي المؤدي الى البلدة لكنها فضلت هذا الطريق المختصر لتصل بسرعة ..عادت بذاكرتها الى الحوار الذي دار مع أبيها صباحاً حين طلبت منه السماح لها بالذهاب الى إحدى معارض الرسم التي تقام في البلدة المجاورة..
قال والدها وهو يطوي الجريدة ويضعها على المنضدة التي رصت عليها أطباق الجبن والقشطة ومربى الفراولة التي تعشقها سارة والتي تحرص مربيتها على وضعها يومياً على مائدة الفطور
كانوا يجلسون في الشرفة.. التي كانت تطل على منظر بديع لحديقة فيلتهم التي زرعت بأنواع متعددة من الزهور العبقة , كانت أشجار الزينة تقف بشموخ في أركان الحديقة لتزيدها جمال فيما افترش الأرض العشب الأخضر الزاهي.. وأصوات البلابل تغرد بنشاط في مثل هذا الوقت من الصباح
-كلا انسي هذا الأمر ولا تكرريه ثانيه ..ان المسافة طويلة ..وانا سأكون قلق عليكما طول الوقت
أجابت بغنج وهي تحيط عنق والدها بذراعيها من الخلف وتقبل وجنته
-أرجوك ابي انه معرض كبير حيث سيحضر فيه عدد كبير من الرسامين المحترفين ولا أريد ان تفوتني هذه الفرصة ثم لقد سبق وان سافرت وحدي
قاطعها والدها بحنان وهو يربت على يديها المتشابكة بعنقه
-لكن ليس بهذا البعد
قالت بمرح وهي تجثو على ركبتها وتمسك يده
-أرجوك ابي أعدك ان تكون المرة الأخيرة ..ارجووووك
تنهد بقلة حيلة وقد بدا يضعف امام توسلاتها ..لم يكن يستطيع ان يرفض لها طلبا خصوصاً انها ابنته الوحيدة التي رزق بها بعد عناء طويل وسلسلة من العلاجات التي خضعت له زوجته الحبيبة خديجة لكن فرحتهم لم تكتمل حيث توفيت زوجته قبل عدة سنوات اثر مرض عضال أصيبت به في القلب .. تاركة خلفها فتاة صغيرة في فترة مراهقة ..ولكم ألحت عليه شقيقته حليمة بأن يتخذ زوجة تعينه على تربيتها والاعتناء بها وبشئون المنزل ..الا انه رفض ذلك وبشدة و لم يعطها اذاناً صاغية مهما ألحت عليه
فضل ان يربيها وحده وقد كان لها نعم الاب ..بعد فترة قصيرة توفيت شقيقته الصغرى سلوى والتي كان لها معزة خاصة في قلبه ..فأخذ على عاتقه تربيت ابنتها سلمى لتأتي وتملأ عليهما المنزل وتزيده بهجة وتكون بمثابة أختا لسارة , فأصبح الأب والأم لهما يعاملهما ويحبهما بنفس المقدار.
-حسناً اسمح لك بالذهاب لكن بشرط
قبلت وجنته وهي تصفق بيديه كطفلة صغيرة وقالت
- انت أروع أب في الدنيا ..كل شروطك مجابة سيدي
قال لها وهو يدعي الصرامة التي ابداً لم تكن تليق به
-عديني ان تتوخي الحذر ..وتبتعدي عن التدخل فيما لا يعنيك
قالت وهي ترفع يدها بطريقة مسرحية
-أعدك أبي
التفتت تنظر الى سلمى المنهمكة بالأكل بنهم .. قالت وهي تضع يديها على خصرها
-هي ...انت الم تنتهي من الأكل بعد..لا اعرف كيف يبقى جسدك رشيقا مع كل كمية الطعام المتنوع الذي تأكلينه يومياً
اجابت سلمى وهي ترتشف جرعات من الشاي
-وما شأنك انت أيتها الفضولية .. اذهبي و دعيني أكمل وجبتي براحة
ضحكت بمرح وهي تسحبها من ذراعها
-هيا أيتها النهمة مازال أمامنا سفر طويل ..وعلينا الاستعداد لذلك .........
أعادها من شرودها منظر غريب استرعى انتباهها .. كانت سيارة تحترق على جانب الطريق بمسافة ليست بعيدة ..وقد ارتطمت بجذع شجرة وعلى بعد عدة أمتار منها كان هناك شخص ملقى يبدو انه فاقد للوعي ..!
لم تستطع تجاهل الأمر وقد استيقظت جميع حواسها وبدأت بالعمل كرادار آلي ..
ركنت سيارتها والفضول يكاد ينهشها نهشاً.
ترجلت وهي تلتفت حولها بريبة شعرت بالخوف يتسلل لقلبها لوهلة وهي تفكر ماذا لو كان قاطع طريق او .. عضو في عصابة للخطف او .. تزاحمت برأسها الأفكار المأساوية ..لكنها نفت كل ذلك وهي تقترب من الرجل ببطء و تنظر له بفضول ...
اتسعت عيناها بقوة وقد هالها ما رأت فقد كانت الدماء تغطي وجهه بالكامل بينما ملابسه ممزقة ومتسخة وكأنه كان يصارع شيئا ما ..انحنت قليلا بتردد وهي تقول بخفوت بينما قلبها يرتجف خوفا وهي تفكر فقط لو يعلم والدها بعملها هذا
-سيدي...سيدي..هل أنت بخير ؟
لم تسمع منه سوى أنفاسه الضعيفة
أعادت الكره مرة ثانية وهي تلمس كتفه بسبابتها
-سيدي ..سيدي
أيضا لم تجد جواباً وقفت وعقلها يعمل بسرعة قصوى وهي تعود أدراجها لتذهب وتفتح الباب الأمامي لسيارتها توقظ سلمى بصوت مرتجف
-سلمى..سلمى..
همهمت وهي تبعد يدها وتقول
-دعيني أنام قليلاً أرجوك يا لك من مستبدة
لوت شفتيها بنفاذ صبر وشرعت تهزها بعنف
-أفيقي ايتها الكسولة هيا بسرعة ..لقد حدثت مصيبة
ما ان سمعت هذه الكلمة حتى فتحت عينيها بسرعة واعتدلت بجلستها وهي تقول
-ماذا ؟ ماذا هناك ؟ ثم انتبهت الى إنهم يقفون في مكان مقفر فأكملت وهي تتوجس خيفة بينما عيناها تجول في المكان بخوف وريبة
-ثم لما نحن واقفون هنا ؟!
قالت سارة وهي تسير مبتعدة
-هيا الان سأشرح لك فيما بعد ، هيا انهضي الرجل سيموت
قالت وهي تفتح عينيها على اتساعها
-عن اي رجل تتكلمين ! يا الهي .. انا التي سأموت وانا مازلت في عز شبابي من تهورك
عادت لها من جديد وهي تسحبها بجزع وتقول
-فقط تعالي معي وأغلقي فمك قليلاً
ترجلت وهي تمسك ذراعها بخوف تتمتم بخفوت
-يا الهي انت فعلا مجنونة اعتقد إنني سأتبرأ منك قريبا وأهاجر الي بلدةٍ أخرى
حين وصلتا الى المكان..قالت سارة بنشاط وهي تشمر عن ساعديها
-هيا ساعديني
تخصرت سلمى وهي تقول
-انتظري قليلا ..
أجابت بنفاذ صبر
-ماذا الان ..؟
قالت بشك
-ما الذي تريدين فعله بالضبط ؟
أجابت مؤكدة لها
-وماذا تظنين ؟ سآخذه الى المشفى طبعا ، انه يموت هيا الان
همت بالاعتراض
-لكن .....
الا ان سارة أوقفت اعتراضها وهي تقول
-هيـــــــــا
لم تجد سلمى بد غير ان تساعدها بسحب هذا الرجل ذو البنية الضخمة ولكم كان أمرا صعباً على فتاتين برقتهما ..كانتا تسحبانه قليلا ثم تتوقفا لالتقاط أنفاسهما
أدخلتاه بعد تعب وعناء شديد في المقعد الخلفي وهما متقطعتا الأنفاس
قالت سلمى وهي متكأه على باب السيارة تلهث بتعب
-والآن ماذا ؟
أجابت سارة وهي تستدير لتتخذ مكانها خلف المقود
-الآن سنذهب الى المشفى هيا بسرعة ..لما تحبين الكلام الكثير !
فتحت سلمى ذراعيها بقلة حيلة وهي تقول
-لا اعرف ما الذي يجبرني لأجاريك بهذا الجنون !
قالت سلمى وهي تسترق النظر الي المقعد الخلفي تراقب تنفسه بين الحين والآخر
-انتِ فعلا مجنونة ما كان يجب ان أوافقك على تهورك هذا
قالت سارة وهي تركز بصرها الى الأمام, بينما راحت عجلات السيارة تنهب الطريق نهباً
-كيف تريدين ان أتصرف وانا أشاهد رجلاً بحاجه الى المساعدة وهو يصارع الموت ؟؟
حكت سلمى شعرها بطريقة مضحكه وهي تغمغم وتقول
- حسناً معك حق في ذلك
قالت ساره بتساؤل
-ماذا تقولين لا أسمعك ؟
أجابت وهي تعاود الالتفات بجذعها للمقعد الخلفي
-قلت قدر الله وما شاء فعل
ابتسمت سارة وهي تقول
-كم احبك وانت متفهمة وتسمعين الكلام هكذا كطفلة مطيعة
وصلتا الى المشفى بعد عناء طويل ..ترجلت سارة من السيارة وهي تهرول الى الداخل و تنادي الممرضين بسرعة لمساعدته ..و ما هي الا دقائق قليلة وكان محمد يرقد في غرفة العمليات .
كانتا تجلسان في مقعد الانتظار تنتظران خروج الطبيب , قالت سلمى بتعب وهي تسند رأسها على كتف ساره
-هيا لنذهب الم تنفذي كل ما تريدين وعملت واجبك وأكثر !
نظرت لها سارة وهي تبعدها عن كتفها وقد اتسعت عينها
-ما الذي تتفوهين به ؟ المسكين يجب ان نطمئن عليه ونتصل بعائلته لإبلاغهم ,الا تملكين ذرة من الرحمة في قلبك الصغير.!
همت بالرد الا ان خروج الطبيب أسكتها
اتجهت سارة للطبيب بسرعة وهي تقول
-كيف هي حالة دكتور ؟
أجاب بمهنية
-يبدو ان الضربة التي تلقاها كانت عنيفة جدا وقد سببت له ارتجاج في المخ بالإضافة لوجود كسر في الساق و رضوض في أماكن متفرقة من جسده , عدا ذلك فأن كل شيء على ما يرام يمكنكم الدخول له بعد ان يتم نقله الى غرفة أخرى.. سيستفيق ما ان يزول مفعول المخدر ..
مشى قليلا لكنه توقف وكأنه تذكر شيئاً
-هل من الممكن ان تملئي البيانات المطلوبة للمريض ؟
تلعثمت وقد احمرت وجنتيها وهي تقول
-الحقيقة دكتور انا..انا..وجدته ملقى على قارعة الطريق وقد احترقت سيارته .. كانت حالة إنسانية وقد تصرفت بما يمليه علي ضميري
أجاب الطبيب وهو يؤمئ متفهما
-انها مسؤولية كبيره هل تعرفين ذلك آنستي ..لكنني سابقيه على مسؤوليتي الشخصية وسأقوم بابلاغ الشرطة لاجراء اللازم
أومأت وهي تراقب ابتعاده بوجل تقدمت منها سلمى وهي تضع يدها على كتفها و تقول
-الم اقل لك انك ستورطيننا بمصيبة في يوما ما ..تفضل و تحملي ما جنته يداك فقط لو خالي يعرف بالأمر
قالت لها وهي تستدير وتسير مبتعدة بسرعة
-لن تجرئي على إخباره ، فهمتي ؟
هزت كتفيها بنفاذ صبر وهي تلحق بها وتتمتم فليستر الله من القادم

*******************************************************

استقل سيارته وهو يفكر بشرود عن سبب استدعائه ..للمشفى الذي ترقد فيه عبير فلا يوجد اي صله او علاقه تربطها به حتى انه كان يلقي عليها السلام العابر عند مشاهدتها مع ياسمين ..يشعر ان هناك لغز متصل بالحادث الذي تعرضت له عبير ، قطب وهو يتنهد بضيق حسنا سيعرف كل شيء بعد قليل ..
نظر الى ساعته وجدها تشير الى الواحدة ظهراً .. كانت الشوارع مزدحمه في هذا الوقت من النهار لذلك تاخر قليلا بالوصول ..
دلف الى غرفة الطبيب وهو يلقي السلام الذي ما ان راه حتى وقف مرحباً به وهو يمد يده يبادله السلام ويقول
- عليكم السلام اهلا وسهلا بك سيد حازم
قال حازم هو و يجلس في الكرسي المقابل له
- لقد طلبت رؤيتي بما استطيع مساعدتك دكتور ؟
اجاب الطبيب وهو يتخذ مكانه خلف المكتب باسترخاء ويشبك اصابعه على طاوله
- في الحقيقة سيد حازم لقد طلبت منك الحضور اليوم لان الآنسة عبير استفاقت من الغيبوبه قبل عدة ايام وهي تطلب بان تراك انت على وجه الخصوص .
استغرب طلبها ، فيما تريده وهما لم يسبق لهما الكلام مطلقاً ! لكنه لم يعلق على كلامه , اومأ بشرود وهو يضيق عينيه وقد بدات شكوكه تراوده مرة اخرى ..
استدعى الطبيب الممرضه وطلب منها ان ترشده الى الغرفة فتبعها بصمت ..
طرق الباب بخفوت فسمع صوتا اذن له بالدخول ..عندما دلف الى الداخل كانت والدتها تساعدها على الجلوس وهي تعدل من وضع الوسائد خلف ظهرها كانت شاحبة الوجه , هزيلة الجسد يبدو الانكسار جليا في عمق عينيها السوداء القى السلام بهدوء وهو يتقدم عدة خطوات و يقول
-كيف حالك انسة عبير ؟ حمدلله على سلامتك
قالت بانهاك وهي مطرقة الراس فيما راحت اصابعها تعبث بطرف الشراشف البيضاء التي شابهت لون وجهها الشاحب
-الحمد لله على كل حال شكرا لك على تلبيه طلبي ، اسفة اذا كنت اسبب لك الازعاج لكنني كنت....
ابتلعت ريقها واكملت بخفوت
-كنت اريد التحدث معك في امر مهم
اجاب ببشاشة وهو يتقدم عدة خطوات ويجلس في الكرسي المقابل لسريرها
- لا يوجد اي ازعاج اعتبريني بمثابة اخيك الاكبر , تفضلي وقولي ما تشائين اذا كنت بحاجة الى الما...
قاطعته بأشاره من يدها وهي تقول بانهاك
-ليس للامر علاقه بالمال لكن ...
التفتت الى والدتها التي كانت تتابع بصمت وقالت وكأنها تذكرت شيئاً مهماً فهي لا تريد ان تعرف والدتها باعمالها المخجلة التي كانت تقوم بها
-امي الن تقدمي واجب الضيافه للاستاذ حازم ؟
وقفت والدتها وقد احست ان ابنتها تريد ان تتكلم بشيء لا رغبة لديها بان تسمعها هي فقررت ان تريحها من الاحراج فهي سعيده ولا تصدق عيناها ان ابنتها الوحيده امامها سليمة معافاه وقد مرت تلك التجربه الاليمة والايام المشئومة بسلام فقالت وجهها يشع سعاده
-حاضر حبيبتي ثواني وسيكون العصير قادم
اجاب حازم بابتسامه عفويه وقد شعر بالاحراج
-لا داعي لتتعبي نفسك سيدتي ساغادر فورا
الا انها لم تصغي لحديثه بل توجهت الى الخارج وهي تقول
-لا يوجد تعب بني دقائق والعصير يكون جاهز
التفت ينظر لها بفضول وهو يقول
-بماذا استطيع خدمتك انسه عبير ؟
اجابت بصوت مبحوح وقد ترقرقت العبرات بعينها
-لا اريد منك ايه خدمه ..انا..انا..اريد فقط ..ان اريح ضميري
تغضنت ملامحه ونظر لها بتركيز وهو يضيق عينيه
-ماذا هناك انسه ؟ عبير افرغي كل ما بجعبتك فكلي آذانٌ صاغية.
ترددت عدة دقائق وهي تشعر بالحيرة ، اتخبره ام لا ؟ لقد اتصلت بياسمين وطلبت منها الحضور لكي تعترف بكل شيء لكنها قابلتها ببرود وحده الى الان كلماتها القاسية التي لازلت لاتصدق انها صدرت من اعز صديقاتها ترن بأذنيها
- اسمعي عبير لاتلقي على عاتقي اخطائك , فانا لاعلاقة لي بهذا الامر
ردت عبير بهمس حار
- لكنك انت من نصحتني بذلك
اجابت ياسمين بتعجرف
- لن يصدقك احد ثم من قال لك ان تنفذي اوامري ..
اكملت بفحيح مخيف
- لاتتصلي مرة اخرى لا اريد ان اعرفك واعتبري صداقتنا انتهت
تنهدت بصوت مرتجف وهي تفرك يدها بتوتر ... تخشى من عواقب الامور لكن خوفها من الله اكبر ، لقد ندمت وتابت لربها وهي تستغفره ليلاً ونهاراً عله يسامحها ويغفر لها قليلاً من ذنوبها ..تريد ان تبدأ بداية جديدة بعيداً عن كل ماضيها المشوه ..
حسمت أمرها واتخذت قرارها بدأت بسرد كل ما حصل ابتداءً من لحظه تعرفها بياسمين الى لحظه دخول فراس عليها في المنزل ..وعند انتهائها من الكلام عم صمت طويل الى ان كسره حازم وهو يحاول ان يهدأ من اعصابه الثائره فيما قبض يده بقوه حتى ابيضت اصابعه وهو يقول من بغضب مكتوم
-وما الذي جعلك تعترفين الان بكل هذا ؟
ابتلعت ريقها بصعوبه بينما بدأت عبراتها تسيل على وجنتيها الغائرة
-لانني ندمت على كل ما اقترفته واشعر ان الله اعادني للحياه لكي اصلح اخطائي ..وقد اعترفت للشرطه بكل شيء عن فراس ونفيت التهمة تماما عن احمد ارجو ان يسامحني ، ليس لدي القدرة على مواجهته ارجوك ان تبلغه ندمي واعتذاري ..
ثم بدأت بالبكاء بنشيج متقطع وهي تغطي وجهها بيديها ...
قال بهدوء معاكس لما يشعر به بعد كم المعلومات التي عرفها
-اتفهم رغبتك وارجو من الله ان يتقبل توبتك وان لا تعودي لما كنت عليه لاجل والدتك المسكينة ..ولا تقلقي سابلغ احمد باسفك وندمك لعله يسامحك.
بتلك الكلمات تركها و خرج وهو يستشيط غضباً ، فقد شعر انه كالمغفل او كاللعبة بين يدي ياسمين ..لقد كان لديه هاجس يلح عليه بوجود يد لياسمين بهذه الحادثه لكنه ابدا لم يتصور ان تصل بها الجراءة والاستهتار لهذه الدرجه المقززة , اتخذ قراره بفسخ الخطبه ولو جاء هذا القرار متاخراً لكنه عقد العزم على اخبارك زياد بذلك خلال اليومين القادمين ..لكن يبدو انه قد تاخر جدا بادراك تلك الحقيقة لكم تساهل معها وتجاهل مشاعره الجامحة تجاه نور ..اه يا نور شتان بين الثرى والثريا . . لكن لا والف لا الى هنا وكفى لقد تعدت ياسمين جميع الخطوط الحمراء وسيشرع بتصحيح الامور وفي الحال.
اتجه مباشرة الى مكتبه واعطى أومره لسكرتيرته بعدم ازعاجه ..اتصل بها على الفور وطلب حضورها لامر مهم جدا احتاج مجهودا جبارا ليظهر نبرة صوته عادية وهادئة لكن رغم ذلك خرجت باردة وحادة.
***
صوته لا ينبئ بخير ابدا هذا ما فكرت فيه ياسمين وهي تمشط شعرها وتضع لمسات من عطرها النفاذ ، ترى ما سبب استدعائه ؟ هل اكتشف شيئاً ؟ هل للامر علاقة بعبير ؟ هل ...... , الاف الافكار والهواجس مرت بمخيلتها لكنها نفضتها بسرعه وهي تلتقطت حقيبتها وتخرج متوجة الى والدتها الجالسة في الصالة ، اخبرتها ان حازم يريد مقابلتها ..
رحبت والدتها بالامر فقد شعرت تلك الاخيرة بفتور العلاقة بينهما وسعدت بهذه البادرة عل المياه تعود لمجاريها ..
استقلت سيارتها وقلبها يخفق بشده لا تعرف لما !
عند دخولها المكتب وقفت السكرتيره فورا وهي تقول بأدب
-السيد حازم بانتظارك آنسه ياسمين تفضلي بالدخول
ابتلعت ريقها بصعوبه وهي تتوجه لفتح الباب ثم دخلت بخطوات مهزوزة تنظر له بارتباك
عيناه بدتا كشعلتين ملتهبتين فيما كانت نظراته الحاده تخترق روحها لتعريها فيتزايد الشك في قلبها اكثر ، بدات الكلام وهي تجلس في المقعد المجاور
-كيف حالك حازم ؟
لم تجد جوابا بل بقي يطالعها بنظراته الغامضه اكملت
-لقد طلبت رؤيتي
اجاب باقتضاب ليقرع قلبها كالطبول بينما شحب وجهها بشده
-لقد استفاقت عبير من الغيبوبة
قالت بابتسامه باهته وهي تحاول التماسك
-لم..لم..اكن اعرف هذا خبر رائع من كان يتصور ان تستفيق بعد كل تلك المده
ضحكت ببلاهه وهي لا تجد ما تقول
سأل وهو يرفع حاجبيه ببرود
-اليست صديقتك الحميمة ؟ الن تقومي بزيارتها ؟
اجابت بسرعة وارتباك
-اجل اجل بالتاكيد
صمت فتره من الزمن وهو يلاحظ شحوبها ونظراتها الزائغة..قال اخيراً وهو يتكأ على ذراع المقعد الجلدي بهدوء مخيف اثار القشعريرة داخلها
-ياسمين ..لقد عرفت كل شيء
اجابت بصوت خرج مهزوزا رغم محاولتها اظهار العكس فيما عينيها تنظر له بقوة
-لا افهم ما تقصده ما الذي فهمته بالضبط ؟
اجاب وهو يترك مقعده ويستدير ليكون امامها
-لا داعي لادعاء الغباء ..لقد اخبرتني عبير كل شيء.
قالت وهي تقف لتواجهه وهي تنفي كلامه بقوة
-كل ما تقوله هو مجرد افتراء لا تصدق
امسكها من ذراعها يهزها بقوه
-و تدعين الكذب ايضا ! يالك من ماكره مراوغة..لكن ما الذي انتظره من فتاه مثلك انتهازية ..مغرورة ..وصولية ..ما كان يجب ان استدعيك انتِ.. كان يجب ان اتوجه بالحديث ل.....
قالت له بسرعه وقد خانتها دموعها بينما هزت راسها بعنف
-زياد .. لا ..ارجوك ..
اجاب بصوت خشن وهو يترك ذراعها باشمئزاز ويتوجه ليقف امام النافذه يوليها ظهره فقد شعر بالنفور من مجرد لمسهٌ لذراعها ولا يريد حتى النظر لوجهها
-حسنا هذه اخر مرة اراك فيها ، لا اريد ان اشاهدك لا من قريب ولا من بعيد فهمتي ؟ وبلغي اخاك ان خطوبتنا قد فسخت وانك انتي التي طلبت ذلك ..ولتعلمي ان هذا كرم مني امثالك لا يستحقونه ... و فقط من اجل الصداقة التي تربطني باخيك لن اخبره عن مخططك الدنيء ..
لم تجد ما تقوله ، بماذا تجيب وكل ما يقوله صواب !
اكمل بحدة اجفلتها دون ان يلتفت لها
-والان اخرجي و كفى ما الحقتي بنا من اذى جراء تصرفاتك المجنونة ، اخرجي ولا تعودي ثانية
هزت راسها بسرعه وهي تلتقط حقيبتها وتنطلق بسرعة جنونية غير عابئة بالنظرات التي كانت ترمقها باستغراب.
************************************************************ ***
لم يستطع زياد فهم شيء من شقيقته التي كانت تبكي بشهقات متتاليه ، قال بجفاف
-انا لا افهم شيئاً مما قلتي , اجلسي واحكي كل شيء على مهلك ..
جلست وهي تزدرد ريقها بصعوبه
-لقد طلبت من حازم فسخ الخطوبه وقد وافق على ذلك
اجاب زياد بحده
-اجننت ؟! ما السبب الذي جعلك تطلبين هذا الطلب الغبي ؟
وقفت وهي تدير ظهرها له بينما كانت تفرك يديها ببعضها بشده
-لا شيء غير اني اكتشفت اننا لا نلائم بعضنا البعض ..اظن ان ذلك ليس جرماً , ثم ان فترة الخطوبه اثبتت ان ميولنا لا تتلائم ..نحن نسير بطريقين مختلفين
اجاب بامتعاض
-هكذا فجاة اكتشفت هذا الاكتشاف المذهل !
اجابت بخفوت وهي تبتلع ريقها
-اجل ارجوك زياد لا تضغط علي اكثر من ذلك ..
اكملت وهي تستدير لتواجهه , فيما امتلأت عيناها بالدموع
-لو كان ابي على قيد الحياة لما استطعت ان تفعل كل ذلك بي
رق قلبه لها وقد آلمته دموعها وهو يفكر ، الهذه الدرجه كنت اقسو عليها لم افكر برغباتها كل ما اردتة هو طريقة للتخلص من حكم واستبداد عمنا سامحه الله ! تنفس بعمق ليهدأ من نفسه قليلا ثم توجه الى الأريكة حيث تجلس عليها والدته التي بدات متجهمة الوجه تراقب ابنتها بحزن نظر لها باستسلام وهو يقول بهدوء
-حسنا ياسمين اذهبي لغرفتك الان ..ولن يحدث الا ما ترغبين به حتى لو كان على حساب صداقتي مع حازم.
لم تجرؤ على مناقشته او الالتفات له ، استدارت بسرعة وهي تخرج متجه الى غرفتها لتداري خيبتها وخجلها بينما دموعها تجري على خديها كالمطر .
التفت الى والدته التي كانت تتابع بصمت و جلس جانبها بتعب
-ما رايك امي هل يعجبك تصرف ابنتك ؟
اجابت بصوت واهن
-هذه الخطبة بدأت من الاساس بصورة خاطئة لكنك كنت عنيداً ولم تستمع لنصيحتي لقد علمت منذ البدايه ان مصير ارتباطهما هو الفشل و احمد الله انه حدث الانفصال قبل الزواج
اجاب بشرود وقد اقنع بكلام والدته
-وماذا سافعل اذا رجع عمي ليطلبها مرة ثانية
قالت بيأس
-لا اعرف يا ولدي فكر بطريقه نتخلص بها من ظلمه وجبروته
صمتت قليلا ثم هتفت
-نغير سكننا ونذهب الى منطقة اخرى ، ما رايك ؟
اجاب زياد بياس
-وهل تعتقدين انه سيصعب عليه ايجادنا ؟
فكر قليلاً ثم التفت اليها وقد التمعت عيناه
-وجدتها امي
قالت وقد بدا الامل يدب بقلبها
-ماذا ؟ اخبرني بسرعه بني
وقف وهو يقبل جبينها ويقول
-لا تقلقي امي سيكون كل شيء على ما يرام فقط ثقي بي
تركها وهو يتوجه لغرفته فيما تابعته والدته بعينيها وهي تدعو الله بان تنتهي المشكلة بسرعة
............................................................ ..................................
دخلت ساره و سلمى الى غرفة محمد بهدوء ، نظرت له ساره بتركيز ..كان مغمض العينين يتنفس بهدوء بينما لف راسه بالضمادات الطبيه ..ساقه معلقه وقد جبرت له ..همست سلمى بخفوت وهي تقرب راسها من اذن ساره
-يبدو انه مازال تحت تاثير المخدر..فلنذهب ونعود في وقت اخر
اجابتها بعناد وهي تجيب بنفس الهمس
-كلا لن ابارح المكان حتى يستفيق ونتحدث معه ، تعالي لنجلس
توجهت الى المقعد المجاور للسرير وهي تتفحص تقاسيم وجهه فلاحظت وسامته الظاهرة..احمرت وجنتاها وهي تفكر بسرها .. ما الذي اصابني ! الرجل يرقد وهو مكسر العظام وانا افكر بوسامته يا لي من بلهاء..سمعت صوت همهمته ..فاقتربت منه بسرعه وهي تقول
-حمداً لله على سلامتك سيدي لقد كنت على مشارف الموت والله قد كتب لك النجاة على يدي ، بالتاكيد انا لا انتظر منك شكر لكن لا مانع لدي ان كنت تريد ذلك
فتح عينيه بإنهاك وهو ينظر الى سقف الغرفة بتشوش ثم قال بصوت متعب وقد احس بالصداع من ثرثرتها
- اين انا ..
اجابت ببشاشه
- انت في المشفى .. سأعرفك بنفسي انا ساره التي وجدتك على قارعة الطريق
ثم اشارت باصبعها
-وتلك الواقفه عند النافذة هناك هي سلمى ابنة عمتي
قال بصوت مبحوح مرتبك لا يعرف مالذي يجري له كل شيء مشوش وغامض
-شكرا لكما
اجابت بابتسامه
-لا شكر على واجب يا سيد... امممم ما هو اسمك سيدي ؟
قطب محمد جبينه وهو يفكر بتركيز اسمه ماهو اسمه فكر بتاني لكن لاشيء وكان راسه مجرد ورقة بيضاء فارغة ... احس بالدوران يلفه وهو يقول بصوت مرتجف قبل ان يعود لسباته مرة اخرى
- انا... انا........لا اذكر اسمي .....
بهتت ساره وقد اتسعت عيناها وهي تسارع بالوقوف والتراجع للوراء فيما كانت سلمى واقفه تطالعهما ببلاهه وقد كتفت ذراعيها على صدرها قالت سارة بصوت منخفض هامس
-هل سمعت ما سمعت ؟
اجابت سلمى بخفوت وهي تقلب شفتيها
-اجل يبدو ان الضربة التي تلقاها اثرت على مركز الذاكرة في راسه بالتالي ادى ذلك الى فقدانه للذاكره وقد يكون فقدان دائمي او موقت حسب الحالة
نظرت لها ساره بذهول واندهاش وهي تميل راسها قليلا وهمت بسؤلها لكنها قاطعتها بصوت منخفض
-لا تساليني كيف عرفت ذلك لانني انا نفسي لا اعرف شيئاً لكنني شاهدتها باحد الافلام الاجنبية عندما تلقى البطل الضرب على راسه واصيب بفقدان الذاكره مثل الاخ الراقد هناك
قالت ساره وهي تقضم شفتها بتوتر
-ساذهب واخبر الطبيب تعالي معي
امسكت يدها وهما يتجهان الى الخارج قالت سلمى
-اريد الذهاب الى الكافتريا لاحضر قدح من القهوه
اجابت ساره بغيض
- وهل هذا وقته تعالي لنذهب للطبيب
قالت باصرار وهي تضرب الارض بقدمها الصغيرة
- كلا انا اريد القهوة الان فانا لم انم منذ ساعات وساحضر قدحاً لك ايضا
قالت ساره باستسلام فهي محقة فيما تقول فركت جبينها بقوة
-اجل احتاج الى شرب القهوة فانا اشعر بالصداع ، شكرا لك سلمى لا اعرف كيف اتصرف بدونك
اومات سلمى وهي تبتسم بخبث ثم همست بخفوت" اجل لن تعرفي كيف تتصرفين الا بوجودي انا منقذتك من اخطاءك الفادحه التي ترميها بوجهي وانا على اصلاحها لك .. مجنونة " ..ثم توجهت الى الاسفل تنوي الاتصال بخالها واخباره بكل ما جرى.
............................................................ ...............................................
دلف الى المشفى وهو بحالة عصبية شديدة فمنذ ان اتصلت به سلمى واخبرته بكل ما حصل معهما والبطولات التي قامت بها ابنته المجنونة و قدمه لا تستطيع حمله في عقلهُ تدور الاف الافكار... اتجه من فورة الى العنوان الذي املته عليه وهو يتوعد تلك المشاغبة التي لا تنفك من ايقاع قلبه الضعيف في مطبات عنيفه بسبب تهورها واندفاعها المستمر.. اتصل بسلمى ليعلمها بوصوله فاخبرته بصوت خافت انهما في الكافتريا الخاصه بالمشفى .. تلك البنت ستقوده يوماً ما الى الجنون ..
وجدهما تجلسان وهما تحتسيان القهوه و تتحدثان وكأن شيئاً لم يكن
سمعت صوت والدها وهو يلقي السلام بصوت حمل نوعا من السخرية .. ابتلعت ريقها بصعوبة و رفعت نظراتها لتلتقي مع نظرات والدها الصارمه وهو يرفع حاجبه ببرود نظرت لسلمى التي ردت السلام بخفوت وهي تتكأ على ذراعها واضعه راحة يدها على خدها تنقل بصرها بينهما بفضول وكأنها تشاهد فلما كوميدياً ممتعاً ..توعدتها بسرها فلقد فعلتها تلك الثرثارة واخبرته .. متى اتصلت به وكيف لم تفطن لها .. وقفت تتطلع لوجه ابيها الغاضب , رسمت على وجهها ابتسامه عريضة وقد قررت ان تتخذ طريق المراوغه لكسب عطفه قالت بمرح
-ابي !! تفضل بالجلوس واهدأ قليلا وانا سأحكي لك كل شيء فقط لا تنظر لي بتلك الطريقة
لم ينطق بكلمة واحدة لانه يعلم ان الكلام لا طائل منه مع راس عنيد ومتحجر كابنته التي تشابهه في عنادها , جلس على الكرسي المقابل لها وهو يهز ساقه بتوتر
ويقول بنفاذ صبر
-الان ساره ....الان ستعترفين بكل شيء بدون زياده او نقصان
اجلت حنجرتها وهي تسبل اهدابها الكثيفة ..بدأت بسرد كل ما جرى و لا يخفى عليها التغيرات التي تطرأ على وجه والدها مع كل كلمه تلقيها على مسامعه.. وعند انتهائها قال بدهشه ممزوجه بالفخر لتصرف ابنته النبيل وان كان تصرفاً محفوفاً بالكثير من المخاطر التي ما ان يفكر بها حتى يقشعر بدنه وهو يتخيل ما يمكن ان يحصل لها ولسلمى بتلك المنطقه النائيه والخالية من اي تواصل بشري.. لكنه ابقى ملامحهُ باردة وهو يقول بحدة
-هذا كله يحصل وانا اخر من يعلم ..ثم كيف تقفين في مكان كهذا في منتصف الليل ؟ الا يوجد نهايه لتهورك ! الا تفكرين ولو قليلا بنتيجة افعالك المجنونة التي لا تنتهي !
تنهد بضيق واضاف
-ماذا افعل معك ؟ هل اقيدك بالسرير وامنعك من الخروج ؟ ام اعين لك حارسا شخصيا يرافقك الى حيث تذهبين ؟ فلنفترض ان شيئا سيئا قد حدث لكما او ان عصابة ما قد تهجمت عليكم ماذا كنت سافعل وقتها ؟!
اضاف بتوسل رجل ضعيف بعث الدموع لعينيها الجميلتين
-يا بنتي ..ارحمي ضعفي وكبر سني فانا اعاني من الضغط اذ كنت لا تخشين على نفسك اخشي على انا ، من اجلي ارجوك ابتعدي عن المشاكل ..هل تريدينني ان اموت بسكته قلبية ؟
عند نطقه بهذه الكلمه اسرعت تجثو امامه بركبتيها .. غير عابئه بالنظرات التي توجهت صوبهم وهي تقبل يده وتقول بصوت مرتجف ومتوسل
-بعيد الشر عنك ابي ..انا اسفه.. اسفه جدا لانني دوما اسبب لك القلق .. لكنني لم استطع ان اشاهد احد بحاجه للمساعده وانا لا اقدمها له انت لم تنشئني على ذلك لقد كنت دائما تحثني وترشدني على تقديم المساعدة لكل شخص يحتاج اليها.. سامحني ابي
كانت سلمى تراقب المشهد وهي تشاركهم دمعاتها التي ترقرقت بمقلتيها ..فقالت وهي تعتدل بجلستها تحاول ان تهدأ الاجواء وتلطفها
-حسنا خالي سامحها هذه المرة فقط من أجل خاطري فلقد قصدت به عملاً انسانيا ولم تتعمد اثارت المشاكل
نظرت لها ساره وهي مازالت مطرقة براسها بينما تحرك شفاهها وتتوعدها بصوت مكتوم .. لكن سلمى استطاعت فهمها جيدا
لم تهتم لها وهي تمط شفتيها بعدم مبالاة .. بينما تحرك كتفها بمعني ماذا فعلت ؟.. قطع عليهم سيل الحرب الصامته التي تدور بينهما صوت ابيها وهو يبعدها بلطف و يهم بالوقوف
-حسنا هذا الكلام سابق لآوانه فلنذهب ونرى حال هذا الرجل الذي انقذتيه ما كان اسمه
اجابت ساره بسرعة وهي تحاول اللحاق بخطوات والدها
-لا يعرف اعتقد انه فقد الذاكره
اجاب والدها بياس وهو يتوقف عن السير
-يا الهي هذا ما كان ينقصني يفقد ذاكرته ايضاً
لم تجبه بشيء وهي تلحق به مع سلمى وهما تتهامسان وكل منهما تلقي اللوم على الاخرى
************************************************************ **************
كان يستمع الى كلام الطبيب بتركيز شديد وهو يخبرهم ان حالة كانت واردة جدا مع الضربة القوية التي تلقاها براسه وان من الممكن ان تعود له ذاكرتهٌ , لكن يحتاج الى فترة من الراحة النفسية والجسدية وسيستعيدها خلال الفتره القادمة وبصوره تدريجية .. وانه يحتاج الى اجواء نقية وهادئه تساعده على رجوع ذاكرته بسرعة
قالت ساره لابيها عند خروجهم من غرفة الطبيب
-ابي ما الذي ستفعله ؟ الرجل لا يتذكر شيئاً ولا يوجد مكان يذهب اليه وعلينا ان نقدم له المساعده باعتبار انني انا المسئوله عنه لانني من وجده واشعر فعلا فعلا بالمسئوليه ابي انا افكر ب........
ابتلعت كلماتها وهي تلاحظ نظرات والدها وهو يرمقها بدهشه ويقول
-اكملي يا استاذة العباقره ماذا تأمرين ايضا ؟
قالت بخجل وهي تبتسم
-اسفة ابي انت الذي تامر وانا انفذ كان مجرد اقتراح
استغربت ساره من ردة فعلها ودفاعها عن هذا الغريب لكن هي صادقه فعلا تشعر بالمسؤوليه تجاهه لا تعرف لما كأنه طفلها الذي تبنته ... فمنذ ان شاهدته مرمياً في الشارع رق قلبها له كثيراً وجهه الوسيم استرخاء ملامحه يجعل قلبها يخفق بجنون ..تجهم وجهها وعقدت حاجيها وهي تتذكر خاتم الخطبة ، هل هو خاطب؟ اف طبعا خاطب ايتها البلهاء ترى من تكون وكيف شكلها اكيد ستكون جميلة وفاتنة ..يا الهي ما الذي اصابني وبماذا اهذي وما شأني انا ان كان مرتبط ام لا ! لكزتها سلمى بكتفها لتقطع عليها سيل افكارها المجنونه وهي تتمتم
-خالي يحدثك ايتها البلهاء
اجابت بمرح
-نعم ابي ماذ كنت تقول ؟
اجاب والدها وهو يهز راسه بيأس
-كنت اقول سنجد حل لهذه المشكله التي وضعتينا فيها والان هيا امامي لنعود الى المنزل ثم نفكر فيما سنفعله لمساعدة هذا الشخص
............................................................ .
شعر والده بالم غريب وانقباضه تعتصر قلبه بقوة لا يعرف مصدرها لكن الذي يعرفه بان هناك شيء سيئ على وشك الحدوث فلطالما كان حدسه مصيبا ابتلع ريقه بصعوبة يكمل تسبيحه بخفوت وهو جالس على سجادة الصلاه يدعو ربه بخشوع ..محمد له يومان لم يتصل وهذه ليست عادته كما ان والدته بدات بالبكاء والنواح وهذا لا يساعده على التفكير .. لا يعرف كيفية التصرف اتصل بالفندق الذي حجز فيه فاخبروه بسفره قبل عدة ايام الامر الي زاد شدة الانقباض في قلبه.. مؤلم ذاك الشعور بانك تعجز عن القيام بشيء كأن يديك مربوطتان بقيد من حديد لكن ماذا يمكنه ان يفعل ..
اتصل بالشرطه بمساعده حسن واحمد اللذان لم يتركاه ابدا وقد شعرا بالقهر الحقيقي على محمد الشاب السمح المتواضع الذي يكنان له كل التقدير والاحترام حتى قبل خطبته لنور.... كانا مع الحاج عبد الرحمن خطوة بخطوه بكل طيبة خاطر ..بدات الشرطة بسلسلة من الإجراءات للبحث عنه لكن بلا نتيجه الى ان ابلغوه ان ولده يعد مفقودا او ربما تعرض لحادث في احدى الطرق المهجورة البعيدة التي لا يصلها الناس لان الطريق المؤدي لتلك المنطقة كثيرة التشعبات والتفرعات وبعضها يصعب ايجادها الا لو بلغو بذلك من مراكز الشرطة المنتشرة في تلك القرى والنواحي ...
دخلت والدته الى المشفى فورا بعد ان وقعت مغشي عليها فيما حاول الحاج عبد الرحمن التماسك ولو كان تماسكه ظاهريا فقط.. لكنه لم يستطع ان يمنع نزول عبراته الساخنه على لحيته البيضاء بصمت ..محمد لم يكن ولده فقط بل كان سنده وثغره كان نعم الولد البار الملتزم وماذا ستنفع الدموع والقلب ينزف على فراقه , جلس يتطلع الى الفراغ وفي داخلهُ كان يتقلب على الجمر حزناً وكمداً على ولده الوحيد وقرة عينه لكن رغم كل المحاولات التي بأت بالفشل كان لايزال يتمسك بذاك الامل الضئيل الذي يخترق قلبه النازف ولن يمل من الانتظار ابدا ..
............................................................ ....................................
شيء مؤلم ان تشعر بالظلم
والمؤلم بصورة اشد الشعور بتأنيب الضمير
لا تستطيع اخمادا النار المشتعلة
التي تكاد تلتهم روحك التهاما
ولا تستطيع اسكات ذلك الصوت الهادر بداخلك
بصدى قوي يكاد يصم اذنيك
ويكتم انفاسك مانعاً عنك وصول الهواء
ينغص عليك اسعد اوقاتك
ويجعل ايامك بائسة وتعيسة
تتمنى فرصة اخرى للرجوع
لاصلاح الذي افسدته
ولكن هيهات ان يعود الذي مضى ....
انسلت دمعه يتيمة على خدها وقد احست بشعور رهيب بالذنب ..
تدفقت الذكريات تنكب بمخيلتها وتطاردها بضراوة ..كيف كان يحاول ان يكسب حبها ويتقرب لها باي طريقه ، محاولاته التي باءت جميعها بالفشل ، همساته ونظراته الهائمة التي كانت تطاردها بشوق اينما ذهبت ..
تذكرت اخر لقاء جمع بينهما عندما اخبرها بكل حب بأنه ما ان يعود من سفره سيفاتح والدها بأمر زواجهما ، ليتها ترجته الا يذهب ، ليتها ابتسمت بوجهه مرة واحده .. لكن كيف وهذا القلب الخائن الذي يابى النسيان ..هو السبب ، قست عيناها حتى بدتا كجمرتين من اللهيب الازرق اجل فلولاه لما حصل كل ذلك شعور بالمرارة تصاعد طعمه لفمها .. لكم كانت ظالمه ومجحفة بحقه لم تعطيه الفرصه لم تسمح لقلبها بان يحاول مجرد محاوله بان يتجاوب معه ..
تساقطت العبرات التي تفجرت كالطوفان لتغسل روحها الشفافة علها تخمد ذاك الصوت الذي يصرخ بداخلها حتى يكاد يصم اذنيها وهو يردد دون هداوة ..انتِ السبب.. انتِ السبب.

ان تمنحك الايام فرصة جديدة
هذا اقصى ما تتمناه
حتى لو كانت ستبني سعادتك
على حساب شخص اخر
اذا واتتك الفرصة تشبث بها ولا تتركها تتسرب من بين
يديك كالرمال
فتعيش البقية الباقية من عمرك
تتحسر وتلوم نفسك
عندما علم حازم بخبر احتمال موت محمد شعر بالحزن فلم يكن يريد تلك النهاية له ... وفي نفس الوقت تجدد الامل بداخلة فها قد اصبح الطريق ممهدا للارتباط بحبيبة قلبه التى امضى شهوراً يناجي طيفها .. هو بالنهايه رجل عاشق وقد ادرك عمق مشاعره تجاه من ملكت قلبه وتسللت تحت مسام جلده حتى اضحت كالهواء الذي يتنفسهُ..يحبها اجل يحبها وسيحارب بكل ما اوتي من قوة ليفوز بها الم يقولوا كل شيء مباح في الحب والحرب وهذا ما سيفعله ، سيحطم كل من يقف بوجهه او يردعه عن تحقيق ما يصبو اليه هو في حياته لم يتمنى شيئا لنفسه كما تمناها ..دائما كان يفضل سعادة الاخرين على سعادته ويضحى من اجلهم واليوم فقط وجد سعادة الضائعة وسيتمسك بها .. وسيحصل عليها اجلا ام عاجلا .. ولكن عليه اولا ان يكسب قلب مليكته ومعذبته الاولى و الاخيرة نور.
......................................................
نهاية الفصل

 
 

 

عرض البوم صور نجمه الصباح   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
...., خفقات, رواية, هاربة
facebook




جديد مواضيع قسم رومانسيات عربية - القصص المكتملة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:12 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية