نطق عبارته الأخيرة فى مرارة كاملة , جرحت قلبها , قبل أن يضيف :
- لقد عشت عمرى كله فى هذا الفقر , ولم اكن أحتمله , فكيف بك , وأنت التى لم تعيشى يوما واحدا منه ؟.. أراهن أنك هنا فى لندن للتسوّق فحسب .. أليس كذلك ؟
أومأت برأسها إيجابا فى خجل , وكأنها تشعر بالعار لموقفها هذا , فأضاف :
- أرأيت ؟ .. إننى أقيم هنا , ولكننى قد لا أجد نا يكفى , للسفر إلى دولة اخرى , والتسوق منها .
اختضنت أصابعه بأصابعها فى حب وحنان , جعلاه يتطلع إلى وجهها , مغمغما :
- كم يؤسفنى أننا لم نتزوج يا هدى .
خيّل إليها فى هذه اللحظة ان حياتها كلها قد تعلقت به ..
بحبها له ..
بعشقها لحنانه ورقته وكبريائه ..

وفى حزم قالت :
- ولمَ لا نفعل ؟
تطلع إليها فى دهشة , وهو يقول :
- ماذا تعنين ؟

أجابته فى حماس :
- لمَ لا نتزوج الآن ؟
ردد فى دهشة :
- الآن .. ولكن .. ولكننى ما زلت فقيرا , بالنسبة إليك .
قاطعته فى لهفة :
- لقد خضت تجربة زواج فاشلة , مع شاب أمقته , فلمَ لا أخوض تجربة أخرى , أشعر أنها ستكون ناجحة , مع من منحته قلبى منذ صباى , وما زلت أمنحه إياه حتى الآن ؟
قال فى تردد :
- إنه حلم حياتى يا هدى , ولكن ماذا لو ..
أمسكت كفه براحتيها فى رجاء , وهى تتطلع إلى عينيه , قائلة فى ضراعة :
- هل ستضيع فرصتنا الأخيرة , بهذا القلق ؟.. ألم تفهم بعد لماذا جمعنا القدر مرة ثانية , بهذه المصادفة العجيبة ؟
لم يجب سؤالها ..
فقد تطلع إلى عينيها الجميلتين , وقرأ فيهما كل حبها وشوقها ولهفتها ..
وفى صمت نهضا معها , وكلاهما يتشبث بكف الآخر ..
وفى المساء أرسلت هدى برقية مختصرة إلى القاهرة ..
لقد التقيت بـ أحمد , وتزوجنا .. هناك .

تمت