لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-08-10, 07:42 PM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

البيانات
التسجيل: Apr 2009
العضوية: 141319
المشاركات: 11,659
الجنس أنثى
معدل التقييم: اماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 12376

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اماريج غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : احمد خشبة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثلاثون


إنقاذ تاكامي!


قفزت (ساكورا) من على مقعدها و أخذت تجري متجهة للخلف , فجرى ورائها الباقيين , محاولين أن يمسكوها , لكنها قد وصلت للباب الذي يفصل العربات عن بعضها , حاولت الصغيرة فتح الباب لكنه كان ثقيلا جدا , فوصل إليها (رانمارو) أولا و حملها و ضمها إلى صدره وقال لها في أذنها برقة و حنان :

-لا تخافي لقد عرفنا مكانها و سوف نعود إليها.
ظل الفضول يجتاح نفوس الراكبين لكن لم يجرأ واحد منهم على التحرك لسؤال هؤلاء الغرباء , ظل القطار متحركا في اتجاه مدينة ( سينداي ) , لم تمر ربع ساعة حتى توقف القطار في المدينة , فتحرك الأربعة بسرعة نحو المخرج , أمسكت (هارونا) بالصغيرة و حملتها , نظر (رانمارو ) إليهم , ثم بدأوا بالجري , كانوا يجرون على قضيب القطار متجهين نحو الجهة التي أتوا منها , لكن من المحطة كان هناك عين تتبعهم و ترقب حركاتهم , و على العكس , لم تستغرب تلك العينان هذه القفزات السريعة الطويلة مقارنة بالبشر العاديين.
-سوف نصل في غضون نصف ساعة , أتمنى أن تكون بخير.
قالها (رانمارو ) و هو يبتسم (لساكورا ) التي كانت تمسك في ملابس (هارونا ) بقوة , لقد كان يشبه ما فعلته عندما حملتها (تاكامي ) خارجة من منزلها دون أن تعرف السبب , ودت الصغيرة لو أنها سألتهم كيف يفعلون ذلك , لكنها كانت مهتمة بتثبيت نفسها على أن تشبع فضولها.
مرت حوالي نصف ساعة وهم يسيرون بمحاذاة شريط القطار سرعة كبيرة , في نفس الوقت كانت (هارونا ) تتفحص المنطقة التي تقع على يسارها , أما (ياكو) فكان يتفحص المنطقة التي على يمينه , أما (رانمارو) فكان يتفحص الطريق أمامه بين القضبان...
-وجدتها...!!
صرخ (ياكو) مشيرا لجسم أسود ملقى على جانب القضبان وهم يجرون بسرعتهم , فتوقفوا جميعا , و اتجهوا نحو (تاكامي) في حين أمسكت (هارونا ) جسد (ساكورا) لتمنعها من النزول عنها و الذهاب نحو (تاكامي) , فهي لازالت صغيرة , و لا تستطيع احتمال أي صدمة أخرى.
وصل ( رانمارو ) للجسد الملقى على الأرض , كانت نائمة على وجهها , فنزل (رانمارو ) ثاني ركبتيه , أمسك بجسدها و قام بجذبه ناحيته حتى انعدل وضعه , كانت مغطاة بتراب , و أوراق أشجار , و دماء , كانت الدماء تغطي أجزاء متفرقة من جسدها , لكنها كانت متركزة في ساقها اليسرى , كما يبدو وجود جرح ما في بطنها , وضع (رانمارو) اصبعيه السبابة و الوسطى على رقبة (تاكامي) فوجد نبضها ضعيف جدا , كان لون جسمها أصفر باهت , نظر (رانمارو ) تجاه (ياكو ) و (هارونا) ثم قال لهما :
-هل يمكن أن ننقلها إلى أي مستشفى ؟ هل يوجد ما يعالج هذه الأمور ؟!
نظرت (هارونا ) بأسف و قالت بحزن شديد :
-يبدو أننا قد جئنا متأخرين , لقد فقدت دما كثيرا , لا أعرف إن كانت ستصمد لدقائق قادمة , فكيف ستصمد حتى نصل إلى مستشفى ؟!
أطرق الجميع رأسه ناظرا نحو الأرض في صمت مطبق , كان (رانمارو ) يعلم أن ما تقوله صواب , لقد فقدت تلك الفتاة دماءا كثيرة حقا , صرخت (ساكورا ) في (هارونا ) , و استطاعت خلال لحظة الصمت هذه أن تفلت من يدها , فاتجهت مسرعة نحو جسد أختها , ثم قفزت لتحضنها بكلتا يديها الصغيرتين و هي تبكي , لم يدرك (رانمارو ) ما يفعله حقا , لكنه كان متأكد أنه لا أمل ...
-هل تسمح لي؟!
نظر الجميع تجاه مصدر الصوت , فوجدوا شابا لا يتعدى الخامسة والعشرين واقفا على بعد عشرة أمتار منهم , فقال له (ياكو) وهو يتجه إليه :
-لا شكرا , لا نحتاج لمساعدة .
لم يتحرك الشاب , لكنه بدلا من هذا قال :
-أوراهارا !
بعدها تحول , تحول من كونه بشري عادي , تحول ليصبح غير عادي , ظهرت الحلقة ذات اللون الأبيض حول رأسه , ذهل الجميع من هذا التحول المفاجئ , لقد قام (ياكو ) ليبعد هذا البشري المتطفل عن المكان , فإذا به يتحول ليصبح مثلهم , لم يقف الشاب في مكانه , لكنه تحرك نحو (ساكورا ) و رفع يده اليسرى الممسكة بالعصا ,وقال :
-كاي !
تحولت العصا لتغطي بمعطف أبيض شاهق لامع بخطوط بنية باهتة طولية تبدأ من القمة و تنتهي متجمعة عند نقطة في أسفل المعطف , نقطة أمامية تنتهي عندها جميع الخيوط الأماية , نقطتين جانبتين , و نقطة خلفية ينتهي عند كل منها الخيوط الخاصة بها, كانت رأس العصا يبرز منه شكل ملاك صغير , بجناحين صغيرين , كانت عصا غريبة الشكل تنم عن وحش أغرب , انتبهت (هارونا ) لخطر اقترابه , فوقفت في طريقه حائلا بينه و بين (تاكامي ) , فتوقف وهو يبتسم و قال لها :
-اعذريني , فلا يوجد وقت أقول فيه من أنا , فكل ثانية تضيع تقلل من فرصها للنجاة !
قالها و أشار بيده نحو (تاكامي ) , نظرت (هارونا ) تجاه (تاكامي ) ثم استدارت لتقول له :
-وما أدرانا أنك صديق و ليس عدو ؟!
نظر الشاب إليها و قال باسما :
-ألا ترين أنها ستموت ؟ ماذا سأستفيده إذا قتلت شخصا هو أصلا على حافة الموت ؟! صدقيني , أنا هنا لمصلحتها و مصلحتكم !
صمت الشاب , فنظرت (هارونا ) ل(ياكو ) ثم إلى (رانمارو ) فلم يتكلم منهما أحد , فأفسحت الطريق بتحركها يمينا قليلا , فتحرك الشاب متجها نحو (تاكامي ) , فقالت (هارونا) له عندما مر بجوارها :
-إذا حاولت الغدر بنا ...كاي !
صدرت ثلاث أصوات مختلفة ناطقين هذه العبارة , تلفت الشاب حوله , فوجد أن (رانمارو ) و أخيه قد نشطا عصويهما , في حين أن (هارونا ) قد نشطت قوتها , و امتد أظفر اصبعها الوسطي الأيمن للأمام متخذا لشكل عصا صغيرة مدببة , لم يتكلم , لكنه أكمل طريقه حتى وصل أمام (تاكامي ) وقال :
-لا تخافوا , فأنا لست بأحمق حتى أثير حنق المنبوذ !
قالها و هو ينظر تجاه (رانمارو ) الذي كان قد حمل ( ساكورا ) من على جسد أختها ليسمح لهذا الغريب بفعل ما يريده , حينها نظر (رانمارو ) نحوه و عيناه تطلق شرارا , كان يود لو أنه في ظروف أخرى لقام بتلقين هذا الوغد درسا , لكنه يحتاج إليه لينقذ (تاكامي ) كما يزعم , فلم يكن يصدقه (رانمارو ) في قوله أنه هنا لمصلحتهم...
- سوكاي جوكوزي كارادا !
قال تلك التعويذة وهو مغمض عينه كأنه يستجمع قواه الروحية , أضاءت طرف العصا بلون أبيض به لمحات من البنية بقليل , ثم امتد شعاع من هذا اللون من طرف العصا , فأحاط بجسد (تاكامي) الراقدة بلا حراك , ثم رفعها عن الأرض بضع سنتيمرات , بعدها أحاطت تلك الطاقة بالمشرفة على الموت , هنا فتح الغريب عينه , نظر (رانمارو) فيهما , فوجد أنهما قد تلونتا كاملتين بلون أبيض , هنا تدرج لون الطاقة من الأبيض نحو البني , في حين بدأت فيه بعض الجروح و الخدوش بالاختفاء سريعا , كان يبدو و كأنه يقوم بإعادة بناء الجسم كله , مرت فترة من الوقت تقارب النصف ساعة , لم يتحدث فيها أي شخص موجود بالمكان , لكن في المقابل كانت كل نفس بها كم هائل من الأسئلة لهذا الغريب , كان يبدو عليه أن الارهاق قد أصابه , لكنه كان يتحامل على نفسه , مرت دقيقتان بعد ذلك , بعدها أنزلت الطاقة الروحية (تاكامي ) للأرض بسلاسة , ثم اختفت الطاقة من حولها تدريجيا كما جاءت تدريجيا , أصبحت (تاكامي) الآن أكثر حيوية , اختفى لون الأزرق البشع من على شفتيها , و رجع لون جلدها لطبيعته بعد اصفراره بشدة , أما الجروح فكأنها لم تكن ...
-طاخ !
استيقظ الجميع من غفلتهم و انشغالهم بتعافي (تاكامي) بسقوط هذا الغريب على الأرض , كان يبدو أنه قد وصل إلى أقصى طاقته بالفعل, اندفع (رانمارو) تجاهه , ثم حمله بمساعدة أخيه حتى وضعوه جالسا بجانب أحد الكثبان الرملية الصغيرة بجانب القضبان الحديدية , نظر (رانمارو ) للغريب بعد وضعه على الأرض , ثم قال :
-يبدو أنه نائم الآن !
لم يعلق أحد بعد ذلك , مرت الفترة الباقية من النهار دون أدنى جديد , اعتنت (هارونا ) و (ساكورا ) ب(تاكامي) حتى نهاية اليوم , بعدها قبيل الغروب بدقائق قليلة فتحت عيناها , لكن جسدها لم يكن يقوى حتى على الكلام أو فتح عينيها أكثر من دقيقة , أما في المقابل , فاعتنى (رانمارو ) و (ياكو) بالغريب , لم تمر فترة بسيطة على استيقاظ (تاكامي) حتى استيقظ هذا الغريب أيضا , لكنه كان أفضل حالا بكثير منها , فلم تمر ساعة واحدة حتى استرجع قواه مرة أخرى , جلس معهم حول (تاكامي) في حلقة أشعلوا نارا في وسطها من حطب و خشب , و شجيرات اقتلعوها من الأرض الرملية هذه , جمعها (رانمارو ) و أخيه , جلسوا صامتين للحظات , لكن (رانمارو) افتتح الحوار في هذا الليل الطويل بقوله :
-أنا شاكر جدا لما فعلته لتاكامي , لكن هل تسمح لنا فلدينا العديد من الأسئلة لك !
قالها بصفة مباشرة أدهشت باقي الموجودين , لكنها لم تدهش الغريب , الذي نظر إلى النار المشتعلة وقال :
-أنا اسمي تابيتو , أحد أبناء عائلة شيوكازوكو النبيلة , قوتي الروحية كما رأيتم اليوم هي الشفاء , فأنا أستطيع شفاء الجروح , من الممكن أن تعتبروا فرع عائلتي من النوع الطبي في مجتمع البشر...
نظر حوله فوجد الجميع يركزون باهتمام , لكن انفجر (ياكو) متسائلا :
-لا يهمني من أي عائلة أنت , لكن ما يهمني حقا هو كيفية اخفائك لطاقتك الروحية ثم استعادتها مرة أخرى !
صرخت (هارونا ) وهي تنظر بحدة نحو (تابيتو) بعد متابعتها لكلام (ياكو) قائلة :
-نعم , كيف فعلت هذه ؟!
نظر (تابيتو) باستغراب واضح , و التفت نحو (رانمارو) ثم سأله بنبرة اندهاش :
-هل لم تخبرهم بهذه الطريقة؟!
لم يدر (رانمارو ) ما يقوله , فهو أيضا كان مندهش من هذه الخدعة , فكيف له أن يعرفها؟
-أنا لا أعلم عم تتحدث !
قالها (رانمارو) وهو يهز كتفيه ورأسه في دلالة على عدم معرفته , نظر ( تابيتو ) باستغراب ل(رانمارو) ثم نظر نحو الجميع , فوجدهم يحملقون فيه بقوة و أعينهم مثبتة عليه , ففهم أنهم لا يدركون حقا كيفية هذا الأمر...
-الأمر بسيط , أن الخدعة تكمن في سوما !
صمت الجميع غير مدركين ما يقوله , لكن مالبث أن ومضت نقطة وسط بحر ظلام دامس في عقل (رانمارو) , فقال بسرعة :
-سوما , نعم , لقد تذكرتها , إنها قطتي , ولكن ما دخلها بما حدث لك ؟!
نظر تجاه (تابيتو ) الذي تنهد و أرجع رأسه و ظهره للوراء متكئا على أحد الكثبان الرملية ليريح جسده المنهك وسط هذه الأرض الجرداء القاسية , ثم قال :
-انظر عزيزي الصغير , سوما هذه ليست سوى جيل كامل من نوع فريد من القطط , هذا النوع لديه القابلية على امتصاص الطاقة الروحية , ليس الأمر كذلك فقط , لكنه نوع يعيش أساسا على امتصاص الطاقة الروحية من الأشخاص , بشرط تعرض الشخص لتعويذة ما تضعف من قدرته على استخدام طاقته أو تحرمه منها !
قال كلمة ((أو تحرمه منها )) هذه وهو يغمض عينه اليسرى , و كأنه يشير لما حدث ل(رانمارو ) , صمت (رانمارو ) يفكر فيما قاله هذا الغريب للتو , لكنه قال له :
-لكن قطتي قد ماتت بفعل تعويذة الساحر الذي حاول قتلي !
صمت الغريب للحظة ثم قال :
-لا , هذه القطط لا تموت , كل ما يحدث أنها تطلق ما بداخلها من طاقة مخزونة , ثم تختفي لتظهر في مكان آخر منهكة ضعيفة , هل لاحظت شيئا غريبا غير عادي في معركتك مع هذا الساحر الذي قد أشرت إليه ؟!
أخذ (رانمارو) يعتصر ذهنه ليتذكر ما حدث بالتفصيل , مرت فترة تقارب الدقيقة يحاول فيها بقدر استطاعته تجميع شتات أفكاره عن هذه الحادثة ليجد الشيء الغريب فيها , و قد وجده ...
-نعم , لقد حدث شيء غريب , ففي اللحظة التي قتل فيها الساحر , كنت في وسط الهواء على ارتفاع طابقين عن الأرض , كنت موقنا من الموت , لكن , حينئذ ومضت قدمي بضوء أخضر غريب , مالبث أن عدّل وضعي المائل , و أنزلني برفق شديد إلى الأرض , لكنني بمجرد ملامستي للأرض اختفى هذا الضوء , ولم أكن أجد له أي تفسير.
نظر الجميع إليه وهو يتحدث , فقام (تابيتو ) من مكانه و اتجه نحو حقيبة (رانمارو ) التي بها ماء ليشرب منها وهو يقول بصوت عالي يدل على راحة صاحبه لإثبات وجهة نظره :
-أرأيتم ؟ لقد أعطت هذه القطة طاقتها المخزنة لرانمارو , فاستخدم جزء مها لاشعوريا عندما تعرضت حياته للخطر ...
قال الجزء الأخير ثم رشف بضع قطرات من الماء القليل الموجود بتلك الزجاجة البلاستيكية لإحدى شركات المياه المعدنية , ثم مسح فمه بكمه بحركة لاإرادية , أرجع بعدها الزجاجة في مكانها بالحقيبة ثم رجع لمكانه , و في أثناء ذلك صمتت (هارونا ) تفكر في نفسها :
((-إذن فقد كنت تلك القطة تتبع رانمارو في الأصل ؟! ربما , و ربما لا , لهذا السبب فقد رجعت لقوتها بعد مكوثها معي ليلة واحدة , لقد امتصت من قوتي ما شاءت حتى شبعت , يالهذه القطة الجشعة !))
قطع حبل أفكارها سؤال (ياكو) ل (تابيتو) :
-حسنا , لكن كيف إذن عرفت أننا سحرة ؟ ولماذا تبعتنا ؟!
جلس (تابيتو ) في مكانه , واسترخى كما في السابق , ثم نظر للصغيرة التي تحتضن جسد (تاكامي) , أشار إليها ثم قال :
-هذه الصغيرة هي السبب في معرفتي أنكم سحرة!
نظرالجميع تجاه (ساكورا) النائمة بعمق في حضن أختها , لم يفهم (ياكو) كيف أن تلك الصغيرة كانت سببا في كشفهم لهذا الغريب , فنظر له نظرة تساؤل , فأكمل :
-حسنا , لقد كنت على متن نفس القطار الذي كنتم فيه , كنت أتسريح قليلا , لم أكن نائما , لكني كنت قريبا منه , حتى سمعت تلك الصرخة , فانتبهت و كل حواسي معلقة خوفا من وجود هجوم محتمل علي , لكني فوجئت بتلك الصغيرة تصرخ وهي تشير في اتجاه الخارج , فنظرت غريزيا للخارج , لمحت امرأه تطير بفعل قوة اندفاع القطار , بعدها وجدت تلك الصغيرة قد غادرت مكانها و جرت نحو الباب , راقبتها , و راقبت كيفية لحاقكم بها , و ما قاله هذا الشاب ذي الشعيرات الرمادية لها , فأحسست بأن وراءكما سر , فانتظرت حتى وصولنا للمحطة , ثم نشطت قوتي خلسة , فوجدت فعلا أنكم لستم بأشخاص عاديين , كما اكتشفت هوية المنبوذ , فدفعني فضولي لمتابعتكما , فأزلت طاقتي مرة أخرى , ثم تابعتكم من بعيد , حتى وصلتم إلى هنا !
ظل الجميع صامت , فما قاله صحيح , فصرخة ( ساكورا ) قد نبهت كل من بالعربة إليهم , كانوا يعلمون هذا جيدا , لكنهم لم يضعوا في حسبانهم وجود من يستطع إخفاء طاقته بمثل هذا الشكل...
-حسنا , لكن لماذا لم تخف مني؟ أنت تعرف أنني المنبوذ , و أنني متهم بقتل والداي , فلم لم تخف مني؟
نظر (تابيتو ) له , ثم قال :
-هذا بسبب أنني لا أصدق هذه الكذبة السخيفة , فأنت لم تقتل أبواك !
صمت الجميع مندهشا مما قاله الغريب , فوجود شخص يثق في براءة (رانمارو ) كان بمثابة حلم جميل , لكنه تحقق في الواقع , فسرعان ما سأله (رانمارو ) :
-هل تعني حقا ما تقوله ؟
-نعم , أعني كل حرف منه !
-لكن لماذا أنت واثق من برائتي هكذا ؟!
تراجع (تابيتو) أكثر إلى الخلف , وشبك يديه خلف رأسه , و نظر للسماء اللامعة بنجومها , ثم قال :
-إذا رجعنا بالزمن خمسة عشر عاما قبيل حادثة تدمير قرية الريح البيضاء بعام واحد , كانت هناك إشاعات عن وجود حركة تدار في الخفاء لتدمير القرية , تلك التي كانت تعتبر شوكة في حلق أولئك الأشرار , لكن الغريب هذه المرة هو أن تلك الحركة استهدفت توحيد مجموعتي كارا و بوكاهاتسو , وذلك من أجل هدف واحد , القضاء تماما على شوكة هذه القرية , و جعلها عظة لمن لا يعتبر ...
تنهد (تابيتو ) من الحزن , ثم تابع :
-كانت هناك إشاعة قوية تسري عن وجود قائد لتلك الحركة , و هذا القائد يمتلك قوى كبيرة جدا , لكن لا أحد يعرفه , لم تكن قرية الريح البيضاء ضعيفة , أو لقمة مستساغة , فهي التي وقفت تصد الخطر عن البشر العاديين لمدة أكثر من خمسة قرون مضت , و هي القرية التي كانت تملك خيرة العائلات النبيلة , لقد كان فخرا لمن كان يتخرج من مدارس قتالها , يالها من أيام !
قالها و صمت , خُيل للجميع أن هناك دمعة تترقرق من عينه , لكنه تمالك نفسه ثم أكمل بسرعة حتى لا يعلق أحد :
-كانت القرية من القوة حدا تجعل أي هجوم عليها ضربا من المحال كي ينجح , لم تكن تلك الثقة من غرور , لكنها نابعة من قوة و ثقة بقدرات تلك القرية العظيمة , لكن للأسف بعد عام تم الهجوم على القرية , و فوجئ الجميع بخبر تدميرها بسبب خيانة عائلة يوشاهارو , أحد أعرق و أقوى عائلاتها , ومقتل قائدها و زوجته على يد ابنهما الرضيع , بل و محاكمة هذا الطفل بواسطة حاكم المنطقة , و إدانة هذا الرضيع , و نبذه , و عزله عن مجتمعنا , و تلقيبه بالمنبوذ , بالطبع لم يستسغ أحد هذا القرار الغريب , لكن ما حدث كان عظيما , و كانت صدمة قوية , للأسف بعد انهيار قرية الريح , لم يقف أمام الشر أي مخلوق بعدها خوفا من تدميره , و انحنى الجميع لرغبة الجماعتين السوداوتين ,كارا و بوكاهاتسو , لم يقف سوى الشجاع البطل جنتو , لكنه وحيدا , مهما كان فهو سيحمي الخير في منطقة واحدة , أما باقي العالم فسيكون في خطر ...!
نظر حوله , فوجد الجميع يطرق بحزن , أحس أن ما قاله كان سببا في تغيير الجو هنا , لكنه كان مخطئا...
((-هذا اللعين جنتو , لقد عايرني بضعفي وعدم مقدرتي على حماية نفسي , لكنه كان محقا , كيف لشخص يرغب في حماية أصدقاءه , حماية أحباءه , حماية الخير من الشر , اظهار برائته , كيف يمكنه وهو بهذا الضعف أن يحمي حتى ...نفسه؟!
-لكن هذا كان من شهرين , أما الآن فأنا شخص آخر
هذا ليس بعذر , لازلت أنا ضعيف كالعادة , أحتمي بمن هم حولي , لقد كان محقا , أمامي قرون عدة حتى أكون قادرا على حماية نفسي !!))
كانت هذه الأفكار تنساب في عقل (رانمارو) بقوة , أوقدت نارا بقلبه , كان يحب(جنتو) كثيرا , لكنه للأسف لا يستطيع إزاحة فكرة كونه السبب الرئيسي في هجر (ساكورا ) له , نظر (ياكو) و (هاونا) بحزن نحوه , على غرار (تابيتو ) لم يكونا حزينين مما ذكره من وقائع أليمة بقدر خوفهما على مشاعر (رانمارو) , فجأة تغيرت نظرة (رانمارو ) , تبدل الحزن الواضح في عينيه الدامعتين إلى إصرار , رفع راحة يده اليمنى , و حملق فيها لثواني , ثم قبضها بقوة , وكأنه قد اتخذ قرارا حاسما , رفع بصره نحو (تابيتو ) الذي كان مندهشا من تغير نفسيته بتلك السرعة وقال له :
-لهذا السبب , لهذا السبب قررت إعادة بناء قرية الريح البيضاء و رفع الراية التي كانت تحملها وسط عالمنا المظلم.
يتبـــــــــــــــــع....

 
 

 

عرض البوم صور اماريج   رد مع اقتباس
قديم 01-08-10, 07:43 PM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

البيانات
التسجيل: Apr 2009
العضوية: 141319
المشاركات: 11,659
الجنس أنثى
معدل التقييم: اماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 12376

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اماريج غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : احمد خشبة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الواحد و الثلاثين


معوقات..و..إصرار


-...ولهذا السبب سأعيد تكوين قرية الريح البيضاء ...!!!

قالها (رانمارو) بإصرار , اندهش (تابيتو )مما قاله , فنظر حوله للآخرين فوجدهما غير مندهشين مما قاله للتو , أما ( تاكامي ) فلم تكن في حال يسمح لها بالتفكير في أي شيء , فرجع لينظر نحو (رانمارو ) وقال له :
-هل تمزح معي؟ ألا تدرك مدى صعوبة تكوين قرية ؟ لا أدري لكن ما تقوله يشابه كلام ولعب صبية صغار !
كانت كلماته تلك بمثابة قنبلة انفجرت فخلفت وراءها سكون شديد , لم يتحدث أي من الثلاثة , فقد كان (رانمارو ) يعلم جيدا أن ما يقوله (تابيتو ) إنما هو نابعا من معرفة حقيقية لواقع عالمهم , وهذا ما كان يخافه بالضبط منذ اتخاذ قراره عندما قابل ( ياكو ) , فكان يخاف من أن يصطدم حلمه بحائط الواقع و يتهشم تحته دون أن يحقق شيئا , لكن راوده هنا سؤال مجنون , فلم يتردد وقال ل(تابيتو ) :
-صف لي عالمي تابيتو , فأنا كما تعلم كنت منبوذا لفترة كبيرة عنه ولم أعد إلا منذ شهرين فقط !
صمت (تابيتو ) للحظات , ثم عاد لجلسته الأولى ليستريح , و أرجع نظره للسماء بنجومها ثم قال :
-حسنا , هذا شيء جيد أنك تريد معرفة عالمك , لكنه شيء لا يمكن وصفه في ليلة واحدة , لكني سأحاول أن ألم لك معظم جوانب حياتنا حتى تعرف هل يمكن تحقيق حلمك أم لا...
صمت (تابيتو ) للحظات حتى ينتهي كل من المحيطين حوله من اتخاذ مكانهم , فكل منهم جلس بطريقة تجعله مستريح , ف( ياكو ) اتخذ من تل رملي صغير مثل (تابيتو ) ليجلس عليه ممدا رجله و ساندا بظهره عليه , أما (هارونا ) فقد قامت و اقتربت من النيران وجلست أمامها وتضع يديها أمام النيران للتدفئة , حيث كانت تشعر ببرد شديد هذا المساء , أما الأخير فاختار أن يبقى كما هو , فلهفته و شوقه لتعرفه على عالمه قد فاقتا أي حدود لعدم الراحة و الألم بالنسبة له ...
-حسنا , سأبدأ بشرح مبسط عن أنواع البشر في العالم , البشر أربعة أنواع , بشر عاديين , و هم الغالبية العظمى , ويتميزون بعدم وجود ميزة تميزهم , سوى قصر عمرهم وقلة حيلتهم وضعفهم أمام الأنواع الأخرى , و السحرة , مثلي و مثلك ومثل ياكو , أولئك هم الذين يستطيعون استخدام العصي السحرية في القتال و رمي التعاويذ , و مصاصي الدماء , و أولئك مثل هارونا مثلا , و هم الذين لا يستخدمون العصي السحرية لكنهم يستخدمون بدلا منه اظفر معين في اليد يطول قليلا ليصبح كعصا صغيرة , والنوع الأخير وهو الغامض جدا , و هم المستذئبون...
-كل الأنواع ما عدا البشر العاديين يتميزون بخصائص عديدة , لكنهم جميعا يتميزون بطول عمرهم , فمثلا أنا أبدو أمامك في العشرينيات رغم كون سني الحقيقي خمسة وثلاثين , فنحن عندما نتخطى سن الواحد و العشرين يتباطئ جسدنا عن النمو بسرعته العادية , فنظل محتفظين بشكل جسمنا الشبابي رغم تقدم السنين , وهذا بالطبع قانون يسري على باقي الأجناس الأخرى ...
-الأربعة أنواع من البشر عاشوا مع بعضهم البعض منذ بدء الخليقة , لكن تفاوتت درجات العلاقة بينهم , ففي البداية كانوا جميعا يعيشون في سلام , لكن سرعان ما اختلفوا , فنشبت حرب كبرى في زمن يقدر بالثلاثة آلاف عام قبل الميلاد , بالطبع نجح البيتويو في هزيمة الشومينتيكي بسهولة مما نتج عنه حكمنا لهم , و سيادتنا عليهم...
قطع (رانمارو ) حديثه بسؤاله :
-من هم البيتويو و الشومينتيكي ؟!
-أها , لقد نسيت أن أفهمك معناها , (البيتويو) هو اسم يطلق على جميع الأجناس بخلاف البشر العاديين , فهو يطلق على السحرة ومصاصي الدماء و المستذئبين , أما (الشومينتيكي) فهو اسم يطلق على البشر العاديين...
رد عليه (رانمارو ) :
-حسنا , لقد فهمت هذه النقطة ...
ابتسم (تابيتو ) للحظة ثم أكمل حكايته :
-بعد هذا الانتصار شبت الغيرة و الرغبة في اعتلاء كرسي السلطة الجميع , فنشبت حرب أخرى أكبر من سابقتها , نشبت بين جميع أجناس البيتويو , استمرت حوالي مائة عام , عند نهاية تلك الفترة استطاعت ثلاث ممالك السيطرة على حكم الأرض , لقبت هذه الممالك بالممالك الأسطورية , حيث أن عصرها كان عصر ازدهار لجنسنا و شعبنا , وهي بمثابة حلم كبير لأي شخص يرغب في السلطة بشدة ...
قاطعته (هارونا) وهي تفرك يديها بقوة أمام النار حتى تستطيع أن تدفئ نفسها أكثر :
-هل هذا يعني أننا قد حكمنا الأرض من قبل ؟!
-نعم , لقد حكمناها لفترة طويلة , قاربت على الألف و خمسائة عام !
نظر (ياكو ) بغرابة نحوه , فهذا الرقم كان مدة طويلة جدا , لابد وأن تلك الممالك فعلا تستحق لقبها , الممالك الأسطورية ...
-لكن ما هي تلك الممالك الأسطورية التي تقول عنها ؟
سأله (رانمارو) في محاولة منه لإرجاع دفة الحديث لما كانوا يتحدثون فيه , فنظر له (تابيتو ) و أجابه :
-كانت هذه الممالك هي :
-المملكة المصرية
-المملكة اليابانية
-المملكة الترانسلفانية
نظر له الجميع وأعينهم متسعة , لم يدركوا عندما تخيلوا هذه الممالك أنها ستكون دولية , كانوا يعتقدون أنها خاصة ببلدهم فقط , لكن هذا الأمر قد أدهشهم حقا , فقال (ياكو ) دون ادراك منه :
-كل هذه الممالك؟!!
ضحك (تابيتو) و هو يشبك يديه أمام ركبته اليمنى التي ثناها في وضع آخر للجلوس , ثم قال :
-نعم ياكو , كل هذه الممالك , لا تندهش , فما كنت أتحدث عنه منذ البداية هو العالم بأجمعه وليس عالمنا الصغير في اليابان !
صمت (ياكو) في حين استمر (تابيتو ) في ضحكه من دهشته الشديدة , لكنه لم يكن الوحيد الذي قد دهش لهذا الأمر , ف(هارونا) لم تدرك هذه الحقيقة رغم كونها تربت في بيت عائلي عريق , أما (رانمارو ) فقد بدأ يشعر بما قاله (تابيتو ) ردا على قراره بإعادة بناء قرية الريح البيضاء , فنظر له و قال له :
-هذا بالطبع شيئا لم أدركه أبدا , لقد ظننت أنه لا يوجد سوى في اليابان هذه الأنواع المختلفة من البشر , لكني أتمنى أن تتكلم عن هذه الممالك قليلا , أريد معرفتها أكثر و أكثر...
توقف (تابيتو ) عن الضحك , ثم ظل لحظات يقاوم رغبته في الضحك حتى أخمدها , بعدها تحدث :
-أولا عندما هدأت الحرب , و حطت أوزارها كاشفة عن هذه الممالك , خاف قاداتها من نشوب حرب أكبر فيما بينهم , لهذا عقدوا اجتماعا سريا مهما في منطقة مجهولة , و تم الاتفاق فيه على تحديد مناطق عازلة بين هذه الممالك , ولهذا امتدت منطقة عازلة من المحيط المتجمد الشمالي مرورا بوسط روسيا حتى تصل إلى شمال العراق , ثم تمتد منطقة أخرى من العراق نحو شبه الجزيرة الهندية انتهاءا في المحيط الهندي , وبهذه المناطق تعتبر المملكة اليابانية مسيطرة على معظم قارة آسيا , ونصف روسيا , أما المملكة الترانسلفانية فتحكم أوروبا كلها , و أخيرا المصرية تحكم أفريقيا و جزء من آسيا يشتمل على شبه الجزيرة العربية , تفصل المملكة المصرية عن الترانسلفانية البحر المتوسط , و كذلك المنطقة العازلة الخاصة بالعراق , أما المملكة الترانسلفانية فتنفصل عن اليابانية بالمنطقة العازلة الموجودة بروسيا , و أخيرا المملكة اليابانية عن المصرية بالمنطقة العازلة الممتدة حتى شبه الجزيرة الهندية ...
صمت ليجعل من يريد السؤال أن يقوله , ابتسم عندما قام (ياكو) بإلقاء سؤاله :
-ولكن كم تبلغ مساحة هذه المناطق العازلة ؟ هل هي مثل الحدود بين الدول حاليا ؟
-كلا , إن مساحتها عريضة جدا , فمثلا تشمل كل شمال دولة العراق , نصف شبه الجزيرة الهندية , و هكذا , الغرض منها ليس تحديد مناطق النفوذ الخاصة بكل دولة , لا , بل الغرض منها هو البعد بين نطاق هذه الدول حتى لا يتم الاصطدام ببعضها البعض و تنشب حرب أخرى ...
-هل تكون هذه المناطق بغير سحرة وغيره من الأجناس الأخرى ؟
هكذا سألته (هارونا ) , فنظر إليها أجاب بكل بساطة :
-لا , ليس شرطا , فهناك مناطق داخل الممالك لا يوجد بها أي شخص من البيتويو , بالطبع هناك أفراد داخل هذه المناطق المعزولة , لكنهم قليلين جدا , فمعظمهم قد هاجر إلى أي من الممالك الثلاث ليعيش هناك !
صمت (تابيتو) قليلا حتى يتركهم يفكرون , و من كان منهم يريد أن يسأل فيشجعه على ذلك , بعد برهة , قال له (رانمارو ) :
-لدي استفسار , لماذا ثلاث ممالك ؟! لماذا لم يتحدوا جميعا في مملكة واحدة ؟!
نظر له (تابيتو) و قال ردا على استفساره :
-سؤال جميل , قبل أن أجيب عليه لابد وأن أوضح طبيعة سياسة كل مملكة ...
بدا على الجميع التركيز أكثر , فتابع :
-مملكة مصر كانت سياستها أغلبها سحرية , و هذا نظرا لكون قادتها وغالبية من يقبع تحت حكمها من السحرة , أما الترانسلفانيين فسياستهم أغلبها تتبع فكر مصاصي الدماء , نظرا لكون ترانسلفانيا الموطن الأصلي لمصاصي الدماء , أما اليابانية فتتبع فكر خليط بين السحرة و مصاصي الدماء نظرا لتقارب أعداد كل منهم في المنطقة الواقعة تحت حكمها...
اندفع (ياكو) قائلا :
-هذا يعني أن مملكتنا اليابانية هي أفضل الممالك , أليس كذلك ؟!
نظر له (تابيتو) بحزن , فهو قد فهم ما كان يقوله خطأ , فأوضح قائلا :
-أنت لم تفهمني جيدا , هناك فرق بين سياسة دولة و بين الأجناس التي تعيش تحت حكمها , ليس معنى كون الدولة بها خليط من الجنسين تكن دولة متوازنة , أنا لا أتحدث هنا عن عدد الأجناس , أنا أتحدث عن سياسة دولة عظمى...
قال له(رانمارو) باقتضاب وحزن :
-سياسة كارا و بوكاهاتسو تقصد , أليس كذلك ؟!!
صمت (تابيتو) واكتفى بالابتسام , ففهم (رانمارو) أن تخمينه قد أصاب النقطة القاتلة , لكن الآخرين لم يستوعبا ذلك , فبادرته (هارونا ) بسؤالها :
-هل تشرح لنا ما علاقة هاتين المنظمتين بسياسة تلك الممالك ؟
نظر (ياكو) لأخيه نظرة تدعم طلب (هارونا ) , فلم يجد بدا سوى شرح هذه العلاقة :
-حسنا , أنتم تعرفون أن بوكاهاتسو ترمز لاستخدام البشر كعبيد , فهذه السياسة تنطبق أكثر على سياسة المملكة الترانسلفانية , فمعظمهم من مصاصي الدماء , أما كارا , فهي تشير للفراغ الذي يشغله البشر , فهي لابد و أن تكون خليط من السحرة ومصاصي الدماء , فالسحرة لا شأن لهم بالبشر , فهم لا يتدخلون في حياتنا الشخصية , لكنك قد أخبرتني من قبل يا أخي أن قريتنا قد تدمرت على يد كارا التي توجد في اليابان هنا , وبالتالي لابد من أن المملكة اليابانية هي التي تتبع سياسة تلك المنظمة , فلا يتبقى سوى المصرية , تلك المكونة من السحرة في الغالب , فهم كما نعرف جميعا لهم تاريخ كبير , كان الكهنة و السحرة يلعبون دورا كبيرا فيه , فهذه المملكة قامت على رعاية البشر العاديين , و إن لم أكن مخظئا فسياستها تقوم على حماية الضعيف , أليس كذلك تابيتو ؟!
نظروا نحو (تابيتو ) الذي سارع مدعما قول (رانمارو ) :
-نعم هذا حقيقي , لكني أريد توضيح نقطة ما , فسياسة تلك الممالك لم تكن بتلك الوضوح , فالقاعدة العامة في حياتنا هي حماية البشر العاديين وليس مهاجمتهم , طبقت مملكة مصر هذه القاعدة بحذافيرها , أما الممالك الأخرى فلم تعر لتطبيقها اهتمام مثل مصر , و لذلك بدأ تيار الفكر ينجرف لتبرز معالم هذه المنظمتين في تلك المملكتين , لكنها لم تكن بمثل هذه القوة كما في عصرنا هذا ...
كانت دهشتهما عارمة تفوق كل الحدود , فمجرد تصور أن دولتك ومملكتك كانت في يوم ما داعمة لمثل هذه الحركات الهدامة لشيء صعب , تسائل (ياكو ) :
-هذا وقد عرفنا سياسة هذه الممالك , هل لا تزال هذه الممالك موجودة ؟!
نظر له (تابيتو) بدهشة ثم رد قائلا :
-ألم أقل في البداية أن هذه الممالك لم تستمر أكثر من ألف و خمسائة عام؟! ركز قليلا معي هنا , بالطبع هذه الممالك بدأت قوية جدا ثم بدأت في الانحدار , بعدما كنا نحقق الانجازات أصبح شغلنا الشاغل هو الصراع و النزاع , شيئا فشيئا توارت هذه الممالك لينساها الزمن كما نسي غيرها , لكن بقى منها شيئان , المناطق العازلة , و الأفكار التي نبع عنها بعد ذلك منظمتي كارا و بوكاهاتسو...
نظر إليهم جميعا , كانت حالتهم تشير إلى محاولتهم لهضم كل هذا التاريخ , كان يشفق عليهم , فهم يحاولون استيعاب تاريخهم القديم , نعم هو لم يخبرهم بالتفاصيل , لكنه أخبرهم بالخطوط العريضة للموضوع , و هذا يكفي , قطع حبل أفكاره تساؤل (رانمارو) :
-هذا جيد , لكن ما علاقة هذا بعدم استطاعتي تكوين قريتي من جديد ؟!
زفر (تابيتو ) بضيق قليلا ينم عن وصوله لمرحلة صعبة في كتم ما بداخله , فهو ليس بأستاذ تاريخ كي يعلمهم كل شيء , لكنه سرعان ما تمالك غضبه البسيط و قال :
-هذه علاقة غير مباشرة , انظر...
قالها و قام من مكانه و التقط غصن شجرة صغير , ثم جلس في مكان يتوسطهم جميعا , و أخذ يحرك الغصن في الأرض راسما مستطيل ثم قال :
-فلنفرض أن هذا المستطيل هو أحد الممالك التي تحدثنا عنها ...
نظر الجميع نحو المستطيل المرسوم , فأمسك (تابيتو ) بالغصن و أخذ يحركه مرة أخرى مقسما هذا المستطيل طوليا إلى ثلاث أقسام و عرضيا إلى خمسة أقسام , ثم تراجع للوراء معتدلا في جلسته و نظر لهم و قال :
-حسنا , فلنعتبر أن هذه هي المناطق التي تخضع للسيطرة , كانت كل مملكة تقوم بتعيين فردا يتبعها قائدا عاما على كل منطقة , كل فرد منهم كان قويا جدا , كانت مهمته هو تنفيذ أوامر المملكة , و الدفاع عن الموجودين تحت قيادته من أي مخاطر...
-مثل محافظ الولاية ؟!
سأله ( ياكو ) فنظر له و قال :
-نعم , نفس النظرية تقريبا , ظلت تلك الطريقة متبعة حتى بعد سقوط الممالك , و لازالت متبعة إلى وقتنا هذا ...
-كيف تكون متبعة إلى اليوم و لا توجد أي مملكة باقية الآن ؟!!
تسائلت (هارونا ) , فرد عليها بسرعة :
-سؤال جيد , المتبع فيها هو التقليد لكن التنفيذ مختلف , بمعنى أنه لكل منطقة معينة قائد , لكن هذا القائد يتم اختياره من سكان المنطقة , و يكون أقوى فرد فيهم , بالطبع هذا يتم عن طريق منافسة , لكنه اتباعا لتقليد الممالك الأسطورية القديمة.
-مناطق , هل تعني بها القرى ؟!
تسائل (ياكو ) , فرد عليه (تابيتو ) قائلا :
-لا ليس كذلك , فالمناطق أقصد بها المناطق الجغرافية , ففي اليابان تسعة مناطق رئيسية فقط , هم: طوكيو , ناجويا , أوساكا , كيتاكيوشو , سينداي التي نحن بها , أكيتا , سابورو , كوبيه , فيوكوكا , أما بكل منطقة فيختلف عدد ما يتبعها من مناطق فرعية , فطوكيو مثلا نظرا لكونها العاصمة فتتبعها تسعة مناطق فرعية , و هكذا ...
-هل يعني هذا أن لكل منطقة رئيسية أم فرعية قائد ؟!
تسائل (ياكو) , فقال له (تابيتو) بسرعة :
-لكل منطقة فرعية قائد يتم اختياره من سكان المنطقة , ولكل منطقة رئيسية قائد يتم اختياره من رؤساء المناطق الفرعية , و يكون رؤساء جميع المناطق الفرعية مع القائد مجلس حكماء المنطقة , و هو المسئول عن حماية المنطقة و الدفاع عن مصالحها , كما أنه مخصص لقبول تكوين قرية داخل المنطقة أم لا !!
هنا كسر (رانمارو) حاجز صمته إبان الفترة الماضية باستفساره :
-هل هذا يعني أنه كي أقوم بتكوين قرية جديدة لابد لي من أخذ موافقة هذا المجلس؟!
نظر له (تابيتو) , في قرارة نفسه بدأ يشعر أن هذا الفتى قد استشعر صعوبة هذا الطريق , و أنه بدأ يفهم حقيقة الواقع , فهو ليس كالأحلام , ما نريده يتحقق , بل هو طرق وعرة , غابات موحشة , فما يريده حقا ليس شيئا هينا هو الآخر , فرد عليه بقوله :
-ليس هذا فقط , إن بداية نشأة القرى تلك تعود للفترة التي تسبق سقوط تلك الممالك , فقبيل نهاية حكمها نشأت ما يسمى دويلات صغيرة داخل كل مملكة , كانت كل منها عبارة عن تجمع لأقوى العائلات في منطقة معينة , هذا كان لمصالح شخصية بحتة , و لا علاقة لها بمصلحة المملكة , هذا بالطبع أضعف من قدرة الممالك على الصمود , هذا إضافة إلى ضعف شخصية الحكام , و سهولة التأثير عليهم , و اتجاه معظمهم للهو و اللعب , كل هذا أدى في النهاية لإسقاط هذه الممالك و إختفاءها , لكن بعد ذلك لم تختفِ تلك الدويلات , بل ظلت في أماكنها تمارس أنواع من الإبتزاز و التهديد لمن حولها من مناطق , فما كان من حكامها سوى بدء تكوين قرى أخرى , وعمل اتحادات فيما بينهم حتى تم اسقاط معظم هذه الدويلات , و ما تبقى منها قد أنهكته الحروب مع من حوله , فتم عقد معاهدات سلام بين الدويلات و القرى نتج عنه إنتهاء معظم الحروب , و إختفاء معظم القرى نظرا لعدم الحاجة إليها , لكن في فترات مختلفة في التاريخ ظهرت بعض القرى , و اختفى الآخر , و اختلفت وجهات النظر إليها حتى وصلنا إلى العصر الحديث , فالآن يرى الجميع أن القرى ما هي إلا استبدال لسلطة مجلس الحكماء , و لهذا فمجلس الحكماء في أي مكان لن يقبل بوجود قرية داخل نطاق حكمه إلا...
نطق الكلمة الأخيرة و جال ببصره نحو الجميع , توقفت (هارونا ) عن فرك يديها أمام النيران منتبهة بكل حواسها لما يقوله , أما (ياكو) فقد مال للأمام في جلسته وكأنه يدقق النظر به , (ساكورا ) نائمة في حضن أختها المتعبة جدا , يتبقى (رانمارو ) الذي يحملق فيه دون أن يحول نظره عنه , بعد جولته القصيرة بين أعين مستمعيه تابع :
-لن يقبل بوجود قرية إلا إذا أثبت لحاكمها أن المنطقة تحتاج لوجودها...
سكت , فهو يريدهم أن يقفزوا للاستنتاج , نظر ل(رانمارو) الذي كان يفكر لبرهة ثم نطق :
-هل تعني أنه كي أنشأ قريتي مرة أخرى لابد لي من توضيح أن المنطقة في حاجة إليها , كيف لي بهذا ؟!
لم يجبه (تابيتو) , كان يبدو أنه حزين لأنه لم يقفز للاستنتاج , لكنه تدارك موقفه ورد قائلا:
-ما هي فائدة مجلس الحكماء للقرية؟
-حماية أهلها و رعاية أمورهم , لماذا تسأل ؟!
أجابته (هارونا) بسرعة , و لكن قبل أن يرد (تابيتو) قال (رانمارو) بصوت منخفض قليلا و كأنه يخاطب نفسه:
-هل تعني أن الفائدة من وجود القرية هي أنها ستحمي المنطقة وترعى شئونها أكثر مما يقوم به المجلس؟!
أشار (تابيتو) بأصبع السبابة اليمنى نحو (رانمارو) وهو مطبق على باقي صوابعه في راحة يده و هو يقول بصوت مرتفع قليلا:
-بالضبط , تلك هي الطريقة الوحيدة , لابد من أن تظهر عجز المجلس عن حماية وخدمة أعضاء المنطقة ...
-ولكن كيف؟!
تسائل (ياكو) بدهشة , فتحول نظر (تابيتو) بسرعة إليه وكأنه قائد أوركسترا , حيث أشار بيده أيضا له و رد بسرعة و بصوته العالي :
-سؤال جيد , هذه هي المعضلة الأولى هنا عزيزي , كيف؟! , إنها سهلة الحل , كل ما علينا هو أن نثبت لسكان المنطقة أننا أقوى منهم ...
-هل تعني أننا سنحارب مجلس الحكماء ؟!
تسائلت (هارونا) فالتفت لها (تابيتو) بسرعته و أشار إليها أيضا بحركة مسرحية سريعة قائلا لها :
-ليس بالضبط عزيزتي , لكن ستكون هناك معركة بين قائدهم و قائدكم , أي...
-ستكون بيني و بين قائد المنطقة ورئيس مجلس الحكماء , أليس كذلك ؟!!
التفت (تابيتو) ل(رانمارو) مرة أخرى , لكن هذه المرة لم يشر إليه كما فعل , بل فرد يديه الإثنتين أمامه وكأنه يقدم شخصا ما على خشبة المسرح للجمهور و قال له :
-بلى , سوف تتحدى قائد المنطقة و رئيس مجلس الحكماء للقتال , فإذا غلبته فأنت يحق لك تكوين قريتك في أي مكان يقع تحت حكم هذا المجلس , أما إذا فشلت فهذا يعني شيئا واحدا...الموت !
اتسعت عينا (ياكو) و (هارونا) من الفزع و الدهشة , فعقوبة التحدي للفاشل الموت , إنها عقوبة قاسية ...
-إنها عقوبة قاسية , لكن لا بديل أمامي , هذه هي العقبة الأولى , فما هي العقبة الثانية تابيتو ؟
نظر (تابيتو) إليه , هذا حقا فتى قوي , إنه لم يتأثر بعقوبة الموت هذه , يبدو أنه مصمم على التحدي و تأسيس قريته فعلا , هكذا فكر (تابيتو) , ثم قال ردا على (رانمارو) :
-العقبة الثانية تتعلق بالشروط التي يجب توفرها في أي قرية حتى يتم تكوينها...
-ما هي تلك الشروط ؟ ألا تكفي الشروط التي يجب اتباعها لاتخاذ الموافقة؟!
قالتها (هارونا) بانفعال الفتيات , لكن (تابيتو) نظر إليها وقال لها :
-أنتي تؤسسين دولة مصغرة , هل تريدين تكوينها في غمضة عين ؟ إن الأمر ليس بمثل تلك السهولة عزيزتي!
صمتت و احمرت وجنتها في هذا الصقيع قليلا من الخجل من موقفها , سرعان ما أخرجها ( ياكو) منه بسؤاله:
-قل لنا ما هي تلك الشروط حتى نضعها في حساباتنا .
-حسن , سأقولها لكم ...!
قالها و هو يعود ليستريح على تلك الرمال بظهره مرة أخرى , صمت الباقي منتبها له في حديثه منتظرين سماع ما هي شروط تكوين القرية.

يتبـــــــــــــــــع.............

 
 

 

عرض البوم صور اماريج   رد مع اقتباس
قديم 01-08-10, 07:44 PM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

البيانات
التسجيل: Apr 2009
العضوية: 141319
المشاركات: 11,659
الجنس أنثى
معدل التقييم: اماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 12376

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اماريج غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : احمد خشبة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثاني و الثلاثون


هذه هي القواعد , تلك هي أصول اللعبة , فهل ستلعب ؟!


جلس (تابيتو) معتدلا بعد أن استراح في جلسته ثم قال :

-العقبة الثانية التي أمامكم هي متطلبات القرية , فقبل أن يتم التحدي بين قائد القرية و قائد المنطقة , يجب أن يتأكد مجلس الحكماء من استيفاء القرية لجميع الشروط الخاصة بها , و إذا لم تكن قد استوفت هذه الشروط فيتم رفض الطلب للأبد نظرا لعدم جدية صاحب الموضوع بشأنه...
قاطعه (ياكو) بقوله :
-ماذا هي تلك الشروط إذن ؟!
-الشروط تشمل الأيجو , كويو , تانشينفونو , شي يو , هذا غير نظام تعليمي محدد , و بالطبع الموافقة على حماية هذه المنطقة حتى بدماء قائدها و أعضاءها...
تسائلت (هارونا ) :
-ما هذه الأيجو , كويو , تانشينفونو , شي يو , أنا لا أعرف ما تلك ؟
نظر لها (تابيتو) و رد عليها بقوله :
-هذه هي أسماء لأصول العائلات السحرية , ف (الأيجو) تشير إلى جميع العائلات التي تتخصص في تعاويذ الدفاع و الدروع الحامية , أما (كويو ) فتشير إلى العائلات التي تستطيع إدخال الساحر أو مصاص الدماء في عالم الترقي , (تانشينفونو) ترمز لجميع العائلات التي يستطيع أعضاؤها تحويل الطاقة الروحية من شخص لآخر و التحكم في كميتها من تضخيم أو تقليل , و أخيرا (شو يو ) ترمز لجميع العائلات التي تستخدم طاقتها في الرعاية الصحية , مثلي , فعائلتي (شيوكازوكو) تتبع هذا الأصل الكبير...
بدا الاندهاش على وجه الجميع , و بخاصة (رانمارو ) الذي لم يكن يتوقع أن تكون الشروط كبيرة لهذه الدرجة , فقال وسط اندهاشه :
-وهل هذه العائلات يمكن ايجادها بسهولة ؟!!
نظر (تابيتو) له و أجاب محملقا فيه بدهشة :
-كلا بالطبع , و إلا كانت كل مجموعة قد كونت قرية خاصة بها , هذه العائلات لا توجد بكثرة , فهي من الندرة بحيث يصعب إيجادها بحق , ولهذا فعملية تكوين قرية عملية صعبة , إن لم تكن مستحيلة في حالة مثل حالتكم...
تسمر (رانمارو ) في مكانه , فهو كان يدرك أن (تابيتو) محق في كل كلمة قالها , لو كان الأمر كذلك , فهي ليست مجرد رغبة تجتاح الفرد فيقوم بها مهما كانت من عواقب , بل هي تداخلات بين أشخاص عدة , كما أنها ليست باليسر الذي توقعه , فهو , و إلى الآن , لم يجد نفسه أمام حائط لا يمكن تحريكه مثل هذا , لكن...
((-هل ستستسلم لهذه الأوهام رانمارو ؟!))
صدر هذا الصوت بعقله , فاهتز جسده من الرهبة , لم يكن مستعدا لسماع صوت وحشه و بخاصة في حالته تلك...
((-هل ستترك أحلامك و آمالك تضيع هباءا ؟!
-كن واقعيا أيها الوحش , لا تجرفك الآمال و الطموحات عن وضعي البائس , فأنا أقف في مكاني بمفردي , و أمامي عشرات الطرق يجب اجتيازها في وقت واحد , و بنجاح في جميعها , و إذا فشلت في إحداها فسوف أفشل في الجميع , لا تنجرف ور...
-اخرس أيها الضعيف , أنت لست برانمارو الذي أعرفه , ألهذه الدرجة أثرت في نفسك هزيمتك السابقة ؟ كلا أيها الأبله , فنحن نضعف لكي نقوى , نهزم لكي نفوز , نسقط كي نقف مرة ثانية ...
-ولكن...
-لا تعتذر بأشياء هي في الأصل أوهام , رانمارو الذي أعرفه لا يهمه شيء في طريقه مادام سيصل إلى هدفه...
-لكن كل هذه الصعاب , كل هذه المستحيلات , لا أستطيع...
-من قال لك أنها صعاب؟ من قال لك أنها مستحيلات ؟! هل جربت ولو لمرة واحدة حتى تقول رأيك ؟ هل حاولت و فشلت ؟ كيف تصدر حكما على شيئا لم تجربه حتى ؟!!
جرب رانمارو
حاول رانمارو
وإذا وقعت
قف و استمر في المحاولة
فأنت لا تقف وحيدا
فأنت معك أصدقاءك
ومعك وحشك
ومعك ثقتك بنفسك
فلا تدع شيئا يقف بطريقك...))
اختفى الصوت تدرجيا حتى تلاشى تماما , أفاق بعدها (رانمارو) ليجد الجميع ينظر إليه , كان يجلس على الأرض , الجميع حوله , الجميع قلق عليه , ابتسم رغم غزارة عرقه الذي ملأ جسده في ثواني , ابتسم أمامهم فاندهشوا جميعا , لكنه لم يبالِ باندهاشهم , فبداخل نفسه , فبداخل قلبه , كانت هناك ابتسامة أشد اتساعا , ابتسامة شخص واثق من نفسه...
-لقد قررت أن أخوض المعركة من أجل تكوين قريتي !
قالها بتصميم و إرادة , لم يعلق أحد ممن حوله لثانيتين , وكأنهم يحاولون ابتلاع ما قاله داخل عقولهم أولا , لكن بعد هذه الثانيتين , اندفعوا جميعا وفي وقت واحد يتكلمون , فلم يفهم منهم شيئا , وضع يديه على أذنيه حتى يقلل من حدة صوتهم , لم يمض على تلك الحال سوى جزء من الثانية , توقفوا جميعا كما بدأوا , في لحظة واحدة , ناظرين إلى بعضهم البعض , لقد أدركوا أنهم تحدثوا في وقت واحد الآن , بعد لحظة الصمت هذه انفجرت موجة من الضحك , اشتملت على الجميع , بعد الهدوء الذي تلا هذه الموجة قال (رانمارو ) للجميع :
-هل يمكن أن يتكلم فرد فرد منكم ؟ فلنبدأ بياكو , ماذا كنت تريد قوله يا ياكو ؟!
نظر (ياكو ) إليه , ثم قال بوجه صارم قليلا :
-أعرف أنك ترغب في الثأر من الذي قتل والداك , كما أدرك أنك عاقل تماما , ألم ترَ أن المشكلة لعمل قرية تتجاوز كل إمكانياتنا ؟!
نظر له (رانمارو) ثم قال وهو يبتسم :
-نعم , لقد فكرت في هذا الأمر عقلانيا , ووجدت استحالة أن أنجح بهذا , لكن ما دخل العقل فيما فعلناه حتى الآن ؟! ألم نقم بأشياء لو عقلناها لوجدناها مستحيلة ؟! لكننا قد فعلناها بنجاح , فما رأيك ؟!
نظر له الجميع بحذر , فما كان يقوله كان يبدو منطقيا لحد بعيد, فهم في خلال فترة وجيزة قد أنجزوا أشياء عدة صعبة و مستحيلة إذا كانوا قد فكروا فيها بعقلانية , لكن الأمر هنا يكاد كون مختلفا , فقالت (هارونا ) :
-حتى وإن قررنا أن نقوم بهذه الرحلة الخطرة , فمن أين نحصل على هذه العائلات ؟!
ابتسم هنا أكثر (رانمارو) و أجاب :
-هذا ليس بشيء صعب جدا , لو فكرتي في الموضوع فنحن لدينا الآن واحد من هذه العائلات !
قالها و أشار بسبابته اليسرى نحو (تابيتو) الذي اتسعت عيناه فجأة و قال باندهاش واضح :
-ومن قال لك أنني سأقبل أن أنضم لكم في هذه المخاطرة ؟!
ظل (رانمارو) مبتسما وقال له :
-أنت معنا عزيزي منذ اللحظة التي قررت فيها أن تسير وراءنا , فأنا أظن أنك تحاول الهرب من شيء ما خلفك , شيء يحاول العثور عليك , و إلا فبم تفسر إخفاءك لطاقتك الروحية ؟!
نظر الجميع له وكأنه متهم , ظلت عيناه متسعة من الدهشة , لم يدر بم يجاوبه , لم يجد كلمات يستطيع بها الدفاع عن نفسه , نظر حوله كسجين يبحث له عن مهرب , لكن سرعان ما أخذته كلمات (رانمارو) من وسط هذا الموقف بقوله :
-لا تنزعج عزيزي , فلست الوحيد الذي يحاول الهرب هنا من شيء وراءه , أنا أهرب من حكم صدر علي دون أدنى عدل , و هارونا تهرب من اللورد , و ياكو يهرب من واقعه المرير , فلا تظن أن هذا الموقف أنت وحدك فيه , لست كذلك عزيزي !
طمأنته تلك الكلمات الحنونة من (رانمارو ) , نظر للجميع نظرة شك و كأنه يعقل ما قيل له , ثم تسائل وهو يدير سبابته اليمنى في شكل دائري :
-إذا كنتم جميعا تهربون , فلم تحاولون الإعلان عن أنفسكم بهذا الشكل ؟! أنتم بهذا كأنكم تقولون لأعدائكم: نحن هنا , تعالوا و اقبضوا علينا !!
رد عليه (ياكو) دون تفكير قائلا :
-ذلك لسبب بسيط , أننا وجدنا أن الهروب لا يغير من وضعنا على الإطلاق , كل ما يفعله هو تأجيل القبض علينا مع وضعنا في مواقف أسوأ مما كنا فيها , و لهذا قررنا أن أفضل وسيلة للنجاة من هذا كله هو المواجهة , نواجه مخاوفنا , نواجه صعابنا , نواجه تحدياتنا , و بهذا فقط نستطيع أن نتخلص مما يلحق بنا !
هنا لم تكن اتساع عيناه دهشة من كلام (ياكو) , بل كانت دهشته من نفسه , كيف لم يفكر بهذا الحل البسيط أبدا ؟! لماذا لم يحاول و لو لمرة واحدة أن يواجه من يطارده ؟!
-حسنا , أنا معكم في هذه الرحلة المجنونة , سأنضم لكم في رحلتكم لتأسيس قرية الريح البيضاء , بل و سأساعدكم فيها أيضا.
ابتسم الجميع , و نظروا مرة ثانية نحو (رانمارو) الذي كان لا يزال يجلس في مكانه , ثم اتسعت ابتسامته وهو يقول :
-لقد حجزنا مقعد الطبيب , يتبقى ثلاث مقاعد يجب حجزها حتى نحضر حفل افتتاح القرية !!
يتبـــــــــــــع....

 
 

 

عرض البوم صور اماريج   رد مع اقتباس
قديم 01-08-10, 07:46 PM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

البيانات
التسجيل: Apr 2009
العضوية: 141319
المشاركات: 11,659
الجنس أنثى
معدل التقييم: اماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 12376

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اماريج غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : احمد خشبة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثالث و الثلاثون


ناجومي و هيكارو


تعالى صوت عواء ذئب يشق سكون الليل , تبخر عوائه بين أشجار هذه الغابة الضخمة , كانت الحيوانات و الطيور قد تكيفت مع هذه الأجواء القارصة البرودة , لكن هناك وسط هذه الغابة كان شيء غريب , ثلاثة أشخاص لا ينتمون لعالم الغابة قد ظهروا من العدم , صاحب ظهورهم صوت فرقعة خفيفة , طارت مجموعة من الطيور كانت قد اتخذت من هذه الشجرة التي ظهر عندها الأشخاص منزلا لها , أيضا كان هناك سنجابين صغيرين يجريان بقدر استطاعتهما خوفا من هؤلاء الغرباء , نظر رجل يقارب الأربعينيات من عمره حوله , و أخرج بخارا كثيفا من فمه عند تنفسه ينم عن ضيقه لاختيار هذا المكان النائي بثلوج روسيا , سرعان ما حول سخطه الداخلي إلى حروف خرجت من فمه بحشرجة خفيفة تنم عن أنه لم يعتد هذا الطقس بعد :

-ألم يكن مكان اجتماعنا العادي أفضل حالا مما نحن فيه ؟!
رمقه الاثنان الباقيان بنظرة سخرية , ثم قالت فتاة صغيرة :
-هل تخاف الثلوج عزيزي؟!
قالتها بنبرة سخرية واضحة , فرمقها الرجل نظرة نارية ثم صمت , لم يصمت خوفا منها , أو من تأثير هذا الصقيع , لكنه سمع وقع أقدام خلفه , فالتفت لينظر خلفه كما فعل الآخران , فوجد رجلا يمشي بتثاقل و وقور , يمسك عصاة يتكز عليها , و يلف جسمه كله بمعطف أسود , ووجهه مخفي بقناع أسود لا يبرز منه سوى ضوء بسيط من عينيه , صمت الجميع حتى وصل الغريب إليهم , ثم قال :
-أعتذر لك عزيزي بتاح عن تغيير مكان اللقاء , لكنه كان أمرا لابد منه مع التطورات التي قد حدثت في معسكرنا الياباني , ولهذا وجب علينا تغيير مكان الاجتماع ...
-وهل سيظل التغيير هكذا في كل مرة ؟!
تسائل الرجل الثالث الواقف معهم , نظر إليه الغريب و قال له :
-نعم , في كل مرة سنختار مكانا غير الذي كنا فيه من قبل , لا نريد لأحد أن يتصنت علينا.
رمق (بتاح) الفتاة , كانت لا تتعدى الخامسة عشر من عمرها , لكنه كان يعرف أن عمرها يفوق عدة قرون , فهي تعتبر اليد العليا ل(بوكاهاتسو) في اليابان ...
-قل لي يا بتاح , هل حدث أي شيء غريب عن العادة في المملكة المصرية ؟
التفت له (بتاح) بعدما أفاقه هذا التساؤل مما كان فيه من سرحان قصير , فرد سريعا :
-كلا يا سيدي , لم يحدث أي تغيير على الإطلاق , و الخطة تسير كما هو مخطط لها !
رد عليه الغريب قائلا :
-حسنا , فلتذهب من هنا , فمهمتك قد انتهت .
انحنى (بتاح) وهو يقول واضعا ساعده الأيمن أمام صدره :
-سمعا و طاعة للعظيم دراكيولا الأسود !
قالها و رفع جسده ليعتدل , بعدها صدر صوت فرقعة خفيفة مثلما حدث سابقا , أضاء جسده بلون أسود , ثم اختفى في لحظة , لم يقف الغريب عنده , فاستدار لينظر للرجل الآخر و قال له:
-هل وجدت أي صعوبة في تنفيذ الخطة في مملكتنا جون ؟!
اعتدل (جون) لينظر لقائده باحترام و قال في لهجة بها لمحة عسكرية خفيفة :
-كلا سيدي , لم يحدث أي تدخل ممن يسمون أنفسهم دعاة الحب و السلام !
رد عليه الغريب :
-حسنا , انتهت مهمتك أنت أيضا !
انحنى أيضا (جون) مثلما فعل (بتاح) ثم اختفى بنفس الطريقة , لم يتبق سوى الفتاة , التفت إليها الغريب و قبل أن يتكلم نطقت هي قائلة :
-لقد عمدت أن تبعدهما عما تريد أن نتناقش فيه , هل يخيفك هذا الغريب لهذه الدرجة ؟!
لم يبد أي انفعال على وجه الزعيم , لكنه إذا كن قد أزال الوشاح هذا الذي يخفي معظم وجهه لكان قد وضح تأثير الدهشة على وجهه , فهي قد استطاعت قراءة ما بداخله , صمت قليلا , ثم رد قائلا :
-نعم , فما سنتحدث فيه سويا لا أريده أن ينتشر بين أعضاء منظمتي , و إلا قد يتسبب ذلك في العديد من الخسائر لي , الآن ماذا حصلتي من معلومات عن هذا الطفل رانمارو ؟!
رفعت سبابتها اليمنى وكأنها تشير نحو شيء ما على تلك الشجرة الشامخة العظيمة , فجأة ابتدأ أظفرها في الطول حتى بلغ طوله حوالي نصف متر , بعدها قالت ببساطة :
-كاي!
أضاء الأظفر كاملا بلون أزرق وهاج , تلا ذلك قولها بنفس البساطة :
-ميبا أومويد كونبو !
أضاء طرف أظفرها بلون أزرق خفيف , ثم ابعث منه ضوء ليسقط على الشجرة , فصارت و كأنها آلة عرض سينمائي , ظهر على جزع الشجرة صورة (رانمارو) , صورته وهو صغير , صورته وهو يلعب بالكرة , صورته وهو بالمدرسة , وبعض من صوره المختلفة , وسط هذا العرض كانت الفتاة تقول :
-هذا هو رانمارو , الطول مائة و خمسين سنتيمترا , الوزن لا يتعدى الخمسة و أربعين كيلو جراما , لون الشعر بني , لكن مقدمة رأسه تحتوي على بعض خصيلات من شعر رمادي , و هذا ليس موجود في صوره , حتى شهرين ماضيين كان ولدا عاديا , يتميز بتفوقه الدراسي , لم يشتكِ منه أي فرد من المدرسة , و على الرغم من ذلك فهو لم يكن محبوبا , كان الجميع يرون في شخصيته الغامضة شيئا مريبا , كما أنه كان متفوقا جدا , و لا يباريه أحد في الذكاء , لكن أهم ميزاته العزلة , عدم حب المساعدة , الصمت الدائم , لم يكن له أي صديق, أما جده فقد كان يكرهه , لكن منذ شهرين , تغير كل شيء فجأة...
توقفت آلة العرض عند شاشة سوداء , بعدها قالت :
-أوراهارا !
توقف اللون الأزرق من أظفرها , ثم بعدها بلحظة أخذ الأظفر يصغر و يصغر حتى عاد طبيعيا كما كان , التفتت لدراكيولا الأسود و قالت له مكملة :
-بعد هذه الفترة , و تحديدا منذ شهرين و خمسة أيام , اختفى رانمارو فجأة و بدون أي مقدمات , زعم جده أنه وجد صباحا غرفته مقلوبة رأسا على عقب , هذا غير احتراق الفراش و الباب , واختفاء رانمارو بكامل متعلقاته و كذلك قطته , و كانت تسمى هذه القطة سوما !
استرعى اسم القطة انتباه الملثم , الذي لم يظهر سوى وميض عينيه , بعدها تابعت الفتاة :
-خلال تلك الفترة لم ينجح أحد في التقاط صورة له , لكن تناثرت بعض الإشاعات عن ارتباطه بمقتل ابن اللورد ماكيتو , ذاك الفتى المسمى هيكاشي , كما أن هناك إشاعة قوية تقول أنه كان له ضلع في حادثة باكوشو , و البعض قد أشار إليه على أنه سيكون خليفة لجنتو , بالطبع هناك الكثير من الأقاويل , لكن لا يوجد شيء مؤكد حتى الآن ...
صمتت محدقة في رئيسها الملثم , الذي أخذ يسير نحو الشجرة ثم يعود إليها , وهكذا لثلاث دورات , بعدها تحدث وهو يسير :
-لكن لا أحد يعرف أين يوجد رانمارو هذا حتى الآن , أليس كذلك ؟
ردت الفتاة :
-بلى سيدي , لا أحد يعرف مكانه , ولا من معه !
قال الملثم :
-ولكن ما الذي جعل رانمارو يتحول من حياته العادية و يظهر في عالمنا ؟!
ردت الفتاة وهي تتابع سير رئيسها :
-سمعت سيدي أن فردا من جماعة كارا قد حاول أن يقتله , لكنه بطريقة ما تغلب على هذا الشخص , ثم بدأ حياته في عالمنا !
توقف الملثم عن السير في طريقه بعدما سمع رد الفتاة , نظر إليها وقال بنبرة شك :
-كارا قد حاولت قتله ؟! لماذا تحاول كارا قتل فرد لا يمت لعالمنا بصلة ؟! ثم كيف تم إنقاذ هذا الفتى وهو لم يتعلم السحر بعد ؟!
صمتت الفتاة , فهي لم تكن تملك في عقلها أي أجوبة لهذه الاستفسارات , استكمل الزعيم مسيرته وهو يفكر , ظل صامتا لبرهة ثم تسائل فجأة ناظرا إليها :
-هل عرفتي أية معلومات عن هذا الغريب الذي يدعي نفسه زعيما على جميع الأجناس؟
ارتعشت الفتاة فجأة وكأنها قد أفاقت من حلم ما , ثم ردت بسرعة :
-كلا , فما عرفناه قد قلته لك قبل ذلك , فهو باستثناء التجمع الأخير , لم يبدُ له أي نشاط في عالمنا , فهو مثل الشبح , لا يظهر إلا في الوقت الذي يريده , لكنني قد وصلتني معلومة تؤكد أنه المسئول الأساسي عن تدمير قرية الريح البيضاء , بل ربما كان هو مدبر العملية...
-كان هو مدبر العملية... بم كان رد الثلجية على قوله عندما زعم هذا ؟!
نظرت الفتاة لزعيمها في اندهاش, فهي قد قالت له على تفاصيل الاجتماع , لكنه لازال يتسائل عنه , و كأنه لم يعرف تفاصيله , فقالت :
-كما قلت لك سابقا سيدي !
رمقها الزعيم بنظرة صارمة ارتعد لها جسدها , لكنه حرك بعدها عينه في اتجاه الأفق , و قال :
-لابد من وجود سر خفي , لابد من معرفة هذا الغريب جيدا !
-لكن يا سيدي لا أحد يعرف حتى مخبأه , فكيف لنا من معرفة تفاصيل عنه ؟!
صمت الزعيم , صمت ولكن كان على فمه ابتسامة لم يظهر منها سوى صوتها الذي تردد في سكون الليل مرة أخرى , تردد كصوت عواء الذئب السابق , نظرت الفتاة له باندهاش كبير , لكنه قال بعد انتهاء ضحكته الوحشية :
-لقد وجدت نقطة يمكن من خلالها أن نخترق دفاعاته , بل ونسقطه إذا كان هشا من الداخل...
نظرت الفتاة نظرة تساؤل , لكنه رد عليها بسرعة قائلا :
-سأخبرك عن خطتي في الوقت المناسب , فأنتي , لا , بل أي فرد من جماعتي موجود بالمملكة اليابانية لابد وألا يعرف هذه الخطة تحسبا لأي ظرف طارئ , فهذه هي الثغرة الوحيدة التي قد تركها لنا هذا الغامض لنكشف غموضه !
صمتت الفتاة , فهي لم تكن تريد أن تجادل في شيء هي متأكدة أنها لن تعرفه , لكن جال تساؤل في رأسها فسارعت بالبوح به قائلة :
-هل قررت سيدي مكان مقرنا الجديد بعد تدمير جنتو للقديم ؟!
نظر لها سيدها وقال :
-نعم , ستذهبي إلى كوريا الجنوبية , فهناك في سول سوف تقابلين رجلا يدعى (زاكي) , قائد قريته قد توفي منذ بضعة أيام , و مكان القرية مناسب و قريب من اليابان , و كذلك مناسب لخطتي القادمة , ولهذا يجب عليكي أن تستقري هناك .
انحنت وهي تضع ساعدها الأيمن أمام صدرها وهي تقول :
-حسنا قولك يا سيدي , سأنفذ ما تريده مني أيها الدراكيولا الأسود !
قالتها ثم قامت معتدلة تنظر إليه في تساؤل , لكنه أشار لها بالتحرك , فغادرت بنفس الطريقة التي غادر بها السابقان , نظر الأسود نحو الأفق مر أخرى وبدأت صورته في الاختفاء تدريجيا حتى اختفى تماما , بعدها بلحظات عاد سرب الطيور إلى مكانه , كما أخذ السنجابين يتحسسان طريقهما بحذر شديد للعودة لشجرتهما الشامخة , و عاد كل شيء في هذه المنطقة العازلة كما كان وكأنه لم يكن هناك غرباء منذ قليل هنا .

**********************

-كلا , ليس كذلك , بل لدينا الآن ثلاثة من هؤلاء الأشخاص !
صدر هذا الصوت الواهن فجأة من خلف الجميع , التفت الكل ليحملق في هذه الضعيفة التي لا تقوى حتى لرفع جفنيها عن عينها , فبدت وكأنها تمتم وهي نائمة , لكنها قالت مؤكدة :
-أنتم أخطأتم العد , معكم الآن ثلاثة و ليس واحدا فقط !
-وأين هما هذان الإثنان الآخران ؟!
تسائل (تابيتو) في سخرية كما لو أن هذه الفتاة تهذو , صمتت قليلا ثم قالت :
-ياكو يستطيع أن يؤكد كلامي , ألم نكن أربعة حين غادرنا القرية ياكو ؟!
هنا تحول نظر الجميع نحو (ياكو) الذي كانت دهشته على آخرها , لم يكن يتخيل أنه سيجد ضالته في البحث عن ذويه بمثل هذه السرعة , لكن (تاكامي) سرعان ما أفاقته من حلمه الجميل بقولها :
-لا تسعد كثيرا , فلقد تفرقنا أيضا بعدما تركناك !
قالت هذه الأخيرة بنبرة حزينة , هنا تحول (ياكو) لموقف الحزين بشدة , حزين في بداية الموقف لأنه شعر بخيبة أمل في أنه لم يجدهم كما تخيل بضربة حظ واحدة , لكنه سرعان ما أدرك سر حزنها , فالاثنان الباقيان كانا :
-الأيجو و التانشينفونو !
قالها (ياكو) وهو سارح النظر أمامه يحملق في اللا شيء , لقد تذكرهما , نظر إليه الجميع باستغراب , تسائلت (هارونا) :
-من هما اللذان تتحدثان عنهما ؟!
-هاتان هما فتاتان كانتا قد غادرتا القرية معي و مع تاكامي , اسمهما ناجومي و هيكارو !
-ناجومي و هيكارو ؟!
تسائل (رانمارو) باندهاش, فعندما تحدث (ياكو) عن ماضيه لم يتذكر حتى أساميهما , و ها هو الآن يتذكر أي عائلة كانتا يتبعان ...
-هل لي أن أسأك عما حدث لكي ؟ ومن أنتي ؟!
تسائل (رانمارو) وهو ينظر تجاه (تاكامي) , فردت قائلة بضعف شديد :
-سأشرح كل شيء لكم , لكن ليس الآن فأنا أكاد أتكلم بصعوبة بالغة !
-حسنا , لا تجهدي نفسك , لكن هل يمكنك أن تقولي لنا أين يمكننا أن نجدهما ؟!
تسائل (ياكو) بصوت عطوف للغاية و رقيق , ولسبب ما احمرت وجنتا (هارونا) قليلا , لكن لم يلاحظ أحد ذلك , فأجابت (تاكامي) :
-حسنا , آخر مكان قد رأيتهما فيه كان في مدينة (سوبارو) بجزيرة (هوكايدو )
-وكم تحديدا كانت هذه الفترة التي لم ترينهما فيها ؟!
هكذا تحدث (رانمارو) وهو يتجه إليها , صمتت قليلا حتى وصل إليها ثم جلس على الأرض ثانيا رجليه حتى يكون قريبا منها و تسائل مرة ثانية :
-كم تحديدا كانت هذه المدة تاكامي ؟!
كانت نبرة صوته أعلى قليلا , لكن في داخلها كانت كمن يستجوبها , احمر وجهها , و ظهر العرق غزيرا , وبدت و كأنها تدخل في أزمة ما , سارع (تابيتو) في التحرك لها لكنه توقف عندما قالت بصعوبة وهي تنهج بشدة :
-فترة تقارب السبعة أعوام !
بالطبع كان جوابها كافيا , نظر (رانمارو) خلفه وهو جالس لينظر إلى (ياكو) فوجد الأخير يحملق في الأرض و يتمتم :
-سبعة أعوام بمفرديهما , ماذا حل بكما في هذه الفترة ؟!

يتبـــــــــــــــــــع............

 
 

 

عرض البوم صور اماريج   رد مع اقتباس
قديم 01-08-10, 07:47 PM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

البيانات
التسجيل: Apr 2009
العضوية: 141319
المشاركات: 11,659
الجنس أنثى
معدل التقييم: اماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميعاماريج عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 12376

االدولة
البلدSyria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اماريج غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : احمد خشبة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الرابع و الثلاثون


البحث عن الجميع


استغرق الجميع في سبات عميق تحت تأثير ليلة البارحة , فبعدما أنهوا حديثهم الهام قروا العودة للمدينة مرة أخرى , استأجروا حجرتين , احدهما للسيدات و الأخرى للرجال , وقضوا ليلتهم هناك حتى انتصف النهار عليهم , لم يستيقظ أحد منهم ...

-هل رأيت هؤلاء الغرباء الذين قد حضروا أمس؟! لقد سمعت أنهم كانوا يحملون إمرأة و فتاة صغيرة !
نظر عامل النظافة لزميله بغرابة , و قال مستنكرا :
-لا اعتقد ذلك , فالإدارة لا تسمح لأي شخص مريب بالدخول إلى هنا !
ظهر الأسف واضحا على وجه عامل النظافة الآخر و قال بنبرة حزينة وهو يستكمل عمله في تنظيف الأرضية الواسعة في مدخل هذا الفندق الشهير:
-نعم , لكن صاحب الفندق يعتبر صديقا حميما لأحد أقرباء واحد منهم , و لهذا سمح لهم بالدخول بدون حتى الئـتأكد من إثباتاتهم الشخصية , لقد كانوا في عجلة و خائفين من أن يراهم أحد !
صمت العامل الآخر و استكملا العاملان عملهما في صمت , أما في الطابق السادس , و في الغرفة رقم (1023) كان الجميع قد استيقظوا و تجمعوا في هذه الغرفة , بينما بقت (هارونا) مع (ساكورا) , حيث كانت نائمة بعمق , أما داخل هذه الغرفة :
-هل تحكي لنا ماذا حدث لكي من بعد أن انفصلنا عن بعضنا ؟!
بادر (ياكو) بالقاء هذا السؤال نحو (تاكامي) , كانت الأخيرة قد استعادت جزء كبير من عافيتها , نظرت له بحزن و شرود ثم قالت :
-بعدما تركتنا و انفصلت عنا , ذهبنا نسير في الشوارع تائهين , لم نكن نملك أي مال أو أي شيء على الإطلاق , كان ما يهمنا حقا هو عدم وجود من يتبعنا , لهذا لم نشعر بالمسافة التي سرناها من خوفنا , لكنها كانت بالكبيرة , و بالطبع كنا في غاية التعب و الإجهاد , ولهذ لا أتذكر كيف نمنا , لكني أتذكر عندما صحونا في الصباح التالي , و جدنا الجميع ينظر إلينا بشفقة و خوف , كان يبدو على ملابسنا المقطعة أننا لسنا إلا سائلين للمساعدة , و في غضون ساعة واحدة كان الجميع يحن علينا في طريقه بما تبقى في جيبه من نقود , بالطبع كنا في غاية الجوع , و عندما امتلكنا مبلغا قليلا ذهبنا لشراء بعض الخبز لنا جميعا , بعد أن انتهينا من أكلنا البسيط ظللنا نتناقش فيما سنفعله , فكان أول شيء تبادر إلى ذهننا هو إخفاء عصوينا و حقيقتنا عن العالم أجمع , ثم بعدها أخذنا نبحث عن عمل , بالطبع لم نجد عمل سوى بصعوبة بالغة , وكان صاحبه رجل وغد , أرادنا أن نعمل عنده كخادمات , ثم وضحت نيته بعد سنة من العمل عنده , كان يريد أن يربينا لنعمل عندما نكبر في ناديه الليلي , بالطبع عندما عرفنا ذلك بالصدفة بالتصنت على أحد حواراته مع أصدقاءه تركنا العمل فارين إلى الشارع مرة أخرى , و ظللنا نتنقل بين الأعمال القذرة , نتحمل غضب هذا , و قسوة ذاك , و جفاء ما حولنا و نظرتهم لنا على كوننا صيدا سهلا , استمر الحال هكذا لمدة سبع سنوات , و في السنة السابعة جاء إلينا رجل يلبس بزة سوداء , وقال لنا أن هناك من تريد رؤيتنا , بالطبع ذهبنا معه , و كانت المفاجأة عندما وجدنا الطوق يحيط برأس تلك المرأة , كانت مثلنا , ظننت حينها أن باب الراحة و السكينة أخيرا استجاب لنا و فتح لنا أبوابه , طلبت هذه السيدة مننا أن ننضم لها في عملها , بالطبع كنت متحمسة جدا لفكرة الانضمام لها و العمل مع أشخاص مثلي و مثلها , لكن ناجومي و هيكارو لم تكونا مثلي في الحماس , بل شكا فيها , لا أدري لماذا لكن ناجومي كانت لديها بعضا من قدرة التنبؤ قليلا , و قالت أنها تتوجس شرا منها , احتدم الصراع بيننا , واتخذت رأيي و حسمته بالذهاب إلى هناك , و هناك...
هنا لم تتمالك نفسها , كانت عيناها تترقرق بالدموع , كانت أحداثا مأساوية حقا , تعاطف الجميع معها , كان من يقاربها هذا الشعور بالذنب هو (ياكو ) , بعد فترة قليلة من الصمت احترم الجميع رغبتها في الراحة قليلا و لم يتكلم أحد تابعت هي قائلة :
-بالطبع كانت ناجومي محقة بشأن تلك المرأة , فبعد أن قامت بجعل أحد المدربين يهتم بي و بتدريبي و بشرح العالم من حولي , فهمت أنني في الجناح العسكري لحركة كارا , كانت هذه القرية التي أنا فيها عدوة في يوم ما لقرية كانت تعتبر من أقوى من دافع عن الخير , بالطبع لم أكن أستطيع الانسحاب , فقد هددوني بقتل صديقاتي , بالطبع لم أكن أريد لهما التعذيب , لكني في الوقت نفسه بدأت أعتاد على القتل , كنت متخصصة في القتل من بعيد , عصاي مثل قناصة أوجهها نحو من أريد , ظللت لفترة خمس سنوات أقتل و أدمر بدون قلب , لكن...
صمتت مرة أخرى , أخذت نفسا عميقا ثم كتمته لثواني معدودة ثم زفرته مرة أخرى , كانت تحاول تهدئة نفسها مما فيها من مشاعر متداخلة , بالطبع كون الفرد يعتاد على القتل لشيء بغيض , هكذا فكر ( رانمارو) , تابعت (تاكامي) قائلة :
-كانت حياتي أشبه بتكرار للأيام , كل يوم أأخذ صورة الهدف , أراقبه , ثم أقوم بقتله , أخذت خبرة كبيرة في هذا المجال , حتى تم إسناد مهمة من بدايتها لي , كان الهدف سيدة تملك أراضي كثرة أرادتها القرية كي تزيد من نفوذها هناك , بالطبع أخذت هذه المهمة الجديدة , لكني قابلت (ساكورا )...
هنا ابتسمت قليلا بسعادة مشوبة بحزن , كان يبدو أن مقابلتها لساكورا قد أيقظت بداخلها ما قد حاولت كارا قتله , هكذا فكر ( ياكو) و هو ينظر إليها , تابعت مكملة :
-الصراحة لم أقابل من في مثل براءتها , كانت ضحكتها تملئ قلبي سعادة , لقد امتلأ قلبي بمشاعر متناقضة , ما بين القيام بما جئت لفعله , و ما بين رغبتي للعودة للعيش في قريتي بسلام مرة أخرى , رغبة كنت قد حققتها مع هذه الطفلة الجميلة , مرت الأيام , و في يوم جاء المراقب علي لينفذ المهمة عوضا عني و أنا كنت نائمة , للأسف استطاع قتل السيدة ماهومي والدة ساكورا , لكني استطعت إنقاذ ساكورا قبل أن تمتد يده إليها و أحمد الله على نجاتها و أنكم قد وصلتم إليها !
صمت الجميع , كانت قصتها حزينة , لكنها فجأة رفعت رأسها تجاه (رانمارو) و قالت بحزن شديد :
-لا أعرف لماذا جئت لعالمنا مرة أخرى , و لا أريد أن أعرف كيف جئت , لكني أريدك أن تحاول إرجاع قريتنا مرة أخرى , لا يهمني طول المسافة التي ستقطعها , لا يهمني كم الصعاب التي سنواجهها , لكن ثق في أن سيفي سيظل تحت حمايتك , و قوتي ستكون دوما عونا لك , لكني أريدك أن تسترجع ذكرياتنا , فرحتنا , ماضينا المجيد , أريدك أن تسترجع هذا كله , و أنا معك في كل شيء !
قالتها بطريقة توسلية جعلت الجميع يحاول منع الدموع من السقوط من أعينهم , نظر الجميع تجاه (رانمارو) فتمالك الأخير نفسه قبل أن يقول :
-وبالطبع أنا أحتاج لقوتك في مساعدتي لاسترجاع مجدنا السابق و إثبات برائتي , ولكن الأهم حاليا هو مكان ناجومي و هيكارو , هل تعتقدين أنهم قد يغادروا تلك المدينة ؟!
نظرت (تاكامي) ل (رانمارو ) وهي محدقة فيه بشدة ثم قالت :
-هل تعرف ما حدث ليلة تدمير قريتنا ؟!
نظر (رانمارو) بحزن إليها , لكن (ياكو) اندفع قائلا :
-لقد أخبرته عما قاله لنا نائب القرية .
ردت (تاكامي) :
-حسنا , هذا جيد , بالنسبة لمكانهما فأنا لا أدري حقا إذا كانا قد غادراه , لكنني أظن أنهم لازالا بنفس المنطقة.
قال (رانمارو) لها :
-لقد قلتي أنهم من الأيجو و التانشينفونو , هل أنتي متأكدة ؟!
قالت (تاكامي) :
-نعم بالطبع متأكدة , لكن الأهم أن نجدهما , فأنا أشعر بانقباض قلبي عندما أفكر فيهما !
تسائل (تابيتو) :
-لكن كيف سنجدهما ؟!
ابتسم (رانمارو) و (ياكو) و هما يتبادلا النظر , ثم قال (ياكو) ل (تاكامي) :
-هل لديكي أي شيء يخصهما ؟!
صمتت قليلا وهي تتذكر , ثم قالت بسرعة وعينها متسعة و كأنها وجدت ضالتها :
-نعم , لدي منديلا أعتز به من (ناجومي) .
قالت ذلك و قامت من على فراشها و اتجهت نحو منضدة صغيرة وضعت عليها حقيبة سوداء صغيرة الحجم أنيقة , فتحت سوستتها بسرعة , ثم أخذت تنقب عما بداخلها بصورة جعلت بعض محتوياتها تتناثر على المنضدة و تصدر صوتا نتيجة ارتطامها بالقاعدة الزجاجية التي موجودة عليها , ثم صاحت وهي ترفع يدها اليسرى الممسكة بشيء لونه وردي قليلا :
-لقد وجدته , هذا هو إهداء لي منها في أول عام بعد فراقنا للقرية !
خبت حماستها و سعادتها القصيرة عند ذكرها للقرية , فتحرك إليها (رانمارو) و أخذ منها المنديل و قال لها مطمئنا :
-لا تقلقي , سوف نجدهما و سوف ننجح في بناء قريتنا مرة أخرى !
-ولكن كيف ستجدونهما ؟!
تسائل (تابيتو ) , فرد عليه (ياكو ):
-لا تقلق نفسك , فهذه مهمتي أنا وحدي , لقد أضعتهما من قبل , ولن أضيعهما مرة أخرى !

******************************


-تفضلي آنستي !

قالها (ياكو) وهو يفسح مكانا لتمر عبره (تاكامي) , كانا في محطة لمترو الأنفاق , بعد أن خرجا من العربة التي كانا بها , و أنهيا جميع الإجراءات الخاصة عند الخروج حتى وصلوا لمخرج المحطة , كانت الشمس قد سارت في طريقها نحو المغيب , و تركت هذا النصف بدون دفء أو إضاءة حتى نهار يوم جديد , زفر (ياكو) من التعب وقال :
-كم أكره غروب الشمس , لا أدري لماذا يعتبره البعض رومانسيا !
رمقته (تاكامي) بنظرة تملؤها الدهشة و قالت له :
-كيف تقول هذا على هذا المنظر الخلاب ؟! أتعرف شيئا , أنت غير رومانسي على الإطلاق!
تنهد وقال لها :
-الأمر بالنسبة لي مجرد تشاؤم , ففي وقت الغروب قد بدأ الهجوم على قريتنا العزيزة , ولهذا أكره هذا الوقت من اليوم طوال حياتي !
صمتت (تاكامي) فقد ذكرها بشيء حزين جدا , بعدما سارا لمسافة تقارب النصف ميل سألته:
-كيف سنجدهما ؟! لقد قلت لي سأخبركي عندما نصل , لا تسأليني سأخبركي عندما نصل , وقد وصلنا منذ فترة و حتى الآن لم تقل لي شيئا !
كانت تشير بيدها اليمنى ملوحة بقبضتها في الهواء يمنة و يسرة وكأنها تخاطبه وجها إلى وجه , مما جعل (ياكو) يبتسم , فابتسمت هي الأخرى ثم قال لها :
-أنا لن أخبركي بالطريقة فأنا نفسي لا أعرفها جيدا , لكني سأقوم بها أمامك , و هذا خير من ألف شرح !
فقالت بسرعة :
-ومتى ستقوم بهذا !
كانت تبدو كالطفلة , وفي أعماق نفسه عرف سبب تعلقها ب(ساكورا ) , فهي لم تعش طفولتها كما ينبغي للأطفال , و لهذا شعرت بالحنين إلى هذه الأيام مرة أخرى ...
-هناك !
أشار (ياكو ) بسبابته اليسرى نحو مكان يبدو أقرب للغابة منه إلى المدينة , حيث كان يمتلئ بالأشجار الكثيفة الضخمة , و التي تظلل كل ما أسفلها فلا يتضح ما يحدث بداخلها لمن خارجها , كانت مكانا مثاليا لكي يبدئا بحثهما عن (ناجومي ) و (هيكارو) , بعدما توغلا قليلا في هذه الحديقة ذات الأشجار العالية , و بعد تأكدهما من خلوها من البشر العاديين بأن اتجه كل منهما للنظر في الأماكن المجاورة , تجمعا عند نقطة تعتبر في منتصف هذا المكان , ثم شهر (ياكو) عصاته و قال :
-كاي !
تحول (ياكو) ليتخذ شكله المميز , كانت أول مرة تشاهده فيها (تاكامي) , فانبهرت من ملبس عائلته و قالت :
-حقا فإن جميع عائلات الرياح يمتازون بالرقي في تصميم ملابسهم و كأنها صنعت بيد أمهر المصممين العالميين !
صمت (ياكو) و اكتفى بالابتسام , بينما في قرارة نفسه قال:
((-يا للفتيات !))
كان المعطف الجلدي يغطي الآن ثلث جسمه , كان لونه ذهبيا مع خطوط بيضاء و بنية طولية بميل خفيف يبتدأ من الكتف و يتجه نحو أسفل , الفضل كله يعود ل(رانمارو) في زيادة قوته , هكذا قال لها , لكنها نظرت إليه نظرة الغير فاهمة فقال لها :
-سأشرح كل شيء لاحقا , لكن الآن يجب أن نجدهما !
قالها ثم أغمض عينيه وقال :
-واشي كين باكيمونو !
ظهر لون أبيض محمر خفيف من طرف العصا تصاعدت بعدها سحب كثيفة لونها أبيض مختلط بالأحمر الخفيف , تجمعت السحب عند نقطة تبعد عنهما بمقدار مترين , وفجأة تطايرت السحب مبتعدة عن المكان و ظهر جناحان كبيران لنسر كبير ذهبي , شهقت (تاكامي) ووضعت راحة يدها اليسرى أمام فمها وقالت بصوت يملؤه الدهشة :
-هل هذا وحشك ؟!
ابتسم (ياكو) من دهشتها و قال :
-نعم , و هو الذي سيساعدنا في البحث عنهما !
نظرت إليه بغير تصديق , اكتفى برفع كتفيه لأعلى دلالة على عدم فهمه هو الآخر , فضحكت قليلا ثم قالت :
-لم أرَ في حياتي من يستخدم تعويذة بدون معرفة طريقتها !
فقال لها :
-أعرف هذا , لكنكي ستجدين معي و مع رانمارو الكثير مما لم تشاهدينه من قبل , والآن أين هو هذا المنديل؟!
وضعت حقيبتها الصغيرة من على كتفها , ثم فتحتها و أخرجت المنديل ببساطة هذه المرة , أمسك به (ياكو) ثم ذهب لوحشه وقال له :
-سيدي , أرجو منك أن تقتفي أثر صاحبة هذا المنديل !
نظر له النسر ثم قال :
-لتعلم ياكو أن مقدرتي على البحث لا تتجاوز دائرة نصف قطرها عشرة أميال , فلو كان من يملك هذا المنديل خارج نطاق هذه الدائرة فلن أجدها !
التفت (ياكو) لينظر تجاه ( تاكامي ) التي قالت :
-هذا يعني أننا إذا لم نجدها هنا سنضطر إلى تقسيم الجزيرة إلى أقسام !
صمت (ياكو) ثم قال للنسر :
-هل تستطيع سيدي أن تلف رجاء الجزيرة و تبحث عن مكان صاحبة هذا المنديل ؟
رد عليه النسر قائلا :
-هذه سيتطلب وقتا و مجهودا أكبر , و بالتالي طاقة روحية أقوى , هل ستصمد ؟
رد عليه (ياكو) :
-كم المدة تقريبا التي ستلزمك سيدي ؟!
-في حدود ساعة تقريبا !
-وماذا يحدث إذا انهار (ياكو) في وسط بحثك ؟!
تسائلت (تاكامي) فنظر إليها النسر وقال :
-يبدو أن ذوقك قد تحسن كثيرا ياكو , من هذه الفتاة البديعة ؟!
احمر وجه (ياكو) غضبا من تساؤل الوحش عن شيء ليس في وقته , كما احمرت وجنتا (تاكامي) خجلا من كلامه , لكن (ياكو) قال :
-إنها كانت صديقة قديمة في قريتي قبل تدميرها , و كذلك من ستجدهما كانا معنا في ليلة هروبنا !
-أصدقاء القرية القدامى , يالك من عطوف ياكو !
-لا وقت لدي للنقاش سيدي , قل لنا ماذا سيحدث إذا انهارت قوتي و أنت لم تجدهما بعد ؟!
-ببساطة سوف أختفي , و لكن هذا المنديل سوف يسقط في المكان الذي اختفيت فيه !
كانت صدمة لكليهما , فلم يتخيل (ياكو) أن ثمن انهياره و ضعفه قد يصل لفقدان المنديل , أما (تاكامي) فكانت تدرك هذه المخاطرة ,ولكن...
-هيا اذهب أيها الوحش العظيم و ابحث لنا عنهما !
التفت (ياكو) ليحملق في (تاكامي) و قال :
-ولكن تاكامي لو...
-لا بديل لنا عن هذا الخيار , فنحن إذا قسمنا الجزيرة الكبيرة هذه إلى أقسام لن ننتهي أبدا , لابد من وجود مخاطرة في كل شيء نفعله , هيا سيدي طر و حلق في سماء مدينتنا و ابحث لنا عن صاحبة هذا المنديل !
صمت (ياكو) مندهشا من موقف زميلته , لكن الوحش قال منبها إياه :
-ما رأيك ياكو ؟ فأنت الوحيد الذي يمكنه أن يأمرني !
التفت (ياكو) إليه , لم يدر ماذا يقول , فنظر إلى الأرض و قال بصوت حزين :
-حسنا , لقد كنت عالة على الجميع حتى الآن , حتى وحشي لم ينقذه سوى (رانمارو) , فلأتحمل حتى أصير أقوى , هيا طر يا سيدي و ابحث لنا عن صاحبة هذا المنديل !
قالها و مد يده اليمنى المطبقة على المنديل , فمد الوحش جناحه الأيسر حتى عندما تلامس مع المنديل طار المنديل داخله تاركا يد (ياكو) حتى وصل إلى منتصف الوحش , فأضاء بضوء أصفر ذهبي , ثم اختفى , جلس (ياكو) و بجانبه (تاكامي) كان يبدو عليه الحزن , لكنها قالت له :
-لا تحزن , لابد و أن يكون لكل منا دور في هذه الحياة , ها قد جاء دورك , فلا تفرط فيما قد قُدر لك حتى لا تندم فيما بعد!
نظر تجاهها (ياكو) ثم قال :
-نعم معكي حق , سأحاول أن أقوم بدوري , كلا , بل سأقوم بدوري هنا !
قال جملته الأخيرة بروح عالية , يبدو فيها العزيمة و الاصرار على تخطي الصعاب , ارتاح جالسا على الأرض وبجانبه (تاكامي) , و أراحا ظهريهما على شجرة من هذه الأشجار العملاقة في انتظار عودة وحشه من البحث!
*************************
تعالى صوت رياح عاتية اندفعت عبر هذا الطريق المهجور خارج هذه البلدة , كان طريقا وعرا وغير ممهد , ضيق لا يصلح لسير العربات عليه , تحيطه الأشجار من كل جانب , كانت يد الاهمال قد طالته منذ زمن بعيد فانتشرت بعض الهياكل العظمية لبعض الحيوانات على جانبي الطريق...
-هذا طريق مثالي لمثل هذا الاجتماع !
قال ذلك اللورد (ماكيتو) بطريقة ساخرة لاذعة وهو ينظر نحو الثلجية , فرمقته بنظرة صارمة ثم قالت :
-في هذه الظروف يستحسن أن نتوخى الحذر , فلا نعرف من يعمل لدى هذا المخبول جاسوسا من رجالنا .
صمت اللورد عن سخريته بعودة الصرامة لوجهه من جديد , ثم قال :
-حسنا , ما الأمر الخاص بهذا المخبول الذي لقب نفسه زعيما علينا ؟!
صمتت الثلجية ناظرة نحو اللورد و هو تنفث سيجارة بأصابعها الرقيقة الخادعة هذه , و أطلقت سحبا من الدخان عبر شفتاها الجميلتان المصبوغان بالأحمر القاني , وقالت :
-لا أعرف عنه أي معلومات سوى أنه قد جاء إلي منذ عشرون عاما و وعدني بتدمير قرية الريح البيضاء , بالطبع أخذت كلامه على محمل السخرية , لكنه بعدها بعامين قدم لي دلائل على مقدرته هذه , مثل معرفته لأدق تفاصيل القرية , الدفاعات و كيفية اختراقها , بالطبع كلها كانت معلومات موجودة لدينا , لكننا قد أمضينا سنوات و قرون عدة في معرفتها , و كونه يعرفها هكذا كان أمرا غريبا , ولهذا فقد صدقته , وضع خطة غريبة , لم يرد من قوتنا سوى الهجوم المباشر , بالطبع كنت خائفة من وجود مكيدة , و لهذا فعند الموعد المحدد قررت أن أحمي قواتي بقوات مخبئة جيدا , ولكن عملية التدمير صارت كما رسمها لنا , فقد وجدنا الدفاعات تنهار بمفردها , لا شيء يقف في طريقنا , حتى العائلات وجدناها مقتولة بالداخل أغلبها , كان نصرا مزيفا أعطاه لنا هذا اللعين بدون أن يترك أي علامة ورائه , هذا اللعين !
قالتها وهي تعصر السيجارة بين سبابتها و الوسطى الأيمن , فتدمرت السيجارة تحت وطأة هذا الضغط القوي , صمت اللورد قليلا ثم قال لها :
-هل يوجد غيرنا من رجالنا يعترضون على هذا المخبول ؟!
أشاحت بوجهها عن اللورد لتزفر في ضيق و تقول وهي تسير نحو صف الأشجار الموجود على يمينها :
-للأسف عددهم قليل , فهم يعرفون مثلي من هو الذي دمر قرية الريح البيضاء , ولهذا السبب فهم خائفين , و لكن...
رد اللورد عليها بدون تغير في ملامحه بقوله :
-ولكن ماذا عزيزتي ؟!
استدارت إليه و ابتسمت ابتسامة ماكرة و قالت :
-ولكن هناك من يرد الانضمام إلينا ضده , إنه الفرع العسكري الأول لمنظمتنا !
اتسعت عينا اللورد دهشة و قال مرددا :
-الفرع العسكري لمنظمتنا , أنتي لا تقصدين...
-بل أقصدهم تماما , و الأجمل من هذا كله أن سبب تحركهم معنا هو خوفهم من هذا الصبي الغريب رانمارو !
كان ذكر اسم ( رانمارو ) كفيلا بتغيير جو المكان , أضاءت عينا اللورد بشدة و قال :
-وما علاقة هذا الوغد بهذه المنظمة ؟!
ابتسمت الثلجية و قالت :
-حسنا سأقول لك تفاصيل العلاقة , كما سأخبرك بخطتي !
وظل الاجتماع حوالي ساعتين , لم يتكلم خلالها اللورد بل أنصت لما تقوله الثلجية , بالطبع كانت ما تقوله هو الجنون بعينه , لكنه في النهاية وافق على ما قالته , و بعد مرور الساعتين اختفيا من هذا الطريق الوعر , بعد اختفاءهما بعدة ثواني ظهر شبح شخص في أعلى الطريق , كان يضع يده في جيب معطفه الأنيق , ظل يحملق في المكان الذي كان فيه الغريبان منذ قليل لثواني ثم اختفى هو الآخر , لتعود موجة من الرياح القوية تندفع عبر هذا الطريق لتزيل ما قد يتخلف وراء هذا اللقاء المريب .
يتبــــــــــــــع.........

 
 

 

عرض البوم صور اماريج   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, القسم العام للقصص و الروايات, ذات طابع ياباني, ياباني, رانمارو, رانمارو كاملة, قصه, قصه مكتملة, قصه يابانيه
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:44 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية