مرة ثانية لمست ناتالي خده بنعومة و قالت : (( لا أستطيع مطلقاً أن أكرهك )) أبعد يديها عن وجهه مبدياً إنزعاجه , ثم قال : (( إذهبي إلى بيتك , أميرتي )) على الرغم من عدم خبرتها العاطفية , إلا إن القسوة التي ظهرت في نبرة صوته أنبأتها , دون أي شك , إنه يرغب في إبعادها عنه . نزلا معاً إلى المطبخ , و عندما أراد أن يرافقها إلى منزلها , أوقفته برفع يدها معترضة : (( تمكنت من التحمل طيلة السهرة على الرغم من قسوتك و عنادك , و أعتقد إنني أستطيع أن أقطع المسافة بين منزلينا بمفردي )) الجرح الذي أصاب كبرياءها جعل صوتها يبدو متصلباً و كذلك عمودها الفقري , ما ينم عن حزم و إرادة شديدين . تمكنت من القول بصعوبة : (( عمت مساء , ديمتريو )) ثم إختفت في الظلام من دون أن تضيف كلمة أخرى . كان الوقت متأخراً جداً , فالساعة تقارب منتصف الليل . فكرت ناتالي إنها تستطيع التسلل خلسة إلى غرفتها دون أن يلاحظ أحداً , لكن ما إن فتح الباب الرئيسي , و ما هي إلا لحظة حتى وجدت نفسها مسمرة تحت أنوار الثريا المعلقة فوق الدرج الملتوي , و جدتها تحدق فيها بإنبهار شديد . سمعت نفسها تقول متلعثمة : (( إعتقدت إنك خلدت إلى النوم منذ وقت طويل )) شعرت بالذنب كأنها تلميذة مدرسة داخلية ضبطت . أجابت باربرا بحزم بنبرة ملؤها الإستنكار : (( هذا ما إعتقدت إنك ستفعلينه طيلة الأمسية , لكن من الواضح إنني أخطأت , هل أستطيع أن أسألك أين كنت ... )) توقفت عن الكلام و جالت بنظرها على ناتالي محدقة بحذائها الذي يتدلى من بين أصابعها , قبل أن تتابع : (( ... كي تعودي إلى المنزل متسللة كما أنت الأن ؟ )) شعرت ناتالي إنها حزينة و بائسة جداً إلى درجة لم تحاول معها التفكير بتلفيق أية كذبة . قالت ببساطة : (( أنت تعرفين جيداً أين كنت جدتي , لذلك لا داعي لممارسة الألاعيب , لقد تناولت العشاء مع ديمتريو برتولوزي ))منتديات ليلاس - و هل دام العشاء حتى هذه الساعة ؟ كم عدد الأطباق التي قدمها ؟ تمالكت ناتالي أعصابها كي لا تعترف لها إنه بقدر ما كان العشاء لذيذاً و ممتعاً فإن التحلية التي تلته في الطابق العلوي كانت مسببة للصدمة . رفعت كتفيها بعد أن تمكنت من الحفاظ على رباطة جأشها . - إنها توازي ما قدمته مريانا سورينتينو . على ما أعتقد , ما دمت أنت أيظاً وصلت الأن لتوك إلى المنزل , و قبل أن تبدأي بالإسهاب من جديد حول حماقة ما أفعله بالتقرب من ديمتريو , لا بد إنك ستشعرين بالسعادة إذا ما عرفت إنه يوافقك الرأي , فالطريقة التي إفترقنا بها الليلة , تجعلني أشك بأن يدعوني إلى زيارته من جديد . إفتر ثغر جدتها عن إبتسامة مقتضبة قبل أن تصرح قائلة : (( إذاً , لن أضيف أية كلمة أخرى , حتى عبارة (( سبق أن قلت لك ذلك ! )) )) . *** أمضى ديمتريو معظم الليل و هو يذرع الغرفة ذهاباً و إياباً . راح يشتم نفسه تارة بسبب ضعف و إستسلامه لعناقها , متذكراً الألم الذي سببه لها بعد ذلك , و الوضع الصعب الذي وصلا إليه معاً , و يشتمها تارة أخرى بسبب إيمانها العنيد بإنه يستحق حبها . إنه في الرابعة و الثلاثين من عمره و هو مشهور بعلاقاته بالجنس الأخر , لكنه أيظاً قاسٍ . أعتاد أن يكون كذلك , ليتمكن من البقاء حياً تحت رعاية جده . لو لم يكن كذلك لمات منذ وقت طويل . في نهاية الأمر تمكن من بناء حياة جديدة , محققاً النجاح في حياته , كما تمكن أيظاً من بناء صداقات مع عدد من الأشخاص المحترمين المعروفين بنزاهتهم و إجتهادهم . لكن ذلك لا يعني إنه نسي ما معنى أن يكون المرء في الجهة الأخرى من الحياة . هنا يكمن الفرق الذي لا يمكن التغلب عليه بينه و بين ناتالي . |
إن سمح لها بأن تدخل إلى قلبه و الله وحده يعلم كم يرغب ذلك سوف تكتشف بطريقة قاسية جداً أمراً فهمه هو منذ وقت طويل عندما كان طفلاً " رفضه من قبل المجتمع الذي يضمها إليه بكل فخر و حب . عندها سوف تصاب بجرح لن تشفى منه أبداً . لن تتمكن ناتالي من تجاوز صدمة قاسية كهذه , و هو لن يسمح لها بأن تستدرجه ليثبت لها ذلك . كان بإمكانه أن يجعل الأمور أكثر سهولة بينهما , لو إنه شرح لها لماذا يقدم نفسه للمجتمع كرجل عادي فقير ورث هذه الفيلا المهدمة , لكنه أقسم منذ زمن بعيدا ألا يبرر تصرفاته لأي كان . أولئك الأشخاص الذين يحيطون بها , جعلوا حياة جدته بائسة و حزينة , و هو لا يستطيع تغيير نفسه إلى درجة تمنعه من الإحساس بالسعادة و الرضى حين يأتي الوقت المناسب و يندمون على ما قاموا به . لن تتمكن ناتالي من رؤية ذلك الأن , لكنه يقدم لها خدمة بإبقائها بعيدة عنه , لأن الجميع سوف يكرهونه عندما يتفذ إنتقامه . جدتها و أصدقاؤها لن يسامحوه مطلقاً لإنه سيكون قد سخر منهم , و أثبت لهم إنهم أغبياء , و إن كانت ناتالي تسانده و تناصره , فهم لن يغفروا لها أيضاً . بعد مرور أربعة أيام , ذهب ديمتريو إلى بوستيانو ليعاين معدات محلية الصنع لدى سمكري يقيم هناك , و عندما عاد إلى شاحنته , وجد العجلة الخلفية مثقوبة . اجتاحه الغضب بشكل لا يحتمل , فرفس العجلة المثقوبة بقدمه . صحيح إن الشاحنة تبدو قديمة لكن العجلات جديدة , لذلك إستغرب الأمر , و لم يعرف السبب الذي أدى إلى ثقبها . أما الأسوأ من ذلك كله فهو إنه مضطر إلى إفراغ الشاحنة من المواد التي إشتراها للتو ليتمكن من الوصول إلى العجلة الإحتياطية , وفي هذا الطقس ذي الحرارة المرتفعة الخانقة . أطلق زفرة طويلة قائلاً بتذمر : (( يا لها من نهاية سيئة لأسبوع سيء , إنه أشبه بالجحيم )) أفرغ كل المعدات من الشاحنة , و أخرج العجلة الإحتياطية و الرافعة . - تباً لهذه العجلات الرديئة ! - هل تحتاج إلى المساعدة ؟ رفع ديمتريو نظره , فالتقت عيناه بنظرات رجل يمر بقربه . بدا الرجل في الثلاثين من عمره , يرتدي بنطلوناً قصيراً و قميصاً قطنية قصيرة الكمين , وينتعل حذاء رياضياً و يحمل آلة تصوير علقها حول عنقه , و قد تخلل شعره الأسود الداكن , بضع خصلات من اللون الأشقر , فيما تدلى قرط فضي صغير من إذنه اليسرى . الإنطباع الذي يعطيه هذا الرجل للمشاهد العادي هو إنه مجرد سائح يتجول مستمتعاً بالمناظر المحيطة به , أما ديمتريو الذي يملك تجارب كافية مع الشرطة تعود إلى أيام شبابه , فيتعرف مباشرة على الشرطي المتخفي ما إن يصادفه , حتى لو راح هذا الأخير يبتسم له بمودة . رفع نحور العجلة بمفتاح الربط , و بدأ يفك المسامير , ثم قال : (( منذ اللحظة التي أعلنت فيها عن إسمي و أدرك الناس من أنا , أظن إنني أصبحت شخصاً مشكوكاً بأمره في هذه المنطقة )) إنحنى الرجل قربه , و عرف عن نفسه بصوت منخفض : (( التحري كريستوفاني روسو )) بدا الأمر بالنسبة للناظر إليهما كأن الرجل يقدم له المساعدة في إصلاح عجلة الشاحنة . تابع الرجل قائلاً : (( أعلمك إن إسمك هو نقطة لصالحك و صالحنا معاً , في هذه الفترة )) - و كيف ذلك ؟ - أتى لزيارتك شخص منذ عدة أيام ... مستثمر يدعى كاتانسكا . - أتقول لي إنني تحت مراقبة ؟ - أنت لست كذلك سنيور بل كاتانسكا , فكل تحركاته تثير الشبهة لدينا . - إذاً , من المحتمل أن تكون قد عرفت إنه يريد شراء الفيلا . منتديات ليلاس هز روسو رأسه , و أجاب معلقاً : (( أراد إمتلاكها منذ وقت طويل , و أعتقد إنه سيحصل عليها في نهاية الأمر , حتى ظهرت وبدأت في ترميمها و إعادتها إلى سابق عهدها )) - و أنت مهتم بالأمر بسبب ... ؟ - وضع خطة تقضي بتحويل أرضك إلى مجموعة من عشرين منزل صغير , و بذلك سيضيف إلى ثروته مبلغاً ضخماً ببيعها بأسعار خيالية . - في تلك المنطقة ؟ استمر ديمتريو في العمل بسرعة لينزع العجلة , ثم نظر إلى الشرطي بإستهزاء و هو يتابع : (( لا مجال لذلك مطلقاً , إتحاد المقيمين سيصوت ضد ذلك العمل )) |
- سيفاجئك أن تعلم إلى أي مدى وصلت علاقات كاتانسكا خلال السنوات الماضية . قدم روسو له المسامير بينما كان يضع العجلة الإحتياطية في مكانها , شارحاً له في الوقت نفسه مقدار الفساد الذي يستخدمه هذا الرجل في أعماله و المساوئ التي ينشرها في هذه المنطقة . منتديات ليلاس - كاتانسكا قرش كبير في عالم المال فهو يدين المال بفائدة عالية , متستراً وراء قناع مستثمر كبير . إشتهر الرجل بتعامله في السوق السوداء , و هو يعتمد الرشوة و المراوغة للتملص من القوانين , كما يقوم بخداع مالكي الأراضي مخفياً عنهم القيمة الحقيقية للأراضي التي يشتريها منهم , و بإستعمال مواد بناء رديئة . إنه يتمادى بأعمال السوء من دون أن يتم القبض عليه ولو مرة واحدة , و نحن نعتقد أن بإمكانك مساعدتنا على القيام بذلك . تراجع ديمتريو إلى الوراء حتى جلس على عقبيه , بعد أن تفاجأ مما سمعه : (( ولَمِ أنا ؟ )) - أنت الشخص المثالي المؤهل لهذا العمل , رجل متحدر من عائلة ذات تاريخ يحتمل كل نوع من الشك , يعمل على ترميم منزل بحاجة إلى ثروة , و هو لا يملك ما يدل على إنه قادر على الوفاء بإلتزاماته . سارع ديمتريو إلى القول : (( توقف عند هذا الحد ! أولاً , الأمور ليست فعلياً كما هي الظاهر , ثانياً , أنا لا أرضى بتعريض سمعتي للشبهة حتى لأجل خدمة الشرطة )) - أجرينا بحثاً شاملاً عنك , و نحن ندرك جيداً أن هناك الكثير من الأمور المتعلقة بك التي لا تظهر للعيان . سنيور , نحن لا نطلب منك أن تخون مبادئك , فنزاهتك بالتحديد هي ما جعلتك الرجل المثالي للعمل الذي نفكر فيه . إن أسوأ ما يمكن أن نطلبه منك هو أن توافق على التعامل مع كاتانسكا , كي نتمكن من مراقبته عن كثب , و تبقي إتفاقنا طي الكتمان الشديد . - رجعت إلى هنا لأشعر بالسلام و الطمأنينة , و لأجعل جيراني يقتنعون بأنني أستحق العيش بكرامة , و إنني لا أريد أن أبدأ حرباً معهم , و هذا أمر لا يمكن تحقيقه إذا ما عرف عني إنني أتعامل مع شخص مثل كاتانسكا . - ما إن نحقق هدفنا , سوف نعلن بوضوح تام براءتك من أي تورط معه , و من الطبيعي أن نعطيك تعهداً خطياً بذلك . توقف روسو عن الكلام لفترة كافية ليقنع ديمتريو إنه يحتفظ بأفضل ما لديه ككلمة أخيرة . - في النهاية سيكون الأمر لمصلحتك أيظاً , سنيور . فبالنسبة إليك , هذه صفقة رابحة في مطلق الأحوال , و إذا قمت بهذا العمل , فإنك لن تحصل فقط على إحترام جيرانك , بل ستحصل أيظاً على إمتنانهم و إعجابهم بك . يا له من عرض مغرٍ ! منتديات ليلاس - لكنك لم تخبرني بعد ما الذي تريد مني أن أفعله . - في الوقت الراهن ... ساعده روسو ليعيد المعدات إلى الشاحنة , ثم صافحه و هو يقدم له بطاقة عمل , ثم تابع يقول : (( .. خذ يوماً أو أكثر لتفكر بما قلته لك , و إن قررت الموافقة , إتصل بي )) |
- حسناً ! لكن بدون أية وعود . - أتفهم ذلك ! أغلق ديمتريو الباب الخلفي للشاحنة , و قال : (( شكراً على المساعدة )) - على الرحب و السعة . إستلقت ناتالي على بطنها فوق منشفتها على الشاطئ الرملي الساحر , متمتعة بحرارة الشمس المنعشة و هواء البحر اللطيف , مصغية إلى صوت تصارع الأمواج البعيدة عنها . إنتابها حالة من الخدر الذهني المحبب ساعدتها على نسيان الألم القوي الذي تشعر به في قلبها , تذكرت بصورة ضبابية النقاش الذي دار بينها و بين جدتها هذا الصباح . - أنا مدعوة إلى حفلة في كابري , تعالي معي , ناتالي , سيكون هناك الكثير من الأشخاص في مثل سنك , عزيزتي , و أنا متأكدة من إنك ستستمتعين . بالطبع ! جدتها تريد لها كل الخير , لكنها لا تدرك أن ناتالي في وضعها الحالي , لا تستطيع أن تتعامل مع هذا الإهتمام الذي تظهره باربرا . قالت : (( شكراً جدتي , لكنني سأتمكن من التعامل مع حالتي بطريقة جيدة )) - لكن الوحدة ليست أمراً جيداً , عزيزتي . أنت بحاجة إلى الخروج من المنزل . - أنا أفعل ذلك كل يوم . - البقاء ساعات بمفردك على الشاطئ , ليس ما أعنيه بالتحديد . الشاطئ هو المكان الذي تهرب إليه , حيث تستطيع أن تبقى بمفردها لتعالج جروحها العاطفية . قالت تجادلها : (( الهواء منعش هناك , كما إنني أفضل السباحة في البحر )) هذا صحيح بالطبع , ففي الأيام الأخيرة , إرتفعت درجة الحرارة بشكل كبير , ما جعل المياه في بركة السباحة في المنزل حارة إلى درجة لا تحتمل . هزت جدتها رأسها و هي تقول : (( من يعرف ما الذي تحتوي عليه مياه البحر , عزيزتي , هناك حشرات و عوالق ... أما بالنسبة لصعودك و نزولك عبر المنحدر الصخري ... )) - التمارين الرياضية مفيدة لي منتديات ليلاس - حسناً! أعتقد أن أي شيء تقومين به هو أفضل من إضاعة وقتك مع ذلك الشخص المخيف ديمتريو برتولوزي . على الرغم من حالة الخدر التي تسيطر عليها ، فإن تذكر إسمه جعل أصابعها تنكمش فوق الرمال الساخنة . - لا أريد أن أتحدث عن هذا الرجل جدتي ! و إن أصريت على التحدث عنه في كل فرصة سانحة ، سابدأ في النوم على الشاطئ أيظاً . إذهبي إلى كابري ، و إستمتعي بوقتك , سأكون بخير هنا بمفردي . بعد أن أوضحت ما تريده تماماً , غادرت جدتها المنزل ، و إستسلمت ناتالي للسلام و الهدوء اللذين تشتاق إليهما روحها . لا بد إنها غفت ، و هو أمر تفتقده بشكل تام في الليل . تنهدت متأوهة , و تركت الإحساس بالإسترخاء يسيطر عليها ، و الظلام يخيم على أفكارها . إنها في قطار في طقس ماطر بارد , و هي تستطيع أن تسمع صوت محركه البخاري ، و تستطيع أن تشعر بلسعة باردة على كتفيها العاريتين , تبدل الطقس فجأة فغدا صيفاً , و شعرت بزخة غريبة من المطر تصفق خدها . إستيقظت و خبأت وجهها بالمنشفة ما إن تطاير عليها رذاذ من الرمل الرطب . شعرت بلسان دافئ يلامس أذنها , و أظافر صغيرة تنغرز في ذراعها ... غمرها فرح كبير أنساها كل أثر للنعاس , ما إن تنشقت رائحة الجرو , و شعرت بأنفاسه الرطبة . أدارت وجهها فإذا وجه بيبو أمامها تماماً. |
- آه ! قطعة حلوى ... جلست على ركبتيها , و أمسكت الكلب الصغير الرطب , و ضمته إليها ثم قبلته و لم تبال مطلقاً بتساقط الوبر و الرمل عليها . - كم إشتقت إليك ! كيف عرفت أين تجدني ؟ قال ديمتريو , من مكان ما خلفها : (( في الواقع , هو لم يعرف . أنا من أحضره إلى هنا )) هل يمكن للثلج أن يحرق ؟ هل يمكنه أن ينزلق فوق بشرتها و يتركها مجهدة غير قادرة على التنفس لشدة حرارته . تابع ديمتريو : (( أنا أسف ! لو علمت إنك هنا , لما ... )) لم تجرؤ على الإستدارة و النظر إليه . هزت رأسها و هي تقول : (( لا داعي للإعتذار , فأنا لا أملك الشاطئ )) - و مع ذلك , ما كان علي إزعاجك - لم تفعل - كنت نائمة - لا , كنت أهم بالمغادرة أطلقت سراح بيبو , و أمسكت بمنشفتها و حذائها , ثم وقفت على قدميها و إستدارت نحو المنحدر . و لكن بدلاً من أن تنطلق , وجدت نفسها في مواجهة صدره ... صدره العاري . لا شيء جديد في هذا , أليس كذلك ؟ فهي لم تعرف مطلقاً رجلاً يكره إرتداء القميص مثله . أمسك ديمتريو بمرفقيها , فشعرت بيديه حارتين و قاسيتين على بشرتها , قال : (( أنت تكذبين , أميرتي )) ردت بقوة : (( نعم . أكذب ... لإنك لست قادراً على تحمل الحقيقة ! و الأن , أبعد يديك عني و دعني أرحل )) - لا ! - ماذا ؟ فتحت فمها بغضب و إستياء محدقة به . الرجال الذين تعرفهم ... كما يحلو لديمتريو أن يسميهم , يعرفون أن ليس عليهم تجاهل كلام امرأة عندما تطلب منهم أن يتركوها و شأنها . كرر من جديد : ( لا )) - بإمكاني أن ألقي بك في السجن بسبب ذلك قال : (( أميرتي ! )) شدها إليه بعناد , حتى كادت كلماته تلامس وجهها . تابع : (( الأفكار التي تملأ رأسي الأن , و ما أتمنى القيام به , قد يقودني للبقاء في السجن لعشر سنوات متتالية , لكنني و في هذه اللحظة بالذات , لا أعير الأمر أية أهمية )) عانقها بيأس رجل مشرف على الغرق و يشهق محاولاً التنفس , بلهفة رجل ضائع و مشتت الأفكار . تنهد بقوة فبدا كأن تنهيدته تخرج من أعماق روحه , و لم تستطيع ناتالي منع نفسها في مبادلته العناق . لم يعرفا كم من الوقت مر عليهما و هما متعانقين .. ربما بيبو وحده يعرف , إذ نفذ صبره أخيراً فنبح بقوة , و تعلقت مخالبه بساقي ناتالي . أطلق ديمتريو شتيمة خافتة , و إبتعد عنها . تراجعت ناتالي قليلاً , و وضعت يداً مرتجفة على وجهها - لَمِ فعلت ذلك ؟ - ما السبب برأيك ؟ تابع و عيناه مليئتان بالأسى : (( لأنني لم أستطع التغلب على نفسي , و لأنني أحمق كبير , كما إنك هنا , و الإبتعاد عنك أمر يفوق قدرتي على الإحتمال )) - لماذا تعتبر نفسك أحمق ؟ نظر حوله , و ظهرت تلك الإبتسامة العذبة المليئة بعدم المبالاة و التفاخر على وجهه . - أنا أبعدتك عني , أليس كذلك ؟ قالت , و هي تشعر بألم في حلقها : (( صحيح )) - حسناً ! ماذا سأقول ؟ إنني أطلب منك العودة إلي - لماذا ؟منتديات ليلاس - إنظري , إلي , أميرتي ! لماذا برأيك ؟ لأنني أفتقدك كثيراً . *** حتى تلك اللحظة , لم يكن قد إتخذ قراره بعد . لكن بعد أن ضمها بين ذراعيه , قرر أن يقبل عرض كريستوفاني روسو . سيقدم على أي عمل ليبرهن إنه يستحق فرصة أخرى معها . |
الساعة الآن 01:34 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية