لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-22, 09:54 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2021
العضوية: 337109
المشاركات: 85
الجنس أنثى
معدل التقييم: سارة منصور دوار الشمس عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سارة منصور دوار الشمس المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية المتحول الوسيم

 

الفصل الحادى عشر
خرجت مسرعة إلى النادى وهى ترتدي قميص سيف الذي يبدو كالبحر الشاسع تعوم بداخله بجسدها النحيل .
حمدت الله عندما وجدت باقى الفريق يتحدث فيما بينهم فى وضع دائرة ، فأسرعت أكثر حتى خرجت من الباب الرئيسي .
أما الاخر كان ملقى على الارض ، يشعر بالألم بجسده ، وعيناه شاردة فيما رأته من غرابة .
فعندما رأه للمرة الاولى يلعب الكرة فى المتوسط دار الشك حول عقله ، لذا أراد أن يتأكد ، فقام بضربه بقسوة ذلك اليوم أمام الجميع .
نعم تأكد أنه ولد ، لكن ، يوجد شئ بداخله يخبره دائما أنها فتاة .
أما الان يريد ان يكتشف ماحقيقة الشئ الذي رأه ، تنهد وهو يرفع نفسه لكى يقوم من الارض .
فى تلك اللحظة دخل عليه رامي وعيناه جاحظة، يرمقه بنظرات غريبة ، وسيف ينظر اليه طويلا يحاول أن يكتشف أن كان يعرف أم لا .
لكن الضباب يملأ المكان بالغموض فقال سيف وهو يقف على قدميه وهو عرى الصدر .
_ أن تعرف أن إسلام ..
وقفت شفتاه عن الكلام فرفع ببصره الى رامي ليرى عيناه متلهفة لتنصت الى كلماته ، لا يعرف لما اراد أن يخفى ما رأه وأردف مغيرا للموضوع .
_ لو شوفته هقطعه ، ميهمنيش إن كان صحبك ولا لا .
صاد الصمت بينهم للحظات ومن ثم خرج رامي من أمامه بدون كلمه واحدة.
متجها الى غرفة تغير الملابس ، وقف أمام حزانة الملابس الخاصة باسلام ، وقام بفتحها بصعوبة بسبب غلقها المشيد عليها ، ليري حقيبة اسلام بداخلها .
****
أسرعت الى المنزل ، وقلبها يرتجف بجنون تشعر أن الحياة تميل عليها بكل ثقل الايام دفعة واحدة ولا ترحمها بيوم تسترح فيه من كل الآمها .
دخلت الى البيت وهى تشعر بالإرهاق الشديد ، والعرق يملأ جسدها حتى تجمعت الأتربة حول وجهها ، تخفى بياض وحمرة وجنتيها .
صعدت الى غرفتها وهى تنهج بصعوبة على السلم الخشبي ، وتلتقط الهواء بصعوبة حتى يملأ رئتيها ، وما إن وصلت ، وجدت لبني تقف أمامها بعيناها الغاضبة .
_ لبني !!
_ تعرف لما عمى جمعنا أمبارح عشان يقولنا عليك أنا مصدقتش ، أنت ليه كلك مشاكل ، متعيش بهدوء وحل عننا ، مش كفاية سرقت الفلوس وهربت .
ياريت بقي تخرج من هنا ومعتش أشوف خلقتك تانى .
برغم تعبها الشديد حاولت ان تتماسك وترفع ظهرها مستقيما وتقوم بمسح حبات العرق . وتقول
_ دا بيت عمى ، وأعد فيه زى ما أنا عاوزة ، لو بتفكرى يالبني أنك تطرديني زى ما أبوك وأمك عملوا يبقي أنت عايشة فى الوهم ، روحى شوفى مصلحتك إجرى ..
...اااه صحيح ... ولمى جوزك عليك ، مبقتش حباه يجيلي الاوضه كل شوية .
_ إإإيه .....صدقت أمى لما قالت عليك ، عيل ناقص ، بس فعلا ..، خنثي ..لايق عليك .
_ قصدك تقولى بنت ، ولا عقلك غايب عن مخك زى ماغايب عن جوزك .
كزت لبني على أسنانها بالغل ،فاقتربت من ياسمين حتى تعنفها بإمساكها من شعرها ، لكن ياسمين ابتعدت برشاقه عن يدها ، ودفعتها من صدرها لترتمي على الارض وهى تتآوه وتصدر صوت بكاء برعت فى تمثيله .
دخلت ياسمين الى غرفتها وأوصدت الباب بقوة فى وجهه لبني .
كل تلك القوة التى بادت على وجهها ليست سوي قناع ، سريع التلاشي فى صومعتها ليظهر الوجهه الحقيقي لها من بكائها القهرى .
وبعد مرور يومين بدون مغادرة غرفتها ، جاءها أتصال من عيادة الطبيب النفسي ، تخبرها المشرفة أن المعاد هو اليوم .
تنهدت وهى تقوم من الفراش وقد عاد اليها الثقل فى جسدها ، لا تعرف لما ، لكن ، تمنت عندما تذهب الى الطبيب أن تطيب نفسها وتستريح .
وعندما ذهبت الى العيادة ، وجدتها ممتلئة يجلس المرضي فى مقاعدهم الخشبية، والعجيب الذي ثار دهشتها أن العيادة تطل على حديقة خضراء مليئة بزهور الكاسليا التى تفضلها .
يدخلون تلك الحديقة بشرط خلع حذائهم ، والجلوس فى أى مكان سواء على العشب بالأخضر أم تلك المقاعد الخشبية المريحة .
أنتظرت دورها بجانب تلك الزهور ، طوال الوقت تلثم عطرها .
وما إن حان دخولها عند الطبيب ، خطت بخطوات أريحيه فقدمها العارية تمشي على هذا الرخام البارد مما يزيد أنتعاش رئتيها .
جلست أمام الطبيب ، ونظرت اليه طويلا ، كان رجلا شديد البياض ذا وجه حسن طيب الملامح ، بشوش العينان .
_ أخيرا جيتي ياياسمين ، دا الدكتور كامل كل شوية يتصل بيا يعرف أنك جيتي ولا لاء .
_ ااه دكتور كامل هو لسة فكرني .
_ طبعا . المهم ياياسمين أخبارك أيه .
ردت ياسمين على الطبيب ، وقصت عليه كل شئ ، فكان الطبيب معها حكيما فى رده ، دائما يخبرها ان تتمسك بنفسها وأن تتعرف عليها من جديد .
واستمر ذهابها الى الطبيب كل ثلاثة أيام فى الاسبوع ،حتى قال لها فى هذا اليوم .
_ ياسمين ، أعرفِ أنى مجرد طبيب ، بيسمع ليك فقط ، مش بايدى أقدم ليك غير الكلام ، اللى ممكن يساهم فى شخصيتك بنسبة ثلاثين فى المئة ، والسبعين التانين دول هيجوا منك ومن إرادتك ، لازم تبحثي عن نفسك ، وتحبيها ، أنت لحد الأن معرفتيش إذا كنت ياسمين أو إسلام .
أنت بتقوليلي أن مفيش أى تقدم عندك ، بسبب أنك مستسلمة لتعب اللى بيجيلك ، كل دا نفسي ، أنتِ سليمة مفكيش حاجة .
أمالت ياسمين برأسها الى الطبيب إيجابًا وهى تتنهد .
فأردف الطبيب
_ أنا بكلمك زي بنتي ، ان من البداية بعرفك مش هعطيك أى علاج ، لان العلاج دا بينيم بس ، مش هيساهم فى حاجة ، وممكن يقلب بالسلب عليكِ.
بس هعطيكِ علاج روحاني .
دايما أقرئ قرآن عشان روحك تبقى خفيفة ، إصحي بدرى وامشي قدام البحر ، وعنيك دايما تشوف الزهور والشجر.
الحاجات البسيطة دي ، بتقوى روحك أتجاه اى حاجة....
اهو أنا مبخدش منك غير انك تميلي رأسك بس ، وتيجي تقوليلي أنا مبتحسنش .
بصي متنسيش بكرة هيبقي فيه تجمع ، ولازم تيجي . قالها الطبيب مودعًا ياسمين وهى تخرج من العيادة .
****
وفى اليوم التالي
زفرت ياسمين بشدة وهى تنظر الى إتصالات رامي التى لاحصر لها ، فقامت ترتدى ملابسها الرياضية لتشهق وهى تتذكر حقيبتها التى قامت بنسيانها بسبب سيف .
عزمت على الذهاب الى النادى ، وهى تشعر بالخوف من سيف ، وهل أخبر رامي أم لا ؟
لكنها لن تصمت وستجد حل لتلك الأزمة بسبب بعض الحجج التى فكرت بها طويلا .
وما إن لمحت رامي يلعب الكرة ، وينظر اليها بضيق ، فطمئنت من نظراته لها فهى لم تتغير .
فأخبرت نفسها انه لايعلم بأمرها فتنهدت براحة .
_ يلا روح اجرى شوف هتعمل ايه .
_ لا أنا جاهز ، بقولك يارامى ، كنت نسيت شنطتى هنا .
_ مشفتش شنط أبقي أسأل عليها فى المكتب .
أملت ياسمين برأسها إيجابًا، وذهبت لتستعد للعب الكرة .
أستمر التدريب ساعة كاملة ، كلما تنظر ياسمين الى رامي ، ترى الضيق على وجهه ، حتى أنه يلعب بالكرة بعنف .
حاولت أن ترطب الجو قليلا ، فأقتربت منه لتأخذ الكرة ، لم يعطيها لها ، كلما تشير اليه ، لا يستجيب ، فتولد الحماس داخلها للعب ، وأقتربت منه مسرعة لتخطف الكرة ، لكن رامي لم يتركها ، وأسرع حتى أخذها منها بقوة مما ادى الى سقوطها على الارض فلتوت قدمها .
كتمت الصرخة داخلها برغم قوة الوجع ، الذي أدى الى أنفجار عيناها بالدموع .
_ أنا أسف يااسلام ، مكنش قاصدي .
قالها رامي ، لتبسط ياسمين يدها وتدفعه بعيدا عنها بغضب .
وقامت بمفردها من على سطح الملعب بصعوبة رافضة أن تأخذ يد المساعدة .
ولم ترد على رامي الذي أعتذر عدة مرات ،وطلب منها الذهاب إلى الطبيب وظلت ترفض وتخبره أن يبتعد عنها ، فأخذ الفريق راحة لمدة ساعه كامله .
جلست ياسمين فى أرضية الملعب تفرد قدمها أمامها وتنظر اليها شاخصة البصر ، لا تريد أن تجلس معهم حتى لايروا دموعها وشهقاتها التى كانت كالقنبلة على وشك الانفجار ، وأنفجرت فى وقت غير مناسب أبدا ..
وظل رامي يراقبها ويرمقها بنظرات غريبة ، وهو جالسًا على المقاعد الخاصة بالنادي .
تنهدت وحاولت أن تتماسك حتى تكمل بقية اللعب ، وعندما وقفت بصعوبة ، لمحت سيف ينظر اليها من بعيد ، ويمسك كرة قدم ويركلها بأقصي قوته لتتجه اليها .
كانت تتابع الكرة وهى قادمة بسرعة رهيبة اليها ،وقد تركت الدموع أثرا على وجنتيها ، فأغلقت عيناها بسرعة لعدة ثوانى .
لتشعر أنها بين زراع أحدهم ويتآوه ، فتحت عيناها بسرعة ، لترى أنه .... رامى !!!
فقد منع الكرة من الوصول اليها ، لـتأتى مندفعة فى ظهره .
لم ترى عيناه من قبل بهذا القرب ، زيتونية ، بداخلها عسلا رطبا ، تحت رموش كثيفة .
شعرت بالتوتر أكثر من إقترابه ، فقامت بدفعه بعيدا عنها.
لم يعطي لها كلمة واحدة ، وذهب مسرعًا الى أخيه ، يدفعه من صدره العريض ، ليرجع سيف عدة خطوات الى الوراء .
_ أنت كمان عارف ، وأنا بقول أنت مقرب منه كدا ليه دايما . هتف بها سيف بنظرات خبيثة
_ بطل بلطجة وابعد عنه .
_ متحولش تعيش دور الغبي ، عشان عنيك كشفاك .
لمح رامي إقتراب بقية الفريق منهم ، فترك سيف بدون كلمة وابتعد من أمامه .
ليخطوا إلي إسلام ويتذكر ما رأه مؤخرا ، عندما وجد سيف يسرع وراءه منذ أيام، فتابعه خوفا عليه .
ليري عندما يصل إليهما رباطًا ملفوفا حول صدر ه ، وعندما قام اسلام بعض سيف ، وركله ، درا هو الى الخلف متخفيا حتى لايراه اسلام وهو يهرب ويرتدي قميص أخيه ، ولم ينتبه الى مفتاح خزانته الذي سقط منه .
تساءل ما سر هذا الرباط ، فقرر أن يذهب الى الحزانة ليبحث فى محتوياتها ، فلم يجد سوى ملابسه .
_ عاوز أتكلم معك هتف بها رامي لياسمين ، وهى ترمقه بنظرات خائفة تارة ، والى سيف تارة أخرى .
لا تعلم أن بتوترها هذا وارتعاش شفتاها ، يلقى داخله افتراضات غير معقولة .
أنتظرت رامي عدة ساعات وقلبها يرتجف بخوف من أشياء كثيرة تؤرقها مؤخرا.
مالت الشمس الى الغروب ، وأقبل الظلام تحت ضوء البدر، والاضاءة التى بعمود أنارة الملعب تسير الى رأسها.
جلست على الارض حتى أفترشت أرضية الملعب تريح جسدها ، وعندما سمعت صوت خطواته جلست مسرعة تترقبه .
تنهد وهو يجلس على الارض بجانبه ويرجع يديه الى الوراء ، ويرفع بصره الى السماء .
_ عملت إيه بالفلوس اللى أخدتها يا إسلام .
التفتت اليه بوجهها منتبهة له وتقول بتوتر بعد صمت دام عدة ثوانى
_ أيه !!! ... إشتريت حاجة كنت محتاجها ، ليه ؟
_ أشتريت ايه؟ قالها رامي وهو يدير رأسه اليه يتفحص لغه عيناه المتوترة .
أدارت ياسمين وجهها الى الامام بسرعة حتى لا يرى ضعفها الذي سكن عيناها .
_ هقولك فى الوقت المناسب .
_ أتمنى ميكونش حاجه ، تخسرنا بعض .
ازدردت ريقها بصعوبة ، وقد بدأت يديها ترتعش ، فوضعتها على عشب الملعب تمررها ببطئ .وهى تقول .
_ اااه .
أنتفض رامي واقفا بخطوات مسرعة الى نهاية الملعب ، بعد ان اخبره ان ينتظره ، فوقفت ياسمين تتابعه وهو يذهب الى نهاية الملعب .
وعندما رجع وجدته يمسك بكرة قدم ، ويأتى اليها مسرعا . وعندما بقي بينهم عدة خطوات ، قام رامي بركل الكرة الى ياسمين ،متستغلا عدم تركيزها ، فجاءت الكرة فى أسفل بطنها بقوة .
_ ايه يابنى ، مش تاخد بالك وأنا بشوحلك الكرة .
_ مختش بالي .
صدم رامي منه وهو لايرى أنه يشعر بأى ألم ، فالطبيعي أن يشعر مثل الرجال .
ابتلع رامي ريقه وقد تقين ، من بعض الاشياء التى تسمح له بالشك .
صاد الصمت بينهم لدقائق ،حتى قتله بكلمة
_ مراتى اللى كنت بحبها ، وكانت بتحبيني ، زى ماكانت بتقول. سمعتها بتكلم راجل فى الموبايل .
التفتت ياسمين تنظر اليه مرة أخرى بصدمة فنبرته تغيرت الى الحزن .
_ تعرف كانت بتقوله ايه ..
....أنى مش مكفيها ، وأنى وأنى ...
حاجات كتير أوووى يا اسلا...
زفر بشدة وأردف .
_ رميتها فى الشارع ، وطلقتها ..
تعرف العجيب ايه ، أنى أهلى عرفوا ، وعوزين يرجعوها ، اللى قهرني أكتر عاوزين يرجعوها بعد ماعرفوا أنها زورت فى الاختبار الخاص بيا، وقالت أنى مبخلفش .
محدش بص لصدمتى ، كله همه الصفقة بتاعت الشركة ، كانوا مجوزينى ليها عشان المصلحة ، حتى هى قالتها ، بس أنا أتجوزتها عشان بحبها .
أنا بكره الكذب ، وبكره اللى واخدينه كدرع حماية ..
قال رامي كلمته الاخيرة ، لتنتشل ياسمين من الصدمة الى حياتها التى كانت عبارة عن كذبة .
وضعها والدها فيها ، وتركها ، وهى فقط لا تستطيع أن تكشف حقيقتها ، للخوف من ردة الفعل .
فقالت بتوتر
_ الكذب ساعات بيبقي غصب عن الواحد ، يمكن خافت تطلقها لما تعرف أنها مش بتخلف .
_ ومين قالك أنها مش بتخلف .
قالها رامي وهو يتفحص عيناه
فدهشت ياسمين عندما وصل اليها أنها لاتريد أن تحمل منه ، فصمت .. لاتعرف ماذا تقول فى تلك الحالة .
بقت تبحث عن بعض الكلمات ، لكن لاشئ يجول بخاطرها
فأردف رامي وهو يتابع صمته .
_ أنت ايه رايك ، أرجعها ، ولا اطلقها ..
...رد عليا يااسلام ... اطلقها ، ولا أرجعها .
وقفت ياسمين على قدميها وقد شعرت بالآلم فيها ، فوقف رامي مقابلا لها .. وهو يقول .
_ اللى هتقول عليه هنفذه ...
رد عليا متبصليش كدا ..
_ دى حياتك وأنت حر مدخلنيش فيها .
_ ايه ...؟؟؟
رجعت ياسمين الى الوراء وهى تراه ينظر اليها بغرابة ، حتى شعرت بالخوف منه ، نظرت حولها لتجد أن النادى فارغا ، فالتفتت مسرعة تخرج .
لكن رامي أمسكها بيدها وجذبها اليه ، حتى اصبحت بين يديه وفى أحضانه ، حاولت أن تدفعه لكن ، هيهات ..
فكان متمسكًا بها بكامل قوته ، وتخرج منه شهقات بكاء جعلتها تستلم لعناقه فهى كانت الأخرى بحاجة الي ضمة تذكرها بعناق والدتها الدائم لها ..
_ لو فى حاجه ، قولى متخبيش عليا .. إحنا مش أصحاب يأاسلام .
شعرت ياسمين باقتراب وجهه رامي الى رقبتها أكثر فتسلل اليها شعورا غريبا ..
فدفعته من صدره بقوة ، وهربت من أمامه .
***
بدأ يوم جديد محملا بالهموم ، قامت من الفراش لتقف على قدمها ، لتصيح بألم منها .
فقد تورمت كثيرا ، من تأثير الوقعة ، مررت يدها عليها لتشعر بألم أكثر ، وعقلها يذكرها بما حدث البارحة من فعل رامي .
تسألت مع نفسها
_ سيف قاله ... انا حساه عرف ... ولا أنا اللى مكبرة الموضوع ، ممكن اقوله أنه رباط لوجع الظهر .
تنهدت ومن ثم جحظت عيناها ، وهى تتذكر تلك الكرة التى دفعها رامي اليها لتصيب أسفل بطنها ، وضعت يدها على فمها ، وتتذكر أنها لم تبدي أى ردة فعل . فشهقت ، وأقبلت تصيح ...
_ زمانه عرف ...أنا غبية ... ازاى مخدتش بالي ، طول عمرك أصفر يا رامي .
فى تلك اللحظة علا صوت رنين الهاتف ، ينبأ برقم رامي ...
فرجعت على الفراش تتقلب من الخوف والتوتر ..
_ أقوله ... أيه ... فكري ...
زفرت بشدة وقامت بفتح الاتصال ..
_ الو .. نعم ... أأأه ...
_ انت كويس .
عضت على شفتياها وهى تسب نفسها وقالت بسرعه .. مش كويس ابدا .. أنا تعبان جدا ... من كل اللى حصل امبارح .
_ بجد ؟؟
_ ايوة بجد ..
قامت ياسمن بغلق الاتصال ، لتسب كل شئ ، حتى وقفت امام الباب لترى أن اليوم هو يوم الاجتماع عند طبيب النفسي ، وأنها تأخرت ساعتين .
ذهبت وهى تتسأل هل هذا الاجتماع سيترك أثر أيجابي مثل ماقال الطبيب أم لا .
وعندما دخلت الى تلك الغرفة الكبيرة ، وجدت تسع فتيات وشاب يجلسون مقابلا لبعضهم .
أشار اليها الطبيب أن تأتى وتجلس معهم .
يظهر أنها جلسة تعارف .
وكان الدور على هذا الشاب .. فوقف يقول ..
_ أنا هالة عندى عشرين سنة ، طلعت من المدرسة وانا عندى 15 ،
طبعا زمانكم مستغربين منى عشان شكلى زي الولد ، وصوتى مش ناعم زيكم ، بس أنا مريضة باضطراب الشخصية ، ولو محدش يعرفه ، فأنا هقولكم ..
أنا عندى هرمون الذكورة أعلى بكتير من الأنوثة ، برغم أن جسمي بنت واعضائى كلها صحيحة ، الا أن شايفه نفسي ولد مش بنت ، وزي ما أنتو شايفيني أنا خفية نفسي بالبس دا .
وأنا جيت هنا ، عشان عاوزة أتعالج وأعيش طبيعي زي بقيت البنات ، أنا نفسي أخف بجد عشان تعبت، وتعبت من كل الناس اللى ضدي ، ومش عرفين أن دا مش بايدى ، وأن زيادة الهرمونات دا بيبقي عيب خلقي ، كان نفسي أهلى يكونوا معايا هنا عشان يشجعونى ، بس للأسف أهلى أتبروا منى . محتاجة منكم تدعمونى ، عشان أكون كويسة .
كان الجميع ينظر الى تلك الفتاة بعجب ، الا ياسمين كانت تنظر اليها بألم .
وعندما جاء الدور الى ياسمين ، توترت كثيرا ..
وابتلعت ريقها ، وقصت عليهم حياتها بالكامل والدموع تظهر لهم الدليل .
وبعد انتهاء التعرف على كل شخصية منهم
كان كل شخص منهم يخبرهم باموره وحياته المعقدة والاخرين يعطوا لهم حلا ، والطبيب يصفق .
كانت ياسمين تضحك وتبكي مع كل كلمة تخرج من أحدهم ، شعرت أنهم عاشت معهم وشعرت بالآمهم . من جلسة واحدة فقط .
وعندما خرجت من هذا الاجتماع ، وعلمت أن الجميع لديهم فجوة وأن كانت تتفاوت فى أحجامها الا أن الجميع يحزن ويبكي .
وأن السعادة تأتى وتذهب كما الحزن تماما .
كانت ياسمين الأكثر تأثرًا بحاله هالة ، فهى وحيدة مثلها ، تتشابهم ظروفهم .
قصدت ياسمين الموقف الخاص بالحافلة، حتى تذهب الى البيت ، فصعدت الى أخر كرسي، تميل برأسها الى الشباك وتفكر فى كلمات الفتيات لها ، بأنها يجب أن تعطي نفسها فرصة .
فهى تستحق أن تكون فتاة ،وليست كأى فتاة فهى تملك قدرا من الجمال والبراءة فى عيناها تجعل الجميع يعترف بأنها أميرة .
كانت تتابع أشعه الشمس والمارة ، حتى وقفت الحافلة ، لترى فتاة تعرفها جيدًا ولم تنسي ملامحها ، فهى تشبهها ، فقد رأتها منذ عدة سنوات عندما ذهبت مع والدها الى الطبيب .
تذكرت سخرية الشباب من تلك الفتاة ،بأنها تشبه الرجال وانها وان صححت العيب بجسدها ستظل رجلا .
نظرت ياسمين لها عن قرب ، لترى أنها ليست سوي فتاة جميلة رقيقة، رأت أيضا بجانبها رجلا ، وفتى صغيرا .
يظهر أنهم كانوا فى نزهة .
تتابعتهم بعيناها وهم يجلسون فى الحافلة ،وتتابع نظرات هذا الرجل الي تلك الفتاة التى تقطر حبا ، الذي عرفت أنه زوجها من خاتمه الذي يتشابه مع خاتمها .
وعند نزولهم الى الطريق نزلت وراءهم ياسمين ، واستمرت تتابعهم فى الخطى .
حتى شعرت تلك الفتاة بأن ياسمين تتابعها ، فالتفتت تذهب اليها ، فوقفت ياسمين كالرمح تنظر الى تلك الفتاة وهى تأتى اليها .
_ فى حاجة ..
مالت ياسمين رأسها بالنفي
_ أومال ماشية ورانا ليه ..لو سمحتى روحي لحالك .
صمتت ياسمين لدقائق ، ثم ذهبت اليها توقفها .. وتقول بتوتر ...
_ أنا زيك
_ زي ازاى يعني مش فاهمه ..
أخذت الفتاة وقتا وهى تنظر الى عين ياسمين التى تتشابه كثيرا مع عيناها فى الماضى بالحزن والانكسار .
فأردفت ياسمين .
_ عاوز اسالك حاجة واحده بس .
أمالت الفتاة رأسها اليها وهى تبتسم ... فقالت ياسمين .
_ أنت سعيدة ..
ابتسمت الفتاة وقالت و يدها تربت على كتف ياسمين
_ جدا ...
...أنا معرفتش السعادة غير لما وجهت كل اللى حوليا بحقيقتي ، وحسيت بيها أكثر لما أديت فرصة لنفسي وحبتها ..
... أحفرى حياتك وشكليها بالطريقة اللى أنت عوزاها ، لان لو سكتى هتتشكل غلط ، وهتندمى .
هتندمي على عمرك اللى ضاع ،...و على فكرة اللى واقف هناك دا جوزى رجل اعمال كبير ، ودا ابني ..
وصلت الي ياسمين لغة عين الفتاة وتشجيعها لها .
بأنها أنسانه مثل كل البشر ، وعليها أن تتقبل ماضيها بكل مافيه وترسم حاضرها ومستقبلها بيدها .
***
ذهبت ياسمين الى البيت وجلست بغرفتها صامتة ، تنظر الى السقف .
حتى جاءها عمها ناجي يخبرها أنه أنتهى من كافة الامور ، وان كان سيتأخر كتابة أنثي فى بطاقتها الشخصية ، إلا أن فى يوم من الايام سيكتب .
وأعطاها ورقة مغلفة تظهر بها هويتها وأنها أنثي ،بديلة عن بطاقتها الشخصية .
وأخبرها عن بدأ الدراسة فى الجامعة فى الغد ، لم تشعر بنفسها وهى تخبره أنها ستذهب .
ربت العم على كتفيها وهو يكتم دموعه الثأئره .
وخرج مسرعا ..
بقت طوال الليل تفكر وتفكر ، حتى قامت من الفراش .. وهى تقول
_ أنا عاوزة أعيش ، عاوزة... أتجوز ،... وأخلف .
...أنا ..أنا عاوز أفرح ...
وفى الصباح الباكر
ذهبت مسرعة الى صالون التجميل الخاص بالنساء ، واخبرت مصففة الشعر وهى تشير الى صورة العارضة
_عاوزة الاستايل دا .......
... واصبغيه كله أحمر ...
وبعد أن قامت المصففة بتجهيزها ، نظرت الى المرآة بعدم تصديق ...
فقالت مصففة الشعر
_ انت حلوة اوى ... والاجمل ان جمالك طبيعي من النوع البريئ ..
ضحكت ياسمين بعفوية .. فكانت تلك الكلمات البسيطة تزيد حماسها أكثر .
...
أخبرتها المصففة بالمبلغ المستحق فقالت
_ ٥٠٠ جنية ....... عشان صبغته بس ،... طب انا هاروح اجبلك الباقي ... وارجعلك .
قامت العاملة الخاصة بالحساب بأخذ ساعتها كرهان ..
وذهبت ياسمين الى البيت ، تبحث عن حقيبة المال كثيرا فلم تجد اى شئ ..
سمعت صوت خطوات تقترب من الغرفة ...وفجأة فتح باب الغرفة ...
_ كنت فين ....
التفتت اليه بشعرها الاحمر القصير ، ليزيد وهج عيناها الزرقاء مع حمرة خديها ...
نظر اليها طويلا وهو يعض على شفتاه ...ويردف
.... لو شوفتك تروحي النادي ، يبقي اعرفي انه اخر يوم فى عمرك هتخرجي من البيت .
واية اللون التيتت دا ...
هتف بها صاحب العينان الرمادية اللامعة تحت ضوء الغرفة الخافت وهو ويقترب منها ....
...يتبع...

 
 

 

عرض البوم صور سارة منصور دوار الشمس   رد مع اقتباس
قديم 22-11-22, 09:56 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2021
العضوية: 337109
المشاركات: 85
الجنس أنثى
معدل التقييم: سارة منصور دوار الشمس عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سارة منصور دوار الشمس المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية المتحول الوسيم

 

الفصل الثانى عشر
إقترب منها وحدقة عيناه تتسع وهى ترى هذا الجمال الساحر ،وضي شعرها الأحمر الذي أنعكس داخل عيناها بالوهج الفاتن ، مما يزيد دفء وجنتيها باللون الوردي .
فكيف له ألايعرف منذ البداية أن تلك العينان الثائرة ، تنسب فقط لزهرة بيضاء فى بستان الزهور .
مرت عيناه يمينًا ويسارًا على كامل وجهها تلتمع بلمعة تكشف لها كم سهرت حالمة بلمس دفئها ، لكن ، أبت أن تصدق ، أن هذا الفهد الذي يتربص بها يملك لها مشاعر ، فرمشت بعيناها لعلها ترفض أعتقاد ما تراه ، وما أستنتج عقلها .
ولم تعلم أن مع كل رمشة من عيناها ، كانت تُلقى فتنة أكثر فى قلبه .
هل شعرت بتلك الرعشة التى حدث داخل قلبه تُحي حربا .
هل سمعت إلحاح قلبه عليه ، وهو يطلب منه عناق عيناها ولو للحظة .
_ بتبصلى كدا ليه ..
تنحنح وقد شعر بالإحراج من وقفته كالأحمق أمامها ، ومن تجمع لعابه على شفتاه .
أبتلع ريقه وقال وهو ينظر الى جهة الأخرى .
_ طلما أنتِ فى البيت دا ، لازم تحترمي كل القواعد ، اللى فيه
مفيش خروج بدون سبب وجيه من البيت
قبل الشمس ماتغرب بساعة تكونى فى أوضتك ونايمة
موضوع الجامعة دا مكنتش موافق عليه ، بس عشان كليه الهندسة جنب صيدلة ممكن أفكر فى الموضوع ، وغيرو ، لو حصل ووفقت هتروحي يوم فى الأسبوع فقط .
_ وأنت مين أصلا عشان تفرض عليا نظام حياتي . ملكش دعوة بأى حاجة ، وروح أجرى شوف مراتك ، أنا مش فاضيالك .
_ متنسيش أنك واكله شاربة نايمة فى بيتى ، وبيتصرف عليك من فلوسى
_ أنا عايشة هنا فى خير عمى ، ومحدش له فضل عليا غيره .
_ لو مسمعتيش الكلام هحطك فى دماخى .
_ ميلزمنيش .
قالتها وهى تنظر إليه باستحقار ..
فرفع يده مسرعا خاطفا منها هاتفها المحمول ، وأسرع بالخروج من غرفتها وأوصد الغرفة بالمفتاح عليها .
تحت نظراتها الصادمة .
_ أبقي خل كلامك ينفعك ، هنشوف بقي هتخرجي من هنا إزاى .
جرت الى باب الغرفة ، وطرقت عليه بقوة ، لكى يفتح الباب وتصيح
_ أدم يا تييييت ، أنتم كلكم عليا بالدور ، أفتح بدل ما تييييت ..أععععع ..
أبتسم أدم وهو يرى أنه تغلب عليها ،وما شجعه أكثر أن أباه قد سافر من اجل أعماله .
ذهب الى غرفة المكتب وجلس عليه رافعا قدميه الى المنضدة الصغيرة ، ويقوم بتصفح هاتفها ، ليري أن سجل مكالمتها مع رامي فقط ، أنقلب وجهه الى العبوس ، فأخرج شريحة الإتصال وقام بتحطيمها .
_ عم عبده ... تعالى ...
..... خد الموبايل دا أديه لعيالك .. ولا لأى حد .
_ تشكر يابيه .. ربنا يعزك
وبعد أن ابتعد عنه عم عبده البواب ، قال أدم وهو يتنهد
_ ماشي يا ياسمين ، أنا هعرفك تسمعي الكلام كويس .
ثم قام بفتح حاسوبه الخاص وقام بتصفح الجدول الخاص بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة ، ثم قام بفتح موقع كلية الهندسة ، يبحث عن الجدول الخاص بالفرقة الأولى .
أبتسم وهو يري أن الأوقات تتماثل مع أوقات دراسته .
وبعد مرور ثلاث ساعات ، قام من مكتبه ليذهب اليها ، ليري إن كانت تفعل شيئا أم لا .
فى تلك اللحظة قام العم عبده يصيح
_ يابيه ، الدكتور ريهام جيت ،يابيه .
_ حاضر ، بتصوت ليه كدا .
نزل أدم الى فناء بيته يرحب بزوجة أبيه ( الدكتور ريهام ) وأشقائه.
_ أزيك يا أدم ... أومال فين ناجى .
_ سافر لشغل وهيجي بعد أسبوع .
أنقلب وجهه الدكتورة ريهام وقالت بضيق
_ عمرك ماهتتغير ياناجي .
كان أدم يُسلم على شقيقه الأكبر بعناقات ، وأسئلة متلهفة ..
_ أومال فين نادر ، مجاش معاكم ليه يا رامز .
_ هيجي بعد يومين . قالتها الدكتورة ريهام باقتضاب .
****
فى تلك الأثناء كانت ياسمين تأكل فى شفتاها من الغضب ، تخرج ذهابًا وإيابًا إلى شرفتها ، تريد أن تخرج بأى طريقة حتى تكسر كلامه ، فمن هو حتى يفعل معها ذلك ، لن تجعله أبدا يفوز عليها .
خطر فى بالها فكرة ، فقامت بإزالة الستائر من الحائط ، وقامت بربطهما ببعض .
وقامت بإنزالها من شرفتها ، فلمحت أناس غريبة تقف فى فناء المنزل ، ففرحت وهى ترى البوابة الرئيسية منفتحة .
نزلت على الستائر المنسدلة على الارض من شرفتها رويدا رويدا .
_ بتعمل ايه هنا . هتف بها شابا يظهر أنه فى بداية العقد الثالث ، يرتدي ملابس رياضية ، وحقيبة ظهر .
فتوترت بعد أن نظرت الى الأسفل ، ولم تعيره أى أهتمام ، وفجأة سقطت الستائر ، وسقطت معها ، وهى تغلق عيناها بقوة و تصيح ..
أنتبه لها الجميع .. بنظرات صادمة ، وخاصةً بعد أن سقطت بين زراع هذا الشاب . الذي كان ينظر اليها وهو يضحك بسخرية على ردة فعلها العفوية .
فتحت عيناها وهى تراه يحملها ، فتوردت وجنتاها ، وطلبت منه بغضب أن ينزلها ..
_ ياسميييييين قالها أدم وهو يكز على أسنانه بغضب، ويهرول إليها .
فجرت بأقصي قوتها ، وبخ نفسه وهو يراها تسبقه بسهولة ،فلم يلعب منذ فترة طويلة . ولم يستطع اللحاق بها ، بسبب سرعتها الطائرة .
ظل يجرى وراءها وقد تقطعت أنفاسه ، وهو يراها تركب سيارة أجرة ، وتختفى من أمامه .
***
حاولت أن تلتقط أنفاسها من شباك السيارة ، وهى تلهث بقوة ..
_ يا أبلة ... على فين ....
_ كلية ..... كلية ........الهندسة ...
تابعت المارة فى شباك السيارة تنظر اليهم ، حتى أقتربت من الجامعة ، لتراها لأول مرة فى حياتها ، مدينة كبيرة .. تشمل عدة مباني خاصة بالكليات والأقسام .
ظلت ساعة كاملة تنظر الى الجامعة على بعد خطوات من البوابة الرئيسية ، وتنظر الى الطلاب بغرابة ، وإلى هذا الكم الكبير من الفتيات .
شعرت بالخوف من نظرات الناس لها ، قدمها ترجع الى الوراء ، تريد أن تدخل ، لكن الخوف قيد صدرها ، وكلمات تجول بخاطرها أكثر من مرة.
( هيعرفوا إنى ...)
( مش عارفة هعمل ايه لو شوفت حد يعرفنى )
( أنا خايفة )
ظلت قدماها ترجع الى الوراء ولم تنتبه الى السيارة التى تقف خلفها ، وتطلق البوق حتى تبتعد .
_ أنت يا تيييت إبعد ...
أكل الرعب قلبها ، تلك النبرة تعرفها جيدا ....
( رامي ) ...
ربما لم يعرفها من ظهرها بسبب لون شعرها المختلف .
رفعت الجاكت الجينز الواسع الى وجهها تخفيه، ولم تشعر بنفسها وهى تدخل من البوابة مسرعة من طريق السيارات ، تبعها أحد رجال الأمن يصيح بها ، لكنها لم تتوقف وهربت .
حتى وجدت نفسها بداخل الجامعة وسط عدد هائل من الطلاب، يتحركون بسرعة .
ضمت يدها الى صدرها ، وهى تراهم ينظرون اليها ..وكلماتهم تمر عبر أذناها ..
( أيه البت الحلوة دي )
(ياحمر ياجامد )
( طول عمرى بحب الاحمر)
(ايه البت دي شوفى عاملة فى نفسها ايه )
( شوف يلا البت دي هييييح كان نفسي أبقي بالطول دا )
(هى فاكرة نفسها حلوة عشان شعرها أحمر ، دا فلاحة )
أطلقت صرخة صامتة متألمة وهى تضع يدها على وجهها ، وتجرى إلى المبني الذي أمامها .
حتى وصلت الى مكان هادئ ، تنظر خلفها كل ثانية كأن أحد على وشك الإمساك بها متلبسة بجريمة .
ولم تنتبه إلى هذا الشاب الذي يرتدي بذلة أنيقة باللون الأسود وفى يده اليسري حقيبة ، واليد الأخرى كوبا من القهوة .
أرتطمت به حتى دخل رأسها فى أنفه بقوة ، فرجع الى الوراء ساقطا على الارض ، متأوها أيضا من حرارة كوب القهوة الذي سقط على يده .
حاول أن يكتم غضبه ، فقام متألما وهو يعض على شفتيه بغضب . والدم ينسكب من أنفه ..
_ فى حد يمشي بالهمجية دى فى الجامعة ...!!
صاح بها وهو يقف على قدميه وينفض التراب الذي ملأ بذلته ..
رفع بصره اليه لينظر و عيناه جاحظه وهو يراه صابغا شعره بالاحمر ، وترتعش شفتاه ...
...إسلام ....
صاحت بأعلى صوتها ، وهى ترى أنه سيف ..
فانتفضت مسرعة تهرب ، لكنه تابعه بالجرى وأمسك بقميصه الجينز .. وقام بسحبه الى الغرفه المقابلة .
_بتعمل إيه هنا .. هتف بها سيف وهو ينظر اليه متفحصا ، ليري ... أنه مختلفا ..
ويظهر ان الاختلاف بجسده أيضًا ..
قامت ياسمين بدفعه بقوة ، وابتعدت عنه ..
وعقله تائها يحاول جاهدا بتركيب بعض الأحداث ..
فقام يخطوا وراءه متسائلا بصدمة والحروف تتطاير من شفتاه متقطعة ، ليجد شئ ما سقط منه .
فرفع هذا الشئ أمام عينه .. تبدوا كالبطاقة الشخصية بها طبعة طبية ،قرأ مابداخله .لتحلق الطيور فوق رأسه بعدم فهم
(ياسمين أكرم ...
..أنثى ..)
أتسعت حدقة عيناه عندما وجد صورة إسلام وبجانبه إسم ياسمين ، وكلمة أنثي ...
أسرع قلبه بضخ الدم ، حتى زادت ضرباته ، وقل الهواء فى رئتيه .
لم تستطع التصديق أنها رأته فى هذا المكان ، وفى هذا الوقت بالتحديد ، قامت بالذهاب الى البيت بسيارة أجرة ، بعد أن جرت الى بوابة الخروج بصعوبة .
_اللى بمر بيه صعب أوووى كل دا هستحمله ازاى .
قالتها وهى تتنهد ... وتخرج رأسها من شباك السيارة.
وعندما وصلت الى المنزل ،رأت ان أدم يجلس فى فناء المنزل ينتظرها ، ويمسك كتابا يقرأ به .
_ كنت عارف أنك هترجعي بالمنظر دا .
لم تستمع اليه وقصدت غرفتها ، وقلبها ينبض بقوة .أشياء كثيرة تجول بخاطرها
( رامي فى الجامعة ، وكمان سيف .. ، إيه الغلب دا ياربي )
( بس سيف كبير ، مفروض أنه خلص ، ولا سقط زي أخوه ..)
( معتش هاروح )
( لا هاروح أنا مالى ) (مش هستفاد حاجه لو أتعلمت كدا كدا مش هشتغل )
( بس أنا عاوزة أعيش مش عاوزة أبقي حابسة نفسي)
(هو ليه أنا دايما جبانة ).
طوال الليل جالسة فى شرفتها ، شاخصة البصر ، تفكر وتفكر ، حتى جاء الصباح ، يرتسم على وجهها بنسماته المريحة .
****
وبعد مرور أسبوعا كاملا ، قضته فى غرفتها ، عرفت أنها إن بقت على هذا الحال ستموت عاجلًا .
فكرت أن ترجع الى الطبيب النفسي ، فلم تذهب منذ أسبوع.
ظلت تبحث عن حقيبة المال ، ولم تجدها .
فكرت فى أن أدم قام بأخذها ، فتنهدت وقامت لتقف فى شرفتها ، لتسمع صوت رامي من فناء المنزل ، وأدم معه.
فذهبت مسرعة تنزل من السلم الخشي ، وفجأة وقفت وهى تنظر الي نفسها فرجعت الى غرفتها حتى تعدل من ملابسها ، وتخفى نفسها جيدا .
وما إن انتهت ، خرجت مسرعة، لترى أدم واقفا أمام غرفتها ..
_ رجعتى الفلوس لرامي ..
دهشت ياسمين وهى تراه ينظر اليها بغضب ، ويتكلم عن المال. فقد اعتقدت انه من أخذه، لم تشعر بنفسها وهى تجيبه بتوتر .
_ أأه ..
نظر اليها بغرابة ممزوجة بحيرة ، وهو يتفحص ملابسها ، وقال
_ هه ، وانت فاكرة لما تخفى نفسك كدا ، مش هيبان من قصة شعرك ، ولونه دا ...،
... اسمعي اللى هقولك عليه ، أنسي انك تعرفي رامي دا تانى ، دا عشان مصلحتك .
كانت ياسمين تنصت اليه وعلى وجهها الضيق ، فقامت باغلاق الباب فى وجهه بعنف ، وعلى وجهها علامات الحيرة، فان لم يكن ادم من أخذ المال ، اذا من هو ..؟؟؟
حاولت ان تبحث مرة أخرى فى أرجاء غرفتها ، لكن الحقيبة مختفية تماما.
بقت تتنهد وهى تتقلب على فراشها ، حتى ساعات طويلة الى أن سحبها النوم الى طيات أحلامها .
وفى الصباح الباكر ، أستيقظت مبكرا ، بسبب طرق الباب المستمر .
وعندما قامت بفتح الباب وجدت عمها ناجي أمامها ، يطمئن عليها .
_ روحتى الجامعة ياياسمين
_ هاااه ، ااااه روحت ياعمى
_ وايه رايك ؟؟
توترت ياسمين ، فعين عمها تنظر اليها بترقب ، شعرت أنه يريد أن يطمئن عليها ويرى أنها سعيدة فأرادت أن تخفى مابها فقالت
_عجبتني ... اوى
_ كويس ياحبيبتي ... كويس ..
وبعد ان اطمئن العم ناجي على ياسمين ، خرج الى عمله
مبكرا بدون حتى ان يرى زوجته او ابنه .
وبقت ياسمين تنظر الى سقف غرفتها ، فلم تعد تطيق المكوث فى تلك الحجرة .
زفرت بقوة
وانتفضت تقف على قدمها ، وذهبت تتفحص ملابسها .
لايوجد ملابس ، مال ، اى شئ .
أرتدت ملابسها الخاصة بالرجال ، وخرجت من غرفتها بتوجس على أطراف أقدامها ، حتى وصلت الى بوابة المنزل .
دهشت عندما وجدت سيارة أدم تقف أمام بوابة المنزل ويشير اليها أن تدخل الى السيارة .
انقلبت قسمات وجهها وهى تنظر الى لبني وهى تجلس بجانب أدم ،و ترنوا اليها بسخرية .
هنا ،جاء بخاطرها وهى تراقب تصرفات لبني الساخرة ، أنها هى من أخذت المال .
كزت على أسنانها متوعدة لها .
ودارت بظهرها تخطوا الى الطريق ، بدون أن تعير أى إهتمام الى أدم .
فخرج ادم من سيارته وهو يبتلع غضبه بصعوبة ، وأمسكها من كم ملابسها ساحبا إياها الى السيارة ، فرفضت وحاولت أن تهرب منه ، فقام بحملها على ظهره وأدخلها سيارته ، تحت نظرات لبني المشتعلة .
_ ازاى تعمل كدا ، أنت نسيت . دي خنثي .
.....مينفعش ياحبيبي... .ممكن هى تفهم غلط .
هتفت بها لبني وقد وصل بها الحال الى البكاء ، فقد نهشت الغيرة قلبها بالأنياب الحادة ، حتى نزف بنيران حارقة .
لم يعطي أدم لها بالا فقد كانت عيناه تائهة عن العالم ، لاتعرف سوي طريق العيون الزرقاء .
وبرغم الضيق الذي يدور حول رأس ياسمين من أدم ، تلاشي بسرعة وهى ترى لبني مشتعلة من الغضب ، حتى إرتسمت على شفتاها بسمة خفيفة وأسرعت فى إختفائها .
شعرت ياسمين بطول الطريق وثقله ، وبدأت تختنق من تصرفات لبني وهى تتدلل وتفرد رأسها على كتف أدم .
_أففف
خرجت من ثغرها بدون قصد ،فانتبه لها أدم بعيناه التى تتسلل اليها شمس الصباح تزيد لمعتها ، وترتسم شفتاه بابتسامة تكشف أسنانه اللؤلؤية تعكسها أشعة الشمس ببياضها الناصع .
وقفت سيارة أدم الفارهة أمام الجامعة بجانب سيارات فخمة من الجيل الأجنبي .
نزلت ياسمين من السيارة منبهرة من هذا المدخل الفخم ، الذي يطل على البحر من الجانب الشمالى، كانت النسمات تمر الى شعرها القصير تجعله يتطاير حتى يخفى وجهها .
_ أستني ... عشان اوديكِ
_ ياأدم احنا مالنا ، هو اكيد هيعرف الطريق ويسأل اى حد.
قالتها لبني وهى تجذب أدم من جاكت بذلته الزرقاء .
فأمسك ادم يديها بقوة حتى يمنعها من جذبه .
وقال أسمها ياسمين ... بلاش تقولى هو دي تاني .
وروحي على المدرج انا جاي وراكِ .
قالها أدم للبني ، وهو يشير الى ياسمين ، حتى تذهب خلفه .
كانت ياسمين تنظر اليه باستحقار ، وتتنهد وهى تخطوا خلفه .. فى هذا الطريق الكبير ..
كلما كان يخطو خطوة كان ينظر اليها من الخلف ، حتى يرى ان كانت تخطو وراءه أم لا .
قام بالمشي ببطئ حتى يكون بجانبها ويتابع نظراتها الداهشة وهى ترنوا الى مبني الكليات داخل الجامعة والى الطلاب .
صدم وهو يراها بهذا الهدوء ، فقد كان خائفا إن كانت ستشعر بالزعر من وجود هذا الكم الهائل وخاصةً وهى تبدو فتاة .
وبعد ان قام بتوصيلها الى المبني ، قال لها
_ الساعة ثلاثة بالدقيقة تكونى واقفه هنا ، انت فاهمة ،
واعرفى،... تصرفاتك هتحدد ، حياتك هتبقي مريحة ولا صعبة معايا.
فى تلك اللحظه سمع صوت يهتف باسمه .،، فالتفت ينظر والرعب يغزو اضلاعه .
_ أدم ، كنت فين ياعم كل دا عشان ....
...... إسلام ....
...... أنت عامل كدا ليه ...
حاولت ياسمين أن تهرب فقد ملأ التوتر جوفها، وهى ترى زميل لها .. الشاب الذي يسخر منها دائما ، والذي هو رفيق أدم المقرب منذ الطفولة .
مسك ادم يدها حتى لا تهرب ، فأقبل هذا الشاب ينظر اليها بغرابة . وهو يقول
دا لما قالولى الاسبوع اللى فات انهم شافوك فى الجامعة ، وصابغ شعرك مصدقتش .
.. متسترجل بقي يلا ...
هتف أدم بغضب به ..
_ ياسمين ياسيد ، مش إسلام . ومتشغلش بالك بيها .
_ انت بتقول ايه يابني .. .فى تلك اللحظة هربت ياسمين ،بعد أن أبعدت يد أدم عنها بصعوبة .
وذهبت الى داخل المبني الذي أمامها .
حاولت أن تبتلع دموعها ،ولا تجعلها تهرب من عيناها ، حدثت نفسها
( دي البداية ، متعيطيش ، أنت قوية )
حاولت أن تعطي نفسها قدر كبير من الكلمات التى قامت بحفظها طوال الاسبوع .
لتقف قدماها بصدمة وهى ترى سيف أمامها .
أدارت ظهرها بسرعة وعندما تحركت قدماها لتهرب
(الى حد أمتي هتهربي ياسمين ، واجهي الناس كلها ، نسيتي حلمك ، نسيتي كنت بتقولى ايه ، هتعشي حياتك ازاى وانت بتهربي ومش قادرة تواجهي اى حد ، اقفى، اقفى )
_ عاوز اتكلم معاك ... تعال قالها سيف وهو يقف أمامها وينظر الى داخل عيناها .
_ مش عاوز اتكلم ، سبني لوحدي ،وابعد .
قام سيف برفع يده بتلك البطاقة أمام عيناها ، التى سقطت منها منذ أخر مقابلة بينهما .
شهقت وهى تنظر اليها ، فرفعت يدها مسرعة تسحبها منه ، لكن ، قام بخفيها فى جيب بذلته بجانب صدره .
ابتلعت ريقها وهى تخطو خلفه ، حتى وصل الى المبني الخاص بطلاب كلية تجارة .
أشار اليها وهو يقف أمام تلك الغرفة ، بلافتة المعيدين والاساتذة .
_ أعدى
رفعت بصرها اليه وهى تراه يتحدث معها كا أنثى .
فأردف بلهجة لم تسمعها منه من قبل .
_ أنت كنت بنت ، بصراحة فى البداية اتصدمت من حاجة زي دي ، هتصدقيني لو قولتلك أنى كنت بشوفك بنت ، مش عارف ليه .
..... كنت بحسك غريب ... ، دلوقتى ، حاسس انكِ طبيعية .
معرفش ظروفك كانت ايه ، بس متهربيش من حد تاني .
لا تعلم ماذا تقول فى هذا الموقف ، فرفعت عيناها اليه لترى أن نظرته لها متغيرة تماما عن السابق .
شعورا غريبا أحتل كيانها وهى تنصت الى كلامه ..
_ انت.. أقصد ياسمين ، انت فيك كل حاجة حلوة ياياسمين ، بس فية حاجة شغلاني ومستغرب منها .
لييه كل ماتشوفيني تضربيني ، لا بتكلم معاك بجد .
.....قالها وهو يبتسم ... ثم أخرج من جيبه تلك البطاقة الطبية وقدمها لها ..
_أنا اسف .. على كل حاجة
وعندما بسطت يدها لتأخذها قام بسحبها مرة أخرى
وأردف وهو يبتسم
_ اتمني تنسي اللى فات ، ونفتح صفحة جديدة ... هاااه ... ماشي .. ياياسمين .. ؟
كان ينطق حروف اسمها متلذذا بكل حرف ، بطريقة جعلت وجهها يتورد خجلا .
فاقتربت منه حتى تأخذ البطاقة لكنه ابعدها عنها، كأنه يريدها ان تقترب منه .... فقال لها
_ بنت زيك مفروض تلبس زي الاميرة ، ولا إيه ..
... نجحت فى المرة الثالثة بسحب بطاقتها من يديه ، وخرجت مسرعة من أمامه .. فقال مودعا وقد شعر بالتوتر من اقترابها منه ...
_ لو احتاجتي حاجه فى الكلية تعالي .. هساعدك ...
كان يتابعها وهى تجرى من أمامه، ويتذكر عندما ذهب الى اسم المشفى المذكور فى بطاقتها ، ويسأل عن معلومات تلك البطاقة ..
لا ينكر الصدمة التى تركته بها الممرضة بعد أن أخذت المال لكي تعطيه معلومات عنها ، بأنها كانت خنثي .
لكن أختفت الصدمة وهو يتذكر أن عيناها كانت دائما منكسرة حزينة .
أشفق عليها كثيرا فقد كان دائما عنيف معها ، وشعر بالراحة أيضا من هذا الشعور ، وسخر من نفسه وهو يرى أن عيناه كانت تشعر بها .. وتعرف ماتراه .
لكن عقله كان غبيا.
***
لايعلم بأن كلماته تركت أثرا طيبًا داخلها ، جعلها تتقوى بها ، جعلها تبتسم ... لأول مرة تهرب من عيناها دموع السعادة ..
بأن يعترف رجلا بأنوثتها .. وليس هذا فحسب . ومن سيف ، الشاب الأكثر بغضا ..
تساءلت هل سيكون رد فعل رامي مثله ... ؟
ذهبت مسرعة الى مبني جامعتها ، لأول مرة تشعر بحماس ، لأول مرة ترفع رأسها .
تنظر الى الجميع ، لترى نظرات الجميع لها ،التى كانت تخشاها ، ماهى الا نظرات إعجاب .
دخلت الى المحاضرة الاولى ، الثانية ، الثالثة ، ونست تماما ان الساعة تجاوزت الخامسة مساءًا
خرجت من مدرج المحاضرة لترى أن الشمس تذهب مودعة ، ويظهر القمر على سطح السماء .
قصدت موقف الحافلة ، والبسمة تعلو شفتاها ، وبعد ان وصلت الى البيت .
بقت فى غرفتها أربع ساعات من السعادة والهدوء أمام مرآتها .
ظهر صوت طرق الباب مباغتةً بعنف ، قامت تفتح الباب ، لتجد أدم بعيناه الغاضبة ..
_روحت فييين
...... أنطقى .... كنت فين ....
شعرت ياسمين بالخوف من عيناه ومن صوته المرتفع .. فقالت بتوتر
_ كنت .. فى الجامعة ..
_ انا قولت لك ايه ...
_ ما أنا ملقتكش ... فروحت
_ كذابة .... يعني عاوزة تفهميني أنك ركبت اتوبيس ...
ركبت فين ... وجنب مين ...
كان أدم يتحدث بسرعة وغضب ،حتى شعرت ياسمين بالخوف من أن يقوم بتعنيفها . فابتعدت عنه تدخل الى غرفتها وتوصد الباب خلفها ، لكنه، دخل وراءها ..
وعندما شعر أدم بخوفها وارتعاشة شفتاها .
حاول كتم غضبه ، وخرج مبتعدا عنها .وهو يزفر بشدة .
*****
ظلت ياسمين تبكي طوال الليل ،على مابدر من أدم ، وشعورها أنها تحت رحمته ، فعمها أكثر الأوقات خارج المنزل .
وتمضي الايام
كلما تريد أن تخرج من البيت يتأسف لها العم عبده ولا يفتح لها بوابة المنزل .
واستمر أسبوعا كاملا على هذا الحال .
حتى جاء العم عبده يخبرها أن هناك رجلا يريد رؤيتها ، فذهبت مسرعة إليه لتجد انه رجلا غريبا يعطي لها صندوقا كبيرا أبيض بشريط ذهبي وباقة ورود زرقاء يخرج منها عطر فواح ينعش القلوب ، ويخبرها أن تقوم بالتوقيع على استلامه فى ورقة .
أخذت الصندوق الكبير تحمله بصعوبة ، وترفعه الى يدها. ، فلمحت أدم وهذا الشاب الذي يرتدي ملابس رياضية ينظروا اليها .
فأسرعت بالذهاب الى غرفتها حتى لايتبعها أدم .
وضعت باقة الزهور على فراشها بعد ان لثمت عطرها ، وتعجبت من جمالها .
وأسرعت بازالة الشريط الذهبي بصعوبة من الصندوق ،فضولها يشعل قلبها وعقلها .
رفعت غطاء الصندوق بفارغ صبر ، لينعكس داخل عيناها ، فستانا ورديا مع نقشة ورود حمراء صغيرةعلى طرفيه ، وفستانا أبيض هادئ .
اخرجتهما من الصندوق الكبير بعيون مسحورة لهذا الجمال ، وضعت الملابس على جسدها لترى انهما يتناسبان مع طولها وجسدها ، ذهبت مسرعة لتنظر الى باقي الحاجات فى الصندوق ، لترى علبة حمراء على شكل قلب ، فتحتها مسرعة ، لتجحظ عيناها وهى ترى ملابس داخلية شفافة بلون الابيض ، شعرت بسخونة وجنتيها تلتهب بحمرة الخجل .
أقبلت تفرغ محتويات الصندوق ، اكسسوارات نسائية براقة ، زهور حمراء فى كل مكان ، وفى نهاية الصندوق ، وجدت جواب ..بجانب حذاء أحمر لامع .
رفعته بسرعة أمام عيناها تقرأ مافيه
( الزهور لا تعيش الا فى مكان رطبًا بالمحبة يملك رائحتها ، وهذا المكان فى قلبك فقط ، فهل تقبلي ياأميرتي )
_ معقول ... يكون .... سيف
...... لا مش ممكن .... بس هو قال.. انى ...... لا لا
أومال مين ....
قالتها والابتسامة على وشك ان تمزق وجهها من كثرة السعادة ...
_ ياتيييت ياسيف ... هدوم داخلية ..
.... لا وكمان على قدى ..... لازم أحذر من الولد دا ...
لم تستطع أن تغلق عيناها من فرط السعادة ، وخاصةً من عطر الزهور الزرقاء .
كلما يمر بعض الوقت ،تذهب وتبحث عن الملابس تخشي من أن يكون حلما جميلا وتستيقظ على أختفاء كل شئ .
كانت الابتسامة تتوج شفتاها ،وترسم داخل عيناها بخيوط السعادة .
_ أول مرة فى حياتي أكون سعيدة كدا ... انا بجد فرحانة .
غلب النوم عيناها وفى أحضانها الزهور الزرقاء ، ليأتى الصباح مصاحبا لزقزقة العصافير التى تقف على شرفتها ، فكان عطر الزهور مناديا لها .
تثآبت وهى تشعر بخفة جسدها ، وقامت على خزانة ملابسها تنظر الى الاكسسوارات ..
جاء العم عبدو يخبرها ، أن تهيئ نفسها لذهاب الى الجامعة ، وان أدم سينتظرها فى الخارج .
مرت ساعتين كاملين تنظر الى مرآتها ، التى أصبحت تعشقها أكثر وهى تنظر الى نفسها .
كانت المرة الأولى التى ترى فيها جمال عيناها ، وشفتاها ،وقوامها ، وضحكتها ..
وضعت زهرة زرقاء داخل شعرها القصير الاحمر ، وارتدت قرط الاذن الطويل ، حمدت الله انه من النوع المضغوط فهى لم تثقبهم أذناها بعد .
اختارت اليوم الفستان الأبيض بأكمام واسعة . وارتدت حذائها الاحمر الخفيف .
خرجت من بوابة المنزل ،لتهب إليها نسمات الخريف ترحب بها حتى جعلت ملابسها تتطاير مع شعرها ..
نظرت اليه بعبوس وهو ينتظرها فى سيارته فتمتمت
_ كويس ان لبني مجتش ، هفففف هحاول اتجنب اي نقاش معاه ، انا عاوزة احافظ على شوية الفرح اللى فيا .
لو تم سحره من كافة ساحرات الدنيا ،لن يتم سحرة بتلك الطريقة التى ينظر بها اليها .
كأن عيناها عالمًا شاسعًا ،يرحب به ليسكن داخلها .
كأن عبيرها يعانق أنفه بنعومة ،يسمح لقلبه باستنشاقه رويدا ... حتى يزف داخل عروقه بمشاعر لم يعد يستطيع أن يُخفيها .
خرج من سيارته ، يخطوا اليها، ليأتى صوت ينتشله من رسم عالمه الخاص معها ، ويتلطخ ألوان أحلامه
_ إسلام ...
هتف بها صاحب العينان المتمردة الزيتونية ،ليصب داخلها بالرعب وهى تلتفت اليه ...
...يتبع .....

 
 

 

عرض البوم صور سارة منصور دوار الشمس   رد مع اقتباس
قديم 22-11-22, 09:57 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2021
العضوية: 337109
المشاركات: 85
الجنس أنثى
معدل التقييم: سارة منصور دوار الشمس عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سارة منصور دوار الشمس المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية المتحول الوسيم

 

الفصل الثالث عشر
ارتفع صوت قلبها ينبض بقوة ، لاتسمع سوي خفقانها ، ولا ترى عيناها سوي الضباب ،التفتت إليه وفكها السفلي يتدلى لأسفل .
عيناه المتصفحة الجريئة تجعلها تخجل من نفسها ، حتى شعرت بأن ثقتها أهتزت .
_ يعنى اللى سمعته صحيح . قالها رامي بجدية ، وعيناه تنظر اليها بجرائة .
نفسها تبرر داخلها ربما تملى عليها الكلمات حتى تصل الى شفتاها ، لكن ، توقفت بل شلت عن الحركة ، لم تُرد أبدا ان يعرف من أحد سوي منها ، بطريقة متدرجة .
لكنها تأخرت .
_ مخنث ..!
هتف بها رامي وعلى وجهه نظرة إستحقار ، ومن ثم أدار ظهره ومشي فى طريقه ، فاقترب أدم من ياسمين يمسك بيدها ،فكانت باردة ، شبه ضائعة ، فقد مرت الكلمة على أذناها كالصاعقة التى ألقت رعدها على كافة أنحاء جسدها .
أطمئن أدم وهو ينظر الى رامي وقسماته العنيفة ، وبرغم كلماته المؤذية لياسمين إلا أنها تركت فى نفسه الراحة ، فما كان يخشاه ويؤرقه طوال الأيام الماضية لن يعود ، بل ، اختفى الطريق الوعر من أمامه بسهولة .
وبعد ثوانى من الصمت والضياع ، رفعت بصرها الى أدم ، لتره يرنوا اليها بنظرات أخفاها الضباب عن عيناها ، دارت لتذهب الى البيت مسرعه ، ولم تشعر باليد التى تقيد يداها بعروق قلبه تمنعها عن الذهاب .
_ ابعد أيدك ، مش راحة ، ابعد .
هتفت بها ياسمين بعنف ، والدموع على وشك الهروب من عيناها ، لم يرد أن يترك يدها أبدا ، يرد فقط أن يبقي معها ، لكن عيناه وهى ترى حزنها البأس على رامي يجعله يغضب وينحرق بلذعة الغيرة النازفة .
فتركها .

مخنث !! الكلمة لا تترك أذناها عن التردد كالصدى داخلها ،فقد كان رامى أكثر ماكانت تخشي ردة فعله ، وبالفعل كانت الأسوء ، فقد وجهه اليها كلمة ، كانت تخشاها كثيرا من الأخرين ، ولم يأتى فى بالها أنها ستخرج من شفتاه يوما .
عاد اليها ثقل جسدها ، لا تستطيع النوم سوى ساعة أو ساعتين ، لم تتوقف تلك الخيالات عن الاتيان إليها .
الشئ الوحيد الذي يجعلها تستمر فى الحياة هى أحلامها، التى تأتى فيها والدتها ، تشعر بلمساتها ، حنانها .
كما كانت تفعل دائما ، قبل أن تذهب الى جوار ربها.
قامت من الفراش وهي تشعر بالمرض ،جلست فى شرفتها تنظر الى السماء والنجوم .. ثم ذهبت تجلس بجانب طاولة وأقبلت تخرج مشاعرها فى ورقة صغيرة...
(تعالت اصوات قلبي بالاشتياق
فكان مؤلما لى بوحدتي الصماء
التمعت عيني بقطرات الحب
تشتهى عناق تشتهى نبضات
أنّ لبشر يرى مابداخلي
من البوس والحزن ضاع عقلي
.... والمؤلم
طارت سنوات عمرى هباء
فى خلية الحياة وحيدة ...
أترانى ، ام انى لا أراك
هل تسمع نبضات قلبي
أم علتي وصلت لحد السماء )

..... وتمضي الايام ....
كانت تجرى بسرعة على الجميع، لكن تمر على قلبها بخطوات السلحفاة العجوز .
شعرت بحاجة ماسة بالذهاب الى الطبيب، لكن ، لم يكن معها أى مال ، فاختارت أن تذهب الى عمها فى الليل الثقيل ، وقفت أمام غرفته الرئيسية ، ليتسرب اليها همسات بإسمها ، فاقتربت أكثر من الباب تلتقط الكلمات .
_ هتفضل قاعدة معانا هنا إزاى ، وفيه ثلاث رجالة .
... متقوليش انها فى محنة ، حاول تأجرلها شقة .....
...إتصرف ...
_ وطى صوتك ياريهام العيال هتسمع .
_ البت اللى اسمها ياسمين دى تطلع مين هنا ، لإما أنا اللى هتطلع .
وضعت ياسمين يدها على ثغرها بخوف ، وهربت الى غرفتها تبكي ، فكيف لها أن تخرج من البيت ، والى أين ، فهى لا تملك من حطام الدنيا سوي عمها .
****
وفى الصباح الباكر ..
وصل اليها طرق الباب لترتعد مما تخشاه وهى تنظر الي عمها بعيون راجية ألا يتركها ..
جلس كل منهما أمام الأخر ، الكل منهما لديه كلمات ، عالقة داخله ، ينتظر الأخر أن يفصح ، لكن الصمت كان سيد الموقف، حتى بدأ عمها ناجى عن التحدث وسؤالها بالإطمئنان عليها .
_ خدي يابنتي الفلوس دى ، لو محتاجة تشترى ،أى حاجة.
شعرت. ياسمين بالخوف وهى تنظر الى المال ، فهى لا تريد أن تكون حملا ثقيلا عليه ، وخاصة ً بعدما سمعت كلام زوجة عمها .
فقالت
_ أنا معايا ياعمي ، خليهم بعدين
وأصرت ألا تأخذ المال ...
تنهد عمها ناجي وهو ينظر اليها ، ويربت على ظهرها فقد فهم من كلامها أن المبلغ الذي سرقته من أدم لا يزال معها .
فعندما ذهب الى الطبيب ، أخبره أنها أجرت كل الفحوصات ، وقامت بدفع مبلغ كبير .
فعلم حينئذ أنها هى من سرقت المال من أدم ، وخشي أن يواجهها بالأمر ، كى لا تشعر بالاحراج من نفسها .
شعرت ياسمين بالراحة وعمها يخبرها أنه سيقوم بدفع تكلفة تعليمها حتى تتخرج ، والى ان تحصل على عمل ، وأنه يجب عليها فقط أن تتفوق فى دراستها .. فقالت ياسمين.
_حاضر ياعمي ، هسمع الكلام ، بس خلينى معاك وجنبكم هنا .
أنخلع قلبه وهو يرى الدموع تتساقط من عيناها ، فعلم أنها سمعت بحديثه مع زوجته البارحة ، فبكي على تلك الصغيرة التى تحملت كثيرا فقال وهو يحتضنها ...مشفقا عليها أكثر
_ أنا قولتلك أنك بنتى ، فى حد يسيب بنته .متقوليش كدا تانى ، أنا عمرى ما هسيبك ابدا أنسي كل اللى سمعتيه .
شعرت ياسمين أن أدم هو السبب فى ذلك الكلام الذي خرج من ثغر زوجة عمها .
فبقت أسبوعا كاملا فى غرفتها حتى جاءها العم عبده يخبرها ، بأمر هذا الرجل مرة أخرى ، فأسرعت إليه .
لترى صندوقا أصغر قليلا من الصندوق الضخم الذي وصل اليها مسبقا وباقة من زهور الياسمين .
حملته وهى تدخل الى غرفتها ، ويتولد داخلها بعض السعادة البسيطة ، قامت بفتح الصندوق بعد عدة محولات فقد كان مؤصدا بقوة ، وكانت تقطع الشريط بعنف حتى تعرف مابه.
وعندما قامت بفتحه ، وجدت سلوبيت ابيض بخطوط سوداء بقماش من الشيفون .
وحذاء رياضيا بلون الابيض مع شريط لامع . وحقيبة زرقاء صغيرة
كلما تأخذ شيئا منه تجد شئ أخر بالاسفل ، حتى وصلت الى النهاية ، لترى ورقة مع جواب بداخله بعض المال .
( ربما تتسألين لما أرسل اليك الكتير من الزهور ، لا تتعبي نفسك فى تلك الاسئلة ، دعى الزهور فقط على أنفك وستخبرك ما تركت داخلى من قطرات الحب حتى وصلت اليها )
ارتسمت ابتسامة لطيفة على شفتاها الناعمة باللون الوردى ، فأقربت الزهور من انفها ، ليصل اليها رائحتها الجميلة ..
فقالت
_ مجنون ...!!
فأغلقت الورقة بطيها عده طبقات ، ونظرت الى المال وهى تتنهد ، فيدها تشعر بالعجز برغم الخجل ..
_ هرد جمايلك دى كلها ازاى ياسيف ..
ليه رامي مش زيك ...
شعرت بألم فى قلبها ، فأخرجت زفرة طويلة ، ثم وقفت أمام المرآة ، وهى تمسك بهذا السلوبيت .
ارتدته وهى تنظر الى المرآة باعجاب ، فجرى اليها الحماس ، فخرجت فى فناء المنزل . تشم عطر الهواء الذي كان مليئ براحة الياسمين .
وبعد إمضاء بعض الوقت مع الزهور ، قررت أن تذهب الى الطبيب الخاص بها ، فرجعت لتأخذ المال من غرفتها ، وما إن عادت ، لترى دراجة تمسكها لبني ، يظهر أنها قامت بشرائها ..، فالتمعت عين ياسمين بالخبث ، وأنتظرت لبني أن تصعد لأعلى ، وقامت بخطفها ، وذهبت مسرعة بها .
لم تتوقف عن الابتسام والضحك ، وهى تتخيل ردة فعل لبني .
فقد فكرت كثيرا أن تذهب اليها وتخبرها عن المال الذي تشك بأنها أخذته ، فخافت فى اللحظة الاخيرة أن تذهب وتخبر أدم ، فيأتى اليها من جديد ويوبخها بأنها لم تعد المال الى رامي ...
_ أأأأه ، يارمي .. طلعت نااار وأنانى .. نسيت أننا صحاب فى ثانية ، وحرقت دمى .
أنقلب وجهها الى العبوس وهى تتذكر ما مرت به معه منذ الصغر .
حاولت أن تطرد تلك الأفكار ، وتخبر نفسها أنها ملت من الحزن ..
وما إن وصلت الى الطبيب ، وجدت هالة تجلس على العشب وتقطف الزهور . أسرعت اليها ، وقاما بالترحيب ببعضهما .
_ كويس أنك غيرتي من نفسك ياياسمين .
_ أأه الحمد لله ، التغير مكنش سهل ، بس أديت لنفسي فرصة .
_ بصراحة أنت بنت جميلة ورقيقة .
نظرت ياسمين اليها طويلا وقالت .
_ وأنت كمان ياهالة .. جميلة ، ليه مابتديش لنفسك فرصة .
_ أديت كتير ، روحت لدكاترة فوق ماتتخيلي بس فشلت ، تعرفي ساعات بفكر أحول نفسي لراجل ، أنا بجد حاسه أنى فى جسم غلط، أنا بحب البنات ، وبنجذب ليهم .
_ وليه متقوليش أن الدكاترة هما اللى فشلوا ، وبعدين ياهالة التغير فى الخلقة حرام ، وبعدين هو الدكتور لبيب لسه مخلكيش تبدئ العلاج .
_ ماأنا باخد علاج ، بدأت فى العلاج الهرمونى ، ومفيش أى تحسن .
_ أكيد التحسن بيجي مع الوقت ، بس أنا حاسة أن صوتك بقي ناعم شوية عن الأول .
_ صوتى ايه ، أنا عاوزة نفسي من جوه اللى تتغير ..
_ اللى يشوف عزيمتك وأنت بتتكلمى أول مرة ، ميشفكيش دلوقتى .
_ فوكك ، خلينا فيك .
_ لا فيا ولا فيك ، خلينا نفرح شوية من النكد .
بقت ياسمين وهالة يقصون على بعضهما ما حدث فى الفترات الاخيرة ، يحكون ساخرين على حياتهم وما فيها من متاعب . فقالت هالة ..
_ تفتكرى ياياسمين هنبقي طبيعين في يوم من الايام .
_ مش عارفة ، بس الدكتور بيقول ، ان لازم اقنع نفسي أنى طبيعية .
_ بيقولى كدا برضه ، بصي استنيني لما أخلص عند الدكتور ونروح نلف مع بعض ، ماشي .
وبعد مرور الساعات وأنتهاء كلا من ياسمين وهاله من زيارة الطبيب ، أختاروا أن يذهبوا الى أحد المطاعم .
وعندما أنتهوا
جلست هالة خلف ياسيمن وهى تقود الدراجة ،ولم تتركها ،، وأخبرتها أن تُعرفها اين طريق بيتها .. حتى تقوم بزيارتها
وفى الطريق شعرت ياسمين بالإجهاد ، فأخبرتها هالة أنها من ستقود الدراجة .
وبقت ياسمين تعرفها الاتجاهات ، وفجأة تعطلت المكابح ولم تتوقف الدراجة عند النزول من المنحدر ، بقت الإثنتان يصرخا وياسمين تصيح بأنها عين لبني .. وهالة تخبرها من هى ..
وفجأة ظهر شاب يرتدي ملابس رياضية يقف فى منتصف المنحدر ، فازاد الصياح أكثر .
أشارت هالة لشاب لكى يبتعد ، فاسرع الشاب يبتعد عنهما ، لكن عاد مرة أخرى ووقف أمامهما ، فاصطدم بهم . وطارت أحدى عجلات الدراجة على الرصيف .
_ إيه دا ..إبعد يامنحرف ... هتفت بها هالة على قارعة الطريق وهى فى أحضان هذا الشاب الذي قام بإمساكها حتى لا تسقطت على الرصيف .
أما ياسمين فقد ألقت نفسها على الرصيف قبل الارتطام .
وبقت تنظر اليهما وتضحك ، على موقف هالة .. وهى تصيح فى وجهه الشاب .
فوقف الشاب امامها ، وقال
_ مكنش ينفع أسيب بنتين حلوين يقعوا على الارض .
_ بنت فى عينك أنا راجل ياض ، صدقيني ياسمين أنا فاهمه حركاتهم دى دا هو ما صدق ..
هتفت بها هالة وهى تشير الى الشاب بعيناها المستديرة التى تشبه لطافة الارنب ، ثم قامت بسحب ياسمين التى كانت تضحك برغم خدوش يدها التى تنذف . ويمشون فى الطريق ، وما أن ابتعدوا عدة خطوات ، علا صوت ضحكاتهم الساخرة ..
_ حتت موقف .. عيل تييييت .
_ اللى ضحكني أنك بتقوليله أنك راجل وصوتك كان مسرسع .
منظر الولد يضحك وهو بيبص لينا ..
_ اتنين بيتعالجوا نفسيا يعني تتوقعى ايه ، وبعدين ايه العجلة الخربانه دي .
لم يتوقف الاثنان عن الضحك حتى وصلت ياسمين الى المنزل ، فدخلت معها هالة تنظر الى المنزل بتفحص ، حتى وجدت شابا طويلا بعيون رمادية ، يهرع الى ياسمين .. ويمسكها من زراعيها ويقوم بتوبيخها .
_ كنت فيين كل دا ، أنا مش قولتلك .. مفيش خروج قبل المغرب بساعة .
_ ايه دا ... مين دا ياسمين ، وبيكلمك كدا ليه ، وبعدين ايه شغل الحضانة دا مغرب مين يابابا .. .
أنتبه أدم إلى تلك الفتاة التى ترتدي ملابس شباب ، فنظر اليها باستحقار ..وهى تتحدث معه بغضب ساخر.
_ عم عبده ... مين اللى دخل البنت دى هنا .
قامت ياسمين بسحب هالة من أمام أدم ، وذهبت مسرعة الى غرفتها ..
فقالت هالة
_ مين الولد دا ..فاكر نفسه مين عشان يكلمك بالاسلوب التييت دا
_ ابن عمى ، اللى حكتلك عنه ..
_ أدم ...بتهزرى ..، والله خسارة فيه الحلاوة اللى فيها ، أنا تخيلته من كلامك ضبع جربان .
ضحكت ياسمين على كلام هالة الساخر ، وجلس الاثنان مع بعضهما ، حتى أرتها ياسمين الملابس التى تأتى اليها ، والزهور .
_ شكلهم حلو أووى ياسمين ، شكل الواد دا هيموت عليك ، أنا لو منك أتجوزه .
_ ههههههه مش لدرجادي ، أنا حاسه أنه بيشجعنى ، أما من نحية الحب ، بصي هو مجرد ...هااا مش عارفة اقولك ايه .
بعد مرور الساعات وقفت هالة تستعد للمغادرة ، فأخذتها ياسمين تودعها عند فناء المنزل ، لترى أن أدم جالسا على مقعدا فى الحديقة ، وينظر اليهما بنظرات خاطفة .
فى تلك اللحظة.
ظهر نفس الشاب الذي اصطدم بهما ، فأشاوا الي بعضهم بصدمة ..
_ أنت ...؟؟؟ ايه اللى جاب هنا ..
_ مش دا بيت ناجى ...
مالو برأسهما بايجاب .، فقالت .
_ يبقي بيتي ..
نظر الاثنان له بغرابة ، فوقف أدم ينظر اليه بشوق جارف ويهتف
_ نادر ....!!
ابتعدت ياسمين وهالة عند بوابة المنزل ، وهى تقول ..
_ أأأه أنا دلوقتى افتكرت ، دا بن عمى... نادر ، أنا كنت بقول شوفته فين قبل كدا.
_ هو أنتوا كلكم حلوين ازاى كدا ...
ابتسمت ياسمين ، وجاء فى خاطرها فى تلك اللحظة كلمة رامي لها ..( أنتم كلكم حلوين كدا ، معندكش أخت بنت )
تنهدت بحزن .. فأخبرتها هالة أنها ستذهب وقاموا بتوديع بعضهما ...
رجعت ياسمين وهى تنظر الى الاخين وهما يتعانقان بحرارة .
فقال نادر وهو يشير اليها
_ هى دى ياسمين اللى حكتلى عليها ، ازيك ياياسمين ..أنا نادر .. فاكرانى .
شعرت ياسمين بالاحراج وهى تنظر الى أدم ، اعتقدت بأنه اخبره باشياء مخجلة ، فلم ترد عليهما وصعدت الى غرفتها .
***
جاء الصباح محملا برياح مملوءة بالاتربة ، قررت أن تذهب الى الجامعة ، فحاولت الخروج مبكرا بدون علم ادم ، وتسللت بدون أن يراها العم عبده أيضا .
وخاصةً ان طوال الليل كانت لبني ، تطرق الباب بعنف ، بسبب دراجتها التى رأتها محطمة .
وبعد ان وصلت الى الجامعة ، جلست أمام المبني الخاص بكلية الهندسة ، تنتظر موعد المحاضرة ، مرت ثلاث ساعات عليها وهى تنظر الى العشب والورود الحمراء التى تزين مدخل الجامعة .
لمحها سيف وهو يمر على الطريق المؤدي الى مبناه ، فاقترب منها والجميع ينظر اليه .. وما أن رأته أنتفضت واقفة ووجها يتلون خجلا .
فقال لها وهو يرنوا اليها باعجاب
_ زهرة الياسمين ...
....تعرفي انك أحلا من الزهور نفسي اقول كدا لشخص اللى اختر اسمك
ابتسمت وهى تراه ينظر اليها باعجاب ، فأردف
_ هتخلصي امتى محاضرات .
_ على الساعه ثلاثة .
_ بصي ساعة ماتخلصي ، انتظريني هنا ، هوريك حاجة مهمة .
لا يعلم انه قام بايقاظ فضولها ، فبقت طوال اليوم شاردة ، تتسأل بما يريد أن يريها . لكن تلك التسؤلات كلها تلاشت وهى تجلس فى المحاضرة فى المدرج السابع وترى رامي يدخل أمامها ، ويرمقها بنظرات لا تختلف عنها .
جلس فى المدرج الأخير فبقي مقابلا لظهرها ، يراقب كل تصرفاتها ، ولكن جلس وراءها بعض الشباب يحجبون الرؤية عنه ..
صدمت ياسمين وهى ترى زملاءها الشباب والبنات من ايام المتوسط ،ممن هم فى فرق أخرى وجامعات مختلفة عنها ، يجلسون خلفها ، يهمسون ، ويضحكون بصوت هامس يصل اليها واضحا .
تنصت لكلمات تذبحها لكن بقت تحاول أن تركز مع المحاضرة .
كلما يتحدث الأستاذ الدكتور ، ترفع يدها وتسأل وتجاوب ، وتظهر لهم أنها لا تعيرهم أى أهتمام
_ اسمك ايه ، ياطالبة.
هتف بها الاستاذ الدكتور أمام الطلاب وهو يرى أن ياسمين تملك عقلا كبيرا بتفوق وتتجاوب معه ، بأسئلة ذكية للغاية .
هتفت بأعلا صوتها الذي ينبع بداخله الثقة ،حتى هى لم تصدق نفسها وجرائتها
_ زهرة الياسمين ...
هنا ظهر صوت زملاءها الذين يجلسون خلفها يضحكون بأعلا صوت بسخرية مريرة ، جعلتها تغمض عينها بألم ، وتطلب القوة من الرحمن .
فهتف الدكتور ..
_ اللى بيضحك وراء .. قم ياخويا أنت وهو تعالوا هنا ، منشوف بتضحكوا علي ايه ..
وقف الشباب يرمقون ياسمين ويهمسون لها بافظع الكلمات ، وهم يذهبون الى الدكتور .
_ اكتب اسم أنت وهو هنا ..
فى تلك اللحظة وقفت ياسمين وهتفت ،.
_ مش فى القسم هنا يادكتر ، فى جامعات تانية، واسمهم ....
أقبلت ياسمين تهتف بكل أسم لديهم ..
فانفعل الدكتور وامتلئ وجهه بالغضب وقام باحراجهم وقام بطردهم شر طرده . وأردف ..
_ أى حد مش فى القسم يخرج بكرة ..
وقفت الفتيات زملاءها ، وقاموا باطلاق السباب لها وخرجوا من القسم . وقال الدكتور .
_ .... زهرة الياسمين ... بعد كدا تعدى فى الدسك الاول لانك هتكون القائد فى الفرقة الاولى .. اى حد عاوز يوصل ليا حاجه هى هتكون المسؤلة ، ماشي ياسمين ، متغبيش بقي .
أمالت ياسمين رأسها بايجاب ، وقد نبض الحماس داخلها ، وهى ترى أن باقى الفرقة يتهافتون عليها بالتعريف عن نفسهم ، ويطلبون صدقاتها .
لمحت ياسمين نظرة خاطفة رمقها بها رامي وهو يخرج من المدرج ، لم تعرف أن تترجمها .
***
خرجت ياسمين من المدرج وخطت فى الطريق ذاهبة الى المكان الذي اخبرها سيف أن تنتظره فيه ، وفى الطريق تجمع عليها الشبان والفتيات زملاءها ، فقامت فتاة منهم بلكزها فى كتفها ، والاخرى بلكمها فى وجهها ، وبقت تنظر اليهم ياسمين ولا تعرف كيف تتصرف بتجمعهم حولها .. ليظهر صوت ذلك الشاب الذي هو صديق أدم ... وهو يقول أمام الجميع ، من طلاب فرقتها و بعض الطلاب الاخرين .
_ متحول .... مش رادي برجولتك تقوم محول نفسك لبنت ، عمرك ماهتتغير هتفضل طول عمرك ولد . بس .... مخنث
تعالا صوت الجميع بالضحك أمامها ساخرين ، متفاجئين ، مصدومين .
وهى .... فقط تائهة لا تصدق ماتراه ، من خبث القلوب ، ووحاشة صدورهم بالغل .
تسألت مع نفسها ..
( ليه .، بتعملوا كدا ...) ( أنا مخترتش أكون ..) (أنا مش متحول أنا مش مخنث ) أنا أنا ...ياسمين . ( ليه ياأدم عملت كدا ، واتفقت معاهم ) ( دا أنا بنت عمك ) ( ليه كلكم وحشين )
من ينظر اليها يراها قوية صامدة تنظر اليهم بجراءة ، لا يرى الصراع الذي بداخلها ، لا يسمع صرخاتها الصامتة، لايشعر بانياب حقدهم تذبح قلبها ، حتى نزف ولم يعد يحتمل ..
لم تتوقف الفتيات عن وكزها فى كتفيها وباقى جسدها ، وشد شعرها ، اقترب هذا الشاب الساخر ، يرفع يده أمامها ويصفعها على وجهها .
تلك الصفعه لم تكن مؤلمة ، ولم تكسرها ،بل كانت مداوية ، جعلتها تفق وتنظر الى تلك الذئاب التى تريد نهش عظامها ، رفعت ببصرها الى هذا الشاب بنظرات غاضبة ، لتركله بسرعة خاطفة فى مؤخرتة حتى أنحنى ظهره من الألم ، فتجمعت الفتيات عليها يعنفوها بالضرب .
وإقترب منها الشاب مرة أخرى يرفع يده عليها ، لتقوم بايقافه يد اجتمع فيها غضب العالم كله حتى قامت بلوي يده وكسرها ، فلم يصرخ من الالم بل من الصدمة وهو يري صديق عمره أدم واقفا أمامه بعينان فهد على وشك افتراس جسده .
سدد له أدم لكمات قوية بسرعة خاطفة فى كامل وجهه، ولم يشفع لقطرات الدماء التى تتسرب من أنفه ووجهه ، ولم يكتفى أدم بذلك ، فجعله يسقط على الارض و يركله فى بطنه.
أقتربت فتاة جريئة تضرب ياسمين على وجهها ، معتقدة ان أدم لن يقترب منها لانها فتاة ، فكان الاسوء لها انه قام بكسر يدها الاخرى .
خلع أدم معطفه ووضعه علي ياسمين ، وقام بسحبها الى سيارته .
كانت تنظر اليه بغرابة وعيناها مليئة بالضباب ، من هو هذا الذي أنقذها ،من هو الذي قام بتحريرها من أيديهم .
لم تعرفه الا وهو يجلس فى السيارة يخرج منديلا ، ويقوم بمسح وجهها وترتيب شعرها بلمسات ليست غريبة عنها .
ويقول بنبرته التى جعلت جسدها ينتفض ..
_ متخفيش ، أنا معاك .
تلاشي الضباب لتصفى الرؤية تدريجيا على عيناها ، لترى أدم ينظر اليها بتلك العينان الغاضبة ..
جاء الليل بعلو القمر يرتسم داخل السماء بضوءه الشديد ، التى أخفته السحب عن عيناها ،واخفت النجوم عن رؤيتها ، لمحت ذلك الرجل الذي يأتى اليها بالصناديق يقف أمام بوابة المنزل ، لكن فى تلك المرة لم يكن معه أى صناديق ،
أعطها ورقة صغيرة ...
ذهبت الى غرفتها .. وقامت بفتحها ... تقرأ مابداخلها
(عيناك سرابا لبئر يسحبني
اخطو اليك وارادتى ليست ملكي
فى الدنيا قالوا ان لكل داء دواء
فكان حبي لك دائى وانت لى كنت دوائى
قالوا ان الحواس خمس
وانا اخبرهم ان الحواس سبع
فالحب فى اذني ينصت لهمسك
الحب فى قلبي يخفقك باسمك
الحب فى عيني يرى سحرك
الحب فى انفاسي يلثم رائحتك
الحب فى شفتاى تعانق شفاهك
الهواء فى رئتي يمتلأ بحبك
الحب فى يدي يشعر بخفقك)
كانت تعيد قراءة الرسالة أكثر من عشرات المرات وتترك فى قلبها أثرا .. ، حتى شعرت ان الرسالة ليست لها ...
_معقول كل الحاجات دي متكونش جاية ليا ، وجيت هنا غلط . بس كاتب زهرة الياسمين ..
ممكن تكون كناية ...
تنهدت وهى تنظر الى الرسالة ... وتردف ..
_ لازم اتكلم مع سيف ..

****
مر يومين كاملين لم يتحدث معها أدم ، يقوم بتوصيلها الى جامعتها ، أمام الجميع ، ولم تأتى الجراءة لأحد حتى يرفع عيناه فى عيناها .
قدم اليها هاتفا جولا بدون كلمة واحدة .
نظرت اليه لتراه انه ليس الهاتف الذي سحبه منها منذ أخر مرة ،بل هاتف جديد .
أخذته مرغمة فقد كانت بحاجه الى جوال معها .
باقى الطلاب كانوا مصعوقين مما سمعوه، لكن ، كلما ينظرون اليها ، يروا فتاة جميلة مثل الأميرات فكانت الغالبية معها يحترمونها ويقدرونها ، وفئة قليله بقت حاقدة بنظراتها فقط، لا تعلم أهو بسبب جمالها أم تفوقها عليهم أم بسبب انها كانت ....
لم تعد تشعر بالخوف ، لم تعد تخشي من نظرات الناس ، بقت تمشي رافعة الرأس ، لا تعرف كيف تغيرت ..
. لا تعلم كيف أصبحت تريد أن تتفوق على الجميع، لا تعلم كيف أصبحت تحب نفسها أمام مرآتها .
لم يتوقف رامي عن الذهاب الى الجامعة ، ولم يتوقف عن النظر اليها ، علمت فيما بعد أنه لم يحضر ماحدث لها من تعنيف ، بسبب عرض كاميرات المراقبة على الشرطة ، لأن عمها أثر على سجن الطلاب الذين قاموا بمهاجمتها . وبالفعل لم يتركهم حتى جعلهم قامو بدفع الثمن غاليا هم وعائلاتهم .
استمرت الايام تجرى كالخيل ، أصبح هدفها هو دراستها حتى صار التفوق مركزها ، وبقي اسمها يلمع فى دفعتها .
اقترب الامتحان وبقت ايام قليلا على الاختبار .
وعند أخر محاضرة قام رامي بايقافها وهى تسير خارج المدرج ، وطلب منها أن يتحدث معها ، ارادت أن ترفض لكن ، لم تستطع بسبب ......
فوقف الاثنان فى مواجهة بعضهما
_ حولت نفسك ليه ، ليه دخلت العالم دا .
_ أسمع يرامي ، أولا أن محولتش نفسي ، أنا أتولدت بعيب خلقى ، وبسبب الظروف ، بقيت اسلام ، وبعدين صلحت نفسي . ومتحولش تحاسبني على حاجة مش بايدي ...
_ مخنث !!!
التفتت ياسمين وابتعدت عنه ،بعد ان قام برمى تلك الكلمة ، لكن أوقفها وهو يقول
_ عاوز فلوسي .
توقفت عن الخطى .. والتفتت اليه .. وقد تحقق تخوفها
_ هرجعهم ليك فى اقرب وقت . اصبر عليا شوية
_ لا مش هصبر ..
_ أنا معيش فلوس دلوقتى ، وبصراحة مش هعرف أكون المبلغ دا غير بعد فتره . ياريت تعمل اعتبار لصحوبية اللى كانت بينا قبل كدا .
التمعت عين رامي بالخبث فقال .. وهو يرفع حاجبا عن الاخر .
_ انا عارف تردهولى بسرعة ازاى
ضيقت عيناها وهى تنظر الي عيناه الزيتونية ، وتتنبأ بشئ لن يعجبها .
....يتبع ....

 
 

 

عرض البوم صور سارة منصور دوار الشمس   رد مع اقتباس
قديم 22-11-22, 09:59 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2021
العضوية: 337109
المشاركات: 85
الجنس أنثى
معدل التقييم: سارة منصور دوار الشمس عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سارة منصور دوار الشمس المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية المتحول الوسيم

 

الفصل الرابع عشر
إبتسم وهو يرى نظراتها له المتحفظة ، التى تجيد قراءة عيناه الخبيثة وتلاعبه بالحروف .ظهرت منه ضحكة خفيفة ساخرة وهو يقول
_ مالك بتبصيلي كدا .
أنت أخر واحد ممكن أبصلك يا مخنث .
انتبهت له بنظراتها المتفاجاة تنتظر كل كلمة تخرج من شفتاه السميكة ، تريد أن تفك شفرة عيناه وما بها من نوايا ، تعلم أنه سيد الخبث يتلوى كالأفعى عندما يريد شيئًا .
فاردف رامي بعيون جدية
_ تيجي تشرح ليا المواد لو أنا نجحت مش هطلب منك اى فلوس .
لم تتوقع ابدا صدور تلك الكلمات من رامي ، خاصةً أنه شخص غير محب لدراسة ، فكثير ماكان يهرب من الفصول الدراسية ،ولا يذهب الى الدروس الخاصة ، فبدأ الشك يجول داخل عقلها بتساؤلات غامضة .
فقالت ..له وهى ترفع حاجبا وتنزل الأخر بغرور .
_ هفكر .
_ بكرة الساعة أتنين ، هستناك فى كافية الجامعة .
عضت شفتاها بضيق ، فدائما مايضعها أمام الأمر الواقع بدون شروط.فردت عليه معترضة .
_ نعم ، دا معاد محاضرة .
_ لو مجتش فى المعاد دا ، هاروح لعمك أطلب الفلوس .
_ خلاص .. خلاص . بكرة الساعة أتنين ، بس بشرط
... متقوليش مُخنث دي تاني ولا متحول ، انا مش كدا .. . انا كنت فى الماضي خُنثي ، لكن دلوقتى ياسمين ،و مش هسمحلك تكلمنى بصيغة المذكر ، أنت فاهم .
_ وهى تفرق إيه ..
_ تفرق كتير
رد عليها رامي
_ خلاص يامهندسة ياسمين . قال حروف إسمها بطريقة تعطى لكل حرف حقه من السخرية .
فنظرت اليه باستحقار وذهبت فى طريقها تحت نظراته المتفحصة الجريئة .
***
كان يشعر بالضيق من تصرفاتها العدوانية معه ، وخاصة ً بعد أختفاء بعض بزلاته الانيقة ، لكن زاد أكثر عند ملاحظته لإختفاء ساعته الذهبية التى أحضرتها له أمه فى أول وأخر لقاء جمعهما ، وكان يحتفظ بها يلثم رائحتها كل ليلة .
لم يعد يحتمل ماتفعله به وقد انعدم الامان بينهما ، فقد كان يخفى ما مر به طويلا بسبب صغر سنها ودخولها الى عش الزوجية فى سن صغير ، لكن نضجت الان ، ولم تتغير برغم صبره عليها .
فأنتظرها فى غرفتهما يمشي بغضب ، وعندما ودخلت عليه وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة .. هتف بغيظ
_ مش ملاحظة أنك زودتيها حبتين يالبني ، طب مش خايفه من أنى أعرف أنك ..(تنهيدة ) ..
_ بتكلمنى كدا ليه ياأدم ، وبعدين متتكلمش بالألغاز ، خليك واضح وصريح .
أطلق زفرة طويلة ، وقال بغضب .
_ يعني مش عارفة أنا بتكلم عن إيه .. قالها وهو يلقي بجانبها صندوقا فارغا الخاص بساعته الرقمية .
لمح نظراتها المترددة وتشتت كلماتها المبهمة فأردف .
_ لو كنت طلبتي منى فلوس مكنتش أتاخرت عنك ، وأنت عارفة كدا كويس لييه تسرقي ، لييه ،وكمان تتهمي البت اليتيمة الغلبانة ، أنت ليه بتعملى كدا .
وقفت لبني وقد أنقلبت قسماتها للغضب وتهتف به
_ يتيمة وغلابة ...!!! قولى بقي الحرباية ضحكت عليك بكلمتين ، وجاي تطلعهم عليا ، أنت عمرك ماهتتغير يا أدم ، هتفصل حطيتني بدور المتهم ، فى حين أنك مش عاوز تعترف أنك اللى غلطان .
_ غلطان !!
.. ليه دايما شايفه أن مشاكلنا فيها غلط وصح ، مشكلتك يالبني أنك دايما بتحكمي ، ونسيتي أن الغلط فينا إحنا الاتنين ، وكان غلطى أنا الأكبر ، بداية من سكوتى عليك وصبري انى اسيبك طول اليوم عند أهلك بعيده عنى ومترجعيش غير بليل ، وأجى أوجهك تقولى أهلى وأهلى ... طب وأنا مليش نسيب فى اى حاجة سيباني لوحدى .. أكل لوحدى ، أكلم نفسي .
تعرفي ...أنت الخسارنة ... أنا أدتلك فرص كتير ، وأنت استغلتيني .
خل أهلك بقي ينفعوك ، وخليك قاعده فى حجر أمك . وأقسم بالله الساعة لو مرجعتش وهدومى ، مش هبلغ فيك صحيح ، بس هبلغ فى اهلك .
ومن ناحية الفلوس إشبعي بيها .
جحظت عين لبني بخوف وهى ترى أن أدم كشف أمرها وان عيناه لم تعد تنظر اليها ، بل فقدت بريقها الذي كان ينير لها فى الماضي ، ... ، فقالت
_ يعني ايه كلامك دا .. عاوز تطلقنى ياأدم .. بعد كل دا ..
فرد أدم مقاطعا ..
_ أنا بقي عاوز أعرف( كل دا ) اللى بتقولى عليه هو ايه ،(زفرة )
أنت أنتهيتي بالنسبة ليا . وقلبي معدش شايفك انا طول عمرى عشت بعيد عن أمى ، عمرها محضنتنى ، كان نفسى حضن زوجتي يعوضني ، لكن الدفى اللى أنتظرته منك ملقتوش ، أنت كنت بعيده عنى يالبني فى أشد وقت أحتياجي ليك، ، كنت أرجع من الشغل بدرى واستني تقوليلي عملت إيه فى الشغل إحكيلي زى ما أى زوجة بتقول لجوزها مكنتش بلاقيك .
وجعتيني يوم ماشوفتك بتفتشي ورايا وفى هدومى ، كنت بسأل نفسي أنا قصرت معاك فى ايه .
كل حاجه قدامك ، مش ناقصك حاجة...
كانت لبني تنصت الى كلماته ، وتتذكر كلمات والدتها لها بأنه سيأتى يوم ويتغير كأى رجل وينظر الى غيرها ، فأخبرت نفسها ( كان عندك حق ياماما ) .
فاقتربت من أدم تعانقه وبقلبها شعلة غضب وهى تقول ..
_ أنا اسفة ياأدم سامحني ياحبيبي ، غصب عني ، أنا لسه صغيرة وكنت بتعلم لسه ، وأنت عارف ، أرجوك سامحني مش هقدر أعيش بعيد عنك ، وأنا معتش هقرب من فلوسك تاني ، أنا غلطت ، وهعوضك عن كل حاجة .
رفع ادم عيناه فى عينها وهو ينتهد وقال بجديه
_ ماشي يالبني هعطيك فرصة ، بس ترجعي كل الفلوس وكل حاجه أخذتيها ، وتعتذرى لياسمين ..
_ إيييه ؟؟؟ مستحيل ، أعتذي للحقيرة دي ..
فقال أدم مقاطعا .. وهو يزيح يدها عن وجهه ..
_ لو عاوزة يالبني حياتنا تمشي فى السليم تسمعي كلامي اللى هقولك عليه بالحرف ، متخليش امك تلعب فى دماخك ، ياسمين هتكون زوجتى قريب ، يعني درتك.
تنسي تروحي لأمك خالص غير مرة واحده فى الاسبوع ساعة وهاجي أخدك .
هتفضلي قاعدة قدامى فى البيت ، اوضتك هنا وهى أوضته ياسمين هناك ، ولو صدر منك أى حاجه معجبتنيش أعرفى أنك هتندمي.
كانت لبني تنصت إليه بعدم تصديق ، وقد شل لسانها عن الحركة ، وبقت عيناها جاحظة وقدمها تنساب لأسفل، حتى وقعت جالسة على فراشها وهو يخرج من الغرفة .
***
وفى اليوم التالى ..
بعد أنتهاء المحاضرة الأولى ، ذهبت ياسمين الى الكافية الخاص بالجامعة كما أخبرها رامي ، وفى الطريق إليه قابلت سيف ينظر اليها مبتسما بمرح .
فتوردت وجنتها واقبلت عيناها ترمش من كثرة الخجل ، فاقترب منها وقال مبتسما ..
_ تعرفي أستنيتك كتير ياياسمين زعلت جدا ، مجتيش ليه .
تنهدت ياسمين وهى تتذكر ماحدث فى ذلك اليوم ، ومن ثم مالت رأسها يمينا ويسارا تنفض تلك الذكريات ..
فاردف سيف
_ بتعملى كدا ليه ، ...شكلك لطيف أووى .
بصي أنا مش هأجل الحاجة المهمة اللى قولتلك عليها .
وما إن خرج حرفا من ثغر ياسمين قال سيف مقاطعا
_ مش هقبل اى أعذار أو حجج... تعالي ..
أمسك سيف بيد ياسمين ، وقام بأخذها الى سيارته ، وهى فقط تبتسم له ، وعقلها يخبرها ، بأن تتحدث معه بخصوص الرسائل .
نظرت ياسمين الى الطريق تظهر له أنها تراقب الطريق وهى فى السيارة ، حتى تخفى سخونة وجنتيها ، التى تفضح خجلها الزائد . وتنفض كلمات يرسلها لها قلبها بأن سيف عاشقًا الى حد الجنون ويعطيها دليلا برسائل الحب التى تصل اليها .
وقفت السيارة فجأة لتخرج ياسمين من شرودها وتتابع سيف وهو يخرج من سيارته مسرعا ويفتح لها الباب ، خرجت لترى أنها أمام مبني كبير مصمم بالزجاج الشفاف واللون البينك ،يضم كافة أحتياجات المرأة ومسجل عليه لافتة الماركة المطبوعة على كل ملابسها وهداياها .

فرانت اليه بغرابة وقالت
_ لا .. لا ... كدا كتير
_ هو ايه اللى لا ... وكتير ايه ..بصي مسمعش صوتك خالص دلوقتى ، خلينى أوريك المفاجأة ، ونصيحة خل اليوم يعدى على خير .
أبتلعت ريقها بصعوبة وهى تنظر الي يديه الممسكة بساعدها .. وتسحبها الى الداخل .
أقتربت العاملات الخاصة بالمبني من سيف وهو يشير الى قطع من الملابس بأنه يريدها ، ولم يترك محلا الا وقد أشترى منه الكثير ، ولم يترك شيئا الا وقد أتى به اليها ، حتى وصل الى مستحضرات التجميل .
و أمسك السلة الكبيرة وأقبل يعبء بداخلها الكريمات ، البرفانات ، وكافة مستحضرات التجميل )
وعند الانتهاء وقف أمامها ينظر اليها باعجاب ، وهو يقول
_ أنا النهاردة الجني الخاص بيك كل أمنتياتك مجابة ، ها يااميرة ياسمين تطلبي ايه ،
بصي السكوت بتاعك دا مش هينفع ، لو عاوزة تروحي البيت بدرى يبقي لازم تتكلمى ... ولا اقولك أنا عرفت خلاص ..
قام سيف بسحب ياسمين بسعادة ، وهى لا تعرف ماذا تقول .. وتشعر بشعور غريب داخلها ينعش صدرها ... وهى تراقب وجهه الوسيم ..
فى تلك اللحظة علا صوت الهاتف باتصال ..
جحظت عيناها وهى ترى رقم أدم يتصل وتنظر الى الساعة لترى أنها تأخرت كثيرا ، طلبت من سيف أن ينتظر قليلا وابتعدت خطوتان ، وقلبها ينبض بعنف .
تنحنحت وهى تجيب ..ليخرج صوته المرتفع
_ أنتِ فين ...
_ أنا ... انا ...روحت .. البيت .
_ لوحدك!! أنا مش قولتلك متمشيش ل.... ( تنهيدة ) ... ماشي أقفلي دلوقتى أنا جاى ..
ذهبت مسرعة الى سيف تخبره بأنها تريد أن تذهب الي المنزل وأنها تأخرت كثيرا ، لكن سيف أعترض بشدة ، وسحبها الى المحل الخاص بالاكسسوارات، ومر الوقت سريعا ولم تشعر بالوقت الذي مر ...
وعند ذهبهما الى الخارج ، بقت تنظر اليه نظرات خاطفة
وتخبر نفسها أنه شخص طيب للغاية .
وقعت عيناها وهى تمشي بجانب سيف على المحل الخاص بالشيلان ، شالا يشبه شال والدتها ، فاقتربت تنظر الي المحل عن قرب ، لتجحظ عيناها برعب وهى ترى أدم يقف مع العاملة ويشير الى بعض الشيلان ..
صار الرعب داخلها وابتعدت خطوات كثيرا وهى تمسك بيد سيف الذي كان يراقب عينها وهى تراقب الأشياء حتى تسرب اليه شعورا جميلا أحب مذاقة .... .
_ أنا ..أتأخرت أأووى ، لازم اروح ....
_ طب استني هوصلك ... أهدى كدا مالك .
_ مفييش بس ..
_ خلاص ماشي ،،تعالي ... الحاجات هتوصلك بكرة .. بس العنوان اللى أعطتيه ليا .. دا مش بيت الأستاذ ناجى ...
أأه صح أنت بنت عم أدم ... خلاص تماما ..
قام سيف بتوصيل ياسمين ، وطلبت منه أنا يقف مبتعدا عن المنزل بعدة خطوات .
وقالت وهى تجلس بجانبه فى السيارة .
_ شكرا ياسيف على كل حاجة ، أنت ساعدتني جامد .
_ مساعدة ... بجد ؟؟؟ لو بتعتبرى الحاجات البسيطة دي مساعدة ، فدا مش نيتي خالص .
_ نيتك .... اللى هى ايه ...؟
_ هتعرفي قريب .. بس عاوزك تعرفي ......
....أنك أجمل بنت شافتها عنيا طول حياتي .
_ بس ياسيف أنا ...
لم تستطع ياسمين أن تخبره بحقيقة ماتشعر بيه أمامه فهى تراه صديقا عزيزا، ولأنها تشعر بالخجل أكتفت بقول .
_ سيف ، أتمنى متتعبش نفسك وتبعتلي الصناديق دى تاني ..
_ صناديق ايه ؟... تقصدي الحاجات اللى هتجيلك ..بصي .
_ قالت ياسمين مقاطعة .
_ انا هقبل الحاجت دي وبعد كدا ، مش هقدر أخدها فياريت بلاش ..
تابع سيف وهج عيناها الزرقاء ، فأغمض عيناه بحركة ظهرت لها كموافقة على كلامها ولم تعلم أنه ضائع بالتشتت أمام سحرها الخلاب .
****
_ هاه أكيد أدم كان هناك بيشترى للبني الحرمية طرحة .. قالتها ياسمين بغضب وهى تنام بغرفتها .. وتكز على أسنانها وهى تفكر كيف تأخذ من لبني المال ، حتى دار النوم داخل عيناها بغباره ...
وفى الصباح الباكر ..
أختارت أن تأتى اليها الحاجات فى ميعاد ، لا يكون به أحد بالمنزل وتكون هالة معها فقط ، وقامت بإخبار العم عبده بأن تلك الاشياء تخص هالة صديقتها .
وبالفعل قامت هالة بأخذ بعض الاشياء معها وهى ذاهبة .
وعند الذهاب الى الجامعة فى اليوم التالي ،رأت رامي ينتظرها فى مقعدها الدائم ، طوال المحاضرة يمهس اليها بكلمات متقطعة تصل اليها بوضوح ، ويعطي اليها ورقة بها عدة طيات ،فرانت الى يده لتراها فارغة من خاتم زواجه الماسي .
وبعد المحاضرة تنهدت وهى تقرأ المكتوب بها ، لترى عنوانا وانها يجب أن تذهب اليه الان .
ركبت سيارة أجرة لتصل الى العنوان ، لتراه واقفا فى الاسفل المبني ينتظرها ..
_ أنت مجنون عاوز تدخلنى شقة .. أذكرلك فيها أنت فاكر أنى معرفش نيتك السودة .
_ قولتلك قبل كدا أنك أخر واحد ممكن ابصلك ...
تابع رامي نظراتها الغاضبة ، فقال مصححًا لكلامه ..
_ مش قصدي حاجه يامهندسة ، وبعيدين دى مش شقة دا كافيه مفتوح على السطح .
زفرت ياسمين بقوة وهى تنظر الى المبني ولمحت لافتة الكافية ... وقالت .
_ خلينا نخلص أنا لازم أروح بعد شوية ..
وبعد أن صعدت ياسمين الى سطح ذلك المبني ، رأت أن الكافيه يملك منظرا خلابا من ارتفاعه الشاهق ورائحة رياحه العطرة التى تشرح الصدور ،ومنظر الشمس الغائبة تحت السحب الخفيفة .
ذكرت ياسمين القواعد الخاص بالمادة المتيسرة له ، وكلما تشرح لا ينتبه الى إشارة يدها ، فقط ينظر ا الى عيناها الناعمة تحت ضوء الشمس البرتقالية .
فقام من مجلسه الذي هو أمامها ، وجلس بقربها .. متحججا ...
_ عشان أفهم أنت بتقولى ايه ..كملى كملى ..
فتنهدت ياسمين .. تريد ان تنتهى من شرح المادة له ، خاصة أن الامتحان على الابواب .
فقال رامي مقاطعا لها وهو يضع يده على وجنتيه
_ بتعملى شنبك بإيه ..... ولا حلاقة .
زفرت ياسمين بقوة منه ومن جراءته ، وما إن جاءت لتسبه لفظيا ، رأت أن عيناه متسلطة على شفتاها ،فشعرت بالتوتر ..وقامت باخراج مرآة صغيرة من حقيبتها ..تنظر الى وجهها .
_ مش مفروض أنك بنت بقي تعملى زي الستات بلاش الحلاقة عشان الزرع نبت قبل أوانه ...
فقالت ياسمين بدون وعى
_ مستحيل ...
عضت على شفتيها بسبب هروب الكلمة من فمها . فذهبت الى الحمام وعلى وجهها العبوس ...
وعندما عادت اليه ..
لم يتوقف رامي عن الضحك وهو يشير الي شفتاها ،
_ روحتي حلقتيه هاهاها .. مش قادر بجد ، مضحكتش كدا من زمان يا اسلام ...
أحم أحم أقصد ياسمين ..
لم تعيره ياسمين أى أنتباه وأقبلت تتحدث عن المادة والأرقام وتقوم بعرض الاسئلة عليه وتنتظر إجابته بالرقم الناتج ، فظل صامت يتفقد عيناها .
فاجابت هى بالرقم الناتج .. فقال مقاطعا
_دا رقم .... بتاعتك صح ؟ هو السلكون دا عبارة عن ايه ، بيبقي طبيعي ..؟
_ مشفتش فى بجاحتك وقلة أدبك ياأخى .. أنا بجد عاوزة أعرف أنت دخلت هندسة أزاى ..
أقترب منها وهو يتنهد ويخرج أنفاسه الساخنة فى وجهها ، لتبتعد عنه قليلا وملامحها بالكامل تطلق السباب له .. الذي أجاد فهمه على الفور ..
_ أبويا اللى حكم عليا ان ادخلها ، أنا كان نفسي أدخل فنون جميلة ، تعرف انى مدخلتش امتحان الثانوى اصلا .
شعرت ياسمين بالشفقة عليه وقد تذكرت كلماته بشأن والده ، وعلى شدته معه فقالت بسخرية
_ تستاهل .. أحسن ..
_ ياسمين ..
هتف بها رامي لتنظر اليه ياسمين متفاجأة بأنه نطق اسمها لأول مرة بتلك الطريقة الرطبة ..
فأردف رامي
_ فاكرة لما شدتيني من قدام العربية ... فاكرة ...
... بقولك .....
ماتجبي بوسة ، عاوز اعرف هحس بايه أنك بنت فعلا ولا ولد أنا عندى فضول .
همس بها بالقرب من أذناها ...لتقف بغضب ، وتقول
_ أنت هتفضل تييييت كدا طول عمرك .. مش هتتغير بقي .
أرحم نفسك .
قالتها ومن ثم خرجت من أمامه مسرعة وعيناه تنظر اليها بغرابة ..
***
طلّ القمر بدرًا برياح الخريف التى تعشقها أنفها ، جلست فى شرفتها تتابع النجوم ، وتترك الرياح تحتضن وجنتيها الحمراء ترطبها بنسماتها .
سمعت هتاف العم عبده وهو يشير اليها من فناء المنزل ، لترى أن الساعي أتى اليها بصندوق ، لكن أقل حجما .من المرات السابقة .
ذهبت اليه مسرعة ، واقبلت تتفقد محتوي هذ الصندوق وهى تحدث نفسها
_ أنا مش قولت ياسيف متجبليش حاجة ... انا بدات أحس انى تقيله عليك ..
فتحت الصندوق وهى تمرر يدها داخله لترى زهور حمراء ، تترك اثر بالحمرة على يدها كلما تلمسها ..
وتملك رائحة لعطر تعرفه جيدا ..
_ لو مكنش بس عليه العطر دا ...
جحظت عيناها وهى تنظر الي ذلك الشال الشيفون الابيض المخطط بلون الاسود ، فقد كان بيد ادم عندما رأته وهو واقفا داخل هذا المحل .
( يعني يوم ماتجبلي ياسيف طرحة ، تبقي شبه اللى فى ايد التيييت أفففف مكنتش عاوزة افتكرهم ) .
قالتها وهى تتنهد .. ومن ثم أدخلت يدها بعمق داخل الصندوق لترى جوابا وعلبة حمراء صغيرة ..
دخلت الى شرفتها وفتحت الجواب وبدأت تقرأ كل حرف حتى توقفت شفتاها عن التحدث ،وأخذ القلب مهمة سرد باقى الكلمات
( الا يمكنك أن تعطيني حبك وتمحي دموعى وتعطيني الحنان ، لا تجعلنى أراه صعب المنال ، وارجوك لا تتركني بحيرتي غرقان ، رغم كل شئ أحببتك من أعماق قلبي والوجدان .
أحبت أن أكون أسيرك الوحيد أغزو قلبك الولهان ، حقا ...
عشقت عبير أنفاسك وعلقت فى غابات الشتان ، أنقذني وأشفق على حبي الذي بات تائه فى الاركان .
ضمنى وأكسو ضلوعى ، وتصدق علي.. فحبي لك غلبان ، ولن يغني إلا بعطفك وأنت بقربي ، فأنت الذهب وقلبك المرجان .
وما فى اليد حيلة فقلبي جائع ، يلح بطل المزيد فكن منان
ضمنى ..
ضمنى ..
ولا تعتق حبي أبدا حتى أكون سجين لديك ، فلا حرية ولا حياة بدونك ....)
شعرت بقلبها ينبض بجنون كأنه يوافق على كل حرف مكتوب ، يتمني لو تلك الكلمات تكون له حقا .. حتى لو بقي الكاتب مجهولا .. فمذاق الكلمات تفيح داخل قلبها بمشاعر صاحبها .
وما إن اقبلت تكمل قراءة الرسالة ، وقعت عيناها على العلبة الحمراء الصغيرة ،فاستيقظ فضولها و قامت بفتحها مسرعة ، لترى سلسة ذهبية تحمل قلبًا مستديرًا بشكل راقي يسحر العين ، حاولت أن تفتح القلب ، لكن لم تعرف ، فارتدتها وذهبت الى المرآة حتى تراها ...
هنا سمعت صوت طرق الباب ، فذهبت تفتح الباب وهى تزفر بشدة عندما وصل اليها صوت أدم .
_ نعم ...!!
هتفت بها ياسمين وهى تفتح الباب وتجعله مواربا وتنظر اليه ..
فقام أدم بسحبها من يدها .. وينظر اليها عن قرب ... متفحصا ..
فلانت ملامحه وهو يري جمال السلسلة التى تطوق رقبتها البيضاء الناعمة وتعطي بريقها الذهبي مع لون عيناها الزاهى.
قام بسحبها بداخل صدره يعانقها بحرارة واصوات نبضه تردد داخل أذناها ... تحت أنفاسها المتفاجئة ...
_ تتجوزيني ...
...... يتبع ....

 
 

 

عرض البوم صور سارة منصور دوار الشمس   رد مع اقتباس
قديم 22-11-22, 10:00 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2021
العضوية: 337109
المشاركات: 85
الجنس أنثى
معدل التقييم: سارة منصور دوار الشمس عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سارة منصور دوار الشمس المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية المتحول الوسيم

 

الفصل الخامس عشر
صاد الصمت بينهما للحظة لاتعلم ما يحدث أمامها أهو حقيقة أم خيال ، يُخيل إليها أنه حلمًا صعب التصديق ، بل كابوس كريه .
قطع الصمت بنبضاته العاشقة يريد أن يستشفى آلامه بنبضاتها ، ولم يعلم أن الإستشفاء القلبي لا يأتى من نبضات متفاجأة ، كاره .
_ عمرك ماهتندمي على إختيارك يا ياسمين .
إختفى الصفير من أذناها لترى أنها بأحضان أدم بين يديه داخل صدره الذي يضغط على أنفاسها بقوة ، حتى تلامس وجهها بذقنه المليئة بالشعر .
حاولت أن ترفع يدها حتى تدفعه من صدره لكي يبتعد ، لكن ، لا يوجد أى فسحة لها حتى تبسط زراعيها ، وبدأ الهواء يختفى تدريجيًا من رئتيها بسبب قوة عناقه .
_ تتجوزيني ..؟
مرت تلك الكلمة على أذناها لتصعق قلبها بالكهرباء ، فتسللت القوة داخل زراعيها لتدفعه بضيق وعلى قسماتها الغيظ .
فهتفت وهى تلهث إثر قلة الهواء فى رئتيها
_ تي إيه ...! ... أنت بتعمل فيا كدا ليه ، مش خايف من ربنا إرحمني وإبعد عنى ، خليني أعيش حياتي بدون مشاكل .
كان ينصت وعلائم الدهشة ترتسم على شفتاه الصامتة وعلى عيناه التى مالت الى الحزن ، فقد توقع ان تشعر بما أوصله من دفئ مشاعره لها فى قلمه . فقال
_ يعني ايه ، بترفضيني ياسمين ، بعد كل اللى عملته عشانك ؟
_ عملت ايه ، غير أنك تتنمر عليا أنت والتيييت مراتك .
_ طب لبستى السلسلة ليه ؟
رفعت بصرها اليه بدهشة ، فكيف له أن ينسب اليه هذا السؤال ، فقالت ..
_ وأنت مالك ..
شعر بالضيق منها ومن كلماتها المستهترة التى تحارب بها مشاعره الكبيرة لها .. فقال بثقه وهو يقوم بمسك معصم يدها ويضغط عليه ويقترب منها .
_ أسمعي الكلمة دى لأن مش هكررها تانى
(تنهيدة حارة )
-أنا بحبك ياسمين
شهر بالظبط وهتكونى مراتي ، وهعتبر لبسك لسلسلة موافقة
انا عارف كويس أووى أنك بتحبيني ، وبتموتى فيا، فحركات التقل بتاعتك دى مش هتنفع معايا
السلسة دى لو أتقلعت يبقي أنت بتسرعي فى معاد جوازنا ، ودا هيكون من حظي عشان معتش قادر ، وتعبااااان .
كانت الكلمات تلقى الى مسامعها كالقذيفة المشتعلة تنفجر داخل أذناها ، وكلما تنصدم بكلمة تأتى الكلمة الأخرى لتصعقها أكثر .
بداخلها الكثير من الرصاص تريد أن تقذفه اليه حتى يتوقف ، لكن ، الصدمة شلت لسانها .
فبقت كالحمقاء تنصت إليه بعيون جاحظة ،وفكها السفلي يتدلى لأسفل .
بقي ينظر الي عيناها بجراءة مليئة برغبات مشتعلة ، وهى ، تنظر اليه بصدمة ، التفت ليخطوا من أمامه الى خارج المنزل .
****
دخلت الى غرفتها مسرعة تبحث عن الرسائل فعقلها هائم مشتت بكلماته التى تتعارض مع اعتقادها بأن سيف من كان يرسل اليها الهدايا .
وعندما وجدت الرسالة ، هرعت اليها لتفتحها وتكمل باقي الكلمات ..
( تلك السلسة وضعت بها قلبي ليكون قريب من نبضاتك ، فهل لزهرة الياسمين أن تقبل بي ؟ )
(لو لبستي السلسة هعتبرها موافقة أنك تكونى شريكة حياتي يا ياسمين ، أتمنى متكسريش قلبي اللى بيحبك وبينبض ليك إنتِ بس
من عاشق الياسمين أدم. )
وعندما إنتهت من قراءة الرسالة قامت بإطلاق صيحة غاضبة ، وكزت على اسنانها وهى تقول
_ أدم ياتيييييت ، أنا عارفه أنت بتعمل كل دا ليه ، عاوز تخليني تحت رحمتك ، مش هخليك أبدا تنتصر عليا .
قامت بسحب السلسة من رقبتها وقذفتها بعنف لتصطدم بمرآتها وتقوم بتحطيمها .
لم تتوقف عن إطلاق زفرة غاضبة وهى تتقلب على الفراش ، فقامت بغضب إلي خزانة ملابسها ،وتقارن بين ملابس سيف وأدم التى جاءتها كهدية .
رأت أن ملابس سيف وذوقه تختلف تماما عن الملابس التى أختارها أدم ، فسيف يختار ملابس كاشفة بعض الشئ ، لذا تجد صعوبة فى إرتداءها ، فهى تخجل من ظهور جسدها ، أما عن زوق أدم كانت ملابس واسعة تخفى جسدها ومعالمه .
لذا قد وجدت راحة فى إرتدءها .
تضايقت من نفسها كثيرا وهى ترى أن عقلها يستنتج لها أنه كان جيد فى اختياراته ، فى تلك اللحظة تذكرت الملابس الداخلية فخرج شهقة من ثغرها وهى تقوم بتصفحها مرة أخرى وتنظر اليهم عن قرب ..
_ يعني أدم التييييت هو اللى كان جيبهم ..
.... طبعا عرف مقاسي ، لما كشفنى يوميها ..
بكرهك
قالت الكلمة الاخيرة بغضب وهى تمزق قطعة من الملابس العلوية ، وتأتى بالأخرى لتمزقها ،حتى توقفت وهى تقول بضيق
_ هقطعهم بكرة لما أشترى جديد ...
أنا بجد مش طايقه نفسي وأنا لبساهم .
ذهبت الى فراشها مرة أخرى وهى تشعر بالتعب ، ولم تتوقف عن التملل فى الفراش يمينًا ويسارًا وعقلها يذكرها بكلماته الشاعرية التى كان يبعثها لها فى الرسائل ، فبقت ضحية التفكير طوال الليل ولم تغمض عيناها .
_ مطلعتش سهل يا أدم .. فيك خبث مش فى حد .
****
وفى اليوم التالى ..
بعث العم ناجى العم عبده إلى ياسمين يخبرها أن تأتى لكى تتناول الفطور معهم ، فكان أول تجمع للعائلة على طاولة الطعام .
وافقت ياسمين على الذهاب لكى تشغل عقلها قليلا عن التفكير ، إعتقدت أن أدم فى ذلك الوقت نائما بجانب زوجته ، وبالفعل لم يكن على الطاولة سوي العم ناجى وزوجته وإبناه الاثنان الأخرين .
ومع أول لقمة تضعها فى فمها ، قال لها العم ناجي
_ ياسمين طبعا أنت تعرفي نادر ابني الكبير
_ أأه عرفاه ، قالتها وهى تميل برأسها مرحبة به فقال العم ناجي مردفًا
_ نادر متخرج من جامعة أمريكية . فى قسم الطب نفسي .
مالت ياسمين رأسها بايجاب له ..
وعند رفعت أول لقمة لتتناولها ، ظهر أدم يخطوا الى الكرسي المقابل لطاولة .. ولم تتحرك عيناه عنها وهو يبتسم .
فلمحت أنها لا ترتدي السلسة .. فشعرت بالتوتر لأنها تعرف أن أدم رجلا لا يتنبأ بتصرفاته .
فحاولت أن تظهر أنها طبيعية وتخفى التوتر بتناولها المفرط فى الطعام .
_ أدم .. مامتك قابلتك ؟ هتفت بها زوجة العم الدكتور ريهام
فانتبه لها الجميع ...وإلى إنقلاب قسمات أدم وهو يقول .
_ مشفتهاش من سنين تقريبا ، ليه
_ شفتها فى المطار هى وجوزها وإحنا جين .
ظهر الحزن على وجهه أدم ، ولم يكن الوحيد فقد كان العم ناجي به نظرة حنين الى الماضي جعلت ملامحه الهادئة تلين .
وبقى الصمت على طاولة الطعام ، وكانت ياسمين الوحيدة التى تتناول الطعام بشهية كبيرة ، ولايعلم أحد أنها تخفى مابها من توتر .
وما إن إنتهت من تناول الطعام ذهبت مسرعة الى غرفتها ، تستلقى على الفراش ، ومعدتها ممتلئة بالطعام ، فتسرب اليها النوم لتذهب الى عالم الاحلام .
***
وفى عصر اليوم
كانت الشمس هادئة بدفئها تحمل نسمات لطيفة تمر عبر شرفتها ، فجأة ظهر صوت العم عبده يصيح بصوت مرتفع أسفل غرفة ياسمين
_ ياست ياسمين ، صحبتك هنا ..
_ هالة .. قولها هالة . هتفت بها هالة الى العم عبده وهى تقف بجانبه تحت شرفه ياسمين ، تنتظر أن تأتى اليها .
فلم تأتى اى استجابة فأخبرها العم عبده أنه سيصعد الى باب غرفتها ينبأها بقدومها .
فأنتظرته هالة فى فناء المنزل تجلس على كرسيا خشبي مريح ، فرأت شابا تتذكره جيدًا يتمشي أمامها وينظر الي السماء يتفقد أحوالها .
_ الجو حلو أووى النهاردة ...
إإيه دا هو أنتِ ...
مطت شفتاها وهى ترى أنه يمثل انه متفاجًا بقدومها ..فقالت بسخرية
_ ياسلام ...
_ وحياة السلام ، هتف بها وهى يبسط زراعيه لها حتى تصافحه ..
فنظرت اليه باستحقار من أعلا وأسفل ..وقالت
_ أنت بارد أووى على فكرة ، روح شفلك حد تانى ،، احنا بنتعالج ياخويا ..مش ناقصين .
وما أن جاء نادر يتحدث ... رأى ياسمين تأتى وهى تتثائب .. الى هالة وتقوم بالقاء السلام ،فتذكر كلام والده عنها ، بأنه يجب أن يتقرب منها ، حتى تكون صديقته ، ويقوم بعلاجها نفسيًا وجعلها تتقرب منهم فى المنزل ، بدون أن تعرف أى شئ .
فإن نجح فى تلك المهمة سيفتتح له والده عيادة ضخمة .

فوالده يشعر بالقلق كثيرا عليها ، وخاصةً أن الطبيب المعالج لها كان يخبره أنها يجب أن تعرض على طبيب نفسيًا فمن الخطأ ان تبقي هكذا ، فكان يخشي أن يخبرها بالذهاب فتحزن على نظرته لها بأنها مريضة .
فهتف نادر أمامها ليخرجهما من كلامهما ..
_ ياسمين ، أنا معايا تذكرة لملاهي هتفتتح جديد النهارده ، تحبي تاخذي تذكرة تروح مع صحبتك .
فهتفت هالة مسرعة
_ أاااه تعالى ياياسمين نروح ، نفسي أتفسح أأووى .
تنهدت ياسمين فهى الاخرى تريد أن تهرب قليلا ، من ضغط قرب الامتحانات ، وضغط أدم .. وتفكيرها الزائد .
فمالت رأسها بايجاب ..
_ خلاص تعالو أوصلكم ..
كزت هالة على أسنانها وهى تراه يتلزق بهما كالغراء .. فقالت ..
_ لا هنروح موصلات ..
_ خليه ياهالة يوصلنا ، قالتها ياسمين واقتربت من هالة تخبرها ..
_ خلينا نوفر الفلوس ..
فارتاح نادر لسماع ياسمين ، فقد وفرت عليه عناء .
وبعد إنتهاء الجميع من تجهيز الاشياء ، قاموا بالتجمع مرة أخرى ، وجلست ياسمين وهالة فى السيارة فى المقعد الخلفي ..
همست هالة فى أذن ياسمين .
_ الولد دا بارد ، مبقبلوش ...
....لم تعلق ياسمين عليها فقد كانت شاردة فأردفت هالة _صحيح أنت روحتي للبيب ، أنا فلوسي خلصت .
_ وأنا كمان ...
وصل همسهم الى نادر فهتف بحماس وهو يشير خارج السيارة الى مكان فى الطريق .
_ على فكرة أنا هفتح عيادتي قريب جدا فى المكان اللى هناك دا .
فهمست ياسمين الى هالة ..
_ تعرف انه دكتور نفساني ..
_ دا أنا لو بموت مستحيل اروح للبارد دا .
_ وأنا كمان مستحيل ..
لم يعرفوا أن نادر ينصت الى همسهم بالكامل ..
وبعد أن وصلوا الى مدينة الالعاب ..
أشار إليهم نادر ان يتناولوا الايس كريم من هذا الرجل الذي يقف على بوابة المدينة .
_ ايه دا أنت هتيجي معانا .. قالتها هالة وهى تراه يمشي خلفهما .
_ مينفعش اسيب بنتين حلوين لوحدهم هنا
.... بصوا أنا هعزمكم أنتوا وملكوش دعوة ، أوك .
ابتسمت هاله بخبث وقالت ..
_ على حسابك يعني ..
فابتسم لها بطيب ، ومال رأسه بايجاب .
كلما كان يمر على شئ يلفت النظر يأتى به اليهما تحت أنظار هالة الداهشة فكانت تريد أن تستغله لكن كان يصرف ببزغ عليهما .
ولم يترك لعبة واحدة حتى جعلهم يركبوها ، حتى بقوا طوال الليل فى المدينة يصرخون، ويلعبون بمرح .
وبرغم صعوبة بعض الالعاب ، كانت ياسمين تعتزل ركوبها ، وخاصةً بيت الرعب ، فبقت هالة مع نادر ، تمسك بكم ملابسه عند شعورها بالخوف .
وعند الوصول الى أخر مرحلة ، ظهر أمامهم شئ مخيف جدا بأصوات مرعبة ، فقامت فجأة باحتضانه من الرعب الذي بها ، فشعرت بالاحراج منه ، وما إن جاءت لتبتعد عنه قام هو بالتربيت على ظهرها ، تحت نبضاتها المتفاجأة .
_ يابنتي هتروحي إزاى ، تعالى نامى هنا والصبح روحي .
هتفت بها ياسمين الى هالة وهى تقف أمام منزلها وتقوم بسحبها حتى لا تذهب بمفردها، فاستسلمت هالة .
كان البيت فارغا يعمه الظلام ، صعدت ياسمين مع هالة الى غرفتها ، يتحدثون مع بعضهما ليأتى طرق الباب فجأة .
_ أنا قولت مينفعش تناموا من غير عشا .
قالها نادر وهو يمسك الطعام بيده ، ويدخل الغرفة الخاصة بياسمين ، فرد ياسمين عليه ..
_ بس انت أكلتنا كتير.
_ بصي كلى وملكيش دعوة ، تعالي ياهالة كلى .
كان نادر يدخل الغرفة وعيناها تمر على كل جزء بها ويتفقدها تحت أنظار هالة .
وما إن خرج نادر من الغرفة .. قالت هالة ..
_ شكلنا ظلمناه ياياسمين ، باين عليه طيب خالص .
_ أأأه عندك حق ... قالتها ياسمين وهى تنصت الى صوت السيارة التى تدخل الى فناء المنزل ، فاقتربت من الشرفة تتوارى خلف الستار ، لترى أدم يدخل الى البيت .
فرجعت الى هالة لتناول الطعام ،وكلمات الرسائل تتردد فى أذناها ، وبقت تتناول الطعام لتحارب تفكيرها ،وما ان ثقلت معدتها جاءها غبار النوم .
وبقت هالة مستيقظة بجانبها ، تتملل على الفراش وتتذكر عائلتها التى تخلت عنها .
فقامت تقف فى الشرفة قليلا تستنشق الهواء البارد ، لترى نادر مستلقى على الارض فى فناء المنزل ، وينظر الى السماء .
فذهبت اليه .. وهى تنظر اليه طويلا ..
_ مستعد تسمع قصتي ..
إنتبه نادر اليها وهى تنظر اليه وبعيناها حزن مثقل ..
_ أتفصلي ..
نزلت هالة تستلقي على الارض وتنظر الى السماء بجانبه ..تنهدت وهى تقول ..
- أسفه عشان كلمه بارد ، أنا عارفه أنك أخذت ياسمين عشان تهوى عنها شوية ، عشان ظروفها .
كان نفسي حد يعمل كدا عشانى ،
أنا اهلى اتخلو عنى ، لما عرفوا بمرضي ، ياترى لو كان جالى مرض مهلك ، كانوا سبونى برضوا ،
أنا نفسي أعيش مع أهلى ويحبونى ويشيلوا همى ، بس للأسف مليش حد
قولى أنا ذنبي ايه أنى اتولدت كدا ،انا داخليا رافضة أنى بنت ، لانى مش حاسة بكدا نهائى ، حاسة أنى ولد ، وانى فى جسم غلط ، بس عندي رغبة انى اعيش زي بقيت البنات وطبعا بدأت أتعالج ومفيش أى تأثير ، لسة زى ما أنا .
كان ينصت الى كلامها بانتباه وعيناها تغوص داخل السماء الزرقاء ببريقها ونجومها ، فقال بهدوء
_ تعرفي ياهالة ، أكتر حاجه عجبتني فيك ، أنك بتعترفى أن دا مرض ،ومجرد فكرتك دي يبقي اكيد عارفه انه له علاج ، وحتت انك عاوزة تتعالجى دي خطوة حلوة ، وكمان لسة بتعترفى باهلك وعاوزة ترجعلهم ، برغم أنهم إتبروا منك ،واضح أن عزمتك قوية .
يمكن اللى حوليك مش قدرين يصدقوا ميولك عشان شيفينك بنت حلوة وزى القمر ومش واعين بمشكلتك ومش كل الناس عندهم وعى برضه .
من نحية العلاج ...أدى فرصة أكيد أى علاج بياخد وقت عشان يعطي مفعول ..
ردت هالة . وقد أراحتها كلماته
_بس أنا تعبت ونفسي اعيش طبيعية
_ طلما أنت نفسك، يبقي هيتحقق كل اللى عوزاه .
بس شوية الامل الى بيلمعوا فى عنيك دول حافظى عليهم .
أنا هعتبرك أول زبونة عندى وهحاول أساعدك وابقي معاك ، على طول ، بس أنت تساعديني برضه ، وتسمعي الكلام .
ابتسمت له وهى تشعر بالامان من حديثه الهادئ فمالت رأسها بايجاب .
****
وتمضي الايام
ودائما ماتأتى هالة الى ياسمين ، وتقابل نادر الذي يجلس معهما دائما ، حتى أصبحوا يتقابلون خارج المنزل ..
وبقت ياسمين تذهب الى رامي فى الكافية فى اوقات المحاضرات حتى تشرح له الدروس ، وتتغاضي عن كلماته البذيئة ، حتى تنتهى من أمر المال .
_ تعرفى ان البوسة من غير شنب زي الاكل من غير ملح .
_ إرحمني بقي يارامي ، كل دا تنمر .. أأف بجد أنت مفيش فيك فايدة ...
_تعرفي ... إنى مابوستش من زمان أوووى ..
تنهدت وهى تنظر اليه بغضب ولا تعطي بالا لكلماته وتقول
_طب قولى ياناصح اجابة المسألة دى ..
_ مش ملاحظة أنك عماله تتخني وتتدور هاهاهاهه
قالها ساخرا وهو يبسطت زراعيه ويقوم بقرص وجنتيها .
_ خدودك دي بتستفزنى عاوزة تتعض .
شعرت بالضيق منه فقامت بالقبض على يديه وهو يقوم بقرصها وقامت بعضه بقوة حتى تركت أسنانها أثرا .
فتأوهه بألم ..
_ يعني عضاضة وكمان بشنب ... بس تعرفي هقبلها منك قالها وهو يقوم بتقبيل يده مكان العضة بطريقة أخجلتها .
كزت على أسنانها وألقت أمامه عدة أوراق حتى يكتب إجابة المسألة فيها ، فبقي نصف ساعه كاملة .. يقوم بحلها ومن ثم أعطاها اليها ..
لمس قلبها شعورا لطيفًا يداعب عيناها بوهجها الفاتن ، فارتسمت ابتسامة خفيفة وهى ترى أنه قام برسمها .. بطريقة خلابة هادئة ، حتى أنها لم تعرف أنها جميلة بهذا القدر .
_ باين على وشك انها عجبتك ..
.. وريني كدا ... ...ايه دا نسيت حاجة مهمة ..
قام بسحب الورق منها مجددا وبقي يضع لمساته الأخيرة ..
_ خدي . كدا كملت .
قامت بأخذ الورق منه بقوة وهى تنظر اليه بعلامات الاستحقار ، لتنقلب قسماتها وتطلق شهقة من ثغرها وهى ترى أنه رسم شاربا على شفتاها..
_ رااااااميييييي ، أنت تيييييت واحد شوفته فى حياتي .. وهتسقط السنة دي .. وهتضيع تعبي على الفاضي . (تنهيدة )
فى تلك اللحظة دخلت مجموعة فتيات صارخات الجمال بملابسهم الكاشفة الى الكافيه ..
دارت بعيناها إليه لتراه ينظر اليهم بطريقة صدمتها .
والاغرب انها نظرة عابرة لم تأخذ وقتا .
هنا وقعت عيناه فى عينها وهو يلتفت اليها بعيناه الزيتونية المضيئة بشعلات لا تعرف مكنونها ..
.. فهل لها أن تعلم أن تلك العينان التائهة قد تشبعت بعيناها ولم تعد ترى سواها ، حتى أن قلبه لا ينبض لغيرها ويؤرقه فى الليل شاغلا بذكرياتها ، وأنه لم يعد هناك مكانًا خاليًا فى غرفته من نقوش رسم وجهها عليه .
حاولت أن تكمل شرحها له ، وتنظر اليه بنظرات خاطفة ، لترى أن عيناه متسلطة عليها فقط .
جاء أحد العاملين بالكافيه بكوبًا من العصير مع ورقة صغيرة ، ويعطيها الى رامي ويشير الي فتاة تجلس بالقرب منهما .
هبقي الفضول ينهش داخلها بما هو مكتوب داخل الورقة .
وبعد ثانية واحده امسك رامي الورقة وقام بقراءتها وما ان إنتهي حتى قام برميها داخل سلة القمامة التى بالجانب ، وأمسك بكوب العصير ويقدمه الى ياسمين ..
_ إيه .....اللى مكتوب فى الورقة ..
_ ملكيش دعوة ..
وبعد إنتهاء الوقت وخرجوا من الكافية ، وقفت أمام باب الدخول وأستأذنته لترجع لدخول الحمام ، وعادت مسرعة الى السلة تبحث عن الورقة .. وتقرأ مابداخلها . لتجد داخلها رقم الفتاة مع عنوانها .
_ زمانه هحفظه ، هه بيلعب على مين دا أنا اكتر واحدة فهماه .
وبعد أن عادت اليه ، وقفوا أمام المبني بجانب طريق السيارات فقالت له مودعة
_ بكرة أخر امتحان ، حل بقي وانجح خلينا نخلص .
_ هحاول .. بس متحطيش أمل
فى تلك اللحظة وقعت عيناها على زوجته وهى تمشي فى الجانب الاخر من الطريق ويدها ممسكة بيد رجلا أخر ..
فحاولت أن تشغله ببعض الكلمات حتى لا ينظر الي الجانب الاخر ، لكن توترها جعله يلتفت ويرى وهو يضحك بسخرية ويقول ..
_ أنت هبلة ، بتعملى كدا ليه ، هو أنتِ متعرفيش أنى طلقتها .
_ طلقتها ؟؟
_ أأه عوزانى اعيش مع واحده خاينة إزااى .. (تنهيدة)
ياسمين ....
.... لو أتقدمت ليك توافقي ...
_ اييه ؟؟
_ فكرى ... قالها رامي وهو يدير رأسه الى ناحية سيارته ، ويمشي من أمامها وعيناه لا تفارقها .
****
تململت ياسمين على الفراش ، لا يأتى النوم إليها أبدا مهما حاولت ، فكان عقلها ضحية التفكير ..
شعرت بقله الهواء داخل رئتيها وقلبها ينبض بقوة ،و تلتقط أنفاسها بصعوبة ، ويبقي التفكير يدور حول عقلها بسيوف توخز قلبها .
قامت من الفراش تبحث عن تلك السلسة التى ألقتها فى ذلك اليوم على مرآتها حتى أنكسرت ..
بحثت عنها ساعة كاملة حتى وجدتها وراء المرآة .
رفعتها الى عيناها تنظر بضيق ، وبحثت عن رسائله .. وجمعتهم على الفراش ..
تقرأ كل كلمة بسخرية ،حتى إحتلها شعورا غريب يتسلل داخلها ..
أمسكت السلسة مرة أخرى ، وحاولت أن تفتح القلب الذهبي بأقصي قوتها برغم الألم الذي أتى من قفله الحامي حتى جرحت أناملها ..
أنفتح القلب بعد عدة محاولات ، لترى بداخله كلمات مطبوعة بارزة بالذهب .
وضعته تحت إضاءة قوية .. وأقبلت تنظر الى الحروف ... وتقرأها
( أنا حبيبة أدم )
_ إإإإيه ...؟؟ حَبِيتك التيييت ... إتفووو . هتفت بها ياسمين بغضب ،وقامت بإلقاء السلسة مرة أخرى الى حائط الغرفة ..
ولم تستطع النوم طوال الليل ..
وفى الصباح الباكر تجمعت الهالات السوداء حول عيناها البراقة ، فبقي جمالها طاغى ومثبتًا على الفتنة الناعمة .
ذهبت الى الإمتحان صباحا متسللة بوقت باكر جدا حتى لا تقابل أدم ..
وبالفعل .. نجحت فى الهروب .. وذهبت إلى الإمتحان ولم يتوقف أدم عن الإتصال بها .. فأغلقت الهاتف حتى تتجنب مقابلته .
ودخلت الى قاعة الامتحان ، بحثت عن رامى كثيرا ، ولم تراه فى أى مكان ، فلم تتوقف عن السب ، وما إن انتهت من حل الامتحان خرجت فى منتصف الوقت مسرعة حتى تذهب الى البيت و لا تركب مع أدم ، فهى تريد أن تتجنبه .
فوقفت تنتظر سيارة أجرة وتتذكر الكلمات المكتوبة داخل القلب . وتقول بسخرية
_ هاهه حبيبة أدم ... تيييييييييت .. تييييييت .
فى تلك اللحظة وقعت عيناها على رجلا تعرفه جيدًا ، فدارت بظهرها الى الوجهة الأخرى فكانت حركتها مساعدة له بما يريد فعله..
فاقترب منها كثيرا من الخلف وما إن جاءت لتهرب شعرت بشئ حادا يلمس جانب جسدها .
_ أدخلى فى العربية قبل ما أخلص عليك .
...يتبع ..

 
 

 

عرض البوم صور سارة منصور دوار الشمس   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:40 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية