منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   13 _ عيناك بصري _ جانيت ديلي _ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t145620.html)

اماريج 20-07-10 04:00 AM

13 _ عيناك بصري _ جانيت ديلي _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://iraqchooseslife.com/pic/welcome/21.gif


مرحباااااااااااااااا:flowers2:
اليوم راح انزلكم رواية حلوة من روايات عبير القديمة بتمنى انو تنال رضاكم ياحلوين
:lol:

للامانة الرواية منقولة

اسم الرواية :عيناك بصري

الكاتبة :جانيت ديلي

:liilase:
قراءة ممتعة للجميع


اماريج 20-07-10 04:01 AM

عيناك بصري
الملخص
*******************
قالت سابرينا :احبه بجنون ولكني اكرهه بشدة ,هل يجتمع الحب مع الكراهية ؟
بقدر تباعد الحب عن الكراهية ربما فصل بينهما خيط رفيع .
وعلى سابرينا ان تحتكم الى العقل ........بدلا من بناء الامال الكبيرة .......ولكن هل يمكن الاستماع الى صوت العقل عندما يتورط القلب.؟
منتدى ليلاس
وتساءلت سابرينا :هل هي الشفقة التي تدفعه الى مصاحبتها ؟ام انه فعلا احب "مليكته العمياء"
*****************


اماريج 20-07-10 04:39 AM

1_اللقاء الاول
***************
راح طائر النورس يطلق صرخة مذعورة في عنان السماء واخذت الريح تعصف فوق المحيط الهادي فتندفع المياه كالدوامات تلتف حول الزوارق الراسية في ميناء اليخوت على خليج سان فرانسيسكو. وفي الافق تناهى رنين القطار الكهربائي يتحرك نحو قمة شارع هايد.

واقبلت سيارة كونتينتال زرقاء اللون يقودها سائقها بسرعة نحو موقف السيارات امام الميناء, وكان السائق سيدة في منتصف الثلاثينات من عمرها ذات جمال اخاذ وشعر احمر, اوقفت السيارة بين الخطوط البيضاء وبينما هي تضع يدها على مقبض الباب القت بنظراتها على الفتاة الصامته التي كانت تقبع الى جوارها وقالت لها:
" البرد قارس في الخارج يا سبرينا ومن المستحسن ان تنتظري في السيارة حتى اعرف اذا كان ابوك عاد من البحر".

وكانت العبارة التي قالتها السيدة ذات الشعر الاحمر مجرد افادة وليست اقتراحا وفتحت سابرينا فمها لتحتج فقد سئمت ان تعامل معاملة العاجز المريض.
وشعرت بنفاذ بصيرتها ان ديبورا لا تأبه كثيرا لصحبتها قدر اهتمامها بقضاء بعض الوقت وحدها مع والدها.
" كما ترين ديبورا".
منتدى ليلاس
قالت سابرينا مستسلمة ولكن بتذمر وراحت تقبض راحتها بشدة على مقبض عصاها.
اللحظات الصامتة التي تلت ذهاب ديبورا اثارت اعصاب سابرينا الثائرة.
كان يكفيها ان تتحمل اغلال قيودها الجسدية بدون حاجة الى احتمال وضع صديقة ابيها بغض النظر عن اي اعتبار اخر.

صديقة ابيها! وقلبت سابرينا شفتيها في استياء وهي تردد هذه العبارة كانت هناك صديقات كثيرات لابيها منذ وفاة امها وكانت سابرينا انا ذاك في السابعة لكن ديبورا موسلي لم تكن مجرد امرأة اخرى ولولا الحادث الذي اصيبت به سابرينا منذ ثمانية اشهر لكانت ديبورا الزوجة الجديدة لأبيها.

وقبيل الحادث كانت سابرينا تجد الامر شيئا رهيبا كلما فكرت في ان اباها قد عثر على واحدة يود الزواج منها.
ولم تكن ديبورا موسلي من اختيار سابرينا صحيح انها تحبها ولكن ما يهمها هو ان يكون اباها سعيدا.

كانت سبرينا تتمتع باستقلال تام قبل وقوع الحادث اذ خصصت لنفسها مكانا وهو عبارة عن مسكن صغير جدا كان ملكا لها وحدها وكانت لها وظيفة تمكنها من ان تعيل نفسها اما الان...وصرخت الكلمة ممتزجة بنحيب يائس.
وسيطول بها الزمن قبل ان تذكر شيئا من احلامها مرة اخرى.



اماريج 20-07-10 04:41 AM

وسألت نفسها بهدوء وهي تنتحب :
" لماذا اختارني انا دون بقية الناس؟"

ثم اردفت تسأل بصوت ملؤه الشفقة على نفسها :
" ماذا فعلت حتى استحق كل هذا؟ لماذا اختارني انا بالذات؟"

واعتصر الالم حلقها اذ لم تجد جوابا على سؤلها خاصة بعد ان وقع الضرر ولا سبيل الى اصلاحه او تعويضه كما صرح بذلك اخصائي تلو الاخر لها ولابيها وستظل عاجزة بقية حياتها ولن تكون هناك وسيلة لتغيير الوضع سوى حدوث معجزة.

وبدأت الثورة والغضب تسريان في عروقها. هل قدر لها ان تجلس الى الابد في السيارات وان تقبع في البيت تاركة الاخرين يقررون مصيرها؟
منتدى ليلاس
وخطرت لها فكرة مقززة للنفس وفكرت سابرينا في ان ديبورا تحدوها الرغبة في ان تنفرد بأبيها, ليس من منطق الرغبة في الاستمتاع بلحظات رومانسية معه وانما كجزء من خطة تدبرها لاقناعه بارسالها بعيدا الى بيت للتأهيل.بيت للتأهيل! الكلمة دائما تشعرها بأن ديبورا مجرمة وقالت سابرينا يائسة:
" اضرع اليك يا ربي ان لا تدع ابي ينصت اليها. لا اريد الذهاب الى ذلك المكان. وبالتأكيد توجد مدرسة اخرى."

كانت تشعر بالالم يعتصر قلبها فقد اعتادت دائما ان تتمتع بالاكتفاء الذاتي والان تعتمد على الاشخاص الاخرين. لعل ديبورا في هذه اللحظة بالذات تحاول اقناع اباها بارسالها الى مدرسة اخرى.الان يتقرر مصيرها وهي جالسة في السيارة بدون ان تشارك بدورها في المناقشة, وانما تدع شخصا اخر يتدخل ليدبر شؤونها.

تذكرت سابرينا كم من الاف المرات سارت من موقف السيارات الى المرفأ حيث يرسو زورق والدها ولم تكن المسافة بينهما كبيرة ورأت انه لا يوجد اي سبب يحول بينها وبين اجتياز هذه المسافة اذا ما تمسكت بالهدوء وتمهلت في سيرها.

وبأصابع الفنان الطويلة شدت تنورتها المخططة وثبتت الياقة المطوية ومرت بيدها الناعمة سريعا فوق شعرها لتتأكد من ان خصلاته البنية مثبتة في العقد المعقوصة فوق رأسها.



اماريج 20-07-10 04:42 AM

وشهقت سابرينا شهقة عميقة لتقمع الاضطراب المرتعش الذي سرى في اوصالها وفتحت باب السيارة وخرجت الى الرصيف ثم اغلقت الباب وراءها وامسكت عصاها بحزم وتحركت في بطء نحو سور الميناء وشعرت بالخوف عبر عمودها الفقري فشاع الرعب في قلبها وهي تخوض رحلتها الصغيرة.

وكان نجاح محاولتها الاولى للخلروج من السيارة مشجعا لها على الاسراع في خطواتها بلا وعي لكن قدمها تعثرت فوق حاجز الموقف الحجري ولم تستطع ان تستعيد اتزانها وافلتت العصا من قبضتها وانزلقت بوجهها على الرصيف.

اختفت روح الاثارة للتو وارتعدت خوفا وبحثت باصابعها المرتجفة عن العصا لكنها كانت بعيدة عن متناول قبضتها, وفيما عدا الصدمة التي المت بمشاعرها فلم تحس بأي الم. صحيح انها لم تصب بأي ضرر ولكن كيف تستطيع ان تتلمس سبيلها الى المرفأ دون عصا؟
" اللعنة...اللعنة"

راحت سابرينا تلعن حماقتها على محاولتها الفاشلة. لو ان اباها وجدها في هذه الصورة فذلك وحده كاف ليقنعه باقتراح ديبورا ويؤكد ان سابرينا في حاجة الى مزيد من التدريب بمعونة احد الاخصائيين.

وحينما رفعت جذعها مستندة الى احد مرفقيها حاولت ان تكبح جماح الفزع المتزايد ولذا رأت ان تفكر بروية في الخروج من هذا المأزق الذي تورطت فيه.
" هل انت بخير؟"

تناهى اليها صوت رجل يهمس عارضا عليها مساعدته ورفعت سابرينا رأسها في اتجاه الصوت فقد توردت وجنتاها بحمرة الارتباك ازاء رجل غريب يجدها في وضع كله مذلة وتضطر الى ان تطلب منه المساعدة. لكنها تطلعت اليه في كبرياء وقالت بسرعة:
" انا لم اصب بضرر!"

ثم اردفت تقول وهي غاضبة:
" عصاي....هل يمكنك ان تناولني اياها؟"
فقال بصوت اختفت منه نبرة المرح:
" بالطبع"
منتدى ليلاس
وفي اللحظة التي استرد فيها العصا مدت سابرينا يدها لتتناولها منه ورفضا لتحمل مذلة شفقة بكلمة شكرا لك حتى, الا انها شعرت بخيبة امل حينما ظلت يدها الممدودة خاوية فتوهجت وجنتاها.
وبغتة انسلت يدان قويتان لتستقر تحت ابطيها وترفعا جسمها لتقف على قدميها.

حدث كل هذا قبل انتطلق زفرة اعتراض ولمست اناملها بشرة ساعديه الصلبة وحملت النسمة التي تهب من مياه المحيط رائحة العطر الذي يستعمله بعد الحلاقة ممزوجا برائحة رجولته المفعمة بالحيوية.

كانت سابرينا طويلة القامة تبلغ خمسة اقدام وسبع بوصات تقريبا ولكن انفاسه الدافئة جعلتها تدرك انه اطول منها بست بوصات على الاقل.
وكانت عصاها المثبته فوق ذراعه تنقر ساقها نقرا خفيفا فاطبقت بأصابعها عليها ورفعتها من فوق ذراعه وقالت له:
" من فضلك دعني ارحل"

فقال الرجل بسخرية رقيقة:
" لم يتصدع شئ فيك سوى كبريائك. اليس كذلك؟"

وحررها من قبضته فابتسمت سابرينا في سخرية ورغم انها اعتادت التحديق في الاخرين لم تستطع ان تتطلع الى وجه هذا الرجل الماثل امامها حتى لا ترى نظرة الشفقة في عينيه فأدارت رأسها وتمتمت بامتعاض وهي تخطو خطوة مترددة الى الوراء:
" شكرا لمعونتك "



اماريج 20-07-10 04:43 AM

وانتظرت لحظات لا متناهية وهي تطمع في ان يستأنف الرجل طريقه الى حيث يريد ولكنها استطاعت ان تشعر بعينيه مسلطتين على ظهرها وشعرت انه يتمهل قليلا ليتأكد انها لم تصب بأي اذى من تعثرها وخشيت ان يضطر الرجل الى ان يقدم اليها المزيد من المساعدة لذلك اتخذت قرارها ان تسير بجرأه. فجأه دوى صوت سيارة مصحوبا بأصوات فراملها

فأشاع ذلك الشلل في جسمها وتسمرت مكانها لا تحرك ساكنا....وسرعان ما احاطت وسطها ذراع صلبة جذبتها بشدة الى الوراء وسألها الرجل بصوت فقد نبرته الرقيقة:
" هل تحاولين الانتحار؟ الم تشاهدي السيارة مقبلة؟"

فقالت سبرينا بمرارة :
" كيف يمكنني ذلك؟"
صمتت ثم قالت وهي لا تستطيع الفكاك من الذراع الحديدية:
" عمياء"

عندئذ سمعت وشعرت بزفرة سريعة تنطلق من صدره قبل ان يديرها نحوه ويصبح ساعداها سجينين بين قبضتيه .
كانت عينيه تحترقان فوق وجهها حين امسك ذقنها يرفعها عاليا وادركت سابرينا ان عينيها الضريرتين تتجهان الى وجهه.

" بالله عليك لماذا لم تقولي هذا من قبل؟"
وكان صوته الغاضب مشوبا بلسعه وحشية لم تتوقعها واستطرد يقول :
" لماذا لا تستخدمين عصا بيضاء؟"

وشعرت بلذعة تساؤله فأجابت بنفس نبرة صوته:
" لماذا يفترض الناس ان اسير بعصا بيضاء؟ لماذا يتوقع الجميع ان اضع نظارة سوداء على عيني؟ هل المفروض ان اتجول بعلبة صغيرة من الصفيح واصرخ قائلة معونة للعمياء. ولاني عمياء لماذا اختلف عن الاخرين؟ ولماذا اكون في منأى عنهم؟ انني اكره حالتي عندما يشير الاباء الي ويطلبون من اطفالهم ان يدعوا العمياء تتقدمهم.عصاي ليست بيضاء لانني لا اريد ان اتمتع بأية امتيازات خاصة او اي شفقة."

قال الغريب بتجهم:
" ان مقتك للعصا البيضاء كاد ان يضيع حياتك, ولوان سائق السيارة شاهد العصا البيضاء في يدك لاحتاط اكثروابطأ السير ليتيح لك فرصة للعبور او ربما اطلق زموره تحذيرا لك ولكنك ترفضين امساك عصا بيضاء ارضاء لكبريائك الحمقاء, انت لن تعيشي طويلا ما عليك الى ان تداومي على التعرض للسيارات وسوف تصرعك احداها ان عاجلا او اجلا."
منتدى ليلاس
فأجابت سابرينا بصوت مختنق:
" ليس من الصعب ادراك سر كبريائي . من يفقد بصره يدرك معنى الاهانة في التصريح بالامر."
فقال الرجل معنفا:
" من الواضح انك ترفضين شفقة الاخرين وتتعثرين في بركة من الشفقة من صنع يدك."
" يالك من متعجرف!"

ولم تتم سابرينا عبارتها اذ قدرت يدها بدقة المسافة والارتفاع قبل ان تهوي بها على وجنة الرجل لتصفعه صفعة مدوية لكن مسار يدها لم يكتمل حين شعرت بيد لاسعة تلمس وجنتيها توبيخا وتأنيبا وكانت صدمة لم تتوقعها تفاقمت عشر مرات في اعماق نفسها فهمست همسة غاضبه:
" كيف تجرؤ على ان تصفع شخصا اعمى؟"

فقال ساخرا :
" ظننتك لا ترغبين في التمتع بامتيازات خاصة اليس كذلك؟ او انك تحللين الامور كما يحلو لك؟ قرري واختاري بين اللين والرفق أو العنف والشده."

ولهثت سابرينا بحده وقد وقعت في شراك كلماتها فقالت:
" انت شخص لا يمكن احتمالك"
وحين التقطت انفاسها تحولت عنه ولكن انامله كانت غائرة في كتفها فتوقفت فقال لها:
" ليس بهذه السرعة أنت اسوأ من طفل يحبو"

ثم تمتم وقد عيل صبره :
" هل تسمعين صوت اي سيارات قادمه؟ هل تعرفين اين انت ذاهبه؟وهل عرفت اتجاهك بالضبط؟ "
وسألته سابرينا قائلة:
" دعني وحدي ارجوك فمسؤولية سلامتي من شأني وحدي."
" اسف....."



اماريج 20-07-10 04:45 AM

لم يكن في نبرة صوته الاجش ما ينبئ بالاعتذار واردف يقول:
"ولكنه سواء شئت ام ابيت ارى من واجبي ان تبلغي هدفك بسلام. اذهبي وسوف اسير ورائك."

وشعرت سابرينا به يهز كتفيه استهجانا وودت من اعماقها ان تصرخ لتريح نفسها لكن تصرفه الصارم اشعرها بأن صرختها ليست سوى تبديد لطاقتها وفكرت في اللحظة التي سيراها ابوها مع هذا الرجل الى جوارها

وكل انواع الاسئلة التي سينهال بها عليها والقصة المحرجة التي سترويها عندئذ استدارت في الاتجاه الذي قدمت منه ثم قالت بخشونة:
" لا حاجة الى ان تجهد نفسك سأعود الى السيارة "
" وتقومين بقيادتها...على ما اعتقد!"

وعادت نغمة السخرية الى صوته الخفيض ورأت سابرينا ان تتجاهل سخريته وتملكها الارتباك والغضب وحاولت ان تسير وتتجاوز هذا الغريب..لكنه تحرك سريعا ليسد عليها الطريق وسألها برقة:
" اية سياره؟"
" الكونتيننتال الزرقاء التي تقف ورائك في الصف الثاني"
منتدى ليلاس
" ليس هذا هو المكان الذي توجهت اليه حين رأيتك اول مرة"
وكزت على اسنانها ثم قالت بمرارة :
" كنت انوي السير على رصيف المرفأ لألقي والدي وديبورا حيث انك تصر على مصاحبتي فأنني افضل ان انتظرهما في السيارة"

فسألها:
" وهل ابحرا وحدهما وتركاك وحدك في السيارة؟"
وبدا ان نبرة صوته كانت تشير الى ان اباها وديبورا كانا مجحفيين بحقها فبادرت سابرينا تقول:
" لا, ابي ابحر وحده اما ديبورا وانا فقد جئنا لنعود به انها الان تقف في مكان ما على الرصيف. وكنت ذاهبة لاتبين سبب تأخرها"

فسألها:
" هل ديبورا اختك؟"
تنهدت وقد نفذ صبرها:
" يبدو انك مصر على التدخل في شؤوني الشخصية. ديبورا سوف تصبح امي الجديدة, اذا كان الامر يهمك!"

واطبقت يده على مرفقها وقادت قبضته الحازمة قدميها في الاتجاه الذي تعرف سابرينا انه موقف السيارات.
وبعد عدة خطوات ارتطم طرف العصا بالسيارة.



اماريج 20-07-10 04:46 AM

وسألها الرجل:
" ما نوع لباس البحر الذي يرتديه ابوك؟ سأذهب لاكتشف سبب تأخره"
ورفضت عرضه وقالت باقتضاب :
" لا...اشكرك ذهابك اليه سيقنعه باني بحاجة الى مرافق دائم."

وبدا السخط في صوتها ثم اردفت تقول:
"اذا وعدتك بانني لن اغادر السيارة فهل ترحل عني وتتركني وحدي؟"

فقال لها الرجل:
" للاسف لم يعد بالامكان اخفاء لقائنا عن ابيك"
فتجهمت سابرينا وسألته:
" ماذا تعني؟"

" هل ديبورا ذات شعر احمر اللون"
" اجل"
" حسنا هناك رجل يسير باتجاه ابواب الميناء والى جواره تسير سيدة ذات شعر احمر انه ينظر الينا بوجه غاضب وقلق"
قالت وهي تتوسل اليه:
" ارجوك...انصرف قبل ان يصل الينا"
منتدى ليلاس
" لقد شاهدني معك لو كنت في مكان ابيك لراودني الشك اذا رأيت رجلا غريبا يتحدث الى ابنتي وينصرف فجأة عند قدومي من الافضل ان امكث معك"
" لا.."

وهمست سابرينا متوسلة الا ان كلمات التوسل لم تعد تجدي اذ دوت صلصلة ابواب سور الميناء وهي تفتح وتغلق فقال لها الرجل:
" كفاك ارتباك وكأنني تقدمت اليك بعرض غير مهذب"

وكان صوته الخفيض مختلطا بابتسامة دافئة وهو يتمتع بقلقها الواضح للعيان وحاولت بذكاء اخفاء ارتباكها بابتسامة رسمتها على شفتيها وسمعت صوت ابيها يرحب بها قائلا:
" سابرينا"
وشعرت بخفوت في نبرة صوته الذي اعتادت ان تسمعه مفعما بالدفء وهو ينادي اسمها. واردف يقول:
" هل ضقت ذرعا بالانتظار؟"

وانتابها توتر عصبي وبذلت جهدا للاحتفاض بابتسامتها الباهتة فهي تدرك تماما معنى نظرته الفاحصة فاستجمعت شجاعتها وقالت:
" اهلا بك يا ابي .هل استمتعت برحلة بحرية طيبه؟"
وضحك ابوها وسألها:
" وماذا ايضا؟"



اماريج 20-07-10 04:47 AM

واحست سابرينا ان اباها يتسائل عن الرجل الذي يقف الى جوارها. وشغلها التفكير العميق في العثور على وسيلة للتخلص من الرجل الغريب حتى تعذر عليها ان تجد حجة واحدة تفسر بها وجوده الى جوارها وافلت منها زمام الموقف حين تحدث الرجل الغريب قائلا :
" لابد انك والد سابرينا كانت لتوها تسألني اذا رأيت سفينتك ليدي سابرينا وهي تلقي بمرساها على الرصيف. انا املك سفينة شراعية دام فورشن. اسمي باي كاميرون."

فقال ابوها وقد تلاشى الحذر من صوته:
" وانا اسمي غرانت لين"
وكانت سبرينا تمسك بلا وعي انفاسها خلال الحوار الدائر بين ابيها والغريب. وبعد انتهائه اطلقت زفرة صامتة. الان عرفت ان الغريب يدعى باي كاميرون.

وكانت واثقة انه لا يوجد زورق يحمل اسم ليدي سابرينا لكن الرجل اختلق هذا الاسم عندما ذكر ابوها اسمها وقدم عذرا معقولا ليبرر حديثه معها.
ولمس ابوها كتفها بيده فحولت وجهها اليه وعلى شفتيها ابتسامة رقيقة.
سألها مداعبا:
" هل كنت قلقة علي؟"
منتدى ليلاس
ضحكت وقالت:
" ابدا يا ابي لن اقلق على بحار قديم مثلك فأنت افضل بحار رأته عيني"
" حسنا"
واحست بكلمات التأييد تتعثر على شفتيه وتمنت لو كانت التزمت الصمت فلم تكن تريد ان تذكره بالساعات السعيدة التي امضتها معه في نزهاتهم البحرية بهذه المنطقة نفسها قبل ان تفقد نعمة البصر.

وقطع باي كاميرون الصمت وقال:
" دائما تقلق النساء عندما يكون الرجال في البحر"
وقالت ديبورا بصوت خفيض:
" انها طبيعتهن ولا اظن ان الرجال يحبون رؤيتهن بغير هذه الصورة"

وافق الاب على كلامها:
" تماما يا ديبورا دعني يا سيد كاميرون اقدم لك خطيبتي ديبورا موسلي"



اماريج 20-07-10 04:48 AM

قال باي كاميرون:
" يسرني لقائك يا انسة موسلي وسامحوني لاني استبقيتكم طويلا. انني واثق من ان لديكم مشاغل."

فقال السيد لين وصوته يتسم بنبرة العرفان الصادق:
" شكرا لصحبتك لابنتي سابرينا"
واضافت سابرينا تقول:
" وانا ايضا مقدرو لك يا سيد كاميرون اهتمامك بامري"

فقال السيد كاميرون:
" اجل..اعرف"
وكانت سابرينا تعلم ان فقدان بصرها يجعل سمعها اكثر حدة. لذا ادركت رنة السخرية في كلماته الذي لم تلتقطها اذان ديبورا وابيها وكان يدرك تماما على ماذا تشكره واستطرد يقول:
" ربما نلتقي مرة اخرى. استودعكم الله"

وبعد تبادل التحيات سمعت سابرينا خطواته تختفي تدريجيا وهي تبتعد الى مكان اخر من موقف السيارات وتساءلت لماذا لم يجد الامر مناسبا فيذكر لابيها لقاءهما كما حصل ربما الدافع الى ذلك هو شعوره بالشفقة عليها ولو انه لم يبدو عليه ذلك وانفتح باب السيارة وراءها فقطع سلسلة افكارها بينما كان ابوها يقودها الى المقعد الخلفي وقالت لها ديبورا بصوت زاجر بعدما جلسوا:
" ظننتك ستبقين في السيارة"

فقالت سابرينا كاذبة:
" شعرت بضيق نفس فقررت الخروج لاستنشق الهواء."
قال غرانت لي:
" خروجك اضفى بعض اللون الى وجنتيك وخير لك الاستمتاع بمزيد من هذه النزهات"
منتدى ليلاس
تساءلت سابرينا هل تتضمن عبارته تعليقا بريئا ام انها ملاحظة تنم عن موضوع اثارته معه ديبورا يتعلق بمدرسة المكفوفين الجديدة؟ لم يكن بامكانها ان تجيب على هذا السؤال فعقدت سابرينا ما بين اصابعها وقالت ديبورا:
" هذا السيد كاميرون هل التقيت به من قبل"

فاجابت سابرينا بخشونة وهي تدافع عن نفسها:
" لا...لماذا؟"
فأجابت ديبورا:
" ليست من طبيعتك ان تتحدثي الى الغرباء هذا كل ما اعنيه."

واجابت سابرينا مصححة بخشونة:
" بل انت تعنين ليس قبل ان اصبح عمياء فانا لم اشعر يوما ما بالخجل وكل ما فعلته هو انني سألت السيد كاميرون عن ابي."

وشاب الموقف لحظة صمت مطبق ولم تكن اجابتها تستدعي مثل هذا الصمت, رغبة ديبورا في اشاعة القلق وتدخلها السافر اثار اعصاب سابرينا وقطعت ديبورا الصمت لتسألها :
" هل يعد السيد كاميرون واحدا من اسرة آل كاميرون سماسرة العقارات؟"



اماريج 20-07-10 04:51 AM

فأجاب الاب:
" آل كاميرون من الاسرة التي اسست سان فرانسيسكو."

ان باي كاميرون مواطن من مواطنين سان فرانسيسكو تلك المدينة التي كانت سابرينا على اطلاع بتاريخها ولم تكن سان فرانسيسكو شيئا يذكر حتى عام 1849 الذي تم فيه اكتشاف الذهب كانت مجرد مستعمرة صغيره تطل على خليج سان فرانسيسكو ويعني اسمها العشب الطيب وكان الخليج ميناء للسفن التي ترسو بغية الانطلاق نحو ذهب كاليفورنيا.

وعثر قلة من رواد الذهب على المعدن النفيس لكن الكنز الحقيقي كان يكمن في السلع والخدمات التي اتوا بها معهم وامتلك القلة من الرجال الجزء الاكبر من الذهب الذي جلبوا معظمه من كاليفورنيا واسهموا به في انشاء مدينة سان فرانسيسكو.

وكانت اسرة كاميرون من الاسر التي اسست المدينة وهذا بالتأكيد سبب كبرياء الرجل.
تنهدت وتسائلت...ماجدوى التفكير فيه؟ فالمرء لا يلتقي بمثل هؤلاء كل يوم. ومع ذلك احبت صوته وخاصة حين كانت نبرته الخفيضة دافئة محببه وتساءلت عن حقيقة عمره.

وكانت مشكلتها انها عمياء لذلك عليها ان تعتمد على حواسها الاخرى لتحكم على الاشخاص الجدد الذين تلتقي بهم وقد نجحت في هذا المضمار وبدأت تكون فكرة عن شخصيته نتيجة المقابلة الصغيرة التي تمت بينهما.
كان طويل القامة, يزيد قليلا عن الستة اقدام وحين جذبها عن الطريق احست بمنكبيه العريضين, والبطن المسطحه, والارداف النحيلة, كما انه يتمتع بقوام فارع كما يبدو من صلابة عضلاته.

وكانت رائحة المحيط التي علقت به اكبر دليل على قيامه برحلات بحرية عديدة في زورقه الشراعي مما ينم عن حبه للبحر وكشفت له رائحته النظيفة وعطر ما بعد الحلاقة شيئا من عاداته الشخصيه.
منتدى ليلاس
وكان الغضب يقف حائلا دون ادراك روحه المرحه التي شعرت بها خاصة تحت شعار تعليقاته الساخره ويمكن قياس ذكائه من خلال اسلوب حديثه معها اما بالنسبة لعمله فانه فيما يبدو يتمتع بذكاء خارق ودهاء ماكر ولا شك في ان ثروة الاسرة امنه بين يديه هذا اذا لم يكن قد نماها.

واسندت ظهرها الى المقعد واختالت بانتصار كبير اذ حصلت على قدر كبير من المعلومات من اول لقاء بينهما ولكن لم يبقى سوى امرين لم تدركهما بعد اولهما عمره الذي تستطيع ان تقدره...فهو بين الثلاثين والخمسين وقد اعتمدت في حكمها على نضج صوته وحالته البدنية والامر الثاني الذي تود معرفته هو الوصف التفصيلي لملامحه ... لون شعره, وطبيعة عينيه.....واخيرا شعرت بالارتياح والسرور من نفسها.

ولوهلة اعتراها السكون كان هناك شيئ اخر لم تعرفه بعد...هل هو متزوج ام اعزب وهو امر لن تستطيع ان تتأكد منه حتى لو كانت مبصره هذا اذا لم يكن واحدا ممن يحتفظون بخاتم الزواج في اصابعهم ولم تستطع ان تتذكر وجود الخاتم بأصبعه ولم تأبه كثيرا ان تعرف ان كانكاميرون متزوجا ام لا. كل ما كانت تفعله هو مجرد تدريب لحواسها....وكان تدريبا مرضيا للغاية.

*******نهاية الفصل الاول*********


اماريج 20-07-10 11:24 PM

2_فنجان قهوة
***************
تذوقت سابرينا الكريم شانتيه التي علقت باصابعها ونظمت بالسكين طبقة الكريمة على سطح الكعكة.

وبغض النظر عن الكعكة التي تصنعها كان ابوها دائما يقول لها تركت بصمات اصابعها عليها. ولم تكن سابرينا دائما على ثقة من ان طبقة الكريمه تغطي الكعكة كلها وانما كانت تدع الحكم لمشاعرها واطراف اصابعها.

ووضعت سابرينا السكين على المنضدة وابعدت طبق الكعكة وابت ان تستسلم لاحساس ينبئها بوجود ثقب غائر في الكعكة يشوه زينتها.
كانت سابرينا قبل ان تفقد بصرها بسبب الحادث تتقن كل شيء على اكمل وجه اما الان فاصبح غسيل الاطباق امتحان لقدرتها ومهارتها فما بالك بطهو الطعام الذي اتقنت طهو مختلف انواعه فيما عدا طبق البيض فلم تكن تعرف سوى طريقة واحده لاعداده....طبق الاومليت لا غير ولذا اصبح اعداد وجبة الافطار من اختصاص والدها.
منتدى ليلاس
وكان يوم الاحد هو اليوم الذي تقوم فيه ديبورا باعداد الطعام كما حدث في نهاية الاسبوع الاخير. وكانت سابرينا تشعر بان مستواها في اعداد الطعام عاديا اذ ما قورنت بالمهارة التي تمتاز بها ديبورا ومع ذلك كان والدها دائما يمتدح طهوها للطعام .

كانت هناك خادمة تتردد على المنزل مرتين كل اسبوع للقيام بمهام التنظيف الدقيق اما بقية الاسبوع فكانت سابرينا تتولى العناية بالمنزل, تنظفه بالمكنسة الكهربائية المهمة التي تعودت القيام بها متمسكة باهداب الصبر.

وتعلمت سابرينا ان تتحمل الملل الرهيب الذي كبلها بعدما اصبحت عمياء وعرفت كيف تكبح جماح المرارة لان مستقبلها الفني توقف اثر الحادث.
فمنذو ان امسكت باصابعها فرشاة الالوان اصبح الفن معشوقهاومن ثم تبنى موهبتها الفنية افضل المدرسين المحيطين بها فاصبحت فنانة ناجحة وهي لم تزل في الثانية والعشرين من عمرها وبفضل ما حصلت عليه من تدريب طوال خمسة عشر سنه اتقنت رسم صور الشخصيات التي قابلتها في مطعمي مرفأ الصياد والقطة الصغيره.
منتدى ليلاس
وكانت قمة المأساه يوم حرمت من بصرها بسبب حادثة السياره... لم تعد تذكر تماما ما حدث في ذلك اليوم كل ما تذكره انها كانت تقود سيارتها عائده الى المنزل في ساعة متأخره من الليل بعد قضاء عطلة الاسبوع مع صديقة لها في ساكرامنتو وفي الطريق غلبها النعاس على عجلة القيادة فاختلت يدها وكان الحادث الاليم ونقلت الى المستشفى.

وعلى فراش المرض احست بأن العودة السريعة الى المنزل لا معنى لها بعدما امضت شهرا في المستشفى للعلاج من كسور في ضلوعها وارتجاج في المخ وكانت الحقيقة المؤلمة ان الصدمة التي اصابت رأسها دمرت الاعصاب البصرية تدميرا لا يمكن علاجه.



اماريج 20-07-10 11:26 PM

وهزت سابرينا راسها هزه حازمه علها تدفع بهذه الذكريات بعيدا عن تفكيرها فحياتها اصبحت بين يدي المستقبل وليس بالتطلع الى الماضي. في هذه اللحظة بدا المستقبل امامها فارغا مع انها لم تكن تعتقد منذ سبعة شهور خلت انها سوف تنجز ما انجزته حتى الان.

وكانت العقبة التالية التي واجهتها سابرينا هي الخروج من المنزل لشراء زجاجة شامبو من الصيدلية على بعد خمسة مبان من منزلها لانها كانت تخشى حركة المرور واجتياز اربعة تقاطعات للطريق.
واستطاعت خلال شهرين الاخيرين ان تستعيد ثقتها لمحاولة القيام بمثل هذه الرحلة بدون احد.
بينما كان كبرياؤها دائما يمنعها من القيام بهذه المحاولة خشية ان تضل طريقها.

ولكن سابرينا ارتدت ملابسها وامسكت بالعصا ابلوطية وذكرتها نعومة الخشب بذلك الغريب المتعجرف باي كاميرون الذي التقت به في ميناء اليخوت الاحد الماضي ولم تأبه به كثيرا.

خرجت سابرينا من المنزل بحرص وكان الطريق منحدرا فراحت تعد الخطوات ببطء وحرص شديد وهي تتجه للباب الامامي للمنزل المجاور.
منتدى ليلاس
ودقت سابرينا الجرس وانتظرت ان ترد عليها جارتها حيث كان ابوها حريصا على ان تبلغ اي شخص بوجهتها وميعاد عودتها سواء ابلغت ذلك جارتها بيغي كولنز التي تعرفها منذ خمس عشرة سنه او اتصلت به في مكتبه.
واجاب صوت نسائي على الرنين:
" من هناك"
" انا سابرينا. انا ذاهبة الى الصيدلية. سأعود خلال ساعة تقريبا. هل تحتاجين شيئا؟"

" هل لك ان تحجزي لي تذكرة سفر بالطائرة المتجه الى امريكا الجنوبية؟"
ضحكت سابرينا وسألت :
" هل الامر سئ الى هذا الحد؟"

فقالت بيغي:
" اتصل بي كين منذ ساعة وابلغني انه ينوي دعوة اثنين من عملائه لتناول العشاء هنا وليس في البيت اي طعام وقد نظفت الثلاجة من الثلج كما ان محتويات الخزائن متناثرة في الغرف."
فابتسمت سابرينا وقالت:
" سأعود بعد ساعة تقريبا. اخبريني هل تحتاجين الى شئ...ثلج او طعام او شراب؟"



اماريج 20-07-10 11:28 PM

فتنهدت بيغي وقالت:
" الحل الوحيد هو ان اعثر على زوج يحسن اختيار التوقيت المناسب. احترسي يا سابرينا من المرور وسوف اخبرك اذا احتجت الى شئ حين تعودين"

استأنفت سابرينا السير مرة اخرى وساعدتها روح جارتها المرحة على ان تستعيد قوة عزيمتها واصبحت الرحلة الى الصيدلية مجرد مغامرة وليست عقبة .
وارتطمت طرف عصاها بصندوق البريد وعرفت اين وصلت وعبرت الطريق وبدأت تعد خطواتها حتى لا تدخل صالون التصفيف الشعر بدلا من الصيدلية كما فعلت في المرة السابقة.
وانتابها فجأة احساس اثار الضحك في اعماقها فرفعت ياقة سترتها بطرف اصابعها وسيطرت على رغبتها بالضحك.
منتدى ليلاس
وصدق احساسها حينما سمعت صوتا اجش مألوفا لديها جاءها من خلفها:
" ارى انك لا تحملين عصا بيضاء"
واصاب اطرافها شلل مفاجئ قبل ان تستدير برأسها لتواجه صوت الرجل وقالت ببرود:
" السيد كاميرون؟ لم اتوقع رؤيتك مرة ثانية"

قال كاميرون:
" المدينة ليست كبيرة كما تبدو لك. كنت اقود سيارتي في الطريق حين رأيت فتاة وهي تسير وفي يدها عصا فانتابتني دهشة لانها لم تلقى مصرعها بعد. وتعجبت حينما عرفت ان الفتاة الصغيرة هي انت"

ثم سألها بنغمة ساخرة تعرفها تماما :
" هل تبحثين عن ابيك مرة اخرى؟"
وحولت سابرينا رأسها في الاتجاه الذي كانت تسير فيه وقالت:
" كنت في الطريق الى الصيدلية. هل كنت تقود سيارتك؟"
" اجل. تركت سيارتي في الطريق. هل تقطنين هنا؟"
" على بعد بضعة مباني. لماذا توقفت؟"

القت عليه السؤال وهي تهزرأسها, وتحدوها الرغبة في ان ترى التعبير الذي ارتسم على وجهه.
فأجاب بنعومة :
" لاطلب منك ان تتناولي فنجان من القهوة معي"
ولم تستطع ان تخفي القلق الذي شاب صوتها حين سألته:
" لماذا؟"

قال باي كاميرون ضاحكا:
" هل من الضروري ان يكون هناك سبب؟ لم لا تكون دعوة يقدمها لك صديق؟"
" انا لا ارى سببا يدعوك الى تناول القهوة....."

وصمتت قليلا واوشكت ان تقول " مع فتاة عمياء" ولكنها ختمت عبارتها بكلمة..."معي"



اماريج 20-07-10 11:30 PM

" اعتقد يا سابرينا انك لا تعانين عقدة التعذيب فقط وانما تعانين الاحساس بعقدة النقص ايضا"
ردت سابرينا:
" هذا سخف "
وتوقفت العينان البنيتان اللتان لا تبصران عن التطلع اليه وحولت وجهها الى السيارات المارة في الطريق, واطبقت اصابعه القوية على مرفقها وقال:
" حسنا..اين تودين ان تتناولي القهوة؟ انني اعرف مقهى صغيرا في المبنى التالي يمكننا الذهاب اليه"

فقالت له وهي تبدي اعتراضا واهيا:
" انني على يقين من ان زوجتك ترحب بقضاء وقت فراغك معها"
قال لها:
" اني واثق من ذلك....هذا اذا كان لي زوجة"

واعترضت سابرينا ثانية وقالت:
" سوف اشتري شيئا من الصيدلية"
فسألها:
" هل تحتاجين الى وقت طويل؟"
منتدى ليلاس
وتمنت ان يحتاج قضاء مهمتها الى وقت طويل فلم تكن راغبة في قضاء اي وقت معه لان نبرة الثقة التي احاطت بلهجته جعلتها تشعر بأنها دونه بكثير. واخيرا قالت ورأسها منكسة الى الارض:
" لا....ان الامر لا يحتاج الى وقت طويل"

فقال باي كاميرون في رقة:
" افتقادك للحماسة غير مشجع هل تفضلين ان انتظرك خارج الصيدلية؟"

فهزت سابرينا رأسها وقالت:
" لا يغير ذلك من الموقف كثيرا"
فقال:
" في هذه الحالة...سأذهب معك انني في حاجة الى شراء بعض السكاير"

وشعرت سابرينا باحتكاك ذراعه بكتفها حينما قام بفتح باب الصيدلية وقد اطلق سراح مرفقها من قبضته لتتخذ طريقها وحدها وتنفست الصعداء حينما سمعت خطوات كاميرون وهي تتجه الى قسم التبغ وبلغها صوت العاملة يسألها:
" هل هناك اي خدمة يمكن ان اقدمها لك؟"
منتدى ليلاس
وقبل ان تجيب سابرينا سمعت صوت رجل يرحب بها قائلا :
" سابرينا...بدأت اظن انك نسيت اين تقع صيدليتي, لم ارك منذ اسبوعين تقريبا"
فابتسمت سابرينا قائلة:
" اهلا...جينو"

فقال الرجل للعاملة:
" اتركيها يا ماريا وسأقوم انا بخدمتها. اذهبي لتلبية طلب الرجل الواقف عند قسم الادوية"
وبعد ان انصرفت العاملة همس جينو مارشيتي في اذن سابرينا قائلا:
" ماريا عاملة جديده وهي ابنة عم زوج شقيقة زوجتي. بدأت العمل في الصيدلية منذ اسبوع فقط ولم تتعرف بعد على زبائني"

وكانت سابرينا تعلم ان جميع العاملين بالصيدلية يمتون بالقرابة لصاحبها لكنها ادركت انما ذكره جينو كان بمثابة اعتذار مهذب اذ ان العاملة الجديدة لم تكن تعرف ان سابرينا مكفوفة."
قالت سابرينا:
" انها تتمتع بصوت جميل واني على يقين من انها ستدرك حالتي"



اماريج 20-07-10 11:32 PM

سألها الرجل:
" ماذا تحتاجين اليوم؟ قولي لي لاحضره لك سريعا."
" اريد شامبو"
وبينما ذهب جينو لاحضار ما تريد راحت تتحسس العملات الورقية الموجودة في حقيبتها وقد ميزت كل عملة بطية خاصه حتى يسهل عليها استخراج المبلغ الذي تريده.

وعندما وقف جينو امام الخزنة قال لها:
"مازالت الصورة التي رسمتها لي معلقة على الحائط والزبائن دائما يقولون لي: هذه الملامح تشبهك تماما فأقول لهم: طبعا..انها صورتي واخبرهم ان الفنانة التي رسمتها كانت تتردد على الصيدلية منذ كانت طفلة صغيره واهدت الي اللوحة بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما على افتتاح الصيدلية والكل يعتقد انها افضل هدية قدمت لي."
منتدى ليلاس
فابتسمت سابرينا وقالت:
" يسرني انها تعجبك يا جينو"
وتذكرت سابرينا كم كان سعيدا يوم قدمت له هذه اللوحة منذ حوالي لسنتين اذ نجحت في ان تبرز فيها ملامحه وكان ذلك مبعث فخر لها. اما الان فلن تعرف هذا الاحساس الخلاق مرة اخرى وانتشلها صوت جينو من افكارها وهو يقول:
" سابرينا.....انني لم اقصد"

واحست في صوت الايطالي العجوز نبرة اعتذار وتقريع للنفس وشعرت ان ملامح الاكتئاب والحزن ارتسمت على شفتيها فاستعات طبيعتها وقالت له متعمدة ان تفوت عليه لهجة الاعتذار:
" لم تكن اللوحة سوى هدية متواضعة تعبيرا عن امتناني لاصابع النعناع التي كنت تقدمها لي"

وشعرت ان شخصا يراقبها عن كثب ولم تدهش حين تكلم باي كاميرون . لان حدسها نبهها الى وجوده. سألها بهدوء :
" هل رسمت هذه اللوحة؟"
قالت:
" اجل"
فقال جينو:
" انها رائعة..اليس كذلك؟ لقد بعت لها اول اقلامها ثم الالوان المائية والطباشير الملونة وبأسلوبي البسيط ساعدتها على ان تكون فنانة فمحتني هذه اللوحة هدية منها. واعتادت ان تأتي الى الصيدلية مرة كل اسبوع واحيانا مرتين حتى ذلك اليوم الذي وقعت فيه الحادثة."

واعترت صوته نبرة سى ثم اردف يقول:
" اما الان فقلما تأتي الى هنا وفي الاسبوع الماضي شاهدتها وهي تمر بصيدليتي وتساءلت عن وجهتها ورأيتها تدخل صالون تجفيف الشعر الذي يقع الى جواري فقلت في نفسي: اوه...انها تنوي قص هذا التاج من الشعر الذي يزين قمة رأسها ولكنني تبينت انها كانت اتية الى الصيدلية فأخطأت الطريق.

وعقب باي كاميرون على كلامه بصوت ناعم:
" هل تعلم انه حين رأيتها اول مرة بدت لي هذه العقدة من الشعر البني الحريري كما لو كانت تاجا يزين رأسها "

واحست سابرينا بتورد وجنتيها فقالت بسرعة :
" اخذت من وقتك الكثير ياجينو انني اعرف انك مشغول بعملك والزبائن بانتظارك. سوف اراك في الاسبوع القادم."



اماريج 20-07-10 11:35 PM

" بالتأكيد سأراك في الاسبوع القادم يا سابرينا"
" اجل وداعا يا جينو"
واستدارت بسرعة وهي تدرك ان باي كاميرون قد افسح لها الطريق ويتتبع خطاها ولم تعتمد عليه ليقودها.
واجاب جينو دون ان يبدي دهشة لوجود هذا الغريب معها:
" وداعا يا سابرينا"

وقال لها باي كاميرون وهما يغادران الصيدلية :
" المقهى يقع على اليسار عند المنعطف:
فقالت سابرينا بخشونة:
" انني اعرف اي مقهى تقصد فقد اعتدت على ارتياده لسنوات طويلة"

وسارا جنبا بجنب على الرصيف ولم يحاول ان يقودها وتركها تسلك طريقها دون اي مساعدة وانهى باي الصمت الذي خيم عليها وقال:
" انها لوحة جميلة للغاية. هل تدربت على الرسم منذ طفولتك؟"
وابتلعت الغصة التي توقفت في حلقها واجابت في هدوء:
" تلقيت دروسا فيه. كان الرسم مستقبلي وحققت فيه نجاحا نسبيا"
منتدى ليلاس
فقال لها:
" اعتقد ذلك. كنت ممتازة في مضمارك"
فقالت بمرارة:
" كنت......"
ثم التقطت انفاسها قائلة:
" انا اسفة"

فقال مستهجنا:
"لا داعي للاعتذار لابد انها كانت ضربة قاسية مزدوجة ان يفقد الفنان بصره
ولابد انك تشعرين بظلم القدر والا ما كنت انسانة"

ومد يه ولمسها في ذراعها لمسة خفيفة ليجذب انتباهها ثم استطرد يقول:
"يمكنك الاستعانة بالدرابزين الحديدية لهبوط السلم".
وحين استقرت يدها على الدرابزين عادت يده الى جانبه وتقبل باي الالم الذي شعرت به لفقد مستقبلها كأمر طبيعي وكان في غنى عن اي تفسير ولم يردد اي من تلك الكلمات الجوفاء التي قالها البعض بأنها ستتغلب على عجزها يوما ما...تلك الكلمات التي لم يكن بمقدور سابرينا ان تصدقها في يوم من الايام.

وعند نهاية السلم تقدمها باي ليفتح باب المقهى لها وامسكها بيد حنونة وظلا مكانهما حتى قادتهما المضيفة الى مائدة صغيرة بين مقعدين طويلين مرتفعي الظهر.
ثم قال لها:
" دعيني اخذ عصاك سوف اعلقها على العمود القائم الى جوار مقعدك حتى لا تعترضي الطريق"



اماريج 20-07-10 11:37 PM

ناولته سابرينا العصا وجلست على المقعد واستقرت اناملها في عصبية فوق المائدة.
كانت فيما مضى تتجنب المطاعم العامة لانها كانت تشعر بانها مقيدة. ولمست طرف قائمة الطعام ثم ازاحتها جانبا .

كانت المضيفة قد اقبلت نحو المائدة وطلب باي فنجانين من القهوة قبل ان يوجه حديثه الى سابرينا:
" لديهم فطائر طيبة من صنع ايديهم..هل تحبين تناول واحد منها يا سابرينا."
وفي عصبية قالت بسرعة:
" لا...لا...اشكرك"

واخرج علبة السكاير وقال:
" هل ترغبين بالتدخين؟"
" لا بأس"
واقبلت المضيفة بالقهوة في اللحظة التي وضع فيها باي سيكارته المشتعلة بين اصابع سابرينا وقرب المنفضة قليلا حتى تكون في متناول يدها وسحبت نفسا عميقا من السيكاره وانتابها دهشة خفيفة حين شعرت بدفء شفتيه على السيكارة, وسألها باي:
" هل اصب لك القهوة؟"
منتدى ليلاس
وقالت سابرينا وهي تنفث الدخان من فمها ممتزجا ببعض التوتر:
" اذا سمحت....شكرا"
وساعدتها رائحة القهوة المتصاعدة في العثور على الفنجان بسهولة فأطبقت باصابع يدها حوله وخيم الصمت الذي اشاع الهدوء في نفسها, حين مقابلتها الاولى له مشوبة بغطرسته التي مازالت قائمة وهذا ما اكده لها سلوكه حين قادها الى المقهى وان كان تفهمه لها قد خفف من حدة تلك الغطرسة.

وعلى الرغم من الجدل الذي دار بينهما حول العصا البيضا الا انها احست بأنه بدا ينصاع الى رغبتها في الاستقلال وان المساعدة التي قدمها لها لم تكن
فضولية واقترن ذلك بتعليقه الواقعي على ضياع مستقبلها ودفعتها كل هذه العوامل الى ان تعيد النظر في رأيها عنه.
وبدا لها باي كاميرون رجلا غير عادي وودت لو انها التقت به قبل ان تفقد بصرها حتى تستطيع ان تقوم بدراسة ملامح وجهه.
وتنهدت سابرينا فتسائل باي كاميرون ساخرا:
" لماذا تتنهدين؟"

فقالت باستخفاف:
" لا شئ....."
فسألها:
" مجرد عادة لقطع الوقت"
" احيانا..حين لا يوجد شئ يجذب انتباهي"

ومرت سريعا باصابعها حول حافة الفنجان ثم استطردت تقول:
" واتساءل حين اكون وحيدة ماذا كنت افعل لو لم تتح لي الحياة نعمة رؤية الناس والامكان والاشياء بكل دقائقهم فاستطعت ان اختزن ثروة من المشاهد الجميلة التي اتذكرها الان"

فسألها باي بهدوء:
" اذن فأنت تؤمنين بالقدر؟"
اجابت سابرينا:
" احيانا يبدو انه التفسير الوحيد......وانت ما رأيك؟"



اماريج 20-07-10 11:40 PM

" اعتقد ان الحياة منحتنا بعض المواهب والقدرات واسلوب تعاملنا معها هو الدليل على شخصيتنا وانا احب ان اكون سيدا لقدري"
وكانت اجابته مغلفة بروحه المرحة وعقبت سابرينا على رأيه بابتسامة شاحبة:
" اشك في انك لا تبغي شيئا الا وتحقق لك"

" ربما.....وربما اكون حريصا على ما ابتغيه"
وغابت الابتسامة عن شفتيه ثم استطرد يقول:
" خبريني يا سابرينا... كم من الوقت مضى عليك منذ فقدت بصرك؟"

بدأت سابرينا تدرك ان باي كاميرون معتاد على طرق الموضوع بشكل مباشر وكان اغلب الناس الذين عرفتهم او التقت بهم يتجنبون الاشارة الى موضوع فقد بصرها ويحرصون على ان لا تتضمن احاديثهم اية كلمة تشير الى البصر لذلك تعجبت من ان صراحته لم تؤلمها.

والتقطت نفسا من السيكارة قبل ان تجيب على سؤاله:
" منذ ثمانية اشهر تقريبا"
وخالجها احساس بانه رفع حاجبيه وهو يسألها مداعبا:
" وكم يوما....وكم ساعة؟"
منتدى ليلاس
حاولت سابرينا تبدو فاترة وهي تقول له :
" توقفت عن متاعبة تحديد الزمن بعد ان ابلغني الاخصائي الرابع بانني لن ابصر مرة اخرى"
فسألها:
" ماذا حدث؟"

قالت:
" حادث اصتدام سيارة كان الوقت متأخرا من الليل وكنت اقود سيارتي عائدةمن ساكرامنتو وغلبني النعاس وانا في الطريق فاختلت عجلة القيادة في يدي ولم اعلم ماذا حصل بعد ذلك..."
منتدى ليلاس
واضطربت اصابعها فعادت تمسك الفنجان واستطردت تقول:
"ونقلت الى المستشفى ولم يكن هناك اي شهود سوى راكب دراجة بخارية تصادف مروره وراى حطام سيارتي ملقى في حفرة فأبلغ السلطات المسوؤله التي وصلت بعد عدة ساعات من الحادث."

وانتظرت سابرينا ان تسمع منه التعليقات تعقيبا على حديثها وخاصة بعد ان فاضت في سرد التفاصيل وتوقعت ان يقول عبارات مثل كان من المحتمل ان يكون الحادث ابلغ سوءا مما كنت تتوقعين او انت سعيدة الحظ لانك لم تصابي بشلل ولكنه لم يتفوه بواحدة منها لكنه سألها:
"وماذا ستفعلين الان؟"



اماريج 20-07-10 11:41 PM

" لا اعرف لقد هيأت نفسي لي اتعلم من جديد كل الامور التي اعتدت القيام بها تلقائيا ولما كنت قد قررت ان اتخذ الفن مهنة لي لذا لم اتعلم شيئا اخر سوى القراءة والكتابة والحساب. اما الان فانني ابحث عن افاق جديده حتى لا اكون عبئا على ابي."

فقال لها:
" اشك انه يرى في انك تشكلين عبئا عليه"
" اعلم تماما في انه لا يفكر في ذلك"
وراحت بلا وعي تؤكد على ضمير المذكر ولم يغب عن باي كلميرون مقصدها فأضاف:
" ولكن هناك شخص اخر يفكر في ذلك اليس كذلك؟ هل هي خطيبة ابيك؟ "

وحاولت ان تعترض ولكنها اومأت برأسها وقالت:
" انني لا الوم ديبورا فهي تريد ابي لنفسها"
وترددت قليلا قبل ان تتابع حديثها قائلة :
" ارجو ان لا تسئ فهمي فأنا احبها, وفي الحقيقة انا التي عرفتها بأبي انها تملك حانوتا للتحف هنا في سان فرانسيسكو وهي تعلم تماما انه لا يمكن ان يجعلني واياها في بيت واحد وترغب في ان التحق بمدرسة اخرى سمعت عنها حيث يدرب المكفوفين على بعض المهارات الجديدة ولا اعني اشغال السلال او مهنا حرفية وانما مهارات متنوعة, وتعد المدرسة ايضا برامج للتأهيل المهني بعد اتمام الدورة."
منتدى ليلاس
" وما هو رأي ابيك؟"
اجابت وعلى شفتيها ابتسامة ملتوية:
" اعتقد انها لم تخبره بعد على فكرتها واظن انها تريد ان تدعني اقع في خطأ كفيل بأن يدعم موقفها حينما يعرض ابي الامر علي."
وسألها باي وهي تطفئ السكارة في المنفضة:
" هل تضيقين بنفسك؟"

ومدت سابرينا اصابعها فوق المنضدة وراحت تتطلع اليه كما لو كانت حقا تراها ثم قالت:
" اعتقد ذلك....انه امر طبيعي اليس كذلك؟ كل انسان يريد ان يوهم نفسه بأنه مفيد."
" لا تفعلين شيئا تعتبيرينه مفيدا؟"

" اعني بشؤون المنزل واقوم بطهو الوان الطعام ولن يكون في وسعي مواصلة اداء ذلك بعد ان يتزوج ابي ديبورا فعندئذ ستصبح هي ربة البيت"
وتابعت النظر الى اصابعها بعينين فقدتا نعمة البصر ثم اردفت تقول:
" انا اعرف ان في وسعي ان اتعلم شيئا"

واطبقت يديها حول الفنجان وهزت رأسها في قلق ثم قالت:
" انني مازلت مفعمة بقدر كبير من الكبرياء واعرف مدى اهميتي ويداي تحملان دائما فرشة الفنان لذلك اتساءل لماذا ارجئ اليوم الذي ينبغي فيه ان تقوما بشئ اخر؟"
" وماذا يقول حبيبك اتجاه كل هذا"

" حبيبي؟ ليس لي حبيب. لي اصدقاء كثيرون من الرجال ولكن ليس لدي احباب"
وعلق باي على قولها بصوت يشوبه الشك:
" انت فتاة جذابة ويصعب علي ان اصدق انه ليس لك علاقة عاطفية بأحد"

وهزت كتفيها باستهجان:
" كان لدي دائما مستقبلي الفني. وكثيرا ما خرجت مع بعض الاصدقاء ولكنني كنت حريصة على عدم الارتباط بهم عاطفيا. كنت ارى ان الحب والزواج
سوف يأتيان في المستقبل. انا سعيدة الان بموقفي الذي اتخذته. كم من الرجال يرغبون بالارتباط بزوجة عمياء برأيك؟"



اماريج 20-07-10 11:42 PM

فسألها وهو يكتم ضحكة:
" الا تعتقدين انك تعرضين وجهة نظر ساخرة تجاه الجنس الاخر؟"
فابتسمت وقالت:
" انها ليست وجهة نظر ساخرة لا اتجاه الجنس الاخر ولا اتجاه الحب وانما هي نظرة واقعية. ان الناس يشعرون عادة بالحرج امام الاعمى ويحاولون ان يكونوا في منتهى الحرص عند التعامل معه فلا يجرحون مشاعره بالاشارة الى عجزه عن القيام باية مهمة توكل اليه او انه يشكل عبئا في علاقته بهم"

فقال ساخرا:
" غريب فأنا لا اشعر بأقل عبء او حرج وانا اجالسك الان"
واضطربت سابرينا حين سمعت منه هذه الملاحظة لانها كانت نابعة من شعور صادق فاعترضت قائلة:
" الواقع انني لا اعنيك برأي هذا وانما كنت اشير الى بعض اصدقائي الذكور منهم والاناث على حد سواء. انهم مازالو على اتصال بي يتحدثون الي هاتفيا او يزورونني او يدعونني الى الخروج معهم كسابق عهدهم وكان الفن هو الصلة التي تربطني بهم لذا ادرك سبب حرصهم على عدم الاشارة الى موضوع فقد البصر امامي وهناك اخرون يتملكهم انزعاج مبهم عند الحديث عنه اما معك فاني لم ادرك بعد كنة اقبالي عليك. ووجدت نفسي اتحدث اليك في اشياء لا تهمك ولا ادري لماذا اسردها على مسمعك. هل انت من هواة التحليل النفسي؟"

ارتسمت تقطيبة صغيرة من الحيرة فيها بين حاجبيها واحست سابرينا بابتسامته وهو يقول لها:
" لست محللا نفسيا ولم اشعر مطلقا بالضجر وانما كنت اتخيل كل هذه الخلجات تتصارع داخل نفسك لفترة من الوقت. ان من السهل على الانسان دائما ان يتحدث الى الغرباء الذين لم يحددوا تصورا مسبقا لآرائه وقد حدث انني كنت انا هذا الغريب الذي امكنك العثور عليه بسهولة."
منتدى ليلاس
فسألته وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة يشوبها التحدي:
" وفي هذه الحالة ما هي النصيحة الحكيمة التي تسديها الي؟"
" الغرباء لا يقدمون النصائح انهم فقط ينصتون"
وكانت الضحكة واضحة في صوته الخفيض وهو يجيب على سؤالها بحنكة.

واقتربت اقدام متعجلة نحو المائدة وسألتهما المضيفة :
" هل تريدان المزيد من القهوة؟"
فقالت سابرينا:
" لا حاجة بنا الى المزيد. اشكرك"

وتحسست سابرينا باصابعها الارقام البارزةالموجودة في ميناء ساعتها ثم قالت:
" حان الوقت لكي اعود الى المنزل"

وقال باي للمضيفة:
" الحساب من فضلك."
وفي نفس الوقت غادرت سابرينا مقعدها ووقف باي الى جوارها وهو يقدم لها العصا البلوطية, واستقرت يده مرة ثانية بخفة على وسطها من الخلف وراح يقودها عبر الموائد حتى وصلا الى باب المقهى وانتظرت هناك قليلا حتى دفع الحساب.

وصعدا الدرج الى الشارع وسألها باي:
"هل قلت انك تقطنين على بعد عدة مبان قليلة من هنا؟"
وادارت سابرينا رأسا نحوه وقالت مبتسمة:
" اجل...يقع بيتنا على الطريق المؤدية الى الربوة العالية"
" هناك عزاء وحيد لعلاج مشكلة الربوات في سان فرانسيسكو فحين تشعرين بالتعب من الصعود فانه يمكنك ان تستندي اليها"
منتدى ليلاس
وضحكت سابرينا من وصفه الرقيق وردف يقول بصوت خفيض:
" ضحكتك هذه علامة جيدة فقد راودني التفكير في انك فقدت قدرة على الضحك منذ فقدت بصرك ولكنني سعيد اذ خاب ظني "
بدا ان قلبها قد وثب من صدرها لبضع ثواني واكتفت بان تتمنى بالا يكون تعليقه ملاحظة عابرة والتزمت الصمت.



اماريج 20-07-10 11:44 PM

ويبدو ان باي كان يتوقع منها هذا الصمت فقال:
" سيارتي تقف بالقرب من المنعطف. دعيني اوصلك الى المنزل"
كانت الفترة التي امضتها خارج البيت قد تجاوزت الساعة التي اتفقت عليها مع بيغي كولينز ولهذا قبلت سابرينا واعطته عنوان البيت ذي التصميم الفكتوري الذي يقع في قطاع باسفيك هايتس. وكانت ساعة ازدحام المرور قد بدأت.
واتخذت سابرينا من جلبة حركة المرور الصادرة عند التقاطعات مرشدا لها

فاستطاعت ان تحدد مكان البيت الذي تقيم فيه حين انعطف باي بسيارته وقالت له:
" بيتنا هو المبنى المطلي باللون الذهبي الداكن والمزين بخطوط بنية وبيضاء"

وفي لحظات وقفت السيارة بمحاذاة الرصيف المواجه للمنزل وجذب باي الفرامل واوقف المحرك.
وما ان غادر السيارة والتف حولها واتجه ليفتح الباب المجاور للمقعد الذي تجلس عليه سابرينا حتى سمعن جارتها تنادي:
" سابرينا.....هل انت بخير؟"
منتدى ليلاس
وسارعت الجارة الى فتح الباب وسمعت سابرينا خطواتها وهي تهرع نحوهما...لتقول لها:
" كنت لتوي قادمة لاعرف ما اذا كنت قد عدت الى البيت ام لا ظننتك نسيت ااتصال بي لتخبريني بوصولك"
قالت سابرينا:
" امضيت وقتا اطول مما توقعت"

" هذا واضح"
وساد صوت بيغي نبرة غريبة نمت على انها رأت الرجل الذي يصاحب سابرينا وتنتظر ان تقده لها :
" بيغي... اقدم لك باي كاميرون.... وهذه السيدة كولون جارتي."

وتبادلا التحية قبل ان يوجه حديثه الى سابرينا ويقول:
" جاء دوري لاخبرك يا سابرينا.... بأنه لا بد لي من الانصراف"
ومدت سابرينا يدها لتصافحه مودعة :
" اشكرك....لقد سعدت بذلك"

وشد على يدها بقبضة دافئة ثابته بالرغم من ان المصافحة لم تستغرق سوى وقت قصير واردف يقول:
" سوف اراك مرة اخرى في وقت اخر."



اماريج 20-07-10 11:45 PM

ورنت الكلمات في اذنها كأنها وعد منه وتمنت ان يفي بوعده وشعرت ان عجرفته التي شابت لقائهما الاول قد تلاشت تماما ولاح لها الموقف غريبا حقا اذ تسائلت: كيف به هكذا سريعا؟ كانت مستغرقة في تفكيرها حين سمعت باب السيارة يفتح ثم يغلق والمحرك يدور وعجبت كيف كانت تحادث باي بمثل هذه الحرية التي ماكانت لتستطيع ان تتحدث بها حتى مع ابيها الذي هواقرب الناس اليها.
وانتشلتها بيغي كولينز من تفكيرها حين سألتها بفضول :
" اين التقيت به؟"

قالت موضحة:
"يوم توجهت الى مرفأ اليخوت مع ديبورا لنصحب ابي الى المنزل"
ونسيت لوهلة ان جارتها كانت تقف بجوارها ثم اردفت تقول :
" من ذلك اليوم التقيت بذلك الرجل الطيب..اعني.."

ثم توقفت عن مواصلة الحديث وهي تتابع برأسها صوت رحيل السيارة التي غابت عن مسامعها ثم استدارت الى المرأة العجوز وسألتها:
" بيغي.... كيف تبدو ملامحه؟"

وتمهلت المرأة قليلا لتستجمع افكارها.. ثم قالت:
" انه طويل القامة.... يقترب عمره من الثلاثين, شعره احمر داكن, عيناه بنيتان. لا اقول انه وسيم او بهي الطلعة ولكنه يبدو رجلا بمعنى الكلمة...هل تعرفين ماذا اعني؟"
اجابت سابرينا بنعومة:
" اجل...اجل...اعتقد اني اعرف ما تعنين"
منتدى ليلاس
وادركت ان ملامحه القوية مؤثرة وفجأه صرخت بيغي قائلة:
" يا الهي نسيت ان اضع البطاطا في الفرن. سأتحدث اليك فيما بعد يا سابرينا"
" حسنا..يا بيغي"
وعادت الجارة بسرعة الى منزلها بينما كانت سابرينا تستمع الى كلماتها بلا وعي

*****نهاية الفصل الثاني*****




اماريج 21-07-10 12:08 AM


3-الشعلة
************
سألت ديبورا سابرينا بحدة :
" هل ترغبين حقا بالتنزه على رصيف الميناء؟"
فأجابت سابرينا وهي تنظر اليها:
" اجل. الا اذا رغبت في الانفراد بأبي لبعض الوقت"
تنهدت ذات الشعر الاحمر بيأس وقالت:
" ليس الامر كذلك غرانت يقلق عليك لانه لا يوجد درابزين في الميناء ومن الطبيعي ان يهتم بسلامتك"

قالت سابرينا بهدوء:
" كل الاباء يقلقون على اولادهم ولكن قلق والدي يختلف عن قلق بقية الاباء وله مبرر وانا لا استطيع ان اقضي بقية عمري متحاشية فعل ما يسبب القلق لابي"
" صدقني لو استطعت ان اجد طريقة تخلصه من قلقه عليك لما ترددت في اتخاذها"

وكان جواب ديبورا مشوبا بالعصبية والتوتر وهي تغادر السيارة التي وقفت في المكان المخصص لها في ميناء اليخوت.
وغادرت سابرينا بدورها مكانها ببطء واستدارت حول السيارة حتى وصلت الى جوار خطيبة ابيها وسألتها وهما سائرتان نحو ابواب السورك
" هل ذكر ابي شيئا عن موعد الزواج؟"
" لا.... وانا لم اطرق الموضوع معه"
منتدى ليلاس
وخيم الصمت للحظات قبل ان تواصل ديبورا الحديث:
" اعرف بانني امرأة غيور حريصة على الاستئثار بمن احب. فاذا تزوجت اباك وانت مازلت تقيمين في البيت فلا بد ان ينشأ الاحتكاك بين ثلاثتنا وليست عندك اي رغبة في ان تكوني عبئا على ابيك بقية عمرك."

وتنفست سابرينا الصعداء وهي تعلم مدى صدق الكلمات التي تفوهت بها ديبورا ثم قالت:
" ولهذا تستميلين ابي للاخذ بفكرة هذه المدرسة"
فقالت ديبورا:
" ربما لا تكون هي الحل ياسابرينا ولكنها البداية"
ورفعت سابرينا رأسها وتركت النسمة اللطيفة التي تهب من المحيط تلفح وجهها وقالت:
" احتاج الى وقت للتفكير ومازال الامل يراودني للعثور على بديل اخر لا اعرف كهنه"
" اذن...فان فكرة الاتحاق بالمدرسة موضع اعتبارك؟"

" من الضروري ان اضعها في اعتباري...سواء راقتني الفكرة ام كرهتها "
واضطرب صوت ديبورا قليلا وهي تقول:
" اشكرك"
ثم واصلت الحديث بعزم وتأكيد :
" انا احبك يا سابرينا...ولكني اعشق اباك لقد انتظرت طويلا قبل ان التقي برجل مثله. ارجوك حاولي ان تفهمي السبب في اصراري على ان تتركي البيت"



اماريج 21-07-10 02:15 AM

" افهم ذلك تماما...لو كنت مكانك واحببت رجلا فلا بد ان اكون قلقة مثلك للاستحواذ عليه لنفسي. ولكنني لن اندفع الى اتخاذ اي قرار ما لم اكن على يقين من عدم وجود بديل له."
ولمست ديبورا بيدها مرفق سابرينا قائلة:
" اتجهي الى اليسار"

وكانت السيدة ذات الشعر الاحمر تدرك مدى عناد سابرينا ورأت ان الوقت قد حان لكي تنهي مناقشة الموضوع برمته حين ادركت ان سابرينا ستفكر باقتراحها.
وشعرت سابرينا برغبة ديبورا لذا غيرت برضا تام موضوع الحديث فسألت:
" هل وصل ابي؟"
فاجابت ديبورا:
" اجل انه ينزل شراع الزورق الان"

وبعد مرور بضع دقائق نادت ديبورا قائلة:
" مرحبا...هل امضيت وقتا طيبا يا حبيبي؟"
" طبعا...طبعا"
وكان صوت ابيها ينم عن السعادة والرضا مما اشاع الابتسامة على شفتيها ووجه سؤاله الى ابنته:
" سابرينا... لم اكن اتوقع رؤيتك مع ديبورا؟"

وبدا قلق باهت على وجهها ولكنها استعادت ابتسامتها وقالت:
" انه يوم جميل شجعني على عدم البقاء في السيارة. لا تقلق يا ابي فلن اضل الطريق اثناء سيري على الرصيف"
فقال:
"سالحق بكما بعد قليل"
منتدى ليلاس
وبادرت ديبورا لتقدم مساعدتها قائلة:
" سأحضر بقية حاجاتك من القمرة اذا شئت يا غرانت"
ولاحت على وجهه علامات التردد قبل ان يوافق على الاقتراح. كانت سابرينا تعرف ان اباها يعتريه القلق اذا تركها تقف وحدها على رصيف الميناء. وربما كانت موافقته دليلا على ان ديبورا القت عليه نظرة نمت عن مغالاه في حمايتها.

كان صرير الزورق يمتزج بصوت تلاطم المياه بينما راحت اجنحة طائر النورس ترفرف فوق رأس سابرينا واخذت صرخاته تتناهى الى سمعها ونسمات المحيط المعبقة برائحة الملح والسمك تداعب خصلة الشعر التي تتراقص فوق جبينها .

وداعبها احساس لذيذ راح يدغدغ ظهرها وفي الحال تنبهت سابرينا الى وقع اقدام تقترب منها وحدثتها نفسها بأنها خطوات باي كاميرون وراودها الامل في ان يتحقق حدسها ولكن يبدو ان شخصا اخر كان بصحبته بل اكثر من واحد وربما كانوا ثلاثة.
وتبينت من وقع الخطوات ان بين الثلاثة سيدة.....
حيا باي السيد لين وقال:
" لقد اكتفيت اليوم يا سيد كاميرون كيف حالك؟ هل انت عائد من نزهتك ام لم تبدأ بعد؟"

فأجاب:
"سنقلع بعد قليل...رأينا ان نستمتع بغروب الشمس على المحيط."
تأكدت سابرينا من كلامه ان الخطوات الاخرى التي سمعتها كانت تصحب كاميرون الذي اتخذ مكانه الى جوارها وشعرت بأنه يقف الى يسارها لا يفصله عنها سوى مسافة قصيرة للغاية وسألها:
" كيف حالك اليوم ياسابرينا؟"

فمالت برأسها وقالت في كامل وعيها :
" بخير......"
واحست بان رفاقه يرغبون في مواصلة سيرهم ولكنه توقف ليقول :
" ارى انك نجحت في محاولتك السير على الرصيف هذه المرة دون ان يصيبك سوء. هل فعلت ذلك وحدك؟"
منتدى ليلاس
كانت كلماته ناعمة وخفيضة حتى ان النسيم الرقيق لم يستطع ان يحملها على اجنحته لشخص اخر سوى سابرينا.
وتمتمت تقول دون ان تحرك شفتيها:
" لا....."
وتناهى الى اذنيها صوت نسائي نافذ الصبر يسأل:
" باي....هل انت قادم معنا؟"

فأجاب كاميرون:
" اجل يا روني"
ثم التفت الى سابرين ورفيقيها وقال:
" سأراكم مرة ثانية"
كان الوعد الذي ردده مبهما وموجها الى سابرينا ورفيقيها وقال ابوها:
" رحلة طيبة..."



اماريج 21-07-10 05:12 PM

" افهم ذلك تماما...لو كنت مكانك واحببت رجلا فلا بد ان اكون قلقة مثلك للاستحواذ عليه لنفسي. ولكنني لن اندفع الى اتخاذ اي قرار ما لم اكن على يقين من عدم وجود بديل له."

ولمست ديبورا بيدها مرفق سابرينا قائلة:
" اتجهي الى اليسار"

وكانت السيدة ذات الشعر الاحمر تدرك مدى عناد سابرينا ورأت ان الوقت قد حان لكي تنهي مناقشة الموضوع برمته حين ادركت ان سابرينا ستفكر باقتراحها.
وشعرت سابرينا برغبة ديبورا لذا غيرت برضا تام موضوع الحديث فسألت:
" هل وصل ابي؟"
فاجابت ديبورا:
" اجل انه ينزل شراع الزورق الان"

وبعد مرور بضع دقائق نادت ديبورا قائلة:
" مرحبا...هل امضيت وقتا طيبا يا حبيبي؟"
" طبعا...طبعا"
وكان صوت ابيها ينم عن السعادة والرضا مما اشاع الابتسامة على شفتيها ووجه سؤاله الى ابنته:
" سابرينا... لم اكن اتوقع رؤيتك مع ديبورا؟"

وبدا قلق باهت على وجهها ولكنها استعادت ابتسامتها وقالت:
" انه يوم جميل شجعني على عدم البقاء في السيارة. لا تقلق يا ابي فلن اضل الطريق اثناء سيري على الرصيف"
فقال:
"سالحق بكما بعد قليل"
منتدى ليلاس
وبادرت ديبورا لتقدم مساعدتها قائلة:
" سأحضر بقية حاجاتك من القمرة اذا شئت يا غرانت"
ولاحت على وجهه علامات التردد قبل ان يوافق على الاقتراح. كانت سابرينا تعرف ان اباها يعتريه القلق اذا تركها تقف وحدها على رصيف الميناء. وربما كانت موافقته دليلا على ان ديبورا القت عليه نظرة نمت عن مغالاه في حمايتها.

كان صرير الزورق يمتزج بصوت تلاطم المياه بينما راحت اجنحة طائر النورس ترفرف فوق رأس سابرينا واخذت صرخاته تتناهى الى سمعها ونسمات المحيط المعبقة برائحة الملح والسمك تداعب خصلة الشعر التي تتراقص فوق جبينها .

وداعبها احساس لذيذ راح يدغدغ ظهرها وفي الحال تنبهت سابرينا الى وقع اقدام تقترب منها وحدثتها نفسها بأنها خطوات باي كاميرون وراودها الامل في ان يتحقق حدسها ولكن يبدو ان شخصا اخر كان بصحبته بل اكثر من واحد وربما كانوا ثلاثة.

وتبينت من وقع الخطوات ان بين الثلاثة سيدة.....
حيا باي السيد لين وقال:
" لقد اكتفيت اليوم يا سيد كاميرون كيف حالك؟ هل انت عائد من نزهتك ام لم تبدأ بعد؟"



اماريج 21-07-10 05:18 PM


فأجاب:
"سنقلع بعد قليل...رأينا ان نستمتع بغروب الشمس على المحيط."
تأكدت سابرينا من كلامه ان الخطوات الاخرى التي سمعتها كانت تصحب كاميرون الذي اتخذ مكانه الى جوارها وشعرت بأنه يقف الى يسارها لا يفصله عنها سوى مسافة قصيرة للغاية وسألها:
" كيف حالك اليوم ياسابرينا؟"

فمالت برأسها وقالت في كامل وعيها :
" بخير......"
واحست بان رفاقه يرغبون في مواصلة سيرهم ولكنه توقف ليقول :
" ارى انك نجحت في محاولتك السير على الرصيف هذه المرة دون ان يصيبك سوء. هل فعلت ذلك وحدك؟"
منتدى ليلاس
كانت كلماته ناعمة وخفيضة حتى ان النسيم الرقيق لم يستطع ان يحملها على اجنحته لشخص اخر سوى سابرينا.

وتمتمت تقول دون ان تحرك شفتيها:
" لا....."
وتناهى الى اذنيها صوت نسائي نافذ الصبر يسأل:
" باي....هل انت قادم معنا؟"

فأجاب كاميرون:
" اجل يا روني"
ثم التفت الى سابرين ورفيقيها وقال:
" سأراكم مرة ثانية"
كان الوعد الذي ردده مبهما وموجها الى سابرينا ورفيقيها وقال ابوها:
" رحلة طيبة..."

اما سابرينا فلم تتفوه بشئ. وران عليها اكتئاب باهت ولكنه تفاقم حينما حمل الريح اليها تساؤل روني المتعالي عنها وعن ابيها ولكن حدة سمع سابرينا لم تستطع ان تلتقط اجابة باي.
واشتدت قبضة اصابعها على يد العصا البلوطية وكانت سعيدة لان عصاها لم تكن بيضاء حتى لا يدرك اصدقاؤه انها عمياء.
فلن تتحمل نظرة الشفقة في عيونهم واحست بالضيق حين تصورت باي وهويروي لهم قصة الحادث الذي تسبب في فقدها لبصرها وتمنت لو لم تستجب لدعوته الى تناول القهوة اليوم السابق وليتها لم تبح له بمتاعبها فسألت بجدية :
" هل انت مستعد يا ابي؟"

فقد انتابها فجأة رغبة قلقة في الرحيل ولم تجد اي متعة في رائحة البحر وهديره فأجاب ابوها:
" سآتي حالا...هل احضرت كل شئ يا ديبورا؟"
قالت:" نعم.."

وبعد دقائق كان الاثنان يقفان بجوار سابرينا واحاط كتفيها بذراعه وعاد بها من حيث اتت ولم تحاول ان ترفض مساعدته لانها كانت تبحث عن الطمأنينه والحماية تحت كنف ذراعيه.
وعندما بلغت المنزل وحاولت ان تسدل الستار على ذكرى يوم الاحد لكن الذكرى بقيت ظلا يتراقص بالقرب من حدود عالمها المظلم.
ولما كانت تتذكر مواقع الاثاث في منزلها فأنها نجحت في ان تأخذ طريقها الى الاستديو وتدير المفتاح لتسمع انغام الموسيقى.

ودق جرس الباب الامامي بصوت عال قطع عليها الصمت المطبق المحيط بها واطلقت زفرة ضيق من هذا الشخص الذي اقتحم عليها خلوتها وسارت نحو الباب وقالت:
" نعم.....من انت؟"
منتدى ليلاس
سألت سريعا بعد ان عثرت اصابعها على المفتاح. فأجاب الصوت:
" باي كاميرون"
وران عليها هدوء تشوبه الدهشة ظل بضع ثوان ولم يكن صوتها مفعما بالدفء عندما سألته:
" ماذا تريد يا سيد كاميرون؟"
فأجاب بصوت مرح:
" انني ما جئت لكي ابيع فرشاة او بوليصة تأمين او كتبا مقدسة وانما اعتقد ان السبب الوحيد الي يجعلني اقف امام بيتك هو ان اراك"

" ولماذا تريد رؤيتي؟"
" انني لا اريد ان اتحدث الى صناديق. هلا تنزلين؟"
وتنهدت سابرينا باضطراب امام نبرة الصوت المتحدي فقالت:
" سأكون هناك خلال دقيقة"

اماريج 21-07-10 05:23 PM

وادارت المفتاح وفتحت الباب المؤدي الى السلم الذي يصل ما بين الطابق الثاني ومدخل الشارع وكان يوجد بابان عند السلم احدهما يؤدي الى الكراج في الطابق الارضي.

وسارت اربعة خطوات ثم توقفت وكان باب حديدي على بعد قدم واحدة منها يحول دون دخول المارة وكان باي يقف وراءه سألته سابرينا ببرود:
" ماذا تريد الان...يا سيد كاميرون؟"
سألها بصوت ساخر:
" هل تسمحين لي بالدخول؟"

تخلت عن نزعة الحرب الصامتة وفتحت له الباب وتراجعت الى الوراء وقد تشابكت اصابعها امامها وبدت عليها سمت الجد ومالت برأسها في استعلاء مبهم عندما سألته:
" لماذا تريد ان تراني؟"

" لان السماء صافية والشمس مشرقة والنسيم لطيف ودافئ ومثل هذا اليوم الجميل يصلح لرياضة المشي. وتوقفت لاسأل عما اذا كانت تحدوك الرغبة في ان تأتي معي"
وراودها الشك في اخلاص كلماته ولم تستطع ان تصدق ان هدفه من سؤلها ينبع عن رغبة حقيقية في اصحابها.
انه يشعر بالاسف لها. قالت:
" انا اسفة ...غير ممكن."

ورفضت طلبه باعتذار مهذب فسألها:
" غير ممكن.....لماذا؟"
فأجابت وهي واعية لصورة علامات التساؤل والكبرياء التي ارتسمت على حاجبيه:
" لانني اقوم باعداد طبق من اللحم المشوي للعشاء ويجب ان اضعه في الفرن......"

واخذت تتحسس باصابعها الارقام المجسمة الموجودة على ميناء الساعة ثم اردفت تقول:
" خلال خمسة واربعين دقيقة فاذا مشيت معك فلن نقطع مسافة تذكر وسوف نضطر للعودة سريع وبعد انقضاء ساعة لابد ان اضيف البطاطا والجزر والبصل"
" هل هذا هو عذرك الوحيد؟"
منتدى ليلاس
فقالت له بحزم"
" انه عذر مقبول"
" اذا كنت تتذرعين بهذا العذر الوحيد فهناك حل, ان تفرغي من اعداد اللحم المشوي سأقوم بضبط الساعة لكي يشرع الموقد في العمل بعد خمسة واربعون دقيقة . في وسعنا الان ان نضع الطعام في الموقد ونقضي ساعتين سويا في التنزه قبل ان تعودي الى المنزل وتضعي بقية المواد .

وحاولت ان تعترض قائلة:
" ولكن..."
ولم تستطع مواصلة عبارتها لان عقلها كان صفحة بيضاء ...فسألها:
" ولكن ماذا؟ هل ترغبين بالتمتع برياضة المشي؟ انه يوم جميل يجب ان لا نقضيه في البيت"

وتنهدت في سخط واستدارت نحو الباب وهي تقول:
" اوه..حسنا"
وسمعت جلجلة صوته الساخر من موافقتها المتأرجحة وهو يقول لها:
" ادهش كثيرا من انك تتكرمين علي دائما بقبول دعواتي"
واجابت عليه بنبرة حادة:
" ربما لانني اود ان ابحث عن جواب شاف لتقديمك هذه الدعوات"

وسبقها ليفتح لها الباب قبل ان تبحث بيدها عن المقبض ثم قال لها:
" لانك اذا توقفت عن اتخاذ موقف الدفاع عن نفسك كانسانة عمياء فان صحبتك تبعث على السرور"
ومرة اخرى شمخت سابرينا برأسها في هدوء عندما تذكرت الوقت الطويل الذي امضته وهي تبكي حظها.

ولما كانت قد بنت حياتها ومستقبلها على اساس قدرة عينيها على رؤية الاشياء التي ستقوم يدها برسمها فأنه من الطبيعي ان تشعر بالمرارة من ظلم القدر لها.
وحتى باي نفسه اعترف بذلك واذا كان اقر الامر فماذا يملك من حق لكي يدينها به؟ واخيرا سألها:
" هل انت مستعدة للرحيل؟"
" يجب ان اتصل هاتفيا بأبي"

قامت بحركات تنم عن عصبيتها وقالت:
" عندما تغادر جارتنا منزلها فان ابي يجب ان يعرف اين اذهب ومتى اعود"
فقال لها ساخرا:
" وخاصة اذا لقيت مصرعك على يد راكب دراجة بخارية لم تكن في الحسبان"

وشدت شفتيها فاتخذت شكل مستقيم ثائر وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه ثم تمتمت ساخرة:
"بالتأكيد تشير الى العصا البيضاء. اليس كذلك؟."

ووافق في تراخ وقال:
" اعتقد ذلك. اذهبي واتصلي بابيك هاتفيا"
" شكرا لك...سأذهب بعد ان منحتني الاذن"


اماريج 21-07-10 05:27 PM

اخبرت سابرينا اباها سريعا بأن بيغي غير موجودة في منزلها وانها تتحدث اليه لتعلمه بأنها سوف تغادر المنزل لفترة ولكنها لم تذكرله مع من.

فسألها غرانت لين:
" كم من الوقت ستمكثين خارج البيت؟"
فقالت له:
" ساعتين....سأتحدث اليك بمجرد عودتي"

" اعرف ان الجو صحو ولكن هل انت مضطرة الى البقاء خارج البيت كل هذا الوقت؟ فأنا لا احب فكرة تجوالك في الطريق وحدك"
" سأكون بخير"

وران عليها قلق غريب منعها من ان تخبره بأنها ستكون في صحبة باي كاميرون, ثم اردفت ضاحكة :
" لا تبدأ في القلق"
وانتزع باي من يدها سماعة الهاتف وحاولت ان تنتزعها ولكن يدها اصدمت بجدار صدره, فتراجعت اصابعها وكأنها اشتعلت بالنار وسمعته يقول:
" السيد لين. انا باي كاميرون....سابرينا ستكون في صحبتي. ستعود ابنتك وقت يسمح لها ان تعد لك فيه طعام العشاء"

وعندما ابلغه ابوها بموافقته قال له باي وداعا ثم وضع السماعة في مكانها بعد ان التفت نحوها يقول:
" ابوك يتمنى لك وقتا طيبا"
فتمتمت قائلة شكرا ثم سارعت الى الخزانة لتأخذ معطفها الخفيف.
وحملت عصاها من فوق حامل المظلات. وسمعت باي وهو يفتح الباب فسارعت تمر من خلاله وانصتت وهو يوصد الباب وراءها قبل ان يقتفي خطواتها تهبط درجات السلم وقال لها:
" فكرت ان نستقل حافلة هايد ستريت لنبلغ ميدان جيراردلي. هل توافقين؟"

وكان المرح يشوب نبرة صوته فهزت كتفيها باستخفاف وقالت:
" لك ما تريد"
لم يضف كلمة اخرى لكلامه ولو لم يمسك مرفقها اثناء عبور تقاطع المرور لكان في وسعها ان تسير وحدها حتى تبلغ موقف الحافلة. وفيما عدا كلمة شكرا التي قالتها له وهو يعينها على صعود الحافلة والهبوط منها فانها لم تتفوه بكلمة اخرى معه.
" الم تتخلصي بعد من عبوسك؟"
منتدى ليلاس
سألها وهو يخفي ضحكته بينما امسكت قبضته الحازمة بوسطها حتى يستطيعا اختراق جحافل السياح الذين يعبرون الطريق. وردت سابرينا عليه ببرود:
" انا لست عابسة"
فقال ساخرا:
" احقا ما تقولين؟"

قالت وما زالت مسحة من الغضب مرتسمة على وجهها:
" ربما قليلا ولكنك تتخذ احيانا مظهر رئيس العمل الذي لا يمكن احتماله"
فقال لها:
" ان عنادك فاق الحد مؤخرا والناس الذين اعتادوا الاهتمام بك لا يحبون التفوه بكلمة لا."
" ونفس الشيء يمكن ان يقال لك"
" انني واثق ان هذا ليس بصحيح"

وادركت سابرينا قبوله المتراخي لنقدها ثم اردف يقول:
"لم يكن الحديث عني انما كنا نتحدث عنك وانت عابسة"
فأجابت قائلة:
" لانك تناقش الامور وتدير دفتها دون ان تسألني"
" وما رأيك في الموقف الان؟ هل تعلنين حالة حرب ام نسير كأصدقاء؟"

وكانت تشعر بعينيه وهما مسلطتان على وجهها عندما استطرد يقول:
" لم تكن الحالة بهذه الصورة السيئة عندما سرنا سوية في المرة السابقة.
واطلقت سابرينا زفرة عميقة وشعرت بنفسها تستسلم لجمال صوته الخفيض فقالت له:
" نسير كأصدقاء"

واستسلمت سابرينا ورأت انه من السهل عليها ان تدع نفسها تتمتع بدفء قدرته على الاقناع وهو يدير برقة دفة الحديث الذي يناقش الموضوعات التي لا تحتاج الى جدال.
وقاما بجولة حول النافورة الواقعة في الساحة الرئيسية لمصنع شوكلاته جيرارديلي القديم الذي تجدد بعد تحويله الى حانوت.

وتوقفا امام مقهى في الهواء الطلق وتناولا بعض الفطائر الرقيقة المحلاة الطازجه. ثم تابعا السير بجوار نوافذ الحوانيت الكثيرة التي تقع تحت المباني المطلة على الميدان. وتحداها بي في ان تقوم بتحديد نوع الحانوت عن طريق الصوت او الرائحة.



اماريج 21-07-10 05:29 PM

ونجحت في محاولاتها عندما وقفت امام محلات الزهور والجلود وحددت انواع الاكلات التي تقدم في المطاعم المختلفة ولكنها فشلت تماما ازاء حوانيت المجوهرات والهدايا ومخازن الايستيراد.

وتوقفت امام نافذة حانوت واطلقت زفرة مقهورة وقالت:
" حقا بدأت الان افقد قدرتي على التخمين. ارجوك لا حاجة بي الى المزيد من الامتحان"
منتدى ليلاس
واستجاب لطلبها وهو شارد وقال:
" لا حاجة بك الى تحديد نوع الحانوت الذي نتطلع اليه. اننا نقف الان امام بيت ازياء يضع لافتة تحمل اسم ازياء راقية تقدمها جاكوبينا. انني ارى ثوبا في نافذة العرض واقسم انه اعد خصيصا لك. هيا بنا....."

وفجأة اطبق بذراعه بشدة حول وسطها وهو يقول لها:
" سندخل الحانوت لتشاهدي الثوب.."
وفي الحال توترت اعصاب سابرينا وقالت بحدة:
" انت تتغاضى عن حقيقة واضحة للعيان وهي انني امرأة عمياء و لا تستطيع ان ترى الثوب"

فقال بصبر:
" انا لم اتغاض عن شيئ..يا ملكيتي العمياء وفي وسعك ان تمسحي من مظهرك الكبرياء الذي ارتسم على وجهك. اين ذلك الخيال الخلاق الذي كنت تفخرين به في اليوم السابق؟ سأقودك الى داخل الحانوت وسوف ترين الثوب بيدك"

وانتابها احساس بالتأنيب.
ودوى جرس صغير فوق رأسيهما عندما اجتازا الباب وفي الحال بدأت خطوات اقدام تقترب منهما قادمة من نهاية الحانوت وسأل صوت نسائي:
" هل من خدمة اقدمها؟"
اجاب باي:
" اجل...نود رؤية الثوب الموجود في نافذة العرض"

قالت السيدة بأدب:
" اننا لا نبيع هنا ثيابا جاهزة انه نموذج نصنع مثله طبقا لمقاسات الزبونة"
قال باي بصوت يتسم بنعومة خلابة:
" دعيني اشرح لك ما اعني. الانسة لين عمياء. وانا اعجبت بالثوب المعروض من النافذة وترغب في رؤيته ولكي تفعل ذلك لا بد ان تلمسه هل هذا ممكن؟"

استجابت المرأة بسرعة وقالت بدفء:
" طبعا..انا اسفة لن يستغرق الامر سوى بضع دقائق لكي ارفع الثوب من فوق الموديل"

وتناهى الى سمعها صوت صادر عن حركة ثوب عقب حديث المرأة وشعرت سابرينا بيد باي تضغط على وسطها ليهدئ من روعها وبعد مضي عدة دقائق اقترب منها حفيف الثوب وقالت البائعة:
" اليك الثوب يا آنسة لين"
منتدى ليلاس
وسألها باي:
" هل يمكنك ان تصفيه لها؟"
فأجابت العاملة:
" بالطبع. الآنسة جاكوبينا تطلق عليه اسم الشعلة لان الوانه الاحمر والذهبي والبرتقالي والاصفر تتماوج بتماوج طبقات الشيفون السباعية اشكل والمعقودة على اطرافه فتبدو للعيان اشبه بالسنة النار المشتعلة"

وصمتت العاملة قليلا بينما راحت اصابع سابرينا تتحسس اطراف الطبقات العديدة. وقطعت العاملة الصمت لتواصل الوصف:
" ان قصة الرقبه على شكل سبعة كما ان الاكمام قد حيكت بالشيفون على شكل سبعة وزينت الاكتاف والصدر ايضا بالشيفون"

وواصلت اصابع سابرينا اكتشاف باقي اجزاء الثوب بعدها استطاعت تكوين صورة عنه بمساعدة الوصف الذي ادلت به العاملة .
وفي النهاية تمتمت سابرينا :
" ثوب جميل"
وسأل باي العاملة:
" ماهو مقاس الثوب؟"

ولما اخبرته العاملة بالمقاس التفت باي الى سابرينا وسألها:
" هل يناسبك الثوب يا سابرينا؟"
فأومأت سابرينا برأسها وقالت:
" اظن ذلك"
فسأل العاملة:
"هل تتجاوزين القواعد وتسمحين لها بقياس الثوب؟"
منتدى ليلاس
وكانت نبرة صوته بالغة الاقناع لدرجة ان سابرينا كانت واثقة تماما من ان احدا لا يستطيع ان يرفض طلبه.
وتنهدت العاملة بعمق ثم ضحكت وقالت:
" لا اعتقد ان هناك اي مانع. لدينا غرفة لتبديل الثياب تقع في مؤخرة الحانوت. انسة لين...يمكنك ان تأتي معي"
ترددت سابرينا في بادئ الامر ولكن باي حثها على ان تتقدم وقال لها:
" اذهبي...واعرفي كيف يبدو الثوب عليك"
وتنهدت وقالت:
" لماذا تركتك تدفعني الى مثل هذه المواقف؟"



اماريج 21-07-10 05:30 PM

فقال لها:
" سوف تستمعين بهذه المواقف كلما غصت الى اعماقها واراهنك انك لم تشتري ثوبا جديدا منذ الحادث"
وعارضته سابرينا معاضة ضعيفة:
" انني لا احتاج شيئا البتة"

فقال باي ساخرا:
" ومتى كان ذلك عذرا قويا تتمسك به المرأة؟ الان..توجهي الى الغرفة وحاولي ارتداء هذا الثوب هذا امر"
قالت:
" سمعا وطاعة... يا سيدي"

ولم تكن سابرينا في حاجة الى ان يجبرها على فعل شئ وكانت صورة الثوب التي ارتسمت في عقلها وملمسه الثمين قد اثاراها مما جعلها لا تحجم عن ارتدائه ولو لم تستطع ان تعرف النتيجة.

ولكنها اسرعت تخلع ثوبها الرياضي لترتدي الثوب الفاخر.
ولم تطلب اي معونة من العاملة الا عندما ارادت ان جذب السحاب.
والقت براحتها على العاملة وتحركت بعصبية نحو مدخل الحانوت حيث كان باي بانتظارها. وقالت لاهثة الانفاس:
" حسنا...؟"

وخيم صمت فوق احتمال البشر دام فترة طويلة مالت خلالها سابرينا برأسها جانبا استعدادا للانصات فقال باي ببساطة:
" انت في اجمل صورة يا سابرينا "
وشاركت العاملة في الحديث قائلة:
" يعجز اللسان عن الوصف.انت تديرين الرؤوس. لا اقول ذلك لانني اعمل هنا ولكن الثوب صمم خصيصا لك. الموديل مناسب لك تماما واللون مدهش للغاية. انت لديك نفس مقاسات الموديل التي صمم عليها الثوب"

ومرت سابرينا بأصابعها سريعا على فتحة الثوب ثم سألت وهي تتحسس طيات الشيفون الشفاف:
" هل يمكن..هل انت مستعدة لان تبيعي هذا الثوب؟"
قالت العاملة:
منتدى ليلاس
" ليس المعتاد...."
وتوقفت قليلا عن مواصلة الحديث ثم اردفت تقول وعلى شفتيها ابتسامة مستسلمة:
" دعيني اسأل..."
وعندما رحلت العاملة استدارت سابرينا نحو باي وسألته بقلق:
" ها انت متأكد ان شكل الثوب جميل؟"

فاشعل سيكارة وسألها:
" هل انت في حاجة الى المزيد من الاطراء؟"
وانكرت قائلة:
"لا....."

ومرت بيدها سريعا على وسطها وراحت تتأمل بعينين غير مبصرتين الطيات السباعية المتماوجة فوق ذراعها.
وواصلت تقول:
"لانني لا استطيع ان اكون ايجابية."
وانتقل الى جوارها بخطوات اشبه بخطوات القطة ورفع ذقنها باصابعه وقال لها:
" كوني ايجابية لانني اخبرك بالحقيقة, انت جميلة في هذا الثوب"

وتمنت في هذه اللحظة ان ترى التعبير المرسوم على وجهه في حين انها لم تشك في الاخلاص في صوته ولكن احساسا خادعا راح يصور لها بأن باي بعيد عنها.
وكانت خصلة من شعرها البني تخفي تقطيبة ارتسمت على جبينها.
فسألها باي قائلا:
" ماذا يضايقك الان؟"

فقالت:
" انا...انا اتسائل متى سأرتدي هذا الثوب"
وكانت سابرينا تثير حقيقة في اوانها ولكن باي اجاب بنبرة متغاضية:
"ستأتي المناسبة التي تتطلب منك ارتداء الثوب, وحينئذ ستشعرين بالسعادة لانك قمت بشرائه"



اماريج 21-07-10 05:32 PM

وتمتمت قائلة: "
لم اسأل عن ثمنه"
وتوقفت عن المضي في الكلام اذ فطنت لشئ ضايقها ولكنها استجمعت نفسها وقالت:
" ليس معي النقود الان. هل تعتقد انني استطيع ان اقدم لهم بعض المال تحت الحساب ليحجوزوا لي الثوب وسوف اتي انا وابي فيما بعد لسداد باقي الثمن"
واقترح باي قائلا:
" استطيع ان ادفع ثمنه"
منتدى ليلاس
وعضت سابرينا شفتها السفلى...كانت شغوفة بشراء الثوب الذي ارتدته ولكنها غير راغبة في ان تلزم رجلا غريبا بالدفع..وفي نفس الوقت ليس بغريب.

وكان قبولها للعرض يشوبه التردد فقالت له:
" اذا لم تشعر بالضيق..اكتب لي عنوانك والمبلغ الذي دفعته وسوف اطلب من ابي ان يرسل لك الليلة شيكا بالبريد"
" هل ترفضين قبول الثوب هدية مني؟"
وتراجعت سابرينا الى الوراء وقالت:
" لا اقبله"

ثم هزت رأسها بحزم واستعدت لمناقشة الموضوع مناقشة طويلة اذا حاول من جانبه ان يجبرها على قبوله.
ونفث دخان سيكارته في اتجاهها وهو يقول:
" لم افكر في انك ستقبلين"

وبدا صوته غاضبا ثم استرد يقول:
" حسنا...سأقدم لك المبلغ دينا عليك"
وتنفست سابرينا الصعداء وقالت:
" اشكرك"

ومن ثم قدم لها اقتراحا:
"بدلا من ان يرسل لي ابوك شيكا بالبريد هل لديك اي مانع من ان امر عليكم في البيت بعد ظهر يوم الجمعة؟"
ولاح على وجهها التجهم وقالت:
" اذا احببت..."

" بالتأكيد هذا ما اريد"
وعادت الفرحة الى صوته ومنحته بدورها ابتسامة مرحة. واقبلت العاملة واخبرتهما بأن المحل على استعداد لبيع الثوب ولم يكن الثمن باهضا كما كانت تتوقع سابرينا وعندما ارتدت زيه الرياضي كان باي يقوم بدفع الثمن.

ولما غادرا المتجر اخبرها بنبأ سئ : انقضت الساعتان وحان الوقت لان يعود بها الى المنزل. واقترح عليها ان يستقلا سيارة اجرة بدلا من القطار الكهربائي ثم مواصلة السير على الاقدام.

وكانت سابرينا يحدوها الرغبة في ان تطيل فترة الوقت التي تمضيها خارج المنزل ولكنها احست برغبته في عدم الأخير.. لذا وافقت على اقتراحه.

وردد باي كلامه ثانية:
" ساراك في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الجمعة"
وتوقف بعد ان اجتاز الباب الحديدي فسألته:
" هل تحب ان تدخل معي لتناول القهوة؟"

ورفض دعوتها لكنه استدرك قائلا:
" سأحتفظ ببطاقة الدعوة مفتوحة الى يوم الجمعة"
ووافقت سابرينا وعلى شفتيها ابتسامة اسفه:
" حسنا...الى القاء يوم الجمعة"

*******نهاية الفصل الثالث*******


اماريج 22-07-10 12:14 AM

4_العصا العاجية
*****************
لمست سابرينا باصابعها ميناء الساعة وعرفت انها تشير الى الثانية وتأكدة ان الشيك مازال فوق مائدة القهوة حيث تركه ابوها في الصباح.
واتكأت على الوسادة الموضوعة على الاريكة ودعكت ظهرها لتسترخي عضلاتها المشدودة وكان من الجنون ان تصل حالتها الى هذا المدى من الاضطراب والتوتر بسبب قدوم باي كاميرون.

هزت سابرينا نفسها عندما دق جرس الباب الامامي فهرعت الى البهو لتسأل بلهفة:
" من بالباب؟"
" باي كاميرون"
" انا قادمة حالا"

وكادت سابرينا ان تطير فرحا وهي تهبط درجات السلم وشاعت ابتسامة على وجهها وهي تفتح الباب.
قالت له:
" وصلت في الموعد تماما"
" احاول دائما المحافظة على مواعيدي"
وسبح دفء صوته في الهواء حتى مس وجهها وهي تفتح البوابة التي راحت تجلجل بصريرها.
قالت له:
" اعددت القهوة..اذا كان لديك فسحة من الوقت للبقاء معي؟"
منتدى ليلاس
فأجاب باي:
"لدي بعض الوقت"
وقادته وهي تصعد درجات السلم الى الطابق الثاني حيث توجد غرفة الجلوس وعندما بلغت الغرفة قالت له:
" خذ مكانك حتى احضر صينية القهوة. الشيك الخاص بثمن الثوب موجود على المنضدة التي تقع امام الاريكة."

ولم يحاول باي ان يقدم لها اي مساعدة وهي تصب القهوة وتناول الفنجان الذي قدمته له واشار حفيف الوسائد الصغيرة الى انه استند بظهره على الكرسي الذي يقع بجوار الاريكة.
وسألها:
" لديك بيت جميل. هل هذه اللوحات المعلقة على الجدران لك؟"
" اجل"

واقرت كلامه وهي تبذل جهدها في ان تثبت الفنجان. وبعد ذلك استطردت تقول:
" ابي يحب المناظر الطبيعية ولهذا اختار هذه اللوحات للبيت. ولعشقه العظيم للبحر كانت اللوحات تعبيرا صادقا عن مشاهد مختلفة للمحيط"
" وهل هذه هي مجموعتك الوحيدة التي بقيت من اللوحات؟"
ومالت سابرينا برأسها وزمت على فكيها وقالت:
" لا...."

وسألها:
" هل يمكن رؤيتها في وقت اخر؟"
وابتلعت سابرينا ريقها ورفعت رأسها بكبرياء:
" افضل الا تراها"
وهز منكبيه باستخفاف:
" لن اصر اذا كنت لا ترغبين ولكنني اتمنى لو اعرف سبب رفضك في ان اراها وخاصة انني رأيت من قبل عدة نماذج من اعمالك. لماذا ترفضين ان ارى بقية الاعمالك؟"

تململت سابرينا بقلق وهي تقبض على الفنجان ثو وضعته على المائدة وهي تحاول ان تتخذ مظهر عدم الاكتراث:
" سأريها لك"

ولم تكن واثقة من ان نبرة صوته المرحة أو استدراكها لوعيها كانا سببا في تغير رأيها اذ وقفت وادارت رأسها في اتجاه مقعده وقالت له:
" اللوحات موجودة في الاستديو في الطابق العلوي"



اماريج 22-07-10 12:15 AM

ووقف باي بدوره وقال لها:
" تقدمي في الطريق"
وصعدت درجات السلم الى الطابق العلوي وتحسست بيدها الجدار حتى بلغت الباب الثاني.
وعبقت رائحة الالوان الزيتية حولها ودخلت الغرفة ووقفت امام الحائط ثم قالت:
" لم اعد استعمل الغرفة ولا عجب ان شعرت بالضيق منها"

ولم يبادر باي بالتعليق على كلامها ورأى انه في غنى عن ذلك وكانت تسمع اصوات هادئة وهو يقوم بجولته في انحاء الغرفة ثم يتوقف احيانا ليلقي بنظرة ملية الى شيئ اختطف بصره وفي مرات اخرى كانت تسمعه وهو يحرك الاقمشة ليرى اللوحات التي تقع وراءها.

وقال لها:
" كل هذه اللوحات جميلة للغاية....يا سابرينا"
وادارت رأسها في اتجاه صوته الذي تناهى اليها عن بعد عدة اقدام من المكان الذي وقفت فيه وكان قريبا من الباب ثم استطرد يقول:
" من المؤسف ان تحتفظي بهذه اللوحات مخبأه في هذه الغرفة "

وابتعلت الغصة التي تعلقت بحلقها ثم قالت:
" اتفقت مع ابي على ان نبيع هذه اللوحات...يوما ما"
" هل سبق لك ان صنعت تمثالا من الصلصال؟"
" لا...لقد اعتدت ان ان اقوم برسم اي شخص واقف امامي"
فبادر باي شارحا:
" اقصد النحت"

وتحرك باي بخطوات هادئة متأنية حتى وقف الى جوارها. ولمست يده بخفة ذراعها ليدير جسمها نحو الباب المفتوح وقالت:
" اجل عندما كنت اقوم بدراسة الوسائل المختلفة للتصوير الفني. ولكن علام السؤال؟"
" هل يمكنك ان تستأنفي الان العمل بهذا الاسلوب الذي يناسب فتاة عمياء مثلك"
هزت رأسها وقالت:
" لا...."

وسمحت له ان يقودها الى الردهة وهي شبه غائبة عن الوعي. كان تساؤله غير متوقع فأطلقت العنان لافكارها ولكن صوت اغلاق الباب اعادها الى دنياها.
ولم يتطرق الحديث الى موضوعات اللوحات عندما تركها باي تهبط امامه درجات السلم وتعمد ان يتيح لها الوقت لتفكر بالامر دون اي محاولة منه لتأثير عليها.
منتدى ليلاس
وبالرغم من وجود الرغبة الداخلية التي تجعلها ترفض اي فكرة تدعوها للاشتغال بأي عمل اخر غير ميدان الرسم الذي اختارته فان الاقتراح كان بمثابة البذرة التي وجدت التربة الخصبة الصالحة لزراعتها.
قال باي وهو يتناول من يدها فنجانا مملوءا بالقهوة الساخنة:
" اريد ان اسأل فيما اذا كنت مشغولة مساء الغد مع ابيك؟"

وكانت تمسك بفنجان مملوء بالقهوة الى منتصفه وارتج في يدها واجابته متسائلة باستغراب:
" لا...ابي يمضي ظهر ومساء يوم السبت مع ديبورا. لماذا تسأل؟"
فأجاب باي بنعومة:
" فكرت في ان نتناول العشاء في اي مكان. وستكون فرصة ترتدين فيها ثوبك الجديد"

ورفضت قائلة باقتضاب مفاجئ:
" كلا...اشكرك"
" هل انت مشغولة؟"
" كلا...."
سألها وهو غير حافل تماما برفضها البارد:
" اذن هل يمكنني ان اسألك لماذا ترفضين تناول العشاء معي؟"



اماريج 22-07-10 12:16 AM

قالت: "ربما...."
وتوقفت عن مواصلة الحديث وقد رفعت رأسها بكبرياء ثم وضعت فنجان القهوة فوق الطبق واسندت ظهرها الى الاريكة واستطردت تقول:
" انني لا اتناول الطعام في اماكن عامة حيث ترتطم يداي بالاكواب ويسقط الطعام مني على الارض. انه امر يدعو الى الخجل..."
فعاد باي يقول:
" انني على استعداد لتحمل المغامرة"

قالت وقد نفذ صبرها:
" حسنا. اما انا فغير مستعدة "
وتناولت رشفة من القهوة واحست بلسع سخونته على لسانها فقال لها بصوت يشوبه المرح:
" ما رأيك في شراء الكبوريا والقريدس من حانوت المرفأ والخبز والسلطات بكل انواعها ثم نذهب الى قضاء رحلة خلوية في مكان ما يقع على شاطئ منتزه الباب الذهبي"

وترددت سابرينا قليلا وبدا الاقتراح مسليا ولكنها لم تكن واثقة من انها ستقبل دعوته. واكتشفت انها تحبه وراودها هذا الشعور خلال اللحظات التي كانت تغضب فيها من عجرفته ومع ذلك ساورها الشك في ان الصداقة الدائمة يمكن ان تنمو وتزدهر بينهما. فسألها باي:
" هل هي دعوة صعبة لا يمكن قبولها؟"
منتدى ليلاس
وكانت سخريته رقيقة جعلتها تشعر انها حمقاء. وبأنها كانت تبالغ في اهمية الدعوة حتى بدت في اكبر من حجمها فاحمر وجهها وهمست:
" ليس الامر صعبا"
ومالت برأسها نحو الفنجان الذي وضعته لتخفي علامات الحيرة التي لاحت على وجهها ثم استطردت تقول:
" اقبل دعوتك"

" هل تناسبك الساعة السادسة ام انك تفضلين قدومي في وقت مبكر؟"
" السادسة وقت مناسب"
ودوى فجأة صوت ارتطام جسم بالارض فرفعت رأسها فزعة وقالت:
" ماهذا؟"

فأجاب باي قائلا:
" انه شئ صغير اشتريته لاقدمه هدية لك. كنت انوي اعطاءه لك في وقت مبكر الا ان الحديث انساني. كنت قد اسندت الهدية على المقعد ولكنني دفعتها عفوا فسقطت على الارض. اليك الهدية."

ووضع باي صندوقا طويلا ونحيلا في حجر سابرينا بعد ان رفعت الفنجان ووضعته فوق المنضدة واسترخت يداها بلا حراك فوق البطاقة.
وسألته بقلق:
" لماذا اشتريت لي هدية؟"



اماريج 22-07-10 12:18 AM

فقال:
" لانني رغبت في...ولكن ارجوك الا تعيديها لي لانها لا تفيديني اوتفيد اي شخص اخر. واشك في اعادتها للمتجر."
ومالت سابرينا برأسها نحوه في تعجب وسألته:
" ماهي الهدية؟"
فأجاب باي:
"افتحي الصندوق وسوف تعرفين فحواها بنفسك"

وبدأت اثار الاضطراب العصبي واضحة عليها وهي تفض الشريط الذي يحيط بالصندوق ثم وضعتها على الاريكة واحست بنظراته وهي تراقبها فازداد نبض قلبها ولامست اصابعها المترددة نسيج الورق الذي اصدر حفيفا رقيقا وهي تبعده لتعرف ماذا يخفي تحته.

كان الجسم الموضوع في الصندوق مستديرا وصلبا اسطواني الشكل غير محدد المعالم وشعرت سابرينا باستطالته فالتفت يدها حوله لترفعه من الصندوق ولكنها تركته بغتة في مكانه وقبضت يدها بشدة وهي تضعها في حجرها.
واعتصر معدتها الم حمضي عندما سألته في اتهام قاس:
" هل هي عصا بيضاء؟"

فأجاب باي وصوته خال من اي احساس باللوم او التقريع:
" اجل ولكنني احب ان تعرفي انها ليست عصا بيضاء عادية"
ونقل الصندوق من فوق حجرها جانبا واطبقت على شفتيها بشدة وتشابكت يداها في قبضة مستميتة الا ان اصابع باي اطبقت على رسغيها لتفرق بينهما وهو غير مكترث بالمقاوة التي تبذلها للحيلولة دون نجاح غرضه.

واطلق سراح احدى اليدين بينما امسك الاخرى بمجهود قليل ودفع بمقبض العصا الى راحتها واجبر اصابعها على الالتفاف حوله وكان السطح الاملس والناعم هو اول انطباع عن العصا ثم لمستها الحساسة جعلتها تشعر بالنقوش التي زينتها واكتشفت اطراف اناملها تصميم هذه النقوش وانقضت بضع دقائق تابعت اصابعها الخطوط الحلزونية الدقيقة التي امتدت عبر العصا حتى نهاية المقبض. حيث استطاعت ان تحدد معالم تصميمه الذي اعد على شكل رأس التنين.

وقال باي موضحا:
" انها عصا صنعت من العاج رأيتها من نافذة محل تحف صيني من عدة ايام"
فقالت سابرينا مترددة:
" انها جميلة للغاية لابد انها ثمينة لا استطيع قبولها"

واسترخت قبضته على يدها ولم تعد تجبرها على مسك العصا ولكنها ظلت في موضعها لبضع دقائق حتى يتبين تصرفاتها واستطردت سابرينا تقول:
" لابد انها ثمينة لا استطيع قبولها"
وتجاهل اليد الممدودة بالعصا وقال:
" ان التصميم رائع ولكن من الصعب ان نعتبرها قطعة فنية. انت ترفضين قبولها لانها بيضاء..."
منتدى ليلاس
قالت:
" لا استطيع قبولها"
فقال لها باي بهدوء:
" وانا لا استطيع ان اعيدها"
فقالت:
" انا اسفة..."
ودفعت العصا الى يديه وتركتها ووجد نفسه مجبرا على اخذها.

وعادت سابرينا تواصل الحديث:
" اعرف انك كنت تحاول ان توليني كثيرا من اهتمامك ولكنك تعرف رأيي في موضوع العصا قبل ان تشتريها يا باي. حقا ان العصا فريدة من نوعها وجميلة ولكنني لا استطيع قبولها. انا مرتاحة لعصاي"

" هل هذا جوابك النهائي؟"
" اجل"
اجابت سابرينا بحزم واصرت على عدم الاستسلام او حتى الشعور بالذنب لانها رفضت قبول هديته فتنهد باي قائلا:
" اعتقد انني اذا واصلت محاواتي لاقناعك بتغيير رأي فانك ستنقضين موافقتك على الخروج معي مساء الغد"
وهزت كتفيها وهي تأمل ان لا يضعها في موقف محرج ثم قالت:
" من المحتمل..."



اماريج 22-07-10 12:19 AM

" اذن سأوفر مناقشاتي الى وقت اخر"
وتردد صوت حفيف الورق ووضع الغطاء على الصندوق ثم واصل باي حديثه محذرا اياها بسخرية:
" تذكري...اني لم استسلم بعد وانما اجلت المعركة "
فأجابت سابرينا بعناد ولكن آثار ابتسامة ارتسمت على شفتيها:
" لن اغير رأيي"
" وانا قبلت التحدي"

واستطاعت ان تسمع اجابته الضاحكة في صوته واستطرد يقول
" هل استطيع ان اتناول فنجان اخر من القهوة مادمنا نواصل مناقشة الشروط؟"
" طبعا"
منتدى ليلاس
ولم يتطرق الموضوع ثانية الى موضوع العصا العاجية ولكن بعد مضي نصف ساعة من رحيل باي كاميرون حاولت سابرينا ان تتأكد من انه حمل معه الصندوق ولم يحاول نسيانه بطريق الصدفة ولكنها اكتشفت الطريقة التي خدعها بها باي في المساء عندما عادت ديبورا وسألتها بصوت يشوبه الفضول والدهشة:
" متى حصلت على هذه ....يا سابرينا؟"
واستدارت برأسها في اتجاه صوت ديبورا وسألتها:
" ماهي...."

" عصا عاجية. المقبض على شكل تنين ونقوش على الجوانب عثرت عليها ملقاة على الارض بجوار المقعد. هل تخفين عنا شيئا؟"
فقالت سابرينا بتجهم:
" لا...لم احاول اخفاء شئ"
وهمست ديبورا قائلة:
" انها لطيفة...اين عثرت عليها؟"

واشترك السيد لين في الحديث قائلا:
" اجل..اين عثرت عليها؟ لم ارها من قبل. هل هي الشئ الاخر الذي قمت بشرائه في اليوم السابق عندما كنت بصحبة باي كاميرون؟"
قالت سابرينا:
" يجب ان تعلم يا ابي انني لم اشتر عصا بيضاء أو بالاحرى عصا عاجية انها هدية قدمها لي باي وطبعا رفضت قبولها. وظننت انه حملها معه"

وسألتها ديبورا بتعجب:
"رفضت قبولها؟ لماذا رفضت قبول شئ جميل كهذا؟"
فقالت سابرينا باستعلاء:
" لانني لا اريدها"

وغاصت الوسادة الناعمة اتي كانت تقع بجوارها عندما القى ابوها بجسمه الثقيل عليها.
وسألها ابوها بصوت رقيق:
" الا تظنين انك تصرفت بحماقة يا حبيبتي؟ كلانا يعرف تماما انك رفضت قبول العصا لانها بيضاء ولم يكن رفضك اياها لانها غالية الثمن او غير جميلة انت تعتقدين بأن العصا البيضاء تعلن للجميع بأنك فتاة عمياء. ولكنك لا تستطيعين الهروب من هذه الحقيقة برفضك استخدام عصا بيضاء"

فقالت باقتضاب:
" لكنني لا اريد ان اعلن هذه الحقيقة "
وجادلها غرانت لي قائلا:
" لابد ان الناس تعرف....ولا اهمية لاي نوع او لون تكون عليها عصاك. بحق السماء... ليس هناك اي خجل من ان يكون الانسان اعمى"
منتدى ليلاس
فقالت سابرينا بسرعة:
" انا لست خجلة من امري"
فتنهد قائلا:
" احيانا تتصرفين كما لو كنت خجلة"
فقالت متحدية مرفوعة الرأس:
" اعتقد انك ترى انه من المحتم علي استعمالها"

" انا ابوك يا سابرينا. تخلصي من هذه الرجفة التي تعتلي كتفيك"
وخففت نبرة التقريع اللطيفة التي شابت صوته من حدة بروز ذقنها فاستطرد يقول:
" انت فتاة ناضجة فلا تجبريني ان اشير عليك بما يجب ان تفعليه فانت قادرة على معرفة التصرف الصحيح والعاقل.وقبول العصا او رفضها رهن بقرارك وحدك"



اماريج 22-07-10 12:20 AM

ووقفت سابرينا قائلة:
" استأذن في التوجه الى غرفتي"
وكانت تعرف انه من الصعب عليها ان تستمر في المناقشة مع ابيها بالمنطق حيث تحس بالضياع.
وسألته ديبورا بتردد:
"ماذا افعل بالعصا؟"

فأجاب الاب:
" ضعيها الان في حامل المظلات وفي وسع سابرينا ان تقرر ما تريد ان تفعله قبل ان يأتي باي كاميرون مساء الغد"

وقبل ان تضع سابرينا قدمها على اول درجة من درجات السلم الى الطابق العلوي حيث غرفة نومها سمعت ديبورا تسأله:
" باي كاميرون قادم مساء الغد..لماذا؟"
فأجاب الاب:
" سيصطحب سابرينا الى المرفأ"
فسألته خطيبته بدهشة غير مصدقة:
" هل تعني موعد غرام؟"

" يمكنك ان تطلقي عليه ذلك. اتصل بي هاتفيا بعد ظهر امس وانا في مكتبي عقب لقائه بسابرينا وسألني اذ كان لدي اي اعتراض على خروجه معها ولم استطع ان اسأله على نواياه لانني سأبدو له وقحا في سؤالي في حين كان رقيقا في معاملته لها"
" هل اشار الى العصا؟"
فأجاب:
" كلا..كانت مفاجأة لي"

حسنا...تنفست سابرينا الصعداء على الاقل لم يكن لابيها ضلع في المؤامرة التي دبرها باي كاميرون. وانتابها القلق عندما راودتها الرغبة بالتأكد ان اباها لن يدبر شيئا اخر لخداعها حتى تحقق رغبته. وكذلك كان عليها ان تسلم بأن باي لم يجبرها على قبول العصا العاجية وانما تركها ببساطة ووجودها خلق ازمة ولكن شكرا لحكمة ابيها.

*****
بضع دقائق قبل الساعة السادسة جلست سابرينا على الاريكة وراحت تقرض طرف اظافرها. وللمرة الثانية تأكدت من وجود سترتها الجلدية ملقاة على ذراع الاريكة ولكن رنين الجرس اعادها من حالة التأمل الى دنياها.

وجذبت بسرعة السترة ووضعت محفظة نقودها الصغيرة في حقيبة يدها ومررت يدها سريعا على شعرها الذي استرسل على كتفيها لتثبت خصلاته المتنافرة في الشينون المعقود فوق رأسها وسمعت باي كما توقعت.
وتمتمت قائلة:
" انا قادمة"
منتدى ليلاس
وقبضت يدها على مقبض الباب ولكنها ترددت اذ تطلعت عيناها المظلمتان الى حامل المظلات وامتدت يدها نحو العصا البلوطية وظلت ساكنة لبضع دقائق ثم اطلقت زفرة بعدها ابعدت يدها عنها ثم راحت تبحث بشغف عن العصا العاجية .
وهبطت درجات السلم ببطء وفتحت الباب الخارجي ثم اوصدته وراءها وشدت كتفيها وهي تتجه نحو البوابة الحديدية وباي...الذي استقبلها قائلا:
" استغرقت وقتا طويلا حتى بدأت اتسائل عما يعوقك عن القدوم"

وكذبت سابرينا قائلة:
" كان علي ان اضع السترة على كتفي"
وانتظرت منه التعليق على العصا العاجية ولكن باي قال وهو يفتح لها البوابة الحديدية ويلحق بها عند الرصيف :
" سيارتي تقف عند المنعطف"

ووضع يده على مرفقها وراح يقودها الى السيارة وترقبت مفاجاة التعبير عن انتظاره وهو يساعدها على دخول السيارة ولما كان باي صامتا لا يتفوه بكلمة بعد ان مضت بهما السيارة واتجهت الى الطريق وجدت نفسها لا تستطيع الاستمرار بالسكوت حتى يختار هو اللحظة التي يتكلم فيها فقالت له بتحد وهي تدير رأسها نحوه:
" حسنا؟"
سأل باي بهدوء:
"حسنا...ماذا؟"

" الا تقول شيئا عن العصا؟"
قال بصوت هادئ وخفيض:
" ماذا تتوقعين مني ان اقول؟"



اماريج 22-07-10 12:21 AM

فقالت له بأتهام:
" اظن انك تشعر بالغرور بنفسك.... انك تركت العصا عن عمد"
اجاب باي:
" قدمتها هدية لك وانا لا استعيد هداياي والامر كان متروك لك تفعلين بها ما تشائين ولم اصر ابداعلى استعمالك لها ولن امنعك من رميها في سلة المهملات"

فقالت له:
" حسنا..لقد قررت استعمالها"
قال لها والسيارة تنحدر عبر التل:
" انا سعيد ولكن هل ندع الان الحديث عن العصا؟"
وتنهدت سابرينا قائلة:
" نعم"

ويبدو انها كانت ترغب في كل مرة ان تعرف كيف يكون رد الفعل عليه ولكن باي لم يحقق لها رغبتها. ربما انتابه شعور بالانتصار أو كان مصيبا بعض الشئ في سلوكه الا انه ظل هادئا. وفي الواقع كان من الخطأ ان تستسلم سابرينا لمشاعر الحنق ضده.

فهي وحدها التي اتخذت قرار استخدام العصا ولم يكن باي صاحب القرار وهذا ما يعرفه حق المعرفة. وعندما بلغ باي نهاية الطريق المنحدر استدار بالسيارة مرة اخرى وقال:
" فكرت ان اقف بالسيارة عند ميناء اليخوت ثم نسير بمحاذاة البحر حتى دكان مرفأ الصياد هل توافقين؟"
" حسنا"

وتوقفت السيارة في الموقف واغلق باي ابوابها ثم شرعا في السير وقد تأبط ذراعها اليسرى بيمناه. وراحت طيور النورس تصرخ في السماء وهما يعبران فورت ماسون ويقتربان من ارصفة اسطول السمك. وتغيرت رائحة الهواء المعبقة بالملح المندى برائحة السمك.

وبالرغم من ان هدفهما كان التوقف عند الاكشاك التي تبيع الاطعمة البحرية الا انهما قررا متابعة السير ثم العودة ثانية.
وكان الطريق مزدحما بالسياح الذين راحوا يكتشفون مواقع المنطقة ويتدافعون بمناكبهم وهم يستنشقون الهواء كما كان سابرينا وباي يفعلان.
منتدى ليلاس
وعند نهاية الدرابزين عبرا الشارع الى صفوف من الدكاكين ثم قفلا راجعين حتى بلغا اكشاك الاطعمة البحرية ورفعت سابرينا وجهها تستقبل النسمة المملحة ثم سألت:
" هل الضباب قادم؟"

اجاب باي:
" بدأ يحجب القناطر العالية لغولدن غيت (البوابة الذهبية) وتلال مارين شمال الخليج. وربما تزداد كثافة الضباب في الليل "
فابتسمت سابرينا ابتسامة شيطانية وقالت:
" وفي هذه الحالة سأعود بك الى السيارة"
وضحك باي ضحكة مكتومة فرفعت رأسها نحوه في استغراب وسألته:
" من اين حصلت على اسم باي؟"

قال مداعبا:
" اعطاني والدي اياه..هل تظنين انني اطلقته على نفسي؟"
سألته وهي تحاول ان تغير دفة الحديث:
" هل مازال والداك على قيد الحياة؟"
" اخر مرة سمعت انهما مازلا على قيد الحياة ويقضيان شهر عسل ثان في اوروبا"

ثم شد على ذراعها محذرا اياها وقال:
" عليك بالهبوط درجة هنا"
وسألته سابرينا مرة اخرى:
" هل باي اسم العائلة؟"



اماريج 22-07-10 12:23 AM

فقال باي موضحا:
" اتمنى ان يكون ولكنه ليس اسم العائلة انما اشتقوا الاسم من سان فرانسيسكو باي الذي شاهدته امي من نافذة المستشفى. فهي مولودة هنا في
سان فرانسيسكو وترعرعت هنا ايضا وشاهدت الخليج الاف المرات. وانت كيف اطلقوا عليك اسم سابرينا؟"
" امي احبت موسيقى الاسم..انه رومنسي"

فقال ساخرا:
" وانت لست رومانسية"
فأبتسمت بفتور:
" ربما قليلا"

قال باي ليغير بسهولة دفة الحديث:
" سرنا اكثر من ساعة...هل تشعرين بالجوع؟"
" اوشكت على الجوع"
" كان يجب ان تقولي ذلك"

وهزت كتفيها باستخفاف وقالت ضاحكة:
" ان الطعام في الجانب الاخر من الشارع. يكفي ان اتتبع الرائحة التي تلتقطها انفي"
فسألها:
" هل انت متأكدة انك لا ترغبين في تناول الطعام في احد المطاعم هنا؟"
اوقفها حتى تمر سيارة كانت تعبر الطريق بهدوء فقالت له بحزم:
" بالتأكيد"

وعلى طول اكشاك الاطعمة البحرية راح باي يختار الكبوريا المطهوة ورغيفا مستديرا من الخبز وسلطة وكوكتيل القريدس بينما سابرينا ضغط على معدتها الجائعة التي اثارتها رائحة الطعام اللذيذة.
منتدى ليلاس
وعندما انتهى باي من الشراء ناولها الحقيبة وسألها ان تنتظر قليلا حتى يشتري زجاجة مشروب.
وداعبت دغدغة خفيفة ظهرها ,قبل ان تلمس يده ذراعها معلنة عن عودته.

من الواضح ان لديها قدرات من تبادل الخواطر مع غيرها حتى تخبرها بميعاد اقتراب باي منها.
وسألها :
" هل انت مستعدة لنزهتنا؟"

وفي هذه اللحظة زأرت معدتها تطالب بالطعام فانفجرا ضاحكين.
وتناول حقيبة الطعام منها وكانت يدها التي تعلقت بذراعه اقرب الى المصاحبة منها الى طلب ارشادها للطريق التي يسيران فيها متجهين الى ميناء اليخوت والشاطئ المتاخم له .
وعندما بلغا حافة الميناء احست سابرينا بأن الضباب بدأ يزداد كثافة فقالت بأنين غاضب:
" انه رذاذ المطر"

فتنهد باي قائلا:
" على ما يبدو ان السماء ملبدة بالغيوم وكذلك الضباب"
فاقترحت سابرينا قائلة:
" في وسعنا ان نحمل الطعام الى المنزل"
" عندي فكرة افضل. يختي مشدود الى رصيف المرفأ. يمكننا ان نتناول الطعام على ظهره. فما قولك؟"

فابتسمت قائلة :
" اعتقد ان هذا المكان اكثر بهجة من المنزل"
انتظرت سابرينا على رصيف المرفأ حتى قام باي بترتيب الطعام في اليخت ووقف ومد ذراعيه واحاط وسطها براحتيه ورفع جسمها ووضعه على ظهر اليخت وظل ممسكا بها حتى استقرت قدماها على الارض وزاد المطر من رائحة العطر الذي يستخدمه بعد الحلاقة واحست بظهر اليخت الذي تطأه بقدميها يتحرك حركة منتظمة مع ارتطام مياة الخليج بجسمه.



اماريج 22-07-10 12:25 AM

قالت سابرينا وقد شاب صوتها نبرة غريبه:
" مضى وقت طويل منذ ان وطأت قدماي سطح الماء. ان برودته تبعث رعشة خفيفة في ساقي"
وبدا هذا التبرير معقولا.... يوضح سر ضعف اطرافها. والتفت ذراعه بقوة حول وسطها ليقودها الى اسفل اليخت.

وعندما تأكد من انها تشبثت بشئ ما هبط درجات السلم امامها حتى يلتقطها بذراعيه اذا ما تعثرت قدماها.
ولما استقر بهما المقام في اسفل اليخت اخبرها بمكان المقاعد وتركها تأخذ سبيلها اليها. وسألها:
"هل تحبين الابحار باليخت؟"

واشار حفيف الحقائب الى قيامه باخراج الطعام منها استعدادا لتناوله وقالت بحسرة:
" احب ذلك... فقد اعتدت الاستمتاع بالرحلات البحرية مع ابي"
سألها بصوت خفيض حاد مشوب بالدهشة:
"الم تبحري ثانية منذ الحادث؟"

قالت:
" اوه...عدة مرات وكان علي ان امكث في اسفل اليخت لان ابي لا يجيد السباحة وكان يخشى ان اسقط في الماء من فوق السطح فيعجز عن انقاذي. اما انا فأحب ان اجلس على متن اليخت حتى احس بالريح المملحة تلسع وجهي والامواج تتكسر على مقدمة السفينة. وعندما فقدت هذه المتعة لم اعد ارغب بالخروج ثانية"
" الا تخشين الان السقوط في لبحر؟"
وهزت كتفيها باستخفاف: "لا...."
منتدى ليلاس
وقدم لها باي كوكتيل القريدس ثم اتخذ لنفسه مقعدا في مواجهتها وراحا يتناولان الطعام في ببطء ويتبادلان الحديث الذي تركز لفترة حول الرحلات البحرية ثم تحول الى موضوعات اخرى مثيرة ... رشفت سابرينا قليلا من الشراب وقالت:
" اعتدت ان اراقب الناس عن كثب واقوم بدراسة ملامح وجوههم. ان موقف الانسان من الحياة مكتوب على وجهه. النظرة المتجهمة للمتشائم, والسلطة في وجه القائد, و الرضا في وجه رب الاسرة وهناك اشياء عديدة اخرى ولكن ليس من السهل ان اعتمد على الاصوات لتحديد ملامح الوجوه ولكنني واصلت التدريب بالرغم من ان المهمة كانت شاقة لادراك تعبيرات الوجوه من اصوات اصحابها"

وسألها باي متحديا اياها ساخرا:
" وماذا عرفت عني؟"
وتراقصت لمحة يأس على شفتيها وقالت:
" حسنا... انت شخص واثق من نفسك الى حد الكبرياء اعتدت على فرض سلطتك على الاخرين وتحب ان تتمتع بالرحلات خاصة البحرية منها ولك سجية سريعة ولكن في وسعك ان تكون عميق التفكير اذا لزم الامر"

" وهل تصورت وجهي من خلال صوتي؟"
واحنت سابرينا رأسها بسرعة لتتوارى عن نظراته وقالت:
" انها صورة مشوشة لملامح قوية"
ودفعت بالطبق بعيدا عنها وقالت:
" الطعام جيد"
وسألها باي بهدوء. متجاهلا محاولتها لتغيير دفة الحديث الى الطعام:
" لماذا لم تطلبي مني ان تتطلعي الى وجهي؟"

وتلعثمت وهي تسأل:
"ما....ماذا"
فقال موضحا:
" كما فعلت يوم شراء الثوب"
منتدى ليلاس
ورفرف المرح على حافة صوته عندما رأى القلق يعتريها فاندفعت تغير من وضعية جلستها على المقعد لان مجرد التفكير في اكتشاف وجهه بيديها كان كفيلا بأن يشيع الاضطراب في نفسها. واردف باي يقول:
" يمكنني ان اكمل لك وصف الاجزاء. شعري اخضر وعيناي ارجوانيتان وتوجد ندبة طويلة قبيحة على جانبي وجهي اخفيها بلحية كثيفة خضراء اللون وهناك رسم جمجمو وعظمتان متقاطعتان فوق جبيني ولن اخبرك بشكل الصورة المنقوشة على صدري"



اماريج 22-07-10 12:26 AM

وتحولت الابتسامة التي تعلو شفتيها الى ضحكة عندما انتهى من عرض صورة لملامح وجهه واردف يقول:
" الا تصدقينني؟"
فاستمرت بالضحك ثم قالت بعد ان خف توترها:
" بالكاد...فان جارتي اخبرتني من قبل ان شعرك بني يميل الى الاحمرار وكذلك عيناك"

وصحح باي كلاما قائلا:
" في لون القرفة كما تقول امي. كنت شغوفة على الاقل لمعرفة كل شئ عني"
فقالت وهي تحاول ان تجعل اجابتها عابرة:
" بالطبع"
فسألها:
" وماذا قالت جارتك عني ايضا؟"
منتدى ليلاس
وكانت سابرينا تعزف عن الاشارة الى ما قالته لها بيغي عن رجولته فأجابت مراوغة:
" بيغي لم تحسن وصفك"
فقال متحديا :
" من الافضل ان تتبيني الامر بنفسك"

وسمعته وهو يرتب الاواني ويعيد الاطباق واتاحت لها تحركات باي الفرصة للتفكير في العثور على عذر يساعدها على تجنب مهمة اكتشاف ملامحه وبذلت ما في وسعها ولكن جهودها باءت بالفشل في العثور على هذا العذر بحيث لا يكشف شعورها بالخوف من هذه الالفة التي ابداها باي.

وعندما عاد لم يجلس في مقعده الاول وانما اختار مقعدا الى جوارها وقبل ان تبدي ادنى معارضة اخذ معصميها بيدين رقيقتين لكنهما حازمتان ورفع راحتها الى وجهه وزجرها برقة وهي تحاول ان تنأى بهما بعيدا. وقال لها:
" لا حاجة لك بالشعور بالخجل ان الامر لا يدعو للحرج"

وشعرت بالمعالم الصلبة لفكه القوي تحت يدها التي راح يضغط عليها وهي تسير على جانبي وجهه واطلق سراح يدها عندما تلاشت مقاومتها.
وكان دفء حرارة جسمه يخفف من برودة اصابعها فبدأت سابرينا رحلة استكشاف معالم وجهه وحدها.

وانطلاقا من خط الفك اخذت اطراف اناملها تسري على خديه حتى وصلت الى عظمتي الوجنتين ثم فوق رموشه المعقوسة وبعد ذلك تحسست حاجبيه الكثيفين وجبينه العريض وشعرت بشعره الكثيف المتماوج قليلا الذي تشبع بندى الضباب ورذاذ المطر ووجدت انفه الروماني محدب الشكل يتناسب مع كبريائه وبدا على شفتيه الحزم الرقيق وعندما انتهت من فحص زاوية ذقنه القوية القت يديها جانبا.

وفكرت سابرينا باقتناع ان وجهه حقا ينبض بالرجولة ولا جدال في ذلك. ولا يمكن ان يصفحه احد بأنه مليح الوجه فقط وانما بالتأكيد مثير ايضا يجذب اليه الابصار ويدير الرؤوس عندما يدخل الى اي غرفة. وسألها باي بصوت رقيق ناعم:
" ما الحكم؟"

وحدست ان رضاها قد انعكس في التعبير الذي ارتسم على ملامحها واشاحت برأسها بعيدا عن نظراته التي شعرت بها مركزة على وجهها.
اجابت باستخفاف كاذب:
" الحكم هو...انني احب وجهك"

ووضع احد اصابعه تحت ذقنها وادار رأسها نحوه وهمس برقة:
" وانا احب وجهك..ايضا"
ومن ثم امسك باي يدها بقبضته وقال لها:
" هيا بنا نذهب الى احد المطاعم لنشرب فنجان قهوة"

ووافقت سابرينا بترحاب على مغادرة اليخت لسبب ما احست ان الارضية التي تقف عليها غير مستقرة تحت قدميها وهي ترغب في العثور على ارض صلبة لتشعر فوقها بالاطمئنان.

وكانت الساعة تجاوزت العاشرة ببضع دقائق عندما اوقف باي سيارته امام منزلها وسار معها حتى البوابة الحديدية فالتفتت نحوه سابرينا وقالت بتردد:
" امضيت وقتا طيبا معك...اشكرك"
" وانا ايضا...ومن ثم لا حاجتة بك لتقديم امتنانك.سأقضي الاسبوع القادم كله في لوس انجلوس وعند عودتي سأتصل بك هاتفيا"
منتدى ليلاس
قالت:
" ليس هذا ضروريا"
وكانت سابرينا تتمنى ان لا يفكر باي في انه قد اصبح واقعا تحت اي التزام يجبره على رؤيتها ثانية.
قال:
" اعرف انه ضروري. وداعا يا سابرينا. سأنتظر في السيارة حتى ارى النور في غرفتك وتأكدي من اطفائه عند الذهاب للنوم. هل يمكنك ان تفعلي ذلك؟"

وهزت رأسها قائلة:
" اجل. وداعا....باي"
وعبرت الباب الحديدي واوصدته وراءها... وسارت نحو باب البيت وهي تشعر بنظرات عينيه تتبعانها...هاتان العينان البنيتان في لون القرفة التي تتماشى مع شعره البني.

******نهاية الفصل الرابع******


بنوتهـ عسل 22-07-10 08:15 PM

تسلمي حبيبتي ،،

مازلنا بإنتظارك ،،

يعطيك العافية ،،

زهورحسين 24-07-10 08:15 PM

:flowers2:الروايه مره حلوى 000بانتظار التكمله بليييييييييييييييييز0

اماريج 25-07-10 01:52 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنوتهـ عسل (المشاركة 2390308)
تسلمي حبيبتي ،،

مازلنا بإنتظارك ،،

يعطيك العافية ،،

الله يسلمك ياحياتي
وشاكرة لك متابعتك ومرورك حبيبتي
لك ودي

اماريج 25-07-10 01:54 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهورحسين (المشاركة 2391811)
:flowers2:الروايه مره حلوى 000بانتظار التكمله بليييييييييييييييييز0

الاحلى يازهور هو مرورك ومتابعتك
وان شاءالله الاجزاء الاخيرة بكرى بنزلها باذن الله
تحياااااتي العطرة لك

اماريج 25-07-10 01:56 AM

5-رحلة عمل
*********************
توجهت سابرينا الى جهاز الاستريو وادارت بعصبيه المؤشر لتوقفه. لم تجد في الانغام الموسيقيه ما يرضيها بل لم تجد ادنى رغبة في الطهو أوالتنظيف...حتى لو احتاج الامر الى ذلك.

وسئمت كذلك القراءة لانها تحتاج الى تركيز كثير منها في حين انها كانت شاردة الذهن وقلقة.
وهتف بها صوت داخلي يلقي اللوم على باي كاميرون لانه كان السبب الحقيقي وراء هذه الصورة التي الت اليها ولم تعرف لماذا اثرت عليها رحلة العمل التي قام بها باي الى لوس انجلوس كل هذا التأثير.

كانت نوبات القلق تنتابها كثيرا من قبل وحتى قبيل الحادث لكنها كانت تعرف كيف تتغلب عليها بتكريس كل طاقتها للرسم اما الان. فليس لديها اي متنفس ترجع اليه.
" هل حاولت تشكيل اي تمثال بالنحت؟"

خيل لها صوت باي يتحدث بوضوح في عقلها كما لو كان يقف الى جوارها. واحست ان البذرة التي غرسها منذ عدة ايام بدأت تؤتي ثمارها.
وقبل ان تغير رأيها اتصلت بالهاتف بمخزن الادوات الفنية وطلبت سام كارليل وتقلصت اصابعها بعصبية على حبل الهاتف وبعد عدة دقائق سمعت صوتا فأردفت تقول:
" اهلا سام...انا سابرينا"

فصاح بدهشة تخالجها الشجاعة:
" سابرينا....كيف حالك؟"
ثم تغيرت نبرة صوته في الحال وقال:
" اسمعي...انا اسف. مضت مدة طويلة لم اتصل بك هاتفيا أو اتوقف للسؤال عنك ولكن على اي الاحوال..."
فقاطعته بسرعة وقالت:
"كل شئ على ما يرام. في الواقع انني اطلب منك ان تؤدي لي خدمة"
" اطلبي ما تشائين وسوف البي طلبك"
" هل في وسعك ان تبعث لي رسولا معه صلصال وادوات نحت زهيدة الثمن؟"
منتدى ليلاس
فسألها مشدوها:
" هل عزمت على ممارسة النحت؟"
قالت سابرينا:
" سأحاول.ولهذا اطلب منك ان ترسل لي الادوات الضرورية حتى ارى ما اذا كانت المحاولة تستحق الاستمرار او انفض يدي منها"
فقال سام:
" اعتقد انها فكرة رائعة...ضربة عبقرية"
" هل يمكنك ارسال الادوات مع رسول؟"

" اتمنى ان آتي بنفسي لو سمح لي العمل ولكن عندي موظف سيغادر المخزن بعد عشر دقائق وسيكون منزلك هو اول محطة له"
وشاعت البهجة في وجهها وهي تقول:
" شكرا لك يا سام"

قال وهو لا يعير اهتماما لايات الشكر التي طوقت عنقه بها:
" اسمعيني...انا اسف لانني لم اقدم لك اقتراحا كهذا من قبل.سوف تصلك الادوات حالا. سوف نلتقي قريبا. اليس كذلك؟"
فقالت سابرينا:
" اجل يا سام...قريبا"

وبعد مضي نصف ساعة وصلت الادوات وكانت سابرينا قد نظفت مكانا صغيرا في الاستيديو حيث تستطيع ممارسة عملها اما في المساء ستعهد الى ابيها برفع بقية الادوات الثقيلة.
وكان الرسول تطوع بحمل الطرود الى المكان الذي ترغب به سابرينا حتى يوفر عليها مجهود نقلها الى الاستديو.
تراقصت رعشة من الاضطراب في سلسلتها الفقرية وكان قميصها الفضفاض القديم معلقا وراء الباب تنبعث منه رائحة الالوان الزيتية وسوائل التنظيف حيث كانت ترتديه فوق ثيابها اثناء الرسم لحمايتها من الاتساخ فارتدته ثم سارت نحو مائدة العمل وهي تحدث نفسها قائلة: قريبا سوف يمحو عبير الصلصال هذه الرائحة.

وانهمكت في العمل وتلاشت من حسابها مشكلة الزمن وواصلت تشكيل تماثيل بسيطة واتخذت الفاكهة التي حملتها معها من المطبخ نماذج راحت تتلمسها بيدها.
واستفاقت من استغراقها عندما نادى عليها ابوها للمرة الثانية. فأجابت:
" انا فوق...في الاستديو"

وتراجعت خطواتها وهي تمسح يدها في قطعة القماش وسمعت اقداما تصعد الدرجات بسرعة فالتفتت نحو الباب ووجهها يكسوه الخوف والاضطراب.
وعندما رآها ابوها تنهد ثم قال:
" كدت اجن. لماذا لم تجيبي على ندائي؟ ماذا تفعلين هنا؟"
اجابت سابرينا:
" اعمل"



اماريج 25-07-10 01:58 AM

وخيم صمت مطبق افصح لسان حاله عن ان التفسير ليس ضروريا بعد ان راى بنفسه.
وانتظرت سابرينا بضع ثوان ليدلي بالتعليق على اعمالها الفنية ولما طال انتظارها سألته وهي لاهثة الانفاس:
" ما رأيك؟"
فقال لها:
" لا كلام عندي.كيف؟...متى؟...."

وانفجر ضاحكا عندما تعثرت اسئلته على لسانه فألقى ذراعه على كتفيها وقبلها قبلة عنيفة واسترسل يقول:
" انت فتاة رائعة...وانا فخور بك"
واضطرب صوته مشوبا بحرارة عواطفه.

فقالت بشوق:
" طبعا...ولكن ما رأيك؟"
فابتسم ابوها قائلا:
" اذا كنت تسألين عما اذا كان في وسعي ان افرق بين التفاح والاجاص فأن جوابي: نعم بالأكيد استطيع. وفي وسعي ايضا ان ارى عنقود العنب الذي تقومين بتشكيله الان. ولا حاجة بي الى ان اقول انه يصعب على المرء ان يميز بين الطبيعة الحية والطبيعة الصامتة"
" هل حقا تعني ما تقوله يا ابي؟"

قال مؤكدا على كلامه:
" اعني ما اقول. والان اسألك: متى قررت القيام بكل هذا؟ لم تشيري لي بكلمة واحدة عنه؟ متى حصلت على كل هذه الادوات؟"
" في الاسبوع الماضي سألني باي اذا كان بوسعي استعمال الصلصال في تشكيل التماثيل وفكرت مليا في اقتراحه واتخذت قراري هذا الصباح فقط لكي ابدأ المحاولة وطلبت من سام في مخزن الادوات الفنية ان يبعث لي بأدوات نحت مع رسول"

" هذا الصباح؟ انت تعملين منذ هذا الوقت؟ لابد انك مجهدة؟"
" مجهدة؟؟"
وادارت وجهها نحوه وعلى شفتيها ابتسامة عريضة واردفت تقول:
" كلا يا ابي..احس بأنني ما زلت على قيد الحياة. هذه اول مرة اعمل فيها من فترة طويلة"
وران الصمت لفترة فالتقط ابوها نفسا عميقا وقال:
" في الواقع انت استغرقت في العمل يوما كاملا ولا معنى لبذل المزيد من الجهد وخاصة انك نسيت تناول وجبة العشاء"
منتدى ليلاس
قالت مستسلمة:
" انا طوع امرك"
وامضت سابرينا كل دقيقة من وقتهاعلى مدى اسبوع في حجرة الاستديو وكانت النتائج النهائية اقرب الى الفشل منها الى النجاح ولم تأبه عندما اصر ابوها على انها لن تتوقع الكمال وهي في بداية الطريق ولكن سابرينا كانت تبذل كل جهد لكي تحقق الكمال مهما كلفها الامر ولا شيئ اقل من الكمال يرضيها.

وفي صباح يوم الاحد امرها ابوها ان تغادر الاستديو قائلا:
"بالله عليك استريحي يا سابرينا فلقد ارهقت نفسك طوال الايام الستة الماضية"
وسقطت مستسلمة لمنطقه وشعرت اصابعها بالالم من الصلصال الذي غطى راحتها وادركت ان اباها على حق وقال لها:
" لدي عمل اريد انجازه في الزورق. لماذا لا تأتين معي اليوم ستكون ديبورا مشغولة في المطبخ وانا واثق انك ستتسللين الى هنا عقب رحيلي اذا لم يكن لديك اي شئ تقومين به"

وضحكت سابرينا وقالت:
" لن افعل ذلك"
فقال ساخرا:
" اوه....اعلم ذلك..اذن ستأتين معي؟"
قالت بعتاب:
" اعتقد انه امر رهيب اذا كنت لا تثق بي... انا ابنتك. وخير لي ان اذهب معك ما دمت ترى اني لم اعد موضع ثقتك "

اضاف ابوها قائلا:
" البسي ثيابا كافية لان هناك نسمة شديدة تهب من المحيط الهادي واختاري منها ما يتحمل الاتساخ لانني فكرت في ان اعهد اليك بتنظيف قاع الزورق"
وهزت سابرينا رأسها وقالت:
" لهذا السبب تريد مني ان اذهب معك"



اماريج 25-07-10 01:59 AM

فقال لها وهو يتجه الى السلم:
" الا تظنين حقا اني ابغي صحبتك؟"
واكتشفت سابرينا ان الريح كانت قارسة وضباب الصباح لم ينقشع بعد لذلك فشلت حرارة الشمس في تدفئة الجو.

وعندما هبطت الى قاع الزورق لم تشعر بتلك النسمة الباردة فبدأ العرق يتصبب فوق جبهتها....مسحته وبدأت تطوي اكمام بنطال العمل الازرق الذي كانت ترتديه وشرعت في تنظيف ارضية الزورق وتعلقت قطرات من العرق بالياقة الصوفية لسترتها التي اخذت تدغدغ جلد ظهرها الحساس ولم تستطع ان تحكه اذ كانت يداها تغطيهما رغوة الصابون وما ان انتهت من اداء مهمتها حتى قررت ان تنادي اباها ليتناول فنجان من القهوة وادركت من الاصوات التي تناهت اليها انه يتحدث مع احد هواة الرحلات البحرية .

وفكرت ان تحمل دورق القهوة وبعض الفناجين الى سطح الزورق لتقديم لهم القهوة ولكنها سمعت خطوات هادئة لشخص ينتعل حذاء مطاطي وهي تقترب للهبوط على الدرجات المؤدية الى قاع الزورق فأسرعت سابرينا تزيل الصابون الذي يكسي الارضية وعندما بدأ يهبط السلم توقفت ثم التفتت في اتجاه الخطوات القادمة:
" فكرت ان اقدم لكم القهوة على سطح الزورق يا ابي حالما انتهي من التنظيف هنا. وسوف احضر معي فناجين اضافية اذا احب الاخرون مشاركتنا في احتسائها"
" هذا اقتراح جميل"

" باي عدت ثانية"
واطلقت صرخة السرور والفرح بلا وعي من شفتيها!
فقال لها باي:
" عدت متأخرا بعد ظهر امس وتوقعت رؤيتك هنا اليوم مع ابيك ولكنني لم اتوقع ان يجعل منك جارية تقوم بتنظيف ارضية الزورق "
ابتسمت سابرينا وقالت:
" هل امضيت رحلة طيبة؟"

" نعم ... قمت بمراجعه حسابات بعض العقارات المستثمره و تفقدت بعض الاراضي التي ارغب في شرائها. ثم التقيت بصديق قديم كان صديقا لي في الجامعه و تركته يتحدث مع ابيك على سطح الزورق. لما لا تأتين لمقابلته ؟ "

و كانت تتوقع ان يكون هذاالصديق امرأه و خشيت ان ينعكس شعورها في تعبيرات وجهها و ودت من اعماقها الا يحدث ذلك حتى لا يشعر باي انها غيوره . انهما مجرد صديقين و اخيرا قالت :
" سأنتهي خلال دقيقة. اذا كنت تحب ان تتناول القهوة احمل معك الدورق وهناك فناجين اخرى في الخزانة خذها معط. وانا سأحمل معي علبتي السكر والحليب"
منتدى ليلاس

ووافق باي قائلا: " حسنا"
وبعد مضي دقائق انضمت سابرينا الى الاشخاص الاخرين المجتمعين على سطح الزورق وعندما رفعت الريح خصلت شعرها من فوق جبينها ادارت وجهها لتستقبل لفحة الهواء البارد فقال لها ابوها:
" سابرينا...دعيني اتناول منك هذين العلبتين"

وتناول العلبتين منها وساعدها في الوصول الى سطح الزورق.
فقال باي:
" هذه الانسة سابرينا لين...ابنة السيد غرانت لين وهذا اخي الصديق العجوز الدكتور جو براوننغ"

قال صوت اجش في لهجة ساخرة:
" انا معروف لدى جميع مرضاي واصدقائي باسم جو او الدكتور جو"
وسرت رعشة باردة عبر سلسلتها الفقرية وقالت:
" كيف حالك"



اماريج 25-07-10 02:00 AM

وكانت تحيتها جافة منذ ان اعتادت ان تنأى عن كل العاملين في مجال الطب منذ اللحظة التي وقعت فيها الحادثة ولقاءتها المتتالية لسلسلة الاطباء.

وافاقت على صوت الدكتور وهو يقول:
"جو....اسمي جو. اخبرني والدك انك عمياء منذ عام واحد. ارى ان امورك تسير على مايرام"
فقالت له:
" ليس لدي اي اختيار. هل هناك سبيل اخر؟"
" بالطبع يوجد هناك سبيل اخر وهو ان يسوء بك الحال"

كانت اجابته هراء بعثت ابتسامة شاحبة الى شفتيها وكانت دائما تتوقع من الطبيب ان يكون- حتى في بيته – حازما..غير عاطفي.. يؤدي واجب الاحسان لمريضه ولكن هذا الطبيب يبدو مغامرا تماما فقالت له:
" كنت اندفع الى الاثاث والمباني اول مرة"

" وهل تستعملين عصا او تستخدمين كلبا يكون بمثابة عينك المبصرة"
ولم يتح لها الفرصة للاجابة عن سؤاله وتابع قائلا:
" اسمع ان العميان يستخدمون كلاب البودل مثلما يفعل رعاة الغنم وتكون هذه الكلاب عيونهم المبصرة. هل تتخيلين شكل كلب البودل بتسريحة بومبادوروخصلة من الزغب تعلو ذيله يقود رجلا اعمى؟ ان منظر الرجل يبدو لي في قمة السخرية على حين لا اشعر بأي امتنان لذكاء الكلب"

و ضحكت سابرينا من تلك الصورة التي رسمها الطبيب في ذهنها فقد كان تصويره لا يدعو الى الاحترام بقدر ماكان يبعث على الضحك مما بدد القلق الذي سيطر عليها ولاقى ضحكها ارتياحا لدى الجميع مما جعل الحديث يتدفق طبيعيا بينهم.
وهيمن الدكتور جو على دفة الحديث بموضوعاته المتعددة الا ان الحديث كان يتركز في بعض الاحيان حول موضوع فقد بصرها والضرر الذي لحق بالاعصاب البصرية نتيجة لاصابة رأسها.
منتدى ليلاس
وادركت فجأة ان هذه التساؤلات لم تكن عرضية وانما كانت موجهة اليها بفكرة مدروسة وقاطعت الطبيب في منتصف حديثه قالت:
" انتظر دقيقة. اخبرني بالضبط اي نوع من الاطباء انت."
قال:
" واحد ممتاز..جراح متخصص"
بعدها رفعت رأسها مستوقفة وسألته بنبرة اتهام:
" من اي نوع؟ انتظر....دعني اتكهن. انت جراح عيون."
قال جو براوننغ بلا ادنى حرج:
" تقديرك في محله وهذا دليل على انك فتاة شديدة الانتباه"

" علام كل هذه الاسئلة هل هو امتحان خبيث؟"
فقال ببساطة:
" اجل"
عندئذ تملكها الغضب فاستدارت تجاه المقعد الذي يجلس عليه باي وقالت:
" هل طرحت الموضوع عليه, اليس كذلك يا باي كاميرون؟ وانت يا ابي لابد انك طرقت الموضوع معه ايضا؟"

فأجاب ابوها بصوت يشوبه الندم:
"كانت فكرتي انا في اخفاء سبب قدوم الدكتور جو لرؤيتك. باي قام بالاتصال به فقط اما بقية الفكرة فكانت من عندي"
قالت سابرينا:
" ولكنك ادعيت يا باي انه زميل دراسة قديم!"



اماريج 25-07-10 02:02 AM

فقال الدكتور:
" اجل انها الحقيقة. الحقيقة ايضا اننا التقينا مصادفة في لوس انجلوس ولم تكن لديه اي فكرة بانني عدت الى هناك منذ غادرت المدينة لاقضي عدة سنوات في الساحل الشرقي. وفي لقائنا نوه عنك في الحديث الذي دار بيننا وبحكم المهنة...تاقت نفسي الى رؤيتك"

وقال باي بهدوء:
" انا آسف يا سابرينا....انني اعرف مسبقا انك سوف تضيقين ذرعا عندما تكتشفين الامر"

" اذن....لماذا حاولت خداعي؟"
" شعرت ان من واجبي احترام رغبات والدك وكان هناك احتمال قوي بأنك لن تكتشفي جلية الامر اذا لم يكن الدكتور جو على يقين من وجود امل ان تستعيدي بصرك"
فسألت:
" هل تعتقد يا دكتوران هناك اي امل؟"
منتدى ليلاس
ورفعت رأسها في خيلاء نحو الطبيب في محاولة لاخفاء اي ردة فعل لقراره.
قال الطبيب بصدق وامانة:
" احب اجراء بعض الفحوص في احدى المستشفيات قبل ان اصدر قراري الاخير. واعتقد انه توجد هناك فرصة ضئيلة تبلغ نسبتها عشرة في المائة..تتيح لنا اجراء عملية"

فقالت سابرينا متحدية:
" ادرك ما تقول..فأنت تظن ان هذا ما حدث معي تماما......."
قال:
" لا اعرف تماما ولكن من واجبنا الا نتجاوز هذا الاحتمال وللتأكيد ستدخلين المستشفى لاجراء بعض الفحوصات. انا لا احب ان ابعث امالا كاذبة في نفسك يا سابرينا وانما توجد امامك فرصة ضئيلة لاستعادتك بصرك والقرار متروك بين يديك"

******
لم تتغلب رائحة الزهور التي حملها ابوها معه على رائحة العقاقير الطبية المنتشرة في ارجاء المستشفى.
وانتهت ساعات الزيارة واطفئت الانوار وازداد عالمها المظلم سوادا في هذه الليلة وشعرت انها وحيدة..فريسة للآلام. كانت تخشى ان تتعلق بأمل ان يأتي الغد ويخبرها بنجاح الفحوص ولكن لماذا كل هذا الخوف وقد جاءت الى هنا بمحض ارادتها لاجراءها.

واطبقت سابرينا اصابعها حتى استحالت الى قبضة استكانت الى جوارها. ولعنت باي لمقابلته صديقه الطبيب. لقد رضيت بالامر الواقع وبدأت تعيش حياتها الجديدة.
ومنذ ان كان باي هو المسؤول عن وجودها جزئيا في المستشفى فان اقل ما كانت تتوقعه منه ان يأتي لزيارتها ولكنه لم يفعل واكتفى بارسال رسالة شفوية مع الدكتور جو متمنيا لها حظا سعيدا ثم سار في سبيله لحظة ان سمحو لها بدخول المستشفى.

واعترى جسمها الاضطراب وادركت انها خائفة وودت ان تصرخ او تبكي ولكن الوضع انفرج قليلا ودخل شخص الى الغرفة اخذت خطواتها تقترب من فراشها وخالجها شعور ان هذا الشخص ليس بالممرضة وتأكد لها ذلك عندما نفذت رائحة عطر ما بعد الحلاقة الى انفها.
وسألها برقة:
" هل انت مستيقظة؟"
فهمست سابرينا:
" اجل"
منتدى ليلاس
ورفعت جذعها ليتخذ وضعا قائما وهي تحاول تسوية ثوبها الرقيق على جسمها واردفت تقول:
" ساعات الزيارة انتهت وليس مفروضا ان تكون هنا الان"
فابتسم قائلا:
" صحيح واذا شوهدت هنا فسيطلبون مني الرحيل. كيف حالك الان؟"
قالت كاذبة:

" بخير...."
وشعرت بثقل جسمه على حافة الفراش واستطردت تقول:
" خيل الي ان الدكتور جو اشار عليك بالذهاب الى حفل او اي شئ من هذا القبيل"

فقال باي:
" ذهبت...لكني تسللت لاراك. هل هذا يرضيك؟"
فأجابت سابرينا:
" يرضيني...مادام يرضي السيدة التي كنت بصحبتها"
" وما الذي يدفعك الى الاعتقاد بانني كنت بصحبة احدى السيدات؟ بالتأكيد كنت اتمنى ذلك"




اماريج 25-07-10 02:03 AM

" ولكنك لم تفعل...لانك لو كنت مع احدى السيدات لتعطرت بعطر باريسي باهظ الثمن."
وكانت تحاول بحديثها اخفاء مخاوفها عنه.

فقال ساخرا:
" اه... من المخبرة العمياء"
وهزت كتفيها باستخفاف:
" واذا سلمنا مبدئي بأنك كنت في الحفل...فمن المنطق انك سحرت احدى الجميلات"

" الان اخطأت الهدف"
فمالت سابرينا برأسها جانبا وسألته بسخرية:
" لماذا؟"
فأجاب باي بخفة:
" لانني اركزكل سحري على فتاة عمياء اعرفها...انسانة جذابة للغاية"
فشعرت سابرينا بغصة في حلقها وهي تقول:
" اجد صعوبة في ان اعتقد....."

واحست بيده الدافئة فوق يدها وقال:
" يداك باردتان يا سابرينا.....ما الامر؟"
وبعث اتهامه رعشة في جسمها وتنهدت باضطراب ثم قالت:
" انا خائفة يا باي... من الغد"

ولم يتفوه بكلمة لدة دقيقة وشعرت به يغير من ثقله على الفراش والتفت ذراعه حول كتفها وجذبها الى صدره وراح يهدهد رأسها وتمتم بهدوء :
" دعينا نفكر ماليا....مخاوفك ليست بسبب الفحوص التي سيجريها الدكتور جو وانما هناك امران اولهما خوفك من ان تستعيدي بصرك والثاني خوفك من ان لا تستعيديه...اليس هذا صحيح؟"
منتدى ليلاس
وهزت سابرينا رأسها بالايجاب وشعرت بالسعادة وهي تستمع الى دقات قلبه المنتظمة تحت رأسها والطمأنينة في كنف ذراعيه القويتين واسترسل قائلا:
" اعرف انك لا تخافين من عودت الابصار اليك لان ابصارك سيسعد الجميع بقي الامر الثاني..."

" انا...انا تقبلت وضعي في ان اكون عمياء وبدأت امارس تشكيل التماثيل بالصلصال هل اخبرتك بذلك؟ انا جبانة...ليتني ما رضخت لهذه الفحوص. ليتني ما قابلت الدكتور جو. لا اريد ان اعاني الالام مرة ثانية التي تذكرني انني سأبقى عمياء الى الابد "
فقال باي ساخرا:
" اين تلك الفتاة الثائرة. انت لست جبانة يا سابرينا لان الجبان لا يأتي الى المستشفى ولا يشترك في المغامرة الصغيرة التي يقدم عليها جو. انت لن تنفجري بالبكاء او تلطمي صدرك اذا جاءت الفحوص سلبية. اما الفتاة الثائرة التي اعرفها فستهز كتفيها باستخفاف وتقول: حسنا...انه قدري."

وشعرت به يبتسم وهو يردد عبارته ثم استرسل يقول:
" لن تزداد حالتك سوءا وما من شئ تخسرينه"
فتنهدت قائلة:
" هذا ما حاولت ترديده لنفسي"

" دورك ان تكفي عن الكلام وتستعدي لمواجهة الامر الواقع"
ولم يكن بحاجة الى جواب لانه امسك بيدها عدة دقائق فسرت قوة عضلاته الى ساعديها لتطارد مخاوفها المفرطة"
واخيرا سأل:
" هل انت بخير الان؟"



اماريج 25-07-10 02:04 AM

وهزت رأسها.
ولمست ذقنها صدره وقالت مبتسمة:
" اجل"
فقال برقة:
" خير لي ان اذهب قبل ان تاتي الممرضة وتظن بنا الظنون "
واسند رأسها على الوسادة وقام بتسوية الغطاء حول صدرها وعندما انتصب بقامته بحثت سابرينا عن ذراعه وهمست قائلة:
" شكرا لمجيئك يا باي"
منتدى ليلاس
" لا تشكريني على امر احب ان اقوم به. ليلة طيبة يا سابرينا سأراك ثانية"
وتناهى الى سمعها صوت خطواته الرقيقة وهي تبتعد وشعرت بتيار الهواء ينساب عندما فتح الباب واغلقه وراءه.

******
لاح لها فراش المستشفى وكأنه وسادة مملؤة بالدبابيس تغرز جلدها وهي تتقلب فوقها وكانت تعلم ان الانتظار هو الذي يؤرق مضجعها. فقد مر يومان ومازال الدكتور جو ينتظر نتيجة الفحوص ولكن التجهم الذي بدا في صوته بالامس اكد لها ان النتائج غير مشجعة.

سار ابوها في غرفتها وكان القلق باديا في خطواته وفجأه توقف عن المشي واستدار نحوها وبعد دقيقة هبت نسمة من الممر فمست وجنتها فأتجهت برأسها نحو الباب:
" صباح الخير سبرينا...صباح الخير سيد لين"

" انه طقس سئ اليوم ولكنكم يا معشر سان فرانسيسكو اعتدتم على ضبابه"
ولكن اباها تجاوز مزاحه وقال:
" هل وصلت نتيجة الفحوص؟"
" اجل"
ورفعت سابرينا رأسها استعدادا لسماع النتيجة ونادت بلا وعي قائلة:
"باي...هل انت هنا؟"

فأجاب باي بهدوء:
" مرحبا يا سارينا"
فقال الدكتور بعد لحظة ضاحكا:
" لا تخبرني بان المريضة هبة تبادل الخواطر مع الاخرين"
فقال باي مصححا:
"ابدا...لديها حاسة شم قوية تعرف بها رائحة عطر ما بعد الحلاقة"
منتدى ليلاس
ولم تصحح سابرينا كلامه...لانها لم تكن واثقة من ان هذا الشعور الذي خالجها هو الذي حدثها عن وجوده هناك ام ان رائحة عطره هي التي اهدتها اليه
.
وتنفس الدكتور جو نفسا عميقا وقال:
" فلنعد الى المهمة التي بين ايدينا الان لقد قمت بتحليل نتيجة الفحوص مرتين"
وتوقف عن مواصلة الحديث قليلا فاندفع غرانت لين قائلا:
" وماذا بعد...؟"
" لا تنسى اننا نقامر يا سيد لين"



اماريج 25-07-10 02:06 AM

وكان التجهم الذي يشوب صوته يحمل بين طياته انذارا.....وودت سابرينا ان تسمع بقية الجواب بسرعة...فأرف يقول:
" وعلى ما يبو انه ليس بامكاننا فعل اي شئ وانني لشديد الاسف ان افضي لكم بهذه الحقيقة"
وكان الصمت الذي ران على ابيها يحدثها بأن ابيها كان يتلو الصلوات من اجل حدوث معجزة.

وصلت هي بدورها ولكن النطق بالحكم الذي صدر منذ دقائق سحقها تماما.
ورسمت بسمة باهتة على شفتيها وقالت:
" كان علينا ان نتخذ الفرصة التي اتيحت امامنا....يا دكتور جو"

وازدادت ابتسامتها عندما استعات ذكرى اول ليلة امضتها في المستشفى وتذكرت باي وهو يقول لها: يجب ان نهب الفرصة حماستنا.
وسار الطبيب نحو الفراش وامسك احدى يديها بدفء وقال:
" شكرا لك يا سابرينا"
منتدى ليلاس
وبعد ان قدم التحية لابيها رحل وهو يعتذرله مرة ثانية ثم سمعت باي يقترب من فراشها ويتوقف بالقرب منها وشعرت بنظراته النافذة ترمق وجهها وسألها بهدوء:
" هل انت بخير؟"
فأجابت هامسة: " نعم"

وادركت انها تقول الحقيقة وليست مجرد كلمات شجاعة ترددها فقال باي لها:
" انا اعرف ان ملكتي العمياء الثائرة ستعيد صقل الموقف مرة اخرى"
فأجابت سابرينا:
" بمساعدتك استطات هذه الملكة ان تفعل الكثير"
فقال باي مستنكرا:
" لا يسعني ان اشهد الا انك ذات ارادة قوية ولكننا سنناقش الامر في وقت لاحق. ما رأيك ان نلتقي في مساء السبت؟"
فكررت كلامه:
" مساء السبت!"

" اجل يمكننا ان نتناول العشاء سويا. سأمر بسيارتي حوالي الساعة السابعة."
سألته وفي حلقها حشرجة:
" هل هذا امر ام دعوة؟"
" كلاهما هذا يتوقف على ردك"

فقالت سابرينا مطأطئة الرأس:
" انا فخورة ان اتناول العشاء معك....يا سيد كاميرون"
واضافت تتحدث الى نفسها في صمت: بل انه اكثر من الفخر. ثم اخذت تتطلع الى مساء السبت بشغف غير عادي.

********نهاية الفصل الخامس********


اماريج 25-07-10 02:10 AM

6-زيارة الى المطعم
**********************
نزلت سابرينا ببطء درجات السلم التي تؤدي الى الطابق الثاني وهي تعبث باصابعها في عقدة الشعر المعقوصة فوق رأسها وظهرت تقطيبة صغيرة بين حاجبيها عندما سمعت صوت ابيها وديبورا يترددان في غرفة الجلوس فسارت نحو الباب المفتوح وتمهلت ثم نادت سابرينا بصوت يشوبه القلق:
"ديبورا...هل يمكن ان اراك دقيقة واحدة؟"
" طبعا"
وخطت ديبورا خطوات سريعة مكتومة فوق السجادة وهي تسعى الى الباب حيث تقف سابرينا ثم سألتها:
" ما الامر؟"

" هل يناسبني زي البنطلون؟"
تجهمت ديبورا في اضطراب وقالت:
" اظن انه يناسبك. هل دعاك باي الى تناول طعام العشاء في الخارج؟"

فقالت سابرينا:
" سنلتقط شيئا من دكان المرفأ لنأكله كما فعلنا في المرة السابقة ثم نقوم بنزهة خلوية في مكان ما. انه لن يصحبني الى مطعم عام"

ولمست بيدها البنطلون الفضفاض الرمادي اللون والمطرز بخياطة بنية غامقة ولقد انتقت له بلوزة عالية بنية اللون ايضا وحملت على ذراعها سترة من نفس اللون وعلقت حول عنقها سلسلة ذهبية طويلة .
وبعد ان اطمأنت على مظهرها اردفت تسأل:
" هل كان من الافضل ان ارتدي فستانا ابسط؟"
منتدى ليلاس
" لا اظن ذلك. قد لا تذهبين الى مطعم فخم لتتناولين فيه طعامك ولكن لا يعد هذا سببا كافيا لان يبدو مظهرك اشبه بقنفذ البحر. ان زي البنطلون يصلح لاي مناسبة ماعدا الحفلات الرسمية"
قالت سابرينا:
" حسنا...."

وتنهدت بارتياح فقد اصبح من الصعب عليها ان تعتمد على ذاكرتها في اختيار الملابس المناسبة منذ وقوع الحادثة.وعندما دق جرس الباب قالت:
" لابد انه باي"
قالت ديبورا:
" محفظة نقودك فوق المنضدة سأخبر باي بأنك في الطريق اليه"

تناولت سابرينا النقود والتقطت العصا العاجية من فوق حامل المظلات وعلقتها على ذراعها وفتحت الباب المطل على الردهة والقت تحية الوداع على ابيها قبل ان تغلقه وراءها.
وهبطت درجات السلم في لهفة وشوق واخترقت سريعا الممر المؤدي الى ابوابة حيث فتحتها وقالت بملئ فمها:
" انا مستعدة.."

ولمست يد باي ذراعها بخفة وهو يقودها الى المكان الذي وقفت فيه سيارته وقال لها:
" كنت اتمنى ان ترتدي ثوبك الجديد هذه الليلة"

فضحكت سابرينا برقة:
" سأبدو حمقاء اذا ارتديت هذا الثوب في نزهة خلوية"
فقال متسائلا:
" نزهة خلوية؟ اننا لسنا عازمين على القيام بنزهة خلوية. انني ساصحبك الى احد المطاعم لتناول العشاء. الا تذكرين؟"
وعندما حولت ان تقول:
" ولكن...."

قاطعها وهونافذ الصبر:
" ولكن ماذا؟"
قالت وهي تؤكد على مخارج الكلمات بضربات من اصابعها فوق عصاها:
" اجل...اذكر ما قلته"



اماريج 25-07-10 02:11 AM

واحتضن ظهرها بذراعه وهو يقودها بشدة الى السيارة وفتح الباب وساعدها على الجلوس على مقعدها وراحت تبحث بيدها عن مقبض السيارة لتحاول الخروج ولكنها قبل ان تعثر على القفل كان باي قد استدار حول السيارة واستقر في مقعده وطبق بيده على معصمها فقالت سابرينا:
" انت لا تعيريني اهتمامك"

قال باي وهو يقود السيارة بيد واحدة لتنحرف عند المنحنى:
" لا استطيع ان اعيرك كل اهتمامي واقود السيارة في وقت واحد. اننا سنتوجه الى مطعم ايطالي صغير وجميل. منظره ليس فخما من الخارج ولكن طعامه رائع"

فاعلنت قائلة:
" لن اذهب"
فقال بصوت ناف الصبر:
" سابرينا...لا يمكن الاستمرار في تجنب الاشياء التي تثير الحرج لك"
فقالت معقبة على كلامه:
" ستبدو احمق عندما تقوديني الى المطعم"
" اتمنى ان لا تقيمي وزنا لما سأكون عليه لانه اذا كان هذا هو السبيل الوحيد الى ان تطأ قدمك باب المطعم فأنني على استعداد لان اكون احمق"

وفي لمح الصر ادركت سابرينا انه يعني ما يقول ولن يغير من الموقف اي بادرة عناد او غضب تبديها فهو يعني حقا دخول المطعم بطريقة او بأخرى.
فقالت له بهمسة غاضبة:
" انت قاس ومستبد. لا اعلم لماذا اتيت معك هذه الليلة....كان علي ان اتكهن بانك سوف تتصرف معي مثل هذا التصرف"
منتدى ليلاس
فقال ساخرا:
"خير لك ان تتخذ حذرك. ففي وسعي ان اغير رأي واخذك الى مطعم صيني واضع في يديك العودين الذين يستخدمهما الصينيون في تناول طعامهم. ولا اظن انكي تجدين استعمالها.
وانفجرت شفتها عن ابتسامة عريضة ولكنها اسرعت تغطي فمها براحة يدها حتى لا تنطلق الضحكة التي اوشكت ان تنفجر من بين شفتيها. لم تستطع ان تتقن استخدام العودين عندما كانت مبصرة فما بالها الان وهي عمياء؟ لابد ان منظرها سيدعو الى السخرية والرثاء.

ضحك باي برقة وقال:
" اني ارى ابتسامتك التي تخفينها وهذا يعد تقدما في سلوك القردة العمياء العنيدة, استمري في اخفائها ولا تخجلي اذا بدا شئ منها. فالمبصرون يبتسمون دائما."

فتنهدت سابرينا وقالت بمرح:
" لماذا لا استطيع ان اتفوق عليك في مناقشة واحدة؟"



اماريج 25-07-10 02:13 AM

فقال:
" لانك يا ملكتي العمياء تعرفين دائما انني على صواب"
ولدهشتها تناولا الطعام دون حدوث اي نكبات بينما اعتادت سابرينا ان ترتطم يدها بالاكواب ويسقط الطعام على المائدة في المرات السابقة التي تناولت طعامها خارج البيت عقب الحادثة اما في هذه المرة لم يحدث شئ من هذا
القبيل. وانذرها باي ضاحكا بأنه سيطلب لها طبقا من المعكرونة الاسباغيتي ولكنها وجدت امامها فنجانا من القهوة بدلا منه.

اسندت ظهرها الى مقعدها ولمست يدها بحرص فنجان القهوة حتى تقدر مكانه تماما وبدت تنهيدة رضا من بين شفتيها وسألها باي برقة:
" لماذا تتنهدين؟"
فأجابت"
" لانها وجبة ممتعة. اشكرك لانك اجبرتني على المجئ."
فقال لها بصوت عابث:
" افضل ان تقولي اقنعتني بدلا من اجبرتني"

قالت باسمة:
"اقنعتني بالمجئ الى هنا"
سألها بصوت حاد لكن بنبرة مراوغة:
" الم تشعري بالكآبة عندما علمت بنتيجة الفحوص السلبية؟"

قالت سابرينا:
" طبعا كنت اتمنى ان تكون النتائج ايجابية ولكنني لم اعر الامر اهتماما كبيرا لسببين: اولهما لانك اسديت لي نصيحة وثانيهما لانني بدأت في العمل مرة اخرى بصورة خلاقة. عندما ذهبت هذه المرة الى المستشفى لم تكن حياتي كفتاة عمياء بلا هدف اما في المرة السابقة فقد اصدر المختصون حكمهم ولم يكن لدي اي هدف سوى الفراغ. الان يا باي عندي هدف"
" انت تشيرين الى ممارسة النحت...متى تسمحين لي بمشاهدة انتاجك؟"
فقالت سابرينا بابتسامة:
" عندما اكون مستعدة لمواجهة النقد"
منتدى ليلاس
فقال باي متحفزا:
" وهل تظنين انني سأكون مصيبا في حكمي؟"
قالت:
" لا اظن انك ستجيز الموضوع بتقدير متوسط لانني ببساطة عمياء"
قال:
" لا اظن انك سوف تركزين على هذا المسند او ترتضين بخفض مستواك"

هزت سابرينا رأسها وقالت بنبرة دافئة:
" لا استطيع فكل ما ابيغه هو ان اكون جيدة في عملي. اريد ان اكون عظيمة في الفن الذي اعتبره كل مستقبلي. وهذا هو السبيل الذي يفتح لي باب الامل لان اعود نفسي"
فسألها:
" وهذا امر هام بالنسبة لك...اليس كذلك؟"

استرسلت تقول:
" اجل. ليس من اجل كبريائي فقط او استقلالي وانما من اجل ابي فانا لا اريد ان اكون عبئا عليه. انا اعلم انه لا يفكر في بهذ الطريقة الا انني اعرف انه لم يتزوج ديبورا بسببي ولكنه سوف يتزوج عندما يكون لي دخل مستمر اعتمد عليه"
فقال باي مقترحا:
" او تتزوجين...وهذا سبب وجيه لترك البيت.



اماريج 25-07-10 02:14 AM

فضحكت سابرينا ولم تأخذ اقتراحه بجدية:
" هناك عقبتان تعترضان هذه المشكلة"
سألها: " ماهما؟"

قالت:
"اولهما: لا يوجد انسان وقعت في حبه.. وليس معقولا ان اتزوج رجلا لمجرد الرغبة في ان اترك المنزل"
سألها: " والعقبة الثانية"

قالت:
" والعقبة الثانية متعارضة للغاية لانه ليس هناك شخص يرضى بالزواج مني"
وهزت رأسها هزة متشككة في العثور على هذا الشخص.
سألها باي بسخرية:
"هل هذا الامر بعيد الاحتمال؟"
فضحكت بهدوء مرة ثانية وقالت:
" يمكن ان يحدث...لو وجد شخص مجنون"
منتدى ليلاس
قال:
" دائما اعتبر نفسي شخصا عاقلا. واظن ان هذا وحده كفيل بأن يضعني خارج المسابقة..اليس كذلك؟"
وشعرت سابرينا ببصره يتأمل وجهها ويتحفز لمعرفة رد الفعل وادركت فجأه فحوى الموضوع الذي تدور حوله مناقشاتهما.
فأجابت بحزم:
" بالتأكيد انت خارج المسابقة"
فقال باي:
" اظن ان ذلك يقرر الامر"

واحست سابرينا ان الفتور الذي شاب صوته كان لسبب اعمق من مجرد عدم اهتمامه بردها. فربما فكر في انها تريد الفوز به لثرائه.
" هل تريدين مزيدا من القهوة يا سابرينا ام تبغين الرحيل؟"
ومدت يدها فعثرت على العصا معلقة على ذراع المقعد وقالت له:
" لا اشكرك. انا مستعدة للرحيل اذا كنت انت مستعدا..."

وبعد هذا العشاء الاول الناجح دعاها باي الى تناول الطعام خارج البيت عدة مرات خلال الاسابيع التالية. وكانت المطاعم التي وقع اختياره عليها غير مزدحمة بالرواد ولكنها تقدم الطعام الجيد.
وكانت ترتبك عندما يتوقف اصدقاء باي عند مائدتهما للتحية وكانت تحس بدهشتهم عندما يعلمون انها فتاة عمياء ويعجبون لمصاحبة باي لها.

وفي بعض الاحيان كانت هي تتعجب لمصاحبة باي لها ولكن الجواب فقد اهميته فقد كان يكفيها انها تتمتع بصحبته دون ان تسأل عن دوافعه الى مصاحبتها وبالرغم من انها خرجت من قوقعت حياتها الا انها كانت تكره مشاعر الشفقة من اي انسان وخاصة باي .

صقلت سابرينا بحرص ذراع التمثال الصلصالي وتركت اصابعها تنقل صورته الى ذهنها. وانتابتها رجفة خفيفة من الزهو المكبوت عندما تصورت الصورة الكاملة لتمثال راقصة الباليه التي راحت تدور حول نفسها وازدادت ثقتها بيدها مع مرور الاسابيع وفاقت محاولاتها الناجحة عدد محاولاتها الفاشلة.
وتردد صوت وقع اقدام ترتقي درجات السلم فتراجعت سابرينا من امام منضدة العمل وتراقصت ابتسامة شاحبة على شفتيها وقامت بمسح يدها في المنشفة واستدارت بخفة اتجاه الباب في الوقت الذي اقتربت فيه الخطوات منها وبدت في وقفتها لهفة لم تستطع ان تخفيها وقالت عندما توقفت الخطوات عند الباب:
" ادخل يا ابي"
وعندما انفتح الباب تمايلت برأسها استعدادا لسماع صوت القادم ولم يكن الشخص القادم اباها....انما كان باي...ادركت ذلك بغريزتها.



اماريج 25-07-10 02:24 AM

وسألت بدهشة:
" ماذا تفعل هنا؟ قلت انك لن تأتي قبل السابعة. لا اظن انها الساعة السابعة الان فلم انسى نفسي في العمل"
ولم تتأكد سابرينا من الوقت لان ساعتها لم تكن معها.

فقال باي:
" ليست السابعة كما تظنين. اننا في منتصف بعد الظهر. لما رأيت انك امتنعت عن دعوتي حتى لا ارى عملك سألت اباك بأن يرسليني اليك هنا بدلا من ان يدعوك الى الطابق السفلي.

وتحركت سابرينا بضع خطوات في حركة دفاعية تلقائية لكي تعترض مسار بصره فلم يرى اعمالها بعد سوى ابيها وديبورا ولم تكن على استعداد لان تسمح لاي شخص غريب عن اسرتها ان يرى ماذا صنعت اصابعها وتمتمت قائلة:
" هذا لا يفسر سبب وجودك هنا في هذا الوقت من النهار"

واستطاعت ان تحس بابتسامة تشوب صوته وهو يقول:
" هل حقا لا يفسر سبب وجودي؟ كنت اظن انه ضروري. وفي الحقيقة لدي غرض اخر لتسللي الى الاستديو انني اود ان اخبرك بانني الغيت عشاء الليلة.انا اسف يا سابرينا"
فقالت باستخفاف: "حسنا...."
منتدى ليلاس
ولم يكن حسنا البتة لانها لم تكن يريده ان يعرف مدى شوقها الى تمضية الامسية معه. ولم تحب ان تبوح له بذلك.
فليس هناك مستقبل في هذه الدعوة وانما مستقبلها هنا في الاستديو حيث يوجد العمل.
فقال باي:
" هل اشعر بالسرور او اتألم من اهانتك لانك تلقيت الخبر بهدوء شديد؟"

واحست سابرينا بحركة ارتفاع حاجبه الكثيف وهو يتحدث اليها. كانت مزيجا بين الدهشة والسخرية. واردف يقول:
" كنت اتوقع منك الاسف لالغاء الدعوة"
قالت بصوت يتسم بنبرة كبرياء:
" كنت اتمنى ان اتمتع بالامسية. لابد ان امرا هاما اجبرك على الغاء عشائنا. كنت اود ان تحذر صديقتك الغيور بأنها ليست في حاجة الى ان تنتزع عيني فأنا عمياء تماما وفي غنى عن تشويه وجهي"

وكانت ملاحظة سابرينا مازحة واجابها باي مازحا ايضا:
" ما الذي يدفعك الى الظن بأن صديقتي الغيور هي التي غيرت خططنا؟"
فقالت بابتسامة:
" لا اعرف ان هي غيرت خططنا وان كنت اتمنى ان لا تتوقع مني ان اعتقد انك اعزب"

فقال:
"وما الذي يدفعك الى الاعتقاد بانني لست اعزب؟"
وذكرها سؤاله بصورة وجهه الرجولي الشهم الذي تحسسته بيديها وودت لو تبين له بأن تصرفاته في عدد من المواقف التي مرت بها في الماضي تجيب عن سؤاله.
ابتسمت سابرينا وقالت:
" كل فتاة لها اساليبها الخاصة لمعرفة هذه الاشياء واعتقد انه نوع من غرائز الانثى"

فسألها بتراخي:
" اذا كنت تعتقدين ذلك عني اذن ما رأيك في اننا لم نبلغ بعد في علاقتنا الالفة والمحبة؟"
وضحكت سابرينا وكأن سؤاله يدعو الى السخرية:
" حقا....ياباي. اننا صديقان لا اكثر من هذا"

" تقصدين علاقة افلاطونية اليس كذلك؟"
ورفعت جبينها ازاء ملاحظته القاسية وقالت:
"طبعا"
فقال ساخرا:
"في هذه الحالة متى تبتعدين عن الطريق لكي يرى صديق عملك؟ان رؤيتي محدودة الى حد ما بوقوفك امامي!"

واستنتجت سابرينا انها توهمت القسوة في سؤاله السابق وقدرت ما هو ظاهر فقط. واعترتها لحظة تردد وظلت مكانها وكانت ترغب في معرفة رد الفعل الواقع في هذا المجال الفني.

وتنحت جانبا والخوف يعتريها لسماحها لباي بأن يتقدم حتى يرى اعمالها عن قرب. قالت بعصبية:
" بعض محاولاتي الاولى على المنضدة الجانبية. وكما ترى انها ليست جيده ولكنني اتحسن ببطء. في هذه الاونة اقوم بتشكيل عدة تماثيل لراقصات الباليه. فكرت ان اصنع تمثالا لفرقة باليه صغيرة يتوسطها راقصان.


اماريج 25-07-10 02:28 AM

وخيم صمت بلا نهاية وكادت اعصاب سابرينا تحترق من طول الترقب.
كانت تتوقع حدوث مفاجأة من باي. وتشابكت يدها كأنها تردد صلاة واخيرا سألها:
" هل شاهد احد اصدقائك عملك؟ اقصد اصدقائك الفنانين؟"
وحركت رأسها بالنفي قبل ان تقول:
" فقط ديبورا وابي"

فتمتم قائلا:
" انا لست بناقد يا سابرينا اعرف فقط ما يروقني وقد تأثرت بما اراه هنا الم تمارسي هذا العمل من قبل؟"
وتنفست الصعداء وقالت:
" ابدا لم افعل هذا من قبل. هل تظن انه عمل جيد؟ لا تقل انه جيد حتى ترضي فتاة عمياء مثلي."
منتدى ليلاس
وكانت سابرينا تحتاج الى سماع استحسانه مرة ثانية.
قال لها:
" لقد عاملتك من اللحظة الاولى التي التقينا بها وانا ارتدي قفازات رقيقة اما الان فاني غير مستعد لاستعمالها ثانية. انت تعرفين جيدا ان ما صنعته يداك اكثر من جيد واستطيع ان ارى ذلك بوضوح والمتخصص هو الشخص الوحيد الذي يمكنه ان يقرر مدى جودتها واذا كنت ترغبين في الاخذ باقتراحي عن انسان متخصص بالفن ففي وسعه ان يعطيك الجواب الشافي"

رفضت سابرينا قائلة:
" لا ...لم يحن الوقت بعد"
وران عليها الصمت.
وكانت ثقتها في قدرتها الفنية لم تبلغ بعد الدرجة التي تستطيع بها مواجهة النقاد ثم اردفت تقول:
" انا است مستعدة لذلك فانا احتاج الى المزيد من الوقت"

فقال لها:
" اي انسان مستعدا لسماع حكم الاخرين ولكنه لا يستطيع تأجيل القرار الى الابد"
ابدى لها هذه الملاحظة برقة وهو يذكرها بحاجتها العملية لرأي الاخرين اذا كانت قد اتخذت من هذا الاسلوب التشكيلي مجالها الفني.
قالت مرددة كلامها:
" لا..لم يحن الوقت"
وراحت تمسح راحتيها فوق القميص الخارجي الذي ترتديه وقال لها باي:
" سيكارة؟"
قالت سابرينا وهي تطلق زفرة من صدرها:
"اجل...من فضلك"

وبلغت رائحة الدخان انفها وهي تمد يدها لتتناول السكارة ولكن باي وضعها بين شفتيها ولمست اصابعه فمها فسرت رجفة في سلسلتها الفقرية.
قالت له بتردد:
" يوجد قهوة وكعك في الطابق الاول. هل تحب...."

وقاطعها باي رافضا:
" لا....انا اسف. لا استطيع ان امكث فترة اطول. واحب ان اخبرك بأنه لن تتاح لي رؤيتك خلال الاسبوع القادم ايضا ولكن بالمناسبة يوجد هناك عرض في دار الاوبرا معي تذكرتان هل اعتبر الدعوة مفتوحة اذا كان لديك الرغبة في مشاهدته؟"
فابتسمت سابرينا قائلة:
" سأتمتع برؤيته"



اماريج 25-07-10 02:32 AM

فقال مبتسما:
" اعدك بانني لن اقوم بالغاء هذه الدعوة. اوه...على فكرة هناك شئ اريد ان اقدمه لك اعتذارا عن الغاء دعوتي لك هذه الليلة.
" تقدمه لي؟"
وتجهمت عندما سمعت حركة يده وهي تعبث في جيبه وصوت حفيف الورق وعندما وضع في يدها علبة مغلقة طويلة ورفيعة اشبه ما تكون بعلبة مجوهرات.

امرها وهو يضحك من ترددها:
" افتحيها ليست باهضة الثمن اذا كان هذا ما تخشينه. يمكنك ان تقرري رميها في وجهي عندما تكتشفين كنهها.
واعتراها الفضول وحب الاستطلاع عندما شرعت في فض غلاف العلبة وابعدت الغطاء وراحت يدها تستكشف.....
فلمست زوجين من العصي عندئذ استدارت نحوه في تعبير حائر وسألته:
" عصي؟"
منتدى ليلاس
قال:
" ليست تماما عصيا وانما هما العودان اللذان يتناول بهما الصينيون طعامهم.
ابدئي بالتدرب على استعمالها لعدة اسابيع قبل ان اصحبك الى مطعم كانتونيس في الحي الصيني."
وجلجلت ضحكة في صوتها وضمت شفتيها السفلى حتى تحول دون انطلاقها.

وقالت بسخرية:
" المفروض ان اقدم لك شكري لانك وجهت لي تحذيرا مسبقا"
ووافق على كلامها:
" اجل...يجب ان تقدمي لي الشكر"
ولكن سابرينا لم تستطع التحكم في ضحكتها فاطلقتها ثم قالت:
" وحتى بالتدريب...فانني لن استطيع تناول اي شئ سوى اقراص البيض او الاطباق الدسمة اما بقية الاطعمة فسيكون مصيرها الارض او مفرش الطاولة"

فقال باي مبتسما:
" سأقبل المغامرة اما بالنسبة ليوم السبت القادم فاعتقد ان المناسبة تطلب منك ارتداء ثوب السهرة"
فضحكت سابرينا وقالت:
" هل اعتبر طلبك هذا امرا...ايضا؟"

فقال:
" اذا كنت تعتبرينه كذلك هل تنصاعين له؟"
فهزت رأسها وقالت:
" اجل"

وابتسمت ابتسامة عريضة امتدت عبر وجنتيها فخففت من شكل وجهها المربع. وكان لاستحسان باي لعملها ابلغ الاثر في نفسها لبذل المجهود من الجهد للوصول الى الكمال الذي تنشده.
وهذه الحماسة المتجددة جعلت الاسبوع يمر سريعا. وكان الحفل المقام في دار الاوبرا اكبر جائزة تتلقاها لقاء مجهوداتها.

وكانت سابرينا تشعر بتوتر خفيف لمجرد ذهابها الى مكان عام ولكن هذا الشعور اختفى عندما اثنى باي ثناء طيبا على مظهرها فمنذ الحادث كانت تحس بمزيد من الالم عندما تقوم ديبورا بمساعدتها على تصفيف شعرها او تجميل وجهها ولكنها عرفت كيف تتخلص من هذه الالام لحظة ان بدأت تمارس عملها في الاستديو.
منتدى ليلاس
ولم تعد ديبورا تشير الى المدرسة الخاصة التي ستلتحق بها سابرينا لانها كانت تعتمد اعتمادا كليا على المجهودات التي تبذلها سابرينا لتحقيق السعادة لكليهما.

وجاء يوم السبت واستعدت سابرينا للتوجه الى الحفل ولم تكن في نيتها حمل عصاها العاجية التي تعلن لجميع الحاضرين في دار الاوبرا انها عمياء.
ومع هذا ناولها باي العصا وهما يغادران باب المنزل. وكانت تعلم مسبقا انه سيعنفها لو رفضت استعمالها لذلك لاذت بالصمت.
وفي فترة الاستراحة بين الفصول وقفا عند مدخل المسرح وهي تحمل عصاها على ذراعها ولو لم تكن في صحبة باي لظلت في مقعدها طوال العرض ولكنه دفعها الى الخروج للردهة.



اماريج 25-07-10 02:36 AM

ولم يكن باي بالشخص الذي يمكن تجاهله فان قوامه الفارع يجذب الانتباه اليه حتى لو لم تجذب رجولته الانظار. ولذلك كانت سابرينا تعرف انها ستكون هدفا لاهتمام الناس وتساءلهم وبخاصة انها تحمل عصا على ذراعيها...وفي صحبته.

واخذ باي يرد على تحيات الناس ولكنه لم يشجع احدا على الحديث معه ولم تكن سابرينا على يقين من سبب تجنبه الحديث معهم اهو بسبب انزعاجها من لقاء الغرباء ام لحملها العصا؟ وكان الرأي الثاني لا يتلائم مع طبيعته لهذا طرحته بعيدا عن تفكيرها.
وتناهى الى سمعها صوت سيدة عجوز تحييه قائلة:
" باي كاميرون"
فالتصقت به سابرينا بلا وعي طلبا لحمايته واردفت السيدة العجوز تقول:
" لم ارك منذ مدة طويلة اين كنت تخفي نفسك؟ هل هذه السيدة الصغيرة سبب غيابك عنا؟"
منتدى ليلاس
وحرك باي يده لتستريح على كتفي سابرينا ودفعها قليلا الى الامام كأنه يقدمها لها:
" باميلا...اقدم لك سابرينا لين. وانت يا سابرينا اقدم لك صديقتي العزيزة باميلا تايسن وهي شخصية فضولية محبة للاستطلاع ولكنها طيبة القلب"

قالت باميلا:
" لا تصدقيه يا فتاتي ان لدغتي سيئة وصارخة كعواء الكلب فاحذريها يا انسة لين. انت انسة...اليس كذلك؟"
قال باي :
"هل تدركين يا سابرينا ما اعنيه بأنها محبة للاستطلاع؟"
وايدته سابرينا قائلة وعلى شفتيها ابتسامة شاحبة:
"اجل...انا انسة لين"

وسلمت سابرينا بان الوصف الذي ذكره باي عن باميلا تايسن كان صحيحا فبالرغم من انها شخصية محبه للاستطلاع وقوية الشخصية الا انها طيبة القلب
قالت باميلا:
" نحن السيدات العزباوات يجب ان نبقى جنبا لجنب. وهذا لا يعني انني مكثت طوال حياتي عزباء. فقدت ترملت مرتين ويقولون ان الرجل الثالث له سحر خاص وانت يا عزيزتي هل تنوين اقتناص عزيزنا باي؟"

اجفلت سابرينا ثم قالت وهي تحاول ان تنفي التهمة بشدة:
" بصعوبة....يا سيدة تايسن"
" اظن انها وصفتك تماما يا باي"
ووافق على كلامها قائلا:
" انها فتاة صغيرة تحب الاستقلال...ولا تحب الارتباط بأحد"

واحست سابرينا بعدم الارتياح في صوته فقالت له السيدة:
" يجب ان اتعرف على سابرينا جيدا. احضرها الى حفلي بعد الاستعراض"
وكان هذا امرا وليس طلبا والقت السيدة العجوز تحية الوداع قبل ان تطلب سابرينا من باي رفض دعوتها.
منتدى ليلاس
قالت له سابرينا متوسلة بعد ان انفردت به:
" لا اظن حقا انك تنوي الذهاب الى حفلها.اليس كذلك؟"
قال بهدوء:
" ولما لا نذهب؟ ان حفلا ت باميلا ودية وهادئة"

فقالت سابرينا مدافعة:
" انني لا ارتاح للغرباء"
فقال باي:
" ان الوقت كفيل بالتغلب على هذه المشكلة"
وكانت ذراعه على ظهرها فدفعها الى المشي وهو يقول:"
" لدينا الان بضع دقائق تساعدنا في العثور الى مقاعدنا قبل ان ترفع الستارة".

*******نهاية الفصل السادس********


اماريج 25-07-10 09:09 PM

7-حفل ودي
********************
راحت سابرينا تعبث باصابعها في الفراء الذي يزين سترتها المسائية السوداء ثم دفعت الياقة حول عنقها.
وتهدل ركنا شفتيها في يأس واضح وهي تقرض شفتها السفلى ولم يحل زجاج السيارة المغلق دون سماع صوت السيارات الاخرى الواقفة امام المسرح.

قالت وفي صوتها نبرة يأس:
" لماذا لا توصلني الى البيت وتذهب وحدك الى الحفل؟"
قال باي يذكرها:
" الدعوة موجهة لكلينا"

قالت سابرينا:
" السيدة تايسن لا تعرفني ولن تفتقدني ان لم اذهب"
اجابها وهو يبتسم بحزم:
" اجل....انها ستفتقدك وخاصة انك كنت الدافع في تقديم الدعوة"
" لم اكن كذلك"

قال باي وهو نافذ الصبر:
" دعيني اعيد صياغة عبارتي. دعتنا الى حفلها بعد مقابلتها لك لانك اثرت فيها حب الاستطلاع"
جادلته سابرينا قائلة:
" لم تتح لنا الفرصة في القبول او الرفض والا كنا اعددنا الخطط لمواجهتها"

قال:
" ليست لدينا اية خطة الان.اليس كذلك؟ اذا لا يوجد هناك اي سبب يبرر عدم ذهابنا الى حفلتها وبخاصة ان الوقت اصبح لايسمح لنا للاعتذار"
وشمخت بانفها في تحير وقالت:
" لا اريد ان اذهب ويعد هذا سببا كافيا بالنسبة لي "

فأجاب باي بصوت ينم على انه لا يرغب في مزيد من الجدال
"لا..ليس هذا سببا كافيا"
فقالت سابرينا وهي تحتل مقعدها:
" انت مستبد يا باي كاميرون"
فقال برقة:
" شكرا لك"
منتدى ليلاس
فكررت كلامها:
" مستبد..."
اما وقد كبح باي جماحها بطريقته فانه قادها مرة اخرى الى موقف ليس من اختيارها ولم تستطع سابرينا تركيز حواسها حتى تعرف الاتجاه الذي يتوجهان اليه وشعرت انها لم تعد تقتفي موقع المنحنيات ولم تعد تدرك اي الطرقات يتخذ.
ولكن غياب الحركة الكثيفة للمرور يشير الى ان المنطقة آهلة بالسكان ولكنها لا تدرك اي قطاع من المدينة قد بلغاه.

وابطأت السيارة في سيرها وعندما مالت عند منعطف اعلن باي:
" وصلنا.."
واوقف دوران المحرك ولم تتفوه سابرينا بكلمة. كانت تجلس في صمت مطبق وهو يفتح الباب ويغلقه. وراحت بخيالها تراقبه وهو يدور حول السيارة ويتجه نحو بابها وقدرت الثانية التي يقوم فيها بفتحه فلم تتحرك من مقعدها.
فقال ساخرا:
" هل انت قادمة معي ام عزمت البقاء في السيارة وانت مقطبة الجبين كالطفل الصغير؟"



اماريج 25-07-10 09:10 PM

قالت سابرينا ببرود:
" اذا ان لي حرية الاختيار فانني سأبقى في السيارة"
تنهد باي بصوت اتسمت نبرته الرقيقة بالصبر:
"سابرينا...هل تدعين حقا بعض الغرباء يدخلون الرعب في قلبك فتحجبين عن لقياهم قابعة في السيارة؟

" انهم لا يلقون الرعب في نفسي"
" انت تخافين من الدخول للحفل. ما هي الكلمة التي تناسبك؟"
قالت سابرينا بتأكيد واضحك:
" انا لست خائفة"
فقال باي مؤيدا ولكن صوته نم عن استنكار:
" بالطبع...لا"
فكررت كلامها بغضب:
" انا لست خائفة"

فقال باي ثانية مؤيدا ولكن بنفس النبرة المستنكرة:
" لا يهم شعورك فاذا كنت قد عزمت على الجلوس في السيارة فانني اقتراح اغلاق جميع الابواب عليك. ولن اغيب عنك اكثر من ساعة."
فتجهمت سابرينا، ودفعت رأسها الى الوراء، غير واثقة عما اذا كان باي يداعبها ام أنه جاد في كلامه. فقالت له:
"أنت لن تتركني هنا وحدي".

قال لها يذكرها:
" الم تقولي انك تفضلين البقاء في السيارة وعندما ادخل الحفل سأفسر لهم رفضك الحضور"
فقالت:
" لن تجرؤ على ان تخبر السيدة تايسن بانني جالسة في السيارة"
وقابل باي تساؤلها بهدوء. هذا الهدوء الذي عبر عن عزمه على ابلاغها بوجودها فقالت مزمجرة:
" من المؤكد انك ستفعل شئ كهذا"
منتدى ليلاس
وتحولت لتخرج من السيارة ومد يده ليتلقى ساعدها حتى يقودها الى الرصيف.
وقادتهما وصيفة الى داخل المنزل وكانت الاصوات الدافئة والورود تملئان البهو وهي قادمة من عدة اتجاهات فأحست سابرينا بأن الحفل يضم عددا كبيرا من الضيوف وعندما حملت الوصيفة عنها السترة تناول باي ذراعها وقادها الى الاتجاه الذي تنبعث منه غالبية الاصوات وزمت شفتيها بشدة فهمس باي في اذنها قائلا:
" ابتسمي"
قالت بسرعة:
" لا"

ولكن الكدر الاليم في تعبير وجهها خفت حدته.
ودخلا سويا الى الغرفة وهي لا تدرك ان هالة من العظمة قد المت بميل رأسها الذي يعتلي عنقا اشبه بعنق البجعة وكان قوامها الملكي وثوبها الناعم المتألق بالوان اللهب قد جذبت اليها الانظار كما جذب ايضا باي.
ولما كان هو معروفا لاغلب الحاضرين فان التحيات كانت توجه له وحده.

ولم تعرف سابرينا واحدا منهم فأخذت اصابعها تضرب على مقبض عصاها العاجية فكشفت عن الاضطراب الذي يموج في اعماقها لمجرد وجودها في غرفة مليئة بالاغراب.
وتناهى من الجهة اليمنى صوت معروف لديها وكان صوت السيدة باميلا تايسن ينادي عليها:
" باي..سابرينا..انا سعيدة بقدومكما"



اماريج 25-07-10 09:12 PM

وعندما وصلت اليهم السيدة تايسن القت عليها سابرينا كلمة مرحبا ولم تكن تبغي ان تكذب عليها فتقول لها انني سعيدة لوجودي في الحفل.
خشخشت الاساور في رسغ المرأة العجوز وصافحت سابرينا التي احست ان اصابع السيدة تايسن مزينة بالخواتم الصغيرة والكبيرة وكما انها تتعطر بعطر له رائحة البنفسج. قالت المرأة العجوز في لهجة امرة:
" عزيزي باي....اذهب واحضر شرابا لي ولسابرينا..سأتناول شرابي المعتاد واحضر نفس الشراب لسابرينا"

قالت سابرينا معترضة:
"في الحقيقة...انني لا اميل كثيرا للشراب"
ولكن باي كان قد انصرف لاحضار الشراب كما امرته السيدة تايسن قبل ان يسمع اعتراض سابرينا. تمتمت السيدة تايسن قائلة:
" انا اعتدت على تناول الشاي المثلج. هذا سر بيني وبينك. يتوقع الضيوف دائما من المضيفة ان تشاركهم الشراب فاذا كفت شعروا بالحرج من مواصلة احتسائه بحرية وحتى اجاريهم اتناول الشاي المثلج الذي يشبه الشراب تماما لكي ينطلقوا على سجيتهم. استرخي يا عزيزتي فلن احاول ان اطلق لسانك بتناول المشروبات الروحية."

فقالت سابرينا:
" اشك في انك تستطيعين"
قالت السيدة تايسن:
" لك روح مرحة..احبها. انا جدة باي هل اخبرك بذلك؟"
قالت سابرينا:
" لا"

واخذت تتسائل هل هذا هو سبب فضول السيدة تايسن بشأنها.
قالت المرأة العجوز:
" ابواه كانا يقضيان شهر عسل ثاني في اوروبا..ولويز. اقصد ام باي تعتبر بالنسبة لي من صديقاتي الوفيات"
منتدى ليلاس
واردت سارينا كلامها:
" اشار باي الى وجودهما في اوروبا"
ولم تتمهل السيدة تايسن لحظة اذ قالت بسرعة:
" انا معجبة بعصاك. اظن انها عاجية...اليس كذلك؟ قطعة فنية ورشيقة ايضا اين عثرت عليها؟"

قالت سابرينا بتردد:
"انها هدية...من صديق"
سألتها المرأة في عجلة:
" صديق خاص؟"
قالت سابرينا باقتضاب:
" صديق"
سألتها:
" منذ متى اصبحت عمياء يا سابرينا؟"

" منذ عام تقريبا"
ورفعت رأسها وكأنها لا تريد ان تطرق اي اسئلة حول ماضيها فسألتها السيدة تايسن:
" ومنذ متى تعرفين باي؟"

وبدأت سابرينا تلتقط انفاسها اذ كانت تأمل في ان تتحول دفة الحديث الى موضوعات لا تتصل بها شخصيا وعلى امل الا تضيق بها المرأة الاخرى قالت:
" حوالي شهرين....يا سيدة تايسن"



اماريج 25-07-10 09:13 PM

ولم تستطع سابرينا مواصلة الحديث اذ تمتمت السيده تايسن قائلة:
" هاهو قادم....معرفتك به ليست طويلة "
ثم التفتت واردفت تقول:
" باي... شكرا لك"
وقال باي:
" اليك كأسك يا سابرينا"

مدت سارينا يدها وتناولت كأسا مثلجا.
فاستطرد باي يقول:
" كيف سارت الامور بينكما اثناء غيبتي؟ انني ارى في ميل رأس سابرينا اكبر دليل على انك يا باميلا كنت تنهشين لحم احدهم"

قالت باميلا ضاحكة تصحح قوله:
" لا انهش لحم احد يا باي كنت احاول ان اعرف المزيد عن سابرينا لديها هالة ملكية. اليس كذلك؟"
فقالت سابرينا معترضة:
" من فضلك...انا"

ولكن السيدة تايسن قاطعتها لتتم العبارة التي بدأتها سابرينا وقالت:
"...لا احب ان يدور الحديث عني او ينهش احد لحمي في غيبتي وانا اعرف تماما ما تعنيه يا سابرينا لانني امقته وازدريه وكل ما عنيته لا يعدو ان يكون ثناء. لماذا لا تتجول يا باي بين الضيوف او تفعل شيئا؟ اترك سابرينا معي لمدة ساعة وسأعتني بها "

واستدارت سابرينا ناحية باي وانفجرت شفتاها في رجاء صامت الا يدعها وحدها.
وظنت لوهلة انه سيعارض طلب المرأة الاخرى الا انه قال بصوت هادئ:
" انت في ايدي امينة يا سابرينا. سأراك في وقت قريب"

وزمت سابرينا شفتيها في غضب عندما رحل باي عنهما لأنه اولا حملها على المجئ الى هذا الحفل الحاشد بالغرباء وثانيا ها هو ذا يهجرها لتجابه الموقف وحدها.
وسرى الاضطراب تحت سطح عجزها عن الهروب من الموقف الذي وقعت في شراكه وهي تصبح تحت رحمة المحيطين بها...تأبطت السيدة تايسن ذراع سابرينا وقالت لها:
" هيا بنا يا عزيزتي. دعيني اقدمك للضيوف. احاول دائما ان اختار اصدقائي بعناية. وبهذا نتجنب الالتقاء بأي شخص متعجرف"
منتدى ليلاس
وراحت سابرينا تكز على اسنانها في صمت وهي مجبرة على ان تسير في صحبة مضيفتها ووجدت صعوبة في ان تطابق اسم الشخص على صوته لتعدد الاشخاص الذين تعرفت اليهم.

ولم تجد اي ملاحظة او تعليق على فقد بصرها وانما دار الحديث حول الاستعراض اذ اقيم في دار الاوبرا وكانت مجموعة من الناس الذين التقت بهم في الحفل قد رأوها في المسرح فسألوها عن رأيها بالعرض وكان اهتمام الجميع بها نابعا من شعور بالود والمحبة وليس شعورا بالشفقة نحوها.

واحست سابرينا ان استعدادها للتحفز للدفاع اخذ يتلاشى تدريجيا.
قالت السيدة تايسن بصوت يحمل لهجة الامر:
" تومي لماذا لا تدع سابرينا تأخذ مكانك وتجلس الى جوار السيدة فيليبس ثم التفتت الى سابرينا وقالت:
" ذراع المقعد على يسارك يا سابرينا"

وكانت سابرينا قد شربت الشاي المثلج فتناول احدهم الكأس من يدها ولكنها كانت تضيق ذرعا من فشلها في التوفيق بين اسماء الاشخاص واصواتهم وهذا ما ادركته باميلا تايسن فعملت على توفير اسباب الراحة لها حتى تشعر ان باي كان على صواب عندما قال انه تركها في ايد امينة.
قالت السيدة فيليبس :
" هذا ثوب مدهش للغاية انسة لين"



اماريج 25-07-10 09:15 PM

وادركت سابرينا ان السيدة التي تجلس الى يمينها وتحدثت اليها هي السيدة فيليبس التي قدمتها لها باميلا.
واردفت تقول:
" لاحظته وانا في المسرح"

وواصلت السيده فيليبس تطري الثوب باسهاب واشارت الى انها تجد صعوبه في العثور على ثياب تناسب قوامها واصغت اليها سابرينا دون ان تقطع عليها حديثها المسترسل .

وبدأت سابرينا تشعر بوخز خفيف في المنطقة الحساسة من ظهرها وادركت في الحال السبب. كان باي كاميرون يقف في مكان ما بالقرب منها ولم يخطئ احساسها مطلقا ولكنها تظاهرت بالاهتمام بحديث المرأه بينما كانت اذنها مشدودتين الى التقاط صوته ليحدد لها مكانه.
وفجأه سمعت صوتا اجشا مألوفا لها لاحدى السيدات ولكنها لم تستطع تحديد المكان الذي استمعت اليه فيه. قال الصوت:
" عزيزي باي. لم اتوقع رؤيتك هنا؟"

اجاب باي بهدوء:
" كانت مفاجأة لي ايضا ان التقي بك هنا. ظننت انك لا تهتمين كثيرا بحفلات باميلا. فهي تمتاز بأنها اكثر هدوءا من تلك الحفلات الصاخبة التي ترتادينها."
قال الصوت:
" يمكن للفتاة ان تغير رأيها"
قال باي:
" وفي وسع الرجل دائما ان يتسائل لماذا؟"
منتدى ليلاس
قالت:
" رأتك عصفورة صغيره في المسرح الليلة وافضت بكلمة في اذني فتكهنت بأنه من المحتمل ان تحضر بلبلك الصغير الى حفل باميلا"
فسألها باي:
" وهل صدق حدسك؟"

قالت:
" لا اظن انني ادرك سر هذا الفيض من الاحسان الذي تغدقه عليها اعني....لماذا تهتم اهتماما شخصيا بهذه المسكينة؟ لماذا لا تمنحها مبلغا من المال تنفقه بأسلوبها؟ يمكنك ان تتدبر الامر."
وتجمدت سابرينا في مقعدها.
ولم تحتمل اي تجريح لكرامتها وما من شك في ان فقد بصرها اكسبها حدة السمع وهي وحدها دون الاخرين استطاعت ان تسمع الحديث الذي دار بين الفتاة وباي.


اماريج 25-07-10 09:17 PM

تمتم باي بصوت منخفض:
" هل هذا هوحلك للموقف يا روني؟ عندما يعالج موضوع الرحمة والرأفة والشفقه انت وحدك تتراجعين الى صفوف الذين يتحدثون عن العذاب والالم والغضب"
روني هذا هو اسم الفتاة التي كانت بصحبته في الميناء في ذلك اليوم. وتذكرت سابرينا ان باي قال انهما سيتوجهان للاستمتاع بحمام شمس في عرض البحر وقضاء وقت شاعري.

وتكلمت الفتاة التي تدعى روني مرة اخرى :
" من السئ جدا ان تكون عاطفيا يا باي"
وكان صوتها همسا لم تقوى سابرينا على التقاطه الا بصعوبه.
فقال لها:
" ليس في كل الاحوال"

وشعرت سابرينا بأنه مسرور وبدأ الدم يغلي في عروقها والتوتر يفور بحراره في اطراف شرايينها وانتابها احساس بأن الفتاة قد تحركت واقتربت منه في ود ومحبه لتقول له:
" اخبرني يا عزيزي. هل تحاول ان تستغل فتاة عمياء لكي تثير غيرتي؟ الا يبدوهذا السلوك مثيرا للضحك؟"
فقال باي دون ان ينفي عنه التهمة:
" لماذا؟ انها فتاة جذابه"

وعادت روني تذكره قائلة:
" ولكنها عمياء. اعرف انك تشعر بالاسف لها. ولكننا نشعر بالشفقة لمن هم اقل حظ منا. كم قاس على فتاة مثلها ان تكتشف ان كل اهتمامك بها لا يعدو ان يكون شفقه. لا اعتقد انها سوف تشكرك"

فقال باي متراجعا:
" انا اعرف سابرينا. انها قد تصفع وجهي لو....."
ولم تستطع سابرينا ان تلتقط بقية عبارته. حسنا....لقد سمعت ماكفاها وتقلصت امعاؤها فشعرت بالام حادة تمزق احشاءها وراح غثيان يجتاح جسمها في حلقات موجعة ونهضت لتقف على قدميها دون ان تكترث لحديث السيدة فيليبس المسترسل وقاطعتها قائلة:
" اعذريني يا سيده فيليبس"
منتدى ليلاس
ثم التفتت ونادت:
" سيدة تايسن!"
واسرعت مضيفتها بالوقوف الى جانبها وقالت لها:
" نعم يا سابرينا"
وابتلعت سابرينا ريقها وهي تحاول ان تهدأ من اعصابها المتوتره وان تجعل صوتها يبدو طبيعيا ما امكن.
سألتها:
" هل يمكنك ان تقوديني الى حجرة التجميل؟"

" طبعا. هذا هو الطريق تعالي معي"
وامسكت السيدة تايسن يدها وسحبتها من وسط المجموعة الصغيرة وسألتها باهتمام شديد:
" هل انت بخير يا سابرينا؟ يبدو وجهك شاحبا. هل انت واثقة بأنك بخير؟"
واجتهدت سابرينا في ان ترسم ابتسامة على شفتيها وهي تجيب:
" بالتأكيد انا بخير"

تناهت اليها الاصوات في الغرفة عالية النبرة وحاولت ان تصم اذينها في يأس مميت عن سماعها.
قادتها باميلا الى حجرة التجميل...واخيرا قالت لها:
"هاقد وصلنا الباب الى يسارك مباشرة"

وتوقفت سابرينا وحددت بطرف عصاها المسافة التي تقع بينها وبين الباب قبل ان تستدير الى مضيفتها وتقول:
" شكرا لك يا سيدة تايسن"
وقالت لها السيدة بتردد:
" هل ترغبين في ان ادخل معك؟"


اماريج 25-07-10 09:19 PM

كانت سابرينا تنشد الانفراد والهدوء حتى تستجمع حواسها المضطربة لذلك قالت لها:
" لا...ليس ضروريا"
"اذن سأنتظرك خارجا"

فقالت سابرينا بسرعة:
" لا. انني استطيع ان اعود وحدي. ولا يمكن ان ابقيك بعيدا عن ضيوفك. اعطيني فكرة عن مكاني وسوف اجد طريق العودة. لا خوف علي...ما دمت اتبع الارشادات "

وترددت السيدة العجوز قبل ان ترشد سابرينا الى طريق العودة الى المكان الرئيسي للحفل. شكرتها سابرينا متأكدة من رحيل مضيفتها وانها لم تعد تراقبها وتبينت ان الغرفة لا يشغلها احد سواها واصبحت ملكا خاصا لها كما ان الباب المغلق خفض الاصوات الى همهة ضعيفه.

وبدأت تستكشف المكان بعصاها ولمست بطرفها ساق المقعد فأطلقت زفرة عميقة وهي تغوص بجسدها في الوسادة الصغيرة المخملية وعثرت على منضدة امامها اراحت ذراعيها على سطحها الاملس ولم يساعدها الصمت المطبق في التوقف عن الاستغراق في افكارها.

كانت دائما تتعجب وكانت دائما تتسائل عن السبب الذي يدفع باي الى رؤيتها. كانت بينها وبين نفسها توقفت عن الاعتقاد بأنه يراها بدافع من الشفقه لكنه منذ لحظات استعمل كلمة الرحمة والرأفه ومع ان هذه الكلمة الاخيرة التي تعد اقل تجريحا لها الا انها لم تخف من الطعنة النجلاء التي تلقتها عن الحديث الذي استمعت اليه منذ قليل. وعندما امضى امسية او امسيتين معها خلال الاسبوع الماضي لم يكن بدافع العطف وحده وانما اتخذها وسيلة ليثير الغيرة في قلب روني.

واطبقت اصابعها في قبضة شديدة ولعنت قدرتها الحادة على السمع وتمددت في صمت ولكن لا...ان صوتا في داخلها اخذ يؤنبها كانت عليها ان تشعر بالسرور لانها نظرت اليه كصديق وليس اكثر من هذا وتبينت حقيقة امره قبل ان تخطئ التفسير في سبب اهتمامه بها . كم هو رهيب لو بدأت الاهتمام به كرجل.
وبرزت امامها مشكلة! ماذا كانت تتوقع ان تكون الخطوة التالية هل عليها ان تواجهه بما عرفته؟ هذا ما تريد ان تفعله.
منتدى ليلاس
انها ترغب في ان تلقي بكلمات الاحسان والشفقة في وجهه ولكن ما النتيجة التي تتوقعها. انه سوف ينكر ببساطة كما فعل في المرات السابقة.

كانت سابرينا تعرف ان باي كاميرون شخص بالغ الذكاء بعيد النظر وهذا امر يتحتم عليها عدم مناقشته وقالت لنفسها: انظري الى الطريقة التي دفعك بها الى قبول العصى العاجية التي تستعملينها الان ثم تناول العشاء في المطاعم العامة واخيرا الحضور في هذه الليلة الى الحفل حيث تلتقين مجموعة من الغرباء. حسنا ان هذا الحفل اشعل النار في الموقف.

والان ادركت حقيقة الالوان التي يتلون بها سلوكه.
وانفتح الباب ودخلت امراة حيتها بصوت كان مألوفا لديها ولكن سابرينا لم تستطع ان تتذكر اسمها وبلا وعي تحسست الشعر المسترسل على كتفيها وهي تتظاهر بتسوية مطهرها أمام المرآة على امل ان لا تظل المرأة مدة طويلة في الغرفة ولسوء حظها مكثت المرأة وكانت كل دقيقة تمر تدق في رأسها دقا عاليا.



اماريج 25-07-10 09:20 PM

وعندما رحلت المرأة قررت سابرينا الا تطيل مكثها حتى لا تثير الشك فقط ظلت في الغرفة فترة معقولة ولا ترغب قي ان ترسل السيدة تايسن احدهم للسؤال عنها. وتمكنت وهي تقف على قدميها لو انها تستطيع ان تتسلل من المنزل لانها لا ترغب في الرجوع الى الحفل حيث اصبحت الاصوات كابوس يؤرقها.

سألت نفسها عن وجهتها وهي تفتح الباب المؤدية الى القاعة. اذا نجحت في التسلل خفية فهناك احتمال ضعيف في العثور على سيارة اجرة تقوم بجوله في هذه المنطقة اما اذا فشلت في محاولتها في التسلل وعادت مع باي في سيارته فانها تشك كثيرا في ان تمسك لسانها لا تتحدث معه خلال عودتهما الى البيت.

وكان تفكيرها مركز في البحث عن وسيلة للتسلل عندما تعثرت في منضدة صغيره كانت موجودة بجوار احد جدران القاعة . وبحثت يدها غريزيا عما قد يكون موجودا فوقها حتى تحول دون صقوتها على الارض فعثرت على زهرية بدأت تتأرجح فأسرعت بتثبيتها.

وعندما شرعت في سحب يدها اصدمت اصابعها بجسم ناعم مألوفا لديها وكان الجسم سماعة هاتف .
اخيرا....وجدت حلا لمشكلتها!

التقطت السماعة وادارت سريعا باصابعها قرص الهاتف تطلب الدليل ليعطيها رقم احدى شركات سيارات الاجرة ولم تحاول ان تفقد ثانية التفكير وطلبت رقم هاتف الشركة.
وعندما سمعت صوت مسؤول الشركة قالت له بأدب:
" من فضلك...هل يمكنك ان ترسل..."

وتوقفت سابرينا عن مواصلة الحديث. لم تكن نعرف اين هي الان وانتشلها من حيرتها صوت اقدام تقترب فقالت للمسؤول:
" انتظر قليلا"
والتقطت نفسا عميقا واستدارت نحو الشخص القادم وسألته:
" من فضلك هل يمكنك ان تخبرني بعنوان هذا المنزل فأجاب صوت سيدة قائلة:
" اجل يا سيدتي"

واعطتها عنوان المنزل. وكان الادب الجم الذي اتسم به الصوت النسائي دفعها الى ان تسألها:
" هل انت الوصيفة؟"
قالت السيدة بصوت ينم عن انها لاحظت العصا البيضاء في ذراعها:
" اجل يا سيدتي"

فسألتها سابرينا:
" هل يمكنك ان تأتيني بالسترة انها مصنوعة من الفراء الاسود"
" حالا يا سيدتي"
منتدى ليلاس
وعندما ابتعدت عنها الاقدام رفعت سابرينا يدها من فوق السماعة واعطت للمسؤول العنوان ووعدها بوصول السيارة بعد دقائق قليله. ووضعت السماعة في مكانها واستدارت لتبتعد عن المائدة وهي تشعر بالانتصار الذي حققته.

وسمعت خطوات تقترب منها من نفس الاتجاه الذي رحلت منه الوصيفة منذ لحظات ولم تكن سابرينا على يقين من انها الوصيفة فتوقفت انفاسها وهي تخشى ان يكتشف باي امرها او السيدة تايسن بين لحظة واخرى ولكن الخطوات كانت للوصيفة عندما قالت لها:
" اليك السترة يا سيدتي هل اساعدك على ارتدائها"
فوافقت سابرينا بعصبية:
" من فضلك"

وساعدتها الوصيفة على ارتداء السترة وسألتها :
" هل اخبر السيدة تايسن برحيلك"
فكذبت سابرينا عليها قائلة:
" لا ليس ضروريا انني اخبرت السيدة تايسن برحيلي منذ لحظة. ستصل سيارة الاجره حالا. سأنتظر بالخارج. هل يقع الباب الخارجي امام الصالة مباشرة؟"


اماريج 25-07-10 09:21 PM

فقالت الوصيفة:
" اجل يا سيدتي ولكن الضباب كثيف هذه الليلة وخير لك ان تنتظري في الداخل"

كانت سابرينا تخشى ان ينكشف امرها وهي على مقربة من تحقيق هدفها فقالت:
" افضل ان استنشق بعض الهواء الطلق"
قالت الوصيفة مستسلمة وهي تنسحب في هدوء:
" حسنا يا سيدتي"

واخذت تتحسس بسرعة سبيلها بما تسمح به عصاها واحست انها تقوم برحلة طويلة وهي تقطع المسافة التي تقع بين الصالة وبين الباب الخارجي وكانت راحتاها تتصببان عرقا وهي تفتح الباب وتنطلق في الظلام.

وهدأ الهواء البارد من اعصابها المضطربة وتحركت بعيدا عن الباب وهي تتلمس الاسوار القائمة على جانب المدخل. كان الضباب ثقيل الوضع على وجهها وجدران المنزل الكثيفة تحول دون بلوغ الاصوات الى مسامعها.
وشاعت ابتسامة عريضة على شفتيها وهي تتخيل اضطراب باي عندما يكتشف رحيلها سيدفعه احساسه بالشفقة الى بذل الكثير من اجل سلامتها ولكنها كانت تعلم انه لن يمضي الوقت الطويل قبل ان يسأل الوصيفة عنها وسوف تخبره ان سابرينا استقلت سيارة اجره وسيغضب لكنها لن تأبه كثيرا لغضبه.

ومهما كانت تدين به لمساعدته لها وصداقته المزعومة فانها قد سددته له الليلة على اكمل وجه.واحست ان الوقت يمضي بطيئا وكان يتضاعف في نظرها عندما انت تنتظر بقلق حدوث شئ وظلت وراء الاسوار حتى لا يراها احد المدعوين ممن يهمون بمغادرة الحفل مبكرا.

وفجأه سمعت صوت سيارة مقبلة على الطريق وتمهلت حتى تعرف اذا ما كانت السيارة قد وقفت امام المنزل ام استمرت في سيرها ولكنها توقفت عند المنعطف ودوى صوت قفل الباب.

وعندما خطت سابرينا الى الامام سألها صوت رجل برقة:
" هل طلبت سيارة اجرة يا سيدتي؟"
قالت: " اجل"
منتدى ليلاس
وسارت بسرعة نحوه وكان الانتصار يحمل خطواتها على اجنحته وانفتح باب السيارة واستخدمت الصوت في تقدير المسافة وامسك الرجل مرفقها بيده ليساعدها على الدخول اليها فأردفت تقول:
" اريد ان تأخذني الى...."

ولم تستطع التفوه بعنوان بيتها وتوقفت الكلمات عند طرف لسانها عندما سمعت باب المنزل يفتح وارتجفت حتى وقف شعر رأسها وتجمدت اطرافها حتى عجزت عن الحركة وبذلت المحاولة حتى تدلي بالعنوان فليس هناك فسحة من الوقت ولكن خطوات باي كانت اسرع منها.

وعندما حاولت ان تنزلق الى المقعد الداخلي التفت ذراع حول خصرها واستقرت يد فوق بطنها تحول بينها وبين دخول السيارة وتجذب جسمها الى الرصيف.

قالت صارخة:
" دعني ارحل"
وراحت تقاوم ذراعه الصلبة التي امسكت بها بشدة فأمرها باي:
" التزمي الهدوء يا سبرينا"



اماريج 25-07-10 09:24 PM

وسمعت صوت حفنة من النقود تخرج من جيبه وهو يقول:
" انا آسف لاستدعائك بلا ضرورة. سآخذها انا الى بيتها"
فاعترضت سابرينا بشدة وقالت:
" لا اريد ان اذهب معك"

ووقف السائق ساكنا وكانت تعلق املا في ان يصبح حليفا لها فوجهت اليه حديثها:
"ارجوك...اخبر هذا الرجل ان يدعني وحدي"

فسألها باي بأدب:
" هل تطلبين من الناس التدخل في خلافاتنا؟"
وكان سؤاله اشارة الى وجود خلاف بسيط بين رجل وامرأة وقدم باي اعتذاره للسائق واخبره بأنهما في غنى عن مساعدته.

وتناول السائق النقود متمنيا حظا سعيدا لباي وعندئذن ادركت سابرينا ان محاولة الهروب قد باءت بالفشل. وتوقفت عن النضال من اجل اطلاق سراحها من القبضة الحديدية عندما سمعت السائق يغلق الباب الخلفي للسيارة ويلتف حولها متجها الى الجانب الاخر منها.
وادار باي جسمها يمينا فاستقرت يده على جنبها عندما اجبرها على السير بعيدا عن السيارة التي شرعت في الرحيل.
منتدى ليلاس
ولم يحاول ان يعود بها الى المنزل وانما اتجه بها الى سيارته التي كانت تقف عند المنعطف الواقع على مبعدة من الطريق.
وسألها بتجهم:
" هل يمكنك ان تقدمي لي تفسيرا لكل ما يحدث؟"
فأجابت سابرينا:
" بالتأكيد..الامر واضح للغاية انا عائدة الى المنزل"

قال:
" اذا كنت راغبة في الرحيل لماذا لم تبحثي عني وتخبريني برغبتك؟ لم اقل انه من المحتم البقاء في الحفل الى اخر دقيقة"
وشعرت بأصابعه تغرز في خصرها.
فقالت بعنف:
" لا اريد منك ان تأخذني الى المنزل. هذا هو التفسير"
قال بغضب بدا واضحا في صوته:
" اذن كان يتحتم عليك ترك عصاك وراءك حتى لا يفطن احد الى رحيلك"

ورفضت ان يعوز اليها بالفكرة بهذا الاسلوب وقالت:
"لو تدبرت الامر.... لكنت فعلت"
سألها:
" لماذا ترفضين فجأة ان اخذك الى البيت؟"
فقالت سابرينا بغطرسة:
" لا حاجة لي لتقديم اي تعليل"
اخبرها بكبرياء:
" اجل..لا حاجة بك ولكن انا في انتظار سماع هذا التعليل اليوم"

وصمتت سابرينا فجأة وشاركها باي صمتها ولكنها تحدته بجرأة وهي تميل نحوه برأسها ليرى الكراهية في ملامح وجهها.
واخيرا خرجت من صمتها وقالت:
" لانني ضقت ذرعا بشفقتك نحوي ووصايتك علي انني لا احتاج اليك او لأي شخص يشعر نحوي بالاسف"
قال:
" ماذا تقولين؟"

واستطاعت ان تحس بالتجهم في نبرة صوته!
قالت بصوت يشوبه الاضطراب:
" اذهب وانضم الى فريق الكشافة"
واستمرت باضطراب:
" سئمت حسناتك "
فانفجر قائلا:
" الشفقة! هل هذا ما تفكرين انه شعوري نحوك"

فغمرت سابرينا فمها لتقابل ثورته بالمثل وفي اللحظة التالية اندفعت نحوه فأطاح عنف الحركة بعصاها لتقع على الرصيف وشعرت بذراعيه تحيط بمنكبها وتهزها بعنف ومن ثم ضمها بقوة الى صدره.
فقالت تتهمه بهمس انبعث من بين انفاسها المتقطعة:
" انت قاس...ومستبد...يا باي كاميرون"
منتدى ليلاس
فقال بكلمات قاسية تحمل على اطرافها نبرات سخرية:
" لابد ان اشنق مثل قديس اخطأ"
وكما بدأت الاحداث فجأة... انتهت بأن امسك باي بذراعها وشعرت بأن توازنها قد اختل تماما.
وانقلبت الامور رأسا على عقب انه عالم مقلوب الاوضاع عاشته في دنياها المظلمة وهذا كله بسبب باي. قال لها:
" ادخلي السيارة"

وكانت ردة فعله اشبه بصفعة قاسية على وجهها. وبالرغم من الهزة المفاجئة التي اعادتها الى الواقع لا انها لم تقو على الحركة فاضطر باي في النهاية الى ان يجرها...ويحملها... ويضعها في المقعد ولم يعد اليها صوتها حتى استقر باي في مقعده وراء عجلة القيادة وبدأ في الابتعاد بسيارته عن المنعطف فقالت:
"باي....."

وكان صوتها ضعيفا لا يعد ان يكون همسا ولكن باي قاطعها قائلا:
" اصمتي يا سابرينا"
واحست من نبرة صوته ان كلماته كانت تخرج من بين اسنانه"

*******نهاية الفصل السابع*******


اماريج 25-07-10 09:28 PM

8- رحلة بحرية
*********************
اطاعت سابرينا امره...فلم تتفوه بكلمة خلال الطريق. كان الجو متوترا والخوف الشديد من مجرد التفكير في الحديث يؤرق مضجعها.
لم يكن الخوف من تنفيذ وعيده وانما انت تخاف من نفسها من ان تضعف امامه.
فمازالت تشعر بضربات قلبها وكأنها تركب قطارا سريعا لا تستطيع الوثوب منه منذ ان ضمها الى صدره بعنف.

وكان اسوأ ما في الامر في انها لم ترغب في ان تمحو ذكراه. وكان ذلك سبب الخوف الذي دام يطاردها يومين عقب ما حدث في بهيم تلك الليلة.
ساءلت نفسها مرة ومرة لماذا استعمل معها هذه الطريقة؟ هل هو الغضب ام رغبته في تغطية فشله.

وكان هذا هو التفسير الوحيد لتساؤلها..في اطار الحديث الذي استمعت اليه في الحفل ومن المحتمل ان يكون هو الرابطة بين اشياء عديدة.
ولم تضع سابرينا في اعتبارها ان يكون الحب هو الدافع لانها لا تعتقد بأن الزمن سيجود عليها برجل ما تلتقي به... يحبها حقا... ويرغب فيها كما انها لا تتصور ان يكون باي كاميرون هو...هوهذا الرجل.
منتدى ليلاس
فان باي له مكانته وثراؤه وجاذبيته ومظهره وهناك العديد من السيدات يتقن الى الوقوف بجواره باشارة من اصبعه.
ان فقد بصرها مس قلبه ولا اهمية للصفة التي توصف بها عاطفته نحوها هل هي الشفقة...الرحمة... الحنان. كل هذه الصفات واحدة ومن منبع واحد.

واعتصر الالم قلبها وحدثتها كبرياؤها بأنها لا تستطيع ان تعتبر باي صديقا لان الصديق ربما يرثى لحالها ولكنه لا يسعى الى صحبتها لمجرد انه يشعر بالاسى لحالها.
وعرف قلبها السبب الرئيسي الذي يدفعها الى ان تلفظ باي من حياتها. فقد توقفت عن التطلع اليه كصديق وبدأت تفكر فيه كرجل وكان هذا التصور غباء منها...مدمرا لها.

وتراقص نشيج على اوتار حلقها...هزها من مفرق رأسها الى اخمص قدميها ولم تتمالك سابرينا نفسها فألقت بوجهها بين راحتيها وهي تشعر بالتعاسة والوحدة وتشعر بالاسى لنفسها ولا تأسف لها.

ورن جرس الهاتف قبل ان تطلق العنان لدموعها وانكرت سابرينا رنينه الذي استمر فترة.


اماريج 25-07-10 09:29 PM

وانت ترغب بتجاهله فتركته يواصل الرنين حتى يسأم المتصل ويكف عن طلب مكالمته. ولكن سابرينا خشيت ان يكون ابوها هو المتصل وادركت انه ليس من حقها ان تتسبب في ازعاجه فنهضت ورفعت السماعة
وقالت بصوت هادئ:
" منزل لين"
" سابرينا"

كان صوت باي المنخفض هو الذي بلغ مسامعها فاهتزت له حتى كادت السماعة تسقط من يدها وسرى في اوصالها حتى زلزل ركبتيها فأسرعت تبحث عن مقعد لتستند اليه.
سألها صوته الغاضب عندما تقاعست عن الاجابة بسرعة :
" هل انت منصتة لي يا سابرينا ؟"
قالت بصوت متوتر:
" اجل..اهلا..باي!"

سألها: "كيف حالك"
ولم يكن سؤاله عرضيا وانما كان يشوب نبرته الحذر.
قالت بصوت بعيد ولكنه مهذب:
" حسن...وانت كيف حالك؟"

ولكن باي تجاهل تساؤلها وقال:
" انت تعرفين لماذا طلبتك اليس كذلك؟"
فسألته بعدم اكتراث:
"وكيف لي ان اعرف؟"
سألها:
"هل تتناولين الطعام معي مساء السبت؟"

كان اقتراحه تحديا وتوارد الى ذهنها ان باي يختار دائما ليلة السبت لانها الليلة التي يخصص فيها ابوها وقته لخطيبته ديبورا. وكانت سابرينا تمضيه في اغلب الاوقات وحدها قبل ان تتعرف الى باي.
منتدى ليلاس
وتذكرت انها طلبت بالامس صديقتها القديمة سالي جودين لتمضي معها امسية السبت. فأجابته بصوت كله صدق يتسم بنغمة الانتصار:
" لقد اتفقت مسبقا على عدة لقاءات"
فقال ساخرا كأنه يثير الشك في كلامها:
" احقا كذلك؟"

قالت سابرينا مستدركة:
" اني اعرف اشخاص اخرين سواك يا باي."

فسمعت تنهيدة غاضبة عبر الهاتف وقال:
" هل افهم من ذلك انك نظمت مواعيدك لتكوني مشغولة مساء السبت؟"
فهزت كتفيها وقالت بصوت لا ينم عن التأييد او النفي:
" افهم كما تحب"

" هل افهم ايضا انه بسبب عصبيتي في تلك الليلة اتخذت قرارك بعدم رؤيتي مرة اخرى؟ لقد اثرت غضبي عندما هربت من المنزل دون ان تتركي رسالة تنبئ عن رحيلك وكان من المحتمل ان اخبرك ولكن فضلت ان لا افعل ذلك"
كان باي قوي الاقناع في حديثه ولكنها لم تتح له الفرصة ليتحكم فيها.


اماريج 25-07-10 09:31 PM

فقالت له:
" فعلت ما فعلت وليس هناك مبرر لاي مزيد من الحديث عنه"
فقال بكبرياء:
" اذن...هذا قرارك انك لا تريدين رؤيتي مرة اخرى. هل هذه اللحظات القلقة التي انتابني الغضب فيها تمحو كل ذكريات الساعات السعيدة التي امضيناها سويا من قبل؟ هل هذا عدل؟ الا تعني شئ لك؟"

وكان عليها ان تجيب على تحديه فقالت له ببرود:
" اجل كانت تعني لي شيئا...حتى فقدت معناها باكتشافي انك تشعر بالاسف لي. وقد سبق ان قلت لك انني في غنى عن شفقة احد"
" من هو ذلك الشخص ذو التفكير السديد الذي يشعر بالاسف نحو فتاة مثلك لها رأس اسد وعقل طفل مدلل؟ فكثيرا ما تحاولين يا سابرينا اجراء اختبار تمتحنين به صبر الرجل. كم مرة يجب ان اؤكد لك انني لا اشعر بالاسف نحوك قبل ان تصدقينني؟"

فسألته متحدية:
" اذن فسر لي سبب رغبتك في رؤيتي"
اجاب باي بتجهم:
" هل يجب ان يتوفر دافع بالغ الخطورة حتى اطلب رؤيتك. الا يمكن ان يفسر هذا الدافع بأنني...."

وتمهل لحظة ليختار الكلمات التي يكمل بها عبارت واستطرد يقول:
" معجب بك او بشجاعتك عندما تكونين عنيدة بتعقل. ولكن دعيني اوجه سؤالي على النحو التالي : لماذا ترحبين انت بمصاحبتي خارجا؟ هل انا وسيلة مريحة للانطلاق معك بعيدا عن المنزل؟ هل تصبرين علي لانني اصطحبك الى الاماكن التي ترغبين في ارتيادها؟ ما هو دافعك البالغ الخطورة يا سابرينا؟"

فأجابت وقد تراجعت امام هجومه :
" انا...انا ليس لدي اي دافع"
فقال ساخرا:
" اهدئي. لابد ان يكون لك دافع. يجب ان يكون لديك سبب للخروج معي."
قالت سابرينا باصرار ولكن الارتباك كان باديا على صوتها:
" لا...ليس لدي...انا اتمتع بالخروج معك...ليس لدي....."

فقاطعها باي:
" وانا ايضا استمتعت بصحبتك"
وهنا قارعته بسؤال علها تستعيد الموقف لحسابها:
" كيف كان ذلك؟ انا فتاة لها رأس اسد وعقل طفل مدلل. انت قلتها بنفسك."
منتدى ليلاس
فأجاب عليها بمرح ساخر:
" هكذا! وانا متكبر ومستبد. انت قلتها لي بنفسك. اصبحنا متساويين"
وداعبت ابتسامة شفتيها واصبح موقفها ضعيفا وشعرت باصراره الحازم يتسلل تحت سحر جاذبيته ومنطقه بالغ الاقناع فقال لها متهما اياها:
"انت تبتسمين يا سابرينا. اليس كذلك؟ لا تكلفي نفسك بالاجابة. اعلم انك ستنكرين ذلك. لن اسألك الغاء مواعيدك التي اعددتها لمساء السبت ولكن في وسعك ان تصحبيني الاحد في رحلة بحرية"
" رحلة بحرية ؟!"

رددت كلماته بوهن....كانت تجادله حول مختلف انواع الدعوات الا الرحلات البحرية. كانت سابرينا تعشقها وتقف عاجزة امامها ولا ترفضها"

كرر باي كلامه بصبر:
" اجل....رحلة بحرية"
" انا..."
ولم تستطع ان تنبس بكلمات الرفض

فقال باي:
" سأمر عليك في وقت مبكر من صباح يوم الاحد...حوالي السابعة. سنمضي وقتا طيبا"
وتعثرت كلمات القبول على طرف لسانها وهي تنطلق من فمها لتقول:
" انا...سأكون...مستعدة "

فأجاب باي مؤكدا:
" السابعة صباحا. يوم الاحد"
ووضع السماعة في مكانها وكأن لسان حاله يقول انه هو ايضا سيكون مستعدا لهذا اللقاء. ولم تحاول سابرينا ان تستبدل فكرة الرحلة بغيرها.


اماريج 25-07-10 09:32 PM

حتى فكرة موافقة ابيها على الرحلة تمت في نفس اليوم الذي تحدثت فيه مع باي. ففي المساء التقت بأبيها وعندما اخبرته بفحوى دعوة باي قال لها:
" اجل...اتصل بي باي بعد ظهر اليوم ليتأكد من عدم وجود اي اعتراض لدعوته لك واخبرته بأنه ليس لدي مانع. واعدك بأنني لن اقلق عليك لانك بين ايد امينة هذا بالاضافة الى ان باي سباح ماهر."

وجاء صباح الاحد...ووجدت سابرينا نفسها على متن يخته (فورشن ليدي) وقد اخر الضباب والريح موعد مغادرته الميناء بنحو ساعة واخيرا شق عباب الماء وداعبات نسمات الهواء الوشاح الذي يحيط برأس سابرينا وتناثر رذاذ الماء على شفتيها وعندما عبر اليخت من تحت جسر غولدين غيت ادار باي الدفة لتنطلق الى عرض البحر وتجاوزكليف هاوس وسيل روكسي واستمر فيسعيه فيما وراء شواطئ المحيط وكان التيار الجنوبي يحول دون استمتاعهما بحمام شمس. وكالعادة تعلقت سابرينا بطوق النجاة الذي ثبت في وسطها من قبيل الحيطة والحذر.

وكان سطح اليخت يميل مع تلاطم امواج المحيط الا ان باي كان يستعين بخبرته في استغلال كل هبة ريح في تسيير دفة اليخت.

وتناهى الى مسامعها صوت الريح وهي تزأر في الفضاء والامواج وهي تتلاطم فوق اليخت الذي راح يزمجر وهو يشق عباب البحر.
وبالكاد تبادلت كلمات خمس مع باي منذ مغادرتهم ميناء اليخوت فقد بدا لها الحديث غير ضروري في هذا الهدوء الجميل الذي ساد تلك اللحظات حيث احس فيها كل منهما بالسعادة دون ان يفضي بها احدهما للاخر.

ومضى بعض الوقت قبل ان تلاحظ سابرينا ان باي غير مسار اليخت اذ احست ان الشمس لم تعد في المكان الذي كان اليخت يسير صوبه والتفتت الى باي وسألته:
" اين نحن يا باي؟"
فقال مبتسما:
" في مياه مونتيري باي باقرب من سانتا كروز. هل تحلمين احلام يقظة؟"
منتدى ليلاس
وفي التو اخذت تتصور ملامحه القوية الملوحة باشعة الشمس والرياح وشعره البني المبلل بالعطر وقد شعثه النسيم وعينيه تحت وطأة ابتسامته التي احست بها في نبرة صوته وكان مثيرا لها ان صورته في خيالها واضحة مملوءة بالحيوية والرجوله.

وخفق قلبها في ضربات سريعة فتمتمت قائلة:
" احلام اليقظة ام احلام البحر...لا ادري ايهما؟"
واحست مرة ثانية بتغير اتجاه اليخت فالريح لم تعد تمسك بتلابيب الشراع وتباطأت سرعته وسطحه بدأ يعتدل تحت قدميها فسألته:
" ماذا تفعل الان؟"
" نقترب باليخت من الشاطئ. لقد تجاوزنا الجسور الطبيعية شمال سانتا كروز ورأيت ان نلقي بمرسانا جنوب سانتا كروز لتناول طعام الغداء. هناك خليج صغير هادئ اعرفه ارجو ان لا يكون احد غيرنا اكتشفه بعد"

والقى باي بالمرساة ومدت سابرينا يد المساعدة ما امكنها وكان حفيف الماء الهادئ الذي يتلاطم مع اليخت هو الصوت الوحيد الذي تسمعه واستدارت لتتحدث مع باي.

كانت تشعر بنظراته تحلق في وجهها وسرى دفء لذيذ في اوصالها وفجأه انتابها احساس قوي بأنهما وحدهما في هذا المكان.
رجل وامرأة ولكنها سريعا ما كبحت جماح هذا التفكير الذي راودها وقالت فجأة:
" سأهبط الى داخل اليخت لاعد الطعام ماذا احضرت؟"



اماريج 25-07-10 09:33 PM

اجاب باي:
" ساندويشات وسلطات. كلها جاهزة. ما رأيك في السباحة قبل ان نتناول الطعام. الماء ادفأ هنا منه في الساحل ولا توجد اي تيارات خطرة."
فهزت سابرينا كتفها ترفض اقتراحه قائلة:
" آسفة لم تسألني ان احضر لباس البحرولم افكر انا في احضاره"

ورفض باي عذرها وقال:
" ليس هذا مهما انني احتفظ بعدد من ثياب البحر في اليخت لمواجهة اي قرار مفاجئ من احد ضيوفي للسباحة في البحر. واني على يقين من احدهم سيناسبك"
" ولكن...."

ولم تتم عبارتها...فقد تذكرت انها لم تطأ قدمها ماء البحر منذ الحادث.
فسألها باي:
" ولكن ماذا؟ يمكنك السباحة اليس كذلك؟"
فابتلعت ريقها وقالت:
"اجل...استطيع السباحة"
منتدى ليلاس
قال:
"سأحدد لك الاتجاه الصحيح للسباحة حتى الى عرض البحر. اذهبي وبدلي ثيابك"
اخبرها باي بمكان ثياب البحر وهبطت سابرينا الى قاع اليخت فقد رأت انه من الافضل لها ان تسبح بدلا من البقاء مع باي على اليخت.
وكانت اغلب ثياب البحر من قطعتين فاختارت سابرينا لباسا مناسبا من قطعة واحدة واحست ان هذا الثوب اقل عريا عندما سارت به فوق سطح اليخت وارسلت شعرها الطويل فوق ظهرها وتعاقدت خصلاته حول كتفيها وحلت العقدة المعقودة فوق رأسها قبل ان تحررها مياه البحر.
قالت بعصبية:
" انا مستعدة"

ولم يعقب باي على مظهرها وقال:
" وضعت سلما من الحبال على جانب اليخت وسوف اثب الى الماء قبلك."
وامسك يدها وقادها الى حيث ثبت السلم عند حافة اليخت. وعندما ترك يها شدت على راحتها تستعذب دفء راحته اطول فترة ممكنة.

كان غباء منها ان تفعل ذلك. لم تكن رحلة عاطفية وانما رحلة صداقة. ولكن لا تعلم لماذا تثير هذه المشاعر الاضطراب في نفسها؟.

اهتز سطح المركب اهتزازة خفيفة اعقبه صوت شئ ما ينزلق الى الماء وعرفت سابرينا ان باي قفز الى البحر بعدها سمعته وهو يسبح في الماء فأتجهت برأسها نحو اتجاه الصوت وبعد عدة ضربات مت ذراعه اقترب من نهاية السلم ونادى عليها:
" اهبطي. الماء جميل"

وامسك باي بالسلم بينما راحت سابرينا تهبط درجاته وتعلقت اصابعها بالحبال وهي تتحسس حرارة الماء فوجدتها فاترة واصطكت اسنانها لعصبيتها وسألها باي وهو يسبح بجوار السلم:
" هل انت مستعدة؟"
فأجابت سابرينا وهي تكز فكيها حتى لا يسمع صوت اسنانها وهي تصطك:
" اعتقد ذلك"

ودفعت سابرينا يدها لتطلق قبضتها من فوق السلم والتقطت نفسا عميقا قبل ان تهبط اليه وفي بادئ الامر انتابها التوتر وعدم الاستقرار ولكنهما سرعان ما زالا عندما اعتادت حرارة الماء واستطاعت ان تسمع ضربات ذراعي باي وهو يسبح قريبا منها فأخذت تستمد الثقة والقوة من وجوده الى جوارها.

ولاح لها انها سبحت فترة طويلة اذ بدأت تشعر بالاعياء واحست بثقل في ذراعيها فتوقفت عن مواصلة السباحة لتلتقط انفاسها وسألته:
" كم بقي امامنا؟"


اماريج 25-07-10 09:34 PM

فأجاب بأنفاس قويه لا يبدو عليها الاعياء:
"حوالي خمسة عشر قدما قبل ان نلمس القاع "
ولم تعقب سابرينا. وانما واصلت السباحة مرة اخرى بهدوء حتى لا تشعر بالاعياء ولدهشتها اكتشفت انها لم تقطع مسافة تذكر عندما امست قدمها ارض رملية وسرعان ما انتصبت بقامتها ومسحت الماء المملح الذي كسا وجهها وثبتت شعرها الطويل وراء اذنيها وتكلم باي من مكان يقع الى يسارها قائلا:
" لقد نجحت في محاولتك....كيف تشعرين الان؟"

فابتسمت ابتسامة شاحبة وقالت:
" مجهدة...ولكنني بخير"
" دعينا نتوجه الى الشاطئ ونستمتع باستراحة"
واستراحت يدها على الماء وتركت الامواج تتدحرج فوقها وتستدل بها الى الشاطئ ومع هذا امسك باي بيدها وقادها الى الساحل.

وعندما وطأت قدماها الارض الرملية المتماسكة قال لها:
" هذا الساحل يمتاز بصخور تتيح للمرء الاستمتاع بحمام الشمس فوقها بدلا من الاستلقاء على الرمال "

وبعد ان قطعا عدة ياردات ضغط على يدها لتقف. وقال لها:
" هنا مكان مناسب"
وقبل ان تبدي سابرينا اي معارضة امسكها من وسطها ورفعها الى سطح صخرة صلبة ودافئة وتعلقت تلقائيا بذراعيه المبللتين لتحتفظ بتوازنها.

وبدأت تتسارع ضربات قلبها واحتاجت الى عدت ثواني حتى يستعيد قلبها هدوءه وتستقر نبضاته. وبعد لحظات اعتلى باي الصخرة ليجلس الى جوارها وبعد ان اتخذ وضعا مريحا سألها:
" هل استمتعت بوقت طيب ليلة امس؟"
" ليلة امس؟"
وتجهمت سابرينا واشاحت بوجهها عنه وعندئذ تذكرت فقالت:
" اجل...امسية طيبة"
منتدى ليلاس
وحقا كانت امسية هادئة امضتها مع صديقتها سالي تبادلتا فيها الحديث احيانا واستمعتا الى بعض الاسطوانات الغنائية احيانا اخرى.
سألها:
" اين ذهبت؟"
ادارت سابرينا وجهها للشمس لتجفف بشرتها المبللة وقالت له:
" مكثت انا وسالي في البيت"

فقال بصوت ساخر:
" امضيتما الليلة في ثرثرة نسائية. اليس كذلك؟"
كانت سابرينا حائرة بين امرين: هل كان باي يسخر من امسية السبت التي قضتها هادئة بلا احداث ام ان سخريته كانت موجهة لها لانها اختارت امسية تختلف عن تلك الليلة المثيرة التي قضتها معه.

ولما كانت تعرف باي حق المعرفة فان التعليق المول كان اقرب الى الحقيقة.
واخيرا قالت:
" ان ثرثرة الرجال تعادل ان لم تزد عن ثرثرة النساء"


اماريج 25-07-10 09:36 PM

ولم يدخل باي في جدال معها انما قال:
" اعتقد ان رأيك كان صحيحا اذا تساوى العدد في كل من الجنسين"
واعقب حديثهما صمت غريب على الاقل كان غريبا بالنسبة لسابرينا ومالت بجذعها الى الوراء لتستند على راحتها وقالت له:
" الشمس تبعث الدفء"

قال باي:
" اعتقد انه من الافضل ان استلقي واستمتع بها"
واستلقى بجسمه وهو يردد كلماته وخيم سكون لم يكن يقطعه الى صوت اندفاع الامواج الى الشاطئ ولم يكن على سابرينا سوى متابعة اندفاعها.

وتحركت يداها حتى عثرت على نتوء مرتفع في الصخرة التي تقع وراءها وكأنها وسادة طبيعية فاستلقت برأسها عليها وظلت فترة طويلة تستمع الى صوت انفاس باي اما انفاسها هي فكانت ضحلة لان عضلات صدرها كانت متوترة. واخيرا داعبتها حرارة الشمس فبعثت الاسترخاء في اوصالها.
منتدى ليلاس
ولم تخلد سابرينا الى النوم انما داعبت جفونها اغفاءة وفجأة انتفضت كل حواسها وطرفت بجفونها عندما حاولت ان تحدد سبب اضطرابها وادارت وجهها بخفة باتجاه باي ولمس خدها يده بطريق الصدفة قبل ان تدرك ان باي كان يمسك خصلة شعرها الحريرية.
فقال لها بصوت مرح:
" هل تعرفين ان هذه هي اول مرة ارى فيها شعرك مرسلا"

فقالت متلعثمة:
" انا...انا لا احبه مرسلا حتى لا يضايقني اثناء سيري "
وشاع الاضطراب في صوتها عندما ادركت انه دنا منها كثيرا حيث كان باي مستلقيا على جنبه ومرتكزا على احد مرفقيه ويبدو انه لم يكترث كثيرا لتفسيرها فاستطرد يقول:
" عندما تعقصين شعرك على شكل عقدة فوق رأسك فان مظهرك يبدواكثر توازنا وخداعا للنظر...تكونين اشبه بملكة مهذبة. بينما يختلف شكلك عندما ترسلين شعرك فان منظرك يبدو اكثر انوثة"

وراح النبض يضرب بسرعة في صدعيها وكان من الصعب عليها التدحرج بعيدا عنه لان حافة الصخرة كانت قريبة منها.


اماريج 25-07-10 09:38 PM

كان حلقها متوترا مشدودا وبدا صوتها مضطربا حين قالت:
" الا تظن ان الوقت قد حان للعودة؟"
سألها ساخرا:
" ما الامر؟ الا تحبين تعليقاتي على تسريحة شعرك؟.

القت سابرينا خصلة شعرها على كتفها العاري وهزت رأسها وهي تقول باصرار:
" لا يهم. سوف اعقصه عاليا حتى يسهل علي العناية به بغض النظر عن اي تسريحة تفضلها"

وكانت عبارتها يشوبها التحدي السافر ولكنها لم تعد تكترث.
واقترب باي من ظهرها وجذب شعرها وقال:
"اذا من المحتمل ان تشعري بالاسف عندما تسمعين بأنني افضل تلك العقدة الحريرية اما شعرك المرسل فمكانه المناسب هو غرفة النوم"

واطلقت سابرينا زفرة حاره فلم تعد تتحمل هذا الغزل المفضوح ولذا شرعت تدفع نفسها الى الوراء لتتخذ وضعا لجلوسها يمكنها به التهرب من اقتراب جسمه منها ولكن باي كان اسبق منها في الوقوف على قدميه وقال لها:
" سنعود سريعا"

وحاولت سابرينا الوقوف لكن باي كان اسرع منها الى الوقوف على الرمل ومد ذراعيه ليمسك بخصرها ويهبط بها لاسفل قبل ان تقطع بقدميها المسافة بين الصخرة والشاطئ وتملكها التوتر لعزوفها عن مساعدته وعندما بذلت جهدها كي لا تقترب بجسمها منه تعثرت قدمها في حفرة كانت غائرة في
الصخر وكان الم العثرة مبرحا دفعها الى ان تلقي بنفسها على صدره وساعدها بقبضة الحازمه على ان تحفظ توازنها وسألها:
" هل انت بخير؟"
منتدى ليلاس
وقالت له بتأكيد حازم ولكن بصوت مضطرب بينما كانت ضربات قلبها متسارعة:
" اجل انا بخير. لقد تعثرت بالصخرة"
ودفعت هبة مفاجئة من الريح خصلة رفيعة من شعرها لتستقر على وجهها وتعلق على شفتيها المبللتين.
وشرعت سابرينا في ابعادها ولكن يدها كانت بعيدة عنها فسحبتها اصابع باي برفق ودفعتها الى ظهرها مع بقية خصلات شعرها الطويل. وظلت يده الى جوار وجهها وراح اصبعه يدغدغ عظمة وجنتيها فتوقفت انفاسها واستكانت حركتها تحت سحر لمسته.

وفجأة جذبت جسمها من بين ذراعيه عندما حاول تقبيلها وسارت عدة خطوات بسرعة بعيدا عنه ثم ادركت انها لا تعرف وجهتها فعقدت ذراعيها بشدة حول نفسها لتقاوم القشعريرة التي سرت بجسدها.

وسار باي الى جوارها واستطاعت ان تشعر بعينيه تتركزان عليها فأرخت اهدابها حتى لا تعكس نظراتها مشاعرها الدفينة التي تجوب خيالها وفي لحظة خاطفة احست انها تجرؤ على التنفس.
قال لها:
" خيرا لنا ان نعود الى اليخت "

كانت لهجته تنم عن غضب مكبوت.ولم تستطع سابرينا ان تدرك هل كان الغضب موجها لنفسه ام لها؟.
وكانت يده باردة عندما امسكت بيدها وهو يقودها الى البحر وشعرت سابرينا بالسعادة عندما غاصت في الماء واطلقت سراح يدها لتبدأ بالسباحة ولم تكدتتصور انه من الممكن ان تكون لمسة اليد التي اعتادت ان تشيع اللهيب في اوصالها هي نفس اللمسة التي تثير القشعريرة في عظامها.

كانت تؤنب نفسها اثناء السباحة في مراجعة العودة لحماقتها التي سمحت لباي ان يحملها الى هذه المرحلة بينما كانت الحكمة تدعوها الى ان تكف عن رؤيته.
وكانت سابرينا منهكة عندما لحق بها باي وجذبها الى السلم فارتقت درجاته دون معونته وتمهلت على سطح اليخت قليلا حتى تلتقط انفاسها.

ثم اتجهت الى قاع اليخت فقال لها بلهجة امره :
" عندما تفرغين من تغيير ثيابك سيكون طعام الغداء معدا لك. اظن انك ستعثرين على طلبك وفي نفس الوقت سيكون اليخت على اهبة الاستعداد للرحيل"
منتدى ليلاس
وتلعثمت وهي تقول:
" لا...لا اظنك ستتناول طعامك قبلي؟"

" اعتقد اننا في عجلة الى العودة...اليس كذلك؟"
وكانت تشوب صوته نبرة التحدي التي حاولت ان تستنكرها ولما لم تسرع في الجواب على سؤاله اضاف فائلا بتجهم:
" سوف استمتع بالطعام...كما استمتعت به ذات مره ونحن نتناوله في رحلتنا البحرية"

وفي الحقيقة احست سابرينا ان العام لا مذاق له وكان معظمه يتوقف ليلتصق بحلقها وكانت تبتلعه بصعوبة بالغة.
ولم تشعر بأي جو للصداقة يحيط برحلة العودة وانما ان التوتر يخيم على الصمت الذي ران بينهما.

وفي نهاية اليوم شعرت سابرينا بالبرود يشوب قبول باي لكلمات الشكر المهذبة التي قدمتها له وعندما اوصدت الباب الحديدي وراءها ادركت تماما سبب تعاستها وكان لديها وقت كاف في طريق العودة لكي تمعن النظر في السبب وعرفت انها احبت باي كاميرون...وادركت انها كانت حمقاء...لا تبصر!.

*******نهاية الفصل الثامن********


нάмşά 3şħ2 26-07-10 03:10 AM

وااااااااااااااااااااو

رواااااااااااااية راااااااااائعة

شكراااااااااااااا لكي

بانتظااااااااااااااااار التكملة

Tiger_m 26-07-10 04:26 AM

راااااااااااااااااائعه ومشوقة يلا ناطرينك يا حلوي
:55: :mo2:

اماريج 27-07-10 08:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة нάмşά 3şħ2 (المشاركة 2393173)
وااااااااااااااااااااو

رواااااااااااااية راااااااااائعة

شكراااااااااااااا لكي

بانتظااااااااااااااااار التكملة

العفوووووووو ياعسل
منورة الرواية وشاكرة لك مرورك ومتابعتك ياحلوة
لك ودي

اماريج 27-07-10 08:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Tiger_m (المشاركة 2393305)
راااااااااااااااااائعه ومشوقة يلا ناطرينك يا حلوي
:55: :mo2:

الاروع ياحلوة هو مرورك العطروتشجيعك هههههه
لك ودي

قراءة ممتعة للجميع مع الاجزاء الاخيرة



اماريج 27-07-10 08:43 PM

9_ تمثال نصفي
****************
كانت كلمة الوداع التي القاها باي هي: سأتصل بك هاتفيا ومن واقع تجربة سابرينا كانت هذه الكلمات تعني نهاية العلاقة.
وها قد حل يوم الجمعة ولم يتصل بها.
وانحدرت دمعة فوق خدها ومسحتها بأطراف اناملها التي تركت ورائها خطا من الصلصال الاسود على وجهها.
لماذا لا تنضب مآقيها من الدموع كما فقدت بصرها؟ وعجبت في يأس ثم تنهدت. ربما توجد طريقة اخرى للتخلص من هذا الالم.

وتناهى الى سمعها صوت طرقات على باب الاستديو وكانت قد احتفضت به مؤصدا خلال هذا الاسبوع لانها لا تريد ان يتلصص عليها احد دون اذن منها اوحتى يدير مقبض الباب. واعتذرت لابيها بأنها تريد ان تحول دون اية منغصات تلهيها عن عملها.
وكانت تجد نفسها تقف في وسط الغرفة وتنخرط في البكاء وكانت لا ترغب في رؤية ابيها ولا اي شخص اخر.

وتناولت سابرينا طرف قميصها لتجفف وجهها بعناية من الدموع خشية ان تكون تركت وراءها دمعة على خدها لم تمسحها واخيرا نادت على الطارق قائلة: " ادخل"
وعبقت الغرفة برائحة نفاذة من العطر الذي اعتادت ديبورا ان تستخدمه واكدت الخطوات الرقيقة وجودها.

قالت لها خطيبة ابوها:
" جئت لاذكرك اننا سنرحل خلال ساعة. امامك فسحة من الوقت لتنظيف نفسك وتغيير ملابسك"
منتدى ليلاس
تمتمت سابرينا وهي تركز اهتمامها على التمثال النصفي الذي لم يكتمل بعد:
" لا اظن انني سأذهب معكم"
ولكن ديبورا ذكرتها قائلة:
" غرانت يترقب بحرارة ان نتناول نحن الثلاثة طعام العشاء معا خارج المنزل اليوم"
قالت كاذبة:
" انا اعلم ذلك ولكنني افضل مواصلة العمل فترة اخرى لانني قطعت نصف الشوط في هذه القطعة الفنية وارغب في ان استمر في عملي والفكرة مازالت حية في عقلي"

القت ديبورا عليها سؤلا يشوبه الاضطراب:
" هل انت متأكدة؟"
فقالت سابرينا مؤكدة:
" لقد امسكت بالشكل ولا اود ان افقد معالمه"
قالت ديبورا بتردد:
" لا اعني العمل"
سألت سابرينا:
" اذن ماذا تعنين؟"

وتوقفت يد سابرينا عند اذن التمثال الذي كان في منتصف مرحلة التشكيل وتساءلت: هل مازالت ديبورا تمتلك نفاذ البصيرة؟.
قالت ذات الشعر الاحمر بوعي:
" انا...انا اردت ان اتأكد من انني لست السبب في رفضك للخروج معنا. لا اريدك ان تظني بأنك سوف تصبحين الطرف الزائد في رفقتنا هذه الليلة."

واطلقت سابرينا زفرة ارتياح خفيفة وقالت:
" كلا...ياديبورا ان رفضي للخروج ليس بسببك. سنذهب سويا في يوم اخر. كان من الافضل لي ان لا ابدأ عملي هكذا متأخره ولكن ما دمت بدأت فيه فلابد انا اواصل العمل فترة اطول حتى انجز جانبا كبيرا منه."
" ادرك قصدك. انا اعرف كم مهم هذا العمل بالنسبة اليك. فلا تقلقي يا سابرينا. سأشرح الامر لغرانت"
منتدى ليلاس
" ما الذي تودين شرحه؟"
وفجأة صاحت ديبورا بصوت مضطرب وقالت:
"غرانت؟ ماكان يجدر بك ان تتسلل الى هنا بهذه الصورة! "
قال:
" لم اتسلل ولكنك ببساطة لم تسمعيني"
ثم استطرد يقول:
" والان....اسأل ماذا كنت تودين شرحه؟"

واخذت سابرينا تجيب نيابة عن ديبورا:
" قررت ان امكث هنا لاواصل العمل الليلة. ولا استطيع الخروج معكما لتناول طعام العشاء"
قال ابوها متجهما:
" نحن الاثنان سنخرج لتناول الطعام معك وليس العكس"
فهزت كتفيها باستخفاف وصممت ان لا تدعه يغير من رأيها فقالت:
"اذن سوف نخرج في ليلة اخرى"

" كلا... سوف نخرج الليلة"
وتدخلت ديبورا في الحديث تسأله ان يكف الاصرار:
"غرانت!"
قال بحزم:
"لقد عملت سابرينا كثيرا يا ديبورا. انظري الى الهالات السوداء التي تحيط بعينيها والتجاويف في وجنتيها انها لم تخلد الى النوم ولم تأكل وكل ما تفعله هو العمل من الصباح حتى غروب الشمس. وبالاحرى حتى منتصف الليل"


اماريج 27-07-10 08:45 PM

وتنهدت سابرينا:
" انك تبالغ يا ابي. زد على ذلك ان العمل اصبح شيئا هاما بالنسبة لي"
وكانت سابرينا صادقة فان العمل كان الشئ الوحيد الذي يحميها من الجنون ومن دونه تكون الحياة فراغا مميتا وبدون باي تكون الحياة قاتلة.

واستطردت تقول:
" اعدك بأنني حالما افرغ من هذه القطعة الفنية سأعد لنفسي شيئا التهمه ثم آوي الى فراشي. ما رأيك؟"
فتمتمت ديبورا قائلة:
" اظن ان المساومة عادلة اليس كذلك يا غرانت؟"
" انا....."

ولم يتم عبارته واخذ نفسا عميقا غاضبا لان المناقشة مع سيدتين يحبهما اجمل حب اصبحت لا تجدي. وتنهد مرة اخرى بشدة واردف يقول باستسلام:
" حسنا. يمكنك المكوث في البيت هذه المرة. ولكن سوف نخرج سوية في الاسبوع القادم ولن يكون هناك سبب للاعتذار. والان لماذا لا تدعينني القي نظرة على عملك الفني الهام الذي يمنعك من الخروج؟"

وخطت سابرينا جانبا عندما دنا غرانت منها وقالت:
" لقد شكلته الان فقط. انني اشكل تمثالا نصفيا لجينو مارشيني في شبابه فقد اراني منذ عام صورة التقطت له في يوم زفافه. وكنت انوي ان ارسمه على لوحة...ولكنني"

وصمتت وكأن صمتها يقول انها تركت اللوحة لاسباب واضحة واستطردت تقول:
" ان شكله روماني فيه كبرياء وقوة"
قال غرانت لي غير مصدق:
" جينو....صاحب الصيدلية؟"
قالت سابرينا مدافعة:
" التمثال في مراحله الاولية"
منتدى ليلاس
وخيمت لحظة صمت بينما راح غرانت يدرس رأس التمثال النصفي ثم التفت فجأة وقال:
"ديبورا...هذا التمثال يشبه من...في رأيك؟"
قالت في ترد:
" حسنا...انا لا اعرف جينو جيدا"

قال غرانت باصرار:
" اما انا فأعرفه منذ سنوات عديدة. اني اسف ان اقول لك يا سابرينا ان هذا التمثال لا يشبه جينو البتة ولا حتى في شبابه"
وعندما بدأت سابرينا تقول:
" عندما افرغ منه..."
التقط غرانت عبارتها ليكملها قائلا:
" سيشبه باي كاميرون تماما"
" انت مخطئ يا ابي"

قالتها برصانة وهي تطبق قبضة يدها بشدة حتى شعرت بألم حاد فيها وكأنها تنزل العقاب بهما لانها لم تتوقع الخيانة منهما.
ثم اردفت تقول:
" انه لا يشبه باي كاميرون البته. اليس كذلك يا ديبورا؟"
قالت المرأة الاخرى:
" انه يحمل ادنى شبه منه ان التمثال لم ينته كما تقولين.

وضع غرانت ذراعه حول كتفي سابرينا واحتضنها ليبعث الطمأنينة في نفسها ثم قال:
" ان الرجل له وجه مثير. اذا استطعت رؤيته يا سابرينا فانك ستجدين دافعا الى رسمه على لوحة من القماش. ومع ذلك انني لن اواصل الجدل معك فأنت الفنانة وليس انا. اذا قلت انه جينو...فهو جينو اعتقد انه توجد ملامح رومانية عند كل منهما. هل تسمح لي السيدتان بالانصراف لاغتسل وابدل ثيابي."

وطبع غرانت قبلة على وجنة سابرين ثم غادر الغرفة وبعد رحيله راحت سابرينا تتأمل بلا ابصار قطعة الصلصال المشكلة فوق المنضدة وبينما راح قلبها يصرخ بالام وفي غمرة تألمها نسيت وجود ديبورا معها حتى ايقظتها من تأملها بقرقعة من كعبي حذائها.
قالت ديبورا بصوت رقيق:
" سابرينا....فيما يتعلق بباي...."

ثم توقفت عن مواصلة الحديث فقالت سابرينا بتحد وفي نبرة باردة اتية من بعيد:
" ماذا عن باي؟"
" لا اظنك قد تعلقت به تعلقا كبيرا هل حدث ذلك؟"
تلعثمت ديبورا وكأنها تطأ بقدميها ارضا محرمة ثم واصلت الحديث:
" اعني...انك معجبة به كثيرا ولكني لا اظن انه سوف..."

فاتمت سابرينا العبارة لها:
" تجذبين انظاره اليك بحرارة. انا ادرك تماما انه يشعر بالحنان نحوي"
ولم تستطع سابرينا ان تحمل نفسها على ان تتفوه بكلمة الشفقة بدلا من الحنان.
تنهدت ديبورا في ارتياح وقالت:
"انا سعيدة. انا متأكدة انه يميل اليك يا سابرينا. ولكن لا اظن انه من الحكمة ان تكوني مولعة به ولعا شديدا...وفي نفس الوقت ليس من العدل ان تكوني نفضت يدك منه"
منتدى ليلاس
" انا مولعة به. لقد ساعدني كثيرا. باي هو الشخص الذي اقترح علي ان اشغل نفسي بالنحت"
وصرخت سابرينا لنفسها في صمت بأنه ليس من العدل ان تحطم قلبها من اجل مستقبلها ولكن متى تحتكم الامور الى العقل اذا ارتبطت بالحب؟.
واستطرت تقول:
" لا تقلقي يا ديبورا. لم اسئ تفسير دوافعه"

فقالت ديبورا:
" انت تعرفين جيدا موطئ قدميك على الارض"
وفكرت سابرينا وقالت لنفسها: الان اعرف فقط ان رأسي يسبح في الفضاء وعندما قالت ديبورا بأنها سوف تدعها لعملها تمتمت باجابة شاردة.


اماريج 27-07-10 08:47 PM

وعندما اغلقت ديبورا باب الاستديو وراءها راحت سابرينا تبحث بعينيها عن موضع التمثال النصفي واخذت تستكشف بخفة الملامح غير المصقولة للوجه الذي اكد لها انها ملامح وجه باي وانتابها غضب بارد سرى في اطراف جسمها وسمعت عقلها يصدر لها امرا قائلا:
" حطميه...دمريه...حوليه الى كومة من الصلصال"

واستراحت يداها على جانبي الوجه ولكنها لم تستطيع تنفيذ الامر وسقطت دمعة...ثم دمعة اخرى واخيرا اجهشت بالبكاء فاهتز قوامها النحيل وتحدب كتفاها وتقوس ظهرها من شدة الالم في صدرها.

ومع هذا لم تمكث يداها طويلا بلا حراك وانما شرعتا بالعمل وبدافع من الالم راحت تحدد على الصلصال كل لمحة من ملامح وجهه وكل قطعة من قلبها لم تهبها لباي...ذهبت خالصة الى الصلصال الناعم.

ولم تشعر سابرينا كم من الوقت مضى عليها عندما سمعت اباها يطرق الباب ثم يفتحه ولم يكن لديها فسحة من الوقت لكي تمسح نهر الدموع الذي غطى وجهها لذا ادارت ظهرها للباب عندما قال لها ابوها:
" سنرحل الان يا سابرينا ولا تنسي وعدك. تناولي طعامك ثم توجهي الى فراشك بعد ذلك"
قالت بحزم:
"اجل يا ابي. استمتع بوقتك"
منتدى ليلاس
وكان دخول ابيها سببا في كبح جماح دموعها المنهمرة وعرفت مقدار ما حرمته...عاطفيا وجسديا.
وعندما اغلق الباب الامامي ادركت ان اباها وديبورا قد رحلا عن المنزل وسارعت الى القاء جسدها على المقعد ودفنت وجهها في راحتها دون حراك لا تبغي حتى استهلاك طاقتها في التنفس.

وسمعت دقات تدوي وخيل لها لاول وهلة انها تخيلات ولكنها ادركت انها اتية من الباب ,فكست وجهها تقطيبة وهي تجفف وجنتيها من الدموع وانزلقت من فوق المقعد وهي تدمدم قائلة:
" لابد ان ابي قد نسى مفاتيحه"

ولم تطاوعها ساقها على حملها بسرعة عبر الاستديو او تهبطا بها درجات السلم المؤدي الى الطابق الارضي واستمر الطرق على الباب بصورة ملحة اكثر من الاول.
قالت سابرينا بصوت يشبه الانفعال:
" انا قادمة"

توقف الطرق ولكن عضلات ظهرها كانت قد تقلصت من شدة التوتر فراحت تدعكها بضجر وهي تدير القفل الاتوماتيكي وتفتح الباب.
ثم قالت يصوت يبدو فيه الخفة والمداهنة:
" ما الامر؟ هل نسيت مفاتيحك؟"
ولكن سؤالها قوبل بالصمت فمالت سابرينا برأسها جانبا ترهف السمع وقالت:
" ابي؟"
" هل تعرفين انه يوجد آثار من الصلصال على خدك؟"

تراجعت سابرينا مأخوذة عند سماع صوت باي وتحركت يدها لتغلق الباب ولكنه اعترضه بقدمه وخطا الى داخل الغرفة.
وسألته بغضب:
"كيف اتيت الى هنا ماذا تريد؟"
قال موضحا بهدوء:
" قابلت والدك وديبورا في طريقهما خارجا وسمحا لي بالدخول"

اشاحت بوجهها عنه وهي تمسح الصلصال من وجنتيها ثم سألته:
" لماذا؟"
قال باي:
" تسألين لماذا دعاني ابوك الى الدخول؟ ذكر عن اقبالك على العمل بجد واهتمام؟"
قالت باصرار:
"حسنا. انا لا اعمل بجد واهتمام. وكل ما اعنيه لماذا اتيت الى هنا؟"

" لأسألك ان تتناولي طعام العشاء معي"
دفعت سابرينا رأسها الى الوراء وارخت اهدابها في صلاة صامتة لعله يدعها لشأنها وقالت له:
" ارفض قبول دعوتك"
قال:
" لن اقبل رفض دعوتي. يجب ان تأكلي. هل يستوي الامر عندك اذا اكلتي معي او اكلت وحدك؟"
منتدى ليلاس
" بل يجب ان تقبله لاني مشغولة. ولن يضير بي كثيرا ان تناولت الطعام وحدي "
وكانت سابرينا تعرف انها اعتادت ان تتناول الطعام وحدها.
وقال باي بهدوء:
" سابرينا. كفاك عنادا. لا حاجة بك الى تغيير ملابسك. اخلعي قميص العمل واخرجي كما انت. سنأكل ثم نعود مباشرة للانتهاء من عملك اذا كان ضروريا الانتهاء منه الليلة"

انذرته قائلة:
" لست انوي الاستماع الى موضوع الخروج"
وبخطوة سريعة اقترب باي منها وحل حزام القميص الخارجي واسرعت هي بدورها الى ربطه ثانية ولكن اصابعه اطبق على رسغها ليمنعها من ذلك وحاولت سابرينا ان تطلق رسغها من قبضته وهي تدمدم:
" لن تستبد بي هذه المرة يا باي كاميرون"


اماريج 27-07-10 08:49 PM

امسك رسغها بلطف وهو يقول:
" سنمضي الليلة بطولها في الجدال لانني لن ارحل من هنا قبل الحصول على موافقتك"
لم يكن تهديده هزلا كانت كبرياؤه هي السلاح الاول الذي يدفعه الى تنفيذ تهديده وتمثل السلاح الثاني في النار الذي سرت في ذراعها.

وهو ما لا تستطيع ان تخفي ازءه مشاعرها او تمسك لسانها اذا هي حاولت ان تستمر في العناد طويلا.
واطبقت سابرينا فمها بشدة لبرهة ثم قالت:
" اذا وافقت على تهديد هذه المرة هل تقسم بشرفك انك من الان وصاعدا سوف ترضخ للقرارات التي اتخذها بشأن الخروج معك؟"

وقوبل رجاؤها بصمت يشوبه التحفظ ثم قال:
" سأقسم بشرفي...فقط اذا...اذا...وافقت على ان نناقش سبب عدائك المفاجئ؟"
منتدى ليلاس
قالت ببرود:
" لا اعرف ما الامر الذي تتحدث عنه"
وتغيرت نظرتها اليه ولكنها حرصت على الا يكتشف السبب لانه اذا كانت الشفقة من اجل فقد بصرها امرا يمكن احتماله اما الشفقة لانها احبته فهذا امر اخر ترفض السكوت عنه.
تمتم باي بهدوء:
" سوف نرى"

كم كرهت ثقته المفرطة بنفسه وقذفت سابرينا قميصها ليستقر فوق المقعد وتوجهت الى حامل المظلات لتتناول عصاها...العصا العاجية التي قدمها لها باي. واعلنت قائلة:
" دعنا نذهب"
سألها ساخرا:
" الم تنسي حقيبة يدك؟ ربما تحتاجين الى مفاتيحك...للعودة ما لم تخططي لقضاء الليل معي"

بصقت سابرينا قائلة:
" تبا لتفكيرك"
ولكن الفكرة كانت تعذيبا أليما نفذ الى قلبها وهي تهرع لترتقي الدرجات الى غرفتها وقد آلمها ان باي استطاع ان يتفكه من حبه لها وخاصة عندما اصبح شيئا ترغب فيه بشدة.
وهبطت درجات السلم وهي تحمل حقيبة يدها واحتكت به وهي تعبر الباب متجاهلة سخريته وهو يقول لها:
" هل انت مستعدة الان؟"

والتزمت الصمت طوال ركوبها معه في السيارة من اجل سلامتها وليس رغبة منها في ان تكون وقحة معه.
ولم تستطع ان تتكهن اسباب صمته. كانت تراه لغزا فهي لا تفهم لماذا يبغي صحبتها عندما تظهر له بوضوح انها لا ترغب في صحبته.

ادركت سابرينا انه من المحتمل ان تكون هذه المرة هي الاخيرة التي تصحبه فيها اذا حافظ على وعده وكان من المستحيل ان تخرج معه بعد ان عرفت حقيقة مشاعره لان ذلك سيفجر مزيدا من الالم.
منتدى ليلاس
كانت تعرف انه يأمل في تغيير عقلها واقناعها في الاستمرار في علاقتهما ونجح في المرة الاخيرة عندما كانت لا تدرك مقدار حبها. ومن الطبيعي ان يكون واثقا انه يستطيع ان يكرر المحاولة...لماذا؟
انها لا تعرف. يجب ان تدافع عن نفسها ضد سحره وجاذبيته بالا تطيل المكوث معه بعد ان افترقا.

وتركز افكرها على الرجل الذي يجلس وراء عجلة القيادة وحجبت اي شئ اخر ولم تسمع صوت حركة المرور في غدوها او رواحها عبر شارع سان فرانسيسكو كأن هذا لا يعنيها. ولم تكترث كثيرا في المكان الذي يصحبها اليه ولو انها بعد لحظات سوف تعرف المطعم عندما تدخل اليه والالم يعتر قلبها.
" سابرينا"

نادها باي في لهجة آمرة جذبت انتباهها من قوقعة التعاسة التي تكمن فيها فانتصبت بقامتها وادركت ان السيارة قد توقفت وكست وجنتيها حمرة ورديه ولكنها كانت تعلم ان الظلام الذي يسود السيارة كفيل باخفاء احمرار خديها.

ورفعت رأسها في استعلاء وسألت:
" هل وصلنا؟"
اجاب باي: " اجل"


اماريج 27-07-10 08:51 PM

واطبقت اصابعها بشدة حول مقبض عصاها وانتظرت حتى يدور باي حول السيارة ليفتح الباب المجاور لها وتركت رؤوس التنين المنقوشة على المقبض العاجي آثارها على اصابعها ولأنها كانت تجهل وجهتها فانها قبلت ان تترك يده ترتاح على مرفقها ليقودها.

وبعد ان خطت عدة خطوات فتح باي بابا ودفع بها الى داخل مبنى. ثم سارا قليلا حتى اقتربا من سيدة حيتهما في دهشة مرحة وقالت:
" لقد اتيتما مبكرين. دعني اتناول معطفك"

وناولها باي معطفه الخفيف ثم قال:
" اجل لم تأخذ مني وقتا طويلا كما ظننت يا سيدة غينز. اقدم لك سابرينا يا سيدة غينز. وانت سابرينا اقدم لك السيدة غينز"
وحيت سابرينا المرأة قائلة:
" كيف حالك يا سيدة غينز؟"

ثم راحت تصغي علها تلتقط الاصوات المألوفة سماعها في اي مطعم عام ولكن صوت السيدة غينز جائها يقول:
" انا سعيدة بلقائك يا انسة لين"
وعندما تراجعت السيدة غينز عدة خطوات التفتت باي الى سابرينا لتسأله :
"اي نوع من المطاعم نحن فيه؟"

ووضع يده على مرفقها مرة ثانية ليدفعها الى الامام وهو يقول:
" انه ليس بمطعم"
وتجهمت سابرينا وقالت:
" ولكن...."
وقاطعها باي قائلا:
" انه منزلي يا سابرينا"
منتدى ليلاس
وتوقفت فجأة وقلت متهمة اياه:
"قلت لي انك ستصحبني خارجا لنتناول الطعام"
" ولكنني لم اقل انني سأصحبك الى المطعم"
وترك مرفقها واحاط بذراعه خصرها من الخلف وهو يدفعها الى الامام واستطرد يقول:
" وانت لم تسأليني البته"

وخلصت سابرينا خصرها من ذراعه وقالت بصوت يضطرب بالعاطفة:
" خدعتني هذه المرة ايضا يا باي كاميرون. عد بي الى البت حالا"
قال:
" اعطيت السيدة غينز لائحة بالاطعمة المفضلة الي وبذلت مجهودا كبيرا لاعداد وجبة تحبينها وسوف تصاب بخيبة امل اذا رحلت ولم تتناولي شيئا من صنع يها"

وذكرته بحدة قائلة:
" انت لا تهتم كثيرا لمشاعري فلماذا اشعر بالقلق لايذائها؟"
فقال بصوت منخفض ناعم:
" لانك اساسا امرأة رقيقة وحساسه ولانك اعطيتني كلمتك"
وابتلعت سابرينا حشرجة يائسة من الاحباط وهي تقول:
" من الواجب ان احترم كلمتي في الوقت الذي لا تحافظ فيه على كلمتك؟"

" انا لم اكذب عليك"
قالت بتهكم:
" لم تكذب ولكنك خدعتني فقط. قدتني بسيطرتك حتى افعل ما تريد وقبل هذا وبعده ان باي كاميرون...انك تضع دستور مبادئك وفق هواك اليس كذلك؟"
قال بصوت يشوبه خيط رفيع من الصرامة الباردة:
"هل نتوجه الى غرفة الجلوس؟"


اماريج 27-07-10 08:53 PM

وشعرت انها تخدع نفسها بالرضا عندما تحاول ايلامه وهي في الحقيقة تحبه بجنون ولكنها في نفس الوقت تكرهه ايضا لأنه ينظر اليها كفتاة عمياء سيئة الحظ وليس كامرأة لها مطالبها العاطفية.

ولم تعارض سابرينا الذراع التي كانت تقودها بحزم واستدارت يمينا وعندما تباطأت قدماه سألته ببرود وفي تحد سافر:
" لماذ اتيت بي الى هنا يا باي؟"

واجاب وهو يتعمد عدم فهم سؤالها:
" لانك لا تستطيعين تمضية الامسية في البهو"
فقالت متهمة اياه:
" انت تعرف جيدا انني اشير الى منزلك"
" لانه يتيح لنا الخلوة التي نتبادل فيها الاحاديث بحرية"
منتدى ليلاس
قالت سابرينا تذكره:
" يمكن الحصول على هذه الحرية في سيارتك او في منزلي"
قال لها باي بأسلوب منطقي:
" لن يتاح لنا ذلك ففي السيارة ستفقدين اعصابك ومن المحتمل ان يراودك التفكير في الوثوب من الباب قبل ان استطيع ان امنعك من القفز وقد تصرعك سيارة عابرة. اما في بيتك...فانه لن يتيح لنا هذه الخلوة فأنت تعرفين نفسك تمام المعرفة. انت انسانة عنيدة...ربما تركتني اتحدث الى باب الغرفة التي سجنت فيها نفسك. اما في بيتي فأنت لا تعرفين اي طريق يمكنك السير فيه دون ان تتعثر قدماك بقطعة من الاثاث او الارتطام بجدار.

فقالت سابرينا معارضة:
" وبعد كل هذا تسألني لماذا بدأت اكرهك فجأة؟"
وحاولت ان تعود الى حيث اتت ولكنها شعرت انها عاجزة عن الحركة السريعة حيث نجح باي في اقامة شرك لها.
وحاولت بطرف عصاها ان تبحث عن اي عقبة تعترض طريقها وارتطمت العصا بجسم صلب.

قال لها باي:
" امامك مباشرة اريكة والى يمينك مقعد تراجعي خطوة الى الوراء ثم دوري يمينا حتى تتجنبي وجود المقعد"
وسألته:
" وماذا يوجد في الطريق بعد ذلك؟"

قال لها:
"لماذا لا تكتشفين الموقع بنفسك؟"
ونفذت سابرينا تعليماته ببطء وهي تحسب المسافات التي تقع بين قطع الاثاث حتى تخترق المساحة الخالية بمساعدة عصاها.
واخيرا لمس طرف العصا ما يبدو ان يكون ساق المنضدة فخطت بعيدا عنها في حرص شديد لتكتشف ان المنضدة تقع بجوار الحائط او على الاقل بجوار جسم صلب.

ربما كان احد الابواب فمدت سابرينا يدها تكتشف حقيقته ولمست اصابعها ستائر رقيقة.
جاءها صوت باي من منتصف الغرفة قائلا:
" ان النافذة تطل على خليج سان فرانسيسكو امامك منظر غولدين غيت والميناء"
ولم تكن سابرينا ماذا كانت تأمل في اكتشافه هل كانت تبحث عن منفذ للهروب؟ محتمل! وشعرت بالاحباط عندما تركت النافذة وعادت تقتفي خطواتها السابقة وتوقفت عندما بلغت الموقع الذي شعرت ان باي واقف فيه.
منتدى ليلاس
وقالت له:
"باي...ارجوك...عد بي ال المنزل"
" لم يحن الوقت بعد"
كانت السجادة ناعمة وغزيرة تحت قدميها. كانت تحدوها الرغبة في اكتشاف المكان الذي يعيش فيه وينام بين جدرانه.
وهزت رأسها بشدة كان عليها الا تفكر في ذلك.

واخيرا رفعت سابرينا ذقنها في تحد:
" اذا لم تعد بي الى البيت سوف استدعي سيارة اجره"
سألها ساخرا:
" اين الهاتف يا سابرينا؟ هل تعرفين مكانه؟"
واشاحت بوجهها عن واطلقت تنهيدة محمومة من صدرها فقال لها:
" ماذا يضايقك يا سابرينا؟"


اماريج 27-07-10 08:55 PM

صاحت بغضب:
" بعد ان وضعتني رهينة في بيتك هل لديك الشجاعة لكي تسألني عن سبب ضيقي؟"
" هناك سبب لضيقك اكبر مما هو واضح وانا اريد اكتشافه"

وكان صوته يقترب منها وهو يتحرك نحوها فاستدارت سابرينا لمواجهته وهي تحاول ان تستخدم حاستها لتدد مقابلته.
وقالت له ببرود:
" ربما يكون السبب هو انني ضقت ذرعا من ان اعامل معاملة طفله"
فأجابها باي:
" اذن توقفي عن تمثيل دور الطفلة"
منتدى ليلاس
واكتشفت انه اصبح قريبا منها اثر مما كانت تتوقع فقد لمسة يداها كتفيها ولكن قبل ان تنغرس اصابعه في جسمها ابتعدت عنه بسرعة.
سألها قائلا:
" بحق السماء لماذا انت خائفة مني؟ في كل مرة اقترب فيها منك ترتجفين خوفا مثل ارنب مذعور لقد اصبحت على هذه الحالة من الذعر منذ حفل باميلا"
كانت انفاسها ضحلة وغير مستقلة وقالت له:
" لم يلهمني اقترابك مني....الثقة بك"

وتراجعت سابرينا وهي تشهر انا عاجزة عن ان تقول له...انها تحبه.
قال باي بانفعال:
" كنت غاضبا منك ولم اقصد اخافتك"
وفي هذه المرة ارتاحت يداه فوق كتفها قبل ان تحاول ابعادهما.
وكانت لمسته حازمة وليست مؤلمة.

قالت:
" الا ترى ان الوقت تأخر كثيرا لاعتذارك...الذي تقدمه الان فقط"
وخفضت ذقنها حتى لا يرى صورة السخرية على وجهها وقالت:
" لا نستطيع ان نبقى اصدقاء بعد ذلك يا باي"
فأجاب اجابة مقتضبة:
" اذا سوف اصلح ما شاب علاقتنا"

نادها في همس وكان صوته تشوبه دغدغة رقيقة كانت اشبه بالضربة.
وقفز قلبها حتى امسك بتلابيب حلقها ولكنها اجبرت الكلمات ان تنطلق من حنجرتها.
سألته بصوت مشدود:
" والان...هل تدعني ارحل؟"
سألها بحذر:
" ما الامر يا سابرينا؟ ماهو سبب عدم رغبتك في رؤيتي"

وقفت سابرينا صامتة ما يقارب دقيقة وهي تعرف انه لن يطلق سراحها في الحال فالتقطت نفسا عميقا ودفعت برأسها الى الوراء اذ كانت على وشك ان تصنع بيديها اكبر خدعة في حياتها.
قالت له بجرأة:
" هل تريد الحقيقة يا باي؟ حسنا. الحقيقة هي انني كنت ضائعة ووحيدة عندما التقيت بك اول مرة كنت لا شئ انسان بلا هدف ودفعتني انت الى الخروج من قوقعة حياتي وقدمت لي صحبتك. واهم من ذلك منحتني الفرصة لاحدد مستقبلي في حقل احبه اكثر من اي شئ في الدنيا. سأكون دائما ممتنة لك لكل ما فعلته من اجلي"

وتمهلت فترة وهي تشعر بضيقه ثم اردفت قائلة:
" كم كنت اتمنى ان لا تدعني الى ان اتفوه بما قلته يا باي لم اقصد ان اكون قاسية معك ولكنني لم اعد ضائعة او وحيدة. لي مستقبلي وهدفي هذا ل ما ابتغيه في الحياة استمتعت بالاوقات التي امضيناها سويا لكن ما اريده هو فرض سيادة عملي على حياتي. واوجز كلامي في عبارة واحدة...هي انني ببساطة لم اعد احتاج اليك بعد الان."

وسقطت يداه بعيدا عن كتفيها مبتعدا عنها وقال:
" ادرك ذلك"
ثم اردف يقول بصوت متجهم:
" لا اظن انه كان في وسعك ان تضعي الامر بصورة اكثر وضوحا من ذلك."
منتدى ليلاس
قالت سابرينا موضحة:
" لم يكن قصدي ان استغلك بوعي مني...او بل وعي ارجو ان تصدقني فمنذ اسبوعين ادركت انني اريد ان اكرس كل وقتي لعملي ولكن لم اكن اعرف كيف افضي اليك بالامر حتى لا تشعر بجحودي نحوك بعدما فعلته لي. وكان كل ما تطلبه مني مجرد صداقة عابرة مقابل خدماتك لي وكنت انا انانية لدرجة ان ضننت عليك بهذه الصداقة لذلك حاولت ان اشعل الحرب معك على امل ان تغضب وتكون البادئ في فصم عري صداقتنا. انا اسفة يا باي"

وتدحرجت دمعة من بين رموشها لكذبتها الشنعاء ولكن صمته اوحى لها بتصديق كلامها. سألته بصوت يشوبه الالم:
" هل يضايقك ان تعود بي الى البيت يا باي؟"
فوافق بمرارة:
" لا اظن ان احدا منا له ادنى رغبة في الطعام ليس هذا غريبا"

اخذت يد مجهولة بمرفقها ولم يتبادلا كلمة واحدة. ولم يعلق باي على دموعها التي راحت تجري فوق وجنتيها ولم يقل حتى كلمة وداع عندما بلغا باب المنزل ولكن عبارة حظا سعيدا المتهكمة التي تفوه بها تردد صداها في اذنيها طول الطريق المؤدية الى غرفتها حيث القت بنفسها على الفراش وانفجرت باكية.

******نهاية الفصل التاسع******


اماريج 27-07-10 08:56 PM

10- تقييم فني
والاخير
*****************
نادى غرانت لين على ابنته من الطابق الاسفل:
" سابرينا...هل يمكنك ان تنزلي اود رؤيتك دقيقة واحدةة"
فتنهدت سابرينا بتثاقل وقالت:
" الا يمكنك الانتظار يا ابي؟"
اجاب:
" لا...ان الامر بالغ الاهمية"

قامت سابرينا بتغطية التمثال الذي اوشكت ان تتمه. وكات في وسعها ان تقنع اباها بتأجيل ما يراه مهما ان هي اصرت على عدم النزول. ولكن الاعياء بلغ بها حدا لم تستطع معه مواصلة النقاش فخلال الاسبوعين السابقين كانت تعمل بجهد كبير وتنام قليلا.

قالت:
" سأنزل حالا. ماذا تريد مني يا ابي؟"
وراحت تهبط السلم وعندما بلغت منتصفه شعرت بوخزة في ظهرها والقت اللوم على اعصابها المتوترة وتوقفت عند الدرجة الاخيرة بينما كان رأسها يندفع اتجاه نهاية السلم عندما فوجئت بصوت باي المتهكم يكبح من سرعتها وهو يقول:
" اهلا...سابرينا...اعتذر لتعطيلك عن العمل"

احنت سابرينا رأسها وهبطت الدرجة الاخيرة وهي تدس يدها المضطربتين في جيبها وقالت:
" انها مفاجأة لي يا باي. ماالذي اتى بك الى هنا؟"
بدأ ابوها يوضح الموقف وقال:
" توقف باي لـ..."

ولكن باي قاطع حديثه وقال:
" يمكنك ان تسمي هذه اخر خدمة مفيدة اقدمها لك. اريد يا سابرينا ان تقابلي هاول فلتشر"
سمعت صوت رجل ينم عن ثقافة يقول:
" هل هذه هي السيدة الشابة التي تحدثت عنها؟"
وتقدم لتحيتها واستطرد يقول:
" الانسة لين ارجو ان يكون لقاءنا من دواعي السرور لكلينا"
منتدى ليلاس
وقدمت سابرينا يدا مرتبكة لتحيه وقالت معتذرة:
" انا اسفه...لا اظن انني ادرك تماما سبب زيارتك!"
فقال باي موضحا:
" جاء الى هنا ليرى اعمالك الفنية ويدلي برأيه في مهارتك الفنية وتفكيرك"

وافتقدت سابرينا الدفء الذي تعرفه في صوت باي فبدا لها شخصا غريبا ولم تتسم نبرته بالسخرية او الصداقة اللتين اعتادت عليهما.
" لا اظن...."

وتوقفت عن مواصلة الحديث وكأنها كانت تعترض بخشونة على ان تكون اعمالها الفنية هدفا لتقييم احد النقاد المختصين
فقال هاول فلتشر:
" يمكنك ان تكتشفي الان ما اذا كنت بددت وقتك في الرسم او النحت ام انك قد انجزت عملا فنيا عظيما"


اماريج 27-07-10 08:57 PM

حدثت سابرينا نفسها بما قاله باي بأنه يؤدي لها خدمة مفيدة.
رفعت رأسها وقالت:
" احتفظ بكل اعمالي في الاستديو بالطابق العلوي. هل انت قادم معنا يا باي؟"
ويبدو ان باي لم يترث كثيرا حتى يعرف نتيجة التقييم وانما استأذن في الانصراف من غرانت وهاول وتجاهل سابرينا تماما.

قادت سابرينا هاول فلتشر الى الاستديو ولم يتفوه الرجل بكلمة واحدة وهو يقوم بدراسة كل قطعة فنية ولم تهتم هي بالامر بل انها لم تكترث لرأيه المرتقب رجل واحد فقط يهمها انه باي الذي جاء وانصرف قبل ان يخفق قلبها المحطم مرة ثانية.
كان عملها الفني يملأ ساعات الوحدة والفراغ وكان سببا يدفعها الى النهوض من فراشها كل صباح. وكانت تأمل ان يأتي اليوم الذي تساعدها فيه اعمالها الفنية على الاستقلال عن ابيها.
منتدى ليلاس
كانت ترغب في ان يتزوج من ديبورا وينعم بالسعادة معها. ومن العدل ان يفوز احدهما بالانسان الذي يحبه. اما هي فقد فقدت باي.
سألها الرجل بعمق:
" ما مقدار العمل الذي انجزته منذ ان اصبحت عمياء يا انسة لين؟"
قالت وهي في غيبوبة:
" النحت. اما اللوحات الزيتية فقد انجزتها قبل ان اصاب في الحادث"

قال معقبا:
" فهمت انك تعرفت الى السيد كاميرون منذ بضعة شهور"

دعكت سابرينا ظهرها في قلق ثم قالت:
" اجل...هذا صحيح"
" كيف صنعت هذا التمثال النصفي؟"
فاعتلت ابتسامة شاحبة شفتيها وقالت:
" ان الاعمى يرى بيده يا سيد فلتشر"
" انت لم تسأليني بعد عن رأيي في اعمالك الفنية الست في لهفة الى معرفته يا انسه لين؟"

هزت كتفيها باستخفاف وقالت:
" تعلمت من تجربتي ان الناقد يدلي بنقده دون ان يسأله احد كما ان الثناء يمنح بلا سؤال"
فقال معقبا:
" لك قدر ملحوظ من الحكمة"
" ليس في جميع الاحوال"

وكانت تعني انها لم تتدبر امر حبها بحكمة.
وبدأ هاول فلتشر بالحديث - او بالاحرى – في النقد.
ولم يحتد في كلمته وانما كان يقوم بتشريح كل قطعة فنية على حده دون ان يبالي انه يقوم بتقطيع مستقبلها الفني الى شرائح. كان يجذب انتباهها الى كل عيب يشير اليه مهما بلغت دقته. وكان كل موضوع يطرحه بين يديها يعد امتحانا لها .

واستمر صوت الناقد المثقف في نقده حتى ودت سابرينا ان تصرخ فيه حتى يتوقف عن الاسترسال في حديثه. فقد بدا الفشل الذي منيت به في اعمالها الفنية يثقل كاهلها وبذلت جهدا كبيرا حتى لا تتلقى الضربة القاضية منه.

كان يكفيها الآم قلبها المهجور والضربة القاضية كفيلة بأن تزيد كأبتها ولكن شعورها بالكبرياء دفعها الى ان ترفع رأسها عاليا وهي تستمع الى تشريح الناقد للقطعة الفنية الاخيرة.

واطبق صمت عميق بعد ان تفوه عبارته الاخيرة فتنفست سابرينا الصعداء:
" حسنا...انني لم اعرف الا انني فنانة هاوية غير مقتدرة"
ضحك الناقد وقال:
" يا الهي... انت لست غير مقتدرة... ولست هاوية... من قال لك ذلك يا طفلتي؟"
منتدى ليلاس
واردف يقول:
"هناك بعض القطع الفنية التي ينقصها الاتقان وبعض القطع التي تفتقد الحياة وتحتاج الى بذل المزيد من الجهد ولكن بقية القطع مذهلة للغاية ولا يمكن ان نصدق مبلغ الكبرياء والقوة اللتين تعبر عنهما ملامح الوجه الذي قمت بتشكيله في التمثال النصفي الذي يصور باي. كما ان العاطفة بالغة الاثر في تمثال السيدة. انت تحاولين ابراز ملكتك الفنية في الاشخاص مثلما برزت في لوحاتك. انت تبعثين الحياة فيهم وترتفعين بلسمات الى الدرجة التي تجذب اليهم انظار الناس"

لم تستطع سابرينا ان تصدق ما يتفوه به هاول فقالت:
"اذن...هل تظن انه من المحتم علي ان اواصل العمل؟"
اعلن هاول فلتشر قائلا:
"اذا حافظت على هذا العمل وهذا المستوى فانني استطيع ان اعدك بأنك ستقيمين معرضا خلال ستة اشهر"
فقالت سابرينا:
" لابد انك تمزح"

اماريج 27-07-10 08:59 PM

" عزيزتي...انني لا امزح في مسألة المال وارجو ان تغفري لي عندما اقول ان عماك سوف يلعب دورا كبيرا في الدعاية لمعرضك الذي سيكون مزيجا بين افضل لوحاتك مع افضل تماثيلك ثم نشرع في دعوة الاشخاص المنصفين"

قاطعته سابرينا وهي تخشى ان يكون باي قد بالغ في تقدير كل هذا فقالت:
" انك تقول هذا ارضاء لباي. اليس كذلك؟"
سألها وكأن كرامته قد جرحت :
" هل تسألين عما اذا كان باي قدم لي رشوة لكي اقول لك ذلك؟ اعلمي اذن ان باي كاميرون بذل ضغوطا مضنية لكي يحملني على الحضور الى هنا اليوم. انني لست مستعدا لاغامر بشهرتي من اجل احد واذا لم تكن لديك الموهبة او الفكر السديد فأنني قادر على ان اخبرك برأي بصراحة"

صدقته سابرينا واصبحت تشعر أنها تمسك بكأس النجاح في قبضة يدها.
وتركت الرجل يرسم لها خطة اعداد المعرض لكنها لم تستمتع بحلاوة النجاح لان الرجل الذي تحبه لم يشاركها فيه. كان الانتصار يبدو لها مثل الطبل الاجوف....كحياتها تماما.
********
اعلن هاول فلتشر بأن المعرض سيقام خلال ستة اشهر وحدد موعد افتتاحه بالاسبوع الاول من شهر ديسمبرــ كانون الاول واختار هذا التوقيت لانه يناسب فصل الاجازات وانطلاق الاموال من جيوب اصحابها.
وادركت سابرينا ان تقدير هاول للفن يسير جنبا لجنب مع تقديره للمال.
منتدى ليلاس
تمتم ابوها حتى لا يسمعه المحيطون بهما:
" لقد نجحت يا سابرينا. سمعت ثناء وراء ثناء يطري قطعك الفنية"
فابتسمت سابرينا ابتسامة شاحبة لنبرة الفخر العظيم الذي اتسم به صوته وليس لكلماته التي قالها عن نجاحه وكانت تتصور ابتسامته المشرقة التي علت وجهه.

وقال هاول فلتشر الذي كان يقف في الجانب الاخر من سابرينا:
" كلمات الاطراء رخيصة يا سيد لين ومع هذا حققت نجاحا عظيما يا عزيزتي سابرينا. لان ضيوفنا دفعوا اموالهم امتثالا لما حكمت به اقوالهم"

قالت سابرينا بنعومة:
" شكرا لك يا سيد هاول"
" انت تعرفين يا سابرينا ان الدبلوماسية تستحوذ دائما على عقولنا لذا سأضطر الان الى القيام بجولة اما انت فيمكنك المكوث هنا.
وتناهى الى سمعها صوت نسائي دافئ قائلا:
" سابرينا...انا باميلا تايسن. كنت مدعوة في حفل منزلي منذ عدة اشهر"

مدت سابرينا يدها تحيها وقالت:
" طبعا يا سيدة تايسن. اذكر ذلك تماما. كيف حالك؟"
زجرتها السيدة وهي تقول بسخرية:
" اشعر بضيق قليل اذا كنت تريدين معرفة حالي. انه لامر رهيب الا تفضي لي بموهبتك الرائعة وانتظر حتى اضع يدي على حفيدي باي وسألقنه درسا او اثنين لانه اخفى سرك عني"

ابتلعت سابرينا ريقها وهي تقول:
" ليس هناك ما يمكن ان يقال"
كان قلبها يخفق بضربات متوثبة ويد باردة تمسك بعنقها في كل مرة يذكر فيها اسم باي.
قالت باميلا:
" اظن ان باي سيأتي هنا الليلة ليشاركك الاحتفال بنجاحك. انني واثقة بأنه سيقطع رحلته البحرية التي يقوم بها الى باجا بولاية كاليفورنيا حتى لا تفوته مناسبة كهذه."
منتدى ليلاس
وحاولت سابرينا ان لا يبدو على صوتها نبرة الاهتمام وهي تقول:
" اوه...هل كان باي يمضي هذه الفترة هناك؟ لم اره في الاونة الاخيرة. كنت منهكة في الاعداد لهذا المعرض"

وكان من الواضح ان السيدة تايسن لم تكن تعرف ان باي وسابرينا افترقا منذ عدة شهور مضت كما ان سابرينا بدورها لم ترد ان تفضي لها بهذا الامر
. وابدت السيدة تايسن لها بملحوظة قائلة:
" ان التمثال النصفي الذي يمثل باي يخطف الابصار وكل انسان يتحدث عن مدى الشبه بينهما. ولابد ان هاول يدرك مدى نجاح التمثال وهذا واضح من الثمن الباهظ الذي قدره له."
وهزت سابرينا كتفيها دلالة على انه لا يعنيها كثيرا مسألة الثمن.
وقالت:
" انا مجرد فنانة" .


اماريج 27-07-10 09:00 PM

ولم تكن سابرينا راغبة بعرض التمثال ولكن هاول كان صلب الرأي في مناقشاته معها واصر على الا تتيح الفرصة لمشاعرها بالتدخل في قرارها فأذعنت له بشرط الا يعرض التمثال للبيع.

وكانت سابرينا تعرف ان تفكيره في مجالي الفن والمال لا حدود له. وحتى لا يثار التساؤل في عدم عرض التمثال للبيع اقترح هاول ان يضع ثمنا باهضا له حتى لا يستطيع احد شراءه. واخيرا وافقت على اقتراحه.

وسألتها باميلا:
" ما هو ردة فعل باي عندما رأى التمثال الذي يصوره ابلغ تصوير؟"
واختار احد الضيوف هذه اللحظة ليقدم التهاني الى سابرينا فاستطاعت ان تتجاهل السؤال الذي وجهته اليها باميلا ولحسن الحظ التقت باميلا بأحد معارفها فانتحيا جانبا واخذا يتجاذبان اطراف الحديث فاصبح في وسع سابرينا ان تهرب من الاجابة على سؤالها تماما.

قالت لها احدى السيدات:
" كل اللوحات والتماثيل مدهشة يا انسة لين مذهلة تماما. انها تثير الاعجاب"
هزت سابرينا رأسها بأدب وقالت:
" اشكرك"

وتدخل هاول فلتشر في الحديث وامسك مرفق سابرينا وقال:
"اسمحي لي يا سيدة هاملتون. لابد ان اسرق سابرينا منك لدقائق معدودات"
وقدمت سابرينا اعتذارها للسيدة وسمحت لهاول ان يقود طريقها. واخذت العصا العاجية تتحسس السبيل امامها وكان هاول ينسى احيانا انها عمياء فيتركها تصتدم بالاشياء التي تعترض طريقها.

سألته:
" من هو الشخص الذي تدفعني الى رؤيته هذه المرة؟"
فقال بصوت يشوبه الوجل:
" لا اعرف كيف اخبرك بدقة يا سابرينا لدي مشتر للتمثال النصفي وهو يرغب في رؤيتك"
قالت بحدة:
" مشتري؟ انت تعرف ان التمثال ليس للبيع"

فأجاب مدافعا:
" حاولت ان اشرح له انك غير راغبة في التخلي عنه لان ثمنه الحقيقي اقل مما هو مقدر له وخشيت ان تبلغ هذه الحقيقة اسماع الضيوف فتتعرض الاسعار الاخرى للمساومة"
منتدى ليلاس
فقالت سابرينا متهمة اياه:
" اما كان يجدر بنا الا نعرض التمثال في المعرض. انت تدرك مقدار شعوري نحوه."

وافق على كلامها بهدوء وقال
" اجل...ادرك ذلك تماما. يمكنك ان تناشديه نخوته الطيبة واقناعه باختيار تحفة فنية اخرى. انه ينتظر في مكتبي حيث الخلوة التي تتيح لكما المناقشة الحره"

قالت سابرينا باصرار عندما خلفت وراءها اغلب الضيوف لتدخل احدى القاعات الخلفية:
" لن ابيع التمثال. ولن اهتم كثيرا بما قد يترتب على قراري "
ولم يحاول هاول ان يعقب على كلامها وابطأت خطواتها عندما بلغا بابا مفتوحا ودخلت القاعة ورفعت رأسها في عزم واصرار وتمتم لها بكلمتي حظ سعيد وهو يغادر الغرفة ويغلق الباب وراءه فتلفتت حولها وارتجفت وهي تنشد معونته.

وفجأة سمعت شخصا ينهض واقفا ولما كانت قد تردتت على المكتب عدة مرات فانها كانت تعرف ان المشتري كان يجلس على الاريكة الفكتورية
الصنع الواقعة مقابل الجدار.
ورسمت سابرينا ابتسامة على شفتيها وتقدمت تخطو نحو الصوت. ومدت يها لمصافحته وهي تقول:
" انا سابرينا لين كيف حالك؟. اخبرني هاول بانك حريص على شراء قطعة فنية اثيرة الى نفسي"

" هذا صحيح يا سابرينا"
وصعقت لسماعها الصوت وسقطت يدها الممدودة لترتد الى جانبها حتى تظل رابطة الجأش.
وكادت الارض تميد بجنون تحت قدميها وكانت ركبتيها تهتزان هلعا.
"باي....باي كاميرون!"


اماريج 27-07-10 09:02 PM

رددت اسمه بأنفاس متقطعة وان كانت نبرة الفرحة تشوب صوتها واردفت تقول:
" يالها من صدفة! باميلا تايسن اخبرتني منذ لحظات بأنك تقوم برحلة بحرية في باجا. انه من الصعب ان يتواجد الشخص في مكانين في وقت واحد"
ثم حدثت نفسها قائلة: (هاول هذا الخائن. لماذا لم يخبرني ان باي هو الشخص الذي يترقب انتظاري؟ ولا عجب ان يتسلل ويتركنا وحدنا.)

سمعت باي يقول بنبرة اشاعت القشعريرة في اوصالها :
" انه خطأ اقترفته باميلا فقد اعددت العدة للعودة بعد مضي بعض الوقت. ارى انك حققت النجاح الذي كنت تنشدينه. ما شعورك الان؟"
فقال قلبها: شقية. لكن لسانها كذب وقال:
"سعيدة!"
منتدى ليلاس
قال باي بسخرية:
" يبدو مظهرك انيقا ومتخما للغاية وانت في ثوبك الاسود وقد التف عقد من اللؤلؤ حول عنقك الطويل فأضفى عليك لمسة بسيطة ولكنها رائعة. وقد اجتمع الفستان والعقد ليبرزا الشحوب والجمال على بشرة وجهك. وكأنما كنت تكابدين مأساة عظيمة ونجحت في التغلب عليها. ولا شك في ان الصحافة وجدت في قصتك ما يشغل صفحاتها"

وتاقت نفسها الى ان تقول له بأن مأساتها تكمن في فقدانها له وليس فقدانها لبصرها ولكنها التزمت الصمت وهي تحاول ان لا تسمع سخريته التي تختفي وراء نبرة صوته.
واستطرد يقول:
" يراودني التفكير في انك سوف تنبذين عصاي وتستعيضين عنها بأخرى"

وكانت اشارته الى العصا العاجية التي تحملها تدفعها الى ان تتشبث بمقبضها بشدة وكأنها كانت تخشى ان يحاول استعادتها منها.

فقالت سابرينا باستخفاف:
" ولم افعل ذلك؟ انها تؤدي غرضها"
قال باي بجفاء:
" لن اتهمك فأقول انك ترتبطين بها ارتباطا عاطفيا للغاية ولكنني عندما تتطلعت الى التمثال النصفي الذي صممته لي ادركت انك تنظرين الى علاقتنا السابقة بشغف كبير"
قالت:
" شئ طبيعي...."
ونم اهتزاز صوتها عن مبلغ عمق ولعها به.

واردفت تقول:
" هذا علاوة على انني سبق واخبرتك مرة بأنني احب وجهك. ان ملامحه قوية وشامخة."
قال:
"هل اخبرك هاول انني ازمع شراء التمثال؟"
قالت ضاحكة:
"اجل. ولكنني لم اعرف انك اناني يا باي, تخيل انك تشتري صورة لنفسك"

" سيكون تذكارا جميلا.."
قالت متلعثمة:
" باي...انا..."
وتحركت قليلا حتى دنت منه وهي تشعر بعينيه تتفرسان في وجهها الذي راح يهتزمن القشعريرة والبرد.
واستطردت تقول:
" هناك خطأ. هاول جاء بي لان...حسنا...التمثال ليس للبيع"

سألها باي وكأنه لم ينزعج لصوتها المتلعثم:
" ولماذا ترفضين بيعه؟ اظن ان الهدف من هذا المعرض هو بيع المعروضات"
قالت:
" المعروضات للبيع فيما عدا التمثال النصفي الذي حددنا له ثمنا باهضا حتى لا يستطيع احد شراءه"

فقال بهدوء:
" انا استطيع شراءه"
فقالت في يأس مميت:
" كلا...لن ادعك تأخذه مني..فقد اخذت كل شئ عندي.. ارجوك دعني احتفظ به"
قال ضاحكا:
" آخذه منك!"
منتدى ليلاس
وزحفت يده لتقبض على رسغها ثم اردف يقول:
" ماذا اخذت منك؟ هل نسيت انني الشخص الذي عرفتي كيف تستغلينه من قبل؟ لماذا لا تأخذين نقودي؟ لقد اخذت كل شئ ثمين قدمته لك"
قالت:
" ماذا قدمت لي؟ الشفق؟ العطف؟ الاحسان؟"

وراحت تضرب الارض بعصاها في حدة واضحة وكانت كل ضربة تتردد مع كل كلمة غاضبة تتفوه بها.
ثم استطردت تقول:
"متى يكون للأشياء المهنية قيمة ثمينة. ولمن تقدم الاشياء الثمينة؟ بالتأكيد لا تقدمها لي. انك لم تكترث بي كثيرا. انني في نظرك مجرد حالة تقدم لها الاحسان"

وانطلقت تنهيدة عميقة من صدره وهو يتسائل:
" هل ما زلت تؤمنين اني اشعر بالاسف نحوك؟"
قالت سابرينا:
" كنت بالتأكيد لا تحبني"
وقبضت يداه على كتفيها وادار وجهها نحوه ثم قال:
" واذا كنت احبك فهل سيختلف الموقف؟"

وقالت سابرينا لنفسها لو لم تبعث لمسة يده ومضة نارية لتجري في سلسلتها الفقرية لاستطاعت ان تصمد امام الام الذي كان يمزق قلبها اما وهي تشعر الان بالعجز في اعماقها والكبرياء لا تستطيع ان تشد ازرها فليس امامها سبيل الا ان تلقي بنفسها على صدره.


اماريج 27-07-10 09:04 PM

وقالت له وهي تتنهد:
" لو انك احببتني قليلا يا باي...لما توانيت على ان احبك بجنون ولكن ماذا تفعل فتاة عمياء مع رجل يشعر بالشفقة نحوها...لانها عمياء؟"

وخفت حدة صوته وتركت يده كتفيها لتمسك برسغها بينما دغدغت اليد الاخرى برفق وجنتيها وقال:
" انني لم اشعر مطلقا بالشفقة نحوك كنت غارقا لاذني في حبي لك حتى بت اخشى ان افقد قطرة من هذه العاطفة"

وانتحبت سابرينا في ألم وهي تحاول ان تنفلت من ضمته الرقيقة وقالت:
" باي. لا تكذب علي. الم تخجل من سلوكي الذي كان يدفعك الى السخرية مني؟"
قال باي:
" لا اكذب عليك صدقيني. ان الجحيم الذي كابدته خلال الشهور السابقة لم يدفعني الى السخرية منك"
منتدى ليلاس
قالت تسأله حتى يتوقف عن تعذيبها:
" انا فتاة عمياء يا باي. كيف يكون في وسعك ان تحبيني"
" يا ملكتي العمياء...الجميلة والشجاعة هل تسألين كيف استطيع ان احبك؟"
وكان صوته دافئا صادقا وبددت نبرة الاخلاص فيه الخوف الذي كان يملأ قلب سابرينا فقالت له:
" لن تحاول خداعي مرة ثانية اليس كذلك يا باي؟ لا تفعل ذلك معي اذا كان التمثال هو كل ما تبغيه سأهبك اياه عن طيب خاطر اذا توقفت عن الكذب علي"

واطبقت يداه على كتفيها وجذبها الى صدره ووضع يدها على قلبه الذي ترددت نبضاته فوق راحتها.
وكان نبض قلبها في سباق جنوني مع نبض قلبه واخيرا القت وجهها بين يديه.
وهمس في اذنها قائلا:
" كونك ضريرة لا يقلل من شعوري بأنك امرأة عندما اضمك بين ذراعي"

فتمتمت قائلة وهي تلقي برأسها فوق قلبه:
" لم تدعني اشعر بذلك مرة...."
ضمها الى صدره بيدين قويتين وكأنه يخشى ان تحاول الهروب منه ثانية وقال لها:
"احببتك حبا عميقا من البداية وربما بدأ ذلك في تلك الليلة التي لجأنا فيها الى زورقي هربا من المطر. لا ادري...ولكني قلت لنفسي يجب ان تأخذ الامر بهوادة فانك تتصفين بالكبرياء والعناد والتحدي. لذلك لم احاول ان اؤكد لك في البداية بأنني احبك لانك ما كنت لتصدقين مشاعري. ليس هناك شئ مستحيل ما دمت قد عقدت العزم على تنفيذه وبعد تلك الانجازات فكرت ان ادفعك الى ان تحبيني. ولا يمكنك ان تتصوري مدى عنف الصدمة التي تلقيتها يوم ان اخبرتني بأنك لم تعودي في حاجة الي.

وابتسم باي بينما ازدادت سابرينا اقترابا منه وتمتمت بحرارة:
" انا محتاجة اليك انا اريدك بجنون. كنت ارتعد عندما يراودني الاحساس بأنك تشعر بمزيد من الشفقة نحوي"
" لم اشعر بالشفقة نحوك بل بالفخر بك"

واستدارت برأسها نحوه في تساؤل وحيرة وقالت:
" بالفخر بي؟"
" كنت دائما فخورا بك لانك كنت دائما تقبلين التحدي الذي اوجهه لك"
وراحت تذكره بابتسامة:
" كنت اقبل التحدي مع الاحتجاج"

قال باي ضاحكا:
" لا يستطيع احد ان يتهمك بأنك ليتة العريكة. اجل انت عنيدة ومحبة للاستقلال ولست سهلة الانقياد. كان ذلك واضحا منذ اول مرة التقينا فيها وصفعت وجهي"
وتركت سابرينا اصابعها تداعب وجنتيه وهي تقول:
" وانت رددت لي الصفعة التي اثارت غضبي واثارت معها حبي لك"

وطبقت اصابعه بسرعة على يدها وطبع عليها قبلة حارة وقال:
" هل يمكنك ان تخبريني الان لماذا هربت مني عندما كنا في حفل باميلا؟ اريد ان اعرف الحقيقة هذه المرة."

ووثب قلبها وثبة مفاجئة لانها في هذه اللحظة لا تريد ان تتحدث ولكنها قالت:
" سمعتك تتحدث الى فتاة تدعى روني وقالت انك اتيت بي الى الحفل لانك تشعر بالاسف لي وانك استخدمتني وسيلة لتثير الغيرة في قلبها. وانت لم تنكر ذلك يا باي وتعلقت بأمل ان تقول لها انني على الاقل صديقتك ولكنك تركتها تتحدث عني كانسانة مسكينة سيئة الحظ وتستحق الاحسان وظننت انها تقول الحقيقة. وهذا ما دفعني الى الهروب"

" ان اول شئ سوف اتذكره عندما نتزوج هو حدة سمعك. ولو انك انصت قليلا لكنت سمعت بقية حديثي فقد قلت لها انني لا احب ان اسمع منها اي تعليقات على المرأة التي ازمع الزواج منها"
وشابت صوتها موجة من الحب الدافئ وهي تقول:
"باي...هل تنوي الزواج مني؟"

" انوي الزواج منك..اذا وافقت على طلبي"
فهمست وهي تلهث الما:
"لا تسخر مني...."
وعانقها برقة اشعرتها بأن حبه بدد كل الظلام الذي يسود حياتها.

وبعد مضي لحظات دفعها باي بذراعيه لكنها ترنحت نحو صدره لتنعم بلمسات اصابعه واخيرا امسك جسمها بحزم على مقربة منه فقالت له هامسة:
" حبيبي...كم احبك ارجو ان تمسك بي فترة قصيرة اخرى"
منتدى ليلاس
فقال بصوت ينم عن عمق حبه:
" ان الفترة القصيرة ستدوم طويلا"
وانفجرت شفتاها عن ابتسامة تتراقص بالسعادة الفياضة وقالت:
"باي... الباب له قفل"
فقال باي يذكرها:
" هناك عدد كبير من الناس يتساءلون ماذا حدث لنجمة المعرض"

فأجابت:
" لا اريد ان اكون نجمة..."
وسألها باي:
" وعملك..."
لكنها قاطعته قائلة تتم كلامه:
" سيملأ اللحظات التي تكون فيها بعيدا عني. سيرضيني كل الرضا"

دمدم باي:
" انت تعرفين ان العمل الفني ليس امرا هينا وانما يتطلب دقة الاحساس"
وهمست قائلة:
" اعرف ذلك...."

النهاية


اماريج 27-07-10 09:06 PM

تمت والحمدلله
قراءة ممتعة للجميع وبتمنى انو النهاية نالت رضاكم
لكم ودي

нάмşά 3şħ2 28-07-10 03:43 AM

روااااااااااية اكثر من رائعة

شكرااااااااااا لكي

♥°°♥ملاك الحب♥°°♥ 28-07-10 08:11 PM

هالروايه رووووووووعه
يسلمووووووووووووووووو

اماريج 28-07-10 11:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة нάмşά 3şħ2 (المشاركة 2395823)
روااااااااااية اكثر من رائعة

شكرااااااااااا لكي

العفوووو ياحبيبتي منورة وشاكرة لك مرورك وتعليقك
تحيااااااااتي لك

اماريج 28-07-10 11:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ♥°°♥ملاك الحب♥°°♥ (المشاركة 2396455)
هالروايه رووووووووعه
يسلمووووووووووووووووو

االاروع مرورك وتعليقك الحلو
والله يسلمك ياعمري
لك ودي

Rehana 31-07-10 06:57 PM

يعطيك العافية على مجهودك المميز

وعلى ختياراتك حلووة


http://www.commentsyard.com/graphics...hank-you76.jpg

اماريج 01-08-10 08:29 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 2400272)
يعطيك العافية على مجهودك المميز

وعلى ختياراتك حلووة


http://www.commentsyard.com/graphics...hank-you76.jpg

الله يعافيك ياعمري منورة ياريحانة
وشاكرة لك مرورك الحلو ياعسل
دمتي بالف خير
:flowers2:
http://www.iraqnaa.com/ico/image2/f/n/ros079.gif

dalia cool 18-08-10 05:54 AM

مرسي اماريج رواية حلوة كتير بس قهرتني ظلت عمية الى نهاية الرواية :Taj52::Taj52::Taj52::Taj52::Taj52:

اماريج 19-08-10 06:12 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dalia cool (المشاركة 2416918)
مرسي اماريج رواية حلوة كتير بس قهرتني ظلت عمية الى نهاية الرواية :Taj52::Taj52::Taj52::Taj52::Taj52:

العفووووووووو حبيبتي منورة والله
والاحلى طلتك الحلوة
ولاتتقهري ولاشي تظل عمياء ولاتموت هههههههههه
مرة قراءة رواية البطلة ماتت ماساة عن جد هيك بتتقهري
وهذه وردة للحلوة
:flowers2:
دمتي بالف خير


قماري طيبة 03-10-10 03:18 PM

thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

asmaa_amr 05-10-10 11:25 PM

الرواية اكثر من رائعةجميييييييلة حلوة كتير شكرا على تميزك ويعطيك العافية ولا يحرمنا منك

yasmine_ 2006 07-10-10 02:47 AM

يسلموا يا قمر
إستمتعت بها جداً

شكراً لمجهودك

اماريج 07-10-10 06:55 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قماري طيبة (المشاركة 2466897)
thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks


ياهلا وغلا بالحلوة
والعفوووووويالغلا منورة والله
لك كل الود:flowers2:

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة asmaa_amr (المشاركة 2470193)
الرواية اكثر من رائعةجميييييييلة حلوة كتير شكرا على تميزك ويعطيك العافية ولا يحرمنا منك


الاروع والاجمل صدقا هو مرورك وتواجدك فيها ياعسولة
والعفوووووو والله يعافيك ياامورة وكلامك اسرني جداااااااااااا ربي يحفظك ويسعدك وماانحرم من هالطلة الحلوة
لك كل الود:flowers2:

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yasmine_ 2006 (المشاركة 2472013)
يسلموا يا قمر
إستمتعت بها جداً

شكراً لمجهودك


الله يسلمك ياعزيزتي
شاكرة لك مرورك وتواجدك فيها يالغلا منورة
والعفوووووو حبيبتي وسعيدة لسعادتكم ^_^
لك كل الود:flowers2:
:liilas:

afifa33 23-10-10 01:19 AM

bon choix mille merci

الجبل الاخضر 23-10-10 08:16 AM

:55::55::55::55::55::55:thankssssssssssssssss
:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:

هدىgb 28-11-10 09:45 PM

روووووووووووووووووعه الروايه

يسلمووووووووووووووووووووو

اماريج 29-11-10 06:24 PM


شاكرة لكم مرورك وتواجدكم فيها ياعسولات
الرواية صدقا منورة فيكم وسعيدة انو اختياري للرواية عجبكم ^_*
دمتم بكل الود :flowers2:
:liilas:

baky ezzat 09-02-11 07:31 AM

روااااااااااية اكثر من رائعة

شكرااااااااااا لكي

اماريج 10-02-11 01:00 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة baky ezzat (المشاركة 2630752)
روااااااااااية اكثر من رائعة

شكرااااااااااا لكي


العفوووووو حبيبتي
وسعيدة كتير انو الرواية عجبتك ياحلوة وخاصة انو اول مشاركة في المنتدى هون منورة حبيبتي:flowers2:
:liilas::liilase:

المتيمه 27-04-11 09:57 PM

الله يعطيك العافيه على الروايه الرائعه ..

اماريج 29-04-11 11:47 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المتيمه (المشاركة 2723958)
الله يعطيك العافيه على الروايه الرائعه ..


الله يعافيك حبيبتي
والرواية نورت فيك يالغلا:flowers2:
:liilas:

ندى ندى 30-04-11 04:50 AM

كتير حلوه ورائعه

اماريج 01-05-11 07:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى ندى (المشاركة 2726140)
كتير حلوه ورائعه


الاحلى والاروع هو طلتك العطرة فيها حبيبتي
وثانكس على التعبير اللطيف منورة ياعسولة :flowers2:
:8_4_134:

الامل المفقود 20-07-15 06:49 PM

كل عام وانتم بخير. هده دخول سريع ان شاء الله يكون الجميع بخير ليكم وحشة لكن ضروري لا تسمح لي بالذخول الدائم. اعذروني علي التقصير مع تحياتي للجميع

منى على سيد 21-07-15 12:07 AM

رد: 13 _ عيناك بصري _ جانيت ديلي _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية جميلة قراتها زمان شكرا لك

Rahmoucha 14-11-15 02:26 PM

رد: 13 _ عيناك بصري _ جانيت ديلي _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية اكثر من رائعة

شكرااااااااااا لك :peace:

الاميره ناديه 24-11-15 05:42 AM

رد: 13 _ عيناك بصري _ جانيت ديلي _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
مشكوره روايه اكتر من رائعه

doda qr 12-03-17 02:58 AM

رد: 13 _ عيناك بصري _ جانيت ديلي _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
روووووعه شكراااا


الساعة الآن 06:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية