منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t147918.html)

نيو فراولة 30-08-10 04:53 PM

72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
72- زوجة الهندي - جلنيت ديلي - روايات عبير القديمة

الملخص


القدر المكتوم محتوم ثابت كدوران الأرض , تحدث كوارث عظمى يموت فيها الملايين , وفجأة من خلال الأنقاض يبرز طفل لم يصب بخدش , وكأن شيئا لم يكن , وعندما سقطت بهم الطائرة , وقتل طيارها لم تتوقع ليا أن يكون رايلي سميث , نصف الهندي , الذي يتمتع بسمعة غير واضحة , هو رفيقها في الصحراء المترامية الأطراف , لكن هذا الهندي برهن من خلال أيام الضياع ولياليه عن نبل وبسالة وحكمة أين منها هزال صديقها منتديات ليلاسالأمريكي..... هل تستطيع ليا أن تقاوم حبها الصحراوي وتعود ألى حياتها العادية بعد تشرد القفار وجوعها وعطشها وبذلك تنقذ نفسها من رايلي سميث ألى الأبد؟

dalia cool 30-08-10 08:38 PM

و اخيرا هذي الرواية نزلت مكتوبة مرسي كتير اللة يعطيكي العافية ننتظرك بفارغ صبر

نجمة33 30-08-10 10:25 PM

يعطيكي العافية ننتظرك بفارغ صبر

نيو فراولة 30-08-10 11:40 PM

1- ذاهبة ألى أخي

قلّبت ليا تالبوت صفحات المجلة بعصبية , ولم تلفت المقالات أنتباهها لأنها ركزت نظراتها على الساعة المعلقة في الجدار فوق مكتب الأستعلامات.
أما في الخارج , فكانت كرة الشمس الذهبية تنحدر من كبد السماء ,وتلقي أشعتها لونا أصفر شاحبا على أجنحة الطائرات الرابضة في حظيرة المطا.
توقفت قرقعة الآلة الكاتبة , ثم نهضت المرأة ذات الشعر الأسود عن كرسيها خلف مكتب الأستقبال , وأستدارت نحو زميلتها , وهي أمرأة متقدمة في السن ذات شعر أشقر عولج حتى أخفى صباغه النحاسي لطخات الشيب فيه.
وتساءلت المرأة ذات الشعر الأسود:
" هل تريدين فنجانا من القهوة يا جون".
هزت المرأة رأسها من دون أن ترفع عينيها عن دفائر الحسابات الملقاة أمامها على الطاولة , وحملت المرأة السمراء فنجانين بيدها , وسارت نحو الباب الذي يعلو بأرتفاع الخصر , ودفعته بوركها فأنفتح.
منتديات ليلاس
ثم أبتسمت لليا بتهذيب:
" ما رأيك بفنجان آخر يا آنسة تالبوت؟".
ونظرت ليا ألى فنجان البلاستيك الفارغ الملقى أمامها على المنضدة وهي تتردد , ثم هزّت كتفيها قائلة:
" فكرة حسنة".
وداعبت ثغرها المغري بأبتسامة خفيفة ساخرة .
نفضت ليا تنورتها البيج الرقيقة , وألتقطت الفنجان الفارغ وسارت متحاشية الأصطدام بأمتعتها فيما هي تتبع المرأة السمراء التي طرحت عليها سؤالا بديهيا ينم عن التعاطف:
" هل أتعبك الأنتظار؟".
علقت ليا وهي تتنفس الصعداء:
" حتى أكاد أجن".
أستقر أبريق الزجاج في موضعه الساخن على الطاولة وبقربه آلات أوتوماتيكية تبيع وجبات خفيفة من الحلويات والشطائر الباردة.
ولما فرغت المرأة من ملء كوب ليا , أستدارت نحو الكوبين الآخرين:
" ألست ذاهبة لزيارة أهلك؟".
منتديات ليلاس
أجابت ليا:
" أجل , أنني ذاهبة لزيارة أخي لوني".
أمسكت ليا الفنجان الساخن بحذر شديد , ثم حدقت ألى النوافذ والشمس الغارقة على مهل , ودفعت شعرها الكستنائي خلف ظهرها بعصبية.
قالت المرأة :
" ربما كان من الأفضل أن تتصلي به هاتفيا وبلغيه بهذا التأخير".
هزت ليا رأسها هزة سريعة:
" لا داعي لذلك , فهو لا يعرف أنني سأزوره , فلقد قررت أن أجعلها له مفاجأة بمناسبة عيد ميلاده , الذي يصادف غدا".
ثم نظرت ألى عقارب الساعة , وأضافت:
" آمل أن تكون مفاجأة له ,لكن عليّ الوصول ألى هناك أولا".
وضحكت المرأة وهي تعلق:
"ماذا يفعل شقيقك في أوستن؟ فبأمكان المرء أن يزور بضع مدن في نيفادا قبل أن يفكر في زيارة أوستن".
وأجابت ليا مبتسمة:
" فعلا , أشار في رسالته ألى أن أوستن ليست مدينة صاخبة , وأنه يعيش هناك مؤقتا و فهو موظف في شركة تعدين , وعضو في فريق عمل أرسلته الشركة ألى أوستن ليجري بعض الأختبارات ".
ردت المرأة أبريق القهوة ألى موضعه , وهي تسأل :
" وماذا عن سائر أفراد أسرتك؟".
ثم حملت المرأة الفناجين , وبدأت تسير نحو مكتب الأستعلامات , وهي تنظر بفضول ألى الفتاة الجذابة , التي تمشي بجانبها.
ردت ليا :
" ليس هناك سوى والديّ اللذين يعيشان في ألاسكا حيث يعمل والدي في السلاح الجوي".
منتديات ليلاس
فقالت المرأة :
" هذا يفسر أعتياد فتاة صغيرة في مثل سنك على الطيران".
لم تظن ليا نفسها صغيرة ولها من العمر أثنتان وعشرون سنة ,ولكن , ربما بدت هذه السن صغيرة بالنسبة ألى المرأة التي قاربت الأربعين من عمرها ,ولم تحاول ليا أن تفهمها أنه ليس من عادتها أن تسافر بالطائرة ,فالوقت , الذي يمر بسرعة مذهلة , كان العامل المهم في أختيارها لوسيلة النقل هذه.

نيو فراولة 30-08-10 11:54 PM

ونظرت ليا ألى الساعة , ثم سألت بعصبية:
" كم سيمر من الوقت قبل أن ننطلق؟".
هزت المرأة كتفها وهي تضع أحد الكوبين على الطاولة للتمكن من فتح الباب .
" لا أدري ,ولكنني أعتقد أنكما ستنطلقان فور وصول السيد سميث".
وأزعج جوابها ليا , التي أنتظرت ساعتين حتى الآن , وبدا أن تأخر السيد سميث لم يزعج سواها , فقد قبله الجميع وكأنه أمر طبيعي , فهو , في أي حال , زبون دائم للشركة.
منتديات ليلاس
ثم جلست بثبات على الأريكة المغطاة بقماش الفينيل , وقالت في نفسها أن أسوأ ما يمكن حدوثه هو عدم حضور السيد سميث ,لأنها أنفقت معظم مدخراتها للحصول على حصتها من رحلة الطيران المستأجرة هذه , ولولا مشاركة السيد سميث , لما كان بأمكانها دفع تكلفة الطائرة والطيار.
بدا الحظ حليفها يوم جاءت تستفسر عن أجرة الطيران , ولما أطلعت على كلفة الرحلة , أبدت أستعدادها للرجوع عن الفكرة بسبب الأجر الباهظ , غير أن سؤالا عن موعد سفرها , أدت ألى أكتشاف رحلة طيران في يوم الجمعة نفسه وبالأتجاه عينه.
وأنتظرت ليا على أحر من الجمر حتى تأكدت من موافقة السيد سميث على مشاركتها أجرة السفر , ثم أقرت بتنهيدة أن أنتظارها لم ينته بعد.
وأنفتح باب يصل قاعة الأنتظار بحجرة الأستقبال , وأطل منه رأس رجل كسا الشيب مفرقه وتجعدت جبهته , وقال :
" ماري , هل سمعت أي شيء عن رايلي بعد أتصاله الذي قال فيه أنه سيتأخر؟".
منتديات ليلاس
أجابت المرأة وقد رفعت يديها وفتحت راحتيها.
" آسفة يا غرادي , فأنني لم أتبلغ شيئا".
ثم وقع وثيقة الرحلة متسائلا:
" أين هو المسافر الآخر ؟".
ردت موظفة الأستعلامات , وهي تشيؤ ألى ليا الجالسة على الأريكة:
"ها هي".
تحول نظره ألى ليا , وسرعان ما غاب العبوس عن محياه , وعلت وجهه أبتسامة عريضة:
" هل أنت الآنسة تالبوت؟".
وأزدادت أبتسامة أشراقا عندما هزت ليا رأسها بالأيجاب .
" يا لها من مفاجأة سارة , الحقيقة أنني خشيت أن ألتقي بعجوز شمطاء ترهب الطيران وتخاف منه حتى الموت".
ومد يده ليصافحها قائلا:
" أسمي غرادي طومسون , أنا طيارك".
أجابت ليا وهو يضغط على يدها:
" كيف حالك يا سيد طومسون؟".
وألتمعت عينا الطيار أصرارا وهو يقول:
" نادني غرادي".
بدا مربوع القامة , مكتنز الجسم , تدلى كرشه ببروز عند جلوسه على الأريكة بجانبها , ورغم أنه قارب الخمسين من عمره , كان بمثابة والدها , ألا أنه لم يمتنع عن مغازلتها , ومع ذلك لم تشعر ليا بكراهية أو أشمئزاز من تبسطه ومرحه.
فأبتسمت له:
" حسنا يا غرادي".
منتديات ليلاس
وأنعكست أشعة الشمس الذهبية المناسبة عبر النوافذ على شعرها الكستنائي .
وتأمل الخطوط الذهبية برهة , ثم حدق ألى شكلها الكلاسيكي , الذي برزت ملامحه حين نظرت أليه , ولم يفته أي من تكاوينها : ثنية حاجبها المعقود ,والأشراقة الرائعة في عينيها البندقيتين , ونضارة بشرتها , فقد بدت جذابة عموما.

نيو فراولة 31-08-10 07:08 PM

ثم مال الطيار برأسه قائلا:
" أذا كنت تناديني غرادي , فلا يمكنني أن أناديك الآنسة تالبوت".
فأجابت على سؤاله الضمني:
" أسمي ليا".
" قولي لي يا ليا , هل أنت صديقة رايلي؟".
فعقدت جبينها لحظة لتتأكد من صحة أفتراضها:
" رايلي هو السيد سميث؟".
منتديات ليلاس
فقهقه غرادي بينه وبين نفسه:
" واضح أنك لا تعرفينه ,ولكن , أذا لم تكوني أحدى صديقات رايلي , فما الذي يقودك ألى وسط مجاهل نيفادا؟".
علقت ليا ساخرة:
" أذا ذاهبة لزيارة أخي شريطة أن يحضر صديقك العزيز السيد سميث".
" ليس رايلي ملكا لأحد".
وأثارت نبرة صوته الجافة فضول ليا , التي حاولت أستجداء معلومات أضافية عن رفيقها المتأخر الذي تكتنفه الأسرار:
" يبدو أنك تعرفه جيدا".
تنفس الطيار طويلا , على النقيض من ذلك , فأنا أشك أذا كان هناك أحد يعرف رايلي ( حق المعرفة) , فهو عالم قائم بذاته , ورجل فريد من بني جنسه , وذئب متفرد بنفسه, ولعل أصله الهندي من جهة أحد والديه يفسر ذلك".
وهمست ليا:
" آه , الآن أفهم سبب زيارته لأوستن".
وأتى رد الطيار:
" أنها أسباب تتعلق بالعمل , فلرايلي أرتباطات مع بعض شركات التعدين في أوستن وتونوبا , وغالبا ما أطير به ألى أحدى هاتين المدينتين".
منتديات ليلاس
وفكرت ليا بسرعة أذا كان رايلي سميث هذا يعمل لحساب الشركة نفسها التي يعمل فيها شقيقها لوني , وبدا لها أنه من المحتمل جدا أن يكون يعمل مع بعض منافسيها , ومهما يكن الأمر , فأن ليا حاولت تفسير ذلك بنفسها , والشيء الوحيد الذي كان يهمها فعلا هو متى سيصل السيد سميث.
أنتقل غرادي بالحديث ألى موضوع يهمه :
" هل تعيشين هنا في لاس فيغاس؟".
قالت ليا:
" أجل ".
وقبل أن تسمع السؤال التقليدي , أضافت:
" أعمل سكرتيرة لأحد المديرين التنفيذيين في مصرف محلي".
وتمنت أن لا يضيف غرادي العبارة التقليدية القائلة بأن ليا تصلح لأن تكون أحدى العارضات في كازينوهات لاس فيغاس الشهيرة.
" وهل يعيش شقيقك في أوستن؟".
" مؤقتا".
ومضت ليا تشرح وظيفته الحالية في أوستن.
" هل رأيته من زمن بعيد؟".
" كلا ,لقد كنا معا في عيد الميلاد , وأنا أريد أن أفاجئه اليوم بعيد ميلاده ".
منتديات ليلاس
فقال غرادي:
" لا شك أنك تقدرينه كثيرا حتى تتحملي كل هذه المشقات والنفقات من أجله".
فوافقت ليا:
" علاقتي بلوني حميمة جدا".
ولم تتكلم عن طفولتها الحافلة بالأسفار من طرف العالم ألى طرفه الآخر مما يخلق ظروفا تحتم نشوء علاقة حميمة ووثيقة بينها وبين لوني , وعلى رغم السنين الخمس التي فصلت بين ولادة كل منهما , فقد كانا أشبه بتوأمين.
ثم داعبها الطيار متسائلا:
" وماذا يقول صديقك في هذا الأمر؟ أرجو أن لا تقولي لي أن ليس لفتاة مثلك صديق واحد على الأقل".
أجابت ليا وهي تضحك ساخرة من نفسها , فيما تذكرت رد فعل مارفن:
"لنقل أنه يشك في رجاحة عقلي".
ومارفن يعمل في دائرة المحاسبة التابعة للمصرف الذي تعمل فيه ليا , ولم يكن رأيها بطبيعة علاقتهما قد أستقر بعد, رغم أنها قبلت وصف مارفن وتصنيفه على أنه صديقها.
الحقيقة أنها لم تلق تشجيعا للقيام بالرحلة من قبل أي من زملائها , أو حتى من نانسي شريكتها في الشقة , وأدعى الجميع أنهم يفهمون رغبتها في رؤية أخيها , غير أن أحدا منهم لم يب مقتنعا بأن من الحكمة أنفاق كل مدخراتها من أجل هذا الهدف.
منتديات ليلاس
وبديهي أنهم لم يحسوا برباط القربى الوثيق بينهم وبين أشقائهم أو شقيقاتهم , ومن المرجح أنهم لم يكونوا ليشكوا في سلامة رأيها فيما لو أنفقت هذا المال لمقابلة صديق شاب , أما زيارة أخ, فأنها فكرة ترسم بسمة ساخرة على شفتيها.

نيو فراولة 31-08-10 07:29 PM


وقال غرادي وهو يحدق ألى ملامحها بأعجاب:
" لا شك أن صديقك غاضب لأنك لم تقضي معه عطلة نهاية الأسبوع , ولو كنت مكانه لغضبت".
ألقت ليا نظرة سريعة على ساعة الحائط , ثم تنهدت:
" بدأت أشعر أنني لن أذهب ألى أي مكان في عطلة الأسبوع هذه".
ومدت يدها ألى حقيبتها , فأخرجت علبة تبغ مفتوحة , وسحبت منها سيكارة ذات ( فلتر) وبينما هي تبحث عن ولاعتها , أنطلق الشرر من عود ثقاب في يد غرادي , فأبتسمت شاكرة ,ووضعت السيكارة على شفتيها الدراقتي اللون , وحنت رأسها بأتجاه اللهب .
طمأنها الطيار:
" لا تخافي , سيحضر رايلي , ولو كان يشك بأمكان سفره لأبلغنا ذلك في مخابرته الأولى , ولكن ,لماذا لا تضعين أمتعتك في مخزن الطائرة في هذه الأثناء؟".
منتديات ليلاس
وافقت ليا :
" حسنا : سأكون بذلك قد خطوت خطوة أخرى بأتجاه الأقلاع".
فربت غرادي على ركبتها:
" لا تيأسي , أننا سنقلع".
ثم حمل حقيبة ملابسها وحقيبة أدوات زينتها , وأنطلق نحو الباب الذي يقود ألى ظيرة الطائرات , وعكذا عادت الدقائق تمر ببطء .
علا دخان سيكارتها فوق رأسها بشكل لولبي , فسحبت قليلا من سيكارتها قبل أن تطلق دخانا كثيفا بعصبية قبلأن تطلق دخانا كثيفا بعصبية مما جعل سحابة سوداء من الدخان تلفها.
فتح الباب الخارجي , فنظرت ألى مصدر الصوت بلا مبالاة وقد توقعت رجوع الطيار , غير أن شخصا غريبا دخل منه.
وكانت قد رسمت في ذهنها صورة عن رايلي سميث , رجل في أواخر العقد الخامس من العمر , مكتنز الجسم , قصير القامة , وبنت أفتراضها هذا على الرأي القائل بأن عضوا بارزا في شركة تعدين يقدر أن يستأجر طائرة ,ولا بد أن يكون متقدما في العمر أو كهلا حتى يشغل منصبا رفيعا.
منتديات ليلاس
لم تنطبق مواصفاتها هذه على هذا الرجل الفارع الطول والنحيل القامة , فهو لم يتجاوز أواسط العقد الرابع من العمر , وقد ملأ الشعر الفاحم ملامح وجهه البرونزي وقسماته الدقيقة , ولوحت الريح والشمس قسماته.
أما ملابسه , فكانت عبارة عن بزة عادية من قماش الجينز البني , وقميص ذات خطوط بنية وصفراء فتحت عند العنق لتظهر قطعة من الفيروز المعلقة بسلسلة من الفضة المطروقة.
وعلى رغم تباين صفات هذا الرجل الحقيقة وصورته في ذهن ليا , فقد بدت واثقة من أنه رايلي سميث , وأعترفت بذلك مظاهر كبريائه وشجاعته وتحفظه وأنعزاله وخطوته العريضة.
وأكدت ماري , وهي موظفة الأستقبال , صحة أستنتاج ليا .
" وأخيرا وصلت يا سيد سميث , كادت الآنسة تالبوت تظن أنك من صنع خيالها".
عندئذ لاحظ وجود لي في الغرفة للمرة الأولى , وبدت عيناه خضراوين على نحو يستحيل معه قراءتهما .
وأرتعشت ليا عندما فطنت ألى أن عينيه قدرت محاسنها برهة , ثم تخلت عنها للتركيز على عمله.
ثم نطق جملة لم يقصد بها التوضيح أو الأعتذار.
" أنشغلت , وقد تركت حقائبي في الخارج , فهل أنت مستعدة للأنطلاق يا آنسة تالبوت؟".
وأستغربت ليا وقاحته في السؤال عن مدى أستعدادها للأنطلاق بعد أن أنتظرت ثلاث ساعات , وسحقت عقب سيكارتها في المنفضة بعصبية وهي تكبح رغبتها الجامحة في تذكيره بأنه هو الذي تأخر .
منتديات ليلاس
وردت ببرودة:
" أن أمتعتي في الطائرة يا سيد سميث".
أغلقت حقيبتها بعصبية محدثة صوتا عاليا , وأنتصبت واقفة , ولما خرجت من المبنى , شدت نسمة من ريح الصحراء هدب تنورتها البيج لتكشف عن قدمين حسنتي التنسيق ,فأمسكت ليا الجزء الأمامي المفتوح من عباءتها بيد فيما حاولت بيدها الأخرى منع الهواء من رفع تنورتها مرة أخرى.
وأحذث حذاؤها ضجيجا أثناء سيرها على الأرض المرصوفة بالأسمنت , فيما لم يحدث الرجل السائر بجانبها أي صوت على الأطلاق , ونتيجة نظرة جانبية لاحظت أن كعبيها العاليين لم يزيداها طولا أذ لامست ذروة رأسها ذقنه.
وألتفتت بسرعة ألى اليد اليسرى التي حمل بها حقائبه , فلم تلاحظ وجود محبس في أصبعه , لعلها توقعت ذلك بسبب قول غرادي أن رايلي سميث ذئب متفرد بنفسه.
ورفعت نظرها محدقة ألى الأمام وهي تفكر بأن هناك فتيات كثيرات يتمنين الأقتران برايلي , فهو شاب أنيق للغاية , ولم يكن ذلك ليعني لها شيئا لأنها كانت تقصد زيارة شقيقها.

iraq flower 01-09-10 10:55 AM

مرسي حياتي رواية جميلة منتظرينك على نار

نيو فراولة 01-09-10 03:13 PM


وقف غرادي على بعد بضعة أمتار منهما بجانب جناح طائرة من طراز (سيسنا 310 ) مطلية باللونين البرتقالي والأبيض , وبدت الطائرة ذات المحركين قوية وسريعة , وعلت وجه الطيار أبتسامة رقيقة عندما أبصر المسافرين يقتربان منه , وسألها ليا بلطف:
" ألم أقل لك أنه سيحضر , يا ليا؟".
ثم قال للرجل الواقف بجانبها:
" مرحبا يا رايلي ".
أجاب رايلي بلهجة حارة ولطيفة تختلف عن تلك التي تحدث عن تلك التي تحدث بها ألى ليا.
" مرحبا يا غرادي".
وبعد تبادل التحيات , تصافح الرجلان بحرارة .
ثم مد غرادي يده ألى الحقائب التي حملها رايلي في يده اليسرى :
" دعني أضع أمتعتك في المخزن".
ناوله رايلي سميث الحقيبة الكبرى بينما أستبقى حقيبة أوراقه قائلا:
" سأحمل هذه الحقيبة معي في الطائرة".
ثم نظر ألى السماء التي أتشحت بوشاح أرجواني داكن , فرأى نجما واحدا يتلألأ في ضوء الغسق البنفسجي , وسأل:
" كيف هي حال الجو يا غرادي؟".
تفرس الطيار قليلا ثم ألتفت ألى المسافرين , وقال:
" أرى أن هناك عاصفة وشيكة , ولكن لدينا الوقت الكافي لبلوغ أوستن قبل هبوبها , وأذا هبت قبل ذلك , فأن الحال ستسوء , لكننا سنصل في أي حال".
منتديات ليلاس
وأشار غرادي بيده ألى باب الطائرة:
" تفضلا بالصعود".
وفيما وجدت ليا ,وهي تلبس التنورة , صعود الجناح سهلا بسبب السلم ذي الدرجتين الصغيرتين , وجدت الأنتقال من المقاعد الأمامية ألى المقاعد الخلفية أكثر أزعاجا من الصعود , أما رايلي , ففعل كل ذلك بسهولة بالغة جعلتها تحسده.
وجلس في المقعد المجاور لمقعدها , وكانت ليا قد توقعت أن يجلس في المقعد الأمامي بجانب غرادي نظرا ألى ما يشدهما من صداقة , وبينما ربطت حزام الأمان حولها , لاحظت حقيبة الأوراق التي أحضرها , ورجحت أنه ينوي العمل.
وصعد غرادي الطائرة رشاقة ورمى بنفسه على مقعد الطيار أمام ليا مباشرة , ثم نظر ألى المسافرين بسرعة قبل أن يشد حزام الأمان حوله.
وفيما أجرى فحصه الأخير للطائرة , طرح عليهما سؤالا:
" هل تعارفتما؟".
أجابت ليا:
" أجل".
وبينما بدأ محرك الطائرة الأول يهدر ,دارت المروحة بسرعة بعد تردد , ثم علق الطيار:
" أنها مسافرة ألى أوستن لزيارة شقيقها".
ألقت ليا نظرة جانبية على رفيقها , وهي تقول في ما بدا فرصة ذهبية لمعرفة ما أذا كان رايلي سميث يعمل في الشركة نفسها أو في شركة منافسة:
" أخي يعمل لمصلحة شركة تعدين , وهو عضو في فريق يعمل على مسح منطقة أوستن ,وقد أشار غرادي ألى علاقتك ببعض شركات التعدين ,ولعلك تعرف شقيقي ,أسمه لوني تالبوت".
لم تتمكن ليا من النفاذ ألى عينيه الخضراوين اللتين ألتقتا بعينيها , ولكنها لمحت أبتسامة مرتسمة على شفتيه.
" لا".
وحال زئير المحرك دون الأستمرار في الحديث , وأجبرت ليا على نبذ فضولها بعض الوقت , وشعرت بالأمن نتيجة الظن بأن رايلي سميث لم يعمل لمصلحة الشركة نفسها التي يعمل فيها شقيقها.
أما غرادي فتحدث بالراديو:
" م , س, كاران برج المراقبة الأرضي ,هذا هو ( جورج 92 ) يطلب معلومات للأقلاع".
منتديات ليلاس
رقصت ليا فرحا وحماسة , فهي ستقلع بعد أنتظار طويل , ونظرت من النافذة وهي تبتم بينما كانت تفكر برد فعل لوني عندما يعلم أنها تكلفت عناء السفر لحضور عيد ميلاده.
لمعت أضواء زرقاء خارج نافذتها فيما درجت الطائرة حول ممر السيارات في طريقها ألى مدرج المطار, وعند بلوغ حافة المدرج , أصبح هدير المحركين أشبه بقصف الرعد , وأستعد غرادي للأنطلاق , عندئذ تلقى أذن البرج بالأقلاع.
وتطلع غرادي ألى الوراء قليلا وقد أرتسمت على وجهه الجاد أبتسامة مرح:
" سوف نرتفع بهذا الطائر عن الأرض".
دارت الطائرة حول نفسها بسهولة وهي تتجه نحو المدرج فيما أزدادت سرعة المحركات , وأحست ليا بتعاظم السرعة فيما حلت الفرامل وفتحت دواسة البنزين , وأرتفع مقدم الطائرة عن الأرض , وبعد ثوان قليلة أرتفعت الطائرة وصعدت طبقات الجو وقد نبض جهاز الهبوط في أسفلها.

نيو فراولة 01-09-10 03:35 PM


وشاهدت ليا عبر نافذتها وهج أضواء المدينة وهي تختلط بخيوط الليل الأولى , وبدت أضواء النيون الساطعة في فندق وكازينوهات منطقة ( لاس فيغاس) الشهيرة أشبه بشريط براق متلألأء بألوانه الزاهية.
وحذر غرادي ليا , التي أستقرت في شبه وقفة , تحاول عبور الممر الضيق المؤدي ألى المقاعد الأمامية :
" لا تصطدمي بأي من أجهزة التحكم".
ثم أمسكت بكوعها يد مساعدة أدركت ببعض الدهشة أنها يد رايلي سميث , وكانت لمسته قوية مطمئنة وخاطفة.
وتجنبت الأصطدام بأجهزة التحكم في أرض الطائرة , ثم جلست على المقعد الأمامي الأيمن بعد أن مدت تنورتها فوق ركبتيها , لقد غيرت مقعدها من دون حدوث مشكلة على رغم ضيق المسافة.
قالت وهي تنظر فوق كتفها ألى اليد الثابتة:
" أشكرك , وآمل يا سيد سميث أن لا نزعجك أنا وغرادي بحديثنا".
منتديات ليلاس
" في الحقيقة , أفكر أن أترك العمل بعض الوقت و وأنام قليلا".
وأتبع جملته بغلق حقيبة أوراقه.
ولما أطفأ مصباح القراءة , تمنت ليا لو أنها لم تنتقل من مقعدها لأنها رغبت في أشباع فضولها بالتعرف ألى رايلي سميت.
هز غرادي رأسه وقد أرتسمت على وجهه أبتسامة ساخرة.
" أنه مدهش".
ردت ليا بأندهاش:
" ما هو المدهش؟".
قال الطيار وهو يهز رأسه ألى خلف ويشير ألى الرجل النائم وراء ليا :
" هو".
تنبهت ليا ألى أن بأمكان رايلي سميث أن يسمع حديث الطيار , فنظرت من فوق كتفها لترى ردة فعله على كلامه , فوجدته مستلقيا في مقعده وقد أغمض عينيه وأخذ صدره يتحرك بأنتظام.
وتنهد غرادي:
" أنه نائم , لقد أغمض عينيه دون أن يحرك رأسه أو جسده".
وافقت ليا وهي تستقر في مقعدها :
" أنه لطيف".
ثم نظرت ألى لوحة الأجهزة المضاءة بالأشعة تحت الحمراء , وسألت:
" هل الطائرة تطير بدون طيار الآن؟".
غير أن ليا لاحظت طريقة غرادي الآلية في فحص الأجهزة وهو يجيب:
" أجل , هل أتيحت لك الفرصة للجلوس في مقعد أمامي في طائرة خاصة من قبل؟".
قالت:
" أصطحبني والدي غير مرة في الطائرة , لكنني لم أر طائرة متقدمة مثل هذه".
وأبتسم غرادي لها:
" أنها مجاملة من علم الطيران الحديث في عصر الكومبيوتر , وهذه الطائرة تفعل كل شيء آليا ما عدا عملية الهبوط , لكنني أكاد أقول أنها تفعل ذلك بنفسها تقريبا , أنها رائعة , غير أن كل الآلآت مآلها ألى الفناء , ولكن , لنترك حديث الطيران لأنني أسمعه طوال النهار, فأنا أظن أن بأستطاعتك أن تخبريني شيئا عن طفولتك خصوصا , وأنك ما زلت شابة وأن الرحلة طويلة".
ضحكت ليا ضحكة عذبة :
" لن تأخذني القصة طويلا , فقد عشنا أنا وشقيقي مثل أولاد سائر الطيارين العاملين في السلاح الجوي".
منتديات ليلاس
ثم أضافت: صورة مختصرة لحياتها أثناء الطفولة وهي تنتقل من قاعدة جويلا ألى أخرى.
" ولكن , بحق السماء قولي لي كيف بلغ بك المطاف ألى لاس فيغاس؟".
" لقد تم ذلك بالطرق العادية ,أذ نقل والدي ألى قاعدة نيليس التابعة للسلاح الجوي عندما كنت في الصفوف الثانوية , ولما تخرجت وبدأت دورة في علوم السكرتيرية , صدر أليه أمر بالتوجه ألى ألاسكا , وأرت أنهاء تدريبي , ولذلك بقيت في لاس فيغاس , خصوصا أن الوقت حان لأعيش مستقلة ".
قال غرادي ساخرا:
" هل أغرتك الأضواء الساطعة؟".
ردت بأصرار:
" لا أبدا فأنا سعيدة لكوني شكرتيرة , ولست أرغب في أن أكون عارضة من أي نوع , فعملي شاق وساعات الدوام مليئة بالجهود".
وافق غرادي:
" هذا صحيح , هل أنت مثل سائر سكان لاس فيغاس لا تدخلين الكازينوهات ألا في ما ندر وذلك لحضور مناسبة هناك؟".
قالت بالضبط".

نيو فراولة 01-09-10 03:45 PM


ثم أضافت:
" أنا لا أزور الكازينوهات ألا عند أفتتاح عرض جديد , أو ظهور نجم أحبه , ولكنني في الأجمال أترك منتديات القمار للسيّاح والمقامرين".
ثم توقف غرادي ليرمقها بنظرة فاحصة:
" أخبريني , هل قلت أنك كنت في جنوب المحيط الهندي بعض الوقت؟".
" نعم".
" أذكر أنني زرت هذه الأمكنة عندما كنت في الخدمة , غير أنني لن أقول لك متى كان ذلك".
وصب عليها سيلا من الأسئلة محاولا أختبار ذاكرتها ليرى أذا كانت زارت أمكنة قام بزيارتها هو بنفسه , وقارن وصفها لتلك الأماكن بما علق بذاكرته.
ثم خيم الصمت , ونظرت ليا ألى السماء المرصعة بالنجوم ألى شرق نافذتها , وشعرت بأرتياح بالغ.
منتديات ليلاس
همس غرادي:
"أذا كنت تشعرين برغبة في النوم , يمكنك الرجوع ألى مقعدك الخلفي , فهناك يمكنك أن تمدي رجليك دون الخوف من الأصطدام بأي من أجهزة التحكم".
ووافقت متنهدة:
" أظن أنني سأفعل ذلك".
ومع أن ليا حاذرت أيقاظ رايلي النائم , فأن عبور الممر الضيق كان أسها عليها هذه المرة , ولما أستوت في مقعدها , لاحظت سواد السماء أمام عينيها , وسألت غرادي بهدوء:
" أليست السماء في غاية الظلمة أمامنا؟".
" لا شك أن هذا دليل على العاصفة , والمهم أن أراجع دائرة الرصد الجوي للأطلاع على نشرة جديدة عن حالة الطقس".
أتصل بالدائرة بينما ربطت ليا حزام الأمان , لم تسمع ليا البرقية الجوابية بوضوح , غير أن غرادي نقل أليها مضمونها.
" سنطير مع العاصفة حتى نبلغ أوستن , والأفضل أن تشدي حزام الأمان حولك بقوة لأن الأحوال ستسوء قليلا".
ثم نظر ألى الوراء بأتجاه الرجل النائم وصاح:
" رايلي".
أجاب رايلي بهدوء:
" سمعت البرقية".
وتمدد رايلي بحزم وهدوء فيما شد حزام الأمان حوله .
فتحدثت ليا أليه من دون تفكير :
"لقد ظننتك نائما".
منتديات ليلاس
" أجل ".
لكنها لم تلحظ أي أثر للنوم في صوته , فقدّرت بأنه أستيقظ بالسرعة نفسها التي عاد بها ألى النوم.

نيو فراولة 01-09-10 05:12 PM


2- وحيدان في الليل


أشتدّت حلكة السواد حول الطائرة الصغيرة ذات المحركين التوأمين , وأضيئت السماء بخطوط البرق , وتعاقبت تيارات هوائية عنيفة متعارضة على جذب الطائرة ألى الوراء ودفعها ألى الأمام.
ومع كل وثبة وثبتها الطائرة , وأرتجفت لها قلوب المسافرين , تراجع غرادي ألى الوراء ليتجنب زيادة الضغط على هيكل الطائرة, وتفاقمت شدة الصدمات.
ومن دون أن يرفع غرادي عينيه عن آلات القياس ولوحات الأجهزة المتراقصة أمامه مع أنتفاضات الطائرة , نادى رايلي طالبا منه الأنحناء ألى الأمام , فحل المسافر ذو الشعر الأسود حزام مقعده قليلا , وأنحنى صوب الطيّار الذي قال:
" ستزداد الأحوال سوءا , ولكنني سأجرب التحليق حول دائرة العاصفة هل هذا معقول؟".
منتديات ليلاس
" حسنا".
لم يبد على رايلي أي أضطراب أو خشية من حالة الطقس .
أما ليا , فعلى رغم ثقتها بجدارة طيارهما وكفاءته ولياقة طائرتهما , وجدت نفسها ترتجف خوفا وهلعا , وبررت شعورها بالخوف بالرأي القائل أن المجنون وحده لا يخاف أو يفزع.
حبست ليا أنفاسها عندما أمال غرادي الطائرة جانبيا ألى الشرقمحاولا أن يسبق العاصفة ويدور حولها , ثم رمقت الرجل الجالس قربها بنظرة طويلة جعلتها تقتنع بأن وراء وجهه الخالي من أي تعبير أعصابا فولاذية.
وشد تيّار هوائي الطائرة نزولا , وما أن أفلتت من قبضته حتى كادت ليا تتقيأ , أما السواد المحيط بهم , فلم يتبدد ألا بفعل ألسنة البرق النارية التي أخترقت الأجواء من حولهم , وظلّت الطائرة في أندفاعها وسط المعمعة.
وصاح غرادي :
" لا أستطيع أختراق هذه العاصفة , ولذا سأهبط بضعة آلاف من الأقدام لأرى أذا كانت طبقات الجو هناك أهدأ".
منتديات ليلاس
لم يكن هناك حاجة للتعليق , فقد شعرت ليا أن ليس بأمكانها أن تتفوه بكلمة لشدة جفاف حلقها وفمها , وقد شعرت عند نزول الطائرة أنهم يغوصون في لجة البحر , ألا أنها أدركت أن غرادي يتحكم بعملية الهبوط , وراقبت ليا عبر زجاج النافذة المصقول كالمرآة الطيار وهو يبسط أجنحة الطائرة , ولمع البرق أمامهم مضيئا بأنواره الصفراء والبيضاء السماء بضع ثوان.

نيو فراولة 02-09-10 02:47 PM

وفي الوقت الذي سمعت فيه ليا غرادي يصيح:
" يا ألهي ".
رأت كتلة سوداء سميكة ترتفع أمام مقدم الطائرة.
وما كادت تلاحظ أن ما رأته كان جبلا , حتى أنقلبت ألى جنبها لأن غرادي حرف الطائرة بحدة ألى اليمين.
وأظهر وميض البرق مزيدا من الجبال في طريقهم.
وقال غرادي بحنق وهو يميل الطائرة بحدة:
" لا يفترض وجود جبال على هذا الأرتفاع , لا شك أن مقياس العلو.........".
منتديات ليلاس
لم يكمل جملته , لأن وميض البرق كشف له طريقا للخلاص فوق تلة محدودبة تصل بين قمتين شاهقتين , ووجه غرادي مقدم الطائرة ألى حيث ظن أن التلة تقوم , وتجمدت ليا كالجليد وهي تنتظر ومضة البرق التالية لتكشف لها صحة أتجاهه.
وتأخر البرق أذ وجدوا أنفسهم قرب الجبل عندما أضاء الوميض السماء وكشف أن غرادي أخطأ هدفه , وتحتم أن تصطدم الطائرة بحرف الجبل.
وسرعان ما حاول غرادي أصلاح خطأه , وصاحت ليا في سرها خائفة:
" آه يا لوني".
أطبقت أصابع آدمية على عنقها بقوة وكأنها خطاف , وشدت رأسها ألى ركبتيها حيث دفنته .
وبدد خوفها أمر رايلي :
" أبقي رأسك هنا".
أرتجت الطائرة بعنف أذ أصطدم طرف جناحها الأيمن بحرف الجبل فأنشطر.
وسقطت الطائرة فيما هتف غرادي بصوت خفيض:
" أرتفعي يا عزيزتي".
وأرتطم أسفل الطائرة بالأرض الصلبة , ثم أندفعت مسافة أقدام قليلة على الأرض حيث أرتطم جناحها الأيمن ثانية بجسم صلب ثابت , وراحت الطائرة تدور حول نفسها.
لف صرير المعدن ليا من كل الجهات ألى ما لا نهاية , وتساءلت لماذا حدث كل ذلك ببطء شديد , وتكسر الزجاج فوق رأسها , ثم سمعت مزيدا من المعدن يتحطم عند جنبها الأيسر.
شعرت ليا بألم خفيف فيما غشي عينيها السواد , ومع أنها لم تفقد كامل وعيها , فأنها لم تنتبه ألى ما جرى حولها أذ صم الهدير أذنيها عن كل الأصوات المحيطة بها.
وأخذ الضباب الأسود بالأنحسار , وأحست خطافا حديديا يشدها ألى فوق , وما هي ألا لحظة حتى أنتبهت أن ذلك لم يكن سوى ذراع قوية.
وسمعت صوتا قويا ثابتا وكأنه يأتي من مسافة بعيدة:
"أنهضي فعلينا أن نخرج من هنا".
أدركت ليا أن عليها أن تطيع الأمر , وهزت رأسها لتطرد منه الدوار , وطوقت الذراع وسطها لتساعد رجليها المرتجفتين على السير.
منتديات ليلاس
وفجأة أدركت وهي تتنفس بصعوبة أنها ما زالت حية , وأن الذراع التي ساعدتها على الأنزلاق من باب الطائرة المفتوح جزئيا هي ذراع رايلي سميث , وفيما أنسلّت من شق الباب الضيق وهي تتعثر بالمقاعد , أستغربت لماذا لم يحاول رايلي فتحة الباب.
وأدركت السبب عندما لامست قدماها الأرض المغطاة بالحجارة الصغيرة , فقد توقفت الطائرة طوليا بجانب الجبل مما حال دون توسيع فتحة الباب.
وما أن خرجت حتى أحست بالريح تعصف بشعرها والمطر ينهمر على وجنتيها والرعد يقصف في السماء , وأرادت أن تتكىء على الطائرة تبكي بصمت تعبيرا عن فرحها وأمتنانها لبقائها حية , لكن الذراع التي أحاطت بخصرها منعتها من ذلك.
وقال رايلي بحزم:
" لا يمكننا أن نقف هنا".
لم تعترض على أراداته لأنها أقتنعت بصوابها , ومع أن الخدر أخذ يتلاشى من ساقيها , فأنها شعرت بصعوبة السير على الأرض المنحدرة خصوصا وأن كعبي حذائها كانا مرتفعين.
ولما أبتعدا عن الطائرة , توقفا في فتحة جبلية صخرية , وأزاح رايلي ذراعه , التي أستندت أليها ليا , وضغط بيده على كتفها ليجلسها على الأرض.
وقال بلهجة آمرة:
" أنتظري هنا فسأعود ألى الطائرة , أجلسي وألا أصبحت هدفا سهلا للصواعق".
هزت ليا رأسها , ثم تكلمت:
" سأفعل".
ولما أستدار ليتركها , تذكرت :
" أين هو غرادي؟".
منتديات ليلاس
ولم يجب منقذها , الذي أندفع منطلقا في الظلام , وظنت أنه ربما لم يسمعها , أو أنه عاد لينقذ الطيار.
وومض البرق ليمكنها من مشاهدة ملامحه المعقدة ومن رؤية هيكل الطائرة المحطم , فأرتعدت أستغرابا وخوفا من أعجوبة خلاصهم.
لم يكن بالأمكان تسمية الرذاذ المتطاير مع الريح مطرا , ألا أن ليا التي أنتظرت في العتمة شعرت أن المطر بلّل ملابسها , فشدت عباءتها حولها .

نيو فراولة 02-09-10 03:14 PM


ونتيجة ذلك شعرت بوخز أليم في ذراعها اليسرى , وتحسست بدقة موضع الألم بيدها اليمنى , ووجدت أن كم بلوزتها كان رطبا ولزجا ودافئا , ولمست أصابعها الجرح في ذراعها , غير أنها لم تتذكر أنها أصيبت , وقبضت يدها على الجرح غريزيا بقصد أيقاف سيلان الدم ,ولم تتمكن أن تتأكد من عمق الجرح في هذه الظلمة , وما أن أكتشفت مكانه حتى بدأ الجرح ينبض . وأحست ليا فجأة بالبرودة والوحدة.
وحملقت محاولة أختراق ستار الليل لتلمح الرجل الذي قادها ألى هنا , لكنها لم تستطع أن ترى سوى وميض الدهان الأبيض على هيكل الطائرة.
لمع البرق ودوى الرعد على الفور , وتذكرت ليا أنها وعدت أن تنتظر رايلي سميث , غير أنها قررت أن تنكث بعهدها أن هو لم يعد سريعا.
منتديات ليلاس
أنبعث من الطائرة هالة ضوء مخيفة غمرت الأرض الصحراوية ذات الأشجار الخفيضة , ومرت بضع لحظات يقف فيها شعر البدن,وذلك قبل أن تكتشف ليا أن مصدر النور كان مصباحا وأنسلت من حلقها ضحكة ممزوجة بالتنهد.
وحمت ليا عينيها اللتين عمتا من وهج النور المنصب عليهما في الظلمة , وأبتعد الضوء عنها عندما ركع الرجل قربها وهو يرمي عن كتفه الحمل الثقيل , وحدّقت ألى الحزمة المؤلفة من معطف شدت أكمامه ليحمل في داخله بعض الأمتعة المتفرقة.
وفيما جحظت عيناها مخترقة وجه الرجل الحالي من التعبير , وأستعدت ذهنيا لتلقّي جوابه , سألت:
" أين هو غرادي؟".
أجاب وهو يعمل أصابعه برشاقة ليحل أكمام المعطف.
" مات".
فهمست بحزن :
" كلا".
أقتنعت بصحة قوله , فليس الموت أمرا للمزاح , وحاولت أن تخفي الرعشة في صوتها حين قالت:
" هل تركته في الطائرة؟".
بدت ملامحه كالقناع وعيناه الخضراوان خاليتين من أي مسحة حزن عندما قال:
" نعم , والآن دعيني أرى ماذا يمكنني أن أفعل لجرحك".
لمست ليا جرحها النابض بالألم بلا مبالاة , وظنت أن من الخطأ ترك غرادي تحت أنقاض المعدن , ولم تقبل بسهولة حقيقة وفاة هذا الرجل الحار والمليء بالحيوية.
" يجب أن تحملي المصباح".
لم ترد ليا على كلمات رايلي , فعبس وقطّب جبينه:
" حسبك هذا".
قالت ليا مشدوهة:
"ما.......... ماذا؟".
ردد كلامه بأقتضاب:
" قلت أن عليك أن تحملي المصباح حتى أتمكن من معاينة ذراعك".
ودمعت عينها وهما تطرفان فيما أمسكت المصباح المبتل والبارد بأصابعها , وركزت شعاعه على جرحها , وأستطاعت أن ترى خارج دائرة الضوء رايلي سميث يستل سكينه من جيبه ويرفع نصلها :
" سوف أكما قص الكم".
وما كاد ينهي عبارته , حتى شق نصل السكين موضع درز الكم , وبسرعة أصبح الكم في يده.
وأستعمل بقية الكم ليمسح الدم بأنتباه حتى يتمكن من رؤية عمق الجرح , ولم يكن الجرح المثلم منظرا سارا , فأبعدت ليا نظرها عنه ,وشعرت برايلي يبحث في الجرح عن أي شظية زجاج أو معدن , وأحست به ينبض وكأن نارا أشتعلت فيه.
ثم أستدار ليفتح الغطاء المعدني عن الصندوق الكبير المليء بمعدات الأسعافات الأولية الذي وضعه بجانبه , وأخرج قنينة مليئة بسائل مطهر , ثم رد الغطاء مكانه قبل أن يفسد المطر أيا من المحتويات , وتلألأت الماء كالماس في شعره الفاحم السواد , وحذّرها:
" سيوجعك هذا قليلا".
على رغم تأهب ليا للعملية , فأنها لم تستطع منع نفسها من أطلاق صيحة ألم مختنقة خصوصا عندما أرتجفت ذراعها متجنبة السائل الناري.
" أهدأي".
فصرخت في وجهه:
" أنه يؤلمني".
منتديات ليلاس
غير أن رايلي سميث تجاهل ذلك , وقال:
"أمسكي الضوء جيدا حتى أرى ما أفعل".
وشعرت ليا أنه قاس وغير حساس , أذا كان بأمكانه أن يقول لها أنه آسف لما يصيبها من الألم , ولكن ليس بأستطاعته أن يساعدها بغير هذه الطريقة.
وصرفت على أسنانها وهي تركز الضوء على ذراعها ثانية , ولم تصرخ في هذه المرة وهو يصب السائل المطهر على جرحها على رغم ترنّح المصباح قليلا , ثم ضمّد الجرح بفاعلية ورشاقة.
قالت ليا وهي تشعر أن الألم بدأ يخف قليلا:
" أشكرك".:
أجابها وقد أرتسمت أبتسامة خفيفة على شفتيه:
لا شكر على واجب.

نيو فراولة 02-09-10 03:38 PM

ثم تناول المصباح من يدها ووضعه على الأرض , فشع نوره حتى غرقت بضوئه البقعة الخالية من الأشجار حيث أقاما , وفرد المعطف على الأرض , ثم أدخل مسدسا تحت حزام سرواله البني وشد بزته ليمنع المطر من التسرب أليه , ووضع جانبا قنينة ماء وعلبة صغيرة , ومربعا من مادة مطوية حمراء اللون , ثم وقف ينفض المعطف , وقدمه ألى ليا قائلا:
" هذا سيمنع المطر عنك".
منتديات ليلاس
أرخت ذراعيها اللتين أستقرتا على خصرها قليلا وهي تشعر بدفء الرطوبة في ملابسها المبللة , وقالت:
" أرجو أن ألفت أنتباهك ألى أنني قد تبللت".
ألقى عليها معطف رجل , ثم شد ياقته حول عنقها :
" لا أريد أن يبلل المطر الضمادة , وكما تعرفين , فأن هواء الصحراء والجبل يبرد في الليل , سواء كان ذلك في الربيع أو في أي فصل من السنة , وأذا لم يحمك هذا المعطف من المطر , فأنه سيقيك البرد على الأقل".
الواقع أن ليا أرادت بعض الملابس الجافة , لكنها أدركت أنها ستبتل هي الأخرى , وبحذر شديد أدخلت ذراعها المصابة في أحد الأكمام وأدخلت ذراعها الأخرى في الكم الآخر بأنتباه , ثم زررت المعطف.
ولما أرتاحت في المعطف الواسع, سألت من دون تفكير :
"معطف من هذا؟".
" أنه معطف غرادي".
فشحب وجه ليا , وفجأة لم تشعر بالراحة نفسها , فأخذت تفك أزرار المعطف , وهمست بحنق:
" بأمكانك أن ترتديه أنت".
أجابها بصوت ثابت فيما دقق النظر ألى وجهها:
ط كلا! فأنه في أي حال لن يعترض يا آنسة تالبوت".
ثارت حميتها لدى سماعها عبارته الوقحة وصاحت:
" كيف يمكنك أن تكون عديم الأحساس والشعور هكذا؟".
رد رايلي سميث بهدوء:
" أنها الحقيقة مهما كانت قاسية".
وأنتقلت أليه عدوى غضبها من دون أن تؤثر على رباطة جأـشه حين قال:
" لا يمكننا أن نفعل أي شيء من أجل غرادي , همنا الأول محصور في أنفسنا , فعلينا أن نستعمل كل ما نجده لنتمكن من البقاء على قيد الحياة هذه الليلة".
كبح منطقه الصائب أنفعالها , فعادت تزرر المعطف ثانية وهي تصرخ بقليل من التمرد:
" بأمكانك أن تشعل نارا لتدفئنا وتجفف ملابسنا".
منتديات ليلاس
قال بجفاء وهو يذكرها:
" أن السماء تمطر".
ثم رفعت شعرها الكستنائي عن جبهتها وهي تقول بعصبية:
" حسنا , ليس هذا صعبا عليك لأنك هندي في بعض أصلك".
ورمقته بنظرة فاحصة وهي تعض بأسنانها على شفتها السفلى ندما , لقد كان قولها جارحا ينم عن تعصب , ولم تقصد أن يفهمه هذه الطريقة أبدا , فقد أغاظها برباطة جأشه وجعلها لا تفكر عندما أجابته بهذه الكلمات.
وأنحنى ليلتقط المربع الأحمر المطوي , وهو يقول بصوت سمعت فيه رنة تهكم:
" بأمكاني أن أشعل نارا تحت المطر أذا تمكنت من العثور على بعض الحطب الجاف , وبأمكاننا أن نؤجج النار بعد بضع ساعات , ولو أننا لم نستسلم للتعب والسخرية , لكان بأمكاننا الأستمتاع بها آنذاك".
ونظرت ليا ألى الأرض وهي تتنفس بعمق لتصعد زفرة بطيئة وهي تعتذر:
" آسفة , فأنا لم أفكر أننا لا نستطيع أن نجلس ألا تحت المطر , ألا نستطيع أن نبيت في الطائرة ؟".
كان أحد جوانب المربع الأحمر , الذي أحدث صليلا عاليا عندما طرحه رايلي أرضا , يشبه الألومنيوم , أما طلاء ذلك الجانب الفضي , فتلألأ تحت ضوء المصباح , وعلق رايلي:
" سيشكل معدن الطائرة مسرى للبرق مما يجعله خطيرا للغاية , وفي أعالي الجبل بعض بقايا منجم مهجور , يمكن أن يدفعها المطر فتسد الباب مع الصباح ,ولا شك أننا سنبرد ونبتل هنا , ألا أن الطائرة لن تكون أكث حرارة , وفي أي حال , فأننا لن نحبس هنا تحت الأنقاض".
كان من المفروض أن تستسلم ليا لسداد منطقة مجددا , ألا أنها شعرت بالأبتلال والبرد المتزايد ,وبدأت أسنانها تصطك وأخذت ذراعها تيبس فتؤلمها.
ونظرت أليه نظرة مليئة بالتعب وهي تسأله :
" وماذا سنصنع؟".
حان الوقت ليقترح حلا , أذ كانت أفكارها خاطئة :
"قفي"
منتديات ليلاس
" ثم أمسك كوعها بيده ليساعدها على الوقوف , ووقفت ليا وهي تنظر بريبة ألى خطوته التالية , وكانت تلتف ببطانية أرتفعت بعض أجزائها فوق رأسها في شكل نصف قبعة.

نيو فراولة 02-09-10 04:49 PM

أبلغها وهو يضع طرف البطانية بين أصابعها :
" أمسكي هذا الجانب".
ثم تردد وهو يفحص نظرتها الفضولية:
" يجب أن نلتف بهذه البطانية لتمنع عنا المطر قدر الأمكان , ولنتدفأ بحرارة أجسامنا".
قالت ليا وهي تردد معنى كلماته:
" هل تقصد أن تقول أن علينا أن ننام جنبا ألى جنب؟".
وأصابتها رعشة , ثم حاولت أن تمنع أسنانها من الأصطكاك عاليا , ثم أضافت ساخرة:
" هذا هو الحل العملي والمنطقي , أليس كذلك؟".
هز رأسه وقد أرتسمت على وجهه المبتل أبتسامة خفيفة:
" أجل".
ولما كانت مبتلة ومتعبة , شعرت بالبرد الشديد فلم تكترث ألى أن والديها لن يعجبهما أنها ألتحفت البطانية نفسها مع رجل غريب.
بادلته الأبتسام وهي توافق:
" لفعل ذلك بأقصى سرعة".
ثم أمتدت ذراعه ألى طيات المعطف الواقي من المطر الغليظة عند خصرها , بينما لف البطانية حوله بقوة ,وعندما أعطى الأشارة , تمددا على الأرض جنبا ألى جنب.
منتديات ليلاس
ونام رايلي على ظهره جاذبا رأس ليا وكتفيها فوق صدره وممددا جسمها بجانبه , تساقطت حبيبات المطر على البطانية ساعية للتسرب أليهما , ألا أن المادة الواقية من الماء أبقتهما جافين.
وأول الأمر لم تحس ألا ببرودة جسمه الصلب ورطوبته , ولكن سرعان ما شعرت بدفئه ينساب متدفقا عبر ثيابه المبللة , فأدنت نفسها منه وهي ترتجف , وأخذ يفرك ظهرها وكتفيها وخصرها مع الحرص على تجنب الأصطدام بذراعها الجريحة التي كانت تنبض بأستمرار وسألها:
"هل تشعرين بالتحسن؟".
وحرّك نفسه الحار الهواء قرب جبهتها.
أجابت وهي تتنفس برضى:
" نعم".
وتنفست نفسا عميقا برضى وقد تعاظمت في أنفها رائحته المسكية نتيجة سقوط المطر.
وظلت يداه تعملان بأنتظام وبطء , عادت الحرارة ألى جسمها أذ شعرت أنها أستردت حيويتها ثانية , ولم تعد تفكر بعنائها الجسماني , بل بدأت تهتم بأمور أخرى.
وقالت بهدوء:
" لا شك أن فريق عمل سيبدأ بالبحث عنا صباحا , أليس كذلك؟".
" بلى!".
" كم سيستغرقون من الوقت حتى يعثروا علينا ؟".
" من الصعب التخمين ".
ظنت ليا أن ذلك كان جواب رايلي الوحيد , لكنه سرعان ما أضاف:
" لم يكن هناك متسع من الوقت لأرسال برقية تحدد موقعنا , فقد كان غرادي مشغولا ألى أقصى الحدود بمحاولته منع الطائرة من الأصطدام بحرف الجبل , وأذا كان قد أخفق في تنفيذ خطة الطيران , فأنه قد طار بعيدا عن الخط المرسوم له ساعيا بذلك أن يبتعد عن دائرة العاصفة ولا شك أن فريق الأستطلاع سيبدأ التفتيش في منطقة الطيران المرسومة أصلا , ثم بوسع بحثه أذا لم يعثر على الطائرة في تلك المنطقة ".
" أذن , من المحتمل أن يعثروا علينا بعد ظهر الغد".
أعقب سؤالها لحظة من التردد , ثم قال:
" هناك مساحة واسعة من الأرض الوعرة التي يجب أن يستطلع فيها فريق البحث , وربما بلغوا موضعنا بعد ظهر يوم الأحد أو الأثنين".
أرتجفت ليا من البرد وهي تقول:
" أنا سعيدة لأنني لم أبلغ لوني بقدومي أليه , فهو في أي حال لن يقلق عليّ لبعض الوقت ويفكر أذا كنت من بين الأموات أو الأحياء".
ستبلغ السلطات والديها أولا , وهما بدورهما سيبلغان شقيقها ,وعندئذ ربما تكون قد أنقذت.
" هل كنت تزمعين أن تفاجئيه؟".
هزت ليا رأسها وهي تحرّك وجنتها فوق قماش بزته الرطب , ثم تنهدت قائلة:
" كنت أزمع مفاجئته بمناسبة عيد ميلاده الذي يصادف غدا".
ثم حاولت أن تبعد أفكارها عن هذا الأمر المزعج والمحزن , فسألته:
" ألم يكن بأنتظارك أحد؟".
" بلى , بعض أصدقاء أتعاون معهم في العمل".
أمالت رأسه ألى مؤخر كتفه وهي تحاول أختراق الظلمة لتلمح وجهه , وسألت:
" لحساب من تعمل؟".
منتديات ليلاس
ظهر فضولها سافرا لأنها شعرت بأنتفاء الحاجة ألى صياغة أسئلة دبلوماسية وهي تقبع بين ذراعيه, فأضافت:
" هل تعمل لمصلحة شركة تعدين تنافس الشركة التي توظف شقيقي؟".
رد:
" أنني أعمل لحسابي".
" هل تملك شركة تعدين؟".
بدت أمارات الصبر والتروي على صوته:
"لا , فأنا أصنع الجواهر".
ما أن أستوعبت قوله , حتى تذكرت قطعة الفيروز من عنقه ,فسألت:
" مجوهرات من الفيروز؟".
رد بسخرية واضحة ومقصودة:
" أو مجوهرات هندية , سمها كما شئت".
تجمدت ليا وهي تدافع عن نفسها:
" لم أقصد أن أهزأ وأتهكم عندما أبديت ملاحظتي الأولى , فقد كنت مبتلة , وشعرت بالبرد , وظننت أن النار هي العلاج الطبيعي , وبكل بساطة لم أعرف كيف أشعر نارا".

نيو فراولة 02-09-10 04:58 PM


ثم ترددت وقد أغاظتها أشارته غير المباشرة ألى ملاحظتها الجارحة التي أطلقتها من دون تفكير , وقالت:
" لقد أشار غرادي ألى أن دما هنديا يجري في عروقك لذا قلت ما قلته لأعتقادي بأنك تحسن أشعال النيران فيما لا أعرف أنا شيئا عن هذا الأمر ".
علّق رايلي سميث برضى:
" ليس هناك داع لكل هذا الشرح , فقد فهمت ذلك من البداية".
وتمنت ليا وهي تتمتم بينها وبين نفسها أن تعرف لماذا جعلها تقدم أعتذارها مع أنه خمن قصدها , وشعرت أن النقاش سيكون عقيما لأن الخطأ في الأصل خطأها.
كظمت ليا غيظها , وأنتقلت ألى موضوع أقل حساسية:
"لماذا كنت مسافرا ألى أوستن؟".
منتديات ليلاس
شرح لها الوضع ببعض التفصيل:
" توجد قرب المنطقة التي أزورها بعض مناجم الفيروز , وأنا أتعامل مباشرة مع المشرفين عليها فأشتري الحجارة التي أريدها لأستعمالها في صنع المجوهرات".
عبست قليلا وهي تحاول أن تتذكر أذا كان لوني قد أشار في أحدى رسائله ألى مناجم الفيروز :
" لم أكن أعرف أن هنالك مناجم فيروز في تلك المنطقة".
" يوجد أحتياطي من عرق الفيروز في منطقة تمتد من وسط الولاية مباشرة , وهي تبدأ بالتحديد في منطقة جبال باتل عبر أوستن , ثم تنحرف ألى الشمال الغربي عند مدينة تونوبا , وأذا رسمت العرق على الخريطة لظهر بشكل حرف j".
" طالما فكرت أن معظم الفيروز يستخرج من ولاية أريزونا ".
" لا شك أن أريزونا تنتج كمية لا بأس بها من الفيروز , ولكنه نتاج جانبي لصناعة النحاس وتعدينه".
منتديات ليلاس
ثم أصطلقت أصابعه بلطف شعرها الرطب الطويل من ياقة المعطف , وأرخته على ظهرها.

نيو فراولة 02-09-10 06:59 PM

وقال :
" أظن أن الوقت حان لننام قليلا , فسيكون نهار الغد يوما طويلا".
الحقيقة أن ليا لم ترد التوقف عن الحديث لأنه يصرف تفكيرها عن حادث التحطم , فهي تريد أن تشغل تفكيرها بأمور أخرى.
" أعتقد أنك على صواب".
وتنهدت مرغمة وهي تضيف:
" مرة أخرى".
وشعرت بتثاقل جفونها حين سألت:
" كم الساعة الآن؟".
" أظن أنها تقارب منتصف الليل , هل أنت مرتاحة هكذا ؟".
هزت رأسها وهي تدنيه من صدره قائلة:
" أجل , تصبح على خير".
" تصبحين على خير ".
منتديات ليلاس
خيّم الصمت على رغم قصف الرعد ووميض البرق ووقع المطر , ولم يكن هناك أي من أصوات السيارات أو الناس أو أضواء الشارع التي كانت تشع عبر نافذتها , فتغفو على أنوارها.
وشعرت بصلابة الأرض وقساوتها تحت جسمها , وبأنتظام حركة صدر رايلي الذي وفّر وسادة لرأسها , وبضربات قلبه المنتظمة قرب أذنها .
لو أختلف مجرى الأحداث , لكانت الليلة بجوار لوني , ولنامت في سرير غريب , بيد أن غرابته لم تكن لتوازي جزءا من غرابة سريرها الحالي , ثم تجمّد حلقها عندما فكرت لو سارت الأمور في الأتجاه المعاكس , لكان غرادي قد بقي على قيد الحياة.
وهمست بصوت خفيض مختنق:
"لو أننا أقلعنا باكرا لكنا سبقنا العاصفة ووصلنا ألى أوستن ".
عندئذ شعرت ليا بذبذبات صوت رايلي الخفيض والرزين والخالي من العاطفة يخترق أذنها:
" وكنت مع شقيقي وكنت مع أصدقائي وكان غرادي ما زال حيا".
وأنهمرت الدموع على وجنتيها وهي تقر بمرارة أنه مصيب أيضا , غير أن ذلك لم يهوّن عليها قبول الأمر , وطرفت أهدابها لتلتقط الدموع المنسابة .
أستيقظت خلال الليل من رقادها المزعج والمتعب على صوت هدير هائل زلزل الأرض تحتهما , فتحركت وهي تفتح عينيها بعبوس , وهمست بحيرة :
" ما هذا؟".
منتديات ليلاس
حاولت أن ترفع نفسها معتمدة على كوعها ,ألا أن الذراع , التي طوقتها , ضغطت عليها ودفعت يد أخرى ألى صدر رايلي.
وأجاب رايلي بهدوء:
" لا تقلقي , فأن ما تسمعينه ليس شيئا , عودي ألى النوم".
أطاعت ليا الأمر لأنها لم تستيقظ فعلا على نحو كامل , ولأن عضلاتها المتعبة أبت القيام بأي حركة , وقالت في نفسها ربما كان هذا صوت رعد.

نيو فراولة 02-09-10 07:18 PM

3- حياة القفار

لم يكن الصوت , الذي سمعته ليا , رعدا.
سطعت الشمس الصباح في عينيها , ألا أن نورها لم يعمها عن رؤية أكمة أرتفعت من تجمع شظايا الصخور والحجارة أمامها , الأنهيار دفن الطائرة بأكملها.
ورأت في منطقة عالية من المنحدر الصخري فتحة سوداء هي في الحقيقة مدخل منجم تمددت في وسطه شجرة ضخمة , وقد دفع المطر المنهمر في الليلة الماضية البقايا الرخوة من المنجم ألى أسفل المنحدر , وتذكرت ليا تحذير رايلي من حدوث ذلك , ولو باتوا في الطائرة , لكانوا حبسوا داخلها , أو أختنقوا من أنقاص الحصباء.
مع الصباح أحست بوجع في عظامها من النوم على الأرض الصلبة , وتشنج في عضلاتها لشدة ألتصاقها برايلي حتى تدفأ من حرارة جسمه , ورأت أن عناءها أمر بسيط أمام أختفاء الطائرة تحت هذا الجبل الضخم من الركام.
وراقبت رايلي بهدوء وهو يشق طريقه فوق الركام بأنتباه , ومع كل خطوة من خطواته تحركت الأرض تحت قدميه محدثة أنهيارات صغيرة أندفع معها الحصى بعيدا , ثم توقف رايلي لينحني ويرفع الصخر بعيدا بحذر شديد.
منتديات ليلاس
وظهر جسم أبيض أخذ حجمه يزداد كبرا فيما أستعمل رايلي ذراعه اليسرى كحاجز لدفع الحصى المندفع ليغطي البقعة المكشوفة , وأستعمل يده الطليقة ليتخلص من مزيد من الصخر ببطء شديد ومضن.
وكان هدفه مخزن الأمتعة في مقدم الطائرة المنهار حيث لوى الحطام الباب وفتحه جزئيا عند أسفله و وشاهدت ليا رايلي وهو يجهد مستعملا يده الوحيدة الطليقة ليفتح القسم الباقي من الباب .
ولما أنفتح المزلاج , رفع الباب بسرعة ليستعمله بدل ذراعه في صد الحجارة المتدافعة , ثم دخل الطائرة وأخرج حقيبته وحقيبة ليا بسرعة.
وتراقصت الحجارة على جانبي الباب مهددة متوعدة , ودفع الحقائب على الصخور المتدحرجة لتحملها بعيدا عن الطائرة , وحبست ليا أنفاسها وهي تراقبه ينزل على مهل خصوصا وأنه كلما ضاقت فتحة الباب كلما زاد أندفاع الصخور.
أرتفعت فوق رايلي مجموعة من الصخور لم تحدث أنهيارا عندما أنزل الباب , الذي سرعان ما غطته الحجارة , ثم أستدار ونزل المنحدر نحو الأمتعة ببطء وهو يجلس القرفصاء.
ولما وقف ثانية على الأرض الصلبة أطلقت ليا الأنفاس التي حبستها في زفرة أرتياح , وحمل رايلي الحقائب الثلاث , وسار نحوها وقد وقفت بعيدا في مأمن من الخطر.
وقال مبتسما:
" الآن يمكننا أن نغير ملابسنا".
وافقت ليا:
" لا يمكنني الأنتظار".
على رغم أن ملابسها كانت قد جفت نسبيا , فأنها كانت لا تزال تشعر برطوبتها على جلدها.
ثم وضع حقيبته وحقيبة أدوات زينتها على الأرض أمامها , وهو يقول:
"هل أحضرت بنطالا في هذه الحقيبة؟".
أجابت :
" أجل".
منتديات ليلاس
" يحسن بك أن ترتديه وأن تنتعلي حذاء بلا كعب".
ونظرت ليا حولها , فرأت أن الأشجار الصحراوية الخفيضة كانت نادرة في المنحدر الجبلي , ولم تشاهد صخرا كبيرا يمكنها أن تستعمله كستارة تبدل ملابسها خلفها.
فقالت:
" أين يمكنني أن أبدل ملابسي؟".
ألتمعت عيناه سخرية وهو يجيب بلا مبالاة :
" أينما شئت ".
قالت ليا:
" أريد أن أختلي في مكان خاص , فأنا لا أريد أن أتعرى أمام جمهور من المتفرجين".
وأنحنى ليفتح حقيبته وهو يقول بعدم أكتراث:
" أظن أن عليك أن تزحفي خلف أحدى هذه الشجيرات , فأنا لا أرغب بالتفرج عليك بقدر ما أرغب في تبديل ملابسي".
أطبقت ليا شفتيها , ثم ركعت أمام حقيبتها وهي تضع ذراعها الجريح حول خصرها.

نيو فراولة 02-09-10 07:51 PM

وحاذرت أن تصدمها عرضا وهي ترفع غطاء حقيبتها لتنقب فيها عن ملابس داخلية جديدة وبنطال , وتمتمت بتشنج:
" لم أقصد أن تجلس وتصفق لي وأنا أخلع ملابسي".
رد رايلي مستهزئا :
" آه , وماذا قصدت أذن؟".
أجابت وهي تلف ملابسها في شكل كرة وتضع فوقها حذاء بلا أكعاب.
" عن رغبى في بعض العزلة".
أقترح متحديا:
" يمكنك أن تتمتعي بكل العزلة التي توفرها لنا بيئتنا البدائية ".
فصاحت وهي تغلق باب الحقيبة بعنف:
" أشكرك".
منتديات ليلاس
ونهضت مرتبكة وهي تحمل حزمة ملابسها , ومشت نحو دغلة كثيفة نسبيا من نبات الناعمة الشبيه بالنعناع , وهي ترفع أنفها عاليا , ثم شتمت نفسها في سرّها لأنها أرتكبت الخطأ ثانية.
فهو , على عكس ما ظنت , لم يقصد الأساءة بملاحظته المازحة بأن تبدل ملابسها أنى شاءت , ألا أنها أستاءت وهبت تدافع عن حشمتها بدون سبب , وكان أنفجارها بلا مبرر , ونتيجة ذلك ظهرت بمظهر الأحمق الجاهل.
وتنهدت بغضب متسائلة لماذا تخطىء دائما .
وتوقفت عندما سمعت رايلي يناديها:
" آنسة تالبوت".
ترددت وهي تستدير نحوه , وشعرت بضرورة الأعتذار ,لكنها لم تكن قد هدأت لتقدم أعتذارا مخلصا ,وسألت بأقتضاب:
" ماذا؟".
" أود أن أفحص ذراعك قبل أن تلبسي بلوزة نظيفة".
فوافقت , ثم تابعت سيرها .
وبعد أن خلعت ليا ملابسها المبللة , ولبست ملابسها الداخلية وبنطالها النظيف , تذكرت أن رايلي أراد فحص جرحها قبل أن تخلع بلوزتها المبللة لأن كمها المقصوص يسهل عليه معاينة الجرح , فوقعت في مأزق : فمن جهة , لا بد لرايلي أن يفحصها قبل أن ترتدي بلوزتها النظيفة , ويراها في سترتها الداخلية , وهذا أمر لا ترضاه علما بأن ملابسها الداخلية تغطي من جسمها قسما أكبر من القسم الذي تغطيه سترة الأستحمام , أما من الجهة الثانية , فعليها أن تلبس بلوزتها المبللة فوق ثيابها النظيفة , وهذا أمر تأباه وتشمئز منه.
فتمتمت بينها وبين نفسها:
" كثيرا ما توقعين نفسك في مأزق حرجة يا ليا تالبوت".
ألتقطت بلوزتها النظيفة المرقطة بخطوط صفراء زيتونية اللون , ولفّت بها صدرها وذراعيها , وضغطت عليها بقوة بيدها اليمنى , وخرجت من وراء الجب وهي تبتسم بسخرية بعد أن أقتنعت أنها غطت القسم الأعلى من جسمها بحشمة.
كان نسيم الصباح باردا وقد ملأه المطر الذي هطل في الليلة الماضية بأريج نبات الناعمة , فأرتجفت كتفا ليا العاريتان , ولم يكن بأمكانها أن ترد ذلك ألى برودة الطقس وحده أو ألى قشعريرة الحياء والرهبة والخوف.
وقف رايلي في بقعة الأرض الخالية من الأشجار حيث قضيا الليل , وقد أدار ظهره , وفيما زرّر قميصه البيضاء المتدلية فوق بنطال الجينز الكحلي , تلألأت أشعة الشمس في شعره الأسود , وسألته ليا:
" هل يمكنك أن تعاين ذراعي الآن يا سيد سميث؟".
نظر فوق كتفه , وأستدار وهو في مكانه من دون أن يكمل تزرير قميصه , ثم أنحنى على صندوق الأسعافات الأولية وهو يرد بلطف:
" أجل , سوف أفحصه".
سارت ليا نحوه وهي ترفع رأسها بكبرياء لتخفي خفقات قلبها المتسارعة في حين نظر ببطء ألى الأجزاء العليا من ملابسها الداخلية.
فعلت الحمرة وجنتيها , وقالت ليا مبررة وضعها:
" أسأت فهم ما قصدته أذ نسيت قصة الكم".
قال , وقد ألتمعت عيناه بشرر أسود , لم تفهم ليا أذا كان يعني السخرية منها أم لا.
منتديات ليلاس
" أدركت ذلك , فحاولت أن أفهمك قصدي , لكنني خشيت أن تشني هجوما جديدا عليّ قبل أن أكمل كلامي".
خفضت ليا ذقنها وهي تجيب:
" آسفة".
أما رايلي , فأزاح الخرق الملتصقة بذراعها جرحها وقد قبل أعتذارها من دون تعليق, وتأملت أنامله وهي تفحص جرحها بلطف , فرماها بنظرة حادة وهو يسألها:
" هل يؤلمك الجرح؟".
أجابت وهي تعض على شفتها السفلى:
" طبعا".
قال متسائلا :
" أنه يبدو نظيفا , فهل تشعرين بوجود شيء داخله؟ قطعة زجاج مثلا؟".
هزت رأسها مجيبة :
"كلا , أنه يؤلمني فقط".
" سوف أضع عليه ضمادة جديدة".

نيو فراولة 02-09-10 08:38 PM

وراقبته وهو يبدل الضمادة بمهارة , وركزت نظرها على عنقه , وخصوصا على تجويف حلقة حيث أرتاحت كتلة الفيروز , ثم أنحدر نظرها ألى الجزء الأعلى المفتوح من قميصه حيث ألتمع صدره البرونزي وكأنه صدر تمثال , ومرّت بضع ثوان قبل أن تفطن ألى أنه أنتهى من عمله , فأحمرّت خجلا وحياء.
وقالت وهي تضغط بأصابعها على بلوزتها وهو يحدّق ألى وجهها :
ط ئكرا".
ردّ وهو يميل رأسه بشيء من السخرية :
" العفو , لا داعي للشكر".
وأدار ظهره لها وهو يتابع حديثه ضاحكا:
" الآن يمكنك أن ترتدي بلوزتك شرط أن تعديني بأنك لن تنظري ألي وأنا أضع قميصي تحت البنطال".
فوعدته ليا وهي تضحك بهدوء , ثم أدارت ظهرها له , وأدخلت ذراعها المصابة في كم بلوزتها بتروّ ,ثم أستدارت لتلتقط الكم الآخر , وفيما كانت تزرر الزر الأخير , سألها رايلي:
" هل أنتهيت؟".
منتديات ليلاس
قالت :
" أجل , الآن يمكنك أن تدير وجهك نحوي".
وأرتسمت على وجهها أبتسامة طبيعية فيما أستدار وهو في مكانه وقد ألتمعت عيناه الخضراوان دفئا وعاطفة , وقال وهو ينحني ليلتقط بزّة الجينز الملقاة على الحقائب.
" هل تشعرين بتحسن؟".
أجابت ليا :
" لا شك أن أرتداء الثياب النظيفة والجافة وهو بحد ذاته تحسن كبير , أ أنني سأشعر بتحسن أفضل عندما أتناول فطوري".
قال:
" في الصحيفة الموضوعة هناك بعض البسكويت الرقيق , وهذا أفضل ما يمكنني أن أقدمه لك حتى أستطيع جمع بعض الحطب لأشعل نارا".
ثم حذّرها :
" لا تحتوي اقنينة على الكثير من الماء , فأستعمليه بحكمة وأنتباه".
أجابت وهي تجثم بجانب الصفيحة وترفع غطاءها :
" سأفعل".
ووجدت أن الصفيحة تحتوي على قطع البسكويت الرقية , وعلى علب من الأطعمة المجففة , التي يجب أن تمزج بالماء قبل تناولها ,وعلى بعض قطع من لحم البقر المجفف , فقالت:
" لم أكن أعرف أن الطائرات المستأجرة تحمل على متنها صناديق طعام".
قال رايلي:
" أنهم لا يفعلون عادة , غير أن غرادي كان يؤمن بالخرافات".
فعبست ليا :
"يؤمن بالخرافات؟ ماذا تعني؟".
أوضح قصده :
" لقد خدم غرادي في الحرب الكورية كطيّار في طائرات الأستطلاع الخفيفة حيث أعتبرت صناديق الطعام , التي يستعملها الطيارون عند أسقاط طائراتهم للبقاء على قيد الحياة , عنصرا أساسيا من أجهزة الطائرة , وذات يوم نسي غرادي أن يضع هذا الصندوق في طائرته , فأصيبت بنيران المدافع المضادة وسقطت في منطقة غابات كثيفة حيث كسر رجله , ولحسن حظه أنه سقط في أرض صديقة , غير أنهم لم يعثروا عليه ألا بعد ثلاثة أيام , وأقسم أنه كاد يموت جوعا ولم يطر بعد ذلك من دون أن يحمل معه الصندوق , ولم يصب ثانية , وبعد تسريحه من الخدمة ,عاد ألى الولايات المتحدة حيث حصل على وظيفة طيار , وظلّ يحمل الصندوق كتعويذى تقيه السقوط وتؤكد حسن حظه".
وأمسكت بورقة من البلاستيك الشفافة بعد أن فتحتها جزئيا , وشعرت بأنقباض شهيتها.
وهمست بحزن:
" لم يفلح الصندوق في جلب الحظ له هذه المرة".
لم يعلّق رايلي على عبارتها , بل قال:
" لقد ألمحت له مرة أن هذه المأكولات المجففة لن تنفعه في هذه المنطقة الصحراوية حيث يندر وجود الماء , فأجابني أنه لم يضطر ألى أستعمالها , وأنها بالتالي لن تفسد مع مرور الزمن".
وببرودة نقلت نظرها ألى تلة الصخور والتراب التي غطّتغطت الطائرة , وطرحت على رايلي سؤالا كانت تعرف جوابه:
" ألا يمكننا أن نسحبه من هناك؟".
أجاب:
" كلا , أن ذلك يحتاج رجالا وآليات وطريقة خاصة في صد الحجارة والصخور عن الطائرة".
ثم عاد رايلي بالحديث ألى وضعهما :
" أما الآن فأنا ذاهب لجمع بعض الحطب لأشعل نارا تشير ألى مكاننا , فأبقي أنت هنا حيث ستكونين بخير".
منتديات ليلاس
وافقت ليا وهي ما تزال تركز نظرها على التلة التي تشبه التلة التي تشبه القبر .
" أنتبهي لأأي طائرة أستطلاع علما بأنني لا أتوقع أن تصلنا مع هذا الصباح".

نيو فراولة 02-09-10 08:51 PM

ذكّرها صوته الثابت بأن مهما الأول هو خلاصهما لأن ليس بأمكانهما مساعدة الطيار , فتنفست ليا بعمق ونظرت ثانية ألى لفة قطع البسكويت الرققة الصغيرة التي حملتها في يدها و قالت :
" سأفعل".
ثم أضاف:
" أذا أحتجت أليّ , أصرخي".
منتديات ليلاس
وأبتسم مطمئنا ليا التي أطرقت , ثم أنطلق متسلقا المنحدر بأتجاه المنجم المهجور , وشقّ بخطواته العريضة الرشيقة ممرا جديدا متجنبا بذلك الأرض المهتزة بفعل الأنهيار , وراقبته ليا حتى أختفى في أعلى المنحدر الصخري.
وفتحت ليا حزمة البسكويت الرقيق محاذرة تمزيق الورقة التي تلفها , وتناولت قطعة جافة يشبه طعمها مذاق الطبشور , ثم لفت القطع الباقية , ولما رفعت القنينة لتشرب , تذكرت قول رايلي بأن الماء نادرة وثمينة.
وبدت مترددة وهي تتناول جرعة صغيرة لتساعدها على أبتلاع قطعة البسكويت الرقيقة , ثم سدتالقنينة وهي تفكر أنه من سخرية القدر أن يشعر الأنسان بالظمأ عندما تندر المياه , وبدت لها القنينة المملوءة تقريبا قطرة ماء صغيرة في هذه الأرض القاحلة.
ثم وضعت القنينة جانبا , ثم سرّحت شعرها وأسدلته فوق كتفيها كستارة حريرية كستنائية اللون , وشعرت أنها عادت قوية وصحيحة الجسم.
وفحصت الجهة الغربية من الفضاء بعينيها البندقيتين الملمعتين , فلم تر سحابة واحدة تعلو زرقة السماء أذ كانت سحب العاصفة التي هبت في الليلة الماضية قد أختفت كليا.
ورأت عصفورا صغيرا يطير متكاسلا فوق الوادي الصحراوي في حين لمحت دخان ينفث شريط دخلن خفيف في الأفق البعيد , وبدت الصحراء ممتدة ألى ما لا نهاية , ولاحظت بخوف أنها لم تتبين أثرا بشريا , بناية كان أم شارعا.
منتديات ليلاس
وطغى عليها شعور عارم بالوحدة وأنقلب صمت الصحراء ضجيجا , فماذا لو لم تعثر السلطات عليهما ؟ ألا أن ليا أنتصبت واقفة قبل أن يتملكها هذا الشعور ويسحقها , وقالت في نفسها أنها ليست ذاهبة في رحلة أستجمام , بل هناك من يبحث عنها ولن تبقى تائهة في هذه القفار الوعرة ألى الأبد.
ثم تطلعت ألى المنحدر الصخري حيث رأت رايلي آخر مرة , وتمنت لو يعود سريعا , وتذكرت نصيحته بأن تناديه أذا أحتاجت أليه , وشعرت أنها في تلك اللحظة كانت بحاجة لأن تعرف أذا كان ما زال هناك , ألا أنها كبحت جماح رغبتها في مناداته.

dalia cool 02-09-10 09:42 PM

مرسي كتير الرواية روعة ننتظر التكملة:flowers2:

نيو فراولة 02-09-10 09:57 PM

كان العمل هو الحل , فجلوسها بدون حراك أطلق خيالها بعيدا , ولا شك أن فرق الأستطلاع ستجدهما , غير أن المسألة هي مسألة وقت , وفي تلك الأثناء أفضل ما تفعله هو أن تقوم بعمل معيّن حتى يرجع رايلي , فأمسكت ليا بذراعها الجريحة , ونظرت حولها بحثا عن عمل , وقع نظرها على ثيابها المبللة التي كانت قد ألقتها على حقيبتها ورأت أنها لن تجف وهي مكومة , فحملت بلوزتها الموضوعة فوق الكومة وذهبت بها ألى شجيرة تعلقها وتمددها لتجف , ثم رجعت لتأخذ قطعة أخرى , وتعمدت أضاعة الوقت في تبسيط التجاعيد وتمديد زوايا القطع الأربع فوق الشجيرة مما أكل مدة العمل.منتديات ليلاس
ولما أنتهت من نشر ثيابها , بدأت تنشر ملابس رايلي , وفيما كانت تنظم أكمام بزته البنية , سمعت حجرا يتدحرج في المنحدر الجبلي خلفها , وأستدارت , فرأت رايلي يبط المنحدر وهو يحمل بعض قطع الحطب , وكان معظمها من الشجرة التي تسد مدخل المنجم.
حيّته والسعادة والأرتياح يرنان في صوتها :
" مرحبا , آه! أنك وجدت بعض الحطب".
أجابها مبتسما وقد زال عن وجهه قناع التحفظ:
" يوجد المزيد من الحطب في أعلى المنحدر , وهذا يبعث الأطمئنان في الوقت الحاضر , لكنني وجدت شيئا آخر".
كبست ليا أنفاسها وهي تسأل :
" ماذا؟".
وشعرت أنه سعيد بما وجد , ولذلك أشرقت عيناه فرحا وطفحت ملامحه الجذابة بشرا ,ولعله رأى طريقا في منقلب الجبل الثاني.
ألقى رايلي الحطب أرضا ثم نظر ألى الجبل وهو يقول:
" وجدت ماء , فعلى الجانب الشرقي توجد طبقة صخر بارزة تشبه الأناء , تمتد تحت غطاء صخري صغير , وقد أمتلأ نصفه من المطر الذي هطل ليلة أمس ".
ومع أنه لم يعثر على معلم من معالم المدنية , ألا أن لسان حالها قال أن أكتشافه للماء كان مساويا لذلك , ولذا سألت:
" هل هو صالح للشرب؟".
وأشرقت عيناه بأبتسامة تحاكي أبتسامة شفتيه:
" أنه من ماء المطر".
ضحكت قائلة:
" أود لو أشرب اقنينة بكاملها أحتفاء بأكتشافك".
وركع رايلي بجانب كومة الحطب وهو يشير ألى القنينة قائلا:
" هيا , فأنت اليوم في ضيافتي".
أجابت وهي تهز كتفيها :
" لم أعد أشعر بالظمأ أذ عرفت أن بأمكاني أن أشرب".
وألتقط رالي لوحا رقيقا من الخشب ليسوّي به الأرض ويعد دائرة للنار , وقال:
"هل يمكنك أن تجمعي لي بعض الحجارة لبناء دائرة للنار؟ ألتقطي بعض الحجارة المتناثرة عند منطقة الأنهيار".
منتديات ليلاس
تأخرت ليا في جمع الحجارة المتوسطة الحجم لبناء دائرة خارجية لحفظ النار , وذلك بسبب ألم ذراعها , ولما فرغ رايلي من تسوية الأرض , سحب السكين من جيبه وأخذ يقطع الخشب للنار , فجمع كومة من شظايا الخشب وسط الدائرة.
وسأل رايلي :
" هل عندك بعض الورق؟".
أجابت ليا:
" بعض الأوراق في حقيبة أدوات زينتي".
قال :
" هذا رائع".
وفيما مضت ليا لتجلب الأوراق , أخرج من جيب سترته الداخلي علبة ثقاب.
ثم أعطته ليا ورقة رقيقة بيضاء , وراقبته وهو يدخلها تحت شظايا الخشب ويخرج عود ثقاب ليفركه بجانب العلبة , وأحتضن لهيب الثقاب بيده فيما أدنى العود من الورقة الرقيقة التي أسودّت قبل أن تشتعل , عندئذ نفخ في النار نفخة خفيفة.
ورعى رايلي النار حتى لا تنطفىء , وقال وهو ينظر ألى ليا مبتسما:
" أذا كان هناك حاجة ألى ضمانة عند أشعال النار , فهي أنه مهما كان أتجاه الريح لحظة أشعالها , فأن أتجاهها سيتغير بعد دقيقة من أشتعالها ليذري الرماد على من أشعلها".
ضحكت من صحة ملاحظته وقالت :
" أهذه حكمة هندية؟".
أجاب:
" طبعا".
ولما بدأت الأخشاب الصغيرة تستعل أضاف رايلي قطعا كبيرة من الحطب في شكل هرم حول النار وفوقها .

نيو فراولة 02-09-10 10:17 PM

وهبت نسمات خفيفة , ثم نظرت حولها لترى أجمات نبات الناعمة الجافة المنتشرة حول جانب الجبل , وشاهدت بضع أشجار صغيرة من أنواع مختلفة مغروسة فوق منحدراته , وسألت:
" هل هناك أحتمال أن يشتعل العشب من حولنا؟".
ولم تحاول أن تتصور الفزع والذعر الذي سيدب فيهما أذا كان عليهما الهرب من مثل هذا الحريق , وأجاب رايلي:
" أحتمال ضئيل , فدائرة النار ستحفظ اللهيب من الأنتشار خصوصا أن الريح ليست قوية , والغريب أن نادرا ما تمتد في الصحراء علما بأن نباتاتها جافة وقابلة للأحتراق بسرعة".
مالت ليا برأسها جانبا , ثم دفعت شعرها الأمامي خلف أذنها وهي تقول:
" لماذا؟".
منتديات ليلاس
فأوضح:
" لأنها جافة , كما أرجّح , فهناك قليل من الرطوبة في الصحراء مما يمنع النباتات من النمو قرب بعضها , وجذور النباتات هنا كبيرة وعميقة لتتمكن من أمتصاص كل قطرة ماء , وهي بذلك تخنق أي نبتة جديدة تحاول النمو , والمسافة بين النباتات تمنع أي حريق من أن يشبّ ويمتد".
ثم جلس القرفصاء ينتظر أشتعال كومة الحطب الهرمية الشكل , عندئذ فقط فهمت ليا معنى قوله في الليلة الماضية أن أشعال النار عملية بطيئة أذا تمت من دون الأستعانة بالبنزين أو أي وقود آخر سريع الأحتراق.
ثم أستأنف حديثه:
" أما الآن , وقد وجدنا الماء فبأمكاننا أن نخلط بعض هذه الأطعمة المجففة".
فتحت ليا الصفيحة وأخذت تنظر ألى العلب قائلة:
" لنر ما فيها , هنا بعض حساء من لحم البقر , ولكن , أي أناء نستعمل لنغليه؟".
أجاب:
"يوجد فوق المنحدر بعض القطع المعدنية الملتوية التي تطايرت من جناح الطائرة , وربما أمكننا أستعمال أحداها كقدر مؤقتا".
وقالت وهي تقف:
" دعني أرى".
بيد أنه أشار عليها بالجلوس , وقال :
" أرى أنه من الأفضل أن أفحصها أنا بنفسي , فلا أريد أن تجرحي نفسك عرضا بأطراف المعدن الحادة".
ثم شقع قطعتي خشب كبيرتين بجانب بعضهما بعد أن تأكد أنه ترك فسحة في أسفلهما ليسمح بدخول تيار الهواء.
لم تبد ليا معارضة وهي تراه يقف برشاقة لأنها أحست بأرتباك وأنزعاج فيما كانت تجمع الحجارة لبناء دائرة النار بيد واحدة.
وفي غضون دقائق رجع رايلي وهو يحمل قطعة معدنية ملتوية , ثم أنتزع حجرين من دائرة النار وأستعمل أحدهما كمطرقة والآخر بمثابة صخر مساند , وطرق الأطراف الحادة على المحيط الخارجي للقدر , ثم قلب القدر واضعا فوهتها على الصخرة وبسط قعرها , ولما أستقامت جوانبها , فحصها للحظة ثم ألقى بها ألى ليا , ورفع جبينه بسخرية وهو يسأل:
" أتظنين يا حضرة الطاهية أن هذه القدر المؤقتة ستنفع؟".
أومأت ليا برأسها وهي تقول بمرح :
" أذن , أنا هي الطاهية , أليس كذلك؟".
منتديات ليلاس
ورنت من عينيه الخضراوين ألتفاتة ماكرة حين قال :
" أن الطهي عمل من أ‘مال زوجة الهندي , أليس كذلك؟".
أبتسمت ليا وهي تهز رأسها فيما تعجبت في سرها من أنهما يتندران على الدم الهندي الذي يجري في عروقه بعد ملاحظتها العنيفة والساخرة والغبية في الليلة الماضية.
وقالت:
" لقد سمعت أنه كذلك".
وأراها القدر لتفحصها وهو يسأل :
" أذن, هل تنفع القدر؟".
" أظن ذلك , ولكن , هل يمكنك أن تعطيني القنينة؟ فسأمزج الحساء فيما تعمل على أضرام النار".
قطرت ليا بعض الماء في القدر وغسلتها أولا , ثم جففتها ببعض الورق الرقيق , وخمنت مقدار الماء الذي تتطلبه القدر , ثم أضافت الحساء المجفف.
ثم نظرت ألى رايلي وقد علت وجهها أبتسامة مفاجئة لتقول:
" بماذا أحرّك المزيج؟ وبعد, كيف يمكننا أن نأكل الطعام بدون ملعقة؟".
ناولها سكينه ونصلها مغمد:
" هناك السكين , أظن أنه من الأفضل أن نأكل اللحم والبطاطا بواسطة السكين ثم نشرب السائل".
فحركت المواد الجافة في الماء وهي تعلق:
" وأظن أننا سنستعمل القدر كطبق جماعي".
مرّت قرابة ساعة قبل أن يتمكن من جمع بعض جمرات مشتعلة من قلب النار لتسخين الحساء , ثم وضع القدر على علو بضعة سنتيمترات من النار وقد دعمها ببضع أحجار مسطحة .
لم يمر وقت طويل قبل أن يغلي السائل وتنبعث منه رائحة شهية.
وفي الوقت نفسه صمم رايلي صحنين قليلي العمق من معدن الطائرة موضحا أن ليس بأمكانهما أحتساء السائل من القدر لشدة حرارة جوانبها , ولما نضج الحساء , أخذ قميصه التي نشرتها ليا على الشجيرة وثناها ليرفع بها المقلاة عن النار.
وصب الحساء في الصحنين بأنتباه , وقدم صحنا ألى ليا , ورفضت ليا أستعمال سكينه لأنها فضّلت أن تغرف القطع الكبيرة بقطعة بسكويت رقيقة , ولم تثبت الملعقتان المؤقتتان جدارتهما رغم أنهما أدتا الغرض المنشود.

نيو فراولة 02-09-10 11:25 PM


ولما فرغا من وجبتهما , أخرج رايلي من جيب قميصه علبة تبغ وسحب سيكارة ذات فلتر , وقدمها ألى ليا:
" هل ترغبين بسيكارة؟".
قبلت ليا , وأنحنت نحوه لتشعل السيكارة بطرف قضيب مشتعل.
دخنا سيكارتهما في هدوء وصمت و وأنهت ليا سيكارتها أولا , ورمت عقبها في نار المخيم المتأججة وتنهدت.
" أظن أنني سأغسل الصحون ".
فوافق رايلي :
" حسنا تفعلين , فأنني أظن أننا سنستعملها هذا المساء ".
شدّ تعليقه أنتباهها ألى السماء الخالية من أي طائرة أستطلاع ".
" الرمل سينظفهما أكثر من الماء".
وأبعدت ليا نظرها عن السماء لتمسك بالقد وتضع فيها حفنة صغيرة من الرمل , ولما فرغت من فركها , صبّت فيها بعض الماء لتغسل الحصى , ثم أنتقلت ألى تنظيف الصحنين , عندئذ أفرغ رايلي القنينة في القدر , فعبست :
" لماذا فعلت هذا؟".
منتديات ليلاس
أجاب:
" أنني ذاهب لأملأ القنينة من الحوض , وأثناء ذهابي أرغب أن تحتفظي ببعض الماء لتصبيه على النار أذا رأيت طائرة أستطلاع".
أعترضت :
" ولكن النار ستنطفىء".
ألا أن رايلي أشار:
" أنه سيرسل دخانا كثيفا , وقد يحالفنا الحظ ساعتئذ بأن يرانا الطيّار ويأتي للأستطلاع".
فعلّقت مبتسمة:
" آه , لقد فهمت , أنها حيلة الدخان الهندية القديمة".
غمز بعينيه , ومشى نحو المنحدر وهو يقول:
" أجل , أجل".
وتابعت ليا تنظيف الصحنين , ثم غسلتهما بجرعتي ماء وجففتهما ببعض الورق الرقيق , وبعد أن أنجزت عملها هذا , تفحصت الملابس التي نشرتها على الشجيرات فوجدتها قد جفّت , فطوت ملابسها ووضعتها في حقيبتها , وبعد أن فرغت من ذلك العمل الذي أستغرق بعض الوقت لأستعمالها يدها اليسرى جزئيا ,ولم يكن رايلي قد رجع , حينئذ كانت حرارة الشمس قد بدأت تشتّد و فزادت بعض الحطب على النار وجلست بعيدا عن اللهيب وهي تنتظر.
أخيرا رأته على المنحدر , ثم يهبط حاملا القنينة بيد ولوح خشب يبلغ طوله مترا وبعض المتر.
فصاحت ليا وهو لا يزال في منتصف الطريق:
" كنت أفكر بالأمر الذي أعاقك وأرى أنك ذهبت في طلب المزيد من الوقود".
أجاب:
" كلا , لن أستعمل هذا اللوح للوقود".
ثم وضع القنينة بجانب صفيحة المعلبات مضيفا :
" سوف أشق هذا اللوح ألى لوحين أجعل منهما عمودي مظلة , لأن الحر سيزداد ولا بد أن نستظل منه".
وبعد أن شقّ اللوح لوحين مستعملا السكين الصغيرة كوتد حدد طرفي كل لوح , وكان طرفا البطانية مزودين بحلقات معدنية , فثبت زاويتين من البطانية في العمودين , بينما ثبت الحلقتين الأخرتين على الأرض واضعا فوقهما الصخور.
وأعلن وهو ينحني ليدخل مظلّته فيما أومأ لليا كي تنضم أليه:
" أذا هبّت ريح قوية , فستقلب المظلة غير أنها ستقينا من حر الشم حتى يحدث شيء مثل هذا".
أنتقلت بحماسة ألى الظل بعد أن لفحتها أشعة الشمس المحرقة.
أما رايلي فأمسك عصا ألتقطها من كومة الحطب وبدأ يعمل سكينه فيها , فسألته بفضول:
" ماذا تفعل الآن ؟".
منتديات ليلاس
" أفكر في صنع ملعقة".
فتمددت ليا على ظهرها مستعملة ذراعها كوسادة بينما راحت تراقب رايلي وهو ينزع قشرة الخشب الخارجية بسكينه , كان لوقع نشر الخشب الرتيب أثر التنويم عليها , فسرعان ما تثاقلت جفون ليا .
ولما حاولت أن تنفض التعب والنعاس عنها بعيدا , قال رايلي:
" لماذا لا تحاولين أن تستريحي ؟ فسأراقب أنا طائرات الأستطلاع بنفسي ".
توقفت عن مغالبة النعاس , وأغمضت عينيها قائلة:
" أظن أنني سأفعل".

نيو فراولة 03-09-10 07:29 PM

4- أمل يضيع

رقدت ليا في الهاجرة , ثم أستيقظت على صوت الأيقاع الذي غفت على رتابته , وكان رايلي لا يزال جالسا في ظل الخيمة وهو يحفر بسكينه عصا صارت أشبه بملعقة خشبية.
وطرفت عينيها لتطرد النعاس منهما , ثم نهضت محاولة الجلوس وقد جعلت من ذراعها رافعة لجسمها , لكنها ما لبثت أن صرخت صرخة حادة من شدة الألم والوخز في ذراعها اليسرىوتحولت بثقلها ألى ذراعها اليمنى سريعا. وتمتمت:
" أن هذا لجنون".
فحدق أليها رايلي بعينيه الخضراوين فاحصا:
" هل تؤلمك ذراعك كثيرا؟".
أجابت:
"فقط عندما أفعل شيئا مثل هذا".
ثم جلست وقد حضنت ذراعها اليسرى في حرجها فيما بدأ الألم بالتراجع , وشعرت بجفاف في فمها , وقطبت جبينها ونظرت حولها قائلة:
" أين هي القنينة ؟ أريد أن أشرب".
" أنها وراءك في الظل".
أستدارت ليا قليلا لتتناول القنينة , ثم رفعت السدادة عنها وتناولت جرعة كبيرة غيّرت بها طعم فمها أذ كان الماء رطبا ولذيذا برغم سخونته.
منتديات ليلاس
وسألت:
" أين أصبحت في صنع ملعقتك؟".
توقف رايلي عن العمل فور سماعه سؤالها , ورفع الملعقة ليريها أياها , وقالت:
" يا لله كم تشبه الملعقة".
فأستأنف السكين عمله , وأزّت ذبابة قرب رأس ليا مما جعلها ترفع ناظريها ألى السماء قائلة:
"ألم يظهر دليل واحد على طائرة الأستطلاع؟".
أجاب بأقتضاب:
" كلا".
بعد بضع دقائق من الصمت وضع القطعة الخشبية الشبيهة بالملعقة على الأرض , ثم أغمد نصل سكينه ورده ألى جيبه , وقال:
" سنحتاج مزيدا من الحطب الليلة , ولن أغيب طويلا".
بينما صعد رايلي المنحدر أنسلت ليا من المظلة ووقفت تمدد رجليها وتقوس ظهرها للتخلص من التشنج الناتج عن الأستلقاء على الأرض الصلبة , فرأت جسما أسود يطير في السماء فوق رأسها المتراجع ألى الوراء .
وشاهدت ليا صقرا يحوم , فحدقت فورا ألى الأرض مركزة نظرها على المنحدر , وسرّت لأن الصخرة والحطام دفنا الطائرة وجثة غرادي كليا , وأستدارت نحو الأفق الغربي تتأمل زرقته الخالية وهي تضع يديها أمام عينيها لتحميهما من لمعان شمس الأصيل ,ولم تلمح شيئا , فخطر لها أن فرق الأنقاذ وسعت دائرة بحثها الآن .
ومن المرجح أن يكون والداها قد أستلما أشعارا بضياعها , وكذلك شقيقها :
" آه يا لوني , ما هذه الهجية الهدية المزعجة في عيد ميلادك".
وأغرورقت عينلها بالدمع لدى التفكير بآلام أسرتها ونكدها , دوى في الأجواء صوت أنفجار ظنته ليا للوهلة الأولى صوت أشتعال الوقود في محرك السيارة , لكنها سرعان ما أدركت سخف فكرتها لعدم وجود سيارات وطرق هناك , أذن لا بد أن يكون طلقة بندقية .
وبسرعة تذكرت المسدس الذي حمله رايلي في حزام بنطاله , علام يمكن أن يكون قد أطلق النار؟ هل تكون حية؟ وتملكها خوف شديد أذ من المرجح أن تكون المنطقة مليئة بالأفاعي ذوات الأجراس السامة.
وقالت:
" ماذا لو لسعته الحية؟".
وبدا ذلك ممكنا خصوصا أنها عبرت عن فكرها بصوت عال .
ثم أستدارت رافعة نظرها ألى المنحدر , وقد أتسعت عيناها البندقيتا اللون وتفحصتا المنحدر الجبلي الذي أختفى عنده رايلي وصاحت:
" رايلي , رايلي".
أجابها فورا بهدوء ووضوح:
" لا تخافي , كل شيء على ما يرام".
وما هي ألا لحظات حتى ظهر عند حافة المنحدر بقامته الطويلة المسمرة وقد لفه نوع من الكبرياء بكفاءته , كانت ركبتاها تنحنيان بالركوع عند رؤيته وقد ألتصقت قميصه بصدره البارز العضلات نتيجة العرق , وألتمع شعره الأسود الفاحم في أشعة الشمس , وقالت مرتعشة:
" لقد سمعت طلقة بندقية".
رفع ذراعه ليريها أرنبا تدلى من يده بلا حراك وأوضح بأرتجال :
" سنصنع منه عشاءنا هذه الليلة , سأحضر فور أن أجمع الحطب".
وأختفى ثانية , لقد بدا في وقفته رجلا في غاية الجاذبية ,وسبق أن أنتبهت ليا لهذا الأمر , غير أنه لم يشدها بقوة كما حدث منذ ثوان . وفجأة بدأت تفكر في المرأة في حياة رايلي , وأذا كانت هناك أمرأة معينة تستأثر بأهتمامه.
وتذكرت الذراعين القويتين اللتين أحتضناها للنوم خلال الليلة الماضية , وجسمه الطويل الصلب المستلقي بجانبها , وشعرت بالغيرة من المرأة .......... أذا كان هناك من أمرأة ........ ثم هزت رأسها بسخرية وهي تشعر أنها تحبه.

نيو فراولة 03-09-10 08:04 PM


أستدارت مبتعدة عن المنحدر وهي تتراجع ألى مقرهما , وركعت بجانب صندوق المؤونة محاولة أقصى جهدها التفكير بما يجب تقديمه مع الأرنب الذي أصطاده رايلي , ووضعت كيسا من الخضار المجففة جانبا , ثم أضافت علبة من الدراق ألى الماء في القدر.
ولما هبط رايلي المنحدر بعد بضع دقائق وهو يحمل الحطب على ذراعه , كانت ليا لا تزال تحرك الدراق محاولة تسريع أمتصاصه للماء , ولم تقدر ألا أن تنظر ألى رايلي برغبة لم تعرف مثلها من قبل.
وسعت ألى تجاهل شعورها وهي تقول فيما نظرت ألى الحيوان المتدلي بلا حراك.
" آمل ألا تطلب مني تنظيف هذا الأرنب , فليست لدي ولو فكرة بسيطة عن سلخه".
أبتسم رايلي بمكر:
" أذن يمكنك أن تراقبيني".
وأحست بالخبث في نظراته , فركزت بصرها من جديد على الدراق وهي تقول:
" كلا , شكرا , أعد الأرنب وأنا أتكفل بباقي العشاء".
ظلت تصب أهتمامها على عملها , ومع أنها لم تحس بالدوار لرؤية دم الأرنب , فأنها لم تسر بمنظر الجيفة الصغيرة وهي تنظف.
" عندما سمعت صوت الطلقة , تراءى لي أن أفعى ذات أجراس قد عضتك".
أجاب رايلي موضحا:
"لا تظهر الأفاعي ذوات الأجراس في هذا الحر الشديد , وهي تخرج للصيد قبل شروق الشمس وبعد غروبها بقليل , وجدير بالذكر أن الأفاعي ذوات الأجراس جبانة لا تهاجم أحدا , ولا يمكن أن يخشاها الأنسان ألا أذا داس أحداها بدون أنتباه".
علقت بسخرية :
" أذن , حذرني من التجوال ".
وضحك رايلي ضحكة منخفضة طربت ليا لعذوبتها , ونظرت خلسة ألى ملامحه الواضحة والدقيقة , وأعجبت كثيرا بنحافتها وقوتها.
منتديات ليلاس
بعد أن تناولا لحم الأرنب المشوي , جلسا يراقبان الشمس البرتقالية تتمايل في الأفق قوقهما , وأكتست الجهة الغربية من الفضاء بلون قرمزي براق فيما بدت سلسلة الجبال البعيدة وكأنها تستعل أذ أغتسلت بأشعة الشمس المحرقة.
ولم تشاهد ليا ألا الفراغ في الصحراء حيث بدت هي ورايلي البشرين الوحيدين في الأرض بأسرها , ولم تطرف عيناها وهي تنظر ألى الشمس الغاربة , وسألت:
" هذا محتمل".
وسرت قشعريرة خفيفة في عروقها , ثم أستدارت قائلة:
" وماذا لو لم يعثروا علينا يا رايلي ؟ ماذا لو تهنا هنا ألى الأبد؟".
ألتقت نظراتهما بعض الوقت فيما نفذت نظرة رايلي ألى أعماق عينيها البندقتي اللون , ثم أبتسم أبتسامة خفيفة وهو يهز رأسه :
" لن نبقى هنا , بل سنخرج".
قالت :
" طبعا".
وتنهدت وهي توبخ نفسها في سرها لأنها أستسلمت للحظة خوف عابرة:
لم يمض على سقوط طائرتهما غير أربع وعشرين ساعة فقط ,وهذا وقت قصير لا يخشى معه من عدم العثور عليهما , أنه يوم واحد , رغم أنه كان أطول من الدهر.
ووقف رايلي , ثم أضاف قطعتي حطب ألى النار المتلاشية وأنزل البطانية عن المظلة ليتدثرا بها , وتخلص من طبقة الحجارة العليا حيث سيرقدان مستعينا بنور الشمس الغاربة.
برد الهواء فور زوال الشمس , فأقتربت ليا من النار الصغيرة وحدقت ألى لهيبها الذي لم يقض على قشعريرتها ولما بدأت ترتجف , أقترح رايلي أن يرقدا , وأنتشر فوقهما بساط من النجوم البراقة.
كان اليوم الثاني أطول من الأول الذي شغلا الوقت فيه بتخليص ما أمكنهما من الطائرة وأيجاد الماء وأضرام النار وأختراع أدوات الطعام والطهي وأقامة المظلة , وحيث أن الضرورة لم تقتض عمل أي من هذه الأشياء في اليوم الثاني , شعرت ليا بالوقت يجثم ثقيلا على صدرها.
وأحست ليا بالحر الشديد والعرق يتصبب منها ويخر جلدها كالأبر , وظلت طوال النهار تتفحص السماء بحثا عن طائرات الأستطلاع , وأنهك جمود الأنتظار أعصابها رغم أنه لم يؤثر على الظاهر من رباطة جأش رايلي وهدوئه ورصانته.
وفجأة لمحت جسما يلمع , فأنتصبت واقفة وقد ملأتها الحماسة وهي تشير ألى بريق الشمس على أجنحة معدنية وتقول:
" أنظر هناك , أنها طائرة , أليس كذلك؟".
وقف بجانبها يفحص السماء بنظرته الثاقبة حتى رأى هو أيضا طائرة تطير ببطء في البعيد , وقال :
" أجل , أنها طائرة ".
وقالت وهي تستدير لتلتقط القنينة وتطفىء النار كي تنبعث منها أشارة دخانية تكشف موضعهما.
" سوف أجعلهم يعرفون أننا هنا".
أوقفها رايلي قابضا على ساعدها بأصابعه القوية , وقال:
" أنها بعيدة جدا هنا".
منتديات ليلاس
وأنتظرت ليا وقد تسمرت نظراتها على الطائرة فيما تضرعت بحرارة أن تعود نحوهما , غير أنها تابعت مسيرها حتى أختفت, وفي محاولة لأخفاء خيبة أملها وأمارات يأسها قالت بصوت خفيض:
" أنها سترجع".
لكنها لم تفعل.
ولم تنم ليا جيدا في تلك الليلة أذ لم توفر الأرض الصلبة فراشا وثيرا لعضلاتها المتألمة والمتشنجة بفعل النوم على فراش قاس في الليلتين الماضيتين , أما رايلي فنام بسهولة وراحة تثيران الأعصاب , ولم يستيقظ سوى مرة أو مرتين ليخرج من تحت الغطاء ويضيف بعض الحطب من كومة قريبة.

نيو فراولة 04-09-10 12:44 AM

وأستيقظت ليا من نومها المتقطع لتكتشف أن الصبح قد أنبلج , فتذمرت من قلة نومها المريح , ووضعت رأسها على ذراع رايلي لتتطلع بأشمئزاز ألى السماء الزرقاء المتألقة نورا , ونبضت ذراعها اليسرى بألم شديد , فأستدارت نحوه محاولة أ تضع ذراعها في وضع أكثر راحة وأقل أيلاما.
ولما أنقلبت ألى جنبها , ركزت نظراتها على وجهه , وأنتابها شعور بالكراهية للطريقة الهادئة التي ينام بها , وشعرت برغبة في أيقاظه وحرمانه لذة النوم التي لم تتمتع بها , وبينما فكرت جديا في تنفيذ رغبتها , أنفتحت أهدابه الكثيفة جزئيا , وقال بصوت نشيط وهادىء أثار أشمئزاز ليا:
" صباح الخير ".
ألتمع الغضب في عينيها , وقالت وهي تشد طرف البطانية لتخلصها من قبضته:
" هل هو صباح خير فعلا؟ أنني لا أجد فيه أي علامة على الخير".
منتديات ليلاس
ولما أرخى قبضته , رمت بالبطانية جانبا وأندفعت واقفة بأرتباك , ووقف بجانبها بهدوء وسهولة لم يظهر معها أي أثر لوجع أو ألم في عضلاته أو مفاصله , وقال مازحا:
" أرى أنك لم تنامي جيدا".
تمتمت متهكمة:
"أن قولك لا يعبر عن الحقيقة , ولكنك , في أي حال , نمت نوما عميقا يكفي لأراحتنا نحن الأثنين".
أجاب مبتسما:
" لا أظن ذلك , فقد أحسست شيئا يتذبذب في فراشي طوال الليل".
فحدقت أليه رافعة شعرها الكستنائي المجعد عن وجهها , وبدت مستاءة تصب جام غضبها , ولم تتمالك نفسها رغم أدراكها بأنها أجحفت في حقه , وأجابت:
" من حسن حظك أن ذلك الشيء لم يعضك".
ثم ربضت بجانب حقيبتها تنقب فيها عن بلوزة نظيفة تبدل بها بلوزتها المتجعدة , وأقسمت في سرها أن ترميه بأي شيء أذا ضحك علانية من جوابها الفظ.
لم يعلق رايلي على الموضوع أذ أحس بأن صبرها كاد ينفد ,وقال :
" هل يمكن أن نغلي بعض الماء كي أحلق ذقني؟".
غلبت لهجته الآمرة على كلامه ,وجاء رد فعل ليا أزاء لهجته متسرعا أذ قالت:
" أغل ماءك بنفسك".
ثم لامت سوء تصرفها أتجاهه لأنه ليس مسؤولا عن عدم نومها , وألتقت نظراتها المليئة بالندم بنظراته الحادة اللائمة , فتمتمت :
" لا بأس , سأفعل".
ولم تستطع أن تكبت أنفعالها أذ أضافت:
" فهذا في أي حال عمل الزوجة , أليس كذلك؟".
وأوحت لها قسمات وجهه بأنها تستفزه أذ سأل :
" هل تحاولين الدخول في شجار؟".
تنهدت ليا بغيظ :
" كلا".
وأستدار في مكانه , ثم سار نحو الأجمة وهو يقول:
"سنا تفعلين".
أنتزعت بضع جمرات بعد أن أضافت مزيدا من الحطب ألى النار , ووضعت قدر الماء على أربع صخور صغيرة فوق الجمرات المتفرقة , وبعد أن أنهت عملها , خلعت بلوزتها وهي تشعر بألم شديد ومحرق في ذراعها اليسرى , وأدخلتها بعناية في كم البلوزة الصفراء , النظيفة ,وكانت تزرر آخر زر عندما رجع رايلي , فألقت نظرة على القدر , فوجدت الماء يغلي , وقالت ببرودة:
" لقد غلا ماؤك".
رد بالبروج نفسها:
"أشكرك".
ورفع القدر عن النار وهو يمسكها بمنديل أخرجه من حقيبته , ثم توقف ليسألها :
" هل ترغبين في أن تغتسلي أولا؟".
هزت ليا رأسها سلبا , ثم فتحت حقيبة زينتها وأخرجت قارورة تحوي مسحوقا منظفا للوجه لتنظف به وجهها , وأستقرأت المرآة الملصقة على غطاء الحقيبة على زاوية ملائمة بحيث تمكنت ليا من مشاهدة طيفها وطيف رايلي معا.
كان مشهد رجل يحلق ذقنه مثيرا للفضول , فقد قبضت أصابع لوحتها الشمس على الموسى التي أخترق نصلها رغوة الصابون وقطع شعر الذقن ,ومع كل ضربة نصل ظهر مزيد من الجلد الأسمر تحت سالفيه ألى أن تغيرت ملامحه المغرية , وفيما غسل الصابون علن وجهه قالت ليا:
" أعتقد أن الهنود لم يكونوا يحلقون ذقونهم".
رد رايلي بنبرة جفاء وعدم أكتراث وهو يجفف الموسى ويضعها في حقيبته:
" لم يكونوا يحلقون فعلا أذ كانوا ينزعون شعور وجوههم".
فصاحت ليا من األألم لدى سماع كلامه , وأـضاف باللهجة نفسها :
" هل تؤلمك ذراعك اليوم؟".
منتديات ليلاس
ردت وهي تهز أحدى كتفيها متحاشية أيذاء جرحها المحرق في الذراع الأخرى:
" قليلا".
فتقدم منها قائلا:
" دعيني أفحصها ".
رفضت ليا أقتراحه فورا بسبب جفائه ونتيجة غضبها من قلة النوم:
" لا داعي لأن آلامها تدل أنها ستبرأ".
وتردد رايلي قليلا وهو يفكر:
" في أي حال , لم يبق لدينا كثير من الضمادات في الصندوق ,ولذلك أفضل أن تغيري كل يومين أذا كان جرحك لا يؤلمك كثيرا".
فكررت عبارتها:
" لقد قلت أنها آلام الشفاء".
وقبل تعليلها بأبتسامة خفيفة :
" حسنا , أنني ذاهب لأجمع بعض الحطب , كلي حتى أعود".
" لست جائعة ".
أجابها بصامة:
" سيجعلك الطعام تشعرين بالتحسن".

dalia cool 04-09-10 08:37 AM

مرسي يعطيكي العافية

نيو فراولة 04-09-10 02:39 PM

وغضبت ليا من كلامه الأنتقادي :
" تقصد أنه سيزيد من أنفعالي , ولكنني في أي حال لست جائعة".
وأعقب عبارتها الأستفزازية لحظة من الصمت والتوتر , وقال رايلي بلهجة هادئة تحذيرية :
" أدرك أنك لم تنامي جيدا في الليلة الماضية , غير أنني أقترح أن لا تصبي جام غضبك عليّ يا آنسة تالبوت".
راقبت ليا رايلي وهو يقصد المنحدر بخطوات رشيقة , وتنهدت بحزن وهي تتذكر مناداته لها بالآنسة تالبوت بدل ليا , وأعترفت أنها كانت تستحق الأذلال والعقاب , لكن ذلك لم يخفف من قساوة العقاب وصرامته والألم الناتج عنه.
ثم تبرجت قليلا , وسرحت شعرها حتى أنسدل مثل ملاءة حرير براق , وخلعت حذاءها ونفضت منه التراب ,وبعد أن خلعت جواربها , قطبت جبينها لمنظر التراب المتجمع بين أصابع رجليها وعلى باطن قدميها الساخنتين والناضحتين بالعرق.
وجذبتها قدر الماء الساخن القريبة منها وقد طفت على سطحها فقاعات من معجون الحلاقة , وترددت للحظة فقط , ولكنها قررت أنه من الحمق أرتداء جوارب نظيفة من دون غسل رجليها.
منتديات ليلاس
وسارت على الأرض الوعرة بقدميها العاريتين لتحضر المنديل الذي مدده رايلي على أحدى الشجيرات ليجف , ثم بدأت تغسل قدميها وتمسحهما بالمنديل مستعينة بلوح صابون صغير أخرجته من حقيبة زينتها , ثم أزالت الصابون عنهما بالماء الذي صبته بالقنينة ,وجففتهما بطرف بلوزتها المجعدة , التي سبق أن خلعتها , وصبت الماء القذر على الرمال.
ورأت أن غسل قدميها أنعشها كما ينعشها الأستحمام , فقررت أن تبقى ساعة أو أكثر في حوض الأستحمام فور أنقاذهما , وأرتدت جواربها النظيفة بعد أن نفضت التراب عن حذائها مجددا.
وما كادت ليا تنتعل حذاءها , حتى أكبت تصغي بأنتباه للتعرف على مصدر الصوت , ولم تستطع تحديد أتجاه الصوت الذي بدأ يتعالى.
ولما أدركت أنه أزيز محرك طائرة , أتسعت حدقتاها , ونظرت فورا ألى السماء , فدهشت لرؤية طائرة قريبة من موقعهما تطير بأتجاههما , ولعل نسيم الشرق أبعد صوتها فلم تسمعه ليا ألا عندما أقتربت منهما.
ونادت رايلي بحماسة وهي تمسك القنينة لتصب ما فيها من الماء على النار ,ولم يجر منها ألا القليل من الماء الذي بعث دخانا طفيفا أدهش ليا لقلته.
" أيتها المجنونة , لماذا أستعملت كل المياه لغسل قدميك؟".
وأقترب هدير الطائرة لينجذب بصر ليا ألى السماء , وأوحى لها تحليق الطائرة بأتجاه الشرق بأن أفراد طاقمها لم يشاهدوا موقعهما وصاحت وهي تركض خلف ظل الطائرة ملوحة ذراعيها بعصبية:
" أننا هنا , أننا هنا , هنا على الأرض".
هبط رايلي المنحدر بسرعة محدثا أنهيارا بسيطا وقال:
" صبي الماء على النار".
وتسمرت ليا في مكانها وهي تجيب:
"لا يوجد ماء , فقد أستعملته كله".
تشنجت ملامحه لدى سماعه قولها , غير أنه لم ينبس ببنت شفة , وتابع سيره الرشيق حتى بلغ الأرض عند أسفل المنحدر حيث توقف وألتقط البطانية الحمراء التي تدثرا بها في الليلتين الماضيتين.
وأمر ليا:
" لوحي بها في الهواء رافعة الجانب لمغطى بالألمنيوم ألى فوق ".
وأطاعت ليا بينما أحست رايلي يجثم بجانب حقيبة زينتها فيما راقبت الطائرة وهي تبتعد عنهما , ثم وقف رايلي بجانبها وهو يمسك المرآة المستطيلة التي أنتزعها من غطاء حقيبة زينتها .
وفيما لوحت ليا بالبطانية حتى كادت ذراعها تنقطع , لوح رايلي المرآة في الشمس محاولا تركيز الضوء البراق على الطائرة التي لم تخفف من سرعتها ,وصاحت ليا :
" عودي".
منتديات ليلاس
وتدلّت ذراعها بلا حراك على جنبها أذ عجزت عن رفع البطانية مرة جديدة فيما أستلقت ذراعها على جنبها أذ عجزت عن رفع البطانية مرة جديدة فيما أستلقت ذراعها الجريحة على خصرها.
وغابا الطائرة عن الأنظار , وأندفعت بين أهداب ليا دمعة تبعتها ثانية وثالثة حتى سال الدمع على وجنتيها وبلل شفتيها , وقالت بغصة:
" أنهم لم يرونا".
وأرتعشت ذقنها فيما نظرت ألى رايلي وقد وقف وقفة غضب وأشمئزاز ملقيا يديه على وركيه ينظر في الفراغ حيث كانت الطائرة تحلق , ثم أستدار وألتقت عيناه الخضراوان الغاضبتان بعينيها لحظة قبل أن يرجع ألى موضع النار .

نيو فراولة 04-09-10 03:08 PM


تبعته ليا وهي ما تزال تمسك البطانية بأصابعها وتجرها خلفها على الأرض , وقالت:
" آسفة يا رايلي , الحق علي لأنني أستعملت كل المخزون لغسل قدمي , وقد أضعته من دون تفكير".
فرد بصوت جاف:
" رجليك؟".
ونطقت نظرته المعبرة بما لم تقله كلماته.
دافعت عن نفسها بحجة واهية:
" كانت قدمي متسختان".
ثم ألقى رايلي قطع الحطب السريعة على النار , وكان صمته أبلغ من أي أدانة شفوية ,وأخيرا لم يعد بوسع ليا أن تحتمل فأنفجرت غاضبة كالبركان , وصرخت:
" لماذا لا تقول شيئا ؟ لماذا لا تصرخ في وجهي وتقول كم كان عملك أخرق , فنحن الأثنين نعرف أنه أخرق ,لماذا لا تقول ذلك؟ أغضب أو أفعل أي شيء , ولا تستمر في وضع الحطب على النار كأن شيئا لم يكن".
وقف رايلي ومسح يديه ببنطاله , وقال بهدوء وقد أرتسمت على فمه تكشيرة حادة , وغلف وجهه قناع من البرودة :
" لن يجدي ذلك نفعا , فسأذهب الآن لملء القنينة وسأعود بها مع بعض الحطب".
منتديات ليلاس
ولما أختفى وراء المنحدر , سقطت على ركبتيها خائرة القوى يائسة , وأرخت قبضتها عن البطانية , فتمددت بجانبها وقد تلألأ الجانب المغطى بالألومنيوم تحت أشعة الشمس , وتمنت لو أنها تدفن رأسها بين ذراعيها وتبكي ندما على حماقتها , ولكنها لم تجرؤ لأنها توقعت عودة الطائرة , ولم ترد أن تغافلها كما فعلت في في المرة الأولى .
حبست دموعها فيما جففت وجنتيها وحدقت ألى السماء , وأجهدت أذنيها في محاولة لسماع أزيز الطائرة , لكنها لم تسمع سوى صمت الصحراء الجبلية ألى أن أعلنت دحرجة الحجارة عودة رايلي .
وبعد أن ألقى رايلي حمله من الحطب على بعد بضعة أمتار من النار , أعطى القنينة لليا قائلا :
" أشربي".
نظرت ألى القنينة كأنها سم , وشعرت بالحرارة والتعب والظمأ , لكنها لم ترغب في جرعة من الماء الذي قد ينقذهما مهما بلغ ظمأها , ورفضت بهدوء وصرامة:
" كلا".
أرتسم الغيظ على شفتي رايلي وهو يقول:
" جرعة واحدة لن تضر في شيء , أشربي".
أطاعت مرغمة , ورشفت بعض الماء , ثم غرغرت به فمها قبل أن تبتلعه , وبللت شفتيها بلسانها فيما أعادت القنينة ألى رايلي , أدركت أنه يراقبها , ألا أنها لم تستطع أن تنظر في عينيه الفاحصتين , ووضع رايلي القنينة في ظل كومة الحطب , ومن دون أن يتكلم مشى ليلتقط البطانية الملقاة على الأرض بجانب ليا , وأبتسمت وهي تفكر بما سيفعله بالبطانية , ثم رأته يقيم المظلة .
وأتسعت أبتسامتها وهي تقول:
" ألن نحتاج البطانية لنلوح بها للطائرة؟".
لم يتوقف رايلي عن عمله وهو يجيب:
" من السهل أنزالها عن المظلة في ثوان , لكنها ستؤدي خدمة أعظم وتقينا من الشمس ألى حين عودة الطائرة".
ونظرت ليا ألى النار المتأججة وقد أنبعث منها دخان رقيق أختفى في هواء الصحراء النقي بسرعة فاسحا المجال أمام موجات اللهب بالتراقص فوف دائرة النار , وقالت ليا بهدوء:
" لقد حلقت الطائرة فوقنا مباشرة تقريبا ولم أسمع هديرها ألا عندما صارت على مقربة مني , فلماذا لم يقدروا أن يشاهدونا؟".
قال رايلي وهو يثبت آخر ركن من المظلة:
" هذا يرجع ألى سببين : الأول هو طيران الطائرة بأتجاه معاكس للشمس مما أعرق رؤية أفراد الطاقم , أما السبب الثاني: فيتلخص في بحثهم عن حطام طائرة".
ثم أشار برأسه ألى المنحدر:
" وطائرتنا مدفونة تحت هذا الركام من الحجارة".
وتنهدت وهي تنظر ألى السماء :
" هذا كله خطأي , لقد كان بالأمكان أن يروا أشارة الدخان ".
علّق رايلي بصرامة :
" كفّي عن الشعور بالذنب ".
منتديات ليلاس
أعترضت ليا:
" لا أشعر بالذنب ".
" بلى , أنك تشعرين بالذنب علما بأن ذلك لن يغير شيئا".
أجابت:
" أنا لم أقل سينفع".
" أذن لنكف عن ذكر ما حدث , ولنستعد للقاء الطائرة أذا عادت ".
وتوقفت ليا عند أمره.
ودفعتها لهجته ألى سؤاله :
" هل تظن أنها سترجع؟".
أجاب بلهجة لم تعبر عما يدور في خلده :
" لست أدري".

نيو فراولة 04-09-10 03:41 PM

5- قرار الرحيل

غطّت السماء غيمة بيضاء أحاطتها الشمس بهالة ذهبية وأرسلت من ورائها أشعتها لتلوّح الأرض المغطاة بنبات الناعمة.
وبلّل العرق قميص ليا , فألتصقت بجلدها , وتعاظم ألم ذراعها خصوصا بعد أن أجهدت نفسها بتلويح البطانية للطائرة في الصباح.
وضغطت بيدها اليمنى على جبهتها لبضع ثوان , ثم رفعت رأسها وهي تدفع شعرها عن وجهها بعيدا بيدها , ومكثت ليا ورايلي النهار بطوله ينتظران الطائرة التي لم تعد .
ورفعت عينيها الحائرتين ألى رايلي الذي شرد بأفكاره بعيدا وهو يراقب السماء بدقة , وقالت بنبرة تنم عن الخوف الذي تملّكها طول النهار.
" هل تظن أن بحثهم عنا سيستمر لفترة طويلة؟".
ولمحت الغربة في عينيه الخضراوين اللطيفتين وهو ينظر أليها مجيبا:
" من الصعب التكهّن بشيء , فتنظيم حملة أستطلاع واسعة أمر يتطلب كثيرا من الوقت والمال , والأرجح أنهم سيبحثون عنا مدة يومين أو ثلاثة قبل أن يطلبوا من طياريهم المحليين التفتيش عن أثر الحطام فيما يرسلون طائرة أستطلاع أو أثنتين".
منتديات ليلاس
كانت معرفة الحقيقة أمرا محزنا خصوصا أن أحتمال ضياعهما بضعة أيام أخرى في الصحراء وارد , وأدركت ليا أنها لن تستطيع التفكير في هذا الأمر من دون أن تلوم نفسها , وأن رايلي أصاب أذ قال أن ذلك لن يحل المشكلة.
لم تشعر برغبة لتناول الطعام ,ولولا حاجتها لشيء منه لما مضغت بضع قطع من اللحم المقدد ببرودة على الغداء , وتلك الحاجة هي نفسها التي دفعتها ألى طهي وجبة العشاء , العمل الذي أنساها ورطتهما مؤقتا.
بعد مرور ثلاثة أيام على ضياعهما , قلت أنواع المأكولات المجففة في حوزتهما على نحو كبير , ونقبت بين المعلبات القليلة عن صنف شهي نسبيا , أثناء ذلك لمحت بطرف عينيها رايلي وقد جثم قرب الحقائب , ودفعها فضولها للأستدارة قليلا لترى ماذا كان يفعل , فدهشت أذ رأته فتح حقيبتها وأخذ يقلب محتوياتها.
فصرخت وهي تسرع نحوه:
" ماذا تظن نفسك تفعل وأنت تقلب حقيبتي . هذه أمتعتي ولا يحق لك أن تنقب بها".
لم يلتفت أليها , بل وضع كومة ملابسها الداخلية جانبا , ثم أخذ يفحص ألبستها الخارجية و وحاولت أن تنتزع ملابسها من يده وتكومها في الحقيبة , لكنه رفعها وطرحها بعيدا بسرعة ولم تقدر معها أن توقفه عن عمله , وصاحت:
" هل سمعت ما قلته لك؟".
أجابها رايلي أخيرا:
" أنني لا أسرق شيئا , فأنا أبحث عن ملابس تناسبك خلال السير".
قالت ليا بمرارة وهي تحاول أن تطوي الملابس التي طرحها:
" بأمكانك أن تسألني أذ ليس من واجبك أن تقلب أمتعتي".
وأمسك بنطلون حنطي اللون وقميصا طويلة الأكمام بيضاء نقشت عليها خطوط منحرفة ومتقاطعة .
ثم قال :
" سبق أن رأيت ملابس نسائية , فلا داعي لأرتباكك وخجلك , وهذه الملابس قد تنفع".
جلست ليا القرفصاء وهي تتطلع ألى وجه رايلي الهادىء بأرتباك ,ثم ألتمع في ذاكرتها بعض من أقواله السابقة , فقالت وهي تعبس:
"ستنفع؟ لأي شيء ؟ وماذا قصدت حين قلت : ملائم للسير؟".
أعلن رايلي بهدوء:
" سنرحل".
ثم أستدار ألى حقيبة زينتها وسألها وهو يفتح الغطاء :
" هل لديك معجون لدهن الوجه؟".
فأنحنت ودفعت القارورة وهي تقول:
" أجل , لماذا تريد معجونا لدهن الوجه؟".
منتديات ليلاس
لم يعد لجوابه أهمية عندما أدركت معنى أعلانه السابق , فسألت:
" كيف سنرحل؟".
"سيرا على الأقدام بالطبع".
ثم نظر أليها نظرة سريعة وهو يفتح القارورة وينتزع بعض المعجون بسبابته , ثم فرك أبهامه بسبابته بمهارة وهو يقول:
" سيقي هذا المعجون وجهك الشاحب من الشمس".
قالت ليا وهي تحدق ألى القفر الجبلي الواسع :
" سيرا على الأقدام؟ لا شك أنك جننت".
قال رايلي وهو يترك حقيبة الزينة ليفتح حقيبته:
" البقاء هنا جنون أعظم".
علقت ليا بغضب:
" أعرف أنك تظنني مجنونة , لكنني أعلم أيضا أنك عندما تتوه ويبدأ الناس بالبحث عنك , عليك ألتزام مكان واحد والأمتناع عن التجوّل , ونحن لا نكاد نعرف موقعنا".
وأخرج قميصين متسخين من حقيبته , ثم أغلقها , وقال:
"أستطيع تحديد موقعنا على نحو تقريبي".
ثم نهض ومشى , فتبعته ليا وكأنها ظله , وتمتمت :
" هذا رائع و هل تعني أننا في مكان ما من نيفادا؟ لقد كان بأمكاني أن أخمّن ذلك ".
توقف رايلي فجأة حتى كادت ليا تصطدم بظهره العريض , ونظر أليها نظرة فولاذية .
وقال :
" نحن موجودان على الجانب الشرقي من سلسلة جبال مونتير , وهذا يعني أننا نبعد حوالي مئة كيلومتر عن أقرب مدينة وذلك في خط مستقيم , أو 145 كيلومترا سيرا على الأقدام".
ونظررت ألى الصحراء المترامية الأطراف , فخيّل أليها أنه من المستحيل وجودهما في بقعة قريبة من المدينة , وقالت:
" ربما متنا في الطريق".
" ربما متنا هنا".
توقفت لتقول:
" أجل , ولكنّ بقاءنا هنا يعطينا أملا بالخلاص , أملا بالتلويح لطائرة الأستطلاع التالية".

kamilya2011 04-09-10 05:06 PM

merci kter hilwa antmana tkamilha

نيو فراولة 04-09-10 07:08 PM

وتمعّن رايلي في قسمات وجهها الجموحة والتي غلب عليها الذعر , وقال:
" ولكن , متى ستمر الطائرة التالية ؟ غدا ؟ بعد غد؟ بعد ثلاثة أيام؟ متى؟".
رفعت يدها كأنها تطرد شبح السؤال عنها , وقالت:
" لست أدري , ولكنها سوف تأتي لأن والدي ولوني لن يوقفا البحث قبل العثور عليّ , أنا أعرف أنهما لن يفعلا".
" أنا لا أخالفك الرأي , غير أن الوقت هو العامل الحاسم ".
" لماذا؟".
أجابت بصوت منخفض , وهدوء قصد بهما الأيجاء لها بخطورة الوضع:
"لأنه في خلال ثلاثة أو أربعة أيام لن يبقى عندنا طعام أو ماء أو قوة على الخروج من هنا".
وتطلعت بدهشة ألى أعلى المنحدر حيث قال أنه وجد الماء , وقالت:
"ولكن...........".
أوضح رايلي:
" لقد بدأ الماء الذي عثرت عليه في الحوض الصخري يجف ويتبخر بفعل الحر".
منتديات ليلاس
لقد قدّرت ليا بحماقة أن معينهما من الماء لن ينضب , ونسيت قول رايلي أن الماء في الأرض الصحراوية نفيس ونادر .
وأنتابها شعور عارم بالضعف والعجز , وقالت:
" كان عليك أن تخبرني ".
" ربما".
وأظهر عدم أكتراث بمناقشة ما جرى , وهذا لا يختلف عن موقفه عندما علم أن ليا أستعملت كل الماء لغسل قدميها , فبالنسبة أليه ما حدث قد حدث , ولا فائدة من مناقشة الأسباب .
لم تقنع ليا بالفكرة برغم أدراكها سلامة رأي رايلي:
" لو خرجنا طلبا للنجدة , فكيف نعرف أي طريق نسلك؟".
" سنذهب جنوبا".
عارضت بعناد :
" لماذا جنوبا , وليس غربا ؟ نحن طرنا شرقا عندما أنحرفنا عن خط سيرنا , ومن المؤكد أن علينا العودة من حيث أتينا".
تنفس رايلي عميقا وكأن صبره على أسئلتها بدأ ينفد :
" معروف أن سلاسل الجبال هذه تمتد من الشمال ألى الجنوب , ولا أدري كم من السلاسل يجب أن نجتاز قبل أن نصل ألى طريق عام أو مدينة , وأكتشاف مسالك سهلة لأجتياز السلاسل يكلف وقتا كثيرا , فأذا أنطلقنا شمالا , حيث أرى جبالا عديدة , وجب أن نمشي على القمم أما في الجنوب , فيمتد واد يسهل فيه السير وتزداد فيه السرعة ويحلو الوقت".
قالت ليا:
" من الممكن أن نتوه أيضا".
أكّد لها بصوت جاد:
" لن أتوه".
وأغاظها أعتداده بنفسه أذ بدا واثقا كل الثقة بأنه على صواب , ولما وجدت أن جميع حججها لم تقنعه , لجأت ألى السخرية .
" يا لي من حمقاء , فلقد نسيت أن في عروقك دما هنديا , وطبعا لن تتوه".
تجهمت ملامحه وقال :
" أنك على حق".
فأدركت أن سخريتها لم تغضبه , فأطبقت شفتيها وأطلقت زفرة غاضبة وهي تنظر ألى البعيد :
" لا يهمني ما تقول عني , فأنا أظن أن ليس علينا مغادرة المكان لأن طائرات الأستطلاع قد تعثر علينا في أي وقت".
قال رايلي بهدوء :
" أننا مغادرون غدا صباحا مع خيوط الفجر الأولى ".
وأرجعت ليا رأسها ألى الوراء بتحد , وألتقت نظرتها نظرته الباردة وهي تقول:
" بأمكانك أن ترحل وحيدا , لكنني سأبقى هنا".
أجاب بغضب:
" لا , لن تبقي".
منتديات ليلاس
ردت بشيء من الوقاحة :
" وكيف ستمنعني ؟ لا أظن أنك قادر على حملي طول الطريق , ومن المؤكد أنن لن أذهب معك طوعا ,وهذا يضعنا في مأزق , أليس كذلك؟ أنا لا أريد الذهاب , وأنت لن ترحل من دوني , وهذا يعني أننا سنبقى هنا".
قال وقد بانت نظرته متكاسلة فاحصة:
" أنك ترتكبين خطا جسيما".
ردت وقد بدت أمارات الأعتداد بالنفس عليها هي هذه المرة:
" لا أظن ذلك".
أطرق قليلا , ثم قال:
" بأمكانك أن تبقي هنا ,فأنا سأرحل في الصباح بمفردي ".
وأتسعت حدقتاها مستغربة :
" ماذا؟".

نيو فراولة 04-09-10 07:19 PM

قال رايلي وقد أشرقت عيناه بالرضى :
" لعل هذا هو الحل الأنسب , فبأمكاني أن أسرع السير من دونك فيما تبقين هنا لتلوحي للطائرة أذا عادت , وأذا لم تعد , فأنني أكون في غضون ثلاثة أيام قد وصلت ألى حيث يمكنني طلب النجدة وأرسل أليك أحدا ينقذك".
علقت ليا وكأنها لا تصدق:
" أتعني أنك ستتركني ....... هنا....... وحدي؟".
" هذا هو الحل الحل المنطقي الذي يمكننا من الحصول على المساعدة من مصدرين".
ثم توقف متظاهرا بأنه يتعمق في دراسة الفكرة , وأضاف:
" سأحمل القنينة معي بينما تحضرين الماء في القدر , وسأترك لك الأطعمة المجففة لأنه لن يكون معي ماء أطهيها به, غير أنني سآخذ كل لحم البقر المقدد".
وهزّ كتفيه بلا مبالاة وهو يستدير مبتعدا :
" أذن , يجب أن تبقي هنا".
وعلت شفتيه أبتسامة أستغراب كأنه لم يفهم سبب شكها في كلامه , وقال ببساطة :
" أجل".
منتديات ليلاس
فأقسمت :
" والله , أنك ترتكب خطأ جسيما أذا ظننت أنني سأبقى هنا وأتركك ترحل وحيدا , فأن ذهبت سأذهب معك".
وأضافت مصرة:
" سأذهب معك, ولن يمكنك أن تجبرني على البقاء هنا , فأنا لا أكترث أذا كان رأيي عمليا أم لا".
وما كادت تنهي جملتها الأخيرة , حتى عضت على شفتها بغضب أذ تذكّرت أنها لدقائق معدودة كانت تصر أنه لن يقدر أن يصطحبا معه في الصباح.
أجاب وهو يتشدق بكلامه:
" أذا كان هذا رأيك , فأظن أنك سترافقيني ".
وفيما أستدار مبتعدا , لمحت ليا المكر في عينيه , وهمست كأنها تتهمه:
" لقد خدعتني , فأنت لم تقصد أن تتركني هنا بمفردي".
فوقف وقد غمر جبينه الرضى , وحدق ألى وجهها وهو يقول ساخرا وممازحا:
" هل ظننت حقا أنني أذهب وأخلف زوجتي ورائي؟".
فأفلتت ذراعه , ورفعت راحة يدها المفتوحة لتصفعه على فمه , ولم يحاول رايلي أن يلتقط يدها , بل تراجع ألى الوراء , فأخطأت هدفها .
ولمّا مرت يدها بقرب وجهه , أمسك ساعدها وهو يضحك من ثورتها , وحاولت ليا أن تفلت يدها من قبضته الفولاذية , ألا أن محاولاتها للتخلص منه أكثر ألى صدره الصلب , فضحك ضحكة عميقة , وقالت وهي ترجع رأسها ألى الوراء لتنظر أليه ببرودة :
" لا أجد شيئا مضحكا".

مس نانا 04-09-10 07:58 PM

مشكزرة بانتظار التكملة

نجمة33 04-09-10 08:07 PM

جزاك الله خيرا

نيو فراولة 04-09-10 10:15 PM

غابت المتعة من عينيه وهو يتطلع أليها من فوق , وأذهلها البريق الذي أضاء عينيه , فتوقفت عن محاولة التحرر من قبضته , وزاد خفقان قلبها عندما لمحته يتأمل ثغرها.
وفرك رسغها بأبهامه بينما دفع الشعر عن وجهها بهدوء قبل أن يحتضن عنقها بيده , ثم تعانقا عناقا قصيرا.......
وفيما تقطعت زفراتها , أنفتحت عيناها جزئيا لتنظر أليه بتردد , فألفت عيناه تلتمعان لطفا ومودة رغم القناع الذي غطاهما , وقال رايلي بهدوء:
" ليا , لقد كنا معا في كل ما حدث , وسنرحل معا صباح غد".
وأطرقت وهي تقول :
" أجل!".
ورفع يده عن عنقها بينما مرّر أصبعه بلطف على وجنتها , ولم تدرك ليا أذا كان يقصد بمعانقته أياها أقناعها بالموافقة من دون جدال , ومشى رايلي خطوة ألى الأمام , ومد يده ألى جيب قميصه , فأخرج علبة تبغ سحب منها سيكارتين أشعلهما الواحدة تلو الأخرى ,وأعطى لليا واحدة وهو يقول مبتسما :
" لندخن أحتفالا بالسلام كالهنود".
بادلته ليا الأأبتسام وهي تهز رأسها بسخرية متمنية لو تشعر مثله بالهدوء بعد العناق .
كانت يدها لا تزال ترتعش أرتعاشة بسيطة كشفت عن أضطرابها عندما أعطاها السيكارة .وأرتاحت لقرار رحيلهما في صباح اليوم التالي أذ خشيت الوقوع في التجربة أذا أستمرا في العيش بضعة أيام أخرى في المخيّم , وأذا تعانقا مرات أخرى , ولا شك أن أن تعب الرحلة سيضعف أحساسها بوجود رفيق مكتمل الرجولة.
أرتفعت بينهما سحابة رقيقة من دخان سيكارة رايلي الذي قال :
" عندما ننتهي من التدخين يمكن أن تتابعي تهيئة العشاء فيما أنظم الأمتعة التي سنأخذها معنا صباح غد".
حفلت ساعات النهار الباقية بالنشاط , ولم يكد القمر غير المكتمل يظهر , حتى أعلن رايلي ضرورة ذهابهما ألى الفراش باكرا أستعدادا للرحلة الطويلة أمامهما.
وعندما أستلقيا , أستغربت ليا عدم مداعبة رايلي لها كما توقعت , وتساءلت أي نوع من الرجال هو , فهو لم يعانقها سوى مرة في ثلاثة أيام رغم جاذبيتها .
ومع أنها لم تعاشر رجالا أشرارا , فأن أيا من أصدقائها كان سينتهز الفرصة , خصوصا أن مثل هذه الظروف تسهّل عليه تحقيق رغبته , أما رايلي , فظل هادئا برغم عزلتهما في الصحراء الجبلية.
لم يتحفظ رايلي في مراودتها عن نفسها بسبب قلة خبرته , فالطريقة التي عانقها بها تدحض هذا الرأي , وهي تذكر أنها لمحت أعجابا في عينيه عندما ألتقيا في قاعة الأنتظار في شركة الطيران , وأن تجاوبها مع رغبته في العناق أظهر أهتمامها به , أذن , لماذا لم يلب رغبتها؟
منتديات ليلاس
تنهدت ليا وهي تلقي ذراعها الجريحة على صدره , وشعرت بسخافتها أذ كان عليها أن تفرح لأنها لا تصد مداعباته المتتالية عوض التمني بأن يداعبها ولو مرة.
وأمرت ليا نفسها بالخلود ألى الراحة , فأغمضت جفنيها وسرعان ما غلبها النعاس نظرا ألى تقطّع نومها في الليلة الماضية , وأحست بأصابع قوية تزيح الشعر عن جانبي رأسها , وسمعت رايلي يهتف بأصرار:
" قومي , لقد حان الوقت".
رفع رايلي الغطاء عنهما , فأرتجفت ليا من البرد القارس , وأقتربت من كتف رايلي طلبا للدفء فضغطت الأصابع نفسها على ذقنها , وقال رايلي ممازحا:
" قلت أن الوقت حان للنهوض".
وتأوهت معترضة فيما نظرت أهدابها ألى العالم الخارجي حيث ساد الصمت الذي قطعه صوت النار , وشاهدت ألوف النجوم تشع بوهج عظيم في حلكة الليل , فقالت متظلمة :
"ما زال الليل مخيما ".
فطوق رايلي خصرها بذراعه ورفعها فيما حاولت الجلوس , وقال:
" هيا , فأن الصباح سيطلع قريبا".
وأطلقت ليا أعتراضها وهي تتثاءب:
" هل تريدنا حقا أن ننهض في هذه الساعة؟".
وأمرها رايلي وهو يرفعها عن الفراش:
" أوشك أن يطلع الصباح , وعليك أن تغلي الماء حتى نتناول وجبة الشوفان السريعة الباقية".
وتمتمت :
" من يشعر بالجوع ".
" أذا لم تتناولي شيئا الآن , فأنك ستشعرين بالجوع عندما نهبط الجبل".
وأقرّت ليا في سرها أنه كان مصيبا , لكنها لم ترغب في الطعام أنما في بضع ساعات أخرى من النوم , ورغم ذلك أمسكت القنينة وصبت بعض الماء في القدر المعدني , وثبتتها على الصخور قرب النار لتغلي.
وشق الأجواء صوت عواء ثعلب بعيد , وشدّت الصيحة الغريبة نظر ليا , التي دنت من النار ألتماسا للدفء , ألى الأرض , ورأت القمر قد غمر القفر بأشعته الفضية .

نيو فراولة 04-09-10 10:33 PM


وبدأت فقاعات البخار تتشكل في قدر الماء مما أبعدها عن النار سعيا في أثر الشوفان والطبقين المعدنيين والملعقتين الخشبيتين, ولمحت رايلي يثني البطانية الصلبة في شكل مربع صغير , ويضيفها ألى بضع أمتعة صغيرة ليحملاها معهما.
ولما غلا الماء , أضافت ليا الشوفان أليه وحركته , وكان من الصعب أن تقدر حاجيتها ألى الماء بدون الأستعانة بفنجان , غير أن الشوفان هذا الصباح لم يكن شديد السيلان أو كثير التكتل , فقد أهتدت ألى المزيج الملائم مع آخر وجبة.
صبّت بعض الشوفان في طبقها فيما تركت القسم الأكبر لرايلي , ونادت:
" الفطور جاهز".
وبينما هما يتناولان الفطور , لوحت الشفق حمرة خفيفة علامة بزوغ الفجر , وأزاحت الحمرة سواد الليل وهي تتحول شعاعا ذهبيا , ولما أتمّت ليا غسل الصحون بالرمل والماء , كانت السماء قد أتشحت بأشعة الشمس التي أنتصف شروقها , فأعطى رايلي القنينة قائلا:
" أشربي كل ما أستطعت حتى أذهب وأملأ القنينة".
وتوقفت بعد أن تناولت بضع جرعات :
" كيف نتدبر أمر الماء في الطريق فهذه القنينة لا تسع للكثير منه".
وقال وهو ينتظر أن تتابع شربها :
" سنحاول ملأها , وأذا وجدت المياه في أرض الصحراء , فأغلب الظن أنها تتفجر في أسفل الجبل , وعندما ننحدر ألى الوادي سنظل على مقربة من منابعها".
ناولته القنينة بعد أن فرغت من الشرب , وما كاد يغيب وراء الجبل حتى لبست الثياب التي قال بأنها صالحة للسير الطويل , وكانت لا تزال تضع ذيل قميصها تحت بنطالها عندما عاد.
قوّمت عيناه الخضراوان بسرعة , وقال:
" هل عندك قبعة؟".
منتديات ليلاس
وعلا فمه عبوس خفيف عندما هزت رأسها سلبا , وسأـل :
" وشاح؟".
" أجل".
ثم نقبت في حقيبتها حتى عثرت على الوشاح الحريري الذهبي والبني وأعطته أياه.
تفحص رايلي الوشاح برهة , وقال:
" أنه نافع , ضعيه حول رأسك كالعمامة , فهو سيقي رأسك من لفح الشمس على الأقل".
نفذت ليا الأمر بصعوبة نظرا للألم الشديد في ذراعها , وقالت:
" لا أرى أي نفع لهذا الوشاح".
وأجاب بلهجة جافة:
"لو أحرقت الشمس رأسك لما كنت تقولين ذلك ؟".
فسألت:
" وماذا عن رأسك؟".
ونظرت أليه لتجده يلف رأسه الفاحم السواد بمنديل أزرق كبير .
وفاقت لفته لفتها دقة وتنظيما , ولما أنتهى من عمله أصبح بأمكان ليا أن تلاحظ الخصال التي ورثها عن أجداده الهنود كفطرة النبالة القاسية التي برزت على نحو لم يسبق له مثيل.
وفتح قارورة المعجون البارد , وقدمها لها قائلا:
" أدهني وجهك بطبقة كثيفة".
غرفت ليا مقدارا كبيرا فيما تساءلت:
" لماذا؟".
وأجاب بتأن وهو يقلد عملها:
" ليقي وجهك من لفح الشمس".
وبدا منظر المعجون الأبيض على جلد رايلي الأسمر غريبا , فداعبته:
" متى كان يحتاج الهنود ألى ما يقيهم حرّ الشمس؟".
وأجاب رايلي مبتسما:
" كل الناس بحاجة ألى ما يقيهم من الشمس حتى الهنود ,ومعروف أن أفراد قبيلة من قبائل هنود السهول كانوا يمسحون أجسامهم بزيت عباد الشمس للغرض نفسه".

نيو فراولة 04-09-10 10:44 PM


وراقب رايلي ليا وهي تدهن وجهها بالمعجون , وقال :
" أنفك محمر قليلا , ولو كنت مكانك لكثفت طبقة المعجون عليه لزيادة درجة الوقاية".
وتألقت ملامحه الدقيقة في ضوء الصباح كأنه تمثال بني , وحيث لم يكن هناك شيء تمسح به ليا المعجون الزائد عن يديها , حذت حذو رايلي , فمرغتهما ببنطالها ,وسأل رايلي :
" هل تحتاجين أي شيء آخر من حقائبك؟".
" كلا".
" أذن , سأضع كل الحقائب فوق المنحدر الصخري وأعود لنحمل أمتعتنا ونرحل".
وبينما أتجه ألى المنحدر حيث دفنت الطائرة , لمست ليا محيط الجرح في ذراعها اليسرى , وأحست به يحرقها وكأنه سكينا حاميا أدخلت فيه , وكان الألم قد وصل ألى كوعها , ومع ذلك لم تحس بتورّم في ذراعها , وفكّرت أذا كان لا بد أن تطلب من رايلي فحص الجرح.
وحين تذكرت تنبيهه أياها ألى قلة الضمادات بالأمس , ورغبته في الأنطلاق باكرا للأستفادة من الظلال وطراوتها , أقلعت عن الطلب أليه ,وواضح أن الجرح القبيح كان في طور الشفاء.
رجع رايلي ألى موقعهما بخطوات رشيقة وهو يحدّق أليها قائلا :
" هل أنت مستعدة لحمل الأمتعة؟".
هزّت ليا كتفها:
" أجل".
منتديات ليلاس
وكان قد جعل من قميصه حزمتين غريبتين توضعان على الكتف , وشدّ أخفهما وزنا ألى ظهر ليا . وكانت تحوي البطانية وأدوات الطهي , وحمل هو أثقلهما وفيها صندوق الأسعافات الأولية وصندوق الأطعمة والفانوس , ثم أعطى ليا أحد عمودي المظلة قائلا:
" خذي".
" ماذا سأفعل به ؟ هل أطرد به الأفاعي من طريقي؟".
وقال وهو يتجه ألى النار ليذر الرماد بالعصا الأخرى ويضع الرمل والحصى فوق الجمر :
" أستعمليه عصا للسير حتى يساعدك في المنحدرات الجبلية الصعبة , هل أنت مستعدة ؟".
رفعت الحزمة ألى كتفيها لتستقر في وضع أشد ملاءمة وهي تقول ضاحكة:
"أظن ذلك ,فأنا أشعر الآن أنني مثل أمرأة هندية تحمل طفلها على ظهرها".
وضحك رايلي ضحكة عذبة فيما أشرقت عيناه أشراقة محيرة.
" لننطلق أذن أيتها المرأة الهندية".
أشارت ليا عليه بعصاها أن يتقدم المسيرة , فأنطلق بخطوات رشيقة يسهل معها اللحاق به.
أخذت قمة الجبل بالأنحدار حيث أندفع أمامهما أرنب هزيل وحيّتهما سحلية تستحم في شمس الصباح الساطعة ملوحة بلسانها.

نيو فراولة 04-09-10 11:07 PM

6- الحمى توقف المسيرة

تصبب العرق جداول من عنق ليا ألى صدرها , وقرّحت رباطات الحزمة الغريبة كتفيها مما زاد من أنزعاجها وألمها .
وأوشك الظهر أن يحل فيما أقتربت الشمس اللاذعة من كبد السماء , وأرسلت أشعتها المحرقة ألى الأرض , وتوقفت ليا لتلتقط أنفاسها , وقد أستندت بثقل ألى العصا , وأحست بالألم في مؤخرة رجليها يزداد أزاء الأنحدار السحيق أمامها , طوال فترة ما قبل الظهر تعرجا في سيرهما وهما ينحدران , وكان لا بد أن ينحدروا مسافة طويلة أيضا , فصاحت بغضب:
" قل لي بحق السماء كم هي المسافة أمامنا؟".
وقف رايلي على بعد بضعة أمتار منها , ومسح العرق عن وجهه وهو يحول عينيه متجنبا الشمس ناظرا أليها:
" المسافات خادعة وضلة في الأرض المفتوحة".
تمتمت:
" هل تقول هذا لي؟".
" هل تريدين أن ترتاحي هنا , أم يمكنك الأنتظار حتى نبلغ السفح؟".
تساءلت ليا وقد أنهكها السير:
" متى يكون ذلك ........؟ السنة المقبلة ؟ متى أسترحنا آخر مرة؟".
منذ أنطلقا كانا يستريحان مدة عشرة دقائق كل ساعة , فأجاب رايلي:
" منذ عشرين دقيقة تقريبا".
خيّل ألى ليا أن تلك الدقائق كانت أطول من سنة , لكنها صرفت على أسنانها , وأندفعت معتمدة على عكازها وهي تقول:
"هيا بنا ننحدر".
وأستغربت عدم أنحدارهما جلوسا على أكفالهما , فالسفح شديد الأنحدار , ألا أن رايلي تعرج في سيره مضاعفا المسافة ومخففا من شدة الأنحدار .
وتضاعف الألم في ذراعها اليسرى , وزاد تدليها على جنبها من حدته , فأدخلت يدها تحت حزام بنطالها مما ساعدها على تخفيف الأوجاع على رغم أرتباكها في السير على الأرض الصخرية المنبسطة .
وأحتكت أطراف حذاءها العليا بعقبيها , فأدركت ليا أنها سرعان ما ستصاب بقروح تجب معالجتها , ورفعت الحزمة ألى أعلى ظهرها , لكنها عادت فسقطت ألى الموضع المتقرح , ومشت بثقل وهي تجر قدميها المتهالكتين.
منتديات ليلاس
وركزت نظرها على الأرض أمام قدميها , رافعة عينيها من حين ألى آخر لتتأكد أن رايلي لا يزال يسير أمامها , وحاولت أن تتناسى أوجاعها وآلامها وجف حلقها وفمها.
لم يعد الوقت يعني لها شيئا فهي لا تعرف أن كانمت قد سارت ساعة أو ساعات قبل أن تنبسط الأرض تحت قدميها , وأنزل رايلي الحزمة عن متفه.
" سنرتاح هنا بعض ساعات لتتخلص من حر الظهيرة".
لو كانت ليا قوية وقادرة , لأبتهجت بالخبر , لكنها سرعان ما جثمت على ركبتيها وحررت ذراعها اليمنى المتقرحة وذراعها اليسرى الجريح من الحزمة ,ووضعتها برفق على الأرض.
وببلادة راقبت رايلي وهو يجرع بعض الماء من القنينة قبل أن يقدمها لها..... وكان صوت الماء المتدفق بين جنبات فمها رائعا .وقدّرت أنها تستطيع أن تشرب القنينة بأكملها لشدة ظمأها .
غير أن ظمأها ذكّرها بأهمية الماء , فأكتفت بجرعة واحدة .
فتح رايلي حزمتها ليخرج البطانية , ثم ألتقط العصا التي ألقتها أرضا , أشمأزت من نشاطه أذ ظنت أن بأستطاعته أن يجتاز عشر قمم من دون أن يتعب , وتنهدت فيما هو ينصب المظلة:
" لماذا لا تبدو متعبا ومنهكا مثلي؟".
أبتسم أبتسامة خفيفة وهو يثبت آخر ركن من المظلة , وقال :
" لعل السبب هو أنني لا أقضي خمسة أيام في األأسبوع جالسا خلف المكتب , هيا بنا ألى الظل الآن ".
زحفت ليا ألى الظل بفرح , وتمددت على ظهرها , وتمنت أن لا تتحرك ثانية , وسرعان ما أنحنى رايلي فوقها وقد ألتقت عيناهما بشيء من السخرية , ولوح لها بقطعة من لحم البقر المقدد قائلا:
" هيا...... كلي هذه !".
وضعتها جانبا وهي تقول:
" لا أقوى على تناول شيء".
قال بلهجة آمرة وهو يدخل القطعة بين شفتيها المفتوحتين جزئيا :
" كلي".
أطاعته مرغمة أذ تأكدت أنه لن يتركها ألا بعد أن تأكل , وما أن أنتهت من تناول الطعام , حتى تعب فكاها من المضغ , وتنهدت وهي تطبق أجفانها , وما لبثت أن غفت.
شعرت بيد تهز كتفها , ففتحت عينيها لتشاهد رايلي يجلس القرفصاء على يمينها , ورأت الحزمة مربوطة ألى ظهره والقنينة في يده ,وقال:
" سننطلق الآن , هيا أشربي حتى أشد حزمتك".
رفعت ليا نفسها وهي تطرد السحب السوداء المتلبدة أمام عينيها , ثم تناولت جرعة صغيرة من الماء , وردت القنينة أليه , وبينما أنزل رايلي المظلة , ضغطت بيدها على جبهتها المشتعلة , وأنتظرت أنحسار الدوار.
وقالت في نفسها أنها مريضة , وشعرت بأنتفاخ في ذراها اليسرى , لكنها رفضت أن يكون ذلك سبب دوارها ورغبتها في التقيؤ , وشعرت أن الألم يدب في كل مفصل من مفاصلها.

نيو فراولة 04-09-10 11:35 PM



وكانت الشمس قد بدأت رحلتها نحو الغرو , ألا أن حرها كان شديدا حتى في أماكن الظل , وعزت ليا ذلك ألى ما أصابها من حمى وتعب , ووقفت ببطء حتى لا تعيد سرعة الحركة الدوار ألى رأسها .
أما رايلي فكان قد وضع البطانية في الحزمة ثانية , وأستعد لشدها ألى ظهر ليا مجددا , وفيما هو يضعها فوق ظهرها ,لمس جرحها عرضا , فصاحت ليا من شدة الألم ,وسألها وهو يتفحصها بيقظة وأنتباه:
" هل تشعرين بالألم؟".
أجابت وهي تعبس :
" أشعر بألم في كل جسمي ".
وأعطاها العصا قائلا:
" هل أنت مستعدة لمتابعة السير؟".
فأطرقت , وتقدم رايلي المسيرة ورغم أنه مشى ببطء , فأن ليا وجدت صعوبة في اللحاق به ,ومع كل خطوة خطتها تعاظم الألم في جسمها , ووقف رايلي مرتين منتظرا أن تلحق به.
وشعرت أن أشعة الشمس تحرق جلجها وتشعل ثيابها حتى تصبب العرق منها وأشتد وهنها , ولم تقدر على بلع ريقها لجفاف حلقها , وأحست أن أستراحة الدقائق العشر بعد الساعة الأولى من المسيرة قصيرة للغاية , ولم تطفىء جرعة الماء ظمأها أذ كان حلقها جافا كرمل الصحراء , وسمعت صوتا في داخلها يقول أنه لن يكون بوسعها السير مسافة أخرى , لكنها تابعت تقدمها بتصميم مجنون.
وخيل أليها أنها تسمع شقيقها لوني يوبخها قائلا:
" كنت دائما أقول أن لا قدرة للنساء على اللحاق بالرجال".
ورنّ صوته في أعماقها بوضوح جعلها تلوح بيدها أمام عينيها لتمنع طيفه من التراقص أمامها .
وبادلت نظرة رايلي القلقة بأبتسامة , وقالت بصوت أجش لا رغبة في أقناعه أنما في أقناع نفسها:
" أنني بخير".
منتديات ليلاس
قال وهو يعطيها حجرا صغيرا :
" ضعي هذه الحصاة في فمك ليسيل لعابك ويخف ظمأك ".
ساعد ذلك على ترطيب فمها وهما ينطلقان من جديد , وسعت ليا جهدها للحاق برايلي برغم ترنحها وتمايلها في السير , وزادت النار المتأججة في داخلها وهنها , وأحالت تركيز نظرها على رايلي وقد أعتبرت كتفيه العريضتين شاطىء الأمان الذي تسعى أليه , ودارت الدنيا أمام نظراتها وبدأ رايلي يغيب عن عينيها في فترات الدوران الشديد ,, وشعرت بالخوف فنادت:
" رايلي".
وكانت صرخة أستغاثة أشبه بهمسة مختنقة زادتها الحصى الموضوعة في فمها أختناقا وتعثرت , فأستندت بثقل على عكازتها لتستعيد توازنها , وقبل أن تنهار حواسها المصابة بالدوار تحت ضغط الحرارة العالية والعطش الشديد , فصاحت ثانية بيأس .
وأنهارت قواها وأنثنت ركبتاها , غير أن العصا ساعدتها في الحفاظ على أنتصاب قامتها , وبكت وهي تطارد سحب السواد لظنها أن رايلي لم يسمع نداءها , فهي قد تخلفت كثيرا عنه.
وتمايلت العكاز التي تسندها , فبدأت تسقط على مهل , وطوّقتها ذراعان قويتان , ومع أنها لم تميزه بوضوح ,عرفت هاتين الذراعين اللتين أمسكتاها أثناء النوم في الليالي الماضية , وتنفست الصعداء وهي تقول:
" رايلي , آسفة لأنني لن أستطيع مرافقتك بعد الآن".
وأسندها ألى صدره وهو يطلب أليها:
"لا تتكلمي".
ثم وضع القنينة على شفتيها , غير أن معظم الماء سال على ذقنها لأنها لم تستطع أبتلاعه , ثم بدأ يبعد ذؤابات شعرها عن وجهها , وسرعان ما توقف ليلمس وجنتها بيده الخشنة ثم تمتم :
" يا ألهي , تكاد الحمى تحرقك".
وما لبث أن نزع الحزمة عن ظهرها وبدأ يفك أزرار بلوزتها. وأصبح الألم غاية في الشدة عندما أخذ يسحب الكم عن جرحها , وصرخت ليا صرخة حادة فيما تعاظم السواد أمام عينيها.
وأثناء ذلك سمعته يهمس بحدة:
" أيتها الحمقاء ! لماذا لم تخبريني أن ألألم كان شديدا".
تكلمت بتثاقل:
" أنه في طور الشفاء".
" أنه في طور الشفاء؟ أنه ملتهب".
وأغشي عليها وهي تتأوه مستسلمة , ثم أحست أنها تسبح فوق الأرض متكئة على صدر رايلي ومستندة ألى ذراعيه القويتين , وعاد أليها وعيها قليلا , فأدركت أن رايلي كان يحملها.
وعاشت في دنيا من أحلام رائعة , أذ أستلقت بجانب بركة ماء نظيفة صفحتها مصقولة كالمرآة وقد نما حول ضفافها عشب أخضر كثيف , وأمتدت قوقها أغصان أشجار الصفصاف لتحجب أشعة الشمس القرمزية عند الغروب , وكانت أوراق الأغصان أكثر أخضرارا من عيني رايلي , وتصاعد في الفضاء دخان ضئيل ,ثم رطبت جبينها المتقد رطوبة قدسية عذبة , وأحست بيد ترفعها وتخلع بلوزتها , فتأوهت أحتجاجا على قطع رؤياها الوديعة الرائعة , وطلب رايلي أليها بلطف:
"أثبتي قدر الأمكان".

نيو فراولة 05-09-10 04:07 PM

أنفتحت أجفانها قليلا و وركزت عينيها على رأس رايلي الفاحم السواد والشبيه بغصن صفصاف كبير , وهمست:
" أنني أرى أجمل حلم في حياتي فهناك أشجار وماء وعشب ".
قال رايلي وهو ينزع الضماد عن ذراعها ليغسل جرحها الملتهب :
" ليس ما ترينه حلما , فمن المرجح أن أحد الرعيان الباسكيين قد بنى سدا يحقن به ماء النبع ليسقي ماشيته".
وقبل أن يغمى عليها ثانية , قالت في نفسها أن هذا حقيقة .
أختفى العالم الأخضر , فرأت نفسها تتعثر في سيرها بعدما لوحتها الشمس , وأعمت أشعتها المتقدة عينيها وأحرقت جلدها , ولم تشعر بوهجها يخف.
بللت رطوبة شفتيها الجافتين أحيانا , ومان لوني يضع القنينة على فمها تارة مداعبا ممازحا كما كان يفعل في أيام طفولتهما حين كانت رجلاها القصيرتان تعجزان عن اللحاق بخطواته الرشيقة.
وكانت طورا ترى رايلي يطلب أليها أن تستريح وتهدأ , ولم يفهم أنه محكوم عليها أن تسير تحت أشعة الشمس الحارقة , وهكذا تابعت سيرها ضمن أتون من النار الحامية.
ولم يوفر بزوغ القمر لها الراحة , بل أحرقتها أشعته الفضية اللاذعة , ولم يبرد الجو في ليل الصحراء كالعادة أنما شعرت بالعرق يغلي فوق جلدها , وأزدادت حالتها سوءا مع شروق الشمس , فصرخت من شدة الألم , ولم تجد مفرا من التعرض لحرارتها القاسية ,وكانت ملابسها هي مصدر الوقاية الوحيد من ألسنة اللهيب الحادة , ولكنها لفرط خوفها شعرت بيد تخلعها , وحاولت بكل قوتها أن تمنع ذلك.
وأوقف صوت رايلي الثابت بهدوئه الكابوس المزعج :
" ليا, هل تستطيعين أن تسمعي؟".
قالت وهي تبكي لشعورها بأنها ليست وحيدة:
" أجل".
منتديات ليلاس
وفتحت عينيها لتكتشف أنها ما زالت في الواحة الخضراء , وقد أنحنى رايلي بقربها وهو عار ألى الخصر.
وحالت سمرته الجذابة بينها وبين فقدان الرشد , وقال لها وهو يلفظ كلماته ببطء وهدوء حتى تفهمها رغم هذيان الحمى:
" عليّ أن أخلع ملابسك".
أمالت رأسها جانبا لتعترض أذ لم يكن بوسعها السماح له برؤيتها عارية , فهذا مناقض لكل المبادىء الأخلاقية التي غرسها فيها والداها.
وهمست بصوت تهنقه الحمى:
" كلا , لن تفعل".
قال رايلي بصوت يملأه الأصرار :
"أصغي أليّ , لا سبب للأرتباك والحياء , فأنا هندي , والهنود يعتبرون الأجسام العارية جزءا من الطبيعة , وعلي الآن أن أنزل درجة حرارتك بتغطيسك في ماء النبع البارد".
كانت الحمى مصدر النيران التي ألتهمت جسمها , وفهمت ليا أنها لذلك لم تستطع الأفلات من النار المحرقة , ورغم ذلك , أبى حياؤها التسليم بمنطقه ,وقالت بشق انفس وهي لا تكاد تقوى على لفظ كلماتها:
" اترك.... أترك ثيابي علي".
أجاب رايلي :
" لا يمكن , فالمفروض أن ترتدي ملابس جافة عندما تخرجين من الماء , لا تقاوميني يا ليا , الأجدر بك أن تدخري قوتك لساعة الحاجة ".
وظلّ فكرها يقاوم في حين سهّل جسدها عمله , وفي شبه غيبوبة شعرت ليا أن رايلي رفعها بين ذراعيه وحملها ألى الماء فيما أرتاح رأسها على كتفه.
ثم أنزلها ألى الماء حيث غسلتها أمواج البركة الباردة من قمة رأسها ألى أخمص قدميها , وحالت الذراع القوية التي طوقت خصرها بينها وبين الغرق في ماء البركة المنعش وظللتهما أغصان شجرة صفصاف صغيرة ووقتهما حر الشمس.
ظنت ليا أن حركة الوقت قد شلت , وأدركت أثنا غيبوبتها أن رايلي كان عازبا.
لكن ذلك لم يهمها طالما غمرت المياه الباردة جلدها المتقد.
وتحركت عشوائيا محاولة التخلص من القيد الذي كبلها بأحكام , ورغبت أن تدغدغها مياه البركة المنعشة ثانية ,وشعرت بيد تلمس صدغها بلطف ثم تستقر على عنقها , ورأت نفسها مستلقية على الأرض بين ذراعي رايلي وقد تدثرا بالبطانية , وهمس في أذنها:
" نامي , أنك بحاجة ألى النوم بعد أن خفت الحمى".
وأسترخت بقربه وهي مغمضة العينين , فتحول دفء جسمه ميناء أمينا تلجأ أليه بعد أن كان آتونا محرقا تضطر أن تهرب منه , ونامت من دون أن ترى أحلاما أو تصاب بكوابيس.
وأيقظها رايلي أثناء النهار ليطعمها بعض الحساء , وسرعان ما عاودت النوم , وبعد فترة أحست به يستلقي قربها.

ولما فتحت عينيها للمرة الثانية , أكتشفت أنها كانت تتدثر بالبطانية وحدها وأن كرة الشمس قد علت في السماء , وجذب صوت النار المتأججة نظرها ألى مركز الأرض الخالية من الأشجار , وألفت رايلي قابعا قرب النار يحرك محتويات القدر!

نيو فراولة 05-09-10 04:29 PM

وفيما أرتدى بنطالا من قماش جينز , لم يلبس قميصا على وسطه , فعكست كتفاه وصدره البرونزي موجات ذهبية تحت أشعة الشمس , وفجأة تطلع فوق كتفه وكأنه أحس بنظرات تتركز عليه ,ولم تذكر ليا أنها رأت وجهه البارز المعالم على هذا القدر من الجمال والجاذبية من قبل , وببطء ألتقت نظراتهما , قال وقد أشرقت في في عينيه وعلى فمه أبتسمة:
" مرحبا".
أجابته ليا وهي تشعر بأرتباك وحياء لم تعرف سببهما:
" مرحبا ".
سألها وهو يصب السائل من القدر في طبق صغير:
" هل أنت جائعة؟".
" بعض الشيء".
وحاولت الجلوس , فأكتشفت أنها أضعف مما تصورت , وقال وهو يسير نحوها جذلا:
" أبقي مستلقية , سأطعمك بنفسي".
أفتر ثغرها عن أبتسامة ماكرة وهي تقول :
" هذا عمل الزوجة , أليس كذلك؟".
بادلها الأبتسام:
" يضطر الهندي أحيانا أن يمارس دور الزوجة عندما تصاب أمرأته بالحمى".
منتديات ليلاس
خفق قلبها لدى سماع هذه العبارة , ولكن , لا يمكن أن يكون قد قصد المعنى الحرفي أذ كان يجيب على سؤالها بطريقة مازحة , والمؤكد مع ذلك أن القلب يخفق للفكرة.
وضع رايلي الطبق على الأرض , ثم أسند رأسها ألى وسادة صنعها من قميصه وأحدى الحزمتين , ثم جلس واضعا رجلا فوق رجل وهو يحمل الطبق بيده.
ولما تناولت ليا ملعقة حساء وضعها رايلي على شفتيها , سألت:
" كم سنة نمت؟".
أجاب وهو يدني ملعقة أخرى من فمها:
" ثلاث ليال".
شهقت :
" كل هذه المدة الطويلة؟".
علق ممازحا:
" لا تتحدثي وأنت تتناولين الطعام حتى تنتهي بسرعة".
عجزت ليا عن تناول أكثر من نصف الصحن الصغير ,فوضعه رايلي جانبا دون أرغامها على تناول المزيد , وقال وقد أمال رأسه جانبا ليحدق أليها متفحصا:
" كيف هي ذراعك الآن؟".
حركت ذراعها اليسرى بتردد , ثم فحصتها بعناية ,ورغم أنها لم تنبض بالألم , فكانت تؤلمها , وأبتسمت بأرتياح ,وقالت وهي تهز رأسها:
" أفضل بكثير".
أضاءت عينيه أبتسامة أنستها حدة عبارته حين قال :
" الأفضل أن أعاينها بنفسي , فأنا لم أعد أثق برأيك".
وبدأت تفك أزرار بلوزتها دون أعتراض , وحين بلغت الزر الثالث , تبين أنها ستكشف عن جسد عار , فأحمرت خجلا وهي تنظر نظرة عتاب ألى رايلي , فسألها وهو يعقد جبينه:
" هل تذكرت أنني غسلتك وخلعت ملابسك عندما كنت تهذين من الحمى حين أتمكن من تغطيسك في البركة؟".
عبثت أصابعها بالأزرار من دون أن تفكها أو تزررها , وقالت وهي تشيح بنظرها بعيدا :
" أجل , أذكر".
قال موضحا:
" لقد تقرحت كتفاك من حمل الحزمة , لذلك لم أضع عليك ملابسك الداخلية".
فهمست وهي تحدق ألى أصابعها وقد قبضت على مقدم البلوزة :
" آه , لقد فهمت".
أمسك ذقنها بين أبهامه وسبابته , ثم رفع رأسها لتلتقي عيناهما حيث تراقصت أطياف المداعبة والمكر , وقال:
" هذا ما فعلته , وقد كان بأمكاني أن أرى وأتفرج على كل شيء".
أزداد حياؤها مع تعاظم التهكم في صوته , ثم أضاف:
" وعليه , ألا تظنين أنه من السخف الأفراط في الحشمة الآن؟".
أكملت ليا فك أزرار بلوزتها ,وبعد أن أخرج رايلي ذراعها من كمها , غظت صدرها بيدها فيما أصم صوت نبض قلبها أذنيها.
لم يفرح رايلي بما فعلت , ثم ساعدها على أرتداء بلوزتها ثانية.
أعادت ليا تزرير مقدم بلوزتها فيما أعلن وهو يشيح نظره عنها:
" أظن أنه سيشفى هذه المرة , وأتمنى لو أحطم رأسك لأنك لم تخبريني أنه كان يؤلمك".
فدافعت ليا عن نفسها بأرتباك:
" ظننت أنه سيشفى ".
ثم رفع الصحن لينطلق ألى صحنخ دون توقف مما ذكر ليا بميزاته الحيوانية , وقال :
" خوليني سلطة الحكم من الآن فصاعدا , والأفضل الآن أن تستريحي بعض الشيء".
قالت وهي تقاوم الضعف فيما حاولت الجلوس:
" لقد نمت أياما عديدة , والأفضل أن أنهض من أن أغدو طريحة الفراش دائما".
أصر رايلي :
" سيكون أمامك فرص عديدة لتمرين رجليك الليلة. ولكن , الأفضل أن تستريحي طوال بعد الظهر".
لم تقو على النهوض بنفسها , فأضطرت ألى الأستلقاء على ظهرها , ورغم نومها ساعات طوالا , فأنها سرعان ما رقدت.

dalia cool 05-09-10 05:57 PM

مسي كتير:flowers2:

نيو فراولة 05-09-10 07:24 PM

وأفاقت ليا وقد غمر الغسق الأرض بنوره الليلكي , فيما عكست أشعته لونا بنفسجيا فوق صفحة الماء في البركة المسدودة , ورأت قطع لحم تشوي بنفسجا فوق نار خفيفة , وتنبه رايلي بحاسته السادسة ألى أن ليا قد أستيقظت , وقال :
" الطعام جاهز تقريبا , هل ترغبين بالجلوس قرب النار ؟".
أجابت مصرة:
" أجل".
ولما أوقفها رايلي على قدميها , أخذت رجلاها الضعيفتان كالقصب ترتجفان , وترنحت بينما توجهت نحو النار , وشكت في قدرتها على أجتياز هذه المسافة القصيرة لولا الدعم الذي وفره لها رايلي فطوق خصرها بذراعه.
وأرتجفت وهي تجلس فوق النار وتضع رجلا فوق رجل , وأدركت مدى ضعفها , وأرتعشت يدها وهي تمسك طبق الأعشاب الخضراء المطهية الذي قدمه لها رايلي , وقال وهو يصب باقي الأعشاب في صحنه:
" وجدت بعض الفطريات في طرف البركة الآخر , وربما كانت أليافها قاسية , غير أنها شهية ومغذية ".
راق الطبق لليا رغم قساوة الألياف ,الأمر الذي حذرها منه رايلي , غير أن لحم السنونو الأبيض الطري , والذي شوي فوق مشواة خاصة على نحو جيد , هو الذي فتح شهيتها , وبعد أن تناولت آخر قطعة من اللحم , ولعقت أصابعها أعجابا وتذوقا , شعرت ليا أنها كادت تتخم , وتنهدت :
" أنه لذيذ".
نظر ألى وجهها نظرة جانبية:
" هل أعجبك؟".
ضغطت بيدها على معدتها المليئة قائلة:
" آه! لم أشبع في حياتي مثل اليوم , ولكن , كيف أستطعت أن تلتقط السنونو ؟ هل نصبت فخا؟".
ولو لم تنم عميقا , لسمعت صوت البندقية , وأبتسم بخبث قائلا:
" سنونو؟".
منتديات ليلاس
تطلعت أليه بفضول :
" كان هذا عشاءنا , أليس كذلك؟".
رد رايلي:
" كلا , لا أريد أن أفسد عليك طعامك , غير أن الوجبة تألفت من لحم أفعى ذات أجراس".
أغمضت ليا عينيها , فيما أسرعت ألى مقاومة شعورها بالتقيؤ , ثم تنفست عميقا , وأستعادت لونها ببطء بعد أن تخلصت من شعور الغثيان , وراقب التغيرات في تعابير وجهها , ثم قال وقد رن الضحك في صوته :
" هل كانت الوجبة لذيذة ألى هذا الحد؟".
أقرت ليا:
" أنا لا أحس الآن أنها شهية ولذيذة بقدر ما كانت عندما ذقت اللحم وظننته لحم سنونو".
أبتسم رايلي وهو يشعل سيكارة ويقدمها أليها , ثم أشعل سيكارة أخرى لنفسه , وأتحد دخان سيكارتيهما بدخان النار الضئيل , ورغم أن ليا تغلبت على صدمة تناول اللحم , فقد رغبت في التحدث عن شيء غير الطعام.
" أتدري أنك لم تكد تحدثني عن نفسك خلال فترة ضياعنا , فيما مضيت أنا أثرثر متحدثة عن والدي وشقيقي لوني وطفولتي المتشردة وأنا لا أكاد أعرف عنك سوى أنك تصمم جواهر الفيروز ".
صحيح أنها لاحظت فيه مزايا عدة مثل رباطة الجأش في الأزمات ومعرفته للصحراء , غير أنها لم تعرف حقائق عملية عن حياته ,وسألها بلهجة جافة دون أن يرفض تقديم بعض المعلومات عن شخصه:
" ماذا تودين أن تعرفي؟".
الحقيقة أن ليا أرادت معرفة كل شيء , لكنها حاولت أن تبدو بريئة وغير مبالية , فقالت:
" لست أدري , ولكن , على سبيل المثال , كيف يمكن لشخص هندي في بعض أصله أن يحمل أسما مثل رايلي سميث؟".
ضحك رايلي وهو ينفث سحابة رقيقة من دخان سيكارته , وقال:
"هل توقعت رايلي وهو ينفث سحابة رقيقة من دخان سيكارته ,وقال :
" هل توقعت مقابلة شخص يحمل أسما مثل ( جون بلاك فذر),( جون ذو الريشة
السوداء)؟".

نيو فراولة 05-09-10 07:44 PM


ضحكت ليا من جوابه الطريف:
" شيء مثل هذا".
" وهبتني أمي أصلي الهندي , فيما أعطاني أبي الأيرلندي أسمه".
أنعقد جبين ليا للسؤال , فأبتسم رايلي وهز رأسه:
" أن والدي أيرلندي أصيل رغم أن أسم أسرته هو سميث".
" وكيف ذلك؟".
" لبضعة عقود خلت تعود أصحاب المشبوه من الرجال على تغيير أسماء أسرهم , وهذا ما فعله والدي أذ لم يعرف أسم أسرته الحقيقية , وتقول الأشاعة أن جدي تعارك مع أحد الرجال وقتله في حانة في شرق البلاد , ولم يتأكد أحد ما أذا كانت هذه القصة حقيقية أم خيالية , لكن هناك حقيقة واحدة ثابتة , وهي أن جدي تزوج من فتاة أيرلندية تدعى مورين أورايلي , ولما أعطاني أسمي , حذف مقطع ( وا) من أسم والدته".
" أما زال والداك على قيد الحياة؟".
" كلا , فوالدي قتل في حادث سيارة بعد ولادتي بفترة قصيرة , ولم تقدر والدتي أن تنفق عليّ , فنشأت مع جدي لأمي في أرض قطعتها الحكومة للهنود , ثم ماتت والدتي وأنا في الثامنة من العمر ".
توقف رايلي ليتأمل طرف سيكارته بضع لحظات , ثم ألتفت ألى ليا :
" هل ترغبين معرفة شيء آخر؟".
حدقت ليا ألى النار , ثم تذكرت قول غرادي أن رايلي يحب العيش منفردا , فدهشت لأنه أخبرها كل ذلك عن حياته وماضيه , ألا أن سؤاله الأخير دعاها ألى طرح المزيد من الأسئلة , ولا شك أنها رغبت في معرفة أشياء كثيرة أخرى , وقالت:
" أخبرني عن نشأتك في الأرض التي أقتطعتها الحكومة للهنود".
" كانت نشأة بسيطة".
منتديات ليلاس
وأدرك أن جوابه لم يكن كافيا , فأضاف:
" كنت أذهب مع أولاد الهنود ألى المدرسة , وأرعى أغنام جدي , وأساعد في أعمال أخرى في بيته الواقع بمنطقة نصف صحراوية معزولة , وكان جدي يصنع مجوهرات الفيروز لزيادة دخله الضئيل, وطالما سمح لي بمساعدته أوقات فراغي".
وأبتسم أبتسامة ساخرة وهو يتذكر:
" لقد أقتصرت مساعدتي على تكسير الخامات في أغلب الأحيان".
" ما هو تكسير الخامات؟".
أوضح رايلي:
" تكسير الخامات هو فصل الفيروز عن الصخر المضيف بواسطة كماشة صغيرة طويلة الفكين أو مطرقة أو كتلة رصاص, ومعظم الخامات التي حصل عليها جدي أستخرجت من منجم مهجور تم أستغلاله من زمن بعيد".
" وهكذا بدأت تهتم بالمجوهرات وتتعاطى تجارتها؟".
قال وهو يرمي عقب سيكارته في النار متأملا النجوم القليلة التي ظهرت في السماء :
" أجل , فأنني نشأت وأنا أفكر كهندي في كثير من الأمور وأحفظ بعض العادات والتقاليد القديمة مع أنني أبيض , والحقيقة أنني لم أشعر بالأنتماء ألى أي من الفريقين".
ثم توقف ,غير أن ليا أنتظرت من دون أن تتكلم فأضاف:
" لم أتأكد قط مما أذا كان تركي الأرض التي أقتطعتها الحكومة للهنود عائدا ألى ربع دمي الهندي التائق ألى الحرية أم ألى جزئي الأبيضالمادي الطامح ألى نمط مختلف من الحياة".
علقت ليا :
" لا يمكنك أن تجزىء نفسك لأنك نتاج هذين العالمين ".
وأضافت في سرها أنه رجل قوي مكتمل الرجولة , خلاق ذكي , واسع الحيلة وشديد الكبرياء , وأن أجتماع كل هذه الصفات فيه أعطاه سلاما داخليا وثقة بالنفس لا تتزعزع.
وقال بحزم :
" بدأت تفلسفين الأشياء, وأظن أن وقت النوم قد حان , وسأقرب فراشنا من الموقد".
فيما قرّب البطانية بضعة أمتار من الموقد , حدقت ليا ألى اللهيب القريب من ركبتيها , وسألت:
" لماذا تشعل نارا صغيرة بأستمرار؟ ألا يزيد حجمها من دفئها ؟".
وضع رايلي البطانية على بعد ذراع من كومة الحطب مما يسهل عليه تزويد النار أثناء الليل وقال:
" أعتاد الرجل الأبيض أن يشعل نارا كبيرة , ثم ينام على بعد بضعة أمتار منها لشدة لهيبها , أما الهندي , فيشعل نارا صغيرة وينام قربها".
ثم مد يده ليساعدها على الوقوف ,وأنعكست في عينيه ألسنة النار المتأججة في الموقد.

نيو فراولة 05-09-10 09:12 PM

7- أيام في الفردوس

كان هدوء البركة وبرودتها مريحين للأعصاب , وأنحنت أغصان الصفصاف الصغيرة فوق الماء لتعكس ظلالها المائية عند طرف البركة الآخر فيما جرت المياه عند جانب البركة المسدود في طريقها ألى مجرى الجدول الفضي.
وأتكأت ليا على جذع شجرة رفيع , ثم أنتزعت ورقة عشب , ولم تكن ضعيفة كالأمس , غير أن قوتها ما لبثت أن تلاشت .
أمتد فوق الماء حبل معوج من خيوط حلها رايلي من أحدى قمصانه وثناها على بعض , وشد الحبل من طرف ألى أحد عمودي المظلة , فيما علق بطرفه الآخر دبوسا من صندوق الأسعافات الأولية صمم على هيئة خطاف.
علت ثغر ليا أبتسامة خفيفة متسائلة :
" هل حقا تتوقع أن تعيش الأسماك في هذه البركة ؟".
رمقها رايلي بنظرة جانبية وهو يبتسم:
" لكنها طريقة رائعة للجلوس والتفكير ".
" التفكير بماذا؟".
هزّ رايلي أحد كتفيه :
" بأشياء........".
" أشياء مثل ماذا؟".
عبس رايلي موحيا لها أنه يفكر جدّيا ولو لمرّة , ولم يجبها عل ى الفور , ثم مسحت نظرته الحادة المنطقة المحيطة بهما :
" هذا مكان رائع أذ يكثر فيه الماء والحطب الذي يقطع من تلك الأشجار الواقعة هناك".
أضافت ألى تقويمه العملي:
" وهو مكان رائع وهادىء : ومن حسن الحظ أنك عثرت عليه".
أجاب:
" تعرفين أن البقعة الخضراء في الصحراء تظهر على بعد أميال عديدة ,وحيث توجد الخضرة توجد الماء, وقد رأيت هذه الواحة الخضراء منذ بلغنا سفح الجبل".
منتديات ليلاس
تفحّصت ليا الجبال التي أحاطتهما من ثلاث جهات محاولة تحديد القمة المسننة حيث تحطمت طائرتهما , ولم تقدر على ذلك لأن القمم تشابهت , فسألت:
" أين كنا؟".
أشار رايلي ألى قمة جبل لم تبد بعيدة .
" كنا هناك فوق على بعد حوالي خمسة وأربعين كيلومترا , هل ترين الحفرة الصغيرة على الجانب الآخر من القمة ؟ هناك تحطمت طائرتنا".
تنهدت وهي تتكىء ثانية على الشجرة :
" أظن أننا نعتبر في عداد الموتى بعد مرور هذا الوقت الطويل ".
كان هذا يومهما الثامن , وبدا الوقت قصيرا من جهة وبلا نهاية من جهة أخرى.
فقال رايلي عابسا:
" ستمر ثلاثة أو أربعة أيام قبل أن تستردي صحتك وتستطيعي الخروج من هنا".
علّقت ليا:
" لن نخشى هنا أنقطاع الماء على الأقل , كما أننا نأمل أن نحصل على الطعام".
في هذا الصباح كان رايلي قد أعلن أنهما لن يستعملا علب المأكولات المجففة الثلاث الباقية ألا في ساعة الحاجة وأنقطاع السبل , وأنهما سيأكلان عوض ذلك كل ما يصطادونه , ولذا نصب أفخاخا على طول الطريق المؤدية ألى مورد الماء , وأذا أخفقت خطته هذه فأنه سيلجأ للصيد بواسطة مسدسه علما بأن هناك وفرة من الأفاعي يمكن الأعتماد عليها رغم أن ليا شكّت في قدرتها على تناول لحم الأفاعي باللذة والشهية نفسهما كما في المرة الأولى عندما لم تكن تعرف نوع اللحم.
وقال بهدوء وهو يحرّك الحبل في الماء :
" الطعام الموجود هنا يكفينا نحن الأثنين مدة ثلاثة أيام , ويكفي واحدا منا مدة ستة أيام".
تشنجت لدى سماع لهجته :
" ما المقصود بهذا الكلام؟".
قابل نظرتها المتحدية بوجهه الهادىء والخالي من التعبير :
" هذا يعني أن تبقي هنا فيما أخرج طلبا للنجاة".
علّقت بسخط :
" ناقشنا هذا الموضوع من قبل".
وعاد رايلي يركز أنتباهه على صنارة الصيد:
" الأوضاع تختلف الآن لأنك لا تقدرين على السفر قبل بضعة أيام ,وقد لاحظت على بعد حوالي ستة عشر كيلومترا من هنا طريقا ترابيا يصل ألى مركز الوادي , ومن هنا قد يتصل بطريق عام أو بيت زراعي".
" ما هي المسافة؟".
أجاب وهو مستغرق في التفكير :
" لست أدري ,فأنا لم أر الدخان يتصاعد من الجنوب في الصباح مما قد يشير ألى بعد أقرب بيت زراعي من هنا , وقد ذهبت في اليوم الثاني لوصولنا ألى الطريق حيث لم يظهر أي دليل على أستعماله منذ بضعة أسابيع أو أكثر , ومن المحتمل أنه هجر عندما هجر المنجم , ولا شك أنه يؤدي ألى مكان ما".
ضغطت على أسنانها بعزم وأصرار:
"لن أبقى هنا وحدي يا رايلي , أنا أعني ما أقول".
" كلما أطلنا الأقامة هنا كلما أزداد خطر حدوث مكروه , ستكونين في مأمن لوحدك".
ذكّرته ليا :
" لقد قلت أننا عشنا المحنة معا , ولذا لن أدعك تنطلق وحدك".
" أنك ضعيفة ولا تقوين على الذهاب الآن".
أعترضت بقوة رغم أدراكها أن قول رايلي صحيح:
" أنا لست ضعيفة , أنا قادرة أن أمشي معك مهما طالت المسافة والوقت , ولا أحس بتعب , فالحمى أقلعت عني وأصبحت قوية معافاة كالحصان".

نيو فراولة 05-09-10 09:41 PM

ورغبة في أثبات صحة أدعائها , وقفت بسرعة ومشت بخطوات رشيقة نحوه , ألا أن الحركة المفاجئة أدت ألى أصابتها بالدوران فورا , وضغطت بيدها على رأسها بعد أن أختل توازنها .
وفي أقل من ثانية وقف رايلي وطوق خصرها بذراعيه ليسندها وأتكأت عليه بتثاقل وهي تجهد نفسها لأستعادة أحساسها بالتوازن , ثم رفعها بين ذراعيه وألقاها ثانية على جذع الشجرة.
وسخرت عيناه الخضراوان من شحوب وجهها .
وسخرت عيناه الخضراوان من شحوب وجهها :
" والآن هل تعرفين بأنني مصيب ؟ فأنت ضعيفة جدا ".
دافعت ليا عن نفسها وهي تلقي رأسها على الشجرة لتحدق ألى الرجل الجاثم بجانبها .
" تحرّكت بسرعة , هذا كل ما في الأمر , وأنا أقسم أنك لن تذهب وحدك يا رايلي , فأذا ذهبت سألحق بك".
وفيما تحدثت أحست بغصة في حلقها رغم تحكمها بنبرات صوتها .
منتديات ليلاس
أما رايلي , فعلت ملامحه سخرية وتجهّم , وأستدار وهو لا يزال جاثما على ركبته ليعود ألى مكانه , وقال :
" أظن أنك تعنين ما تقولين".
بيد أن ليا أحتاجت تطمينا فعليا بأنه غيّر رأيه ولم يتركها وحيدة ,فأمسكت بقميصه قصد أيقافه , وأنحنت ألى الأمام للتفحص تعابير وجهه بعينيها البندقتي اللون الحائرتين.
وهتفت :
" رايلي".
حملق رايلي فيها من دون أن يتفوّه بكلمة أو يظهر شيئا من أفكاره أو قراره , وألتمعت عيناه غضبا , وتحركت يده على مهل من دون أرادته على خصرها .
وتسارعت ضربات قلبها خوفا وقلقا وحماسة فيما شدّها رايلي أليه عناقا وضما.........
وفجأة تمدد رايلي على ظهره وهو يمسك بها , وأطبقت جفونها لتخفي الشوق الملتمع في عينيها , وهمست بأرتعاش:
" لقد أردتك أن تفعل هذا".
علّق بصوت مرتعش كشف أحاسيسه رغم تحكمه بعواطفه عادة :
" ليّا , أنك لم تعرفي رجالا من قبل؟".
خافت من سؤاله اللطيف أكثر من عناقه الشرس , وتدلّى شعرها الحريري على وجهها ليستر الحمرة التي علت وجنتيها فيما أفلتت من قبضته الفولاذية أنتصبت واقفة , وأحست بنظراته الثاقبة تلاحقها , ألا أنها لم تقدر على مواجهته , وظلّت تدير ظهرها له بينما أدخلت يديها المرتعشتين في جيوب بنطالها وتنفست بتقطع , وكرر رايلي:
" أليس كذلك؟".
وأحسّت بصوته يأتي من ورائها مباشرة , وأدركت أنه وقف دون أن تسمع حركاته , وفورا أحاطت يداه بخصرها , وقالت:
"لا أجد سببا يدفعني للأجابة على سؤالك".
أغمضت عينيها وهي تتمنّى ألا تحس بقربه , وأجاب ببساطة :
" أريد أن أعرف ".
تحدته بعصبية:
"كان بأمكانك أن تكتشف ذلك بنفسك , فأنا لو ملأت الدنيا زعيقا وصراخا فلن يسمعني أحد , ولكن ما الذي أوقفك".
وأدارها نحوه والغضب يتطاير من عينيه الخضراوين .
وتبينت له سذاجتها , فأرخى قبضته الفولاذية عن خصرها , وغاب الشرر من عينيه عندما لمح الخوف في عينيها , وقال مبتسما :
" لا بأس عليك , لا داعي للخوف ".
طرفت عيناها :
" ممن أخاف ؟ منك؟ أم من نفسي؟".
وتنفس عميقا فيما ضاقت حدقتاه الخضراوان :
" لا تقولي مثل هذه الأشياء".
سألت:
" لماذا؟ أنا لا أنكر أنني للحظة كنت أتمنى لو تداعبني ".
قال بغضب حسنا , حاولي".
ولما ركزت نظرها على رايلي , كان الغضب الذي علا وجهه قد أختفى , وبرزت على ملامحه الدقيقة رباطة جأش لا تتزعزع , وشعرت ليا أنها تدور في دهليز خصوصا وأن تصرفاته أربكتها , فهي ليست ساذجة ألى حد لا تعرف معه أن رايلي أراد الحصول عليها , ولكنه رفض مقاربتها فور معرفته أنها عذراء , لماذا يا ترى؟ ألا ترضي عدم خبرتها ذوقه؟
وأغرورقت عيناها بالدمع وهي تصرخ في وجهه غاضبة:
" أنني لا أفهمك يا رايلي سميث".
قطّب جبينه وهو يلتفت أليها بسرعة ويجيبها بقسوة :
" الأمر في غاية البساطة , فأنا عندما أكون في الصحراء لا يسعني أن أفكر ألا كالهنود".
جلا جوابه الغامض الأمور لليا أكثر من تصرفاته , فركت رقبتها غيظا وهي تحاول تجفيف دموعها السخية , وأستطاعت أن تحبس دموعها بدون أن تسيطر على ذقنها المرتعشة.

نيو فراولة 05-09-10 10:54 PM

وتنهّد رايلي ,وسار على العشب بخفة وهو يتجه أليها , ولامست يداه كتفيها , فنفرت منه , غير أنه ضغط عليهما ثانية , وصاحت في وجهه بحدة وهي ترجع رأسها ألى الوراء لتحدق أليه:
" لا تقنعني بأنك ملاك".
وافق رايلي برباطة جأش :
" لست عفيفا أو ملاكا أبدا , لكنني لا أزمع أن أفصح عن عدد خليلاتي".
وأجابت متهكمة:
" هذا مريح".
وتحدث ببطء , وهو يسخر من نفسه :
" يعتبر الهندي كل أمرأة تعاشر رجلا قبل الزواج غير نظيفة ولذا ترينه يتجنبها ,وأقرّ أن هذه عادة رائعة تجب المحافظة عليها في هذه الأيام الشريرة , أما فيما يتعلق بك , فأنا مجبر على أتباع تعاليم جدي, فلقد عشنا كل هذا الوقت والمحن معا , ولن أكون أول من يفسد طهارتك".
أفتر ثغرها عن أبتسامة مرتعشة بينما أبعدت كلماته الغيوم المتلبدة عن قلبها وأضاءت نور السعادة أمامها , وتنفست الصعداء .
" وهذا هو سبب سؤالك؟".
أبتسم رايلي ببساطة:
" أجل".
منتديات ليلاس
طوّفت خصره بذراعيها وهي تتنفس راضية , ثم ألقت رأسها على صدره , أما هو , فشدها أليه بقوة فيما داعبت يده كتفيها وعبثت أصابعه بشعرها , فتعانقا......
ثم أفلتها , وقال بجفاء وهو يحدث أليها بحنو:
" حان الوقت الذي تهتمين فيه بصيد السمك فيما أفحص أنا الأفخاخ".
همست ليا :
" دعيني أذهب معك ".
وضع يده على فمها وهو يهز رأسه الأسود :
" أريد التأكد من حصولك على راحة كافية لتتمكني من طهي عشائنا هذه الليلة".
وأجلسها على الأرض قريبا من صنارته , وجلست ليا من دون مقاومة على الضفة فيما مشى هو بعيدا ,وشعرت أنها بدأت تميل نحوه , هذا أن لم تكن قد وقعت في هواه , فهل هذا ناتج عن حقيقة أنها لم تكن لتستطيع العيش من دونه في هذه الصحراء المجدبة , كلا , صحيح أنها قدرت فيه كفاءته وسعة حيلته وقوته , ألا أن مشاعرها كانت أسمى من ذلك , ولم تكن أهواء جسدية فحسب.
فهي أذن تحبه بغض النظر عن كل الأعتبارات الأخرى , وحاولت أن تنبه قلبها ألى أن مدة ثمانية أيام لا تكفي للوقوع في هوى رجل , فأجاب قلبها أنها هي ورايلي عاشا تجارب قد لا يمر فيها زوجان طوال حياتهما.
وحصرت نقطة الشك الوحيدة في موقف رايلي أتجاها , فهل تخطت مشاعره حد الأفتتان بمحاسنها ؟ وتنهدت ليا أذ أدركت أن ليس بأستطاعة أحد حمل رايلي على التصريح بأي شيء , وأكتفت الآن بالتأكد من حبها له.
وقع أرنب في أحد الأفخاخ ,فنظّفه رايلي وعلّم ليا كيف تشويه , وأحتوت وجبتهما طبقا من ا؟لأعشاب التي قررت ليا أن تجعلها عنصرا أساسيا من غدائهما , ووهنت ليا بعض الشيء نتيجة ما بذلت من جهد لأعداد وجبتهما , ووضعت الأطباق فوق النار لتجف , ثم داعبت شعرها الكستنائي بيد متعبة متمنية الدخول في حمام ماء ساخن , وسأل رايلي بلطف:
" هل أنت متعبة؟".
أعترفت:
"بعض الشيء".
وجلست بقربه أمام النار مستندة ألى رجليها , وقالت :
" كنت تفكر أنني مشكلة ؟".
وأحاطها رايلي بذراعه وأدناها من كتفه , وأطبق يده على معدتها فيما جعلها تتطلع ألى النار , وحدقت ليا ألى اللهب بينما تملكها شعور عارم بالنعيم والسعادة , ومازحته وهي تتنهد تنهيدة رضى :
" ألن تقول بأنني لست مشكلة؟".
قهقه رايلي :
" لن أقرر واقعا".
هزّت ليا رأسها هزا سريعا تعبيرا عن الغضب , ثم قالت بلهجة مازحة:
" هذا جواب لبق وذكي".
وعوى ثعلب في وجه القمر , فأنضم ألى نشيده ثعلب يقف على تلة أخرى ,وتألقت السماء المخملية بنجوم ساطعة .
ولامست ذقنه شعرها ,وقال بصوت مبحوح أسرع خفقات قلبها:
" هل تريدين أن أقول أن شعرك معطّر بشذا نبات الناعمة والدخان ,وأن لونك يذكّرني بجلد الظبية الصغيرة المرقط وهو يلتمع في شمس الصباح ؟".
حبست ليا أنفاسها :
" هل هذا حقا ما تظنه؟".
أبتسم رايلي فوق شعرها:
" أما عيناك , فتشبه عيون المها لونا وأستدارة وثقة ,وقد لوحت أهدابهما الشمس , وعظامك رقيقة كعظام الظبي".
وأحاطت يده بساعدها ليشد ذراعه ألى ذراعها ويدنيها أليه , وأحسّت أنها تغرق في بحر من العواطف الجيّاشة , لكنها لم ترغب في السعي للأفلات منه , وقالت:
"أظن أنك ورثت المجاملة وتنميق الكلام عن أجدادك الأيرلنديين".
أجاب وهو يتأمل شعرها :
" هل تظنين ذلك؟ هذه تركيبة طبيعية من أجدادي لكل من أبي وأمي , وبعض أعظم الخطباء في تاريخ أميركا هم من الهنود ".
لم تحمل عبارته أي مرارة أو أي شيء يستحق الرد , وطغا صمت الصحراء..

نيو فراولة 05-09-10 11:11 PM

قطع الهواء البارد الدفء والهدوء على ليا , فأنزعجت بدون أن تفتح عينيها , بل دنت ألتماسا للدفء , لكنها لم تجده في مكانه .
فأستفاقت فورا , فوجدت أنوار الصباح تغمر المكان , وألسنة اللهيب تلتهم الحطب الذي أضيف حديثا ألى النا , فرفعت الغطاء وجلست , ألا أنها لم تر أثرا لرايلي.
ولم تجد أثرا للقنينة , ونظرت ألى البركة حيث ظنت رايلي يملأ القنينة ماء , بيد أنها لم تجده و وأنتصبت واقفة تتفحص محيط المخيم .
وسيطر عليها خوف شديد , فتمتمت بصوت عال وكأنها تطرد الأفكار السوداء من رأسها :
" لا يمكن أن يكون قد ذهب , أنه لن يفعل".
بيد أن أحتمال ذهابه كبير , وها هي وحدها في الصحراء , وأقشعر بدنها عندما تذكرت أنه لم يعدها بعدم مغادرة المكان من دونها , والحقيقة أنه لم يقل بأنه لن يذهب .
وحوّلت نظرها ألى وسط الوادي حيث تسلل مع خيوط الفجر الأولى ظانا أنها ضعيفة وتخاف اللحاق به.
وصرفت ليا أسنانها بحنق وهي تتمتم:
" سأدهشك يا رايلي سميت".
خمّنت أنه ليس بعيدا عنها , وأنها أن حثت الخطى ستلحق به , فنهضت ودفعت بعض الرمل ألى النار برجلها , ثم حركت الجمر مضيفة بعض الرمل أليه.
ولم تجد ضرورة لحمل الأمتعة القليلة لأن وزنها سيخفف من سرعتها , وكان رايلي يحمل القنينة وهي أهم ما يحتاجانه في الطريق.
لم تعط ليا نفسها فرصة لفحص دوافعها , بل هجرت المخيم من دون أن تلقي نظرة واحدة وراءها , وكان همّها اللحاق برايلي بأقصى سرعة , وبدأت تعدو لتقطع المسافة التي تفصلها عنه , وأصطدمت نباتات الصحراء الصغيرة برجليها , وطار سرب من طيور الجبل الزرقاء فوق النباتات بخفة مذعورا , وأنصب جل أهتمامها على الأرض أمامها.
وأحسّت ليا بقوة خفية تجذبها ألى الورا , فصاحت صيحة مدوية مزقت حجاب الفضاء , وأعاق تحركها جسم ثابت صلب لا يتحرك , وشدها رايلي من كتفيها بقوة وعنف :
" قولي لي أين كنت تنوين الذهاب".
منتديات ليلاس
حدّقت بذعر ألى وجهه المتقد غضبا , وبدأت تبكي وتضحك في آن :
" رايلي؟".
وتلعثمت وهي تضحك وتبدي علامات الأرتياح :
" ظننت ,.... ظنننت أنك ذهبت طلبا للنجدة , وظننت أنك تركتني وجدي".
" أيتها المجنونة...........".
ولم يكمل رايلي جملته بل تابع بغضب:
" كنت تنوين اللحاق بي".
ألقت رأسها على صدره لتلتقط أنفاسها , وصاحت :
" قلت لك أنني سأفعل ".
وأرخت أصابعه قبضتها التي نفذت ألى عظامها وقال بحنق:
"كان من الواجب أن تتأكدي أنني ذهبت عوض أن تركضي في الغابة كالمجنونة ".
قالت :
" بحثت عنك , أين كنت؟".
ثم أفلتها كليا , ووقف أمامها عابسا وقد وضع يديه على وركيه :
" كنت أتفقد الأفخاخ".
وأشاحت بعينيها عن نظراته الموبخة شعورا منها بالذنب والندم , فقد نسيت كل ما يتعلق بالأفخاخ عندما أيقنت بذعر أه قد تركها , وقالت :
" لم أذكر أن هناك أفخاخا".
تنفس رايلي عميقا وهو يقول ساخرا :
" لنعد الآن ألى المخيم , ولنشعل النار ثانية , واضح أنك عزمت الحاق بي , فهلا تفضلت وتبعتني في طريق العودة ألى المخيم؟".

dalia cool 05-09-10 11:25 PM

ننتظر هلى احر من الجمر

نيو فراولة 06-09-10 12:13 PM

وأطرقت أذ لم تشك أنه غاضب من عملها الطائش , فهي كانت ستضل الطريق , وحثت السير لتلحق به :
" كيف........ كيف عرفت أين ذهبت؟".
أجاب بأختصار:
"لم أعرف , لكننس سمعت عدوا وجلبة في الغابة , وخمّنت أما أنك تركضين , أو أن قطيعا من الماشية ذعر فهرب".
تنهدت ليا :
" كنت مجنونة حقا".
فنظر أليها نظرة باردة:
"أنت مخطئة أذا توقعت أن أقول لك العكس ".
وقررت ليا ألتزام الصمت ألى أن تهدأ ثورته , وغرقت في صمت مطبق فيما أعادت أشعال النيران , ولما أضطرمت النار ثانية بدأ رايلي ينظف عصفورا ألتقطه في أحد الأفخاخ , دون أن يوجه ألى ليا كلمة أو نظرة.
ولم تجد ليا شيئا تفعله ألا الجلوس ومراقبة رايلي فيما مزقها الصمت المزعج من الداخل , وتعاظم شعورها بالأنزعاج ألى حد شعرت معه أنها عوقبت بقسوة لا تستحقها , وأخيرا سعت ألى مهادنة رايلي .
ولما عزم أن يضع العصفور النظيف على النار , تقدمت منه ليا مطلقة نكتتها التقليدية:
" دعني أفعل ذلك , فهذا عمل الزوجة".
منتديات ليلاس
أجاب بصوت مفعم بالأحتقار واللامبالاة :
" أنت لست زوجة ".
سألت ليا وقد جرحها كلامه كالسكين :
" رايلي , أنني آسفة, ماذا تريدني أن أقول أيضا؟".
ثم وضع العصفور على المشواة ووقف وقد أرتسم الغضب والعتاب الشديدان على ملامحه:
" هل تدركين أنك كنت ستموتين هناك؟ فأما أن تلدغك حية , أو تسقطي وتكسري عنقك أو تقضي من الجوع والعطش , فأنت لم تأخذي معك أي شيء يقيك خطر العناصر , لم تأخذي أي طعام أو ماء".
صاحت ردا على صياحه وأتهامه:
" أردت أن ألحق بك ولم أرد أن تخفف الأمتعة التي أحملها سرعتي , أما القنينة , فكانت معك , وهل تظن أنني كنت سأعدو في الصحراء وأنا أحمل قدر ماء؟".
" كان من المفروض أن تلتزمي مكانك وأن لا تركضي في أي أتجاه , ولنفترض أنني كنت قد ذهبت , كان يفترض بك البقاء حيث أنت , أما القنينة فقد أخذتها معي لأملأها من البركة وأنا في طريقي لتفقد الأأفخاخ".
أجابت غاضبة:
" لكنني لم أعرف ذلك".
ضاقت حدقتاه فيما زفر زفرة غاضبة وصاح وهو يصرف أسنانه :
" عليّ أن أضعك فوق ركبتي وأضربك تعويضا لي على ما أصابني من أزعاج وخوف".
ردّت ليا :
" وماذا عما أصابني أنا من أزعاج وخوف عندما ظننت أنك ذهبت وتركتني؟".
قال رايلي:
" لذلك لحقت بي من دون أن تحملي شيئا أو تعرفي أين تتجهين , كان من المحتمل أن تضلّي الطريق أو تموتي قبل أن تغيب شمس النهار".
وبكت بمرارة وهي تدفع الشعر عن وجهها وتستدير مبتعدة .
" كنت ستتخلص مني ومن التفكير فيّ على الأقل , ألست نادما لأنك لحقت بي وأعدتني ألى هنا؟".
أدارها نحوه وهو يشدها ألى صدره بقوة متمتما:
" أن أعمالك تفقد الملاك صبره وثباته".
" لست ملاكا".
دفعها بعيدا عنه وهو يقول بسخرية وهدوء:
" لا تقولي شيئا , بل أنظي ما يجب أن تفعلي حتى لا يحترق غداؤنا فيما أغسل وجهي ويدي".
وكادت النار تحرق الطائر , فعملت ليا على تخليصه فيما توجه رايلي ألى الساقية الضيقة التي تشكلت من جريان الماء المندفع فوق جدران البركة , وبعد أن قلبت الطائر , راقبت ليا رايلي يجثم قرب الساقية ويرش الماء البارد على وجهه ورقبته.
وأبتسمت له بينما نظرت ألى الشمس الدافئة التي لم تلفح الأرض بأشعتها المحرقة بعد.

نيو فراولة 06-09-10 02:53 PM

8- النقاهة

بعد أن تناولا طعامهما أقترح رايلي أن تستريح ليا خلال ساعات الظهر وبعده , فحاولت , لأدراكها أهمية أستعادة قوتها , ألا أنها لم تفلح.
وأضطرمت النار في داخلها , وهي تراقبه يصلح فخا , لم تكن الحمى ناشئة عن عدوى , اللهم ألا أذا كان الحب عدوى , وأذا كان كذلك , فكم تمنت لو تنتقل هذه العدوى ألى رايلي.
كم مرة حاولت أن تغمض عينيها! لكنهما كانتا تفتحان لتلفتا ألى رايلي الذي أثار وجوده حواسها , وكم مرة تمنت لو يحتويها بين ذراعيه , فتبخرت من رأسها كل أفكار الأسترخاء والراحة.
لم تجد محاولاتها الأسترخاء نفعا , وأدركت خطر التجربة الكامن في وضعهما الراهن , فهما وحيدان في فردوس صغير , وقطف ثمرة التفاح النضرة الريانة عمل مغر , وهكذا ستغدو ليا أمرأة حقا .
نهضت ليا عن بساط العشب الرطب وهي تمرر يديها على وركيها بسرعة , وألتفت رايلي أليها متسائلا عن سر نهوضها , فقالت بشيء من اللامبالاة وهي تبرر قرارها:
" سأغسل ثيابي في الساقية , ويمكنني أن أغسل قميصك أذا أردت,فأنا لا أشعر بالأستلقاء من دون عمل".
وكان رايلي قد خلع قميصه وعلقه أمامه , فهز رأسه رأسه موافقا , ودفع بالقميص ألى ليا , ثم عاد يركز أنتباهه على الفخ المتلف:
"بأمكانك أن ترتدي أحدى القميصين اللتين حزمنا بهما الأمتعة فيما تغسلين الثياب".
منتديات ليلاس
وأكبّ على عمله حتى بدا كأنه لا يسمع قولها .
" أشكرك".
ووقفت ليا خلف أجمة كثيفة لتخلع ملابسها الخارجية وترتدي القميص , التي شابهت رداء طويلا غطى سترتها الداخلية ووصل ألى وسط جنبيها , ثم ثنت كميها وبدأت تغمس الملابس في الماء وتفركها حتى تنظف من دون الأستعانة بسائل مطهر.
ورأت أخيرا أن الملابس أصبحت نظيفة قدر ما ترغب به في هذه الظروف , ومسحت حبات العرق عن جبهتها وشفتيها بمؤخر يدها , ثم حملت الثياب المبتلة لتنشرها على شجيرات لفحتها الشمس عند طرف موقعهما الظليل.
وقالت في نفسها أن الشمس كانت ستجففها في دقائق , وفور خروجها من الظل أحرقتها أشعة الشمس اللاذعة , وتزايد تصبب العرق بين كفيها وهي تبسط الملابس على الشجيرات الصغيرة , وتطلعت ألى البركة , التي يزيد حجمها ثلاثة أضعاف عن حجم حوض الأستحمام , وتراجعت ألى الظل :
" رايلي , هل هناك خطر من أبتلال ذراعي؟".
أجاب دون أن يرفع نظره :
" لماذا؟ هل أبتلت؟".
ردت ليا بسرعة :
" كلا , ولكن أن لم يكن هناك خطر من أبتلالها , فأنا أشعر برغبة في الأستحمام".
" والأفضل أن ألقي نظرة عليها أولا".
ولما رفع رأسه , رمقها بنظرة أعجاب.
فأدارت ظهرها له لتخرج ذراعها اليسرى من الكم المطوي وتلف قميصها كالعباءة حولها.
وقف رايلي ليفحص جرحها وقد ألتمعت عيناه الخضراوان سخرية من تصرفها , ولمس جلدها بجفاء وتجرد , ثم نزع الضماد عنه .
وعلق وهو يرد الضماد ألى محله:
" هل تعلمين أن الجرح سيترك أثرا في موضعه؟".
هزت ليا كتفها :
" هذا لا يهم".
وحرك صدر رايلي البرونزي أهواء ليا المختلفة , فحاولت كبت رغباتها ودفعت رأسها ألى الوراء لتتأمل وجهه.
" هل هناك خطر من أبتلال الجرح؟".
وتسمر نظره على ثغرها لحظة أحست فيها أن قلبها توقف عن الخفقان , وأنها تميل نحوه توقا ألى لمساته , ورأت عقده الفيروزي والفضي يتألق على عنقه الأسمر , ألا أنه أبتعد عنها برشاقة قائلا :
" لا أظن ذلك , ولكن لو كنت مكانك لحاولت ألا تبتل الضمادة , فلا داعي للمجازفة في هذه المرحلة , والبركة , في أي حال , ليست عميقة , وأذا لم تزل قدمك , لن تتعبي في منع الضمادة من الأبتلال".
عقدت ليا جبينها بفضول:
" كيف يمكنك أن تقول أنها ليست عميقة ؟".
أكب رايلي على الفخ , وهو يقول بمكر:
" هل تذكرين أنني غطستك فيها مرة لأخفض درجة حرارتك ؟ كما أنني أستعملتها بضع مرات في الصباح الباكر قبل أن تستيقظي".
وزال تعجبها من نشاطه الدائم ومناعته ضد قسوة العيش , ولم تجد ضرورة للتعليق على تلك الحقيقة , وقالت بتردد وحياء:
" سأحرص على ألا تزل قدمي".
ثم نزلت ألى البركة , ونظرت ألى خلف لتجد رايلي يدير ظهره لها , ولم تعرف أذا كان ذلك عملا متعمدا أو غير مقصود أم نتيجة عدم أكتراثه , ثم خلعت قميصها ودخلت البركة مستعينة بغصن متدل لتحافظعلى توازنها , ولم ترتفع المياه فوقف خصرها حتى عند طرف البركة حيث تصل الماء ألى أقصى عمقها وتدنت درجة حرارة المياه هناك عن بقية البركة مما جعل ليا تظن أنها أقتربت من مدخل النبع.

نيو فراولة 06-09-10 03:08 PM

وأرتبكت حين حاولت الأبقاء على ذراعها خارج الماء وهي تغطس شعرها والجزء الأعلى من جسمها فيه , ورغم بطء العملية , فأن الماء كان باردا ومنعشا , ولعبت بالماء فرشته على جسمها وزحفت نحو الضفة حتى لا تترنح وتقع , ولما أنتهت كان رايلي لا يزال يصلح الفخ , فجففت جلدها من الرطوبة بسرعة بالقميص الذي كانت ترتديه , وتخلصت من الماء الزائد في ملابسها الداخلية , فيما جفت باقي ملابسها , ووضعت ليا القميص امبتل عليها , ثم عادت ألى الشجيرات لتجمع الغسيل وتلبس ثيابها بسرعة , وكانت مواضع الدرز في بنطالها لا تزال رطبة , وقد خففت رطوبتها ورطوبة ملابسها الداخلية من جفافالملابس الخارجية ودفئها .
عادت أل وسط المخيم وهي تقول لرايلي:
" تفضل , هذا هو قميصك".
منتديات ليلاس
" أدار رأسه أتجاه القميص فيما ظل مكبا على الفخ المتلف:
" ضعيه فوق المظلة".
فعلقت ليا ياقة القميص فوق أحد العمودين :
" ألم تصلح هذا الفخ بعد؟ فأنت تعمل فيه منذ الظهر".
أجاب من دون أكتراث:
" مهما تكن الطريدة التي وقعت في هذا الفخ , فأنها تقرضه طوال الليل".
جثت ليا بجانب أمتعتهما القليلة تقلبها بعصبية , وأخيرا أستندت على عقبيها ونظرت ألى رايلي تسأله:
" هل تعرف أين هو المشط؟".
" في صندوق الطعام".
عثرت عليه ,وبدأـ تسرح شعرها المعقد , ووجدت أن الشمس لطخت شعرها الكستنائي ببعض الخطوط البيضاء مما زاد اللون الذهبي فيه , وبينما هي تمرر المشط في شعرها , رأت ظلا يتحرك في منحدر جبل بعيد.
لم يظهر خلال اليومين السابقين أثر لطائرة أستطلاع ,وواضح أن رايلي لم يلاحظ أثرا شبيها من قبل , وألا لكان أخبرها.
تذكرت ليا والدها الطيب العابس والمستقيم الذي لا يخطىء وتذكرت تناقض شخصيته المتحفظة مع شخصية أمها الدافئة والصريحة التي ساعدتها على أكتساب الأصدقاء الجدد في كل مرة ينقل فيها زوجها ألى مكان جديد.
والمحتمل أن يكون والد ليا قد قوم أحتمالات بقائها على قيد الحياة بعد مرور تسعة أيام على تحطم الطائرة بهما في الصحراء , وخمنت أنه يعتبرها في عداد الموتى.
وهو لا شك يجهد نفسه في تعزية أمها , أما معرفتها بلوني , فتؤكد أنه لن يوقف البحث عنها قبل أن يجدها لأنه لا يؤمن بالأأقدار مثل والدهما.
وحسابات والدها لن تأخذ في عين الأعتبار وجود رايلي , وهو لا يمكن أن يكون على دراية رايلي الواسعة بالصحراء وقدرته على العيش في ظروف صعبة وبدائية.

نيو فراولة 06-09-10 04:20 PM

وأفتر ثغرها عن أبتسامة وهي تتصور رد فعل والديها فيما لو أتيحت لهما فرصة مراقبتهما في هذا المشهد حيث جلس رايلي يحاول أصلاح فخ متلف ليليتقط به وجبتهما المسائية , في حين سرحت هي شعرها بعد أن غسلت ملابسهما في الساقية وأستحمت في البركة .
وكادت عقارب الساعة ترجع مئة سنة ألى الوراء , فالأمتعة الحديثة القليلة التي كانت في حوزتهما لم تتعد مصباحا وكمية من الطعام المعلب ومسدسا وسكينا , أما بقية الأمتعة من قدر وأطباق وملاعق وأفخاخ ومظلة , فكانت من صنع أيديهما.
وتمعن رايلي فيها وقد تحول وجهه جانبا بعد أن أرتسمت عليه أمارات الفضول:
" لماذا تبتسمين ؟".
أأتسعت أبتسامتها المتعبة:
" كنت أتخيل دهشة والديّ لو أتيحت لهما فرصة مشاهدتنا الآن ونحن نعيش هنا في هذه الصحراء".
فهز رأسه متفهما , ثم تفحص السماء قبل أن يعود ألى أصلاح الفخ , وأبعد تصرفه البسمة عن وجه ليا , فقالت:
" لم يعد هناك أمل كبير في أن تعثر علينا طائرة ,وعلينا الآن أن نخرج من هنا مشيا على الأقدام؟".
أجاب وهو يبتسم بوضوح:
" أجل".
منتديات ليلاس
وتحولت بنظرها ألى الوادي المتشبح بنبات الناعمة وألى ما يحيط به من الجبال , وبدا الوادي مترامي الأطراف , وعجزت أن تتصور أنه في مكان ما وراء الأفق تمتد طريق عامة معبدة تسير عليها السيارات والشاحنات وتحف بجنباتها البنايات والمنازل المزودة بالماء والكهرباء وأجهزة تكييف الهواء , وأحست أن عالم لاس فيغاس المزدان بأنوار النيون هو مظهر الخيال في هذا القفر الرائع.
وبينما هي تسرح شعرها علقت أسنان المشط بعقدة في مؤخرة رأسها , وحاولت تخليصه منها وهي تصيح ألما , فرنت من رايلي نظرة لدى سماعه الصوت , وأجابت على السؤال الصامت في عينيه الخضراوين :
" لقد عششت العصافير في شعري".
وأستمرت تحاول فك عقدة شعرها وهي تراقب رايلي ينصب الفخ ليختبر فاعليته بعد أصلاحه , وفور أن ضغط عليه أنقطع حيث تم أصلاحه فجمعه رايلي وألقاه في النار .
وأعترضت ليا أذ رأت الفخ يشتعل:
" ألم يكن بأمكانك أصلاحه؟".
هز رأسه سلبا:
"لا بد أن تفي األأفخاخ الثلاثة الأخرى بالغرض".
ورمقها بنظرة جانبية , فلاحظ صراعها مع المشط ,وقال:
" هل تحتاجين ألى مساعدة؟".
تنهدت بيأس وهي تفرك موضع الألم في وسط رأسها , الناشىء عن شد شعرها تكرارا:
" أرجوك , فأنا لا أستطيع أن أرى ماذا أفعل , أنني لا أكاد ألمس موضع العقدة".
فنهض وسار نحوها , وأخذ المشط من يدها , وجثم بجانبها ,وفك عقدة شعرها بعناية فائقة , ثم سرح بقية الشعر حتى أنسدل على كتفيها , ورد المشط أليها , وطلبت في محاولة لأبقائه قربها:
" هلا سرحت بقية شعري لكي أتأكد من خلوه من عقد أخرى؟".
ألا أن صوتها المرتعش كشف عن رغبتها الخفية , فأجاب رايلي بعبوس وثابت :
" كلا , يا ليا ".
فألتفتت أليه ألفاتة جانبية , وقد عبرت عيناها البندقيتا اللون الواسعتان عن شوق شديد للمسته , ولم تفارق عيناه الخضراوان ثغرها الحلو , لكنه ما لبث أن حولهما ألى عينيها متمتما:
" تلعبين لعبة خطرة يا ليا".
بلعت ليا ريقها بصعوبة , ثم تحدثت بصوت بالغ الهدوء:
" أعرف ,ولكن........".
علق رايلي بوضوح:
"وضعنا يوفر من الأغراء ما يكفيك عناء المحاولة".
فحولت ليا نظرها وأخفضت ذقنها أعرابا عن الموافقة , ومع أن ذلك لم يرض رغبتها الجامحة , أعترفت:
" طبعا أنت على حق".
وأحتضنت يد سمراء ذقنها ووجنتيها , وألتمع الشوق في جفونه السوداء الكثيفة وهوى ألى وجهها المرفوع:
" كان لزاما علي أن أرحل هذا الصباح طلبا للنجدة".
ولامست وجنتها أصابعه فيما رفت جفونها بسرعة تأثرا بلمسته الساحرة:
" كنت سألحق بك".
" أعرف ذلك".
وأرتسمت فوق شفتيها أبتسامة رقيقة ,ومال برأسه نحوها بفعل قوة خارقة , فعانقها بينما غمرت ليا سعادة عارمة طارت بها ألى عالم رحب الأفاق , حيث أحست أن رايلي يحلق قربها.
وفجأة أستلقى رايلي على جنبه وهو يمسكها بأحد ذراعيه ويشدها ألى صدره , وهبطت من عالمها الروحاني ببطء شديد , وعجزت عن التكلم لبضع دقائق , ثم همست بصوت غلبته رعشة دافئة:
" رايلي".
أحتضن وجنتها بيده فيما وضع أبهامه على فمها محاولا أسكاتها وهو يهمس بصوت بدا فيه الصراع مع رغبته الجسدية:
" ليا , أصمتي".

نيو فراولة 06-09-10 04:39 PM

كان من السهل عصيان أمره وأقناعه بألغائه , وراودها شعور بذلك , بيد أن الشك لم يرق ألى صواب منطقه , فأستلقت على ذراعه بلا حراك ألى أن شعرت بأسترخاء عضلاته المتشنجة , وأدركت أنه سيطر على نفسه تماما , وقال بهدوء:
" حديثيني عن صديقك".
ما زالت جفون ليا مغمضة وقالت:
"من هو؟".
" مارفن الذي كنت تلتقينه وتخرجين معه".
قطبت جبينها وهي ترجع رأسها ألى الوراء لتتأمل ملامحه الهادئة :
" من أخبرك عنه؟".
لم تبلغ نظرتها عينيه:
"سمعتك تتحدثين عنه وأنت تهذين من الحمى".
والغريب أنها لم تتذكر شكل مارفن , وخيل أليها أنها لم تره لسنوات , فأمكنها أن ترسم صورة لرجل حقر هزيل تعوزه الحيوية والرجولة الطاغية على رايلي الذي أمسكها بذراعه , ثم أجابت من دون أكتراث:
" أنه يعمل معي في المصرف , خرجنا معا بضع مرات مما صنفه صديقا , ولكن , ماذا قلت عنه؟".
" لا شيء".
صدقته أذ لا يسعها القول سوى أن مارفن لطيف ويحب أمتلاك أصدقائه على نحو مثير , ودفعتها الغيرة ألى موضوع شبيه , فألحّت:
" حدثني عن صديقتك".
فأجاب بسخرية وهو ينقلب على ظهره ويحدق ألى زرقة السماء الباهتة:
" لا أعتقد أن هذا الوصف مناسب".
وأحست بالألم في داخلها , فقالت بمرارة:
" حدثني عن عشيقتك أذن , قل لي هل هي ..... هل تعيش معك؟".
أمال رأسه لينظر وهي مستلقية على ذراعه , وأمتزج سواد شعرها بأخضرار العشب , وقال بجفاء:
" أنا أعيش بمفردي , عملي هو سيدي وسيدتي , صحيح أنني صادقت عددا من النساء ,ولكن ليست لي صديثقة معينة".
كان يفترض أن يرضيها جوابه ,ولكن عوض ذلك شعرت بالسخط , ومرت بضع ثوان قبل أن تعرف السبب , فجوابه يصنفها في مرتبة النساء الأخريات ,وأحست بغصة في حلقها , وهمست وهي ترغب أن تغير موضوع الحديث:
" قلت..... قلت أنك تعيش في لاس فيغاس , أين يقع منزلك؟".
" يقع منزلي في التلال خارج المدينة".
وحاولت ليا أن تظهر عدم أكتراثها :
" لماذا ..... لماذا أخترت لاس فيغاس ؟".
" أنها مناسبة لعملي , فهي لا تبعد كثيرا عن المناجم أو أسواق البيع في كاليفورنيا وأريزونا ".
" هل تقضي وقتا طويلا في منزلك ؟".
" أجل".
وردّت ليا رأسها ألى الوراء لتنظر ألى وجهه وهي تبتسم بشجاعة رغم الدموع التي تحاول الأفلات من عينيها:
" هل أراك عندما نعود ألى لاس فيغاس؟".
ساد الصمت لحظة شحنت بالترقب والأنتظار , وعجزت عيناها الفاحصتان عن كشف شيء قبل أن يجيب وهو يختار كلماته بعناية:
" أظن أننا سنحتفل بعودتنا سالمين بتناول العشاء معا ذات مساء ".
كان ذلك أفضل من عدم التلاقي , فوافقت مشيحة بنظرها وهي تلمسه:
" أتمنى ذلك ".
وقبض على ساعدها ودفع يدها بعيدا , ثم ثبت ذراعيها فوق رأسها وهو يرفع وجهه لترى الغضب يتطاير من عينيه فيما صاح:
" لا تفعلي ذلك , هل تظنين أنني مصنوع من حجر؟".
أدركت أن عليها أن تخاف من غضبه المكبوت , ألا أنها لم تفعل :
" آسفة يا رايلي , لكنني لا أقدر أن أتمالك نفسي , لا..........".
وأفلتها بسرعة لينتصب واقفا وقد قطب جبينه:
"بلى , تستطيعين , فأنت تعرفين تماما كما أعرف ماذا يجري بيننا ".

طيف الأمل 06-09-10 06:50 PM

بالانتظار على احر من الجمر

نيو فراولة 06-09-10 08:33 PM

وأستدار مبتعدا وهو يفرك عنقه بعنف:
" تعرفين أننا عشنا لوحدنا فترة طويلة بدا معها العالم الذي كنا فيه قبل أن تتحطم طائرتنا بعيدا, لكننا سنعود ألى ذلك العالم , ومتى عدنا , فأن الأيام التي قضيناها معا تغدو حلما وخيالا لا أساس له من الواقع".
علقت ليا بصوت مفعم بالفضول:
" هل تعتقد ذلك؟".
أما هي , فلن يغير عالم الأسمنت الذي ستطأه بقدمها , حبها له , وأجاب بصرامة حتى لا تجادله:
" هذه هي سنة الحياة".
ثم أسرع نحو المظلة ليلتقط قميصه المعلق على أحد عموديها .
" سأذهب لأتفقد الأفخاخ".
راقبت ليا رايلي يبتعد , وفكرت بمعنى كلامه , هل قصد القول بأن من الخير أن لا تحبه لأنه لا يحبها؟ ثم ألتقطت المشط من المكان الذي ألقاه فيه , وبدأت تمرره في شعرها وتضرب به وسط رأسها لتقضي على القشعريرة التي طغت عليها.
لم يترك رايلي ليا وحده ويرحل طلبا للنجدة, ألا أنه لم يعد مع الغروب علما بأنه لا يمكن أن يكون قد ضل الطريق أثناء تفقده الأفخاخ المنصوبة بعيدا عن البركة وذلك بفضل معرفته الواسعة بالصحراء.
ولما حل الغسق أمسكت ليا بالفانوس بأحكام ,وصممت أن تخرج للبحث عنه أذا لم يعد عند ملامسة الشمس لحافة الجبل , وأضافت قطعة حطب ألى النار , ثم نظرت ألى الجبل.
ورغم أنها لم تسمع أية همسة ,فأن شيئا دفعها لكي تستدير , ورأت رايلي يقف عند الظلال الرقيقة التي ألقتها أشجار الصفصاف بعد أن عاد ألى المخيم بصمت أجداده البدائي.
منتديات ليلاس
ولم تدرك ليا كم أنتظرت رجوعه ألا حين رأته يعود , وأوهنها الفرح وتعبير وجهه المفعم بالجفاء والأعراض , فلم تلق نفسها بين يديه, وتأملها ببطء حتى أستقرت نظرته على المصباح في يدها فقالت مرتجفة:
"كنت........كنت أنوي أن أبحث عنك لأنني توقعت أن يكون قد أصابك مكروه أن لم تعد مع غياب الشمس".
لم تتبدل تعابير وجهه وهو ينتزع المسدس من وسطه ويعيده ألى صندوق الأسعافات الأولية , ثم تهادى نحو النار.
ولما لم يبرر رايلي , سألته ليا:
" أين كنت ؟".
لم يبد عليه أي أثر للتعب , غير أن حبات عرق علقت على قميصه , وأخذ جموده منها كل مأخذ.
ثم تناول جرعة كبيرة من القنينة وهو يتحاشى عينيها الفاحصتين:
" كانت الأفخاخ خالية ولم أوفق في أصطياد أي طريدة".
أحاطت ليا نفسها بيديها أتقاء لهجوم اليأس المباغت , ثم نظرت ألى النار :
" لست جائعة".
ألا أنه قال بثبات:
" لكنك ستأكلين في أي حال".
فتنهدت , ثم ضحكت بمرارة:
" أجل , فعلي أن أسترد قواي , أليس كذلك؟".
فحدق ألى جسمها المتكور:
" بلى".
نظرا ليا ألى وجهه الهادىء الذي ينم عن عدوانية الرجال , لقد طال شعره الأسود منذ حادث التحطم , وتجعّد فوق ياقته القصيرة, وكان قميصه مفتوحا يكشف عن صدره البرونزي الصلب , وتماوجت عضلاته وهو يسد القنينة , فعصفت بليا رغبة صارخة للمسه , وقالت بصوت ينبض بالشوق:
" رايلي.........".
هل صوّر لها خيالها أن وجهه زاد شحوبا؟ أم كان ذلك حقيقة؟ وتقلصت أحدى عضلات وجهه دون أن يلتفت أليها , وأبتعد عن النار:
" سأملأ القنينة فيما تقررين أي نوع من المعلبات تعدين الليلة".
دفعت حركته ليا للوقوف:
" لست جائعة الآن".
وأسرت بلهفة بينما ربض بجانب البركة تاركا القنينة تطفو على سطحها .
" هلا أصغيت ألي يا رايلي ؟ أنا أحبك".
وأحست أنها كانت ستنفجر لو أنها أخرت أعترافها.
لم يثر قولها أي ردة فعل , حتى أن جفنه لم يرف , وظل يراقب الماء ينساب في القنينة , لكن , كان على ليا أن تفهمه أنها تعني ما تقول.

نيو فراولة 06-09-10 08:52 PM

وأضافت بسرعة :
" أعرف أنك تظن أن الأنشداد الحسي بيننا هو نتيجىة طبيعية لوضعنا الراهن , فقد عشنا وحيدين معا بضعة أيام في تكامل ومودة , وبذلك تخطينا أعراف المجتمع التقليدية , ولكن يا رايلي ليس الأنشداد الحسي هو كل شيء بيننا , فأنا أحبك , وأقول لك ذلك الآن , وسأقوله بعد عودتنا ألى حياة المدينة , ولنم يغير شعوري هذا أي شيء".
شد القنينة ليقف ويعلن بجمود:
" سنرحل في الغد".
أهتز رأس ليا وأنحنى من ردة فعله غير المنتظرة:
" ظننت ...... ظننت أننا سنبقى ........يوما أو يومين آخرين حتى..........".
وأنهى رايلي جملتها دون أن يتطلع أليها:
" حتى تصبحين أقوى , فكّرت قبل عودتي ألى المخيم ورأيت أن لا هدف من تأجيل رحيلنا , وأعتقد أنك تعافيت بشكل يسمح لك بالسفر , وسأحملك أن أقتضى الأمر".
هزت شعرها الذي صبغته الشمس بعجز:
" هل.......هل سمعت شيئا مما قلته؟".
لمحت في عينيه قسوة وسخرية وهو يجيب:
" ماذا تتوقعين أن أرد على ما قلته؟".
منتديات ليلاس
ماذا توقعت؟ لم تعرف لفرط ما أذلت , لم تظن أنه سيقرر فجأة بأنه يحبها , ألا أن مغالاته في عدم الأكتراث بما قالت مزقها شر تمزيق , وكل ما عرفته أنها رغبت في رد أذاه بأذى آخر.
ودفعت يدها بسرعة خاطفة لتصفع راحتها خده النحيل بعنف . فأستشاط غضبا و وأمسكت أصابعه يدها بقوة وكأنه يعاقبها ثم لوى ذراعها ألى الخلف حتى كادت تحس أن يدها كسرت , وصاحت مذعورة :
" أنك تؤلمني ".
أبتسم برضى:
" حقا؟".
ثم حول ضغط أصابعه من دون أن يخفف الألم الشديد , وجذبها أليه , فلامس وركاها فخذيه العضليين , وراحت يده الأخرى تلف شعرها بقسوة حول أصابعه وتدفع رأسها ألى الوراء , وأستسلمت ليا أمام عنف رايلي , وحاولت أن تداعبه ,ألا أنه دفعها عنه بشدة , وراح ينظر أليها بأحتقار وهو يتنفس بصعوبة , وقال بلهجة جارحة :
" لن تفلحي في دفعي ألى أغتصابك ".
صاحت :
" أنا؟".
أغرورقت عيناها بالدمع , ولم تجد ما تقول , فأتهامه باطل .
وعاد الدم يجري في شرايين ذراعها التي لواها رايلي , ولما حاولت أن تزرر بلوزتها , وجدت أن معظم الأزرار قد قطعت , فقال لها:
" لقد أتلفت ملابسك وعليك أن تلبسي أحدى قمصاني ".
ونبشت أصابعه شعره الكثيف الأسود ليحضر القميص التي لبستها ليا كرداء من قبل , ثم دفعها أليها متجنبا النظر ألى عينيها الدامعتين مباشرة.
" سأبدأ تهيئة العشاء".
أطبق الصمت على المخيم , وتناولت ليا عشاءها وقد أحدودبت كتفاها لأحتواء الألم , ولشدة غضبها لم تحاول أن تقطع الصمت لأنه لم يشبه الصمت بين غريبين بل صمت عدوين متخاصمين متنازعين .
ولما حل الليل , تدثرت ليا بالبطانية من دون أن تسأل رايلي أذا كانت هناك ضرورة للنوم المبكر أستعدادا للرحيل في الغد , وقد أدركت أنه لن يجعلها تتوسد ذراعيه أثناء النوم.
سال الدمع على وجنتيها بينما أدارت ظهرها للنار ولرايلي ,ومع أنه جرح كبرياءها , جرحا بليغا , فأن مشاعرها أتجاهه لم تتغير , وهي لا تزال تحبه كما كانت , ولن يغير ذلك شيء .
وأندفعت نجمة في السماء كالسهم , فراقبتها ليا ألى أن حجبتها الدموع المتلألئة في عينيها , ثم شدت البطانية حول كتفيها , ألا أن قلبها كان مصدر البرد والقشعريرة.

نيو فراولة 06-09-10 09:17 PM

9- اللقاء

أبيضت أصابع ليا الممسكة بالعصا , وشعرت بغصة في حلقها وهي تلقي نظرتها الأخيرة على اواحة التي شهدت أعلان حبها .
وأمتدت فوق البركة ظلال كثيفة مع خيوط الفجر الأولى , فبدت البركة مظلمة وغامضة وكأن أبواب الفردوس أغلقت خلف ليا .
ستخمد نيران المخيّم , ويتبعثر الرماد , ولن تلبث الصحراء أن تمحو كل أثر لوجودهما , فيما تعود البركة ملكا لحيوانات الغابة .
قال رايلي بعدم أكتراث وهو يهز كتفيه ليصحح وضع الحزمة المشدودة ألى ظهره :
" هيّا بنا ".
هزت ليا رأسها موافقة , ثم أدرات ظهرها للمشهد مرغمة , وتحاشت النظر ألى عينيه الخضراوين كلما أستطاعت ذلك لأن الجفاء فيهما اربكها.
لم يشاطرها رايلي الحزن عندما غادرا المكان حيث عاشا فترة قصيرة من التقارب النفسي والحسي , كانت أسرة ليا تنتظرها في آخر الطريق , ولكن ليا أدركت في قرارة نفسها أنها لو خيّرت , لبقيت هنا مع رايلي , ولو أن تلك كانت عاطفة خيالية تفتقر ألى المنطق والتطبيق.
لكنها أحبته ؟ الله كم أحبته؟
وتقدم رايلي المسيرة كالعادة , ألا أن خطواته كانت أبطأ من ذي قبل , وأدركت ليا أنه فعل ذلك للأحتفاظ بقوتها , لم تثقل كاهلها أي حزمة هذه المرة أذ حمل رايلي كل أمتعتهما.
ولم تتعب ليا خلال ساعات السير الأولى ,التي تخللتها محطات أستراحة طول الوحدة منها عشر دقائق , بسرعة كما توقعت , ثم بلغت الشمس ذروتها , وأخذت حرارتها تلفح ظهر ليا.
أقام رايلي مخيما جديدا وسط الوادي الصحراوي على جانب الطريق المتآكل الذي سارا عليه أميالهما الأخيرة , وأستلقت ليا متعبة تحت المظلة , ثم رشفت بعض الماء قبل أن تغمض عينيها.
منتديات ليلاس
أنعشتها القيلولة بعض الشيء , وقبل أن يستأنفا الالسير سأل رايلي ليا ببرودة عن صحتها, فأجابت بعدم أكتراث:
" أنني بخير".
شعرت بالتحسن مؤقتا , لكن الوهن أصابها بسرعة أكثر من الصباح , كانت أسنانها تصطك مع كل خطوة مشتها , وخيّل أليها أن محطات الأستراحة التي تمتد كل منها عشر دقائق بدأت تقصر , وشعرت بالضعف يهاجمها , ألا أنها سارت وهي تشد على أسنانها , ولم يبتعد رايلي عنها غير خطوات قليلة , وحثتها خطواته الرشيقة على متابعة السير وهي تفكر أنها تعيقه , فلولا وجودها معه لكان قطع مسافة أطول , وأدركت بأسى أن رايلي صمّم أن يحصل على المساعدة , وألا يقضي معها ساعة واحدة أكثر مما يجب.
أصطدم كاحل ليا بحجر , فوقعت على ركبتيها , وأذ بيده تمسك بذراعها لتساعدها على النهوض , فأنتزعت يدها من قبضته , وأنتصبت واقفة وهي تقول بحدة :
" أستطيع أن أقف معتمدة على نفسي".
ونفضت ليا الرمل العالق براحتيها على بنطالها , وتأملها ببرودة :
" هل أصيب كاحلك؟".
تفحصت ليا كاحلها بحذر شديد حيث أحست ألما بسيطا :
" هيا بنا , فأنه بخير".
وأعطاها رايلي العصا التي رمتها , ثم تابعا المسير.
وقبل غروب الشمس توقفا ليبيتا الليل , وأرتمت ليا على الطريق المتآكل متعبة وهي تسند رأسها على ركبتيها المنهكتين , ودفع رايلي القنينة أليها فيما تخلّص من حمله ,وأرتجفت يداها من شدة التعب ولم تستطع أن تثبت القنينة على شفتيها دون أن يضيع الماء , وأخيرا أضطر رايلي أن يضعها بنفسه على شفتيها.
أخرج رايلي قطعة لحم مقدد من الحزمة :
" لا يوجد عندنا ماء يكفي لتحضير وجبة طعام معلب".
دفعت ليا قطعة اللحم بعيدا عنها:
" لست جائعة".
وأمرها:
" هيا كليها".
فأخذتها ليا مرغمة وهي تتذمر :
" أنني منهكة للغاية".
" سأذهب لأبحث عن شيء أشعل به نارا".
مضغت ليا قطعة اللحم بتعب , وأنتهت من تناولها قبل عودة رايلي , فتمددت على الأرض الصلبة غير المستوية , ولم تفتح عينيها عندما سمعت خطوات رايلي الذي دثرها بالبطانية , كانت ليا متأكدة أن الألم في عضلاتها لن يجعلها تشعر ببرد الليل , ثم سمعت رايلي يشعل نارا , فتوقعت أنه أحضر وقودا ,وما هي ألا لحظات حتى تقززت من رائحة مادة نتنة كانت تشتعل.
وأنقلبت على ظهرها وهي تضغط على أنفها وتنظر ألى رايلي :
" ما........... ما هذا؟".
" لم أجد حطبا , لكنني عثرت على بعض روث البقر , رائحته كريهة , لكنه يشتعل , ونحن بحاجة ألى نار نتدفأ بها".
شدّت ليا البطانية فوق رأسها لتحاول التخلص من الدخان ذي الرائحة الكريهة , وأنساها التعب ما حولها حتى أنها لم تتذكر غروب الشمس , أمسكت يد بكتف ليا ,فأفاقت مرغمة وقد غشي نظرها من النوم العميق ورأت عند راأسها حذاء علته أردان سروال متسخ , وأرتفع نظرها ألى البزة المتناسقة التي غطت فخدي رايلي العضليين ووركه وخصره وكتفيه العريضتين ,ثم ألتقت عيناها بعينيه الخضراوين .

نيو فراولة 06-09-10 10:17 PM

ومع أنها رأت نور الصباح , تذمرت:
" لا يمكن أن يكون الفجر قد بزغ ".
قال رايلي بثبات دون أن يمد يدا لمساعدة :
" هيا , أنهضي ".
أحسّت ليا بتشنج في عضلات رجليها ومفاصلها , ولاحظت بعض آثار التعب على رايلي , فتعزت بعض الشيء .
وضع رايلي الحزمة على ظهره في غضون دقائق , ثم أستأنفا السير , ولم ترتخي عضلاتها المتشنجة , بل أزداد ألمها مع كل خطوة خطتها , فزاد أعتمادها المتشنجة , بل أزداد ألمها مع كل خطوة خطتها , فزاد أعتمادها على العصا أذ فاق تعبها قدرتها على العصا لتحافظ على توازنها حين كادت ركبتاها تنثنيان.
وفي محطة الأستراحة الثانية لم تجرؤ على الجلوس خشية ألا تتمكن من النهوض , وألقت بثقلها على العصا أذ فاق تعبها قدرتها على الأحتمال , ونطقت بصعوبة وبطء لا يصدقان :
" كم علينا أن نسير بعد؟".
أمسكت يدا رايلي بذراعيها , وأجلسها :
" لا أدري ".
وأعترضت ليا بعد أن جلست :
" أخشى ألا أتمكن من النهوض ".
وتمدد جسمها تلقائيا على الأرض الصلبة فيما أرتجفت عضلاتها من الأرهاق , أجاب:
" أنك بخير ".
وحبس ضيق نفسها ضحكتها :
" صحيح؟".
منتديات ليلاس
وتحرّك جفناها بثقل , ولما فتحت عينيها , رأت رايلي يجثم بقربها ويضع على شفتيها سيكارة مشتعلة , ويبتسم برقة:
" هذه أخر سيكارة لدينا , وعلينا أن نتقاسهما ".
أمسك رايلي السيكارة بينما أخذت هي نفسا طويلا من طرفها المزود بالفلتر , وكان تصرفه مناسبا لأن ليا شكّت بقدرتها على أمساك السيكارة , ونفثت الدخان بأعياء:
" أشعر كأنني رجل يحتضر ويدخن سيكارته الأخيرة".
أعطاها نفسا آخر من السيكارة :
" أستريحي ولا تتكلمي".
وفيما أحست ليا أصابع رايلي تلمس شفتيها , أستغربت أن يكونا قد تحدثا في هذه الدقائق أكثر مما تحدثا في نهار الأمس بكامله , هل بلغ التعب بهما حدا أنسهما التنافر؟
وبعد أن سحق رايلي السيكارة بحذائه في الرمل , أوقف ليا , ولم تستطع أن تمنع نفسها من الأتكاء عليه بأعياء , لكنه أبتعد عنها , وسندها بيديه لا بجسمه , وأدركت أنهما لا يحطما كل الحواجز بينهما , ووضع العصا في يدها , فألقت بثقلها عليها.
ومع أنهما سارا متمهّلين , فأن ليا بذلت جهدا كبيرا مع كل خطوة خطتها , وكادت رئتاها تنفجران من الأرهاق , ألا أن أنفاسها المتسارعة حفزتها على السير قدما.
وتوقف رايلي بعيدا عنها , ثم صاح بصوت ملأته الحماسة :
" أنظري".
وقفت ليا بجانبه تحاول التركيز بنظرها على الجهة التي حدّق نحوها , لكنها لم تر سوى أرض منبسطة مترامية الأطراف غطّاها نبات الناعمة , وأتّسع الممر الجبلي ليزيدها أمتدادا .
ولما لم تر شيئا يعطيهما قبسا من الأمل ,سألت بصوت مبحوح:
"أين؟".
ركّز بصره عل النقطة البعيدة :
" أن لم أكن مخطئا , فأنني أرى بيوتا زراعية هناك ألى اليمين قرب سفح الجبل".
ولم تستطع أن تتبين سوى مربعات سوداء , ودهشت لأنه تمكن من رؤيتها أصلا , ثم سوى رايلي أحزمة حمله المؤقت , ونظر ألى ليا :
" هيّا بنا".
غيّرا أتجاههما في الأرض المفتوحة قاصدين البيوت , وأعطى الأمل بالحصول على المساعدة في هذه المنازل ليا دفعة جديدة من النشاط , ولكنها سرعان ما تبخرت آخذة معها ما تبقى لديها من قوة وتناسق , وغدت رجلاها واهيتين كالمطّاط الطريّ , وخذلتاها فجأة , حتى أن العصا التي توكأت عليها , لم تسندها و ووسط حالة من الأغماء أحست ليا بيدي رايلي ترفعانها , فتنهدت :
" لا جدوى , فأنا لا أقدر أن أسير أكثر".
قال بثقة :
" بلى تقدرين ".
أوقفها واضعا ذراعيها حول عنقه وعلى كتفيه فيما طوّقت ذراعه الأخرى خصرها , ثم تابعا المسيرة بين حمل ليا وجرّها , وحاولت أن تمشي لتساعده , ألا أن رجليها المنهكتين خذلتاها , وأفاقت ثانية على رايلي يرفعها على ذراعيه بينما أتكأ رأسها على كتفه , وأحست أنها أشبه بدمية من القماش , وأن رأسها يدور في حالة من الذهول والأعياء , وشعرت في غيبوبتها بالأجهاد الذي أصاب عضلات رايلي نتيجة حمله لجسمها الثقيل , فطلبت منه:
" أتركني يا رايلي".
رفض بدون تحفظ:
"كلا , لن أتركك ".
لكن موجات الوهن أنتابتها وشلّت قدرتها على الأعتراض , فضاعت عن رشدها , وكادت تنسى الذراعين اللتين حملتاها أثناء السير.

نيو فراولة 06-09-10 10:38 PM


وأخيرا أنفتحت عيناها لدى سماعها نباح كلب حاد , ونظرت ألى كتف رايلي , ثم أدارت رأسها قليلا لتتمكن من التطلع ألى الأمام , وثقلت خطوات رايلي بسبب الكلب الضخم الذي أعترض طريقهما , ووقف خلفهما بيت أبيض من الغبار المتراكم عليه , وأسدلت على نوافذه ستائر فيما نشر في ساحته بعض الغسيل.
وأنغلق باب الشريط المنخلي الموضوع على بوابة البيت بعنف , وسمع صياح أمرأة تنادي:
" لايدي تعال ألى هنا".
توقف الكلب عن النباح , ثم تراجع ألى البوابة و وخرجت المرأة من دائرة الظل وهي تقي عينيها من بريق الشمس فيما تعلقت طفلة برجليها , وقالت بمودة ولطف:
" من أنتما؟".
وقف رايلي على بعد بضعة أقدام من البوابة والكلب , ثم قال بهدوء:
" تحطمت طائرتنا في الجبال قبل أحد عشر يوما , وزوجتي تحتاج بعض الماء والراحة , هل نستطيع الدخول؟".
هتفت المرأة :
" أجل , أجل".
منتديات ليلاس
ثم صفقت للكلب وأمرته أن يذهب , وقالت:
" أبلغنا أنا وزوجي بالحادث , لكننا لم نعرف أن الطائرة تحطمت في مكان قريب من هنا , تفضلا , تفضلا بالدخول.
لم تسمع ليا معظم كلمات المرأة أذ كان قلبها لا يزال يخفق لعباراة رايلي( زوجتي) , تأملت بوله , عينيه الخضراء اللون ووجهه القذر المتعب والطافح بالقوة واليأس , هل عنى ما قال أم أن كلامه مجرد مجاز؟
فتحت المرأة الباب فيما ظلت الطفلة متعلقة برجليها:
" هل أنتما مصابان ؟ هل أستدعي الطبيب أم سيارة الأسعاف؟".
" كلا , أنه مجرد أرهاق من السير الطويل".
ووقف رايلي داخل الباب :
" أين يمكن أن تستريح؟".
أدخلتهما المرأة ألى حجرة الجلوس :
" توجد في حجرة الجلوس أريكة , تفضلا من هنا , سأحضر بعض الماء".
وأسرعت بالخروج من الغرفة , ولحقتها الطفلة كظلها.
ألقى رايلي ليا على الأريكة بهدوء , ثم كوم بضع وسادات تحت رأسها :
" هل أنت مرتاحة؟".
أبتسمت بشحوب:
" لا أعرف شيئا مريحا كهذا .... رايلي........".
لم تكن قد أنهت جملتها عندما عادت المرأة وهي تحمل أبريق ماء وبعض الأكواب على الصينية.
رشفت ليا الماء بنهم من الكوب الموضوع على شفتيها , ثم عادت فأستلقت على الوسائد بعد أن أستردت شيئا من قوتها.
تخلصت المرأة من الطفلة المتعلقة برجليها , ثم أنحنت نحوها :
" أذهبي ألى حظيرة المواشي يا ماري , وقولي لوالدك أن يحضر بسرعة".
ثم أستدارت نحو رايلي الذي كان يصب كوب ماء لنفسه:
" هل يمكنني أن أحضر لكما شيئا آخر ؟ أي شراب أو طعام؟".
نهض عن الأريكة:
" أرجو أن ترشديني أولا ألى الهاتف لأخبر السلطات ثم أحضري لنا بعض القهوة السوداء أذا سمحت".
تجاوزت ماري رايلي بحياء , ثم أندفعت خارجا , وأغلقت باب الشريط المنخلي فيما ركضت نحو والدها .
" الهاتف في المطبخ , وأنا أعد بعض القهوة".
نظر رايلي ألى ليا المستلقية على الأريكة:
"ستتعافين , وسأتركك بضع دقائق".
فطمأنته برقة وقد غمرها دفء الحنان الملتمع في عينيه الخضراوين :
" أنا بخير".
ولما خرج رايلي والمرأة من الغرفة , أسترخت ليا فوق الوسائد ,وبدا غريبا أن تعيش تحت سقف وبين أربعة جدران بعد أن ظللتها السماء والهواء الطلق ,الليلة ستستحم في الماء الساخن , وستلبس ملابس نظيفة وتنام على فراش وثير , أنها ستفعل كل ذلك.
أسرعت المرأة ألى غرفة الجلوس وقد تألقت البسمة على ثغرها ,وفجأة بدا وجهها في غاية الجمال بسبب الكلف الذي أكتسبته من شمس الصحراء , وقالت:
" هذه هي قهوتك , أنها سوداء وحلوة وساخنة كما طلبها زوجك , لقد أوصى بأن تشربيها كلها".
جلست ليا مستعينة بالوسائد , وفيما أمسكت كوب القهوة بيديها , أكسب الخجل وجهها بعض اللون :
" رايلي ليس زوجي".
كم تمنت لو تقدر أن تقول عكس ذلك , وفوجئت المرأة , لكنها ضحكت لتخفي أرتباكها:
" أعتقدت........ أعتقد أنني أفترضت من دون تفكير أنكما متزوجان , آسفة".
وأصرت ليا وهي ترشف القهوة وتسترد بعض قوتها:
" لا داعي للأعتذار".

نيو فراولة 07-09-10 12:23 AM

أضافت المرأة وهي تقدم نفها ألى ليا:
" أسمي تينا أدواردز".
أجابت ليا:
" ليا تالبوت".
" لا بد أنكما مرتما بمحنة".
محنة؟ كيف يمكنها أن تشرح للمرأة أنها لم تكن محنة رغم صدمة الحادث والأيام التي أصابتها فيها الحمى والهذيان نتيجة ألتهاب جرحها , لم تقدر ليا أن تصف الوقت الذي قضته مع رايلي بأنه محنة , فلقد عاشا حياة رعوية بدائية تتسم بالرضى والطمأنينة , وأجابت وهي تختار كلماتها بعناية:
" لم تكن في الحقيقة قاسية ألى هذا الحد".
وأضافت في سرها أن اليوم والبارحة كانا أسوأ أيام المحنة حين أبتعد رايلي عنها.
أومأت المرأة برأسها :
" أستطيع أن أتصور أن السير في هذا الحر الشديد مسافة قصيرة يكفي لأرهاق الأنسان".
وأقفل الباب بعنف , ثم هرولت الطفلة ألى داخل الغرفة لتقف بجانب أمها وتتطلع ألى ليا , وسمع وقع أقدام أخرى ثم صوت رجل غريب يتحدث ألى رايلي ,وقالت المرأة :
" هذا هو زوجي , مايك كان يعالج أحد الأحصنة في الحظيرة".
رشفت ليا مزيدا من القهوة ونبّه السكر والكافيين أعصابها ,ثم رفعت نظرها عندما دخل رايلي الغرفة بصحبة رجل أقصر منه قامة يلبس نظارة شمسية ويضع على رأسه قبعة من القش يلبس مثلها رعاة البقر.
أرتسمت حول عيني رايلي وفمه أمارات الأرهاق الشديد ,فأستغربت كيف أنه لا يزال متماسكا , وقال رايلي بصوت متعب كوجهه:
" تطوّع السيد أدواردز لأيصالنا ألى تونوبا حيث تستقبلنا أسرتك التي أبلغت أنك ما زلت حيّة ومعافاة".
وسألت :
" هل سنغادر الآن؟".
منتديات ليلاس
" فور أنتهائك من رشف القهوة".
رفعت ليا الكوب ألى فمها وهي تخفي تنهيدة ندم , لقد منّت نفسها بالأنفراد برايلي بعض الوقت , لكنه بدا وكأنه يتحاشى أي فرصة للأختلاء بها , وأفتقرت في معارضة خططه ألى المنطق , لكنها ستتحدث أليع فيما بعد , ولن تدعه يوقفها عن الكلام , ثم رشفت ما تبقى من القهوة , وقالت:
" أنا مستعدة".
ولما أنحنى رايلي ليرفعها بين ذراعيه , هزت رأسها :
" ما زلت أترنح قليلا , لكني أظن أنني قادرة على السير".
وأطبقت أصابعه على كوعها ليساعدها على الوقوف , قترنّحت ثليلا , ثم توازنت , بيد أن رايلي لم يرخ قبضته , وكانت لمسته باردة وجافة وهو يقودها ألى الباب .
وعندما توقف أمام الباب , أبتسمت ليا:
" أشكرك يا سيدة أدوادرز على كل شيء".
ودع بعضهم بعضا قبل الأنطلاق ألى السيارة حيث جلست ليا في المقعد الخلفي لكي تتمكن من التمدد والأسترخاء كما قال رايلي, كانت متعبة ( فأستراحت) و ألا أن أفكارها ظلت مشوشة تتجه نحو الرجل الجالس أمامها , ولم تستطع التركيز على التفكير بترحيب أهلها بها عند وصولها .
وعلى بعد بضعة كيلومترات من البيت أصل الطريق الزراعي بشارع فرعي يؤدي ألى الطريق العام , وأسرع مايك أدواردز بحيث لم يمكن رؤية أعمدة الهاتف والكهرباء بوضوح و ومع ذلك , مرّت ساعة أو أكثر قليلا قبل أن يصلوا ألى ضواحي تونوبا.
وتوقفوا أمام مبنى ضم مكتب مدير الشرطة , وأستقامت ليا في مقعدها وهي تتأوه من الألم في عضلاتها , وأطبقت أصابعها على مسكة الباب , ألا أن رايلي كان قد ترجّل من السيارة وفتح لها الباب , وشدّت يده على كوعها ليساعدها على الترجل من السيارة والوقوف بثبات على الرصيف , لكنها قاومته عندما حاول أن يقودها نحو البناية , عندما تفحصت عيناه الخضراوان ليا , تكلمت بصوت خفيض كي لا يسمعها مايك أدواردز:
" رايلي , أرجوك , يجب أن نتحدث".
أمال رأسها الأسود , وقد تعمّد الغباء :
" نتحدث؟ عمّ تريدين أن نتحدث؟".
بلعت ريقها بصعوبة :
" عن أنفسنا ".
أجاب بخيلاء وهدوء:
" ليا , لا أرى.........".
وقاطعه صوت رنان مألوف لليا هاتفا:
" ليا , ليا".
أستدارت قليلا نحو مصدر الصوت , فعلت ثغرها أبتسامة سعادة عارمة أذ رأت شابا طويلا نحيلا رملي الشعر يندفع نحوها وصرخت :
" لوني".

نيو فراولة 07-09-10 12:42 AM

وأختنق صوتها من فرط السعادة وهي تنادي شقيقها , فصرخت ثانية:
" لوني".
وتقدمت منه خطوة , ورأت خلفه عن بعيد والدها وقد أرتدى بزة السلاح الجوي الزرقاء ويجلس بجانب والدتها , ثم طوقت خصرها يدا لوني الذي رفعها معانقا , وقبل أن يتأكد من صحة ما يرى خبأ رأسه في شعرها الذي لونته الشمس وهو يردد:
" أنك ما زلت بخير , أنك ما زلت بخير , أليس كذلك؟".
أجابت ليا مبتهجة :
" أجل , أجل, أنني بخير".
وأخيرا أوقفها على الأرض ليحدق أليها , وأمتلأت عيناه البنيتان بالدموع كالنساء , وقال بلهجة عززت الرباط المتين بينهما :
"أيتها الطفلة الحمقاء , ما الذي فعلته؟".
أنفجرت باكية :
" كنت قادمة لأفاجئك في عيد ميلادك".
" ليا يا حبيبتي".
ولدى سماع لوني صوت أمه , التي بكت من شدة فرحها , أرخى قبضته عن شقيقته لتتمكن من رؤية والديهما .
وما لبثت والدتها أن ضمتها , فطوقت ليا والدتها بذراعيها وهي تشعر بالفرح والطمأنينة يغمرانها , وكررت أمها هامسة :
" يا حبيبتي , يا حبيبتي , قلقنا عليك كثيرا حتى حسبوك في عداد الموتى , كنا.......".
" أنا بخير يا أماه".
منتديات ليلاس
وأفلتت ليا أحدى يديها لتلف خصر والدها الذي أنتصب بجانبها وهو لا يستطيع التعبير عن سعادته ونشوته ,ومرغت وجهها بأزرار بزته فيما راح يربت شعرها بيده:
" لقد خفنا عليك كثيرا يا بنيتي".
همست ليا:
" أعرف يا أبي".
ردّت رأسها ألى الوراء لتنظر وجهه , فلمحت في عينيه أشراقة حب عظيم لم يسبق التعبير عن بالكلام , وبعد أن مسحت والدة ليا الدموع من عينيها , حاولت أن تمسح دموع أبنتها.
" يا ألهي , كيف أصبحت؟ أكاد أقول أن هذا طيفك يا ليا , فثيابك ممزقة ولا بد أن وزنك قد نقص بضعة كيلوغرامات , وأنت تبدين سمراء كالهنود ".
أبتعدت ليا عن والديها لتنظر خلفها بجنون , لم تجد رايلي قرب السيارة حيث تركته , فتملكها الخوف , ثم لمحته على مقربة من مدخل البناية , ولحقت به بعد أن تحررت من عناق والديها متجاهلة أرتباكهما.
" رايلي".
وأسرعت نحوه وهي تنادي ثانية:
" رايلي".
ولاحظت أنقباض عضلات كتفيه وهو يتردد ثم يقف, وأستدار في مكانه مرغما وقد بدت عليه علامات الأنزعاج , وأدركت رغبته بأن يتسلل بدون أن يلاحظه أحد فيما أجتمع شمل الأسرة , وصاحت :
" لا تتركني يا رايلي .....".
وحاولت أن تخفي كبرياءها :
" أود أن تتعرف على أسرتي".
أجتاز رايلي المسافة التي تفصله عنهم بخطوات عريضة تنم رغبة شديدة في أنهاء هذا الوضع , لا بد أن ملامح هذا التمثال الجامد قد قدّت من صوان , وأن عينيه لا تعكسان أحاسيس البشر , لقد بدا نبيلا ومتعجرفا وخاليا من الشعور , وخشيتليا أن تصير حجرا مثله أن هي لمسته , فعرّفته بأسرتها سريعا , فيما تجمد قلبها أمام بسمته المهذبة ومجاملته الجافة , وقالت بتشنج:
" هذا هو رايلي سميث الذي تقاسمت معه أجرة الطائرة".
وأضافت بأرتباك وعصبية:
" لولاه لما كنت هنا".
ثم تبادلوا معه بضع مجاملات قبل أن يتراجع معتذرا :
" تشرفت بمعرفتكم جميعا , ولكن . أرجو أن تعذروني لأن لدي عملا أنجزه , خصوصا أنكم ترغبون بالأنفراد بأبنتكم".

نيو فراولة 07-09-10 12:52 AM

وعندما هم بالأنصراف , أمسكته ليا بذراعه :
"ألى أين تذهب؟".
تطلّع رايلي ألى يدها الممسكة بذراعه , ثم حوّل نظره ألى وجهها الممتقع :
" ألى مكتب مدير الشرطة لأقدم له تقريرا عن تحطم الطائرة".
لم ترد أن يغيب عنها مخافة أن لا تراه ثانية:
" يجب أن أذهب معك".
أصر على رفضه :
"أنني واثق من قدرتي على أجابة كل الأسئلة , وأذا أراد مدير الشرطة أن يتأكد من روايتي , يمكنه أن يسألك , يجب أن تأخذي قسطك من الراحة , فأنت الآن متعبة للغاية ولا تملكين القدرة على التفكير السليم".
فهمت ليا معنى كلامه....... لقد خيّل أليها أنها تحبه , فعضت على شفتها السفلى لتخفي أرتعاها , وألحّت والغصة تخنق كلماتها :
" لا أدري".
منتديات ليلاس
وطوّقت خصره بذراعها ثم علقت به وهي تدفع رأسها في صدره لتسمع خفقات قلبه وتتأكد أنه لم يصنع من حجر , وطرحت كبرياءها جانبا وهمست بصوت لا يكاد يسمعه سواه:
" متى يمكنني أن أراك؟".
أرتعشت يداه فوق كتفها في لحظة أنفعال , ثم أنزلهما بثبات ليمسك بذراعيها ويدفعها بعيدا عنه , ودمعت عيناها وهي ترى قسوته عليها وعدم أكتراثه بها , وأمتعضت حين قال لها وهو يتصنع الأبتسام:
" أذهبي مع والديك يا ليا , وتناولي بعض الطعام , ثم نامي قليلا , وسنتعشى ذات يوم معا , ونسخر من محنتنا".
وتردد قليلا وهو يلتفت ألى والديها قبل أن يفلتها ويمضي في سبيله , وراقبته يبتعد عنا بسهولة جعلتها تحس ألما شديدا تمنت معه لو أنها ماتت , ثم أستعادت توازنها , وأستدارت نحو أفراد أسرتها ناظرة أولا ألى لوني.
دقق شقيقها النظر ألى قميص رايلي الذي لم تفصله عن جسمها أي ملابس داخلية , وألتقت عيناه بعينيها قبل أن يحولا أبصارهما ألى والدهما , وتابعت نظراته الفاحصة رايلي وهو يدخل البناية.
عرفت ليا أفكارهم , لقد أتضح لهم الآن أن أبنتهما أمضت أحد عشر يوما في صحبة رجل غريب , وحيدين , فلعلهم يتساءلون.....
وطوّقت ذراع لوني كتغيها , ثم شدها أليه:
" لنذهب ها ألى الفندق حيث تستحم ".
وأبتسم لوالديه وهو يتأمل عيني والده:
" بعد ذلك يمكننا أن نتناول الطعام خصوصا أنني مدين لليا بعشاء عيد ميلادي".

نيو فراولة 07-09-10 01:04 AM

10 المواجهة الأخيرة

دفعت يد شعرها خلف أذنها برقة , ثم أستقرت على وجنتها بلطف , وسمعت صوت رجل :
" أفيقي يا ليا".
تحركت جفونها دون أن تنفتح فيما مرغت وجنتها بيد الرجل ,وهمست مبتسمة :
" هل قلت لك أنني أحبك؟".
رد ساخرا:
"لم تقولي ذلك أخيرا ".
" أحبك يا رايلي سميث".
" أفيقي يا ليا , أنك تحلمين".
فتحت عينيها مذهولة , ومع شدة أرتباكها أدركت أنها لم تكن نائمة بين ذراعي رايلي , فقد رقدت في السرير وأسندت رأسها ألى مخدة بدل أن تسنده ألى كتف رايلي , ووقف شقيقها لوني بجانب السرير عاقدا جبينه بينما كانت يداه في جيبه , وخجلت عندما أكتشفت أنها ظنت خطأ شقيقها رايلي سميث , وتوقعت الأستنتاج الذي طلع به لوني من عبارتها , ثم أنقلبت على ظهرها وقد أدارت رأسها نحو النافذة والستائر الكثيفة المسدلة عليها لتمنع دخول الشمس , وقالت وهي تتجاهل ما أفصحت عنه:
" حان وقت العشاء".
منتديات ليلاس
قال ببعض المرارة:
" العشاء؟ نمت حواي ست وثلاثين ساعة".
" حقا؟".
وحاولت ليا الجلوس , لكنها تذكرت أنها لم تكن ترتدي ملابس , فشدت ذراعها على الغطاء قبل أن تجلس, وخيل أليها أنه لم تمر غير ساعات قليلة على طلب أمها أليها أن تستريح بعد أن تستحم وعبثت بشعرها بعصبية:
" كان من المفترض أن تذهب أمي لتشتري لي بعض الملابس".
أومأ برأسه سريعا ألى الكرس\:
" ها هي الملابس على الكرسي , أما الآن , فسأذهب ألى الغرفة المجاورة حيث يجلس والدي فيما ترتدين ملابسك".
ثم وقف عند الباب قابضا على مسكته وهو يتردد :
" ليا......".
أجل".
هز رأسه بعصبية:
"لا عليك , سألتقي بك هناك".

dalia cool 07-09-10 12:05 PM

مرسي كتيررررر

نيو فراولة 07-09-10 01:51 PM

تمنت ليا لو طرح عليها السؤال الأكثر ألحاحا في ذهنه لأنه كان بذلك سيخفف من التوتر المفاجىء الذي برز بينهما , وحاولت أن تبدو مرحة منشرحة الأسارير كما يرغب والداها في رؤيتها أثناء الفطور , غير أنها عاشت فترات صمت وكآبة وهي تفكر برايلي ومكانه وعمله وأحتمال لقائهما.
وبعض ذلك يعود ألى الحديث الذي جرى في جناح والديها اللذين رغبا في تلقي وصف دقيق عن حادث الطائرة وعما فعلت خلال الأحد عشر يوما التي تلت الحادث.
كان طبيعيا أن لا تروي ليا الأحداث دون أن تركز على الدور العظيم الذي لعبه رايلي في أنقاذها , وكلما كررت أسمه , فكرت به أكثر , وما كان عليها ألا أن تغمض عينيها لترى صورته المرتسمة في ذهنها وتتذكر كيف نامت بين ذراعيه , وقال والدها:
" ربما كان علينا أن نصطحبك ألى الطبيب بعد الظهر".
أجابت بغضب قبل أن تحمر خجلا وندامة أمام نظرة شقيقها الموبخة:
"لماذا؟".
عبس والدها وهو يحدق النظر أليها :
" لنتأكد أن جرحك قد شفي بطريقة سليمة وأن لا خطر من ألتهابات".
ولم تتذكر ليا أن تلمس الضمادة على ذراعها اليسرى ألا قبل بضع دقائق من أطلاعها والديها على ما أصابها من حمى , وهمست:
" أنه بخير , ولا سبب لزيارة الطبيب".
منتديات ليلاس
وأبتعدت عن نافذة الغرفة فيما ضحكت أمها دون أن تنتبه للتشنج الذي أصاب أبنتها :
" صحيح يا حبيبتي؟ لا يمكنني ألا أن أدهش لعدم أصابتك بألتهابات في رئتيك نتيجة البرد القارس في هذه المنطقة".
ذعرت ليا مع أن أمها لم تبد ملاحظتها لتكتشف نوع العلاقة التي شدتها ألى رايلي , وأدركت ليا أنها حاذرت التعليق بشيء قد يكشف عن مشاعرها , وشعرت بالذنب دون سبب سوى قلة صراحتها هي التي تعودت ألا تخفي شيئا عن والديها , ثم رفعت ذقنها تعبيرا عن التحدي :
" السبب يا أمي بسيط , فأنا ورايلي نمنا جنبا ألى جنب طلبا للدفء".
ثم ساد الصمت للحظة شحنت بالترقب وقالت ليا وهي تمد يدها بعصبية ألى علبة السجائر الموضوعة على طاولة الزينة :
" لم أقصد ما فهمتم , فرايلي لم يجامعني".
ترددت أمها وهي تبحث عن الكلمات المناسبة:
"ليا......... بصدق أقول لك أننا لم نفكر بمثل هذه الأمور".
أطبقت ليا شفتيها , وأشعلت السيكارة :
" أعرف , ولكن...........".
أكمل والدها الجملة وهو يضع يديه خلف ظهره وينظر من النافذة:
"ولكن , هذا ما تفكرين أنت به".
" أنا أحبه , يا أبي".
" آه فهمت ولكن , ما هو شعور السيد سمسث؟".
" لست أدري , ولكن , هو ...... أنه ....... أنه لم يأت , أليس كذلك؟".
" كلا".
ثم سألتها أمها بلطف:
" هل متأكدة مما تقولين ؟ ربما كان شعورك هو العرفان بالجميل , فكل تسعة مرضى من أصل عشرة يقعون في حب أطبائهم".
هزت ليا رأسها الذي لونته الشمس وضحكت بحزن:
" كلا , ليس ما أشعر أتجاه رايلي عرفانا بالجميل".
أستدار والدها عن النافذة وقد نفذت نظرته الثاقبة أليها , وقال بغضب:
" أنك بالكاد تعرفين الرجل يا ليا".
" لا أوافق على هذا الرأي , فأنا ورايلي عشنا في الصحراء مدة أحد عش يوما بمفردنا في ظروف قاسية تظهر أي أنسان على حقيقته ".
أصبح الحديث عن رايلي مزعجا لأن ليا لم تعرف كم تستطيع أن تحافظ على رباطة جأشها خصوصا أن الشكوك في مدى حبه لها قد بدأت تتضح وتظهر.
ثم مررت يدها على خصر ثوبها القطني الصيفي :
" أذا سمحتم , سأعود ألى غرفتي وأستريح قليلا".
ولم تفاجأ أذ لم يحاول والداها أحتجازها فترة أطول , وتوقعت أن يناقشوا الأمر فيما بينهم , خصوصا أنه تبين لهم أن أبنتهم وقعت في حب رجل غريب عنهم كليا.
أتكأت ليا على باب الغرفة الذي أوصدته وراءها , وحاولت تقويم الوضع بمنظارها ,ولكن , سرعان ما قطع قرع الباب حبل أفكارها ,وسألت بعصبية لأنها أرادت البقاء وحدها:
"من هناك؟".
" أنا لوني , هل يمكنني الدخول ؟".
" بالطبع".
ورفعت مزلاج الباب لتفتحه وهي تتنهد , ودخل لوني , ورمقها بنظرة تتفحص تعابير وجهها المضطرب , وسألت بعدم أكتراث:
" ماذا تريد؟".
" أعطتني الشركة أجازة أثناء غيابك , وبما أنك عدت علي أن أستأنف العمل , أما والدي فقد أعد الترتيبات لسفركم أنتم الثلاثة ألى لاس فيغاس , ومن هناك ينطلق بمفرده ألى الأسكا حيث تلتحق به والدتي بعد بضعة أسابيع".

نيو فراولة 07-09-10 05:01 PM

لم تعلق ليا أذ أحست أن شقيقها يرمي أن يتحدث عن موضوع لم تعرفه , ثم أضاف بتبسطه المعتاد:
" الحقيقة أن الصحف أسهبت في الحديث عن رايلي سميث صديقك وحبيبك , فهو معروف جدا في ميدان أختصاصه".
أجابت ليا وهي تنظر ألى يديها وقد عقدتهما أمام وجهها , وألى أصابعها التي تحركت بعصبية :
" ليس رايلي سميث صديقي وحبيبي".
سأل لوني وهو يريد التأكد من حبها له:
" ولكن , ألا تريدين أن يكون كذلك؟".
ردت ليا وهي تضحك بمرارة :
" أحبه يا لوني , أحبه أكثر مما تحب أي أمرأة رجلا , وهذا يريحني".
" لماذا تقوليني هذا؟".
مشت بعصبية ألى مرآة طاولة الزينة حيث وقفت لتنظر ألى طيف أخيها الشديد الأنتباه:
" لأنه قال تقريبا الشيء نفسه الذي قاله والدي , ولكن بطريقة مختلفة , لقد قال أن الوقت الذي قضيناه معا سيبدو كحلم بعد عودتنا ألى المدينة , وهو يقصد بذلك أنني سأنساه بعد أن أرجع ألى أهلي والعالم الحقيقي".
علق لوني :
" لكنك لم تفعلي ".
منتديات ليلاس
" كلا , لوني , هل تعرف أين يقيم؟".
" تريدين الذهاب أليه , أليس كذلك؟".
أومأت برأسها أيجابا , وأضاف:
" لا أعرف أين يقيم ,ولكن ليس من الصعب العثور عليه في مدينة بحجم تونوبا , دعيني أولا أجري بعض المخابرات والأتصالات الهاتفية".
ولما عرف لوني أين يقيم رايلي , طلبت ليا منه أن يأخذها ألى الفندق الذي نزل فيه لأنها قررت القيام بمحاولة أخيرة لرؤيته قبل أن تقتنع بعدم حبه لها.
عندما ترجلا من السيارة وأنطلقا ألى مدخل الفندق , قالت ليا لشقيقها:
" لا داعي لأن تصطحبني يا لوني".
فشبك ذراعيهما وقال مبتسما :
" لم يكن هنا عندما أتصلت به , ولعله لم يعد , سأذهب معك وأرى".
فرفعت ذقنها بتصميم :
" أذا لم يكن رايلي موجودا فسأنتظره حتى يعود , لن أغادر قبل أن أراه".
ثم طلب أليها لوني أن تنتظر عند مدخل الفندق حتى يذهب ويسأل عنه ,وبعد بضع دقائق عاد ليمسك بكوعها ويقودها عبر ممر تحيط به غرف عديدة :
" تعالي".
" هل هو هنا؟ أبزر لوني مفتاحا :
" كلا , ولكن بأمكانك أن تنتظريه في الغرفة".
" كيف حصلت على هذا؟".
" رشوت الشخص المناسب لأنه ليس بأمكاني السماح لشقيقتي بأنتظار رجل في قاعة الأنتظار في فندق".
ثم شد على يدها فيما أغرورقت عيناها بالدموع وأشتدت الغصة في حلقها حتى أستحال عليها أن تشكره , ونظر لوني ألى الأرقام المطبوعة على أبواب الغرفة , ثم فتح بابا وهو يقول:
" هذه هي غرفته , أتمنى لك حظا سعيدا , أذا لم يقتنع بكلامك أتصلي بي وسأحضر للتحدث أليه ".
عانقته ليا وهي تهمس:
" ماذا يمكنني أن أفعل بدونك ؟".
" يمكنك أن تفعلي كل شيء بدوني , ولكن أذا كنت تحبين هذا الرجل قدر ما تقولين فلا يمكنك أن تفعلي شيئا بدونه , أسعي كل قدرتك للحصول عليه".
بقيت ليا وحدها في الغرفة بعد أن غاب لوني .لم تكن في الغرفة ساعة , ولم تعرف كم عليها أن تنتظر عودة رايلي , وخيل أليها أن ساعات وساعات مرت فيما أخذت تتهادى من السرير ألى الكرسي الوحيد ألى النافذة وألى السرير , وفكرت بمناظرات عدة ألقتها على نفسها تكرارا.
ألا أنها نسيت كل ما فكرت به عندما سمعت مفتاحا في قفل الباب , وفيما فتح رايلي الباب تجمدت بجانب الكرسي , فلم يرها وهو يغلق الباب ويلقي بزته على السرير مما أعطاها ثواني لتتأمل ملامحه المتعبة.
وبينما كان يفك أزرار قميصه العليا لمحها ,فتوقف عن عمله وحدّق أليها , لقد تأملت ليا أن تفاجئه وتتمكن بالتالي من مشاهدة علامة فرح في وجهه لدى رؤيته لها ألا أن ظنها خاب.

نيو فراولة 07-09-10 05:23 PM

" ماذا تفعلين هنا يا ليا؟".
جف حلقها , وأحست أن آمالها تحطمت فجأة , لكنها بللت شفتيها :
" جئت أراك وأتحدث معك , لقد أنتظرتك ساعات , فأين كنت؟".
تنفس رايلي عميقا:
" كان علي أن أرى مدير الشرطة مكان الحادث , وأنتظرت حتى أنتشلوا جثة غرادي من تحت الحطام , ثم عدت للأتصال بأسرته ووضع الترتيبات لأرسال جثمانه ألى لاس فيغاس لأجراء مراسم الدفن , وأعتقد أن أحد رجال الشرطة قام بأيصال أمتعتك".
تجنبت ليا أي حديث عن تعاطفها مع أسرة غرادي وحزنها لوفاته لأنها لم ترد أعطاء رايلي فرصة لتجنب الموضوع الذي أتت من أجله , وقالت:
" كان بأمكانك أن تحضر أنت أمتعتي , فلماذا لم تفعل؟".
أجاب بصراحة متناهية وهو يمرر يده بتعب على خده وذقنه :
" لا أريد أن أراك , وأريد أن تصغي ألي و فأنا متعب وأشعر بالحر الشديد , وأحتاج ألى حمام وقليل من النوم , لماذا لا تقولين ما جئت لقوله وتخرجين ؟".
أجابت ليت بدهشة :
" أحبك يا رايلي".
تمتم بغضب:
" يا ألهي , لقد تحدثنا في هذا الموضوع من قبل".
منتديات ليلاس
أبتسمت ليا بحزن :
"وسبق أن أعربت عن أعتقادك بأن شعوري نحوك سيخبو فور عودتي ألى أهلي والعالم الحقيقي ,لكن أنظر حولك يا رايلي لترى أنك مظلل بسقف ومحاط بجدران وتعيش في غرفة تجري فيها المياه الباردة والساخنة وتحيط بها طريق عامة تسلكها السيارات والشاحنات , هذا كله من صنع الأنسان لا الآرانب والحيات , ولكننا بقينا كما نحن , وبقيت أحبك فوق ما أحببت أي أنسان لشعوري بالفراغ وأنا لا أستيقظ بين ذراعيك".
لفهما صمت غريب فيما ألتقت نظراتهما , وبدا وجهه الأنيق الخالي من التعبير أشبه بقناع لوحته شمس الصحراء وريحها , ثم أستدار فجأة ليتجه بسرعة ألى الطاولة ليصب بعض الثلج والماء في كوب بلاستيك وهو يتمتم :
" أنت لا تعرفين ماذا تقولين ".
تبعته ليا فيما حاولت خلع معطفها :
" قلت لك ذات مرة يا رايلي أنك أذا تركتني سأتبعك , وأنا أعني ما أقول يا رايلي , فأذا لم ترد أن تبقيني معك كزوجة ,سأبقى معك بأي شكل".
" هل.....؟".
لم يكمل رايلي جملته فيما أستدار نحوها ليرى ما تفعل ويصرخ :
" ماذا تفعلين؟".
ثم دفع بالكوب ألى الطاولة , فأنصب بعض الماء على جوانبه , وأندفع بسرعة البرق ألى السرير لينتزع غطاءه ويلفها به ,وقابلت ليا نظرته المتقدة غضبا وهي تعيد كلمات أسمعها أياها ذات مرة:
" الجسم العاري جزء من الطبيعة , لماذا أخجل أن تراني بلا ملابس مرة ثانية؟".
أجاب رايلي هو يشد الغطاء حولها :
" الأوضاع تختلف الآن".
" ما هو وجه الأختلاف؟".
أجاب بصوت مفعم بالرغبة:
" لأنني أفكر كرجل أبيض لا كرجل هندي".
علقت ليا على عبارته بسؤال:
" أنت تريدني أذن؟".
فعانقها بحرارة .......ثم همس:
" أنك تحتاجين مزيدا من الوقت".
" الوقت لن يغير من مقدار حبي لك ومقدار رغبتي في الحصول عليك".
" كيف أشرح لك الوضع ؟ ليا , أنا أن صادقتك لن أسمح لك بالأبتعاد عني لأنني أحبك ألى حد يجعلني ألزمك بالبقاء معي سواء شئت أم لم تشائي , وأنا أعرف أنك تحبيني ".
ضحكت من فرط سعادتها العارمة:
" يا حبيبي يا رايلي , أنا لست مريضة تقع في هوى طبيبها , أنما أمرأة تقع في هوى رجل تحبه ولا تريد أن تبتعد عنه".
وفيما شدد قبضته عليها سألته لتحاول أن تعرف أذا كان يقول لها الحقيقة:
" أن كنت تحبني و فلماذا لم رد أن تراني؟".
" لعلمي , أنه لو تكررت لقاءاتنا لما أستطعت أن أمنع نفسي من معاشرتك وأنت لا تعرفين كم أتعذب لأنني لم أمتلكك وأنا أحبك كل هذا الحب".
ثم أرخى قبضته عنها وأمسك بوجها يتأمله فيما همس :
" أرجوك أرتدي ثوبك حتى نذهب ألى والديك ونضع ترتيبات العرس ".
تلألأت في عينيها دموع ماسية فيما همست وقد غمرتها السعادة :
" هل تريد أن تتزوجني ؟".
نظر رايلي في عينيها ثم قال وهو يعانقها:
"سأتزوجك قبل أن تصبحي صديقتي وخليلتي".





تمت

dalia cool 07-09-10 07:16 PM

مرسي كتير امل يعطيكي العافية كتير حلوة

Rehana 08-09-10 02:43 AM

يعطيك العافية

http://www.dreamdoodles.net/thanks%20flowers.gif

فجر الكون 08-09-10 08:49 PM

رواية جميلة,,,,
شكـراُ

زهورحسين 08-09-10 09:10 PM

:flowers2:ميرسي كتير كلك ذوق:flowers2:

شاهد 10-09-10 05:21 PM

روعة مشككككككككككككككككككككككككككوووووووووووووووووووورة

elyess 15-09-10 01:15 PM

kalimate jamila hiya akale ma yokale ly anaha by monetaha rawe3a

بنوتهـ عسل 15-09-10 02:23 PM

رووووعه كثيييير ،،

الله يعطيك العافية حبيبتي ،،

:flowers2:

نجمة33 15-09-10 08:29 PM

يعطيك
الف عافية
شكر ااا

ساكنه 02-12-10 12:05 PM

وااااااو:7_5_129:بجد مشكوووووورة كنت اتمنى اقراها:flowers2: تسلم الايادي الجميلة والاختار الموفق :flowers2:

ساكنه 02-12-10 01:07 PM

لكم كل الشكر والتقدير الى نيوفرولة والىالجميع ودمتم لي في قلبي سكنة:55::55::55::55::55:

ساكنه 02-12-10 02:04 PM

مشكوووووووورة ويعطيكي الف عافية ودمتي ليسكنة:mo2:

ساكنه 02-12-10 04:34 PM

الف شكر:flowers2: بجد الرواية جدا رااااااااائعة وتجنن:dancingmonkeyff8: وتسلم الايادي الناعمة:55: ودمتي لي والمنتدى في قلبي سكنة:Welcome Pills4:

ام سلمي 13-12-10 06:51 PM

السلام عليكم يااحلى نيو فراولة شكرا لكي على هذه الروية الرائعة ابحث عنها من زمن

الجبل الاخضر 25-12-10 12:10 PM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :flowers2:تسلمين وشكرالك على الروايه الروعه :flowers2:وعلى مجهودك :flowers2:وننتظر جديدك:7_5_129:

chima 01-03-11 12:05 AM

الروايه حلوة كتير
:8_4_134::liilas:

عالم خيالي 01-03-11 01:03 AM

يسلموووو على هالروايه

lily12 02-03-11 01:06 AM

جميلة جدا جداااااااااااااااااااا

لحن الحيااة 07-03-11 03:01 PM

شكررررررررررررررررررررررررررررررررررررا

قماري طيبة 08-03-11 08:04 PM

رواية قمة في الروعة سلمت يداك عليها...بارك الله فيك ورحم الله والديك يعطيك ألف عافية

زهرة منسية 10-03-11 10:58 PM

:55::55::55::55::55::55::Thanx::Thanx::Thanx::Thanx::Thanx:

kwaii 20-03-11 03:19 PM

يعطيك العافية

أموووله 20-03-11 11:47 PM

شكرررررررررررررررررررا ع القصة الله يعطيك العافيه

نجلاء عبد الوهاب 03-04-11 12:00 AM

:flowers2:

ندى ندى 21-11-11 12:57 AM

رائعه وجميله جدا

دورونا 14-04-13 08:15 PM

رد: 72- زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
انا بحب جدا الروايات التى تدور احداثها فى مجهول...............بجد رواية جميلة

ام عبيده 21-04-13 03:27 AM

رد: 72- زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
تسلميلي يارب شاكره تعبج ف كتابة الروايه

قماري طيبة 04-01-14 12:53 AM

رد: 72- زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
رواية جدااا جميلة سلمت يداك عليها

العنكبوتة الحمراء 05-02-14 02:42 PM

رد: 72- زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
يسلمووووووووووو

جنى وكرمه 17-02-14 02:35 AM

رد: 72- زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
روايه راااااااااااااائعه متميزه جدا ومختلفه مشكورررررررره على الاختيار الرائع و الذوق الراقى :55: :0041:

جودي جاد 08-06-14 10:18 AM

رد: 72- زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
روايه روووووووووووووووووعه

كيلوبتراء 20-01-15 01:45 PM

رد: 72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:8_4_134: رواية حلوة :8_4_134:

نوارالعرب 12-03-15 06:16 PM

[E][/COLOR][/لا أريد أن يبلل المطر الضمادة , وكما تعرفين , فأن هواء الصحراء والجبل ي المعطف الواسع, سألت من دون تفكير :
"معطف من هذا؟".
" أنه معطف غرادي".
فشحب وجه ليا , وفجأة لم تشعر بالراحة نفسها , فأخذت تفك أزرار المعطف , وهمست بحنق:
" بأمكانك أن ترتديه أنت".
أجابها بصوت ثابت فيما دقق النظر ألى وجهها:
ط كلا! فأنه في أي حال لن يعترض يا آنسة تالبوت".
ثارت حميتها لدى سماعها عبارته الوقحة وصاحت:
" كيف يمكنك أن تكون عديم الأحساس والشعور هكذا؟".
رد رايلي سميث بهدوء:
" أنها الحقيقة مهما كانت قاسية".
وأنتقلت أليه عدوى غضبها من دون أن تؤثر على رباطة جأـشه حين قال:
" لا يمكننا أن نفعل أي شيء من أجل غرادي , همنا الأول محصور في أنفسنا , فعلينا أن نستعمل كل ما نجده لنتمكن من البقاء على قيد الحياة هذه الليلة".
كبح منطقه الصائب أنفعالها , فعادت تزرر المعطف ثانية وهي تصرخ بقليل من التمرد:
" بأمكانك أن تشعل نارا لتدفئنا وتجفف ملابسنا".[/COLOR][/SIZE][/FONT]
قال بجفاء وهو يذكرها:
" أن السماء تمطر".
ثم رفعت شعرها الكستنائي عن جبهتها وهي تقول بعصبية:
" حسنا , ليس هذا صعبا عليك لأنك هندي في بعض أصلك".
ورمقته بنظرة فاحصة وهي تعض بأسنانها على شفتها السفلى ندما , لقد كان قولها جارحا ينم عن تعصب , ولم تقصد أن يفهمه هذه الطريقة أبدا , فقد أغاظها برباطة جأشه وجعلها لا تفكر عندما أجابته بهذه الكلمات.
وأنحنى ليلتقط المربع الأحمر المطوي , وهو يقول بصوت سمعت فيه رنة تهكم:
" بأمكاني أن أشعل نارا تحت المطر أذا تمكنت من العثور على بعض الحطب الجاف , وبأمكاننا أن نؤجج النار بعد بضع ساعات , ولو أننا لم نستسلم للتعب والسخرية , لكان بأمكاننا الأستمتاع بها آنذاك".
ونظرت ليا ألى الأرض وهي تتنفس بعمق لتصعد زفرة بطيئة وهي تعتذر:
" آسفة , فأنا لم أفكر أننا لا نستطيع أن نجلس ألا تحت المطر , ألا نستطيع أن نبيت في الطائرة ؟".
كان أحد جوانب المربع الأحمر , الذي أحدث صليلا عاليا عندما طرحه رايلي أرضا , يشبه الألومنيوم , أما طلاء ذلك الجانب الفضي , فتلألأ تحت ضوء المصباح , وعلق رايلي:
" سيشكل معدن الطائرة مسرى للبرق مما يجعله خطيرا للغاية , وفي أعالي الجبل بعض بقايا منجم مهجور , يمكن أن يدفعها المطر فتسد الباب مع الصباح ,ولا شك أننا سنبرد ونبتل هنا , ألا أن الطائرة لن تكون أكث حرارة , وفي أي حال , فأننا لن نحبس هنا تحت الأنقاض".
كان من المفروض أن تستسلم ليا لسداد منطقة مجددا , ألا أنها شعرت بالأبتلال والبرد المتزايد ,وبدأت أسنانها تصطك وأخذت ذراعها تيبس فتؤلمها.
ونظرت أليه نظرة مليئة بالتعب وهي تسأله :
" وماذا سنصنع؟".
حان الوقت ليقترح حلا , أذ كانت أفكارها خاطئة :
"قفي"

" ثم أمسك كوعها بيده ليساعدها على الوقوف , ووقفت ليا وهي تنظر بريبة ألى خطوته التالية , وكانت تلتف ببطانية أرتفعت بعض أجزائها فوق رأسها في شكل نصف قبعة.[/QUOTE]

نوارالعرب 12-03-15 06:17 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى ندى (المشاركة 2933334)
رائعه وجميله جدا

القصه وايدددددحلوه

نوارالعرب 12-03-15 06:18 PM

القصه جدا راااااائعه

خلود طرحها مؤزن 18-03-15 09:21 PM

روايه جميله وممتعه شكرا

درة مضيئة 05-04-15 12:54 AM

رد: 72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
مشكووووووورة

انا مغربية 10-04-15 12:54 AM

رد: 72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يسلموا على المغامرة الحلوة

سهير سهير 02-06-15 10:40 PM

رد: 72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
كل واحد فينا بدنيا ثانيه ولكن منتدي ليلاس بيجمعنا :103gi: ما نقدر ان نسمعها من منتدي ليلاس بل نقدر ان نشعر ونحس بها لانها شيء طبيعي موجود في صفات المنتدي

كبرياء شجن 20-11-15 01:27 PM

رد: 72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
ياااا لروعتها .....كنت في حلم جميل واستيقظت منه عند كلمو ( تمت )

يسلموووووووو كثيراااا من الاعمااااااق
:::::::::::::

صمت السسكون 28-11-15 02:32 AM

رد: 72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
جمييلةة تسلمي ع الرواايةة 👍

عبودي حسام 29-11-15 07:53 PM

رد: 72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
روايه جميله شكرا لجهود


الساعة الآن 01:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية