لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


رواية دفء وجمود

بـــســـم الله الـرّحــــمــــان الـرّحــــــيـــــم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . . أهلا بالقراء الكرام في روايتي الأولى رواية دفء وجمـــود بقلمي: مخمل

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-05-22, 07:16 PM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2019
العضوية: 333794
المشاركات: 25
الجنس أنثى
معدل التقييم: مخمل الرجاء عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 74

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مخمل الرجاء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
Icon Mod 44 رواية دفء وجمود

 


بـــســـم الله الـرّحــــمــــان الـرّحــــــيـــــم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.
.


أهلا بالقراء الكرام في روايتي الأولى
رواية دفء وجمـــود
بقلمي: مخمل الرجاء


أرجو لكم قراءة مفيدة وممتعة
كما أرجو ألا تبخلو بتعليقاتكم وآراءكم ونصائحكم



تــنــبــيــه
لا تجعلوا الرواية تلهيكم عن عبادتكم و أولويّاتكم
ومن يريد نقل روايتي يجب ذكر اسمي




.
.
.






روابط الفصول

 
 

 

عرض البوم صور مخمل الرجاء   رد مع اقتباس

قديم 11-05-22, 07:17 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2019
العضوية: 333794
المشاركات: 25
الجنس أنثى
معدل التقييم: مخمل الرجاء عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 74

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مخمل الرجاء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مخمل الرجاء المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
Waves رد: رواية دفء وجمود

 

تمهيد

لا أظن أن الجميع جرب لذة تحريك خيوط اللعبة ثم كسرها

هشام آل ذياب

 
 

 

عرض البوم صور مخمل الرجاء   رد مع اقتباس
قديم 11-05-22, 07:19 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2019
العضوية: 333794
المشاركات: 25
الجنس أنثى
معدل التقييم: مخمل الرجاء عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 74

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مخمل الرجاء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مخمل الرجاء المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
Waves الفصل الأول

 



الفصل الأول

*




المرأة الستينية صاحبة البشرة المنكمشة والهيئة الوقورة تقف عن المشي عند إحدى الغرف المصطفة على جانب الرواق الطويل لتقول بنبرة اِلتمستُ فيها الشيء الكثير من البرود والجفاء :

ــ تفضلي أيتها الآنسة، هذه غرفتك الجديدة، رتبي أمتعتك وخذي قسطا من الراحة وغدا بعد الإفطار سأعلمك كل ما يجب عليك معرفته كونك ستصبحين من الآن وصاعدا جزءا من هذا المنزل، ليلة طيبة

ــ حسنا، جزاك الله خيرا، ليلة طيبة لك أيضا

أنا ضياء، فورما أنهي ردي أجد أن المسافة التي تفصلنا قد تعدت الخمس أمتار بالفعل، لا أظنها سمعت بقية حديثي، تتلاشى ابتسامتي الصفراء لأشد قبضتي على الحقيبة وأدخل الغرفة، أقالت أن هذا المكان غرفتي الجديدة؟ هل أخيرا سأحصل على مساحة خاصة في هذا العالم؟ طيلة حياتي كنت أتشارك المكان مع أخواتي وأطفال إخوتي، لا أذكر أني قد حظيت بليلة هادئة لم أجد قدم أحدهم على وجهي فيها، طالما عشت مع أسرتي في منزل صغير لذا أتساءل عن شعور النوم وحيدة دون حس الشخير المزعج

أضع الحقيبة أرضا لأجلس على السرير الوثير متأملة المكان، أشعر بأني في غرفة إحدى الأميرات، المكان فاتن حقا، لو كنت في مزاجي المعتاد لبدأت في القفز واستكشاف كل شيء لكني الآن لا أكف عن العبوس ومحاولة تذكر سبب قدومي إلى هنا، إلى هذا المكان المجهول

ألم أكن أقضي عطلة الصيف في منزل قريبة أبي؟ لقد حدث أمر ما لا أذكره مما جعل أبي يأخذني من هناك على وجه السرعة، وبعدها كان من المفترض أن نتوجه إلى البيت الجديد الذي انتقلت إليه أسرتنا، كنت مشتاقة جدا لابن أخي ريان والبقية لكنه أوقف السيارة أمام هذا المنزل، ظننته في البداية البيت المقصود لذا نزلت من السيارة بسرعة حتى أني نسيت حقيبة ملابسي لكن أبي أوقفني في وسط الحديقة وناولني أمتعتي وقال بهدوء غريب :

ــ عيشي حرة، لا تسمحي لهم بتقييدك، لو رأيتي أفعى فعضيها قبل أن تعضك، اتفقنا؟

وقبل أن أجيبه أولاني ظهره عائدا للسيارة مردفا للمرة الأخيرة

ــ تذكرت بعض العمل الذي ينبغي علي القيام به، انتبهي لنفسك

وبعدها اختفى، لأدخل المنزل وأنصدم بخلوه من أسرتي، استقبلتني السيدة الستينية والآن أنا هنا لا أستطيع استوعاب ما يحدث، هل أخطأ أبي المنزل؟ أم كان بيتنا الجديد في مكان بعيد وعمله لا يستطيع التأجيل لذا تركني هنا مؤقتا؟

ــ يا رب، ارزقني من الصبر ما يكفي، لا أظن أن أبي سيتأخر كثيرا على كل حال، إنه مجرد عمل وحسب

أقنع نفسي بهذه الفكرة لأصنع ابتسامة واسعة على محياي وألتقط الكيس الذي أعطاني إياه قبل الوصول إلى هنا وأنظر لمحواه

هاتف جديد بدل هاتفي الذي ضاع منه بعدما استعاره مني سابقا، أفتحه بحماس، لا بد من أنه وضع أرقام معارفي هنا، كما لابد من أنه اشترى لي بطاقة انترنت وأوصلها أيضا، الجميع يعرف أن لا أحد يستطيع عيش نصف يوم دون الأنترنت، علي الاتصال بريان وفارس والتفاخر بغرفتي الجديدة
أفتح الهاتف لأسارع في البحث بقائمة الإتصالات لكن لا يوجد أي رقم محفوظ، هل نسي وضع الأرقام؟ لابد من أنه تجاهل الأمر كوني لن أستغرق الكثير من الوقت حتى يأتي ويأخذني لبيتنا الجديد وهناك سأقوم بالأمر بنفسي، من الجيد أني خصصت دفترا خاصا بأرقام أصدقاء العائلة وطلبت من ريان الحفاظ عليه

حسنا دعونا نتجه الآن لمواقع التواصل الإجتماعي، فلنبدأ بالفيسبوك وبعدها تويتر، أذكر أن ريان أخبرني بالأمس أن فارس سيسافر للدراسة في دولة البيضاء وأنه سيصور اليوم بعض المناظر الجميلة هناك ويرسلها لنا

تتسع عيني لأرمش عدة مرات بعدم تصديق، لا شبكة أنترنت هنا؟ هل نسي أبي شراء بطاقة أيضا؟ لا، مستحيل، لابد أن موضعي الحالي بعيد عن الشبكة، أنهض وأبدأ في السير في أنحاء الغرفة الكبيرة محاولة الوصول للشبكة لكن لا جدوى، لا يعقل أنه نساني، أسرع لمعلومات البطاقة لأنصدم، اشترى بطاقة عادية لا تحتوي على الانترنت؟ جديا أبي هل تعاقبني على شيء ما؟ لا تجعلني أبكي

تتقوس شفتايا ببؤس، لقد قضيت شهرا كاملا بعيدا عن أسرتي لكني لم أنقطع عن الحديث معهم يوما واحدا على الهاتف، لا أصدق أني سانام اليوم دون المزاح مع ريان وإزعاج فارس، كان علي حفظ رقمهما على الأقل، كم أنا فضيعة

لا تمضي دقيقة على حالتي البائسة هذه وها بطرق على الباب، أسرع في النهوض وفتحه لأجد السيدة الستينية كما توقعت

ــ هذا شيء طلب مني والدك أن أعطيكِ إياه

تقول هذا وهي تناولني كيسا بلاستيكيا عاديا لأسأل باستغراب

ــ هل عاد أبي؟ هل أنهى عمله؟

ــ لا، لقد أعطاني إياها وغادر على وجه السرعة

تجيبني ببرود لتغادر، أغلق الباب باستغراب من تصرف أبي الغريب، بما أنه مشغول فلما عاد؟ أيعقل أنه شعر بالشفقة عليا واشترى لي بطاقة انترنت؟ أبتسم بفرحة فور ما تبادرت هذه الفكرة لرأسي، أبي هو الأفضل

أفتح الكيس لأخرج ما بداخله لكن سرعان ما أعقد حاجبي باستغراب من الشيء الوحيد الموجود والذي كان ورقة مطوية


*


أنا إلياس، نظرات خبيثة وجو كريه يلفني بينما ملامحي الشامخة ترفض تلبية مطلبهم

الآن وقت المغرب ، في إحدى ضواحي دولة البيضاء يجتمع أشخاص من مختلف العروق والهويات، لا توحدهم سوا المهنة، العمل في قطاع الأمن

كل دولة من قارة "مزيج" أرسلت ممثلا لها في مؤتمر اليوم، مؤتمر منظمة "موند" التي أسست من أجل الحفاظ على الأمن الداخلي للقارة خاصة، وأشهر العثرات أمامها منذ عقود هي عصابة "الأوركيد" التي تكون السبب الرئيسي في قيام مؤتمرنا الحالي

رئيس المنظمة، السيد جيفري، يرمقني ببرود ليستكمل حديثه الكاذب، والذي لم يتجرأ أحد على الاعتراض عليه رغم علمهم بمدى زيفه

ــ لذا سيد إلياس ممثل دولة الحسناء، بعدما ثبت أن مشاركتك معنا لم تكن إلا عبئا منعنا من إيقاف العصابة حتى هذه اللحظة، يرجى منك حمل حقيبتك والتفضل خارجا

قبل أن أبدي ردة فعلي يقرر أحد الحضور الكلام والتدخل

ــ لكن سيد جيفري رغم كل أخطاء السيد إلياس الطبيعية لطبيعته البشرية إلا أننا لا نستطيع الاستغناء عن المعلومات التي يوفرها هو وعملاؤه للمنظمة

ــ لا داعي للقلق فعملاؤنا ليسو أقل شأنا من خاصتنا، نستطيع ملأ فراغه بكل سهولة

يجيبه جيفري مشيرا لإغلاق الباب أمام أي محاولات لمعارضته وإفساد خطته، فطبعا الأخطاء المزعومة التي يتحدث عنها الجميع مسؤول عنها خاصة هو كونه الرئيس، ولتفادي غضب السلطات العليا وكي لا تُمس المنظمة بأي أذى لزم أن تُسنَد هذه الأخطاء على جهة واحدة، الجهة الأضعف، دولة الحسناء

أقف بجثتي الضخمة حاملا حقيبتي السوداء، أشير لحارسي المحمر غضبا ليتبعني اِتجاه باب القاعة، وقبل أن أخرج ألقي حديثي الأخير موليا ظهري لهم:

ــ لا يهم إذا كان كلامك صحيحا أم لا فالحقيقة ستنكشف مهما طال الزمن سيد جيفري، لكن نصيحة مني للجميع، لا تدعو العملة الخضراء تغير من مبادئكم، لا تبيعوا شرفكم وأرواح الأبرياء مقابل المال

وأكمل سيري مغادرا المكان، ثوان حتى تقدم الحارس أكثر مني ليقول بغضب محاولا ضبط أعصابه:

ــ سيد إلياس لما لم تدافع عن نفسك أمام أولئك الأوغاد؟ لقدو قللو من شأننا

ــ حتى لو أخذت دور الدفاع فلن تتغير الأمور، القرار صادر من جيفري ممثل البيضاء، الدولة الأقوى

ــ جديا! هل بعد أتعاب سنين سننسحب بشرف مجروح؟ يا للعار

ــ لا تقلق ، بالطبع لن ننسحب كاملا ، يدنا الخفية ستكمل عملها بشكل أقوى هذه المرة

ــ ما الذي تعني؟

ابتسامة بسيطة ترتسم على وجهي مرسلا رسالة بالهاتف لأردف مجيبا إياه:

ــ وما الذي أعنيه بخلاف بطاقتنا الرابحة، حان وقت إرسالها إلى وسط أرض المعركة بدل إبقائها في الحدود

يرمقني بذهول

ــ ماذا عن السيد عزام؟ ألم يهددك في تلك المرة لو فكرت في الأمر مجددا؟

ــ لا تقلق، سيتفهم الأمر في النهاية، لا أظن أن هناك نصر دون تضحيات


*


أجواء صاخبة، إزعاج، وروائح طعام شهي

أنا ريان، هناك قصة تقول، كان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان، كان هناك صعلوك طائش يدعى عزام ينتمي لعائلة نبيلة تدعى آل ذياب، طُرِد منها هو وأسرته الجميلة في ليلة قرمزية قبل أربع عشرة سنة، وقبل سبع سنوات من الآن توفوا في حادث غرق باخرة كانوا عليها، لكن فجأة قبل أيام عاد الولد الطائش عزام لبيت والده ليتصالحا وتقام هذه الحفلة الترحيبية به وبأسرته بعد غياب طويل

الغريب في الأمر هو كيف يعود الأموات للحياة؟ المعروف أن هذا يحصل فقط في يوم الحساب، هل يعقل أن عزام وأسرته مجرد رجال آليين تنكروا بشكلهم؟ لكن من يهتم لهذه القصة السخيفة؟؟؟
الذي علي الاهتمام به الآن هو هذه الحفلة القبيحة، الأغاني الماجنة تصدح في المكان، العديد من الأشخاص هنا، منهم من يرقص ومنهم يضرب الكؤوس ويتسامر، أما النساء وملابسهم الفاضحة فهذه قصة أخرى

رجاءً أخرجوني من هنا، أشعر بالاختناق من كل هذا، من كان يتوقع أن من يحمل دمائي يعيشون حياة كهذه؟ جديا لو كانت ضياء هنا لكان من الممتع القيام ببعض المقالب وإفساد هذه الحفلة

أخلل أصابعي في خصلات شعري الأشقر لأرفع رأسي عاليا بقهر زافرا مابداخلي من الهواء الحار، الوضع مزعج حقا

فجأة .. بوم .. صوت إطلاق النار

الجميع يستدير بجزع نحو مصدر الصوت، أظن أن الحراس أطلقوا على لص أو ما شابه

أعقد حاجبي باستنكار وأنا أرى رجلا ملقى على الأرض والدماء حوله، هل ذاك عمي ركان أم أنا أتخيل؟


*


أنا فارس، أجواء البيضاء على نقيض الحسناء، بدلا من البحر المنعش، الشمس التي تشوي البشرة، ولا ننسى مثلجات العم صالح التي تجعلك طريح الفراش لأيام بسبب برودتها، هنا لا يوجد شيء غير الصقيع، الصقيع بكل أنواعه

أشد على معطف الفرو الأبيض محاولا دفن جسدي به أكثر لأعيد إمساك حقيبة سفري وجرها بينما يدي الأخرى منشغلة بتصفح الرسائل الواردة على الهاتف

أغلبها من الأسرة المزعجة كالعادة، ياسمين و كارمن توصياني بشراء بعض من الحلويات في طريق العودة، ريان يذكر تفاصيل البيت الجديد وانطباعه الأول عن أفراد آل ذياب المغرورين، أبي يوصيني على الدراسة، وكغير المعتاد هناك رسالة من ندى، شقيقتي الكبرى التي تكره الإلكترونيات، تخبرني أن أبي قرر عدم إعادة شقيقتنا الصغرى ضياء للمنزل وتركها بعيدا حتى هذه اللحظة، أسألها عن مكان تواجدها الحالي لتجيب بعدم معرفة، حسنا سأسأل والدي فيما بعد، سبق وحاولت التواصل مع ضياء اليوم لكنها لاتجيب، لا بد من أن هذه المهملة قد كسرت هاتفها كالعادة

أغلق الهاتف موزعا نظرات انزعاج على أرجاء المطار المليء بالضجيج، من السيئ الدراسة في دولة أجنبية لسنوات بعيدا على الأهل، لكن الأسوأ هو الدراسة في العطلة بينما الكل يمرحون

أتنهد باستياء لأعيد فتح هاتفي بعدما لامس مسامعي نغمة وصول رسالة جديدة، ألقي نظرة على اسم المرسل ليقتضب محياي باستنكار، إلياس بشحمه ولحمه يرسل لي رسالة مباشرة دون الطلب من مساعده المزعج؟ يبدو أن الأمر هذه المرة مهم جدا

توقفني تلك السطور عن الحركة، أناس يتقدمون وآخرون يتراجعون، صراخ الأطفال، ضجيج الطائرات الصاعدة والهابطة، كل هذا يحدث حولي بينما أنا في المنتصف لا أستوعب شيء بخلاف هذه الرّسالة المنعشة والأوامر التي طال انتظارها، أخيرا يا إلياس قررت السماح لي بإنجاز غايتي؟ أنت حقا رائع يا رجل


*


وقوف عند نافذة الرواق التي تطل بشكل أوضح على الخارج وتثاؤب طويل

أنا ضياء، أبعد يدي من أمام فاهي لأعود إلى تأمل صورة القرية البسيطة التي أستطيع رؤيتها بوضوح من هنا، ثلاثة أيام مرت والمشهد ذاته يتكرر، خروج الأطفال للعب، الشيخ المشغول ببيع قنينات الحليب، وفتيات يرعين أغنامهن بعصي القش الرفيعة التي بين يديهن

أميل رأسي وابتسامة بسيطة تعتلي وجهي، هذه الأجواء دافئة جدا، تذكرني عندما يتجمع أفراد أسرتي حول مائدة الافطار ليبدء الأطفال في الاستياء من مذاق الحليب، ياسمين والأشقر العبقري يتشاجران على ما بقي من مربى المشمش، بدر و ملاك الهادئين، كاميليا تهدد كارمن بمنعها من الخروج إذا لم تتناول فطورها، أوركيد تصب الشاي لزوجها العابس سعد، ركان يلوث زيه ببعض القهوة، فارس ينضم متأخرا عابثا بشعره الأشعث وابتسامة دافئة تأخذ مجراها على وجه أبي الممسك بالجريدة، أما أنا فكالعادة أبدأ في قص قصص الرعب على الأطفال ليبدؤوا بالصراخ وأتلقى توبيخا من ندى أختي الكبرى وربما ضربة أيضا

كم أشتاق لتلك الجلسة، وكم أتمنى أن أعود لها سريعا، أبي مشغول مؤخرا لهذا قرر إبقائي هنا ريثما يكمل أعماله

تتسع ابتسامتي أكثر متيقنة من الفكرة، نعم بالطبع هذا هو سبب غيابه لثلاثة أيام، وحتى لحظة رجوعه علي الاستمتاع في قصر مصاص الدماء هذا، إنه كبير للغاية، سوف أتفحصه جزءا جزءا

أتراجع للخلف لأصطدم بجسد أحدهم، أسمع صوت تأوه امرأة، أستدير معتذرة منها لترمقني بحدة صارخة بامتعاض:

ــ قوم همج بربر لا عقل لكم، حتى أعينكم لم تصبح تقوم بوظيفتها جيدا أيها المؤمنون، موتوا وأريحونا منكم

تدفعني بكتفها لألتصق بالحائط وتكمل سيرها حاملة بعض الملاءات المتسخة مستمرة في الصياح بسخط:

ــ لو لم تملكوا عقولا فاسألوا ربكم الذي تزعمون وجوده أن يرزقكم بعضا إياها بدل الصلاة والدعاء هباءً، أنتم حقا من يؤخر تطور عالمنا باعتقاداتكم البدائية، يا للعار، كيف يستطيع الهواء البقاء حول حمقى مثلكم

تسير مبتعدة بينما أنا أرمش باستنكار من ما قالته والصدمة قد عقدت لساني، هذه المجنونة، ما بالها تصرخ هكذا وبكلام غريب؟

*





تم الفصل الأول والحمد لله
نلتقي بإذن الله في الفصل القادم

 
 

 

عرض البوم صور مخمل الرجاء   رد مع اقتباس
قديم 11-05-22, 07:20 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2019
العضوية: 333794
المشاركات: 25
الجنس أنثى
معدل التقييم: مخمل الرجاء عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 74

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مخمل الرجاء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مخمل الرجاء المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
Exclamation تنويه

 

تنويه آخر

سبق ونشرت بعض الفصول تحت عنوان هذه الرواية قبل أكثر من سنة
وقمت بحذفها نية تعديلها
نعتذر من القراء السابقين على تأخري في العودة
كما أنوه أن الفصول القديمة لم تعد متعلقة بالرواية بشكل كبير
فالأحداث تغيرت ونفس الحال مع الأبطال
أرجو منكم نسيان النسخة القديمة وجزاكم الله خيرا

 
 

 

عرض البوم صور مخمل الرجاء   رد مع اقتباس
قديم 11-05-22, 07:24 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2019
العضوية: 333794
المشاركات: 25
الجنس أنثى
معدل التقييم: مخمل الرجاء عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 74

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مخمل الرجاء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مخمل الرجاء المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
Waves الفصل الثاني

 




الفصل الثاني

ـــــــ



أنا ضياء، ساعة مرت، وها هي المجنونة مشغولة بتقطيع الخضر في المطبخ، أدخل ملقية السلام وأجلس على الكرسي راوية عطشي ببعض الماء بينما عقلي لا يفكر بشيء سواها، هذه المرأة حسب ما قالته السيدة سارا .. المرأة الستينية .. هي الخادمة الوحيدة في هذا المنزل، تدعى أنستازيا، جاءت من دولة أجنبية نسيت اسمها، لم تُذكَر ديانتها لكن وفقا لموقفها السابق اتجاه المؤمنين فهي ملحدة، إنها المرة الأولى التي ألتقي شخصا غير مسلما في حياتي، حسنا لا شأن لي في معتقدات الآخرين لكن كلامها المسيء جعلني أشعر بالغضب، كيف لها أن تتحدث عن المؤمنين باستصغار؟

أقف مقتربة منها بخطى بطيئة لأقول بجمود يكسو وجهي على خلاف التوتر المتأجج بداخلي:

ــ عذرا آنسة أنستازيا

ــ ماذا؟

تقولها بشراسة لأسرع في الابتسامة مخففة حدة الموقف وأردف:

ــ لا شيء مهم، لا شيء مهم، فقط أنا

أتوقف عن الحديث، ليس علي أن أكون متوترة، أعيده بتصحيح وصوتي تملؤه العزيمة:

ــ بل هناك شيء مهم أظنك أسأتِ فهمه، أردت إخبارك بأن ما حدث معنا .. اصطدامي بك .. قد يحدث مع الجميع، الحوادث واردة الحصول في أي زمان ومكان مع أيّ كان، لذا لا أرى أن لديك الحق في نسب الأمر للمؤمنين ووصف الجميع بالهمجية والبربرية لسبب سخيف كهذا، الاصطدام بك كان خطئي لذا أعتذر، سأحرص على أن أفتح عيني جيدا من الآن وصاعدا بإذن الله

لا أكاد أنهي كلامي حتى أراها تقول باستهزاء:

ــ ماذا؟ هل تم تعيين طفلة مثلك محامية على المؤمنين السفهاء؟

تتلاشى ابتسامتي لأرمقها بنظرات جادة:

ــ بالرغم من أني في الرابعة عشرة من عمري إلا أني أملك عقلا يسمح لي بالدفاع عن أي شيء أعتقده، كما يسمح لي بمعرفة قيمة صلواتنا وشعائرنا التي أسأتِ إليها مع أنها لا تسبب الانحطاط في المجتمع، بل العكس، هي تصلحه بتهذيب نفوس أفراده وزرع خشية الله وتعظيمه في قلوبهم، لذا أرجو منك أن تحترمي ديننا

تطلق ضحكة عالية ضاربة كلامي عرض الحائط لترد كمن لن يغير رأيه أبدا:

ــ كم هذا مضحك، من الأبله الذي قد يحترم خرافات وخزعبلات كهذه أيتها الطفلة، ستكبرين وتدركين الكذب الذي يغرقك به مجتمعك المسلم أو المسيحي أيا كان، ستصدمين بأنك أضعتِ فترة طويلة من حياتك الثمينة في عبادة إلاه غير موجود

أرد عليها بغيظ:

ــ إلاه غير موجود؟! إذا كيف سيكون هذا العالم متواجدا مادامه لا يملك خالق على حسب كلامك؟

ــ الصدفة هي التي أوجدت العالم، هي التي أوجدتنا، وهي التي ستأخذنا أيضا، نهايتنا هي الاختفاء وحسب، لا توجد حياة أخرى بعد الموت كما تدعون، لذا عيشي حياتك واغتنميها قبل أن يأتي وقت تحولك إلى وجبة عشاء للديدان، والآن .. انقلعي

تقذف كلمتها الأخيرة بصراخ لألتزم الصمت على مضض حامدة ربي على نعمة الإسلام، الحمد لله الذي لم يجعلني محل هذه المرأة، قالت الصدفة التي أوجدتنا قالت، جديا كيف لهذا العالم أن يوجد صدفة؟ كيف للصدفة أن تجعل الشجر أخضرا والسماء زرقاء؟ كيف ستخلق الجبال الشامخة صدفة وتثبت الأرض صدفة كذلك؟ كيف للصدفة أن تجعل الشمس بعيدة عن الأرض لا ملتصقة بها؟ ماذا عن جسم الانسان؟ هل الصدفة من قررت كم من خلية وعظمة وعصب يجب أن يتواجد به ليستطيع أداء مهامه الطبيعية؟

كل هذا ليس إلا دليلا على وجود إله عظيم مدبر عليم فكيف تستطيع تلك المرأة نفي وجوده، هداها الله، مجادلتها لن تجدي نفعا

أتنهد لأستدير عائدة للطاولة، أحمل إبريق الماء النصف ممتلئ لأتقدم نحو الثلاجة الواقعة بجانب أنستازيا ناوية إضافة بعض الثلج له، لكن فجأة دون أن أشعر أعبر فوق بقعة زلقة في الأرضية، يبدو أن بعض الزيت قد انسكب هنا، قدمي تنزلق قليلا للخلف، أحاول المحافظة على توازني والثبات لكن قدمي الأخرى تنزلق أيضا دون سابق إنذار ليندفع جسدي للأمام، أفلت الإبريق البلاستيكي محررة يداي لأثبتهما أرضا مانعة وجهي من الارتطام بالأرضية القاسية

ــ أووووه، الحمد لله نجوت من كسر أنف وشيك

أعاود الوقوف بحذر وأنفض ملابسي، أتذكر الإبريق لأجول بعيني باحثة عنه لكني سرعان ما أصدم من موقع سقوطه، إنه فوق رأس أنستازيا المبتلة والمتوقفة عن الحركة، تستدير نحوي ببطء ونظراتها تحمل من الصدمة الكثير:

ــ أ أنت من فعل هذا؟

أبلع ريقي بورطة، أتراجع للخلف مبتسمة ببلاهة لأجيب دون شعور:

ــ كلا، لست أنا بل هي الصدفة، هي من أوجدت الإبريق وصنعت الماء وكبته عليك للتو

ثوان حتى تمسك حبة البصل لتقذفها علي مزمجرة بحقد:

ــ فلتموتي أيتها الوغدة هل تظنيني غبية لأصدقك

أتفادى الحبة لأرد باستهزاء:

ــ لكنها قد صنعت العالم كله فكيف يصعب عليها رمي إبريق ماء عليك؟

لا أكاد أنهي كلامي وهابها تمسك حبة بصل أكبر هذه المرة ناوية قذفي إياها، لكنني أستطيع الفرار من المكان وسط شتائمها

.
.
.


أنا ضياء، منذ شجاري غير المقصود مع الخادمة مرت أيام ملؤها نظرات الكره من طرفها والابتسامات الباردة من طرفي، على الأرجح أنها تريد قتلي، أظن أني حصلت على أول عداوة في حياتي

مضت الأيام التي كانت شبيهة لبعضها البعض، هدوء يطغى عليها، أنام بعمق، آكل طعاما شهيا، لا أوامر ولا طلبات تعكر راحتي، لكني أصبحت كثيرة السباحة في الذكريات، أتذكر أي مشهد وأجزئ تفاصيله، أفكر في مشروع العائلة الذي واجهوا صعوبة لنهوضه، حساسية زوجة أخي التي تركتها تعاني منها في حالة مرضية حرجة، حتى ذالك الفستان الذي تشاجرت عليه الفتيات .. من ظفرت به يا ترى؟

لكن الأهم والذي يشغل بالي هو حال قريبة والدي وابنيها، كيف حالهم؟ هؤلاء الأشخاص هم من أخذني أبي فور انتقالنا من دولة الحسناء إلى النيزك للعيش معهم، بقيت شهرا كاملا عندهم، أسرة بسيطة كغيرها من الأسر المجاورة لها، ليسوا بالأغنياء ولا الفقراء، حالهم حال نفسهم يعيشون اليوم دون القلق على حال الغد، رغم شخصية الابنين .. ياسر والعنود .. الصعبة بعض الشيء، إلا أني قضيت شهرا مريحا هانئا

لكن الغريب هو ما حدث في آخر يوم لي عندهم، لقد اختفى ياسر وتلقت المرأتان اتصالا هاتفيا جعل الأم متيبسة من شدة الصدمة والأخت في حالة انهيار مفجعة، كانت غاضبة أشد الغضب، كسرت الأثاث وشتمت الجدران وسرعان ما وجهت هجماتها نحوي بشكل صادم، كيف ولماذا؟ مممم لا أعام، كل ما استوعبته هو أن أبي بعد أقل من ساعة أخرجني من ذاك البيت وأحضرني إلى هنا

لا أنكر أني صدمت من فعلتها تلك لكني لم أحزن أو أغضب، تلك الأسرة في النهاية مجرد أناس لا أعرف عنهم غير القليل، كانوا ولا يزالوا مجرد غرباء حالهم يهمني من باب الفضول لا غير، لكن الذي يثير تساؤلي حقا هو لما لم أتذكر ما حدث بالأمس رغم محاولاتي لتذكره؟ هل فقدت الذاكرة لمدة معينة؟

أتنهد متجاهلة الفكرة، لابد من أن إرهاقي آنذاك هو السبب، ها بالملل يعود مجددا لأقف باحثة عن مهرب منه، هاهو المطبخ أمامي وتلك المرأة في داخله كالمعتاد، أدخله ناوية إلقاء التحية لكنها تسبقني بنبرة ساخرة:

ــ سام عليك يا جرذة

أرد بهدوء:

ــ وعليك يا أختاه

تقبض بقسوة حبة الجزر لتستكمل تقطيعها شاتمة إياي في همس أستطيع سماعه

هذه المرأة حقودة، انعكاس كراهيتها يلوث الجو الذي حولها، كأي شخص عادي لا أظن أني سأكون مرتاحة لو ظللت معها لمدة طويلة .. هذا ما ظننته بعد شجارنا .. لكن بعدما أخبرت السيدة سارا عن ما فعلته بي طلبت مني عدم الحديث معها عن أمر الديانات لأنها سبق وأن تعرضت في طفولتها لصدمة بسببهم، بعض المتدينين المتطرفين قاموا بقتل عائلتها

كلامها جعلني أهدأ قليلا، إذا هذه المرأة تعاني من عقدة نفسية، حسنا إذا لن أجادلها وسأحاول كسب مودتها لعل كراهيتها تقل، لكن الأمر لن يعني إقراري لكلامها القبيح حولنا

أقول مقررة دخول الموضوع مباشرة:

ــ أنستازيا، أعتقد أن عليك الاهتمام بشؤونك بدل التدخل في شؤون الآخرين

ــ ماذا؟

تسأل باستنكار لأتجاهل النظر لها وأبدأ في ترتيب الأواني المغسولة في الدولاب مستكملة حديثي بسرعة قبل أن تنطفئ شعلة الشجاعة التي أوقدت بداخلي:

ــ كما قلت، فإمضاء الوقت في شتم الآخرين وتتبع زلاتهم وجعلهم همنا الوحيد ليس إلا تضييعا للحياة، من يعلم كم من الوقت يزال لدينا حتى يحين موعد الرحيل، ربما سنة أو أسبوع أو دقيقة، نحن لا نعلم لذا علينا فقط اغتنام الفرصة وعيش الحياة بطولها وعرضها قبل أن نذهب لذاك القبر الضيق، أنت الآن لا تكفين عن الإساءة لأشخاص لا يكادون يعلمون عن وجودك على متن الكرة الأرضية، أنت فقط تضيعين وقتك وتزعجين من حولك

لا أكاد أنهي كلمتي حتى أشعر بضربة قاسية على رأسي، لقد رمت علي حبة طماطم، ما مشكلتها مع الخضر؟ أنحني لألتقطها ثم أرتفع رامقة إياها بانزعاج، إنها تستشيط غضبا، أعتقد أنها لم تجد الكلمات المناسبة لشتمي، أضع الطماطم شبه المسحوقة على سطح الدولاب لأقول بلوم:

ــ أتعلمين أن هناك من يرون هذه الطماطم كمنقذ لهم من الموت جوعا بينما أنت قد أهدرتها للتو؟ ما هذا التبذير؟ فقط ضعي في قاموس معارفك أن ربنا الّذي لا تؤمنين به يغضب من المبذرين، لذا نحن كمسلمين نجتنب هذا الفعل ونفضل أن نصدق بالطعام الزائد الذي لا نحتاجه للفقراء لكي تتحسن أوضاع المجتمع، فالّذي قمتي به للتو هو عكس مبادئنا، إنه سلوك منحط، لو كان هذا الفعل عادي بالنسبة لك فأتساءل الآن من هو الجانب الّذي يدمر تطور المجتمع، أهم نحن المؤمنين الّذي نتبع أوامر ربنا المحسنة لحال الغير أم أنتم الذين لا تملكون مرجعا ثابتا صحيحا لأسس الحياة؟

جملتي الأخيرة جعلتها تنفجر غضبا، أعرف هذه النظرة التي تعتليها، إنها مطابقة للتي ترمقني بها أختي الكبرى بعدما تجدني أقرأ روايات الرعب، في العادة هي ستهجم علي لمعاقبتي لذا أعتقد أن أنستازيا ستقوم بالمثل، وأعتقد أن علي القيام أيضا بما اعتدت فعله لتفادي العقاب

قبل أن تنقض علي تلك الغاضبة أباغتها بحضن طويل، رغم كون الفتيات في بلدي الحسناء ذوات الأربع عشرة سنة من عمرهن لا يمتلكن أجسادا ناضجة إلا أني أمتلك جسما كجسم ذوات الثامنة عشر لذا استطعت السيطرة على انفعال أنستازيا ومنعها من الإفلات

ــ هيه أيتها الـ

تكاد تبدأ في سلسلة شتمها لأقاطعها سريعا مغيرة نبرتي للاستعطاف:

ــ رجاءً لا تغضبي ولا تعاديني، أنت الشخص الوحيد الذي أستطيع إمضاء الوقت معه هنا ريثما يعود أبي العزيز، فقط اعتبري كلامي رأيا شخصيا يمكنك الأخذ به أو تركه، كل إنسان لديه معتقداته الخاصة يجب احترامها وعدم الإساءة إليها، لذا كما أحترم معتقداتك احترمي معتقداتي حتى لو كنتِ رافضة لها

أبتعد عنها قليلا تاركة يدي على كتفيها، رغم الاعتراض البادي عليها لكن أظن أن كلامي قد جعلها تهدأ قليلا، أضيف لكلامي جملة أخرى وابتسامة تعتلي وجهي وأنا أشير لحبة الطماطم:

ــ و بخصوص حبة الطماطم فأرجو أن تحترمي حاجة غيرك وتتصدقي بها لهم بدل إهدارها، افعلي هذا من باب الإنسانية على الأقل

صمت يسود المكان لوقت من الزمن، تبعد يدي عنها لتعود لعملها، لكن قبل أن تبدأه أراها تمسك بحبة الطماطم، تنزع الجانب المتضرر لتتخلص منه والجانب الصالح تضعه جانبا لتردف:

ــ سأستأذن لاحقا السيدة سارا كي نتبرع لفقراء القرية بالطعام الزائد، لا أظنها سترفض لأن كميات كبيرة من الطعام تفسد نهاية كل شهر ويكون مصيرها النفايات، إطعام أولئك المتشردين لن يشكل مشكلة

وتكمل بنبرة شرسة رامقة إياي بكره:

ــ ليس وكأنني سأفعل هذا من أجلك لذا لا تسيئي الفهم، فقط هناك الكثير منهم يدقون باب المنزل مؤخرا باحثين عن ما يسد جوعهم وهذا مزعج للغاية

ــ حسنا شكرا

ــ لا تشكريني

تعود للنظر أمامها لأعود لترتيب الأواني مبتسمة بهدوء لكن سرعان ما أرمقها باستغراب من جملتها المفاجئة:

ــ وجدت أثناء تنظيفي ورقة ملقاة بقرب عتبة باب غرفتك علمت من سارا أنها رسالة من والدك، إنها في غرفتي سأحضرها لك عندما أنهي عملي، لا تلقيها بإهمال في المرة القادمة

ــ عن ماذا تتحدثين؟ أبي لم يرسل لي أيّ رسالة

ــ بلا لقد أرسلها في أول يوم لك هنا وقد سلمتك إياها السيدة، هذا ما قالته لي

ــ لا، آخر كلام بيننا كان عندما قال أنه سيعود بعد أيام لأخذي، هو لم يترك لي أيّ رسالة فعلا

ترمقني باستغراب لأبادلها نفس النظرات، لما قالت العمة سارا أن الرسالة لي؟ لا أذكر حصولي عليها، أساسا من أصبح يستعمل الرسائل الورقية هذه الأيام؟ نحن في عصر التكنولوجيا

أعود لعملي لتعود هي الأخرى لتحضير الغداء، إنها العاشرة صباحا، سأكمل مهمتي ثم أذهب لصلاة ركعتي الضحى وقراءة وردي من القرءان قبل أن يهاجمني كسل الظهيرة المعتاد



*



جو لطيف، ناس مبتسمة، وضحكات تنعش القلب والروح

أنا دميتري، أسير حول المتنزه شاتما كل ما تقع عيني عليه، ساعتان مرت وأنا هنا على الهامش أنتظر عودة ماكس من مهمته، ذاك اللئيم، فقط لو أستطيع لكم وجهه المتعجرف، كيف يجرؤ على تركي خارج المهمة في دور الكلب المنتظر لصاحبه، كان بمقدوره إخباري بالتفاصيل على الأقل، لولا أوامر الرئيس التي تجبرني على إطاعة أوامره المتغطرسة لكنت الآن أشحذ سكاكيني استعدادا للمهمة القادمة بدل البقاء وسط هذا الإزعاج والقرف

أرمق ابتسامات الغير باشمئزاز، لكن فجأة أتوقف عن السير إثر الجسد الذي اصطدم بي، أشعر بكتلة باردة على صدري، أنزل نظراتي سريعا نحوه لأجد قميصي مطليا بقطعة مثلجات شكولاطة ضخمة، أطلق شتائم ساخطة لأرفع نظري للغبي الذي تجرأ على فعل هذا بينما قبضتي تكاد تلقي لكمة على وجهه، لولا اندفاعه السريع بمسح البقعة بواسطة منديل قماشي ملقيا علي سيلا من كلمات الاعتذار

أبعده عني ملتزما الهدوء على مضض، لا أستطيع افتعال الضجة كي لا يُفضح أمر المهمة، لقد كدت أنسى هذا

ــ أنا آسف حقا، سأدفع ثمن قميصك و...

صوته يرتجف وكلامه مملوء بالتأتأة، إنه مرعوب، لكنته تدل على أنه ليس من أبناء البلد، حتى عينيه الناعستين شديدتا الضيق وملامحه دليل على أنه من دول الساحل الشرقي، أقاطعه لأربت على كتفه متعديا إياه بقلة حيلة

ــ لا بأس أيها الصعلوك، أستطيع معالجة المشكلة بنفسي فقط كف عن هذه التأتأة المزعجة
ينحني باحترام مؤكدا شكوكي حول أصله فلا أحد يقوم بهذه الحركة في غير تلك البلاد، إنهم يقدسون الاحترام والأدب

الأدب؟ أظنني كنت قليل أدب طيلة حياتي، والآن سأعدم آخر بقاياه بينما ماكس يتنفس معي نفس الهواء، لماذا تأخر؟

.
.
.

أنا وماكس الآن في شقتنا بعدما عدنا من المقر الرّئيسي لاجتماع أعضاء عصابة الأوركيد

طبيعة العمل في العصابة تنص على تجزئة الأعضاء إلى جماعات ثم فرق، أي أن العصابة مكونة من ثلاث جماعات، جماعة الشرق والغرب والشمال، وكل جماعة عبارة عن فرق، في الفريق الواحد قد تجد من عضوين إلى خمسة أعضاء ذوي مهارات مختلفة، فهناك المقاتل من المسافة البعيدة المعتمد على الأسلحة ومن المسافة القريبة صاحب القوة الجسدية والأحزمة السوداء في مختلف الفنون القتالية، إضافة إلى الهاكر والمخطط وغيرها من المهارات الأخرى

طيلة السنوات الأخيرة كنت في فريق واحد لا يوجد فيه غيري أنا .. دميتري، مقاتل المسافات البعيدة .. وماكس الجاسوس، لكن اليوم ولأول مرّة ينضم لنا عضو جديد، دانيال القناص، أتساءل إذ كان مستواه يتناسب مع مستوى عضوين مخضرمين مثلنا

ــ مرحبا، أنا دانيال الزميل الجديد، أتمنى أن تعتنيا بي

يقولها بتأتأة لينحني بعدها، نعم إنه الشخص نفسه الذي صدمني في المتنزه، جديا من كان يتوقع أن شخصا كهذا قد يكون رجل عصابات، سيفشل حتما ويولي هاربا إلى والدته

ــ أوه أخيرا أتى من يسليني لبعض الوقت بدلا من مقابلة وجه ماكس المزعج، تعال يا صاحبي سأعرفك على المكان

أقولها لأشد على كتفه محركا إياه نحو غرف المنزل ليقاطعنا ماكس بهدوء دون أن يرفع عينيه من على الكتاب الذي بين يديه:

ــ أيها المستجد، فلتفعل ما تشاء خارج الشقة ، لكن هنا عليك التزام الهدوء، لا تدع دميتري المزعج ينقل لك عدوى الضوضاء

أعبس بانزعاج

ــ فلتكن سعيدا بسماع صوتي أيها المتغطرس، ملايير البشر يتمنون أخذ مكانك، قال ضوضاء قال

لأردف مخاطبا دانيال بتجاهل لماكس الذي وضع السماعة بأذنه دون إضافة أيّ تعليق آخر:

ــ أما أنت فدعك منه واتبع كلام سيد المكان .. دميتري ..عندها سأتجاهل أمر قميصي الجميل الّذي أفسدته مثلجاتك

ـ حسنا يا سيد المكان

يجيب بتوتر وخجل بعدما غمزت له، هذا الفتى، أتمنى ألا يهرب في أقرب وقت فمن الممتع العبث معه



*



ــ فلتذهبي للجحيم أنتِ وسيدك، حتى لو كنت أعلم عن مكان ما تبحثون عنه فأفضل الموت على إعلامكم إياه

أنا ملاك، لا تمر أجزاء من الثانية على كلامي حتى تسدد هذه العملاقة الكريهة ركلة على بطني، أصرخ متأوهة بقلة حيلة لأسعل دما إثر قوة الضرر، إنها ليست المرة الأولى التي تضربني فيها، فمنذ إحضاري إلى هنا تم تعيينها كمعذبتي الشخصية، ورغم كوني أجيد الفنون القتالية إلا أن بنيتها الضخمة الرهيبة كافية لردعي عن المقاومة

ــ يبدو أنك اشتقتِ للشاب الوسيم الذي كان هنا بالأمس، قال بأنه يتوق لليلة أخرى يقضيها معك، أظن أن هذا كفيل لجعل لسانك أقل طولا

تلفظ كلماتها القذرة لتجعل قلبي يعتصر ألما وقهرا على الحال الذي آلت إليه الأمور، شهر مر على خطفي وترحيلي من بلدي إلى هذا المكان المجهول، شهر مر وأنا أعامل كبهيمة تعذب وينتهك شرفها وعرضها، شهر مر وهؤلاء الأوغاد يسألونني عن وثيقة لا أملك أدنى فكرة عنها حتى

تقترب مني عديمة الشرف لتدني وجهها لوجهي وتردف:

ــ ما رأيك؟ هل أناديه؟ أم تريدين تغييره بشاب أشقر ذو عينين زرق هذه المرة؟

أرمقها باستهجان وقد طفح كيلي منها للمرة الألف، بشكل مفاجئ أبصق على وجهها الكريه لتتراجع مبتعدة بصدمة لم تدم لأكثر من خمسة ثوان حتى اِنهالت علي بالشتم والضرب، تنتهي موجة جنونها لتخرج بعدما بللتني بدلو ماء بارد مالح يلهب جراحي بحرص على عدم حصولي على بعض الراحة حتى عند غيابها

الوغدة، بينما أصارع الألم أهمس مرددة بضعف ودموعي تنهار مدمرة سياج قوتي المزعوم

ــ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم، حسبي الله ونعم الوكيل



*



صوت دق على الباب المصنوعة من الخشب النادر يليه صوته الهادئ:

ــ تفضلي أيتها العميلة 49

تفتح الباب لتلج وعلامات الاندهاش واضحة على محياها إثر معرفته لهويتها رغم عدم وجود كاميرات في المكان، لتقول باحترام:

ــ تحياتي سيدي الرئيس، العميلة 49 جاءتك بتقرير اليوم

يضع كأس العصير على المنضدة ليمسك أوراق التقرير الذي أحضرته صاحبة الهيئة الضخمة معلقا:

ــ هل طرأ أي جديد؟ تبدين أكثر غضبا من المعتاد، على الأرجح أنها لم تكف عن المقاومة كالعادة أليس كذلك؟

ــ صدقت أيها الرئيس، مضت فترة طويلة منذ أن صمد أحد أمام تعذيبها بهذه الطريقة، حتى أقوى الرجال ينهارون في وقت أبكر، إنها لا تكف عن المقاومة ومحاولة إذلالنا

تخبره بهذا وعلامات الغضب تتجدد على وجهها فور تذكرها لما فعلته ملاك ليقابلها الرئيس بضحكة مجلجلة:

ــ هذا الشبل من ذاك الأسد فعلا

في محاولة لتمالك نفسها تميل فمها بغيظ من كلام الرئيس المبهم لتستمر:

ــ لقد أجرينا التنويم المغناطيسي لكن لا جدوى، المرأة لا تعرف شيئا عن الوثيقة

تستقر ملامحه مجددا مع وجود ابتسامة خبيثة على محياه هذه المرة، يمسك كأس العصير مردفا:

ــ لا يهم هذا، استمري في تعذيبها ولا تنسي تصويرها أيضا، هناك من يجب أن يمتّع ناظريه بصور طفلته المدللة

يرتشف آخر رشفة مكملا بنظرة شيطانية انعكست عليها أضواء المدينة البرتقالية التي تظهرها النافذة الضخمة:

ــ أليس كذلك صديقي العزيز؟ عزام



*



أنا ريان، أجلس على طاولة الأكل متناولا العشاء، الصغار ينشرون فوضاهم وضجيجهم والأمهات يحاولن ردعهم، الشبان يتركون هواتفهم بعد أوامر جدي عزام، جدتي تغرق في هدوئها والرجال يتحدثون حول أعمالهم الخاصة، كل شيء كالمعتاد بخلاف غياب ثلاثة أفراد

فارس الذي سافر لإكمال دراسته الجامعية، ملاك التي لا تزال في مدرستها الداخلية، وضياء التي تقضي العطلة في منزل قريبة جدي، آخذ قضمة من الرغيف لأستمر في النظر لجدي بريبة، بخلاف موضوع سفر فارس الذي اعتدنا عليه هناك شك يراودني بخصوص ملاك وضياء، لقد مضى أكثر من شهر منذ حلول العطلة الصيفية فلما ملاك لا تزال في المدرسة الداخلية؟ بل كيف يتركها جدي في دولة أخرى؟ نعم إنها لا تزال في دولة الحسناء التي كنا نسكن بها سابقا، أما ضياء فما سبب بقائها في منزل القريبة التي لم نكن نعرفها من قبل؟ أعلم جيدا أن ضياء ليست من الأشخاص الذين يستطيعون البقاء بعيدا عن المنزل خاصة مع أناس غرباء، والمشكلة أن هواتف كلا من الفتاتين مغلقة ولا نستطيع الوصول لها، الشخص الوحيد الذي يستطيع هذا هو جدي لكن كيف؟ هل تحطمت هواتفهما واشترتا هاتفان جديدان؟ لو كان الأمر هكذا لما لم يخبرنا جدي عن الرقم الجديد؟

ــ جدي، كيف حال ملاك وضياء؟ ألم يحن موعد عودتهما بعد؟

سؤالي هذا جعل الجميع يصوب نظراتهم نحو جدي حتى الأطفال

ــ جدي أنت لم تبعهما صحيح؟ لا تقل أنك فعلت هذا واشتريت بذاك المال هذا القصر الرائع

تصرخ بهذا كارمن الصغيرة التي لم تتعدا السابعة من عمرها لتردف توأمتها ياسمين:

ــ هل زوجتهما لمليارديرين جدي؟ لا تقل أنك فعلت هذا، متى حفل الزفاف؟ علينا تجهيز الفساتين، أريد فستان أبيض مزين بورد الياسمين

ــ أما أنا فأريد فستانا أحمرا مزينا بورد الكارمن، أما أمي فعليها ارتداء واحد بورد الكاميليا

تقولها كارمن لتتنهد أمهما وتجبرهما على الصمت بعد قرصهما:

ــ يا الله أعني على هاتين الفتاتين، لا أذكر أني أكلت بعض المنشطات أثناء فترة حملي لأصبح أما لثرثارتين كهاتين

ــ دعيهما كاميليا، دعي حبيبتا جدهما تخططان لما سترتديانه

يقولها جدي لتقفز كل من ياسمين وكارمن عليه بفرحة

ــ أحقا سيكون هناك حفل زفاف؟

يسألانه في الوقت ذاته ليبتسم بحنان ماسحا على رأسيهما:

ــ كلا، لكن فلنصنع واحدا لدماكم الجميلة، أما ملاك وضياء فستعودان بعد العطلة بإذن الله، ملاك أرادت إكمال الدروس الصيفية وضياء أعجبت بالريف عند قريبتي، إنهما تستمتعان لذا لا تقلقوا
يختتم كلامه بنظرة هادئة موجهة لي:

ــ وأنت ريان أعرف أنك اشتقت لهما لكن جد شيئا تفعله بدل تضييع وقتك في تكرار هذا السؤال، أعلم أنك متعلق بهما لكنك لم تعد طفلا، أظن أن عليك مساعدة والدك في العمل الآن

ينظر لي التوأم بشماتة لأبتسم بتوتر ناهضا بسرعة من على المائدة:

ــ أتعلم جدي، تذكرت أني شاركت في دورة أنترنت والآن قد بدأت أول حلقاتها على الأرجح، أستأذنكم جميعا

أبتعد عنهم هاربا لغرفتي، من يريد أن يقضي عطلته في البقاء مع والده في ذاك المكتب والقيام بالأعمال الورقية المملة؟ أمسك مقبض الباب لكن قبل إدارته يجذب انتباهي ذاك الهاتف الموضوع على المنضدة القريبة، أذاك هاتف جدي؟ لقد أصبح ينساه كثيرا في أماكن عشوائية، حتى أنت يا عزام بدأت تعجز وتودع حلاوة الشباب

أمسكه ناويا إعادته له قبل أن تجده كارمن وتحطمه لكن الفكرة التي لمعت بذهني أوقفتني، صحيح، لابد من أن جدي يملك رقم ضياء وملاك، أعتذر على التجسس لكن لم تترك أمامي أي خيار جدي عزام

أفتح الهاتف لتظهر خانات الرقم السري، لا أعرفه لكن لا مشكلة، أخرج هاتفي لأستعمله أيضا، دقيقة وها بالقفل يفتح، نعم أنا هاكر ممتاز وهذا سري الصغير، طالما كنت عبقريا منذ طفولتي واستغللت ذكائي في هذا المجال دون إعلام أحد بخلاف عمي فارس، أسرع لقائمة الاتصالات باحثا عن رقمي الفتاتين لكن لا جدوى، تعبس ملامحي أكثر لأكاد أستسلم لكن يجذبني رقم أحدهم، يدعى "ذنبي"، من هو هذا ولما سماه جدي هكذا؟

أدون الرقم سريعا عندي والفضول بلغ ذروته لأعيد الهاتف لمكانه مسرعا لغرفتي، علي معرفة هوية هذا الشخص



*


أنا أنستازيا، أخيرا انتهى عمل اليوم وحان وقت النوم، تلك الفتاة لم تكف عن تتبعي طيلة الوقت والثرثرة، لا بد من أنها تعاني من الملل حقا، من الجيد أن هناك فترة الظهيرة التي استطعت الراحة فيها من حديثها عندما ذهبَتْ لأخذ غفوة

أدخل غرفتي ناوية الاستحمام ثم النوم لكن أتوقف بعدما وقع نظري على الرسالة المرمية على سريري والتي من المفترض أن تكون لضياء، أفتحها لأعيد قراءتها بانزعاج شديد


" ضياء، أنا والدك عزام، أعلم أن ما سأقوله سيغضبك لكن إنه خياري الوحيد، لو أخبرتك إياه وجها لوجه فأعلم أنك سترفضين القيام بما يجب القيام به، ما الذي جب القيام به؟ هو بقاؤك في هذا المنزل واعتباره منزلك الجديد من الآن وصاعدا، إنه منزل ذؤيب، لم أخبرك مسبقا بأني زوجتك له عندما كنت طفلة، لا تصدمي فالأمر ليس بذاك السوء، لقد أخذت عهدا منه أنه سيحترم عمرك الحالي ولن يعاملك كزوجة حاليا، أما السيدة سارا فهي شخص طيب ستحرص على الاعتناء بك، عيشي معهم كأنهم عائلتك الوحيدة أما نحن فامحينا عن ذاكرتك، لا أقول هذا كرها لك لكن بقاؤك معنا لا يسبب إلا المشاكل والصراعات مع أخوك سعد وهذا يؤثر سلبا على الجميع خاصة الأطفال ووالدتك المصابة بالاكتئاب، رغم أنك جزء من الأسرة إلا أنك كالشوكة في الوردة، شوكة لا تؤذي من يمسكها إنما تؤذي الوردة بحد ذاتها، لذا لو كنت تحبينا حقا وتهتمين لمصلحتنا لا تتواصلي معنا مجددا مهما سمحت الفرصة، ابقي بعيدة وحسب .. أبوك عزام"


وتختم الرسالة بتوقيع الكاتب الخطي، أي أب هذا؟ كيف يجرؤ على فعل هذا بابنته؟ لا أعلم ما مشكلاتهم لكنها ليست سببا للتخلي عن طفلته

أزفر بغضب لأتذكر ردة فعلها عندما سألتها عن هذه الرسالة، رغم أن سارا قالت أنها سلمت الرسالة لها لكنها تنكر معرفتها، ملامحها وصوتها لم يدلا على أنها حاولت الكذب، لو كانت قد كذبت حقا فأشهد أنها تستحق جائزة على تمثيلها المتقن مع أني أشك في الأمر فالأغبياء ليسو ممثلين جيدين، لكن بما أنها لم تقرأها فهل علي تسليمها لها؟

أمزق الورقة وأميها، رغم أن إعادتها هو السلوك الأصح لكني لن أفعله، لا أحب تلك الفتاة، لكني لن أكون سعيدة بجعلها تعرف مدى قبح والدها الذي تنتظره بفارغ الصبر، أحيانا البقاء جاهل أسهل من معرفة بعض الأشياء


ـــــــ

تم الفصل الثاني والحمد لله



 
 

 

عرض البوم صور مخمل الرجاء   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رواية دفء وجمود
facebook



جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t208562.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 06-03-23 10:33 AM


الساعة الآن 10:29 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية