اخوانى الافاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقص لكم هذا المشهد الذى رأيته من خلال رحلة قصيرة الى بلدى فى الصعيد
بلدى الذى هجرناه من سنين باحثين عن التجارة بعد أن ضمرت مهنة الزراعة
وما بقى الا شيوخ تمسكوا بأرضهم وبيوتهم وقالوا :أعطتنا الأرض خيرها
فأذا مرضت هل نتخلى نحن عنها ,؟! وقالوا أن ماتت تلك الارض فسنموت معها ,
وحينما تذهب الى القرى تجد بيوت خاويه من الروح وبلا أبواب توصد .وبعد
العشاء يعم الصمت الرهيب ولا تجد اناس يتهامسون ..وبعد قضاء واجب العزاء
انتظرنا قرابة الثلاث ساعات حتى وجدنا تاكسى ليستقلنا الى الحضر
وأثناء سير التاكسى أخذت انظر الى جانب الطريق وأرى الحقول القاتمه وعيدان
الذرة المخيفة وتتناثر المنازل كالأطلال على ضفاف الطريق فى مسافات متفاوته
وهى كما ذكرت خالية من الروح والحياة وكأنها بيوت الاشباح,,,و هنا ,, هنا
لمحتها ,,,
,,كانت أمرأة تتوشح السواد وجالسة على التراب وتلتقط انفاسها بصعوبه وتشير
بيديها للتاكسى مستغيثه ولا تكاد تخرج احرفها من حلقها وبدى لى الالم الرهيب
الذى تعانيه من خلال وجهها الضامر وحدقتاها الجاحظتين ,,وكان بجوارها كلبً ينبح
وكأنه يناجينا أن نتوقف ,,فقلت للسائق: توجد أمراة على جانب الطريق. قال لى فى
قسوة قلب : لا أرى شىءً ,,ونظرت بعينى لأتاكد فأذ بها ما زالت رافعة يديها وقد بدت
الخيبة على وجهها مما زاد من ألمها وغابت عن ناظرى بين عيدان الذرة ,,ولم تفارق صورتها
عينى طوال الليل ,,لله درك يا امى ,,ترى هل نسيكى اولادك وراحوا يتمرغون فى النعيم بين جنبات المدينة
وأصبح الكلب باراً بكى اكثر من ابنائك ,,ام أن الدار تريد سلب الحياة منكى ...
ولم اتمالك نفسى وخانتنى دمعتى ,,وتمنين أن ارجع وأجلس بجوارها وأقبل يديها وأرجلها
وأن يبتل الثرى بدموعى ,,آآآآه لعقوق الأبناء وغفلتهم عن رعاية أمهاتهم ,,أما علم اولئك
أن النعيم ياتى بعد رضاهم ؟,,وهل علموا ان الجهاد يعفى بسببهم .؟!
كيف إستساغوا العيش وهنئوا بنومهم وقد أدمى الربو صدور أمهاتهم ,,,
كيف تزينوا ولبسوا أحسن الملابس وأفخرها وقد أكل زمهرير البرد أطراف ابويهم
ترى هل أبتسموا أثناء نومهم وقد أصطقت أسنان أبويهم من لفحات البرد القارس
وترى انهم يأكلون اطيب الطعام والشراب بينما أبويهم يشاركهم الدود فى الجبن
لا نقول إلا لله درك يا أمآه ,,,ونحن مقصرين حتى لو جلسنا تحت الاقدام
اخوانى الافاضل ,,آسف للأطاله ولكن مثل تلك المواقف لا يحدوها نثر أو شعر او وصف
ولكم تحيتى اخيكم
زيزو عتباوى