المنتدى :
الخواطر والكلام العذب
هواجس
لم أعد أستطيع البقاء هنا أمام هذه الوجوه المخيفة .. لم أعد أستطيع منع نفسي من الهروب .. حقيقة لم أعد أعرف نفسي أو أجد معنى لهذه الحياة المليئة بالشرور .. تركت روحي تنساب من بين الجموع في خفة ونعومة خشية أن يراني أو يلحظني أحد وأنا أهم بالانصراف , فلم تكن روحي تتآلف مع هذا الحشد من الناس على غير العادة .. لقد ذهب في ظني أن وجودي وحضوري وسط هذه الجموع الغفيرة قد يخفف وطأة ما يجثم على صدري من أثقال , فما أن انسحبت من بين هذا الحشد وشعرت اني بمفردي حتى أطلقت لرجلي العنان لتجري دون هوادة قاصدا لا شيئ سوى المجهول .. فلم أشعر بما كان يحيطني من زحام سوى بالهواء البارد الذي يرتطم بجسدي ... دارت في رأسي أسئلة عديدة متلاحقة لم ألتقط منها لسرعة تدفقها سوى سؤال واحد لم أجب عنه لندمي :
" ما الذي جاء بي إلى هنا ؟ ما الذي جعلني أظن أن وجودي بين الناس وسط هذه الجموع الغفيرة سيرفه عني ويخفف وطأة ما أحمله من أثقال اليأس والألم والحزن ؟ " دوت تلك التساؤلات في رأسي لتتردد أصداؤها في جوانب عقلي المرهق لأمسك رأسي بكفي محاولا منع سريان ذلك الألم الرهيب الذي اعتصر ذهني .. وما أن شعرت بأني قد ابتعدت مسافة طويلة وكافية عن ذلك الحشد المرعب حتى جلست أرضا لأجهش بعدها ببكاء حار ومرير تاركا لدموعي العزيزة العنان لتسيل على وجنتي .. أكاد أجن وسط كتلة الظلام , أحس برغبة عنيفة في الصراخ والركض خلف أحلامي القديمة ... أحلام شاب نهبتها مدينة ملثمة بأصباغ الحقد .. كنت صغيرا أراقص قلبا حافلا بالأشواق والأحلام , وكانت مدينتي صغيرة جميلة لذيذة أتشهي في سمائها وحقولها وأرضها وبحرها عسل الأيام .. أظل أحلم وأحلم حتى ألامس جبين الفرح .. حتى تاهت عني أشكال الأحلام ..
|