كاتب الموضوع :
HOPE LIGHT
المنتدى :
الارشيف
الجزء السابع.....
في عالم الذكريات الأليمة غريقة .....
جاءها صوته ليكسر صمتا ... تربع ملكا عليهم ...
- ماذا بك يا هند ؟
هزت رأسها بنفي... وقالت بصوت أقرب منه إلى الهمس:
- لا شيء...
بحلق بها لبضع ثواني ومن ثم وضع الشوكة و السكين من يديه ... وقال :
- أأنت متضايقة بسبب ما قلته بخصوص الأطفال...
رفعت عينيه من الأرض ... وهجمت بهما ناحيته وقالت:
- أنت السيد وأنا الخادمة .... أنت عليك أن تأمر وأنا عليه أن أنفذ.... يا سيد أبو تامر .... ( وانصرفت تاركة إياه في شرك الذهول واقع )
.................................................. ....
أخذت تمسح على رأسها .... و تهدئها بقولها:
- عزيزتي نجوى لا تحزني.... فلربما كان تامر متضايق من شيء ما...فأنت تعلم تامر مستحيل أن يقول شيء كهذا
من بين سيل الدموع المنهمرة من عينيها المحمرتان قالت بصوت أعياه التعب:
- مهما كان كان يجب ألا يتهمني.... يتهمني .... بهذا الأمر...فأنا في حياتي لم أفكر بشخص غيره .... لقد كنت أردي فقط أن أكلم عمر بخصوص تصرفاته ... وبأن هذا الأمر يزعج خالتي ... لكنه لم يدع لي المجال لك أبرر له ...هجم عليه .... ( ودخلت في دوامة البكاء من جديد )
تنهدت رنا فلم يعد في جوفها كلام يخفف عن نجوى المنكسرة من طعنت من عشقت وأحبت ...
………………………………….
وقف أمام الباب ... حائرا .... أيخط إلى الأمام أو يعود إلى الخلف .... أيبوح بما يثقل صدره .... أم يصمت ليستمر عذابه..... ياليت هناك أحد يساعده على اتخاذ القرار كانت هذه أمنيته في تلك اللحظة ...
أنها هذا الصراع خرج رنا .... و استدام عينيها بعينيه.... فسألته و الغضب بادي على محياها ...
- أجئت أخير....
أدخل ما يقدر عليه من أكسجين إلى صدره تبعه بزفرة وقال بصوت خافت ...
- يبدو بأنك قد عرفت....
انفجرت عليه رنا .... و أخرجت كل ما في قلبها من ألم و حزن و نار الغضب التي تنهش بداخلها ...
- نعم عرفة .... كيف تجرأ على اتهامها بهذا الأمر .... كيف تفكر للحظة بأنها قادرة على فعل هكذا.... أنها تحبك و بجنون كذلك .... فمن سابع المستحلات التي تذهب لغيرك... الطرف الوحيد الذي يجب أن نشك به بأنه خائن هو أنت يا تامر........
دخلت تلك الكلمة في عقله ... لتهيج الخوف من القادم ..... فرمقها بنظرة خوف و ارتعاد....
أكملت رنا كلامها قائلة ...
- أرفق بها يا تامر .... أرفق بهذه المسكينة .... أعطها و لو جزء من الحنان و العطف... كفى جفاءا ....
كان مطأطئا رأسه ... يشعر بأنه مجرم ... مخادع .... و جلاد ...... يجلد من أحبته مئة مرة .... و هو مبتسم ....
قالت رنا ...
- لن أزيد على كلام شيئا .... وسوف أجعل لك القرار .... ( و ذهبت عنه إلى غرفتها التي تبعد بضع خطوات عن غرفتهم )
ضل على حاله ..... ساكنا ... تتخبطه أمواج الملامة .... و الخوف من القادم ....
- أنا أعلم يا نجوى بأني ظلمتك وأسأت إليك.... لكن أنا أيضا مثلك أتألم ...وأتعذب ..... متى سوف نحصل على الراحة و السكينة و الطمأنة, متى ؟
.................................................. .....
- أتضنن بأنه سوف يخبرها ؟
رفعت رأسها .... ووجهت عينيها ناحية أختها التي بجوارها .... وقالت ...
- أرجو ذلك .... فأنا تعبت بقاء في الظل...
- هدى إذا عاد ولم يخبرها يجب أن تقنعيه بأن يخبرهم ... فأنت من حقك بأن تعيش كبقية الزوجات ... أنا أقول لك هذا لأني أراك تتألمين , تتعذبين من أجله و هو لا يحس بذلك ....
- أعلم ذلك عزيزتي ... أعلم ذلك ....لكنني رضية بهذا منذ البداية ... بأن أكون في الظل فقلب أعمى بصيرتي .... و جعلني أوافق بدون تفكير.... لكن الآن هناك شخص آخر سوف يظلم .... ( أخذت تمسح على شعر طفلها النائم كالملاك بين أحضانها )
- لهذا لا تسمح له بتراجع , يجب أن يخبرهم و ينهي الأمر...
- حبيبتي سعاد تامر أيضا معذور فالموقف ليس بالسهر ....
- أفففففف ... الآن بدأت تتكلمين بقلبك ليس بعقلك .... أنظر كم أنت تضحين من أجله و هو لا يحس ....
- كفى أرجوك سعاد كفى ..... لا أريد أن أتحدث أكثر في هذا الموضوع .... أعلم أن كلامك صحيح ... هو الوقت قد حان لك يعترف بزواجنا ... ليس من أجلي بل من أجل كريم ...فإذا مت ماذا سوف يكون مصيره ؟
- أرجوك لا تكرري هذه الكلمة مرة أخرى .... أنت سوف تعيشين .... سوف تعيشين ... ( قالتها و الدمع يهدد بالنزول من عينيها )
ألتفتت ناحية أختها .... و رسمت ابتسامة واسعة على شفتيها ... و أخذت تمسح رأس أختها و تقول بصوت هادئ....
- هذا هو قدري وأنا راضية به .... ويجب جمعكم أن يرضى به ...
- هدى لماذا نبرة التشاؤم هذه؟
- لأن المرض لا يريد أن يتركن بحالي ... يريد أن يتخلص مني .... فلماذا المقامة مادام المصير هو الموت ....
قامت من مقعدها بسرعة و أخذت تصرخ بأختها قائلة ...
- ما هذا الكلام أيتها المجنونة, لماذا أنت أنانية هكذا ؟ لماذا لا تفكرين بي و بكريم ؟ كيف سوف نعيش بدونك , كيف ؟ ( و خرج الدمع أخيرا من مقلتيها الحزينتان )
أمسكت هدى بيدها .... وسحبتها ناحية حضنها .... لتطوقها بيدها اليمنى .....
.................................................. .................
أخيرا تحرك ذلك الباب الساكن ..... ببطء .... خرج رأسه من وراء الباب... تجمد عينيه ناحيتها ... كانت جلستا أمام النافذة تتطلع إلى السماء الزرقاء.... أخذ يقترب منها ... لكن توقف ولم يبقى له سوى خطوتان ليصل إليها ... قدماه منعتاه من المضي ... كانتا تفضلان العودة إلى الخلف ... الهرب ...من هذه المواجهة المصيرية .... تعلى صوت بكائها .... فذاب قلبه من حرارة الحزن عليها ... فجمع أشلائه المتناثرة ... و تسلح بالقوة ... وتقدم ناحيتها ... وضع يده على كتفها و قال :
- أنا آسف ....
ألتفتت بسرعة إليه ... و قالت بصوت باكي :
- لماذا .... فعلت ذلك ؟
أخذ يبحلق بها لثواني ..... ومن ثم ازدرد ريقه ... وجثا على ركبتيه ... وقال:
- لأني رجل أناني .... حقير ... لا أستحق.... ( يدها سدت الطريق لكلماته عن الخروج )
و قالت و الدمع ينهمر من عينها كزخ المطر :
- أرجوك لا تقول هذه الكلمة ....
أمسك بيدها وأبعدها عن شفتيه , و من ثم قال:
- لا أعلم ما الذي جرى لي في الآونة الأخيرة ... لقد تبدل حال كله .... ( و نكس رأسه )
- ربما أنت متضايق بسبب المشروع .... عزيزي أنت لست أول و لا آخر شخص يحصل له هذا الشيء...
كانت الفرصة مأتية بنفاذ بجلده .... وعدم البوح بالحقيقة التي سوف تقلب حياته رأسا على عقب ....
رفع رأسه ناحيتها , و خط ابتسامة على شفتيه, ومن ثم قال :
- أعلم ذلك يا نجوى ... لكنه كان حلم ... لقد خطة له منذ زمن بعيد .... و حظرت له كثيرا ... ومن ثم يتبخر هكذا .... أنه أمر صعب جدا ... أنه صعب ....
- ليس صعبا ...سوف تتجاوز هذه المشكلة ...وأنا سوف أساعدك .... فقط لا تتعب نفسك بكتم أسرارك عني ..... أخرج كل ما في صدرك .... وشاركني بآلامك.... هكذا سوف ترتاح .... ( ورسمت ابتسامة على شفتيها )
بادل الابتسامة بابتسامة .... أحاطت رأسه بيدها .... وجعلته يهوي إلى فخذيها ... و ينام كطفل صغير....
.................................................. .................
عقله و تفكيره لم يعد ملكا له ... حتى قدماه ... فهن يقودانه بدون إرادته ... إلى مكان واحد فقط .... إلى ذلك الشارع ... الذي رأى فيه كائنا بشريا قلب حياته ....
ها هي قادمة إلى الطرف الآخر من الشارع .... أنها تقترب منه .... بدأت الابتسامة تشق طريقها على شفتيه ..... لكنها لم تكتمل .... فقط أختل توازنه من جراء قبضة يد أحدهم ... كانت كفيلة بإيقاعه أرضا .... أخذ يتحسس خده الأيمن ... و عينيه ترسمان الذهول .... أما أنفاس فريد فقد كادت تحرق وجه عمر من شدت سخنتها .... دنا منه و قال بصوت هز الأرض بمن فيها :
- أين مالي أيه المخادع؟
كان الخوف قد تمكن من عمر في تلك اللحظة ...فقال بصوت ملئ رعبا:
- أنه موجود ... موجود..
- أين هو؟
- سو...ف أتصل بصديقي لك يحضره ..
صرخ بوجه قائلا:
- أتصل به حالا ....
- حسنا ...حسنا ( وبيديها المرتعشتان انتشل عمر هاتفه النقال من جيب قميصه ... وأخذ يضغط على الأرقام )
على بعد بضع خطوات منهم ...
قالت جنان بصوت غلف بالتعجب:
- ماذا بك توقفت هكذا يا عهود؟!
قالت بصوت مصدوم :
- أنه هو ...
- زادت حيرة و تعجب جنان... فقالت مستفسرة :
- عن من تتكلمين ...و لماذا نبرة صوت تغيرت هكذا؟
ألتفتت إلى صاحبتها و قالت :
- انه ذلك الرجل الذي استدم بك منذ بضعت أيام ... يبدو أنه في ورطة .... ( وأعاد بصرها نحيت عمر الساقط على الأرض و فريد المتربص له )
بصوت شابه الخوف:
- ماذا به ؟؟ ما الذي يجري له؟!
عودتا الى عمر الذي انتهى من اتصاله ... فقال من فوره بصوت لم يهجره الخوف:
- انه قادم و معه المال....
- أرجو ألا تكون تخدعن كما فعلت اليوم ... وعدتن بأن تحضر الساعة الواحدة... وها هي الساعة الرابعة ...
- أنا .... آسف لقد انشغلت قليلا....
- لا يهمن إذا انشغلت أم لا .... المهم مال يصل إلى جيب... أسمع عندما أحصل على مال ... لا أريد أن أرى وجهك الدنيء هذا مرة أخرى ... هل سمعت ....
هز رأسه بالإيجاب.... فهو ليس في موقف يسمح بالجدال....
عودتا إلى جنان و عهود..
- يا الله لماذا لا يقوم أحد بمساعدته ؟
- مساعدته ! ومن يساعد الآخر هذه الأيام يا جنان ؟ الجميع يمشون بجانب الجدار خوف من المشاكل .... لم يعد الأخ يساعد ّأخاه هذه الأيام فكيف بغريب...
- يجب أن نفعل شيئا يا عهود...
- نفعل شيئا ! كيف ونحن مجرد فتاتان ؟
- لا أعلم و لكن ....
بترت عهود كلام جنان بقولها :
- لحظة يا جنان أرى أحد ينزل من السيارة متوجها نحيت عمر... ربما يريد مساعدته ....
.................................................. ..............
كان فريسة سهلة لأفكار الندم... وذكريات الحب الضائع ....
كان يناج نفسه قائلا : (( لماذا فضلة المال على سعادتي .. على حب حياتي.... عليك يا هند .... ؟ كم كنت أحمقا عندما ضننت بأن سعادتي سوف تكون مع المال.... للأسف عرفت متأخرا بأن سعادتي سوف تكون وجود بين أحضانك ..... لا أستطيع العيش بدونك يا هند ... لا أستطيع ... يجب أن أحصل عليك ... يجب ... يجب ... فأنا أحبك وبكل جوارحي أحبك ....أحبك ....))
قاطع حبل أفكاره و سلسلة الندم ... صوتها و هي تسأل:
- ماذا بك عزيزي ؟ لماذا سارح هكذا يا خليل؟
رفع رأسه ناحية صاحبة الصوت .... لتتبخر صورة هند .... و تقع عينيه على امرأة أخذت منها السنون شبابها... وخلفت ورائها تجاعيد ... لا تعد و لا تحصى ....
.............................................
نظرات صاحبة التي بين الفنية و الأخرى تحط عليه ..... كانت تخنقه .... فنفجر على صاحبه قائلا بعصبية تجلت على قسمات وجهه وصوته:
- لماذا تنظر إليه هكذا يا سامر؟ أنا قلة لك بأني سوف أعيد لك مالك .... فتوقف عن النظر إليه بهذه الطريقة ... ( و طأطأ رأسه, فالخزي يأكل وجهه )
أوقف سامر سيارته بالقرب من الرصيف.... ومن ثم ألتفت ناحية عمر المنكس رأسه , وقال:
- أنت تعلم أني لم أكترث بالمال, أنا خائف عليك , ما قصة هذا الرجل , قل ... لماذا كان يصرخ في وجهك بتلك الطريقة؟
- كفى .... ليس لك دخل بي.... (رفع رأسه ناحية سامر و قال بأعلى صوته )
مسح سامر وجهه بيده , ومن ثم قال:
- عمر أنت شيئا فشيئا تضيع .... هذا الطريق الذي تسلكه نهايته واحده وهي ضياعك ... حينها لن يستطيع أحد أن يعيدك إلى الطريق الصحيح ... فسمع...
قاطعه بصراخه :
- أنت ليس لك دخل بي ...أنا لست طفلا صغيرا حتي تعضني ....قلت لك مالك سوف يأتيك كاملا بلا نقصان ... و الآن وداعا .... ( وفتح باب السيارة ... و ترجل منها بلمح البصر.... )
أما سامر فأخذ يهز بأسى رأسه على صاحبه الذي لا يعي ما هو مقدم عليه ....
...............................................
دخل البيت وهو لا يرى ما أمامه من شدة الغضب الذي في صدره ....
هجم على طبلة أذنه صوت أبيه الذي ينبأ بالأسوأ:
- أخيرا عدت .... ألا ترى كم الساعة ...ألا تعلم بأن اليوم عمك و عائلة سوف يأتون لخطبة أختك...
أخذ يكور يده ليشكل قبضة ... حتى يمتص غضبه ...و لا ينفجر على أبيه ... ويزيد من مشاكله التي لا تريد أن تتركه لحاله هذا اليوم...
ألتفت ناحية أبيه ... وقال من وراء أسنانه ...
- أعلم ... لكن كنت مشغولا ....
- مهما كانت أشغالك كان يجب أن تعتذر و تحضر ..فهذه مناسبة مهمة....
أخذ يشد من قبضة يده ...
- أمرك يا والدي العزيز ... هل من أوامر أخرى سيدي ....
أنزل أحد حاجبيه الكثيفين ورفع الآخر... ومن ثم قال:
- كأني أشعر بأن في صوتك نبرة سخرية يا عمر....
هنا لم يعد قادرا على أمساك نفسه أكثر من ذلك ... فنفجر قائلا :
- أبي أرجوك ... أنا لست في مزاج جيد للجدال معك ... الذي فيه يكفيني ...
هنا أبو تامر هو الآخر لم يتمالك نفسه .... فثار وماج وقال:
- يا ولد أتصرخ في وجهي ... يبدو بأني لم أحسن تربيتك ...
- نعم ...لأول مرة تقل شيئا صحيح في حياتك ... لم تحسن تربيت .... لأنك في الأصل لم تكون متفرغا لنا ... كان همك هو نفسك فقط .... سعادتك فقط ...أما نحن الذين من لحمك ودمك لا يهمك إذا كنا فرحين أم حزينين ... كنت تعاملنا كجنود ليس كأبناء ...وأم المسكينة ... تحملتك كل تلك السنين ... تحملت جفائك لها .... و عصبيتك .... ومزاجك الذي في كل لحظة يتغير.... فما كان جزائها ... رميته وطلقتها ... وذهبت لتتزوج من غيرها ... لإشباع رغباتك... أيها الأناني .... أي...
جاءت يد أبيه على خده لتبتر جملته, و تخلف أثر أصابع أبيه على خده ....
رمق أبيه بنظرة كلها كره .... ومن ثم اندفع ناحية الدرج ... بدون أن ينبس بأي كلمة ....
أم أبو تامر فأخذ يصرخ قائلا ... بصوت شابه الغضب ...
- أيه العاق .... أن سوف أربيك ... أنتظر حتى يذهب عمك وعائلته ... حينها سوف أربك من جديد .... أيها العاق ....
حدث هذا أمام ناظري جميع من في البيت ... الذين لم يجرأ أحدهم على التدخل ... فكتفوا بدور المتفرج.....
يتبع....
|