(3)
دخلة الغرفة التي دلني أليها الشرطي الواقف أمام مركز الشرطة, لم ألمح أحدا سواها فالخوف و القلق أعموا بصري, وجتها جالسة على أحد الكراسي الواقعة أمام المكتب, كانت دفنت رأسها بين يديها و منحنية إلى الأمام, أقبلة ناحيتها بسرعة البرق, أمسكت بكتفها الأيمن و نهلة عليها بالأسئلة " ما سبب دخولك في المركز الشرطة ؟ و ما الذي جرى و خلافه....", لم ترد عليه بل أكتفت بأن تلقي بجسدها علي وتطوقن بكلى يدها ومن ثم أشرعة في البكاء...
قلت لها مواسيا : اهدأ كاثرن لا داعي للبكاء.... ومن ثم طوقتها أنا الآخر بيديه...
التقطت أذنيه صوت تحنحن أحدهم...
فلتفت إلى ورائيه لأجد رجولا يرتدي بذلة ضابط شرطة, كان باديا عليه الوقار...
قال: السلام عليكم , أنا الضابط حسام.
ردت عليه: و عليكم السلام و أنا أحمد.
قال: تشرفت بمعرفتك يا أحمد, أيمكن أن أسألك سؤالا ؟
قلت: تفضل.
قال: أتعرف المتهمة؟
قالت لا إراديا: متهمة!!!
قال: نعم, فهي متهمة بقضية مخدرات.
لم أستوعب ما سمعته, فاستنجدت بها لكي تروي عطشي بالمعلومات, أبعدتها عن أحضاني و قلت لها: أصحيح أنك ما يقوله؟
صرخت بأعلى صوتها : لا ...
و من ثم دخلت في موجة من البكاء...
لم يروي ظمئ ردها, فأعدت بصري إلى ناحية الضابط, لعله يفهمني الذي يجري...
قلت له: و ما الذي جعلكم تتهمونها بهذا الأمر؟
قال و بكل ثقة: لقد أمسكنها متلبسة .
قلت و أنا لازلت لا أصدق الذي يجري: هذا مستحيل.
أمسكت بذراعيه و أخذت أهزها بطريقة هستيرية و أنا أصرخ في وجهها قائلا: أصحيح الذي يقوله أحقا عدت إلى المخدرات من جديد, ظننتك قد تركتها و إلى الأبد, لقد وعدتني بذاك, لماذا فعلت ذلك, لماذا؟
هنا ومن بين ركام الدموع رمقتني بتلك النظرة التي لم أعرف ما مغزاها و قالت بأعلى طبقت من صوتها: أنت السبب, أنت يا أحمد, فلا تلمني , أنت الذي دفعتني إلى العودة إلى تعاطي المخدرات لكي أنسى الجحيم الذي أعشه معك.
جملتها جعلتني أتجمد مكاني و لا أقوى على الحراك, فقلت مستفسرا: أنا السبب, كيف؟
قالت و هي قد هربت ببصرها بعيدا عني: بعدم حبك لي, لقد حاولت أن أنسيك تلك الفتاة التي من أجلها سافرة , لكي تنساها , لكن لم أستطيع , أنت تقول بلسانك أنك تحبني , لكن جميع جوارك تقول العكس , أنت تحب لازلت تحب تلك الفتاة , لم أعد استحمل العيشة مع شخص قلبه ليس ملكيه لا أستطيع, لا أستطيع...
و عادت إلى موجة البكاء..
عقلي توقف عن التفكير حينها, جسدي صام عن الحركة, أصحيح الذي قالته كاثرن؟؟؟ سؤال أخذ يدور في عقليه الجامد...
ومن ثم اتصلت بك , هذا كل الذي جرا يا ماهر, لهذا أرجوك أتصل بعمك و حل الموضوع بسرعة.
اجتاحت قصمات وجهه الدهشة تلك اللحظة .....
- ما الذي تقوله يا أحمد ؟ ألازلت تريد أن تساعدها بعد أن عرفت أنه متورطة بقضية مخدرات!
- أنا الذي أحضرتها إلى البلاد و لهذا أنا المسئول عنها حتى تخرج من هنا.
بدأت تعابير وجهه تميل إلى الارتياح وهو يقول...
- أأفهم من كلامك أنك سوف تتركها.
هز رأسه بالإيجاب و أردف قائلا..
- هي ليست لي و أنا لست لها, لقد أنكشف كل شيء , لقد فتحة عينيه على شيء لطالما تهربت منه, ألا وهو حبي لهديل.
شقت ابتسامة طريقها على شفتيه و من ثم اتبعها قائلا...
- هذا الكلام الصحيح , الآن سوف أتصل بعمي و سوف أجعله يهني كل شيء اليوم.
...........................
قالت وهي تدخل السيارة....
- السلام عليك يا بني.
- و عليكم السلام يا أمي.
قالت و باستحياء...
السلام عليكم أحمد.
_ و عليكم السلام يا هديل.
- أعذرني لأن سوف أتعبك في توصيلي.
- لا تقولي هذا الكلام فنحن أهل, من ثم نحن الذين أتعبناك و أخرناك عن العودة إلى المنزل مبكرا.
- لا تقول ذلك فتعبكم راحة.
قالت جملتها هذه و خطة على شفتيها الحمراوين ابتسامة...
لمح ابتسامتها من المرآة....
- ( يا الله ما الذي يجري لي, لماذا يديه مبللتان هكذا , و حلقي جاف, ما الذي يجري لي, لماذا السيارة حارة هكذا, أتكيف يشكو من شيء؟)
- أحمد , أحمد ...
عاد من عالم السرحان....
_ نعم أمي.
- ماذا بك؟ ألا تريدنا أن نعود إلى بيوتنا اليوم.
- ماذا؟ أووووووووه أنا آسف الآن سوف نتحرك.
كان لا يفوت أي فرصة مأتية تلوح له , ألا و ألقى نظرة عليها من خلال المرآة, كانت قابعة في الكرسي الذي يلي كرسي أمه, لم تغير وضعيتا منذ تحرك حتى و صلوا إلى بيتها, كانت منحنية إلى الأمام, و مسمرة بصرها ناحية الأسفل, طوال الطريق لم تنبس بأي كلمة تسكت جوعه....
أخيرا وصلوا إلى نهاية الرحلة....
أخيرا تغيرت وضعيتها, حيث أنها رفعة رأسها و قالت بصوت أقرب منه إلى الهمس: أشكركم على توصيلي.
أم أحمد: أنا التي يجب أن أشكرك على الذي فعلته لي و ليس أنت.
_ لا داعي لشكر فهذا واجبي, حسنا يجب أن أذهب الآن مع السلامة.
_ مع سلامة ابنتي.
لم يرد رد منه فهو يعيش في عالم ظن أنه قد أغلق بابه منذ زمن...
يتبع....