لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

المنتدى العام للقصص والروايات القصص والروايات


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-04-21, 04:10 PM   المشاركة رقم: 71
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

ويُجيب: هلا فهد..اخبارك؟
فهد ابتسم: الحمد لله بخير..كلنا بخير.
راشد: فهد..بنجيكم بكرا...أبيك تروح شقتي تشيّك على الكهرب والماء...
.
.
سكت لوهلة ثم قال: حياكم الله...لا تحاتي الشقة دايم نتردد عليها يا أنا او ريّان وامورها في السليم...
راشد بضيق: حلو أجل بكرا نشوفكم..سلم لي على أختي..فمان الله...
.
كان بودّه أن يسأل عنها ..يطمئن..ويُطمئن قلبه..بآخر اتصال عليها كانت موجوعة مغبونة للحد الذي لا يسع العالم قبول هذا الكم الهائل من أوجاعها..ولكن لم يستطع أن يسأل ولم يستطع أن يفلح في مشاعره لناحيتها..الفارق بينهما كبير وجدًا..حُبه لها كبير عليها ربما يُغطّيها باكملها ويخنقها ايضًا..لا مجال لهُ معها في سلك الطريق نفسه..هي لا تريده يُدرك ذلك..تنفر منه..حديثها قاسي ويستثير جنونًا جمَّا من مشاعر الغضب ومشاعر أخرى..ولكن يُدرك الفارق العُمري الذي بينهما لا يُجمع ذرّات حُبّه لها..فهو الآخر لا يريد أن يُعيد الماضي للحاضر..أخته رحيل تزوّجت في سن صغير الفارق العمري بينها وبين ليث ليس كبيرًا ولكنهما كانا بحاجة بعدم الإرتباط في ذلك السّن ..فهما لم يكونا على استعداد تام..ولكن تمّ كل شيء وادرك الأمر في وقتٍ تأخر كل شيء فيه انتهى..لا يريد أن يمشي على خُطى القُدامى ولا حتّى يريد أن يظلمها معه.

هي ليست من نصيبة الباذخ بالمشاعر..ليست له..ما زالت صغيرة ..ولا زالت مُعاكسة بوجهتها شخصيّته..هما غير مُناسبين لبعضهما البعض..يعي النّقاط الكثيرة التي لا توقعهما على خط الإتفاق ليس العُمر فقط من يقف حاجزًا أمامه..هُناك أشياء كُثر..تستحل تفكيره بمنطقيّة للإبتعاد عنها..للإبتعاد عن تشويه حُبه..برفضها المنطقي ربما..العودة إلى رسم ما رسموه في الماضي مُجحف في حقّه وحقّها.

تنهّد بضيق..هذا القَلب بحث عن الوصال..يبحث عن بصيص رائحة والدته
فهي ابنت اخيها..تشببهها للحد الذي يجعله يُسهب بالنّظر إليها..ولكن أحبّها لأن قلبه أراد قبول هذهِ المشاعر ايضًا.
ليس لأنها تُشابه والدته بطريقة تتمكّن من ذاكرته لتستثير خلاياه بالخضوع إلى المشاهد والأحاديث الكثيرة.

نظر للقمر..ونظر لنفسه قبل سنوات عدّة..تقف أمامه تحتضن صبره وتطببَه من المرض..كان في عمر الثاني عشر من عمره آنذاك ينظر لها..ينظر إلى وجهها البشوش..إلى إبتسامتها الجميلة التي لا تفراق ثغرها ..تنحني..ينكب شعرها للأمام ليُداعب وجهه..يتضايق منه..يعبس ثم يعطس
تضحك وهي تُبعد شعرها للخلف
: يمه..اربطي شعرك..
تنظر له وهي تشد على الكمادات التي وضعتها على يديه
وجبهته: عشانك بقصّه...
يبتسم يُغمض عينيه ثم يفتحهما ليتحدث بصوت: لا يمه..اصلا احب الشعر الطويل..بس ما احبه يلامس خشمي..
تضحك..تُعيد تغميس القماش في الماء
: شكلك بديت تهذي..
ينظر لها بلمعان عينيه بسبب التعب
: يمه..ابي اخت لي..
تزداد ضحكًا وهي تتحسسّ جبينه: لا واضح الحرارة لعبت في عقلك يا ويحي عليك يا فهيدان..
يبتسم رغمًا عنه يُكمل: ابي اخت اسميها..فهده يمه..عشان يقولون لها..فهده اخت فهد...
تشد على يده وهي تطبطب عليه: أنا اقول نام وانا أمّك...بديت تهذي..
يغمض عينيه يتمتم: يمه احبك..
تضحك تظن أنه فعلًا يهذي ولكن هو في ذلك الوقت كان بوعيه الكامل لم يهذي بشيء من اللّاواعي..حتّى بهِ يتذكّر هذا الموقف تحت ضوء القمر دون جُهد من عقله في تذكره، لا يدري لماذا تذكّرها بعد اتصال خاله
ولكن هو اشتاق..بعد كل هذهِ السنوات وبعد هذا العُمر
يشعر بحاجته إليها، والدته كانت قريبة منه ..ربما أقرب إليه من ريّان..متعلّق بها..وكثيرًا فُفقدها افقدهُ الكلام لمدّة أيام كثيرة..تعلّق بملابسها ..ولم يستطع النّوم إلّا باحتضان أحد القطع التي تخبّأ رائحتها لتتشبّع فيها وتزداد..ولكن والده خشي عليه من الجنون..سحب جميع ملابسها منه..وابعدهم عن ناظريه..واخذ يطُبطب على أشواقه لها بالنّظر إلى صورتها...وبالنظر إلى مزون وهي صغيرة..تعلّق بمزون..اصبح مُلازمًا لها في وقت صغرها حتّى إنها كانت تتضجر منه ولكن لا يدري كيف تحوّل الأمر إلى مشاعر أخرى..إلى مشاعر تحثّه على الإقتران بها عُمرًا ولكن منطقيّة عقله تُثنيه على الإكمال والإسهاب في هذهِ المشاعر..لا مجال له ولها في الرّباط..والميثاق الغليظ.

شعر بيد على كتفه نقز
ليضحك الآخر: شفيك؟
نظر إليه: ولا شي..
ريّان: شفيه خالي..
فهد بلل شفتيه: بكرا بيجي...ويبيني اشيّك على شقته...
ريّان سكت..ثم دارت عينيه على المكان بحذر: ما شفت نوّاف؟
فهد نظر إلى عينين أخيه: لا...
ومسك يده: وبلا خبال وتعال اجلس..
دخلا إلى المجلس
كانت الأصوات عالية ومرتفعة...دخلوا ودخل معهم شاب..وعن يمينه رجل كبير في السن..عادوا إلى أماكنهم لإستقبال الضيوف..
فيصل همس لصارم: الوضع قلب عرس..
صارم ضحك بخفة : هههههه وش تسوي إذا جماعتك عبارة عن جيش..ما شاء الله..
فيصل نظر لمحمد ثم همس: اي والله كلهم جاو..ماحد منهم مشغول...
صارم يسترسل: واضح يعزون جدّي كثير..
.
.
سكت فيصل حكّ خدّه..ادرك موضوع الضيافة ليعود يتسائل: وين نواف يباشر الرياجيل...
صارم اخيرًا وعى على عدوم وجوده بحلق في المكان ..ولكن لم يراه
: مادري عنه هالحمار ...شكله راح الحمام..
اقبل عليهم ذياب..ليسكت فيصل من إبداء الحديث
: ارحبببب....هلا والله بولد الخالة...
ذياب اقبل عليه ليسلم: مبروك وعقبالك..إن شاء الله...
ثم صافح يد فيصل واقبل يسلم عليه ليردف الآخر: هلا بالنسيب
ذياب بوجه بشوش: هلا فيك..
.
.
مشى..مقهور..عينيه تُبحلق في المكان وكأنه يبحث عن فريسته، هذا القهر يدعيه ويستدعيه لإرتكاب الحماقات في حقّها وفي حق نفسه ايضًا.
ادرك من حديثها إنّها مجبورة على القبول بهذا الزوّاج هذا ما اقتنع فيه..هو لن يفعل شيء يُنقذها من هذا الإجبار..فهي الأخرى مرحبّة به..ولكن يُريد أن ينتقم لنفسه
كان عليها أن تُصارحه..هو الآخر..كان يرتّب حديثًا مطولًّا لأهله ولإقناعهم..بينما بالمقابل هي خيّبت كل حماسه بأكاذيب وأباطيل الحديث..نظر إلى وجهه..يعرفه..رآه كثيرًا في المستشفى..ها هو يقف بجانب ربما جدّه ..وجهه مبتسم..عينيه تبرقان فرحًا..اقبل عليه..
صافحة وشد على يده بقوة اقترب اكثر ليهمس في أذنه: مبروك..
حاول محمد الإبتعاد ولكن رعد شد عليه ليقول: سبقتني وصارت حلالك..
همس أكثر: بس اعرف شي واحد..النّفس ما ترضى على نفسها بالغصِيبة ودايم تفر!
.
.
ابتعد ليبتسم في وجه محمد الجامد..ما زال ممسك بيده
ينظر لرعد وإبتسامته..ينظر لوجهة ولعينيه الثّابتتين، خفقت أجنحة الشكوك بالقُرب من رأسه..خُطف لونه سريعًا..نشف ريقه في خلال ثانية واحدة..يُبحلق في رعد الذي قال
: يدي..
ونفض يده منه بشكل غير ملحوظ؟
اختفى عن وجهه وبقي محمد يصارع الشكوك من داخله..ينظر للنّاس ببهوت..يتنفّس بعمق شديد..شعر بارتباك اللّحظات..شعر بغضبه يرتفع ويخنق حلقه ويُمنعه من الرّد على البقية "الله يبارك فيك"، ساقيه بدأتا بالإرتجاف..شيء هُناك يعتصر جسده كلّه..
جلس على الكنبة انحنى لجدّه: جدّي ابي اشوف دانة..
يهمس الآخر وهو ينظر لجماعته بحذر
: من حقك يا وليدي..
محمد بشحوب: بطلع معها برا البيت..
الجد عقد حاجبيه، هو لا يحبّذ هذهِ الأمور..ولا يتقبّلها أبدًا
: شقول؟
محمد برجاء: نتعشى في مطعم...ساعة ونجي...
الجد ألتفت على الرجل الذي اخذ يصافحة ولم يرد على محمد الذي وقف وفي قلبه جمرة ..يريد إطفاؤها واطفاء ما اشعلته من اسالة في عقله
لن يرحمها لو كانت على علاقة مع ذلك الرجل المشؤوم هو الآخر يعرفه ..يعرف كونه في نفس المستشفى..الدكتور رعد..أجل هذا اسمه..لا يفهم شيء ..ولكن يفهم شيء واحد..انهيار دانة وخوفها ورغبتها في الإنسحاب وحديثه الذي اشعله ليذهب ويتركه يحترق ببطء شديد
.
.
يبحث عنه بأنظاره أخبره سيأتي ولكنه لم يأتي هو الآخر..تنهد: وينك يا عبيد...اففف ملل..
.
.
ارتفع صوته الجهور: مبروك يا بو عبد الرحمن...الله يسعدهم ووفقهم...وعقبال ما تفرح في عيالهم واحفادهم...
ألتفتت جميع الأنظار على عجوز...بهِ من الوقار بسبب لحيته البيضاء ..ووقوفه الشامخ مع انحناؤه البسيط...عن يمينه رجل يعرفه الجد وعن يساره شاب صغير..تقدم ليصبح في صدر المجلس ليضع الشاب صندوقًا
ليردف: ما هوب من قد مقامكم يا بو عبد الرحمن..ولكن اقبله يا جعلك تسلم..وسامحنا على القصور.

نهض الجد نظر للصندوق وإلى العجوز ارتفع صوته
: ما منك قصور يا بو سعد...أقلط...حيّاك..وحيّ اللّحية الغانمة...
اقبل عليه يسلّم..
.
.
فيصل همس لأبناء عمومته: والله العانية تسوى..يا حضّك يا حميد...
فهد ابتسم رغمًا عنه: ربعنا غلطانين يفكرون الليلة الزواج..
صارم همس: لاحظت!..المجلس يصيح ويستغيث زحمة...
ريّان: محمد جمّع أواصل العيلة بملكته.
ضحك فيصل بخفة..ونظر إلى تقلّبات وجه أخيه
.
.
بو فهد نظر لأبا سعد وبو الهاجس..وبو وافي..قلبه خفق..
وابا ليث اخذ يفصّل بعينيه وجه ابا سعد الذي جلس عن يمين جدّه..

بو الهاجس: ابعدتنا الأيام يا بو عبد الرحمن...والشوق واصل لكم ..مير الأحفاد اجمعتنا الليلة ...يا جعل الله يوفقهم...
الجد نظر له...ابتسم على مضض: حياكم الله...اسفرت وانورت...يا مرحبا فيكم ويا هلا...
فيصل همس لصارم: ناقصهم شي...اشتقت اسويه..
ثم نهض
وبصوت جهوري قال:
يا مرحبا ترحيبة البدو لسهيل
واعداد ما هبت سحايب مطرها
يا مرحبا يا ريحة الورد والهيل
لا هبت النسمة وتطاير عطرها
مرحبا بك عد ما في العام يوم
وعد ما يذن أذان وتسمعه
وعد ماجا في منامك من حلوم
وغد ما تسمع يأسم المجمعه
يا مرحبا ترحيبة العز كله
ترحيبة ترجح بكل الموازين
هـلا بـك عـد مالشمس المطـله.
.
(منقول)
.
ريّان ابسم رغمًا عنه وهمس لفهد: حّن العرق...حّن...
فهد ابتسم هُنا
وارتفعت الأصوات التي تختلط في بعضها
" يا الله أنك تحيّيه"
"تسلم..صح لسانك"
.
.
جلس فيصل ..
بينما بو ليث..نظر لابنه وكأنه لم يرد منه هذا الفعل في الواقع..تنهد بضيق..ومحمد أخذي يتيبّس في مكانه عقله شرد..عينيه تائهتين...روحه تضيق...غضبه يزداد..عينيه تتركّز بالنّظر إلى رعد!
.
.

الجد يُراقب النّظرات..يستمع للعبارات..يخشى من أمر واحد فقط..وهو إقبال ابا سعد أو البقيّة في إحراجه بطلب يد إحدى حفيداته..يريد أن ينتهي الأمر وينقضي
تمتم بالإستغفار وعينين ابا سعد تحدّقان له وهو يحدّق له
شعر بالنظرات هي نفسها..النّظرات الحاقدة والمسيئة بالظّن..هي نفسها النّظرات التي تصدّاها من أجل عائلته..تلك النظرات التي تُلقي عليه اللّوم بسبب خسارته في التجارة..كل شيء حدث صُبّ على رأسه وكأنه هو من خطط على فعله..لم يتحمّل تلك النّظرات وقتها ولا تلك العِبارات، خرج مبتعدًا..لينزوي في عالم يُعاكس عالمه..بتقاليد وعادات ربما مُختلفة قليلًا ولكن اعتاد..هل أتوا ليصبّوا حممهم عليه الآن..ينتظر انفجارهم..ينتظر
ولكن قال بو وافي: وينه ليث عنكم؟
.
نظر ابا ليث له: بعده بامريكا..
بو الهاجس: ما كأنه طوّل؟
بو صارم من غير نفس: لا..ما طوّل...
سابقهم بالحديث بو سعد: بو عبد الرحمن...الليلة جيّتنا ما هيب عشان نبارك ونمشي..جيّتنا الليلة عشان نزيد الفرح...ونكسر الخلاف اللي بينا...
نظروا احفاد الجد إلى جدّهم عقدوا حاجبيهم وبينما محمد ينظر لهم بصمت
الجد بجدية: ما بينا خلاف عشان ينكسر..يا بو سعد...
رعد نظر للجد ونظر إلى عمّه الذي اخبره
بكل شيء يُعاكس الحقيقة والواقع
بو الهاجس: وبعدك ...وتصددك عنّا؟؟
ارتفع صوت بو فهد: ما اظنكم جايين عشان تفتحون باب العتاب...قالها بو سعد...جايين تباركون..
ويؤكد هُنا بو سعد: ونزيد الفرح..
الجد يعلم بنوايا ابا سعد
ولكن انتظر ليقول: نبي نقرّب الوصال...يا بو عبد الرحمن...
بو صارم كاد يتكلم ولكن امسكه ابا ليث يريد من ابيه ان يُجيب
أمام كبار عائلتهم
فقال الجد بعد صمت وهو ينظر لهم: وانا نيّتي نقرب ونقوّي الروّابط!
.
.
صارم همس : شسالفة؟
فهد نظر إليه: الوضع قلب ..فجأة...
ريّان مسح على ذقنه يراقب الأمر بصمته
.
.
بو وافي: هذي ابرك الساعات..
الجد سابق لسان بو سعد في الحديث ولكي يُخرسه: بخطب بنت اخوك بو الهاجس لوليدي فهد..
.
.
فهد صُعق..وابا فهد نظر لأبيه
اما ابا ليث خبّأ نصف ابتسامة وراء رغبته بالضحك علم والده أخذهم بغتةً لإخراس الحديث.. فهم لِم والده اختار ابنت ابا الهاجس التي في الواقع هي متزوجة!!
.
.
فيصل بضحك خفيفة: هههههه جا دورك يا فهيد..
فهد توتر نظر لأبيه وهو يهز رأسه وكأنه يخبره برغبته بالحديث ولكن والده حدّق فيه مطولًا وكأنه يُثنيه عن فعل ذلك
.
.
بو الهاجس: بنيّتي قدها تزوجت وعيّلت يا بو عبد الرحمن...ولا نسيت؟
بو سعد يفهم ابا عبد الرحمن جيّدًا لذا بغته: نبي نخطب..
قاطعة الجد بصرامة: بناتي بعدهم صغار...زوّجنا الكبيرة...لمحمد...الباقي بعدهم يدرسون..

الأجواء بدأت تشتد
نهض بو وافي ورعد يراقب الحديث ويصدّق حديث عمّه لتعصّب الجد الظاهر أمامه
: هذاك زوّجت ليث وهو صغير ببنت عمه وهي قدها ما دخلت العشرين..
الجد ببرود وثقة: وقتهم غير عن وقتنا...
.
.
كاد ينصرع ضحكًا فيصل من حديث جدّه وفهد اخرج زفير الراحة
ريّان ابتسم على رد جدّه
بينما صارم يبحلق بتوتر
.
.
بو صارم: الزواج قسمة ونصيب يا بو وافي..وبناتنا يبون يدرسون..
تدخل ابا ليث: وحنا نقدم أولويّة الدراسة على الزواج...بشوفة عيونكم ما زوجنا بنتنا لمحمد إلّا بعد ما انتهت من دراستها واشتغلت بعد...
الجد يؤكد لبو سعد وهو ينظر لهم: الزواج قسمة ونصيب..
ثم رفع صوته: يا عيال اكرموا ضيوفنا وحطوا العشا..
نهض فيصل وصارم سريعًا الذي همس
له: وين نوافوه...
صارم بقلق: علمي علمك...
عبرا في الممر الذي يؤدي بهما إلى باب المطبخ الخلفي والقريب من الـ"المخزن"
.
.
لا مجال للتراجع، لإثارت الجنون..وإحداث شرخ خجل تحت صفاء هذا الجو
اجبرت نفسها على تقبّل مرور هذهِ اللّيلة..تجلس في و سط ضجيج الفتيات..أتت إلى هُنا قبل ساعة..ولحظات قدوم والدتها وهي تحمل مستقبلها ما بين يديها..أحدث ضجيج آخر..هي لم تستطع فعل شيء حينما انتهت من وضع المساحيق..طرقت والدتها عليها الباب..دخلت حصنّتها بالأذكاء ثم ..أتت إلى هُنا..ودخلت في ضجيج فتيات عمومتها..تشعر بالضّيق..بالرغبة الصارمة في إظهار الضجيج لمن حولها ولكنّها تكتم..تُصارع رغباتها في إظهار الأمر..تقدمت والدتها وأم ليث..وصايف اختفت فجأة..هيلة تُمسك بالكاميرا تدور بها لتظهر الوجوه جميعها..أصايل..تُمسك الهاتف لتلتقط صور عشوائية لأجمل اللّحظات..بينما عهود تنظر لأختها بعاطفية وفرح..
جدّتها في الخارج لم تدخل إليها..لا تدري لماذا ولكن الأفضل ألّا تدخل!
تحترق..من النّظرات..من همسات والدتها وهي تّذكر اسم الله عليها..تحترق من غمزات هيلة
: بالله اصايل...خذي صورة من هالزاوية...
تقترب والدتها تقدم لها القلم: وقعي يمه...
توقّع على ماذا بالضبط؟
أم ليث تقلّب وجه دانة بمشاعر مختلطة بين الفرح وبين السعادة..جميلة دانة تُليق بمحمد..جمالها يزداد بأخلاقها السامية هي امرأة متكاملة ومُناسبة لتكون من نصيبه..سمت عليها بالرحمن..
اصايل تأمرها: بالله دانة ارفعي راسك اشوي..
هيلة تلتفت على عهود: أم دميعة بالله تعالي ساعديني..
يرتفع صوت أم ليث: بنات هجدوا اشوي..اتركوا دانة تتنفّس...
ام صارم نظرت لأبنتها ولرجفة كف يدها: يمه وقعي..
.
.
تنظر لوجه والدتها الباسم، تنظر لبنات عمّها..ولوالدة محمد..اهتّز القلم ما بين أنامل اصابعها..ارتجف قلبها وأخذ يحترق من ضيقة تنفّسها..تكتم أشياء كُثر وتخشى من الإنفجار اللّاإرادي..وقعت...ونهضت سريعًا أم ليث لتُنشر بصوتها الزغاريد ...
اصايل لا إراديًا نقزت من مكانها لتتجّه ناحيتها
وترتفع اصوات ضحك هيلة: أحلى أحلى يا عروسسسس هههههههه ما بقينا..
عهود ضحكت ودمعت عينيها في الآن نفسه..وفُتح الباب سريعًا..دخلت جدّتهم وهي تنظر لهم: بالمبارك يا بنيتي..
دانة سلّمت على والدتها واحتضنتها ولكن لم تترك لنفسها مجالًا للبكاء ثم انسحبت لتسلّم على ام ليث..ونظرت لجدّتها التي تنظر لها وكأنها تريد منها التقدّم...تقدمت اقبلت عليها لتقبّل رأسها وكف يدها..
: مبروك يا دانة مبروك..ربي يوفقكم...ويرزقنا ذاك اليوم اللي اشوف فيه عيالكم..
البنات بصوت واحد: آمييييييين...
نظرت ام ليث: وين ام فهد؟
الجده: جماعتنا جو وهي جلست...معهم..
ثم نظرت للبنات: اسمعوا..نص ساعة وتطلعون مع دانة..
ام صارم تقدمت: انا بطلع..يمه دانة رتبي شعرك..اشوفه اشوي مكسّر ..من تحت..
الجده تنظر لحفيدتها: ما علامه وش زينة...
ام ليث نظرت لدانة: الله لا يضرك..لا تنسين تحصنين نفسك يمه..
ثم خرجت هي وام صارم..والجدّه...
.
.
وبشكل سريع عهود اقبلت على اختها لتحتضنها وتبكي
اصايل بصدمة: خذ لك الحمد لله والشكر...
هيلة أخذت تضحك
دانة طبطبت على اختها، هي بحاجة لحضن وبكاء ولكن لا تريده الآن تريد الإختلاء بنفسها بعد كل هذهِ الضجّة
ابعدتها ونظرت لها: عهود...بلاش بكى..
هيلة اتت بالقرب منهما: يا عمري الحنيّن بس...
اصايل رفعت هاتفها: لا تخربون اللّحظات وخلونا نرقص اشوي...
هيلة: ههههههههه الصوت بيطلع برا..
اصايل بلا مبالاة: طيب واذا؟...هي الليلة تطلّب...تنكّس..
ضحكت عهود..ونظرت لهن دانة متسائلة بنبرة
مهتزّة قليلًا: وين وصايف؟
هيلة رفعت اكتافها: مادري..اظنها راحت دورة المياة...
اصايل بدأت تتمايل ما إن اشتغلت الأغنية
واقتربت من دانة وسحبت يدها
لتقول: ترا ماعرف ارقص..
عهود مسحت دموعها باسمة: هههههههه حركي ايدينك ..
دانة بضيقة: تعاملون هالليلة وكأنها عرس..بالله اشويـ..
قاطعتها هيلة وهي تصفّر بلسانها وتسحبها لترقص رغمًا عنها: لا يكثر بس...هزي وانا اختك...فرحي..ابتسمي..جعلك باثنين في بطن واحد..
دانة ابتسمت رغمًا عنها لم ترد كسر فرحتهن..لتدخلهن في ضجيجها المزعج..ابتسمت رغمًا عنها لتؤدي دور السعيدة ..أمام سعادتهن التي تضجّ في أرجاء الغُرفة..اخذت تحرّك يديها بعشوائية في الهواء..تنظر لوجه عهود الذي انفرج بالضجك ولوجه أصايل وهي تغمز لها لتضحكها رغمًا عنها..بينما هيلة اخذت ترمي عليها "ريالات " لتضحك..الجميع سعيد..حقًّا رفضها لن يمر بسلام..لذا كتمتهُ في صدرها..تستوعب رغبتها وتستوعب النتيجة التي تعقب هذا الرّفض..الجميع..سعيد..لا يحق لها أن تكسرهم..عليها بالتقّبل..عليها أن تكون قد قرارها الأخير..انخرطت وراء رغباتهم..لتدخل معهم في تلك الأجواء التي انتظروها سنين طويلة..انتظروها بلا ملل..دارت حول نفسها حينما امسكت يديها اصايل لتجبرها على الدوران وعهود بدأت توثٌّق هذه اللّحظات...
على صوت هيلة وهي تغمز لها: والله لا ينهبل محمد لشافه.
اشارت لها بعدم رضا وهي تردف: هيلوه...لا عاد..بلا نذالة..
عهود وهي تصور وتضحك: انا انسحبت يعني يمدي يشوفه...
اصايل تضحك تمسك يد دانة لتثنيها عن سحب الكاميرا: تكفين عاد..تراك زوجته...
دانة تهز رأسها بيأس..لتستسمر مع جنونهن.
.
.
سحبت نفسها أثناء غفلتهن وانشغالهن بقدوم دانة..جلست معهن لفترة اقبلت على دانة لتُسلم..ثم بقيت لتجلس معهن بتوتر شديد نهضت وخرجت حينما سمعت اصايل"الحين بعقدون القران"..نظرت لوجهة دانة الذي اضطرب..بينما هي نهضت..يقودها قلبها إلى ارتكاب الحماقات..هي اخبرته بأن يذهب للمخزن..ويبقى هُناك ثم تأتي إليه بعد مضي دقائق عدّة لكي لا يثيران الشكوك..رغم أن الشكوك مُثارة في نفس أخيها ريّان..قلبها يخفق..قدميها ترتجفان..سواعدها تشتد وتنقبض كفّي يدها بتوتر شديد..كانت تُخبأ عباءتها في المطبخ وضعتها خلف الثلاجة تمامًا..عقلها مشوّش..ولكن رغبة رؤيته تزداد..عليها أن توضّح بعض الأمور..هي جبانة لا تنكر حتّى بها الآن تتردد في الذّهاب إليه ولكن ..جرّأت نفسها ارتدت عباءتها بعجل وضعت الحجاب على رأسها..خرجت من المطبخ..تتلفّت يمينًا ويسارًا تنظر لباب المخزن..تركض لناحيته..ثم فتحته..لتدخل..لم ترى شيء..كان الظلّام سائد على الأرجاء..ولكن ضوء القمر يُنير بعض الشيء منه..كادت تُشعل الأنوار
ولكن سمعت صوته
: لا تشغلين الأنوار..راح تلفتين نظرهم..
شهقت بخوف..ألتفت لوراؤها..لتنظر إليه واقف بعيدًا عنها بمسافة بسيطة ايضًا..اغمضت عينيها..حدّقت في وجهة الذي بدأ يُنير بسبب "الفلاش" الذي قام بتشغيلة من هاتفه
ابتسم..بينما هي ابتسمت باضطراب..قلبها قلق..يخفق بعنف..مشتاقة إليه..توّد لو تستطيع وتحتضنه..وكادت تهم بهذا الأمر..عقلها خرج من جُمجمتها كليًّا..تفقد السيطرة على رغباتها الممتزجة بالخوف والحنين..تخشى من يفتضحا ويبتعدا كليًّا لذا ترغب بوداع أخير..يُروي شيئًا من جفاف أرضها الداخليّة..
ابتعد حينما ادرك رغبتها..ينظر لجنونها..لعنيها اللّامعتين لرجفتها
: وصايف...
وصايف تبكي وهي تحدّق به: اشتقت لك..
نواف اقترب بقدر بسيط..بهِ رغبات كثيرة تشعل اضطراب القدوم عليها من عدمه
ولكن يحاول ألّا يخضع أمام ضعفه وأمام رغباتها هي الأخرى
: وانا اكثر..
وصايف تقترب تنظر لعينيه: خفت...نواف..والله خفت وبعدت...وبغبائي وصّلت علاقتنا لهالطريق...
لا يفهم معنى حديثها ولكن ينظر لجنون رجفاتها التي تظهر أمامه دون عناء
: وصايف..علاقتنا مالها طرق ...لها طريق واحد وبس...انا ضغطت عليك يمكن..بس اللي سوتيه...
قاطعته لتقترب اكثر منه، تبكي بجنون
: آسفة..والله ما اكررها..
نواف يضطرب اكثر: لا تبكين طيب..
ثم نظر بعشوائية عنها..
: خلاص لازم اطلع..
ولكن مسكت يده...نظرت لعينيه
: تكفى نواف بس اشوي..اشتقت لك كثير انا..
ابتسم له..ثم سحب يده ببطء منها..ليسلط الـ"الفلاش" على الأرجاء..ثم تقدم لناحية "الكراتين" المصفوفة..اقترب ليتأكد من خلوا سطحها من الحشرات، ثم قال: تعالي نجلس..
مسحت دموعها..شعرت بفراشات حُبها تعود للحياة لتختلج قلبها بنبضات عنيفة في الواقع ناتجة من الخوف..ومن لحظات فقدانها على سيطرتها في مشاعر الحُب..اقتربت منه..جلست بالقرب منه حتّى ركبتيهما ضربت ببعضها البعض..نواف نظر إليها شعر بتبدّل حالها هذهِ الجراءة تُخيفه..تسحق رغباته للخضوع..ولكن هو اقسم على ألّا يؤذيها..لذا..
نظر لها: خفيتي؟
تفهم ما يقصده: لم شفتك تشافيت...نواف أنا آسفة...بس والله ما اقدر...
قاطعها وهو يُمسك بكفّي يديها المرتجفين
: أنا اللي آسف...
وصايف تبكي تُحني رأسها تنظر له
: تدري شنو اتمنى؟
نواف يتجرأ..يتعدّى حدود الله..يقترب ليمسح دمعها الكثيف
ينظر لإنعكاس القمر على وجهها ينخرط وراء اشتياقه:شنو؟
وصايف تنظر لعينيه بلا حواجز
: جدي يجبرني على زواج منك مثل ما سوى في محمد ودانة!
يضحك بخفة يحدّق في عينيها: والله يسويها لكبرنا...
وصايف بقلق: خايفة نواف..البنت لكبرت مو مثل الولد..البنت تكبر اسرع من الولد..
نواف عقد حاجبيه لم يفهم شي: شلون؟
وصايف تبكي وتعود من جديد وراء رغبات الخوف: اخاف يزوجوني قبل لا تكوّن انت نفسك...
يتفهم الأمر ..يحك جبينه بقلق آخر ..عاد حديث دانة في رأسه..عليه أن يجتهد في دراسته ليُسابق الطموح...ويُسابق المستقبل..عليه ألّا يُهمل دراسته لكي ينجز ويقطع المشوار الطويل
طوّق وجهها:لا لا إن شاء الله...انا بجتهد وبشد على نفسي..وصايف انتي لي..
تبكي اكثر، تغمض عينيها..لا تريد من هذهِ اللّحظات بالتّلاشي لا تريد أن تمشي الدقائق سريعًا..تريد أن تسمع صوته وترى وجهه وتتدثّر بحبهما معًا..
نوّاف بهمس: وصايف..لا تبكين...ما راح يصير شي من هذا...
لم تترك لهُ مجالًا..احتضنته..لتصدم عقله من الإستيعاب..ازدرد ريقه..بقي يحدّق للظلام..للأشياء التي ستشهد على قربهما هذا...احرقتهُ وصايف بذنب الإحتضان ودفىء حُبهما ولكن استجاب..احتضنها هو الآخر..هل حقًّا اشتاقت إليه لدرجة توقعها في اقتراف الذنوب..ونسيان الخوف في زُمرة تجمّع العائلة..هو الآن في وعيه يعي خطورة ما يحدث بينما هي لا..تشد عليه تبكي..يشعر برغباتها في البكاء بلا توقف..بينما هو تزداد رغبته في عدم تركها..اغمض عينيه هو الآخر..اخذ يستل نفسًا عميقًا من شعرها ليقبّل رأسها بعدها...
.
.
أحبّها..قلبي متعلّق بها..
نحن نحّب بعضها ربما بـ"طيش" افعالنا..
ولكن ما يهم إنني احبّها..اشعر بفراشات حُبّها لي وهي تقبّل ازهار حُبي لها
روحي الآن عادت..استيقظت..نامت..ما بين جفونها الناعستين
.
.
اكتفى بالحُضن..شعر برغبته في البكاء ليخفف عنها بكاؤها..ولكن الذنب يطرق عقله..يشعر بجحيمه وبتطويق عينيه لإمساك الدموع..كما أنه يشعره برغبات اخرى..
.
.
أهذا هو الحُب الذي يجعلني اعصي الله فيكِ؟ هل هذا حُبنا يا وصايف؟ لا أريده إن كان سيُثير رغبات الجنون..يحثّنا على الإنغماس وراء الحقول المُظلمة..
.
.
يُدرك غياب علقها..ببكاؤها وسماع نشيد أحزانها..تطوّقه..وكأنها تستسلم لكل الرّغبات..ولكن هو يقاوم كل ما يخطر على باله ويبعده..ابعدها بهدوء عن حضنه
نظر لها: لازم اطلع..
كادت تتكلم ولكن سمع
صوت فيصل
: وين نوافوه...
صارم بقلق: علمي علمك...
.
.
ألتفت عليها همس: دامهم افقدوني يعني افقدوك..لازم اطلع ...
هزّت رأسها برضا نهضت لتضع الحجاب الساقط على اكتافها لتضعه على رأسها
مسحت دموعها نظرت إليه سقطت انظاره على كتفه
: نواف...كحلي لصق على ثوبك...
نواف انزل نظره إلى ما اشارت عليه
توتر..اقتربت ..منه مسحت بيدها عليه
: يا ربي كذا بينعدم اكثر..
نوّاف امسك كف يدها قبلها ثم انحنى سريعًا ليقبل جبينها..ليقترف ذنوب أخرى!
: فداك...بدبّر عمري...
وبحذر همس: بطلع...خليك هنا لم انا اعطيك اشارة وطلعي..
هزّت رأسها له..بينما نوّاف..نظر لها بتحديق مطوّل ابتسم لها..ثم ترك كف يدها..لينسحب ...ويخرج من المخزن...وبخروجه..نظر إليه فيصل
الخارج من المطبخ سريعًا: وينك انت وش تسوي في المخزن؟
نظر إليه بتوتر شديد
تقدم لناحيته وبنظرة مشتتة: كنت ادخّن..
فيصل امسكه سريعًا من كتفه وابعده عن مقدمة المطبخ...ألصقه على الجدار بحلق في عينه: شقول؟
نوّاف شتت ناظريه: اللي سمعته..
كاد يجن عليه حقًّا..لو سمعه صارم لطحن خاصرته أمام المطبخ..
شد على كتفه: وتقولها بوجهي كذا...
نواف بتوتر ينظر لباب المخزن: فكني فيصل..
فيصل اقتربت اكثر استل نفسًا عميقًا: ما اشم ريحة دخان..
غمز لنوّاف بغضب: تكذب؟!
نواف ازدرد ريقه نظر لصارم وهو يخرج من المطبخ ويحمل صينية الرز
: فيصل..
فيصل سمع صوت صارم الذي اخرسه قبل نُطق اي كلمة: فيصل ويـ..
ولكن نظر إلى اخيه: وينك انت الله يعدمك...تعال جيب الموية...
نواف كاد يتقدم ولكن مسكه ليرفع صوته: الحين اجيبها معه يا صارم..
صارم مشى وفيصل نظر لكتف نواف
لهزّه: شنو هذا؟.
نوّف بملل: فيصل اتركني...قبل لا يجلدني صويرم..اتركني اودّي
قاطعة: حسابي معك بعدين...
ثم دفعه على الجدار ليتنفّس براحة ولكن فيصل سحب هواؤه حينما اتجّه لناحية المخزن..عقل نوّاف هنا توقّف ...اخذ جسده يرتجف..ازدرد ريقه بصعوبة
همس: يا ربي وش السوات؟
.
.
.
.
انتهى

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 06-05-21, 11:14 PM   المشاركة رقم: 72
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي

 

Part22
.
.
.




قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.



.
.


.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.


.
.
.
انتهت اللّحظة التي ينتظرونها وتبعتها أشياء أخرى..توقّف نفسَه حينما رآه يضع يده لدفع الباب..للدخول إلى الدّاخل..ارتجفت سواعده وأخذ يزدرد ريقه بصعوبة..أنتهت وصايف الآن وانتهى هو ولم يبقى منهما سوى حُطام ناتج عن "هرثه" وطحنه تحت الأقدام..الأمور بدأت تتصعّب وتتعرقل بدأت ترسم خط نهايتهما على شُهاب أمل الباب دون العبور في السماء بوميض نور خاطف للأبصار..مشى خطوتين..رأى الأنوار التي ضجّت في الأرجاء..قلبه اضطرب لم يسمع صراخ..لم يسمع نحيب..لم يسمع حركة في الدّاخل..ركض..دخل كالهائج
نواف: فيصل تكفى..
.
.
رآه يقف في مُنتصف المخزن يحدّق للأشياء وبعثرتها..ينظر لصفوف "الكراتين" الموضوعه فوق بعضها البعض خمس صناديق وُضعت فوق بعضها البعض بالقرب من النافذة لتخبّأ ما يدخل منها من ضوء..وبالجانب الآخر أسلاك وشبابيك يهتم بهم جدّه..نواف حينما لم يراها قلبه اطمئن ولكن أين اختفت؟ هل تختبأ خلف الصناديق؟ أجل هذا هو المنطق..اقترب من فيصل
: فيصل تكفى لا تعلّم صارم...
فيصل يُبحلق في وجه نواف: ما بعلمه بس بأدبك بطريقتي يا حمار...والحين أمش قدامي..
ثم مشى معه ليخرجا ويغلقا باب المخزن..
.
.
سمعت صوت فيصل وصوت نواف ..انفعلت بالبكاء الصامت..ليتجّه عقلها في التوّقف لإنتظار لحظات الإنقضاض عليها للإنتقام..ولكن في اللّحظات الأخيرة..اختبأت خلف الصناديق وانحنت للأمام ..تخشى الأختباء في الظلام..وتخشى الحشرات وأصواتها ولكن اجبرت نفسها واغمضت عينيها..ازدردت ريقها عشرات المرات..ثم ...سمعت الباب ينفتح...ليُغمى عليها في الواقع!
وصايف في حالة إستنفار في مشاعرها..ولكن الخوف يُغلبها دومًا وفي هذهِ اللّحظة لها سبب كبير من إغماض عينيها لتُدخلها في ظلامها ويبتلعها بسكون..هدأت وسكنت خلف هذه الصناديق..انفاسها تُسحب ببطء..جسدها مرمي للأمام.
.
.
سحبه معه: روح روح..ادخل المجلس..حسابك بعدين..
.
.
عقله معها..خائف من دخول فيصل مرة اخرى لهناك..خائف من افتضاح الأمور علنًا..ولكن خضع ليُبعد الشكوك..ودخل المجلس..لا يدري كيف لعقارب الساعة التوقف هكذا..دون أن تتزحزح..ثقيل الوقت في عبوره..ثقيلة نظرات ريّان..وحديث المجلس..مضت ساعة ..ورفعت الصحون..وبدأ "يقهوي" الرجال..متى ستنتهي هذهِ الليلة أم إنّها ليلة لا تنتهي؟ ربما خرجت الآن..هو طرق الباب حينما أخذ دلّة القهوة ولكن هل النساء حقًّا لم يفتقدوها؟
وقعت عينيه على محمد الشاحب بوجهه وإلى جدّه وهو يتحدث بهمس
للرجل لم يسمع ما قيل ولكن الجد
كان منفعلًا في التحدث بهمس: اقصر الشر يا بو سعد...قلنا لك ما عندنا بنات للزواج..
بو سعد ينظر للجد من وفوق نظرّاته الطبية: ليكون ولدنا ما يشرّفكم؟
الجد يحاول ألّا يزعزع أمان هذهِ الليلة: انا ما قلتها يا بو سعد...بس بعدهم البنات يدرسون..وأبّهاتهم ما يبون يزوجونهم...
بو سعد بسخرية: وأنت ما لك شور عليهم؟
الجد نظر له بحده: شوري عليهم ما يزوجون بناتهم لعيالكم !
ثم رفع صوته الجد: جيبوا العود يا عيال..
بو وافي فهم مغزى الجد ونظر إليه
ليقول أبو الهاجس بنظرات سخرية: وما بعد العود قعود..
فيصل وريّان وفهد ينظرون للأجواء الخانقة
أبا صارم همس: الله يكفينا شرهم..
بو فهد: ابوي تصرف ...صح...
ورفع صوته: نواف استعجل جيب المبخر..
نواف شعر بالضياع يجلس وينهض ويأتي بما يردونه..ولكن هذهِ المرة وهو خارج ..دخل سريعًا إلى المخزن نظر خلف الصناديق لم يراها واطمئن..ثم خرج!
.
.
كان ينتظر فقط شروق الشمس..ينتظر الخروج من حبل ضيقه إلى نجاة الأمور بالإستفسار..يقف على حافة غضبه وصراخه الدّاخلي ينظر لنفسه وهو يضع البطاقة ويعلّقها على صدره..انفتح الباب
دخل عليه..يتفحّص شكله ومظهره
تحدث: تراك من أمس مو على بعضك ..بس ما قدرت آخذ وأعطي معك قدام الكل...
ألتفت عليه: ما فيني شي...وش فيني يعني؟
فيصل تقدم لناحيته ينظر لعينيه و لوجهه المصفر الشاحب
: ما نمت؟
محمد ابتسم بسخرية: اي تعرف..تو مملك وسهرنا لين طلع الفجر وحنا نكلم بعض..
بحلق في وجهه اكثر: محمد اذكر الله هد..علامك مشتط...
سحب هاتفه ومفاتيح سيّارته ثم خرج: عن اذنك مابي أتعطل على شغلي..ولا تدخّل فيني..انتهيت من ليث وألتفت علي الحين! تبي تشبع فضولك؟
..
..
فيصل صُعق أدرك محمد أخذ منه موقفًا سيئًا من بعد ما حدث..مسح على رأسه يُدرك هو عقّد الأمور ولكن من قهره..ومن وجعه هو الآخر..وجود ليث ورحيل على أرض الوطن ..أخلّا بإتزان افعاله هو يُدرك رحيل من المستحيلات..ولكن بهِ شعور يدفعه لناحية التفريغ والإقهار على مُنطلق"الفضول" ليختبأ خلف نواياه الصحيحة..سيبعد بعد الآن عن ليث وعن كل ما يربطه به..ليُخرس شعوره ثم ينخرط معه من جديد بصورة حقيقية أكثر..ذهب لغرفته..سمع رنين هاتفه
توجّه إليه أجاب: هلا عبيد...وينك ما جيت أمس؟

كيف لهُ أن يزّف خبرًا كهذا؟ يعلم الخِلاف بينهما قاسيًا ولكن فيصل مكسور على هذهِ الشروخات التي لم تُنبت بين جُنباتها زهرًا لترميم أوجاعه، سيكسره هذا الخبر، علاقتهما أخويّة بشكل كبير..زعلهما لا يُكافىء تلك السنين التي أهدا فيها مشاعر أخويّة رقيقة صادقة..مجبور على إعطاؤه الخبر..على تسليمه مفاتيح الأحزان
: اعذرني ما قدرت أجيك..فيصل..
فيصل عقد حاجبيه: نعم..شفيك؟..عبيد صوتك ما يطمن..الأهل فيهم شيء؟

ينخرس من جديد..ينظر للفراغ من حوله..بالأمس دُفن..ودّعهم جميعًا..وضعوه تحت التُرّاب ليقسو عليهم بفراقٍ طويل لا يُماثله أي فُراق على أرض الدنيا
: فيصل ماهر عطاك عمره!
ذُهل بل صُعق، مشى خطوتين للأمام..ينظر لنقطة تيهَة الجديدة
يسحب نفسًا عميقًا ليُخرس شيء قفز من داخله يريد التحرّر على حساب روحه!
: متى؟
عبد الله: أمس..وتم الدفان..بس ما قدرت اقولك وعندكم مناسبة.

سكت..دار حول نفسه همس: أرسل لي أي مقبرة اندفن فيها..مع السلامة.
.
.
اغلق الخط..جلس على طرف السرير..يلوذ بشعور متطاير في داخله..يضع يديه على وجهه يعتصر لحيته..تترقرقع عَينيه دون إنسيابية مريحة للدموع..مات؟!..مات قبل أن يتصالحا..توفي قبل أن..يُخرس عقله من أي كلمة..يتذكر آخر موقف بينهما .حينما اُجبر على زيارته في المنزل..كان باهت..يحتضر ..أجل كان يحتضر ببطء..توفّى أعّز أصدقاؤه ولكن بأي حال؟ بحال يُفلق ويُعمي العَينين وبخلاف كبير حفر أمامهم حُفر الإبتعاد والحذر من الإقتراب على وجه ذكريات الطفولة؟ شعر بالقهر..كيف للموت أن يسرقه كُليًّا من حياته؟ كيف ينسحب هكذا بجُبن؟ "آه يا ماهر" تسللت دمعة لتحرق خدّه الأيسر مسحها..نهض ليتجه لدولابه بعد أن نظر لرسالة عبد الله علم بأي مقبرة دُفن فيها قرأ كلام عبد الله"بسبقك هناك"..سحب ثوبًا نظيفًا..سيذهب إليه الآن!.
.
.
بعد ساعة ونصف
.
.
كيف يهدّأ؟ يُسلخ نفسه من عثرات الشكوك ويبعدها إلى يقين الإطمئنان
أتى حديثه في موقع الضيّق المدعوم بالظنون..ما زال صدى جُملته يزلزل عقله وقلبه "النّفس ما ترضى على نفسها بالغِصيبة ودايم تفر" هي مجبرة عليه لا ينكر ذلك.
حديثه دلالة عظيمة على عدم رغبتها به بالأمس ولكن لِم أتى شعور الرفض لها بعد أن بكت لهُ خاضعة بالموافقة عليه؟ مهما حاول أن يصفي نيّته تجاهها تبقى هناك أحجية مفقودة حينما يفكر بها تهز وجدان الشكوك ليتساقط عليه غضبًا مُوجعًا ما بين عينيه.

مشى بسرعة غضبه الذي يتكاثر على رأسه يوّد لو يرى أمامه رعد ليبرحه ضربًا على ما تركه من أثر سيّء بداخله.

هو لا ينتمى للشك ولكن الشك له القُدرة على أن يلتصق بأي شخص ليكون جزءًا منه ويخضعه بالإنتماء إليه، هو أدرك حالتها بالقبول بسبب الضغط النفسي الذي عاشته تقبل الأمر رغم اهتزاز ظنونها في بدايتها..ولكن بالأمس عادت تطرق اذهانه من جديد ليأتي حديث رعد كالضربة لتوجعه من ناحية أخرى، لا يقبل بامرأة على علاقة برجل آخر ولا يقبل الخِداع.
.
.
ينظر لكل الأشياء برمادية أفكاره..اليوم لا توجد الوان السعادة أمام عينيه..يمشي يدور بعينيه المحمرتين..ينظر لمكتب رعد حينما وصل ووقف قُبالة قبل أن يلتف لليسار..همّ بالدخول ولكن توقف في آخر لحظة..زفر مرّتين..لن يجعله يحظى بلحظات انتصاره بوقوع أثر كلمته هو ليس سريعًا بالغضب كأخيه ليث أو فيصل..شاح بوجهه عن الباب وسار في طريقه..ماذا فعل بهما جدّه؟ أهذا ما يريده أن يجعل حفيدة يعيش في ظنون تجاه ابنت عمّه؟ تنهد وكثيرًا يحاول يكرر عملية الشهيق والزفير بهدوء ليهدّأ من عواصفه..لا يريد أن يدخل في ماراثون الإحتمالات في عقله ليسابق الغضب..اتصل عليها حينما دخل المصعد.
اجابته سريعا ليقول: لا كان رديتي!
.
.
كانت أمام الأوراق جالسة خلف المكتب..تريد أن تُنهي هذا الملف سريعًا لم تنام جيّدًا بالأمس عقلها شرد في كيفية قبول الحياة الزوجية..دخلت في حالة ربكة بعد انتهاء فقرة فتيات عمومتها..لن تنكر أسعداها بالإحتفال بشكل منفرد فوق"السطح" الهواء الجميل داعب مخاوفها وأمتصها منها للحظة.
خرجت من طور التشتت بتمثيل دور يُناسب ضحكتهن وفرحتهن بها بينما حينما رأت وصايف بعينيها الباهتتين والباكيتين لم تحب تزيد حزنهن جميعا سألتها أين اختفت ولِم تبكي؟ ولكنها اجابتها بكل سهولة" كنت في الحمام" لم يكثرن الفتيات سحبوا وصايف معهن ليجبروها هي الأخرى على الدخول إلى الأجواء الصافية والخالية من التعقيد ولكن حينما عادت للمنزل وضعت رأسها على الوسادة عاد كل شيء يتججد ويتفخم في رأسها " الحين صرت زوجته؟"، "كيف بتقبله؟"، " هل بيجي يوم وأحبه؟"، اسأله تُثير الفزع وتُقلع النوم من عينيها..كان يتصل عليها وكثيرًا ولكن لم تستطع الرد عليه.

طيلة فجرها قضتهُ في البكاء..بعد كل تفكيرها المخيف خضعت للبكاء لتحتضن نفسها أمام عدم رغبتها بالزواج كليًّا منه، ولكن الآن تستطيع أن تحدّثه فالعمل شتت عقلها قليلًا عن قلقها. وضعت القلم على المكتب.

حارت بما تجيب: أمس نمت ومن التعب ما..
قاطعها بهدوء: وينك؟
تعجبت: في مكتبي..
محمد انفتح المصعد ليمشي بخطى سريعة
:بجيك الحين..
.
.
فتحت عيناها على الآخر نهضت لتفتح فاهها لتردف حرفًا مبتورًا لأنه أغلق الخط في وجهها لتقف مرتبكة وجدًا، لا تريد رؤيته أو الإختلاء معه في مكان واحد ربكتها هذه أيقظت الخوف في نفسها من جديد..لا تريد مواجهته بعد حديث أمس..هي لا تريد رؤيته إلّا في زواجهما هكذا فكّرت..أجل تريد الهروب منه ومن حقيقة زواجهما ولكن هو تبع خوفها ليسحبها إلى قاعه..سحبت نقابها ارتدته لا تدري لماذا ولكن لا تريد أن يراها ويرى انتفاخات سهرها وشحوبه..ازدردت ريقها نظرت للباب ينفتح ويغلق في خلال ثوان سريعة لم تتوقع سرعة وصولة الى المكتب..سحبت الملف نظرت إليه

: انتظر هنا بروح أودّي الملف..قسم..

قاطعها وهو يمشي لناحيتها: اتركي الممرضة توديه...

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 07-05-21, 07:10 PM   المشاركة رقم: 73
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

Part22
.
.
.




قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.



.
.


.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.


.
.
.
انتهت اللّحظة التي ينتظرونها وتبعتها أشياء أخرى..توقّف نفسَه حينما رآه يضع يده لدفع الباب..للدخول إلى الدّاخل..ارتجفت سواعده وأخذ يزدرد ريقه بصعوبة..أنتهت وصايف الآن وانتهى هو ولم يبقى منهما سوى حُطام ناتج عن "هرثه" وطحنه تحت الأقدام..الأمور بدأت تتصعّب وتتعرقل بدأت ترسم خط نهايتهما على شُهاب أمل الباب دون العبور في السماء بوميض نور خاطف للأبصار..مشى خطوتين..رأى الأنوار التي ضجّت في الأرجاء..قلبه اضطرب لم يسمع صراخ..لم يسمع نحيب..لم يسمع حركة في الدّاخل..ركض..دخل كالهائج
نواف: فيصل تكفى..
.
.
رآه يقف في مُنتصف المخزن يحدّق للأشياء وبعثرتها..ينظر لصفوف "الكراتين" الموضوعه فوق بعضها البعض خمس صناديق وُضعت فوق بعضها البعض بالقرب من النافذة لتخبّأ ما يدخل منها من ضوء..وبالجانب الآخر أسلاك وشبابيك يهتم بهم جدّه..نواف حينما لم يراها قلبه اطمئن ولكن أين اختفت؟ هل تختبأ خلف الصناديق؟ أجل هذا هو المنطق..اقترب من فيصل
: فيصل تكفى لا تعلّم صارم...
فيصل يُبحلق في وجه نواف: ما بعلمه بس بأدبك بطريقتي يا حمار...والحين أمش قدامي..
ثم مشى معه ليخرجا ويغلقا باب المخزن..
.
.
سمعت صوت فيصل وصوت نواف ..انفعلت بالبكاء الصامت..ليتجّه عقلها في التوّقف لإنتظار لحظات الإنقضاض عليها للإنتقام..ولكن في اللّحظات الأخيرة..اختبأت خلف الصناديق وانحنت للأمام ..تخشى الأختباء في الظلام..وتخشى الحشرات وأصواتها ولكن اجبرت نفسها واغمضت عينيها..ازدردت ريقها عشرات المرات..ثم ...سمعت الباب ينفتح...ليُغمى عليها في الواقع!
وصايف في حالة إستنفار في مشاعرها..ولكن الخوف يُغلبها دومًا وفي هذهِ اللّحظة لها سبب كبير من إغماض عينيها لتُدخلها في ظلامها ويبتلعها بسكون..هدأت وسكنت خلف هذه الصناديق..انفاسها تُسحب ببطء..جسدها مرمي للأمام.
.
.
سحبه معه: روح روح..ادخل المجلس..حسابك بعدين..
.
.
عقله معها..خائف من دخول فيصل مرة اخرى لهناك..خائف من افتضاح الأمور علنًا..ولكن خضع ليُبعد الشكوك..ودخل المجلس..لا يدري كيف لعقارب الساعة التوقف هكذا..دون أن تتزحزح..ثقيل الوقت في عبوره..ثقيلة نظرات ريّان..وحديث المجلس..مضت ساعة ..ورفعت الصحون..وبدأ "يقهوي" الرجال..متى ستنتهي هذهِ الليلة أم إنّها ليلة لا تنتهي؟ ربما خرجت الآن..هو طرق الباب حينما أخذ دلّة القهوة ولكن هل النساء حقًّا لم يفتقدوها؟
وقعت عينيه على محمد الشاحب بوجهه وإلى جدّه وهو يتحدث بهمس
للرجل لم يسمع ما قيل ولكن الجد
كان منفعلًا في التحدث بهمس: اقصر الشر يا بو سعد...قلنا لك ما عندنا بنات للزواج..
بو سعد ينظر للجد من وفوق نظرّاته الطبية: ليكون ولدنا ما يشرّفكم؟
الجد يحاول ألّا يزعزع أمان هذهِ الليلة: انا ما قلتها يا بو سعد...بس بعدهم البنات يدرسون..وأبّهاتهم ما يبون يزوجونهم...
بو سعد بسخرية: وأنت ما لك شور عليهم؟
الجد نظر له بحده: شوري عليهم ما يزوجون بناتهم لعيالكم !
ثم رفع صوته الجد: جيبوا العود يا عيال..
بو وافي فهم مغزى الجد ونظر إليه
ليقول أبو الهاجس بنظرات سخرية: وما بعد العود قعود..
فيصل وريّان وفهد ينظرون للأجواء الخانقة
أبا صارم همس: الله يكفينا شرهم..
بو فهد: ابوي تصرف ...صح...
ورفع صوته: نواف استعجل جيب المبخر..
نواف شعر بالضياع يجلس وينهض ويأتي بما يردونه..ولكن هذهِ المرة وهو خارج ..دخل سريعًا إلى المخزن نظر خلف الصناديق لم يراها واطمئن..ثم خرج!
.
.
كان ينتظر فقط شروق الشمس..ينتظر الخروج من حبل ضيقه إلى نجاة الأمور بالإستفسار..يقف على حافة غضبه وصراخه الدّاخلي ينظر لنفسه وهو يضع البطاقة ويعلّقها على صدره..انفتح الباب
دخل عليه..يتفحّص شكله ومظهره
تحدث: تراك من أمس مو على بعضك ..بس ما قدرت آخذ وأعطي معك قدام الكل...
ألتفت عليه: ما فيني شي...وش فيني يعني؟
فيصل تقدم لناحيته ينظر لعينيه و لوجهه المصفر الشاحب
: ما نمت؟
محمد ابتسم بسخرية: اي تعرف..تو مملك وسهرنا لين طلع الفجر وحنا نكلم بعض..
بحلق في وجهه اكثر: محمد اذكر الله هد..علامك مشتط...
سحب هاتفه ومفاتيح سيّارته ثم خرج: عن اذنك مابي أتعطل على شغلي..ولا تدخّل فيني..انتهيت من ليث وألتفت علي الحين! تبي تشبع فضولك؟
..
..
فيصل صُعق أدرك محمد أخذ منه موقفًا سيئًا من بعد ما حدث..مسح على رأسه يُدرك هو عقّد الأمور ولكن من قهره..ومن وجعه هو الآخر..وجود ليث ورحيل على أرض الوطن ..أخلّا بإتزان افعاله هو يُدرك رحيل من المستحيلات..ولكن بهِ شعور يدفعه لناحية التفريغ والإقهار على مُنطلق"الفضول" ليختبأ خلف نواياه الصحيحة..سيبعد بعد الآن عن ليث وعن كل ما يربطه به..ليُخرس شعوره ثم ينخرط معه من جديد بصورة حقيقية أكثر..ذهب لغرفته..سمع رنين هاتفه
توجّه إليه أجاب: هلا عبيد...وينك ما جيت أمس؟

كيف لهُ أن يزّف خبرًا كهذا؟ يعلم الخِلاف بينهما قاسيًا ولكن فيصل مكسور على هذهِ الشروخات التي لم تُنبت بين جُنباتها زهرًا لترميم أوجاعه، سيكسره هذا الخبر، علاقتهما أخويّة بشكل كبير..زعلهما لا يُكافىء تلك السنين التي أهدا فيها مشاعر أخويّة رقيقة صادقة..مجبور على إعطاؤه الخبر..على تسليمه مفاتيح الأحزان
: اعذرني ما قدرت أجيك..فيصل..
فيصل عقد حاجبيه: نعم..شفيك؟..عبيد صوتك ما يطمن..الأهل فيهم شيء؟

ينخرس من جديد..ينظر للفراغ من حوله..بالأمس دُفن..ودّعهم جميعًا..وضعوه تحت التُرّاب ليقسو عليهم بفراقٍ طويل لا يُماثله أي فُراق على أرض الدنيا
: فيصل ماهر عطاك عمره!
ذُهل بل صُعق، مشى خطوتين للأمام..ينظر لنقطة تيهَة الجديدة
يسحب نفسًا عميقًا ليُخرس شيء قفز من داخله يريد التحرّر على حساب روحه!
: متى؟
عبد الله: أمس..وتم الدفان..بس ما قدرت اقولك وعندكم مناسبة.

سكت..دار حول نفسه همس: أرسل لي أي مقبرة اندفن فيها..مع السلامة.
.
.
اغلق الخط..جلس على طرف السرير..يلوذ بشعور متطاير في داخله..يضع يديه على وجهه يعتصر لحيته..تترقرقع عَينيه دون إنسيابية مريحة للدموع..مات؟!..مات قبل أن يتصالحا..توفي قبل أن..يُخرس عقله من أي كلمة..يتذكر آخر موقف بينهما .حينما اُجبر على زيارته في المنزل..كان باهت..يحتضر ..أجل كان يحتضر ببطء..توفّى أعّز أصدقاؤه ولكن بأي حال؟ بحال يُفلق ويُعمي العَينين وبخلاف كبير حفر أمامهم حُفر الإبتعاد والحذر من الإقتراب على وجه ذكريات الطفولة؟ شعر بالقهر..كيف للموت أن يسرقه كُليًّا من حياته؟ كيف ينسحب هكذا بجُبن؟ "آه يا ماهر" تسللت دمعة لتحرق خدّه الأيسر مسحها..نهض ليتجه لدولابه بعد أن نظر لرسالة عبد الله علم بأي مقبرة دُفن فيها قرأ كلام عبد الله"بسبقك هناك"..سحب ثوبًا نظيفًا..سيذهب إليه الآن!.
.
.
بعد ساعة ونصف
.
.
كيف يهدّأ؟ يُسلخ نفسه من عثرات الشكوك ويبعدها إلى يقين الإطمئنان
أتى حديثه في موقع الضيّق المدعوم بالظنون..ما زال صدى جُملته يزلزل عقله وقلبه "النّفس ما ترضى على نفسها بالغِصيبة ودايم تفر" هي مجبرة عليه لا ينكر ذلك.
حديثه دلالة عظيمة على عدم رغبتها به بالأمس ولكن لِم أتى شعور الرفض لها بعد أن بكت لهُ خاضعة بالموافقة عليه؟ مهما حاول أن يصفي نيّته تجاهها تبقى هناك أحجية مفقودة حينما يفكر بها تهز وجدان الشكوك ليتساقط عليه غضبًا مُوجعًا ما بين عينيه.

مشى بسرعة غضبه الذي يتكاثر على رأسه يوّد لو يرى أمامه رعد ليبرحه ضربًا على ما تركه من أثر سيّء بداخله.

هو لا ينتمى للشك ولكن الشك له القُدرة على أن يلتصق بأي شخص ليكون جزءًا منه ويخضعه بالإنتماء إليه، هو أدرك حالتها بالقبول بسبب الضغط النفسي الذي عاشته تقبل الأمر رغم اهتزاز ظنونها في بدايتها..ولكن بالأمس عادت تطرق اذهانه من جديد ليأتي حديث رعد كالضربة لتوجعه من ناحية أخرى، لا يقبل بامرأة على علاقة برجل آخر ولا يقبل الخِداع.
.
.
ينظر لكل الأشياء برمادية أفكاره..اليوم لا توجد الوان السعادة أمام عينيه..يمشي يدور بعينيه المحمرتين..ينظر لمكتب رعد حينما وصل ووقف قُبالة قبل أن يلتف لليسار..همّ بالدخول ولكن توقف في آخر لحظة..زفر مرّتين..لن يجعله يحظى بلحظات انتصاره بوقوع أثر كلمته هو ليس سريعًا بالغضب كأخيه ليث أو فيصل..شاح بوجهه عن الباب وسار في طريقه..ماذا فعل بهما جدّه؟ أهذا ما يريده أن يجعل حفيدة يعيش في ظنون تجاه ابنت عمّه؟ تنهد وكثيرًا يحاول يكرر عملية الشهيق والزفير بهدوء ليهدّأ من عواصفه..لا يريد أن يدخل في ماراثون الإحتمالات في عقله ليسابق الغضب..اتصل عليها حينما دخل المصعد.
اجابته سريعا ليقول: لا كان رديتي!
.
.
كانت أمام الأوراق جالسة خلف المكتب..تريد أن تُنهي هذا الملف سريعًا لم تنام جيّدًا بالأمس عقلها شرد في كيفية قبول الحياة الزوجية..دخلت في حالة ربكة بعد انتهاء فقرة فتيات عمومتها..لن تنكر أسعداها بالإحتفال بشكل منفرد فوق"السطح" الهواء الجميل داعب مخاوفها وأمتصها منها للحظة.
خرجت من طور التشتت بتمثيل دور يُناسب ضحكتهن وفرحتهن بها بينما حينما رأت وصايف بعينيها الباهتتين والباكيتين لم تحب تزيد حزنهن جميعا سألتها أين اختفت ولِم تبكي؟ ولكنها اجابتها بكل سهولة" كنت في الحمام" لم يكثرن الفتيات سحبوا وصايف معهن ليجبروها هي الأخرى على الدخول إلى الأجواء الصافية والخالية من التعقيد ولكن حينما عادت للمنزل وضعت رأسها على الوسادة عاد كل شيء يتججد ويتفخم في رأسها " الحين صرت زوجته؟"، "كيف بتقبله؟"، " هل بيجي يوم وأحبه؟"، اسأله تُثير الفزع وتُقلع النوم من عينيها..كان يتصل عليها وكثيرًا ولكن لم تستطع الرد عليه.

طيلة فجرها قضتهُ في البكاء..بعد كل تفكيرها المخيف خضعت للبكاء لتحتضن نفسها أمام عدم رغبتها بالزواج كليًّا منه، ولكن الآن تستطيع أن تحدّثه فالعمل شتت عقلها قليلًا عن قلقها. وضعت القلم على المكتب.

حارت بما تجيب: أمس نمت ومن التعب ما..
قاطعها بهدوء: وينك؟
تعجبت: في مكتبي..
محمد انفتح المصعد ليمشي بخطى سريعة
:بجيك الحين..
.
.
فتحت عيناها على الآخر نهضت لتفتح فاهها لتردف حرفًا مبتورًا لأنه أغلق الخط في وجهها لتقف مرتبكة وجدًا، لا تريد رؤيته أو الإختلاء معه في مكان واحد ربكتها هذه أيقظت الخوف في نفسها من جديد..لا تريد مواجهته بعد حديث أمس..هي لا تريد رؤيته إلّا في زواجهما هكذا فكّرت..أجل تريد الهروب منه ومن حقيقة زواجهما ولكن هو تبع خوفها ليسحبها إلى قاعه..سحبت نقابها ارتدته لا تدري لماذا ولكن لا تريد أن يراها ويرى انتفاخات سهرها وشحوبه..ازدردت ريقها نظرت للباب ينفتح ويغلق في خلال ثوان سريعة لم تتوقع سرعة وصولة الى المكتب..سحبت الملف نظرت إليه

: انتظر هنا بروح أودّي الملف..قسم..

قاطعها وهو يمشي لناحيتها: اتركي الممرضة توديه...
مشت لتبتعد عن كرسيّه تشتت نظرها عنه تحاول الإتزان وابعاد الخوف: ماقدر
دكتور عمر قال لي اجيبها بنفسي...دقايق واجيك...
.
.
ثم مشت سريعا قبل أن تترك له مجالًا بالحديث أو حتى الإمساك بها..نظر لها تهرب يشعر إنّها تهرب ولكن لا يهمه فلتذهب وتعود بعد أن يمتص جزءًا كبيرًا من غضبه ..نظر لمكتبها..لترتيبها ولمساتها البسيطة عليه..ثم ولّى بظهره ونظر للنافذه..حدّق في السيارات..وللعمارات المجاورة للمستشفى...للشمس..للسماء للطيور الحرّة ...ثم قوّس جفنيه لينظر لإنعكاس صورته بشكل باهت..مسح على رأسه ثم على وجهه سمع رنين هاتفه
اجاب: وينك محمد؟
محمد بصوت لا يطمئن:رحت المستشفى..ششفيك اصايل؟
أصايل بتوتر: جدي جا بيتنا ويبيك انت وفيصل وليث..حتى جمّع عماني كلهم..وامي قالت اتصل عليك...عشان تجي.
محمد بضيق: أمداه يجمعهم!!..بالله بعد وش صاير؟
اصايل تنظر لهيلة بحذر: اللي فهمته..بخصوص ليث ورحيل..
محمد زفر: مانيب جاي عندي شغل ضروري..
اصايل: ياربي أنت تقول كذا وفويصل ما يرد جدي بعصب والله..
محمد بقهر:اتركوه يعصب وش بصير له يعني؟!..لا تعطليني سكري سويتي اللي عليك خلاص باي..
اغلق الخط في وجهها لتبقى واقفة منصدمة.
.
.
بينما هو أخذ ينظر لساعة يده..ينتظر و يقلّب أرجاء الغرفة بنظره تمتم بالإستغفار، ألتفت على الجانب الآخر من المكتب..مكتبها مثلها تمامًا كل شيء هادئ ويعاكس روحه الضاجة بالحديث والثرثرة من الداخل..هل هذا الهدوء يحتفظ بحب عميق مخفي خلف أسواره أم أنه وهمي ليشتت الناظر إليه؟ بقيَ على هذا الحال خمس أو ربما سبع دقائق ثم سمع الباب ينفتح تدخل تغلقه تبقى بالنقاب وتحدثه بعد أن شبّكت .
.
أصابع يديها ببعضها البعض: أي ..شفيك؟

ينظر لها يتقدم لناحيتها وهو يركز على عينيها لتنكسر نظرتها وتشتت عينيها بعيدًا عنه
قال: فهميني وضعك يا دانة ساعة توافقين وساعة ترفضين..كلامك لي لم جيتك بالمكتب ذاك اليوم..يخالف كلامك لي بالأمس؟
دانة تهز رأسها..لا تريد الجِدال في الأمر لا تريد
ولكي تنهيه ابتعدت : انا ما نيب مستعدة للزواج كليًّا ما فيني رغبة له اصلا..بس خلاص ما فيه حل..
محمد يقف أمامها من جديد: يعني هذا السبب؟
نظرت له
نظر لها ليهاجمها بقول: رعد ماله دخل؟
.
.
حدّقت في عينيه مطولًا خفق قلبها ..ما دخل رعد في الأمر الآن؟ يكفيها ماسمعته منه هو الآخر.صبّ غضبه عليها بالأمس ليوقعها على حقيقة مشاعرها الداخلية والمتذبذبة
: شدّخل رعد؟

بلل شفتيه لا يدري كيف يلفظ الحديث دون رفعت صوت منه ولكن لم يستطع: جا أمس وبارك لي وقال لي اني سبقته واخذتك...
فهمت كل شيء اغمضت عينيها لتسحب النقاب بتوتر للأسفل لتقوم بتعديله، عضّت على شفتيها السفلية توترًا، فهمت ما يجول في خاطر محمد والتمست محاولاته في إمساك الغضب، هل جن رعد "ليخرّب" حياتها؟ ليثير الشكوك من حولها
هكذا يحب الإنسان؟
: محمد...سبق ورعد جا وكلمني وقال ابي اخطبك بس انا رفضت..ولا عطيته مجال..
محمد بلل شفتييه ابتسم بسخرية: وليش ما جا دق الباب حسب الأصول...ليش جاك يكلمك؟
دانة نظرت له:مادري عنه...بس ما بيني وبينه شي..هالمجنون مادري وش قال لك بالضبط...بس اقسم لك بالله ما بيني وبينه شي..
.
.
سكت..يحدق لها ولنظراتها المشتتة تفرك في كفّي يديها، تسمع لصوت غضبه بتسارع أنفاسه، هي خافت من أن يحدث رعد مشكلة في دار اهلها ليجن جدها ولكن اوقعها في دار عش الزوجية ومبكرا!
لا تريد لا رعد ولا حتّى محمد تريد الراحة فقط..شهقت سريعًا حينما..

أمسك محمد كف يديها ليوقفهما من التشابك والفرك حاولت سحب يدها منه ولكن محمد كان يشد ويقترب منها وجهه غاضب حانق يزفر أنفاس غضب ملهبة فاجئها أكثر حينما سحب النقاب ليكشف عن شحوب وجهها واحمراره خجلا وغضبا وخوفا من لمسته وقربه
شتت ناظريها عنه: محمممد..
محمد يحدق بحده: فهميني كل شي..
ثم اقترب أكثر همس بالقرب من أذنها اليسرى:كوني صادقة معي من البداية يا دانة عشان ما ندخل في متاهات سوء الظن..وحرفيا مابي اكتشف شي من نفسي وتهتز صورتك في عيني!
.
,
ارتحف جسدها..وحاولت سحب يدها منه لتبتعد ولكن شد يدها لتضرب في صدره..زمّ شفتيه ونظر لعينيها كادت تبتلع لسانها من شدّت الخوف والربكة والخجل..لم يقترب رجل منها بهذا القرب الذي يختطف الأنفاس مسبقا..لم ترى غضبًا حارًا يطبق على عنقها هكذا..خفق قلبها ارتجفت خلايا عقلها من التفكير لا يوجد شيء بينها وبين رعد لِم لم يصدّق؟
همست: محمد تكفى اتركني..لاحد يدخل ويفهم غلط...
سحبها سريعا لتخرج صرخة خافتة من فاهها لناحية الباب..اقفله ثم حاصرها ما بين الجدار تحدث بجدية
وبعينين تتركز بالنظر في بؤبؤ عينيها المهتز ولجفنها السفلي المنتفخ قليلًا
: أصدقيني القول يا دانة ولك مني الأمان..لا تتلفين أعصابي أكثر من كذا!
دانة ترفع اصبعها أمامه: والله ما بيني وينه شي..هو يبيني بس ما ابيه انا محمد..لا ضايقني تكفى..يكفيني اللي فيني...

اغمض عينيه زفر بشكل متتال مما أرعب عقلها من فعلته
تحدث رافعًا لحاجبه الأيسر: طيب في شي تبين تقولينه لي؟...أي شي عن هالزفت؟

ازدردت ريقها لا تفهم ما يجول في عقله وهي لا تريد خوفها يثبت جريمة لم تقترفها اصلًا..لذا ستهرب
: ابي انقل من المستشفى!
محمد اقترب أكثر لتبتعد وتلصق بقوة ظهرها على الجدار: ليش؟ وش اللي مضايقك من هالمستشفى وجودي؟
تهز رأسها بدأت عينيها تمطران دموع ترجوه بهم بالإبتعاد ولكن زئير غضبه ما زال يُسمع!
بكت وهي تشهق: لأ..
محمد وكأنه يتوقع أمر ولكن يفترق في منحنين من الشكوك: عشان رعد؟

يستجوبها..يثقلها بأسلوب غضبه هذا..هي لا تريد إشعال النار ولكن لا تريد إضرامها في جسدها..هو الآخر لم تهمه سارع في إثارة الفتن فلِم لا تكون حقًّا واضحة أمام محمد لتسد أبواب وشفتين الظنون؟
هزت رأسها: أي..هو مضايقني!
فتح عينيه على الآخر: كيف يعني؟
تبكي أكثر: بعّددد عني محمد..
محمد يصّر: كيف يضايقك؟
دانة تنظر له،: قبل لا أوافق عليك كان يضغط علي عشان أوافق عليه...بالكلام...لا أقل ولا أكثر...
محمد مسح على رأسه نظر لعينيها:ليش طيب ما تكلمتي؟
دانة بإنهيار في النبرة وبدموع: شششششقول شقول؟

محمد ابتعد أخيرًا جعلها تكح وتتنفس وكأنها قبل قليل تصارع الموت بإختناقها
تحدثت أخيرًا بصوت مهزوز: جدي كان يدقق علي ولا زال..لدرجة رماني عليك..وش تبيني اقول..اقول رعد اللي من قرايبنا يضايقني بالمستشفى..عشان أأكد شكوكه...واتركه يذبحني..يكفيني قدرت اوقفه عن حده واقطع آماله بعيد عن الشوشرة والهذره...
ألتفت عليها بشكل مفاجأ: هذا هو تجرّأ وجا تقوّل عليك ...لو أحد غيري والله كان قبره بأرضه وقبرك معه وقلب ليلة أمس عزاء!
دانة بصوت باكٍ وبكل رجاء:مابي مشاكل محمد تكفى أنسى سيرته...لا تهتم للي يقوله اقسم لك بالله انا صادقة معك...مايهمني شقال لك لأني واثقة من نفسي بس لا تسوي شي ما يأذيه أصلًا لكنه يأذيني!

فهمها لذا استفزته كلماتها أنقض ليمسك بمعصم يدها ليهزها: خايفة من جدي ومنّك خايفة على نفسك..مجنونة؟...والله لو اروح واتوطّاه ماحد يقدر يقول لي شي..

قاطعته ببكاء: بس جدي بقول..بقول انا قليلة أدب..انا اشتغلت بين رياجيل...انا اللي مدري شسويت عشان كذا هو تجرأ ووصار يضايقني....بسمم لي جسمي..وبيقهرني..وبركّب على اسمي لقب جديد يتغنّى فيه قدامكم!!
.
.
أرخى قبضت يده..نظر لإحمرار وجهها، لصدق نبرتها وانهيار الكلمات ما بين شفتَيها، لن يفعل شيء لرعد لن يضيّق الأمور عليه وعليها أكثر، رآها تضع كفيها لتخبأ بهما وجهها
تحدث بشبح صوته: وانا بقدم نقل..
ثم اقترب منها لتتحدث بشكل مفاجأ له وهي تبتعد: تكفى اطلع برا..
محمد زفر بضيق:طيب اهدي..
دانة تبتعد عنه تذهب لناحية المكتب تولي بظهرها: بهدأ بس اطلع..تكفى...
محمد لن يطيل الأمر تنهد بصوت مرتفع ثم فتح الباب ليرى أمامه الدكتورة موضي..تنحّت جانبًا خرج وهي دخلت.

.
تنظر للنافذة تبكي واكتافها تهتز، العالم كله مجتمع فوقها ليضغط عليها كُليًّا وعلى زوايا شتاتها ليزيدها شتاتًا..تقدمت لناحيتها
تحدثت: شفيك دانة؟
دانة مسحت دموعها ألتفتت لتظهر وجهها المحمر أمامها لترتعب
موضي: ما فيني شي!
تقترب تضع يدها على كتفها الأيمن: هذا حال وحده بالأمس مملكة؟..دانة عمري قولي لي وش فيك؟
دانة تبتعد تمسح بقايا حزنها: مابي أثقّل عليك كافي اللي فيك يا موضي..

موضي احتدت نظرتها: شالكلام ..قولي علامك...وش فيه محمد طالع ووجهه معصب؟
دانة سكتت نظرت لها: الكل جالس يضغط علي موضي..كلهم...تدرين إني مابي الزواج!

لم تستوعب فتحت عيناها على الآخر اقتربت منها
:مو من جدّك يا دانة ما زلتي على هالموال وانا ظنيت إنك تقبلتي وخلاص...دانة عمري غلط اللي تسوينه بنفسك..حابسة عمرك بنفس النقطة..أنا مو متقبلة وأنا مدري ايش..بالله موافقتك وملكتك أمس هذي تعتبر شنو؟

دانة تنفعل: إجبار!!...كل شي جا بإجبار حتى موافقتي!
سكتت موضي اشارت لها: هدي وفهميني الموضوع طيب..
دانة نظرت لكفي يديها المرتجفتين
: موضي ما فيني حيل للحكي...

موضي بحده ضربت على المكتب: حطي حيلك فيني...واغلطي ما عندي مشكلة..المهم تطلعين من جو الكتمان والكآبة..حرام اللي تسوينه في نفسك...تكلمي ما راح اطلع من المكتب إلّا لم أعرف شاللي غيّر حالك لكذا وأمس اشوفك فرحانه!!!
يرتجف صوتها: من متى فرحت؟...عمري ما فرحت بس أمثّل عليكم.!

موضي جلست ع الكرسي الجانبي مسحت على وجهها:مانتي مجبروة تمثلين علي يا دانة...أنا غيرهم...أنا موضي..أنا صديقتك...أختك..
دانة ازدردت ريقها نظرت لها وهي تحثها: قولي وش صاير؟
دانة: رعد مضايقني..ناشب لي بحلقي خفت يسسوي لي فضايح...وسوى وخلص..

موضي عقدت حاجبيها: طيب وش يبي منك؟ ليكون كان يبيك مثل ما أنا ما توقعت!؟

دانة تهز رأسها: أي..يبيني ورفضته..لكن مصر اتقبله قبل لا اوافق على محمد نشب لي في كل مكان يطلع لي واعترف لي بحبّه...وقد تجرأ وحطني في موقف صعب تركني أعيد حساباتي من جديد وأوافق على محمد من شدّت خوفي بدون عقل!

موضي نهضت تقدمت لناحيتها: وش سوى الحيوان...أذّاك؟
دانة تهز رأسها: لا بس تواجهة معه لحالنا..وأرعبني ...بس الحمد لله ما صار شي...وأمس جا الملكة أنتي تعرفين هو يصير لي..وقال لمحمد كلام تركه يفكّر ويشك فيني!
موضي منصدمة: حسبي الله عليه...من جده هذا؟...هذا وهو دكتور ويُشاد فيه قدّام كل الدكاترة...وسوي كذا...
دانة بقهر وبعنين مترقرقتين: فهّمت محمد ما بيني وبينه شي...وقلت هو يضايقني وأبي أنقل من المستشفى..لمستشفى ثاني..

موضي:أحسن الأفضل تنقلين...الخسيس هاللي ما يخاف ربه...يبي يخرب بيتك الله حسيبه...

دانة بتعب: تعبت والله...يضغطون علي ويشتتوني...تغيّرت فيني قناعات بس عشان ما أعطيه مجال من أنه يتمرد ووصّل كلام لأهلي واخسر وظيفتي..الوضع جدًا تأزم وأنا احترت أكثر..تعبت موضي ماحد فاهمني...ولا فاهم مقصدي!

موضي مسكت كف يدها تطبطب عليه: اذكري الله...هذا ولد عمك تفهم بإذن الله مو صاير شي..أبعدي هالشتات عنك بالقبول..أقبلي حياتك وحياة محمد...ولا تفكرين بشي ثاني...

دانة عضت على شفتيها طاطأت برأسها ثم نظرت لعين صديقتها: أخاف أفشل في كل شي وما أتقبل شي...
موضي بتفهم: لا قولين كذا...دانة اللي تعيشينه توتر..طبيعي مع الأيام بروح...اذكري الله...ارحمي نفسك من هالحزن...ابتسمي وطنشي كل شي واتركيه ورا ظهرك..
دانة هزت رأسها: بحاول...
موضي ابتسمت: وانا معك وبدعمك..
ولتغير مزاجها: ألبسي عباتك بس ناخذ فرة بسيارتي الجديدة...
دانة ابتسمت وهي تمسح دموعها:حبيب القلب وافق أخيرًا؟
موضي تضحك بخفة: هههههههههههههههه يقول لي كيف بسوقين وانتي حامل مدري شدخل هذا بالسيارة...
دانةتبتسم: إلا ما يبيك تسوقين...
موضي:هههههههههههههههههههه إلا ما يبي يدفع قيمتها...

ضحكت الأخرى بخفة لتردف موضي: يلا...نروح كوفي كذا نروّق ونجي..عارفة عندك بريك يمدينا..
دانة لم ترفض هزت رأسها: طيب.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 07-05-21, 07:13 PM   المشاركة رقم: 74
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

.

.
.
اغلق هاتفه..لا يريد ضجيج..نظر في عين صاحبه..أشار له ليدخل..
.
في الجانب الآخر من الحياة في المنعزل وفي الضجيج الغير مسموع، في سكينة المكان ووحشته وما بين نومهم العميق وسباتهم، يقلّب كف الأمنيات ويضربها ببعضها البعض وينفضها بعيدًا عن الواقع!
يقلّب عَينيه الساقطة على التُراب ليُرنّم عزاءً لا يراه إلا من فقد لهُ حبيب، عزاء ثقيل محمّل بمشاعر الحُزن الثخين. في بعض الحين يُعصي الغدد الدمعية من إفراز الدموع، يُربك أعضاءك الداخلية و يُخفق قلبك على أجنحة الموت ومن الظاهر يُظهر صورتك الصمّاء التي تُبحلق للأشياء بسكون، تحدّق في وجوههم الخيالية تُعاتبهم من داخلك تُبكيهم ولكن ظاهرك صامت جامد تُحاول التماسك من الداخل ولكن داخلك يحترق يتبعثر ويصرخ ويأن ويعاكس مظهرك الخارجي، لتصبح في إطار "السكون والهدوء والقلوب المُنفطرة".

شعور مُتعب..ينظرون إليك وكأنّك تمتلك طاقة عُظمى وجبروت أمام هذا الفُقد يتقدمون لناحيتك وكأنهم يرجونك بأن تمد لهم من قوّتك شيئًا ليمسكوا به هذا البكاء ولكن أنت في الواقع ليس لديك طاقة لتمكّنك حتى في إفراز الدموع أنتَ أمامهم قوّي ولكن في الواقع ضعيف وهّش يُسهل كسرك بنظرة.

يبحلق..في أوّل لحظات الفُقد تتوارى عليك الذكريّات رُغمًا عنك، ترى من فقدت يقف أمامك في صور عديدة تزيد من صراعُك الداخلي..تقرص الطيّات القشرية من المخ تعبث تلك التيارات المنتشية بالبكاء بالعبور إلى قرص الذاكرة لتنهمل الذكريات لتُجبرك على تتبعها بسَكرة حُزنك!

يقفان تحت أشعة الشمس الحارقة..أخرجوهما من المدرسة مبكرًا لإنقطاع الكهرباء كانا في الصف الخامس من المرحلة الإبتدائية، ينتظران قدوم والده ،ولكن كورة الشمس الحارقة في منتصف السماء جعلتهما يتظللّان بظل شجرة الفيكس الضخمة، كانا يضحكان مع بعضهما البعض يتبادلون قطعة من الفطيرة ليسدا بها جوعهما علاقتهما أخويّة لا أحد يصدق إنّهما صديقَين فقط ، فهما متعلّقان بأطراف بعضهما البعض.
انمحت ابتسامتهما وتأجج الحنين وارتفعت أهازيج الألم في قلبه، أي خسارة خسرها اليوم؟ أي وجع الآن يعيشه؟
ارتجفت شفتيه يريد بكاؤه ورثاؤه..هو مشتاق إليه رغم غضبه..هو حزين على خيانته له ولكن لم يتمنى له الموت..حتى وإن اردف بذلك في يوم هو لم يقصده..كيف يرحل؟ ليوجع قلبه مرّتين؟
اقترب أكثر..أخذ يتمتم برجفة حواسه
"السَّلام على أهل الدِّيار من المؤْمنين والمسلمين، ويرحمُ اللَّهُ المُستقدمِين منَّا والمُستأخرِين، وإنَّا إن شاء اللَّهُ بكُم للاحقُونَ"

تقدم يمشي بهدوء ينظر للقبور..لا يريد إزعاج طمأنينتهم ولكن الفُقد وشعوره يتكاثر في قلبه ليُظهر لهفته في التقدّم لناحية قبره الذي أشار إليه عبد الله.

ينفلق قلبه أكثر حينما أدرك الفُراق بالقرب من قبرة الرّطب..جثل على ركبتيه لم يقاوم هذا الضعف الذي يسحبه بجانب صديقه ولكن بحال منكسر، غرس كفّي يديه في التراب كانت كفّيه ترتجفان، عينيه تهتزان..قلبه يخفق ويشدو ألحانًا عنيفة..انحنى للأمام
تهجد صوته واختنق بعبرته
: ما توقعتك تسبقني في الموت يا ماهر ما توقعتك أبد؟!

يُبكيه بعينين محمرتين وأنف محمر وحاجب منعقد وذاكرة تُجدد عليه صور طفولتهما وقلب ينعصّر على فُراقهما!
: زعّلتني عليك كثير يا خوي..بس ما توقعت راح تقهرني زود بموتك!

يشد على التراب بكف يده..ترتفع حرارة جسده لينخرط في بكاء داخلي لا تراه العيون!، ولكن انهملت دمعة بالكاد خرجت من رحم صدمته لتسقط على التراب..لتصبح توقيعًا لحبّه وأخوّته له..سكت بعدها لم يستطع أن يعاتبه ولا يريد ذلك.
.
.
لا تؤجل الإعتذار ولا تؤجل التسامح والغفران
اليوم نحن هنا ولكن غدًا لا ندري إلى أين سيقودنا القدر إليه
سامحته بقلبي وبعَيني..سامحته بقهري وصدّي..وضعتُ حدًّا للصداقة لأنني أؤمن
لن تعود كما كانت وفعلًا قبره الآن يخبرني إنّها لن تعود،!
الوجع الذي يقلّبني بين يديه الآن يصدّع من قهر الخيانة جدران كثيرة
ما زلت مرتبة ماهر تعتلي قلبي وإلّا لما شعرت بفقده وبحجم قهري على موته..كل ما فعلته سابقًا ناتج عن قهري ولكن لم أتوقع الموت سيتخطفه سريعًا قبل أن تخف وطئت ما فعله بي لربما كنت سأعود له يومًا!
.
شعور ندم، قهر، ربكة، وحزن وفقد جميعهم يتكاثرون و"يقفون"في مقدّمة رأسه ليبدأ صداع الحزن ، صداع الغفلة من قدوم هذا اليوم..احنى رأسه ارتجفت كفيه لينخرط وراء رغبة البكاء بلا دموع..
بكى..أيامه معه ..بكى لياليهما الطويلة..بكى ذكرى هروبهما وهما شابان يبلغان الرابعة عشر من عمريهما يركضان على الرصيف يضعون الثوب على خاصرتهم..يركضون للهروب من الأعين ثم يجتمعون في الساحة الترابية المنعزلة مع بقيّة الطلاب الهاربين للعلب هنا كما اتفقا.
بكى حُزنًا على تبادل سيارتهما حينما دخلا الجامعة وبنفس التخصص على وجه الصدفة..بكى ابتسامته..حُضنه..مزحه..وأُمنياته.. شد على التّراب وكأنه يشد على يده
: رحت بدري يا مويهر رحت بدري.
أخذ يسحب نفسًا عميقا نفض التراب من يده
ويمسح دمعه بظاهر كفه ثم استقام بظهره لينهض
:اللهم إن ماهر ابن سامي في ذمتك،وحبل جوارك،فقه من فتنة القبر وعذاب النار،وأنت أهل الوفاء والحق .فاغفر له وارحمهُ إنك أنت الغفور الرحيم

نظر إلى القبر مطولًّا قلّب ذكرياته معه وحنينه، وحُزنه وعتابه..الآن العتاب لا يفيد..الكبرياء لا يسحب شعور الفُقد من خاصرته..لا يهوّن عليه شيء..نفض التّراب من يديه..وقف..لينظر عن يمينه..متى أتى عبد الله بجانبه لا يدري..ولكن رأى بقيّة اصحابه هُنا يتواجدون ايضًا..نظر لكسرة عَين طلال..هو الآخر أوجعه حينما تعاون مع ماهر هو وزيد ليسرقوا أحلامه..ولكن فليسرقوها لا يهمّه الآن سوى وجودهم...فليسرقون حياته كلّها ولكن عليهم ألّا يضربون قلبه بموتهم..تقدم لناحيتهم..
وتقدم إليه طلال في المقدمة تشابكا بالإحتضان..واحنوا رؤسهما ليدخلاها في أكتاف بعضهما البعض..بقيّة اصدقاؤه احنوا رؤوسهم للدخول في نوبة بكاء صامتة..يقلّبون أوجاعهم في احتضان بعضهم البعض..
عبد الله ربت على كتف تميم المُنهار: اذكر الله ...شباب اذكروا الله...خلونا نطلع من المقبرة...
تقدّمهم..خرجوا وهم مترّاصين بالوقوف جانبًا...وكأنهم أدركوا عُمق الصداقة التي من المفترض تبقى مشدودة وقويّة مهما حدث..توقفوا بالقرب من سيّارة عبد الله
زيد تحدث بوجع: فيصل...سامحني..وسامح ماهر..وطلال...والله .
قاطعه وهو يهز رأسه: الله يسامحكم كلكم...
ثم نظر لهم بانكسار: بس لا توجعوني مثله..لا..
قاطعة وهو يربت على كتفه نمر: يومه يا فيصل يومه...الله يرحمه...
عادل مسح على وجهه: تحركوا شباب لا نسد الطريق...
عبد الله بهدوء: نروح الإستراحة..
عادل بجدية: لا ...انا شريت كراتين موية..بروح أوزّعها ...
فهموا سيوزّع ماء كصدقة جارية لصاحبه
تميم: جزاك الله خير..
عبد الله بتأكيد: بس تخلص تعال..
عادل بهدوء: اذا ما طلعتوا بجي..
طلال نظر لهم: يلا شباب..
مشوا وفيصل ركب سيّارته.."قلبه مخطوف" يشعر قلبه خُلع من مكانه..يشعر بالأسى..عبد الله يراقبه...أتى بالقرب من نافذة سيارته بالجانب منه
طرقها بخفة..وفيصل انزل جزء منها
سمعه يقول: اسوق عنك..وسيارتي ياخذها نمر؟
فيصل هز رأسه: لا....بسوق أنا..
عبد لله: بتجي الإستراحة؟!
فيصل هز رأسه: أي..
عبد الله : سوق بشويش...
هز رأسه ثم تحرّك عبد الله وبدأ فيصل يقود سيّارته!
.
.

.
.
تهز برجليها..تنظر للفراغ يجتاحها شعور غريب بعد كل ماحدث..حقا تريد الإختفاء والإختباء خلف طهارة قلبها وهي في سن الخامسة عشر من عمرها..تريد العودة حيثما تقودها السعادة لتنعم بلحظات الحياة التي تمر على قلبها وذاكرتها مر السلام ..اكتملت الصورة..توّج بالأمس زواجهما بعد مرور الثّمان السنين..ألتفت حول عنقها ليلة أمس لتختنق في ظهر اليوم..لم تنم..كانت تفكر بكل كلمة كُتبت في الرسالة..وبصدق ليث وهو يرجو منها الإستيعاب"هو بس حماك" وإن لم تكن مغتصبة ما حدث لحياتها انتهاك واغتصاب عنيف يطرق عقلها بجنون..شوّهت حياتها.."تقلّبت" بعدتْ مراحل من الألم..لتستسلم أمام رغبات ليث..وأمام سكونه وحدَث افعاله..لم تأخذ دور الضجيج..لأنها متعبة وواثقة بعد الآن لن يفرق في الأمر شيئًا..قلّبت ما بين يديها السكين..يبدو أنه ما زال نائما نهضت.

هل تُنهي حياته كما أخبروها وأمروها أم تعيش على حُطامها المعوّج؟ ولكن هناك في الداخل وفي عتمتها احتراق عظيم يجدد عليها حُزن أوجاعها السابقة
"لم يكترث لتنبيهاتنا له وقدّمكِ لنا كالقربان"
..أغمضت عينيها..لماذا لم يكترث؟ لماذا جعلها تدفع ثمن عناده؟ما باله لم يهتم؟ هل لأنها العَقبة السوداء التي أحالت بينه وبين أحلامه أم ماذا؟..تهز برجلها..تذكر
" ألتحق بالمسابقة ليكتشف واقعنا الذي لم يعجبه".
فهمت هو مخدوع..رسالتهم كانت واضحة لم يخافوا من أي شيء ليخفوه!

استوعبت إلتحاق ليث في مسابقة معينة ليجد نفسه رهين أفكار عصابة احرقتها لسنوات كضريبة لعناده وغرورة..هي دفعة ثمن العِناد وثمن مبالاة ليث..
"ربما الحقيقة قد تقودك نحو الإقتصاص منه وهذا ما نرجوه منك"
هُنا صُعِقت..يريدونها أن تنهي حياته بلا شروط، يريدون إسقاط ورقته ربما إنتقامًا لأنفسهم ولكن حديثهم لمس أفكار سوداوية في رأسها..علق قلبها في منتصف دفع ثمن الغير للنوم في سجن الغربة..يخبرونها بكل شيء لتكره الحياة وتزداد قهرًا ولتنهي أمره
"لا تخافي نستطيع حمايتك بعد اقتصاصك منه".
تبتسم بسخرية يقدمون لها الإغراءات على الاقبال على الضياع من جديد
" سنتكلف بأمورك وسنمد أيادينا لكِ لتعوضيك على كل شيء".
لا شيء يعوّض..ولا رغبة لها في العودة إلى الغربة..الجميع يركض وراء مصلحته لا تدري ما هو الأمر الذي سيسعدهم في مقتل ليث ولكن كلماتهم توّضح أمنية خضوعها لقتله..ولكن هي إن أرادت قتله ستقتله من أجل رد حقها الذي ضيّعه بالتطنيش..ارتجف قلبها..كيف ستستطيع أن ترد حق الثمان سنين في لحظة؟!

تلك السنوات المهدورة من حياتها لن تعود ولن تعوّض بشيء..دم ليث لن يُشفى سوى القليل من جراحتها..
"ستبقى الرسالة لمدة أربعة وعشرون ساعة إذا وافقتِ على الأمر تستطعين التواصل معي هنا"
..مرت الأربعة وعشرون ساعة واختفت الرسالة واختفى الرقم كُليًّا من هاتفها!..لم تلتمس تهديدًا يمس حياتها بالخطر في تلك الرسالة على العكس رأت محاولات استمالتها للخضوع للأمر بكلمات تُثير الجنون في نفس رحيل..هم يريدون منها قتله ثم تنضم معهم وتترك بلدها من جديد!
أكثر ما أثار الدهشة هو السطر الذي كان واضحًا لها
"أقتليه رحيل..وعيشي معنا بسلام"
ولكن فكر رحيل مختلف عنهم وكثيرًا..تريد أن تنتقم لنفسها ولكن لا تريد العودة لغُربة اجبرت قلبها على الإضمحلال..الآن تشعر بالغربة ايضًا ولكن غربة تُثير ذكريات جميلة في رأسها..ذكريات لم تستطع تذكرّها وهي في غياهيب السجون..نظرت للسكين..الجميع يرغب في جعلها مجرمة بلا إنسانية..ولكن هل ليث كان يمتلك ذرة إنسانية حينما وضعها في واجهة المدفع؟

كيف كان واثقًا من نفسه ليثني كلامهم..ويعيش بلا مبالاة..ليجعلوه على حد قولهم
"جن لِم فعلناه بكِ ولم يتوقع منا هذا المردود العنيف..ولكن أتى الوقت المناسب لِتجددي جراحاته بنفسك يا رحيل..خذي بثأرك نحن معكِ"

رسالة أجنبية جريئة مُثيرة للجنون والشكوك..ترفع فوق الرأس علامات استفهامية كثيرة ولكن لا يهمها من تلك الحقائق سوى تيقّنها كون "ليث" هو السبب الرئيسي لكل ما تجرعته من لوعات حقيرة جرّدتها من الحياة وقلبتها رأسًا على عقب..كل شيء انتهى..لم تُكمل دراستها..قُتلت أحلامها..تيبّست مشاعرها أمام الإستمرارية في العَيش..صوت صراخها وهي فتاة السابع عشر يرتفع ليرجف أركان جسدها..عينيها كانت تتلصصان بالنظر وهي قابعة تحت السرير..ملابسها بسبب الشجار قطّعت ولم يستبدلوها بملابس أخرى..بقيت ترتجف تحت السرير..وهي ترجو الشمس من البزوغ لتنجو بنفسها..في الليل تحدث أمور غريبة من قِبل الفتيات..يستلمونها تنمرًا وضربًا لكونها شخص مُختلف عنهم في الجنسية والشكل العربي الواضح لمرأى العين..لا تقوى على الدفاع..سكبوا عليها الماء البارد والذي لا تعلم من أين جلبوه في هذا الوقت بقيت ترتجف..وتلصق ركبتيها في بطنها تهمس كالمجنونة
" بتطلع الشمس..بتطلع الشمس"

تشعر ليلتها الشمس لا تريد البزوغ لرحم جسدها الضعيف وأنّاتها التي تزعج بقية الفتيات ليصرخوا بها لتنخرس كانت تزداد..هذا المشهد من ضمن آلافا المشاهد التي تروي حكايات طيف السجن وجسدها الغريب فيه. وروحها التي دفنت في أرضه منذ أن وطئت بقدميها عليه..تنفست بعمق..الذكريات الآن تشتعل وكأنها تشجعها وتؤازرهاعلى القدوم من قتله..

مشت وهي تغمض عينيها بشدّة لتمارس الآن انهياراتها المكتسبة من السجن..تحاول أن تسهب في سماع صوته ولكن لا صوت له..تحاول أن تستشعر شعور آخر في نفسها ولكن لم تجد سوى شتات عقلها ما بين صور مختلفة لها وهي في السجن..تذكرت همجيتها وتحولها إلى شخص لا يأبى العقوبة..وإلى شخص تواسيه آلامه بدلًا من توجعه ولم تعد قادرة على غلبته لتسقطه أرضًا ليصرخ بالألم لينتصر!..مشت..اقتربت من الغرفة..توقفت قدمَيْها اليسرى حينما رُفعت على صوت ليث
"اللهم إني أستغفرك لكل ذنب خطوت إليه برجلي، ومددت إليه يدي أو تأملته ببصري، وأصغيت إليه بأذني، أو نطق به لساني، أو أتلفت فيه ما رزقتني ثم استرزقتك على عصياني فرزقتني، ثم استعنت برزقك على عصيانك فسترته علي، وسألتك الزيادة فلم تحرمني ولا تزال عائدًا علي بحلمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين."
فتحت عينيها ببطء شديد..تنصت لدعاؤه لتلتمس نبرة الخشوع فيه..هل ليث يصلي؟..تغيّر تبدّل إلى شخص آخر..لا تنكر صلاته في أيام معاصيه ولكن لا تدري لِم صلاته في ذلك الوقت لم تنهاه عن الفحشاء والمنكر..هل لأنه يؤخر الصلاة..يستعجل في التسليم للإنتهاء منها..هل كان وقتها يصلي بلا عقل؟..عقل شارد في ملهيات الدنيا؟..يصلّي بإعتياد فعل الأمر دون خضوع وخشوع لله عزوجّل؟ حينما تُصبح الصلاة عادة تُعد كارثة..لا تمنع الفواحش..ولا تردعها..حينما تعتاد فقط على أداؤها للتخلّص من وقتها دون رغبة وخشوع يُنشر الطمأنينة في قلبك ستخسر أشياء كثيرة..ولكن الآن لا تشعر بذلك..ليث تبدّل..تسمع صوته الخاشع..يصلّي بقلبه وليس فقط بجوارحه..استشعرت ذلك في نبرت صوته!
.
.
تقدمت ببطء الذكريات التي تجر وراءها همًا ثقيلا على صدرها..يرتفع صوته
" اللهم قدرني في تعويض رحيل عن كل شيء يارب..يا ربي أنت تعلم بكل شيء..تعلم إني ما قصدت أأذّيها..تعلم بهمّي كله..يا كريم العفو ويا عظيم التجاوز..اعفوا عنّي وقوّيني على تحمل الأوجاع...اللهم قوّيني وقدّرني على تعويضها يارب"
.
.

انخفض صوته شيئًا فشيئًا هل يبكي؟ هل يحاول النجاة من يديها التي تعتبران أجَلَه المُشفي لبعض الجراحات الملتهبة..يطلب الله القوّة التي تمكّنه من تعويضها!..هل يُدرك كميّة الألم الذي أودعه في صدرها؟ هل يُدرك الآن ضجيجها وشظاياها ستنغرز في جسده ليطلب من الله القوّة والقدرة على تعويضها!..تقدمت..أكثر لتصبح داخل الغرفة..وخلفه تمامًا وهو مستقبلًا للقبلة..رأته ساجدًا..تبحلق له.بعينيها المحمرتين الثاقبتين برجفة يديها تللك الرجفة التي سرت في جسدها حينما تخيلّت نفسها تقتله وهو يصلي..يرجو الله بصوت ثقل في السجود
.
.
"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"
.
.
رمشت مرتين ارتجف جسدها لضعف طاقتها..استقام في جلوسه..ثم نهض ليسحب السجادة من على الأرض ويلتفت عليها واقفة..تنظر له بجمود شعرها الطويل مهمل على أكتافها يحتضن ارتجافاتها اللاإرادية المستسلمة لها بوقفتها القوية ونظراتها الحاقدة المحمرتين يدرك لم تنم..شعر بسكونها وهي على السرير وتحدق في السقف فقط..لم يتحدث وقتها ولم ينبس بكلمة واحدة سوى" هو بس حماك" يريد أن يُطمئنها ولكن لم يرى منها استجابة للإطمئنان هو بعثرها كليًا حينما كسر الحواجز لتبقى على حالها..أدرك في لحظة هو يرجو الحياة من ميّت..لم يشعر بنفورها أو كرهها أو حتى رغباتها للهروب منه..استسلامها أوقف عقله في نقطة إدراك ما فعله بحقها وهي على هذا الحال..نظر لعينيها للسّكينة التي تحملها..وضع السجادة بعد طويه لها على السرير..تقدم لها


ليدرك رغباتها شرّع يديه في الهواء: كلي حلالك يا رحيل..تبين تنتقمين مني؟
تقدم أكثر: انتقمي..

هل أدرك رغباتها تقدمت لناحيته
تحدثت بشبح صوتها الذي للتو تعرف عليه: أنا أعرف كل شي ليث..قالوا لي كل شي..
.
.
اقترب أكثر، لا يخاف من رحيل..ولا يخاف من نفسه وتهورة هو يشعر رحيل غادرت الحياة مُنذ وقت طويل لا زال يدرك قوتها يرى تلك القوى كيف تتأجج منها بشكل كبير ولكن لا زالت ضعيفة!لم ينسى استفزازها له بالأمس..بتذكيره بخيانتها القلبية ولكن تلك الخيانة اشعلت في داخله وميض شرارة لا تضاهي احتراقها وحطامها المبعثر أمامه!

.سيتنازل عن شعوره السيء نحو حبها لرجل غيره وتحوله إلى رماد على حسب قولها هذا الأمر الآن لا يهمه بقدر هي..يخيفه استسلامها بالأمس..والآن اشعلت الحيرة في قلبه..عقد حاجبيه..هل كانوا يتواصلون معها؟...على رغم المراقبات والإحتياطات التي اتخذها هل كسروا الحواجز والأقوال ليكونوا لها بالقُرب لتدمير أفكارها ونفسيّتها أكثر؟
: شقالوا لك بالضبط؟!

تتحدث دون أن ترمش جسدها ما زال يرتجف: لبسوني القضية لأنك أنت عاندتهم..ولا سويت أوامرهم وتجاهلتهم..وضحّيت فيني كقربان!

شد على قبضة يده يبصم أوصلوا لها قصة مغايرة عن الحقيقة، هل خدعوها؟ هل مارسوا عليها "حِيَل" تغيير الأفكار..هي مهتزّة.تأتي مع هبّات الرّياح الغابرة..ربما ستصدّق عنه أي شيء من أجل ما يدور في صدرها وعقلها؟

بلل شفتيه: قالو لك خدعوني؟

انفعل:سجلت في مسابقة علمية وفجأة أشوف نفسي بوسط عصابة تجبرني من إني أضر بشرية كاملة؟
تنظر له تحدق، بدأ يقودها إلى الماضي..وإلى الحقيقة المرّه..إلى الأشياء التي لم تعيها بسواد غياب ذهنها في لحظات كثيرة من حياتها!

ارتفع صوته: رحيل انا انخدعت منهم...هددوني بس ما توقعت قوتهم هذي راح تهد حيلي....ما توقعت راح يسوون لك كل هذا...

رحيل اقتربت منه لتثقبه بنظراتها: ماهتميت للتهديد لأنك خلقة تبي الفكّة مني يا ليث..
امسكها من أكتافها: غلطانه يا رحيل..اقسم بالله لو دريت بخسروني حياتي معاك كان وقتها رجعت انا وأنتي السعودية من زمان!

يكمل: قدروا يعوروني زين..قدروا يقيدوني باللي صار لك رحيل...ما انكر شي..بس اسمعي كل شي مني أنا..

صرخت بشكل مفاجأ لترتد في حُطامها من الخلف: مابي اسمع شي ..ما يهمني اسمع أصلا..هم قالوا كل شي وخلصوا..اللي يهمني أنك ما هتميت ولا عطيت أهمية من أنك تحميني منهم ...
ليث مسح على رأسه انفعل بصوت مرتفع: توقعت الأذية لو بتجي.. بتجي فيني أنا..ما فكرت راح يأذونك..
رحيل تتقدم للأمام تندفع لتضربه على صدره بيدها الأخرى الغير حاملة للسكين:أناني..انانيتك وصلتني للقاع للقاع...دفعت ثمن أغلاطك بمقابل أنك تعيش..دخلت السجن بسببك ما تقدر تنكر ..ولا تقدر تغيّر شيء من هالحقيقة...أنا دخلت السجن وأنت عشت بالطول والعرض.
ليث يمسك يدها يشد عليها لينفي:لا...ما عشت..منو قال لك عشت؟..جلست ثمان سنين...أحاول أحميك ...حاولوا يقتلونك وانتي في السجن وسوون مخططات عشان يوجعوني أكثر وأكثر يا رحيل!

انهمل بالحقائق بعقل مشتعل بالغضب مما حدث لهما في الماضي: ركان المحامي صاحبي...وسوزان الدكتورة اللي في كل مصيبة نستخدمها عشان تحميك في المستشفى..يشهدون على كل مواقف الخوف اللي تلبسني لحظات كثيرة..اعتداؤهم عليك في السجن بضرب وطعن..وسكين..كنت معك في كل لحظة يارحيل..أموت وأرجع أخذ النفس بقوة..وبكل صعوبة!

رحيل تضربه بقوة: ما كنت معي يا لللليث...كنت بعيدددد...كنت بعيييددد وحيل بعد...

ليث يصرخ: بعيد بنظرك بس أنا اقرب لك من أنفاسك..كل ليلة ما اقدر انام اخاف اجلس واسمع خبر موتك في السجن...ما قدرت أواجهك لأني حاس بالذنب..وفاهم شعورك وقتها..عارف ما تبين تشوفين وجهي..وفاهم نظراتك!

رحيل تنفعل تحمر عينها اليُسرى أكثر لتزفر بغضب: لا ما كنت فاهم شيء ليث..ما كنت فاهم..لو كنت فاهم كان جيت وواجهتني أصلًا!

ليث ضاق نفسه..تذكر لحظات ضعفه وانهزامه بالوقوف أمام بوابة السجن..يزفر أنفاسًا ضعيفة.تجرّه وراء تذكّر جسدها المُزرق على السرير في وحدة العناية المركّزة..اعدموا ملامحها من شدّت الضّرب..تتجرّع الموت ببطء شديد على السرير يتكأ هو على أعتاق الوجع ليوجع نفسه بضميره أكثر ..هذهِ الغيبوبة موجعة له..لها صديد يُسمم قلبه ...عيناه لم تنسى شكلها..شعرها مُبعثر على الوسادة..عينيها اليَسار مُزرقّة وبشدّة..جسدها الضعيف مستسلم لخمول اجتاحه لمدّة شهرين..تلك الطعنة أصابت قلبه حينما أصابت خاصرتها من الناحية اليُمنى..رأى شحوب وجهها عن قُرب في أولى الأيّام من اشتعال اللّهيب في صدره..لحظتها ظن سيدفن رحيل وسيعود معها محمّله بالتابوت حتّى أنّه ابكاها ليلًا طويلًا..رأى تلك الجروح الصريعة على ملامحها الناعمة كيف تُداعب أوردتها بوحشية قاتلة..امسك يدها آنذاك..يحدّق بها بصمت ولكن عَينيه هي من كانت تُهذي وتُثرثر..قبّل يدها..أبتعد..ليُكمل مراقبتها خلف الزجاج..لم ينم وقتها...وحينما اخرجوها من المستشفى بعد التشافي وقف أمام السجن..مع صاحبه الذي يؤازره ويحثّه على الصبر.
كان قد قرر أن يقترب وتصبح حمايته علنًا أمامها ولكن لم يجرؤ
نظر لصاحبه"مستحي منها بالحيل..مالي طاقة أواجها يا ركان" عاد بأدراجه للشقة ليُكمل مسيرة البُعد..والإبتعاد والحماية في سبيل إبقاؤها على قيد الحياة..حديثه الآن..يفهمه..ربما كانت بحاجة قصوى لإظهار حمايته لها في العلن "ليركد" خوفها في لياليها المُعتمة..ولكن هو لم يكن يهرب منها فقد بل كان يهرب من نفسه..ومن ضجيج ضميره.
اقترب بلل شفتيه يطوّق وجهها بيديه: ما قدرت أواجهك وانا عارف كل اللي يصير لك بسببي!
انفعل بالحديث ليحدّق في ثبات بؤبؤ عَينيها: حميتك...كلّمت ألف محامي ومحامي عشان نقلل الحُكم..لكنهم شياطين..يرشونهم ويبعدونهم عن القضية...ما قدرت أسوي أكثر من اللي سويت يا رحيل..قيدوني وخسّروني الحياة!

اعترف بكل شيء في ثانية واحدة ليؤكّد لها هو المتسبب الوحيد في سجنها وضياع عمرها!

تتحدث بجمود:ما خسرت شي ...لا تقول خسّروني الحياة..وأنت فالها ..مزوّج لك...وعايش...هذا هم ما آذوك..كانوا بس يأذوني انا..
يهزّها وكأنه ينفض أوجاعه عليها هو الآخر: لأنهم يعرفون آذيّتهم لك راح توجعني بالحيل وراح تكسرني...رحيل..هم دمروني..اقتلوا سلمان صاحبي...سجنوك..حيّروني كيف اتخلّص منهم...ما توقعت راح أعيش بهالتذبذب بسببهم ...ما توقعت راح أبكي من قلّة حيلتي!

ابتعدت عنه لا يهمها هذا الوجع الذي لا يُنافس وجعها في الأصل
تحدثت: اليفر أليجاه..أمرني بقتلك!!
.
.

وابتسمت بسخرية: وقال بيحميني..وبعد ما اقتلك..راح يجون وياخذوني وحتى يعطوني الجنسية اللي أنا أبيها!

جمدت أطرافه وعُقد لسانه..أخذت تنتشله رعشة لتوقف تفكيره لوهلة..وما بين أحرف كلماتها شعر بعدم تصديق بتّال في حديثه بالأمس..وما بين فكرت التوسّع بنطاق خُبثهم من أنّ اللّورد ليس نفسه اليفر أليجاه..أخذ يضيق تنفّسه..هل برمجوا عقلها؟..هل استمالوها لناحيتهم ليسرقوا منه الحياة كليًّا؟
ونظر لها
وهو يرمش مرّتين: أليفر؟
رحيل تُكمل: رئيسهم الكبير متواصل معي..عشان إيش؟
وبسخرية: عشان أنهّي أمرك!
.
.
ولكن انفعلت بغضب وهي تندفع نحوه لتجبره على الترنّح يُمنةً ويسرى وهو تحت تأثير صدمته لتثبّت ظهره على الجدار.. ضعفت حوّاسه؟..هل هي معهم الآن؟..ادخلوها إلى البلد بعد أن غيّروا افكارها لتصبح بهذهِ الهمجية؟
وضعت السّكين على عُنقه
صرخت: لللللللللللللللليت تظن أقدر بموتك ارجّع نفسي رحيل؟...رحيل اللي يحبها جدها وياخذها كل أربعاء للنخل..رحيل اللي يحبها أبوها ويطبطب عليها ويحطها في حضنه وبوس راسها لزعلت...ليتني أرجع في حضن ريّان لهربت من خوفي من فهد لرميت عليه بالونة الماي وافنجرت في ملابسة...ليتني ارجع طفلة ما تفهم غبية..ولا تعرف شنو يعني حياة الـ####..
.
.
أعطت لقب شنيع لحياتها لتجعله يفتح عينيه على آخرهما أدرك هُنا وجع رحيل على منحنى الشتائم التي تُفلق قلبه تستمر في الشتم وتستمر في هزّ جسده هو مستسلم ليستمع لكل شيء تقوله..اليفر أليجاه إذًا ليس اللرود..تواصل ليأمرها في قتله ويأخذها من بين يديه؟ أي جنون وصل إليه هذا الرجل..أي إنتقام يسلكون مسلكه ليوجعوه لعدم خضوعه لهم...يا الله..هذا ما همس به ببطء شديد..يرجو من الله أن يخلّصه منهم..ويرأف بحال رحيله!
.
.
شعر بشد السكين على عُنقه رحيل اختطفت صدمته وأمتصّتها كلّها حينما أدرك جدّيتها في الإقبال على نهي أمره!

تصرخ: تقول حميتني؟...اوك حميتني بصدقك يا ليث...بس قبل قبل السجن وش سويت فيني؟

تُعاتبه؟ تريد مُعاتبته؟ لتُزيد من حِمم الصدمات؟ تريد أن تبتلعه في ثقب ماضيه الأسود..إلى الأيام التي خذلته وخذل فيها نفسه وأهله وصاحبَيْه!
تتسارع أنفاسها تمرر السكين بشكل سطحي على جلد عُنقه..شعر بها وهي تمرره دون أن تضغط على السكّين كانت يدها ترتجف وهو مبهور من تبدّل رحيل لتخرج في طور الجنون والغضب..رحيل تبدّلت ..حُطامها يقتله الآن
لا دموع تنزل على خدّيها..لا شهقة تلتهم أحبالها الصوتية
.
.
تصرخ لتزيد عقله جنون: كسرتني..حسستني ولا شي..شككتني في أنوثتني..كرّهتني في نفسي...كل ليلة تتركني أبكي على مخدّتي ...تركتني أكرهك..وأكره فكرة قبولك في حياتي..وكأنك يا ليث جالس تمهّد لي طريق أوجاع...بدخلتي للسجن...
.
.

تُنزل السكين للأسفل قليلًا ليخرج الدّم وتنفعل لتقرّب وجهها منه سرقت منه الهواء بقرُب أنفاسها الغاضبة التي تلفح وجهه تحت صمته وعدم توجعّه من الجُرح السطحي التي أحدثته بالقُرب من عُنقه لم تكتفي رحيل تنزل السكين..لتُكمل رسم خريطة الغضب إلى أن أوصلها الجنون إلى موقع قلبه ...الجُرح طويل ولكن ليس عميقًا!

ممُتد من عُنقة إلى صدره توقّفت عن نحته ورسمه حينما وضعت السكين مُباشرة على قلبه...على موضع وجعه..على نبضات الرحيل وفقدان الأمل من تعويض ما تُلف..ينظر لعينيها ولإهتزاز شفتيها..كبرت رحيل..كبرت مئة عام..كبرت لتصبح امرأة جميلة ولكن يُفسدها الحُزن المخيّم بأوجاعه على جفون عينيها ليُداعب رمشيها المبعثرين أمامه كنسور طائرة توّد الإنقضاض عليه و"تنقِده" في مواطن كثيرة من حياته..رأى أنفها وشموخه ولأثر الجروح الصغيرة التي تحتضنه بقساوة كلمته"ما بسوون شي يا ركان" ولكن فعلوا..ليرى نُدبته تمتص أسده برحيل سعادتها على خدّها الأيمن..مشوّهة ولكن بطريقة جميلة ...لم يفسدها هذا التشوّه جميلة رحيل..ولكن أفسد جمالها حينما جعلها تغوص وتلوذ في دور وطور لا يُناسب رقّتها التي كان يراها دلعًا في السّابق..جمال في هيئة نمر يوّد الإنقضاض للإنتقام..تلذعة بلسانها ..تدفعة لهاويته المحفورة من الخلف..يضيع هذا الجمال..تضيع تلك الأخلاق الجميلة التي تلتف حول جسدها وتغلّفها منه..لتخرج بهذهِ الصورة المكسورة والمشوّشة!
.
.
تصرخ: أبي أصير مجرمة..وأروح قصاصصصصص...مابي أعيش ...العيشة اصلًا بعد كل اللي عشته إيش تعني؟...هاااااااااا...بالله إيييييش تعني؟

تُنزل السكين قليلًا لتضع إبهامها على رأس السكين وتشد عليها وتشد ليث بيدها الأخرى إليها فالسكين في تلك اللّحظة أدمت أصبعها بدلًا من أن تنغرس في قلبه!

: ما قدرت أرفضك ...وقبولي فيك ما يعني تضحيتي..بس حبيت اكمل فرحة ابوي فيني..وفرحة أخواني..ما قدرت أكسر فرحتهم ولا قدرت أتقبل فكرة الزواج بسن كان كل همي فيه أتم قريبة جنب أهلي..بس دام هالشي بيسعد الجميع يعني بيسعدني..هم أدرى بمصلحتي!..وافقت عليك قلت بيت عمي قريب من بيتنا وبيت جدي..ما راح يتغيّر شي...

وأبعدته ليصطدم ظهره في الجدار وتضع السكين على قلبه من جديد، يلتزم الصّمت..فهي صمتت لسنوات عديدة..تصمت أمام أبيها حينما يزورونها في السجن..صمتها ذاك كان من أجل إبقائهم جميعًا حولها..كانت تتحمّل قساوة حديث أبيها..تتحمّل لفظه لجُمل لربما دممّت قلبها..فلتنفجر بالحديث..ليعطيها فرصة للتخلّص من حمل وعبء ثقيل على جسدها!
.
.
: بس كل شي تغيّر...كل شيييييييييييييييي...
.
.
وضع يده أخيرًا على يدها، تنفّس هواءًا من غضبها، تحترق هذهِ المرأة وبسببه ولكن هو ايضًا مخدوع مُتعب..يصرخ دون أن يستمع أحد لصُراخه..يريد تبديل هذا الحال الأليم إلى آخر ولكن يعجز ..يشعر بتكبّل يديه عن فعل الصوّاب ولكن ماذا يصنع؟ لا يريد أن تكون رحيل مُجرمة ..تسجن وتحاكم بالقصاص..لا يقبل..يريد أن يعيش ليجعلها تعيش حياة أخرى بعيدة عن انتهاز الفرص للإنقاض عليها.. بعيد عن الإضطراب..يريد أن يفرش أمامها مستقبلًا مليء بالطمأنينة..لا يريد أن يقتصّون منها من أجله وهو الذي حوّلها إلى حُطام!
.
.
: رحيل...اقسم بالله العلي العظيم..واللي نفخ فيني هالروح..أنا ما قصدت أأذيك...أنا مخدووووووووووع....

رحيل تصرخ في وجهه: وأنا اللي دفعتتتتتتتتتت الثمممممممن!

يرتفع صدرها وينخفض بجنون..فاجأته حينما ابتعدت وهي ترمى السكين على الأرض بعد أن شدّت عليها بقبضة يدها على طرفها السفلي..وضعت يديها على على الجرح السطحي الذي أحدثته على عنقه سريعًا..حركاتها الإنفعالية..تشرح له قصّة وحشية عن مكثوها في السجن..هل اصبحت هكذا لأنها هُجِمت كثيرًا..اصبحت مثلهم اندفاعية لا تخشاه..ولا تخشى قوّته الرجولية التي من الممكن يخرجها عليها..ولكن هو لا ينوي ذلك..بل طاقته نامت في صدره بعد رؤيتها هكذا..كسرتهُ رحيل وبشدّة!
أمتزج دم رقبته بدم أصبعها!
رفعت يدها أمام عينه: شوف...دمك...أول مرة متأكدة تنجرح كذا...شوف...
ليث توجعه حينما تُعاتب
: جروحي ما تنشاف لكنها غزيرة..
تصرخ: ككككم مرة انجرحت ونزفت أنا؟...قولي كم مرة..؟

يمسك يدها المرتجفة يبحلق في عينها: والله عارف أنه كثير..ومع كل جرح انخط على جسمك عندي.. مثله في قلبه...
أخذ لسانها يلعنه هو وقلبه بنبرة قاسية
: موتك بزيد قهررررررر عمّك وابوك وجدّك علي وراح يزيد كرههم ....انا خسرانه بكل حالاتي...ما عندي أحد بعد كل اللي صار...كلكم تخليتوا...كلكم بعدتوا عنييييييييييييي...تركتوا اللي يسوى واللي ما يسوى يتسلّى فيني ويقهرني ويجرحني..ويبهدلني وكرّهني في حياتي..كلكم..ليث...كلكمممممممممممممممممم...موتك وعدمه ما بزيد من حياتي شي...هذا هي حياتي كلها على بعضها مثل الـ######...

ازدرد ريقه اقترب أكثر احتضن كفها قبّله وكأنه يقدم اعتذاره
ينظر لبهوت وجهها وشحوبه: بعوضك عن كل هذا!

رحيل تصرخ تحاول دفعة بعيدًا عنها: وش تعوّض وش تخلّي فيني ..ما في شي يقدر يعوّضني..
ثم نفضت يدها من يده بقوة: والله يا ليث..والله لأخليك تنقهر ..قهر ما قد ذاقه رجل في حياته...لا تموت..عيش...تنفّس..اتركنا نعيش مع بعض بالمبدأ اللي تبيه ما يهمني..ولكن حط ببالك شي..بجيك منّي رد قوي...والله يا ليث...والله..لأخليك عاجز وقتها!

ثم ترنحّت يمينًا ويسارًا ليهبط صدرها بزفير موجع تقدم لناحيتها
ولكن صرخت: والله لأقهرك..
ليث بخوف عليها: اقهريني بقدر ما تداوين فيه جروحك..والله ما راح اردّك...
.
.
رحيل نظرت له..ثم رمت بجسدها على السرير..أحدثت ضجيج..وجُرح ربما لن يترك أثرًا واضحًا على عُنقه ولكن يُكفي أنه"جرح رحيل"..ولّت بظهرها لتسحب رجلَيها لتشد ساقيها ناحية بطنها جسدها أخذ يرتجف..عقلها بالكاد يستوعب كل شيء قرأتهُ في الرسالة لتدخل في صدمة تواجد بتّال، لتدخل بعدها في عِش ليث بصورة فعلية أدركت فيها موت روحها..لا طاقة لها بعد على المواجهة..تكسرها هذهِ الأمور..تنظر ليدها وهي تقرّبها لناحية صدرها وبها دماء ليث..تخضّب بهِ بدلتها تأن بلا بكاء وبصوت مكسور" خسرت كل شي" تغمض عينيها..تتوارى أمامها السجينات وهن يقتربن منها ليضربوها ضربًا مبرحًا.

تفتح عينيها..تهمس بلا وعي"تمنيتك حتى أنت تجي تدافع عني"..واقف يرى تناقضاتها ورجفات جسدها..يُبحلق لرحيل الذي هرب منها ثمان سنوات وحتّى حينما خرجت يواجه قساوة حديثها بالعناد دون أن يعطيها مجالًا لتُبيح عمّ عاشته بطريقتها وإن كانت موجعة .
أثقل مواطن الوجع فيها ليجعلها تصل إلى حالتها المزرية هذهِ..تهمس"ما جبت المقص..ما شريته لي أبي أقص شعري..مضايقني" ينظر لشعرها الطويل المبهدل على الوسادة..رجفاتها لم تتوقف هذيانها يصل إلى مسامعه ماذا يفعل؟

رحيل تهمس من جديد تشد على يدها بدماؤه" دمّك على يدي حنّة..حنّتي دمك ليث..اليوم صباحيتنا تدري؟" خفق قلبه هل جُنّت؟ احمرّت عينيه قبض على كفّيه..هل يضرب نفسه ..هل يمزّق جسده ليخفف عنها؟ "آه" يتألم..موجوع بقدر وجعها لا يحق له الصراخ والعويل وهي تلوذ بنفسها بصمت أوجاعها لا تبكي وهذا ما يقهره ويرعب قلبه ويقلقه..لابد أن تزحزح الدموع من عينيها لكي تخف هذه الأوجاع لا بد من هذا الكتمان أن ينفجر لتظهر ينابيع الغضب وأنهار القهر ليغرقا هذا العالم..اقترب خطوة..ليراها تهتز..تنّز..تأن..تخرج همهمات..اغمضت عينيها..يرتعب فؤادها تهمس
.
.
"احضني ليث"
.
.
جمد عن الحركة..ماتت رحيل..ماتت وغرقت في تناقضات الماضي ليمتزج بغضبها في الحاضر..ترعبه فكرت جنونها وضياعها لتظهر بقوّة شخصيّتها وضعفها في الآن نفسه..تريده أن يخفف وجعها؟ كم مرّة أرادته ولكن لم تجده؟ كم مرّة قبلت قُربه وإن كان موجعًا ولكنه كان يهرب بعيدًا عن جراحاتها؟..خفق قلبها يجر أنفاسهُ بصعوبة اقترب ببطء شديد..جلس على طرف السرير..انحنى..
همس: رحيل..
تكرر وهي تشد على كف يدها : احضني!
.
.

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
قديم 07-05-21, 07:14 PM   المشاركة رقم: 75
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2017
العضوية: 327052
المشاركات: 98
الجنس أنثى
معدل التقييم: شتات الكون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شتات الكون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شتات الكون المنتدى : المنتدى العام للقصص والروايات
افتراضي رد: رواية: أحببتُ حُطاما سَبق أوان الرحيل\ بقلم شتات الكون

 

انحنى قبّل رأسها ليغمض عينيه همس في أذنها: رحيل تكفين لا تقهريني كذا!
تكرر وهي تتكوّر حول نفسها: احضني..وأنت ساكت!

ازدرد ريقه..نظر لها ولإغماض عينيها..ترتجف..في وسط حر الغرفة..هل تجرّعت هذهِ النوبة من الإنهيار في السجن بشكل متكرر؟ زاغ قلبه..احتضن ظهرها حينما انحنى كليًّا ليُرخي جزءًا من جسده على السرير..وضع كف يده على كف يدها المحتفظة ببقايا دماؤه كانت تشد على قبضتها تشد على قلبها تهمس
: ادعِ ربي يريّحني...أنا موجوعة ليث..ما عندي حياة!

هل هذا جُزء من القهر الذي قسمت على أن تودعه بداخله لينهار؟
شدّ على كف يدها، احتضنها أكثر، توقف عقله عن التفكير يحدّق بها
يتمتم: رحيل..
تشد على جفونها بقساوة: أبي اسمع صوت قرآن..اشتقت اسمع صوت القرآن...ما سمعته ثمان سنين ما سمعته...احرموني منه!

يشد على كفها أغمض عينيه ليبتلع غصّة قهره
ليشرع في قراءة: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا

يزداد أنينها بلا دموع..جسدها يرتجف وليث يشد عليها أكثر بقيت على هذا الحال إلى أن سكن أنينها ودخلت في سباتها العميق لتترك ليث يشرع في تأملها وإلى تأمل أثمه ووجعه عليها مضت عشرون دقيقة من التخبّط في المشاعر سمع رنين هاتفه ابتعد عنها بجسده الخامل..نظر للاسم..تنهد ثم أجاب سمع ما قيل
ثم اردف بضعف: خلاص الحين بجي.
.
.
أصبح من المختفين ومن الأعضاء المجهولين والمشكوك في أمرهم هل توفي معهم أم لا؟ يقرأ الأخبار على الموقع الرسمي الغير عربي..انتشر الخبر.."انفجار كبير في منزل الدكتور اليفر أليجاه" تتبعه عناوين أخرى..يُبحلق..ينظر لشاشة بصمت..فجّر الفلّه بأكملها إذًا؟ قتل جميع الأعضاء أم بعضهم؟ ولكن ما يطمئنه مقتل كبيرهم "اليفر" الآن سيعيش مرحلة إنتقالية صارمة مع حياته وتخبطّاته ما بين الماضي والحاضر وما بين تخبطّات تحرير..ماذا يصنع؟ الحياة الآن هادئة إلى الآن هُما مُبتعدان رُغم قرب المسافات القصيرة التي بينهما..هو يعلم لِم المسافات قصيرة بعض الشيء وهذا ما يؤرقه ويُقهره..نظر من جديد إلى الهاتف..ارسل رابط الموقع إلى رقم"سوزان" كتب أسفلها"وريه ركان"..ثم اغلق الهاتف..كيف سيبتدأ حياته؟ أوّل الأمور عليه أن يجد وظيفة لا صعوبة في إيجادها يعلم خبرته وشهاداته وتخصصه مرغوب وبشكل كبير سيجد..وقدّم سريعًا اليوم على بعض الشريكات والمستشفيات التي تبحث عن مهندسًا بتخصصه المرغوب.

يُريد الخروج من المنزل..يريد أن يبتعد عن فكرة مقتل ابا سلمان وعن احتمال وقوعه في الجحيم..هو كاد يسقط يحترق ويموت ويُنثرون عليه حِمم بدل التراب ولكن ابا سلمان أنقذه..اتلف كل شيء حوله في المجموعة..ولكن يخشى من الإحتمالات الأخرى..هاهم خدعوه وأوقعوه على نيران لظّى من غضبهم..قتلوه وهو قتلهم..تأفأف..نهض من على السرير..رآها تدخل الغُرفة ترتدي "جلابيّة" ليلكيّة تُناسب الحوامل بقصّتها وشكلها..تتقدم لناحية الخلاء الجانبي تُغلق الباب..ينتظر خروجها..لا يدري لماذا ينتظر ولكن لا شيء يُبعده الآن عن دائرتها ودائرة عمّها تنهّد...لم تأخذ ثوانٍ حتّى خرجت..
قالت دون النظر إليه: دامك رديت السعودية..خذني لعمي..
..
..
..
سكت ينظر لها..تتحرّك ببطء شديد لتتجة لناحيته..كانت عينيها تنظران للاشيء ولكن استقرّت بالنّظر على الأرض..بالقرب من السرير لم تخفى عليه هذهِ النظرات الكسيرة هو مُجرم..لا ينكر ذلك..صاحب أفكار ومخططات حقيرة قتل ناس أبرياء بطُرق غير مُباشرة ولكن جرّب القتل المُباشر حينما تواجه مع ستيفن..لديه خبره في كشف الإيماءات الجسدية..دقيق في كل حركة ونظرة من أجل حماية نفسه آنذاك هو يتعامل مع وحوش وهو دُرِّب على أيادي خبيثة جعلته يعيش بأنظمة ليغوص في أفكار تُأجج عليه الإلتفات لكل صغيرة وكبيرة ..مشى واقترب منها.

تحدث بهدوء وهو يراقب عينيها مازالت تحدّقان على الأرض..تبع نظراتها سريعًا ليختطف قلبها
ووقعت عينيه على ما تنظر إليه
ابتسم بسخرية ثم عاد ينظر لها وهي ارتبكت!
: عمّك ما ظنتي بالكويت..وأنتي الحين حامل..والسفر لك وبهالشهور ما هوب زين.
.
.
.
ثم ابتعد..اختطف الصورة التي لا تدري كيف وقعت من بين فقرات السرير..ازدردت ريقها هل سيُمزقها ليمزّق ما تبقى لها من صوره..لن تنسى هيجانه قبل السفر..مزّق صور كثيرة تجمعها هي وسلمان..بتّال لا يتعامل مع الضرب..لن تنكر ذلك ولكن ضرباته النفسية أشد وطئًا وقهرًا على قلبها
ألتقطها من على الأرض توجّه أمامها وهو يرسم ابتسامة
: أنا قررت ما أخون..وأنتي بعد المفروض ما تخونين!
.
.
نظرت له ونظر لها يفهم هذهِ النّظرات التكذيبية
ويتفهم أمرها ولكن بفقدان عصبي خفي لا يُريد إخراجه من أجل ألّا ينتشل روحها من هذا الجسد: انسيه!
تحرير نطقت: بترّد وتخون يا بتّال..الخيانة تسري بدمّك..ما تقدر أصلًا تعيش بدون ما تخوني!

 
 

 

عرض البوم صور شتات الكون   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رحيل، وجدان، ضمير، حب، غموض،
facebook



جديد مواضيع قسم المنتدى العام للقصص والروايات
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:54 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية