لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


ذات حُـبٍ شتـوي للكاتبة شوق بوظبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعضاء ليلاس الغاليين .. وقراء الروايات والقصص الأعزاء هذه قصة .. من أروع قصص الكاتبــة المبدعــة : شوق بوظبي حفظتها لدي

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-06-08, 09:06 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 68975
المشاركات: 253
الجنس أنثى
معدل التقييم: Malame7 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Malame7 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي ذات حُـبٍ شتـوي للكاتبة شوق بوظبي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعضاء ليلاس الغاليين .. وقراء الروايات والقصص الأعزاء

هذه قصة .. من أروع قصص الكاتبــة المبدعــة : شوق بوظبي

حفظتها لدي منذ زمنٍ بعيـــــــد .. ربما سنتين أو أكثــر ،

هي ، رائــعة ، من أكثر ما قرأتُ روعةً ، وأعدتُ قراءتها مراتِ كثيرة

وللأسف هي غير منتشرة على الانترنت .. ربما لأن المنتدى الذي وضعتها به الكاتبة قد أغلق منذ فترة..

ولكنني قررت أن اضعها بين أيديكم لتستمتعوا بها مثلما استمتعت بها منذ سنوات وحتى الآن ..

أنصحكم .. بقراءتها بكل مشاعركم ..

وسأنتظر تعليقاتكم حتى أعود من الاختبارات بإذن الله ..


والآن ..

أترككم مع :

.
.
[ذاتُ حُـــبٍ شَتَـــــويّ]
.
.




كُتبت هذه الأقصوصة في قرنٍ لن نعيشه..ولن نصل إليه...قرنٍ لم يأتِ بعد ..
ولـ نفترض أنها كُتبت في العام 3230 ميلادي أي بعد 1226 سنه من يومنا هذا....

ولكنها حدثت قبل أن نُخلق...نسجتها مجموعة من بنات أفكاري..

فـ ودّ القلب قبل الفكر لو تروها معي...
.
.










الإهداء لـ:

لـ سحابة لازالت تمطرني..وقلبٍ لا زال ينبض بين حناياي...وطفولةٍ كسيرةٍ تسكنني..ووطنٍ جريح يأن بداخلي..ومدينة دمويةٍ رحل كل سكانها المتمثلين في شخصٍ واحد..ولإمبراطوريةٍ واسعه غادرها إمبراطورها وخلّف وراءه حرباً أهليةً لن تهدأ مدى الحياه....
حدث قبل قرون

ذات نهارٍ صيفيٍ تكاد حرارة شمسه أن تذيب الصخر..

أحكمت ربط خيط حذائها..واستدارت بسرعة أمام مرآة والدتها..

وتركت شعرها مفتوحاً ينساب على كتفيها وظهرها،، ويعانق صدرها ،،ويتدلى على جنبيها...

وخرجت من البيت..خطوه،، خطوتين..

وقفت أمام ذلك الباب الخشبي المهترئ..وبكل ما يختزنه جسدها الصغير من قوه..

دفعت الباب وأحدث صريراً ينم عن إهترائه..

ودخلت...عانقتها الممرات المظلمة التي تسترق الشمس نظراتها بين ثقوب سقفها الخشبي..

فرأته يقفز محاولاً جر قميصه من على الحائط اللبني..وحينما ظفر به..ارتداه على عجل..

والتفت إليها بسرعة...

تبادلا الابتسام...وخرجا سوياً في ظهيرةٍ لا ترحم طيراً ولا عوداً أخضر...





هي باسمه: ما رأيك أن نلعب ؟

هو يبادلها الابتسام: أي لعبةٍ تفضلين...؟

هي خجلى مستغرقةٌ في التفكير:أي لعبة يشترك فيها اثنان...(وتهز رأسها بتأييد) أريد أن ألعب معك...

هو انفجر ضاحكاً: تدعينني للعب..ثم تقولين أريد أن ألعب لعبةً يشترك فيها اثنان..؟

هي عاقدةً حاجبيها تتوسط خصرها يدها: هل تستهزئ بي؟

هو وقد فتح عينيه على إتساعهما: من قال أنه يستهزئ بك؟ إني أُمازحكِ لا غير..

هي بنظرةٍ مغرورة: حسناً،، سامحتك.. (تبتسم وتمسح عرقها) لـ نلعب..

ابتسم بهدوء الواثقين..وأحكم قبضته على يدها..ونظر بمكرٍ نقي في عينيها..فـ وجد ما لا تقواه خلايا جسده الغض..فـ لتلك العينين بريقٌ يفترس نبضات قلبه..ويجعلها تتزايد وتتسارع كما لم يسبق له أن أحس به..

يحكم إمساك كفها الطري الصغير بقبضة يده..وهي تنظر له مستغربه...

هي والغرابة تكسو نظرتها: لماذا تمسك بي بـ هذه القوه..لـ نلعب..

هو بلؤم: سنلعب الآن..

هي باسمه: إذاً اترك يدي..إني لا أفهم شيئاً مما تفعل..

وحانت منه إلتفاتةٌ سريعة..وانطلق بسرعة البرق راكضاً وهو محكمٌ إغلاق كفه على يدها..وشعرها الأسود يتطاير خلفها..تتخلله خيوط الشمس وتكسوه لمعةٌ كـ بريق القمر في ليلةٍ حالكة السواد...

هي برعب:أيها المجنون..ماذا تفعل..؟؟

هو يضحك بفرح: سترين..!!

كان يسابق نفسه..لا يعلم أين يذهب..أو لنقل يعلم ولكنه أدرك بوقتٍ متأخرٍ أنه لا يعلم..لم يعد يحس بتلك النفحات الساخنة التي تصفع وجنتيه..ولم يدرك للحظه واحده أنه حافي القدمين..يجري بين ردهات بيوتٍ لبنيةٍ والصمت يخيّم على الممرات والطرقات..وهو يجري ويجري..ويجر خلفه أجمل وردة خزاما تربعت في قلبه...

لم يلتفت إليها..ولم يدرِ بماذا تفكر..فذلك العرق المتسرب من كفها المبلول الذي إلتحم أخيراً مع كفه..كفيلٌ بأن يجعله ينسى أن يلتفت بسرعه..ليرى شعرها الحريري الأسود وهو يطير خلفها..

كشعر حوريةٍ جلست على صخرة الشاطئ فعبثت به الرياح إلى أن عانق الموج الساقط..

وللحظه سرعان ما هدأت سرعته..وأطلق كفها..وجلس على ركبتيه...

وأمسكت هي بتلك النخلة الشامخه التي تتبادل أحاديث الظهيره مع إحدى الغيمات العابرات بسرعة البرق..أو لنقل أولئك اللواتي لن يعشن نصف عمرهن قبل أن تنال منهن الشمس وتجعلهن يتناثرن متبخرات...

هو رافعٌ نظره إليها يلهث متعباً: نلعب؟

هي ودقات طيرها في القفص تتسارع: أنهكتني..!!

هو باسمٌ بحنان: لن أُتعبكِ بعد الآن...

ونهض مقترباً منها وهي مسندةٌ رأسها إلى جذع تلك الشامخه...ومد كفه إليها..

هي بتعب: كلا..يكفي..لم أعد أستطيع السير...

هو: لن تسيري..لقد وصلنا...

وأشار بيده لشجرةٍ ضخمه بجانبها بئر ماءٍ عميق وتلتف حول البئر والشجره القليل من الأعشاب الخضراء...

هي : ماذا؟

هو يبتسم: سأجعلك تطيرين...تعانقين الغيوم..وتقبلين القمر..

هي تضحك: أنت مجنون..

هو: سترين...!!

هي بتحديٍ: هيا..

وأمسكت كفه وركضا بسرعه إلى أن وصلا للشجره..ففتحت ثغرها على اتساعه..وتوسعت حدقة عينها بصورةٍ لم تحدث معها من قبل..ووضعت كفيها على فمها...

هي والعالم لم يسعها من الفرح: حقاً سأطير..

هو وطيره في القفص يتراقص وقد أعلنت الطوارئ فيه..وقُرعت الطبول: أخبرتك ولم تصدقينني..!!

هي تحاول الجلوس وتمسك بالحبال المتدليه من تلك الشجره الشامخه..ولكن محاولاتها باءت بالفشل...

هو يبتسم: سأنحني..وأصعدي على ظهري..ثم إجلسي وأحكمي قبضتك على الحبلين..

هي بنظرةٍ متعجبه: هل أخلع حذائي...؟

هو ينظر بطرف عينه: إخلعي حذاءك وإصعدي على ظهري حافية القدمين..

هي بتملل: ولكن يصعب علي إرتداه..

هو: لا بأس سوف أساعدك..

هي : هيا إنحني..!!

وإنحنى..وضعت قدمها الأولى على ظهره وبقيت الثانيه على العشب الاخضر..

هو: لماذا لا تصعدين..؟

هي: أخاف أن أكسر ظهرك...

هو يضحك: أيتها الحمقاء..أنا رجلٌ قوي..لست هشاً مثلك..

وسرعان ما أنزلت قدمها من على ظهره وجلست بسرعةٍ على العشب وقد إمتدت شفتها السفليه بشكلٍ أكبر إلى الأسفل في تعبيرٍ مضحكٍ عن غضبها...

هو يجلس: لماذا نزلتي؟

هي غاضبه: لا أريد أن أتحدث معك..أعدني إلى البيت..

هو مستغرب: وماذا بدر مني حتى تغضبي؟

هي بغضب: لقد قلت أنني هشةٌ سهلة الكسر...وأنت رجلٌ قوي..

هو يضحك: لا تكوني حمقاء..هيا نلعب قبل أن يحضر بقية الصبيه والفتيات فلا يأتي دوركِ إلا في الغد..

هي: إعتذر أولاً..

هو وقد تسمر مكانه: لن أعتذر..

هي: لن ألعب..

هو: إفعلي ما شئتِ..مللت غنجكِ..

وجلس صامتاً وهي صامته...تلفح وجنتيهما رياح ساخنه..ويسود الصمت جلستهما..

هي متأثره: غضبت؟

هو: كلا..هيّا إنهضي..اصعدي واجلسي على القطعة الخشبية..وحذاري أن تقعي..

هي تنهض: حسناً..

وإنحنى وصعدت بسرعه وجلست على الأرجوحة...وأسرع هو بالنهوض..ووقف أمامها..

تأملها بصمت...وإبتسم..

هي: هيّا..إدفعني..بقوّه...أريد أن ألمس تلك الغيمه..

هو يضحك: حسناً تمسكي بقوّه...
ووقف خلفها..وجرّ حبال الأرجوحة ناحيته..


وتراجع عدة خطواتٍ للخلف...وأغمض عينيه باسماً وأطلقها للريح...و,,و,,و طارت !!

إبتسمت وأطلقت هي ضحكتها..وتناثر شعرها خلفها..وهي ترجع مرةً للوراء..وتارةً تسير للأمام...

والأرجوحة تفقد سرعتها لحظةً بعد لحظه..وهو واقف بالخلف يتأمل شعرها الذي طالما فتنه..وأدهشه كيف يلمع ببريق يأخذ لباب قلبه وعقله...قلبه وعقله الطفولي الذي لم يتجاوز فضاء تلك الصبيه..

وإلى أن بدأت تلك الأرجوحه بالهدوء والسكينه..عاجلته تلك الصبية الشقيه بصوتها الرنّان صارخة بدلعٍ ممزوجٍ بالتذمر...

هي متذمره: هيّا إدفعني مرةً أخرى...هذه المره أريد حقاً أن ألامس الغيوم..

هو وقد استيقظ من شروده: لن تلامسيها...لن تستطيعي..

هي بإنكسار: أنت قلت لي..

هو بجديه: لن تستطيعي..ذلك مستحيل..

هي: لا بأس..هل تستطيع أن تدفعني بقوّه حتى أستطيع أن أرى آخر العالم..؟

هو مستغرب: وماذا تريدين من آخر العالم..؟

هي مبتسمه وتظهر أسنانها اللبنيه المكسوّه بالسواد: أريد أن أرى كيف يعيش الناس هناك..

هو يبادلها الإبتسام: لن تستطيعي أن تريهم..غداً عندما أكبر سأسافر إليهم..وسأطلعكِ على أخبارهم وماذا يفعلون..

هي برعب: ولماذا تسافر؟

هو: أريد أن أكون شيئاً مهماً يشار إليه بالبنان...

هي عاقدة الحاجبين: أولن تستطيع أن تكون ذلك الشيء المهم إلا بالسفر..؟

هو بفخر: نعم !!

هي بأسى: وكم ستغيب؟

هو شاردٌ: لا أعلم..

هي: هل يجوز أن تأخذني معك..؟

هو:كلا...

هي بعصبيه: لماذا؟

هو يبتسم بلؤم..لكم عشق ذلك الجنون الغاضب القادم من عينيها: أنتِ ضعيفه..هشه..أنت قطعة بسكويت..

هي وقد تطايرت من عينيها شرور الكون: أنا؟

هو يشاغبها: نعم أنتِ ولا أحد سواكِ...

هي تمنحه فرصةً أخيره: أعد ما قلت...هل هي أنا؟

هو يبتسم ويعاكسها بجنون مخرجاً لسانه في تعبير مضحكٍ عن البراءه: أنتِ،، أنتِ،، أنتِ،، أنتِ،، أنتِ،،!!

هي تحاول النزول ولكن لم تستطع...

هو: ابقي هنا...سوف نرى من يقوم بإنزالك...

هي بقوّه: أنزلني قبل أن تندم...

هو يضحك مقلداً إياها بإستهزاء: أنا،، أنا،، أنا،، أنا،، أنا،، أنا،،!!!

هي وقد بدأت تفقد أعصابها: أنزلني...سوف لن أتحدث إليك بعد اليوم..

هو وقد إرتعدت فرائصه من ذلك التهديد المجنون: لن أُنزلك..وسنرى من الذي سيندم..

هي متعجبه: ومن ماذا..أو على ماذا سوف أندم؟

هو بغرور وثقة: سوف تندمين...هيّا قاطعيني ولا تحدثيني...ولا تلعبي معي...إبقي مع صبية وفتيات القريه..هناك عددٌ من السنين قليل سوف أمضيها هنا...

هي برعب: وأين ستذهب بعدها.؟

هو بغرور: سبق وأخبرتك..علي أن أسافر إلى آخر العالم..كي أصبح شيئاً مهماً...

هي بنظرةٍ قاسيه: إذهب...لم أعد أهتم...أنت تهددني بأنك لن تلعب معي..ولكن تحمل ما يصيبك حينما تعود ولا تجدني...ولن تجد بعد اليوم من يلعب معك أو يحادثك..

هو عاقدٌ حاجبيه: وأين ستذهبين؟

هي وقد اغرورقت عيناها بالدموع: سوف أموت...

هو فُجع بما سمع: ماذا ؟!!!

هي: سوف أموت.. (وبدلع مصطنع مدت شفتها السفلى في محاوله أخيره للبكاء) عندما يضربني الصبيه في القريه..وتقوم الفتيات بإيذائي...

هو يمسك ضحكة كادت تدوي في المكان: حسناً لن أسافر..

هي باسمةٌ بغرور: كنت أعرف ذلك..

هو يحك رأسه متمللاً منها لبرهه: هل تودين اللعب أم تفضلين أن نعود للبيت..؟

هي: ساعدني بالنزول سنعود للبيت..تأخر الوقت..

هو يقترب منها ويمد يديه إليها ،، تتشبث به وترمي نفسها بقوه إليه،، يحملها ثم تقف على قدميها بعد أن أنزلها..

هي: ثقيله؟

هو: قليلاً...

هي: ساعدني لا أستطيع لبس حذائي لـ وحدي..

هو: حسناً اجلسي..

جلست وجلس أمامها فمدت قدمها بعفويه..جر هو حذائها وأدخله في قدمها الصغيره..وابتسم وهي يحرك اصبعه في قدمها محاولاً إضحاكها...فإبتسمت وضحكت بعدها..

هي: توقف..أنت تضحكني...

هو: وجهك أحمر..

هي ترفع خصلات شعرها المتدليه على وجهها: أجل يكاد الحر يفتك بي..

واستمر بربط خيط حذائها بقوه..والتفت يدخل الآخر وهو باسم وهي تنظر إليه شارده..

وقفت ووقف بجانبها ومشيا في طريق العوده..

وأرتفع صوت الحق يدوي في أركان المكان..وانسابت الكلمات بعذوبه تداعب آذانهم الطريه..وتتخلل رقة الصوت وعنفوانه شغاف قلوبهم الصغيره..

هي: أين ستذهب.؟

هو: الى المسجد،، بعدها سألعب مع الصبيه..وأنتِ؟

هي ترفع عينيها للسماء: ربما نذهب أنا وأمي لتلك السيده.. (وبصوت ضجر) سنحفظ اليوم جزءً جديداً من المصحف...

هو: وهل تحفظين الكثير؟

هي: لا لقد بدأت بالحفظ منذ فتره قريبه..

هو: ولمَ أنت ضجره؟

هي: كنت أودُ الذهاب انا والفتيات لمتابعة تلك اللعبه الجديده التي ستلعبونها مع الصبيه..

هو يضحك: غبيّه...ذلك مفيدٌ أكثر من هذا...

هي تقف: حسناً إذهب..أراك في الغد..

هو يبتسم ويراها وهي تبتعد نحو بيتها: إلى اللقاء...

ركضت وفستانها الزهري يتمايل وشعرها لا يزال يعانق الهواء وخصلاتٌ خفيفه منه تلتصق بوجنتيها وعنقها من حبيبات العرق التي اكتستها...

ركض نحو المنزل وفتح الباب الخشبي المهترئ وذهب ليتوضأ...
.
.







نهاية الجزء الأول ..
أجمل مافي الحب بطاقة تلازمه..

في كل مسالكه..وأسفاره..طرقه..وأزقته..

كتب عليها " المستحيل"

أجمل مافي الحب أنه كـ طفلٍ لئيم متمرد ..

لا يستكين ..لكنه يبقى طفلاً..

وبراءة الطفوله دائماً تبعث بداخلنا ألم " الحنين"

أجمل مافي الحب حلمٌ..لذيذ..طويل..ممتد..موغل في العمق...ثم بكل حواس اليقظة يقذفنا خارج حدود " اليقين"

أجمل مافي الحب أنه يأتي بلا موعد..يأتي دون مقدمات..وبلا إشارات..وبلا مشاعر مسبقه..أو أحاسيس مهيئه....



كتبتها ذات صيف كاتبه مبتدئه تدعى شوق ..

.
.
إهداء لـ:

سـ...ـيدٍ لا يجيد فن بعثرتي سواه..وملكٍ لا يجيد حكم مملكتي سواه..

وقلبٍ لا يجيد حياكة أساطير الحب في حياتي سواه...وشرقيٍ أعشق قسوته وجفاه..

ولا أستطيع لـ برهةٍ أن أتخيّل كفّي لا تعانق كفاه...

بوحي وسطوري..لـ شخصٍ يحضر بالروح ويفتقر المكان لـ عبيره الفواح..وأريجه المنبثق من حروفه..ونظرةٍ سرمديةٍ بهيه..تُقبل عينّي وخدّي ولا بأس إن كان هناك نصيبٌ لـ(..........)(1)


(1) حُذف لـ مخالفته الشرع الأخلاقي في الكتابه ...


--------------------

.
.
يتبــع ..

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة Malame7 ; 23-06-08 الساعة 09:20 PM
عرض البوم صور Malame7   رد مع اقتباس

قديم 23-06-08, 09:09 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 68975
المشاركات: 253
الجنس أنثى
معدل التقييم: Malame7 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Malame7 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Malame7 المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 




طعنة الطفولة !!!!









وَضَعتْ ما تبقى من ملابسها الجديده في صندوقها الحديدي..المائل للسواد المُنقوش بالفُريدات النحاسية...وحانت منها التفاته نحو فراشها الممدد على الأرض المليء بالألوان..وانحنت وضمت بكفيها قطعةً طويلة من قماش أخضر اللون; كانت سيدةٌ كبيره قد ذهبت للحج قبل عام وأحضرته هديةً لها من أُم القرى...

رفعت شعرها وربطته بطريقةٍ عشوائيه..وتنفست بعمق،،خرجت من غرفتها تتمرغ قدميها في أرض بيتها اللبني المصنوع من الطين والماء...والذي أتقن صنعه ذات نهار جدها-رحم الله جدّها- وأبناؤه منذٍ أمد بعيد لا تدركه لا هي ولا والدتها...

دخلت تلك الغرفه الكبيره التي يستر سقفها خشبٌ ثقيل يعتليه سعف النخيل المُوزع في أنحاء قريتهم والذي قاموا بزرعه في أرجاء المكان..

وصلت لـ توها فوجدت فوانيس البيت قد أُضيئت فهناك على يمين المدخل فانوس يتوقد بوسطه اللهيب وآخر على مخْدعِ والديها..

تنفست بـ ضجر،،كل شيءٍ حولها يدعوها وبـ قوه للملل،،عادت اليوم بعد صلاة المغرب من بيت السيدة التي تقوم بتحفيظها أجزاء القرآن الكريم...

خرجت من البيت وجلست على درجهِ الحجري المتعرج ومدت ساقيها وهي تتأمل السماء وقد إرتدت عباءتها السوداء ونثرت النجوم كلالئ تزينها ،،فـ حانت منها ابتسامةٌ عذبه وهي تتذكر الأرجوحه..

" إستمتعت كثيراً بالتحليق اليوم في كبد السماء الملتهبه،،كان المكان شديد الحراره ولكني شعرت بالسعاده..وكيف لا أشعر بها و هو دفعني بقّوه حتى كدت ألامس الغيوم،،"

ضحكت ضحكةً خفيفه وهي تتذكر حوارها الغاضب معه...

هي متذمره: هيّا إدفعني مرةً أخرى...هذه المره أريد حقاً أن ألامس الغيوم..

هو وقد استيقظ من شروده: لن تلامسيها...لن تستطيعي..

هي بإنكسار: أنت قلت لي..

هو بجديه: لن تستطيعي..ذلك مستحيل..

" هو عصبيٌ مزاجي،، لا يقبلُ حلاً وسطاً..إنه يقتلني بغروره،، ولا أدري كيف يُطلق عليّ لقب المغروره في حين أنه لا يرى ما يفعل..."

وإستمرت بمراقبة السماء والنجوم،،وإفتقدت هذه الليلة القمر،،...

"ترى أين هو ؟"

ونقلت بصرها في كل أرجاء المكان ولكن محاولتها باءت بالفشل،،فـ تخطت دُريجات المنزل يطير معها جلبابها البُني الفضفاض ذو الأكمام الطويله..المزركش من على الصدر الملئ بالخطوط الذهبيةِ المستقيمه...

وركضت حافية القدمين تتمرغ قدميها في تراب القريه التي ينبثق منها عبق البساطه..الساكنه الهادئه والتي في أغلب الظن أن أهلها قد أووا إلى غرفهم للنوم..

كانت أضواء الفوانيس تشع بهدوء من بعض منافذ البيوت..ولكن القدر الأكبر من الضوء قد انبثق من القمر وأُسرته الملكيه..

و هي تمشي ورأسها للسماء في محاولاتٍ عبثيه للبحث عن القمر،،ومرت أمام الباب الخشبي الضخم وتخيلت صريره صباح اليوم..فابتسمت ابتسامةً عذبه ورفعت بصرها لـ نافذته وأدركت حينها أنه لم يخلد للنوم حتى الآن..

مشت وواصلت سيرها وتوقفت فجأه وهي تنظر إليه مدّور الوجه باسمٌ لها يراقبها بهدوء إلى أن وجدته،، ابتسمت ولوّحت له بيدها وسارت لليمين وسار معها،، وحوّلت مشيتها لليسار فمال معها يساراً...

وجلست في أعلى صخره بين بيتين من بيوت القريه فـ هبت نسمةٌ خفيفه عبثت بشعرها فـ طار الخيط الأخضر وإنفرد شعرها كخيلٍ جامح فوق ظهرها وغطاها والتفتت تبحث عنه ،،

ولكن،،،، هيهات !!!

رجعت مُسرعةً إلى البيت ووجدت الباب مفتوحاً وقد أُطفئ فانوس مخدع والديها فركضت مسرعةً لتنعم بالنوم قبل أن تشرق الشمس وتستيقظ حتى قبل الطيور والفراش...

بينما كان هو مع صبيٍ آخر يقضيان الليل في اللعب أمام حطبٍ مشتعل في الطرف الآخر من القريه..

كانت النار تضطرم والحطب يُعلن انتهاءه بمنظر دموي يرعب الناظر للبعيد،، سُرعان ما أدركهما الوقت فنهضا وافترقا كلٌ لمنزله..

و هو عائدٌ للبيت خَطَرتْ الأُرجوحه على باله فابتسم وتذكر النهار السرمدي الذي قضاه مع دُميته المفضله،، شعرها الأسود الذي تغازله خيوط الشمس،، عيناها شديدتا السواد..

وأمام تلٍ صغير لا يبعد الكثير من الخطوات عن منزليهما،، وجد خيطاً أخضر،، لم يخدعه ناظره ابداً فيه،، ولم يساوره الشك للحظةٍ واحده أن يكون ذلك الخيط الأخضر لـها هي...

ابتسم وركض مسرعا نحو منزله ،، فتح الباب الخشبي الضخم ودخل قبل أن تدغدغ خيوط الشمس جسده الغض الطري فلا يهنأ له نوم...

.
.
وأعلن الفجر إنذاره وتغلبت الشمس في محاولةٍ جهيده أن يتمخض بها رحم السماء فـ تقضي على آخر خيوط العباءة السوداء المنتشره في كبدها...
وتناثرت طيور الحي ذات اليمين وذات الشمال،، واختارت لها غصناً أخضر لم تنل الشمس منه فوقفت تعزف سيمفونية الصباح المعتاده...

مدت كفيها وأغمضت عينيها بقّوه،،وقفزت بسرعه من فراشها ووقفت أمام نافذتها التي يغطيها وشاحٌ صغير كانت قد ادثرت به ذات طفوله..!!

تجولت في الغرفه وبعد أن أدت فرضها أبقت جلبابها البني الموشح بالأعمدة الذهبيه،، وانطلقت كـ فراشةٍ حالمه تعانق عالمها وربيعه الذي لم يتجاوز عدد أصابعها في كلا كفيّها...

وجدت اللبن وقطعة خبزٍ مغموسةً بداخله بإنتظارها على حصيرٍ صغير مُد في وسط المدخل،، فرأت والدها يستعد للخروج...

ركضت بغنجها المعهود وألقت نفسها فوقه لتحتضن ساقيه حيث لم يسمح لها طولها أن تصل حتى لخاصرته...

هي: أبي هل ستذهب؟

والدها يمسح على شعرها: نعم...وهل ستخرجين...

هي بمرح: نعم سأذهب إليهم سيلعب الصبية اليوم أمام بركة الماء...

والدها محذراً: حذاري أن تفكري بالنزول إليها...

هي بغرور: لن أنزل لا أستطيع أن أتحمل منظر إتساخ ملابسي..

والدها ضاحكاً: حسناً أيتها المغروره...

هي باسمه: أبي أبي...سأخبرك شيئاً لن تصدقه...!!

والدها الذي تأخر: بعد أن أعود لقد تأخرت وسيذهب الرجال للمدينة وتركوني هنا أجلس بجوارك أنتِ وأمك..

هي بإنكسار: حسناً...

خرج والدها،، وتناولت فطورها على عجل وخرجت مسرعةً إلى بيته....وقفت أمام نافذته ودفعت باب البيت الخشبي ،، فعزف لها معزوفته الصباحيه المعتاده...

دخلت تركض إلى أن وصلت غرفته ولكنها كانت تضج بالصمت...نقلت بصرها بين الأشياء ونادته عدة مرات...لم يستجب...

" ترى أين يكون !!!؟"

عادت تركض مرةً أخرى فرأت والدته وقد جلست على الأرض وأمامها صحن حديدي ضخم وبه العديد من القطع القماشيه التي بدا الأمر وكأنها تقوم بعجنها فيه...

اقتربت منها وقبلتها...

والدته: هل تريدينه؟

هي بإنكسار: ليس في غرفته...

والدته التي اندمجت في الغسيل: لقد ذهب لبركة الماء....

هي بألم: ولمَ لم ينتظرني؟

والدته: لا أعلم...ما أخبار والدتك ؟

ولكنها اختفت قبل أن تسمع سؤال أمه عن والدتها،، وركضت لـ بيت إحداهن لترافقها الى هناك..

نزلت قرينتها ومررن في الطريق على أخرى ترافقهن....وكل هذا والشمس لا تزال تجاهد للوصول إلى نصف السماء...

وقد دبت الحياة في القريه الصغيره،،وابتسم الذاهب للراجع،، والكل يمضي بطريقه لعمله..ولا يبقى في البيوت حتى رباتها...

فهاهي إحداهن تمشي مع أُخرى وقد هجمتا على إحدى الشُجيرات اليابسه وقضيا على أغصانها التي فوقها سـ توقد نيران الطعام..

وأُخريات قد إفترشن الأرض للبيع وعرض بعض الأواني الفخاريه والنحاسيه...وهاي هي أُخرى تقود حمارها بإتجاه السوق في المدينة القريبه...علها تجد بضاعةً تدوم لها حتى الشهر القادم...

وصلت أجل لقد وصلن جميعاً،،، وتعالى صراخهن المزعج...

صديقتها: إلهي إنها كبيره...

الأُخرى مصعوقه: رباه..!! من أين لهم الجرأه بالنزول إليها...؟

أما هي فقد إلتزمت الصمت...كانت تعاني الأمرين...لقد ذهب وتركها...ذهب للعب ونسي أنه وعدها مساء البارحه بعد أن عادت من التحفيظ أن يصطحبها معه لترى مهارته أمام الصبيه في السباحة والعوم لقعر الماء...

غاضبةٌ هي و ياله من يومٍ أسود بانتظاره...!!

كان الصبيةُ يغطسون الواحد تلو الآخر إلا هو وصديقٌ أشعث أغبر معه...

أما هي فقد تجاهلته وكأنه لم يكن...وعندما رآها ركض مسرعاً نحوها...يناديها وهي لا تلتفت إليه وبقية الفتيات ركضن بإتجاه الصبيه يصرخن ويضحكن ويتبادلن الحديث معهم..

فيما إشتد جنونهم فأخذوا يرشونهن بالماء....

وهي وقفت بغرورها وعنجهيتها،، وهو يقترب منها يلبس سروالاً أبيض يستره..ضعيف الجسد حنطاوي البشره تقفز عظيمات قفصه الصدري بشكل مرعب،، ينم عن ضعفه الجسدي...

هو: أنتِ لماذا لا تأتين...سوف أُريكِ كيف أسبح..

هي تلتزم الصمت...

هو قلق: مابكِ؟

هي: لا شأن لك...

هو بقلقٍ أكبر وقد صعد إليها حتى وقف أمامها: ما بكِ؟

هي تنظُرهُ بإزدراء: وهل يعنيكِ أمري حتى تسأل ما بي؟

هو ينظر إليها بعتب: هل بدر مني ما أزعجكِ؟

هي وقد قررت الكلام: إذا لم ترى نفسك أهلاً للوفاء بالوعود فلا تقطعها..

هو مصدوم: وبماذا وعدتكِ ولم أفي؟

هي تكابر بجنون: أن تصحبني معك لبركة الماء...

هو يتنهد: ولهذا أنت غاضبه؟

هي بغضب: وتلومني على غضبي؟

هو يُنزل رأسه ويمسك كفها الصغير: تعالي..وسأخبرك ما حدث لاحقاً...

استسلمت بهدوء ومشت خلفه......

ترى هل تتخلى عن ذلك الغرور الذي يسكنها؟ أم أنها تنوي شراً....!!!

وصلا للبركةِ وجلس الصبية يتفاخرون من يغطس بعمق أكثر...

أحدهم ينظر إليه: لمَ لم تغطس حتى الآن؟

هو بثقه: سأنزل للماء الآن وأُريكم كيف يكون الغطس الحقيقي...


ووقف يستعرض عضلات كتفيه التي تكادا أن تظهرا...ويماثله في ذلك كل الصبيه الذي لا تكتسي أجسامهم سوى قطعة جلدٍ رقيقه تغطي العظم،، في تعبير بسيط عما تعيشه تلك القريه من صعوبة الحياه...
وتناثر الصبيه على البركه يستعدون للقفز...ووقفن الصبايا ينظرن إليهم...وهي تقف بطرفهن تراقبه عن قرب وكلما نظر إليها حوّلت بصرها لشخصٍ آخر حتى تثير غضبه منها...
وبينما هو غارقٌ في النظر إليها يستجدي نظرة إعجابٍ وإنبهار بما سيفعل....هوى سريعاً وتدحرج على المرتفع الذي يسبق بركة الماء...تدحرج وتدحرج حتى سقط بعنفٍ وسط الماء...
بعد أن دفعه أحد هؤلاء السذجه،،لقد راعهم المنظر...وإنطلقت صرخات الفتيات تملأ المكان...
بكت إحداهن والأُخرى وضعت كفيّها على فمها....
والأبله وقف مكانه مذعوراً،، وبقية الصبيه تسمروا قبل أن يقفزوا...
بينما هو إختفى تحت الماء....!!! اختفى ...!!
وتراكض الصبيةُ مسرعين حين أخرج رأسه وقد بدا عليه الإنهاك،،وهو يلهث ويتنفس بصعوبه ويصارع الموج بيديه في محاولةٍ فاشله للخروج...إنه يغرق..!!
أما هي فقد أحست لبرهة أن الكون قد أعلن الصمت،، وكأنه يعيش لحظة حداد على روح أحدهم...
صمتٌ قصير شعرت به أن قلبها يصارعها للخروج...إنه يتمرد...ورجفةٌ غريبه بين كفيّها...
ولم تصحو من صمتها الذي أبرد أطرافها إلا حين رأت الصغار يسحبونه من يديه خارج بركة الماء...وهو يحاول الجلوس بعدما تبين أنه لم يُصب بأذى،، إنما أصابه ذُعرٌ شديد من الغرق...
أحدهم: هل أنت بخير يا صديقي؟
هو يتنفس بسرعه: نعم ،، الحمدلله شعرت بالموت...
آخر بلؤم: ظننتك تعرف الغطس ولكنك أذهلتني بفشلك الذريع...
أحدهم: نعم لقد رأيت ذلك...
هو بغضب: إنني أعرف الغطس في الماء...إنما أصابني ذعرٌ بعد السقوط...وسأريكم الآن..
أحداهن تضحك: لا تجادل..لقد كنت تصرخ كـ فتاةٍ ضعيفه...
انطلقت ضحكات الصبيه والفتيات،، وارتدى الصبية ملابسهم بينما بقي هو في مكانه مغمضٌ عينيه في انتظارها...هي لـ وحدها من ستدافع عنه...ستثبت لهم أنها رأته يسبح ذات يوم في بحيرة عميقة تكوّنت ذات شتاء بعد المطر...
هو يشير إليها: إسألوها...لقد رأتني وانا اسبح في ذلك السيل الجاري الذي خلّفه المطر منذ عام...أليس صحيحاً؟
هي تنظر إليه وقد حطم الغرور قلبها: لم أرك...ضعيفٌ هش...سهل الكسر...أنت قطعةُ بسكويت...
صعقته...صدمته...دمرته...لا لا...إنها أكبر من كل ما فعلت...لقد أنهته...
تعالت صرخات الفتيات وتصفير الفتيه وهم يستهزئون به...بينما نهض مسرعاً وإرتدى قميصه وعاد إلى المنزل...
إفترقوا جميعاً وكلٌ ذهب إلى منزله...هي وهو ،، بينما أكمل الصبيةُ والفتيات لعبهم الجماعي قبل أن تغدر بهم الشمس حين تتوسط كبد السماء فلا يمكنهم ملامسة الأرض...
.
.
وبعد أن حلت الظهيره...جلست هي تتلوى في دارها لوماً..تندب غرورها وتلوم نفسها ألفَ ألفَ مره...تريد أن تبكي...
ولكنهم تخلوا عنها...كلهم...الصبيه والفتيات...
ونفسها...
حتى الدموع كابرت وخانتها...حاولت أن تنزفها ولكن دون جدوى...
وأهم من كل هؤلاء أنها فقدته،، فقدته في غمضة عين...
هو الأهم منهم جميعاً....
و دبيب الضمير في أعماقها لم يهدأ...وإحساسها بالذنب لم يبرحها لثانيه...
ولكن هيهات..!!
بعد أن كسرت الزجاج أنى لها أن تعيده ،، وإن أعادته فعبثاً تحاول أن يرجع لشكله الأصلي...
.
.
جلس في غرفته يشغل نفسه بنحت قطعةٍ خشبيه...بشكل قمرٍ شاهده ذات مساءٍ شتوي..ويجعله على عمودٍ خشبي مستقيم...قرر أن يهديه لها...
ولكنه تراجع مؤخراً بعد فعلتها الشنيعة تلك...
وبينما هو غارق في إستعادة ما مر به صباح هذا اليوم...دخل والده الغرفه فابتسم ونهض إليه يحتضنه...
هو بإبتسامة باهته: أبي لقد عدت من المدينة باكراً...
والده الذي جلس على فراشه: وهل انت سعيد؟
هو: أجل،، سأجلس معك طويلاً..
والده: حسناً...ألن تخرج لتلعب بعد صلاة العصر..؟
هو وطيرٌ في قفصه يتسارع: كلا...ربما...لا لا لن أخرج..
والده وقد استغرب: ولماذا؟ هل يوجد ما يضايقك في الخارج..
هو يبتسم مُمثلاً البرود: بالتأكيد كلا...أنا اجد متعتي خارجاً...ولكني أُفضلك عليهم..
والده يبادله الإبتسام وهو يمسح على شعره الكثيف الأسود: عندي لك خبرٌ جميل سيسعدك...
هو بفرح مصطنع: ما هو؟
والده بجديه: حينما ذهبت اليوم مع رجال القريه للمدينه المجاوره...تلك القريبه،، أتعرفها؟
هو بإهتمام: أجل تلك التي تبيع فيها سيداتنا تمور القريه..
والده: أجل إنها هي...
هو: ما بها...؟
والده: لقد أحضروا رجالاً مثقفين يقومون بتعليم الصبيه القراءة والكتابه...وأنا لا أريد أن تضيع هذه الفرصه من يديك دون أن تستغلها...
هو وقد ذُعر: لا يا أبي لا أريد...
والده مُندهش: لا تريد أن تتعلم؟
هو محاولاً إقناع والده: أبي إني احفظ الكثر من المصحف...لا حاجة لي بالكتابه...
والده حازما: بُني لا بد أن تكتبت وإلا لن تسافر...كيف تسافر وأنت لا تعرف الكتابه..
هو بحماس: سأتعلمها هناك...
والده يقف: العلم في الصغر كالنقش على الحجر...
هو: ولكن المسافة بعيده وأيضاً نحتاج المال لدفع مصاريف الدراسه...
والده: سأدبر كل هذا...في الصباح ستذهب مشياً لأن الشمس لا تكون شديدة الحراره...وعند الظهيره سوف أستأجر حمار جارتنا لإعادتك للقريه...ومصاريف المعلمين ليست بالكثيره سأدفعها...
هو وقد لامس الإصرار في عينّي والده وأدرك أن بقاءه هنا لن يفيده،، وأنه لم يعد هناك من يستحق أن يبقى من أجله...لقد صعقته اليوم بما فيه الكفاية حتى قرنٍ قادم...
هو وقد تنفس بعمق: حسناً أبي..إفعل ما تريد سمعاً وطاعه..
والده يبتسم: بارك الله فيك...

نهاية الجزء الثاني ...


أجمل مافي الحب..غموض عوارضه..وعجز كل قلم يحاول ان يكشف ستار غموضه..
أجمل ما في الحب ألوانه المتناقضه..والمتضاده..
أحاسيسه المتلعثمه..حضوره الخفي..واختفاؤه الحاضر..

أجمل مافي الحب زمنه السرمدي..اللامنتهي..
والضارب بجذور الحياه في اعمق عمق بداخلنا..
أجمل ما في الحب نزيفه..
فهو لا ينزف الألم كله..ولا ينزف اللذة كلها..
نزيفه مثله تماماً ..لا يمكن أن يكون جزءاً ولا يمكن أن يكون كلاً...
من قال...ان الزمن يبدأ عند حافته ومن قال ان الرحيل يضرب بانتهائه..؟!
الحب لا يموت..واذا مات فموته بعث جديد...بعث لـ نبتةٍ جديده وحياة أخرى..
وشوق آخر..وحنين آخر..
لكن لـ بذرة واحد...
هي هو " الحب نفسه "كتبتها ذات صيف شرقيةٌ حالمه تُدعى شوق..

الإهداء لـ:
نرسيس الذي لن يعود...وعذراءٍ غبيةٍ ساذجه...صرخ ذات ليلةٍ بين أحضان ورقها متألماً فـ إبتسمت له ببرود...وانفجرت ضاحكه...
إهداء لقلبها المتجمد وغلطتها الشنيعه....ومن الأعماق أُهديها كلماتي...
ولـ تُصدر عليها محكمة الحياه عقاباً طول الزمن الـ لامنتهي...
بأن تدفع ثمن غلطتها غالياً والغالي ذلك...غاليٌ جداً لا يمكن لخيالكم العذب أن يستوعبه....

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة Malame7 ; 23-06-08 الساعة 09:20 PM
عرض البوم صور Malame7   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 09:11 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 68975
المشاركات: 253
الجنس أنثى
معدل التقييم: Malame7 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Malame7 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Malame7 المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 


وعلّمها الحُبْ !!

وضع رأسه بهدوء على إرتفاعٍ قليل عن الأرض ومد جسده الصغير على فراشه...في محاولةٍ مضنيه يجاهد فيها عينيه أن تغمُضا وينام...
ولكن جميع المحاولات كان الفشل حليفها الأول..جرحها لازال ينزفُ بغزارة،،وطيره في القفص أقسم ألا يسامحها..
نور الغرفة الخافت لم يسمح له أن يرى بقاياها فيها..فـ نهض على عجل..ووقف أمام فتحةٍ ليست بالعميقه في جدار غرفته صُنعت على شكل مستودعٍ صغير يضع فيها كل ملابسه التي لا تتجاوز قميصين وسروالين وثوباً واحداً...
وأخرج منه قطعةً صغيرةً من القماش تزينها خطوط ذهبيه صنعت من النايلون بطريقةٍ إسلامية بسيطه يُعبر عنها الساكن في رحاب الله العظيمه عن امتنانه وحُسن ضيافته للقادمين من أرجاء الأرض جميعاً...
ضمّه لـ صدره العاري وبقوّه...يُعبر فيها بكل ألم وبطريقةٍ بريئه،،عفويه،،وصادقه عما يجتاحه من شوقٍ إليها رغم مكابرته..ورغم الجرح الذي استوطنه ذات صباح ...
ولا زال النزيف مستمراً...
مضى على الحادثة شهر لم يرها حتى للحظه..وعلِم من والدته والصبيه أنها لم تبرح البيت ابداً..ولم تخرج لتلعب مُطلقاً...وقامت الفتيات بزيارتها ولكنها رفضت استقبالهن...
ابتسم وهو يعلم أنها تعيش فصلاً مؤلماً من التعذيب النفسي...ولكنه لم يأبه.!!
هي من تسببت بكل ما يحدث...
اقترب من الفانوس وأشعله..وجرّ أوراقاً تميل للإصفرار وغمس الريشةَ في الحبر الأسود،، وخط حرفه الأول والثاني ثم تلا كل الحروف التي مضى شهرٌ كامل وهو يتعلمها في المدينه...
" أ،، ب ،، ت ،، ث ،، ...........ي"
أخيراً لقد أتقن رسمها كاملة...
وفجأه...!!!
صرخ بصوتٍ عاليٍ وهو يبتسم....
" وجدتها ...لقد وجدتها...."
وأخيراً سينام بهدوء..وفي الغد ستحدث المفاجأه..
.
.
وافترست الشمس القمر..قهرته حتى انحنى راحلاً...وتربعت على عرشها تتمايل بغرور بين الجبال وعلى السماء وفوق سطح الماء...وتسترق النظر من الشرفات..وتداعب حيناً الوجنات...
وربما اشتاقت لـ فراشة حبست نفسها...فلم تعد ترها كما كان يحدث في الماضي...شهرٌ كامل لم تحضر درساً للقرآن،، ولم تخرج لتمارس لعبةً مع الصبية والفتيات...
وعلمت بوقت مبكر أنه رحل وياله من رحيل.....لقد رحل للمدينة وهو الذي وعدها ذات ظهيرةٍ مشمسه على سطح إرجوحة متمايله أنه لن يذهب أبدا....
ولكنه ذهب !!
نهضت بتكاسلٍ مقيت من فراشها وتلفتت للأجواء...اليوم هو يومٌ جديد في الأسبوع ولكنها لا تعلم ما هو...
توضأت ولبست ثوباً أحمراً منقوشاً بمربعاتٍ سوداء...وصلت الفجر بوقتٍ متأخر...ثم....!!!
ثم أخيراً قررت الخروج...
وحافية القدمين أيضاً...لم تلبس حذاءها هذا الصباح وللمره الأولى تتخلى عن غرورها...
مشت ثم مشت ومشت..ومن يراها تمشي هكذا يظنها على غير هدىً ولكنها كانت تعلم مسبقاً أي طريقٍ تعانق...
كانت نسماتٌ خفيفه تدغدغ وجنتيها التي كساها الاحمرار..الجو بديع رغم الصيف الذي يكاد يفتك بالبشر في هذه القريه...وما إن وصلت حتى لفّت ذراعيها حولها...واحتضنتها بصمت بليغ أشبه ما يكون بـ صرخةٍ صامته...
تلك كانت شجرة اللوز التي رُفعت عليها الأرجوحة حين دفعها ذات ظهيرةٍ مشمسةٍ فوقها وأوهمها بملامسة الغيم ،، ولمّا انقادت له راضيه صفعها بالواقع مُتقناً دور الحقيقة المُره ،، حين عاجلها قائلاً " ذلك مستحيل" !!!
أمسكت الخيط وحاولت بجهدٍ بليغٍ أن تصعد،،ولكن محاولاتها انتهت بالفشل،، الواحدةَ تلو الأخرى...
إلى أن تمكنت أخيراًً....
" رباه إني أُحبك"
صرخت بجنون حين تمكنت أخيراً أن تتربع فوق القطعة الخشبيه التي تخيلت لوهلةٍ من الزمن أنها غيمةٌ سرمديه وضعها لها ذلك الـ "هو" حتى يوهمها بأنه قادرٌ على تحقيق المحال...
جلستْ بهدوء ثم حاولت دفع نفسها،، جاهدت،،عاركت،،حاولت،،ولكن دون جدوى...
فجسدها الضئيل ليس أهلاً أن يدفعها لتمارس الطيران خلسةً..
فتململت وحركت قدميها بهدوء وهي معلقةٌ في الهواء...تمسك حبليّ الأرجوحه دون حراك...فيما عدا نسمات خفيفه تغازل وريقات شجرة اللوز الضخمه..
وفي صمتها وقوقعتها التي آثرت أن تعزل نفسها بها،، أحست بشيءٍ يجرها للخلف و بـ قوّةٍ خارقه ثم ما لبثت أن انطلقت نحو السماء وانفرد شعرها كـ شلالٍ أسود...
لم تستطع النظر للخلف ولكنها كانت سعيده...بالوقت نفسه كتمت ضحكتها..فلماذا الضحك...ومن يفرحُ لـ ضحكتها غير حاضر....
وقطع صدى الصوت سكون المكان...وهدأ النسيم..وتوقفت وريقات الشجر العريضه عن الرقص،،وانتبه الكون في موقفٍ بهيج لذلك الضجيج العازف القادم من الخلف...
حين عاجلها على غِرّه...
هو: اضحكي بصوتٍ عاليٍ...
هي بـ لا تعبير: انت !!!
هو يبتسم: طيري..
هي ترسم ابتسامةً طفوليه: هيّا نطير...
هو يبتسم...
هي والهواء يأرجحها: كيف عرفتَ أني هُنا؟
هو: مررت بيتكِ صباحاً،، صعدت لغرفتك وكنت تغطين في نومٍ عميق...
هي تضحك بعفويه: ولماذا لم توقضني؟
هو بثقه: كنت اعلم انك سوف تذهبين اليوم لـ الأرجوحه...
هي مندهشه: وكيف عرفت؟
هو يحرك عينيه للأعلى: عندما دخلتُ مخدعكِ وجدت حذائك وثوباً جديداً وربطةً للشعر...وعرفت بعدها أنك ستخرجين...
هي تمد قدميها للأمام: ولكني خرجت حافية القدمين...
هو يبتسم: حسناً..لقد عرفت ويكفي...
هي: أنزلني...
هو: كيف صعدتي؟
هي: جربت مراراً حتى تمكنت...
هو: إنزلي لوحدكِ...
هي وقد توسلته بعينيها: أرجوك..
هو يكابر: لن ......(وصمت)
هي: ماذا؟
هو يقترب،، يمُدُ يديه،،وتقفز إليه بقوّه...حتى توقعهُ أرضاً...فـ ترفع رأسها بسرعه وهي لا تزال متمسكةً بعنقه...
هي بذعر: هل حطمتك؟
هو بأسى: خبرٌ قديم...
هي لم تفهم وسارعت بالنهوض: لقد اصبحت سمينةً جداً...
هو ينفض عنه غبار الأرض: كلا لقد تقلص حجمكِ...
هي باسمه: تعال نذهب لمكانٍ ما...
هو: أين؟
هي: سأريك اشياءً وأخبرك عن أشياء...
هو بهدوء: أنا أيضاً لدي الكثير أخبركِ عنه...
هي تمشي: ولمَ لم تذهب للمدينة اليوم؟
هو: اليوم هو الجمعه والكل عائدون لديارهم وعليّ أن أصلي في قريتي..
هي تهز رأسها بإيجاب: وصلنا...
أوصلتهُ للتل الصخري الذي جلست عليه ذات مساء تبحث عن القمر وطار رباط رأسها الأخضر...
هو: ما الغريب هنا...؟
هي محاولةً لفت إنتباهه: كنت ذات ليلةٍ هُنا...إسألني ماذا حدث؟
هو: ماذا حدث؟
هي: بحثت عن القمر طويلاً...ولم أجده..ظننته لا يودُ أن يراني..ولكنني وجدته..
هو بإهتمام: وماذا قال لكِ؟
هي بعفويه: ابتسمت له ولكنه صمت...ذهبت يميناً فتبعني...ذهبت يساراً فتبعني...(ابتسمت ابتسامةً واسعه) لقد اكتشفت انه يحبني...
هو فاغرٌ فاهه: نعم !!!
هي بنظرةٍ ماكره: هو يلاحقني...
هو بدهاء: بالتأكيد يحبك...القمر يخدعُ كل الفتيات...يزورهن في المساء كلما فتحن نوافذهن،، لست وحدكِ فلديه ألفُ ألف صبيةٍ يقوم بملاحقتها...
هي بغضب: أنت مغرور...
هو ببرود: وأنتِ متعجرفه..
هي: أنانيّ..
هو: بارده...!!!
هي: ساذج...
هو: هشّه...
هي: غبيّ...
هو: كاذبه..!!
هي: أُقسم أنه يلاحقني...لقد قام بملاحقتي...
هو يبتسم ويمسك خدها ويقوم بقرصه: القمر ثابتٌ وأنتِ حين تتحركين تظنين أنه يتبعكِ في حين أن حركته لا تُشكِلُ سوى وهمٍ ترسّخ في خيالك النديّ...
هي تتنهد: ماذا تودُّ إخباري..؟
هو بفرح: تعالي للبيت...

مشيا سريعاً نحو بيته...وفتحا الباب الخشبي فعزف لها بالشوق كله أجمل أهازيج الترحيب،،حيث مرّ وقتٌ طويل لم تعطر بمرورها أزقة ذلك الحي...
كانت أمهُ تُصلح شقاً في جدار البيت الداخلي،،وما إن رأتها حتى هرولت إليها تُقبلها وتبثها أشواقها...
والدته: بنيتي أين اختفيتِ كل ذلك الوقت؟
هي بخجل: كنت مريضه...
والدته: سألت والدتك فقالت لي إنك تلزمين دارك...
هو ينظر إليها: لا حاجة لها بالخروج إذا لم أكن موجوداً...هذا كل ما في الأمر..
هي دهشا من ثقته العظيمه: من قال ذلك..؟
هو يبتسم بثقه: اعرف ذلك...
والدته: أنت اسكت...لا تؤذها...
هو يحك شعره: حسناً اجتمعت النساء...
هن يضحكن..ويجر يدها ليكملا ما جاءا إليه..بينما تراهما أمه يشكلان طيرين لا يمكن أن يوجد لفضائمها حدٌ أو خط انتهاء...
ابتسمت وأكملت سد الشقّ الذي بدا واضحاً في الجدار العتيق...
بينما وصل الإثنان لغرفته التي كانت بلا باب إنما توجد فتحة في الجدار تتسع لمرور رجل كبير الجثه..ونافذةٍ بلا أبواب،، بل عُلق عليها غطاء صغير من قماش باليٍ ليسد الضوء أو ربما ظنوا أنه يحمي الغرفةَ من الجو المتقلب خارجاً...
وفي أغلب الظن أنها وضعت لدخول الهواء لا غير...
هي جلست على فراشه القديم،،الممدود على الأرض والذي يحميه فقط من غبار الغرفه بينما هو ملاصق للأرض لا فائدة له الا انه يعزل جسده الضئيل عن ملامسة قاع الغرفه...
أخرج أوراقه الصفراء،،وأحضر قارورة الحبر وبضعُ ريشاتٍ صغيره..وجلس بجانبها..
هي: ما هذا؟
هو: أوراقٌ وريش وحبر...
هي: ماذا يفعلون به؟
هو: يكتبون..
هي مُندهشه: هل تعرف الكتابه...؟
هو يفرد الأوراق: كلا...
هي متسائله: إذاً...!!!
هو: لا زلت أتدرب على حفظ الحروف...
هي متعجبه: وبعدها؟
هو: سأُتقن الكتابه...
هي تتنهد: وبعدها؟
هو: سأكتب..
هي: ماذا؟
هو: كل شيء..
هي تصمت..
هو: تودين معرفة موعد سفري...؟
هي صامته..
هو: لا تقلقي إنه مؤجلٌ لزمنٍ بعيد...
هي تبتسم: ماذا ستكتب ؟
هو: كل شيء وأي شيء...
هي: وهل ستقرأ لي ما تكتب..؟
هو: كلا...
هي بغضب: لماذا؟
هو بهدوء : سأعلمك الكتابة...واقرئي ما سأكتب لك..
هي تكاد تطير من الجنون-عفواً- الفرح: حقاً...
هو: ولهذا أحضرتك إلى هنا...
هي: وماذا سأكتب؟
هو يضحك: ماتشائين..وستقرأين أيضاً...
هي فرحه: متى سنبدأ..؟
هو: الآن..
هي: لن أخبر أحداً..
هو باسم: حسناً ذلك أفضل...
هي: سأكتب لك...
هو: ماذا ستكتبين؟
هي بإبتسامةٍ تمتزج بالحزن: عندما يحين السفر...وتنوي الرحيل سأكتب لك في العالم الآخر..
هو يهز رأسه بالنفي: اسمه آخر العالم...وليس العالم الآخر...العالم الآخر يعني الموت...
هي متعجبةٌ من بلاغته: لقد صرت رجلاً...
هو يضحك: ولما تقولين ذلك؟
هي: كلامك أصبح صعباً..لم أعد أفهمه...هل عندما أتعلم الكتابه سأتحدث مثلك كالكبار؟
هو بفخر: نعم...
هي تبتسم...
هو: ماذا ستكتبين لي حين أرحل...؟
هي تبتسم لينقشع الستار عن عائلة بيضاء امتزجت بالسواد بين شفتيها:لن أُخبرك حتى ترحل..
هو مازحاً: سأرحل في الغد..
هي تضحك: قلت سترحل بعد وقتٍ طويل...
هو يمد الورق امامها: ستتعلمين الكتابه...سأعلمك الحروف...
هي: علّمني..
هو يكتب.." أ..ب..ت..ث........"
هي: جميل..نقوشٌ كثيره..
هو يمسك كفّها: أكتبي ألف...
هي تبتسم: على مهلك...لا زلنا في البدايه...
هو يُغريها: ستكونين الفتاة الوحيده في كل القريه التي تستطيع الكتابة والقراءه...
هي بغرور: حقاً...!!
هو يبتسم: ثقي بي...
.
.
وحلّت الظهيرة...فعادت إلى بيتها سريعاً ممسكةً بورقٍ شديد الاصفرار وريشةٍ طاووسيه،،وعلبةٍ صغيره تحتوي على القليل من الحبر الأسود الذي تقاسماه...
وقضت هي الليل في تكرير الحروف كما كتبها لها في ورقةٍ أخرى،،فرحةً بالذي ستنتهي إليه...آملةً من الغد أن تمرر يدها على الورق فـ تنساب الكلمات..مشكلةً عُرساً أُسطورياً من الجُمل..
وحين يرحل...آهٍ وألف ألف آه من الرحيل...
" حين يرحل...سأكتب له عني وعن أخباري...سأمزج له بين حُزني وهمّي...وأبوحُ له بمكنونِ قلبي... وسأخبرهُ حين يرحل..أنه شخصٌ مهمٌ بحياتي....وأنني آسفةٌ على ما فعلتُ بهِ في بركة الماء..وسأعتذر له بين السطور دامعةً عمّا بدر مني طوال فترة لعِبنا.....
سأُخبرهُ حين يرحل...أنني حزينةٌ جداً...كلا لن أُخبرهُ عن حزني...فقد يتألم ويفشل في أن يكون شيئاً مهماً... (وابتسمت) سوف لن أخبره عن مصيبتي في فُقدانه..ولكنني سأمضي في تدريب نفسي حتى أُتقن دور السعيده...فإذا ما وصلته رسائلي يظنُ أني فرحةٌ ولا أشكو حزناً...
سوف لن أتسبب في تعاسته بعد اليوم...!!!"
كانت تحدث نفسها وهي مستلقيةٌ على بطنها تُمرر الريشة على سطح الورق...تنسج من كل غطستٍ في سواد الحبر حرفا...
.
.
وبقربها جداً،،وجداً تلك قريبه...يجلس هو على دُريجات منزله الذي بدأت الشقوق تغزو جدرانه القديمه...يتأمل السماء..
يرى النجوم وقد فُرشت على سطح السماء...كقطعٍ ماسيةٍ تفرد وحده بالنظر إليها...واغمض عينيه وأطلق لخياله الطفولي العذب العنان....
" ماذا لو استطعت إحضار تلك النجوم..؟ (وابتسم فرحاً) وغرزتها الواحدة تلو الأخرى في شعرها...وحين يحين الليل...أُجلسها على تلك الأرجوحه..طالباً منها لبرهةٍ قليله أن تتخيلها غيمةً بيضاء...وأدفعها بقوةٍ عاليه....وعاليه تلك بعيدةٌ تصافح السماء وتبتسم للغيم...وتعلق خصلةٌ من شعرها الملائكي في يد القمر..."
وتنهد بفرح....
"قريباً وقريباً جداً ستكتب الرسائل...وأقرأها...قريباً سأعلمها...وقريباً ستقرأ لي..سأخبرها عن جرحها النازف بشده في أعماقي...وسأخبرها آسفاً أنه لن يندمل..."

ومضى المساء سريعاً....فـ ودع الصبّي الصامت..والصبية الشقيّه...طفولتهما العذّبه...ودعاها بجنونها وفرحها...بعذوبتها ورقتها...
راحلين إلى عالمٍ آخر يستطيعان فيه أن يرسما الحب كيفما شاءا....
لوحدهما فقط.....


نهاية الجزء الثالث....

ونهاية الفصل الأول من الأقصوصه....
فلسفة الحب غريبة،، قلّما تفهمها الأقلام لـ تبوح بها..وقلّما الأعين ترى مضامينها...
كثيرةٌ هي الألسن التي تهذي به...
وكثيرةٌ هي الأقلام التي تخطُ عنه..
وكثيرةٌ هي القلوب المُعلنه نبضاً به...
ولكن لكل هذيانٍ مسبب...ولكل خطٍ عنوان..ولكل نبضٍ إعلان..
الكل يتحدث عنه..والكل يدّعي وجوده...والكل يدّعي الاستشعار به...
لكن مَن مِن أولئك الذين يوقنون بدائرته الفعلية وقانونه اللامستند لنظرية أو محور،،
هذا إن كان له قانون !!!
أصعب شيء أن نخوض في أمورٍ أعمق منا..وأكبر منا..وأعظم منا..
ولا أعني في العمق المسافة فقط..
ولا في الكبر الحجم فقط..
ولا في العظمة الإجلال فقط..
ولكن أقصد أن الحب أعمق منا...لتعدد دهاليزه وكثرة أبوابه، ونوافذه...
والتي قد تكون مُشرّعه مفتوحة، وقد تكون مُغلقه موصدة...
وقد يكون بعضها موصداً وبعضها الآخر مُغلقاً....
والإطلال من ذلك العمق سواء كان من الأبواب أو النوافذ أو الدهاليز يعني المخاطرة..
فللحب عمقٌ أعمق منّا..لذلك محاولاتنا الساذجة للنظر في ذلك العمق يعني الشعور بالدوران واحتمالية السقوط...
وحتى بعد السقوط لن نصل أبداً إلى نهاية ذلك العمق...
سنبقى معلقين فقط...

طرّزتها آنسة حالمه،،حطمها الواقع تُدعى شوق

الإهداء لـ:
أرواحٍ ستبقى معلقةً بين سماء قلبي وأرض قفصي الصدري،،ومهما دارت بها الأيام فلن تقع يوماً...لـ روحٍ نقيه جمعني وإياها حبٌ ذات شتاء،،،
وفرقنا الصيف....!!!!
لـ عشقٍ ودعني ذات ضعف،،،فـ كانت النهاية أعذب ما يكون...وكانت قمةً في الحزن وقمةً في العجب...
قمةً في الحزن لم نستنزف فيها دمعه ولم نبكِ فيها ساعة...
إهداء لروحي المعلقة،،،وروحهِ التي لن تعود..!!!

 
 

 

عرض البوم صور Malame7   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 09:12 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 68975
المشاركات: 253
الجنس أنثى
معدل التقييم: Malame7 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Malame7 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Malame7 المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

شتاءٌ قارص !!

قررت السماء هذه المرة أن تغير حُلتها،، فارتدت من الثياب أكثرها بهتاناً...ولبست الرمادي الذي يُنذِرُ بـ غيثٍ طال انتظاره...
وهزت الرياح بأمر مجريها أوراق الشجر..فـ ضمت الطيور في الأعشاش صغارها لأحضانها،،ولم تستطع الأشجار قوةً على الريح العاتية التي كادت تفتك بها...
بينما العذراء الجميلة ضمت كفيّها بـ فزعٍ بليغ على قلبها الذي أعلن فصلاً جديداً من الرعب...حين صرخت السماء برعدها مُنذرةً بعاصفة طبيعية قد تستنزف الكثير مما تحويه تلك القرية الصامتة من مؤونة
كانت ترتجف بصمت..والرعب يدبُ في أوصالها..وصوت الرعد المخضرم يهزُ أركان بيتها اللبنيّ الصغير...
وبعد أن طالت مدة العاصفةِ خارجاً...سمعت صوت عزفٍ جميل،،داعب أسماعها فـ وقفت رغم الخوف تُطل من نافذتها الصغيرة وأخرجت يدها ثم مدت يدها الأخرى وقعرتهما حتى تجمعت حبيبات المطر فيهما...
واستمر المطر بالهطول وبغزاره...
وقفت بسرعةٍ شديدة أمام مرآتها التي أحضرها لها والدها مؤخراً من المدينة،، ولفّت حجابها بشكل جميل حول رأسها ولبست ثوباً أخضراً مزركش،، به الكثير من النقوش الغريبة والذي سبق وخاطتهُ لها أُمه...
نزلت مسرعه نحو الباب وفتحته،، وانطلقت !!!
لم تركض كما كانت تفعل في طفولتها..إنما مشت بخفة كـ سحابةٍ صيفيه نحو طريقٍ ألفته،،وتحفظ له الكثير الكثير من الذكريات العذبة والمؤلمة أيضاً...
وما إن وصلت حتى وجدت ما بين الجبلين قد قارب على الامتلاء من مياه المطر التي لا زالت تهل وبغزاره في قريتها الصغيرة...بينما يتراكض الصبية والفتيات يميناً ويساراً ،،فرحين بنعمة الله الكبيرة...
ورفعت رأسها ترى نوافذ البيوت وقد أطلت منها رؤوس النساء وهن يلوّحن بفرح للجميع وتلهج ألسنتهن بالدعاء حمداً لله على نعمته الجليلة...
جلست على مرتفعٍ صغير تَجَمّعَ في أسفله الكثير والعميق من الماء وشرع الصبية العُراةُ بالنزول إليه فرحين....فراقبتهم بـ صمت وهي تستعيد في جنونهم طفولتها العذبة التي ودعتها منذ فترةٍ قصيرة....
ثم ما لبثت أن دُغدِغت أسماعها بلحنٍ لا يكف فؤادها عن النبض به...
هو بصوته الخشن: هل تذكرين؟
هي برقه: لا أستطيع أن أنسى...
هو: جميلٌ منظر هؤلاء الأشقياء...!!
هي تبتسم: يذكرونني بك...
هو باسم: لا زلتِ مصرةً على هذا الغطاء الذي تضعينه فوق رأسك...!!
هي تبتسم بفرح: وهل تريدني أن أكشف لك شعري؟
هو يتمايل بجسمه: لا زلتِ صغيره..
هي: قالت أُمي لا بُد أن أتعودَ منذ الآن...
هو بضجر: حسناً...
هي تبتسم وتتابع النظر في الماء والصبية...فيركض إليها أحدهم وقد اتسخ جسمه بالطين...
الصبي: تعالي والعبي معنا...
هي تبتسم: لقد لعبت في طفولتي بما فيه الكفاية...دورك الآن...
الصبي: الماء نظيف لا تقلقي لن تتسخ ملابسك..
هو وقد بدا ضجراً: أكمل لعبك بعيداً عنّا هي لا تريد الحديث معك..
الصبي: وما دخلك أنت؟
هو بغضب: إنها زوجتي...
هي انفجرت ضاحكه،، بينما عقد الولد حاجبيه وهرول ناحية الماء بسرعة...
هو: ما المضحكُ في الأمر...؟
هي وقد بدا أن خديها هما من يقومان بضخ الدماء لا قلبها: لماذا قلت له زوجتي؟
هو بثقة: لأنك ستصبحين كذلك فعلاً...
هي بغرور: وإذا رفضتك..؟!
هو يضع يدهُ على قلبه: رُفضتُ قبل أن أتقدم...يالها من مصيبة !!!
هي تضحك وتلتقط حجراً وتقذفها في الماء: ألن تسبح؟
هو: ليس الآن...
هي: تعال نذهب للأرجوحة..
هو يمشي معها ذاهبين للأرجوحة...يُجددان الحنين الذي أكاد أقسم أن نيرانه في اشتعالٍ منقطع النظير...
مشيا حتى وصلا للأرجوحة والمطر لم يتوقف...فالتصق حجابها برأسها ونزلت بعض الخصلات حول خدّيها،،واسترقت بعضها النظرات فوق جبينها...واشتعل وجهها وكساه الاحمرار،،وبدأت يديها بالارتجاف...
هو يبتسم: كنّا صغاراً...
هي بغنج: ولا زلنا للآن...
هو: أنتِ أما أنا فلا....
هي بثقة: لن تكون غير ذلك المغرور...
هو يبتسم: اصعدي سأجـ...
هي تقاطعه وتقلّده: تعانقين الغيم،، وتقبلين القمر،،وتحادثين الشمس،، و..و..و.. (ثم ضحكت)
هو انفجر ضاحكاً: كنتِ ساذجة...كيف صدقتني...؟
هي بطرف عينها: لم أكن ساذجة...لكنني لم أكن لأكذبك يوماً...
هو يهز رأسه بإيجاب: حسناً...اصعدي..
هي تهز رأسها بالنفي: لقد كبرت..
هو يضحك ويسحب يدها بسرعة يحملها بجنون ويضعها فوق الأرجوحة إكراهاً...وهي تصرخ وصراخها قد اختلط بالضحك...
هي تُمسك الحبال: مجنون !!
هو وقد غرق في عينيها: مجنونٌ بـ .....( ثم صمت)
هي: ادفعني بقوّه....دعني أعانق تلك الغيوم....وأُمسك القمر..إنه يحبني..كما قال لي في الطفولة..
هو بغيره: ادفعي نفسك بنفسك...دعي القمر يحبك وعانقي الغيوم...
هي باسمه: تعال أيها المجنون...لن أعانقه ولن أحادث القمر...ادفعني..
هو يعود لها: حسناً..تمسكي بقوّه..
دفعها بقوه...والمطر لم يتوقف للحظه...طارت للبعيد وعادت بقوه..واستمر بدفعها بكل قوته...كانت تذهب بعيداً وتعود بسرعة..وهو يبتسم وهي صامته...
هذه المرة،، لا شعرٌ يتمايل ولا خصلاتٌ سوداء تعانق ضوء الشمس،،،غطاءٌ يدعو لـ ضيق الصدر يحجب عنه الجمال الأسود الذي طالما عشقه...
حتى ضحكتها لم تَجُد بها هذا الشتاء...كان ينتظرها لتنفجر ضاحكه،،ثم طال صمتها وزاد استغرابه حينما التفت إليها فوجدها تسرح بنظرتها للبعيد...ثم جرّ الأرجوحة بقوه وأوقفها..
هو ممسكٌ بالحبل وينظر إليها: ما بكِ؟
هي شاردة: هاه..لا شيء..!!
هو: تكلمي..ما بكِ؟
هي تنزل من الأرجوحة لوحدها..
نعم لقد أجادت النزول هذه المرة دون مساعده..بعد أن كانت تتكئ على كتفيه وتتمسك بيديه وأحياناً تتعلق في عنقه ويطول العناق...
بينما راقبها وهي تفتح حجابها بعيداً عنه وتُدخل خصلاتها التي خرجت أثناء البلل وبعد أن أصلحته التفتت إليه بوجهٍ يكسوه الغموض...
هو فزِع: ما بكِ؟
هي بسكون: انظر الشمس كيف غابت بين الغيوم...
هو بهدوء: وماذا في ذلك؟
هي بغموض: أنت الشمس...
هو يصمت...
هي تُكمل: والغيوم ستكون أقدارنا...
هو: وهل تكونين القمر؟
هي تبتسم بقلق: ربما..!!
هو: إذن اتفقنا...
هي: ستوقع رسائلك باسم الشمس...وسأُمضيها باسم القمر...
هو: لم أرى شيئاً مما تكتبين حتى الآن...
هي: لأني لم ولن أكتب شيئاً حتى تغادر..
هو: ومن سيقوم بإيصال رسائلك إليّ..؟
هي تبتسم: الحمام الزاجل..
هو بفرح: حسناً...متشوقٌ للسفر..
هي بحزن: وفقك الله...
هو يشاغبها: ليس للبعد عن قريتي وأهلي ومن أُحب...متشوقٌ لقراءة ما ستكتبين...
هي بارتباك: لن تحتوي سطوري أكثر من سؤالي عنك وعن أحوال دراستك..
هو يبتسم: سنرى...
هي: لنعد للبيت لا بد أن الماء قد تسرب للغرف...
هو مؤيد: حقاً...يوجد في جدار الممر الداخلي شق بدا يتعمق منذ فترةٍ طويلة..
هي تتنهد بينما يسيران نحو بيتيهما: شقٌ في جدار..!!
هو توقف وتوقفت هي لتوقفه وناظرها بكل القلق والخوف....
هي: ما بك ؟
هو ينظُر في عينيها ويطيل النظر: لم أعُد أفهمك..
هي وقد ارتبكت: لمـ.....
هو مقاطعاً: اشتد المطر عودي للبيت قد تصابين بالمرض..
هي بتوسل: توقف...
هو يركض مسرعاً نحو البيت: هيّا قبل أن تلزمي الفراش طويلاً...
وسرعان ما غزت السماء غيوم سوداء لتغطي تلك البيضاء،،وصرخت بقوّه معلنةً فصلاً جديداً من الصراخ...فيما ركضت العذراء نحو البيت وقد اختلط خدّيها بالدموع والمطر....
وعلى ورقةٍ صفراء تميل لـِ لون أوراق الخريف،،الخريف الذي لا يحمل سوى الألوان الباهتة والتي تنحصر في الأصفر والبرتقالي والبنّي و درجاتهم...
جرت الريشة وغمستها في الحبر الأسود وبـ عرض الصفحة كتبت رسالةً لن يقرأها،،ولكن ستوضع في أدراجها التي اكتظت بالكثير من الرسائل التي لن يكون لها صاحب في يوم من الأيام...
" لم يكن في سماء اليوم نجوم،،،
هل تصدق ؟
ولم تظهر الشمس...ولن يظهر القمر....
وهل تعي ما معنى أن أُسميك بالشمس وأنعت نفسي بالقمر؟
هل تفهمني ؟
أشكُ في ذلك..!!
نعم أشك....
وافقت دونما أدنى اعتراض على نعتي لك بالشمس..
ورضيت بلا تفكير أن ينير كلٌ منّا الآخر..
وغفلت عن الأكبر و الأدهى...
إلهي..!!
ألم يخطر ببالك أن قدر الشمس والقمر ألا يلتقيا منذ بدء الخليقة الأول..!!!"
توقف لـ برهة وغمست الريشة في الحبر الأسود...وأكملت...
" عجبي لقلة إدراكك !!!
ويزداد العجب حين أبوح هنا لك بسطورٍ لن تعانقها عينيك يوماً...
ترى كم سيكلفني الزمن من الصبر حتى أستطيع أن أُوصل لك ما أودّ!!!
هل سـ يستغرق مني الوقت الكثير؟
هل سـ ينزفني قطرات تتابع مراراً كما رأيت حبات المطر اليوم تتساقط فوقينا...؟
تباً لكل الأحلام تبا....
تباً لكل حلم أبعدني عن الواقع...
وتباً لكل حلمٍ رفعني هام السحاب ثم أوقعني بعنفٍ نحو الأرض...
سحقاً حتى لهذه الريشة التي لم أجني من الإمساك بها سوى أن أنزف الألم كل ليله بانتظار ما لن يجيء....!!
التوقيع/ القمر"
.
.
هو في ركن غرفته....في موقفٍ لا يخلو من الدهشة...ولا أغرب منها حين تتملك شخصاً دون أن يجد لحيرته أدنى تفسير...
"ترى ماذا دهاها اليوم ؟ أجزم أني لم أعد أعرفها.....موعد سفري اقترب والحمقاء لا زالت تبحث عن السخافات حتى تفتعل الخصام...!!"
تنهد بعمق واقترب من أوراقه...لقد أصبحت متنفسه الوحيد كما هي لها...وأصبح يعانقها كل مساء يبوح فيها بما لا يستطيع أن يقوله لها أو يجادلها به...
" مساءٌ شتوي تفوح منه رائحة المطر...
لروحكِ النقية،،
قلبكِِ الذي أقسم أنه لم يزل طيراً لا يُحسن الطيران،،
أنفاسك الممزوجة بعبق الورد،،
عيناكِ التي لا أُجيد سوى الإبحار فيهما،،
وشعركِ الذي يأسرني كلما عانق ضوء الشمس وأثار جنون غيرتي...
مساء الحب والشوق،،
لا أدري ما بكِ ولا أعلم ما سرُ تقلباتك المزاجية تلك...
لكنني أعلم ولا تعلمين...
وسوف لن تعلمين...
أن ذلك القفص الذي يقتنيه جسدي...
يمتلك طيراً أقسم ألا بشرٌ في الأرض يمتلكه..
طيرٌ قد نذر العمر والروح لكِ وحدكِ دون سواك..
لا يطير سوى في فضاء طيرٍ آخر تملكينه وحدك فقط...
ليتكِ تعلمين أنك بذلك الوجه الذي لم يترك للقمر شيئاً يفخر به..
قد أثرتي فيّ براكين لم تكن يوماً لتثور...
حتى أحسست أن بركاناً عظيماُ خامداً في روحي،،
نشط لتوه مع أنه لم يهدأ منذ ميزت وجهك الذي كان ثالث وجه أُميزه على هذه الخليقة بعد وجه أمي وأبي...
ليتك تعلمين...ليتك تعلمين..
وأجزم أنكِ بيومٍ لن تعلمين....!!!

التوقيع/ الشمس "

نهاية الجزء الرابع....
الفصل الثاني من الأقصوصه....

الحب أكبر منّا،، فكيف نحاول عبثاً فهم ووصف ما هو أكبر منّا...؟
فالحب أكبر منا ليس حجماً ولكن أكبر منّا في ابتداءاته وانتهاءاته...
ابتداءاته التي لم ندرك ماهيتها،،، وانتهاءاته التي لن ندرك ماهيتها...
هكذا كالطيف كالضباب يلفنا وكأن كل شيء حولنا..نتيه داخله فلا ندري ابتداءه وانتهاءه...!!
نبقى داخله لا نرى حتى خُطى أقدامنا ثم يتلاشى كالضباب وتلاشيه لا يعني انتهاءه وإنما ابتداء حجم جديد من النور...
فإذا به هو من جديد ولكن في صوره ساطعة،، واضحة هكذا يوهمنا بالوضوح ربما لأنه أكبر منّا...
فهو يزداد غموضاً كلما ازداد بعداً في خطوط الابتداء والانتهاء...!!
نسجتها قبل الموت بكل ألم ،، شوق !!!


الإهداء لــ:

لمن قاسمني أحلامه،،ضحكاته،،أفراحه،،نبضاته،،وحتى أنفاسه،،شاركني بالدمع والحزن وجنون الفرح...

أرضعني الحب حتى وصلت للسُكرْ...وأمسك يدّي بكل الودّ وعلّمني أبجديات الكتابة ورسم معي جزيرةً مجنونة أحكمها أنا،،أسكنها أنا،،أطير فيها أنا،،أعانق قمرها كل مساء،،ويتأخر بالعودة هو...وحين يعود أراه مُثقلٌ بسلال مُلِئت بالنجوم...فنقضي الليل بزرعها في ظفائري...

لحلمٍ لن يعود...

وقلبٍ تعاقبتني بعد رحيله الأحزان ...

وشخصٍ لو أفنيت له الصحائف والمداد فلن تكفيني لـ رثائه..!!!

 
 

 

عرض البوم صور Malame7   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 09:13 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 68975
المشاركات: 253
الجنس أنثى
معدل التقييم: Malame7 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Malame7 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Malame7 المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 


أحلامٌ عذراء !!!

تنفست الأحلام الصعداء حين أنذرت السماء الأرض بعواصفٍ رعدية تواصلت لـ عدة أيام جرفت على أثرها كل عودٍ أخضر أنبتته أرضهم الطيبة الخصبة...
فـ طار الحلم سريعاً يرفرف فوق سماء قلبها وفكرها،، ويعانق بكل الحب عينيها وأوراقها وريشةً طاووسيه تمركزت بشكلٍ شبه عمودي في قنينة حبرٍ أسود صغيره اقتنتها ذات طفولة وهي تلهو في بيته...
وقفت أمام نافذتها المُطلة على القرية كلها،،،فـ رأت الشمس وقد تمزقت غيوم السماء من قافلة الذهب القادمة من باطن الفضاء تجاهها في محاولةٍ جهيدة للظهور في ذلك الصباح...فابتسمت وهي تنظر لكل ذلك الصراع الدائر في كبد السماء...
" إنها الحياة،،، هكذا تستمر،،أحدهم يرحل والآخر يعود..."
ارتدت حجابها على عجل وبقيت بجلبابها الذي ارتدته بالأمس،،،فليس لديهم كلهم القدرة على تغيير ملابسهم كل صباح،،،فللغسيل يوم محدد تلتزم به كل سيدات القرية وصباياها...
وحين وصلت للممر في جُنبات منزلها،، رأت والدها يرتدي ثوبه الثقيل ويستعد للخروج،، ووالدتها أشعلت الحطب في أحد أركان المنزل...
هي: أبي هل أنت ذاهب؟
والدها على عجل: نعم...هل ستخرجين في المطر؟
هي: ربما...لما؟
والدها يفتح باب المنزل الخارجي: لا تبقي في الخارج كثيراً ربما تمرضين..
هي باسمه: حسناً...
والدتها: هلاّ قمتي بجلب جرة اللبن تلك...؟
هي مسرعه: أجل...أُمي ماذا تفعلين؟
والدتها: أُشعل الحطب كما ترين...عليّ أن أغلي اللبن حتى يصل للفوران ثم أُوزعه على الجيران،،،أبقار جدتكِ أنتجت الكثير الصيف الماضي...
هي فرحه: وهل سأقوم بإيصالها؟
والدتها: بالتأكيد لن أستطيع إيصال كل تلك الدلاء لـ وحدي...
هي تبتسم بفرح: هل انتهيتِ من شيءٍ للآن ؟
والدتها تسكب بعض اللبن في الدلو: اذهبي به للبيت المجاور ابدئي يميناً لحين تمرين بالحي كله...
هي وقبلها تتسارع نبضاته: حسناً...
حملت دلو اللبن وخرجت من البيت ،،، بالتأكيد فـ بيته هو الأول يميناً لذا فقد أملت عليها السعادة أوامرها وأحست بالكون يفرش نفسه بالألوان...
فتحت الباب ورأت السماء لا زالت ترتدي فستانها الرمادي،، فابتسمت وهي ترى الشمس وقد جاهدت كل قوافل الذهب المنبثقةِ منها لتقشع الغيوم ولكن محاولاتها باءت بالفشل حيث أن غيوم السماء هذا اليوم تبدو شديدة القوه غليظةً متماسكة...
تمايلت مع دلو اللبن الثقيل الذي تحمل،،وارتعد كفيّها من البرد حين هب هواء شديد البرودة صافعاً خديّها وكفيها وقدميها الحافيتين...وما إن وصلت للباب الخشبي الذي مر عليه عمرٌ،،،لا يكف عن العزف حتى وإن كان اللحن حزيناً....فتحته وهي تدفعه بظهرها ودخلت للممر الذي طالما عانقها وعانق جدائلها وخصلات شعرها ووقع أقدامها...
شمت عن بعد رائحة الحطب يحترق ولابد أن والدته أوقدت النار أيضاً،، مشت حتى وصلت للمدخل الذي تجلس فيه وألقت عليها التحية...
والدته: هاتي عنك أساعدك...
هي تناولها الدلو: تفضلي...
تبادلا القُبل سريعاً والحديث عن المطر والشقوق في الجدران وآخر مستجدات ما أفسده سيل الجبل في واديهم الأخضر...
والدته: اجلسي هُنا حتى أُحضر لك من الرطب الذي أحضره زوجي من المدينة...أعطيه لوالدتك...
ابتسمت،، وما إن اختفت أمه عن الأنظار حتى تلفتت يميناً وشمالاً تبحث عنه بعينيها وقلبها،،ولكن لا بد انه ليس بالمنزل...
فهرولت للأعلى تندفع في خطواتها نحو غرفته،، سـ تفاجئه على حد قولها...
ما إن وصلت حتى فاجأها الصمت،،وخلو الغرفة من محتوياتها،،لا تدري أما أحست به يكون رُعباً أم ألماً،،كلما تعلمه في تلك اللحظة أن يديها باشرتا بالارتجاف والسؤال الذي يطرح نفسه أرجفة البرد تلك أم رجفة الخوف ؟
كلما فعلته هو أن تطيل النظر في حجرةٍ بدت خاويةً من كل شيء،،فراشه،،غطاءه،،ملابسه،،حتى الريشة والحبر والأوراق...
لا تدري هل كل تلك المشاعر المُرعبه التي اجتاحت جسدها،،وكل ذلك الجيش العتيد الذي انطلق من قفصها الصدري تخُص ذلك الـ هو ،، ألهذه الدرجةِ يا ترى تُرعبها مجرد فكرة رحيله.؟؟
تجمعت قطرات من ندى صغيره في حدقة عينها،،سرعان ما تسابقت لـ تُقبل خديّها،،"قطرات ندى في فصل الشتاء !!!" وجرى سيلٌ من ندى _عفواً_ دموع وهي ترى الحياة غدت رمادية لـ برهةٍ قليلة،، فـ جرّت قدميها على عجل وركضت تعيد في جريها طفولتها التي سلبها حبٌ ما كانت لـ تحسب له حساباً...
خرجت من البيت مسرعه بعد أن دفعت الباب الخشبي الذي رغم الجراح،،والآلام ورغم قسوة السنين لازال يعزف ويستمر في العزف مهما بلغ عِظمُ الحزن الذي يعزفه...
ركضت نحو البيت وهي تحمل من الذكريات أتعسها،،دخلت غرفتها وافترشت الأرض الصماء وفجرت براكين دموعها وأطلقت لقلبها العنان يعبر عن غضبه،،حزنه وان شاء مصابه،،غسلت قلبها بالدموع علّها تجد الراحة التي لن تستمتع بها بعد اليوم،،وكيف ترتاح وقد أعلنها عنوةً ورحل حتى دون وداع..!!!
.
.
نحو حقول لم تعد خضراء تجردت من ملابسها،، كساها العريّ واستوطنها ،،وفوق أرضٍ طالما عانقها اللون الأخضر،،هاهو يرحل بقوّه كما جاء بقوه،،لـ تحل محله مياه ضحلة تجمعت في هذا المطر المُدمّر...
تجمهر الصبية والشباب وكبار الحي البسيط ليحلوا فاجعتهم الكبرى في دمار محاصيلهم التي يعيشون منها...فكانوا يدفعون بالشباب الواحد تلو الآخر ليقفزوا داخل الماء وينقذوا ما يمكن إنقاذه،،!!
أحد الكبار: هل تبقى شيء؟
شاب صغير: لم يتبقى شيء سوى محاصيل القمح في الجهة الأخرى...ونحتاج صبيين يجيدان الغطس حتى يرفعا سنابل القمح الطويلة دون أن تتكسر...
أحد كبار السن: لا بد لنا من شابين ذوي حكمه لا يمسكان السنابل بعنف حتى لا يتناثر الحب منها...
ابتسم الشاب واستدعى الصبية يهتفون بكل رجولة وهم يتدافعون من يمسك بقصب القمح لكن كبار الحي رفضوا ذلك خوفاً على محاصيلهم التي جاهدوا حتى أثمرت لهم...
هو بثقه: سأغطس في الماء وليرافقني صبيٌ صغير...
أحد الكبار: فيما تحتاجه؟
هو: دعهُ يرافقني وسترى...

ترك الجمع ذلك الـ هو يغطس بالماء واصطحب معه صبياً لم يتجاوز عمره أصابع يديه...وسبحا حتى وصلا لسنابل الحب التي أوشكت على الغرق فيما دُفن بعضها تحت السيل الذي انحدر من الجبل...
جمع عيدان القصب وبخفة مُذهله وضعها على ظهر الصبي وقام بربطها نحو ظهره حتى لا تقع،،وبقوةِ شابٍ في عمره رفعه للأعلى بكلتا يديه ووضعه على ظهره حتى تبدو السنابل في علوٍ عن الماء،، وسبح حتى وصل لمنطقةٍ قليلة العمق وتابع بعدها مشياً والصبي الصغير لا يزال فوق رأسه ممسكاً به بيديه...
فتسارع الشباب والصبية يمسكون سنابل القمح التي ما إن أوصلوها لطرف الوادي حتى باشروا بنثر الحب منها ليجففوه وغداً يطحنونه...
انصرف الجميع يحملون سنابل القمح بين أيديهم فليست كل نساء القرية يُجدن تنقيته وطحنه،،حمل هو القليل منه ومشى نحو منزله ليُخبر أمه أن تقوم بتصفيته ثم تشريقه على سطح المنزل قبل أن يهطل المطر ثانيه فيفسده عليهم...
وفي أثناء ذهابه للبيت رأى قوافل الذهب تشق غيوم السماء والشمس قد برزت في كبدها وتربعت العرش الملكي لإمبراطورية السماء العُظمى..
ابتسم وهو يرى صراعاً دائراً انتصر فيه نور الشمس على غلظة الغيوم...
" قالت أن تلك الغيوم ستكون أقدارنا،،،ها أنا ذا أرى القدر قد انقشع ونحن في انتصار !!!"
دفع الباب لـ يستقبله بمعزوفةٍ تنذر ليس إلا بالحزن....ودخل على والدته التي كانت تقف في وسط الممر الداخلي للمنزل متعجبة..
هو باسمٌ: ما بك أمي تقفين هُنـا شاردة؟
والدته: لقد كانت هنا منذ بضع لحظات ولا أدري أين اختفت ،،اصعد ربما تكون في الأعلى أريد إيصال هذا الرطب لوالدتها....فقد اقترب موعد ولادتها وربما تضع صبياً...كل الإشارات تؤدي لذلك...
هو : تظنينها ذهبت؟
والدته : لا أدري....(ومدت يديها له بسلة الرطب) اذهب أنت لمنزلهم وأعطه لوالدتها...
هو يهز رأسه بتأييد: حسناً ناوليني إياه...
وأخذ الصحن بـ كلتا يديه...وقبل أن ينصرف عاد ملتفتاً للوراء...
هو: أُمي...لا تنسي أن تقومي بـ فصل الحبوب عن السنابل وأن تُشرقيها على السطح فـ بعد غد ستقوم النساء بالطحن..
والدته باسمه: حسناً...
خرج من البيت يحمل سلةً ليست بالكبيرة ماشياً نحو منزلها،،،تعلو وجهه ابتسامة عذبه رسمها وعيناه تعانقان فضاء الله الرحب،،
طرقاتٌ خفيفة على باب المنزل ثم فتحه وعاجل بالدخول للممر...فـ سمع صوت والدتها تناديها من غرفتها ولكن دون استجابة...فابتسم وأصدر صوتاً ينم عن وجوده..فـ باشرته والدتها بالأحضان وألقى عليها التحية...
هو: تفضلي،،، من أمي وتشكرك على دلو اللبن..
والدتها باسمه بحنان وتمسح رأسه: أشكرك يا بنيّ...هل رأيتها؟
هو عاقدٌ حاجبيه: أليست في المنزل؟
والدتها: لقد أرسلتها لمنزلكم ولكنها لم تعد للآن..
هو بجدّيه ممزوجة بالخوف: أتظنين أنها قد ذهبت لـ مكانٍ معيّن...؟
والدتها : لا أعلم يا بني ولكن إن وجدتها أخبرها أن تحضر لتساعدني في حمل هذه الدلاء للبيوت المجاورة فأنا لا أستطيع الخروج وحملها...إنني متعبه...
ابتسم ابتسامةً باهته وخرج بسرعة..ركض نحو الأرجوحة...ربما تكون هناك...هو متأكد بأنها لن تكون غير هناك...
مشى مستغرباً،، لا يعلم سر تقلبات تلك الصبية المجنونة..كما يحب أن ينعتها...مرةً تأتي ومرةً أُخرى تختفي...
وصل للأرجوحة وكما توقع وجدها تجلس تُسند ظهرها لجذع الشجرة،،وتُمسك شيئاً في يدها...لم يميزه عن بعد..اقترب منها على غفلة...فـ وجدها للمرةِ الأولى تكتب،،ابتسم بمكر...وقرر أن يدعها تتوقف ثم ينقض عليها...
لم يرى وجهها،،والذي لا يعلمه أنها كلما كتبت حرفاً وتوقفت كانت تمسح دموعها التي تخونها في كل حرفٍ تقوم بنحته على ذلك الورق الأصم...
و بينما هي جالسه تضع حجابها على رأسها وتجلس القرفصاء والأوراق على فخذيها..انقض بسرعة الفهود وطار بالورقة بعيداً وهي لدهشتها لم تصدم ولكنها التزمت الصمت،، إنها تراه..لم يرحل...ترى أي جنون حبٍ ذلك الذي يسكنها !!!؟؟؟
هو بمكر: سأقرأ...
هي بهدوء: لم تسافر؟
هو مُندهش: من قال ذلك...
هي تصمت..
هو يبتسم بفرح: سأقرأ..
هي بجنون بعد أن عادت الدماء تُضخ في جسدها بشكل طبيعي: لا تقرأ...
ركض وركضت هي خلفه،، استمرا بالدوران على تلك الشجرة الكبيرة،،هو يحتضن الورقة ويركض وهي تصرخ خلفه بتهديد فضيع وتواصل الجري....
هي بغضب: أعد أوراقي...
هو بغرور: من علّمك الكتابة؟
هي بجنون: أعد أوراقي..
هو بفرح لطالما عشق جنون غضبها: إنها أوراقي أنا اشتريها لك...
هي: إذن ادخل أوراقك في الماء حتى يزول الحبر وخذها لك..
هو بلؤم: ولكنني من اشترى الحبر أيضاً...
هي بغضب: إني أكرهك أيها المغرور..
هو يبتسم: أنا أكرهك أيضاً...
هي: أعد لي كلماتي وخذ أوراقك وحبرك الأسود لا أريده...
هو: هل أنت غاضبه؟
هي بغضب شديد: لا شأن لك..
هو ببرود: حسناً سأقرأ ما كتبتِ أولاً وسأعيدها لكِ..
هي توشك على البكاء: كلا..
هو وقد أثرت فيه: ستبكين؟
هي وقد أحمرّ خديها: كلا..
هو: ألن تكبري؟
هي بصوت متقطع: كلا...
هو: هل ظننتِ أني رحلت؟
هي برعب: نعم..!!
هو يخفي ابتسامة ستخونه في أي لحظه: ما المُحزن في الأمر..؟
هي: لا شيء يُحزن..
هو: إذن لم حضرتي هُنا...لم تكتبين..لم تُخفين ما تكتبين...لم عيناكِ توشكان على البكاء..؟
هي بغضب: أنت لئيم..
هو مشاغباً إياها: وأنت مجنونة..
هي: أعد أوراقي..
هو يعيد لها أوراقها...ويقابل جنونها بهدوء: عندما أرحل ستكونين آخر من أودع..
هي بتردد: عدْني !!!
هو: أتودين أن تطيري الآن..؟
هي تبتسم بعفويه: كلا...
هو يبتسم: تعالي تعالي...سترين أين تذهبين...؟
هي: لما أخليت غرفتك؟
هو استوعب الآن: لذلك ظننتِ أنني رحلت؟
هي بغرور: نعم...لكنني لم أهتم..
هو بثقه: لما كنت تبكين؟
هي: تأثرت،،،ظننت أنني من أصدقاءك المهمين..
هو بهدوء غامض: أنتِ أهمهم كلهم..
هي وقد سرت رعشه غريبه في كفيّها وبكل عفويه: يديّ ترتجفان..
هو يتنهد بعمق: ربما تشعرين بالبرد..
هي تهز رأسها بالنفي: كلا لا أشعر بالبرد،، الجو دافئ..
في حين أن الجو كانت له برودةٌ تفلق الصخر وتنبت به أشجاراً،،وزمهرير الرياح و حفيف الأعشاب يعزفان مقطوعةً قلما يستوعبها أي إنسان...
هو: تعالي معي...
هي: إلى أين..؟
هو: تعالي قبل أن يحل الظلام فلا ترين ما أودك أن تري..
هي شعرت بالإثارة: حقاً...شيء جديد..بالأمس الماضي فاجأتني بالأرجوحة..واليوم ماذا سأرى..
هو: فضولية جداً..
هي: مثلك...
هو: ثرثارة..
هي: مثلك..
هو: مغرورة..
هي: مثلك..
هو يصمت ويسرع بخطواته نحو المكان وهي تمشي ببطء بالخلف وراءه...

هي: أين نذهب ؟ لقد ابتعدنا كثيراً...
هو: اصمتي...
هي بشغب: لن اسكت..أين نذهب.؟
توقف لثواني قليلة وجلس على الأرض بين عدة شجيرات صغيره نُزعت عنها أوراقها لشدة المطر الذي هطل ليلة البارحة..وحولها القليل من الصخور الملتصقة بحافة المرتفع...
هي: إلى ما تنظر؟
هو: تعالي...
جلست بجانبه وابتسمت ابتسامةً رقيقه ومدت يدها لكنه أمسك بيدها ومنعها مما تود أن تفعل..
هو بهدوء: لا تفعليها...
هي وقد ارتبكت: لما..؟
ترك يدها ونهض...
تلك كانت زنبقة بقيت رغم العواصف والرياح ثابتة..لا تنحني ولا تموت...احتفظت بلونها الخلاّب وجمالها الهادئ ورونق شكلها...احتمت بين صخور المرتفعات ودفعت شجيرات المكان حياتها ثمناً لأجل أن تعيش تلك الزنبقة...
هو: لا تقطفيها...
هي: لماذا..؟
هو: تلك الزنبقة هي أنتِ..
هي تبتسم: أنا؟
هو: نعم أنت وغداً حين تكبرين كثيراً،،سوف......
هي وقد تحشرج صوتها: قل حين تعود من السفر...(وتحولت نبرتها للغضب) لا أودّ أن أعرف شيئاً...
هو وقد أشفق عليها من الحزن: لن أسافر قبل أن تكبري كثيراً ،،وقبل أن تموت هذه الزنبقة،،وقبل أن يجيء الصيف وتعود القرية خضراء كما كانت في السابق...لن أسافر قبل أن أودعكِ وأترك لك من الذكريات أجملها...
هي تبتسم ولون الحزن قد غدا عميقاً في عينيها: صدقتك...سـ يكون وداعك حافلاً جداً..أعدُكْ....!!!
هو بمرارة يخفيها في ابتسامه باهته: هل نتسابق..؟
هي بشقاوة: أمسك بهذه الأوراق ( وبنظره تهديد) لا تفتحها وأعطني إياها حين نصل لبيتنا...
هو يضحك بصوتٍ عالي: حسناً...هيّا نعد من واحد لثلاثة...
وضع الأوراق داخل قميصه الواسع ووقف بجانبها يستعدان للركض...وما إن انتهيا من العدّ حتى تسابقا...
انطلق بسرعة قبلها وهي تجري خلفه وتضحك بصوتٍ مرتفع قليلاً ،، ثم سرعان ما هدّأ من سرعته حتى يراها أمامه ،،، سبقته وسقط حجابها وانتثر شعرها يغطي الفضاء كما كليلةٍ سوداء لم يعانقها بدرٌ ولا حتى نجوم...
اتفقا أثناء الجري أن تكون محطة النهاية عند شجرة اللوز التي تعتليها الأرجوحة...
كانت تركض بقوّه متناسيةً شعرها الغجري الأسود الذي قتلهُ ذات شتاءٍ متجمد..لدرجة أنه توقف عن الركض وظل يمشي خلفها وهي تركض بغير إحساس ،،،،تطير،،،تظنها بجنونها وغرورها ستعانق كبد السماء أو تضم ببلاهةٍ قرص الشمس الملتهب..!!!
وصلا للأرجوحة وتوقفت وشعرها ينسدل على كتفيها وهو يقف قريباً منها....
هي بخجل: توقف سأغطي شعري...
هو بتذمر: لقد رأيته كاملاً لا تزالين صغيره على وضعه...
هي تضحك: كلا لن تراه ..
هو: ساذجة...
هي: هيّا سنعود..
هو: حسناً...
هي: سبقتك..
هو: لقد تعمدت أن أمشي ببطء حتى ستبقينني..
هي مُندهشة: إنك ترفض الهزيمة...لقد هزمتك...
هو يضحك: نتسابق للبيت؟
هي: كلا لقد تعبت..
هو: تهربين من المواجهة..!!
هي: لا بأس...هل تصدق كدت بقفزة قصيرة أن ألامس خيوط الشمس...!!
هو بجديه: تظنين ذلك؟
هي: نعم...قليلاً من التدريب وأطالها...
هو: حقاً...طموح جميل...
هي: ألا تثق بي...
هو: لكنها الشمس هل تقوين التحدي..؟
هي بثقة: نعم...
أمسك يدها وأوقفها...
هي: ماذا؟
هو: ارفعي رأسكِ وانظري لها...إن استطعتِ التحديق بها لمدةٍ قصيرة فهي لكِ..
رفعت رأسها للشمس البارزة بغرور في عرشها الرمادي الذي غطته كل الغيوم التي لن تهزمها...ولكنها سرعان ما وضعت كفّها على عينيها...
هو يبتسم: لن تستطيعي...
هي بثقة: سأصل لها يوماً وسترى...
هو: أرجو ذلك..
هي: وهل تطال القمر؟ هل تقدر أن تصل لسبائك الفضة المتسربة منه.؟
هو يبتسم : سبائك الفضة هي نتاج جدائل الذهب التي تصنعها الشمس...
هي: مغرور..
هو: مثلكِ..
هي تبتسم: يجب أن أذهب..أراك بالغد...
هو: حسناً..إلى اللقاء..
ومشت أمامه ذاهبةً للبيت..
هو: توقفي...
هي: ماذا...؟
هو: قالت أمي أن أمك ربما تضع طفلاً جديداً..هل تظنينها فتاه...؟
هي وقد تطاير الشرر من عينيها وأحست بالجنون يلفها: ما شأنك أنت...سـ يكون صبياً إن شاء الله..
هو: أرجو أن تكون صبيةً جميله...حتى نلاعبها..
هي بغضب: حسناً لتكن فتاه...لكن لا تكلمني بعدها..
هو انفجر ضاحكاً لغيرتها المجنونة...
هي: أكرهك..
هو بهدوء: ليس أكثر مما أكنْ لكِ من كراهية...
هي: غبي...
وذهبت للبيت مسرعه...بينما رجع لمنزله بهدوء الواثقين يرى السماء وهي تدفن الشمس دون رمال ودون كفن ودون صندوق،،، لينبثق القمر يعتلي العرش حتى يحل الصباح وتزيحه بجبروتها وجدائل الذهب المسجاةِ من قرصها الدائري....
ما إن وصل لغرفته التي غيرها بسبب تسرب المياه حتى رمى قميصه أرضاً وتناثرت أوراقها التي نسيتها قبل قليل...فابتسم بهدوء...
فتح الورقة ليجد خربشات آنسه جرّت طفولتها معها حتى في الكِبرْ...
" لماذا تركتني وحيدة!!!

وأنت كنتَ لي نبع الحياة،،ومصدر الأمان !!!

وأنت الذي جعلت لي من كل فصول الربيع مولداً...

أنت يا أجمل من كل أحلامي وأبعد...

أرجوك...

لا تقل أنك سافرت..!!

وأن غداً لن يولد كما ولدت الأيام السالفات...

لا تقل لي أن الشمس لن تشرق عليّ للأبد...

إن أنت سافرت...سيلبس النور ستاراً أسود..

ويذبل الروض..ويغضب الورد من قلة الندى..

وستهيم بالأرض روحي،،،وتزيد في القلب جروحي...

أخبرني أين ستسافر..!!!

ربما ألقاك في بعض متاهات المدى..!!

وربما أراك من غير موعد...

أو يظهر لي نورك،،أو فجرك ،، أو بدرك...

أرجوك هوّن عن السفر...

حتى يعود العطر وينتشر...ويرجع الربيع...

وحتى......"
ووجد الكلمات قد قُطعتْ من منتصفها...فابتسم بحزنٍ لا يعلوه حزن...وأقسم منذ هذه اللحظة أن يكون الوداع حافلاً كما طلبت منه...وأنه لن يدعها تذرف دمعةً واحده في فراقه...
ضم الأوراق لـ قلبه بقوّه...تنفسها كما يريد...ووضعها مع أوراقه...

نهاية الجزء الخامس...
الفصل الثاني من الأقصوصة...

الحب أعظم منّا فكيف نحاول عبثاً الخوض فيما هو أعظم منا،،

فنحن لسنا إلا أقزاما نقف على عتبته ،،

فما إن حاولنا الخوض فيه حتى نقلنا إليه ملوثات حسية سطحيه منا....

وبالتالي واجب علينا احترام قدسيته وان نبقى بعيداً عنه،،

نجول معه لا في داخله،،

نجول بصحبته لا في دائرته،،

هكذا حتى نضمن لأنفسنا عدم تلويثه ونضمن له طهارته...

وكم يتلاعب الحب بورقة الاختصار..!

حرفان فقط...حرفان من أخف الحروف نطقاً هما مكونات لفظه ولكن مفعول هذين الحرفين قوي ومملكته شاهقة عنيفة،، وتاجه منيع لا يمكن أن يتوج لأي مدعي ينبض به..
تمخضت بها ذات ولادةٍ بالكلمات،،، شوق !!

الإهداء لــ:


لمن تجرد منيّ كما تتجرد الشجر من أوراقها خريفاً،،

ونزعني عنه كما ينُزع جذرُ الشامخات عن قاع الثرى،،،

وتركني !!!

مُخلفاً وراءه من التعاسةِ أعظمها،،

ومن الألم أكبره،،

ومن مُدن الحنين أضخمها،،

وقبل أن يرحل لم ينسى أن ينزع عني تاج الحكم في قلبه،،

وقلّدني باستحقاق تاج مملكة الحزن،،

وترك لي من الرحيل أعذبه،، ومن الدموع أكثرها،،

ثم رحل !!!

 
 

 

عرض البوم صور Malame7   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبة شوق بوظبي, ذات حُـبٍ شتـوي, ذات حُـبٍ شتـوي للكاتبة شوق بوظبي, شوق بوظبي, قصه ذات حُـبٍ شتـوي
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:08 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية