لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


أسى الهجران ...

مساءات العذوبة التي تشبهكن مساءات الاشتياق لمحيا كل عابرة حفرت اسمها على شغاف قلبي مساءات الروعة التي غلفت أرواحكن الطاهرة مساءات ليالي السمر المختلفة التي جمعتنا على الود والبهجة مساءات

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (4) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-04-09, 07:20 PM   2 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
Icon Mod 44 أسى الهجران ...

 

مساءات العذوبة التي تشبهكن
مساءات الاشتياق لمحيا كل عابرة حفرت اسمها على شغاف قلبي
مساءات الروعة التي غلفت أرواحكن الطاهرة
مساءات ليالي السمر المختلفة التي جمعتنا على الود والبهجة
مساءات العذوبة التي تشبهكن
مساءات أسطورية خاصة بكن ولكن

هأنا أعود لكم من جديد
بروايتي الجديدة "أسى الهجران"
رغم أني أصارحكن أني غير مقتنعة لا بالرواية ولا بوقت تنزيلها
فأنا مازلت أكتب هذه الرواية ببطء شديد وعلى سبيل المتعة الخاصة
ولكني أنزلها الآن من أجل صديقتين عزيزتين
وأتمنى ألا أندم على تفضيلهما على نفسي وعلى قناعاتي

مازلت أقول أنا مجرد قارئة أرادت أن تكتب
حين كتبت "بعد الغياب" أردت أن أثبت أنه ليس من الصعب أن يجئننا الكاتبات بشيء جديد
وفي ذات الوقت يلتزمن مع متابعاتهن بإنزال الأجزاء

واليوم أكتب "أسى الهجران" لسبب آخر
أنه لا يضر الكاتبة أن تأتي بأفكار متداولة ولكن لتصغها بطريقتها الخاصة وتعطيها من عبق روحها وشخصيتها
هذه الفكرة جاءتني مع تعليق ابنة خالتي
التي كانت تثرثر دائما أنه من الممكن أن تتناول 1000 كاتبة ذات الفكرة
ولكن لتكن كل واحدة منهن معالجتها الخاصة
لذلك طلبت منها –بما أنها متابعة نشيطة للساحة- أن تكتب لي قائمة
بأكثر الأفكار دورانا في القصص حتى أتناولها هنا

وهاهي "أسى الهجران" أفكار متداولة
بروح أنفاس قطر ومعالجتها
أنا لا أخفيكن أني مرعوبة أن تكون هذه الرواية مشروعا فاشلا
وخصوصا أنها أصبحت مقربة مني كثيرا
بشخصياتها التي تداخلت معها

في "أسى الهجران" ليس هناك بطل أوحد
هناك مجموعة من الشخصيات الرئيسية
كان اهتمامي أن أغوص في دواخلها وأعماقها

اليوم ستتعرفون على بعض الشخصيات
والأجزاء القادمة ستتعرفون على البقية
(والأكشن والقفلات لاحقين عليها وبكثرة!! خلونا الحين نتعرف برواقة!!)

بسم الله توكلنا على الله
اللهم أعطنا من خير هذا المجلس وأكفنا شره

استلموا
الجزء الأول والثاني

وموعدنا القادم بعد غدٍ يوم الاثنين إن شاء الله
الساعة التاسعة والنصف مساء
وبعدها سيكون جزء كل يوم إن شاء الله في الوقت الذي تشاءون أنتن
دعواتكن فقط أن يعينني الله على الكتابة
.
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
.
همسة: اشتقت لكم والله العظيم فوق ما تتخيلون!!
.
.







روابط أجزاء أسى الهجران


الجزء الأول والثاني

الجزء الثالث والرابع

الجزء الخامس

الجزء السادس

الجزء السابع

الجزء الثامن والتاسع

الجزء العاشر والحادي عشر

الجزء الثاني عشر

الجزء الثالث عشر

الجزء الرابع عشر

الجزء الخامس عشر

الجزء السادس عشر

الجزء السابع عشر

الجزء الثامن عشر

الجزء التاسع عشر

الجزء العشرون والحادي والعشرون

الجزء الثاني والعشرون

الجزء الثالث والعشرون

الجزء الرابع والعشرون

الجزء الخامس والعشرون

الجزء السادس والعشرون

الجزء السابع والعشرون

الجزء الثامن والعشرون والتاسع والعشرون

الجزء الثلاثون

الجزء الحادي والثلاثون

الجزء الثاني والثلاثون

الجزء الثالث والثلاثون

الجزء الرابع والثلاثون

الجزء الخامس والثلاثون

الجزء السادس والثلاثون

الجزء السابع والثلاثون

الجزء الثامن والثلاثون

الجزء التاسع والثلاثون والأربعون

الجزء الحادي والأربعون

الجزء الثاني والأربعون

الجزء الثالث والأربعون

الجزء الرابع والأربعون

الجزء السادس والأربعون

الجزء السابع والأربعون والثامن والأربعون

الجزء التاسع والأربعون

الجزء الخمسون

الجزء الحادي والخمسون

الجزء الثاني والخمسون والثالث والخمسون والرابع والخمسون

الجزء الخامس والخمسون

الجزء السادس والخمسون والسابع والخمسون

الجزء الثامن والخمسون والتاسع والخمسون

الجزء الستون (1)

الجزء الستون (2)

الجزء الثاني والستون

الجزء الثالث والستون

الجزء الرابع والستون

الجزء الخامس والستون

الجزء السادس والستون

الجزء السابع والستون

الجزء الثامن والستون

الجزء التاسع والستون

الجزء السبعون

الجزء الحادي والسبعون

الجزء الثاني والسبعون

الجزء الثالث والسبعون

الجزء الرابع والسبعون









أسى الهجران/ الجزء الأول

#أنفاس_قطر#


شبكة ليلاس الثقافية



يومٌ خريفي بارد.. برودته الخافتة المرتعشة تسربت بحدة موحشة للروح قبل الجسد
إنها واشنطن دي سي.. أواخر شهر سبتمبر..شهر الخريف المرير
تقلبات الأجواء.. واصفرار الأشجار.. ووجع الغربة
وآه يا وجع الغربة.. ما أقساها على روحه الحرة المستنزفة شوقاً موجعاً لأرضه
لا شيء يستنزف الروح شيئاً فشيئاً كإحساس الغربة، هذا الإحساس الذي يبدأ بالتهام الروح حتى يحيلها رماداً
وتكون العودة للوطن هي كعودة العنقاء التي تقوم من رمادها حين يعبرها جسدٌ حيٌّ كما تقول الأسطورة

وهكذا هو الوطن!! هو الجسد الحيُّ الذي يعيد الروح لبقايا الرماد..


وهاهو الغريب المشتاق المعتصم بجَلَده ودفء ذكرياته وحرارة حنينه يقف في موقف الحافلات القريب من منزله وقفته المعتدّة بجسده الفارع الطول
يحكم إغلاق جاكيته الجلدي على صدره العريض ليصدَّ لسعات البرد في ساعات الصباح الباكر
الشمس لم تشرق بعد، ولكن هاهي تغازل الأفق..

"شمسهم الباهتة الهزيلة!!"
ينظر للأفق ( وهذي اسمها شمس.. خلهم يجون عندنا في الدوحة ويعرفون الشمس صدق.. آه يا شمس الدوحة.. ويا دفى الدوحة..جعلش بعد طوايف واشنطن وفوقها البيت الأبيض)

كان عنده سيارة.. ولكنه يفضل استخدام المواصلات العامة في مشوار الجامعة ذهابا وإيابا..

وصلت الحافلة في موعدها
يركب بخطواته الثقيلة الواثقة المعتادة.. يلقي التحية على "ستيفن" سائق الحافلة الزنجي المرح الذي ربط بينهما ودٌّ إنسانيٌّ عمره خمس سنوات منذ سكن في كولومبيا ديسكيرت ودرس في جامعة جورج تاون القريبة..

وهكذا الألفة البشرية تعقد أواصرها بين البشر.. لمجرد كونهم بشر
بالمعنى الحقيقي للبشر!!
لأن هناك بشراً قد لا يكون لهم من البشرية إلاَّ اسمها!!


كان من الممكن أن يلاقي سكناً ملاصقاً للجامعة ولكنه أراد سكناً يكون ملاصقا لمسجد (كافي علي غربة الجسد.. خل قربي من بيت الله يسكن روحي)

بعد إلقاء التحية.. اتخذ مكانه في الحافلة الفارغة تماماً من الركاب في هذا الوقت..

اعتاد الخروج مبكراً حتى يستغل الوقت بالبقاء لأطول وقت في المكتبة لانجاز أطروحته للدكتوراه في إدارة الأعمال.. تبقى عليه هذا العام فقط..
وما أطوله عليه من عام!!!.. رغم أنه كان يضغط على نفسه كثيرا للانتهاء في أسرع وقت..
(أوووف.. لو أني في بريطانيا كان خلصت من زمان)

كما هو معروف: نظام الدراسة في أمريكا أسهل في الماجستير وأصعب في الدكتوراه.
وبريطانيا هي العكس أصعب في الماجستير وأسهل في الدكتوراه
من الممكن للدارس أن ينهي دراسة الدكتوراه في بريطانيا في سنتين فقط لو كان بنظام الفول تايم.. والماجستير سنة واحدة بنفس النظام الفول تايم Full Time

أما أمريكا فهو محتاج لخمس سنوات أو أربع على أقل تقدير في الدكتوراه وذلك في حال نحر نفسه تعبا وضغطا .. بينما الماجستير: ثمانية أشهر في أمريكا تكفيه..


جالسٌ مستغرقٌ في التفكير (الله يلعنهم البريطانيين.. الأنذال.. الباردين) وذاكرته تعود ل12 عاما مضت، وتستعيد السبب الذي حرمه من الدراسة في بريطانيا وإنهاء دراسته بسرعة ليعود إلى صحرائه الغالية... فهذه الغربة أصبحت شديدة الوطأة على روحه البدوية الوثابة..

حين تكون معتادا على صمت الصحراء وعمقها واتساع أفقها.. وجلافة أهلها وشهامتهم حتى وإن تحولت الأرض في اتجاه المدنية ولكن نبضها يبقى صحراويا وروحها تبقى صحراوية وأهلها معتصمون بأخلاقيات الصحراء
ثم تجد نفسك محشورا بين ناطحات السحاب.. وعوادم السيارات.. وانعدام النخوة.. حينها تشعر أن روحك تهوي تحت المقصلة.. وأنك تتمدد على السندان في انتظار المطرقة التي لا تعلم متى ستأتي..


عودة لبريطانيا..كان حينها في السابعة عشرة

اعتاد هو وأبناء عمه محمد :راكان الأكبر منه بسنة، وناصر الأصغر منه بسنة: الذهاب كل صيف لمدينة كامبردج شمال شرق لندن لدراسة اللغة الانجليزية
كان يوجد شباب انجليز.. دائما يتحرشون بهم يريدون التعارك معهم..
وكان العراك دائما بسيطا.. وأحيانا لا يتجاوز مجرد التلاسن بالكلمات..

في ذلك اليوم كان لوحده، وأولاد عمه ناصر وراكان كانوا في لندن عند والدهما
رآهم يتحرشون ببنات عربيات، وهم تحرشوا فيهن قصدا
كانوا يريدون أن يستفردوا به ويضربوه لأنهم رأوه وحيدا
لم يحتمل..ثارت حميته وثار دمه الحار
وللإناث دائما في ثقافة الشهامة العربية هذا القدر الثمين البهي!!

حصل عراك كبير كان فيه هو المنتصر.. والشابان البريطانيان كانت إصاباتهما كسور مختلفة.
في ذلك الحين: حمد ربه أن ناصر وراكان لم يكونا متواجدين
وخصوصا راكان الهادئ العميق الذي كان أكثرهم حِلما.. لكنه ينطبق عليه وصف (احذر الحليم إذا غضب) لأنه إذا اُستثير وضرب فهو لا يرحم من يلقيه القدر أمامه وخصوصا مع ضخامة جسده التي تتجاوزهم جميعا

السفير القطري استطاع إنهاء الموضوع
وآباء الشبان الذين كانوا من النبلاء البريطانيين عرفوا أن أبنائهم هم المخطئون فقبلوا اعتذار السفارة
لكن اسكوتلانديارد (الشرطة البريطانية) وجهت له تحذيرا مهذبا: إنه غير مرحب فيه في بريطانيا.. اعتقد وقتها أن التحذير غير مقصود
وهو فعلا لم يعد لبريطانيا لأنه انشغل في دراسته الجامعية..


لكن بعد الحادثة إياها بأربع سنوات..
كان جده الأثير الغالي كبير العائلة في مرضه الأخير في لندن
كان أبوه وعمه عنده.. لكنه لما أحس بدنو أجله.. أرسل في طلب أحفاده الشباب الخمسة كلهم حتى أصغرهم فارس اليتيم الذي كان وقتها في ال18 من عمره..
حطوا في مطار هيثرو.. وجميعهم أنجزوا إجراءاتهم بسرعة إلا هو.. حجزوه لليوم التالي وهو لا يعرف السبب.. وبعدها صارحوه: "احنا مو قلنا لك إنك غير مرحب فيك هنا"
ثم سمحوا له بالخروج بعد تدخل السفارة للمرة الثانية


عاد بعدها بأيام على نفس الطائرة مع جثمان جده
وهو يعد نفسه أنه لن يعود لهذه البلد التي أهانته.. وكسرت عنفوان جده وهيبته
ليعود ذلك الرجل القوي الصلب من تلك البلاد الباردة جسدا باردا في صندوق بارد!!
جده الذي صنع منهم كلهم نماذج مصغرة له
نماذج تختلف في شخصياتها وأشكالها ولكنه أورثهم جميعا صفتين إحداها خَلقية والأخرى خُلقية:
الطول الفارع، والاعتداد البالغ بالنفس.


" ميشيل.. ميشيل"

انتزعه من ذكرياته التي تطوف به أرجاء الدوحة التي يغتاله شوقه لها وحنينه لأهله فيها.. صوتها الهامس الضعيف
ابتسم وهو يراها تجلس مقابلة له بضعفها البادي وشعيراتها البيضاء المتناثرة حول وجهها الغارق في التجاعيد

وهمس لها بانجليزية سليمة بلكنة أميركية واثقة : صباح الخير جانيت.. إنها المرة المليون التي أقول لك اسمي مشعل.. واكره اسم ميشيل هذا

ابتسمت: أوه ميشيل.. اسمك صعب.. هل ستعاتب سيدة جميلة مثلي حين تخطئ في اسمك كل مرة.. ألا تخجل؟!

مشعل بابتسامة: لا لا أخجل.. سأبقى أقولها حتى تتقني نطق حرف العين..

نظر مشعل لجانيت بحنان إنساني شاسع..
يشعر نحو هذه العجوز بحنان بالغ.. رغم سنوات عمرها التي قاربت السبعين إلا أنها مازالت تعمل في أحد مصانع النسيج في ضواحي كولومبيا ديسكيرت
لا أنيس لها.. بعد أن تركها أبنائها وتفرقوا في أنحاء الولايات المتحدة الأميركية ونسوا أن لهم أم
اعتادت تبادل أطراف الحديث مع مشعل بعد أن تركب في المحطة التالية له.. وتنزله في الجامعة.. لتكمل هي طريقها للضواحي..

ابتسم مشعل وأكمل بلغته: فديت العجايز ياجانيت عشان عجوزن في الدوحة..

ابتسمت جانيت وهي تهزُّ رأسها بعدم فهم: أكرهك حين تتكلم بلغتك.. أشعر أنك تسخر مني.. ثم أردفت بابتسامة مرحة: هل تسخر مني أيها الوسيم؟؟

ضحك مشعل: أ هذا يعني أنني لست مرعبا..كمصارعٍ مكسيكي..؟؟

ضحكت جانيت وهي تستعيد ذكرى لقائهم الأول، حينها ارتعبت من طوله الفارع ولأن شكله يشبه شكل من يسمونهم (اللاتينيين) اعتقدت أنه مصارع مكسيكي
أجابت: اعتدت على شكلك وأحببته حتى أقنعت نفسي بوسامتك..

لم يكن مشعل وسيما بالمعنى المعروف للوسامة ولا حتى بأي صورة.. ولكن ملامحه السمراء الحادة كانت محددة برجولة هادرة بالغة الجاذبية..


عاد مشعل للابتسام وهو يغير الموضوع ويقول: هل قرأتِ الكتاب الذي أعطيتكِ إياه المرة الماضية؟؟

ابتسمت جانيت وقالت: أعرف أن دينكم حق.. والكتب التي ملئت منزلي والتي تحضرها أنت لي تثبت لي ذلك.. ودينكم يقول: أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.. لا تستعجلني.. فأنا كاثوليكية مؤمنة.

ضحك مشعل: يعني مطوعة المسيحيين؟؟

جانيت تضحك: هأنت تعود لإحراجي بكلامك الذي لا أفهمه.. اقتربت جامعتك قم لتنزل... ثم أكملت وهي تخرج نقود من حقيبتها: وأريدك يا بني لو استطعت أن تسدد هاتفي

مشعل بغضب وهو يستعد للنزول: أعيدي نقودكِ لحقيبتكِ، سأسدد هاتفكِ بعد أن أخرج من الكلية

جانيت بحرج: لكن!!

قاطعها نزول مشعل وهو يلوح لها بيده
وينزل ليعبر بوابة جامعة جورج تاون الضخمة العريقة

جامعة جورج تاون تقع في كولومبيا ديسكيرت بالقرب من أخطر مكانين في العالم: البيت الأبيض (مقر الرئيس الأمريكي) والبنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)

حين أُنشئت في القرن الثامن عشر الميلادي كانت جامعة كهنوتية كنسية
ولكنها اليوم من أكثر الجامعات انفتاحاً دينياً رغم تقاليدها الكنسية المتوارثة
بها طلاب من جميع الأديان، بل هي أول جامعة أميركية تعين إماماً مسلماً ليؤم الطلبة المسلمين فيها
وبها مركز للدراسات العربية المعاصرة هو الأضخم في أمريكا، وبها قسم لتدريس اللغة العربية هو الأفضل من بين كل الجامعات الأميركية

اشتهرت بتخصصين على كل مستوى العالم: السياسة، والاقتصاد
أشهر السياسيين الأميركيين أمَّا تخرجوا منها وأمَّا مازالوا أساتذة فيها
منهم على سبيل المثال "بيل كلينتون" الذي تخرج منها
و"مادلين أولبرايت" و "جورج تينت" اللذان مازالا يدَّرسان فيها
وأساتذتها يشكلون دائما خياراً متاحاً ممتازاً لأيِّ منصبٍ حكوميٍّ أميركيٍّ فارغ.
أمَّا الطريف بالنسبة لهذه الجامعة أنها منعت النساء/ الطالبات من الدراسة فيها حتى منتصف القرن العشرين..
حتى لا يتشدقوا علينا ويتهموننا نحن العرب بالتحجر!!!


وصل مشعل للمكتبة الرئيسية في الجامعة: مكتبة جوزيف مارك لوينجر (سُميت بهذا الاسم تخليدا لأحد ضحايا حرب فيتنام) ، كانت المكتبة تحتل مبنى حجريا ضخما مستقلا في الناحية الغربية من الجامعة
مازال الوقت مبكراً جداً.. لا يوجد سوى موظف الأمن الذي اعتاد على رؤية مشعل في هذا الوقت.


اختار زاويته المفضلة، وأخرج أوراقه وحاسوبه المحمول، وسرعان ما استغرق في العمل
بعد حوالي 40 دقيقة.. همسات عند أذنه: مشعل.. مشعل
ألتفت للصوت الذي عرفه وابتسم وهو يقول بهمس مرحب بصوت خافت جدا احتراما لتقاليد المكتبة : هلا سعيد.. ياحياك الله يارجّال..

سعيد بابتسامة وهو يسحب مقعداً ويجلس بجوار مشعل ويميل لأذنه ويقول بهمس: أنت داري أني مواصل ما بعد رقدت.. جاي أدور لك..3 أيام ماشفتك.. حرام عليك يا أخي!! ارحم نفسك شوي ترا عمرك 29 سنة يعني مهوب 50 عشان تستقتل على المخلاص.

مشعل بملل حزين: تعبت يا أخيك من ذا الديرة ما أبغي إلاَّ الفكة وديرتي، أنت داري أن موسم القنص خلاص بدأ.. وأنا قاعد هنا مقابل ذا الوجيه الودرة.

سعيد (بعيارة): حد يعيف أمريكا، صدق إنك بدوي طرت وإلا وقعت
يعني دكتوراة وتفوق ولغة وأمريكا..ومع كذا ماتبي غير برانك وأبلك وطيرك

مشعل بابتسامة ترنو للبعيد: جعل طيري بعدهم!!

سعيد كمن تذكر شيئا.. همس لمشعل كمن يخبره سرا: فيه بنية قطرية توها واصلة من كم أسبوع سجلت معنا في الجامعة ماجستير

مشعل ينظر لسعيد نظرة غضب: تهبى أنت وجهك وأنا مشعل بن عبدالله بن مشعل آل فارس الــ ..من متى وأنا أدور علوم النسوان؟؟

سعيد يكتم ضحكته: يا أخي حد طلب منك البطاقة الشخصية؟!!
وبعدين على ويش مستحمق؟؟ وش فيك مهوب فيني؟؟.. تراني أنا وياك من نفس القبيلة يا ولد آل فارس

مشعل بغضب مكتوم: فيك إن ذا الديرة علمتك قل السنع

سعيد يبتسم: أنا ما أدري بصراحة مخك وين راح.. أنا بس كنت أبي أقول لك عن ذا البنية.. لأنها بصراحة غريبة

مشعل بعدم اهتمام: ليه يعني تطيح الطير من السما؟؟

سعيد بنبرة اهتمام: بالعكس عادية جدا.. لكن فيها شيئين غريبين:
الشيء الأول تعرف أنه البنات أول ما يجون هنا خايفين ويبون حد يساعدهم الشباب في نادي الطلاب القطريين اتصلوا فيها يبون يشوفون هي تبي مساعدة، بس هي رفضت، وقالت أعرف أصرّف روحي
الشيء الثاني: لبسها: يعني البنات هنا في الجامعة اللي بتذبح روحها بالستر، بتلبس جلباب وحجاب ويكون لونه فاتح، لكنها هي يالله تشوف حدود وجهها من كثر ماهي شادة حجابها على وجهها ولابسة عباة سوداء

مشعل وهو يريد إنهاء الحوار: الله يستر عليها وش نبي ..

قاطعه سعيد يضحك بخفوت: لا واسمها هيا بعد.. اسم عجوز

غصباً عنه: وجد مشعل نفسه يبتسم واسم (هيا) يداعب أذنه كموسيقى عذبة.. يا الله كم يحب هذا الاسم الذي يسكن حناياه!!
ويتسرب إلى عمق روحه.. اسم يشده إلى جذوره.. وعبق وطنه
رائحة جدائلها العتيقة العطرة العذبة تتسرب إلى خياشيمه كسحرٍ أبديٍّ حين كان يلتف بجديلتها الطويلة ويستكين في حضنها الدافئ.. و.........

ولكنه انتزع نفسه من أفكاره وهو يقول لسعيد: سعيدان جعل السلال يضرب بطنك أنت جاي تشوفني؟ وإلا تهل لي شريطك مثل النسوان؟..أنت منت بشايفني رجّال قدامك؟!

سعيد يضحك بصوت عالي لفت انتباه رواد المكتبة القلائل: أنا أبي أدري وش أنا أحب فيك.. شايف حالك.. يعني عشان الله معطيكم أنت وعيال عمك شوي طول، شايفين حالكم على العالم........ وأكمل بنبرة حزن مصطنعة: لنا الله احنا القصار

مشعل يبتسم ويقول بجدية لا تتناسب مع ابتسامته: الرجّال اللي مرجلته في طوله وإلا عرضه مهوب رجّال..وأنا وعيال عمي رياجيل حتى لو كنا أشبار القاع.. ثم أكمل بنبرة اهتمام: إلا عيال عمي وش دخلهم في السالفة؟؟

سعيد بلؤم وهو يريد إغاظة مشعل لأنه يعلم تولع مشعل بأبناء عمومته: كذا طروا على بالي، بصراحة كلهم كلهم مشعل وراكان وناصر وفارس شايفين حالهم، على شنو ما أدري، وخصوصا سميك مشعل ما ينبلع، راسم روحه زيادة عن اللزوم.. ثم أكمل بلؤم أكبر مقصود: إلاَّ مرته وش اسمها؟؟

لأنه يعلم أن زوجة مشعل بن محمد هي شقيقة مشعل بن عبدالله الكبرى

مشعل بغضب هادر وهو يهمس ويصرُّ على أسنانه: والله لو أني ما ني بداري أنك تضحك، وإلاّ والله ما أخليك تطلع من ذا المكتبة على أرجيلك

سعيد بطريقته المرحة المعبرة عن طيبة قلبه والتي يعرفها مشعل جيدا وهو يحرك أصابعه ويرف برموشه بسرعة بطريقة أنثوية وهو يهمس بدلالٍ تمثيليٍّ مصطنع: وس فيك أنته عسبي جذيه؟؟ ترا عاتي لو تبي أقول لك أسماء خواتي الست قلت لك.. يمكن يعجبك اسم وحده فيهم وتريحنا منها..

غصبا عنه: ابتسم مشعل لا يستطيع أن يغضب من سعيد الذي يشكل نسيماً عليلاً يهب على روحه في هذه الأرض فهما يشكلان غصنان لذات الأرض، ذات القبيلة ، ذات اللهجة
رابطٌ يربطه بهناك.. حتى لا يجن من هنا!!

ابتسم وتفكيره يأخذه إلى شقيقاته الأربع.. أميراته الأثيرات الثمينات
مستعدٌ هو أن يمزق بأسنانه وبدون أدنى رحمة من يدوس على طرف ظل واحدة منهن!
مجرد ظلها!!
أو حتى يقترب من حدود مضايقتها!!
حتى المتزوجات منهن مازال يشعر أنه المسؤول الأول عنهن، رغم وجود والده وأزواجهن..

#أنفاس_قطر#








أسى الهجران/ الجزء الثاني

#أنفاس_قطر#


في نفس الوقت.. ولكن على بعد آلاف آلاف الكيلومترات
الدوحة.. الوقت بعد المغرب بتوقيتها
بيت عبدالله بن مشعل
غرفة مشاعل ابنته الثالثة تحديدا..


كانت تقف مرتعشة تحتضن نفسها بضعف، وتمنع دموعا وشيكة من الانهمار، اقتربت منها شقيقتها الكبرى ووضعت كفها على كتفها وهي تهمس لها بحنان: مشاعل ياقلبي.. أنا الحين أبي أعرف وش اللي مزعلش في موعد العرس؟؟

ابتعدت مشاعل عن مدى كفها الناعمة الحنونة وهي تقول بغيظ تغرغر بالبكاء: يعني عشانه حماش بتبدينه على أختش؟!!

تراجعت الأخت الكبرى وهي تشهق بعنف: وش ذا الخرابيط اللي أنتي تقولينها؟؟
ثم تماسكت وهي تقول بهدوء: يعني أنتي متملكة صار لش كم شهر، وما أعتقد أن حد جبرش على ناصر، أنتي اللي وافقتي باختيارش.. وماعقب الملكة إلا العرس.. يعني ليش مسوية ذا السالفة كلها؟

مشاعل وهي تمسح دموعها التي انهمرت لتكتسح خديها الحمرواين لسبب هي من يعرفه.. الاحمرار الذي غشا وجهها منذ أخبرتها شقيقتها بموعد زواجها الذي تقرر بعد ثلاثة أشهر في بداية يناير: لطيفة.. أنا ماقلت أني ما أبي ناصر بس عرس بس بدون وجود أخي مشعل مستحيل..

ابتسمت لطيفة لذكر مشعل.. الاسم الذي يدفع أقصى درجات السعادة في قلب أي واحدة منهن: فديت الطاري
ثم أكملت بجدية: يعني السالفة كذا بس؟؟ ناصر ماحدد الموعد إلا عقب ما أتفق مع مشعل.. مشعل بيكون هنا من 20/12.. قبل إجازة الكريسمس عندهم.. وبيقعد عندنا أكثر من شهر

لم تحتمل مشاعل بعد ذلك
انهارت باكية بعنف على سريرها وهي تغالب شهقاتها حتى لا يسمع صوت بكائها العالي أحد خارج الحجرة..وخصوصا تلك الصغيرة (وكالة الأنباء) التي لا تفتأ تداهم أي خلوة كشبح لا يُعلم من أي زاوية خرج.. شقيقتهن الصغرى ذات السنوات الإحدى عشرة :ريم

لطيفة صُعقت من بكائها وهي تسرع الخطى لسريرها وتجلس جوارها وهي تمسح على ظهرها برقة وتقول بحنان مختلط بالجدية: مشاعل قوم كلميني، السالفة مهيب موعد عرس وبس.. قومي قولي لي وش فيش؟؟


************************


عودة لجامعة جورج تاون في واشنطن دي سي.. لكن في مكان آخر من أنحاء الجامعة الشاسعة
على كرسي حجري أمام كلية الاقتصاد..

كانت تجلس بهدوء.. تضع كتابها على فخذها وحقيبتها إلى جوارها غير مبالية بنظرات الاستغراب أو حتى الاحتقار لشكلها وللبسها: عباءتها السوداء المغلقة الفضفاضة، حجابها الأسود الذي ينخفض إلى حدود حاجبيها ويرتفع إلى منتصف ذقنها..
كانت ملامحها الرقيقة/الحادة تتمدد بنعومة/بقوة على صفحة وجهها ببشرته الصافية الخالية من أي مساحيق..

قد لا تبدو جميلة لمن يراها لأول مرة دون أن يدقق في ملامحها
ولكن النظرة الثانية ستكشف للرائي حتما سرا ما يختفي خلف هذا الوجه الآسر.. الآسر لسبب مجهول يجعله يتغلغل في عمق روحك ليستولي عليك

رن هاتفها المحمول.. تناولته ونظرت للشاشة.. عقدت حاجبيها: (بدون رقم)
ردت بهدوء: هالو
...........
بفرح غامر: باكي يالخايسة.. وينج؟؟ لي أيام أتصل فيج.. على طول مغلق
...........
باستغراب: قاعدة قدام كليتي.. أنطر المحاضرة بعد نص ساعة
...............
بحزن: يعني أسبوعين ماسمعت صوتج.. وعقب تبين تسكرين بسرعة
..............
خلاص مع السلامة.. سلمي على الأهل

أعادت محمولها في الحقيبة.. وفتحت الكتاب لتبعد تفكيرها عن إحساسها بالوحشة
هل كُتب عليها أن تعيش حياتها كلها في خوف مرعب من الوحشة والوحدة؟؟
الوحدة كابوسها المرعب، الذي تهرب منه لتجده يتسلل إليها بأذرعه العنكبوتية ويحيط بها حتى يتخلل جسدها وروحها ويعتصرهما بوحشية


*******************


عودة لمنزل عبدالله بن مشعل.. وغرفة مشاعل المنهارة بكاءً غير مفهوم


لطيفة بدئت لهجتها تتغير للغضب وهي تحاول تهدئة مشاعل ومعرفة سبب انهيارها: مشاعل قومي كلميني وإلا والله العظيم لأتصل بمشعل أخليه يتفاهم معش

مشاعل حين سمعت اسم مشعل قفزت كالملسوعة وهي تمسح دموعها وتتماسك: لا.. لا ..تكفين.. كله ولا مشعل.. لا تكدرين عليه.

لطيفة وهي تصر على أسنانها: زين قولي لي وش فيش؟؟

مشاعل اعتدلت جالسة وهي تخفض عينيها وتفرك أناملها وتقول بخجل بالغ: خايفة ومستحية.. إذا مشعل أذوب من الخجل في وجوده وهو أخي اللي أغلى من عيوني.. أشلون تبون تسكرون الباب علي مع رجّال غريب

حينها انفجرت لطيفة ضاحكة بعذوبة: والله العظيم ناصر مايعض.. وش حليله؟؟ وبعدها أكملت لطيفة وهي تتماسك: زين السحا ما يستدعي الخوف يعني.. عشان تخافين

مشاعل بهمس مؤلم وكأنها تنظر لخيال غير مرئي خلف شقيقتها: خايفة من الزواج نفسه.. يعني فيه تجربتين قدامي ما تشجع صراحة

لطيفة برعب داخلي (ماذا تحاول هذه الصغيرة أن تفعل؟؟
هل تحاول تسلق روحي لتطل في خباياي؟!
هل تحاول التطاول على أسواري التي تعبت في التمترس خلفها؟!
هل تحاول النظر خلف صورتي اللامعة التي أرهقني تنميقها؟؟)

لم تكن تريد أن تسأل عن شيء تعرف هي جوابه، ولكنها مجبرة أن تفعل من واقع دورها كأخت كُبرى، سألت بحذر مرّ: أي تجربتين؟؟

مشاعل بألم عميق: أنتي وموضي؟؟

(يالا الصغيرة اللئيمة.. لم أخف يوما من شيء كخوفي من نظرتها السابرة.. كنت أعلم أنها الوحيدة التي تشعر بي..بحاستها المتسلقة الغريبة
أحاول أن أختبئ من نظراتها الحادة الشفافة لأجدها تحاصرني بالمرصاد حين أنتبه من لحظات شرودي..وكأنها تقتنصني وتقتنص نبض روحي المردوم تحت أطنان الكبت...
أرجوكِ مشاعل.. لا تنبشيني.. فأنا أحاول المسير)

ابتسمت لطيفة وهي تقول بحنان تحاول أن تخفي خلفه مشاعرها: ليه يعني؟؟ أنا وموضي عايشين مبسوطين مع رياجيلنا..

مشاعل بنبرة تقطر ألما صافيا: أنا ماني بزر.. عمري 22 وتخرجت من الجامعة خلاص..
تكلمي عن نفسش لو أنتي مبسوطة.. بس موضي!!!... موضي سالفتها عويصة.. لو يدري مشعل فيها بس.. والله إن يكسّر الدنيا
أمانة عليش وين موضي اللي كانت أكشخ وحدة فينا وأكثرنا مرح وحياة.. وين راحت؟؟ وين راحت؟؟ نحرها حمد نحار..

وتسألين ليه خايفة من الزواج؟ خل نبدأ فيش.. وعقب نرجع لموضي

انتفضت لطيفة بوجل (لا تفعلي مشاعل لا تفعلي!!)
ولكن مشاعل أكملت بذات نبرتها العميقة التي تعبر عن عمقها الداخلي
ولطالما كانت مشاعل الرقيقة الملامح الهادئة الناعمة العميقة الصامتة الخجولة هي من تكتشف دواخل شقيقاتها بدون تصريح منهن: لطيفة.. طالعي المراية وشوفي وجهش؟؟

استغربت لطيفة من طلبها (وش فيه وجهي؟؟) استجابت كالمخدرة وهي تتجه للمرآة.. وتنظر لصفحة وجهها المنعكسة
لطالما كانت لطيفة هي الأجمل، لم يكن لينافسها أحد في الجمال سوى العنود ابنة عمها وأخت زوجها.. ولكن حتى عندما تنحصر المقارنة بينهما، فلطيفة هي الأجمل بلا شك..

كانت وهي في الحادية والثلاثين أجمل بكثير مما كانت وهي في الثامنة عشرة حين تزوجت مشعل..ورغم إنجابها لأربعة أطفال كان جمالها ينضج بوجع هادر عاما بعد عام.. كان جمالها يؤلم الناظر لشدة سطوته
ومع ذلك لم يكن كل هذا الجمال المغلف بروحها الأجمل ليستوقف زوجها مشعل أو يستوقف مشاعره على أعتابها..رغم أنها كانت تذوب فيه وله ومن أجله..

كانت في كثير من الأحيان تتساءل إن كان يعرف ملامحها
أو حتى يعرف أنها جميلة أصلا!!
إن كان يعرف لون عينيها..أو تقوس حاجبيها.. أو مقدار سطوة شفتيها في التواءهما المثير؟!!
فهي لم تره يتمعن في وجهها ولو لمرة واحدة.. كما اعتادت أن ترى النساء اللاتي تجلس معهن.. واللاتي لا يستطعن رفع أعينهن عن سحر جمالها..وهن نساء!! فكيف به وهو رجل مكتمل الرجولة.. وزوجها؟!!
أعتاد أن يمر بجوارها كأنها شيءٌ لا يستحق التوقف عنده..
لم يمتدحها يوما..
ولم يذمها أيضا..
ولكنه لابد أن يقرعها من وقت لآخر كأنها أحد موظفي شركته..
ورغم تقريعه لها لم يقسُ عليها يوماً.. كانت مشاعره دائما محايدة من جهتها.. لا تعرف تطرف المحبين في الحنان أو القسوة..

نفضت لطيفة سيل أفكارها الموجع لتلتفت لمشاعل: وش فيه وجهي؟؟

مشاعل بعمق مؤلم: كل يوم وأنتي أحلى من اليوم قبله.. وكل يوم ولمعة عيونش تنطفي أكثر عن اليوم اللي قبله..


*************************


عودة إلى واشنطن وجامعة جورج تاون.. والكرسي الحجري
حيث تجلس تقلب كتابا تقرأه بعينيها وأحرفه عاجزة عن اختراق حدود عقلها المثقل بالأفكار والأسى..

"هيا..هيا"

أ يعقل؟؟
يبدو أنها أصيبت بحالة جنون.. فهي تعتقد أنها تسمع صوت باكي تناديها.. باكي التي يفصل بينها وبينها المحيط الأطلسي بامتداده الشاسع..

" بت يا هيا.. أمريكا طرشتك وإلا إيه" الصوت قريب جدا.. وحقيقي جدا.. لكنه خيال بالتأكيد..
وهذه اليد الحانية التي تهز كتفها.. هل هي خيال أيضا؟؟

ألتفتت هيا بدهشة.. وتحولت الدهشة لصدمة عنيفة وهي ترى صديقتها المقربة باكينام تقف خلفها
باكينام التي لم ترها منذ أكثر من عام.. ولكن الاتصالات لم تنقطع بينهما مطلقا

باكينام مزيج الأعراق المثير..
باكينام والدها مصري، ووالدتها انجليزية، وجدتها أم والدها تركية، وجدتها أم والدتها ايرلندية..
والدها دبلوماسي مصري عاش معظم حياته في بريطانيا..

تنافس في باكينام عرقان من أكثر أعراق الأرض اعتدادا بالنفس: الأتراك والايرلنديون..

جدتها التركية عاشت حياتها كلها تقول: عرب سيس..(على خلفية كراهية الأتراك المتوارثة للعرب) ومع ذلك يشاء القدر ألآ تتزوج إلاّ من عربي.. وتذوب في هواه.. حتى واراه قبره وهي مازالت تهتف: عرب سيس..

وجدتها الايرلندية عاشت حياتها كلها وهي تقول: الإنجليز البرابرة المتوحشون (على خلفية العداء الشهير بين الايرلنديين والإنجليز والحروب التي أُريق فيها الكثير من الدماء) ومع ذلك يشاء القدر ألآ تتزوج إلا من انجليزي.. وتذوب في هواه.. حتى واراه قبره وهي مازالت تهتف: الإنجليز البرابرة المتوحشون..

والجدتان نقلتا مشاعرهما الكاذبة لحفيدتهما.. وهاهي باكينام ترفض أن ترتبط بأي مصري أو حتى انجليزي.. وزرعا فيها اعتدادا لا حد له بنفسها

تعرفت هيا على باكينام التي تكبرها بعامين قبل خمسة أعوام في لندن
كانت باكينام تدّرس الانجليزية في المعهد الذي دخلته هيا.. كمدرسة مساعدة إلى جانب دراستها الجامعية
لم تكن باكينام في حاجة للعمل.. ولكن اعتدادها بذاتها هو ما دفعها للعمل
ومنذ ذلك الحين انعقدت أواصر صداقة متينة بين الفتاتين حتى بعد أن أنهت هيا دراستها للانجليزية في المعهد بسرعة ودخلت كلية كوينز التابعة لجامعة لندن العريقة.

ألتفتت هيا لبكينام لتشعر بصدمة حقيقية، أولا لأنه مضى عام على أخر رأتها فيها في لندن حين تخرجت هيا وعادت للدوحة..

السبب الثاني والمفرح بعمق هو منظر باكينام الجديد.. لم تعلم هيا أنها تحجبت أخيرا بعد سنوات من محاولة إقناع هيا لها.. وباكينام تقول لها: حين أفعلها سأفعلها باقتناع.. وهاهي فعلتها بكامل اقتناعها..

وهاهي باكينام تقف بثقة بحجابها وهي ترتدي بنطلون جينز يعلوه قميص أزرق واسع إلى ركبتيها..في إطلالة شفافة تبهج الروح.. وبشرتها البيضاء المشربة بحمرة تتوهج بانفعال.. وعيناها الخضروان بهما مزيج عذب من الحنان والشوق

التبست مشاعر هيا.. وفرحة عارمة تغزو مشاعرها المتوترة..أجهشت بالبكاء وهي تحتضن باكينام بعنف: وحشتيني يالخايسة.. وحتى ماقلتي لي إنج تحجبتي عشان افرح لج..

باكينام وهي تحاول منع دموعها من التساقط، الدموع التي لا تتناسب مع قوة شخصيتها: حبيت أعملها لك مفاجأة.. وبعدين إيه الدموع دي.. بيقولو احنا المصريين شعب عاطفي.. بس شكلكوا عايزين تاخدوا السمعة الظريفة بتاعتنا..

هيا تفلت باكينام وهي تستوعب أنها ترى باكينام هنا في واشنطن وليس في لندن، هتفت باستغراب: أنتي وش جابج هنا؟؟

باكينام بمرح وهي تسحب هيا وتجلسها على الكرسي الحجري: الله.. إيه الترحيب الجامد دا؟!!! إيه اللي جابني هنا؟؟!!.. طبعا جايه أدور لي عريس.. مادمت مش هتجوز مصري ولا انجليزي.. جيت ادور لي امريكاني حليوه مريش طحن يئدر جمالي وزكائي..

هيا تضحك: إيه طحن ذي؟؟ شكلج توج جايه من مصر.. مايختبص حكيج كذا إلا من أثار مصر..

باكينام تبتسم: آه.. لسه جاية من مصر ياحياتي يامصر..

هيا وهي تتذكر الموضوع الأساسي: لا جد وش جابج هنا.. غير أنج مشتاقة لي طبعا.. أعرف أنج عملية.. ومن أنصار ضرب عصفورين بحجر..

باكينام بمرح: طول عمرك أروبة.. أنا سجلت معاكي ماستر وفي نفس الجامعة الحلوة دي بس مش اقتصاد زيك..أنا سجلت علوم سياسية عشان يـبئى ابن الوز عوام..

هيا بفرح هادر: جد؟؟ جد؟؟ ثم استدركت بمنطقية: بس كان ممكن تدرسين نفس التخصص في كامبردج وإلا أكسفورد.. وهم ممنونين يتقبلون وحدة في مؤهلاتج.. وأنتي بتظلين عند هلج؟؟

باكينام بهدوء وابتسامة: بس في السياسة مافيش زي جورج تاون دا أولا.. ثانيا: أنا حبيت أخوض تجربة جديدة.. ثالثا كلها كم شهر وأرجع أدرس دكتوراه في بريطانيا.. وأنتي مقررة إيه؟؟

ابتسمت هيا بود: نفسج أكيد.. ماستر هنا.. وبأرجع أدرس دكتوراه في بريطانيا.. من اللي يبي يضيع عمره في دكتوراه هنا..
المهم الحين قولي لي أخبارج كلها.. مشتاقة لج موووت.. وقولي لي متى تحجبتي وأشلون؟؟



#أنفاس_قطر#
.
.
.
.
.
.

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة فراشة الوادي ; 15-07-09 الساعة 09:29 AM سبب آخر: إضافة رابط الجزء الجديد
عرض البوم صور #أنفاس_قطر#   رد مع اقتباس

قديم 18-04-09, 07:33 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2008
العضوية: 85297
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: ripe lady عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 15

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ripe lady غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

مو معقـــــــــــــــــــــــــــــــــــول أبدآ


انا مو مصدقه نفسي


كاتبتنا المبدعه رجعت لنا من جديد

تدرين روايتك قريتها مرتين وبكل مره أستمتع فيها

ماشــــــــــــــــاءالله لاقوة الا بالله


لاتخافين ابدآ لان وراك قراء يموتون على أسلوبك ووراك قراء أكثر مما

تتخيلين يتابعونك من وراء الكواليس .


بل بالعكس ناظري لللموضوع من زوايه ايجابيه أسلوبك بيتغير بسبب خبرتك ( مع ان أسلوبك كاول مره كان ابداع )

تدرين أنفاس انك مميزه جدآ بااسلوبك وهذا مو كل كاتبه تقدر عليه .

يالله شدي حيلك وأنا متأكده انك بتبدعين لانك مميزه بأسلوبك + أفكارك

يعني حتى لو الفكره ماتُُقبلت أسلوبك بيوصلها ونتقبلها,لانك عيشتينا

بجو غير بروايتك بعد الغياب وحبينا كل الشخصيات


وهذا شي حلو ماشاءالله .

قرائك معــــــــــــــــــــاك بأذن الله

 
 

 

عرض البوم صور ripe lady   رد مع اقتباس
قديم 18-04-09, 07:34 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2007
العضوية: 57061
المشاركات: 590
الجنس أنثى
معدل التقييم: Non-non عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Non-non غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مرحبااااااالساااااااااع


تصدقين من فتره كل ما اشوف بعد الغياب .. اقول فخاطريه متى بتنزل القصة اليديده

على العموم

تسجيل حضور بمجرد ماشفت الرواية.. اعذريني اذا قصرت فالردود بس كوني متأكده اني اقرا من خلف الكواليس مثل القصة اللي قبل.. لسببين .. اول شي اعتقادي أني ما اعرف احلل واعلق على البارت ..وثاني سبب اني مشغووله وااايد بالدراااسه .. وان شاءالله اتخلص هالسنة على خير


ادري طولت عليج .. والسمووحة


بس حبيت أكتب رد.. لكاتبة رائعة شراتج


والى الامام دوما

سلامي وتحياتي

اختج

Non-non

 
 

 

عرض البوم صور Non-non   رد مع اقتباس
قديم 18-04-09, 07:37 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2009
العضوية: 143179
المشاركات: 3
الجنس أنثى
معدل التقييم: ماذلني غير طيبي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ماذلني غير طيبي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

واااااااااااااو نفوسه نزلت روايه جديده
رووووووووووعه ابدعتي ببعد الغياب
وبإنتظار ابداعك بهالقصه

 
 

 

عرض البوم صور ماذلني غير طيبي   رد مع اقتباس
قديم 18-04-09, 07:39 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2009
العضوية: 121678
المشاركات: 1,102
الجنس أنثى
معدل التقييم: بنت خالة أنفاس قطر عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بنت خالة أنفاس قطر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

أنا جاية أركض ونفسي مقطوع والله العظيم.. قالت لي نفوس : روحي ليلاس هناك مفاجأة .. يوم فتحت ماصدقت عيني.. أقسم لكم إن يدي ترتعش على الكيبورد
ماني مصدقة... واااااااو.. صار لي أسبوع أحن عليها تنزل روايتها مع أنها بعدها في الأول
اشتقت لأيام جمعتنا
أنا قريت الجزئين الأولين هذولاء قبل... بس هي قالت لي إنها غيرت فيهم وايد
هذا مجرد ترحيب برجعة الغالية... الله يكبر شانها اللي كبرت شاني
ولي رجعة بعد القراية......ياااااااي ماني مصدقة

 
 

 

عرض البوم صور بنت خالة أنفاس قطر   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
آل مشعل من وحي وابداع أنفاس قطر, ماشاء الله تبارك الله إبداع خرافي خراااااافي مبهر, مبروك وسااااااااام التميز ياقلبي, مبهرة أنفاس وأنتِ تحيكين أسى الهجران بخيوط من ذهب وإبداع وتمكن وثقافة, أسى الهجران, أنفاس قطر, أنفاس قطر صورة مشرقة لكل قطر والخليج صورة الإبداع الخيالية, انا احتكرت راكان خلاص ....روح الامس....زارا خذي انتي حمد ههههه, انفاس قطر قمة الأبداع يعطيك العااافيه والله يرزقك الذريه الصاالحه, رائعه بكل ما تحمله الكلمة من معنى, رواية جديده للكاتبه أنفاس قطر راااااااااااااااااااااااااااااااااائعه, فارس بن سعود أملاك بنت الخالة وبس, وااااااااااااااااااو القصة من البداية روووووووووووعه, قصة المبدعة انفاس قطر, قصة بقلم أنفاس قطر, قصة قطرية لأنفاس قطر, كل الابطال من حقوق زارا الراائعه لانه مو طلبها.هذاا طلب الابطال شخصيا.هع
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t109466.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 19-10-14 08:48 AM
ط£ط³ظ‰ ط§ظ„ظ‡ط¬ط±ط§ظ† ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© This thread Refback 20-08-14 04:11 AM
ط£ط³ظ‰ ط§ظ„ظ‡ط¬ط±ط§ظ† ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© This thread Refback 16-08-14 08:35 AM
Untitled document This thread Refback 07-08-14 01:45 AM


الساعة الآن 11:15 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية