لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-05-07, 09:22 AM   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

_28_

لم أستطع النوم ..لقد كان يوما سيئا فعلا .. في الساعة التاسعة اتجهت إلى منزل
عمتي .. لم أجد سيارة عبدالعزيز وعندما دخلت إلى الصالة كانت جدتي تجلس مكتئبة لم أستطع منع نفسي .. وإلقيت بجسدي في حضنها ... وبكيت حتى أخرجت كل مابي من جروح وآلالآم وشروخ تراكمت لهذا الأسبوع ..
لكن جدتي كانت صامتة .. كانت أشبه بمصدومة .. قالت عمتي
" قلت لك يا أمي منذ زمن أن تأتي لتعيشي معنا .. لكنك رفضت .. "
قالت جدتي
"يكفي .. انتهى الأمر..لاتبكي يا فاطمة .. "
رفعت رأسي بصعوبة .. كنت أشعر بالذنب .. بالألم .. ولم أستطع أن أمنع هذا الشعور من التوغل في روحي .. ركضت إلى الحديقة لأتنفس قليلا ..
لم أجد حروفا لأنطقها ,,فجأة فقدت القدرة على الحديث ...أردت أن اقول لجدتي أشياء كثيرة أن أريها أننا لن نجحدها فهي امنا..و...
"فاطمة ؟"
كان صوت رجالي متشكك..
إلتفت إلى عبدالعزيز ..الذي أخفض عينيه بشكل لا إرادي ..كان يتحاشى النظر إلي .

عرفت سبب تفادييه النظر إلي ..عندما رأيت حجابي على الأرض..أمسكته وارتديته فعاد ينطر إلي متفحصا..

"تغيرتي...لم أعرفك ..لثواني ظننت أنك صافية ..لكني تذكرت أنها وزوجها في دبي.."
حاولت أن أتماسك لكنني لم أستطع استدرت بعيدا ..وأطلقت العنان لدموعي ونشيجي.
"لاتبكي ..لم يحدث شيء .."
"لاتقل هذا ياعبدالعزيز ..حدثت أشياء ...لايقبلها عقل أو منطق ..ولايحتملها قلب .."
أحسسته قريب عندما قال " المهم أن الأمور انحلت .. وإنتهى الخصام "
التفت لأجده قريب جدا .. لكنه ..لا أعرف .كان ينظر بعيدا وبألم ..
"مابك ؟؟"
ابتعد عني قليلا .. وأخرج سيجارة ..
"منذ متى تدخن ؟؟"
" السؤال منذ متى لا أدخن .."
لم أكن أعرف أنه يدخن .. قلت له بصراحه " أتريد قتل نفسك بهذه السموم ؟؟"
لكنه بدا كمن يسكن ألما مع كل نفس يأخذه ....
اتجه إلى الكرسي وجلس . ..وقال وهو ينظر إلى حوض الأزهار " ما أخبارك يا فاطمة ؟؟"
جلست إلى الكرسي الآخر وقلت " لايجب أن تدخن ..أتعرف عمتي ؟؟"
" لم أرك منذ وقت طويل ,أدهشني التغيير الذي أنت عليه .."
" لا أعرف لم تقتل نفسك .. إن بهذه السيجارة مائة عنصر كيميائي يدمر خلايا جسدك ويضعف مناعتك .."
أخذ نفسا آخر وقال " تغيرت ملامحك كليا .. لم تعودي كما كنت مليئة بالحياة .."
نظرت إليه .. واكتشفت أن كلا منا يتكلم في شيء لايعيه الآخر .. قلت متابعة الحديث " ألا ترى أن علبة السجائر كتب عليها التحذير ؟؟ أمراض القلب وسرطان الرئه ..ماذا تريدون أكثر من هذا .. السيجاره بنفسها تصرخ وتقول ساقتلكم ..ورغم هذا تدخنونها ,,لا أفهم ..والمفروض أن يضعوا نفس التحذير على وجبات الهمبورغر والبيتزا والبيبسي والبطاطا المقلية .. سأقتلكم !" ..

" أتوقع أنه كان سببا قويا ليجعلك بهذا السخط ..خذي .."
ومد سيجارة إلي ...
"لا .."
" خذي تحتاجينها ..صدقيني .."
أمسكتها .. بينما أشعلها لي .. ترددت قليلا . لكني أخيرا جربتها .. وكان طعمها مقرفا .." إنها مقرفة لا أعرف كيف تحتملها .."
لكنه غرق في أفكاره .. وعاد ينظر إلى حوض الأزهار .. بينما عدت أنا إلى السيجارة التي في يدي .. وخلال دقيقتين .. اعتدت وجودها .. ولم يعد الطعم المقرف ..أصبحت أنفث كل ما بي ..كل ما يختلج قلبي .. وسكنت أعصابي لدقائق ..
رميت بعقب السيجارة ..
" أرأيت ؟؟.. الأمر يبدأ بشيء نلهي أنفسنا به عن التحدث والتفكير .. سواء كان سيجارة أو طعاما أو ...حتى الرياضة .. لكل منا إدمان ..سببته الضغوطات النفسية التي تختلج أرواحنا .. بينما المطلوب هو أن نتكلم ..فقط أن نتكلم ونخرجها من قلوبنا..أن نبوح بكل جروحنا ومشاعرنا ودموعنا ..لكننا دائما نجبن ..ونخشى أن نجرح الآخرين ..فتبقى قابعة في زاوية من زوايا روحنا ..تطلب الخروج ..تصرخ أطلقوا صراحي ..لكننا نغذيها ..إما بسيجارة ..أو بطعام يزيد عن حاجتنا .. لنغطي حاجتها .. وأنواع الإدمان لاتنتهي .. ماتطلبه أرواحنا .. هو التحرر .. وما نفعله نحن ..هو أن نسجنها أكثر فأكثر .."

كل كلمة نطق بها لامست شغاف قلبي .. لامست جروحي .. فبكيت .. وقلت رغم دموعي " وما يجعلك تلجأ إلى هذا... مالذي تخفيه قل ..انطق بكل ما يعتل قلبك ..لاتخنقه برائحة التبغ لأجل لا شيء .."
نظر إلي بصدق .. " أخفي .. شعورا ساميا ..وإن نطقت بإسمه سأدنسه ..وأدنس صاحبته .. "
"هل تحب ؟؟ .. من هي ؟؟..."
" أنت .."
وقف شعر جسدي ,,لكنه أكمل مبتسما " تعرفينها ..:"
قال مبتسما " كان رد فعلك مضحكا .. للحظة تجمدت ملامح وجهك ..إنها ابنة عمي مريم .. أحبها منذ طفولتي ..لكن .. يبدو أنها ستكون من نصيب غيري .."
" ماذا تقول ؟؟ ...لماذا لاتخطبها ؟؟"
"فعلت ..ولم يكتب لنا أن نكون معا.."
أخرج سيجارة أخرى وأشعلها وتابع حديثة ...
" كم خسرتي ؟؟"
"خمس وثلاثون كيلو جراما .. كانت تمنعني عن الدنيا "
ابتسم وقال " لم تمنعك عن العالم . ..بل عن شيء آخر "
"ماذا تعني ؟؟"
" بنيت هذا الحاجز ..وبقيت خارجا .."
وقف وقال وهو ينظر إلى أعالي الأشجار " واجهت جروحا ربما ...أو آلاما .. ولتختبئي ..لجأتي إلى الطعام .. وفقدت السيطرة .. وفجأة .زادت الأيام آلامك ..فكبر هذا الحاجز .."

"الذي عزلني عن العالم ."

"لا ..بل ...عزلك عن نفسك .. "

وقفت واقتربت منه " ماذا تقصد ؟"
"مازلت كما انت ... ربما فقدت الحاجز ..لكنك اعتدت البقاء بعيدا .."
لم أفهم مايعني . قال بعد أن أخذ نفسا أخر " ألا تشعرين بأنك تشاهدي قصة حياتك من بعيد؟؟"

"الكل يشعر هكذا يا عبدالعزيز لكنه لايعني شيئا .."

" قليلون من يشعرون هكذا .. لاتكتفي بالمشاهده .. عيشي حياتك .. لا تجعلي الأمور تحدث لك ..أنت بادري إليها .. وإن عانيت من الصدمة والألم .. تقبلي الأمر بروح واقعية .. فكري بالإيجابيات .. ولاتفكري أبدا أن عدة كيلو جرامات زائدة هي ما سجنتك عن العالم .. أو سببت لك أزمة ...من سبب الأزمة هو أنتي .. أنت من لجأت إلى الدهون لتنسى آلامك .. ولاتتغيري أبدا وتفكري أنك أصبحت عادية .. لا .. يجب أن تبقي كما أنت ...."

"أبقى ماذا غبية ؟؟ بدينة ؟؟ نكته ؟؟"

" بل مميزة .. كنت تتصرفين على طبيعتك ..نحن نعرف من هي فاطمة .. لاداعي لإرتداء الأقنعه .."

تركته ودخلت إلى الداخل .. لا أفهم ما تعني يا عبدالعزيز .. لكن أمثالك إنقرضوا من زمن بعيد .. لقد إنتهى عصر الفلاسفة ..فلم يعد أحد يأبه لكوامن النفس البشرية ..ولم يعد أي شخص يسأل عنها ..


لم يعد المنزل كما كان .. أحس أنه تحول إلى قطعة ثلج كبيرة .. غادرت جدتي منذ يوم واحد .. وأنا أشعر بوحدة فظيعة .. خرجت أمي لتلبية دعوة احدى سيدات المجتمع .. رمت منال طفلها لدى المربية وذهبت لمنزل والدتها مع أخي مبارك ..
خرج محمد فهو مدعو في منزل سارة اليوم ..أما سالم وابراهيم .. خرجوا برفقة أصدقاهم .. فاليوم اجازة ..
أشعر بفراغ قاتل ..بوحدة لايوجد في المنزل سوى الخادمات ...جلست في الحديقة وبقيت أنظر إلى الفراغ ..الساعة السادسة مساء ..وأبي لاأثر له ..
سمعت صوت سيارة آت .. فأحكمت حجابي ونظرت بإتجاه الباب ..كان والدي برفقة فيصل يتحدثون معا ويضحكون ..لا أنكر ان قلبي انقبض في تلك اللحظة توجهه والدي إلي وهو يبتسم
" فاطمة .. "
وقفت لأسلم عليه ..
" ماذا تفعلين هنا ؟؟؟"
ابتسمت بهدوء وقلت "لاأحد في المنزل .. فجئت لأجلس قليلا هنا .."
"تعالي للداخل .."
" كيف حالك فاطمة ؟"
التفت إلى فيصل وكان والدي قد دخل إلى المنزل " بخير ."
تبعت والدي ببطء ..
" فاطمة .. ابقي مع فيصل قليلا .. سأستحم وأعود بعد دقائق ..
طلبت من الخادمة تجهيز عصير له .. ثم جلست في الصالة الكبيرة وهو يجلس أمامي .. لم أنظر إليه .. منعني كبريائي من توجيه الكلام إليه ..

" فاطمة أنا أحبك .."

أغمضت عيني لدقيقة .. ولم أنتبه للدموع التي تدافقت .. أنني في أحد أحلام اليقظة بلا شك ..

" فاطمة هل سمعتيني ؟؟"
نظرت إليه . لأجد نظرة صادقة في عينيه .. لكني لم أستطع سوى نطق كلمة واحده
" أنا ؟"
نظر ليتأكد من عدم وجود أحد وقال " أجل .. أنت .. "

أنزلت رأسي اجتاحتني أسمى المشاعر .. لحظة سعادة فريدة من نوعها .. الأخلاص والوفاء والشوق والحب والعشق والتفاني والفرح .. والحزن .. لا أعرف لما اجتاحني الشعور الأخير ,, لكني كنت .. غير مصدقة .. لأي شيء ..

" هذا الشعور ليس وليد اللحظة فاطمة .. منذ إلتقت عيناي بعيناك وأنا أفكر بك في كل لحظة .. لا أعرف لماذا في البداية .. لكني .. متأكد .. أنني .. "
وقبل أن يكمل حديثه سمع خطوات قادمة .. فقال هامسا " أحبك "

جاءت الخادمة لتضع العصير أمامه ثم غادرت ..

التقت نظراتي بنظراته .. تحققت أعظم أحلامي .. قال مبتسما " رغم أنك كنت تغيظيني في البداية ... لكنني .. كنت أبتسم عندما أخلو لنفسي .. أتذكر عيناك .. كنت أتمنى أن أعرف بم كنت تفكرين .. لكني لم أنجح .. "

خجلت عندما سمعت كلماته .. لكنني لم أتفوه بكلمة .. اكتفيت بإبتسامة خجوله .. ونظرة مليئة بالمشاعر تجاهه .. قال مبتسما
" أدفع عمري كله فقط لأعرف سبب هذه النظرة .. لك مليون ريال مقابل أن أعرف بما تفكرين في هذه اللحظة .."

بما أفكر ؟.؟ ... هل تعرفون بما أفكر ؟؟ .... أفكر في تلك السيجارة التي دخنتها بالأمس برفقة عبدالعزيز .. إن طعمها فعلا مقرف

************************************
أتمنى فعلا أن أقول أنه إلى هذه النقطة بدأت السعادة في حياتي ونهاية القصة وإلخ ...
لكن هذه لم تكن سوى البداية ! ...

أجل اعترف لي فيصل بمشاعر كان يخفيها وهي في صالحي ..
أجل فقدت خمس وثلاثون كيلو جراما كانت تشوه شكلي ..
أجل خرجت جدتي من منزلنا وارتاحت أمي وتعذبت أنا لفراق العزيزة ..
ستتزوج سارة بمحمد .....
لكن مالاتعرفونه هو الأسوأ ..

لم يسأل أحد عن مريم ..
ولم يفكر أحد ماذا سيحدث لحسن ؟؟ ..
الآتي هو الأصعب . فحتى الآن ... كنت قوية .. لكن ماحدث لاحقا جعلني هشة لا أتحمل نسمة هواء .. قوية لا أسمع لا لقلبي أو لأي كائن آخر في هذه الحياة .. ومنهم فيصل !....
******************

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
قديم 04-05-07, 09:27 AM   المشاركة رقم: 22
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

_29 _
بعد تصريح فيصل الأخير أصبحت أغرق في بحر الحب كلما رأيت عينيه في العمل .. وأبتسم لا إراديا له . .. ويهمس بحذر حتى لايسمعه عمي
" أحبك " ..
..
كنت أفرح .. لم أنطق وأجيبه .. لم أقل له أحبك .. احتفظت بخجلي .. وكنت أكتفي بايتسامة خجولة ..
كنا نتحدث لغة العيون .. رغم أن العمل ازداد بشكل كبير هذا الشهر .. لكني كثيرا ما كنت أراه يقف ويحدق بي .. وكنت أشعر كأني شمعة متقدة تذوب خجلا وحبا ! ..
ثم طلب مني الحضور إلى مكتبه ..
دخلت بخجل .. قال لي " أريد أن أطلب يدك من عمي ويصبح كل شيء رسمي .."
كان يقف قريبا من مكتبه وأنا أقف في منتصف المكتب .. اقترب مني وقال بهدوء
"لكني سأنتظر حتى تتزوج منى .. "
رفعت رأسي مستغربة من قراره هذا فقال " احتراما لمشاعرها .. لا أود أن تحقد منى عليك أو عمتي .. هل أستطيع أن أطلبك منك أن تنتظريني ختى ذلك الوقت ؟؟"
ابتسمت .. أجل ..سأنتظرك لآخر عمري .. لكن خجلي وحيائي جعلاني أكتفي بهز رأسي بأجل .. استغربت .. منذ أيام كنت سأصرخ به وأخبره بحبي لكني الآن لا أكاد أجرأ على النطق بحرف ...
كنت أعمل على الكمبيوتر عندما رن هاتف العمل ..
" مكتب الأستاذ خالد ..."
قبل أن أكمل نطق صوت أعرفه " فاطمة ؟"
" مريم ..أهذه أنت ؟"
" أجل .. أريد أن أقابلك بعد أن تنتهي من عملك .. هلا أتيت إلى البحر حيث اجتمعنا أنا وسارة وانت آخر مرة ؟ "
" حسنا .. سآتي .. سأنتهي بعد ساعة ونصف .. والطريق سيكون .. "
" سأكون أنا هناك ,, أنتظرك .."
أغلقت الهاتف .. واستغربت من كلامها البطيء وبرودة هذا الاتصال . ...لابأس سأعرف بعد قليل .. لن أبني الإفتراضات السيئة ..
لكن الأفكار بقيت تزداد سوءا .. لم أعتد أسلوب مريم هذا .. مئة قصة وقصة اجتاحت مخيلتي .. اتصلت بسارة لأرى ما إستجد معها .. ولم أذكر مريم ..
" فاطمة لن تصدقي .. محمد قرر موعد حفلة زواجنا .."
ابتسمت فرحه وقلت " أخيرا ؟؟ "
" أجل .. خلال ثلاثة أشهر .. لذا سأسافر برفقة والدتي إلى أكثر من مكان خلال الشهرين القادمين .."
كانت سعادتي لاتوصف أخيرا .. ستنضم سارة إلي .. سأنسى الوحده .. ولن أهتم بفكرة بقائي وحيدة طوال اليوم ..
عبرت لها عن فرحي بهدوء .. رغم رغبتي الشديدة في الصراخ عاليا والقفز كطفل يعبر عن فرحته .. أغلقت الهاتف .. وأنا أنتظر مرور الوقت كي أسرع وأذهب إلى حيث سألتقي مريم ..
استغربت أن عمي أجل سفره في هذه الأيام .. لقد كان سيسافر إلى حسن .. دخلت إلى مكتبه حاملة التقارير التي طلبها ..
كان يضع رأسه على مكتبه ولم يرفعها وقال هامسا
" فاطمة .. اذهبي الآن .. "
" أذهب إلى أين ؟"
" أي مكان .. فقط غادري .."
لم أفهم مايعني عمي .. توجهت لمكتب فيصل متوترة
"مابك ؟"
" عمي .. إنه .. لا أعرف .. لايعجبني .. "
"أهدئي .. مالذي حدث بالضبط ؟؟ .."
" لا أعرف ..كان يضع رأسه على مكتبه .. وطلب مني المغادرة .. دون سبب .. "
أشار إلى المقعد وقال "انتظريني هنا "
هززت رأسي وغادر ..يا إلهي .. ماذا يحدث .. انتابتني موجة توتر غير طبيعية ..في البداية مريم .. والآن عمي .. بعد دقائق عاد فيصل مبتسما
" كان عمي متعبا لاغير .. اذهبي إلى المنزل لأنه سيغادر أيضا فلا داعي لوجودك العمل قليل اليوم .."
كانت طريقة فيصل في الحديث لاتعجبني .. كان يقول الكلمات بدون تفكير .. وابتسامته الصفراء لم تعجبني ..
توجهت إلى مكتبي حملت أغراضي ..ونزلت للسائق الذي ينتظرني منذ اتصلت بي مريم ..
::::::::::::::::::::::::::::::
ما صدمني فعلا أن مريم لم تكن هناك ! ,,بقيت أنظر إلى الأمواج المتلاطمة بقلق .. مئة فكرة وفكرة تعصف برأسي ..
انتظرت لمدة نصف ساعة .. أقف هناك .. لا أعرف لم تأخرت مريم ..
خرج السائق من السيارة ليسألني مالنهاية لإنتظارنا هذا .. لكني لم أجبه .. سأنتظر حتى تأتي مريم .. جلست على الشاطيء وأخرجت بعض الجداول الخاصة بمواعيد عمي وحاولت أن أنظمها ..
بعد نصف ساعة أخرى تعبت من البقاء هكذا أنتظر ..وقفت لأتجه إلى السيارة لأجد سيارة رباعية الدفع تتجه نحو البحر .. كان يقودها شاب يرتدي ثوبا أسود ونظارات سوداء لايمكن أن يكون عمره أكثر من سبعة عشر عاما ..
أوقف سيارته وخرج منها ببطء .ليفتح الباب الخلفي ..وتخرج يد امرأة لتستند عليه ..انقبض قلبي عندما رأيته يسند مريم ليخرجها من الباب الخلفي ..
ركضت باتجاها وقد أخرستني الصدمة " مريم ؟؟؟؟" ..
ابتسمت ابتسامة واهنة وكانت ترتدي نظارات شمسية تخفي بها عينيها ..
اتجهت نحوي ببطء لنعانق بعضنا .. وبدموع ..
أخرج الشاب سجادة صغيرة ثم أسند مريم وجلسنا أمام البحر وعاد الشاب ليركب سيارته وينتظرنا ..
" مريم ..أخبريني .."
وقبل أن أنطق نظرت إلى الشاب وقالت " أنه أخي الذي كنت أكلمك عنه دائما .."
" ناصر؟"
" أجل .. تأخرنا لأنني تأخرت في موعد مع الطبيب لتحديد موعد لجلسةالعلاج. "
" جلسة علاج ؟؟ "
أخفضت رأسها لدقيقة وقالت " أجل .. أنني أعاني من اللوكيميا .."
وقف شعر جسدي منذ أن نطقت أحرف الكلمة الأخيرة .. قفزت الدموع إلى عيني .. ألهذا السبب كانت تختفي بدون أي وداع ؟؟ ...حركت أصابعي بتردد لتمسك بكتفها ..ثم ..احتضنتها وأنا أبكي بشدة .. كانت ترتجف ..والنظارة الشمسية تخفي تعبير عينيها ..
"كيف ؟؟ ومتى ؟؟ ولماذا ؟؟"
كنت أمطرها بالأسئلة بينما يدها الضئيلة تمسك بيدي لتهدئني ..
"كيف ؟..ولماذا ..للأسف ..سؤالين أنا نفسي أبحث عن أجابتهما .. لكن متى .. منذ وقت طويل .. كنت ..أمر بنكسات قوية فيحملوني للعلاج في الخارج دائما ..إنه أمر الله ..قدر ورضيت به ..لكني اليوم كنت قد قررت أن أطلعك بحقيقة الأمر ..أنك تستحقين هذا .."
لا أعرف لم بقيت أبكي لكنها هدأتني " أتـذكرين فاطمة .. عندما كنا صغارا عندما كنا نتحدث لساعات ونشكو ليعض آلامنا ؟؟ أتذكرين .كنت أشتاق لهذه الايام وأنا في الغربة ..أود أن اعود لتلك الأيام ..عندما كانت أسوأ مشكلاتنا .هي البدانة ؟؟ .. أقسم لك أني مستعدة لأعود لتلك الأيام ..أقسم .."
بدأت مريم تنتحب بطريقة تمزق القلب ...
لم تكن تعاني من مرض فقدان الشهية كما ادعت سابقا بل كانت تعاني من سرطان الدم ..المرض الخبيث .. ثم استطاعت بعد علاج متخصص في امريكا أن تقف على قدميها وعادت إلى هنا .. ولكنها طوال عام كامل أهملت العلاج ..وانتكست حالتها بشدة .. كانت تظن لفترة بسيطة أنها أصبحت طبيعية ... لكن لم يدم الحلم كثيرا ..
كان آخر عهدي بها اتصال .. وكانت تحدد موعدا مع احد المستشفيات للمعاينة .. ولكنهم أدخلوها إلى العناية المشددة ..
لم يبق لها في هذه الحياة الكثير .. انها مسألة وقت ..
لكم حزنت ..ولا أستطيع وصف حزني .. لكني استغربت لم لم تخبرني ..لكنها قالت بيأس " لم ترغب أمي أن ينتشر الخبر حتى لايؤثر على فرصتي في الزواج " ..
ضحكت بعدما رأيتها تضحك.. ثم بكينا معا .. يالها من أم !
"ستبقى أمي .. أشعر أنها لاتريد التصديق أني قد ..وصلت إلى النهاية .."
"لاتقولي هذا ...أرجوك مريم تحلي ببعض الأمل "
"فاطمة ..إنها تقتلني ببرودها .. إن كان المرض يقتلني مرة .. فهي تقتلني مائة مرة حتى ناصر لم يعد يطيق الحديث معها .. أنني أحتاجك فاطمة .. أحتاجك ..أريدك أن تسانديني عديني بذلك .."
رغم عدم معرفتي في ماذا تريدني مريم أن أساندها لكني قلت فورا
" حسنا .. سأساندك .. أنا معك أعدك بهذا ..."
" اريدك أن تتوجههي إلى ناصر وأخبريه أني لن أتلقى العلاج بعد اليوم !"
انتابتني رجفة قوية قلت والدموع تتدفق من عيني كألأنهار " ماذا تقولين ؟"
"أرجوك فاطمة "
هززت رأسي بعنف " لا .. لا .. لا .. ماذا تقولين هل جننت ؟؟ "
"أرجوك فاطمة ..لقد تعبت .. وأريد الــ.."
"لا ...لاتقوليها ..لن أدعك .. هل جننت .. لا يا مريم .. أرجوك عودي إلى عقلك .. هذا انتحار ..لا .."
أردت الخروج الابتعاد لكنها أمسكت يدي وأخرجت يدها التي تملأها الندبات البشعه
" أتعرفين ماهذا ؟؟ .. كل أربعاء .. أتعرفين مامعنى أن تسري النار في عروقك ؟؟"
" أفهم شعورك .."
صرخت بي
" لا تفهمين .. لاتفهمين ماذا تفعل هذه السموم بي .لاتفهمين مقدار الألم ... لاتفهمين عندما أتقيأ أحشائي عندما أنتهي من هذه الجلسه .. لاتفهمين كيف أرى شعري ينتثر على وسادتي كل صباح .. الشعور بالغثيان .. أنت لاتفهمين ماذا يعني أن تكوني بلاقيمة .. بلاحياة ..مستلقية طوال الاسبوع على سرير بارد لاترين أحدا .. لاتجدين حضنا يدفئك لدقائق ..أنت لاتفهمين .. أرجوك .. أخبريه أنني تعبت ..فهو يرفض أن يستمع لن يقنعه سوى مساندتك لي فهو يفهم ما كان بيننا وكيف كانت صداقتنا .. ..أرجوك يا فاطمة .. أنني أتعذب ..من أجل لاشيء .. حتى والدي أصبح يتفاداني .. لايقترب مني ..ارجوك .."
انخرطت مريم في بكاء ونشيج جعلني أبكي معها .. وأخذها في حضني .. أريد أن أثبت لها أنني أحبها .. لا أريدها ان تستسلم..
"أرجوك مريم .. أرجوك . سأبقى إلى جانبك .. لن أدعك وحدك بعد الآن لكن .. لن تتركي العلاج ...."
قالت بهدوء " لقد وعدتني .. أرجوك فاطمة .. كرهت الحياة لم أعد أرغب في العيش من أجل من سأعيش؟؟..لم يبق لي الكثير .. أشهر معدودة .. لا أريد أن أنهيها مستلقية على هذا الفراش .. لأزيد دقيقة أو دقيقتين من عمري .. إن كان العلاج سيثمر شيئا غير ابقاءي على قيد الحياة لأيام بسيطة .. لما رفضته .. لكني ..سأموت وقد تقبلت هذه الحقيقة .. أريد أن أزور بيت الله .. أريد أن يتذكرني الجميع وأنا في كامل صحتي . ..لا أريد أن أتمدد على فراشي حتى مماتي..أجل سينهشني المرض الخبيث .. لكني ..أريد أن أنتهي من هذا المرض .."
لم أستطع سوى البكاء .. وكنت قد قررت أن أركب سيارتي وأغادر كأني لم أكن هناك ولم أعد مريم بشيء .. لكني وقفت وتوجهت وأنا أبكي إلى سيارة ناصر الذي خرج من سيارته .. كانت على مدى بعيد قال بهدوء
" أقنعتك ؟"
هززت رأسي بلا .. ثم قلت وأنا أحاول أن أهدأ " إنها تريد أن ...................... لبي لها أمنياتها ..أرجوك .."
لم أستطع منع نفسي من البكاء أكثر .. "وأخبرها أنني سأراها لاحقا .. لأن .. ""
ركضت إلى السيارة وأخبرت السائق أن يتحرك.. التفت لارى ناصر يتجه نحوها ويسندها برفق لكي يدخل بها إلى السيارة ..ولم أستطع كبح دموعي ...
لا أعرف إلى أين أود الذهاب ..لا أعرف ..لكن انتهى بي الأمر أقف لدى مطعم .
جلست على الطاولة لوحدي ..وطلبت ثلث مايوجد في قائمة الطعام ..
جلست هناك أكل ..وأبكي .. أكلت كما لم آكل منذ عام !...كلما أكلت أكثر ازدادت دموعي .. أحشو فمي بكل أصناف الطعام ..كأني أريد أن أقتل حزني ! لكن هذا لم ينفع .. لاشيء مما أكلته استطاع أن يخرس صرخات روحي النازفة أو يقتل ألمي وحزني !!
اتجهت إلى الحمام وأفرغت كل مابجوفي وانهرت في البكاء بلاوعي .. مريم .. مريم !! ...كان الشيء الوحيد الذي نطقت به ..
اغتسلت وحاولت ان أجمع شتاتي ...دفعت فاتورة المطعم رغم نظرات النادل المستغربة وعدت إلى المنزل ..

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
قديم 04-05-07, 09:29 AM   المشاركة رقم: 23
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

_30 _

عندما تأتي الأحزان ..تأتي ثلاثا ! ..

في اليوم التالي اضطررت إلى جر نفسي خارج الفراش لأتوجه إلى العمل ,,رأيت وجههي في المرآة ..كنت في أسوأ حالاتي .. فعندما عدت بالامس دخلت إلى غرفتي وإلتزمت الصمت .. لم أتناول شيئا منذ تقيأت كل ما بجوفي في المطعم ..ولم أخرج من غرفتي ..بقيت وحدي لم أعرف طريقا للنوم ولم أرى أي أحد .. غير الخادمة التي دخلت غرفتي لتضع بعض الملابس التي تم غسلها وكيها ..
نزلت إلى المطبخ وكنت قد إرتديت ملابسي ..صنعت لنفسي فنجانا من القهوة عندما جاء أبي وقال
" تعالي ..."
" صباح الخير يا أبي .."
" تعالي إلى الصالة ."
حملت قهوتي وتوجهت إليه .. لم أجلس فقد كنت قد تأخرت على عملي ..
"من قابلت بالأمس؟"
استغربت فلم يسألني أبي أبدا أين أذهب ومن أقابل ..
" قابلت الكثير .. لماذا ؟"
وضع أبي قدما فوق الأخرى وقال في صوت غاضب " لايعني أني لا أسألك أنني لا أعرف .."
" لاتعرف ماذا يا أبي ؟؟"
" السائق يعطيني دائما تقريرا مفصلا عن تحركاتك ..التي أغلبها تكون بين منزل عمتك ومنزل صديقتك سارة .. لكنه بالأمس أخبرني أنك ذهبت لمقابلة شاب وفتاة على البحر وانتظرتهما لأكثر من ساعة .."
اجتاحني شعور بالخوف من أبي ووجدت نفسي مضطرة لوضع قهوتي جانبا ..
قلت بهدوء وابتسامة حزينة " كنت أفضل أن تسألني أنا .. على الأقل أقضي معك دقيقة في اليوم .. بدلا من أن تستجوب السائق .. "
وقف والدي وقال بجدية " لاتحاولي ..من هما ؟ ؟"
" أحاول ماذا ؟ "
"لاتحاولي أن تجربي سياسة اللف والدوران ..أن أبقي عيني عليك وعلى هذا المنزل وأعرف بكل حركاتك لست مغفلا .. ويهمني شرف وسمعة العائلة ..وكوني سمحت لك بمجال العمل المختلط لايعني أبدا أن أغض النظر عن مراقبتك ! ..من كانا ..انطقي قبل أن أفقد هدوءي فيحدث مالايحمد عقباه!"
لم أستطع كبح دموعي .. جلست وقلت له باستياء " كانت مريم صديقتي .. أنت تذكرها زارتني مرة أو مرتين .."
قال أبي غاضبا " أعرف مريم ..لكن الذي لا أعرفه لم تكلمت مع ذلك الشاب ؟؟ ومن يكون .. "
قلت بلامنطقية " أنت لاتثق بي !"
" بلـــى . أنا أثق بك .. لهذا أنا أقف هنا مانعا نفسي من التصرف بتهور أنا واثق أن لديك سببا مقنعا .. اختصري الطريق وتحدثي من هو ولماذا كنت تتحدثين معه؟"
ولم أجد بدا من اخباره
" انه شقيق مريم .. ناصر .. وقلت له ما أرادت مريم أن أقوله له ."
" وماذا كانت تريد مريم أن تقوله ولم تجد طريقة غير لقائك وجرك إلى حدود البحر لتقولينه له ؟"
أغمضت عيني وشعور بالمرارة يجتاحني وعادت جيوش الأحزان
" كانت تريدني أن أخبره أنها لن تتلقى جلسة العلاج الكيمياوي وأنها اختارت أن تموت سريعا .."
وانخرطت في بكاء ولم أستعد وعي سوى وأنا بين ذراعي والدي يحاول تهدئتي ..وجدت ما أحتاج . .الحضن الذي سيحمل عني القليل من الأحزان ..
" فاطمة صغيرتي .. اهدئي .. إنه قضاء الله .. "
كان يربت على شعري بحنان افتقده كثيرا .. قلت له وأنا أشعر بالامتنان
" أخبرتني بالأمس .. كانت تعاني طوال الوقت ولم تخبر أحدا ..لكنها احتاجت أن يقنع أحد ما شقيقها ناصر بأن .. توقف العلاج .. آه يا أبي لم أذق طعن النوم ولم أستطع أن أفكر بشيء غير تلك اللحظات ,, "


" يكفي يا فاطمة .. لا أتحمل أن أرى دموعك ..الصبر .. والدعاء هو ماسيساعدها لن يفيدها أن تراك بهذا الضعف وهذه الدموع .. تحتاجك قوية بقربها .. تحتاجك أن تسانديها .. "

كلمات والدي أراحتني قليلا .. كفكفت دموعي وقبلت رأس والدي وخرجت متجه إلى عملي .. وأنا متأكده أنني أبدو في حالة رثة ..

أسعدني نوعا ما أن أعرف أن أبي يسأل عني ويراقبني .. رغم أنني لا أجه دائما .. لكنه عوض علي اليوم ما حرمني منه طوال سنواتي الماضية .. شعرت بالإرتياح أنني وجدت من أأخبره بما يحزنني وألجأ إلى حضنه ..ويساعدني معنويا .. فعلا ..مريم تحتاج إلي في مصيبتها هذه ..وهروبي بالأمس كان غيرلائقا ..يجب أن أبدو قوية حتى لاتشعر مريم أنها لوحدها ..لقد ذكرت لي أن والدها الذي كان أقرب الناس إليها بدأ يبتعد عنها .. يجب أن أسعدها ي أيامها الأخيرة .. وسأجعلها تغادر هذه الدنيا راضية وسعيدة ..كيف ؟؟ لا أعرف .. سأرى مابوسعي عمله بإذن الله .

دخلت إلى مكتبي ولم تبارح النظارة الشمسية عيناي .. جلست وكنت قد تأخرت ساعة كاملة ! ..فتحت الكمبيوتر لكي أتأكد من مواعيد اليوم .. طبعت الورقة واتجهت بها مع البريد الصباحي إلى مكتب عمي ..

"صباح الخير يا عمي أنا آسفة لأنني تأخرت ..لقــ.."
كانت نظرة عمي حادة قال في غضب " لم أتوقع قدومك على الإطلاق ..ماذا تفعلين هنا ؟"
لم أفهم ماذا يعني عمي " لقد تأخرت ساعة فقط ..."
" لقد أخبرتك بالأمس أنني لا أريد رؤيتك في هذا المكتب .."
انقبض قلبي وشلت الصدمة جسدي لثواني ..لم أستوعب .."مـ..مــ..ماذا ؟"
وقف عمي وقال " لقد طردتك بالأمس ..ألم تفهمي هذا ..؟ .. "
" لماذا .."
" مستحقاتك ستصلك بالبريد مع ورقة توصية .. اخرجي الآن وخذي أغراضك ستصل السكرتيرة البديلة في أي لحظة !"
وقع الملف من يدي لا إراديا كنت أظنه للحظة يمزح ! ..لكن على مايبدو أن كلامه صحيح .. اتجهت نحو الباب وخرجت ببطء لأرى مايؤكد لي حقيقة الأمر سكرتيرة شامية تقف في الخارج تنتظر الدخول ..
" ادخلي .."
كان هذا ماقلته .. نظرت إلى مكتبي لم يكن به شيء يستحق العناء سوى دفتر خاص بي صغير .حملته ودخلت إلى مكتب فيصل أريد أن أعرف لماذا طردني عمي ..
"فاطمة!!"
"لقد طردني .."
" ماذا .."
قلت وأنا أنظر إلى الدفتر الصغير من خلف نظارتي الشمسية .. ورسمت ابتسامة ساخرة على شفتي " أتيت لكي أسألك هل لديك فكرة عن سبب طرد عمي لي ؟"
لكن على مايبدو أن فيصل لم يكن لديه أي اجابة! ..
هز كتفيه في بساطة .. لم يقل شيء ..لا أعرف لكن لأول مرة لم ينقبض قلبي لرؤية فيصل منذ وقت طويل ! .. ربما لأنه الآن محمل بهموم لانهاية لها ؟ ..
" إذا .. سأذهب ..."
" فاطمة .. أنت تعرفين أنني أحبك ..أليس كذلك ؟ ."
" أعتقد أنك أوضحت هذا لي من قبل .."
" إذا لماذا البرود ؟؟ .. ولماذا تبدين كــ...ظل !"

ظل ؟؟...يبدو أنك لاتفهم يا فيصل . أنا ؟؟ برود ؟؟ أنا التي عانيت نار الغيرة ونار الحب كما لم تعان أي امرأة أخرى . أنا التي أهيم بك حبا لن تستطيع أي أمرأة أن تحمله لك في وجدانها .. حملت ثقلا بين ضلوعي لفترة طويلة وأريد أن أحتفظ به إلى الأبد .. تتهمني بالبرود ؟؟ ..
تلألأت الدموع في عيني ..وكان من حسن حظي أنني كنت أرتدي نظارتي الشمسية ..
"ظل .ماذا تعني ؟ "
قال متفحصا لي " أنت بخير ؟؟"
ابتسمت رغم آلامي وأوجاعي .. وتمتمت " أنا بخير .."

وعندما أردت الخروج أمسك يدي ولم أستطع أن أمسك نفسي أكثر
"لماذا تحاول أن تمسك بالظل ؟؟ ..........لماذا الآن ؟؟ ... "
نظر إلي مطولا ثم قال
" سأوصلك إلى المنزل .. "
"لاداعي السائق ينتظرني في الاسفل .. ... "
أفلت يدي لكنه انتزع النظارة ليواجهه عيناي بنظرته الفاحصة ..
" ما.. فاطمة هل أنت بخير ؟.."
أمسكت دموعي لدقائق ومسحت آثارها على وجنتي ورموشي " أنا بخير.."
لكنه قال " لاتبدين هكذا .. أخبريني .. هل أنت بخير ؟ .. "
" لقد فقدت عملي للتو ..ماذا تتوقع أن أبتسم أو أرقص فرحا ؟ بعض الدموع وسأكون على مايرام ...."

" لاتعرفين ما تأثير دموعك هذه علي .."
وصمت للحظة فأخفضت رأسي لثواني ثم ارتديت نظارتي وقلت له بابتسامة
" لن أسألك إن كنت تنتظرني أن أسألك .."
" أنا لا أنتظر سؤالك .. وإن كنت تنتظرين الإجابة لن أجيبك .."
ابتسمت وقلت له وأنا في طريقي للخروج " أنا لا أنتظر !"
" فاطمة .. تعالي إلى المزرعة ..فالمهرة الصغيرة تتظر إسما لها !"
ابتسمت وقلت له " سأجد ما يناسبها بعدما أراها .."

رفعت يدي وقلت وأنا ألوح له مودعة " إلى اللقاء "
اتصلت بالسائق الذي لم يكن يبعد كثيرا .. ووقفت أنتظره في المواقف .. لا أعرف .. لكن فقدت للتو عملي الذي كنت قد بدأت أتعلق به ..مالسبب ؟؟ لاأعرف ..غضب عمي لابد أن يكون له سبب قوي فعمي خالد لايغضب بسهولة ..
هل معقول أنه لاحظ شيئا مما يجري بيني وبين فيصل ؟؟ لا مستحيل .. لم يحدث الكثير سوى بعض المحادثات الهامشية وحديث الأعين .. فيصل كانت ميزة هذا العمل أنني أراك يوميا .. أتعامل معك يوميا .. لكن الآن . .. لن نرى بعضنا ..

عدت إلى المنزل لأجد والدتي قد استيقظت للتو من نومها .. وقد ارتدت ملابسها الكاملة " صباح الخير ؟؟ .. إلى أين ستتوجهين في هذا الوقت المبكر .."
كنت أنظر إلى ساعتي وهي تتناول افطارها " إلى منزل عمك خالد "
"لماذا ؟؟ هل استجد شيء ؟؟.."
" أجل .. لقد تطلقت حمده ! .. المسكينة .. على مايبدو أن زوجها غشهم فهو ليس بالمستوى المطلوب لم تتحمل المسكينة .طلاق بدون أن تتزوج بالفعل ! يبدو أن الحظ ليس في صفها على الإطلاق أولا فسخ خطوبتها بفيصل والآن انفصالها عن هذا الرجل رغم أنهم عقد قرآنهما فقط ..يجب أن أذهب لأواسيها ..رغم أنها هي من طلبت الطلاق !. "

كانت معدتي قد تقلصت بالفعل منذ سمعت هذا الخبر ..وكل عضلة في جسدي تشنجت ..تبا .. لم أستطع كبح دمعتي .. فعلا عندما تأتي الأحزان تأتي ثلاثا ..
أولها مرض مريم ..ومن ثم طردي من عملي .. والآن ..حمدة أصبحت حرة .. وبابتعادي عن فيصل .. سيكون من السهل أن تعود الروابط بينهما كما كانت .و هو كما قالت سارة ذات مرة.. غير مخلص ! وأنا مقارنة بحمدة .. لاشيء ! .. تبا .. انسحبت ببطء إلى غرفتي استلقيت على سريري .. وأغمضت عيناي ليزورني النوم الذي نسيني طوال الليلة الماضية !
استيقظت وكانت الساعة قد تخطت الخامسة مساء .. أشعر بثقل غريب في رأسي .. تحممت وارتديت ملابسي وصففت شعري ..وجلست في غرفتي لا أريد أن أفكر بشيء .. أمسكت بريموت التلفاز لأقلب بكل كآبة .. أبحث عن طيف باربرا سترايسند .. أو أودري هيبورن . ...أو على الأقل فيلم قديم لماجدة ..
لم أجد شيء .. أطفأت التلفاز وعدت إلى سريري .. استلقيت هناك دون أن أفعل شيئا .. شعرت بخمول فظيع ..طرقات الباب هي ماجعلتني أقف بكل صعوبةلأفتحه
" محمد ؟.."
دخل محمد وأغلق الباب خلفه .. قال مبتسما " لم أرك منذ أيام ..ما بك ؟؟..سأل عنك والدي أثناء الغداء .."
" كنت نائمة .. "
"سألتني سارة عنك وأخبرتني أنك لاتجيبين على الهاتف وعندما أخبرتها أنني لم أرك منذ أيام .. لاتتخيلين مقدار اللوم والعتاب الذي واجهتني به .. فشعرت بالنب فأتيت لرؤيتك .ما أخبارك ..ولم تبدين شاحبة ؟؟"

ابتسمت .. كم أحبك يا سارة .. قلت له " لاشيء كنت نائمة وقد استقلت من العمل ..هذه آخر أخباري .. ما أخبارك أنت .."

تفاجأ محمد " تركت عملك .؟ متى ؟"

" اليوم ! "

"لن أسألك . لماذا... يسرني أنك فعلت .. فلم أحبذ فكرة عملك في تلك الأجواء الدبلوماسية والمختلطة ."

" لم أعرف أنك بهذه الرجعية "
" لست رجعيا كل ما في الأمر أني كأخ لا أحبذ أن ..أنت تفهمين .. كل رجل يجب أن ..... كل ما في الأمر أنني أخشى عليك وأغار عليك .. ومن لايغار على أهله فهو ليس برجل .. لكن وجودك بقرب عمي وفيصل جعلني أطمئن .. لكن الفكرة لم تعجبني .. "

تفاجأت من تصريح محمد ... واستغربت إن كان رأي مبارك وابراهيم وسالم نفس رأيه .. قلت له مبتسمة " ما رأيك أن تدعو شقيقتك الوحيدة التي لم تذق طعم الطعام منذ يومين إلى عشاء فخم ؟؟"

" هيا ..ارتدي ملابسك .. وسأرتدي ملابسي وأنتظرك ."

بعدما ارتديت ملابسي توجهت إلى الطابق السفلي .. وأنا في طريقي شعرت بدوخة بسيطة .. والكعب العالي والدرج الرخام لم يساعداني في المحافظة على توازني ..ووقبل أن أسقط .. أعتمت الدنيا ........




استيقظت بصعوبة .. لأجد نفسي محاطة باللون الأبيض ,,
"فاطمة .. حمدالله على سلامتك "
نظرت إلى وجهه سارة القلق كانت تجلس بقربي ..
"سارة .."
"لاتخافي .. أنت بخير هذا هو المهم .."
" ماذا حدث .."
" سقطت من أعلى السلم .. وجدك محمد فاقدة الوعي فاستدعى الإسعاف .. المهم أنك بخير .. "
بعد أن استعدت تركيزي كانت احدى قدمي مجبرة .. ورقبتي محاطة بطوق ضخم .. ورباط على رأسي .. أوه..
قالت سارة والابتسامة تعلو ثغرها " سأستدعي الطبيب ..لقد ظنوا أنك في غيبوبة لقد نائمة طوال اليوم !"
اختفت سارة لدقائق وعادت .. مع الطبيب الذي انهال علي بالأسئلة ..التي أزعجتني أكثر من الصداع الذي انتابني لحظة استيقاظي ..
قال معلقا " للأسف .. الكعب العالي وأضراره "
قلت معترضة " ليس الكعب .. لقد فقدت وعيي قبل أن أسقط .. "
استغرب الطبيب لكني قلت متابعة حديثي " لكني كنت ..لم أتناول أي شيء طوال اليوم .. وعانيت بعض المصاعب في العمل .."
" التحاليل تشير إلى وجود فقر دم حاد .. ونقص في السكر .. لكن شقيقيك أخبرنا أنك سقطتي جراء انزلاقك .. الحمدالله أنك لم تدقي عنقك .. ..كسرت ساقك .. ورضوض في عنقك .. وضربة على الرأس ست غرز .. شيء جيد أن شقيقك اتصل بالإسعاف . إلا لأصيبت رقبتك إصابة بالغة جراء النقل .. ستضطرين إلى ارتداء طوق الرقبة طوال الوقت .. أنت الآن تحت المغذي ... لاحقا سنأتي لك بوجبة صحية .."

طبعا ماقاله الطبيب صدمني كثيرا .. ....والصداع عاودني مرة أخرى ..
" فاطمة ..هل أنت بخير ؟"
نظرت إلى محمد بابتسامة رغم صداعي العنيف " أنا بخير .. لكنك ستبقى مدينا لي بدعوة على العشاء !"

فكرت قليلا واكتشفت أني رددت كلمة بخير في هذا اليوم كثيرا ! .. رغم أنها لاتصف حالي أبدا!!

نظرت إلى الطبيب " متى سأخرج ؟"

قال منبتسما " هل مللت من البقاء ؟؟ لم يمر سوى ربع ساعة منذ استيقظت وأصبحت تتذمرين ؟لابأس .. سنبقيك ليومين كي نتفادى المضاعفات .. فإصابة الرأس شيء لايستهان به ..ومراقبة فقر الدم ونقص السكر .. ثم سنطلق سراحك !"
ابتسمت لهذا الطبيب الذي على مايبدو يشفق علي .. لو رآني قبل سنة لما حدثني بهذه اللهجة .. فشحوبي الآن ونحولي جعلاني أبدو كفتاة في الرابعة عشر من عمرها .. وها أنا على اعتاب التاسعة عشر .. سأبلغها خلال أربعة أشهر ..

استغربت من عدم وجود أبي أو أي من أخوتي ...أو أمي .. لا أحد .. مر اليوم وسارة ومحمد يتحدثان عن أشياء كثيرة .. كأنهما يريدان أن يشغلاني عن شيء آخر ..

" أني أشعر بصداع ..فظيع "
قال محمد متوترا " سأستدعي الطبيب "
وخرج مسرعا .. إلتفت إلى سارة " ماذا يحدث ؟؟ أين أبي أين أمي ؟؟ ..مبارك وابراهيم وسالم ؟؟ لقد مر اليوم ولم أرى أيا منهم !"

ترددت سارة ثم قالت " كانوا هنا طوال الأمس .. سيأتون لاحقا "
جاء الطبيب ليستجوبني عن الصداع لمدة عشر دقائق وانتهى بأن أعطاني مسكنا ..لم يسكن الصداع .. لكنه بطريقة ما أخرس الأفكار التي تتقاتل في مخيلتي ...
قالت سارة " الحمدالله أنها قدمك وليس رأسك .. هل ستأخذين اجازة ؟"
" لا .. "

" كيف ستذهبين إلى عملك بهذه الصورة ؟؟"

" لن أذهب .."

" لا أفهــم "

" لقد طردني عمي !"

تفاجأت سارة فقالت مواسية " لن أسألك السبب ..هل هذا سبب اكتئآبك "

" أجل ..ضمن أشياء أخرى ..."

أدرت رأسي بعيدا ,,," سأخبرك يا سارة كل شيء لاحقا...لكنني الآن لا أريد سوى أن أغمض عيني وأغرق في نوم عميق .."

وقفت سارة لتغطيني ثم تركتني وإستئذنت للعودة إلى منزلها ومقابلتي لاحقا ,,

غرقت في نوم عميق وعندما استيقظت وجدت أخي سالم وأمي يجلسان بهدوء بقرب رأسي ,,
" حمدالله على سلامتك ..يا أختي الصغيرة .."
ابتسمت لسالم ...ونظرت إلى أمي التي لمم تعد علاقتي معها جيدة منذ خروج جدتي من المنزل ...
" أمي .."
رفعت يدي لها لتأتي وثقبلني برقة وتمسك يدي والدموع تتلألأ في عينيها
" آه يا ابنتي ...الحمدالله أنك بخير ! "
ابتسمت لأمي ..لأفتح معها صفحة جديدة !

فليس لي سواها !

**********

زارتني جدتي وفرحت لزيارتها وعادت هي ووالدتي كما كانتا سابقا ..عاد الحديث بينهما والموده ,,هذا جيد ولم يكلفني سوى قدم مكسورة ورقبة مرضوضة وست غرز !لاشيء مهم لو أعرف أن الأمور ستعود طبيعية هكذا لرميت نفسي منذ زمن !
كانت ردة فعل والدي هي ما أشعرتني فعلا بالألم .. لم أكن أظن أن والدي بهذه الرقة ! كان حنونا بشكل لايوصف ..

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
قديم 04-05-07, 09:30 AM   المشاركة رقم: 24
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

_31_

مواجهه ..

____


اضطرت أمي إلى الذهاب إلى المنزل لتغير ملابسها وترتاح قليلا ..كانت مترددة لكنني أجبرتها على المغادرة .. فلم ترد أن أبقى لوحدي ..

كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحا .. غدا بإذن الله سأخرج وأعود إلى غرفتي وسريري المريح فقد كرهت المتشفى .. كرهت الإزعاج وكرهت رائحتها!
بعد مغادرة والدتي بساعة تقريبا .. طرقات الباب أيقظتني .. فتحت عيناي بتثاقل لأجد طيف فيصل يقف وبيده باقة ورد رائعه وعلبة شوكولاته ..
" فيصل .. "
سحبت الغطاء لأغطي جسدي بعفوية أما شعري فقد كان مغطى بكيس بلاستيكي ..
كانت نظراته خائفة كان ينظر إلي برعب " فاطمة .حمدالله على سلامتك.. هل أنت بخير "
كانت اللهفة في صوته حقيقية حركت قلبي من جديد .. ابتسمت بعفوية " أنا بخير فقط قدم مكسورة وعدة غرز في جبهتي ستبقي ندبة قبيحة مكانها "
وضع الورد على الطاولة واختار وردة حمراء رائعة وأعطاني أياها بإبتسامة رائعة.

" لقد انتابني الرعب عندما اتصل والدك وأخبر عمي انك لن تحضري اليوم .. على مايبدو أنه لايعلم بخبر تركك للعمل "

شممت رائحة الوردة في حركة اعتدت أن أراها في الأفلام القديمة .. كان أول شخص يهديني وردة في حياتي .. فلم أستطع كبح ابتسامتي .. رغم قبح منظري ..الطوق الضخم والكيس البلاستيكي والأربطة على رأسي .. لكني كنت أعرف أن عيناي رغم السواد الذي يحيطها تحمل أجمل نظرة حب .. لماذا ؟ ؟ ..لأني رأيت فيصل قد تسمر للحظة ينظر إلي بحب .. ..
" تقصد بخبر طردي من العمل ؟؟.."
فجأة كأنه استفاق من حلم يقظة
" ماذا ؟"
" أبي لايعرف أن عمي قد طردني من العمل هذا مايفترض أن تقوله ..: "

وقف شامخا وكأنه انتقل بأفكاره إلى مكان آخر .. " أجل كما ذكرت .."
سألته بدون سابق انذار

"فيصل ..هل تعرف ماسبب طرد عمي لي بدون سابق انذار .."

لم يجب وهذه المرة يبدو أن لديه اجابة .. قال بجدية
" حاليا لا أستطيع أن أجيبك .. لكن .. . "

" ماذا فيصل .. أخبرني الحقيقة أرجوك .."
إلتفت ونظر من خلال النافذة التي تطل على مواقف السيارات كأنه يتهرب من مواجهتي ..
قلت بجدية " فيصل أخبرني رجاء .. انظر إلي وأخبرني .."
لكنه لم يلتفت قال في همس " هل حدث وأن ..............."
لم أسمع المقطع الأخير فقد همسه بصوت منخفض ولم يصلني حرف مما قاله ..
" ماذا ؟؟ فيصل تكلم بصوت عال فلم أسمعك جيدا ؟؟"
قال بصوت منخفض" ماذا بينك وبين حسن ؟؟ ؟؟"

كان لايزال ينظر خلال النافذه عندما زلزل كياني بهذا السؤال !! شلتني الصدمة لثواني ولا اعرف لم تراءت لي المواقف في رأسي ..فجأة .. غضب عمي .. غضب فيصل .. اختفاء حسن .. وأخيرا نظرة عبدالعزيز لي عندما أخبرني أن حسن تعرض لحادث !...وغضب جدتي في ذلك اليوم ومنعي من الذهاب لمنزل عمتي !!..

نظرت إلى فيصل متفاجأة .. وكان لايزال يدير ظهره لي ..

لم أستطع النطق لكن فيصل قال دون أن يواجهني " فهمت .. فهمت كل شيء .."

التفت دون أن ينظر إلي واتجه نحو الباب وكأنه اتخذ من صمتي اجابة شافية للسؤال
فتداركت الأمر وقلت له
" فيصل انتظر .. مالذي فهمته .. لم أفهم شيئا !"
لم يجب واكتفى بالوقوف قرب الباب يؤرجحه مترددا في الخروج .. فقلت له

"ماذا تقول .. لا .. انتظر يجب أن تخبرني .. مادخل حسن في الموضوع "

نظر إلي وقال " ستعرفين قريبا "

تركني وخرج لأغرق في ألف فكرة وفكرة .. ماذا فعلت يافيصل .. تتركني غارقة في الوسط دون إجابات ..
يا إلهي لم تعقد كل شيء فجأة ! للتو كنت تعاملني بمودة .. وكنت أطير من السعادة لثواني .. أنك تحبني وأنا أحبك مالذي سيغير هذه الحقيقة ؟
مادخل ا لبائس حسن في الموضوع فهو الآن في أحد المستشفيات خارج البلاد ! ..
يحاول أن يبقى على قيد الحياة !
استسلمت لدموعي التي أصبحت بلاقيمة ..

بعد ساعة أخرى طرق الباب للمرة الثانية.لألتفت لأجد عبدالعزيز يحمل الشوكولاته بيده وابتسامة رائعه على شفتية
" حمدالله على سلامتك ..سمعت بالخبر فأتيت مارأيك بالشوكولاته ؟؟ "
قلت بائسة " انها رائعه "
عقد حاجبيه قائلا " أما زلت غاضبة من آخر حديث بيننا "
نظرت إليه مستغربة محاولة أن أتذكر آخر مادار بيننا وابتسمت عندما تذكرت السيجارة ..
" لا .. لست غاضبة .."

" تبدو اصابتك خطيرة .. هل أنت على مايرام ؟؟"
هززت رأسي رغم صعوبة ذلك بوجود الطوق " قدمي فقط هي مايقلقني ستشل حركتي لعدة أسابيع .. وكنت قد .. كان لدي خطط كثيرة "
كنت قد خططت للذهاب وزيارة مريم والتواجد بقربها قدر الإمكان ...
"الحمدالله على سلامتك هذا هو المهم "
ضحكت عندما بدأ في تمزيق غلاف الشوكولاتهالتي أحضرها وتناول عدة قطع ..
" سآتي بعد الظهر مع أمي فهي تريد رؤيتك .. ومنى كذلك لكنها حاليا مشغولة "
لم أسأل في ماذا انشغلت منى لكني على يقين أنها غارقة في التجهيزات لحفل زفافها من ابن عمها ..
قلت له " عبدالعزيز .. أتعرف شيء عني لا أعرفه أنا ؟"
نظر إلي مستغربا فأدركت أنني سألت بطريقة غبية .. ضحكت لثواني وقلت
" أعرف ان هذا يبدو جنونيا .. لكن مادخل حسن بي؟"

نظر إلي وقد اختفت الألوان من وجهه وتوقف عن مضغ قطعة الحلوى التي كان يتناولها بطريقة مفاجئة ثم أخفض عينيه ومزق غلاف آخر من الشوكولاته ووحشرها في فمه ليمتلأ فمه وهو يمضغ ببطء و

هز رأسه بلا ...

لكني تأكدت بأن هناك شيء .. يخفيه عني .. تأكدت أن هناك شيء يخبئه الزمن لي .. وستكشفه لي الأيام .. قلت له معاتبة وقد تأكدت من عدم رغبته في مناقشة الموضوع

" دع لي قطعه انك تقضي عليها كلها .... فأنا أتضور جوعا وطعام المستشفى مقرف !"
ابتسم وحشر عدة قطع أخرى في جيبه وقال وهو يعطيني قطعة
" لاتبدين ممن يهتمون بالطعام .. "

فهمت مايقصده فابتسمت وأنا أتناول الشكولاته .. ..
" سأذهب الآن .. مرة أخرى حمدالله على سلامتك .. سأعود عصرا .. "
لكني استوقفته " هل لديك سيجارة ؟"
التفت عاقدا حاجبيه " كلا ..كنت اعتقد أنك كرهتها "
" أجل كرهتها .. لكني .. أرغب فعلا في واحدة الآن "
رفع يده مودعا وقائلا وهو يخرج " ربما لاحقا "

خرج وكرهت الهدوء الذي أحدثه .نظرت إلى الشوكولاته التي أحضرها عبدالعزيز.. كانت من دون بطاقة .. لكن شوكولاته فيصل كانت ببطاقة .. مددت يدي وانتزعتها .و كان كتب بخط لايشبه إطلاقا خطه القبيح المعتاد



((ربما إلتقت نظراتنا في ثانية وإجتمعت قلوبنا في عمر ..
. ربما لا ..
طيفك يزور مخيلتي مع كل لحظة تمر ..
إن كنت حلم فـ...
فأنت أجمل الأحلام ..
وإن كنت واقعا ..فــ
قد كتب لي الشقاء !
ف.))


أعرف فيم تفكرون .. أعرف انكم تعتقدون أني أصبحت فتاة تتنقل من شعور إلى آخر بدون أحترام لذاتها أو حتى كرامة !! ..
تعتقدون أن الشيء الوحيد الذي أجيده هو مشاعري .. الكل يعتقد أن قصتي ستنتهي كباقي القصص بمعاناة أو ماشابه ..
أحب فيصل .. وحياتي فارغة بما يكفي لكي لا أفكر سوى في حبه .. والآن.. أشعر بمسؤوليات كثيرة تنتظرني .. أمامي زفافي سارة ومحمد .. وأعتقد أنه سيوافق بطريقة ما وفاة مريم .. كيف سأقلم نفسي أن أكون سعيدة في ذلك اليوم وأعز صديقة لي تصارع الموت ! ..
كنت أشغل وقتي بعملي والآن لاعمل لدي ! كأن الحظ قد انقلب فجأة ..
وها أنا .. أقرأ قصيدة صغيرة .. كتبها فيصل لي أنا ! ؟؟
أفرح أم أبكي ... لا أعرف .. كم عدت ورددت الأحرف وقرأت الكلمات .. أشعر بها حزن أكثر مما هو حب .. تمنيت للحظة أن أعود إلى قبل عدة اشهر . ..ولا أعرف السبب .. تمنيت أن أعود إلى تلك الفتاة الباحثة عن الحب .. فها أنا قد وجدته ..ولكني أشعر أنه لايعني شيئا ! رغم خفقات قلبي لهذه الكلمات .. تمنيت ألا يقع فيصل في حبي .. وكان إحساسي صادقـــا !

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
قديم 04-05-07, 09:31 AM   المشاركة رقم: 25
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

_32_

قررت ألا أخبر سارة قصة مريم .. فهي عروس ولن أنغص لها فرحة تحضيرها للزفاف بهذا الألم ..
توجهت بمساعدة العكاز رغم قدمي المجبرة إلى غرفة والدي كان يجلس هناك وأمي ف الصالة الخارجية ..
" مساء الخير يا أبي "
وقف و أسندني قائلا " لم أنت خارج سريرك .. "
" أريد أن أتكلم معك "
جلست بصعوبة وقلت " أريد إذنك في التردد على منزل مريم .."
صمت قليلا ثم قال " وكلام الناس ! "
لم أتوقع أن يكون رده بهذه الرجعية " أبي لم يبق لمريم الكثير .. وهي لاتجد الدعم من والديها .. لا أريدها أن تبقى وحيدة .. وأعتقد أنها ستبقى في المستشفى لأغلب الوقت .بعدما تعود من زيارة بيت الله "
صمت والدي قليلا ثم قال " حسنا لكن بشرط ... أريد أن أقابل والدها .."
هززت برأسي موافقة فلم أجد أي سوء في هذا الشرط ..
بعد عدة أيام سئمت بقاءي وحيدة في الغرفة .. لم أكن أرى أحدا ,, فسارة سافرت لقضاء حاجياتها .. والدتي تطل علي ونتبادل بعض المواضيع وتخرج ولا أراها لباقي اليوم ... جدتي على مايبدو أنها لن تدخل منزلنا بعد الآن .. أخوتي لا أراهم ومحمد يطل بين فترة وأخرى بعد أن يحادث سارة !
لم أفكر في فيصل .لم أرد أن نتهي بي الحال مجنونة .. فذكرى آخر حديث بيننا تصيبني بالقلق ..

عدة أسابيع وأنزع الجبيرة عن قدمي.. لكن ماذا سأفعل خلال هذا الوقت ؟؟ لا أستطيع البقاء في هذا الفراغ المقيت .. العديد من الناس تتمنى أن يكون لديها وقت الفراغ .. لكني أتمنى أن لايكون أمامي هذا الكم الهائل من الوقت الذي لافكرة لدي ماذا أفعل به .. فلاصحبة ممتعة .. ولاهوايات محددة ... جلست أمام التلفاز لأراقب العالم .. ولم يفدني ذلك .. بل زادني كآبة .. أنني لست في جبال الألب .. ولست في حروب فلسطين .. ولست وسط نزاعات االشرق الاوسط .. أقبع هنا أتفرج بدون أي أحرك ساكنا ..
هذا هو أسوأ شعور .. العجز ! ,,,
***************

بعكازي حاولت صعود السلالم الطويله .. كانت صعبة . لكنه جاء من خلفي وقال
" هل تظنين أننا سنبقيها في الأعلى ؟؟ .. أنها لاتقوى على الوقوف فكيف بصعود طابقين ؟؟ "
نظرت إلى ناصر الذي يقف بعيدا بإحترام .. أشار إلى قسم داخلي وقال
" الباب الذي على اليمين .. "
هززت رأسي واتجهت بصعوبة إلى الغرفة حيث تجلس مريم وبيدها كتاب كبير باللغة الإنجليزية ..

كانت تبدو هزيله وقد ارتدت قبعه صوفيه حول رأسها .. كانت غرفتها بيضاء بالكامل ورائحه الأدوية قوية .. قالت مبتسمة
" فاطمة .. اعتقدت .. أنك . .."
ولم تستطع كبح دموعها فأسرعت إليها احتضنتها
" كنت أتصل بك ولم تجيبي فظننت أنك قرت أن .. تنــ..."
" لا يا مريم .. تعرضت لحادث بسيط منعني عنك لا تخافي .. أتيت وسأكون بقربك دائما . "
جلست بقربها على السرير فوضعت الكتاب جانبا وقالت
" طلب مني الطبيب أن أقرأ هذا الكتاب قبل أن أترك الجلسات نهائيا .. وجيد أنك أنقذتيني في الوقت المناسب كدت أصاب بالجنون لعدم مقدرتي على فهم شيء .. كيف أصبت وماسبب الحادث .؟؟"

" ببساطة سقطت عن السلم .... كسرت ساقي لاتخافي لايوجد هناك ضرر دائم .. عدة أسابيع و..."
لكني صمت عندما ذكرت الوقت .. أحسست بأن كل شيء أصبح يتعلق بالوقت .. قالت مريم مبتسمة " لاتتشائمي ... لايجب أن نخاف من الــ.. وقت .. لنعش طبيعين ومن ثم .. مايكتبه الله هو ماسيقع .. "
كأنها قرأتني .. فلم أكتم دموعي ولم أستطع منع ابتسامة صادقة تريحهها ..
" حدثيني عنك .. مريم .. كيف حالك ؟؟ .. أين والدتك ؟؟ "
قالت وهي تزيح الغطاء وتسحبني وأنا وهي نتكيء على بعض وجلسنا على الأريكة الفسيحة البيضاء حيث يوجد التلفاز والشوكلاته بالقرب من مكتبة كبيرة ..
ولايبدو أنها تتحرك كثيرا .. قالت بوهن " لا أعرف .. أنتظر فقط .. أن تأتيني الخادمة بالشوربة الساخنة .. أي لم أرها منذ مدة .. ولا أهتم فعلا .. أين تقضي وقتها"
وأمسكت بكوب الماء لتبل شفتيها المتشققتين
شعرت بألم مريم من خلال كلماتها .. على مايبدو أن موقف والدتها سيء ليترك هذا الأثر العميق .. أمسكت بيدها وقلت " لاتعتقدين أنها لاتهتم .. بل ثقي أنها في حالة يائسة الآن .."
قالت مريم بحقد " حالة بائسة ؟؟ لا لا أعتقد ذلك ..الساعة الآن الثامنة .. توجهت الآن إلى حفلة خطوبة ميثاء ابنة أختها .. "
رمت مريم بكوب الماء بغضب ولم تستطع كبح دموعها ..
أخذتها في حضني .. ومسحت دموعها بيدي وقلت " مريم .. أنا أمك .. أنا أبوك .. أنا ابنتك .. أنا أختك .. وصديقتك .. أنت لاتحتاجين إليها إن كانت لاتحتاج إليك .. أنا هنا"
بقيت مريم في حضني لدقائق طويلة.. وأنا أرى الحزن في عينيها البراقتين وقد خلت عينيها من الرموش السوداء الكثيفة ..
لكنها رغم هذا الشحوب .. كانت جميلة بشكل لايوصف .. كنت أشعر أنني أرى روحها الرقيقة من خلال شحوبها .. نظرت إلى الغرفة .. لايوجد بها أي شيء حميمي .. بيضاء بالكامل ..
" غرفتك نظيفة جدا ألاتعتقدين هذا ؟؟ "
رفعت رأسها واسترخت على الكنبة .. " جلسات العلاج كانت تضعف مناعتي .. لهذا يتوجب النظافة الكاملة والتعقيم الدائم للغرفة ... "

" سنخرج ونتسوق .. لن أدع غرفتك بهذا البرود .. "

قالت بشبح ابتسامة " لن أترك لهم أثرا بعدي .. لاتتوقعي أنني سأرضى أن أترك لهم عطرا لي بعد وفاتي .. لقد رميت بكل أغراضي وحتى ملابسي لم أبق الكثير .. وضعتها بصناديق وأوصيت الخادمة أن تأخذها .. "

" لكنهم لن يتذكروا شيء عنك .. "

" وهذا هو المطلوب .. " وقفت مريم بصعوبة لترتدي معطفا صوفيا . .. لكني كنت أعرف أنها هربت من لحظة دموع .. لتبين لي أنها قاسية ! ...
لم القسوة يا مريم ؟؟ .. لم القسوة ..
قلت بهدوء
" وهدفك من هذا أن تشعريهم بالذنب ؟؟ ... لماذا ؟؟"

لم ترد مريم مواجهتي قالت بارتباك " أكره الذكريات .. ولقد حرقت كل صور الطفولة وصور المراهقة .. وأود أن أمحي صوري من ذاكرتهم .. لا أريد أن يشعر أي أحد بالألم لموتي .. لا .. لا أريدهم أن يشعروا بوجودي من الأساس .. "

لم أفهم لماذا تنكر مريم رغبتها في ايلام شقيقاتها ووالدتها لتجاهلهم الشديد لها طوال مراحل حياتها .. أنا أعرف مريم .. أعرفها تماام المعرفة ..
" هم يحبونك ... ويجب أن .."
صرخت مريم " لا . لا .. يوجد شخصين فقط يحبونني . .. فقط اثنان .."
قلت لها "لا .. الجميع يحبــ."
هزت رأسها " لا ..فقط انت .. و.. نايف ."
" نايف .."
هزت رأسها ولدموع تخالط عينيها .. " تعرفنا على بعض في احد المستشفيات .. نفس المرض .. نفس المعاناة ..توفي نايف الشهر الماضي .... توفي وتركني .. كنا نتكلم يوميا .. كنت ألجأ إليه في أسوأ آلامي .. ولم يتحدث يوما عن آلامه ومدى سوء حالته . ..كلانا كان يعرف أننا سنموت لهذا لم نهتم للأمل كثيرا في علاقتنا ..
لم نفكر في المستقبل .. ولم نفكر في الماضي .. فكرنا فقط في تلك الدقائق التي تجمعنا .. عندما كنت أذهب إليه وكان يستلقي هناك .. رغم كل آلامه .. كان يرسم ابتسامة على شفتيه .. لهذا أردت أن أوقف الجلسات .. رأيته يتعذب .. ولايقوى على الوقوف .. رأيته يتلاشى .. لهذا أردت أن تتذكريني أنت وناصر . بأني في كامل صحتي .لأن ذكرى نايف في تلك الحال السيئة لا تفارق خيالي ... فاطمة .. لا أريد أن أصل لتلك المرحلة .. لا أريد .."

صدمني كثيرا حديث مريم .. اتجهت إليها لآخذها في حضني ... قالت
"لم أبك حين علمت بموته ... ولن أبكي الآن .. لأنه وجد الراحه التي افتقدها كثيرا ."

دخلت الخادمة لتخبرني أن والدي أرسل في طلبي .. استإذنت من مريم .. وخرجت بعدما وعدتها بزيارة أخرى .. وأنا في طريقي للخروج رأيت ناصر يجلس في الصالة .. أسرعت في طريقي .. لكن الحزن اتخذ من ملامحه جزءا كبيرا .. لا أعرف لماذا لكني شعرت به يعاني كثيرا ..

خرجت لأجد والدي قد انتظرني في السيارة .. نزل ليساعدني على صعود السيارة ،
وعندما أغلق الباب أخيرا استرخيت على الكرسي ...
قال وهو ويركز ليخرج إلى الشارع الرئيسي
" أني أعرف والدها .. لكنني انصدمت من وضعه .. "
" لماذا يا أبي .. "
" انه في حالة انكار .. عدما تحدثنا عن ابنته أخبرني انها تحسنت وأن وضعها الصحي جيد .. "
اسغربت ذلك نظرت إلى أبي وقلت " ربما لم تخبره أن حالتها تدهورت وأنها أوقفت العلاج .. "

" لا أعرف .. لكنه كان كثير السرحان .. أتحدث معه للحظة وفجأة أجده في عالم آخر .. "

قلت " أجل ربما هو في حالة انكار كما قلت . لأني أذكر أحاديث مريم .. لقد كانت تتحدث عن والدها كثيرا . وعن مدى حبها له ... "

نظر إلي أبي وقال " لايوجد أب لايحب أبناءه ... لكن أعتقد أنه قد صدم .. ليس سهلا مايحدث للصغيرة .. "

فعلا ..ليس سهلا أبدا ! ....

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الكاتبة سهر الليالي, روايات, قسم الروايات, قصة عندما نتحدى الأيام, قصص
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:01 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية