منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   424_ درس في الحب_ كاثرين سبنسر ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t162714.html)

اماريج 13-06-11 01:33 AM

بعد مرور عدة أيام ، تلقت ناتالي مكالمة هاتفية من مالك متجراً للفنون في بوستيانو ، أخبرها فيها إن المطبوعة الاثرية التي اختارتها من أجل إهدائها لأمها لمناسبة عيد ميلادها قد تم وضع إطار لها ، و أصبحت جاهزة للتسليم .
بدا النهار رائع الجمال ، و فكرت ناتالي إنها أمامها خيارين : إما أن تأخذ واحدة من السيارات الرياضية او أن تطلب من سائق جدتها أن يوصلها .
إلا ان ناتالي قررت التخلي عن كلا الخيارين و الذهاب سيراً على القدمين ، قاطعة مسافة الثمانية كيلومترات لتصل إلى البلدة ، فالرياضة مفيدة جداً لها ، كما يمكنها أيظاً أن تنعم بالسلام و الهدوء وهي في طريقها إلى هناك ، وتمتع ناظريها بالمناظر الطبيعة الرائعة الجمال .
على خلاف الطريق التي سلكتها ، كانت بوستيانو تعج بالسياح ، لكن ذلك لم يقلل من سحر الفيلات المطلية بألوان مختلفة ، و المنتشرة فوق تلالها . بعد أن استلمت اللوحة المطبوعة ، زارت متجراً للثياب بعد أن لفت نظرها عرض لقبعات كبيرة تحمي من أشعة الشمس ، و خرجت منه معتمرة قبعة واسعة زينت حاشيتها بعدد من الزهور الحمراء اللون .
منتديات ليلاس
في تلك الأثناء قررت أن ترتاح و تتجنب حرارة منتصف النهار ، فاختارت مطعماً ذا شرفة مطلة على البحر . بعد أن تجاوزت الساعة الثانية و النصف ، انطلقت عائدة إلى منزلها ، لكن ما إن قطعت ثلث المسافة تقريباً حتى انقطع رباط حذائها .
لم تكن تحمل شيئاً تستطيع ربطه بواسطته على قدميها ، وهكذا راح الحذاء يتأرجح حول كاحلها . و كأن ذلك لم يكن كافياً لإسدال غيمة على ذلك النهار الرائع ، اكتشفت ناتالي بعد قليل أن هاتفها النقال لا يعمل بسبب نقص في شحنة الطاقة ، ما منعها من الاتصال بأحدهم ليقدم لها المساعدة .
مازال أمامها أكثر من خمسة كيلومترات لتقطعها عبر ممر لم يصمم ليسير المرء عليه حافي القدمين ، لذا لم يبق لديها خيار آخر سوى المرور بصعوبة عبر الأشجار الكبيرة لتصل إلى الطريق العام . لم يكن ذلك عملاً سهلاَ ، لكنها أملت على الأقل ، أن تلتقي بشخص رقيق العاطفة ، يوقف سيارته بمحاذاتها و يعرض عليها المساعدة .
مرت حافلة سياحة أمامها ، يتبعها عدد من السيارات ، إلا أن سائقيها بدوا منشغلين بتركيز انتباههم على المنعطفات اللولبية أمامهم ، فلم يستطيعوا إبعاد نظراتهم عن الطريق لرؤية امرأة وحيدة تقف على جانبها .
مرت عشرون دقيقة ولم يحالفها الحظ بعد بتوقف سيارة بالقرب منها ، فبدأت ناتالي تمشي بتثاقل نحو البيت . إلا أنها ظلت تلتفت كلما سمعت صوت سيارة تقترب آملة ان تتوقف بقربها ، لتجد نفسها بعد ذلك وحيدة من جديد .
أخيراً ، بعد أن تخلت عن انتظار حدوث أعجوبة ما ، سمعت صوت شاحنة تبدو محملة بأشياء ثقيلة ما يجعلها تسير ببطء تقترب منها من وراء المنعطف .
خشيت ناتالي أن تمر هذه الشاحنة أيضاً بها من دون أن تتوقف أيضاً إن اكتفت برفع إبهامها بتهذيب طلباً للمساعدة ، لذلك أمسكت بقبعتها ، و لوحت بها بقوة لتجذب انتباه السائق .
أخيراً نجحت .. ها قد رآها السائق فأوقف السيارة بعد أن تجاوزها بمسافة قصيرة . اعتمرت قبعتها بسرعة ، و أمسكت المطبوعة جيداً ، و سارت قفزاً إلى حيث تقف الشاحنة ، فيما فتح السائق لها باب الشاحنة .
في تلك الأثناء ، اصبحت تسير وهي تعرج بشكل واضح ، بسبب الحرارة اللاذعة المنبعثة من الرصيف ومن الجرح الذي بات مؤلماً في قدمها اليسرى .
منتديات ليلاس
ما إن وصلت إلى الباب المفتوح قالت وهي تلهث :
(( شكراً لك ! أنت أنقذت حياتي ))
سألها السائق :
(( هل أنت متأكدة ؟ عندما التقينا من قبل راودني انطباع أنك تظنينني قاتلاً مأجوراً ))
غاص قلبها بين ضلوعها لدى سماعها ذلك الصوت . بدا شعرها ملتصقاً براسها ، و قميصها الرطبة ملتصقة بظهرها ، اما وجهها ... آه ! هي لا تريد أن تعلم كيف يبدو وجهها . يكفيها ما تشعر به من حرارة و توهج .جلس السائق بتكاسل وقد القى ذراعه فوق مقود السيارة ، أما الذراع الأخرى فألقاها على ظهر مقعد المجاور المغطى بالفينيل .
وها هو من جديد ، يرتدي بنطلون جينز أزرق قديماً ، و لا يرتدي قميصاً . صاحت به ناتالي :
(( هيه ، أنت .. ما خطبك ؟ ))



اماريج 13-06-11 01:34 AM


تابعت بغضب و هي تبعد نظرها عن عضلاته المشدودة :
(( هل عليك دائماً أن تتجول مستعرضاً جسدك ؟ ))
أجابها :
(( فقط عندما أتوقع أن من ستراني ستتأثر بمنظري ))
لم يحاول مطلقاً أن يبدي أي تحفظ و هو يتأملها بنظراته المتفحصة
- حسناً ! هذا خبر جديد لك ، سيد برتولوزي . انا لست متأثرة على الإطلاق .
منتديات ليلاس
كانت هذه كذبة واضحة للعيان ، بالطبع !
جال بنظره عليها ، ثم قال معلقاً :
(( أنا أيضاً لست متاثراً . أعرف أن أولاد الملوك لا يتميزون عادة بالذكاء ، لكن حتى عديمي الذكاء منهم يعلمون أن عليهم أن ينتعلوا احذية رياضية إن قرروا التنقل سيراً على الأقدام ))
- انقطع رباط صندلي .
- الصندل لا يعتبر حذاء رياضياً
- أنا لست من النوع الذي اعتاد تسلق الجبال
- ومن أنت إذا ، ايتها الأميرة ؟
- لن اقف هنا طوال النهار ، لأصغي إليك و انت تلقي علي محاضرات . هل ستقلني إلى المنزل ، أم لا ؟
- و لأي سبب أخر تعتقدين انني توقفت هنا ؟
قالت بغضب :
(( إذاً ، اصمت وساعدني كي اصعد إلى الشاحنة ))
حاولت جاهدة أن تجد ما تتمسك به ، لكي ترفع جسدها المتعب إلى داخل الشاحنة . انحنى الرجل قليلاً ، و أطبق بيده حول رسغها ، و شدها بقوة جعلتها تسقط كالكومة على المقعد المجاور مستلقية بوجهها عليه تقريبا .
- يا إلهي !
خرجت أنفاسها من فمها كالشهيق .
علق بهدوء :
(( قليل من الشكر يكفيني ، و سأقدر لك صنيعك إن أظهرت بعض الإحترام لمرافقي ))
جلست ناتالي بإستقامة ، ثم رفعت قبعتها عن ارض الشاحنة و هي توشك أن تساله عن اي مرافق يتحدث . و سرعان ما وقع نظرها على كومة متجمعة بقربه . رأت كلباً صغيراً لا يزيد عمره عن الشهرين , و قد لفه الرجل بقميصه ، فيما راح الكلب ينظر إليها باستغراب . فقط عناية الله جنبتها السقوط عليه.
قالت وهي تحمل الكلب الصغير لتضمه إليها وتضعه تحت ذقنها :
(( آه كم أنت رائع ! ))
منتديات ليلاس
لم يستطع هذا المسكين الصغير بعظامه البارزة إلا أن يتحرك بضعف ويئن من الألم . شعرت بضلوع ذلك المخلوق المسكين حتى من فوق قماش القميص , أما ما ظهر من وبره الأسود فبدا مليئاً بالأوساخ .
أبعدت جزءً من القميص لتعاينه بصورة أوضح ، ثم نظرت إلى منقذها بنظرة منتقدة وقالت :
(( هل هذا الكلب لك ؟ ))
-ولمن هو إن لم يكن لي ؟
- إنه نحيل ومليء بالبراغيث و ربما بحشرات أخرى أيضاً . إنه أكثر حيوان مهمل رأيته في حياتي ، وهو بحاجة إلى طبيب بيطري . منذ متى تتعهد هذا المسكين؟
- منذ عدة ساعات
رماها بنظرة عاجلة ، و تابع بهدوء :
(( و إذا كان الأمر يهمك، فهو يعبث بقميصك ))
-عدة ساعات فقط ؟!
تفاجأت مما سمعته ،و اختارت أن تتجاهل ملاحظته المرحة الأخرى ، فتابعت :
(( حسناً ! لم تقل لي ذلك ؟ ))
-لأنك لم تسألي
هزت رأسها وهي تزفر بانزعاج
-حسناً ! إذاً كان هذا هو أسلوبك في الحديث ، أجبني عن سؤالي :
(( من أين حصلت عليه ؟ ))



اماريج 13-06-11 01:35 AM


تجهم وجهه ، وقال :
(( وجدته في صندوق من الكرتون في زقاق في نابولي ))
-أتقول إنك أنقذت حياته ؟
-هذه صحيح !
تنهد بقوة وتابع :
(( يبدو أن يومي هذا مخصص لالتقاط المشردين )).
ردت بسخرية :
(( يا للأمر المسلي ! ))
لامست بأنفها الكلب الصغير ،ثم مررت إصبعها على رأسه و هي تقول :
(( هل كان وحده في الصندوق ؟))
نظر إليها متعجباً للحظة قبل أن يسألها :
(( ألا يكفي كلب واحد ؟ ))
-أعتقد أنه يكفي ..
ترددت للحظة قبل أن تتابع :
(( لاحظت أنك تتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة واضحة ، مع مسحة من اللكنة الأميركية )).
-أهذا ما ترينه ؟
-أنت لست مستعداً لتقديم أية معلومات عنك، أليس كذلك ؟
ظهرت ابتسامة ساخرة على شفتيه ، قبل أن يجيب :
(( ما من داعِ لذلك أيتها الأميرة . فلا بد أنك سمعت من جدتك الثرية كل ما يتعلق بي ، وما يمكن أن يقال عني أيضاَ ))
-ليس كل شيء
وطبعت قبلة على الأنف الصغير الأسود ،و هي تتابع :
(( هي لا تعرف إنك تقوم بمساعدة الكلاب التائهة ))
رماها بنظرة حائرة و قال معلقاَ :
(( و هي لا تعرف أنك تركبين شاحنتي أيضا . تخيلي ما ستكون عليه ردة فعلها عندما تعرف بذلك ، أم أن هذا سيبقى سراَ بيننا نحن الاثنين ؟ ))
-بالطبع لا ! فأنا راشدة بما فيه الكفاية ، و لست بحاجة إلى طلب الموافقة على كل ما أفعله من جدتي .
أبعد نظره إلى الناحية الأخرى و أطلق زفرة استياء غير مصدق مما سمعه .
-إن كا., هذا ما تريدينه .. أيتها الأميرة !
-هذا ما أريده ! و أرجو أن تكف عن مناداتي بذلك الاسم ... اسمي ناتالي .
غرق الرجل أكثر في مقعده ، و راح يحدق أمامه من خلال الحاجب الزجاجي .
دفنت ناتالي موجة أخرى من الغضب في أعماقها ، و قالت :
(( و أنت تدعى داميانو . أهذا صحيح ؟ ))
-لا ! خطأ
صرت بقوة على أسنانها ، سألت :
(( ما اسمك إذا ؟ ))
-أتقصدين أن جدتك لم تخبرك ؟
-ما كنت لأسأل لو أنها أخبرتني ، كل ما أعرفه هو أنك من عائلة برتولوزي .
منتديات ليلاس
-في هذه الأرجاء ، هذا أكثر من كافِ.
انعطف عن الشارع العام المزدحم ، و سار عبر الطريق الخاص الطويل الذي يؤدي إلى المنطقة المطلة على البحر .
-أين تريدين أن تنزلي ؟
-أمام أبواب فيلا جدتي ، بالطبع .
رفع كتفيه بلا مبالاة و علقت :
(( ظننت أنك لا ترغبين بأن يراك أحدهم برفقة العدو ))
-أنا لا أعتبرك أبدا عدواَ ، سيد برتولوزي . بالنسبة لي ، أنت ببساطة رجل يعيش في المنزل المجاور ، ولديك استعداد كبير للشجار و القتال .
علت فمه شبه ابتسامة قبل ان يقول :
(( و أنت امرأة مزعجة و متشبثة برأيك )) .
-أنا امرأة تشعر بامتنان كبير لأنك مررت من هنا . ما كنت لأستطيع مطلقاَ العودة إلى المنزل سيراَ على قدمي .
-في المرة التالية ، اصنعي معروفاَ مع نفسك و استعملي جزءَ من ميراثك الضخم لشراء حذاء رياضي .



اماريج 13-06-11 01:36 AM

حدقت ناتالي إليه بانزعاج ، وقالت :
(( ما الذي تعرفه عن ميراثي ؟ ))
أجاب :
(( يمكنك أن تتصوري ما أعرفه بنفسك))
وابتسم مرة ثا نية واحدة من تلك الابتسامات التي باتت معروفة لديها
-الكلام ينتشر بسرعة ، و كل شخص في هذه المنطقة يعرف أنك الحفيدة الوحيدة للسينورا وايد ، و أنها تنفق في يوم واحد ما يكفي لإطعام شعبى نابولي كله سنة كاملة المعكرونة و البندورة .
-لم أفكر إنك من الأشخاص الذين يصغون إلى الثرثرات العقيمة .
-عليك ألا تفكري بي على الإطلاق !
أخبرها بذلك ، و هو يوقف شاحنته أمام بوابة فيلا روزا موندا الحديدية المزخرفة ، و أردف متابعا :
(( جدتك ليست الشخص الوحيد الذي تتمنى لو أنني أختفي عن سطح الكرة الأرضية .اسألي أي شخص هنا و سيخبرك أنني نذير شؤم ، و أن تعرضين نفسك للخطر في التورط معي )) .
منتديات ليلاس
تجاهلت ناتالي كيف تسارعت دقات قلبها :
(( أنا لا أشعر بأي خوف منك ))
قال بنبرة سطحية :
(( عليكِ أن تخافي )) .
-شكرا على تحذيرك ، لكن إذا كنت حقاً تريد الاحتفاظ بسمعتك الرديئة ، عليك أن تتوقف عن إنقاذ الكلاب التائهة ، فهذا لا يناسب مطلقاً الصورة التي تعمل جاهداً على إظهارها
طبعت قبلة أخيرة على رأس الكلب صغير ، و وضعته بلطف قرب صاحبة الجديد ، و تحركت لتقفز إلى الطريق ، فارتطم إصبع قدمها الحافية بحافة صندوق خشبي طويل موضوع تحت المقعد .
صرخت متألمة :
(( أوه . ماذا لديك في هذا الصندوق)).
أجاب بصوت أجش تظهر فيه التسلية:
(( بندقية !لإبقاء المتجولين بعيداً عن أرضي . من الأفضل لك أن تراقبي خطواتك ؟ في المستقبل ))
-لا أصدقك !
لم يتمالك الرجل نفسه وضحك بطريقة عفوية قبل أن يقول :
(( هذه غلطة أيتها اأميرة ))
-لا أعتقد ذلك . أنا أعتبر نفسي جديرة حقاً بالحكم على الأشخاص ، و أنت لا تشكل خطراً على المجتمع كما تحاول أن تظهر .
قفزت من الشاحنة ، و أعتمرت قبعتها ، ثم وضعت اللوحة تحت ذراعيها و تابعت :
(( شكراً لك من جديد على صنيعك ، سيد برتولوزي )) .
و بينما كادت تغلق باب الشاحنة ، قال الرجل :
(( بالمناسبة .. اسمي ديميتريو )) .
ظهرت على وجهها ابتسامة كبيرة واسعة .
- ديميتريو !!
إن اسم قوي و مليء بالفخر و الكبرياء لرجل قوي و فخور جداً !
تركها تتحدث مع نفسها , و أدار المحرك منطلقاً بالشاحنة عبر الطريق الفرعية إلى حيث البوابات الصدئة لمنزله .

لم ينتظر ليتأكد أنها أصبحت بأمان داخل المنزل ، فقد أضاع ما يكفي من الوقت لأجلها فيما هناك الكثير من المسائل الملحة التي تحتاج إلى اهتمامه ، كإصلاح السقف لمِنع تسرب المياه .
عليه أن يفعل ذلك في أقرب وقت ممكن ، إن كان يريد الحفاظ على طلاء سقف غرفة النوم الرئيسية . كما يجدر به سد بعض الثقوب في الجدران , و تغير شبكة الأنابيب الداخلية ، و شبكة الأسلاك الكهربائية ... قائمة أعماله لا نهاية لها . و الأن ها هو قد أضاف إليها الاعتناء بهذا الكلب الصغير . يا إلهي ! إنه بحاجة إلى من يصلح له رأسه المتعب .
أوقف الشاحنة خارج المرآب الذي يستعمله الآن كمشغل ، ثم حمل الكلب إلى مكانه صغير مسقوف يقع بالقرب من باب المطبخ ، و وضع له وعاء صغيراً ملأه بالماء ، ثم راح يبحث عن قفص ليستعمله كمقر مؤقت له ريثما يصنع له مسكناً ملائماً في الحديقة .
منتديات ليلاس
لم ينقذ ذلك المسكين من الموت المحتم في نابولي ليتركه يهرب من أرضه .
بعد أن تأكد أن الكلب بخير ، عاد إلى الشاحنة وبدأ بتفريغ الحمولة ، بدأ بالصندوق الذي كان قد وضعه تحت المقعد المجاور المقعد السائق . إنه ليس بندقية ايتها الأميرة ! إنه رف للأواني في المطبخ .
مجرد التفكير بها دفعه للإبتسام ، و ساوره إحساس غريب لم يعد مألوفاً لديه في الفترة الأخيرة . فكر أنه عندما يكون بقربها ، لا يستطيع أن يبقى عابس الوجه . من الأفضل له أن يركز على معرفة سبب شعوره بالتسلية عندما يلتقي بها ، بدلاً من التفكير بما يشعر به نحوها .
من المحتمل أنها تظنه أحمق , لأنه جلس يراقبها ، بدلاً من أن يعرض عليها المساعدة لتنزل من الشاحنة .



اماريج 13-06-11 01:38 AM

و من المحتمل أيضاً إنها تعتبره مختلفاً من الناحية الإجتماعية ، لأنه أبقى الحديث بينهما في حده الأدنى ، لكن الحقيقة ليست كما تبدو للعيان . لقد عرف العديد من النساء في حياته ، لكنها لا تشبه أية واحدة منهن ، فما من امرأة أثارت لديه أحاسيس كتلك التي تثيرها فيه هذه المرأة بالذات .
و هو لا يعرف بالتحديد كيف يمكن أن يتعامل مع تلك الأحاسيس . فعل خيراً إذ قرر عدم البوح لها بأي شيء ، و الألتزام بالصمت و الوقار ، مع أن كل خلية من خلايا جسده تثور عليه معترضة على ذلك .
و بدأ بتفريغ كومة ألواح الخشب التي وضعها في صندوق الشاحنة . كان الوقت متأخراً بعد ظهر ذلك اليوم ، و حرارة الشمس قوية إلى حد قد يصيب من يعمل في تلك الاثناء بضربة شمس ، لكنه لم يهتم لذلك مطلقاً .
استمر بالعمل حتى شعر بالإنهاك ، ظناً منه أن هذه هي الوسيلة الوحيدة ليبعدها عن أفكاره . لكن على الرغم من جهوده كلها ، بقي وجهها متشبثاً بعناد في مخيلته ، و ظلت هي تشغل أفكاره .
منتديات ليلاس
إنها من سلالة أصيلة ، تاريخا معروف لعدة أجيال . لا مجال مطلقاً للشك بذلك . لكن ما يجعلها لا تنسى لا علاقة له بنسبها أو بجمالها و نعومتها او بلباقة تصرفاتها .
إنها الطريقة التي تعاملت بها مع الجرو الصغير . قامت باحتضانه و راحت تدندن له كأنه كلب أصيل ، و لم تهتم مطلقاً للفوضى و الأوساخ التي تركها على ثيابها الأنيقة الباهضة الثمن .
عندما ذكر لها أين وجد ذلك الجرو المسكين سألته إن كان وحيداً في الصندوق . لقد كذب بطريقة ما في جوابه ، لأنه أدرك أنها ستشعر بالالم إن علمت إنه وجد ثلاثة كلاب أخرى ، و كلها ميتة .
تباً ! لقد شعر بالألم هو أيضاً . الفرق بينهما . هو أنه تعلم منذ وقت طويل جداً كيف يتعامل مع كل ما تحمله الأقدار إليه ، و هو يشك بأن تكون لها المقدرة نفسها على التعامل مع الألم .
الحقيقة ببساطة ، هي أنها أكبر بقليل من ذلك الجرو الصغير . ربما هي تننتمي إلى سلالة أفضل ، لكنها بريئة و ناعمة مثله ، و هو لا يستطيع تحمل الاعتناء بهما معاً في وقت واحد .
من الافضل له أن يبعدها نهائياً عن أفكاره و عن حياته ، و ألاّ يدعها مطلقاً تقترب منه ... لكن الكلام أسهل من الأفعال .


نـــــــــــهـــــــــــايــــــــــــــة الـــــــــــــــفــــــــــــصــــــــــــــل الــــــــثـــــــــــــالــــــــــــث



الساعة الآن 02:41 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية