لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-08-08, 06:14 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

-لن اصل الى هذا الحد بالطبع ... لو كنت املك وجهاً كوجهك لما فكرت يوماً بتغييره .
للين دوافعها ولهذا جزمت :
-أنا اعني ما اقول وانا مصممة عليه .
لم يسمع ناديا سوى الموافقة ازاء هذا الاصرار :
-حسناً ، سأطلعك على كيفية الوصول الى هذا الطبيب عندما يحين موعد خروجك .
مرت الشهور ببطء ولين لا يشغلها سوى المضي قدماً في بلورة خطة انتقامها واخراجها بشكل كامل لا يفسح في المجال لأي زلة .
وتنفيذاً لذلك واظبت باهتمام كلي على جميع دروس اللغات الاجنبية المتوافرة في السجن ، لابل انها اخذت دروساً اضافية على يد سجينة فرنسية لقاء مبلغ من المال . ولين كانت على اي حال ممتازة في اللغات الأجنبية أيام الدراسة ، وهذا ما سهل لها الحصول على وظيفة مضيفة في الشركة العالمية للملاحة الجوية . اما الآن فهي تنوي تسخير هذه الموهبة لسحق بيرت .
اثناء فترة العقوبة قابلت لين مراراً مصلحين اجتماعيين تنتدبهم الدولة للعمل على تأهيل السجناء وتحضيرهم لدخول المجتمع كعناصر فاعلة و صالحة . وقد نصحها هؤلاء بعد الاختلاط بالسجينات الوسخة الملطخة بجرائم خطيرة ، سوى انهم وجدوا انفسهم يجهدون على غير طائل كون لين تجلس امامهم خلال المقابلات بوجه جامد كالصخر وتكتفي بالاجابات المقتضبة على اسئلتهم . وهكذا تابعت اتصالاتها بسجينات عالم العاصابات لتزيد من اطلاعها على خفايا وخبايا فلك الجريمة في لندن وتسخر معلوماتها الجديدة في الارتداد على بيرت واحراقه كما حرق ثلاث سنوات من عمرها . وكان من عدم تجاوب لين مع جهود ومحاولات المصلحين الاجتماعيين سبباً في ابقائها في السجن نفسه ، فالسجينات اللواتي يظهرن تحسناً في السلوك يتم نقلهن الى سجون اخرى تتوافر فيها وسائل الراحة واللهو . ولم تهتم لين لذلك باعتبارها تفضل البقاء مع اناس يساعدونها على تحقيق مقصدها .
في اليوم الذي سبق اطلاق سراحها توجهت لين لمقابلة آمرة السجن . وهناك في المكتب الموحش استمعت الى محاضرة طنانة في الاخلاق وتلقت سيلا مدراراً من النصائح . واكثر ماشددت آمرة السجن كان على وجوب فتح صفحة جديدة بعد انتهاء مدة العقوبة وتجنب الانزلاق في متاهات الجريمة بعد الآن لأن العدالة لا ترحم المجرم في حالة التكرار . وافقت لين في داخلها على وجوب فتح صفحة جديدة خصوصاً وأنها ستفتح هذه الصفحة للاقتصاص من بيرت ، وغرقت في افكارها وخطط الانتقام حتى أنها لم تدرك ان المرأة انهت مواعظها الا بعد ان نادتها عدة مرات .
تنهدت آمرة السجن وقالت :
-أرى انك لم تستوعبي شيئاً مماقلت . وأنا حقاً آسفة لمغادرتك هذا المكان لأنك لست مؤهلة لخوض غمار الحياة الصالحة بعد . كما أني لن افاجأ بعودتك القريبة الينا اذ ان موقفك العنيد طوال ثلاث سنوات ينبئني بانك تحضرين للقيام بعمل احمق جديد . لقد قمت بواجبي وحاولت نهيك وارشادك الى الطريق القويم ... حسناً يا ماكسويل ، بامكانك الانصراف.
لم تنبئ لين ذويها بموعد خروجها من السجن . وحين خرجت الى الحرية في ذلك الصباح البارد فوجئت بناديا كليرمونت التي أطلق سراحها قبل شهور تنتظرها في سيارة تاكسي .
حيتها ناديا بابتسامة عريضة :
-أهلاً وسهلاً بك الى مايسمى المدينة يا ابنة المجتمع المنبوذة !
-ألم تحضري لي حفل استقبال ؟
-ياليتنا نقيم حفلاً يكون شعاره : لا للرجال الذئاب .
تعانقت الفتاتان طويلاً وكادت الدموع تطفر من عيني لين لانها وجدت في ناديا اخلاصاً وحناناً فقدتهما من زمان .
-اشكرك يا ناديا على هذه اللفتة الحلوة .
توجهتا الى شقة ناديا حيث خلدت لين الى حمام ساخن في حين انهمكت الأولى بتحضير طعام الفطور . وبعد تناول الطعام قالت ناديا والسيكارة في يدها :
-كيف تنوين تمضية يومك الأول ؟ اتحبين الخروج للتسوق وشراء ثياب جديدة ام تؤثرين البقاء وحيدة للتأمل ؟ أنا شخصياً امضيت يومي الاول انصت الى السكون ، فاذا رغبت بذلك سأخرج لئلا ازعجك .
-لا ياعزيزتي ، اود العمل بسرعة لمقابلة ذلك الجراح .
-اما زلت مزمعة على اجراء العملية ؟ ترويّ قليلا فربما غيرت رأيك بعد بضعة أسابيع خارج القضبان .
علقت لين على ذلك باختصار :
-لم ولن أغير رأيي . هل رأيت الطبيب ؟
-نعم رأيته ، وهو مستعد لاجراء العملية ساعة تشائين بشرط ان تدفعي نصف المبلغ مقدماً .
-موافقة لكنني احتاج ليومين فقط كي انجز بعض الاعمال . ماهو عنوانه؟
أجابت ناديا :
-انه يملك عيادة في كنت . سأتصل به وأبلغه بقدومك في الاسبوع المقبل.
-أريد منك ان تساعديني في الحصول على جواز سفر ورخصة سوق جديدين بعد انتهاء العملية .
اعترضت ناديا قائلة :
-وماحاجتك اليهما ؟ بامكانك وضع صورة وجهك الجديد على الجواز القديم .
-لا فأنا أنوي الحصول على اسم جديد بالاضافة الى الوجه الجديد .
-ولماذا يا لين ؟
-لأسباب وجيهة جداً تدفعني كذلك لاستخدام تحرٍ خاص او اي شخص يجيد جلب المعلومات وابفاء فمه مقفلاً . اتعرفين شخصاً يملك هذه المواصفات ؟
يبدو ان جعبة ناديا لا تفرغ اذ اجابت :
-ليس اسهل من العثور على الشخص المطلوب . وأرجو ان تكوني مدركة لما تفعلين لأني لم افهم شيئاً من الغازك .
-لاتقلقي ياعزيزتي فقد حضرت لكل خطوة اقوم بها تحضيراً كافياً وافياً.
بعد ليلة عند ناديا استقلت لين القطار في الصباح التالي الى منزل دويها . وصلت ورأت والدها في الحديقة يشذب الشجيرات والغليون في فمه ، مردداً لحناً وكأن السعادة ملك يديه . وقف لين تراقبه بصمت حتى رفع رأسه ولمحها . لم يتعرف اليها بادئ الامر لكنه مالبث ان ابتسم وفتح ذراعيه مرحباً.
-لين! طفلتي العزيزة!
احست الفتاة بحاجة الى الارتماء في احضان ابيها لتيستعيد نتفاً من هناء الطفولة ، غير ان ذكرى السنوات الفارغة الباردة التي امضتها في السجن اجتاحتها واطفأت هذا الاحساس ، فقالت ببرود:
-مرحباًَ ياوالدي ، كيف حالك ؟
فوجيء الرجل بنبرتها واختفت الابتسامة عن ثغره ، فمد يده مصافحاً كأنه يستقبل ضيفاً عادياً ورافقها الى داخل المنزل وقال للوالدة الجالسة الى المكتب تخط رسالة في غرفة الجلوس :
-انظري من اتانا يا الزابيت .
استدارت الوالدة ، وعندما شاهدت ابنتها تحولت الابتسامة على وجهها الى مزيج من الصدمة والغضب والخوف . راقبت الفتاة تراقص المشاعر وتواليها على وجه امها التي نزعت لين من حباتها واعتبرتها غير موجودة ودفنتها في طيات النسيان منذ يوم الحادثة .
منتديات ليلاس
وواضح الآن انها لم تحسب حساباً لاحتمال عودتها بعد مرور ثلاث سنوات كطيف مزعج وكشبح فتاة ماتت في قلب أمها . ازاء ذلك قالت لين في نفسها ان هذا المكان لم يعد بيتها وبيرت هو السؤول عن ذلك بالاضافة الى سلب ثلاث سنوات من عمرها .
بذل الوالدان جهدهما ليظهرا الترحيب بابنتهما . جلبا لها القهوة وبعض الحلوى وجلسا يحدثانها بحذر لتجنب الخوض في ما حدث .
وشعرت لين ان والديها منزعجان من وجودها ولا يعلمان كيف يبلغانها انها لن تستطيع المكوث معهما من جديد . تركتهما الفتاة يتحرقان بعض الوقت وكأنها تريد الانتقام لأنهما لم يمدا لها يد العون في مصيبتها . وفجأة غمرها شعور بالشفقة تجاه المخلوقين المسكينين اللذين تعرضت حياتهما لهزة عنيفة . فلماذا تعود الآن لتفسد عليهما هناءهما بعدما نسيا ان لهما ابنة اسمها لين دخلت السجن بتهمة تهريب المخدرات ؟
وحتى تنهي المعاناة ابلغت لين والديها انها قررت الهجرة والعيش في الخارج ، وانها ستبلغهما بعنوانها عندما تستقر . وكان لهذا القول مفعول سحري على وجه الوالدين فغمرهما الارتياح حتى كادا يطيران من الفرح . وبعد قليل غادرت لين ماكان لها منزلاً دون ان تلتفت الى الوراء وهي تعلم انها لن ترجع الى هذا المكان بعد الآن .
في الصباح التالي توجهت بالقطار الى يوركشير لرؤية محامي عمتها المتوفاة ماري . وهناك وقعت عدة اوراق وتسلمت مجوهرات العمة النفسية وبعض قطع الاثاث الاثرية الموجودة في البيت الي اوعزت لين ببيعه مع معظم موجوداته . وبسرعة عادت الى لندن بعد ان انهت المعاملات المتعلقة بالتركة لتكمل هناك مخططها الذي لن يرحم مسبب شقائها .
بعد شهر ونصف قصدت لين شقة ناديا . قرعت الجرس ولما فتحت صديقتها بادرتها الى القول :
-الآنسة كليرمونت ؟
امتلأت عينا الزرقاوان فضولاً وسألت :
-نعم ماذا تريدين ؟

أنا اعمل مصلحة اجتماعية بالتنسيق مع ادارة السجون المركزية ، وجئت اليك ...
قاطعتها ناديا بحدة :
-بامكانك الانصراف لأني غير مستعدة ... ( توقفت فجأة عن الكلام عندما رأت لين تنفجر ضاحكة ، فاستوضحت ) من أنت ؟ وماذا تريدين؟
- انا لين ياناديا . آسفة على الازعاج لكني اردت التأكد من ان اقرب المقربين الي لم يستطيع التعرف الى وجهي .
- يا الهي ! ماذا فعل الجراح بك ؟ حتى امك لن تعرفك اذا رأتك .
افسحت ناديا لصديقتها حتى تدخل وتابعت :
-أرى ان الأمر لم يقتصر على انفك فهناك شيء آخر تبدل في وجهك .
-صحيح فقد صغر لي ذقني وشد جلد الصدغين لتبدو العينان اكبر . بعد الجراحة قصدت اختصاصياً في التجميل جعل حاجبي رفيعين وصبغ شعري اشقر .
-عيناك ايضاً مختلفتان .
-وضعت عدستين رماديتين وغيرت لون رموشي . المهم الآن ، ما رأيك ؟
تفحصتها ناديا بتمعن واصدرت حكمها :
-من الأكيد اانك لم تنفقي مالك هدراً يا لين . فبهذه الضفائر الذهبية وهذا الوجه الفاتن ومع حسن اختيار الملابس ، انت بلا شك جميلة وعلى اهبة الاستعداد لادارة رؤوس الذكور.
حدقت لين في المرآة وسألت بجدية :
-اتقولين الحقية ام انها مجرد مجاملة ؟ ارجو ان تصارحيني فالمسألة حساسة للغاية .
-ثقي اني لست اجاملك . انت جميلة حقاً بالرغم من البرود البادي في عينيك وقسماتك .
-تصوري اني لا اصدق نفسي عندما انظر الى المرآة . وكم من مرة مررت قرب متجر وحسدت الفتاة المنعكسة صورتها في الزجاج على جمالها لانتبه ان الفتاة ما هي الا انا ، فأقف وأطيل التفرج على قوامي حتى يخالني المارة مصابة بمسّ او اقله بعقدة النرجسية !
دخلت الفتاتان الى غرفة الجلوس لاحتساء بعض القهوة والدردشة .
سألت ناديا :
اي اسم ستختارين ؟
-فكرت ملياً بهذا الموضوع وقررت اختيار اسم قريب من لينيت حتى تعتاد اذني عليه ، وهكذا انتقيت اسم نيتا .
وهكذا لن يشك بيرت بأن نيتا هو تصغير للينيت وهو في اي حال لم يكن يناديها الا لين من غير ان يعلم اسمها الكامل ، ولعله ظن لين تصغيراً لليندا كما يفعل معظم عارفيها . وليس في ذلك ما يفاجئ لأن لين لم تكن تستعمل اسم لينيت الاّ في اتمام المعاملات الرسمية وما شاكلها .
-نيتا ماذا ؟
-لم اختر شهرة بعد ، فهل لديك اقتراح يا آنسة كلير مونت ؟
فكرت ناديا قليلاً ثم قالت :
-ما رأيك بشهرة بسيطة كبايج أو مورغان ؟ ( تناولت جريدة تصفحتها بسرعة ووجدت فيها اسماً مناسباً فاقترحت ) عثرت على شهرة ملائمة في الجريدة : نيتا لويس . أليس وقعه جيداً ؟
رددت لين الاسم مرتين او ثلاثاً قبل ان توافق:
-انه يعجبني . من الآن فصاعداً صرت ادعى نيتـا لويس .
-هذا يعني وجوب تدبر جواز السفر المزور .
-حتماً لقد احضرت معي المال اللازم والصور الشمسية والباقي عليك على أمل الا يطول انتظاري .
تناولت ناديا المال والصور من لين وأكدت :
-سيحتاج الأمر الى اسبوع .
- لا بأس .
مكثت الاثنتان تثرثران وقتاً طويلاً الى ان حان وقت انصراف لين الى فندقها بعد التواعد على اللقاء بعد يومين في الاسواق وشراء بعض الملابس . من الفندق توجهت لين الى احد مخازن لندن الشهيرة التي تحوي على كل ما يمكن ان يطلبه المرء . وهناك ابتاعت شعراً مستعاراً شبيهاً بشعرها السابق عندما كانت لينيت ماكسويل . ثم عادت الى غرفتها لتضع الشعر وتنزع العستين عن عينيها ذلك لأنها نوت مقابلة التحري الخاص الذي استخدمته قبل دخولها العيادة للاستقصاء عن بيرت . ولا فائدة من اطلاع التحري خلال ستة اسيابيع من المراقبة ان الرجل امضى ليلتين مع فتاتين مختلفتين يظهر ان علاقته بهما لا تتعدى اطار المغامرة العابرة .
في التقرير كذلك عنوان بيرت في لندن ، وهو نفسه الذي تعرفه لين ، واسم الفندق الذي ينزل فيه افراد طاقم الشركة لقربه من المطار . ولم تجد صعوبة في ايجاد غرفة مريحة مع حمام مستقل في الطابق الحادي

عشر . ولما كان امامها عشرة ايام قبل وصول بيرت حسب الجدول المعطى من التحري الخاص شرعت بالبحث عن عمل . وزارت لهذه الغاية عدة مكاتب استخدام وقابلت عدداً من الاشخاثص دون ان تحظى بمطلوبها . وأخيراً ابتسم لها الحظ وتعاقدت مع مدرسة معظم تلامذتها اولاد رجال اعمال بريطانيين وأمريكيين يعملون في سنغافورة . وبموجب العقد كان على لين تدريس الفرنسية ( التي اتقنتها في السجن ) لأربع فترات في الاسبوع بالاضافة الى الحلول مكان اي من افراد الهيئة التعليمية في حال الغياب . وجدت الفتاة هذه الوضيفة مبتغاها ومبرراً لبقائها في البلاد مع احتفاظها بأوقات فراغ كثيرة ، والأحسن من ذلك وقوع المدرسة في مكان غير بعيد عن الفندق مما يجعل مكوثها فيه شيئاً طبيعياً لايثير الشكوك . والحقيقة ان لين فوجئت بسهولة الحصول على عمل في بلاد اجنبية ، الامر الذي خشيت صعوبته عندما وضعت خططها ، ولاشك ان جمالها المكتسب بواسطة الجراحة والتجميل لعب دوره ايضاً . كيف لا وكل مدير شركة يأمل بالحصول على سكرتيرة جميلة تجلب له الزبائن ويتمتع بمغازلتها اذا استطاع !
الانتقال من مرحلة الى مرحلة كما فعلت لين ليس بالأمر اليسير بخاصة وان هذا الانتقال كان جوهرياً للغاية . فلابد ان تجد الفتاة صعوبة بأن تصبح جميلة ومحط الانظار بعد ان كانت عادية جداً .
صحيح انها عاشرت بعض الفتيان خلال فترة المراهقة ، غير ان الامر لم يتعد اطار التسلية والبحث عن المغامرة والاثارة ، فلم يبح لها احدهم بحبه ولم يعبر عن ولهه بقصيدة او بباقة زهر عطرة ... حتى بيرت الذي زعم انه مغرم بها ما عاملها يوماً كشيء ثمين يخاف عليه من التخدش ويحرص عليه كما يجب ان يحرص العاشق على حبه .
وسبب ذلك بات معلوماً بعد ان اكتشفت لين خداعه ووقعت في شرك الهيروين الذي كلفها سنوات في السجن مرمية على هامش الحياة ملفوظة من المجتمع الظالم الذي لا يرحم . اما الآن فشتّان بين ماكان وماصار ، لأن عيون الرجال اصبحت ترمقها بنهم كاد ينطق بالاعجاب دون الحاجة الى لسان ، والجميع يحاول التقرب منها وكسب ودها ، من مدير مكتب السفريات في لندن حيث ابتاعت تذكرة السفر الى الشاب الذي جاورها في الظائرة ... الى كل الرجال الاوروبيين والامريكيين الذين قابلتهم في سنغافورة حتى الآن ، ومن الطبيعبي ان الفتاة شعرت بالحرج والارتباك امام الرجال كونها ابتعدت عن مخالطة الناس مدة طويلة ، وشيئاً فشيئاً تعلمت كيف تعاملهم فاصبحت تظهر تجاه الرجال خصوصاً برودة اعصاب وتحفظاً شديداً في الأمر الذي يجعلهم غالباً يكفون عن ملاحقتها .
امضت لين ثلاثة أيام في عملها الجديد قبل ان يحل الموعد المحدد لوصول طائرة بيرت . ومع اقتراب ساعة الصفر زاد توتر الفتاة مع انها لا تنوي الاقتراب من الرجل الآن ، فمخططها مرسوم بدقة ويحتاج الى نفس طويل لينضج ويصبح بالامكان جني الثمار . لذا كان عليها اولا التعرف بالعين الى المضيفات وجعلهن يرونها ، ولا ضير من تبادل بسمات التحية معهن ، والهدف من ذلك ظهورها بمظهر النزيلة الدائمة في الفندق حتى تعتاد الفتيات على رؤيتها فيتعرفن اليها تلقائياً بعد وقت قصير فتأتي المبادرة منهن بشكل طبيعيب لا يثير الانتباه .
في اليوم المحدد تاهت لي في شوارع سنغافورة الزدحمة وهي في طريق العودة من المدرسة الى الفندق . ولم تفلح في ازالة جبل الخوف الضاغط على صدرها وهي على أهبة الشروع في رحلة الثأر المرتقبة .
فهل تستطيع ضبط اعصابها عند مشاهدة بيرت ومتابعة تمثيل الدور باجادة وبراعة ؟ الن تنهار بفعل كرهها وحقدها وتصرح له بكل شيء؟ رهان كبير لا مفر من خوضه ... جعلتها الفكرة الأخيرة تحث الخطى حتى تصل قبل افراد الطاقم وترى المضيفات وهن في ثياب العمل حتى تستطيع تمييزهن ، وبالفعل نجحت في الوصول في اللحظة الاخيرة اذ كان احد باصات المطار يتوقف امام باحة الفندق .
شحذت لين كل شجاعتها ودخلت ردهة الاستقبال حيث طلبت مفتاحها الذي اصبح معروفاً من الموظف عن ظهر قلب .
قال الشاب وهو يناولها المفتاح :
-هناك رسالة لك يا آنسة لويس .
ابتسمت لما رأت خط ناديا الذي تستطيع تمييز رداءته بسهولة فائقة .
ناديا هذه اثبتت انها اوفى انسانة تعرفت اليها لين في حياتها . فهي حاولت ثنيها عن ارتكاب اي عمل متهور ، ولكن أمام اصرار لين مدت لها يد العون وأمنت لها الحصول على جواز السفر الزور برغم خطر العودة الى السجن .
وفجأة سمعت صوتاً مألوفاً فيه الكثير من السلطة يتحدث الى موظف الاستقبال ، فلم تتجرأ على النظر الى صاحبه بل ادارت وجهها وتوجهت للجلوس على احدى الكنبات . فتحت الرسالة ، متظاهرة بقراءة محتواها باهتمام ، واخذت تراقب المضيفات بثيابهن الكحلية والمختلفة عن تلك المعتمدة أيام عملها في الشركة .

بذلت لين المستطاع لتبقي عينيها على المضيفات غير انها لم تقوَ على عدم النظر ناحية بيرت المنهمك بتعبئة الاوراق على المكتب . وفجأة التفت ليتحدث الى مساعده فرأت جانباً من وجهه وعادت بسرعة الى رسالتها ودقات قلبها المتسارعة تكاد تسمع حتى البعيد . كانت تلك اللمحة كافية لتلحظ ان شيئاً ما في ملامحه يختلف دون ان تستطيع تحديده ، لذا صارعليها ان تتفحصه عن قرب لتكتشف ماهو .
بعد ان استلم افراد الطاقم مفاتيح الغرف اتجهوا بحقائبهم الى المصاعد ، في حين تفرست لين بالمضيفات الست حتى تتأكد من انها الفت وجههن تماماً . ولاحظت الفتاة ان عين أحد المضيفين وقعت عليها ورمقتها بنظرة اعجاب ، فلم تبدِ اهتماماً وركزت على رسالة ناديا لأنها لا تنوي مطلقاً ايقاع أحد غير بيرت في شباكها القاتلة .
صعد الجميع في مصعد واحد كبير توقف اولا في الطبقة السابعة ثم في الطبقة الثانية عشرة ، وهذا يعني ان الطيار ومساعده ومهندس الطيران ينزلون في الطبقة السابعة تاركين للافراد الباقين الطبقة العليا .
جلست لين بعد انصرافهم تلملم شتات اعصابها بصدمة مشاهدة بيرت بعد طول غياب ، وتمنت في تلك اللحظات لو أنها استخدمت تحرياً خاصاً لهذه المهمة الشاقة ، بيد انها استطاعت الى حد ما اجتياز الامتحان الأول دون ارتكاب حماقة وان يكن قلبها ما زال بحاجة الى بعض الوقت ليعود الى نبضه الطبيعي . والله وحده يعلم ما اعتمل في نفسها لدى رؤية الرجل : الحقد ، الألم ، الذكريات الحالمة ... كل هذه المشاعر تلاطمت كالامواج في داخلها وافقدتها صفاء الذهن ونقاء البصيرة .
نهضت لين وساقاها ترتجفان ، ومشت نحو المصعد ممسكة بالرسالة التي لولاها لما استطاعت تجاوز التجربة الصعبة ، وكأن عون ناديا مايزال يؤتي مفعوله هنا على بعد آلاف الاميال من لندن ... في غرفتها كان السرير ملاذاً فاغمضت عينيها وغطت في نوم عميق .
لم تشاهد لين أياً من افراد الطاقم الا بعد ظهر اليوم التالي . فهي عادت من المدرسة لتتناول طعام الغذاء في مطعم الفندق حيث جلست مضيفتان الى مائدة قريبة منها . وتدبرت لين الامر حتى تنهي الطعام معهما فوقفت وراءهما تماماً في الصف لدفع الحساب ، وبذكاء اوقعت الفاتورة قرب ساق احداهما فالتطقتها قائلة :
-عفواً .
ابتسمت الفتاة وسألتها :
-هل انت بريطانية ؟
بادلتها لين الابتسامة واجابت :
-نعم كيف عرفت ذلك ؟
ضحكت المضيفة وأوضحت :
-في عملنا نعتاد على معرفة جنسيات الناس من لهجاتهم أو من ملامحهم.
سددت لين ماعليه ثمناً للطعام في حين مشت المضيفتان صوب المصاعد . ولما خرجت من المطعم كانت الفتاتان بانتظار المصعد ، ترددت لين قليلاً قبل ان تقرر عدم الالحاح وذهبت الى مكتبة الفندق لشراء بعض المجلات المسلية .
في اليوم التالي تدبرت الأمر لتتواجد في المصعد مع مضيفة أخرى ، كما تبادلت التحية مع المضيفتين السابقتين مسرورة بسير الخطة كما رسمتها . في المساء جلست في البهو تتصفح مجلة حين شاهدت جميع افراد الطاقم بثياب السهرة الانيقة يهمون بالخروج معاً. واتيح لها ان تراقب بيرت اكثر بدون ان تنجح في اكتشاف ما بدا لها مختلفاً فيه .
وضع الرجل ذراعه حوا خصر احدى المضيفات وثغره مفتر عن اسنان لؤلؤية تساعدها النظرة الحنونة على سحر الفتاة كما حصل للين تماماً في ذلك العهد الخلي. أثار ذلك في نفسها حنيناً وشوقاً الى الحب الدافيء وحسدت المضيفة على ماتنعم به اذا كان ذلك حقيقة ، ولكنها مالبثت ان احست بالخوف يتسلل الى اعماقها ... خوف على الفتاة المسكينة من ان يكون بيرت اوقعها في الشرك ليستعملها اداة لاخفاء المخدرات كلما رأى الخطر يدنو منه . وزادها ذلك تصميماً على انهاء الخطة رحمة بهذه الفتاة وبغيرها .
عاد افراد الطاقم الى لندن في الصباح التالي فاستطاعت لين العودة الى نفسها لتقيم جردة حساب بما فعلت حتى الآن ، وتقرر الخطوات المناسبة للرحلة المقبلة على امل ان يتألف الطاقم من الاشخاص انفسهم وبخاصة الفتاتان التي استطاعت استرعاء انتباههما والتحدث اليهما . وبانتظار مجيء بيرت وصحبه ثبتت قدميها في وظيفتها كمدرسة ، وامضت اوقات فراغها في المدينة المزدحمة كخلية نحل ، وفي الحديقة القريبة من الفندق حيث اعتادت على الجلوس للتمتع بالهواء النقي والشمس الساطعة ، متعلمة من العصافير الفرحة ان الحرية كنز لا يقدر بثمن .
في الموعد المحدد جلست فتاتنا في البهو تراقب افراد الطاقم يدخلون الفندق ، وسرت لما رأت ان احداً لم يتغير وان طريقة تحدثهم مع

بعضهم تدل على انهم اعتادوا السفر معاً واصبحوا اصدقاء . يبقى انها تأمل ان يكونوا ودودين ويقبلوا صداقة فتاة جديدة من خارج الشلة . ولم يخب أمل لين ففي العشية نفسها التقت بالمضيفة التي تحدثت اليها في المطعم واتفقتا على تناول العشاء الى طاولة واحدة . بدا ان جولي كونورز ، وهو اسم المضيفة ، فتاة مرحة تحب الناس اذ سرعان ما انسجمت مع جليستها في حديث طويل متنوع المواضيع . سألتها لين :
-كم مضى كليك في هذه المهنة ؟
-سنة ونصف .
جواب اعجب لين لانها تفضل ان تكون الفتاة التي ستستعملها للوصول الى بيرت حديثة العهد في الشركة لم تسمع بما حصل للمضيفة لين ماكسويل .
لم تخبر لين ، التي قدمت نفسها تحت اسم نيتا لويس ، جوليا بالشيء الكثير عن حياتها . فاكتفت بالقول انها لم تكن تملك مالا كثيراً فاضطرت للسفر حتى تجد وظيفة لائقة تمكنها من بناء مستقبل ناجح ، وافهمت المضيفة انها انها تمارس مهنة التعليم منذ زمن طويل قبل مجيئها الى سنغافورة .
-اتعملين دوماً في هذا الخط يا جوليا ؟
-معظم الاحيان ، فافراد الطاقم لطفاء أحب العمل معهم والبلاد جميلة تستحق الزيارة .
وأخيراً طرقت لين بيت القصيد :
-افهم من كلامك ان الطيار ليس من النوع العابس ؟
-بيرت شخص رائع ، فهو جدي وقت الطيران ومرح كثيراً عندما نخرج سوياً.
-بالطبع هو مغرم باحدى المضيفات .
-انت مخطئة يا نيتا ، فمن مبادئ بيرت الا يقيم علاقة مع فتيات الشركة.
هزت جوليا كتفيها وأضافت :
-ليس سبب ذلك انه متزوج او مغرم بل يفضل معاشرة النساء البعيدات عن جو العمل ، وثقي انه لا يجد صعوبة في العثور عليهن .
نظرت لين الى المضيفة وعلقت :
-طياركم زير نساء إذن !
ضحكت جوليا ثائلة :
-لن تستغربي عند رؤيته ، فهو شاب في الثلاثة والثلاثين ، طويل القامة ، اسمر البشرة ، أزرق العنين . باختصار وسامته تجعله فارس احلام كل فتاة ، ولا اخالك الا واحدة منهن .
-لا ، لقد منحت نفسي فترة للراحة والتأمل بعيداً عن عالم الرجال ، ولم يثنيني عن عزمي بيرت هذا أو غيره .
تحول الحديث بعدئذ الى مناقشة مواضيع الازياء والسينما حتى بدأت جوليا بالتثاؤب من تعب الرحلة الطويلة .
-قررنا الذهاب غداً بالباص الى وسط المدينة للتسوق ، فما رأيك في مرافقتنا ؟
وافقت لين على الاقتراح بسرور :
-يسعدني ذلك .
اتفقت الفتاتان على اللقاء في الثانية من بعد ظهر اليوم التالي قبل ان تصعد كل منهما الى غرفتها . ارتاحت لين للتقدم الذي حققته خطتها حتى الآن على أمل ان تصل الى الغاية المشودة .
وافت لين المضيفات الأربع في الموعد المحدد وقدمتها جوليا الى رفيقاتها الثلاث كالمدرسة نيتا لويس . في السوق الكبير الزاخر بالحلات التجارية على انواعها امضت الفتيات ساعات ممتعة في التفرج على الواجهات بحثاً عما يناسب الذوق والجيب . بعد ذلك جلسن يحتسين الشاي الانكليزي الاصيل في فندق رافلز ذي الاجواء البريطانية .
حاولت لين خلال هذا الوقت التصرف بشكل طبيعي لئلا تقودها زلة لسان الى مأزق يهدم مابنته بدقة وصعوبة . وكان عليها بشكل خاص الا تفضح اي شيء يتعلق بماضيها ، وهذا الأمر من الصعوبة بمكان كونها مضيفة سابقة تجالس أربع مضيفات تستهلك مشاكل الطيران والمسافرين معظم احاديثهن . فكيف لها ان تدعي الجهل في هذا الميدان الذي غابت عنه طويلا لتجد نفسها غارقة فيه من جديد وكأن السنوات الثلاث لم تكن ... لحسن الحظ صدف ان للفتيات اهتمامات مشتركة الامر الذي اتاح للين تغيير موضوع الطيران لأن الخوض فيه بالنسبة اليها حقل الغام . وهكذا جاءت نزهة السوق هذه نجاحاً جديداً وخطوة اساسية على درب الوصول الى بيرت داين ، فأي مهلومات عن الاشخاص المحيطين به قد تكون مفيدة في هذا المجال . علمت مثلا ان اثنتين من المضيفات على علاقة مع طيارين من شركة أخرى ولا تخرجان مع سائر افراد الطاقم الا في مناسبات خاصة جداً . لذا صار بوسع لين اسقاطهما من حسابها لأنهما لن تفيداها بشيء . كما اطلعت
على المسار الكامل للرحلة ، فبعد ثلاثة أيام في سنغافورة يستقل الطاقم الطائرة الى جاكرتا عاصمة اندونيسيا ، ومنها الى بالي حيث يبيتون ليلتهم قبل ان يعودوا الى سنغافورة لاثنين وسبعين ساعة جديدة تسبق رحلة الاياب الى لندن .
انحشرت الفتيات في سيارة تاكسي عادت بهن الى الفندق . وفي البهو علا صخبهن وهن يتقاسمن العلب المشتنراة من السوق حين اقترب منهن رجلان . رفعت لين عينيها لترى نفسها وجهاً لوجه مع بيرت راين فتهربت من نظراته متحدثة الى جوليا .
تكلم الشاب الثاني الذي لم يكن سوى احد افراد الطاقم :
-بالله عليكن ! ماذا تفعلن بكل هذه الملابس ؟ لابد ان لديكن متاجر في انكلترا لتستوعب كل ماتشترونه هنا .
تولت جوليا الدفاع عن رفيقاتها :
-لاتقلق فنحن نعي مانفعل .
مشت جوليا نحو المصعد وتبعتها لين التي حاولت التركيز على الثياب المشتراة هرباً من بيرت لكن الفتاتين توقفتا حيءن قال بيرت لجوليا :
-يبدو انك وجدنت صديقة جديدة .
استدارت المضيفة وقالت معتذرة :
-نسيت ان اعرفكما بنيتا لويس . نيتا ، هذا طيارنا بيرت داين ومهندس الطيران جون ريز .
وجدت لين نفسها أمام عيني بيرت الفضوليتين ترمقانها بنظرات الاعجاب والتفحص ، فابتسمت له ولرفيقه الأكبر سناً بسرعة وقالت :
-تشرفت بمعرفتكما .
لمحت الفتاة من الفاجأة في عيني بيرت الذي مالبث ان تقدم منها مقترحاً:
-اسمحي لي بمساعدتك في حمل كل هذه الاغراض .
رفضت الفتاة عرضه بتهذيب :
-شكراً ، استطيع تدبر الامر وحدي .
ومن جديد مرت الدهشة في عيني الرجل الذي سأل :
-أظن لاني رأيتك قبل الآن . في أي شركة طيران تعملين ؟
-أنا لست مضيفة يا سيد داين بل أقطن هنا في سنغافورة .
وصل المصعد فدخله الجميع وقالت جوليا :
-ماهي مشاريعك المسائية يا نيتا ؟ نحن سنسهر في النادي الليلي التابع للفندق ونرحب بوجودك معنا .
وافقت لين بعد تردد مزعوم :
-لايسعني الا الموافقة على اقتراحك .
بلغ المصعد الطبقة السابعة فتوجه بيرت وجون الى غرفتيهما بعد كلمات الوداع التقليدية بعد ان اكد بيرت :
-سوف نراك في المساء اذن يا آنسة لويس .
وما ان اغق الباب حتى انفجرت المضيفات الاربع ضاحكات .
وقالت جوليا :
-لم يستطع بيرت إخفاء اعجابه هذه المرة، لقد استطعت ببرودك اثارة اهتمامه يا نيتا .
اعترضت لين متظاهرة بأن كرامتها مست :
-من أين تأتين بهذه الافكار ؟
-كنت واثقة من ان بيرت سيحاول شيئاً ما عندما يشاهدك ويتعرف اليك.
-جوليا ! سبق وبلغتك اني اقفلت قلبي حتى اشعار آخر.
على هذا علقت احدى الفتيات :
-كلامك نظري بحت لأنني لا اتصور امرأة في العالم تقوى على صد بيرت اذا عقد العزم على غزو قلبها .
تولت جوليا التعقيب على قول زميلتها :
-فلنأمل ان تستطيع نيتا تحطيم غرور طيارنا وخرق جدار تعجرفه .
وفيما همت لين بالخروج من المصعد لتتوجه الى غرفتها سمعت احداهن تقول :
-لا أظن ان املك هذا يا جوليا قابل للتحقيق .
صرفت لين وقتاً طويلا في انتقاء الملابس المناسبة للسهرة مع بيرت وصحبه ، كما استعملت احسن ادوات الزينة للتبرج ، وهو فن تعلمت اصوله على يد ناديا كليرمونت . وأخيراً وقفت تنظر الى نفسها في المرآة حيث انعكست صورة ثوبها الأخضر الناعم ذي القبة المفتوحة العريضة حتى الصدر . اعجبت لين بمظهرها الرفيع الذي زاده ارستقراطية الشعر المرفوع عن الجبين الناصع .
لم تنزل لين الا بعد نصف ساعة من الموعد المضروب وذلك لأن التأخر دليل أهمية ولجعل بيرت يتحرق للقائها . دخلت النادي الليلي وشعرها الذهبي يلمع كهالة سحرية تحت الاضواء المتلألئة المتراقصة على الجدران وعلى أرض باحة الرقص . أومأت لها جوليا بيدها فاتجهت نحو الطاولة حيث جلس معظم افراد طاقم الطائرة . وما ان

بلغتهم حتى نهض الرجال الخمسة لتحيتها واشار بيرت الى كرسي لتجلس الى جانبه . بعد تعريف لين الى مياعد الطيار والمضيفين الآخرين قال بيرت :
-ارجو ان تستمتعي بوقتك معنا .
بعد ذلك غرقت لين في حديث طويل مع الفتاة الجالسة الى جانبها حتى كادت تنسى بيرت لا بل ادارت له ظهرها . وانتظر الرجل الفرصة المناسبة لاسترعاء انتباهها وبدء محادثة معها .
-قيل لي انك تعلمين مدرسة هنا .
-هذا صحيح يا سيد داين فأنا ادرس الفرنسية .
-كم مضى عليك في هذه البلاد ؟
-بضعة اسابيع فقط .
كلما تكلمت لين كانت تلاحظ ان امراً يحير بيرت وكأنه يعرف هذا الصوت . في هذا الوقت بدأت الفرقة بعزف موسيقى ناعمة فوضع الرجل يده على يدها مقترحاً:
-اتسمحين لي بهذه الرقصة ؟
احست لين بالحقد يملأ قلبها عندما لامسها بيرت واستطاعت الرفض بهدوء :
-لنرجئ ذلك الآن .
وانشغلت بالتحدث الى جوليا تاركة الرجل خائباً . وشيئاً فشيئاً بدأ الجالسون ينهضون الى الحلبة فخشيت لين ان ينهض الجميع وتبقى وحيدة مع غريمها ، غير ان هذا لم يحصل لحس الحظ.
لبت لين دعوة للرقص مع احد المضيفين ، وكان وسيماً لطيفاً لكنها رفضت بحزم دعوة للخروج معه مساء اليوم التالي . وعندما انتهت الرقصة وعادا الى المائدة قال المضيف لبيرت :
-ها أنا اعيدها اليك يا كابتن .
علت الحمرة وجنتي لين وشعرت بارتباك لم يخرجها منه سوى تدخل جوليا المتفهمة وفتحها موضوع حديث جديداً.
راقصت لين الرجال الاربعة باستثناء بيرت الذي كرر الدعوة فلم تستطع رفضها تهذيباً بخاصة وان الامر سهل نسبياً كون الرقصة سريعة الايقاع لا تضطرها الى الالتصاق به . انتهت الموسيقى فتنفست لين الصعداء . واستعدت للعودة الى مكانها لكن بيرت شدها اليه لرقصة بطيئة ناعمة هذه المرة . تجمدت الفتاة بين ذراعيه فتولى قيادة الرقص واضعاً يداً في يدها والاخرى حول خصرها، فأحست انها ستصاب بالاغماء وهي تدفع الذكريات في مخيلتها ، وراحت ترتجف وترتعش حتى انها لم تسمع ما قاله بيرت فاستوضحت :
-آسفة يا سيد داين . لم اسمع ما قلت .
علق الرجل ساخراً :
-لماذا تتصرفين معي بشيء من التحفظ يا آنسة لويس ؟
-رأيت انه من التهذيب واللياقة عدم مناداتك باسمك منذ اللقاء الاول .
ازاء عبوسه اضافت :
-يبدو انك لا توافق على رأيي .
تردد بيرت طويلا ثم قال :
-هناك شيء يثير الحيرة في نفسي فانا واثق من اني سمعت صوتك قبل الآن .

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 21-08-08, 05:15 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 81997
المشاركات: 198
الجنس أنثى
معدل التقييم: الماسه نجد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 48

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الماسه نجد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

تسلمين مايا ننتظر التكمله على احر من الجمر لاتطولين علينا 00000

 
 

 

عرض البوم صور الماسه نجد   رد مع اقتباس
قديم 21-08-08, 07:52 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28586
المشاركات: 174
الجنس أنثى
معدل التقييم: hoor عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 35

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
hoor غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

:rdd15gx7:
تسلمين على هذه الرواية الجميلة التي ما قرأتها من قبل وانتظر التكملة على أجر المن الجمر
والله يعطيك العافية

 
 

 

عرض البوم صور hoor   رد مع اقتباس
قديم 22-08-08, 06:51 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

يسلمـــــــــــــــــــــــــوووووووووو

لكــــــــل اللي ردوا



-هل فشلت الخطة ؟


تجمد الدم في عروق لين فهي حسبت حساب كل شيء الا صوتها ، طلبت من ربها ان يساعدها ولا يدع بيرت يتعرف اليها من خلاله . ما العمل الآن اذ لاسبيل الى تبديل الصوت ؟ وبيأس حاولت ان تسأل بنبرة طبيعية :
-أليست هذه طريقة لتقول انك رأيتني قبل الآن ؟ لكنك طرحت علي هذا السؤال واجبتك بالنفي .
رمقها الرجل بنظرة قاسية وقال :
-لا أعلم لماذا تعاملينني بهذه الطريقة !
بنبرة خافتة اوضحت الفتاة :
-سمعتك هي السبب يا كابتن داين ، فانا اخشى الاقتراب من الذئاب .
-اتخافين على نفسك من الالتهام ؟
-ما رأيك بالعودة الى بقية الجالسين ؟
عاد الاثنان الى الطاولة ونظرات الجميع منصبة عليهما بفضول .
ازاء ذلك بذلت لين المستطاع لتخفي مشاعرها وتتابع السهرة بهدوء اما بيرت فجلس يشعل السيكارة تلو الأخرى .
لم تنته السهرة الا حوالي الواحدة فجراً ، وعادت لين الى غرفتها منهوكة القوى فارتمت على سريرها وغفت قبل ان يتاح لها خلع كل ملابسها .
لم تفق الفتاة باكراً في الصباح التالي لأنه يوم عطلة ، ولولا رنين الهاتف لاستمرت مستلقية في فراشها حتى الظهر . هبت من سريرها مذعورة لتذكرها أيام السجن حيث كان الجرس جزءاً اساسياً من الحياة اليومية . التقطت السماعة وقالت :
-نعم .
على الخط الآخر كان صوت بيرت :
-انا الذئب الكاسر .
-آه ، هذا انت .
-ما رأيك بتمضية يوم كامل معي على متن زورق شراعي صغير ؟
أجابت الفتاة باختصار :
-رأيي مخالف لرأيك .
تابع بيرت باصرار :
-فلننضم اذن الى بقية افراد الطاقم لممارسة كرة المضرب والسباحة في النادي الرياضي .
فكرت لين في الأمر وسألت :
-هل سيكون الجميع هناك ؟
-نعم .
-سأفكر في الامر .
قال بيرت ضاحكاً :
-يالك من فتاة ماكرة ! رقم غرفة جوليا 1229 ، لتصلي بها واسأليها . سأكون في البهو بعد حوالي الساعة .
اتصلت لين بجوليا التي قالت بمرح :
-لقد تلقينا امراً من بيرت بوجوب بعب كرة المضرب اليوم . ماذا فعلت به يا نيتا فهو لا يتصرف هكذا عادة ويقترح برامج للتسلية ؟ لابد انه فهم تحديك وماض في اللعبة .
-لكني لم اظهر تجاهه اي تحدٍ.
-الا تعتبرين رفضك مراقصته تحدياً ؟ وكذلك عودتك من الحلبة في منتصف الرقصة . بيرت داين لم يلقَ هكذا معاملة من اي فتاة غيرك ، لذا ستكون المواجهة بينكما عنيفة .
لحظت لين نبرة هازئة في كلام جوليا وكأن هذه الأخيرة خبرت طباع بيرت عن كثب في مغامرة عاطفية فاشلة ، لذلك اكدت لها مرة جديدة :
-صدقيني اني مصممة على عدم التورط مع بيرت أو مع غيره .
-ألن تأتي معنا الى النادي اذن؟
-سآتي لأني لا استسيغ الوحدة في هذا المكان .
كانوا ثمانية توجهوا بسيارتي اجرة الى النادي ، وحرصت لين على الا تصعد في السيارة نفسها مع بيرت . لما وصلوا وجدت لين ان كرم الرجل لم يقتصر على استئجار ملعب كرة المضرب بل جاوزه الى حد استئجار غرفة لابدال الملابس والاستحمام .
وخلال اللعب استعملت لين المهارات التي اكتسبتها ايام المدرسة وان يكن ذلك لم يمنع خسارتها في مبارة الزوجي المختلط التي لعبتها مع أحد المضيفين ضد جوليا وجون ريز . بعد ذلك جلست في ظل احدى شجرات النخيل تشاهد بيرت يلعب بمهارة وقوة وكأنه لم يفقد شيئاً من لياقته في السنوات الثلاث المنصرمة . وكيف يفقدها وهو يتمرن باستمرار ويعيش حيلة مريحة حلوة ؟ اما الري الجديد في حياته فسمعته

كزير نساء يتنقل من واحدة الى اخرى ، وهي لم تعهده كذلك من قبل بل على العكس كان معروفاً بصرامته وجديته .
أنهى بيرت مباراته فالتقط منشفة يمسح بها عرقه وتوجه الى بقية الجالسين وامام عيني لين شرب ماءاً بارداً وحبيبات العرق تلمع على جبينه وذراعيه القويتين وصدره العريض . لمح الشاب الفتاة تنظر اليه فابتسم بدهاء وكأنه يعلم مافي نفسها . اجفلت لين من نظرته وادركت فجأة ان ماوجدته مختلفاً فيه هو هذه النظرة النتهكمية . صفة لم يكن يملكها من قبل أو لم ترها لين لأن الحب اعمى بصيرتها ، أما الآن فالكره صار يريها اشياء جديدة ويفتح عينيها على نواقص خفية .
تمدد بيرت على العشب بجانبها وسأل :
-اترغبين بلعب مباراة اخرى ؟
أومأت الفتاة بالنفي :
-مباراة واحدة تكفي في هذا الحر لقاتل .
-اذ كنت تبحثين عن الطراوة فنزهة معي في حدائق النادي هي الجواب.
-لا شكراً ، انا مرتاحة هنا .
بثقة وعزم اكد بيرت :
-يوماً ما ستتحول "لاؤك" الى نعم .
-أشك في ذلك .
لم يعلق بيرت على ذلك قولا بل فعلا ، فامسك بيدها واخذ يداعب اناملها الطرية ، وحين حاولت الافلات من قبضته رفع يدها الى فمه وقبلها بنعومة ثم قال :
-لا تحاولي تجاهلي يا نيتا ، فكلانا يعلم ان الاعجاب بيننا متبادل .
رمقته بنظرة حائرة فلم يستطع تمالك نفسه من الضحك متمتعاً بسيطرته عليها وامساكه بزمام التلاعب بمشاعرها .
ارتدى الجميع ملابس السباحة للانتعاش بمياه الحوض . وكانت لين الوحيدة بين الفتيات التي ارتدت لباس بحر محتشماً جداً ، كما كانت الوحيدة التي رفضت السباحة خوفاً من وقوع العدستين اللاصقتين من عينيها . فتمددت قرب الحوض تحت الشمس اللاهبة تزيد بشرتها سمرة ذهبية .
وماهي الا دقائق حتى خرج بيرت من الماء تسقط عليها حتى نظرت اليه وعلامات الانزعاج التي تعلو وجهها جعلته يضحك .
-لماذا لا تسبحين قليلا بدل النوم على حافة الحوض يا حلوتي ؟
لم تجد الفتاة جواباً سوى تلفيق اكذوبة :
-لأنني لا أجيد السباحة .
-سأهععلمك أصولها في دقائق .
رفعت لين حاجبيها علامة الرفض .
-الا تثقين بي البتة ؟
-أحسنت .
-انت مخطئة بحقي يا نيتا ، فمعي ستشعرين بالامان والاطمئنان .
علمت لين من نعومة نبرته انه لا يعني السباحة بل شيئاً مغايراً تماماً. وبعد ثوان قالت وكأنها لم تفهم قصده :
-لا أود ازعاجك بتعليمي السباحة .
-لا ازعاج مطلقاً فأنا واثق من انك تلميذة ذكية ومتجاوبة .
-دروسك لن تنفع مادمت ستقطعها بسبب رحلاتك .
ليس بيرت من النوع الذي يستسلم بسهولة فهو يجد لكل حجة رداً:
-اذا كنت لا تقدرين على انتظاري فباستطاعتك تكرار ما القنك اياه خلال وجودي هنا ، وهكذا تجدين مايشغلك اثناء غيابي .
-قلت لك اني لا اجيد السباحة ولا ابغي تعلمها .
إثر ذلك دارت وجهها الى ناحية اخرى فتركها الرجل وعاد الى المياه .
لم يسمع بيرت غير كلمة "لا" من لين جواباً على دعواته المختلفة فهي رفضت دعوة العشاء في المساء نفسه ، ودعوة الى نزهة صباحية في حدائق مدينة بازير بانجانغ ، كما ردت بشكل قاطع اقتراحاً بالسفر الى جزيرة بالي لتمضية يومين مع افراد الطاقم والعودة الى سنغافورة .
رافقت لين جوليا والباقين الى المطار وهي تتساءل متى سيتاح لها وضع الهيروين في حقيبة بيرت . وهذا الامر لن يحصل بسرعة بالطبع ، فهي خطوة خطيرة تحتاج الى الكثير من الدقة والعناية .
وماذهابها الى المطار سوى جزء من التحضير للضربة الكبرى .
تمنت لين للجميع سفرة ممتعة تحت انظار بيرت الغاضبة والتي لا صعوبة في ادراك مغزاها كونه لم يتوصل معها الى شيء مرض حتى الآن . وكان توجهها الى المطار فرصة للتعرف على المضيف الأول طوني ترانت الذي لم تره من قبل لارتباطاته الكثيرة ، وألفته شاباً وسيماً مرحاً لا يكف عن ممازحة زملائه واضفاء البهجة على جو العمل .
عادت لين الى الفندق حيث استلمت باقة كبيرة من الازهار علمت من ارسلها دونما حاجة لقراءة البطاقة . فهي محاولة جديدة من بيرت لكسب ودها ، ولين لا تمانع في ذلك لأن التقرب منه هدف مجيئها الى هذه البلاد ، لكنها لم تقرر بعد متى توهمه بأنها وقعت في هيامه . فهذا الامر
يتطلب اخراجاً ناجحاً حتى يصل بيرت معها الى نقطة اللاعودة . ثم تسهل معرفة نشاطاته ، فإذا كان يمارس التهريب ابلغت عنه ، واذغ انقطع عن ذلك دست له مايكفي لجعله يمضي " اجازة " طويلة في السجن .
والخطة التي رسمتها في لندن تقضي بمماشاة طباع بيرت أي التروي في بناء العلاقات العاطفية وعدم الانسياق وراء الغرائز ، وهو مبدأ لطالما شدد عليه عندما كانت الاحوال بينهما على خير مايرام ، غير انه صار الآن مختلفاً فهو يصر ويلح ويستعجل الامور ليحقق مبتغاه ، لذا اصبحت لين خائفة من انها ستخسره وتجعله ينفر منها اذا استمرت في صده ورفض اغراءاته . ومن جهة اخرى فهي ليست على استعداد للاستجابة لمطالبه ، فاذا قبلت بمجرد الخروج معه سيجر ذلك التنازل تلو الاخر حتى ينتهي بها الأمر في احضانه ، وهي معاناة أين منها عذابها في السجن . فلين لا تتصور نفسها مستسلمة لهذا الرجل الذي تكن له حقداً لا يوصف ، وآثاراصابعه لما لامست يدها وبصمات شفتيه لما حرقت اناملها ماتزال تثير في نفسها السخط حتى الآن ، فكيف تمنحه كل شيء ؟ لا! هذا التصور رابع المستحيلات ... فالافضل الآن ابقاء الامور على ماهي وانتظار خطوات بيرت . وما ارسال الزهور بعد الخيبة سوى دليل قوي على انه لم يستسلم بعد وينوي الاستمرار في ملاحقتها ، وهي مستعدة لذلك معتمدة على حدسها مرشداً يدلها على الطريق الواجب سلوكه .
منتديات ليلاس
تلقت لين زهوراً جديدة في اليوم التالي وكأن بيرت يريد اشعارها بأنه ليس غائباً ورعايته لها مستمرة . وفي المساء اتصل بها هاتفياً فور وصوله الى مطار سنغافورة عائداً من بالي ، ورفضت لين دعوة لتناول العشاء في احد المطاعم الفخمة لارتباطها بموعد آخر .
وهي بالفعل مدعوة الى حفل صغير في منزل احد منزل احد زملائها المدرسين ، غير انها لم تقل ذلك لبيرت حتى يظنها خارجة مع احد الشبان المعجبين .
لا شك في ان بيرت رجل عنيد جداً ، فلما عادت لين من سهرتها ووجدته ينتظرها في بهو الفندق .
-مساء الخير يا نيتا . هلمي نشرب شيئاً قبل النوم .
ازاء ترددها اضاف متهكماً :
-لا تخافي فهناك الكثيرون في المطعم ولن استطيع افتراسك بوجودهم .
-حسناً.
وضع بيرت يده في يدها وتوجها الى طاولة شاغرة حيث طلب كوبين من عصير البرتقال بعد ان اشعل سيكارته التي لا تفارقه .
-هل كانت سهرتك ممتعة ؟
اجابت لين بكل لياقة :
-نعم ، شكراً.
بدا الانزعاج واضحاً على بيرت من هذا الجدار الجليدي الذي تحيط لين به نفسها . فهو لم يتمكن حتى الآن من اختراقه والنفاذ الى قلبها . ومع ذلك ظل يحادثها مستعملاً كل قدرته الترغيبية لجذبها وضمها الى قافلة انجازاته . جلست لين حيال ذلك كمتفرج يشاهد مسرحية لا تعنيه الا عند الحاجة . فتضخك عند اللزوم وتبتسم حيث تدعو الحاجة ... اقترح بيرت الخروج للتنزه في الحدائق بعد ان افرغا كوبيهما ، وقرات لين بريق النصر يلوح في ناظريه عندما وافقت على الفكرة .
وقف الشاب والفتاة في باحة واسعة على طرف الحديقة ونظرا الى الاضواء المتلألئة في المرفأ حيث ارتفعت صواري السفن الضخمة وحيث مضت انوار عربات التلفريك المتنقلة في الهواء بين جبل فابر وجزيرة سنتوزا .
-هل جربت الصعود في التلفريك ؟
أجابت لين :
-لا ولكنني انوي ذلك قريلاً برفقة جوليا والفتيات .
-ولماذا لا تذهبين معي ؟
طوق خصرها بذراعه فالتفتت اليه لتواجهه ثم اضاف وعيناه تشعان رغبة وحرارة :
-انت جميلة يا نيتا ، انت رائعة الجمال . لكن تصرفك الغامض يثير جنوني . لا تفعلي ذلك بعد الآن ، لا تحاولي اغاظتي . وأنا واثق من أننا سنمضي اوقاتاً ممتعة معاً.
ارتعدت من الذكرى التي حركت الجرح العميق في نفسها . بيد ان بيرت فهم الارتجاف على طريقته فمضى في اللعبة ولم يتوقف الا عندما لاحظ عدم تجاوبها وكأنه يضم بين يديه تمثالاا من الشمع .
رفعت الفتاة رأسها وقالت بصوت جليدي :
-انت مخطئ يا بيرت . أنا لا احاول اغاظتك لمجرد اللعب والتسلية . لقد رفضتك ولا رجوع عن رفضي ، فانا لن ادخل حياتك ابداً! اتظن ان بزتك الانيقة ووسامتك تكفيان لجعلي استسلم لاغوائك ؟ لا يا عزيزي لن
تنجح في ضمي الى قائمة ضحاياك فأنا املك من الصلابة مايقاوم الاعصار !
تحررت من عناقه وقفلت عائدة الى الفندق تاركة اياه يحدق فيها مشدوهاً لايدري مايقول أو يفعل .
امضت لين الصباح في غرفتها ولم تخرج الا بعد الظهر الى السوق برفقة جوليا . وهناك سألتها المضيفة :
-ماذا حصل بينك وبين بيرت في الأمس ؟ فهو بدا في مزاج معكر اليوم ولم يوفر احداً من سخطه متهماً ايانا بطعنه في الظهر وتشويه سمعته امام الناس .
-كل ما حصل اني افهمته موقفي وعدم اكتراثي له .
لم ترض جوليا بهذا التفسير المقتضب فاضطرت لين الى اعطائها كل التفاصيل .
-آسفة اني كنت سبب الشجاربينكم وبينه يا جوليا .
-لا حاجة للأسف فأنا اتمتع كثيراً بما يجري واتحرق الآن لمعرفة ماسيفعله بيرت بعد الصدمة التي اصابته للمرة الاولى في حياته .
شاطرتها لين هذا الشعور بدون ان تفصح عنه لكنها لم ترَ لبيرت وجهاً في ذلك المساء ولا في اليوم الذي تلا فخشيت ان يكون قد افلت من يديها لأنها تمادت في صده ، وفي اليوم الثالث والأخير قبل العودة الى لندن التقى الجميع مرة جديدة في النادي للعب كرة المضرب ، اكتفى بيرت بتحيتها دون ان يحاول التحدث اليها في حين تصرف الآخرون بشكل طبيعي . غير ان الجو كان محوناً والتوتر يسود تصرفات الجميع .
اتى وقت السباحة فجلست لين كالعادة على حافة الحوض الى ان غلبها الحر فدخلت الغرفة للاستحمام بمياه باردة ترطب بها جسمها .
وما ان انتهت من ذلك وهي لم ترتدِ بعد ثيابها ، حتى سمعت باب الغرفة يفتح فسترت نفسها بمنشفة تحسباً متوقعة دخول جوليا .
التفتت لتجد بيرت واقفاً في وسط الغرفة ونقاط الماء تسقط من جسمه العريض المفتول العضلات . وعلى الفور صاحت لين وهي تشد المنشفة اكثر :
-الم تتعلم طرق الابواب قبل دخولها ؟
-اعتذر جئت لآخذ منشفة جوليا .
صفق الباب وراءه مجيلا نظره في الغرفة وسأل :
-اين منشفتها ؟
-تلك الزرقاء الموضوعة على الطاولة ، خذها واخرج من هنا!
-لن اخرج قبل ان انهي ماجئت من اجله .
اقترب منها والغضب يتطاير من عينيه شرراً فادارت لين ظهرها وقلبها يقرع كالطبل من هول اللحظات الآتية .
-نيتا .
شعرت لين بلهاثه يلفح شعرها وحرارة جسمه تقترب منها الى ان وضع يديه على كتفيها فصاحت :
-لا!
وكانت صيحة في وادٍ اذ اكمل بيرت قائلاً:
-حبيبتي نيتا! لو تعلمين مقدار رغبتي وشغفي بك!
تابعت الفتاة المقاومة عبثاً فهمس بصوت متهدج :
-لا تزعمي المقاومة فانت تبادلينني الشعور عينه .
-دعني وشأني !
قال لين ذلك برعب وحقد ظاهرين توجتهما بصفعة قوية على خده آلمت يدها . تراجع بيرت قليلا فافلتت منه وصاحت بصوت يقرب من الهستيريا :
-أغرب عن وجهي ايها الوقح !
كلمات اثارت في الرجل الجروح سخطاً ممزوجاً بالذهول ، ولما حاول الكلام سبقته لين :
-الرجال كلهم سواسية لا يفكرون الا في نيل مآربهم الحقيرة !
-فهمت عقدتك الآن يا آنسة ! لا شك انك خضت مغامرة عاطفية فاشلة وتخافين من اعادة الكرة . لكنني على اقتناع ان النساء يشاطرن في ايامنا الرجال في البحث عن المآرب التي تلمحين اليها ...
قاطعته الفتاة بحدة :
-تكهناتك خاطئة فأنا لم اخض اي مغامرة فاشلة !
علق بيرت على ذلك بسخرية من الازدراء :
-حسناً ، فلنسمها علاقة حب عميقة .
-لا تختلق اوهاماً تغطي بها فشلك معي !
دفع الغضب بيرت الى القول :
-لماذا قلت لجوليا انك لن ترتبطي بأي رجل الآن ؟ التفسير المنطقي الوحيد لذلك هو مرورك بتجربة مخيبة .
حدقت لين فيه وفكرها يعمل على ايجاد رد فعل مقنع ، فاعطته جواباً فيه جزء من الحقيقة :
موقفي نابع من عقلية الرجال الذين يسعون الى الايقاع بالانثى المسكينة لجرها الى اقرب سرير ثم رميها في سلة المهملات . امثالك لا يهتمون بالمبادئ والمثل العليا ، ولا يؤمنون بالحب السامي الذي يعرف انتظار لحظة التتويج .
توقفت عن الكلام متنهدة ثم اضافت بمرارة :
-لا فائدة من كل ذلك ، ارجوك اخرج من هنا .
-ماذا تعنين بكلامك هذا ؟
-لا شيء ! اخرج من الغرفة لأستطيع ارتداء ملابسي .
دنا بيرت منها ووضع يده على ذقنها ليرغمها على مواجهته .
-فهمت من كلامك انك ... انك مازلت عذراء!
لم تقوَ لين على الاجابة بل صرخت بصوت متهدج والدموع تترقرق في عينيها .
-اخرج من هنا !
تركها بيرت قبل ان يلتقط منشفة جوليا ويخرج مغلقاً الباب وراءه بصفقة كادت تحطمه .
اسندت لين ظهرها الى الجدار البارد مغمضة عينيها وافكارها في حالة بلبة تامة . هل هدمت بصفعة كل ماشيدته حتى الآن ؟ هل ذهب تعبها ادراج الرياح ؟ لكنها لم تستطع تحمل رؤيته يلامسها ، لم تقوَ على ترك يديه تعبثان بها وتغتالان براءتها ... كان لابد من ايقافه عند حد وان يكن الثمن فشل خطة الثأر .
ارتدت ثيابها وصففت شعرها ثم خرجت من الغرفة بعد تردد طويل خوفاً من مواجهة الآخرين الذين قد يكونون سمعوا ما دار في الداخل ، واذا لم يسمعوا سيحسبون ان الأمور سارت حسنة بينهما وان الرجل وصل اخيراً الى غايته .
شعرت الفتاة وهي في طريقها الى كرسيها قرب الحوض انها تمشي بين جدران السجن الحزينة لترمى وراء القضبان من جديد . ويالشدة فرحها عندما رأت ان بيرت والرجال الآخرين ليسوا هناك بل توجهوا الى المقهى لتناول المرطبات . جلست مع الفتيات وسرعان ما سألتها جوليا ؟
-لماذا تشاجرتما ؟
-أكان صياحنا مسموعاً؟
-صراخك ملأ النادي كله .
-لا شك انك ارسلته ليحضر منشفتك عمداً يا جوليا .
-هذا صحيح اردت تحريك اللعبة الجامدة لأننا راحلون غداً.
-وقد نجحت تماماً في ذلك .
سألت احدى الفتيات :
-ماذا حصل بالضبط ؟
-لا ضرورة للولوج في التفاصيل اذ يكفي القول ان احداً لن يرى بيرت بعد اليوم يجرؤ على التحدث الي .
وبالفعل لما عاد الرجال كان بيرت متجهماً بالكاد يرد على سؤال ، واستعجل الجميع للعودة الى الفندق حيث اختفى في غرفته ولم يشارك في السهرة التي دعا اليها جون ريز صحبه في النادي الليلي .
ظل بيرت على هذا المزاج عندما ودعت لين اصدقاءها العائدين الى لندن ظهر اليوم التالي ، واثرت عدم التوجه معهم الى المطار تفادياً للاحراج .
وصل الباص فقالت جوليا :
-نراك بخير بعد عشرةة ايام يا نيتا .
بادلها الجميع تحيات الوداع باستثناء بيرت الذي اكتفى برمقها بنظرة غامضة من نافذة الباص الذي مالبث ان غاب عن انظارها في طريقه الى المطار .

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 22-08-08, 07:01 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

5- لعبة الاستدراج



عاشت لين عشرة أيام مع قلق الانتظار .
ذبلت الزهور مع حرارة سنغافورة ، ولم ينل بيرت الاشارة التي يريد ليرسل غيرها . ومع ذبول الازهار خافت لين على ذبول جهودها وضياع آمالها سدى .
في اليوم العاشر لم تستطع الفتاة التواجد في الفندق اذ كان عليها الحلوال محل احدى المدرسات الغائبات لكل فترة بعد الظهر . وعندما عادت الى الفندق في المساء فكرت بالاتصال بغرفة جوليا ، لكنها فضلت تأجيل ذلك فاستحمت وارتدت ثيابها استعداداً للنزول . وما ان همت بالخروج حتى سمعت طرقاً ، ففتحت الباب لتجد بيرت واقفاً ببزة العمل السوداء ، فحاولت اقفاله لكنه منعها ودخل عنوة قائلاً:
-أود التحدث اليك .
حدقت الفتاة فيه والخوف يملأ قلبها من قساوة ملامحه كأنه اكتشف الحقيقة وجاء ليصفي حساباته . حاولت الكلام عبثاً فاكتفت بالنظر اليه وهو يمشي في الغرفة صامتاً تخونه العبارات ، فالاثنان في موقف حرج وان يكن لكل منهما أسبابه .
التفت ناحيتها وطرق بنظراته كل ذرة من جسمها فارتبكت من هذا الامتحان وسألت بصوت تخنقه البحة :
-ماذا تريد؟
-ستشاركينني العشاء الليلة .
على الفور غمرها شعور بالارتياح فادارت وجهها لئلا يلاحظ ذلك ، وبالفعل اعتقد بيرت رد فعلها دليل غضب فقال :
-لا وجوب للخوف لأني لن أحاول معك شيئاً بعد الآن .
مارست لين الكثير من ضبط الاعصاب لتستطيع مواجهته بوجه هادئ :
-لم افهم قصدك يا سيد داين .
-اعدك بالتصرف تصرفاً لائقاً.
اعملت الفتاة ذكاءها لتفهم موقفه الجديد وتعمل على تحويله لصالح خطتها فسألت :
-ما سر هذا الانقلاب ؟
بدت علامات نفاد الصبر على بيرت فأجاب :
-لا ضرورة لمناقشة ذلك الآن . كل مافي الامر ان فترة غيابي عنك كانت قاسية وادركت انني ارغب برؤيتك . وها أنا الآن امامك ومستعد لتنفيذ شروطك .
-لا أذكر اني وضعت شروطاً معينة .
-لم تضعيها صراحة ، لكني فهمتها من خلال تصرفاتك ومواقفك .
اطرقت لين التفكير بالأمر ثم توجهت الى المرآة والتقطت فرشاة الشعر محاولة اظهار عدم الاكتراث ، لكنها مالبثت ان توجهت اليه سائلة :
-كيف يمكنني ان اثق بك ؟
-لقد وعدتك ووعد الحر دين .
وأضاف لما رأى انها غير مقتنعة تماماً:
-اذا لم تكفك الكلمة يبقى عليك اختباري لتلمسي مدى مصداقيتي.
اهانته لين بصمتها فالصمت ىيكون احياناً جارحاً اكثر من الكلمة ، وأخيراً عبرت الفتاة عن التأرجح الذي تتخبط به فقالت :
-دعني أفكر بالأمر جيداً .
اقترب منها وامسك بكتفيها قائلا :
-لن اسمح بالتردد مطلقاً . عليك ان تأخذي موقفاً واضحاً في هذه اللحظة . هل تريدين الخروج معي الليلة أم لا ؟
علمت لين ان الاجابة على هذا السؤال تتعدى اطار جلسة عشاء ، ففي الامر قبول ببيرت أو رفضه . وهي لا تملك سوى خيار وحيد فان خيبته خسرته الى الابد وان قبلت دعوته علقت في شباكه وعلقته في شباك مخططها .
رفعت عينيها الة وجهه الجامد وأجابت بنبرة مرتجفة :
-حسناً ، سألبي دعوتك .
حرر كتفيها راضياً مسروراً بخضوعها ولو لمرة ، عالماً انها الخطوة الاولى على طريق غزو قلبها الحصين المقفل .
-سأمر لاصطحابك في السابعة اذن . ارتدي ثياباً أنيقة لأني تواق الى الجمال يا آنستي الحلوة .
تركها بيرت في حيرة من امرها فهي لم تتوقع منه كل هذا العناد ، ولم تكن تعلم ان مواجهته صعبة وقاسية . لقد قطعت شوطاً كبيراً في خطتها ولم يعد بوسعها التراجع . لم تتراجع الآن ؟ ألم يسر كل شيء حسب مرادها ؟ بلى ، ولكنها خائفة من المجهول لأنها على عتلبة مرحلة خطيرة عسى الله يوفقها في اجتيازها بسلام .

انتقت ثوباً لسود طويلا ، واعادت تصفيف شعرها وتزيين وجهها بما يناسب السهرة . انتظرت مجيئه بعصبية كمراهقة تخرج مع شاب للمرة الاولى . في السابعة الا عشر دقائق رن جرس الهاتف وكانت جوليا .
-كيف حالك يا نيتا ؟
-بشوق اليك يا عزيزتي .
-ما رأيك بتمضية السهرة معنا في النادي الليلي ؟
-كنت أود ذلك غير اني مرتبطة بموعد سايق .
-سنسهر في العد اذن .
-لا استطيع الجزم منذ الآن ، سنتفق على الامر غداً.
-يبدو انك خارجة مع شخص مهم الليلة يا نيتا .
-أصبت .
انهت لين المحادثة حضر بيرت ولم تفتح لين الباب الا بعد جعله ينتظر دقيقتين لتظهر قلة اهتمامها بالموضوع . اطل الرجل بقامته المديدة مرتدياً بزة سوداء وقميصاً ابيض يتناقض لونه مع بشرته الشديدة السمرة . لم يلق بيرت عبارات التحية التقليدية بل اكتفى بالنظر اليها قائلا :
-تبدين جميلة جداً الليلة .
وبنبرة من يؤدي واجباً قالت لين :
-شكراً.
-هل أنت جاهزة ؟
-نعم .
في المصعد وضع يده في يدها ولما خرجا منه الى بهو الفندق استرعيا انتباه عيون كثيرة ، فهما ثنائي رائع وان من حيث تلاؤم الشكل فحسب ، لان الطباع مختلفة تمام الاختلاف . نظرت لين في احدى المرايا الكبيرة المعلقة على الجدران فاعجبت فعلا بشراكتها مع بيرت الذي اعطته الطبيعة وسامة لم تنلها هي الا بتدخل يد الانسان .
فاجأها بيرت باصطحابها الى حفلة موسيقية كبيرة قدمتها فرقة سنغافورة السمفونية التي عزفت مقطوعات بديعة لأشهر الموسيقيين كبيتهوفن وباخ وشوبان .لكن لين المعجبة بالموسيقى الكلاسيكية ل تتمتع بالاداء كثيراً لان فكرها كان شارداً في امور اخرى بعيدة كل البعد عن طهارة الفن وعذوبة الالحان . وبيرت بدوره بدا متشنجاً وصاباً اهتمامه على لين اكثر منه على العازفين .
بعد الحفلة الموسيقية توجها الى مطعم في شارع البرت وهو معروف بتقديم الطعام الجيد والشهي . وهنا ايضاً لم تستطع الفتاة الانسجام وبالكاد مست الطعام الكثير والمتنوع الذي وضع امامها .
وخلال العشاء حدثها بيرت عن البلدان التي زارها بسبب عمله وكان من الطبيعي ان يذكر ميامي التي للين فيها ومعها الف ذكرى وذكرى .
حان وقت العودة الى الفندق فاستدعى بيرت سيارة تاكسي . وفي الطريق لما حاول ملامستها جفلت ، فقال مطمئناً:
-بالله عليك هدئي من روعك ، فأنا لن امسك بأذى .
-آسفة .
امسك بيدها فافلحت في السيطرة على انفعالاتها وتركته يأسر اناملها بقبضته القوية .
في الفندق أوصلها الى عرفتها وفتح لها الباب سائلا:
-انلتقي غداً؟
-لدي عمل في الغد .
-اتعملين كل النهار؟
-قبل الظهر فقط .
-اعطني عنوان المدرسة لأمربك ونذهب لتمضية بقية النهار معاً.
-لا ضرورة لذلك فسآتي الى هنا لاستحم وابدل ملابسي .
-كما تشائين . اتصلي بي فور وصولك من المدرسة ، ورقم غرفتي هو 615.
-سأفعل ، والآن تصبح على خير .
خشيت لين من لحظة الفراق هذه ، اتدعه يعانقها ؟ ام تدخل الغرفة فوراً؟ وفوجئت به يبتسم للمرة الاولى ويأمر :
-قولي تصبح على خير يا بيرت .
رددت الجملة كما امرها والحمرة تعلو وجنتيها فربت على كتفها مداعباً قبل ان يدير ظهره ويبتعد فيالرواق . ولما غاب عن نظرها مررت لين يدها على الموضع الذي مسته اصابعه وكأنه طبع بصماته على كتفها كما فعل طبعها على حياتها .
في اليوم التالي كان اسجامهما اكبر اذ تغلبت لين على عصبيتها وعادت الى بيرت ثقته بنفسه . قصداً شارعاً في وسط المدينة كان سوقاً قديمة وتم تحويله الى منطقة مأكولات عالمية ، فانتشرت على جانبيه عشرات المحلات الصغيرة التي تقدم أطعمة صينية وهندية ومحلية بالاضافة الى الماكولات الاوروبية للذي يخاف على صحته من البهارات الحامية .

ووجدت لين متعة في هذا المكان المكتظ بألوان مختلفة من الناس كما تلذذت بالطعام الصيني والهندي.
بعد ذلك مشيا في الحي الصيني الشعبي الكبير ذي الابنية الكبيرة المتلاصقة والتي تحوي عدداً لا يحصى من السكان ، تدل عليهم الملابس المغسولة والموضوعة على الشرفات مما يجعل المشاة بحاجة الى مظلات تقيهم هذا " المطر" المفاجئ المتساقط من الثياب .
منتديات ليلاس
اعجبت لين بهذا الحي وهذا المجتمع العجيب الغريب المليء بأسرار اهل الشرق الاقصى . وهي ما كانت لتجرؤ ان تخطو خطوة واحدة في هذا المكان لولا وجود بيرت معها يحميها من محاولة نشل او من احتيال تاجر يريد ان يبيعها قطعة معدنية لا قيمة لها على انها من تحف امبراطورية الصين القديمة ! استقلا السيارة من الحي الصيني الى احد المتاحف حيث جالا متأملين التحف والآثار العائدة الى اقدم الازمنة . وليس كالشرق الاقصى منطقة عريقة في التاريخ يجد المتذوق فيها مايمتع عينه ويرضي فضوله العلمي في التعرف على حضارات الاسلاف التي مهدت للتطور الذي نحن فيه اليوم . لما خرجا من المتحف كان العطش قد اخذ منهما كل ما أخذ فقصدا مقهى قريباً لتناول عصير البرتقال المثلج المنعش . وبيرت ، في كل هذه المراحل ، لم يكف عن الكلام موزعاً عليها ابتسامته بسخاء . تصرف معها بشكل طبيعي مختلف تماماً عما بدر منه منذ أيام قليلة عندما حاول اغواءهامعتبراً نفسه زير نساء وساحر الفتيات . وهذا ما سهل امر التعاطي معه على لين التي فوجئت بقدرتها على ممارسة لعبة الانسجام مع الرجل الذي تكره ، بيد انها حافضت على شيء من التحفظ لئلا تقطع خط العودة وبخاصة عندما تلمح في عينيه بريقاً يشبه ذلك الذي لاح كلما حاول مسها . فيفهم بيرت من جمودها انه زلّ فيصلح الخطأ على الفور ويعود الى الاحاديث البريئة المرحة .
اصرت لين على تمضية صباح اليوم التالي مع جوليا ومضيفتين أخريين على ان تخصص فترة بعض الظهر لبيرت . وحاولت الفتيات الثلاث معرفة الشاب الذي تخرج معه ، لكن لين ابقت هويته سراً واوحت لرفيقاتها انه احد العاملين معها في المدرسة . قالت لها جوليا :
-اتعلمين يا نيتا اننا لم نرَ بيرت منذ وصولنا الى سنغافورة ، لابد انه وجد امرأة جديدة وكف عن ملاحقتك .
ابتسمت لين متسائلة عما يمكن ان تكون تعليقات الفتيات في حال اكتشفن حقيقة الامر ووجدن ان اللعبة مشت كما توقعن . فجوليا راهنت منذ البدء على قدرة لين أو نيتا على للايقاع ببيرت المتغطرس .
استأجر بيرت سيارة مكشوفة جابا فيها الحدائق اليابانية في تورنغ . حدائق بديعة مليئة بالاشجار والازهار المتنوعة ، وغنية بسواقي المياه تعلوها جسور صغيرة حمراء تبدو من بعيد كأنها معلقة في الهواء . وفيما الشابان يسيران في الحدائق بعد ترك السيارة في الموقف ، بدأت السماء تتلبد بالغيوم الرمادية المنذرة بهطول المطر . فاختفت الشمس وراء النقاب الداكن الكثيف مما اضفى على المكان جواً يذكر بمناخ انكلترا البارد الحزين . اقترح بيرت اللجوء الى مقعد يغطيه سقف صغير . وما ان بلغاه حتى بدأ المطر يتساقط بغزارة والريح الباردة تعصف بقوة ، وراح البرد يشتد والرعود تقصف مدوية والبرق يشق بانواره الباهرة صفحة السماء . كم غريب طقس هذه البلاد اذ تحول من طقس مشمس حار الى ممطر عاصف وبارد في دقائق معدودة .
اخذت لين ترتجف من البرد فخلع بيرت سترته الصيفية ووضعها على كتفيها بدون ان ينسى ابقاء يده هناك . وخشيت الفتاة ان يكون عمله هذا ايذاناً بمحاولة جديدة لكنه اكتفى بذلك فارتاحت الى الدفء واسندت رأسها على كتفه .
مكث الاثنان نصف ساعة يتفرجان بصمت على ثورة الطبيعية المفاجئة . وكما بدأت العاصفة كذلك انتهت ، اذ سرعان ما هدأت الريح وانقشعت الغيوم واطلت الشمس مشرقة من جديد تجفف الارض والاشجار والازهار المغسولة بمياه المطر . وفاحت رائحة التراب الرطب عطراً ناعماً طبيعياً لا يضاهيه أي عطر يصنعه الانسان .
غادر الشابان الحدائق اليابانية الى جنائن اخرى تقع في منطقة تدعى مانداي . وذهلت لين لكثافة الزهور نوعاً وعدداً ، وشذاها الفواح يملأ المكان بألف عطر زوعطر حتى ليخال المتنزه انه يسبح في عالم من الخيال على بساط اخضر سحري ومزركش بأبهى الالوان وزهاها . قطف بيرت زهرة جميلة وعلقها على صدر لين مبتسماً فرحاً وكأن الدنيا كلها ملك يديه في هذه اللحظات .
بعد ان اشبعا توقهما الى الروعة والجمال توجها من الحدائق الفسيحة لتناول العشاء في مطعم صغير متخصص بالمأكولات البحرية يقع قرب الشاطئ . ومن المطعم ذي الطعام الشهي الى مركز التلفريك حيث صعدا في مركبة سارت بهما معلقة على حبل يعلو المياه ستين متراً .

كان المنظر رائعاً من هناك ففي الأفق تجمعت غيوم صبغتها الشمس الأخيرة المودعة بحمرة قرمزية رائعة راسمة لوحة تعجز يد أعظم فنان عن الاتيان بمثلها . اطلقت لين تنهيدة وقالت :
-يالروعة هذا المشهد .
علق بيرت :
-شاهدت الكثير من مشاهد غروب الشمس خلال تجوالي في بقاع العالم ولا أشك في ان هذا احلاها .
وصلت بهما العربة الى جزيرة سنتوزا حيث جالا لبعض الوقت يتعرفان الى معالمها حتى غابت الشمس تماماً واسدل الظلام ستاره على الدنيا . عندها استقلا المركبة من جديد ليشاهدا اضواء سنغافورة وقد تحول ليلها الى نهار ، وليتمتعا بنور القمر الكامل السابح في عتم الليل كحلم جميل وبنسيم البحر المنعش الذي يدغدغ المشاعر فبطلق العنان لرحلات الخيال .
نظرت لين الى بيرت وقالت :
-أحس وكأنني في حلم لا في حقيقة .
امسك بيدها وعيناه تبحثان عن عينيها لتخبراهما قصة جميلة ، وبيده الاخرى اخذ يداعب وجنتها المخملية ، ثم طمأنها عندما رأى بداية الانزعاج على وجهها :
-انه وداع فحسب فأنا عائد غداً الى لندن ، ولا اريد ان اودعك أمام الجميع في الفندق . لذلك لا تعتبري عملي محاولة كسابقتها .
ظل يداعبها بحنان وعيناه مسمرتان على وجهها ليطبع كل التفاصيل في مخيلته حتى تبقى معه في الأيام العشرة المقبلة . وفجأة عانقها بحرارة وعاطفة تختلفان تماماً عن الوحشية والانانية اللتين ظهرتا منه سابقاً وهمس :
-نيتا ! جمالك سحرني .
ابعدت لين رأسها عنه واسندته الى نافذة العربة ، وراحت تنظر اليه ودقات قلبها تتسارع كأنها في سباق مع مايحصل ولدهشتها لم يحاول بيرت الاقتراب منها مجدداً بل اشعل سيكارة وقال :
-ستخرجين معي في المرة المقبلة ، اليس كذلك؟
كان في نبرته امر لاسؤال لأنه ليس مستعداً البتة للتراجع الآن والتخلي عن لين التي لم تخيبه هذه المرة اذ قالت :
-نعم .
تخلى الاثنان عن الكلام حتى وصولهما الى الفندق واكتفى بيرت بايصالها الى غرفتها منسحباً بعد تحية قصيرة .
اتصل بها بعد يومين من لندن وحدثها قليلاً عن رحلة الاياب ، ثم سأل :
-الا تأخذون اجازة في مدرستكم هذه ؟
-بالطبع فنحن نأخذ ثلاثة اسابيع بين فصلي الشتاء والربيع ، وهي تبدأ يوم الجمعة .
-وماهي مشاريعك .
-لا شيء حتى الآن . لقد تلقيت دعوة من احدى زميلاتي لتمضية الاجازة بصحبتها في الريف ولكني لم اعطها جواباً بعد .
انهى بيرت المكالمة واستمر يتصل بها كل ليلة ليتأكد من انها لا تخرج مع احد غيره ، ولين لا ترفض ذلك مادام اتصاله دليلا على اهتمامه . وفي احدى الليالي لم يرن جرس الهاتف فخشيت الفتاة ان يكون قد عدل عن مصادقتها وغرقت في الوساوس من جديد .
مكثت لين في المدرسة يوم الجمعة حتى وقت متأخر لانجاز بعض الاعمال الادارية الملحة قبل البدء بالاجازة . وعادت الى الفندق في المساء متعبة تتوق الى حمام بارد ينعشها ويريح اعصابها . اخذت مفتاح غرفتها ودخلت المصعد لتجد بيرت وقد سبقها اليه .
قالت والمفاجأة تغمرها :
-انت ! مالذي جاء بك اليوم وموعد وصولك بعد خمسة ايام؟
-هذا صحيح ولكني تدبرت الأمر حتى ابقى في هذه البلاد ثلاثة اسابيع.
استطاع بيرت اذن الحصول على اجازة ليمضي وقتاً طويلا مع لين ، فترة ادركت الفتاة حساسيتها وجوهريتها لأن نجاح خطتها سيكون رهناً بتعاملها مع بيرت فيها .
رافقها الرجل الى غرفتها وما ان دخلاها حتى عانقها بلهفة الشوق والحنين كون الايام الخمسة التي ابتعد فيها عن لين دهراً بالنسبة اليه.
أخيراً انهى مهمته وفسر:
-كنت بحاجة مايسة الى ذلك .
رمقته لين بنظرة قاسية زاعمة الغضب والكنهما مالبثا ان غرقا في ضحكة طويلة .
دفعها بيرت برفق الى الحمام قائلا:
-هيا الى الاغتسال وتبديل الثياب يا عزيزتي ، لأننا سنخرج الليلة للاحتفال .
اقفلت لين باب الحمام وراءها وسألت :
-وبماذا سنحتفل؟
-بالاسابيع الثلاثة التي سنمضيها معاً . ايمكنني استعمال هاتفك؟
-بالطبع.
لما انهت لين حمامها خرج بيرت الى الشرفة ليفسح لها المجال لارتداء ثيابها ، وعندما انتهت من ذلك وانشغلت بتصفيف شعرها دعته الى الدخول . انجزت الفتاة استعدادها فقال بيرت متأملا حسنها :
-لابد انك اصبحت معتادة على اعجاب الناس بجمالك الباهر .
هزت لين رأسها ببطء وعلقت :
-لست معتادة على ذلك ولا يهمني ان يعجب الناس بجمالي . فالجمال الحقيقي ليس في المظهر بل في الجوهر .
تأملها بيرت قليلا ووافق :
-قولك صحيح وخاصة وانك مؤمنة به .
-وما ادرك ؟
-انت متميزة عن سائر الفتيات اللواتي لا يكترثن سوى للثياب الفاخرة والمظاهر المادية . أي فتاة تبذل الغالي والنفيس لتحصل على وجه مثل وجهك ، وانت لايهمك الجمال .
جفلت لين من كلمة "حصل" هذه واقترحت بسرعة :
-لننطلق.
كان بيرت في مزاج طيب ومرح تلك الليلة ولم تجد لين صعوبة في مماشاته . تناولا طعام العشاء في احد الفنادق ورقصا في ناديه الليلي حتى ساعة متأخرة . وعندما حان وقت الذهاب الى النوم عاملها بحرارة الفتها الفتاة في الايام التالية التي امضياها بالتجوال والتنزه في سنغافورة لاكتشاف اهم معالمها او في التمدد تحت اشعة الشمس على حافة حوض السباحة في الفندق.
سمحت لين ببعض التجاوزات الطوعية لأنها صارت في وضع لا يسمح لها بالتصلب فمقابل التنازل الذي قدمه لها عليها تفهم مشاعره ومنحه القليل . وهي تعلم في قرارة نفسها ان بيرت يأمل في اكمال الرحلة "الرحلة" حتى آخرها عندما يحين الوقت المناسب ، وماالتساهل الحالي سوى مناورة ذكية حتى يراها متقبلة لكل شيء فيضرب ضربته القاضية .. لذلك عليها اجادة التمثيل والصمود حتى تنتهي الاسابيع الثلاثة ويعود بيرت الى لندن قبل تحقيق هدفه .
وفكرت الفتاة غي دس المخدر في حقيبة يده قبيل موعد سفره ، بيد انها ارتأت تأجيل ذلك حتى يكون في رحلة عمل يقود الطائرة لا مجرد راكب عادي كغيره ، كما انها ستجد صعوبة في الحصول على المخدرات وبيرت معها يلاحقها كظلها .
اما بعد ان تصبح وحيدة فستعثر على الهيروين بسهولة فائقة كون سنغافورة احد اهم مراكز تهريب المخدرات وتعاطيها في العالم .
وقد نجحت لين بمساعدة زميلة سبقة في السجن ، في التعرف الى من يؤمن لها الكمية المطلوبة خلال ساعات ، كما انها وجدت علبة بودرة مماثلة تماماً لتلك التي وضعت في حقيبتها حتى يدرك بيرت من نصب له الشرك واوقعه في الحفرة نفسها . وبالتالي تغدو مهمتها الآن الابقاء على العلاقة معه وتحاشي التوغل فيها الى حيث يريد حتى يحين موعد وصوله المقبل مع افراد الطاقم فتنفذ الفصل الأخير وتسدل الستار على مسرحية الثأر المرتقبة .
لحسن الحظ لم يتخط بيرت حدوده معها لأنها لم تكن تبدي تجاهه اي تجاوب بل تنفذ واجبها مجرداً من الشعور ، فيظهر الغضب والخيبة على الشاب ويعرض عن اكمال المحاولة عله يفلح في المرة المقبلة .
وكان من الصعب على لين الخروج من هذه المواقف ، فان امعنت في التصلب ظنها الرجل باردة لا احساس فيها وان استجابت انزلقت في مجاهل تجزع لمجرد التفكير بها .
مرة كانا مستلقيين قرب حوض النادي الرياضي عندما سألها :
-لماذا لا تنزلين الى الماء ؟ اطمئني فلن ادعك تغرقين .
-أنا لا اهابك بل اهاب الماء . انها عقدة خوف ترافقني منذ الصغر عندما دفعني احدهم الى حوض عميق فكدت اغرق . ومن يومها لم اعد اقترب من الماء او تراودني فكرة السباحة .
سرت لين بسرعة بديهتها واجادة تلفيق الاكاذيب واختلاق القصص بهذه السهولة لعلها في مابعد تجد مستقبلاً باهراً في التأليف والأدب أو في التمثيل ...
أثار تفسيرها في نفس بيرت فضولا فقال :
-اخبرتك أشياء كثيرة عن حياتي بينما لا زلت أجهل ماضيك تماماً . فهلا عرفتني بنفسك يا آنسة نيتا لويس.
ابتسمت لين بنعومة وهي تحاول ايجاد الكلام المناسب:
-لا شيء مثيراً في ماضي بالمقارنة ...
قاطعها بيرت آمراً:
-اصر على معرفة ماضيك .
وبحذر استوضحته :

-ماذا تريد ان تعرف؟
-كل التفاصيل مذ ابصرت النور حتى هذه اللحظة .
عجبت الفتاة لهذا الاصرار فهزت كتفيها وبدأت بسرد القصة :
-فليكن ماتريد . عمري اثنان وعشرون عاماً . ولدت في مقاطعة باكنغهام شاير وعشت لفترة وجيزة في كنف والدي اللذين ماتا في حادث سيارة ولم ابلغ الرابعة بعد . انتقلت للعيش في منزل عمتي التي منحتني رعاية كبيرة وادخلتني مدرسة محترمة انهيت فيها مراحل الدراسة من الابتدائية الى الثانوية .
بالطبع كانت قصة وفاة الوالدين والعيش مع العمة من نسج الخيال في حين ان ماقالته عن مسقط رأسها ومدرستها صحيح .
تابعت لين :
-بعد المدرسة انتقلت الى معهد خاص لدراسة الفرنسية حيث نلت شهادة تخصص في هذه اللغة ، وعدت لادرسها في مدرستي القديمة .
-افهم من كلامك ان معظم حياتك كانت ملكاً للمدارس على اختلافها .
-اعتدت على تلك الاجواء الهادئة البعيدة عن صخب العالم ومهالك الخطيئة .
رفع بيلات حاجبيه مستغرباً هذا الوعظ سائلا:
-وما الذي اتى بك الى سنغافورة ؟
عادت لين هنا الى شيء من الحقيقة اذ اجابت :
-توفيت عمتي تاركة لي بعض المال ، فوجدت الوحدة صعبة في الريف . لذلك توجهت الى لندن ولم أوفق ، وقرأت في احدى الصحف اعلاناً عن الوظيفة هنا فتقدمت اليها وهكذا كان .
-لماذا لم توفقي في لندن ؟
لم تجب لين بل ادارت وجهها . فأضاف :
-أكان السبب رجلا؟
-الرجال بشكل عام هم السبب . لقد دخلت معهداً يعلم فنون التزيين الرجالي ، بيد اني وجدت نفسي فاشلة في هذا الحقل اذ رأيتني عاجزة عن التعامل مع جنسكم فغادرت العمل ، او بالاحرى فررت منه.
-قصتك توضح بعض الأمور .
هذا ما أملته لين من قصتها . وتبين لها ان ماسردته لبيرت عن جهلها عالم الرجال لتمضيتها فترة الطفولة والمراهقة منطوية على ذاتها ساهم في جعله يعاملها برفق وتحفظ .
بعد أيام اقترح بيرت السفر الى بينانغ لما تبقى من الاجازة فادعت لين انها تجهل المكان :
-انها منطقة رائعة في شمال البلاد على حدود تايلاند . بينانغ جزيرة حالمة ينعم فيها المرء بالهدوء والطمأنينة بعيداً عن ضجيج المدينة وبهرجها الزائف .
-مابك تحولت شاعراً بين ليلة وضحاها ؟
-اجيبي على اقتراحي ولا تحاولي تغيير الموضوع .
تابعت لين اسئلتها فيما هما يتنزهان في احدى الحدائق الكبيرة ، فاستفهمت :
-وماهدفك من الذهاب الى بينانغ؟
-اريد تعريفك على جزء آخر من البلاد والمكوث معك في مكان هادئ وشاعري .
قطفت لين وردة عطرة ورددت :
-المكوث معي ؟
-لا تعودي الى المعزوفة عينها .
-اتساءل لماذا اخترت الذهاب في هذا الوقت بالذات .
-ماذا تعنين ؟
-اعني ان طائرة لندن ستصل برفاقك غداً.
حسناً اعترف بأني ابغى تجنب مقابلتهم لانهم لا يعلمون بوجودي هنا .
علت نبرة لين وهي تقول غاضبة :
-فهمت . اتخجل من ان يروك معي؟
ادارت ظهرها وابتعدت عنه فناداها ولحق بها :
-نيتا ! لا تسيئي فهمي .
ضمها اليه بعنف حتى كاد يسحق عظامها واردف :
-اريد الابتعاد عنهم لئلا يفسدوا هنائي ، فأنا لا أنوي اضاعة وقتي مع احد غيرك ، كما نحن بغنى عن ملاحظات جوليا وتعليقاتها الجارحة .
كيف تتصرف لين ازاء الوضع الجديد وعلاقتها مع بيلات اصبحت تسير على خطين متوازيين : خط مخططها الانتقامي وخط نظرتها اليه بعيداً عن المخطط ، وهي نظرة بدأت تتبلور رويداً رويداً.
هل توافق على الذهاب الى بينانغ ؟ وهل يحافظ بيرت على وعده وعدم الاقتراب منها؟
اعتبر الرجل صمتها عدم ثقة فقال :
-يجدر بك ان تضعيثقتك في بعد ان خبرتني في الأيام الأخيرة . الا يكفيك الامتحان الذي اجتزته ؟
تخاطبت عيونهما لمدة وجيزة قبل ان تنطق لين :
-سنذهب الى بينانغ .
ابتسم بيرت ابتسامة عريضة قائلا:
-احسنت يا فتاتي .
لم يخطئ بيرت بشأن بينانغ ، فهي جزيرة رائعة تنتشر فيها الدساكر والقرى بين المروج الخضراء حتى ليخال الناظر اليها انه يعيش أيام الماضي المليء بالخير والبركة . وعلى اقدام المروج تمتد الشواطئ الذهبية العذراء حيث يحلو للمتأمل التأمل ويطيب للمتنزه التنزه .
تناول الشابان طعام العشاء في ليلتهما الاولى في قلعة اثرية قديمة تحولت مطعماً راقياً يشرف على الشاطئ المزروع بأشجار النخيل الباسقة . ومن المطعم استقلا مصعداً الى تلة عالية . أفيم عليها سوق للأثريات .
احست لين بالوقت يمر بطيئاً في هذا المكان الجميل وتمتعت بكل لحظة امضتها فيه . وكم تمشت وبيرت على الشاطئ يراقبان الصيادين يلقون شباكهم ويخرجونها ملأى بعطايا البحر المتنوعة ، وكم تأملا طيور النورس تحوم بحثاًعن سمكة تقتات بها .
مرة استوقفتهما عرافة عجوز قرأت كف بيرت ثم كف لين وقالت لها:
-مستقبلك سيكون باهراً يا ابنتي ولكنك ستمرين بمتاعب جمة قبل الحصول على مبتغاك . سوف تعرف حياتك انقلاباً كبيراً وتضطرين الى السفر بعيداً.
ضحكت لين وعلقت :
-الجزء الاخير قد تم فعلا.
سدد بيرت ماعليه للعجوز وتوجها من قلب الجزيرة حيث السوق التجاري الى قلعة قديمة تدعى قلعة كورنواليس تطيب فيها مشاهدة غروب الشمس قرصاً ذهبياً يذوب في البحر عند الافق . ضمها بيرت اليه وهمس :
-ما رأيك بتحقيق قول العرافة ؟
-ماذا تعني ؟
-ألم تتحدث العجوز عن انقلاب كبير في حياتك ؟ وليس أجمل من ان يكون الانقلاب زواجك مني .
تسمرت لين وكأن الموت دهمها ، ثم رددت :
-الزواج؟
أجاب بيرت والابتسامة تعلو شفتيه :
-نعم ، الزواج . لست صماء على ماعتقد .
- هذا مستحيل ! انت من النوع الذي لا ...
انقطعت عن اكمال جملتها لما رأت الغضب يزحف اليه وينفجر :
-أي نوع هذا ؟ ومن أين لك ان تصنفي الناس انواع وفئات ؟ اتظنين اني ارضى الى الابد بهذه العلاقة العذرية ؟
-ارجوك لاتغضب . أنا آسفة لتفوهي بهذه الحماقات ، لكنك فاجأتني بالعرض لأنني لم اكن اعتبرك من محبذي الزواج .
-الم تفكري بالزواج طيلة هذه المدة ؟
أضاف بعد ان أومأت بالنفي :
-الى اين تودين الوصول بعلاقتك بي اذاً؟
- لم يعد الزواج امراً دارجاً هذه الأيام وصرنا نشاهد الكثيرين يعيشون تحت سقف واحد بدون زواج رسمي . حسبتك تريد هذا النوع من العلاقة حتى تجد من يستقبلك كلما اتيت الى سنغافورة .
حدق بيرت فيها مذهولا وقال :
-يا الهي ! واذا حدث ان نقلتني الشركة الى خط آخر ، ماذا يحصل عندها ؟
-ينتهي الامر وتشرع بالبحث عن واحدة اخرى في البلاد التي تحط رحالك فيها .
لم ينبس بيرت بكلمة بل ضحك بمرارة واخذ ينظر الى الافق ، الى نسمة تزيل عنه ضيق الخيبة . فجأة التفت اليها وقال :
-أنا الملام على موقفك هذا لأني لم اشرح لك كل شيء منذ البداية ...
امسك بيدها باحثاً عن الكلمات المناسبة وتابع :
-لم أكن اتصور اني سأحب من جديد أو أني سأتزوج يوماً . صرت أرى المرأة هدفاً مادياً بحتاً في متناول يدي . ولكنك دخلت حياتي كالعاصفة وجعلتني ادرك ان العالم مازال يتسع للاعاجيب . جعلتني أؤمن ان الحب الصادق ما زال موجودا، وان المرء يستطيع اتخاذ زوجة تحبه وترعاه وتبني واياه عائلة سعيدة.
داعب وجهها مضيفا:
- لا ادري متى وقعت في غرامك بالضبط وكأن الوقت تعطل حتى لا خالني اعرفك واحبك منذ زمن بعيد. انا احبك يا نيتا واقسم لك بأني لن اعير امرأة غيرك نظرة واحدة ما دمت بجانبي.

- هربت لين من نظراته ووقعت في مأزق جديد لم تجد لتأجيل استحقاقاته سوى طرح سؤال:
- لم تكن تتصور انك ستحب من جديد؟ اتعني انك احببت من قبل؟
- نعم وقد انتهى الامر الى خاتمة غير سعيدة
- لماذا؟
- لانني منحتها حبي وثقتي في حين انها لم تبادلني الحب الصادق ولم تمنحني ذرة من ثقتها.
- اكنت تنوي الزواج منها؟
- بالطبع. ولهذا وجدت المرأة بعد خيبتي فارغة لا تستحق الاهتماك. كان الجرح عميقا في نفسي بعد ان خذلتني فتاتي وايقنت اني لن اجد سواها تملأ حياتي حتى اتاني القدر بك منتقذا لم اعد قادرا على خسارة الحب ثانية يا نيتا فالصدمة الاولى تكفيني . وانا مصمم على الزواج من اروع انسانه عرفتها في حياتي.
مشت لين خطوات على باحة القلعه وهي تحاول التفكير منطقيا ولكنها فشلت في استغلال الموقف لصالح خطتها. لماذا التردد والارتباك وهي كانت تعلم بوضوح غايتها من اقامة علاقة مع بيرت؟ واخيرا قالت:
- لا يمكنني الاجابة الان يابيرت لأني لا اعرفك حق المعرفه. صحيح اننا امضينا الايام الاخيرة معا، غير ان ثلاثة اسابيع لاتكفي للجزم على حياة بكاملها.
اقترب بيرت منها فاستوقفته محذرة:
- لاتحاول نيل جواب الان كما فعلت سابقا، فالامر اخطر واعمق مما تتصور . لا تستعجلني والا رددتك خائبا. امنحني بعض الوقت لافكر في المسألة مليا.
رفع بيرت يديه علامة الاستسلام وعلق:
- فليكن ما تشائين يا حبيبتي الموتورة! لن ارغمك على اعطاء اجوبة سريعه، غير انني لن اكف عن محاولة اقناعك.
دنا منها هامسا:
- ليتك تقولين نعم منذ الان وتنهين عذابي.
عاد الشابان من الجزيرة في اليوم التالي ولم يتسن لهما سوى تناول غذاء سريع في المطار قبل عودة بيرت الى انكلترا. ودعها معانقا دون كلام لانه قال كل مالديه البارحة، فترك لعينيه مهمة افهامها كم هو عظيم حبه وكم هي عميقه عاطفته.
انتظرت لين اقلاع الطائرة واختفاءها بين طيات السماء حتى عادت الى الفندق . استلقت على سريرها وعلقها يعيد خلط الاوراق واقامة جرده حساب بما لها وما عليها. كان غياب بيرت عاملا مساعدا للتفكير بهدوء ورويه. لقد اعطاها سلاحا لم تكن تحلم بالوصول اليه عندما اعترف لها بحبه، وصار فريسة سهلة ولقمة سائغه تبطش به متى شاءت.
وينبغي ان تأتي عملية البطش موجعه قدر الامكان لتروي غليلها وتفهم بيرت ان عمله لم يمر دون عقاب، عقاب قاس جدا. ولا شك في ان الانتقام سيكون له وقع شديد بعد وقوعه في غرامها حتى اذنيه.
خرجت لين لتناول العشاء في احد المطاعم وجلست الى طاولة بقرب مجموعه من الشيوخ جلسوا يتحدثون عن ذكرياتهم في معتقل شانغي الذي اسر فيه اليابانيون جميع الاوربيين الموجودين في سغافورة ابان الحرب العالمية الثانية. وروى احدهم كيف نجا من الموت عندما كان في لندن وسقطت بقربه قنبلة اثناء القصف الجوي الالماني للمدينة. واعاد الحديث عن القنابل الى ذاكرة لين كتابا قرأته عن رجل قتلت عروسه بانفجار قنبله في ليلة زفافهما، فأتتها فكرة جديدة تنفذ بها انتقامها بغى عن الهروين وتخلف في قلب بيرت خنجرا يعمل في قلبه تمزيقا طيلة حياته.
وهكذا سددت حسابها المتوجب للفندق بعدما استأجرت شقه قريبة من المدرسة وتركت عنوانها بعد ان شددت ظاهريا على عامل الاستقبال لئلا يعطيه لأحد، وهي تعلم ان قليلا من المال يكفي ليفك الرجل عقدة لسانه ويصرح بالعنوان. وبهذه الطريقه تمتحن مصداقية حب بيرت الذي سيبحث عنها ويجدها لو اراد.
لم تعد لين الى شقتها باكرا في اليوم المقرر لعودة بيرت فذهبت الى السوق ومنه الى السينما لمشاهد احد الافلام الرومانسية. وصحت توقعاتها اذ لما عادت الى البنايه التي تقطن فيها وجدت المصعد متوقفا على الطبقة الرابعه حيث شقتها، وهناك وجدت بيرت في بزة العمل متكئا على الجدار من التعب. رسمت لين على وجهها امارات الخوف والذهول وحاولت العودة الى المصعد لكن بيرت امسك بها بشدة آمرا:
- اعطني المفتاح.
وكا لحمل الوديع نفذت لين الامر،ففتح بيرت باب الشقه ودفعها الى الداخل ثم اقفله وانفجر غاضبا:
- لماذا غادرت الفندق؟ جن جنوني عندما اتصلت منذ خمسة ايام وابلغوني انك تركت الغرفه.
وضعت لين الاكياس التي تحملها على طاولة صغيرة وسألت:
- كيف عثرت علي؟
- رشوت عامل الاستقبال بعد ان هددته بأوخم العواقب اذا استمر بالكتمان فاذعن واعطاني العنوان.
اظهرت لين ما امكنها من عدم اكتراث فبدأت باخراج ما اشترته من الاكياس غير ان بيرت الثائر لم يكن ليحتمل ذلك فصاح بها:
- لقد سألتك عن سبب مغادرتك الفندق!
تعمدت لين فضح كذبها فقالت:
- غادرته لان البدال مرتفع للغاية.
دفعها الى الجدار قائلا بنبرة مزمجرة:
- لا تكذبي! انما حاولت التهرب مني، اليس كذلك؟
صمت لين اذنيها واجابت:
- اصبت . لقد هربت لأني لا اريد الزواج منك ولا اريد رؤيتك بعد الان!
خبت ثورته فجأة وقال بصوت خافت:
- اهكذا تديرين ظهرك وتمشين دون كلمة وداع؟ الا تأبهين بمشاعري بعد الذي قلته لك في المره السابقه؟
سدد بيرت لطمة الى الجدار قرب رأسها فوثيت جانبا خوفا من ان تكون الثانية من نصيبها. واستعملت قدرتها التمثيلية لتجعل صوتها يرتجف وتقول:
- حاول تفهم عملي يا بيرت . اردت ان اقطع العلاقة بهدوء حتى لا اعقد الامور على كلينا. ظننت ان الانسحاب المفاجئ هو افضل السبل لذلك.
اطرقت لين تحدق في ارض الغرفه بانتظار خطوته التالية التي لم تتأخر،اذ دنا منها ووضع يديه المرتجفتين على كتفيها سائلا:
- لماذا لا تتزوجين مني؟
- لسبب جوهري.
- الانك لا تحبينني؟
اجابت باقتضاب وجزم
- ارفض الزواج منك ، لا اكثر ولا اقل .
ادرك بيرت ان الامل ما زال موجودا كونها لم تنكر انها تحبه فاقترح:
- لماذا لا نجلس ونبحث المسألة بهدوء؟
- لا مجال لأي بحث. ارحل عني ولا تدعني اراك بعد الان ماشاها بيرت محاولا كسب الوقت اذ قال:
- سأرحل ولكن بعد ان تقدمي لي فنجان شاي على الاقل. الا تقضي بذلك اصول اللياقه؟
- اسفه لم انتبه لأصول اللياقه.
- اذا كنت جائعه حضري عشاءك ولاتدعي وجودي يؤخرك.
حملت لين الاكياس الى المطبخ ثم عادت وسألته:
- كم مضى عليك في انتظاري؟
- ثلاث ساعات
- لابد انك تشعر بالجوع اذن. هل تتناول الطعام معي؟
اجاب بيرت محاولا اخفاء فرحه لكسب هذه الجولة:
- ولم لا؟
خلال السهرة تابعت لين تمثيل دور الرافضة باجادة فحاولت صرفه باكرا بميوعه ليبقى،وابدت مقاومة ضعيفه لاقتراحه البقاء صديقين "فاقتنعت"بذلك
غادر بيرت الشقه في حوالي منتصف الليل بعد ان اطمأن الى احرازه تقدما ما ، ولين مسرورة بهذه المناورة الاستدراجيه الجديدة التي ستجعله يسعى اليها بعنف اكبر. وهي ستتابع الخروج معه كصديقين وترفض عروض الزواج حتى تجد ان الوقت قد حان لقطاف ثمرة الثأر.
بعد اسبوع ، اي بعد عودة بيرت من بالي، اصطحبها الى فندق الهيلتون لتناول العشاء. بعد فراغها من تناول الطعام قامت لين لتغسل يديها، ولدى عودتها الى المائدة اصطدمت بمجموعه من رجال الاعمال الذين يمضون معظم اوقاتهم في دول الشرق الاقصى فيشتاقون الى الشقراوات مثيلاتها. قال احدهم:
- يالهذا الجمال الاخاذ!
وتابع آخر:
- واخيرا وجدنا شقراء وسط سمراوات هذه البلاد. انها جوهرة تشع في الظلام.
وقف ثالث واقترح مبتسما:
- لماذا لا تنضمين الى مائدتنا ياحلوتي فنقدم لك العشاء مقابل خدماتك الممتعة؟
حاولت لين المرور لكنهم صدوا طريقها وطوق احدهم خصرها قائلا:

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البحث عن وهم, السراب, دار النحاس, روايات, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, سالي ونتووث, sally wentworth, the judas kiss, عبير, عبير القديمة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:05 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية