لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-09-08, 05:34 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 65483
المشاركات: 367
الجنس أنثى
معدل التقييم: lona-k عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
lona-k غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


4- ابتسامة تجرح

ظلت ويندي لفترة طويلة ,تمعن التفكير في ما قالته مارجي عن غارث وكونه شخصية هامة, أرهقه العمل لدرجة إنه نصح بالراحة فترة طويلة0 وبشكل ما تصورت أن غارث رجل لا يمكن أن يرهق بالعمل إطلاقا0 رجلا مثله قوي الشخصية قادر على التحمل يمكنه أن يتحمل أي شي0 وهكذا فإنه إذا أرهقه العمل فلا بد أن يكون عمله يرهق الذهن إلى حد كبير0
عيل صبرها لعجزها حتى عن الوصول إلى النقطة التي يمكنها تصور عمل له , وقررت ألا تفكر في الأمر بعدئذ , لكنها في الواقع عادت إلى التفكير في الموضوع عندما أخذت تتمشى فوق السطح السفينة بعد الغداء, وهي تستمتع بنسمة هواء باردة تلفح وجهها وتتخلل شعرها وتلمس ذراعيها العاريتين اللتين اكتسبتا اللون الأسمر الجميل بعدما لوحتهما الشمس نتيجة جلوسها ساعات طويلة فوق سطح السفينة 0
كان البحر مثل مرآة مصقولة , متحولا إلى مرآة من الفضة بعدما سطع عليه ضوء البدر الكامل من سماء قرمزية داكنة 0كل شيء كان وادعا , وظلت هي لبضع لحظات تعيش في طيبة وسلام لكن فجأة ظهرت أمامها حقيقة حالتها القاسية, لم يعد البحر لامعا بل أصبحا مظلما حالكا وعميقا , أصبح شيئا مخيفا بما أنه سيحتويها ,سيحتوي عقلها وجسمها ,وقلبها في أعماقه00 وبشعور الخوف المفاجئ جعلها تفقد توازنها وتصرخ آلما ,استدارت شبه عمياء وهي تنوي الهرب إلى غرفتها, لكن حالما فعلت أمسكت بها فجأة ذراعان قويتان :
وتطلعت إلى وجه غارث ريفرز النحيل غير المبتسم وقالت :
- آسفة كنت على وشك الذهاب إلى غرفتي 0
وحاولت بشجاعة أن تسيطر على نفسها ومرة أخرى خفت صوتها لأنها عندما رأت عينيه الثابتتين الغامضتين أدركت أن الدموع كانت تنهمر غزيرة على وجنتيها 0
ونسيت البحر000 قدرها00 قاع السجن المفزع المظلم الذي لن تعود منه0 أجل , كل هذا نسيته لحظة الاقتراب الوثيق من هذا الرجل الغريب الذي أصبحت يداه الآن رقيقتان للغاية, يمنحها الراحة والدفء 0إنها آمنة معه, لا شيء يمكنه أن يتحدى سلطته لو انه فقط أمسك بها هكذا للأبد لما أصيبت بأذى على الإطلاق وغمغم مندهشا :
- أيتها الفتاة الصغيرة المسكينة الثرية, لماذا تبكين؟
ولم تخفف يداه من قبضتها لكنه ترك مسافة صغيرة بينها وبينه, ليرى وجهها بشكل أوضح , حسب اعتقادها 0
ورددت قوله الفتاة الصغيرة المسكينة الثرية وهي تمسح وجهها بيدها وأضافت:
- ماذا تعني؟
ظهرت على وجه ابتسامة ساخرة آذتها بصورة لا تطاق وقال :
- أعتقد أنك تعرفين ما اعني00
قال ذلك وقد اختفت الرقة من صوته , رغم أن يديه كانتا لا تزالان حانيتين عليها, هاتين اليدين الطويلتين النحيلتين اللتين خدعتاها لأنهما كانتا قويتين وقادرتين , ومرة أخرى أقحم السؤال المضني نفسه عليها ,ماهو عمله ؟
- لا اعرف صدقني0
وتجهم وقال مرة أخرى:
- لماذا كنت تبكين يا وندي ؟
ووقع تجاهله القاطع لكلماتها, رغم أنها قالتها بإخلاص, مثل وخزة ابرة حادة , وتمنت لو أنها استطاعت أن تعيد تقديم الموضوع, وعلي أية حال فرغم المودة التي سادت الموقف الحالي, تذكر أنها لم تصل مع غارث إطلاقا إلى مرحلة التعارف الوثيق0
- لم يكن هناك شئ 0
بدأت كلامها بهذه العبارة لكنه قاطعها قائلا:
- هراء سيفيدك كثيرا لو تكلمت !
كانت لهجته آمرة, ولو إنه قال هذه الكلمات منذ فترة قصيرة جدا لأغضبتها , لكن ليس الآن, ومضى يقول :
- إنني الآن في حالة استعداد للإصغاء والتفهم 0 وهكذا يمكنك أن تتأكدي انك ستلقين اهتمامي المتعاطف الكامل0
وتأرجحت ابتسامة على شفتيها الجميلتين إذ ذكرها بالدكتور هويتكير الذي كان دائما مستعدا للإنصات لمشكلات أيا من مرضاة, وبصفة خاصة مشكلات ويندي , وقالت :
- كنت أشعر بإحباط شديد, لكنني الآن على ما يرام0
- تكلمي0
قالها بلهجة آمرة , لكنه أضاف وهو يلقي نظرة حوله:
- سنجد مكان مريحا نجلس فيه, مكانا منفردا0
ثم أخذ يدها وقادها إلى مقعدين من مقاعد سطح السفينة في مكان منعزل تحت الظلال في نهاية السطح وقال بسرعة عندما جلسا:
- والآن هاتي ما عندك 00
- لم أكن على ما يرام00
اعترفت بذلك وقد بدأ عقلها يعمل بسرعة في محاولة لذكر ما يكفي من المعلومات لإرضاءه , دون دخولها في أية تفاصيل وهو أمر ليست لديها أية نية للقيام به بأي حال لأنها رغم اهتمامه وتفهمه الواضحين لم تكن متأكدة إنه سيهتم بمعرفة الحقيقة كاملة عن معاناتها0 ونظر بحدة إليها عندما سمع كلماتها وبدأت عيناه الباردتان غير المبتسمتين تتفرسان في كل جزء من وجهها , وجبهتها حتى نزلتا إلى رقبتها ,وقال:
- أكنت مريضه ؟
وتصاعد الدم غزيرا إلى وجهها, ووجدت أن كفيها أصبحتا دافئتين, ومبللتين ومضى يسألها:
- إي نوع من المرض ؟
وهزت كتفيها كسبا للوقت ثم قالت :
- شيئا لن تفهمه0
وأدهشها أن يكون صدمه كلامها فعلا أم أنها تتصور ذلك فقط إذ زم شفتيه بقوة, وبشكل يؤكد ما تصورته ,أو بدأ أن كلماتها لم ترضه على الإطلاق ,وبلهجته الآمرة قال :
- يمكنك أن تخبريني 0
ومرة أخرى قالت لنفسها أن هذا كان سيغضبه لو انه قاله منذ فترة ليست طويلة وبعد تردد قصير قالت:
- آسفة غارث لكنني أفضل ألا أتحدث عنه0
- فهمت 00
وبدا كأنما انتابته أفكار أخرى عن المسألة, كما لو كان يعتقد أن مرضها من النوع الذي لا تحب أن تناقشه مع أحد, وأراحها أنه قنع ومع ذلك , فبعد مرور اللحظات القليلة الأخيرة فكرت , ربما بعقلها الباطن, أنها لو استطاعت أن تفضي بسرها لغارث لأزاح عن كاهلها عبئا كبيرا إذ إنها تعرف بدون أدنى شك على الإطلاق أنها يمكنها الوثوق تماما إنه لن يتحدث به حتى الى صديقه 0 ومرة أخرى نظر إليها بعينين متسائلتين وقال :
- ومع ذلك لا يمكنني أن أرى لماذا كنت تبكين؟
- انقباض نفسي0
كان هذا هو ردها الصادق تماما ولأنها نظرت مباشرة إليه وهي تفوه به تقبله كحقيقه , وأومأ برأسه ببطء وهو يمعن في التفكير, كأنما يستعرض حقائق أخرى تتناسب بعضها مع بعض0 وتجهمت في حيرة, لكنه مزاجها لم يفتح مجالا للأشياء التي غلبت تفكيرها من قبل فلقد تصرف كل من غارث وفريزر معها بشكل غريب تعودته لدرجة أنها لم تعد تنوي السماح لنفسها بالشعور بالغيظ إزاءه0
وقال بلهجة متعاطفة :
- الانقباض النفسي يمكن أن يكون أسوأ من الألم الفعلي, وعلي كل فإن المرء يمكنه أن يفعل الكثير من آجل تخفيف مثل هذه الحالة, كتغيير أسلوب الحياة مثلا0
- تقترح أن أغير أسلوب حياتي ؟
وتساءلت في نفسها وماذا بعد؟
- ألا تعتقدين أنها ستكون فكرة جيدة؟
- إنني00
وامتنعت عن القول بأنها لا تعرف ماذا يقصد لأن آلما بسيطا وخز رأسها, وكانت على علم بمثل هذا الطارئ00 الألم سينتابك بين فترة وأخرى: هكذا أخبرها الأخصائي00 وستمر النوبات حتى تأتي النوبة الأخيرة التي تسبق ألاوعي الكامل 00وقالت :
- إذا لم يضايقك تصرفي أود أن آوي إلى غرفتي ,فأنا متعبة 00
- مازال الوقت مبكرا 00
قال هذا بسرعة إلى درجة إنه بدأ كأنه يود أن تظل برفقته فترة أطول قليلا :
- حسنا لن أذهب الآن 0
وجدت نفسها تقول هذا وهي تبتسم0 واستقرت عينا غارث على وجهها لحظة طويلة0 وبدا كما لو كان يتنهد من الداخل على شيء يأسف له أسفا عميقا , وجه إليها دعوة مفاجئه حين قال:
- ألا تشعرين بالرغبة في رقصة أو اثنتين ؟ فالأضواء براقة والموسيقى ستقضي بالتأكيد على الانقباض الذي تشعرين به 0
- شكرا جزيلا لك يا غارث 0....منتديات ليلاس


وتجهم قائلا :
- لا حاجة بك إلى مواصلة الشكر يا وندي 00 أنا أحب رفقتك كثيرا في الواقع0
ولم تتردد طويلا إذ مرة أخرى أنتابها الانطباع بأن عواطفها موزعة لأن بعضا منها يريدها بينما البعض الآخر يرفضها0
ورقصا معا طوال الوقت وكانت واعية تماما لمختلف العيون العديدة التي تركزت عليها عينا نيكول رنتون أصبحتا داكنتين وخبيثتين مما يعني بوضوح أنها تشعر بالغضب لأن شخصا آخر يحظى باهتمام غارث الكامل ثم هناك مارجي التي كانت تبتسم وتومئ برأسها ولم يكن من الصعب قراءة أفكارها هكذا رأت
وندي من حولها وقد ظهرت في عينيها ومضة أسف وأخذ يهمس في أذن رفيقته ثم أومأ هو أيضا, أما فريزر الذي كان جالسا أمام البار مع صديقته فبداء عاجزا عن أن يحول عينية عن متابعتهما0 وهناك شو الذي نظر إليها بطريقة غامضة بينما كانت الفتاة التي تجلس إلى جواره تحتسي شرابها0 ثم كان هناك الرجل القوي الذي يملك صالة البنغو , هو أيضا بدأ مهتما بالاثنين الذين احتلا حلبة الرقص0
- هذا ممتع للغاية0
قال غارث ذلك عندما عادا أخيرا إلى السطح 0 وقد أعرب عن اعتقاده أن لمسة الهواء الرطبة المنعشة الآتية من البحر ستكون تغييرا لطيف بعد حرارة الجو والثرثرة في المرقص وقال:
- شكرا لك يا ويندي ربما نقوم بذلك مرة أخرى0
هذه المرة اتسم صوته بنبرة تلقائية غير معتادة0 وظهر في عينيه تعبير الانتظار كأنما لرأيها أهمية قصوى لديه 0 ومنحته إحدى ابتساماتها الرقيقة الجميلة وهي تقول:
- أتوق إلى ذلك ياغارث0
- لنحدد الموعد مساء الغد بعد العشاء سنرقص مرة أخرى0
وصلا إلى حاجز السفينة وأصبحت وندي قادرة على النظر إلى البحر من دون خوف أو رعب: أصبح براقا مرصعا بالنجوم مثل قطعة فسيفساء يختلط فيها الضوء بالظل نتيجة انكسار الأمواج والليل نفسه أصبح ساحرا تتلألأ في سمائه الاستوائية ملايين النجوم 0
يتوسطها القمر بدرا في تمامه0 وانحنت ويندي وغارث على الحاجز وسادت بينهما صمت عميق لطيف لقد أصبحت في سلام مرة أخرى0 وهدأت أعصابها0
- يا لها من ليلة ساحرة0
خرجت العبارة عفوا من شفتيها وأدار رأسه ألداكن وحدق في وجهها ثم قال:
- لم أرى شيئا بمثل هذا السحر الخيالي الرومانسي0
- حقا 0؟
قالت ويندي بدهشة كبيرة: كل كان هذا نزوعا إلى الشك ؟ ومع ذلك فإن الابتسامة التي ظهرت على شفتيها وعبرت عن التهكم واللامبالاة إلى حد ما جعلتها تندم على تغيير اسلوبه معها0
وأضافت:
- كان ينبغي لي الاعتقاد بأنك شاهدت عديدا من هذه المناظر0
ومد يدا احتوت جميع أطراف البحر اللامع والسماء المرصعة بالنجوم والباخرة ألمترفة التي تبحر بين هذه الأجواء0 وبعينين تحجبهما الظلال نظرت إليه وقالت بلهجتها الناعمة اللطيفة:
- إنني لا أفهمك يا غارث 0 فأنك تقول لي اغرب الأشياء 0 يسيطر علي الانطباع بأنك تشك في إنني لست على حقيقتي 0
وتساءل في نعومة:
- وهل أنت كذلك؟
وفكرت في حالتها وأخفقت في محاولتها منع احمرار وجهها خجلا وقالت وهي تلقي بصرها على يده المستندة على حاجز السفينة :
- جميعنا لدينا خبايا سرية في داخلنا نخفيها عن أي شخص آخر0
- هل لديك خبايا سرية؟
-بالطبع إنني لا أتحدث مع كل شخص اقابله عما بداخلي0
واستعاد صوتها نغمته الرقيقة كما استعادت عيناها ضلالهما وتحرك غارث قلقا وتغلب عليها انطباع غير عادي في إنه يواجه صعوبة بالغة في الإحجام عن ضمها إليه , وعندما لم يتكلم أضافت قائلة:
- أنت نفسك لا بد أن تكون لديك خبايا سريه0
هز برأسه موافقا وحدق في البحر غارقا في تفكير عميق ووقفت إلى جانبه قريبة منه ومع ذلك فهي ليست قريبة في ما يكفي!
وأخيرا اعترف قائلا:
- أجلي يا ويندي 00 أنا أيضا لدي خبايا في نفسي0
وبدا عليه التعب فجأة0 لكنه لم يبذل أية محاولة للتحرك وساد الصمت مرة أخرى ولسبب غير مفهوم اضطرت الى إنهاء هذا الصمت وسألت:
- متى نصل إلى الميناء التالي؟ إنه سلفادور أليس كذلك؟
- صحيح000 سنكون هناك يوم الاثنين0
وتوقف عن الكلام لحظة ثم أضاف:
- هل ستقومين بالجولة في الميناء؟
وهزت رأسها من دون تردد0
كانت الجولة تستغرق 4 أيام تتضمن الطيران في أعماق البلاد إلى عاصمة البرازيل المعروفة برازيليا حيث يقضي المشتركون في الرحلة ليلة وبعدها يطيرون إلى ماناوس مدينة المطاط الكبيرة التي كانت في أوج مجدها منذ أكثر من 80 عاما كذلك كان القيام بجولة بحرية في نهر الأمازون جزء من هذه الرحلة الخاصة التي تكلف نحو 300 جنية وبالتالي كانت غير ممكنة بالنسبة لوندي لأنه ماتملكه لا يكفي لذلك النوع من المتعة 0
وقالت:
- لا سأنتظر حتى نصل إلى ريو 0 إنني أتطلع حقيقة الى ذلك0
واستدار وظهر على وجهه تعبير غريب وتساءل :
- لماذا لا تشتركين في جولة برازيليا وماناوس ؟
- لا أعتقد أنها ستهمني 0
تجنبت الرد القاطع على آمل أن يرضيها ذلك0
وهذا ما حدث وأراحها كثيرا0
وقال أنه سيقوم بالجولة 0 وأصابتها هذه الأنباء بصاعقة مدمرة, إذ انه سيغيب عنها 4 أيام كاملة0 وعلي أية حال هناك 3 أيام قبل ذلك وعندما خطرت لها هذه الفكرة ارتفعت روحها المعنوية بسرعة تماما كما انخفضت منذ بضع ثوان فقط0
- الوقت متأخر جدا0
خرجت هذه الكلمات بنعومة أمة فلا شك عندما عبر أحد النجوم قوس السماء بسرعة ثم سقط وراء خط الأفق ألغامض بالضباب0
- ينبغي أن نقول طابت ليلتك يا وندي0
رقدت في فراشها 0 مسترخيه تحدق شاردة الذهن في بصيص ضوء تسلل من خلال الباب0
غارث ريفرز 00لن تؤذي مشاعره كما كانت ستؤذي مشاعر شو00لا أن غارث غير عاطفي كما إنه مصمم على الحفاظ على عزوبيته من دون الانزلاق في قصة عاطفية انتابتها الشكوك إنه يستغلها ببساطة لأنه صديقته هجرته كرفيقة لطيفة يمكنه أن يقضي معها بعض وقته وعلى ذلك يمكنها هي أيضا استغلاله ,قررت بتعقل أن تخرج معه كلما طلب منها ذلك0كل هذا بدون أدنى درجة من وخز الضمير إذ انها تعلم علم اليقين إنه عندما يحين وقت رحيلها عن الباخرة لن تبدر منه إلا تنهيدة أسف صغيرة على أنها ماتت شابه وبعد ذلك سيعثر على أخرى ترافقه حتى نهاية الرحلة البحرية0
وهمست وهي تدفن رأسها في وسادتها :
- آجل لا حاجه بي إلى الشعور بتأنيب الضمير على استغلاله0
فأما بالنسبة إلي فإنني لن أخاف الوحدة لأنني متأكدة إنه يحب رفقتي ويرغب فيها حتى النهاية0
ومرت الأيام الثلاثه التالية على ويندي في منتهى السعادة , أصبحت الآن تشعر بفرحة اكبر لأنها قررت الاشتراك في الرحلة البحرية كونها أحبت غارث أصبحت حقيقة مقبولة تغلغلت في أعماقها ببساطة إلى درجة إنها لم تنتبه إلى وجودها حتى استعادت تركيزها واعترفت لنفسها في أن هذا الأمر وحدة له مكانته لديها, إما هو فكانت تعرف إنه يعتبر ذلك مجرد غزل ممتع فوق سطح السفينة0 إنه يشعر بالسعادة بمرافقتها استجابتها لغازل سواء أكان مرحا أو متملقا أو كما أصبح مألوفا أكثر ساخر جدا ومزدريا قليلا000 ولم يعد يضايقها اتخاذه هذا الموقف كانت تعيش كل يوم ليومه وتشكر الله لأنه مر لطيفا فلم يكن هناك وقت لتضييعه في ملاحقة اكتشافات عقيمة يمكن أن تنتهي إلى لا شئ 00 أما الوضع بينها وبين غارث فقد كان يناسبها بصورة مثالية أحبته و نتيجة لذلك كانت سعيدة ولم يكن يحبها ولا كان سيحبها على الإطلاق لذلك لم تشعر بأي قلق على مستقبله لو تركته جريح القلب يتخبط في فراغ الوحدة0 إن موتها لن يؤثر عليه في أية حال أجل إنه موقف مثالي لأنها أحبت أخيرا0
أحبت بطريقة كانت منذ أشهر قليلة فقط حلما راودها الأمل في أن يصبح حقيقة
كاد أن يضيع الحلم لكنه أصبح حقيقة00 لقد وجدت الرجل المناسب على الأقل فيما يتعلق بها وتعلمت كيف تتعايش مع حب عظيم وروحي تشوبه أحيانا مسحة ندم بسبب عجزها 0:
- ألغيت الجولة يا وندي000
تقبلت هذا النبأ بخليط من عدم التصديق والفرح الخالص الذي تشوبه شائبة:
- حقا , لكن هل أنت واثق يا غارث00
- أنا واثق أنني لا أريد أن أظل بعيدا عنك 4 أيام يا عزيزتي ربما تجدين شخصا أخر وأنا غائب0
قال العبارة الأخيرة بنبرة أغاظه , وعيناها الداكنتان تبرقان بالمرح عندما حاولت نفي هذا الاحتمال0
- إنني لن00
- أنك أجمل من إن اسمح بمجازفة كهذه0
قال هذا وهما يجلسان فوق سطح السفينة تحت أشعة الشمس ارتدي اخف ما يمكن من الثياب واكتسبت بشرة ويندي الآن سمرة جميلة وأصبحت أكثر جاذبية وفتنة أما شعرها رغم أنه مازال داكنا فقد تأثر بأشعة الشمس القوية عند المقدمة والصدغين وظهرت في المكانين بعض الخصلات الذهبية التي لم تنتبه هي لوجودها الى أن لاحظ غارث هذا التغيير في أللون وقال شيئا غامضا وساخرا وكالمعتاد تغاضت عن ذلك إذ أدركت أنه بعد بضع دقائق سيردد عبارات إغاظة أو وممالاة وفعلا ما لبث أن قال:
- طول بقية الرحلة ستكونين لي ولن يتدخل أحد بيننا0
واختلست نظرة سريعة إليه لكن وجهه كانا خاليا من أي تعبير واضطرت أن تقول:
- لا أظن أنني أحب كلمة لي0
وارتفع حاجباه الداكنان المستقيمان قليلا وتساءل:
- وما الخطأ في ذلك؟
- لا استطيع التفسير0
- إنك طفلة مضحكة0
ثم كأن فكرة ما طرأت له أردف قائلا:
- لكنك لست طفلة؟ تبدين فقط كذلك0
- هل ترى أنني اكبر سنا مما أبدو؟
- تبدين كما لو كنت لا تزيدين عن التاسعة عشرة0
- إنني في العشرين0
قالت له ذلك وقد تلون صوتها بنبرة فاترة0 بعض الشيء00
- والباقي؟
وجه لها هذا السؤال وقد اتسم صوته برنة المرح التي أظهرت لمحة غضب في عينيها ثم نظرت مباشرة الى وجهه وهي تقول :
- اخبرني إذا كنت لا أبدو اكبر من التاسعة عشره , فلماذا تعتقد إنني اكبر من العشرين ؟
- قلت قبلا فمظهرك خادع0
وتجهمت بشدة وتغضن حاجباه في حيره عندما لاحظ ذلك وقالت بشده :
-ليس لدي رد على ذلك انك كثيرا ما تتكلم بالألغاز الى درجة إنني وصلت الى مرحلة عدم الاكتراث لمحاولة فهم ما تعنيه 0

وهز غارث رأسه كما لو كان يحاول إبعاد صورة ما وقال وهو مستغرقا في التفكير:
- قريبا سأسألك سؤالا سيفزعك0
وبعد ذلك غير الموضوع , ولم يتح لها الوقت لمواصلة المسألة حتى إذا رغبت في ذلك قال:
- سيكون أمامنا الكثير لنفعله وسنقوم بذلك معا 00
- سيكون هذا جميلا0
قالت ذلك لكنها أضافت بعد تردد بسيط :
- كنت تتطلع إلى تلك الجولة بالتأكيد ؟
- ليس كثيرا لن يضايقني أن أضيع الفرصة0
وأرضاها هذا الرد كثيرا, ومسح كل الم أحست فيه من جراء اسلوبه الأقل جاذبية منذ بضع لحظات0
سلفادور باهيا - التي كانت عاصمة للبرازيل في وقت من ألأوقات تبين أنها مدينة الكنائس, وهي قائمة على مستويين0
القطاع الأكثر انخفاضا ويطلق عليه اسم بايكسا والجزء الأعلى ويطلق عليه التا والأخير قائم على سهل واسع مرتفع يعلو نحو 200 قدم فوق المدينة المنخفضة0
وحالما لمح غارث إحدى سيارات الأجره قال:
- سنستأجر سيارة إجرة 00سيكون ذلك أبسط من محاولة التجول في المدينة على هوانا0
هرولت ويندي بجانبه وهو يسرع الخطى نحو السيارات وهي تشعر بالبهجة , إذا لم تكن من قبل تتطلع إلى شيء أكثر إثارة من مرافقته طوال اليوم فضلا عن إن مارجي لم يكن لديها الوقت لأي شخص الا دينبي إذ أسرت لويندي أنه لن يمر فترة طويلة قبل أن يطلب منها الزواج 0
وسرعان ما استأجرا السيارة وجلس غارث ووندي في المقعد الخلفي وحملهم السائق الى المدينة العليا حيث بدأ بالتوقف عند دير القسيس فرنسيس الأسيسي , وقت زين داخله بورق الذهب الجميل, مما جعل وندي تبدي عبارات الإعجاب غير مرة وفي كل مرة كان غارث ينظر إليها لسذاجتها أو تقديرها التلقائي لجمال المكان وأخذهما سائق السيارة الذي كان يعمل كمرشد إلى الأروقة التي أقيمت حول حديقة ممهدة وسأل غارث بعدما سارا مدة طويلة :
- هل رأيت ما فيه الكفاية؟
وعندما أومأت ويندي بالإيجاب قال:
- لنذهب إذا0
وسبقهما سائق السيارة فتمهلا في السير نحوها , وشاهدا نباتات البونيسا الجميلة وأزهارها القرمزية البراقة تتمايل إلى جانب الأوراق الأقل رونقا لأشجار السنط بينما أنواع أخرى من الأزهارالرائعه كانت تتسلق الجدران وتنمو في الأصص والحدائق في كل مكان0
- سأشتري لك شيئا0
قال غارث ذلك عندما أنزلهم السائق بعد فترة من الوقت بناء على طلب غارث 0
قال غارث ذلك عندما انزلهما السائق ،بعد فترة من الوقت بناء على طلب غارث في شارع كونسيل دانتاس رقم 19 بادرت بقولها :
-لا سيكون ذلك خسارة0
وتوقفت عن الكلام ،إذ أدركت ما بدر منها وببطء وبدون أن يفهم كرر غارث قولها:
- خسارة ؟ مالذي يمكن أن تقصديه بذلك ؟
وتوقف غارث خارج محل لبيع المجوهرات, وعلمت إنه ينوي أن يشتري لها شيئا ثمينا, فقالت بضعف:
- إنني لا أتزين بالمجوهرات إطلاقا ولذلك سيكون خسارة للمال لو اشتريت لي شيئا من هنا0
واغتم وجهه بشده وأخذت عيناه تتفحصان وجهها كما لو كان يريد الجواب على حيرته في بعض ملامحها تعالى سنعثر لك على خاتم اكوا مارين من الزبرجد , إنها الأحجار التي تمتاز بها هذه البقعه0
- ولكن0
- لا جدال يا وندي 0
واذعنت ولكن بشعور بوخز الضمير, فقد بدأ لها أن من الخطأ خلقيا أن تسمح له بإنفاق أمواله عليها وشراء الهدايا التي ستجمع قريبا مع جميع حاجياتها الأخرى وترسل إلى ابن عمها البعيد الذي سمعت عنها من أمها لكنها لم تقابله إطلاقا0
و اختار غارث خاتما ذهبيا ذا فصا غامق0 وقد علمت من مارجي فيما بعد انه أغلى كثيرا من الفص الفاتح ووضعته في الإصبع ألثالث في يدها اليمنى وشكرته كثيرا وتوقفا في المرة التالية عند سوق اليركادو موديللو , التي قالت مارجي انه ينبغي أن يزوراها0
وهنا يمكن شراء أي شيء ابتداء من أكياس الأرز الى قبعة القش وأقمشة الملابس 0
وطبيعي أن ويندي كانت لا تهتم كثيرا بمثل هذه الأشياء كما أنها لم تلتفت إلى الهدايا التذكارية وأشار غارث عفوا إلى الأشياء العديدة التي يمكن شراؤها لكنها تجاهلت تعليقاته ووجه اهتمامها إلى أقمشة الساتان المطرزة الرائعة واقترح أن تشتري قطعة منها لعمل فستان وقال:
- سأشتريها لكي0
لكنها هزت رأسها وهي تقول:
- لن ارتدي إطلاقا ورغم أنه رمقها بفضول فأنه لم يقل شيئا آخر عن ذلك0 - هل لاحظت الأجناس المختلفة من الناس؟
قالت ويندي مض ذلك وهما يمران بجوار سيدة اسبانية الملامح تشتري كمية من جوز الهند يرسل من رجل زنجي وبالقرب منهما كانت سيدة هي واضحا أنها من سلالة هندية بينما وقفت عن بعد مجموعة من الأفارقة كما اعتقدت ويندي0
- أجل إن الجولة ممتعة أليس كذلك0
بدا غارث سعيدا للغاية0 وهو يتجول هكذا وشاهدت ويندي جانبا منه يختلف
تماما عما شاهدته من قبل واستنتجت إن هذا الرجل الذي أحبته له عدة جوانب في شخصيته بعضها غير جذاب بينما الجوانب الأخرى ساحرة بشكل لا ينكر إنه يتمتع بلباقة اجتماعية0 فوق مستوى أبناء جنسه0
- قضيت يوما رائعا0
صاحت ويندي قائلة ذلك عندما عاد أخيرا إلى الباخرة فايسون 0 وأضافت وهما يستعدان للدخول إلى غرفتيهما0
- شكر جزيلا لكل ياغارث لأنك اصطحبتني معك0
ورد بما يشبه العبارة اللاذعة:
- أود لو أمتنعتي عن هذه المبالغة في استمتعنا كلا نا وأسهم كل منا في متعة الآخر0
ودون آن تهتم بالتقطيبة التي ظهرت على جبهتة ردت ويندي بحماسة:
- يجب أن أشكرك مع ذلك 0 إنك لا تعلم ما فعلته لأجلي 0 لكنك ستعرف يوما ما0
وكانت على وشك أن تستدير بسرعة وتسرع إلى غرفتها0
لولا أن يدا امتدت بسرعة وامسكت برسغها0 وأوقفتها وأدارتها لتواجهه في حركة رشيقة0
- لا يمكنك أن تقولي اشياء كهذه ثم تهربين دون إعطائي تفسيرا0
ما الذي قصدته بالضبط من تلك الكلمات؟
- لا أستطيع أن أخبرك , لايمكنك أن تكرهني على ذلك , اذا كان بإمكانك أن تتحدث بالألغاز إذا لما لا أستطيع أنا؟
وبهزة عنيفة قامت بها على غرة حررت نفسها من قبضتة وفي اللحظة التالية كان غارث يقف وحدة يحدق فيها وهي تتراجع بسرعة إلى الخلف وازداد التقطيب على حاجبه عمقا حتى أصبح عبوسا0


نهاية الفصل الرابع

 
 

 

عرض البوم صور lona-k   رد مع اقتباس
قديم 21-09-08, 05:35 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 65483
المشاركات: 367
الجنس أنثى
معدل التقييم: lona-k عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
lona-k غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

5- ثرثرة فوق البحر

وحالما صارت ويندي في غرفتها جلست على الفراش وهي تستعيد ذكريات اليوم الذي قضته وتشعر بأنها سعيدة إلى درجة أنها يمكن أن تغني أغنية الحب0
أي شيء رائع جميل !إن كان الأمل يراودها فقط , وظلت تصلي من آجل أن يحبها غارث بالعمق نفسه الذي تحبه به راودها الأمل أن يعيش طويلا مع فتاة جميلة تعتني فيه كما عني هو بها 0
وفجأة وبدون سابق إنذار انفجرت في بكاء حار واستدارت 00 ودفنت وجهها في وسادتها وظلت تنتحب دون أن تستطيع السيطرة على نفسها لكن دموعها توقفت حالا 0كم كانت ناكرة للجميل00 أتريد المزيد عندما منحتها الحياة الكثير مع هذا فلو أنها قادرة على أن تتطلع إلى حياة طويلة لصارت تواجه فترة فظيعة من الفراغ النفسي غير المحتمل 0فقد أحبت غارث وهو لا يهتم بها على الإطلاق 0ربما كان سيودعها وداعا بهيجا- من جانبه- عندما ترسو السفينة ويقول لها شكرا لك يا وندي للوقت الرائع الذي قضيناه معا ثم يمضي كل في طريقة ولا يلتقيان أبدا مرة أخرى أما بالنسبة إليها فكان سيحطمها هذا اذا هذا إنها تود أن تحتفظ بغارث طالما هي حيه0
وجعلتها طرقة لطيفة على الباب تهب واقفة على قدميها , لكنها وقفت مترددة حائرة, بينما ألقت نظرة خاطفة على المرآة وهي تتساءل أتتحدث أم لا , وتكررت الطرقة مرة أخرى وسمعت صوت غارث يقول:
- وندي 00 لقد تركت حافظة نقودك معي0
حافظة نقودها ؟ لم تحمل معها حقيبة يدها, بل اكتفت بحافظة صغيرة للنقود وطلبت أن يضعها في جيبه وردت قائلة:
- يمكنك أن تحفظها لي الى مرة أخرى0
- مرة أخرى؟
وتوقف عن الكلام لحظة ثم أراد أن يعرف ما بها فقال:
- ألا يمكنك المجيء إلى الباب ؟
- أجل 00لا 00أعني000
وغمرتها النشوة عندما رأت مقبض ألباب يدور وهو يقول محذرا:
- إنني قادم00 فإذا لم تكوني مستعدة لملاقاتي فالأفضل أن تتعجلي0
ومع أن النبرة كانت تتسم بالإغاظة أسعدتها حتى وهي تبحث دون جدوى عن كلمات تجعله يبتعد وصرخت بإلحاح:
- لا00اتركه هنأك في الخارج00 أرجوك0
وسادت فترة تردد قبل أن يتحدث مرة أخرى:
- حسنا00
وأحست أن صوته كان جافا وكانت هناك حركة فجائية في وقع قدميه وهو يستدير ويبتعد0
وتنهدت بارتياح ثم دخلت في الحمام, وتمددت بضع لحظات في المياه المعطرة وشعرت باسترخاء تام وسعادة كاملة , فقد كان غارث جافا بسبب ردها, ولكن ذلك أفضل من أن يدخل ويكتشف أنها كانت تبكي00 إذ إن ذلك كان سيؤدي حتما إلى توجيهه عدة أسئلة إليها باللهجة الآمرة الاستبدادية نفسها, وكانت عيناه ستتفحصان وجهها وتسبران غورهما ي رام دورهما ,مما كان سيسبب تململها بعصبية00 أجل غضبه أفضل كثيرا من فضوله0
وأثناء العشاء كان فاترا0 لكن لمحة حيرة عميقة كانت تختفي وراء تعبيراته وظلت مارجي تثرثر بلا انقطاع 0 وغافلة تماما عن أي شيء غير سليم0 أما فريزر الذي أخذ ينقل نظراته المختلسة بين غارث وويندي فقد كان واضحا إنه كان متنبها إلى وجود شيئا غير طبيعي بينهما , وعلي أية حال لم تكن ويندي تشعر بأية قلق إزاء موقف غارث 0 إذ كانت تدرك لمعرفتها طباعة إنه سيعود بسرعة إلى طبيعته الأصلية ويبعد عن نفسه كل ما وجده محيرا 0 وكانت على حق فقد انظم في النهاية الى الحديث0 يبدو في هذه الأيام كما لو كان أكثر تقبل لثرثرة مارجي , بل صار يبدو مستمتعا بها أحيانا0
أسرت مارجي لوندي من قبل أنها مصممة على معرفة ما إذا كانت لينيز مافارو نجمة السينما ضمن ركاب السفينة وهذا سر ويندي لكنها لم تهتم به 0 غير أن مارجي لمحت لها أن لديها خطة نادرا ما تخفق, وحينئذ سألت ويندي باهتمام:
- حقا؟
- لدي خطة لكنني لن أخبرك بها إذ ستعرفين النتيجة قريبا 0
وضحكت ويندي وتركت المسألة تمر عند هذا الحد0 واستمرت مارجي في توجيه بعض التعليقات التي تثير الإغاظة عن صداقة ويندي مع غارث 0
- لا شيء0
بدأت ويندي الحديث لكن مارجي قاطعتها فورا وقالت:
- لا شيء00 مع من تتحدثين؟ من الواضح أنكم ووقعتما في حب بعضكم البعض , لماذا00 إن الجميع يتحدثون عن ذلك0
واندفعت ويندي بالرد في لهجة استياء:
- الجميع لكن هذا سخيف!
وفكرت ويندي أن غارث لن يعجبه ذلك0 وانزعجت لاعتقادها أن ذلك قد يؤدي به إلى نبذها تماما0 وكانت تعرف إنه لو حدث ذلك لعانى قلبها من جرح نافذ سيظل يؤلمها حتى النهاية0
- سخيف؟
قالت مارجي ذلك وهي تهز رأسها, وواصلت مزاحها المرح غير مدركة آثره البالغ على الفتاة التي اضطرت للإنصات إليه:
- لماذا تخجلين من الحقيقة يا عزيزتي؟ لست خجله من علاقتي مع دينبي وسنتزوج قريبا جدا ألن يكون لطيفا لو تزوجتما أنت وغارث ايضا, سيكون هنأك زواج ثنائي عندما نعود جميعا إلى ساوثهامبتن0
- مارجي أرجوك كفي عن هذا الهراء ! غارث لا يحبني ولا يمكن أن يفعل إطلاقا فهو اعزب بالسليقة اسألي فريزر إذا كنت لا تصدقينني ! غارث وأنا مجرد رفيقين في هذه الرحلة0....منتديات ليلاس


ونظرت إليها بتوسل وقد ظهرت بوادر الظلال والخوف في عينيها البنفسجيتين الجميلتين وأضافت:
- لا تذكري شيئا على الإطلاق لغارث عديني يا مارجي ن عديني بأمانة!
ونظرت إليها مارجي في رعب وقالت:
- عزيزتي تبدين في غاية الانفعال00 إن المرء يظن أن حياتك نفسها متوقفة على عدم سماعه الشائعة التي تدور حولكما00 هل هناك شيء ما؟
وجف حلق ويندي وهي تقول متسائلة في خوف:
- هل هناك شائعة تدور حقا؟
- بالطبع00 لكن هناك شائعات تدور حول عشرات آخرين ممن تآلفوا معا منذ وطأت أقدامهم سطح السفينة00 هناك دائما قصص عاطفية فوق سطح السفينة تعقبها حفلات خطوبة وزواج لذلك لا أستطيع أن أدرك لماذا أنت قلقة هكذا0
- غارث لن يحب الشائعات من هذا النوع وسينبذني 0
وهكذا كشفت عما في قلبها وإذ لم تكن مارجي قد أدركت الآن أنها ينبغي ألا تذكر شيئا لغارث فإنه لن يكون هناك في وسع ويندي أن تفعل شيئا إزاء ذلك0
- فهم إذا إنه الحب من جانب واحد في الوقت الحالي0
لكن انتبهي لكلماتي ياعزيزتي00
وواصلت مارجي حديثها بطريقتها المباشرة المميزة بينما كان مفروضا أن تتكلم ويندي :
- لن يستمر الحال هكذا دائما إنك أجمل كثيرا من أن لا يقع في حبك بالتأكيد أخبرك بأنك جميلة؟
- أجل00 فعل0
وتعجبت وندي مما إذا كان وجهها قد شحب كما شعرت0 كلمات مارجي هزتها بالتأكيد0 وجعلت قلبها يدق بصورة مؤلمة000 لو نبذها غارث00لا00 ينبغي أن لا يفعل 0 لن تكون قادرة على تحمل ألم فقده 0 أو عذاب رؤيته يحول اهتمامه إلى فتاة أخرى 00 ربما الى نيكول رنتون0
- كنت أعرف ذلك! لا ياعزيزتي اعدك بألا أقول كلمة تجعله يشعر بأنه أحمق أو يقرر أن يتخلى عنك 0 لكنك تخشين أن يفعل وهكذا كما قلت سأغلق فمي مهما كان الأمر صعبا علي0
وفكرت في أن تضيف شيئا لكن ابتسمت ابتسامة عريضة آثرت على ويندي التي استجابت بابتسامة سريعة من شفتيها اللتين كانتا ترتجفان منذ لحظة واحدة وتعكسان القلق الذي تغلغل في داخلها عندما سمعت تعليقات مارجي 0
ووفت مارجي بوعدها فلم تقل شيئا على مائدة العشاء بشأن علاقة الحب كما سمتها فيما بعد, لكنها فاجأت ويندي عندما قالت وهي تنقل بصرها
بين غارث وريفرز , وقد اتسعت عيناها وارتسمت فيهما البراءة:
- هل سمع أيكما شيئا عن نجمة السينما المفروض أنها فوق سطح " الفايسون " 00 تقوم بالرحلة متخفية؟
وجفلت ويندي بوضوح إذا هذا ما كانت مارجي تقصده عندما قالت إن ويندي ستعرف قريبا كيف ستمضي في محاولة معرفة شيء عن وجود نجمة السينما فوق السفينة0
وعندما أدركت ويندي فجأة أن كلا الرجلين ينظران إليها0
احمر وجهها بشدة إذ كانت نظراتهما المحدقة فيها أكبر من أن تتحملها دون أن تنهار أمامها 0 ونكست رأسها وهي تلمس بلا هدف رغيف الخبز في الطبق أمامها وجاء التعليق الناعم من غارث :
- تبدين مضطربة بعض الشيء يا وندي هل هناك شيء يتعبك 0؟
واضطرت الى رفع رأسها وردت على نظراته الغير مبتسمة وقالت بنبرة متلعثمة يسودها الارتباك:
- لا شيء البته 00 لماذا تسألني ؟ لا أعرف لماذا تسألني؟
غمغم ضاحكا :
- فضول لا شيء أكثر أو أقل ياعزيزتي0
ونقلت مارجي نظراتها بين كل منهما وهي حائرة ومتجهمة0 وقد اتضح أنها مرتبكة بشأن كل ما يجري , وواصلت حديثها السابق:
- إنكما لم تجيبا على سؤالي هل تعرفان شيئا عن نجمة السينما هذه؟
ولمعت عينا غارث جذلا وقال :
- لما لا تسألين ويندي ؟
ونظرت ويندي بدهشة وقالت:
- أنا ؟ لماذا أنا؟
وقال فريزر الذي دخل في الحديث فجأة:
- أعتقد أننا ينبغي أن نغير الموضوع فإنه ليس من شأن أيا منا إن كانت لينيز ما فار فوق السفينة أم لا ولو كانت موجودة وترغب في أن تظل مجهولة الشخصية فأي حق لنا أن نبدأ البحث والتقصي0
ونظر مباشرة إلى غارث ثم قال:
- انا واثق أنك توافقني0
وبدأ أن غارث يكتم الضحك ورد بعد فترة:
- أجل أوافق من كل قلبي آسف يا مارجي لكن لا يمكن أن نقول شيئا عن الفتاة , وكما سمعت لا نعتقد إنه من اللائق اقتحام عزلتها0
ونظر إلى ويندي ثم قال متسائلا وهو يرفع زجاجة الشراب :
- مزيدا من الشراب؟ 00هيا اشربي, مالذي أصابك الليلة ؟
ولم ترد لكنها أخذت كأسها وشربت بعضا من السائل الأحمر القاني الذي بها وملأ غارث الكأس مرة أخرى وهو يركز عليها بعينيه الداكنتين 0
ولكن لو قصد أن يتحدث مرة أخرى فقد ضاعت منه الفرصة بظهور المضيف مما أدى إلى وقف الحديث وعندما استأنف كان يدور حول المسائل العادية ويتركز حول أوجه النشاط في اليوم الذي انقضى في سلفادور 0
وكما صبحا عاديا بعد العشاء اتجه غارث وويندي إلى أحد الأندية الليلية وبعد ذلك إلى المرقص وكالمعتاد اختتما الليلة بالمشي فوق سطح السفينة حيث قضيا نصف ساعة أو نحوها واقفين بجانب الحاجز وبالنسبة إلى ويندي كانت هذه العلاقة كما يسميها الناس هي كل ما ترغب فيه قمت سعادتها, تحقيق أمنية قلبها , فقد كان غارث أول حب لها وسيكون آخر حب, وأراحت رأسها تحس بدقات قلبه السريعة وتتعجب كيف يكون ردة فعله لو علم الحقيقة0
وغمغم وأنفاسه الرطبة تداعب خدها :
- إنك جميلة جدا 00إنني أود00
وتوقف عن الكلام وابتعدت عنه لكن وجهه كان في منطقة الظل المنعكس لأحدى سفن النجاة الملحقة بالباخرة, ووجدت نفسها تحاول أن تمسك بالتعبير المراوغ لملامحه التي بدأت داكنة وغير واضحة وفجأة بدأ كما لو كان بعيدا عنها وفي غمرة خوفها بقوة غريزية وكان وجهها مرفوعا وشفتاها تعبران 00وأحنى رأسه 0
وفكرت كيف يمكن أن يتغير أسلوبه لكنها أدركت أيضا أنه أخيرا جدا أصبح أكثر رقة وتحملا0 أصبحت اللهجة التهكم والسخرية والازدراء أقل وضوحا عما كانت في بداية وخرجت من شفتيها الكلمات بقوة لم تستطع أن تقمعها عندما همست قائلة:
- غارث 00 إنني سعيدة للغاية الليلة0
وأفلتت منه ضحكة قصيرة وقال:
- إنني مسرور لذلك يا وندي وأنا سعيد أيضا0
- هل أنت سعيد بأن تقابلنا ؟
- كيف يمكنك أن تسألي هذا السؤال؟
وأطلقت ضحكة ذات رنين موسيقي جعلته يزفر بسرعة وهي تقول:
- ربما اسأل لأنني لست واثقة0
وهزها هزه خفيفة وهو يقول:
- إنك واثقة 00 جدا0
- انظر الى البحر 00 أنه متلألئ 0
- إنني أنظر إليك 00لا إلى البحر0
وكانت الكلمات تأكيدا مثيرا بأن جاذبيتها له مازالت قوية 0وبرقت عيناها ومنحته ابتسامة ذات جمال لا يصدق, وتنهدت مرة أخرى وهي تفكر إلى أي مدى وصلت هي وغارث منذ الكلمات التقليدية المهذبة التي تبادلاها في أول تعارفهما ثم قالت :
- إنني سعيدة0
ولم يعد يستطيع أن يسيطر على انفعالاته الحارة 0
استجابت ولكن في حذر وهي تشعر بفرحة غامرة من سحر اللحظة ولسانها يلهج بالشكر للقدر الذي سمح لها في النهاية بأن تعرف جمال الحب0
وأخيرا ابتعد عنها ولاحظت تعبير الفرحة الغضة في عينيه الداكنتين الثاقبتين وعاتبها قائلا :
- طفلتي الحذرة ألم تعرفي حتى الآن أن الحياة وجدت لنحياها؟
وجفلت ثم انسحبت لكنها شعرت بالراحة عندما لاحظت أن هذا لم يسترعي انتباهه وقالت:
- لا أعتقد أن تعبيرك يعني أنك ترغب في إقناعي بأنك تقصده000
وتجهم عندما سمع هذا الكلام ولوي شفتيه وقال:
- أجد ما ترمين إليه غامضا إلى حد ما يا عزيزتي0
وضحكت قائلة:
- هراء إنك لست بهذه الخشونة0
واستجاب لضحكتها وقال وفي صوته نبرة فضول:
- مالذي يجعلك تظنين أنني لا أعني حقيقة ما تنطوي عليه كلماتي 0؟
- لا أدري000
وظهرت تقطيبة خفيفة على جبهتها تدل على أنها تبحث عن تعليق ثم قالت:
- ربما لأنك لا تبدو لي من هذا النوع من الرجال 0
وساد صمت لكنه لم يستمر إلا لحظة خاطفة إذ قال مؤكدا بشيء من المرح:
- جميع الرجال هكذا 00لقد تعلمت أنت ذلك منذ فترة طويلة0
- انا ؟
شهقت وهي تقول ذلك وقد تسارعت دقات قلبها إذ رأت في دهشة التغير الحاد الذي طرأ على تعبيراته00 كم يسهل أن يؤذي مشاعرها وتساءلت:
- بم تتهمني يا غارث ؟؟
ومرة أخرى هزها وهو يقول ضاحكا في سخرية وازدراء :
- كفى 00لقد لعبنا لعبة التحايل لإقناع بعضنا البعض بما نريد00 وكانت لعبة لطيفة0 كانت تغيير لكلينا لكن هذه اللعبة لا يمكن أن تستمر يا 00ويندي 00دعينا نكشف أوراقنا على المائدة هلا نفعل ؟
وأصيبت بخيبة أمل من تحوله مما جعل قلبها يأن تحت وطأة الإصابة التي تلقاها, ورفعت وجهها المفعم بالألم والذهول وسألت :
- لماذا ترددت قبل أن تنطق اسمي؟
ونظر إليها غارث وقد اكتسى وجهه ايضا بتعبير الذهول , لكنه كانا مؤقتا فقط حيث ظهرت لهجة الازدراء المألوفة في صوته عندما قال:
- أعتقد إنك تعرفين لماذا00
وعندما فتحت فمها لتحتج رفع يدا آمرا لمنعها وهو يقول:
- لا 00أرجوك لا تستمري في المهزلة أكثر مما فعلت إنك ممثلة بارعة0
- ممثلة؟ كيف تتهمني بشيء مثل هذا ؟لماذا أمثل؟ لا سبب على الإطلاق يجعلني أفعل ذلك0
وكان عيناها الواسعتان البريئتان وارتعاشه فمها الشديدة وحركة أصابعها المستمرة 0كل هذا كان شاهدا على صدقها لكنه ضحك بمرح واختلس نظرة إلى ساعته ومضت تقول :
- من البداية كان واضحا أنك تعاملني بتشكك وتتخذ أسلوب يتسم بالازدراء معي وتسخر مني في داخلك0
وخفت صوتها عندما أصيب حلقها بغصة مؤلمة وساد الصمت عدة لحظات بينها وبين الرجل الذي تعلمت أن تحبه بسهولة وبسرعة وأخيرا نطقت:
- أعتقد أن الأفضل أن أتركك يا غارث0
وحبست أنفاسها في انتظار الكلمات التي ستعيد إليها سعادتها, تلك الكلمات التي ستؤكد لها مرة أخرى رغبته في البقاء معها لكن ما سمعته هو :
- إذا كانت هذه رغبتك فأننا إذا سنتمنى لبعضنا البعض ليلة طيبة وسأوصلك إلى غرفتك 0....منتديات ليلاس


وعند باب غرفتها انتظر فقط ليلقي تحية المساء قبل أن يبتعد0
ماذا حدث ؟ سألت نفسها مرة ومرات وهي مستلقية على فراشها تتقلب من جانب لأخر0 لو لم تكن أفكارها مضطربة هكذا لكانت قادرة على تجميع الحقائق التي أدت إلى هذه النهاية التي لا تصدق ليوم وليلة بديعين 0 لقد كان غارث لطيفا - ولكنه كان لطفا مصطنع بلا شك 0 وكان رقيقا وهو يبثها حبه , واخبرها بأنه سعيد 0وادركت انه قصد ذلك عندما قاله , كذلك جاملها عندما قال انه ينظر إليها هي لا الى البحر 0 ثم زادت حرارة انفعاله واتهمها بأنها حذره 0 اجل ركزت أفكارها على تلك النقطة لكن ماذا حدث بعد ذلك ؟ وفجأة بدون تحذير شعرت بوخزه مؤلمة في رأسها جعلتها تجفل وتمد يدا مرتعشة الى صدغها0 0
ولم تستطع أن تتجنب سؤال نفسها لو كانت تلك هي النهاية فقد جاءت مبكرة لكن في حالة مثل حالتها يكون من الصعب على الأخصائي أن يقول بالتأكيد متى تأتي ونهضت من الفراش وارتدت الروب "دي شامبر" فوق قميص النوم وعندما نظرت في المرآة وجدت وجهها أبيض أللون مع وجود حبات دقيقة من العرق على جبهتها , وكانت كفاها مبللتين بالعرق فدخلت الحمام لتغسلهما 00هل هذه هي النهاية ؟ سألت نفسها مرة أخرى عندما شعرت بوخزة من الألم في رأسها وسارت عبرة الغرفة وهي تطيل المسافة بالدخول إلى الحمام في كل مرة تصل فيها إلى الباب لم تستطع أن تستلقي فوق الفراش ومع ذلك فإن مشيها في انحاء الغرفة يزيد - فيما يبدو- الألم المبرح في رأسها ابتلعت قرصا لكنه لم يخفف الألم0 ولم تستطع أن تفهم لماذا؟
هل تستدعي طبيب الباخرة؟ ألقت نظرة على الساعة فعرفت أنها تجاوزت الواحدة صباحا ولذلك استبعدت الفكرة لو كانت هذه هي النهاية فلن يكون في وسعه أن يفعل شيئا , إذن فالأفضل ألا تزعجه
وأخذت تذرع الغرفة وهي تتوقع أن تتهاوى في أية لحظة 0 وأن تنتابها الغيبوبة المفزعة التي لا مفر منها فتحملها الى النهاية 0 وفكرت غدا سيجدونني أو مساء الغد في مثل هذا الوقت 0
وقطعت أفكارها وهي ترتعش بقوة وقد ظهر العرق مرة أخرى على جبهتها, كانت في مثل برودة الثلج, وبدون أن تعي ما تفعل ذهبت إلى الحمام وضعتهما تحت الماء الساخن, ثم وهي لا تزال لا تعي ما تفعل , بحثت عن منشفه وجففتهما , ثم أعادت المنشفة بعدما طوتها بعناية بالغة فأصبحت كأنها أخرجت من علبتها للتو0 وحدقت فيها ثم أغلقت عينيها 0 ثم حدقت مرة أخرى0 وأدركت أنها على وشك أن تفقد الوعي وأدركت أيضا أنها لو فقدت الوعي فربما لا تكون تلك النهاية ربما تعود إلى وعيها مرة أخرى ويتكرر كل شيء ثانية0
فكرت بفتور: الأفضل كثيرا لو انتهت الآن بعدما فقدت غارث إلى الأبد بدون سبب يمكنها تحديده وبدون أي شيء فعلته معه وهي في كامل وعيها0
إن تصرفه في مفارقتها فجأة يبرهن قطعا أنه لم يشعر بأي من الأحاسيس التي تأثرت هي بها 0 إنه لا يكن لها أي حب وهذا شيء جميل لأنها الآن عندما عاملها بمثل هذه القسوة ولم يرد بسخرية على تأكيدها بأنها لا تمثل كانت تشعر بالراحة لأنها أخفقت تماما في أن تحرك في داخله شيئا يماثل الحب0 وأخيرا بدأ الألم يخف0 وكانت تعلم إنه سيختفي حالا , لكنها ظلت مستيقظة ساعة أو أكثر0 تذرع الغرفة وتتساءل كيف ستقضي الشهرين المقبلين0
يمكنها أن تتلك الباخرة في ريو , فكرت في ذلك بعدما حسبت أنها ستبقي معها أكثر مما يكفيها لدفع نفقات العودة جوا0 بما أنها أعدت ميزانيتها للقيام بجولات في موانئ عدة, في جنوب أفريقيا وسيشل وبالي واليابان 0 لن يكون هذا المال مطلوبا للجولات لكن من ناحية أخرى لو أنفقت منه جزاء على رحلة العودة جوا فلن يتبقى لها ما يكفي لاحتياجاتها طوال الشهرين القادمين وغمغمت في ضيق:
- فكرت في هذا من قبل وقررت إنه ليس معقولا0 ينبغي أن أظل في السفينة0
وفي السابعة والنصف من صباح اليوم التالي كانت فوق سطح السفينة0 بينما كان غارث في أحد حمامات السباحة0 مع فريزر وصديقته ,أومأت ويندي لفريزر لكنها استدارت عائدة من دون أن تنتظر غارت ليلحظ وجودها, وإثناء الإفطار كانت وحدها مع مارجي , وعندما ألقت نظرة على المطعم الكبير رأت غارث يتناول الإفطار مع نيكول على مائدتها 0
وهذا التغيير وقت الإفطار مسموحا به إذ إن الكثيرين لا يتناولون الإفطار على الإطلاق0 ونتيجة لذلك تكون هناك أماكن خالية في بعض الموائد0 والواضح أن رفاق نيكول على المائدة كانوا قد تناولوا وجبة مبكرة أو لم يهتموا بالمجيء إلى المطعم على الإطلاق0
وعندما لمحت مارجي التعبير الذي ارتسم في عيني ويندي نظرت إليها بتعاطف وسألت:
- هل انتهى كل شيء؟
وأومأت ويندي بفتور وقالت :
- أجل انتهى كل شيء0
ولم تستطع أن تخفي التعاسة التي ظهرت في عينيها, لكنها تمكنت من أن يكتسي صوتها بنبرة استخفاف أملا في تجنب لسان مارجي , والهروب من أية تساؤلات أخرى من جانبها عندما أضافت:
- كانت مجرد عاطفة عابرة لم يأخذها أيا منا مأخذ الجد بأية حال 0
وردت مارجي بأسلوبها الفظ:
- أحسنت القول ياعزيزتي, لكنني أعرف أنك كنت جادة للغاية, وقد تحدثنا بشأن ذلك, أتذكرين؟ وقلت أن العاطفة من جانب واحد في الوقت الحالي - لكن غارث سيقع في حبك في النهاية0
وبللت ويندي شفتيها قبل أن ترد, وهي لا تزال تحاول أن تبدو أسعد مما تشعر:
- كانت تلك تصوراتك فقط يا مارجي0 لم اقل أبدا أنني جادة0
وبعد فترة توقف بدا فيها أن مارجي ستواصل مناقشة المسألة قالت:
- فليكن ,غير أن هذا شيء يدعو للأسف فأنت وهو أكثر رفيقين ظريفين فوق الباخرة كلها0
وابتسمت ويندي رغم انفها فيها وهي تقول:
- شكر لك يا مارجي , غارث هو أكثر الرجال وسامة في الباخرة, لكنني واثقة تماما أن هناك نساء أكثر فتنة مني بكثير0
وبينما كانت ويندي تقول ذلك حولت تلقائيا نظرها إلى المائدة التي تجلس عليها نيكول , والتي بدت فتنتها تسحر الألباب , وهي ترتدي ثوبا ذا نقوش من الورود والصدر مذموم بشرائط رفيعة من قماش بلون متناقض وهي الشرائط التي زينت بها الجيوب وحافة الذيل , وقالت مارجي بنبرة ازدراء:
- لا أقول أنها أجمل , ذلك الثوب الذي ترتديه الآن هو أول ثوب لها يعجبني 0 أما ثياب المساء التي ترتديها فهي أبشع من أية كلمات0
- الرجال تعجبهم تلك الثياب الجريئة0
ردت ويندي بذلك وهي تركز نظرها على حلقات فاكهة الليمون الهندي التي وضعها المضيف أمامها0
- بعض الرجال وليس كلهم0
وبدأت مارجي تراقب ويندي وقد أخذت عيناها الحادتان تمعنان النظر في وجهها وعينيها, والهالات الداكنة التي تركتها ليلة السهر والقلق ثم سألتها :
- ماذا ستفعلين هذا الصباح؟
وقبل أن تتلقى ردا مضت تقول أنها هي ودينبي ينويان الاشتراك في بعض الألعاب المشتركة فوق سطح الباخرة اقترحت على ويندي أن تنضم إليهما وأضافت:
- هناك جوائز لمختلف الألعاب 0 ستكون تلك تسلية يا عزيزتي لذلك فالأفضل أن تأتي وتنضمي إلى الحشد المرح0
- أعتقد أنني سأفعل0
وافقت ويندي وهي مندهشة للغاية لأنها كانت تنوي العودة إلى غرفتها والمطالعة حتى تشعر بالنوم تعويضا عن ما فقدته الليلة الماضية0
- عظيم سيفرح دينبي فهو معجب بك بلا حدود0
ومرة أخرى ابتسمت ويندي 0 يالهما من شخصين رائعين0 صريحين بعيدين عن الإدعاء ليسا مثل كثير من الركاب الذين تجعلهم ثرواتهم الضخمة يتصرفون كأنهم فوق مستوى الناس العاديين0
وانتهت بها أفكارها الشاردة التركيز على غارث ريفيرز وظلت تفكر بضع ثوان في المعلومات التي ذكرتها مارجي حول كونه مرهقا في العمل إلى هذه الدرجة وعلي مدى فترة طويلة الى حد أن طبيبة أمره بالاشتراك في هذه الرحلة البحرية0
بدأت ألعاب السطح فور وصول ويندي مع مارجي ودينبي, ولأنها نظمت بدقة فقد مضت بيسر , واستمتع بها المشاركون إلى أقصى حد , ووجدت ويندي نفسها في الدور قبل النهائي في لعبة حلقة الرمي0 وأثار ذلك دهشتها, إذ كانت هذه ثالث مرة فقط تشترك فيها في هذه اللعبة0
وفي المرتين السابقتين كان شريكها غارث الذي هزمها0 وبعدما كسبت الدور قبل النهائي وجدت نفسها في صباح اليوم التالي خصما لنيكول 0 وقبل أن تبدأ كانت وأثق أنها ستخسر, لأن غارث كان قريبا منها, مجرد متفرج غير مهتم ولا شك, إنه يعطي نيكول تأييده المعنوي, لكن لدهشتها أيضا كسبت ويندي, وكان غارت أول المهنئين لها, مما تسبب في كدر الفتاة الأخرى إذ قال:
- أحسنت يا وندي, كانت لعبة ممتازة 0
- شكرا لك0 لكنها كانت لعبة حظ أكثر من أي شيء آخر0
- لم يكن هناك شيء من هذا0
ثم توقف لحظة قبل أن يقول:
- ما رأيك في فنجان من القهوة ؟
ومن الطبيعي إن دعوته أدهشتها, وترددت لكن شيء ما في كلامه جعلها تقول, من دون أن تتوقف لتعرف ما إذا كانت تسبب لنفسها مزيدا من البؤس أم لأ:
- أتوق إلى ذلك, شكرا لك يا غارث0 أين نذهب؟
وكانت واعية لوقوف مارجي على مقربة منها فاستدارت وابتسمت لها, وألقت مارجي نظرة مختلسة على غارث من تحت أهدابها قبل أن تقول:
- تهنئتي يا وندي00 جئت للتو بعد أن انشغلت في حديث مع ذلك الرجل صاحب صالة البنغو , وحاولت أن أعرف كيف أمكنه جمع كل هذه الأموال 0
التي يدعي انه جمعها , وتمنيت لو لم أكن على ما انا عليه من الثروة حتى يمكننا , دينبي وانأ , أن نفتح صالة بنغو , اذا بدا لي أن المال يأتي مقابل لا شئ 0
وألقت نظرة أخرى على غارث ثم واصلت حديثها :
- إذا فأنت ستأخذها يا غارث؟ ارجوا لكم وقت لطيفا معا00 أراكم وقت الغداء0
وابتعدت ثم ظهر شو ومد يده إلى ويندي قائلا:
- أهنئك لفوزك 00 لعبت لعبة الهائلة0
وتجهمت ويندي فهي لا ترى أنها قامت بأي نشاط زائد حقق فوزها وهي واثقة أنها لو أعادت اللعبة مرة أخرى لكان من المحتمل أن تخسرها وعلى أية حال شكرته بنعومة00 ثم استدارة إلى غارث ولمحت إلى إنها مستعدة لمرافقته0
وقال:
- سنحاول أن نجد مائدة حول حمام السباحة اذا كان ذلك يناسبك؟ وأومأت برأسها قائلة:
- أجل000 يناسبني 0
وسارت بهدوء , كذلك فعل هو, لكن حالما جلسا في مكان منعزل إلى حد ما في صف الخارجي القوي ذات المحيطة بحمام السباحة انحنى وقال بلهجة مبهمة لكنها تأكدت من إنه يقصد أن تكون خالية من أي تعبير:
- بالنسبة إلى الليلة قبل الماضية هل يمكننا أن نبدأ من حيث كنا قبل أن أتركك بقليل؟
ولمست قسوة واضحة في سلوكه كان يكافح لكي يخفيها ،ومرة أخرى أدركت ذلك الانطباع الغريب إنه بينما يتمني لو جزئيا أن يحبها فأنه جزئيا يتمرد على الفكرة نفسها أو بمعنى آخر كما استنتجت يود كثيرا أن يتخلى عنها تماما لكنه يجد إنه لا يستطيع أن يفعل ذلك غريبة تلك الأحاسيس والمشاعر المختلطة في رجل مثل غارث ولكن الشئ الذي لم يدر بخلد ويندي على الإطلاق في ذلك الوقت هو أن جاذبيتها ربما تكون من القوة فلا يستطيع مقاومتها مهما حاول بعنف فهي لم تكن مدركة لفتنتها بما يكفي للاقتناع بأنه يمكن أن تأسر رجلا يتمتع بشخصية قوية مثل غارث ريفرز , وأخيرا غمغمت في تشكك:
- أعتقد أننا يمكن أن نعود لكنني لا أعرف لماذا تصرفت معي هكذا يا غارث ؟
- ولا أنا أعرف0
قال ذلك لكن انتابها انطباع بأنه ليس أمين معها تماما , وسألت نفسها:
مالذي ينبغي لها أن تفعله ؟ ومن دون تردد قالت لنفسها أن هناك شيئا واحد معقولا هو أن تقبل بما تقدمة لها الحياة وتشعر بالامتنان 0 لو كان هناك مستقبل ينتظرها إذن لكان الرد مختلفا تماما00 إذ اتضح من موقف غارث العام إنه لا يمكن أن تؤدي هذه العلاقة بينهما إلى شيء دائم0 إنه لن يتزوجها إطلاقا لأنه لسبب يعرفه هو أكثر من غيره, لا يكن لها الاحترام الكافي لكي يريدها زوجة له 0 هل ينبغي لها أن تصر على معرفة السبب؟ وتجهمت إذ أدركت بالفعل إنه لا فائدة من تحريات قد تؤدي الى لاشئ 0 فلنترك هذه المسألة, ولتأخذ المقبول وتحاول أن تستمتع بكل لحظة غالية باقية لها , هكذا منحته ابتسامة حلوة وقالت بصوتها الناعم الموسيقي:
- لا بأس إذا 00لم تكن المسألة هامة ,اجل يمكننا أن نبدأ من جديد0
لم تكن تعرف رد الفعل الذي تتوقعه أهو الاعتراف بالجميل أو الشكر الجزيل ؟ والواقع أنها كانت ستشعر بالارتباك لوحدث ذلك0
- رائع ياوندي0
وابتسم حينئذ00 واحدة من أندر ابتساماته جعلت قلبها يقفز فرحا0
- والآن الى القهوة000- حفلة الأزياء التنكرية


نهاية الفصل الخامس

 
 

 

عرض البوم صور lona-k   رد مع اقتباس
قديم 21-09-08, 10:47 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 44675
المشاركات: 6,810
الجنس أنثى
معدل التقييم: majedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسيmajedana عضو ماسي
نقاط التقييم: 4832

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
majedana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

تسلم ايديك


هاي كمان ما قراتها وراح اقراها معك



بس اكيد بس تخلصيها ههههههههه



يعطيكي ااااااااااالف عااااااااااااافية

 
 

 

عرض البوم صور majedana   رد مع اقتباس
قديم 22-09-08, 12:20 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 65483
المشاركات: 367
الجنس أنثى
معدل التقييم: lona-k عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
lona-k غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة majedana مشاهدة المشاركة
  
تسلم ايديك


هاي كمان ما قراتها وراح اقراها معك



بس اكيد بس تخلصيها ههههههههه



يعطيكي ااااااااااالف عااااااااااااافية

شكرا على مرروك

 
 

 

عرض البوم صور lona-k   رد مع اقتباس
قديم 22-09-08, 01:11 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 65483
المشاركات: 367
الجنس أنثى
معدل التقييم: lona-k عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
lona-k غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lona-k المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل السادس


قضت ويندي وغارث بقية النهار في انسجام لطيف واستمتعا بحمام شمس فوق أحد سطوح السفينة الكثيرة, واحتسيا المشروبات المثلجة , واستمعا إلى الموسيقى, وتناولا غداء شهيا ثم اشتركا في تناول شاي ما بعد الظهيرة مع شطائر خفيفة لذيذة وتبادلا الأحاديث المختلفة وقبل موعد العشاء بنحو ساعة وقفا بجوار الحاجز لبضع دقائق ثم توجه كل منهما إلى غرفته الخاصة , ولم يذكر شيئا آخر عن الليلة قبل الماضية, وبدأ كأن غارث مصمم على نسيانها تماما0 واستنتجت ويندي أنه, مثلها, راض بأخذ ما هو متوفر والاستمتاع إلى أقصى حد بصحبتها , تماما كما اعتزمت الاستمتاع بصحبته إلى أقصى حد0
وفي تلك الأمسية كانت ستقام حفلة رقص بأزياء تنكرية وبما أن جميع الركاب عرفوا ذلك قبل إلأبحار الذين كانوا ينوون الاشتراك جاءوا مستعدين تماما وقررت ويندي في النهاية ألا تهتم بالأمر, لكن بعد تفكير عميق أخرجت آلة الحياكة وأعدت لنفسها ثوبا رائع يوناني التصميم 0
....منتديات ليلاس


يشبه ذلك الذي ارتدته في العصور القديمة , آثينا رمز الحرب والحكمة وحامية دولة اثينا , هذا الثوب الذي أطلق عليه اسم بيلوس, صنعته عشرات من الفتيات اليونانيات بأيديهن0
لقيت فكرة ارتداء الثياب التنكريه أثناء العشاء قبولا, وجاء معظم الركاب إلى المطعم مسرورين يرتدون ملابس مزخرفة أو مهلهله , ويبدون في شكل مضحك مبتذل, أو بمظهر وسيم مرموق وأخذ الحاضرون يضحكون بأصوات عالية ولأن ويندي عرفت إن جميع الموجودين على مائدتها والمائدة المجاورة أيضا سيرتدون ثياب الحفلة ارتدت ثوبها وبعدما ألقت على نفسها في المرآة نظرة أطول من المعتاد رأت أنها لم تبد جذابة هكذا من قبل على الإطلاق أن ثوبها البيلوس بثنياته الرقيقة يناسبها تماما وينسدل في رقة عليها0
ورغم أن ويندي كانت تدرك أن مظهرها رائع يلفت النظر فلم تكن مستعدة على الإطلاق للاستقبال الذي قوبلت به عند دخولها المطعم الفخم الذي تلمع فيه الثريات المتلألئة بقطع الكريستال وأدوات المائدة البراقة0 لقد سمعت أصوات الضحك الصاخبة وهي تتقدم نحو المدخل , وتصورت بعض الملابس المضحكة التي ستراها , وتأرجحت ابتسامة على شفتيها وهي تخطو داخل الأبواب المزدوجة إلى الممر المتوسط في البداية أخفقت في إدراك سر الهمسات الخافتة المفاجئة التي كانت موجهة إليها لكن إذ ألقت نظرة حولها في شيئا من الحيرة بعدما خفت الآخر ضحكة أدركت أن كل عيون القاعة مركزة عليها وكان رأسها عاليا, وقامتها منتصبة, وهو أسلوبها الطبيعي في السير , واستمرت في سيرها وهي تدرك أن وجهها أحمر بشدة من الخجل0 وأخيرا وصلت إلى مائدتها , وتنفست بعمق في ارتياح 0
ونظرت حولها بابتسامة مرتعشة وكانت عينا غارث وحدهما اللتان اهتمت بهما , رغم أن عيون الرفيقين الآخرين كانتا تنظران إليها بإعجاب مماثل , وقطع فريزر الصمت قائلا :
- تبدين خيالية0
ورددت مارجي كلماته لكنها أضافت:
- ياعزيزتي عندما ظهرت في الممر اعتقدتك الملكة ذاتها وقد جاءت فوق السفينة بطريقة سحرية! بالمناسبة هل أعجبك ؟ وأنا بشخصية مدام بومبا دور ؟
- أجل فإنك تبدين مثالية يا مارجي 0
ثم استدارت إلى فريزر وهنأته على ملابسه التي تشبه ملابس القرصان, وهي تتظاهر بالخوف عندما لاحظت الخنجر المتدلي من حزامه , اما غارث فقد ارتدى ثوبا فخما مثل قائد روماني وابتسمت له من دون أن تنبس بكلمة, لأنه كان ينظر إليها بتركيز كما لو كان يراها لأول مرة0 وأرخت أهدابها وهي تشعر بالخجل وعدم الثقة وتتمنى لو كانت تملك رباطة الجأش والثقة اللتي تتسم بها نيكول رنتون الهادئة المتماسكة وأخيرا قال غارث بلطف :
- تهنئتي 0
وكان هذا كل ما قالة إلى أن كانا يرقصان معا في الحلبة بعد ساعة ونصف وبصوته الهادئ المهذب قال لها:
- تبدين فاتنة أين وجدت هذه الأشياء التي تناسبك تماما0
- صنعتها0
ردت بذلك وهي تتعجب لماذا ينظر إليها بمثل تلك الدهشة وعدم التصديق0
- صنعتها بنفسك؟
- بالطبع 00ماالغريب في هذا؟
ولم يقل شيء ومضت تقول:
- رأيت صورة لهذا الزي في الكتاب عن الفن اليوناني فقررت أن أحاول حياكة 1 للرحلة0 تبدو مندهشا لأنني استطعت أن أنجزه0
ونظر إليها ثم هز رأسه قائلا:
- ينبغي أن أعترف بأنني مندهش , يبدو الثوب معقدا لعيني الرجل, ودار بها وأدركت أن الموضوع انتهى, وأدركت أيضا إنه كان سيقول شيئا يعبرعن السخرية والازدراء لكنه غير رأيه0
ومضت الأمسية بعد ذلك على أجنحة ذهبية وعندما أعلنت أسماء الفائزين بعد لحظات من منتصف الليل دوى تصفيق حاد عندما قاد غارث ويندي إلى المنصة, وقد علت حمرة الخجل وجهها حيث تسلمت جائزتها من القبطان نفسه وقالت مارجي :
- حقيبة لمستحضرات التجميل من الجلد الباهر المزخرف لكنها تساوي ثروة ستبقى مدى الحياة يا عزيزتي0
-أ 00أجل 00ستبقى00
مدى الحياة! وادركت ويندي أن وجهها أصبح شاحبا وخفضت رأسها بسرعة وهي غير راغبة في أن يلاحظ غارث هذا الشحوب 0 واندفعت مارجي تقول في اشمئزاز:
- وذلك الرجل صاحب صالة البنغو كيف يكسب الجائزة الأولى للرجال؟ لا أعتقد إنه كان ينبغي أن يفوز ألا توافقونني ؟
ضحك غارث وقال:
- لا بد أن الحكام شاهدوا أن ثيابه هي أفضل ثياب بين الرجال وإلا ما منحوه الجائزة الأولى0
وكان الرجل يشعر بالسرور وهو يري الجميع ولاعة السكائر الذهبية التي كسبها0
وبعدما انتهى كل هذا اتجهت ويندي وغارث إلى سطح السفينة وأخذا ينظران الى البحر الهادئ الداكن0
كل شيء كان هادئا وأخذت يده تربت على شعرها الحريري وهو يقول:
- شكرا لك على النهار الجميل والأمسية الرائعة سأدعك تذهبين إلى غرفتك الآن لأنك منذ لحظات في قاعة الرقص كنت شاحبة وأعتقد أنك متعبة0
وكانت لهجته ناعمة تتسم بالاهتمام وتساءلت ما إذا كان هذا يخيل إليها أم إنه قلق عليها حقيقة ماذا يهم ونظرت إليه وابتسمت في وجهه وهي تقول:
- ينبغي أن أعترف بأنني متعبه إلى حد ما0 شكرا لك على يوم مدهش وأمسية سعيدة للغاية0
- ولا تنسى انك ربحت الجائزة0
قال هذه العبارة وفي وجهه الوسيم تعبير عن الإحساس بالزهو مما جعل وجنتيها تتألقان فرحا ثم أضاف :
- كنت محط أنظار الجميع وحسد كل امرأة هناك0
وضحكا وتذكرت النظرات الداكنة الحاقدة التي رمتها بها نيكول رنتون في فترات مختلفة أثناء الأمسية وتحدث غارث مرة أخرى وقال عدة عبارات إطراء مما تحب سماعه وكانت يده التي تمسك بيدها دافئة وقوية وشعرت بالأمان وهي معه, وفكرت: إنني أتساءل هل سيكون معي في ذلك الوقت فإن الأمر لن يكون مفزعا , وهمست لنفسها وهي تدفن رأسها في صدره:
- سأكون أكثر شجاعة وهو معي
وأبعدها عنه ونظر إليها نظرة فاحصة وهو يواصل كلامه:
- إنك ترتعشين يا عزيزتي ما الأمر ؟
وكذبت وهي لا تدرك أنها ترتجف وقالت:
- الجو بارد قليلا هنا00
وتجهم غارث وهز رأسه وهو يقول:
- أتحسين الجو باردا؟ إنه ليس كذلك00 أما أنك مرهقة للغاية أو أنك على وشك الإصابة بنزلة برد لنأمل أن تكون الحالة الأولى0
وردت بخفة:
- أنا متأكد أنها كذلك أنا لا أصاب بالبرد كثيرا00
وفي لهجة حاسمة آمرة قال:
- إذا إلى الفراش أيتها الشابة وإياك والجلوس والمطالعة0
كم يبدو مثل الأطباء وهو يقول ذلك فكرت في هذا وهي تذكر مناسبة سابقة لاحظت فيها الشيء نفسه وقال باللهجة الآمرة نفسها:
- الأفضل أن أخذ منك وعد بذلك هل تعدينني ؟
- أعد بأني لن أطالع0
وتأرجحت أفكارها وهي تشعر بمتعة في هذه اللحظة من ذلك الحب الذي طغى عليها وبعد لحظة أخرى قالت ثانية:
- لا00 لن أكون خائفة وهو معي عندما تأتي النهاية0
كانت زيارة بالي في مقدمة المعالم البارزة للرحلة البحرية وطول اليومين السابقين لوصول الباخرة إليها أظهرت ويندي شعورها بالترقب السعيد , إذ قال غارث إنه سيستأجر سيارة لليوم الأول0 أما اليوم الثاني فيمكنهما أن يتجولا كما يريدان ويستمتعان بالمناظر بطريقة أكثر سهوله وراحة0
ورست السفينة في الثامنة صباحا0 وكانت ويندي وغارث على استعداد للنزول إلى الشاطئ فورا وبعد نصف ساعة كانا في السيارة وقد جلس غارث أمام عجلة القيادة وقصدا أولا حي جيليك آندماس حيث كانت وندي تريد إن تشاهد المصنوعات الفضية اليدويه وأشغال الحفر على الخشب الخرافيه التي سمعت عنها من مارجي , وكان غارث في شوق مثلها لرؤية تلك الأعمال اليدويه 0 طول الطريق السيارة تمضي تحت سماء صافية ساطعة الشمس وكانت ويندي تبدي تقديرها وهي مسحوره بجمال الجزيرة الذي لم يمس تلك الجزيرة التي كانت تمثل أقرب مكان للجنة كما أخبرتهما مارجي في الليلة السابقة0 وبما أن بالي بمثابة حلقة صغيرة واحدة إن سلسلة الجزر التي تسمى أندونيسيا فإنها تتمتع ببحر خاص بها في بساطتها وصدقها 0 في مزروعاتها ذات اللون الأخضر اللامع0 وأزهارها الرائعة التي انتشر شذاها الجميل حتى وصل إلى السيارة وقالت ويندي بتأثر شديد:
- أليست جميلة؟ كنت ادرك أنني لن أصاب بخيبة أمل فيها0
وأدار غارث رأسه الداكن واختلس نظرة إليها من الجانب لحظة خاطفة قبل أن يحول انتباهه الى القيادة ولم يتكلم , وأدركت إنه في إحدى حالاته المزاجيه التي يرغب فيها أن يكون هادئا , يتطلع حوله ويستمتع بالمناظر الريفية التي يسير وسطها0
فقد كان في الحالة نفسها عندما استأجرا سيارة في ريو ومرة أخرى عندما رست السفينة في ممباسا , ثم في بومباي , واحترمت ويندي رغبته في الهدؤ 0 فجلست صامتة وسعيدة لأنها حية وقادرة على الاستمتاع بكل ما حولها0 إلا أنها لم تستطع أن تفهم لماذا يحيط هذا الرجل نفسه بهالة من الغموض؟
وكانت الطريق في بالي ممتازة أما الطريق الذي كانا يسيران في فكان يحف بالشاطئ الجميل الذي تصطف أشجار النخيل على جانبيه وينتهي إلى التلال وبعدما عبرا قرية شاهدت وندي النساء , عن بعد يعمل في حقول الأرز أو يتسلقن أشجار جوز الهند0
وعندما اعتقد غارث أنها أصدرت صوت خفيضا ينم عن الازدراء قال في سرور:
- إنهن لسن من العبيد كما يخيل إليك0 بل يحببن العمل مع رجالهن وما يكسبنه يكون ملكا لهن0
- أتعني إنهن يحصلن على نصيب مما يأتي به المحصول؟
- بل يمكنك أن تقولي أنهن يقمن بعمل تجاري صغير خاصا بهن 0 يربين الماشية والدواجن ويبيعنها كذلك يقمن بعمليات النسيج لزيادة الدخل0
- إنهن سعيدات للغاية ورشيقات جدا السن كذلك؟
كانت ويندي تراقب فتاة شابة , تضع فوق رأسها سلة ضخمة باتزان وتسير في بمنتهى اليسر والرشاقة, وجهها الجميل خال من أي تعبير عيناها تنظران مباشرة أمامها قدماها حافيتان , ورأسها منتصب وردفاها يهتزان بطريقة إيقاعية0
- إنهن رشيقات جدا في الواقع0
ردت غارث بذلك وهو يدور حول منحنى وهو ويترك القرية وراءه وأخيرا وصلا , واشترى لها عدة تماثيل منحوتة بدقة وسوارا من الفضة بعدما أوقف بقسوة محاولاتها للاعتراض ،ولبست السوار الذي ثبته فوق رسغها وهو يبتسم واحمر وجهها خجلا وقالت:
- أشكرك0
- لماذا0
- لأجل السوار الجميل وكل تلك الهدايا الأخرى الجميلة التي اشتريتها لي0
وعادا إلى السيارة وسارا بها عبر الريف الجميل ومرا بين القرى حيث أمكن ،من خلال الأبواب المفتوحة للمنازل البدائية المبنية بالطين ،مشاهدة خيال النساء وهن يتحركن داخل بيوتهن ،وقت تعرت أكتافهن وغطيت ألأجزاء السفلى من أجسادهن
بأزار طويل ينسدل حتى أقدامهن تقريبا ثم خرجت واحدة أو اثنتان وهما تحملان فوق رأسيهما مجموعة من القرابين ،وأوقف غارت السيارة لبضع دقائق وجلس هو وويندي يراقبان بينما انضمت إلى السيدتين نساء أخريات من البيوت القريبة وشكلن موكبا بدأ يشق طريقة في بطء نحو مذبح أقيم في الهواء الطلق 0 وهنا توقفن لوضع قرابينهن0
- بالي أرض المعتقدات الخرافية0
قال غارث هذا عندما بدأت النساء في التحرك مرة أخرى ثم أضاف:
- وهكذا تجدين تلك القرابين العديدة0 ليس هناك ما يخيف المواطن أكثر من فكرة إغضاب السماء إنهم يفعلون أشياء لا يصدقها العقل لأبعاد الأرواح الشريرة 0 ولو قدر لك أن تعيشي في بالي لوجدت نفسك تفعلين أشياء ممنوعة0
- مثل ماذا ؟
- ينبغي أن لا تنامي وقدماك تتجهان إلى الشمال أو الشرق يجب أن لا تضربي رأس طفل وان لا توقظي طفلا نائما بسرعة بالغة0

وحملقت وهي لا تصدق وقالت:
- لماذا لا توقظ طفلا نائما بسرعة كبيرة؟
- لأن روحه التي تكون هائمة وهو نائم قد لا تجد الوقت الكافي للعودة إلى جسده0 وإذا قطعت شجرة جوز الهند ينبغي أولا أن تقبلي الجذع وتتوسلي إلى الشجرة كي تغفر لك ما ستفعلينه ويجب ألا تسيري أبدا فوق حبوب الأرز , التي قد تشاهدينها منثورة داخل باب أحدهم 00 إنها قربان مقدس وبعد أن يتسنى لكي الدخول إلى البيت من دون أن تثيري غضب الأرواح الشريرة عليك ألا تضعي ساقيك إحداهما فوق الأخرى بأي شكل من ألأشكال, لأنه لو كانت إحدى كعبيك لا تلمس الأرض لتمكنت أرواح شريرة عديدة من الإحاطة بك 0
وعند هذا الحد كانت وندي قد أصابتها نوبة من الضحك الشديد الذي ما لبث أن أصاب رفيقها وقالت:
- فكرت دائما أنني أحب العيش في بالي لكنني الآن لست متأكدة على الإطلاق إن الحياة ستكون مريحة تماما هلا أخبرتني بالمزيد0
- يمكنني أن أستمر إلى الأبد لأن قصة المقدسات في بالي لا تنتهي0
- لا بد أن هذا يؤثر على السياحة إلى حد كبير بالتأكيد؟
- فعلا ولهذا بقيت الجزيرة جذابة للغاية وحالتها باقية على ما هي عليه فمع وجود كل هذه المحرمات الدينية فإن المدنية لا يمكنها أن تدخلها لإن المرء لايمكنه ببساطة ،أن يفعل هذا وذاك إنها أرض العادات الغريبة التي تأصلت فيها من قديم الزمان بطريقة مبهمة وراحت أسسها في طي النسيان ولكن بقيت العادات المرتبطة بها0
- إنه شيء ساحر ومخيف في الوقت نفسه0
وأكد لها:
- ينبغي ألا يكون ذلك مخيفا فليس هناك ما يخيفك في بالي فهم أناس وادعون وسعداء للغاية رغم عاداتهم الغريبة وطقوسهم الدينية العتيقة0
وقالا غارث إنه يصطحب وندي إلى فندق شاطئ بالي لتناول الغداء وعندما وصلا قابلا العديد من ركاب
فايسون وتشكلت منهم مجموعة مرحه ونتيجة لذلك استغرق وقت الغداء مدة أطول من الوقت المتوقع0
وبقيا لمشاهدة عرض لرقصة الليغونغ ثم مضيا في طريقهما مرة أخرى وفي المساء وبعدما تناولا العشاء في فندق شاطئ بالي ذهبا مع مارجي ودينبي إلى عرض لرقصة أخرى يطلق عليها اسم هتجاك ويقال أنها أقوى رقصات بالي وكانت نوعا من التمثيل الصامت لمجموعة منشدة تلتف حول شعلة متأججة والمفروض أنها تطرد الأرواح الشريرة0
قال غارث ذلك لوندي وهما يتجهان نحو إحدى القرى للانضمام إلى أهلها الذين بدأوا بالفعل في التجمع فوق الخضرة بينما الشعلة المتقدة كانت في الوسط تشبه شعلة من النيران وقالت مارجي بصوت عال كالمعتاد:
- يا إلهي كم راقصا هناك؟
وقال دينبي الذي كان يجلس بجوارها:
- نحو 150 يبدو أنها ستكون رقصه رائعة0
وبدأ الراقصون يقومون بحركات مفاجئة وينشدون الأناشيد وأجسامهم تتمايل في انسجام كامل وبين ألحين والآخر ترتفع أيديهم نحو السماء وفي النهاية سقطوا على الأرض وظلوا بلا حراك فقد انتهى عرضهم0
وقالت مارجي :
- هذا جميل0
واستدارت الى ويندي وغارث وهي تبتسم ومضت تقول:
- أليس كذلك أيها الأعزاء؟
وابتسم غارث وقال:
- أجل هذا صحيح0
ثم امسك بيد وندي وغادر الأربعة المرج ألأخضر في القرية سيرا نحو السيارة وأضاف غارث :
- سمعت أن هناك قصة حول الرقصة بدأت أتذكرها 0
قالت مارجي بلهفة:
- قصة؟ أخبرنا بها إذا ونحن في طريق عودتنا إلى السفينة وأذعن غارث وبينما هو يعود بهم جميعا إلى السفينة وبلهجته الهادئة المهذبة أخبرهم بأسطورة راما ساجا الهندوسية وتقول أن الأمير راما خرج يوما للصيد في الغابة الملكية وأخذ يطارد حيوانات الأيل ذات ألقرون الذهبية عندما زار بيته رافينا ملك الشياطين الذي هرب مع زوجته الأميرة الجميلة سيتا وعندما اكتشف ذلك أطلق عليه سهما تحول الى ثعبان والتف حول راما وجعله أسيرا له لكن الآلهة هبت لنجدته وأرسلت الطير الرمزي جارود الذي جمع جيشا من القردة لم تطلق سراح الأمير فقط ولكنها أنقذت الأميرة أيضا0
وقالت وندي:
- لهذا يسمونها رقصة القرد 00 يمكنني الآن أن أفهم لماذا كانت حركات الراقصين00 في الغالب تقليدا للجيش من القرود 0
وقالت مارجي :
- كانت قصة لطيفة تلك التي قلتها لنا يا غارث شكر جزيلا لك0
وأجاب بهدوء :
- العفو إنني استمتعت بسردها 0
واقتربوا من ميناء السفن وأمكن رؤية الباخرة البيضاء الضخمة من خلال أشجار النخيل العالية المتشابكة وكان البحر ساكنا تسلل إليه ضوء القمر الفضي أسفل السماء الاستوائية الرحبة التي تنتشر فيها النجوم0
وتبادل الأربعة تحية المساء ومضت مارجي مع دينبي في طريقهما بينما اتجه غارث وويندي في طريقهما أيضا إلى سطح السفينة الأعلى حيث كانا سيقضيان كالمعتاد فترة قصيرة من الزمن معا قبل أن يلقي كل منهما على الآخر تحية المساء0
وفتحت وندي فمها لتشكر غارث لكنه منعها0 وتوقعت أن يحملها غارث إلى العالم السحري المذهل الذي يمكنه بسهولة أن ينقلها إليه0
لكن لدهشتها, ابتعد , وبدون سبب أحست بفتور من جانبه, لا, أن الفتور لم يعتره فجأة بل كان موجودا في أعماقه ويظهر بين ألحين والآخر طول الساعات القليلة الماضية ويتسلل إلى الموقف الودي الذي اعتبرته أمرا واقعا0 هل ضايقته بشكل أو بآخر ؟
وباءت محاولاتها للاسترجاع شيئا من هذا بالفشل وقررت أن هذه مجرد حالة من حالات تقلباته سيعبرها في النهاية وكانت قد قررت بالفعل ألا تدع هذه التغيرات في مزاجه وأسلوبه تؤثر عليها بأية صورة خطيرة, إذ إنها لا تهم حقيقة وهي في حالتها هذه من عدم الشعور الكلي بالأمان كل يوم وكل ساعة بل حتى كل ثانية أصبحت لها قيمتها لا تريد أن تسمح لأي تغير بسيط في أحوال غارث بأن يطغي على هدوء ذهنها0

- ماذا نفعل في الحياة؟ اعني عندما لاتكون في رحلة كهذه ؟
سألت ويندي هذا السؤال لمجرد أن يكون هناك شئ تقوله لأنه الصمت أصبح ثقيلا وغير مريح حد كبير0 إجاب بتقطيبة عميقة جعلتها تندم على السؤال 0:
- لا أعتقد إنني أريد التحدث في هذا الموضوع 00 لا اليوم ولا في الغد00
ونظر إلى أعلى : تغيرت السماء بشكل كبير وأصبح القمر الآن يدور وسط سلسلة من السحب ومضى يقول بعد قليل من الصمت الثقيل متجاوزا اللحظة الحرجة:
- ربما تمطر فقد أصبحت السحب تنذر بالسوء 0
وكان صوته يتسم بنبرة قاسية0 قالت لنفسها :
- حسنا غدا يتخلص مما يكدره0
وقالت وهي ترفع يدها بنفور وتتظاهر بأنها تمنع التثاؤب :
- طابت ليلتك يا غارث 0 أرجو أن تنام نوما عميقا0
- طابت ليلتك0 سنتقابل غدا كالمعتاد في موعد الإفطار0
- سنقوم برحلة أخرى خارج السفينة؟
- بالطبع0
وأحست بالارتياح فقد كسبت يوما آخر في رفقته 0

 
 

 

عرض البوم صور lona-k   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
anne hampson, آن هامبسون, القديمة, روايات عبير المكتوبة, song of the waves, عبير, عبير القديمة, قلب في المحيط
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t93936.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 03-04-10 04:22 PM


الساعة الآن 01:16 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية