لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-02-07, 03:39 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12480
المشاركات: 3,036
الجنس أنثى
معدل التقييم: roudy عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 44

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
roudy غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : roudy المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الحلقه الرابعه

ماذا فعل التنبل بقمره في تلك الليلة؟

ثقافتنا
فقاقيع من الصابون والوحل
فما زالت بداخلنا
رواسب من أبي جهل
وما زلنا نعيش بمنطق المفتاح والقفل
نلف نساءنا بالقطن
ندفنهن في الرمل
ونملكهن كالسجاد
كالأبقار في الحقل
ونرجع أخر الليل
نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل
نمارسه خلال خمس دقائق
بلا شوق ولا ذوق ولا ميل
نمارسه كآلات
تؤدي الفعل للفعل
ونرقد بعدها موتى
ونتركهن وسط النار
وسط الطين والوحل
قتيلات بلا قتل
بنصف الدرب نتركهن
يا لفظاظة الخيل!
نزار قباني


أكاد اسمع سباب الرجال من القراء ولعنهم إياي بعد هذه القصيدة.
أرجو إن تفهموها كما أريدكم أن تفهموها ، وكما أظن نزارا قد أراد لكم أن تفهموها.

* * *
بعد انقضاء شهر العسل ، توجهت قمره مع عريسها إلى شيكاغو،
التي اختارها ليبدأ فيها تحضيره للدكتوراه في التجارة الالكترونية ، بعد أن حصل على درجة البكارليوس في لوس انجلوس والماجستير في إنديانا بوليس.
تبدأ قمره حياتها الجديدة بكثير من الخوف والتوجس كانت تموت رعبا كلما ركبت المصعد لتصل إلى الشقة التي يسكتانها في الطابق الأربعين من البريزيدينشال تاورز . تشعر بالضغط يمزق رأسها ويسد أذنيها كلما ارتفع المصعد طابقا من طوابق ناطحة السحاب الشاهقة . وكانت تصاب بدوار في كل مرة تحاول أن تطل فيها من إحدى نوافذ شقتها. كل شيء يبدو ضئيلا في الأسفل البعيد جدا . كانت تنظر إلى شوارع المدينة فتبدو لها كشوارع العاب الليغو التي كانت تلعب فيها أيام طفولتها ، بسياراتها الصغيرة التي لا تتجاوز حجمها حجم علبة الكبريت ،
بل إن صفوف السيارات من ذالك العلو تبدو كصفوف النمل في صفرها وتراصها.
كانت تخاف من المتسولين السكارى الذين يملئون الشوارع، ويهزون علبهم المعدنية في وجهها طلبا للنقود ، وتخشى قصص السرقة والقتل التي تسمع عنها تلك الولاية الخطرة وتخاف من حارس العمارة الأسود الضخم الذي يتجاهلها كلما حاولت لفت انتباهه بانكليزيتها الركيكة لحاجتها إلى سيارة أجرة.
كان راشد منشغلا منذ وصوله بالجامعة والبحث. كان يخرج من الشقة في السابعة صباحا ليعود في الثامنة أو التاسعة وأحيانا العاشرة مساءا ، وفي عطل نهاية الأسبوع كان يحاول إشغال نفسه عنها بأي شيء كالجلوس لساعات على الانترنت أو مشاهدة التلفاز . كان كثيرا ما ينام على الأريكة أثناء متابعته لمباراة بيسبول مملة أو الإخبار((السي إن إن )) وإما إذا ذهب للنوم في سريرهما ، فانه يذهب بسرواله الداخلي الأبيض الطويل وفنيلته القطنية اللذين لا يرتدي سواهما أثناء تواجده معهما في الشقة ، ليلقي بنفسه على السرير كعجوز خائر القوى لا كعريس جديد.
كانت قمره تحلم بالكثير ، كثير من الملاطفة وكثير من الحب وكثير من الحنان والعواطف كالتي تدغدغ قلبها عند قراءة الروايات العاطفية أو مشاهدة الأفلام الرومانسية ، وها هي تجد نفسها أمام زوج لا يشعر بانجذاب نحوها ، بل انه لم يلمسها منذ تلك الليلة المشئومة في روما.
بعد أن تناولا العشاء في مطعم الفندق الراقي، قررت قمره بحزم إن تلك الليلة ستكون ليلة دخلتها التي طال انتظارها. ما دام زوجها خجولا فلا باس من إن تساعده وتمهد له الطريق كما نصحتها أمها. صعدا إلى غرفتهما وبدأت تلاطفه على استحياء ، بعد دقائق من المداعبة البريئة صار هو المتحكم بزمام الأمور ، استسلمت هي رغم ارتباكها وتوترها الشديدين وأغمضت عيناها بانتظار ما تتوقع حدوثه ، وإذا به يفاجئها بفعل لم يخطر لها على البال ! كانت ردة فعلها المفاجئة له ولها في حينها أن صفعته بقوة ! التقت العيون في لحظة رهيبة! كانت عيناها مليئتين بالخوف والذهول، وكانت عيناه مليئتين بغضب لم تر مثله من قبل.
ابتعد عنها بسرعة وارتدى ثيابه على عجل وغادر الغرفة وسط دموعها واعتذاراتها ، ولم تره إلا في مساء اليوم التالي عندما قدم على مضض لاصطحابها إلى المطار ليستقلا الطائرة المتوجهة إلى واشنطن ، ثم أخرى باتجاه شيكاغو.

 
 

 

عرض البوم صور roudy  
قديم 23-02-07, 03:42 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12480
المشاركات: 3,036
الجنس أنثى
معدل التقييم: roudy عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 44

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
roudy غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : roudy المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الحلقه الخامسه

وليد وسديم : قصة من الأدب السعودي المعاصر


يعتقد الرجل انه بلغ غايته إذا استسلمت المراءة له، بينما تعتقد المراءة إنها لا تبلغ غايتها إلا إذا شعرت بان الرجل قد قدر ما قدمته له.
انوريه دي بلزاك






--------------------------------------------------------------------------------


دخلت سديم مع أبيها على وليد الشاري في غرفة الضيوف ، وقدماها بالكاد تحملانها من شدة ارتباكها. لم تصافحه اقتداء بقمرة التي أخبرتها عند خطبتها أن أمها نبهتها إلا تمد يدها لراشد إذا ما دخلت عليه في وقت الشوفة (الرؤية الشرعية) . وقف لها وليد احتراما واتخذ مقعدا بعد جلوسها هي وأبيها، الذي راح يسأله عن أمور متنوعة لم تستطع التركيز فيها. بعد مرور بضع دقائق خرج والدها من الغرفة مفسحا المجال لهما للحديث والتعارف بحرية.
لاحظت سديم إعجاب وليد بجمالها من خلال نظراته لها عند دخولها عليه. رغم أنها لم ترفع رأسها طويلا لكنها لمحته وهو يتفحص قوامها حتى كادت تتعثر في مشيتها . شيئا فشيئا استطاعت سديم أن تسيطر على ارتباكها وتتغلب على خجلها بمساعدته . سألها عن دراستها وتخصصها في الجامعة وعن خططها المستقبلية وهواياتها وصولا إلى منطقة السؤال المحرمة: المطبخ!
سألها: وأنت ما تبغين تقولين لي شيء ؟ تسأليني عن شيء؟
أجابت بعد تفكير: أبغى أقولك إني البس نظارات.
ضحك من اعترافها وضحكت معه . بعد قليل قال لها وهو يحاول استفزازها :
-على فكرة سديم ترى وظيفتي فيها سفرات كثيرة للخارج.
ردت عليه بسرعة وهي ترفع احد حاجبيها بغنج:
- ما هي مشكلة . أنا أحب السفر!
أعجب بفطنتها وردودها الشقية ، وطاطات رأسها وقد احمر وجهها بشدة . أحست بأنها بحاجة إلى فرملة لسانها بعد ذالك ، وإلا فان العريس سوف يهرب من طول لسانها! أنقذها دخول والدها بعد دقائق قليلة فاستأذنت منصرفة بسرعة بعد أن منحته ابتسامة عريضة ومنحها ابتسامة اعرض ، فخرجت من الصالة وفي قلبها عصافير تزقزق.
بدا لها وليد وسيما، مع انه ليس من النوع المفضل لديها من الرجال ، فهي تحب ألون المائل للسمرة وهو ابيض مشرب بحمرة. شاربه الخفيف مع السكسوكة وتلك النظارة ذات الإطار الفضي الصغير ، كانت تضيف إلى وجهه الكثير من الجاذبية.
طلب وليد من أبيها بعد انصرافها أن يسمح له بمها تفتها للتعرف إليها أكثر قبل إعلان الملكة ، فوافق الأب وأعطاه رقم هاتفها الجوال . اتصل بها وليد في وقت متأخر من تلك الليلة. ردت عليه بعد تردد. عبر لها عن مدى إعجابه بها . كان يتحدث قليلا ثم يصمت كأنه ينتظر منها تعليقا على ما يقول . قالت له أنها سعدت بالتعرف إليه ولم تزد، فاخبرها انه قد فتن بها وانه لن يطيق الانتظار حتى عيد الفطر ليعقدا قرانهما.
توالت اتصالات وليد بها بعد ذالك . كان يهاتفها عشرات المرات كل يوم، أولاها عند استيقاظه من النوم في الصباح وقبل توجهه لعمله، وأخرها مكالمة مطولة قبل النوم تمتد حتى بزوغ الشمس أحيانا . كان يوقظها من نومها ليسمعها أغنية أهداها إياها عبر الإذاعة، وكان يطلب منها كل يوم أن تختار له نظارة أو ساعة أو عطرا من محال مختلفة ليقوم بشرائها في ما بعد حتى يكون كل مل يرتديه على ذوقها.
أصبح حب وليد وسديم مثار حسد الفتيات، خاصة قمرة التي كانت تتحسر على نفسها عندما تصف لها سديم في مكالماتها مدى تعلقها بوليد وتعلق وليد بها، فتبدأ قمرة باختلاق الأكاذيب عن حياتها السعيدة مع راشد ، وما يفعله وما يجلبه لها حتى لا تشعر بالنقص أمام صديقاتها.
تم عقد القران. بكت خالة سديم كثيرا وهي تتذكر أختها أم سديم، رحمها الله ، التي ماتت وهي في عز شبابها ولم تفرح بابنتها الجميلة، وبكت ولدها البكر طارق الذي كانت تتمنى أن تكون سديم من نصيبه.
أجبرت سديم على أن تبصم في الدفتر الضخم ، بعدما جوبه بالإهمال احتجاجها على عدم السماح لها بالتوقيع . قالت خالتها(يا بنتي ابصمي وبس. الشيخ يقول تبصم ما توقع. الرجال بس هم اللي يوقعون)).
بعد عقد القران أقام والدها مآدبه عشاء دعا إليها أقاربه وأقارب العريس ، وفي مساء اليوم التالي جاء وليد ليرى عروسه التي لم يقابلها منذ الرؤية الشرعية . قدم لها في تلك الزيارة الهدية المتعارف عليها في فترة الملكة: هاتف جوال من أحدث الموديلات في السوق .
في الأسابيع التالية كثرت زيارات وليد لسديم ، معظمها كان يتم بعلم والدها وقليل منها دون علنه. كان عادة يأتي لزيارتها بعد صلاة العشاء ولا ينصرف قبل الساعة الثانية صباحا، أما في نهاية الأسبوع فقد كانت الزيارة تمتد حتى ساعات الصباح الأولى.
كان يدعوها مرة كل أسبوعين إلى العشاء في مطعم فخم ، إما في بقية الاماسي فقد كان يجلب معه طعاما أو حلويات تحبها . كانا يقضيان الوقت في الحديث والضحك أو مشاهدة فيلم استعاره من اصداقائه أو استعارته هي من صديقاتها ثم بدأت الأمور تتطور حتى ذاقت طعم القبلة الأولى .
كان معتادا على تقبيل وجنتيها كلما قدم لزيارتها أو أراد توديعها، إلا أن وداعه لها تلك الليلة كان اشد سخونة من ذي قبل. ربما كان للفيلم الذي شاهداه معا دور في خلق الجو المناسب حتى يطبع على شفتيها العذراوين قبلة طويلة.
بدأت سديم استعدادها للزفاف . كانت تطوف المحلات مع أم نوير أو ميشيل أو لميس ، وكان وليد يرافقها في بعض الأحيان خاصة إن كانت تنوي شراء ثياب للنوم.
تحدد موعد الزفاف بعد انتهاء امتحانات انتهاء امتحانات أخر السنة ، وذالك بناء على رغبة سديم التي خشيت ان تتزوج في عطلة الحج فلا تتمكن من الاستعداد بشكل جيد للامتحانات النهائية ، وهي الحريصة دوما على التفوق في دراستها . أثار قرارها استياء وليد الذي كان متلهفا إلى الزواج بأسرع وقت، فقررت أن تراضيه.
ارتدت في تلك الليلة قميص النوم الأسود الشفاف الذي اشتراه لها ورفضت أن ترتاديه أمامه يومها، ودعته للسهر في بيتها من دون علم والدها الذي كان يقضي الليلة مخيما في البر مع أصدقائه.
الورد الأحمر الذي نثرته على الأريكة، والشموع المنتشرة هنا وهناك، والموسيقى الخافتة التي تنبعث من جهاز التسجيل المخفي، كلها أمور لم تثر انتباه وليد كما أثاره القميص الأسود الذي يكشف من جسمها أكثر مما يخفي. وبما أن سديم كانت قد نذرت نفسها تلك الليلة لاسترضاء حبيبها وليد فقد سمحت له بالتمادي معها حتى تزيل ما في قلبه من ضيق تجاه تأجيلها لزفافهما . لم تحاول صده كما اعتادت أن تفعل من قبل إذا ما حاول تجاوز الخطوط الحمراء التي كانت قد حددتها لنفسها وله في بداية أيامها بعد عقد القران. كانت قد وضعت في ذهنها أنها لن تنال رضاه الكامل حتى تعرض عليه المزيد من ((أنوثتها)) ولا مانع من ذلك في سبيل إرضاء وليد الحبيب. من اجل عين تكرم مدينة.
انصرف وليد بعد أذان الفجر كعادته إلا انه بدا مشتتا وحائرا على غير العدة. اعتقدت انه يشعر بالتوتر مثلها بعد ما حصل. انتظرت سديم اتصاله المعتاد بعد وصوله إلى منزله ، خاصة أنها بحاجة ماسة لرقته وحديثه بعد ليلة كهذه ، لم تسمح سديم لنفسها بالاتصال به وانتظرت حتى الغد ولكنه لم يتصل أيضا . قررت على مضض إن تمهله بضعة أيام حتى يهدا ثم تتصل هي لتستفسر عما به.
مرت ثلاثة أيام وسديم ((ما جاها خبر)). تخلت عن ثباتها واتصلت به لتجد النقال مقفلا . ثابرت على الاتصال به على مدار الأسبوع وفي أوقات مختلفة علها تنجح في الوصول إليه ولكن هاتفه النقال ظل مقفلا ، وخط غرفته الثابت كان مشغولا باستمرار! ما الذي يجري؟ هل أصابه مكروه؟ هل ما زال غاضبا منها إلى هذا الحد حتى بعد كل محاولاتها لاسترضائه ؟ ماذا عن كل ما منحته إياه في تلك الليلة؟
هل اخطات بان سلمته نفسها قبل الزواج؟ ويلاه! هل جن وليد؟؟ أيعقل أن يكون هذا ما دفعه للتهرب منها منذ ذلك اليوم؟ ولكن لماذا؟ أليس زوجها شرعا منذ عقد القران ؟ أم أن الزواج هو القاعة الضخمة والمدعوات والمطربة والعشاء؟؟ ما هو الزواج؟ وهل ما فعلته يستحق أن يعاقبها عليه؟ الم يكن هو البادئ بالفعل؟ الم يكن هو الطرف الأقوى؟ لم اجبرها على ارتكاب الخطأ ثم تخلى عنها بعده؟ من منهما المخطئ؟ وهل ما حدث خطا في الأصل؟؟ هل كان يمتحنها؟ وإذا كانت قد فشلت في الامتحان ، فهل يعني ذلك إنها لا تستحقه؟ لابد من انه ظن أنها فتاة سهلة! ولكن ماهذا الغباء؟! أليست زوجته وحلاله؟ الم تبصم ذلك اليوم في الدفتر الضخم إلى جانب توقيعه؟ الم يكن هناك قبول وإيجاب وشهود وإشهار؟ أم أن كل ذلك لا يعني أنها أصبحت زوجه شرعا من دون زفاف؟
لم يخبرها احد عن ذلك من قبل. هل سيحاسبها وليد على ما تجهل؟ لو إن والدتها كانت على قيد الحياة لتحذرها وتوجهها كما كانت تفعل خالتها أم قمرة مع ابنتها لما حدث ما حدث. ثم أنها سمعت قصصا كثيرة عن فتيات قمن بمثب ما قامت به مع وليد وأكثر في فترة الملكة وقبل الزفاف! حتى أنها سمعت عن الكثيرات ينجبن أطفالا مكتملي النمو بعد العرس بسبعة أشهر فلا يكترث سوى قلة ممن يلاحظون مثل هذه الأمور ....فأين الخطأ؟
من يرسم لها الخط الدقيق الفاصل بين ما يصح فعله وما لا يصح؟ وهل الخط الفاصل في الدين هو الخط نفسه المرسوم في عقل الشاب النجدي؟ كان وليد يلومها كلما حاولت صده بقوله انها زوجته على سنة الله ورسوله ، وكانت خالتها و ام نوير يحذرانها من مجاراته لأنها ما تزال خطيبته فقط؟ فمن تصدق؟ من يشرح لها سيكولوجية الشاب السعودي حتى تتمكن من الفهم؟ هل اعتقد وليد أنها فتاة ((مجربة))!!؟؟ هل كان يفضل ان تصده؟؟ هي لم تفعل اكثر من التجاوب معه بالطريقة التي تراها على شاشة التلفاز او تسمعها من صديقاتها المتزوجات او المجربات ، وقام هو بالبقية! فما ذنبها ان هي قبلت بمجاراته وعرفت كيف تتصرف معه في موقف كهذا؟ لم تكن المسالة بحاجة الى كيمياء وفيزياء! فما هذا الغباء الزفتي الذي يسفلت عقل وليد؟؟؟

اتصلت سديم بأمه فاخبروها إنها نائمة. تركت اسمها للخادمة وطلبت منها أن تخبر سيدتها أنها اتصلت بها، وانتظرت اتصالا من أم وليد فلم تحصل عليه.... هل تخبر أهلها عما تم في تلك الليلة السوداء؟ كيف ستخبره؟ وماذا تخبره؟ وان سكتت ، فهل ستسكت حتى موعد العرس؟وماذا سيقول الناس يومها؟ العريس طفش؟! لا!لا يكمن أن يكون وليد على هذا القدر من اللؤم ! لابد من انه في غيبوبة في احد المستشفيات. أن يرقد في المستشفى أهون عليها ألف مرة من أن يتهرب منها بهذا الشكل!
ظلت سديم في حيرة من أمرها ، تنتظر زيارة من وليد أو اتصالا. تحلم بان يأتيها راكعا طالبا الصفح . لكنه لا يأتي ولا يتصل ! سألها أبوها فلم تجب، وإنما أتته الإجابة من وليد: ورقة طلاق ! حاول الأب أن يفهم من ابنته سر هذه المفاجأة التعيسة فانهارت باكية بين يديه ولم تفصح له عن شيء. ذهب غاضبا لوالد وليد الذي نفى علمه بأي شيء واخبره بأنه متفاجىء مثله بما حدث ! كل ما قاله وليد لأبيه انه اكتشف عدم راحته لعروسه ففضل فسخ العقد ألان قبل أن يتم العرس ويدخل بها.
كتمت سديم سرها عن الجميع ، وظلت تلعق جراحها بصمت حتى جاءت الصدمة الثانية: رسوبها في أكثر من نصف المواد في عامها الجامعي الأول.



 
 

 

عرض البوم صور roudy  
قديم 23-02-07, 03:45 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12480
المشاركات: 3,036
الجنس أنثى
معدل التقييم: roudy عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 44

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
roudy غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : roudy المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

ويلا هلا اقرأوهم وعايزه ردود حلوه مثلكم

 
 

 

عرض البوم صور roudy  
قديم 23-02-07, 03:52 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12480
المشاركات: 3,036
الجنس أنثى
معدل التقييم: roudy عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 44

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
roudy غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : roudy المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

انا كمان غيرت رأيي
وقلت زمان عنهم يلا احلى ناس
بيستاهلو اكتر من هيك
راح نزل كمان اجزاء

 
 

 

عرض البوم صور roudy  
قديم 23-02-07, 04:01 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو قمة


البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12480
المشاركات: 3,036
الجنس أنثى
معدل التقييم: roudy عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 44

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
roudy غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : roudy المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الحلقه السادسه

على الدفاتر خلفت الصبا نتفأ و في الفصول تركت القلب اجزاء
على الطباشير شيء من دمي .. عجبا تبدو الطباشير رغم الجرح بيضاء
غازي القصيبي

أعترف بأن قدرات الناس على الربط و التحليل ما انفكت تفاجئني ! وسائل كثيرة وصلتني تسألني عن هويتي الحقيقية , و هل أكون إحدى الفتيات الأربع اللواتي اكتب عنهن في هذا الإيميلات ؟ و لم لا ؟ ما رأيك في ان اضع لكم رقما لإرسال توقعاتكم حتى تظهر على إحدى محطات الاغاني ؟ خلونا نترزق اللع ! نضع مذيعة لبنانية مهضومة تستقبل توقعاتكم على طريقة :
" بونسوار لإلكون , مين بتتوأعوا تكون الشخسيي المجهولي ؟ أمرة يما سديم يما ميشيل يما لميس ؟ احزوروا و بتربحوا تزكرتين مع إكامي ببيروت تتجوا تحضرونا بحفلة البرايم ! و يمكن يكون الحز من نسيبكون و تفوزوا
بساعة بؤرب الحبيب , ياللي هو شخصيتنا المجهولي ! احزور و ما تتأخر ! اتصل او اتبعتلنا (إس إم إس ) ع هالأرآم المكتوبي ع الشيشي" .

حتى الآن تنحصر أغلب التوقعات ما بين قمرة و سديم , واحد فقط يرجح كوني ميشيل , لكنه يستدرك قائلا ان انكليزية ميشيل أفضل من انكليزيتي ... هو أنا تكلمت انكليزي اصلا !؟ صحيح تجيك التهايم و انت نايم ! يو قت
أكيوزد وايل يور أسليب ! حتى لا تقولوا إنني لا أعرف انكليزي ... ما أضحكني فعلا هو ايميل من هيثم من المدينة المنورة ينتقدني فيه لتعصبي لبنات الرياض "البدو" و إهمالي لشخصية تميس , اعني لميس , حبيبة القلب
مازولا . هل يعرفها الأخ من ورائي ؟ و لا يهمك يا أخ هيثم . إيميلي اليوم سوف يكون عن لميس , و لميس فقط ... بس لا تزعل علينا يا أبو هيثم يا عسل : " أبو هيثم عسل بدون ميم قبل العين , و الحدق يفهمها !". وش
نسوي يا أبو الهياثم ؟ بدو ! ما علينا شرهة ! على رأي إحدى دكتوراتي الحجازيات في الجماعة : بدوية زفتة



على الرغم من التشابه الظاهري بين لميس و توأمها تمضار , الا انا هناك اختلافات شاسعة بين الأختين في الطباع و الأفكار , و مع أنهما اشتركتا في الفصل في المرحلتين الابتدائية و المتوسطة , و حتى في دراستهما
الجامعية حيث التحقت كلتاهما بكلية الطب البشري , الا انا تماضر كانت وحدها مثار اعجاب الأساتذة و الأستاذات , لجديتها الشديدة و شخصيتها المنضبطة , بينما كانت لميس " الدافورة أو الشاطرة الكول " المفضلة بين الأختين لدى زميلاتها , لظرفها و قربها من الجميع , مع محافظتها على مستواها الدراسي المرتفع. كانت لميس أكر جرأة و شجاعة من تماضر التى تؤثر السر إلى جانب الحائط , و تصف اختها دائما بالمتهورة و اللعوب .

كان والدهما الدكتور عاصم حجازي عميدا سابقا لكلية الصيدلة , و والدتهما الدكتورة فاتن خليل وكيلة سابقة في الكلية نفسها , كانا العامليين الأساسيين في نجاح الفتاتين و تفوقهما الدراسي الملحوظ . منذ ولادتهما و الاوالدن يحرصان كل الحرص على توزيع الأدوار بينهما حتى يوليا كلا من الطفلتين ما تحتاجان اليه من اهتمام و رعاية . و مع دخولهما الحضانة , فالروضة ,. فالمدرسة . كان اهتمام الأبوين يزداد , و حرصهما على تميز ابنتيهما يتكثف .

لم ينجب الزوجان سوى هذاا التوأم , الذي لم ينجبااه إلا بعد عناء و علاج طويلين داما على مدى أربعة عشر عاما , رزقا بعده برحمة من الله هاتين الطفلتين الجميلتين . لم يحاولا الإنجاب بعد ذلك , حيث إن سن الأم أصبحت متأخرة , و محولات الإنجاب بعد ذلك قد تؤثر سلبا على صحتها و صحة الجنين .

من أطرف الحوادث التي مرت بلميس أيام دراستها الثانوية , عندما كانت في الصف الأول الثانوي , كان أن اتفقت هي و ميشيل و زميلتنا لهما في الفصل على تبادل بعض أفلام الفيديو . في اليوم المقرر جلبت كل منهن أربعة أفلام . اتفقن على توزيع الأفلام التسة عشر في ما بينهن في آخر الدوام ,إلا أن الحظ التعيس أو (القرادة) , الرجاء الرجوع إلى الإيميل الأول للشرح , كان لهن بالمرصاد . سمعت الفتيات عن نية الإدارة بتفتيش الفصول و حقائب الطالبات بحثا عن الممنوعات و على رأسها أشرطة الفيديو و الكاسيت .

لم تدر لميس هل وشت إحدى الفتيات بهن , أم أنه مجرد سوء الحظ الذي يلازمها . ارتبكت الفتيا الأرع و أسقط في أيديهن حينما تسرب خبر التفتيش , و المصيبة أن المخالفة لم تكن عبارة عن شريك أو اثنين . إانها سنة عشر شريط فيديو ! مع أربع من أوائل الطالبات ! يا للفضيحة التي لم تكن على البال ! على رأي ماري منيب ( ده اللي حصل و اللي جرا لا ينكتب ولا ينقرا ) !
جمعت لميس الأشرطة من الفتيات , و وضعتها في كيس ورقي كبير , و طلبت منهن أن يتصرفن على طبيعتهن ( و هنا تتضح قدرات لميس الارهابية ) . أخبرتهن بأن كل شيء سوف يكون على ما يرام و أنها ستتولى الموضوع .

ذهت بالكيس خلال الفسحة إلى دورة المياه , و راحت تبحث عن مخبأ مناسب . لم يكن المكان مناسبا , فالكيس كبير و هي تخشى أن تجده أي من العاملات فتقوم بالاستيلاء عليه أو إيصاله للإدارة , و حينها لن تكون أي من مشكلتها مع الفضيحة المدرسية بل مع زميلاتها اللواتي لن ترضى أي منهن أن تفرك بأشرطتها ! حاولت إخفاء الكيس في خزانة الفصل إلا أنها شعرت بأن المكان مكشوف و متوقع . كان الأمر أشبه بلعبة (غميمة ) في وقت و مكان غير مناسبين .

جاءتها الفكرة العبقرية ! طرقت باب غرفة المعلمات و طلبت رؤية معلمتها المفضلة أبلة هناء , معلمة الكيمياء . جاءت أبلة هناء مرحبة بهذه الزيارة المفاجئة , و بجرأة شرحت لميس موقفها الصعب , فراحت أبلة هناء تولول :
" وشو بدك يانا نساوي يا لميس ! "
" ولي عا قامتي !! مستحيل ! ما بقدر خبيهون عندي ! "
" لو عرفت الإدارة , و الله ليفنشوني

معقولة يا بنتي سطعش فيلم مرة واحدة ! يا عيب الشوم عليكي ".
أخذت المعلمة الكيس الضخم تحت ضغط لميس بعد تردد طويل , و وعدتها بأن تفعل ما بوسعها لإنقاذ سمعتها .

انقضت بعض المسؤولات في الإدارة على فصل لميس في الحصة الخامسة قمن بتفتيش حقائب الطالبات و أدرج الطاولات و الخزانة عن أية ممنوعات . خبأت بعض الطالبت ما يحملنه من أشرطة كاسيت " واحد او اثنين " أو قنينة عطو أو ألبوم صغير أو جهاز بيجر في جيوب المريول المدرسي ,و وقفن و ظهولاهن ملتصقة بجدران الفصل . كانت أعين صديقات لميس تدور مع المفتشات بهلع و هن بانتظار أن يعثرن أفلامهم في حقيبة لميس !

أثناء الحصة الأخيرة , جاءت إحدى الساعيات إلى فصل لميس مخبرة إياها بأن مديرة القسم الثانوي بالمدرسة قد طلبت رؤيتها . أطرقت لميس مفكرة : " هادي آخرتها يا أبلة هناء ؟ تفتني عليا ؟ أيش هادا الخوف ؟ هادا و انتي أبلة طلت خوافة أكبر مني ! صحيح الأبلات ما لهم أمان ".

دخلت لميس مكتب المديرة بلا خوف . " ذا دامج إز دون " و لن ينفعها الخوف و الارتبااك , لكنها كانت تشعر بحرج شديد , فهذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها في مشكلة من هذا النوع ليتم استدعاؤها إلى مكتب المديرة .

- بعدين معك يا لميس ؟ مو كفاية اللي سويتيه الأسبوع الماضي لما رفضتي تعلمينا مين البنت اللي حطت الحبر الأحمر على كرسي الأبلة في الفصل ؟

تطأطئ لميس رأسها و تبتسم رغما عنها عندما تذكرت كيف وضعت زميلتهن اوراد بضع نقاط من أنبوبة قلمها الأحمر على جلد المقعد ! وقفت مدهوشة للحظات و الطالبات يغالبن ضحكاتهن ثم سالت :
- من كان عليكن الحصة اللي قبل هذي يا بنات ؟
-(بصوت جماعي) : أبلة نعمت يا أبلة !

خرجت الأستاذة مسرعة من الفصل لتبحث عن أبلة نعمت التى تكرهها الطالبات جميعا , و بطون الطالبات تؤلمهن
من شدة الضحك !


ردت عليها لميس يومها بغضب :
- أبلة أنا قلت لك إني ما أقدر أفتن على صاحباتي
- هاذس اسمها سلبية يا لميس ! إنتي لازم تكونين في صفنا إذا كنتي حريصة على مستواك و علاماتك . ليش مانتي مثل أختك تماضر ؟

بعد هذا التهديد الصريح , و السؤال المستفز المعصود " ليش مانتي مثل اختك تماضر " قدمت أم لميس الدكتورة سميحة للقاء المديرة , و حذرتها من استخدام هذا الأسلوب مع انبتها مرة ثانية . ما دامت لميس لم تكن هي من قامت بترتيب المقلب , فليس من حقهن أن يطالبنها بإفشاء سر صديقاتها , و الأفضل لهن كمعلمات أن يبحث عن الفاعلة الحقيقية بأنفسهن عوضا عن محاولة تسخير لميس للتجسس لحسابهن لتخسر بذلك احترمها لنفسها و محبة رفيقاتها الكبيرة لها . صحيح أن المعلمات يسألنها دائما لم ليست كأختها تماضر , لكن صديقاتها بالمقابل يسألنها لم ليست تماضر
مثلها !

كانت لميس متأكدة من أن المديرة ستكون أكثر تساهلا معها هذه المرة , حانة أنه لم يمض على زيارة والدتها للمدرسة سوى أيام . كانت لوادلتها مكانة خاصة في تلك المدرسة , فمي رئيسة جمعية أمهات الطالبات منذ خمس سنوات و لها الكثير من المشاركات الفعالة في نشاطات المدرسة الخيرية , علاوة على أن ابنتيها من أبرز الطالبات في تلك المدرسة , و غاليا ما يتم اختيارهما لتمثيل المدرسة في المسابقات الثقافية على مستوى المنطقة .
قالت لها المديرة :
- أنا وصلني الكيس مثل مانتي شايفة لكن أنا وعدت أبلة هناء أني ما أعاقبك و أنا عند وعدي . كل اللي حسويه هو أني راح آخذ الأفلام معي اليوم و ارجعها لك بعدما اتفرج عليها .
- تتفرجي عليها ؟ ليه ؟!
- علشان اتأكد إن ما فيها أفلام كده ولا كده (و هي تغمز) .
يا له من طلب مكشوف ! لم لا تطلب منها بصراحة أن تستعير الأفلام لمشاهدتها ؟ على أية حال , لن تتمتع المديرة الكريهة بأفلامها بعد هذه المشاكل التي تقحمها فيها كل يوم .
- آسفة يا أبلة . الأفلام ما هي حقتي , و صاحباتي لو عرفوا إنو الأفلام اتخدت رح يبهدلوني .
- و من هم صديقاتك هذول ؟
يا لهذه المديرة التي لا تكف عن السؤال المحرم .
- ما أقدر أقول لك يا أبلة . حيعرفوا إني قلتلك و انا وعدتهم إني أحل المشكلة لوحدي .
- مشكلتك يا لميس انك مسوية فيها زعيمة عصابة و كل التهزيء يجي على راسك إنتي في النهاية! إما انك تعلميني عن أساامي البنات اللي معك أو إني حاصادر الأفلام !
- (و هي تحاول اكتشاف صدق المديرة من كذبها) يعني يا أبلة , لو قلتلك أساميهم دحينا ما حيوصل لهم خبر ؟ و لا حيعرفوا إني فتنت عليهم ؟ ولا حتعملي لهم حاجة أكيد ؟
- أوعدك
أخبرتها لميس بأسماء شريكاتها في الجريمة و أخذت الأفلام بعد ذلك و وزعتها بينها و بين صديقاتها الثلاث قبل انصرافهن إلى بيوتهن و هن يسالن أين كان المخبأ و كيف استطاعت أن تتخلص من هذا الكيس الكبير ! اكتفت لميس بابتسامة واثقة و قولها المعتاد : ده أنا لميس و الأجر على اللع .

هكذا كانت شخصية لميس و كانت تماضر على العكس منها , هادئة و مطيعة , رافضة لكل ما تقوم به أختها العنيدة .
رافضة ؛ كانت تلك الكلمة بداية لأكبر خلافات لميس مع أختها تماضر , و مع بقية الشلة أيضا















الحلقه السابعه


هل هذه الكلمات شغل يدي ؟
إني أشك بكل ما حولي ...
بدفاتري ...
بأصابعي ...
بنزيف ألواني ...
هل هذه اللوحات من عملي ؟
أم أنها لمصور ثاني ؟

نزار قباني

اتهمني الكثيرون بأنني أقلد طريقة بعض الأدباء في الكتابة , ولي الشرف صراحة أن أقلد كتابا كالذين ذكروا . مع إنني والله أصغر من أنا أقلدهم . للأمانة , أنا أكتب بهذا الأسلوب ((المصرقع)) حبتين , حبة فوق وحبة تحت , منذ صغري , ولدي ما يثبت أن صرقعتي قديمة و ((منذ مبطي)) , دفاتر مادة التعبير المليئة بخنبقاتي عبر السنين . كان أكثر ما يغيظني المدرسات اللواتي لا تستهويهن تقليعاتي وكتاباتي المرجوجة . كنت أعاقب هؤلاء شر عقاب فأنقل لهن مواضيع من دفاتر قريباتي أو صديقاتي من المدارس الأخرى . لن أنسى المرة التي طلبت فيها إحدى المعلمات الرزينات مني أن أقرأ موضوعي عن الشجرة أمام زميلاتي في الفصل . وقفت بثقة في موجهة ثلاثين طالبة لأقرأ ما نقلته من كراسة إحدى قريباتي الأكبر مني بثلاث سنوات :
(( من منا لا يعرف الشجرة ؟ الشجرة هي المصنع الأول للأوكسجين !)).
بعد بضعة سطور إضافية تعذيبية من هذا النوع , طلبت مني المعلمة أن أعود إلى مقعدي , ورجتني أن لا أنقل مواضيع من آخرين في المرة القادمة ! واعترفت لي على مضض بأنها تفضل مواضيعي المرجوجة على هذه التفاهات .
ما أسوأ أن لا يجد الإنسان تقديرا من أقرب الناس إليه . في تلك السن المبكرة , عرفت أحد أهم الأسباب المؤدية إلى الزواج الثاني


كانت فاطمة زميلة للميس في كلية الطب . كان كل ما تعرفه لميس في البداية أن فاطمة من القطيف . لم تتعرف لميس من قبل إلى أي فتاة قطيفية كما لم تتعرف إلى أي فتاة من الأحساء أو الجبيل أو غيرهما من مناطق الساحل الشرقي . لم تكن تعرف من المنطقة الشرقية سوى الخبر والدمام . تعرفت عند دخولها للجامعة إلى زميلات لها في كلية الطب قدمن من مناطق بعيدة لم تسمع بكثير منها . منهن من جاءت من حفر الباطن , ومنهن من قدمت من الجوف ومن عرعر ومن القريات ومن خميس مشيط . ومنهن من نسكن على أطراف مدينة الرياض أو في أحياء لم تسمع بها من فبل كالسويدي وخنشليله .
كانت كمية الطالبات القادمات من خارج الرياض كبيرة قد تصل إلى أكثر من نصف الدفعة المكونة من ستين طالبة . كانت لميس تشعر بالإعجاب كلما تقربت من هؤلاء الفتيات لما تتميز به شخصياتهن من نشاط واستقلالية وقدرة على التحمل . كن قد تخرجن من مدارس حكومية ولم تتوفر لهن ربع المساعدات التي توفرت لها ولصديقاتها الثلاث في مدارسهن الأهلية المعروفة , ومع ذلك فقد تفوقن ونلن أعلى الدرجات , ولولا ضعف غالبيتهن في اللغة الانكليزية لما استطاع أحد تمييزهن عن صديقاتها , إلا ربما ببساطة ما يرتدينه . لم تكن إحداهن قد سمعت من قبل بالماركات الشهيرة التي لا تشتري فردات الشلة الرباعية من سواها , ولم تتخيل أخرى يوما وهي تتذوق ما مع لميس من شيكولاته فاخرة , أنها بهذا السعر الباهظ :
-خير إن شاء الله ؟ وش ذي ؟ شوكولاطه والا ذهب ؟
-أنا سمعت عن شي عندكم اسمه باتشي يقولون مرة كشخة !
-في شي أغلى من باتشي بعد ؟ يا ويلي !
ذهلت ميشيل مرة عند سماعها إحدى الطالبات وراءهما تستغفر بحنق عندما سمعت بالصدفة وصف لميس للفستان الذي سترتديه الليلة في عرس ابنة عمتها ! قالت لها سديم إن إحدى الطالبات معهن في الفسم تكرر في كل حين أنها تبحث بين زميلاتها عن عروس لزوجها الذي تزوجت منه قبل سنة واحدة لتخطبها له بنفسها ! والسبب أنها تريد أن تجد وقتا لتنظيف المنزل ودهن شعرها وتحنية كفيها والتزين له والعناية بطفلهما وما سيتبعه من أطفال , في الوقت الذي يقضيه زوجها مع زوجته الأخرى !
لم تكن ميشيل من بين صديقاتها تستسيغ هذه النوعية من الفتيات ولا تحبذ الدخول مع أي منهن في نقاش وجدل عميقين , ولم تكن سعيدة بحماسة لميس الواضحة لتكوين علاقات معهن . كانت تشعر كأن لميس تمثل دور ((شير)) في فيلم مراهقتها المفضل ((كوليس)) . تتعرف إلى أقل الفتيات حظا لتبدأ معها رحلة التجميل والتثقيف والتطوير . تعطيها ((كومبليت ميك أوفر)) ربما لتشعرها بتفوقها وسيطرتها عليها .
لم تكن ميشيل تفهم , وزادها حنقا أن سديم كانت تشارك لميس حماستها وانسجامها مع هؤلاء الفتيات الجديدات . كانت هؤلاء الفتيات على بساطتن في غاية الأدب ورقة الطباع , وكانت طبيعتهن تجذب الجميع لهن , علاوة على خفة الدم التي تكاد تكون معدومة في الأوساط الراقية !
هل هناك علاقة عكسية ما بين المركز المادي والاجتماعي وبين خفة الدم والشخصية المرحة ؟ مثلما يؤمن البعض بوجود علاقة طردية بين البدانة وخفة الدم ؟ أنا شخصيات أؤمن بذلك . ((المصالة)) أو ((ثقالة الطينة)) أو السماجة , داء متفش في الأوساط الراقية . وباعتبار أن نسبة المصالة بين الإناث تفوق بكثير نسبتها لدى الذكور , ولأن التماسيح للأسف أخف دما من السحالي , (خصوصا السحالي الجميلة مثلنا ) فإنني أنعى بكل أسى نفسي وصديقاتي , ولكن الحمدلله على أية حال , فكما يقول المثل الشعبي : العوض ولا القطيعة !
بدأت لميس تلاحظ غيرة ميشيل من كل فتاة تقترب منها في الجامعة .وعلى الرغم من أن لميس اجتماعية منذ معرفة ميشيل بها , لكن البيئة في الجامعة تختلف تمام الاختلاف عن بيئة مدرستهن . والطبقة الأرستقراطية أو المجتمع المخملي الذي تنحدر منه معظم زميلاتهن في المدرسة , ليس إلا جزءا بسيطا من الطبقات المتباينة الموجودة في الجامعة . إن مجتمعنا السعودي أشبه بكوكتيل الطبقات الذي لا تختلط فيه أي طبقة بالأخرى إلا للضرورة وعند الخفق الاستثنائي .
في الفصل الدراسي الأول من أولى سنواتهن الجامعية ,كانت سديم ولميس تجتمعان يوميا على رصيف شارع خمسة أو الشانز (( الشانزليزيه)) كما يسمونه في جامعة البنات بعليشة . كانت الفتاتان تحلمان برؤية شانز عليشة من كثرة ما سمعتا عنه , فإذا به مجرد بضعة مقاعد خشبية قديمة موزعة أمام بوابة الخروج رقم خمسة , وإذا بجامعة عليشة مجرد مبان آيلة للسقوط وشوارع مغطاة ببقايا تمر جاف سقط من نخلات متراصة على امتداد طرقها , بعد أن يئس من قدوم من يجنيه , وحتى بعد وقوعه , لم يجد من يرفعه عن الأرض .
ميشيل التي قدمت من كليتها بالملز خصيصا للتحقق من ماهية شانز عليشة , أصيبت بخيبة أمل كبيرة , وندبت حظها الذي أجبرها على دخول الجامعة في السعودية بدلا من أمريكا . لمجرد
أن عماتها اجتهدن في حشو رأس والدها المتفتح بأفكار بالية . حذرنه من مغبة السماح لها بالدراسة وحدها في الخارج ,لأن الفتيات اللواتي يقمن بذلك يكثرحولهن الكلام فلا يجدن من يتزوج منهن بعد عودتهن إلى البلاد . الطامة الكبرى كانت في اقتناع أبيها المحتضر فجأة بهذه السخافات !
كان لرصيف نمرة خمسة , كما في أغنية عمرو دياب في فيلم ((آيس كريم في جليم ))- هل كان يعني عليشة ما غيرها؟-, أسرار أشبه بالأساطير , وكانت تروى عنه الكثير من القصص الحقيقية أحيانا والمبالغ بها أحيانا أخرى .
إحدى قصص رصيف خمسة المشهورة التي تناقلتها الأجيال في جامعة عليشة قصة أروى . هل توجد بين طالبات عليشة , من لم تسمع بأروى ؟! كانت أروى طالبة مليحة التقاطيع , يميزها شعرها القصير جدا ومشيتها المسترجلة . كان الكل يخاف من أروى والكل يطلب ود أروى . إحدى البنات تقسم أنها رأت أروى في أحد الأيام جالسة على رصيف شارع خمسة وقد ظهر طرف السروال الرجالي الأبيض من تحت تنورتها السوداء الطويلة ! وأخرى تؤكد أن صديقة لها كانت قد رأتها وهي تلف يدها حول خصر إحدى الفتيات بطريقة مشبوهة ! تذكر سديم أنها ماتت رعبا عندما مرت إلى جانبها أروى وهي ((تحش)) فيها . لم تكن سديم قد التقت أروى قبل ذلك ولذلك فإنها لم تنتبه للمأزق الذي وضعت نفسها فيه حتى أخبرتها إحدى الزميلات التي انضمت متأخرة إلى الحديث , أن المستندة إلى ذلك الجدار القريب وعيناها معلقتان بسديم وابتسامتها المخيفة لا تغادر شفتيها , ليست سوى أروى !
- تهقونها سمعتني يا بنات ؟ إذا كانت سمعت , وش بتسوي فيني !؟
سألت سديم صديقاتها والعرق يتصبب من كل مسام جلدها .
حذرتها صديقتها من أن تسير بمفردها في تلك الجامعة بعد ذلك اليوم , فمن الواضح أنها قد انضمت -عن جدارة- إلى اللائحة السوداء لأروى !
- الله يخلف عليك يا سدوم ! ابتعدي عن مبنى رقم ((...)) , فهم أقدم المباني وأبعدها , ويقولون إن أروى تصطاد البنات اللي يروحون هناك لحالهم لأن المكان بعيد وخرابة , والبنت إذا صرخت ولا كسرت الدنيا هناك محد داري عنها !
أروى الشوشو , الله الحافظ ! إلا الصحيح , هل تخرجت أروى من عليشة ؟ لم أسمع عنها منذ زمن . أصبحت أروى الآن أسطورة كغيرها من أساطير هذه الجامعة الأثرية .
بعد انتهاء النصف الدراسي الأول من سنتها الأولى , انتقلت لميس مع تماضر للدراسة في جامعة الأقسام العلمية للبنات بالملز حيث تدرس ميشيل أيضا في كلية الحاسب الآلي , وذلك لمدة فصل دراسي واحد تنتقلان بعدها -أخيرا- للدراسة في مستشفى الملك خالد الجامعي . وهذه المحطة الأخيرة في دراستهما هي ما تحسدهما عليه بقية الفتيات , ففي المستشفى نفسه يدرس طلاب الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة والعلوم الطبية , وذلك قبل افتتاح كلية العلوم الطبية في عليشة .
كان حلم الاختلاط بالشباب حلما كبيرا بالنسبة إلى كثير من الطالبات والطلاب , ودافعا للبعض ممن ليست لهم أي ميول طبية للالتحاق بتلك الكليات التي قد توفر لهم مساحة أكبر من الحرية , حتى وإن كان الاختلاط المنتظر مقيدا ولا يتجاوز الصدف العابرة أثناء الفراغات ما بين المحاضرات أو وقت الصلاة حيث لا يحلو للطلاب إلا أن يصلوا في المصلى القريب من الطالبات , واللمحات السريعة أثناء التجول في المستشفى أو أثناء ركوب المصاعد .






















الحلقه الثامنه

عندما تصاب المرأة بحالة اليأس , فإن قلبها يصبح كأكرةالباب , أي إنسان يديرها يمينا و شمالا
أنيس منصور

أولا , أقدم لكم اعذاري عن تأخري غير المقصود عن إرسال هذا الإيميل , فقد تعرضت لظروف صحية منعتني من الكتابة بالأمس يوم الجمعة , و لذلك يأتيكم إيميلي اليوم السبت , فسامحني يا عزيزيي إياد لأني أعدت لك عصر الجمعة الكئيب بعد أن تعودت على إيميلاتي التي صارت تخفف عنك تعاسة هذا اليوم , و اعذريني يا غادة و " أشكرك بالمناسبة لانك أول فتاة تعبرني بإيميل منذ بداية هذه السلسلة الفضائحية " لانني لم أوفر لك مادة للتعليق أنت و زميلاتك في البنك هذا السبت . و سامحني يا رائد أبو دم خفيف لأنيني لحبطت عليك جدولك الأسبوعي و شككتك باليوم و التاريخ حتى ظننت أن البارحة هو يوم الخميس و كدت تتغيب عن العمل اليوم السبت و تأكل بهدلة بسبب تأخر إيميلي !

وضعت أحمري الصارخ , و صحن " طرشي " كبير إلى جانبي . أنا بحاجة لطعم لاذع هذه المرة ليذكرني بطعم ما ساكتب في هذا الإيميل .




--------------------------------------------------------------------------------


عودت قمرة نفسها على حياتها الجديدة , بعد أن اتضح لها أن ما يقوم به راشد ليس مجرد حساء من الزوجة التي اقتحمت حياته فجأة , إانما أكثر من ذلك . لم تكن قمرة قادرة على تسمية تصرفاته باسمها الذي يرد في ذهنها , و إن ظلت الكلمات تتسرب من عقلها إلى قلبها الوجل : " زوجي اللي احبه يكرهني . يبفى يطفشني... "

تعودت بعد أسابيع قليلة من وصلهما الى شيكاغو و بعد أن زاد تذمر راشد من كسلها و عدم مغادرتها الشقة , أن تذهب للتبضع و شراء مستلزمات المنزل كل نهاية أسبوع . لم يكن راشد على استعداد لتعليمها قيادة السيارة بنفسه , و لم يكن يثق بقدرتها على التفاهم مع معلم أو معلمة اجنبية بإنكريزيتها الركيكة , فاستعان بزوجة أحد أصدقائه العرب التي عرضت تعليمها القيادة مقابل مبلغ مادي . رسبت قمرة في الامتحان العملي ثلاث مرات متتالية , فقطع راشد عليها دروس القيادة و أمرها بأن تعتاد على استخدام سيارات الأجرة في قضااء حوائجها .

كانت ترتدي عند خروجها معطفا طويلا فوق ثيابها مع حجاب أسود أو رمادي . حتى لباسها هذا أصبح بعد فترة مصدر ازعاج لراشد .
- ليش ما تلبسين ملابس عادية مثل باقي الحريم ؟ كأنك تتعمدين تحرجيني قدام أصدقائي بهذه الملابس المبهذلة ! و تسأليني ليش ما أطلع معك !

لم تتمكن قمرة ولا والدتها من استيعاب مصدر الإزعاج و التوتر المستمرين لدى راشد , إلا أنه على الرغم من ضيقها و حزنها الشديدين فقد كانت مستعدة لعمل المستحيل لإنجاح هذا الزواج , أو على الأقل مجرد الاستمرار فيه .

ألحت عليه في أحد الأيام أن يصطحبها إلى السينما . بعد أن وصلا و اتخذ مقعده في القاعة و هي إلى جانبه , فاجأته بنزع معطفها و حجابها , و هي تبتسم بخجل و تحاول قراءة أفكاره في تلك اللحظة . بعد أن تأملها بطرق عينه لبضع ثواني قال لها يجلافة :
- الحجاب أرحم ... البسيه بس البسيه .

قبل الزواج كانت فرحتها بالخطوبة و العريس ( الكشخة ) و التجهيز من لبنان بالمهر الذي لم يدفع لأي من بنات العائلة أكثر منه , أكبر من أن تشوبها شائبة . لكن تساؤلات و شكوكا كثيرة وجدت طريقها لنفسها مع مرور الأيام .

" وشو له تزوجني اذا ما كان يبيني ؟ " سالت قمرة نفسها مرارا و تكرارا , و سألت والدتها أيضا عما اذا كانت قد سمعت من أهل راشد أنه كان مرغما على زواجه منها , و لكن أيعقل أن يجبر رجل - طول بعرض - على الزواج من امرأة لا يريدها أيا كانت الأسباب ؟

لم تره قبل العرس إلا يوم الرؤية الشرعية , و بما أن تقاليد عائلتها لا تسمح للمتقدم للخطبة برؤية العروس بعد ذلك إلا بعد أن يتم عقد القران , و لأنه لم يكن بين العقد و العرس سوى اسبوعين , فقد تم الاتفاق بين والد قمرة و أم راشد على أن لا يرى راشد عروسه في تلك الفترة حتى تتمكن من الاستعداد لحفل العرس . كل ذلك كان منطقيا في نظر قمرة , إلا انها استغربت عدم طلب راشد من والدها أن يسمح له بمهاتفتها للتعرف اليها قبل أن يتم الزفاف , كما فعل وليد مع سديم في ما بعد .

كانت تسمع أن غالبية الشبان هذه الأيام يصرون على التعرف إلى خطيباتهن من خلال المكالمات الهاتفية قبل أن يتم عقد القران , مع أن عادات أسرتها لا تسمح بالمكالمات إلا بعد عقد القران . كان الزواج عندهم كالطبيخ على السكين كما يقولون , و قد كانت بطيخة أختها الكبرى نفلة " سكر زيادة " بينما كانت بطيختها و بطيخة حصة قرعة .

كل هذه الدقائق و ملاحظاتها على شخصية راشد الصعبة و " كلاكيعه " النفسية بدأت تكبر و تكبر ككرة متدحرجة من الثلج تنحدر من قمة الجبل و هي آخذة في التضخم . ظلت قمرة تبحث بين تلك الدقائق عن السبب الحقيقي لنفوره منها ؛ السبب الحقيقي وراء استخفافه بها ؛ السبب الذي يدفعه لاجبارها على تناول حبوب منع الحمل طول هذه الأشهر , على الرغم من تحرقها لإنجاب طفل أو طفلة منه .

بدأ الشك يتسرب إلى نفس قمرة بعد مرور بضعة أشهر على زوجاهما . لم تكن معاملة راشد ها تختلف كثيرا عن معاملة أبيها لأمها , إلا أنها كانت تختلف عن معاملة محمد لأختها نفلة و حتى عن معاملة خالد لحصة في بداية زواجهما , و كانت تختلف كل الاختلاف عن معاملة جارهما الكويتي لزوجته التي تزوجها قبل زواج راشد من قمرة بستة أشهر .

أحبت قمرة زوجها برغم ما قابلها به من قسوة و غلظة , و تعلقت به على الرغم من كل شيء , فهو أول رجل تختلط به من خارج وسط محارمها , و هو أول رجل يتقدم لطلب يدها ليشعرها بأن هناك من يحس بوجودها في هذا العالم . لم تدر قمرة هل أحبت راشد لأنه جدير بأن يحب , أن لأنها تشعر بأن من واجبها أن تحبه بصفته زوجها . لكن الشك الذي بدأ يغزو قلبها من ناحيته أقلق منامها و أقض مضجعها و جعل أيامها سوداء بسواد أفكارها .

أثناء تسوقها في بقالة الخيام العربية في اشرع كيدزي , كان صاحب البقالة يغني مع أم كلثوم بطرب واضح . أصغت قمرة إلى اللحن الحزين و الكلمات التي لامست جرحا غائرا بداخلها :
كأني طاف بــــس ركب الليالي يحــــدث عنك في الدنيا و عــني
على أني أغالـــــــط في سمعي و تـــــبصر فيك غير الشك عيني
و ما أنا بالمصدق فـيــك قـــولا و لـــــكني شقيت بحسن ظــــنــي
تعذب في لهيب الشك روحــــي و تــــشقى بالظـنون و بـالـتمـنـي
أجبني إذا سألتك! هل صحيح حديث الناس خنت أم لم تخني ؟
أكــاد أشــك فــي نفـسـي لأنـــي أكاد أشــك فـــيــــــك و أنت مني
" معقولة راشد يحب واحدة غيري ؟ " .
اغرورقت عينا قمرة بالدموع و هي تصل بتفكيرها إلى هذا الحد .

*****

عندما زارت قمرة الرياض في عطلة رأس السنة لم يكن راشد معهما . قضت بسن أهلها ما يقارب الشهرين آملة أن يطلب منها راشد العودة بعد أن يمل الوحدة , إلا أنه لم يسألها يوما أن تعود , بل إن إحساسها كان يقول لها إانه يتمنى أن تبقى في الرياض و لا تعود ! كم كانيقتلها مئات المرات كل يوم ببرودة !حاولت المستحيل حتى تستميله لكن بلا جدوى , فقد كان راشد مثالا لرجل الأسد بعناده الفطري و طبيعته المراوغة .

كانت لميس المستشارة الفلكية للشلة تأتي بكتب خيرية حديب و ماغي فرح في الأبراج من بيروت , و تقرأ لكل منهن مواصفات برجها و نسب التوافق بين ذلك البرج مع غيره من الابراج . كانت استشارة الفتيات للميس أساسية قبل أية علاقة ,فقمرة اتصلت بها لتسألها عن مدى توافق برجها - الجوزاء - مع برج راشد - الأسد - في فترة الخطوبة ؛ و سديم التجأت اليها ايصا عندما تقدم لها وليد - الحمل - لخطبتها . حتى ميشيل التي لم تتحمس يوما لهذه المور اتصلت بلميس بعد أن اكتشفت أن فيصلا من مواليد برج السرطان , طالبة منها المشورة حول نسب نجاح علاقتها - امرأة الأسد - به .
أهدت لميس قمرة قبل زواجها نسخة مصورة من أحد كتبها الثمينة . كانت قمرة تعيد قراءته باستمرار و تخطط على ما يناسبها منه :
" أنثى الجوزاء جذابة مغرية تدير بجمالها رؤوس الناس . كثيرة النشاط و الحركة و صبرها القليل يتحكم حتى في مواقف الحب . إانها أصدق نموذج للمرأة الهوائية التي لا تستقر على شيء أو شخص . عاطفية , بل متأججة العاطفة إذا ما لقيت الرجل الملائم الذي يرضي قلبها و عقلها و جسدها معا . إنها إنسانة معقدة على الرغم منها . أعصابها متوترة و مخاوفها كثيرة , إلا أنها مثيرة و مسلية , و من يعرفها يجهل معنى الضجر ..."

" الرجل الأسد إنسان واقعي , ذكي و مقتصد لا يحب أن يضيع وقته في اللعب غير المثمر , عصبي سريع الانفعال , أناني و عنيد و يزأر حين يغضب . إذا أحب فإنه يمتلك حبيبته و يغار عليها متسلط في حبه لكنه مندفع في حبه كبركان يطلق حمم الغرام . على المرأة الحبيبة أن تغمض عينيها و لا تبالي عندما يتدخل في شؤونها و أن لا تعظم الأمور . لا يتردد في إظهار العنف إذا راوده الشك في طاعتها و إخلاصها له ..."

كان أسوأ ما قرأته قبل زواجها هو نسبى التوافق بين المرأة الجوزاء و الرجل الأسد التي لا تتجاوز الـ15 % !

" يصعب الاتفاق و الانسجام بسن أنثى الجوزاء و رجل الأسد . يتعاونان لمدة معينة من أجل تحقيق النجاح العملي . أما العلاقة العاطفية فتبقى فاترة نافرة و ميالة إلى الفشل الأكيد " .

كانت تقرأ هذه السطور قبل زواجها و هي تتمتم : "كذب المنجمون و لو صدقوا " , لكنها تقرأها الآن بإيمان أكبر , و هي تتذكر مليكة , طباختهم المغربية في الرياض , التي كانت تقرأ لها الفنجان و الكف أثناء فترة الخطوبة مؤكدة لها أن زواجها من راشد سوف يكون من أنجح الزيجات في العائلة , و أنها سوف ترزق بكثير من الاطفال , حتى أنها كانت تصفهم لها و كأنها ترى ملامحهم في بقايا البن المتخثرة في قاع الفنجان أو بين طيات كفيها .

حتى الويجي بورد التي شاركت صديقاتها الثلاث اللعب بها في المرحلة المتوسطة عندما جلبتها ميشيل لهن بعد إحدى رحلاتها إلى أمريكا ... أخبرتها لوحة الويجي أنها ستتزوج من شاب يبدأ اسمه بحرف " الراء " و أنها ستسافر معه إلى الخارج . ستنجب له ثلاثة أبناء ذكور و اثنتين من الإناث . تحركت القطعة الزجاجية الصغيرة التي تلمسنها بأصابعهن بخفية فوق لوحة الأحرف وسط ظلام الغرفة في تلك الليل لتدل على أسماء أبنائها واحد واحدا !

تحاول قمرة التخلص من أفكارها الخبيئة التي تتسرطن في دماغها . تتصل بأمها في الرياض لتسألها عن كيفية إعداد الجريش , و تمضي الوقت في سماع أخبار أقاربهم في القصيم , و جيرانهم في حي الربوة , و حكايا أبناء نفلة الأشقياء , و صبر حصة على زوجها خالد بانتظار أن تنضج الطبخة













الحلقه التاسعه



: كنز في قصيدة كيف أحبه ؟

دعني أعدد لك كيف أحبه
بكل أبعادي وأنفاسي أحبه
ملء كل يوم أسعى إليه بحرية
كما يسعى الرجال لحقوقهم
بطهارة المتعبد بعد الصلاة
بأحزاني القديمة
وبإيمان الطفولة بكل القديسين الذين رحلوا
بدموعي وابتساماتي
وإن شاء الرب سأحبه أكثر بعد الممات
اليزابيث باريت براوننج

وصلتني الكثير من الرسائل الغاضبة خلال الأسبوع الماضي .
البعض غاضب من راشد الجلف ،
والبعض من قمرة الضعيفة ،
والبقية وهم الأكثرية
غاضبون علي لحديثي عن الأبراج وقراءة الفنجان والويجي بورد ،
وأنا مع الجميع في غضبهم وضدهم .
أنا كما ترون وسوف ترون فتاة طبيعية ،
وإن كنت مرجوجة بعض الشيء .
أنا لا أحلل ما أفعل ولا أحرمه ،
كل ما هنالك أنني لا أدعي الكمال الذي يدعيه البعض .
صديقاتي أمثلة بيننا يتجاهل بعضنا وجودها عمداً
ويغفل البعض الآخر عنها تماماً .
دائماً ما تردد هذه الجملة على مسامعي :
(أنت لن تصلحي العالم ولن تغيري الناس..) معهم حق ،
لكنني لن أتخاذل عن المحاولة كالجميع ،
وهذا هو الفرق بيني وبين الآخرين .
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ،
عسى الله أن يجعل كتابتي في ميزان أعمالي ،
وأكرر لمن لم يفهم !
أنا لا أدعي الكمال ! أنا أعترف بنقصي وجهلي ،
ولكن كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون ،
وأنا أعمل على تصحيح أخطائي باستمرار
وأقسو على نفسي في سبيل تطويري لذاتي ،
لكنني وللأسف لا أجد في من حولي من يقوم بالشيء ذاته .
ليت الذين يحاسبونني يلتفتون لتقويم أنفسهم قبل أن يثوروا لتقويمي ،
علناً نتوب عن بعض معاصينا بعدما نقرأها على صفحات الأنترنت .
علنا نكشف أورامنا المستترة ونستأصلها
بعد أن أعرض لكم عينات بشعة منها تحت المجهر .
إنني لا أرى عيباً في أن أورد عيوب صديقاتي في رسائلي
ليستفيد منها الآخرون ممن لم تتح لهم فرصة التعلم في مدرسة الحياة ،
المدرسة التي دخلتها صديقاتي من أوسع أبوابها ،
باب الحب ! العيب الحقيقي
في رأيي أن يقف كل منا ضد الآخر
محاولاً النيل منه والتحقير من شأنه مع أننا نعترف جميعاً بوحدة الهدف ،
ألا وهو الإصلاح .



--------------------------------------------------------------------------------



في الفالنتاين أو عيد الحب ، ارتدت ميشيل قميصاً أحمراً وحملت حقيبة من نفس اللون ، وكذلك بالنسبة إلى شريحة كبيرة من الطالبات ، فاصطبغ الحرم الجامعي باللون الأحمر ، ثياباً وزهوراً ودمى . كان العيد أيامها تقليعة جديدة استلطفها الشبان الذين صاروا يجولون في سياراتهم في الشوارع مستوقفين كل فتاة جميلة ليقدموا لها وردة حمراء ملفوفاً على ساقها (الرقم) ! واستلطفتها الشابات اللواتي وجدن أخيراً من يهديهن وروداً حمراء كما في الأفلام . كان ذلك قبل أن تمنع جميع مظاهر الاحتفال بعيد الحب في السعودية ، وتتم معاقبة أصحاب محلات الزهور الذين يقومون بتوفير الورود لزبائنهم الفي آي بيز بطرق ملتوية وكأنها بضاعة مهربة . يمنع الاحتفال بعيد الحب في بلادنا ولا يمنع الاحتفال بعيد الأم أو الأب مع أن الحكم الشرعي واحد . مضطهد أنت أيها الحب في هذا البلد .
استلمت ميشيل هديتها الضخمة من سائق فيصل الذي كان بانتظارها عند بوابة الجامعة . كانت الهدية عبارة عن سلة كبيرة تناثرت في الورود المجففة والشموع الحمراء على شكل قلوب ، وفي وسط السلة دب أسود يحمل قلباً مخملياً قرمزي اللوز . إذا ضغطت على القلب تنبعث أغنية ياري مانلو
you know I can't smile without you ب
صوت مضحك بعض الشيء . دلفت ميشيل (أو ذلفت باللهجة السعودية) إلى قاعة المحاضرات منتشية . أطلت على زميلاتها اللواتي نهشت قلوبهن الغيرة وهي تقرأ لهن القصيدة التي خطها فيصل على البطاقة المرفقة بالهدية ، حتى أن عدداً منهن قام بجلب الدمى والورود في الغد كدليل لحصولهن على هدايا مثلها عشية عيد الحب . من أجلها دُبجت هذه القصيدة ، صاحبة العينين البراقتين هي مشرقة التعبير ، كتوأمي ليدا 00 ستشف هذه الكلمات عن اسمها الجميل الكامن وسطها لتجده بنفسها ... بين السطور ، فتشن بدقة ! فهي تخبئ كنزاً مقدساً طلسماً ... تعويذة علقنها بالقرب من القلب ابحثن جيداً بين حروف القوافي بين الكلمات والمقاطع . لا تستصغرن أي شيء حتى المبتذل منها ، وإلا ضاع عليكن نتاج جهدكن ما من عقدة غوردية هنا في لغزي تستلزم سيفاَ ضالعاً لحلها فلوا استطاعت إحداكن أن تفهم الحبكة ، المرسومة على هذا الورق الذي بين أيديكم إنها كلمات كالمرآة ، تعكس روح صاحبتها ثلاث كلمات تحمل أبلغ المعاني أحرفي ربما تخدعكن ، لكنها ما زالت تحمل بين طياتها شيئاً من الحقيقة ... كفوا من المحاولة فلن تحلوا الأحجية مهما فعلتم ! لم تفهم أي منهن معنى تلك الأبيات الغريبة ، ولم تكشفن حل اللغز المخبأ وسط السطور ، فعن أي كلمات يبحثن وكيف ؟ كانت ميشيل قد اتصلت بفيصل قبل دخولها القاعة لتشكره على هديته وتسأله عن معنى القصيدة . قال لها أنها قصيدة لإدجار آلان بو عمل على ترجمتها منذ أسابيع ليهديها إياها في يوم الفالنتاين ، وأسرّ لها أن حل اللغز سيظهر بين يديها إذا ما قرأت الكلمة المكونة من الحرف الأول من السطر الأول ، والحرف الثاني من السطر الثاني ، والحرف الثالث من السطر الثالث ، وهكذا . بدأت إحدى الفتيات بعدّ الأحرف في كل سطر وراحت الأخرى تدونها حرفاً بعد حرف بالقلم الرصاص على سطح الطاولة ، وميشيل تراقبهن باستمتاع بعد أن عرفت الحل قبلهن : السطر الأول ميم ... السطر الثاني ياء ... الثالث شين ... الرابع ياء ... لام ... عين ... باء ... دال ... ألف ... لام ... راء ... حاء ... ميم ... ألف ... نون ... صرخت الفتيات بصوت واحد : ميشيل عبد الرحمن !!! في ذلك اليوم ، بكت الكثير من الطالبات أحباء قدامى و(صارت فضائح !) وتمت مصادرة العديد من الهدايا ووقعت الطالبات اللواتي ارتدين ثياباً أو إكسسوارات حمراء تعهدات بعدم تكرار هذا الفعل في السنة القادمة . في السنوات التي تلي كان التفتيش يتم على الملابس قبل أن تنزع الطالبة عباءتها عند البوابة ، حتى يتسنى للمفتشات إعادتها مع سائقها إلى منزلها بمجرد العثور على أية دليل للجريمة الحمراء في حوزتها ، حتى وإن كان الأحمر ، ربطة للشعر . المهم ... لم تنته هدية فيصل لميشيل عند هذا الحد ، ففي طريقها إلى المنزل ، وبينما هي تقلب الدب الأسود الناعم بين يديها ، وتستنشق عطر فيصل الأنيق (بولغاري) الذي عطره به ، انتبهت إلى قرطين ماسين على شكل قلبين علقهما فيصل في أذني الدبدوب الجميل حتى تعلقهما دبدوبته الجميلة في أذنيها .










الحلقه العاشره



عندما يصبح الحزن لذة

قال لها يوماً :
كل ما يريده الرجل من المرأة أن تفهمه ،
فصاحت المرأة في وجهه قائلة :
وإن كل ما تريده المرأة من الرجل هو أن يحبها !
سقراط

من بين الانتقادات الكثيرة التي صارت تصلني يومياً عبر بريدي الإلكتروني ،
كان انتقاد فئة كبيرة من القراء لي بسبب استشهادي بأبيات نزار قباني ،
وترحمي عليه في أول إيميل .
لا أعرف سبب هذه الثورة غير المبررة !
أنا أصر على أنني لم أقرأ يوماً
من الشعر الحديث شعراً ببساطة شعره وبلاغة بوضوح بلاغته ،
ولم أتأثر يوماً
بهؤلاء الشعراء الحداثيين الذين يكتبون قصيدة من ثلاثين بيتاً
تتحدث عن لا شيء !
لا أحب القراءة عن صديد الجبين المتقرح
المنبثق من وراء خصر الحزن السرمدي !
ولا أنسجم إلا مع أبيات نزار الواضحة
والتي لم يستطع أي من هؤلاء الشعراء الجدد
مع احترامي لهم نظم مثلها رغم بساطتها .***********



--------------------------------------------------------------------------------

بعد رسوب سديم المفاجئ للجميع وهي المعروفة بتفوقها ، اقترح والدها عليها اصطحابها إلى لندن للاستجمام ، إلا أنها طلبت منه أن تسافر وحدها وتقيم في شقتهما في ساوث كينزنغتون لأنها كانت تريد أن تقضي فترة من الوقت مع نفسها . وافق على طلبها بعد تردد ، وقام بتزويدها ببعض الأرقام والعناوين لأصدقاء له يقضون الصيف هناك برفقة عوائلهم حتى تلتقي بهم إن أرادت الترفيه عن نفسها ، وحثها على ملء فراغها بالالتحاق بأية دورة تعليمية في الحاسب الآلي أثناء إقامتها هناك ، أو بصفوف لتدريس الاقتصاد حتى تستفيد منها بعد عودتها لكليتها في الرياض . لملمت سديم جرحها مع ثيابها – على رأي راشد الماجد – وقامت بشحن الجميع من عاصمة الغبار إلى عاصمة الضباب . لم تكن لندن جديدة عليها فقد اعتادت قضاء الشهر الأخير من كل صيف فيها ، لكن لندن هذه المرة كانت مختلفة . هذه المرة كانت مصحة كبرة قرر سديم اللجوء إليها لتتجاوز العلل النفسية التي تكالبت عليها بعد تجربتها مع وليد. قبل هبوط الطائرة في مطار هيثرو ، توجهت سديم نحو حمام الطائرة وقامت بنزع عباءتها وغطاء شعرها لتكشف عن جسم متناسق يلفانه الجينز والتي شيرت الضيقان ، ووجه بريء التقاطيع تزينه حمرة الخدود الخفيفة (البلاشر) وقليل من الماسكارا ومسحة من ملمع (لب قلوس) للشفاه . أمطار لندن الصيفية التي طالما سعدت سديم بالتنزه تحتها كانت مصدر كآبة وتعاسة لها في تلك الرحلة . بدت لندن لسديم حال وصولها غائمة كمزاجها . الشقة الهادئة ووسادتها الخالية ساعدتاها على ذرف دموع لم تكن تعلم أنها قادرة على ذرفها بتلك الغزارة وخلال تلك المدة القصيرة . بكت سديم كثيراً ، بكاءً حارقاً . بكت الظلم الذي حل بها وأنوثتها المطعونة ، وبكت حبها الأول الذي وئد في مهده قبل أن تهنأ به ، وبكت وهي تصلي طويلاً لعل الله يهيئ لها من أمرها رشدا ، فلا أم تطمئنها ولا أخت تقف إلى جانبها في هذه المحنة ، ولا زالت لا تدري أتخبر أباها بما حدث بينها وبين وليد في آخر ليلة لهما أم تحمل السر إلى قبرها. لم يكن بيدها سوى الاستغفار والدعاء بألا يفضح وليد الخسيس السر وراء تطليقه إياها ، وألا يتحدث عنها بما يشينها بعد انفصاله عنها ... (يا رب استر علي . يا رب اكفني شره ! يا رب ! ما لي غيرك ألجأ له . أنت الأعلم بحالي ...). أدمنت سديم في تلك الفترة سماع أغاني الحزن واللوعة والفراق . استمعت خلال تلك الأسابيع القليلة لعدد من الأغاني الحزينة يفوق ما استمعت إليه منها طوال حياتها. كانت تشعر بنشوة عارمة كلما استمعت لأغانٍ مثل رسالة حب لطلال مداح أو كان يا ما كان لميادة الحناوي أو نسيانك صعب أكيد لهاني شاكر أو آه يا قاسي أنا فيك ابتليت لمصطفى أحمد . كانت هذه الأغاني تغمرها بالحزن وتلفها كمهاد دافئ . مع مرور الأيام ، لم تعد تستمع إلى هذه الأغاني لترفه عن نفسها بل أصبحت تسمعها لتظل في جو الحزن والنشوة الذي اكتشفته بعد أن عاشت تجربة فشل الحب الأول التي عاشها معظم العشاق . تجربة سادية ماسوشية فريدة من نوعها . عندما يصبح الحزن لذة نسترجعها وقت الفرح . عندما نخلق من التجربة خيمة حكمة نجلس بداخلها لنفلسف حياتنا الموجودة في الخارج . نتحول إلى قلوب مرهفة تستشيرها أي ذكرى وتبكيها أي فكرة ، قلوب تخشى الانكسار بعد الانكسار الأول فتبقى في خيايمها حتى يأتي بدي غريب ليصلح أوتادها ، تدعوه على فنجان قهوة وتستبقيه بعدها في الخيمة حتى يؤنس وحشتها ، فتنهار خيمة الحكمة عليها وعليه ! . بعد أسبوعين من حظر التجول والحبس الانفرادي بداخل الشقة ، قرر سديم أن تتناول غداءها في أحد المطاعم التي لا يرتادها الكثير من السائحين الخليجيين ، فقد كان آخر ما تريده وهي في تلك الحالة أن تلتقي بشاب سعودي (يتميلح) بمحاولة التودد إليها. لم تبد بحالٍ أفضل هناك مما كانت عليه بين جدران الشقة ، فقد كان جو مطعم (هش) على اسمه ، هادئاً ورومانسياً . بدت سديم كمجورة تخلي عنها أهلها فجلست لتناول طعامها وحيدة والعشاق من حولها يتهامسون ويتناجون على أضواء الشموع . تتشكر سديم عشاءاتها الشاعرية مع وليد وخططهما لشهر العسل . وعدها أن يذهب بها إلى جزيرة بالي ، وطلبت منه أن يقضيا بضعة أيام في لندن قبل عودتهما من شهر العسل ، فلطالما كانت تحلم بأن ترافق زوجها يوماً ما إلى الأماكن التي كانت ترتادها وحيدة لسنوات . سوف تأخذه لزيارة متحف فيكتوريا وآلبرت ومتحف تيت ومدام تسّودز .مع أن وليد لا يستهويه الفن كما يستهويها إلا أنها ستغير من هذه الطباع بعد الزواج ، كما ستجبره على ترك عادة التدخين التي تغيظها . سيربان الشوقا أبل ويتناولان السوشي في إيتسو في درايكوت آفنيو ، وسيغرقان معاً في كريب البلجيم تشوكليت من المحل القريب من شقتها . سوف تصطحبه إلى سهرات إشبيلية ، ولن تنسى بالطبع أن تأخذه في رحلة بحرية في برايتون ، وفي آخر أيامها في لندن ، سوف تذهب معه للتبضع من سلون ستريت الذي يضم العديد من البوتيكات الشهيرة ، سوف تجعل وليد يشتري لها أحدث موديلات الثياب والجلديات من هناك كما أوصتها أم قمرة ، بدلاً من أن تشتريها مسبقاً بمهرها . كم هي مؤلمة تلك الذكريات . فستان زفافها الفخم وطرحتها المميزة اللذان جُلبا لها خصيصاً من باريس ما زالا قابعين في خزانة ملابسها في الرياض ، كانا يمدان لها لسانيهما باحتقار كلما فتحت باب الخزانة . لم تستطع التخلص منهما . كان شيئاً ما بداخلها ينتظر عودة وليد . لكنه لم يعد ، وبقي ثوب زفافها والطرحة شاهدين قبيحين على دناءة حبيبها وخسته. كانت مكتبة دار الساقي وجهتها في صباح الغد . قررت أن تذهب إليها سيراً على الأقدام للتمتع بالجو في ذلك اليوم الصحو . اتجهت نحو إقزبشن رود واجتازت متحف فكتوريا وألبرت وهي تتأمل آثار قنابل الحرب العالمية الثانية على جدرانه ، مذكرة البريطانيين على الدوام بمدى كراهيتهم للألمان في حال نسوها . قطعت الهايد بارك التي تغص بألوان مختلفة من البشر والأحصنة والحمام الذي يتقافز بخفة لالتقاط ما يرمى له من حبوب هنا وهناك . أكملت سيرها فوق الجسر وهي تتأمل المناظر الجميلة المحيطة بها. كان عليها أن تسير لما يقارب العشرين دقيقة حتى تقطع الهايد بارك وتصل إلى شارع بيزووتر . راحت تغني أغنية طويلة بعض الشيء لعبد الكريم عبد القادر (غريب ... شايل جروحي والحكي وياي... غريب ... داير وروحي هدها ممشاي ) وصلت وهي تردد بشجن ( أمشي وقلبي حزن ... أمشي ) إلى الشارع الذي صبغته أشجاره الظليلة بلون أخضر ساحر ، سارت فيه يساراً ثم اتجهت يميناً في كوينز واي وتوقفت فجأة عن الغناء خوفاً من أن تلفت إليها أنظار النشالين في ذلك الشارع المخيف نوعاً ما . عندما وصلت إلى الوايتليس اتجهت يساراً في شارع ويست بورن قروف حتى وصلت أخيراً إلى دار الساقي الموجودة على الجهة المقابلة من الشارع وهي تفكر : كان لازم أقرأ دعاء السفر ... والله مشوار . اشترت (العدامة) و(الشميسي) لتركي الحمد بعد أن رأت رجلاً خليجياً أربعينياً يطلبهما من البائع أمامها ، واشترت رواية (شقة الحرية) لغازي القصيبي التي كانت قد أعجبتها كمسلسل بثته شاشة إحدى الفضائيات منذ سنوات ، وأخيراً اختارت رواية (ذاكرة الجسد) لأحلام مستغانمي بعد أن أثنى عليها البائع العراقي اللطيف ونصحها بقراءتها. عادت إلى شقتها مستقلة الحافلة ، لتجد رسالة صوتية مسجلة من أبيها على هاتف الشقة . أخبرها بأنه قد رتب لها برنامجاً للتدريب الصيفي في أحد البنوك التي يتعامل معها باستمرار وذكر لها أن التدريب يبدأ بعد أسبوع . أعجبتها الفكرة . عمل صيفي ومزيد من الاستقلالية وتطير الذات . بعد كتب دار الساقي والعمل البنكي لم يتبق من خططها للصيف سوى أن تدرس علم النفس على يد فرويد من خلال الكتب التي جلبتها معها إلى لندن لتتمكن من تحليل شخصية وليد حتى تصل إلى العوامل التي دفعته إلى تطليقها بلا ذنب . كانت قراءة الكتب التي اشترتها ممتعة وبخاصة روايتي الشميسي وشقة الحرية التي لاحظت اختلافاً كبيراً بينها وبين المسلسل المقتبس منها . كان أكثر ما ضايقها أنها تجهل ما يتوجب عليها قراءته بعد ذلك ، لم تكن أي من صديقاتها المقربات محبة للقراءة حتى تستشيرها في هذا الأمر ، ولم يعجبها كثيراً أن تقلد الآخرين فيما يشترونه أو أن تلتزم باختيارات البائع دون أن تكون لديها أية خلفية عن تلك الكتب التي ينصحها بشرائها . ودت لو أن لديها لائحة بالكتب الإلزامية لكل مثقف ومثقفة حتى تقرأها جميعاً وترتاح . وجدت في كتابات القصيبي والحمد الكثير من الأحداث والتلميحات السياسية التي ذكرتها بروايات يوسف السباعي وإحسان عبد القدوس التي أدمنت قراءتها في مرحلة المراهقة . خطرت ببالها المظاهرة التي مُنعت هي وزميلاتها من القيام بها في أحد الأيام عندما قامت جميع الدول العربية بتنظيم المظاهرات تضامناً مع الشعب الفلسطيني وانتفاضة الأقصى . وتذكرت مقاطعة المنتوجات الأمريكية والبريطانية التي بدأت منذ فترة في بلدان كثيرة ولم تشارك فيها سوى قلة من صديقاتها ، وحتى هؤلاء لم تستمر أي منهن فيها أكثر من أسابيع قليلة . هل كانت السياسة فيما سبق في متناول الجميع ثم أصبحت الآن في متناول القادة والحكام فقط ؟ لم لا تجد أياً من معارفها ذكوراً أو إناثاً يخوضون في معترك السياسة ويؤمنون بهذه القضية أو تلك ويدعمونها بأرواحهم كما كان عليه الحال أيام شباب غازي وتركي ؟ ما الذي جعلهم هذه الأيام لا يهتمون من السياسة الخارجية سوى بفائح كلينتون ومونيكا لوينسكي ؟ ومن السياسة الداخلية سوى بفائح شركة الاتصالات ؟ ليست المشكلة قاصرة عليها فكل زميلاتها مهمشات في الحياة السياسية ، ولا دور لهن ولا أهمية . لو كانت تفهم في السياسة ، لو أنها تدافع عن قضية معينة أو تعارض قضية ما ، لكانت وجدت ما يشغلها عن التفكير بوليد الكـ....!









الحلقه الحاديه عشر

تصنيف أم نوير للفصائل البشرية

لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم .
لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم .
يا حيّ يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك نستغيث .
دعاء لكشف الهم والكرب والحزن

قرأت كلاماً عني خلال الأسبوعين المنصرمين في أشهر المنتديات الإنترنتية ،
الإقلاع والساحات وغيرها .
بعض الكلام كان بنعومة حبيبات غسولي اليومي للوجه ،
وبعضها بخشونة حجري الأسود الذي أعالج به مشكلة ركبي السود .
شعرت وأنا أتابع النقاشات الدائرة حولي بأنني أشاهد مصارعة للثيران !
هل تصدقون أن أحدهم طالب بإباحة دمي؟
وكله كوم ومن تقول أنها أختي كوم آخر !
تقول أنها قد لاحظت انزواء أختها كل يوم جمعة
منذ الصباح الباكر في غرفتها أمام شاشة الكمبيوتر
وعندما حاولت أثناء غيابها
أن تبحث ضمن ملفات جهازها عن أدلة تؤكد شكوكها
عثرت على جميع الرسائل وعددها ثلاثون ،
وهي على استعداد لبيعها لمن يدفع أكثر !
رزق الهبل ع المجانين . *
***********
بعد أن قرأت له (مدخل إلى التحليل النفسي) و ( مختصر التحليل النفسي) و (ثلاثة مباحث في نظرية الجنس) و(الحياة الجنسية) و ( الطوطم والحرام ) ، اكتشفت سديم أن فرويد ولبيدواته وطواطمه وخياره وفقوسه لن يساعدوها في حل مشكلتها ولن يشرحوا لها سبب تخلي وليد عنها . كانت قد عثرت على مؤلفين من المؤلفات المترجمة لفرويد في مكتبة جرير في الرياض ، أما البقية فكانت قد أوصت إحدى زميلاتها في الجامعة بأن تأتيها بها من لبنان قبل أن تسافر سديم إلى لندن . لم تقنعها فلسفة سيجموند فرويد – في تفسير تصرفات وليد – كما أقنعها تصنيف أم نوير للفصائل البشرية . صنفت أم نوير لسديم – في ساعة صفاء الرجال والنساء في الخليج بناءً على عوامل عدة كقوة الشخصية والثقة بالنفس والجمال وغيرها إلى أنواع وفئات ، وهذه الأنواع تنطبق عادة على الرجل والمرأة سواء ، فمثلاً بالنسبة لوقة الشخصية فإن لكل منهما نوعين : النوع الأول قوي ومستقل والنوع الآخر ضعيف وتابع للآخرين ، وتندرج تحت النوع الأول فئتان : أولاهما المنطقي الذي يحترم آراء جميع من حوله رغم اختلافه معهم طالما كانوا يحترمون وجهة نظره هو الآخر ، والفئة الثانية ممثلة بمن لا يمكن لأحد السيطرة عليها أو عليه ومن لا بد من أن (يمشي) كلامه ولا يهمه رأي أحد . أما بالنسبة لقسم الضعفاء والتابعين ، أو من يقال عنه أن كلمة تجيبه وكلمة توديه ، فهم نوعان : هناك النوع الذي يتم التأثير عليه من قبل الأهل وأفراد العائلة المقربين وهذا النوع لا يمكنه الاستقلال عن أهله لأنه (بدون أهله ما يسوي قرش) ، وهناك النوع الذي يتم التأثير عليه من قبل الأصدقاء وهو النوع الأسوأ ، ذلك لأنه يعتبر أن أهله ضده ولا يثق سوى بأصدقائه الذين يكونون في كثي من الأحيان أسوأ حالاً منه ، ومن ناحية العصامية فإن النوع القوي والمستقل عادة ما يعمل على تطوير نفسه بنفسه وتحسين ظروفه قدر المستطاع ، متأثراً ومستفيداً من جميع الأمثلة التي يلاحظ نجاحها من حلوه ، أما النوع السلبي أو المنقاد فإنه تنقصه المبادرة ولا يرتقي شأنه إلا بارتقاء عائلته أو محيطه ككل . ولأم نوير تصنيف آخر يعتمد على مستوى الثقة بالنفس ، فهناك الفئة المطمئنة أو السيكيور وهذه لها نوعان : نوع معقول ويكون المنتمي لهذا النوع متصالحاً مع نفسه ، وعلى قدر واضح من الثقة بالنفس تجعل كل من حوله يحترمونه ويرهبونه ، لكنه يظل محبوباً لتواضعه وقربه من الآخرين من ناحية ، ولأنه (يستاهل يشوف نفسه شوي) من ناحية أخرى . النوع الثاني هو (الواثق بزيادة) أو (الأوفر كونفدنت) وهو نوع يشتمل على أشخاص (ما عندهم ما عند جدتي) أي ( ما عندهم سالفة) يحملون ثقة مفرطة بالنفس على الرغم من افتقارهم لجميع مؤهلاتهم ، فلا إنجازات ضخمة ولا شخصيات مميزة ولا حتى شكل يفتح النفس ، وهذا النوع مكروه وأكثر انتشاراً للأسف من النوع الأول ، والنوعين أقل انتشاراً من الفئة الثانية وهي فئة (الإنسيكيور) أو الفئة غير المطمئنة . هذه بدورها لها قسمان : أولهما أولئك الذين يدعون ويتصنعون الثقة بالنفس أمام الآخرين دون إيمان داخلي بذلك ، والمنتمين لهذا القسم يأخذون كل كلمة تقال لهم بحساسية مفرطة ويردون عليها بعشر ويعملون من الحبة قبة كما يُقال . مستفزون ، تعلو أصواتهم أثناء أي نقاس حتى يداروا خيباتهم . القسم الثاني لا يمثل ولا يدعي ويتضح منذ الوهلة الأولى أنهم مساكين ويقطعون القلب . يعاني أفراد هذا الصنف عادة من مشكلة ما تضعف من ثقتهم بأنفسهم أو من (السلف استيم) وتكون هذه المشكلة إما ظاهرة كعيب في الشكل الخارجي من سمنة أو قصر أو حتى أنف كير بعض الشيء ، أو معاناة معنوية ظاهرة مثل الفقر أو حتى الغباء، أو عيب خفي لا يدركه سواهم ، مثل جرح حبيب لم يندمل . التصنيف الديني قبل وبعد الزواج كان المفضل لدى سديم ، وهو التصنيف الوحيد الذي منع فيه الاختلاط بين الجنسين فجاء على شقين ، شق بصف الرجل المتدين وأخر يصف المرأة المتدينة ، ولكل منهما تفرعات أساسية مشتركة هي : النوع الملتزم أو (المطوع) والنوع المعتدل أو (النص ونص) والنوع (الصايع أو المفتلت) ! لكن الاختلافات تأتي في التفاصيل الموضحة لكل نوع . بالنسبة للرجل ، تتلخص فئة المطاوعة في نوعين : الأول (صايع وتطوع) ، والثاني (خاف أن يصيع فتطوع) ، وكلا النوعين يخشى أن يصيع بعد الزواج ، ولذلك فإنهم عادة ما يتزوجون أكثر من زوجة واحدة ويفضلون أن تكون زوجاتهم على الدرجة نفسها من الالتزام الديني أو أكثر . أما فئة المعتدلين فلها نوعان : نوع ملتزم دينياً لكنه يختلف عن النوع الأول في لينه مع المرأة وعدم تدخله في شؤونها ، وفقد يتزوج هذا النوع من امرأة متحررة نسبياً ولا يجد غضاضة في ذلك إذا كان واثقاً من حبها ومتأكداً من أخلاقها ، أو أن يكون من النوع الثاني ، العلماني كما يسمونه . الرجل من هذا النوع يؤمن بأن الإسلام بني على خمس ، ولا أكثر من ذلك فيما يتعلق بالعبادات ، ولذلك فهو مواظب فقد على الصلاة المفروضة والصيام في شهر الصوم وبعد أن يحج يتملكه الشعور بأنه قد كفى ووفى . هذا النوع لا يرتبط سوى بفتاة تشبهه من ناحية التحرر الديني أو تفوقه تحرراً ، لا يرضى هذا النوع مثلاً بالاقتران بفتاة محجبة ويشترط في شريكة حياته أن تكون جميلة و (أوبن ما يندد) و(ستايل) حتى يفاخر بها أمام الآخرين ممن لهم نفس أفكاره . الرجل الصايع أو المفتلت يأتي على نوعين : إما أن يكون قد نشأ في بيئة متشددة دينياً وأخذبال(فلتان) دينياً وأخلاقياً ( أفضل هذا التعبير على تعبير الانحلال الذي أراه تعبيراً فظاً ) تدريجياً مع كل فرصة سانحة بعيداً عن سلطة هذه البيئة ، وهذا النوع قد يتصنع الانتماء للنوع الأول في حياته الظاهرة منعاً للإحراج الاجتماعي . رجل النوع الآخر يكون قد تربى منذ صغره في بيئة انفلات ديني لدرجة الإلحاد ، أو أخلاقي لدرجة تغييب شتى الروادع ، ومن شب على شيء شاب عليه . مشكلة هذا النوع من الرجال هي الشك المرضي ، فللأسف ونظراً لتجاربهم السابقة مع فئة البنات الصايعات – التي سيتم التطرق لها لاحقاً – فإنهم يؤمنون بأن كل فتاة صايعة حتى تثبت براءتها ، وهذا النوع بفتئتيه يحرص على الزواج من فتاة ليست لها أية تجارب سابقة لأنه يقيس الأمور على ضوء تجاربه السابقة ، أو يتزوج من فتاة لعوب تعرف كيف تلعب اللعبة بدهاء ، و (تلبسه السلطانية) . زوجات الرجال من هذا النوع مظلومات لأنهن يعرفن جيداً طبيعة أزواجهن الشكاكة ، وعليهن مراعاة ذلك والتصنع في كثير من الأحيان حتى لا تفسر تصرفاتهم على غير ما يعنين بها ، وهذا ما حدث مع سديم التي لم تكتشف حقيقة وليد إلا متأخرة وبعد أن ظن بها ظن السوء وأعرض عن الارتباط بها. تأتي الآن للتصنيف المقابل لما سبق لدى النساء ، فالمرأة (المطوعة) نوعان : نوع تربي بتلك الطريقة منذ الصغر ولم تتعرض لأي مؤثرات خارجية مضادة ، والمرأة من هذا النوع قد تكون محظوظة بالزواج ممن هو مثلها تماماً فيعيشان حياة هادئة ومستقرة طالما ظل كل منهما راضياً يما قسمه الله له ، أو أن تكون تعيسة الحظ فتتزوج من شخص أكثر تحرراً منها (مدردح) فتعجز عن إرضائه لفشلها في فهم احتياجاته التي لا تتماشى مع ما تربت عليه . النوع الثاني من المطوعات من عشن في بيئة من ذلك النوع لكن حلم الانطلاق والتحرر كان يراودهن دوماً . هذا النوع قريب من النوع الأول فالنساء من الصنف الأول هنّ المحصنات الغافلات أي اللاتي يستعففن لغفلتهن عن ما يدور(آوت ذير) ! أما النوع الثاني فهن يستعففن بإرادتهم أو بالأحرى تحت إرادة أهاليهن ورقابتهم . الفئة الثانية هي فئة النص ونص ، وهذه نوعان : نوع يأتي بحسب العرض والطلب مثل صديقتها قمرة على سبيل المثال والتي تغير حجابها مع تغير فصول السنة ، فإذا كانت الموضة في تلك الفترة حضور الحلقات الدينية مع ارتداء الحجاب خارج حدود المملكة فهن فهنّ مع الموضة أو (مع الخيل يا شقرا) ، وإذا كانت الموضة في تلك الفترة تحرراً من الحجاب في الخارج وانتشاراً في الأسواق في الداخل بالعباءات المخصرة التي تحدد معالم الجسم فهن مع ذلك أيضاً . ينبغي التنويه هنا أن الموضة تخضع لطلبات الأزواج أو الباحثين عن زوجات أو لطلبات الأمهات اللواتي ينقبن عن عرائس لأبنائهن في تلك الفترة. النوع الثاني من فئة المعتدلات تمثله المرأة المتدينة دون الحد الذي يسمح لها بالانضمام لفئة المطوعات وأعلى من الحد المسموح به في فئة المتحررات. النساء من تلك النوعية تردعن الأخلاق عن ارتكاب الأخطاء أكثر مما يفعله تدينهن تتميز المرأة من هذا النوع بشخصية قوية وصلبة وقد يتم إدراجها خطأً ضمن الفئة الثالثة لأنها لا تلتزم بجميع قوانين الفئة الأولى . المتحررة أو (المجربة) تمثل الفئة الثالثة من النساء ، وهي إما صايعة قبل الزواج أو بعده أو الاثنان معاً ، فالصايعة قبل الزواج عادة ما تصلح من حالها بعده وقد تتحول إلى امرأة ملتزمة جداً أو معتدلة الالتزام ، لكن ذلك متوقف على زوجها ، فهي إن تزوجت من شخص لا يناسبها فإنا تبقى ضمن فئة الصايعات حتى بعد زواجها ...أما الصايعة بعد الزواج فهي عادة ما تكون من إحدى الفئتين الأولى أو الثانية لكنها تصيع بعد زواجها بسبب عدم تأقلمها مع متطلبات زوجها المتحرر أو بسبب خيانة زوجها لها . تصنيفات معقدة كتبتها سديم نقلاً عن أم نوير وما زالت بعد كتابتها بأشهر تحاول استيعابها ، تتضح صحتها أكثر فأكثر مع مرور كل يوم تعيشه سديم في مدرسة الحياة التي استقت منها أم نوير معلوماتها . أم نوير التي مرت بعدد بسيط من التجارب (البريئة) في الكويت قبل زواجها ، وتجربة واحدة(غير بريئة) في السعودية بعد طلاقها ، لكن ذلك ليس موضوعاً الآن . ذكرتها سواليف أم نوير الخاثرة بسهراتها مع صديقاتها الثلاث في بيتها . ذكرتها بحلاوة الزلابية ونعومة الدرابيل التي كانت تقدمها لهن مع الشاي . طارت بها الذكريات إلى منزلها في الرياض . إلى الباب الحديدي وقضبانه المذهبة الأطراف الذي طالما وقفت خلفه بعد صلاة العشاء بانتظار قدوم وليد ، الأرجوحة القريبة من حمام السباحة والتي طالما سهرت عليها بين أحضانه ، غرفة الضيوف التي رأته فيها لأول مرة ، التلفاز الذي يتوسط الصالة التي تابعت معه فيها عدداً من الأفلام ، والغرفة التي شهدت ميلاد الحب ووفاته . هل مات فعلاً حبها لوليد ؟ قامت لتشغل المسجل . التقطت شريطاً من بين الأشرطة المتناثرة فوق أرضية الغرفة . وضعته في جهاز التسجيل قبل أن تعود إلى فراشها وتتكور فيه كجنين في بطن أمه ، وتستمع بحزن لعبد الحليم وهو يغني : من دمعة من حرقة ألم من صرخة جرح من قلب انظلم باعتب على اللي خان واعتب عليك يا زمان قربتني للجنة وخدتني للحب ولما جيت أتهنى ، جرحتني في القلب دمعت عيناها وهي تغمغم بكلمات الأغنية بصوت تخنقه العبرة . جاءت الأغنية التي تليها مؤلمة في كلماتها ولحنها وغناء العندليب الرقيق ، استمعت إليها بانكسار وهي تدغدغ الزغب الخفيف حول شفتيها بلحافها الناعم : عرفته قد ما عرفته ولا عرتوش وشفته قد ما شفته ولا فهمتوش كان بيقول لي باحبك أيوه












كان بيقول وأنا من لهفة قلبي صدقته على طول وما كنتش أعرف قبل النهارده إن العيون دي تعرف تخون بالشكل ده ولا كنت أصدق قبل النهارده إن الحنان يقدر يكون بالشكل ده لم تشعر سديم بانتهاء ذلك الوجه من الشريط إلا بعد إصدار المسجل لذلك الصوت المزعج الذي يدل على تغيير وجه الشريط . راحت تمسح دموعها التي أغرقت الوسادة ، وتسغي إلى صوت ميادة وهي تناجي حبيبها الظالم ، وليد القاسي . قول لي يا للي كنت أغلى الناس عليّا جبت قلب منين يطاوعك ع القسيّة ريحني قول لي حكايتك إيه جرحت قلب حبيبك ليه قسيت علينا ليه ليه غدرت بيا ليه ليه قسيت علينا .. غدرت بيا قول لي يا للي كنت أغلى الناس عليا جبت قلب منين ! مني منين جبت قلب منين يطاوعك ع القسية يا باكي ع اللي خان إبكي النهارده كمان وخلص الأحزان بدال ما تبكي سنين يا باكي ع اللي خان إبكي النهارده كمان بس إوعي دمعة تبان تفرّح الخاينين بكت سديم ، وبكت ، وبكت ، وحيدة في شقتها اللندية ، علها تخلص الأحزان ، بدال ما تبكي سنين ، وتفرّ الخاينين .










الحلقه الثانيه عشر

حياة (لا بأس بها)

حدثنا آدم قال :
حدثنا شعبة قال : حدثنا الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود قال :
سألت عائشة : ' ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ )
قالت : ' كان يكون في مهنة أهله – تعني خدمة أهله –
فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ' .
صحيح البخاري : 676

لم أتوقع صراحةً كل هذا التفاعل مع إيميلاتي المتواضعة !
لقد بدأ المشروع في ذهني منذ حوالي خمس سنوات ،
أي منذ بداية قصة صديقاتي كما أكتبها لكم الآن ،
لكنني لم أعمل على تحقيق الفكرة سوى مؤخراً ،
بعد أن لاحظت أن طاقة ذهني الاستيعابية قد استُنفذ جُلّها ،
وجاء الوقت الذي يجب أن أعصر فيه إسفنجة عقلي وقلبي بقوة
حتى أتمكن من استيعاب المزيد في حياتي لاحقاً . *

*********
لم تكن العلاقة الزوجية بين راشد وقمرة بالعلاقة السينمائية المثالية إلا أنها لم تكن تعيسة في نفس الوقت . كان راشد منصرفاً عنها إلى دراسة وتاركاً لها مسؤولية الاعتناء بالمنزل بعد أن لاحظ عدم حماسها للالتحاق بالجامعة ، وغرم صعوبة ذلك فلي البداية ، إلا أنها تعلمت تدريجياً كيفية الاعتماد على النفس وأصبحت تمتلك من الجرأة في سؤال المارة عن العناوين أو سؤال البائعين عن الأسعار ما لم تكن تمتلكه من قبل . كانت لقاءاتها وراشد معدودة ، إلا أنها كانت تحصل في المقابل على كل ما تحتاجه من نقود متى طلبت ، ودون أن تطلب في أغلب الأحيان . حتى احتياجاتها (الأخرى) ، كان يعطيها منها ما يكفيها بين الحين والآخر . لم تكن قمرة قادرة على المقارنة بين ما يعطيه إياها وبين ما يمنحه الرجال الآخرين لنسائهم ، لكن ما كانت تحصل عليه كان مرضياً بالنسبة لها . وحدها احتياجاتها النفسية لم يكن يلتفت إليها ، ومع ذلك فقد كانت تعتبر نفسها أوفر حظاً من كثير من قريناتها . اكتشفت طيبة راشد بعد معاشرتها له ، مع أن هذه الطيبة لم تكن تظهر بوضوح في تعامله معها ، لكنها لمستها في تعامله مع الآخرين ، أمه ، أخواته ، العامة في الشارع ، الأطفال ! كان راشد يتحول إلى طفل صغير أمام أي طفل يلتقيه ، يلاعبه ويداعبه برقة وحنان لا مثيل لهما . اقتنعت بأن راشد سيحبها مع الوقت ، فهو في بداية زواجهما كان جافاً معها ، لكنه مع مرور الأيام صار أكثر تقبلاً لها وأقل حدة معها ، رغم أنه ظل يثور عليها أحياناً لأسباب تراها تافهة ، لكن أليس جميع رجال نجد كذلك ؟ لا تظنه مختلفاً عن أبيها وإخوتها وعمومتها وخالها وأبنائهم . كان هذا هو طبعه ، وهذا ما كان يصبرها . إنما للصبر حدود وحد صبرها كان (كاري)! كان أكثر ما يغيظها في راشد عدم استشارته لها في أي من الأمور المتعلقة بالمنزل فحينما أراد تركيب جهاز استقبال للقنوات التلفزيونية ، اختار الباقة التي تضم قنواته المفضلة ، مع أنها لا تضم قناة إتش بي أو التي تعرض مسلسلها المفضل(سكس آند ذا سيتي) المسلسل الذي يتحدث عن العلاقة بين الرجال والنساء ، تتابعه قمرة بشغف وإن كانت لا تفهم من حوارات أبطاله إلا القليل . أغاظها تصرفه كثيراً خاصة عندما أظهر عدم اكتراثه بثورتها . كان كمن يقول أن لا شأن لها في تحديد أساسيات هذه الشقة ، وكأنها شقته وحده!. ظل يثيرها في أمور من هذا القبيل كل يوم ، ومع ذلك فالويل لها إن نسيت تجهيز ثيابه كل مساء ، وكيها قبل أن يستيقظ من نومه كل صباح ، ولا يحق لها أن تطالبه بمساعدة في ترتيب المنزل أو إعداد الطعام أو غسل الصحون ، مع أنه معتاد على معيشة العزوبية طوال سنوات دراسته بأمريكا ، أما هي فقد كان يحيط بها الخدم في منزلهم بالرياض ، يأتمرون بما تقوله لهم ويوفرون لها ما تطلب هي وإخوتها في لحظات . كان راشد يقضي وقتاً طويلاً في الجامعة ، وعندما كانت تسأله عن سبب تأخره اليومي كان يخبرها أن يجري بحوثاً على الإنترنت باستخدام أجهزة الكمبيوتر المتوفرة في مكتبة الجامعة . في الأشهر الأولى كانت قمرة تمضي وقتها أمام التلفاز أو في قراءة روايات عبير التي جلبتها معها من الرياض ، أو تعيد قراءة روايات بيار روفايل التي عرفتها سديم عليها وهما في المرحلة المتوسطة . كان لدى راشد في الشقة جهاز كمبيوتر لا يستخدمه ، سمح لها باستخدامه إن هي أرادت ذلك ، لكنه لم يكن متصلاً بشبكة الإنترنت . قضت قمرة أشهراً في التعليم على استخدام الكمبيوتر . كان راشد يساعدها أحياناً لكنها كانت تحاول الاعتماد على نفسها إلى حد كبير . كانت تلاحظ إقبال راشد وحرصه على تقديم المساعدة كلما لاحظ إصرارها على التعلم وحدها وعدم لجوئها إليه في كل صغيرة وكبيرة كما كانت تفعل في بداية زواجهما . هل يشعر الرجل بتهديد لسلطته عندما يرى بوادر تفوق المرأة ؟ هل يخاف الرجال من استقلالية نسائهم ؟ وهل يظنون أن استقلال المرأة وتحقيقها لذاتها هو اغتصاب غير مشروع لصفة القوامة التي أثبتها الله لهم ؟ اكتشفت قمرة قاعدة مهمة في التعامل مع الرجل ، وهي أن الرجل يجب أن يشعر بقوة المرأة واعتمادها على نفسها ، ويجب أن تفهم المرأة أن علاقتها بالرجل ينبغي ألا تقتصر على الحاجة ، حاجتها لنقوده ، ولقيامه بمسؤوليات المنزل ، وحاجتها لعنايته بها وبأطفالها ، وحاجتها قبل كل شيء للشعور بأهميتها في هذا الكون التي هي بحاجة – مع الأسف الشديد – لرجل حتى يُشعرها بها . بينما كانت قمرة تتصفح بعض الملفات التي تحتوي على صور لخلفيات الجهاز وقعت عيناها على ملف يحوي عدداً كبيراً من الصور لامرأة من شرق آسيا ، عرفت بعدها أنها من اليابان ، واسمها كاري . بدت كاري رغم ضآلة جسمها كغيرها من الشرق آسيويين ، في سن قريبة من سن راشد أو أكبر منه بقليل ، وكانت تظهر في بعض الصور إلى جانبه وهما مستلقيان باسترخاء فوق الكنبة في نفس الشقة التي تسكنها قمرة الآن معه ! لم تكن المسألة حينها بحاجة إلى تفسير . شكلت تلك الصور الحلقة المفقودة في سلسلة الفتور غير المبرر في علاقة راشد بها ! كان راشد على علاقة بهذه الفتاة قبل زواجه بقمرة وليس ببعيد أن يكون على علاقة بها حتى الآن! توالت الدلائل بعد ذلك تباعاً ، فعلاوة على سهراته اليومية مع كاري على الإنترنت أو الهاتف (وما أدراها ؟!) ، اعتاد راشد أن يقضي يومين من كل شهر خارج المنزل مع (أصدقائه) في رحلة برية . كانت ترحب بتلك الرحلات التي تفعل براشد فعل السحر فيعود لها منشكحاً وسعيداً ومبالغاً في إظهار مودته ، حتى أنها كانت تشعر بالامتنان نحو (أصدقائه) وتنتظر رحلة الشهر التالي بفارغ الصبر كشف تمكن من إخفاء علاقته بهذه المرأة لمدة تسعة شهور ؟ وكيف لم تتمكن قمرة من اكتشاف علاقة زوجها بامرأة أخرى ؟ لقد كانت الأشهر الأولى بعد زواجها به صعبة بحق ، إلا أنه تغير بعدها تدريجياً وصار زوجاً نجدياً تقليدياً أشبه بزوج أختها حصة ، فكيف استطاع أن يمثل عليها طوال هذه المدة ؟ هل كان يلتقي تلك المرأة باستمرار ؟ وهل تسكن معهم في نفس الولاية أم أنه كان يسافر إليها كل شهر ؟ هل يحبها ؟ هل ينام معها ويجبرها على تناول حبوب منع الحمل كما يفعل بزوجته ؟ لو أن أحداً أخبرني أن قمرة المستكينة سوف تفعل ما فعلته لما صدقته قبل أن أراها بعيني ، فالزوجة الصغيرة حملت السلاح وقررت أن تقاتل دفاعاً عن زواجها وتصارع من أجل بقائه . لم تخبر أحداً باكتشافها المؤلم سوى صديقتها سديم ، التي أخبرتها بأمر انفصالها عن خطيبها وليد بعد عقد القران . شعرت أن صديقتها الهاربة إلى المنفى اللندني هي الأقدر على تفهم مشاعرها في تلك الفترة ، رغم أنها لم تعرف سبب انفصال سديم عن وليد إلا بعد ذلك بسنة . حذرتها سديم خلال مكالماتهما اليومية من أن تخبر راشداً عن اكتشافها ، ونصحتها باتباع خطة الدفاع عوضاً عن الهجوم الذي لا تمتلك أسلحة كافية من أجله : - ما قدامك إلا أنك تقابلينها وتتفاهمين معها . - وش أقول لها ؟ ابعدي عن جوزي يا خطافة الرجالة !؟ - لا يا بنتي . تجلسين معها وتحاولين تعرفين منها طبيعة علاقتها بزوجك ومن متى هالعلاقة . ما تدرين ! يمكن حتى يكون مخبي عنها أنه متزوج ! . - أنا باموت واعرف وش لقى فيها ذي القردة أم عيون ممغطة؟! . - أهم من إنك تعرفين وش لقى في شكلها ، إنك تعرفين وش لقى في شخصيتها. ما يقولون اعرف خصمك ؟! هل أصابت قمرة عندما قررت أن تحارب من أجل الحفاظ على استقلال مملكتها ؟ أم أن الزواج الناجح في الأساس هو ما لا يحتاج إلى حروب لاستمراره ، وعلى ذلك فإن كل زواج يستدعي الحرب هو زواج محكوم عليه بالفشل مسبقاً ؟ عثرت على رقم هاتف كاري وعنوانها في مفكرة راشد . كان لها قزماً في اليابان (منه عرفت أنها يابانية) ورقماً في ولاية إنديانا القريبة التي درس فيها راشد الماجستير . اتصلت قمرة بكاري على الرقم الثاني وطلبت منها لقاءها بعد أن عرفتها بنفسها . ردت كاري بهدوء معلنة موافقتها وأخبرتها أنها مستعدة لزيارة شيكاغو لرؤيتها في أقرب فرصة! كان ذلك بعد اكتشاف قمرة للعلاقة المحرمة بين زوجها وتلك المرأة اليابانية بحوالي شهرين ، بذلت فيهما الكثير من المجهود حتى تسيطر على انفعالاتها المتضاربة وكي لا يشعر راشد بأي تغير من ناحيتها قبل موعد لقائها بعشيقته . انقطعت قمرة خلال هذه الشهرين عن تناول أقراص منع الحمل دون استشارة والدتها التي تعرف رأيها مسبقاً (مالك إلا عيالك يا بنيتي) العيال يربطون الرجال .. لم تكن قمرة تريد أن يكون الأطفال هم الرابط الوحيد أو بالأحرى المُجبر الوحيد لراشد للاستمرار معها ، لكنه هو من اضطرها لذلك ، ولذا فليتحمل مغبة أفعاله ! وليتحمل أبناؤهما مغبة أفعالهما كليهما !. الدوار والغثيان الصباحي مع الاستفراغ المزعج ، عوارض الحمل المعروفة والتي كانت قمرة تنتظرها بفارغ الصبر قبل أن تتصل بكاري . ذهبت إلى السوبرماركت الموجود في أسفل العمارة التي يسكنانها لتحصل على ما يؤكد لها شكوكها . لم تعرف وجهتها هذه المرة فلجأت لإحدى البائعات هناك وهي تشير إلى بطنها بيديها بشكل كروي : -آي... آي ... بريقنانت ! - أوه !! كونقرا جيوليشنز مام ! لم تحب قمرة يوماً اللغة الإنجليزية ولم تكن بارعة فيها كصديقاتها ، كانت تنجح كل عام بصعوبة وفي إحدى السنوات لم تنجح إلا في امتحان الدور الثاني بعد أن أشفقت عليها المعلمة ومنحتها من الدرجات أكثر مما تستحق . - نو... ! آي آي بريقنانت ... هاو ؟ وهي تبسط كفها الأيمن بإشارة : كيف ؟ - (والحية بادية على وجه البائعة السمراء) سوري ماي دير ، بت آي دونت قت وات يومين ! - (وهي تشير إلى نفسها بسبابتها مكررة) مي ... مي ... هاو بريقنانت؟؟ هاو بيبي ؟ هاو ؟؟؟ نادت البائعة اثنتين من زميلاتها البائعات وتبرعت إحدى المتسوقات العجائز للمشاركة في حل اللغز وفك طلاسم ما تقوله قمرة . بعد عشر دقائق من الشرح والإشارات حصلت قمرة أخيراً على ما تريد ، اختبار منزلي لكشف الحمل .


















الحلقه الثالثه عشر


:المواجهة بين اللي تسوى واللي ما تسوى

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت : ما ضرب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خادماً له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئاً .
سنن ابن ماجه : 2060

***********

بعد أن قضت ساعات طوال تحت يدي مصففة الشعر ، وبعد أن تزينت بمجوهراتها الثمينة التي لم ترتدها منذ مغادرتها الرياض ، اتجهت قمرة نحو الفندق الذي نزلت فيه كاري ، وهي تحذر وساوسها الثائر من أن يقنعها بخنق تلك الساقطة حال رؤيتها لها. كار- التي أرتني قمرة فيما بعد صورة للممثلة الصينية لوسي لو لتخبرني أنها نسخة منها – نزلت إلى بهو الفندق لتلتقي بقمرة التي قتلها الانتظار ، مدت لها يداً لم تلتقطها قمرة ، التي كانت ما تزال في صراع مع وسواسها الثائر . اتخد اللقاء منحى غير الذي رسمته سديم لصديقتها . كانت كاري هي التي تدير دفة الحوار ، تبدأ حديثها وتنهيه بثبات وثقة دون أن ترتبك أو تتلعثم في انجليزيتها كغريمتها. - أنا سعيدة بلقائك . لقد سمعت كلاماً كثيراً عنك من راشد . أظن أن رغبتك بملاقاتي هي تصرف حكيم من قبلك . - هذه المرأة الملعونة ! كيف تجرؤ ؟ - يسعدني طبعاً أن تريني حتى تكوّني فكرة عما يحبه زوجك . لقد عانى راشد الكثير ولا بد من أن تعملي على تحسين نفسك من الداخل والخارج حتى ترتقي للمستوى الذي يستهويه ، حتى ترتقي لمستواي ! كانت القطة قد أكلت لسان قمرة التي لم تتوقع هجوماً مثل هذا ! بعد أن سمعت لما قالته كاري انفجرت في وجهها صارخة : - شت أب ! يو بتش ! يو تيك ماي هزبند آند يو توك ؟!! الترجمة لغير الناطقين بالفنزويلية : جعلتس اللي ماني بقايلة ! بعد لتس عين تحتسين بعد ما خيتي رجلي ؟! يو مانز ثيف !! ( يا خطافة الرجالة بس بالإنجليزية ) قسم بالله آي ول كل يو! أنا أوريتس يا حيوانة !! ( والله لأخلص عليك ، وأظن الباقي واضح !). تتفجر كاري ضاحكة وتشعر قمرة بذاتها تنكمش وتتضاءل أمام عدوتها . بمنتهى الصفاقة ، اتصلت كاري براشد أمام عيني زوجته لتخبره أنها في شيكاغو وأنها آتية للقائه حيث يكون .
** لم تكن قمرة بحاجة لمن يخبرها كيف سيكون شكل راشد (الأسد) عندما يأتيها بعد أن تطلعه عشيقته على تفاصيل ما جرى بينها وبين زوجته ، ولذلك كانت قد أخرت لقاءها بالساقطة حتى تأكدت من حقيقة حملها . علمتها سوالف الحريم التي طالما سمعتها من أمها وقريباتها أن الحمل هو الطريقة الأضمن لاستمرار الحياة الزوجية ، أقول استمرارها ولا أقول نجاحها . دخل عليها بعد أقل من ساعة من لقائها بكاري ، وليته لم يدخل .. - قومي قدامي - وين ؟! - بتعتذرين لكاري عن اللي سويتيه فيها وعن الكلام الزبالة اللي قلتيه لها . مهوب أنا اللي تسوين معه هالحركات يا قمير ، فاهمة وإلا لأ ؟! إذا اهلتس ما عرفوا يربونتس أنا اللي باربيتس ! - أنت منت بصاحي ! والله لو تموت ما رحت !! كأنا أعتذر لهالفلبينية ؟! وعلى إيش !! مين فينا اللي لازم يعتذر للثاني !؟ أنا والآ انت وهي !!؟؟ - (ممسكاً بذراعها بعنف ) شوفي يا حرمة ! الجيّة بتجين والاعتذار بتعتذرين ، ومن بعدها بتركبين أول طيارة وتطسين على بيت أهلتس ولا عاد أبغي أشوف خشتس هنا مرة ثانية . موب أنا اللي واحدة مثلتس تمشي كلامها عليه ! - إيه هين !! أنا حرمة وهي الليدي اللي ما ترضى عليها كلمة!! وش معنى الشغالات اللي ترضى لهم يمشون كلامهم عليك؟!! أتتها الصفعة مدوية على خدها الأيمن ! - هالشغالة تسواتس وتسوى أهلتس بعد ، انتي فاهمة ؟!! على الأقل هاذي ما جا أبوها يتلصق بأبوي لين زوج بنته لولده وهو داري إن الولد يحب له واحدة بأمريكا وعايش معها له سبع سنين! هذي الشغالة حبتني ووقفت جنبي وسكنتني في بيتها يوم ما كان بجيبي قرش ، يوم ما أهلي رفضوا يزوجوني إياها وقطعوا عني المصروف ثلاث سنين ! هذي اللي ما هي عاجبتس ما ركضت وراي عشان الفلوس وحلال أهلي ! هذي اللي موب عاجبتس أصدق وأشرف منتس ومن أهلتس بستين ألف مرة ! توقف ذهن قمرة عن الاستيعاب بعد الصفعة المؤلمة ، كان كل ما قاله راشد بعدها من إهانات مجرد امتداد للصفعة التي لا تريد أن تنتهي ! دون أن تعي ما تقول وأن الوقت غير مناسب أبداً لتصريح مثل هذا (هل يجوز استخدام الأطفال كدروع بشرية وقت الحروب الزوجية ؟ ) قالت وسط دموعها وهي تتحسس موضع الصفعة بانكسار بإحدى يديها وبطنها باليد الأخرى : - أنا حامل . يخفت صوت قمرة تدريجياً مع تساعد الموقف ، ويرتفع صوت راشد الذي تحول إلى كتلة من غضب وصارت عيناه جمرتين حمراوين مشتعلتين : - وشو ؟! حامل ! انتي حامل !! كيف وشلون ؟!! من سمح لتس تحملين ؟؟ إنتي ما تاخذين حبوب ؟ إحنا ما اتفقنا على أنه ما في حمل إلى أن أخلص الدكتوراه ونرجع للسعودية ؟؟ انتي محسبة انتس تلوين ذراعي بهالحركات الوسخة؟!! - أنا اللي حركاتي وسخة ! أنا اللي أبغي أعلّق واحدة ما لها ذنب معي سنين وأخليها تشتغل عندي خدامة إلى أن آخذ شهاديت وأرميها بعدها مثل الكلبة؟؟ أنا اللي أتزوج بنت الناس وأثرثر من وراها مع اللي تسوى واللي ما تسوى ؟!!! تأتيها الصفعة الثانية فتسقط على الأرض وهي تولول بحرقة . غادر راشد الشقة إلى أحضان (اللي ما تسوى) تاركاً قمرة تسب وتلعن وتلطم خديها وتبصق عليه باستحقار وهي في حالة من الهستيريا أقرب للجنون!

**********

عادت قمرة إلى بيت أهلها في زيارة عادية . أمها التي كانت تعلم كل شيء آثرت إخفاء النبأ عن الجميع . (سحابة صيف) هكذا كانت تسمي شجار ابنتها مع راشد ووعده إياها بالطلاق ، حتى أبوها الذي كان في إجازة في المغرب آنذاك ، قررت ألا تخبره عما حدث . هو بالذات لم يهتم بأي من أفراد هذا البيت يوماً ولن يهتم . كانت أم قمرة العقل المدبر والمحرك لهذا البيت وستبقى كذلك . عندما زارتها النسوة مهنئات بالحمل كانت قمرة تردد ما لقنته إياها أمها :- - راشد يا عميري طول وقته بهالجامعة ، حتى الإجازة ما يرضى ياخذها . يوم دري إني حامل ويحلف إني أبشر أهلي وأنا وسطهم . كلها شهر وارجع له . أعرفه ما يطيق يصبر عني ! كانت أمها تقول : (كلش ولا الطرق وأنا امتس) ولو أخوك طلق حرمته بس حنا بناتنا ما يتطلقن ...). لم يمهلهما راشد التنبل طويلاً حتى تتمكن الأم من تدبير حل للمشكلة ، وكما حدث مع سديم ، أتت ورقة الطلاق إلى والد قمرة بعد وصولها للرياض بأسبوعين لتقطع على الأم سير خططها ، وكأن راشد كان بانتظار اللحظة التي يتخلص فيها من هذه الزوجة المفروضة عليه . وصلتها الورقة البعبع التي كانت تراها في الأفلام المصرية . لم تكن الورقة مفزعة لشكلها وإنما لمضمونها . عندما ناولها إياها أخوها ، قرأت قمرة السطور المكتوبة فتهاوت على أقرب مقعد وهي تصيح : (يمه طلقني!) يمه راشد طلقني خلاص طلقني ! احتضنتها والدتها وهي تبكي وتدعو على الظالم : (الله يحرق قلبك وقلب أميمتك) يا راشد مثل ما حرقت قلبي على بنيتي !. أختها حصة التي تزوجت قبلها بسنة وكانت حاملاً في شهرها الثامن في عرس قمرة كانت تدعو معهما ولكن على الرجال كافة ، فهي أيضاً تعاني منذ زواجها . زوجها خالد الذي كان في غاية الدماثة والرقة أثناء فترة الملكة ، تحول بعد الزواج إلى شخص آخر ، لا يعبأ بها ولا يلتفت لرغباتها . كانت تشكو لأمها دوماً من إهماله لها ، فهو لا يهتم إذا ما غضبت ولا يذهب بها إلى الطبيب إذا مرضت . أثناء حملها كانت تذهب مع والدتها لمتابعة تطور الحمل ، وكانت تذهب مع أختها الكبرى نفلة لشراء مستلزمات الطفلة بعد الولادة ، وأكثر ما كان يغيظها في خالد هو بخله المستفز وتقتيره غير المبرر عليها مع أنه ميسور الحال ولا يبخل بأي شيء على نفسه ، فهو مثلاً لا يعطيها مصروفاً شهرياً كما يفعل زوج أختها نفلة مع أختها ، وكذلك والدها مع والدتها ، وإنما كان يعطيها عندما تلح في الطلب حتى تشعر بالمهانة . كانت إذا ما طلبت منه ثلاثة آلاف ريال لشراء فستان ترتديه في عرس قريبتها ، تذرع بأي حجة كي لا يعطيها النقود ، ما في داعي للفستان ، عندك فساتين كثيرة ، أو أنا ما شريت لك فستان قبل ست شهور ؟ أو أنا فلوسي على قدي ، خذي من أبوك اللي كل يوم جايب لواحد من اخوانك سيارة جديدة ... ولا هم رموك علي وتبروا منك ؟! وغيرها من الأعذار المستفزة التي كانت تدفعها في أغلب الأحيان لصرف النظر عن أي مطلب تريده ، وفي تلك المرات القليلة التي يعطيها فيها نقوداً ، يعطيها خمسمائة بدلاً من الثلاثة آلاف التي طلبتها أو خمسين إن هي طلبت الخمسمائة منذ البداية حتى لا تعرض نفسها لإذلاله ، ولسبب تجهله ، كانت أمه العقربة كما تلقبها تساعده وتصفق له في تقتيره وتنكيده عليها ! عانت قمرة الكثير بعد طلاقها من راشد ، فعلى الرغم مما سمعته من سديم عن مرارة معاناتها بعد انفصالها عن وليد ، إلا أن كثيراً من المشاعر التي اجتاحت قمرة لم تختبرها سديم ، فالأخيرة لم تخنقها العبرة كل ليلة عندما يحل وقت النوم الذي صار أسوأ الأوقات من كل يوم . منذ عودتها إلى بيت أهلها وهي لا تستطيع النوم لأكثر من ثلاثة ساعات متواصلة ، تصحو بعدها في ضيق وبمزاج نكد ، وهي التي لم يكن يستعصى عليها أن تنام العشر والعشرين ساعة متواصلة قبل الزواج وحتى أثناءه . هل كان هذا هو الاستقرار العاطفي الذي كان الحديث الشاغل لرفيقاتها غير المتزوجات ؟ لم تلاحظ يوماً أهمية وجود راشد في حياتها حتى خرج منها . عندما تضطجع على جانبها الأيسر وركبتها اليسرى تكاد تلتصق بذقنها بينما ساقها اليمنى ممدودة ، فلا تجد قدمها قدم راشد إلى جانبها ، تتقلب كثيراً وتشعر بأن السرير يشتعل من تحتها ، أو أن خيوطه تتحول إلى إبر تنغرز في مسام جلدها. تبسمل وتحوقل وتقرأ المعوذتين وآية الكرسي وما تحفظه من أدعية ما قبل النوم ثم تحتضن وسادتها وتضطجع على بطنها فتغفو بعد لأي ورأسها عند زاوية الفراش اليمنى بينما قدماها عند الزاوية اليسرى . فقط عندما تضطجع بالورب على هذا النحو ، تستطيع أن تملأ جزءاً كبيراً من الفراغ الذي خلفه راشد في سريرها ، وجزءاً من ذلك الفراغ الذي خلفه في حياتها









.

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة roudy ; 23-02-07 الساعة 06:22 PM سبب آخر: وجود الاخطاء
عرض البوم صور roudy  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بنات الرياض, قصة بنات الرياض
facebook



جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:47 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية