منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   424_ درس في الحب_ كاثرين سبنسر ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t162714.html)

اماريج 27-06-11 04:41 PM

قبلت ناتالي أذني الجرو , و حفت خدها برأسه و هي تقول :
(( لقد عانيت من بداية صعبة جداً , يا قطعة الحلوى , لكن الحياة ستصبح أسهل و أجمل من الأن فصاعداً ))
فكر ديمتريو : إن الحياة رائعة جداً بالنسبة إليه الأن , و أنت تضمينه إليك بهذه الطريقة !
حاول جاهداً أن يجعل صوته يبدو عادياً , و هو يقول :
(( يؤلمني جداً أن أقاطع لقاء عاطفياً كهذا , لكن إذا كنت تحرصين على البقاء ثوبك نظيفاً . يجب أن نخرج الكلب إلى الحديقة لقضاء حاجته ))
- سأخذه بنفسي .
- لا !
حمل كوبين و إبريق العصير و تابع :
(( سنذهب معاً . و سنشرب العصير تحت ضوء القمر المكتمل , و نحن نجلس على قمة المنحدر الصخري ... على فكرة أيتها الأميرة , أرفض أن تنادي كلباً أملكه " قطعة الحلوى " ))
- حسناً ! بم ترغب أن أناديه , إذاً ؟
منتديات ليلاس
أمسك بمصباح يدوي كبير عن سطح البراد , ثم قال و هو يصوب ضوء المصباح إلى ممر حجري يصل بين المطبخ و زاوية الحديقة الخلفية :
(( لا أدري ... ما الخطأ في تسميته مات . أو مانفي مات على سبيل المثال , فالأسم له رنة خاصة به ما رأيك بذلك ؟ ))
- رأيي هو أنك فعلاً بحاجة إلى مساعدة بشكل خطر جداً .
ضحكت و هي تمسك بالكوبين اللذين كانا في خطر الإنزلاق من يده . و تابعت :
(( ما رأيك بإسم أمير أو نبيل أو ملك ؟ ))
- لأجل هذه الكومة من الفرو ؟ لا بد أنك تمزحين !
تشاجرا بطريقة ودية طول الطريق , و وصلا إلى اتفاق عندما اقتربا من الجدار الذي يفصل بين الحديقة و المنحدر , فاعتمدا اسم بيبو كحل يرضيهما معاً . وجه ديمتريو ضوء المصباح اليدوي ليسطع نوره على نتوء صخري يمتد على مساحة واسعة , و ركز الضوء على مقعد حجري قديم مواجه للبحر .
- إجلسي على المعقد هناك , و سأسكب العصير ثم أنضم إليك .
اجتازت ناتالي الطريق عبر الأعشاب البرية , و مررت راحة يدها على المقعد الذي ما يزال دافئاً بسبب حرارة شمس النهار .
قالت بصوت كهديل الحمام :
(( آه , كم هذا رائع ! ))
نظرت إليه بدلال و تابعت :
(( قل لي إنك رتبت هذا المكان لي ))
- أخشى أن هذه ليست الحقيقة . هذا هو المكان الخاص و المميز لجدتي . غالباً ما كانت تأتي إلى هنا لتراقب غروب الشمس أو إطلالة القمر , فكرت أنك سوف تستمتعين بهذا المنظر الرائع أنت أيظاً .
ظهرت إبتسامة على وجهها , ثم ضمت تنورتها الواسعة ذات اللون الزهري إليها كأنها بتلات زهرة , و قالت تمازحه :
(( أنت على حق ))
كل ذرة من تصرفها الأنيق يعلن أنها سليلة أسرة عريقة , كأنها ملكة على عرشها . انضم ديمتريو إليها , ليجلس قربها على المقعد .
- يسعدني أن المكان أعجبك .
رشفت رشفة صغيرة من كوبها قبل أن تقول و قد أصبحت تعابير وجهها حازمة فجأة :



اماريج 27-06-11 04:41 PM

(( شكراً لك على دعوتي للحضور إلى هنا , ديمتريو . أشعر بإعتزاز كبير لأنني أشاركك في هذا المكان الرائع ))
مرة ثانية , اجتاحت كيانه المشاعر الصادقة , لتسيطر عليه و تمنعه حتى عن الكلام . فسحرها و تصرفاتها النبيلة هي غاية في الكمال . لا بد أن جدته كانت لتحبها و كأنها حفيدتها .
- هذا من دواعي سروري , أيتها الأميرة .
تنهدت ناتالي بإرتياح , و رفعت رأسها لتحدق بالنجوم .
- أحب رائحة الحدائق في الليل , لا سيما تلك المزروعة بالياسمين و الليمون .
لم تسمع تعليقاً على ما قالته , فمالت بنظرها إليه قائلة :
(( لَمِ لا نتناول العشاء هنا في الخارج ؟ المكان رومنسي جداً , و بإمكاننا أن نستعمل سطح الجدار كطاولة ))
- رومنسي ؟! يا إلهي ! هنالك سحليات و أفاعٍ تعيش في تصدعات الجدار , من دون أن أذكر العناكب ...
صرخت بصوت ناعم قبل أن تقول :
(( أكره العناكب , أما بالنسبة للأفاعي ... ))
ارتجفت من الإنزعاج قبل أن تتابع :
(( هل تدرك أنني تسلقت ذلك الجدار من قبل , و جلست عليه لأكثر من خمس دقائق , و كنت أرتدي بنطلوناً قصيراً ؟ حصل ذلك يوم وجدتني أسرق المياه من مطبخك ))
- أعرف ذلك !
لم يدرك ديمتريو أن ذراعه امتدت و التفت حول كتفيها :
(( ربما ستصبحين أكثر حذراً في المستقبل , فتكفي عن المخاطرة بنفسك ))
شعر بحرارة جسدها , و تنشقت حواسه عبير عطرها . ثم أنزلقت يده نحو خصرها , فأصبحت غير قادرة على التنفس , إلا أنا تركته يضمها إليه أكثر .
شعرا بالإنسجام معاً بقوة فاقت توقعاتهما , فالإنجذاب المتبادل بينهما بدا أقوى من أي كلام . هكذا تحول النقاش بينهما إلى صمت مليء بالمشاعر اللطيفة الممتزجة بإحساس الصداقة التي تجمعهما حتى الأن .
تظاهر ديمتريو أنه منشغل بمراقبة الجرو و هو يقفز ملاحقاً فراشة , لكنه في الواقع كان يراقبها بانتباه شديد . قالت , من دون أن تنظر إليه :
(( جنيه أخر من أجل أفكارك , ديمتريو . ما الذي تفكر فيه هذه المرة ؟ ))
- أفكر بك , أيتها الأميرة .
منتديات ليلاس
تنهدت مبتعدة عنه :
(( هذا ما ظننته . أنت نادم لأنك طلبت مني الحضور أليس كذلك ؟ ))
هل هذا ما يحدث ؟ قال بصراحة :
(( أجل ! ))
- إذاً لَمِ دعوتني ؟
- لم أستطع إلا أن أفعل .
- و الأن ها أنا هنا , و أنت لا تعرف ما الذي عليك أن تفعله .
رفع حاجبيه , و نظر إلى البحر الأزرق الغارق في الظلمة , متمنياً لو أنه يستطيع مقاومة مشاعره نحوها .
- أعتقد أنك تعرفين ما الذي أحب أن أفعله .
- هذا ما أفكر به أيظاً . لذلك بدلاً من مقاومة ما نشعر به , لَمِ لا نستسلم لمشاعرنا ؟
قفز ديمتريو عن المقعد كأن حشرة سامة لسعته , ثم سار بخطوات واسعة نحو الجدار .
- لأننا سنكون مجنونين إن فكرنا حتى بالأمر .
لَمِ يتحدثان عن مشاعرهما بمثل هذا الغموض , فيما يدرك كلاهما كم هما منجذبان إلى بعضهما البعض ؟
قالت ناتالي :
(( لا يمكنك أن تسمي ذلك جنوناً ))
- في حالتنا , هذا جنون مطبق . عائلتك .. عائلتي ... ! نحن ننتمي إلى عالمين مختلفين , ناتالي . وجدتك ...!
نهضت من مكانها , و سارت إلى حيث يقف . أمسكت بكوبه , و وضعته قرب كوبها على الجدار , ثم قالت بنعومة و هي تلف ذراعها حول عنقه :
(( ديمتريو , لا علاقة مطلقاً لجدتي بالأمر . الأمر يتعلق بي و بك فقط , لذلك من فضلك توقف عن البحث عن أعذار , و عانقني )) .

نــــــــهـــــــــــايــــــــــــــة الفصل الـــــــــــــســــــــــــادس



اماريج 27-06-11 10:37 PM


7- لا تبعدني عنك !


قال و هو يبتعد عنها :
(( هذا لن يحصل ! إنه أسوأ أمر يكنني القيام به ))
مع ذلك , عانقها ما إن إقتربت منه , أحاط بوجهها بيديه و ضمها إلى صدره بشغف كبير , مفجراَ في داخلها عاطفة و شوقاً لا حدود لهما . لفهما الشغف المتبادل بغمامة كثيفة من المشاعر , نقلتهما إلى عالم ساحر لا يعرف الزمان و لا المكان و لا اللغات أو الفروقات الإجتماعية . عالم لا يعترف بالحواجز و المسافات ... لا يعترف إلا بالمشاعر الجياشة و الأحاسيس المضطرمة .
عناقه المليء بالشغف جعلها تنسى كل ما يتعلق بالأفاعي و السحليات و العناكب , إذا لم تعد تشعر إلا به و بقربه منها .
كم يسهل عليها أن تغرق في أعماق عينيه الزرقاوين , و أن تذوب بين ذراعيه ؟
شعرت أن حياتها باتت معلقة بهذا الرجل . لم تراودها مثل هذه الأحاسيس من قبل تجاه رجل , و لم تظن يوماً أنها سوف تشعر بها . لكن ماذا لو فكر ديمتريو بالتلاعب بمشاعرها ثم تخلى عنها لاحقاً ؟
رفعت وجهها و قالت :
(( ديمتريو , هناك أمر يجب أن أخبرك به , قبل أن تتطور الأمور بيننا ))
قال بصوت أجش :
(( ماذا ؟ هل أخفتك أيتها الأميرة ؟ ))
- لا , مطلقاً ! لكن , أنا ...أنا ...
التصقت الكلمات في حلقها رافضة أن تنطلق .
ابتلعت غصة بصعوبة , و حاولت من جديد . فلتقل ما تريد قوله بسرعة قبل أن تفقد شجاعتها .
- أنا عذراء و لم أسمح لرجل قبلك بمعانقتي , لكنني أشعر أنك أنت الرجل الذي انتظرته طيلة حياتي !
انفجرت الكلمات الأخيرة من فمها كأنها طلقة مدفع . استغرق ديمتريو بعض الوقت كي يتمكن من استيعاب ما تعنيه , بدليل أنه جمد في مكانه دون حراك . أصبح هادئاً جداً , كأنه أصيب بصدمة قوية . بعدئذ , أبعد يديه عنها بهدوء مطلق ثم قال :
(( هذه مشكلة كبيرة جداً بالنسبة لي , أيتها الأميرة . أتعرض للكثير من المشاكل , لهذا يجب أن نتوقف عن عناقنا هذا الأن و إلى الأبد ))
تذمرت قائلة :
(( لا ! أنا لم أقصدك ذلك .. إنما ... ))
منتديات ليلاس
أبعدها ديمتريو عنه بسرعة , حتى إنها كادت تقع بسبب إرتجاف ساقيها .
قاطعها بنبرة ملؤها التوتر و الغضب :
(( مهما يكن الأمر , لدي ما يكفي من الأزمات و المشاكل , من دون أن أضيف إلى لائحتي خطيئة إغواء أميرة أميريكية ))
قالت و هي تمسح دمعتها :
(( آه , ديمتريو ! لا تبعدني عنك ! ))
- حاولي أن تقولي هذا الكلام للرجل المناسب الذي تختارينه شريكاً لحياتك لا لرجل مثلي .
- ماذا لو كنت أنت الرجل المناسب ؟
تردد صدى ضحكته في الليل , ضحكة قاسية و ساخرة معاً .
- بالطبع , أنا لست ذلك الرجل , أيتها الأميرة . و لن أكون كذلك ولو بعد مليون سنة !
قالت ناتالي بإصرار : (( و كيف تعرف ذلك ؟ ديمتريو , أعتقد أنني وقعت في حبك .. هذا ما شعرت به في اللحظة التي دخلت فيها إلي حياتي ))
يا إله السموات ! إن كانت تسعى إلى إبعاده فقد نجحت في ذلك بدون أي شك بعد أن تفوهت هذه الكلمات بصوت عالٍ ! لكن الحقيقة سيف ذو حدين , و إعترافها هذا لم يعد سراً بعد ما باحت به في البداية .



اماريج 27-06-11 10:38 PM

بدا بوضوح أنا أصابته بالدهشة من جديد . و على الفور أشاح ديمتريو ببصره جانباً , و هز رأسه منزعجاً . بعد قليل أغمض عينيه , و زفر أنفاساً متقطعة و حادة .
أخيراً نظر إليها و قال :
(( أنت لا تعرفين عما تتحدثين . يمكنني أن أعد على يد واحدة عدد الساعات التي أمضيناها معاً . نحن لا نعرف بعضنا لأيام , أو أسابيع , أو شهر , أيتها الأميرة , لكن لساعات فقط ! كيق يمكن بحق السماء أن تغرمي برجل في ذلك الوقت القصير , لا سيما إذا كان الرجل مثلي ؟ ))
- لا تحتاج المرأة إلا إلى دقائق فقط لتنظر إلى قلبها و ترى الحقيقة في داخله .
أطلق ديمتريو شتيمة و ابتعد عنها قليلاً . توقف لفترة قصيرة ليرميها بتعليق من وراء كتفيه قبل أن يتوجه إلى المنزل :
(( ألم تسمعي كلمة واحدة مما قلته ؟ قلت لك سابقاً : أنا و أنت أشبه بالزيت و الماء , مهما حاولت أن تمزجيهما فإنهما لن يمتزجا ))
راقبته ناتالي و هو يغادر المكان و قد غمرها اليأس , و ملأ الحزن قلبها . و كأنما الكلب الصغير شعر بخيبة أملها , فوضع قائمتيه الأماميتين على ركبتيها متذمراً . انحنت و حملته بين ذراعيها , ثم دفنت وجهها في جسمه الصغير الدافئ .
همست :
(( أنا لا أصدقه , و لا أهتم لما قاله , فأنا مغرمة بكما معاً , و لا أستطيع إنكار ذلك ))
رفع الجرو رأسه , و راح يلعق وجهها بحماس . فكرت ناتالي أنه على الأقل لا يعتقد أنها مجنونة .
أطلق ديمتريو شتيمة غاضبة , و هو يدخل إلى المطبخ . شعر بأنفاسه تتسارع و بجسده يتصبب عرقاً كأنه كان يركض في الماراثون . ما الذي دهاه بحق السماء , كي يسمح للأمور بأن تتطور بينهما لتصل إلى درجة الخطر ؟ مع ذلك , فكر , مبرراً لنفسه , أن أي رجل تجري الدماء في عروقه سوف يتأثر بجمالها و سحرها .
طرف بعينيه ما إن سقطت قطرات من العرق على وجهه . كل ذرة فيها , من رأسها حتى أخمص قدميها , رائعة بما يكفي لجعل الرجل يحيد عن صوابه , حتى لو كان ناسكاً . و ديمتريو برتولوزي هو أبعد ما يكون عن الناسك .
كل ما فعلته بدا صادقاً إلى درجة جعلت مشاعره تفيض شوقاً إليها , ديمتريو ليس معتاداً على مثل ذلك الصدق و مثل تلك البراءة , لا فكرة لديه مطلقاً عن كيفية التعامل مع هذا الوضع , كل ما قام به هو إنه ركض بعيداً عنها بكل ما أوتي من قوة .
لكن المشكلة هي أن الرجل لا يستطيع الإستمرار في الهروب من نفسه . ففي نهاية السباق سيجد أن المشاكل مازلت وراءه تماماً , و إنه لا يستطيع الهروب منها , فعاجلاً أم آجلاً عليه مواجهتها .
سمع خطواتها المترددة تقترب منه عبر الحديقة , ما جعله يدرك أن المواجهة ستكون قريبة , و قريبة جداً .
بالطبع لن ترضى ناتالي بأن تختفي في الظلام و تتركه بسلام . لا بد أنه أحمق كبير إن ظن إنها ستفعل ذلك . خنق تنهيدة في صدره , قبل أن يستدير لمواجهتها .
منتديات ليلاس
قالت بصوت حزين :
(( أحضرت بيبو إلى المنزل . لا أعتقد أنك تريده أن يبقى في الخارج , لكن ... هذا هو السبب الوحيد لوجودي هنا , فأنا أعلم أنك تريدني أن أرحل ))
اعتصر قلبه ألماً و إشفاقاً عليها بسبب الحزن الذي نضح في صوتها .
نعم , هو يريدها أن ترحل , لكن ما يريده بإلحاح أكبر هو أن يبقيها هنا بقربهِ ... ليس فقط من أجل معانقتها .. يريد أن يجعلها تبتسم و أن يسمع ضحكتها , يريد أن يمتع عينيه برؤيتها عبر الطاولة , فيتحدث إليها و يعرف المزيد عنها و هما يتشاركان العشاء البسيط الذي قرر إعداده .. حتى أنه يريد أن يشاركها بذكريات من حياته , و هذا أمر لم يشعر به مطلقاً من قبل .
مع ذلك , و من أجل مصلحتهما معاً , فإن التخلص منها هو أفضل حل .
لم يعرف ديمتريو كيف انتهى به الأمر ليقول :
(( يمكنك أنت أيظاً البقاء . عليك أن تأكلي , و هنا لدي الطعام كاف لنا نحن الإثنين ))
لمست بطرف لسانها شفتها العليا بتوتر , و قالت :
(( أنت فقط تحاول أن تبدو مهذباً ))



اماريج 27-06-11 10:39 PM

- حسناً ! لم لا أيتها الأميرة ؟ الأخلاق الحسنة ليست حكراً على الأولاد الأثرياء فقط , كما تعلمين .
تورد خدا ناتالي من الإرتباك , و ردت بسرعة :
(( لم أقصد ما فهمته من كلامي ))
- إذاً , توقفي عن الإلتصاق بحاجب الباب . إدخلي و إشربي كوباً من العصير بينما أحضر وجبة العشاء .
اقتربت منه و هي تنظر إليه بقلق , كأنه طلب منها القيام بعمل مشين .
- أيمكنك أن تطهو ؟
- نعم
سار نحو البراد و أحضر زجاجة أخرى من العصير , سكب كوباً و قدمه لها قبل أن يسكب كوباً أخر لنفسه و هو يقول :
(( لم يفاجئك ذلك ؟ ))
- لأن معظم الرجال الذين أعرفهم لا يستطيعون أن يسخنوا الماء . ما الذي تحضره ؟
- المعكرونة بالكاربونارا على طريق برتولوزي . هذا الطبق ليس منتشراً في هذه الأرجاء , لكن ...
قطع كلامه و انشغل بإحضار المواد اللازمة من البراد و من خزانة الطعام التي بناها في مدخل قديم في المطبخ
لم تفهم ما قصده , فقالت :
(( لكن , أهذا هو الطبق الوحيد الذي تجيد تحضيره ؟ ))
جمع ديمتريو المكونات التي يحتاج إليها لتحضير الطبق الرئيسي : بيض , شرائح من اللحم المدخن , جبنة بيكورينو , رغيف من الخبز و المعكرونة الطازجة الذي أحضرها هذا الصباح من متجر في بوستيانو , أما البندورة فقد اشتراها من بائع للخضار و هو في طريق عودته .
قال متفاخراً بنفسه :
(( لا ! على الإطلاق . أنا إيطالي , فكيف يمكنني ألا أطهو بطريقة جيدة ))
تركت ناتالي الكلب ليركض على هواه في المطبخ , و جلست على أحد المقاعد في الجانب المقابل من الطاولة و أمسكت كوبها بين يديها .
- صحيح إنك إيطالي , لكن كما ذكرت لك من قبل , هناك لهجة أميريكية واضحة في لغتك. فما سر ذلك ؟
- أمي أميريكية الأصل . قابلت والدي عندما أتت في زيارة إلى إيطاليا , و تزوجا في غضون شهر واحد . بعد موته , عادت إلى الولايات المتحدة و أخذتني معها , كنت في االرابعة من عمري حينذاك .
اتسعت عيناها الرمادتيان الجميلتان من خيبة الأمل .
- يا له من أمر مأساوي بالنسبة إليها ! أن تصبح أرملة و هي ما تزال شابة , و أن تكبر أنت بدون والدك .
عدل ديمتريو حرارة النار تحت مقلاة من الحديد الصلب , و سكب في داخلها مقداراً من زيت الزيتون , و بينما كان الزيت يسخن ، قطع اللحم المدخن و فصاً من الثوم مستخدماً سكيناً قديماً .
منتديات ليلاس
قال وهو يضع الثوم و اللحم في المقلاة :
(( في عالمك أنت , ربما , لكن ليس في عالمي . توفي والدي في قتال مع عصابة من المجرمين , قتل في وسط الشارع في وضح النهار , و يمكنني أن أراهن أن أمي لم تذرف دمعة واحدة عليه . و مما علمته في ما بعد , كان زواجهما أقرب إلى الجحيم , فهي لم تشعر بالأمان مطلقاً هنا ))
- يمكنني أن أفهم لما غادرت , إذا . و أفترض أيظاً إنها أرادت أن تضع مسافة بينك و بين تلك الأحداث المريعة – أرادت بداية جديدة , و هذا ما وجدته .
قام بخفق البيض في الوعاء عميق , ثم أضاف إليه الجبنة المبروشة و طحن فوقه البهار بنشاط كبير مبالغ فيه , تابع بضيق :
(( لسوء الحظ , لم أكن جزءً من تلك البداية . مرري لي وعاء الملح , من فضلك ))
- ما الذي تقصده بقولك إنك لم تكن جزءً من تلك البداية ؟
أعطته ناتالي وعاء الملح , ثم حدقت به , و قد علا وجهها تجهم خفيف .
- لا تقل لي إنها تخلت عنك ؟!




الساعة الآن 02:48 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية