لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-06-20, 11:21 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 60 - العريس لا أحد مكتوبة

 

الفصل الخامس

المهم أنى أراك



وجدت إيدن صعوبة كبرى في تفسير ما حدث دون الدخول في تفاصيل سقطتها في البركة..... لكنها أصرت أنها " وقعت " ....

و لم يبد أحد شكه في هذا سوى غريفت الذي أصر أن يعرف و ذلك بعدما بدلت ملابسها الرطبة بأخرى.

- أنا لا أفهم .. كيف وقعت؟ البركة اللعينة كبيرة جداً بحيث لا يمكن أن تخطئيها.

-حسناً .. لقد وقعت . لو كنت معي تراقصنى, لما رحت أتجول وحيدة كعانس متزمتة.

-أوه .. يا لطفلتي المسكينة ! لا تغضبي منى .. أنت تعرفين أنني مجنون بحبك.

-لماذا إذن لا تقضى معي وقتاً أطول؟ لا أفهم كيف تدعوني إلى حفلة لا أعرف فيها أحد, ثم تتركني وحدي لتتمتع بعزفك.

-آه .. حبيبتي! اعذريني

ضمها إليه لحظات, و ما أرعبها أنها وجدت نفسها تقارن عناقه العفوي,بعناق فيرن المتملك, لكن هذه المقارنة خطيرة, لذا سارعت إلى نفض الفكرة بعيداً.

قال غريفت: "ما رأيك لو نتناول الليلة العشاء في المدينة تكفيراً عن تركي إياك؟"

-يبدو هذا جيداً شرط ألا تتركني آكل وحدي لتنضم إلى الفرقة الموسيقية.

-آه.. حبيبتي!

هزت رأسها:

-آسفة غريفت. إلى أين ستصحبني؟

-فلأختر المكان بنفسي. ما رأيك؟ أعتقد أنني أستحق أن تشدي أذني بسبب إهمالي لك, حتى فيرن لاحظ هذا.

-و هل قال لك شيئاً؟ لا أتصور لماذا يهتم فيرن بمشاعري!

-لا تخدعي نفسك .. انه يعرف أن ما تشعرين به يؤثر في.

-انه يعرف أنني لا أحاول التأثير فيك. هذا ما قلته له منذ البداية .. فما تفعله هو شأنك الخاص.

-ربما .. لكنه يرى أنني أسعى إلى جلب المتاعب لك بما أفعله, أي بتركك وحيدة أثناء التمارين. يقول أنني لو انضممت إلى الشركة لما بقيت وحدك وقتاً طويلاً.

-و لكن لن يكون هناك فرق إن غيّرت رأيك, فأنا ألاحظ أن فيرن يغيب معظم النهار, و هذا يعنى أنك ستغيب الوقت ذاته.

-هذه نقطة جيدة .. أتظنين أن الشيطان العجوز يلعب لعبة " فرق تسد " ؟ و بذلك أعدل عن رأيي فأنضم إلى الشركة. و قد تكون خطوته التالية أن يوهمك بأنك مهملة و بأن الرحيل خير لك.

ربما يكون غريفت على حق, أو اقترب من الحقيقة, و لعلَّ تحذيره لها من غريفت و ما قد يجلبه من أذى هدفه دفعها إلى الرحيل.

-أنا دهشة أنه يعرف أن تهديدك إنما يجعلك أكثر عناداً. لن تستسلم, حتى و لو عدت إلى بلادي, أليس كذلك غريفت؟

شدّ ذراعيه حولها,ثم ضحك و دفن وجهه في شعرها:

-أوه .. لن تتركيني حبيبتي أليس كذلك؟

-ليس دون سبب قوى.

-وعدتِ أن تمكثي عندنا حتى الخريف, و لن تهربي منى قبل هذا.

-قلت لن أرحل إلا إذا كان هناك سبب قوى بل قوى جداً. أتعلم أحب أن أُعْلِم الجدة بموعد الزفاف فهي لا تنفكّ تسألني عنه غريفت .. و المخزي أنني أشعر بالسخف كلما قلت لها لا أعرف.

-لا أفهم سبباً لشعورك هذا.

هزت رأسها, فتصرفاته عند ذكر الزواج تزعنورسين همسات روائية جها, و الأذكى أنه حتى الآن لم يشترى لها خاتم الخطوبة, و قد تساءلت دوماً عما إذا كانت مخطئة في الموافقة على المجيء معه.

قالت بهدوء:

-هذا ما يربكني كثيراً.

عبس فجأة, و اشتدت ذراعه حولها إلى درجة القسوة.

-و لمَ العجلة؟

-قلت لجدتك أننا على غير عجلة من أمرنا. و لكن من الطبيعي أن تقلق, و أظنها نافذة الصبر.

-دعكِ منها! هذا شأننا لا شأنها!

ضمّها إليه بشدة, و أراح ذقنه على رأسها, لكن إيدن كانت مستعدة لتتخلى عن أي شيء مقابل رؤية تعابير وجهه و عينيه. لقد قالت للجدة إنهما على غير عجلة من أمرهما, إنما هذا ينطبق أكثر فأكثر على غريفت لا عليها.

-لولا تزمتك يا حبيبتي لما احتجنا إلى أجراس العرس. لماذا نعيش معاً دون ...

قاطعته بصوت ثابت حازم:

-لقد ناقشنا هذا الموضوع مئات المرات .. و الرد ما زال "لا".

-أعلم انك تقولين دائماً لا .. لكن ...

-لكن لا شيء .. قد يبدو لك تصرفي تزمتاً و رجعية, إنما هذا هو الأمر .. أرجوك .. لا تسألني ثانية.

-حسناً .. فليكن ما تريدين. إنما اعلمي أنني لن أستسلم.

-عليك أن تستسلم.

قبّل أنفها:

-معك حق بشأن أجراس العرس .. إنما فلنمرح قليلاً قبل ذلك. ما رأيك لو نخرج للعشاء و الرقص حبيبتي؟

-و لِمَ لا؟

-خرجا إلى مطعم في وسط المدينة قضيا فيه وقتاً ممتعاً.

عندما غادرا المطعم و قف قرب سيارته و المفتاح في يده, و ذراعه على كتفيها, و لكن ما صدمها أنها لاحظت شبهه الغريب بفيرن في العتمة .. قال لها متحدياً:


-هل أنت خائفة من مشاطرتي ركوب السيارة؟

و ضحك و كأنما الفكرة سخيفة. لكن إيدن فكرت فيها بجدية, و هزت رأسها .. ففي تفكيرها ما حذَّرها من مغبة ما قد يفعله غريفت أثناء طريق العودة إلى المنزل, لكن نظرته الحالمة جعلت قلبها يتراجع عن ذكر ما تفكر فيه له .. قالت محذرة:

-كن حذراً فقط, غريفت, أرجوك.

-ألست حذراً دائماً؟

شدّها إليه فجأة بقوة كادت تزهق أنفاسها. لم يكن في عناقه حب أو لطف, لذا تحركت في داخلها ردات فعل غير مفهومة.

-آه .. حبيبتي .. ليتك تسمحين لي ...

-لا ..!

-حسناً .. حسناً ... أيتها المتزمتة البتول!

لماذا يذكرها عناقه بما هو أكثر إثارة؟ لم تكن قادرة على إبعاد فيرن عن تفكيرها .. و كأنما التفكير فيه, استدعاه ليتجسد أمامها, فقد رأته بطرف عينيها يدخل إلى موقف السيارات ..

و هذا يعنى أن لولا برفقته تتعلق به. حررت نفسها من بين ذراعي غريفت حين شاهدتهما.

-ما الأمر؟

ثم شاهد هو أيضاً أخاه, فأكمل:

-حسناً .. ما رأيك؟ أخي الأكبر و السيدة فومانشو معنا في المدينة! لماذا بحق الله لم أتعرف إلى سيارته حين وصلنا؟

-ربما وصلا بعدنا غريفت فلنذهب.

-و اتركه يعتقد أنني أهرب منه؟ فلنبقَ لنعرف رأى فيرن العجوز بنا .. قد يكون مسلياً.

لو كان بإمكانها لدخلت إلى السيارة تجنباً للمواجهة التي يفكر فيها غريفت. لكن ذراعه كانت شديدة حول قدّها.

في البداية, هزَّ فيرن رأسه تحية لهما, فبدا على غريفت خيبة الأمل. لكن, ما أن وضع لولا في السيارة بأمان, حتى عاد إليهما, و كأنه يود ألا تشاركه لولا في ما يجرى.

نظر إلى إيدن بحدة .. و كأنه يتهمها, فغضّت طرفها أمام توبيخه الصامت, و مضت لحظات قبل أن يلتفت إلى غريفت:

-أتفكر في قيادة السيارة بسرعتك المعهودة غريفت؟

-طبعاً .. و لِمَ لا؟

-رداً على سؤالك أقول انك بذلك ترتكب خطأ.

-و هل أنت أكثر منى رصانة في القيادة؟

كان يبدو متضرج الوجه غضباً, فردَّ عليه فيرن:

-طبعاً .. إن كنت لا تهتم بنفسك ففكر على الأقل بإيدن.

انتفضت حين رأته يستغلّها ليدعم حجته, و كان عليها أن تعترف بأنها موافقة على وجهه نظرة, لكن تأثيره الحتمي في أحاسيسها, أثار فيها استياء غير متوقع, فكان أن هبَّت للدفاع عن غريفت.

-سأكون آمنة معه فيرن..

قاطعها غريفت:

- إعتن بفتاتك و اترك لي فتاتي.

ضحك و مال ساخراً إلى الأمام نحو لولا, مما جعله يصدم رأسه بسقف سيارة مجاورة فصاح به فيرن:

-بالله عليك غريفت استقل تاكسياً عد إلى البيت أو دعني أقلّكما. أنت متهور الليلة, و القيادة ستكون خطرة.

-هذا ما تقوله أنت .. أراهنك بخمس دولارات أنني قادر على الوصول قبلك و ذلك دون أن أرتكب هفوة.

و التفت إلى إيدن:

-هل تثقين بي حبيبتي؟

فتحت فمها لترد, و لكنه أكمل بسرعة:

-إيدن لا تخاف .. و هي تعرف مقدرتي في القيادة!

-بالله عليك. قومي بما يردعه إيدن.

-لن أستطيع و لو حاولت .. سنكون على ما يرام فليس منا من هو طائش بالقدر الذي تظنه.

لاحظت انه يهز رأسه باتجاهها:

-أيتها الحمقاء الصغيرة..

و دون كلمة أخرى قفل راجعاً إلى سيارته. كانت ابتسامة لولا الشاحبة أكثر مما تتحمله إيدن, فأدارت ظهرها بسرعة .. أما غريفت فصاح به باندفاع جرئ مفاجئ.

-لا تلحقني لتراقبني. سنسلك الطريق الداخلية الطويلة, و هذا يعنى أنك ستكون في الفراش قبل وصولنا.

لم يقل فيرن شيئاً و لكن كان على وجهه نظرة سوداء واعدة بعثت رعدة إلى ظهر إيدن .. ليلة أمس صفعته بقوة, و الليلة أجبره غريفت على الرضوخ و ما فيرن هوفمان برجل يقبل معاملة كهذه. نقل بصره إليها لحظة قصيرة برقت في غضونها عيناه, ثم انطلق و غريفت يلوح له ساخراً.

كانت ليلة جميلة, و القيادة في الطريق الداخلية الضيقة إلى (غرين هاوس) مريحة. راحت إيدن تتمتع بهدوء الريف الساكن الذي يضيئه ضوء القمر. لكن هذا لم يبعث إليها كل الاطمئنان خاصة عندما كانت ترتقي السيارة مرتفعاً حاداً أو عندما تصبح المنعطفات أخطر, و الأرض أكثر انخفاضاً ممن جانب واحد. غير أن ميزة السير على تلك الطريق أنها تخلو من السيارات, لكنها غير مضاءة, و هذا ما جعلها في أكثر من مرة تمسك بالباب خوفاً.

كان لا يزال مبتهجاً بنصره, و كان يلتفت إليها دائماً مبتسماً, ثم يلف ذراعه حولها.. القمر بدر ساحر, يرسل أشعته الفضية على كل شيء, فتصبح الأراضي الجبلية أنعم منظراً و أشد جمالاً.

قالت إيدن هامسة:

-انه مكان جميل..

-و أنت كذلك .. لكنك تبدين كئيبة حبيبتي .. هل أنت نادمة على مرافقتي؟

رنت إليه بطرف عينها, و قالت:

-لم أندم بعد.

-أوه.. هيا الآن.. إن أصبحت شريرة أرمكِ فوق ذلك المنحدر!

-هذا ما ستفعله إن لم تبق عينيك على الطريق.. ليتك تتوقف عن إدارة رأسك غريفت.

أظهرت ابتسامة عريضة أسنانه الرائعة:

-لا أستطيع.. أنت أشبه بحلم تحت نور القمر.

-دعك من الإطراء و ركز بصرك على القيادة و خفف من السرعة بالله عليك.

ابتسم ساخراً:

- جبانة!

تمسكت مجدداً عندما انعطف:

-أرجوك غريفت, أمامنا سيارة أخرى لن نستطيع تجاوزها على هذا الطريق!

-آه.. دعي أمرها لي. من تراه يسلك هذه الطريق الصغيرة المغبرة في مثل هذا الوقت من الليل؟

فجاه صاح صيحة انتصار مجنونة جعلتها تشهق:

-انه فيرن!

كانت المسافة بين السيارتين تتضاءل تدريجياً فعرفت إيدن أن سائق السيارة هو فيرن..

قال غريفت:

-لقد أوصل لولا ثم لحق بنا ليتجسس علينا. حسناً! إذا كان هذا ما يريده فلنعطه ما يسليه!

- لا يا غريفت! لا تفعل!

لكنه لم يكن في مزاج يميل للإحباط أو لعدم تسجيل نصر على فيرن, لذا ضغط على دواسة الوقود بقوة, و صاح:

-هيا تحرك, يا أخي الأكبر.. ها نحن قادمان!

اقتربت السيارة الأمامية منهما بسرعة مذهلة, حتى كادت السيارتان تتلامسان, فرفعت إيدن يدها إلى فمها:

-لا.. لا.. يا غريفت!

ثمة ما حذّر فيرن فأدار رأسه بسرعة, ثم أشار إليهما بإلحاح أن يخففا سرعتهما, فصاح غريفت:

-لا.. و لو كلفني هذا حياتك!

و صاح صيحة حرب هندية جمدّت الدم في عروق إيدن, و تجاوز سيارة أخيه حتى كادت سيارته تلامس الأخرى.

-جيرانمو......!

اقتربا من منعطف جديد, و سرعان ما دوّى صوت المكابح تحاول تثبيت السيارة على الطريق, و لكن لا جدوى. كانت يدا غريفت تقبضان على المقود و كأنه يجد صعوبة في السيطرة عليه. كان ما حدث بالنسبة لأيدن غابة من الأصوات سمعتها تنطلق دفعة واحدة, ثم أحست بجسدها ينتزع من مكانه ليطير في الهواء و أحست بصوتها حاداً يثقب أذنيها, و كأنه صادر عن شخص آخر... بعد ذلك شعرت بهواء بارد و ريح عاصفة فاصطدام... تبعه غياب تام عن الوعي.

مضت ساعة قبل أن تسترد وعيها و لمَّا أفاقت لاحظت ثوباً أبيض ووجهاً مبتسماً, يشجعها على فتح عينيها.. قال صاحب الثوب الأبيض برضي ظاهر:

-يا الهي..! لقد عادت إلينا ثانية.

حاولت جهدها التجاوب مع الابتسامة التي تطلقها ذات الرداء الأبيض :

-آنت الآنسة كاريستر, صحيح؟

هزت إيدن رأسها ببطء.. و قالت هامسة:

-إيدن كاريستر.

-اسم ظريف.. و جميل كذلك. ظننت أهل الشرق وحدهم يستخدمون أسماء كهذه.

بذلت إيدن جهدها لتستجيب, لكنها أحست بشيء بارد في معدتها راح يزداد حساسية..

-حسناً.. هل تشعرين أنك أفضل حالاً لنستطيع رؤية ما نقدر على القيام به؟

لم تكد تسمع ما تقول المرأة لأنها كانت تبذل جهداً لتتذكر ما حدث.

-فيرن.. يجب أن أعرف...

-لا تقلقي بشأن أيًّ كان الآن و ركزي اهتمامك على مشاكلك فقط.

-لكنني قلقلة.

حاولت الجلوس, إلا أنها ما أن رفعت رأسها حتى دارت بها الدنيا, و كأنما آلاف المطارق الصغيرة تضربها. فأعادتها المرأة برفق إلى الوسائد:
نورسين همسات روائية


-هوني عليك.. لن تساعدي أحداً إن حاولت الوقوف فوقعت على وجهك.. هل فيرن هو الرجل الذي حملك إلى هنا؟

-فيرن؟

حدقت إلى سائلها لحظة و هي تفكر انه كان عليها أن تركز اهتمامها الأول على غريفت,لكنها حتى الآن لم تسأل عنه, بل كان تفكيرها كله منصباً على فيرن الذي كان قريباً من الهوة حين تخطياه.. أصبح الثقل البارد في معدتها أكثر برودة, و تدفقت الدموع من عينيها دون إرادة منها. فقالت لها ذات الرداء الأبيض:

-هاى.. هوني عليك. إن كنت قلقة جداً عليه, فسأرى ما أستطيع أن أجد.. هل فيرن هو صديقك؟

-أجل.... لا!

رفعت يدها إلى رأسها المتألم فإذا به مضمد:

-ماذا... لماذا.. أنا مضمدة هكذا؟

-لقد صدمت رأسك.. و لكن لا بأس عليك ستكونين بخير قريباً. إنما علينا أولاً تصويرك بالأشعة و هو إجراء روتيني بحت.

-لكن كم شخصاً غيري أدخل إلى المستشفى معي؟

-مصاب آخر إصابته طفيفة.

-كان هناك سيارتان...

-ثلاثة كما عرفنا و لكن من فيها خرج سالماً, و أظنّ هذا يشمل صديقك فيرن. هه؟.. اسمعي, ثمة شاب طويل جميل لا ينفكّ عن السؤال عنك, ما رأيك لو أستدعيه ليمسك يدك.

انه غريفت دون شك بقي فى المستشفى بدافع الضمير, و لم تندهش حينما وجدت نفسها لا ترغب في رؤيته.. لكن الإيماءة اللطيفة من جانب الطبيبة كانت لا تقاوم.. فهمست:

-اجل.. أرجوك.

-حسناً.. استلقى هادئة ريثما أدعوه.

أغمضت عينيها بشكل آلي حين خرجت الطبيبة, لكنها فتحتها مجدداً ما أن سمعت صرير الباب لتحدق إلى رجل وقف داخل الغرفة.

-أُذِنَ لي أن أراك لثوان معدودة.

جعلها صوت فيرن المخملي العميق تبلع ريقها بصعوبة, فيما راحت دموعها تترقرق من جديد.

-فيرن! أوه.. فيرن.. لقد اعتقدت...

و خنقتها العبرة مجدداً فلا خدش ظاهر و هي قد تصورته مرتمياً محطماً مثخناً بالجراح في قعر ذلك الوادي الفظيع.

أمسك يدها بأصابعه القوية, سعياً إلى مواساتها. كانت تبكى إنما بفرح, و لم يكن يعرف هذا...

-هس.. هذا يكفى.. لم يتأذَّ أحد سواك. أيتها الطفلة المسكينة.. لقد كانت إصابتك أسوأ إصابة, لكنك أفضل مما تصورت فلا تنتحبي رجاء. أنت بخير.. أعدك.. أرجوك إيدن.. لا تبكى!

كان لأصابعه الدافئة المهدئة تأثير منوم بطئ جعلها تتوق إلى ذراعيه. إنها بحاجة إلى التعلق به و ضمُّه, و لأنها محرومة من هذه الراحة, أدارت وجهها إلى الوسادة و بكت ببؤس.

-أرجوك لا تبكى.. و إلا ازداد ألم رأسك المسكين. هس.. حبيبتي.. هس!

-ظننتك وقعت من فوق المنحدر.. ظننتك أصبت بأذى أو...

حشرجة صوتها الدموع فتقطعت كلماتها. و جدت راحتها باللجوء إلى ذراعيه. وضعت يدها على صدره, و لمَّا شعرت بضربات قلبه الثابتة القوية, أغمضت عينيها.. أبعدها ببطء عنه, و لأول مرة لاحظت النظرة السوداء العميقة في عينيه على الرغم من ابتسامته. قال مداعباً:

-آسف لأنني خيبت أملك.. هل أنت منزعجة لأنني لم انتهِ إلى عقر الوادي؟

-آووه فيرن!

-آووه.. ايدن!

ظهر الضحك في عينيه.. لكن عينيها و بختاه.. و تمنت لو تعرف لماذا أجهشت بشلال البكاء ما إن دخل إلى الغرفة. مرّر يده على وجهها المتضرّر مبتسماً:

-كنت أمازحك.. حان الوقت لتستريحي حبيبتي.. سأنصرف قبل أن تأمرني الطبيبة بالخروج.... هه؟

فضلت لو بقيت حيث هي, تعانقه. و لكنه بدأ يتصرف بحرية في مداعبتها, و هذا حق غريفت وحده. أنزلها فيرن بحذر إلى السرير, فرفعت نظرها إليه تسأله:

-كان يجب أن أسألك.. كيف.. كيف حال غريفت؟

سرعان ما انعقد حاجباه, و اشتدَّ ضغط فمه:

-لقد خرج من الحادثة بأفضل حال. كان يجب أن يكسر عنقه اللعين أثناء قيامه بتلك الحماقة!

-أوه.. لا يا فيرن!

نظر إليها و عيناه تومضان:

-ترينني أعامله بقسوة؟
- لم اقل هذا ...!

-حسناً.. انه يقضى أوقات صعبة حالياً في قسم الشرطة.

-الشرطة؟ اعتقلته الشرطة؟

-انه موقوف, فحادثة كهذه لا يُتغاضى عنها, و لم أستطع حتى أنا إنكار مسؤولية من كانت.

-أعتقد أنك لن تستطيع.

و لا هي تستطيع إنكار مسؤولية غريفت. خاصة و هي ما تزال تذكر الرعب الفظيع الذي استولى عليها الاصطدام مباشرة, كما لا تستطيع نسيان صورة رأس فيرن في الظلمة, أو صيحة غريفت المنتصرة و هو يحاول تجاوزه.. و ارتجفت..

-لماذا لم يبطئ حين أشرت له؟ حاولت أن أقول له أن هناك سيارة قادمة هي بعيدة عن ناظريه, لكنه كان مصمماً على تسجيل انتصار علىّ فلم يفكر بطريقة سوية. لا أدرى كيف نجونا جميعاً! كادت الحادثة تؤدى إلى مجزرة.

-و هل أنا الوحيدة المصابة؟

-أصيب غريفت ببضع كدمات و بجرح طفيف فوق عينيه.. أما أنت فكان لك النصيب الأوفر.. لكن يعتقد أن لا خطورة عليك.ستبقين هنا ليلة واحدة تخرجين بعدها.

-فيرن.. لا أريد البقاء. إن أثبتت صورة الأشعة أنني على ما يرام أرفض البقاء هنا.

لاحظ موجة ذعر تجتاح كلامها, فضغط على يديها مطمئناً:

-هاى.. مهلك لحظة! إنها ليلة واحدة فقط.. فكوني عاقلة و افعلي ما يقوله الطبيب..؟

كان قلبها يخفق بقوة و سرعة. ثم لاحظت الدموع مجدداً في عينيها.

-و أنت ستكون إلى جانب الأطباء.

ابتسم:

-طبعاً.. عديني أن تبقى حتى يتأكدوا من أنك بخير.!

رأت أن لا خيار آخر أمامها, فهزت رأسها موافقة:

-فتاة طيبة!

لم تكن واثقة أن معاملتها بهذه الطريقة الطفولية يروق لها.. لكن, لم يكن هناك شيء طفولى عندما لثم فيرن جبهتها أو عندما ضمّها.. حين ابتعد, و نظرت إليه مجدداً, شاهدت نظرة الرغبة المقلقة التي تبعت القلق إليها, و ربما هذا ما دفعها إلى القول:

-فيرن.. أنا آسفة لأنني صفعتك.

كان صوتها أجشّ, فنظر إليها فيرن بثبات و قال بهدوء:

-و أنا آسف لأنني دفعتك إليه.

انحنى ثانية يعانقها ثم همس:

-تصبحين على خير حبيبتي!

و أغمضت عينيها مرة أخرى.

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 09-06-20, 11:22 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 60 - العريس لا أحد مكتوبة

 

الفصل السادس

مشاعر مجنونة



قال غريفت :
- لا اصدق إنني نجوت.
ردت إيدن ويدها على رأسها المتألم:
- وأنا لا افهم كيف نجوت او كيف نجونا جميعا بمن فينا سائق السيارة الاخرى.
- هل أعطاك فيرن التفاصيل كاملة ليلة امس؟
- قال لي إن ما من احد أصيب إصابة خطرة.. وقد حمدت الله ..لأنك وفيرن بخير.
- فيرن ؟ ولماذا لا يكون بخير؟ لم يصطدم بنا.
- ولا يعود الفضل اليك , كدت تقتلنا جميعنا , وها أنا عالقة هنا في المستشفى دون ان اخرج اليوم , كما كنت آمل, فقد قالت
الطبيبة ان عليّ البقاء بضعة ايام .
- حسنا.. قولي ما تريدين مع إنني اعرف ما ستقولين.
مدت يدها بنعومة اليه :
- أنا آسفة .. لا استطيع أن أقول إنك غير نخطئ, وما كنت لأتذمر في وجهك لولا ألمي الذي لا ينفك يضايقني رغم المسكنات , لماذا
لا
تخبرني بما حدث بالضبط أمس وأثناء حديثك احاول ان أغفو؟
أدرك فورا انه كسب عطفها , فنظر اليها مبتسماً.
- هل أخبرك فيرن عن السيارة التي كانت قادمة من جهة المنحنى؟ يقول إنه لهذا السبب أشار إلي ان أبطئ, إنما كيف كان لي ان اعرف؟.
- إنه سوء حظ...
- لست آسفاً إلا لأنك هنا , اشعر باللقلق إيدن , عرض عليّ فيرن ان يضربني على رأسي لأعرف ما هو شعورك.
- أهذا ما قاله لك؟.
شعرت بالرضى لأن فيرن متضايق من اجلها .
- لأبأس عليك غريفت, لا اظنه يصل إلى هذه الدرجة.. مهما قال.
- أنت لا تعرفينه, إن له طبعاً وحشياً حين يغضب , أتعلمين انه لم يأذن لي بقيادة سيارته , فقد رفض أن يعيرني سيارته, فاضطررت
إلى استئجار تاكسي.
- مسكين غريفت, لقد افسدت على نفسك دون شك..
أدار لها يدها ووضع خده المصاب على راحتها.
- أنا لا استحق عطفك لأنني كنت متهورا غير انني اشكر لك عطفك.
- كان كلانا متهوراً.
هز رأسه بعد هذا التعاطف منها" ليتني كنت المصاب"
- وما ينفع هذا؟
- لو كنت المصاب لرضي فيرن , إنه يعاملني الآن وكأنني مجنون خطر يجب وضعه في حجر , وهذا رأي الجميع على ما يبدو,
حتى الطبيبة منعتني من عيادتك , لأنها اعتبرتني خطراً.
- آوه .. ما هذا الهراء!.
- كيف أذن له بالدخول وحرمت أنا؟ أنا خطيبك وهو من يزورك!.
- كان يطلب رؤيتي باستمرار.
- أو لم أفعل؟.
هزت رأسها , مفضلة عدم التقاء عينيه لأنها لا تعلم كم تستطيع التظاهر بأنها لا تنظر الى فيرن اكثر من كونه شقيقاً لغريفت.
- آسفة غريفت .. لكنني صدقاً لم أتوقع ان يكون هو زائري.
- لكنك لم تبعديه!
وكيف تبعده وهي كانت اكثر من مستريحة لرؤيته سالماً:
- سرني أن أرى وجهاً أعرفه.
- اوه .. اللعنة.. لماذا لا يتهور هو فتصاب فتاته في رأسها!
لكنه سرعان ما ضحك بعدما شاهد تعابير وجهها الساخطة.
امضت إيدن أربع ليالي و أربعة أيام في المستشفى, وكانت تتوق إلى المغادرة قبل ان يقرر احدهم أن تمكث وقتاً اطول.
ما ان أذن لها بالمغادرة حتى اجرت اتصالاً هاتفياً سريعاً بمنزل آل هوفمان , فوعدتها السيدة بأن يأتي أحدهم ليقلها.
ساعدتها الممرضة التي ادخلت لها الحقيبة , على ارتداء الفستان الذي ارسلته هوفمان .. قالت الممرضة وهي تحدثها بحبور:
- هاي عزيزتي, عندك شيء مميز, فجميع الشبان يتحلقون حولك .. أشعرك الأصهب وعيناك الخضراوان السبب؟
نظرت إليها إيدن باستغراب.. فالممرضة تعرف غريفت , لأنه كان يغازلها بطريقة فاضحة كلما جاء للزيارة.
- بكل تأكيد السيد غريفت هوفمان هو من جاء يقلني .. أليس كذلك؟
- أهو من كان يأتي سابقاً ؟ إذن ليس هو حبيبتي .. فهذا الرجل اكبر سناً , لكنه رائع مثل الآخر.
فجأة , أحست إيدن بالتوتر, فقد علمت أن فيرن هو من ينتظرها.. فمسدت فستانها , ووضعت يدها على اللصوقات التي تزين جهتها
الآن عوضاً عن الضمادات , ما اغباها لأنها تشعر بهذه الطريقة, ولكن من السهل عليها تذكر دفء ذراعي فيرن عندما ضمتاها
وهي مستلقية على السرير , أو تذكر تلك اللمسة المفعمة بالرقة.
سألتها الممرضة :
- هل أنت على ما يرام ؟
هزت إيدن رأسها.. ثم أرشدتها المرأة الى حيث ينتظر فيرن وهناك غمزتها قائلة:
- أرأيت ما أعني ؟ وداعاً حلوتي ..
عينا فيرن الرماديتان امعنتا النظر فيها عن كثب تراقبان بين أشياء أخرى, اللون المشرق على خديها .
- هل لنا أن نذهب؟ سألها.
وضع يده تحت ذراعها فرحبت بحركته مسرورة.
كانت المرة الاولى التي تراه فيها منذ ليلة الاصطدام, وهذا ما أعطاها شعوراً غريباً منيراً, لم يكن الآن قد سألها عن حالها او شعورها , ولعله
ينتظر أن يغادر المستشفى, وهذا ما تأكدت منه بعد لحظات من خروجهما.
- هل أنت على ما يرام ؟
ابتسمت :
- اشعر بعدما غادرت المستشفى أنني بخير , قدماي غير ثابتتين بعد رقدة السرير الطويلة, غير أنني لفرط سعادتي بالخروج اشعر برغبة في
الرقص !
ابتسم ساخراً بحماسها:
- هل أحسنوا معاملتك؟
- نعم أحسنوها لكنني لا احب المستشفيات , وكنت اخشى ان يأتي احدهم فيقول إن عليّ المكوث مدة أطول.
- اعتقد انك لا تعرفين ما هو خير لك.. مازلت تشعر يين بالصدمة لذا عليك طلب الراحة والهدوء.
- اجل .. اعرف .. لكنني اخاف مثل هذه الأماكن ولا ادري السبب.
ابتسم :
- أنت مخلوقة صغيرة وعجيبة .
في طريقة كلامه ما أوحى انه يعاملها كطفلة.
- لم أكن انتقدك.. أنت فتاة جميلة, رغم..
حذرته بسرعة:
- إن قلت العينين السوداوين أصرخ!.
فضحك:
- كنت سأقول رغم اللصوق على جبهتك .. لكن , يبدو انه كان حول عينيك اسوداد , هل أساء هذا الكبرياء المرأة عندك؟.
ردت بثابت:
- لم يكن هناك عينان سوداوان.. إنما غريفت كان يمازحني! كان على وجنتي بضع كدمات وقد شاهدتها أنت!.
- صحيح !.. حسنا لم تعد هناك كدمات الآن , بل انت الآن , وردية اللون وجميلة كما كنت دائما..هه؟
انحنى امامها ليفتح لها باب السيارة , لكن ضغط فمه الخفيف المفاجئ غير المتوقع على خدها حبس لها انفاسها , لم يقل شيئا اثناء دخوله
الى السيارة , ولكن كان على وجهه ابتسامة غامضة جعلتها متوترة.
- فلنذهب الآن.
لو تستطيع فقط القيام بشيء حيال ردة فعلها نحوه لهانت عليها الامور .
- لم أتوقع قدومك.
- توقعت قدوم غريفت.
- اجل.
- اعتقد انه كان يريد المجيء.. ولكن ليس لديه سيارته, ولا أخالك ترغبين العودة في سيارة اجرة؟
كان يتكلم وكأنه يتحدث عن أمر واقع ..
- لا ادري ربما معك حق, لكنني اعتقدته آتياً رغم كل شيء .
وجه اهتمامه الى قيادة السيارة في زحام الشارع, ثم أدار رأسه نحوها:
- آسف لخيبة أملك.
أثناء انطلاقهما مابين حقول الأناناس المترامية الأطراف , أدار لها فجأة مرة اخرى .
- هل أخبرك غريفت ان من المحتمل ان تلومه الشرطة على قيادته المتهورة ؟
هزت رأسها بأسى :
- مسكين غريفت.
أدار رأسه ثانية وبحدة وهو يقطب :
- مسكين غريفت؟ كيف تشفقين عليه وهو يكاد يقتل أربعة أشخاص بتهوره تلك الليلة, بما فيهم نفسه. لا تأسفي عليه إيدن .. إنه يستحق
ما سيحصل له , ولعل هذه التجربة تعلمه التصرف كرجل.
نظرت اليه مؤنبة وقالت بلؤم متعمد:
- اعرف..اعرف إنما لا تقس عليه فقد يحدث ما حدث مع أي كان حتى انت.
انفجاره بالضحك اجفلها :
- حسنا.. التصقي به.. لكنك تخطئين إن فكرت أنني ارتكب غلطة كهذه, فأنا لا اخاطر ابداً مثله بحياتي , فما بالك بحياة الفتاة التي
أدعي حبها.
وردت بسرعة:
- سترتاح الآنسة كورد مانيارد لسماع هذا.
- لولا؟ وما دخلها فيما نتحدث عنه؟
- تعرف ما أعني ..أنت .. وغريفت يقول..
- آه .. اجل .. لكننا تحدثنا سابقاً عن هذا الموضوع , غريفت يعتمد أن قدري ان اكون زوج لولا الثاني , أتظنين أننا سنكون زوجين مناسبين إيدن؟
لم يكن تحدياً غير متوقع فحسب, بل مستحيل الرد عليه . فهزت رأسها , الذي بدأ يؤلمها , وقالت هامسة:
- كيف .. كيف لي أن اعرف؟
- كيف لك حقاً ؟ أنت لا تحبينها ..أليس كذلك؟
لم تزعج نفسها بالإنكار :
- وليس غريبا ذلك بعدما فعلته بي!
رنا اليها بطرف عينيه , ثم أدار السيارة عن الطريق الرئيسية باتجاه المزرعة .. في هذه اللحظة شعرت انه قرأ اكثر بكثير مما كانت تعني من
ردها, ما إن ولجا الى طريق اصغر حتى توقف جانباً ليسألها:
- أتتكلمين عن ذلك اليوم حين ..ذهبت للسباحة؟ اعرف أن مافعلته لا يغتفر, لقد كان عملاً إجرامياً, لكنها امرأة متهورة تتصرف عن غير تفكير.
مد يده تحت ذقنها و أدار وجهها اليه , ثم اكمل:
- لكن هناك ما يتعدى هذا, أليس كذلك إيدن؟ هل هناك حوداث أخرى؟
ردت على مضض:
- مرة واحدة حيثما كنا في حفلة آل كيمورازس...
تمتم شاتماً بصوت خفيض ثم رأت عينيه تشتعلان غضباً.
- وقعت في البركة .. ولكنك لم تقعي؟
هزت رأسها :
- فضلت هذا الادعاء.
- لماذا بحق الله..؟
كانت أصابعه رقيقة على خدها, وبقيت عيناه ثابتتين على وجهها المضرج, كرر بإصرار:
- لماذا؟ كان الأفضل لو أبلغت الجميع بما فعلت بك, ولتتحمل النتائج .. لماذا لم تقولي ؟

لم يكن هذا رد الفعل الذي توقعته منه.. صمتت هنيهة ثم رطبت شفتيها لتقول:
- اعتقد .. انني شعرت بأن .. لها عذراً ما..
- وما هو العذر الذي يدفعها إلى تصرف كهذا ؟
- ظننت في البداية انها تعرف .. كنت قد تركتك لتوي..
- اذكر هذا .. ظننت انها عرفت بأننا كنا معاً وبأنني عانقتك .
هزت رأسها وقالت:
- لا أظنها كانت تعرف شيئاً ولكن حقدت عليّ منذ ان رأتك. ترمقني بنظراتك وأنا في البركة الصخرية, كانت واثقة أنني او تظن أنني تعمدت ذلك, وأنني كنت اعرف انك هنا .. وهذا غير صحيح فأنا لا أتصرف ...
أسكتها بلمسة خفيفة من يده, ثم لم يلبث ان امسك وجهها بين يديه الكبيرتين ينظر إلى عينيها المطأطأتين , وإلى احمرار وجنتيها الخفيف ثم قال بنعومة:
- اعرف انك لا تتصرفين بتلك الطريقة وأنا آسف لما حصل.. لكنني لم اكن اعرف ان لولا هناك.
- وما الفرق ؟ أوه.. إنها غلطتي غير أنني لم أفكر في ان هناك من سيراني.
- ما كان ليراك احد ولولا قلقي عليك لما لحقت بك.
في صوته ما أرسل القشعريرة إليها, وفيه ما جعلها تجرؤ على النظر اليه , لكنها اضطرت الى رفع بصرها حين امسك وجهها مرة اخرى بيديه:
- لكنني لن أقول إنني آسف للحاقي بك إيدن..
احست بأنفاسه فارتجفت :
- فيرن .. ارجوك .. لا تفعل..
تنهد وكأنه لا يرى ما يدعو وجنتيها إلى الاحمرار او لارتباك العينين اللتين رفضتا النظر اليه .. وقالت له :
- ليتك تنسى ما حدث .
- لا أعدك بذلك إيدن , حينما رأيتك تحت الشلال بدوت لي حورية من الخيال والأحلام.
هزت رأسها تريد التحدث لكنها ندمت لأنها هزته , فقد ومض ألم كاد يفجر رأسها..
- رأسي يؤلمني قليلاً.. أنسى دائما عدم تحريكه.
- يا للمسكينة!
حين لامس خدها مرجعاً خصيلة من شعرها إلى الوراء حبست أنفاسها بسبب خفقان قلبها الواجف, أما هو فاستقرت يده على عنقها بسبب
خفقان قلبها الواجف . اما هو فاستقرت يده على عنقها قبل ان يرفع ذقنها اليها فكان لابد ان تنظر اليه بولَه.
- لدي غريفت ما يجيب عنه , كاد يقتلك .
- ويقتل نفسه .. تهور حينما قاد بتلك الطريقة, لكنه اعترف بغلطته وأسف عليها وأنا صدقته.
- تسامحين ثم تنسين ..هه؟ أوه إيدن.. ليتك تتركينه قبل ان يؤذيك فعلاً.
جاءت مرة اخرى النصيحة مفاجئة من جراء تصرفها المتهور , وعلى الرغم من ألمها انتزعت وجهها من بين يديه وارتدت الى الوراء قائلة:
- اما زلت مصمماً على هذه الفكرة.. ألا تستسلم ابداً فيرن؟ انت تريده في شركتك اللعينة, وتظن بأن دفعي الى تركه يسهل عليك
الأمور.. لماذا تزعج نفسك بالتظاهر بالقلق عليّ؟ ولماذا تهتم لو تأذيت؟
- طبعاً أهتم.. ايتها الحمقاء الصغيرة!
امسك ذراعها بين من جديد وأدارها لتواجهه.
- أتظنين أنني أحاول إبعادك عن غريفت بسبب الشركة فقط؟ اتعلمين انني لا استطيع ان اقف متفرجاً على شخص يستغله احدهم كما يستغلك غريفت . لماذا تصرين على إغماض عينيك عن الحقيقة ؟
- هذا غير صحيح!.
قربها فيرن منه بقوة ذراعيه , ثم ضغطها على ظهر المقعد الجلدي الطري بثقل جسده, واقترب وجهه من وجهها, تمتمت باحتجاج
غير مفهوم سرعان ما اختفى عندما ضمها اليه بقوة , والذي حدث أنها تعلقت به كما فعلت من قبل خاصة وانه التصرف الوحيد القادرة عليه.
كان فمه مدفوناً في عنقها الناعم , على النبض الخافق مابين العنق والكتف, أدارت وجهها فلامست شفتيها الدافئتين عنقه الأسمر حيث شعرت بنبضه يتسارع في أسفله, مرت دقائق قبل ان يرفع رأسه وينظر اليها بعينين تشتعلان شوقاً:
- اتركيه! بحق الله اتركيه! انت لا تحبينه , اتركيه قبل ان يفوت الأوان!
أحست بلطمة قاسية تلطم قلبها , فقد اعتقدت أن عناقه ما هو إلا وسيلة إقناع .. وضعت يديها على صدره تدفعه وفي عينيها غضب..
- انا .. لا اأتعلم .. أليس كذلك؟ انت تبذل جهدك لأتركه, وأنا لا أفهم هذا ابداً إلا متأخرة , لماذا تخدعني؟
- إيدن.. بحق الله...
- وبحق آل هوفمان بكل تأكيد.. فهذا اكثر مايهمك؟ غريفت هو من آل هوفمان .. ويجب ان يذعن , بغض النظر عن رغبته او عدمها , وتظن السبيل الوحيد إلى انضمامه الى صفك هو التخلص مني! لكنك مخطئ .. انت مستعد للقيام بأي شيء , حتى تنقذ مأربك, كيف تتجرأ ان تقول إن غريفت يستغلني ..!
كان صمته اشد شراً من انفجار غضبه , لذا عندما استدار ليدير المحرك بسرعة كادت ترتمي في مقعدها.. اثناء اقترابهما من المنزل التفت
إليها, ثم غير رأيه , فلم تتمالك من النظر جانبياً اليه.
قال لها غريفت بعد العشاء تلك الليلة:
- كنت أرغب ان أقلك بنفسي, لكن جدتي ارتأت ان يذهب فيرن .. وتعرفين ما هي عليه!
- افهم , لكن ليتك ذهبت انت.
- وهل كان الأمر سيئاً الى هذا الحد؟ كان متجهماً حين انطلق, لكننا قلقين عليك.. اما زلت متوترة منه..؟
- اعتقد هذا خاصة وأنني لا اعرف أين يصنفني, هل أنا برأيه خطيبة اخيه ام مجرد فتاة تسعى وراء المال , مال هوفمان ؟
لم يحمل كلامها كالعادة على محمل الجد.
- لو عرف ما تكبدت من مشقات لأقنعك بالمجيء لما قال ذلك.
- لكنه يراني مخادعة, هل واظبت على تمارين العزف اثناء غيابي؟
- في الواقع لم أتمرن لحظة.
- وهل فقدت الحماسة والإلهام؟
- يمكنك قول ذلك, اجدني كما قال فيرن , رأيت ضوء الواقع .
- رأيت الضوء؟
- لقد التقيته في منتصف الطريق.. رافقته الى المكتب بضع مرات في الأسبوع المنصرم لأرى كيف تجري الأمور بنفسي.
- فهمت.
أحست بالبرد فجأة, فقد أكد لها ما اتهمت فيرن به, لم تغب إلا أربعة أيام, وهاهو قد أقنع غريفت بفعل ما يريده منه...
قال لها محاولاً شرح وجهة نظر فيرن, بعد إذعانه له:
- لم يعد الأمر مهماً ..حقاً , اعلم انك تفضلين صديقاً موسيقياً , لكن .. حسناً .. أنا آسف .
انفجر نفاذ صبرها فصاحت به:
- أووه.. بالله عليك غريفت ! لا يهمني أبدا ما تفعل , ولكن كيف تذعن بهذه السهولة ؟
رد بقلق:
- لكنه لم يلو ذراعي , هذه هي الحقيقة حبيبتي ! لقد اتخذت قراري بنفسي , وسأهتم بالعمل حتى ارى كيف أتعاطف معه.
رفضت التصديق انه غير رأيه بإرادته .
- حسناً, بما انك اتخذت قرارك, وماعدت تحتاجني فسأرحل, وهذا ما سيسعد فيرن.
- حبيبتي ..! ماذا تقولين؟.
امسك كلتا يديها بإرتباك, بحثاً عما يدل انها تمزح, لكنها كانت تحس بالضياع.
- لا يمكنك الذهاب .. حبيبتي.. مكانك هنا.. معي.
- إلى متى ؟ وهل أبقى هنا حتى بعد زواجنا ؟
صمت طويلاً , فشدت على قبضتيها لأنها باتت تعرف جيداً شأن زواجهما , وقال اخيراً:
- طبعاً حتى بعد زواجنا . . ولم لا ؟
لم لا فعلاً؟ ولكن كيف لها المكوث تحت سقف واحد مع فيرن القادر على إقلاقها وعلى ادخلها في حال تنسى فيه وجود غريفت بسهولة ,
كيف لها قضاء ما تبقى من عمرها مع إغوائه الدائم , لا الفكرة لا تطاق , رفعت رأسها وقالت له بهدوء:
- لن استطيع ذلك غريفت.
عبس بسرعة:
- لماذا ؟ ألا يعجبك المكان؟
- بلى .. بلى.. يعجبني , ولكننا لن نستطيع العيش جميعنا في بيت واحد .. وأظن فيرن يوافقني الرأي.
- لكنه يريدني هنا, وإن بقيت أنا .. تبقين معي, أوه .. كلامك جنون حبيبتي .. أتظنين انه لا يريدك هنا؟ بالطبع يريدك.
- غريفت ...
قبلها بشدة ليمنع اي جدال آخر وقال:
" لا هراء بعد الآن, أنت تظلمين فيرن العجوز إن اعتقدت انه يريد منا ان نخرج من هذا المنزل.. اظن انه حان وقت توطيد تعارفكما , وربما بعد هذا التعارف الوطيد قد يعجب كل منكما بالآخر.
ضحك .. وكأن الفكرة مزحة .. لكنها ردت:
- قد يحدث هذا ..
وليته لا ينتبه للمرارة في صوتها.

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 09-06-20, 11:23 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 60 - العريس لا أحد مكتوبة

 

الفصل السابع

هاربة من قلبها



مضى أكثر من أسبوع على مغادرة إيدن المستشفى , خلاله تغير نمط حياتها كله . لم تكن ترى فيرن أكثر أو أقل مما كانت , لكنه كان يعاملها بطريقة رسمية زائدة , وهذا ما كانت تأسف له أكثر مما تعترف وكانت من ناحية أخرى , ترى غريفت أقل بكثير لانشغاله في الشركة , وكان عليها أن تُدخل في حسابها أمر غيابه كل يوم حتى وقت الغداء . وبسبب هذا أمضت معظم الوقت مع السيدة هوفمان .
في غضون هذا الأسبوع فكرت مراراً أن تقترح على غريفت , أن تعود إلى بلادها , لكن لسبب ما أبقت الأمر سراً . ولعل هذا السبب يعود إلى خشيتها من ألا يكون معارضاً لسفرها كما كان مصمماً من قبل , وفى قرارة نفسها وعلى الرغم من كل شىء لم تشأ السفر .
مع أن الجدة لم تكن صورة تقليدية للجدة العطوف , إلا أنها كانت ذكية , يقظتها تتحدى السنين , ولكن إيدن شعرت بأنها تولع بها . كانت تحس العينين الهرمتين الحادتين تراقبانها .
- ما رأيك ؟
سألتها إيدن هذا السؤال عندما انتهت من ترتيب الزهور .
- لا بأس به أبداً . . . أنت تليقين بهذا المنزل .
- صحيح ؟
تعاطفت إيدن مع الرأي بخفة , لكن العجوز لم تكن تمزح :
- كنت مفاجأة سارة لي يا فتاة !
- رائع . . وأنا سعيدة جداً مدام .
- أنت شابة كاملة , كما أنك إمرأة لائقة . لا أنكر أن مثيلاتك قليلات على وجه الأرض , لكن الرجال يفضلنهن .
- لا أدرى , لم أفكر في هذا من قبل . لا أعرف إلا أننى كسائر نساء عصري . . أليست كل إمرأة لائقة ؟
- تعرفين ما أعنى يا فتاة . . كم عمرك ؟ إثنان وعشرون أم ثلاثة وعشرون ؟
- ثلاثة وعشرون .
هزت العجوز رأسها :
- انت صغيرة قليلاً ربما لكنك رائعة , فلك طريقة مع الرجال لا تدل على أنك تريدين إستغلالهم . كل ما فيك يدل على أنوثتك , وليس عندك نزعة ذكورية كاذبة , تتظاهر بها بنات عصرك .
رفعت إيدن رأسها مبتسمة :
- لا أعرف ما إذا كان أهلي يوافقونك هذا الرأي . . سيدة هوفمان . . . كانوا فى موطنى , يعتبروننى شبيهة بالصبيان . . وهذا أمر حتمى نظراً لنشأتى بين ثلاثة أشقاء .
- وهذا يعنى أيضاً أنك كنت المدللة , وهذا أمر جيد لأنوثة إمرأة .
أمسكت إيدن بوردة تشذب ساقها , ثم رفعتها إلى أنفها وكادت تقع من يدها هولاً حين أكملت العجوز :
- ما أشد سرورى بفيرن !
حدقت إيدن إلى السيدة لحظة وقلبها يخفق بجنون :
- فيرن ؟
ابتسمت المرأة , إنما كان في عينيها بريق مكر :
- أعنى. .غريفت بالطبع .
أوضحت نبرتها أن الغلطة ليست زلقة لسان . فعادت إيدن إلى عملها , مفترضة أن من الممكن أن تشك العجوز بالرسميات الحالية بينها وبين فيرن , لكنها لن تعرف شيئاً . . وسألت العجوز فجأة :
- متى سيكون الزفاف ؟
اشتدت قبضتها على ساق الزهرة :
- لم نحدد موعداً نهائياً . . سيدتى .
شخرت العجوز بسخط , وقالت بحدة :
- هذا ما تقولانه دائماً . . ؟ لقد حان الوقت لتحديد اليوم لنعرف ماذا نفعل . . هل دعوت أهلك ؟
- ذكرت لهم أن الزفاف سيكون هنا لا فى بلدى .
- إنهم دون شك يسيئون الظن . ألا تتكلمين أنت وغريفت عن الموضوع ؟
لفظت أول ما خطر على بالها بيأس :
- فكرنا فى الخريف القادم .
ماذا سيقول غريفت حين يسمع هذا ؟
ارتفع حاجبا السيدة علامة عدم الرضي :
- ليس حتى الخريف ؟ لم يبدأ الصيف حتى . . حفيدى هذا , لا يبدو عاشقاً ولهان ؟
- لا أظنه متشوقاً ليصبح زوجاً . . لكن لديه عمل كثير فى الوقت الحالي , لهذا لا حاجة بنا إلى العجلة .
ردت الجدة بحدة :
- إنه أحمق صغير ! وإن لم يتحرك سريعاً يخسر .
- ليس غريفت بالأحمق سيدتي . قد لا يتفق مع فيرن فى أشياء كثيرة , لكنه ليس أحمق .
- بل أحمق لأنه يترك فتاة مثلك معلقة لفترة طويلة . أعتقد أنه تخلى نهائياً عن الموسيقى . . أهذا صحيح ؟
هزت إيدن رأسها :
- هذا ما يبدو , على الأقل في الحاضر .
- ليس لديه القدرة على الاحتمال . . !
التفتت إيدن بحدة إليها :
- أوه . . هذا حكم جائر . ألم تريدى منه أن ينضم إلى الشركة ؟
- لكننى كنت سأزداد إحتراماً له أكثر لو تمسك بالموسيقى , وقال لنا أن نذهب إلى . . . فيرن كان سيفعل هذا لو كان مكانه .
- مسكين غريفت . . إنه غير قادر على مرضاتك بأي طريقة كانت . لو أراد أن ينفذ ما يريد . . فهو أحمق . . وإن فعل ما تريدونه منه بقى أحمق .
ردت المدام بإصرار :
- إنه أحمق إن لم يعرف ما هو موقعه بالنسبة لك .
قطبت إيدن بحيرة :
- كيف ؟
راقبتها العينان الماكرتان لحظات , ثم هزت العجوز رأسها , وكأنها إقتنعت بأنها محقة بأمر ما :
- تجدين فيرن جذاباً . . أليس كذلك ؟
أجفلت , وأحست بتورد وجنتيها .
- فيرن . . . رجل جذاب وأتصور أن معظم النساء يجدنه كذلك .
- وهل عانقك ؟
حدقت إيدن مرة أخرى إلى العجوز . . . فقد كان السؤال مجرد تصريح بأمر واقع . ردت بحذر :
- لا أحسبه ممن يجد صعوبة فى معانقة نساء يرغبن فيه .
شخرت العجوز بنفاذ صبر :
- أوه . . هيا الآن يا فتاة . . أتظنين أنني لا أعرف الدلائل . . ؟
خاصة طريقة نظره إليك , إلى ثغرك وهو أكبر دليل . ليست نظرته إليك نظرة أخوية , فأنا أعرفه !
أحست إيدن بتشابك أعصاب معدتها , وكانت مستعدة للتخلى عن أى شىء , لتستطيع مغادرة الغرفة . .
- تأخذين أموراً كثيرة على محمل المسلمات سيدة هوفمان . . وليس لك الحق .
- هراء لم الخجل من الاعتراف ؟ لقد قلت إنك تجدينه جذاباً . . كما إنه لا يجد صعوبة فى معانقة نساء مستعدات لعناقه ؟ لماذا أنت مختلفة ؟
- لأنني خطيبة أخيه سيدتي ؟
- لكنه على غير عجلة للزواج بك . . ولا أظنك مخلوقة باردة الدم .
- وأنا لست على عجلة أيضاً . وليس لهذا علاقة بفيرن ! إن أراد الزواج , فليتزوج السيدة كورد-مانيارد !
التوى فم العجوز كراهية :
- تلك المرأة ؟ لفيرن كرامة لا تسمح له بالزواج بإمرأة تطارده بتلك الطريقة . إنه هوفمان !
- وكذلك كان والده !
ضاقت عينا العجوز :
- آه . . أخبرك غريفت بهذا ؟
- كانت والدته فتاة عاملة عادية مثلى . . وبما أن إبنك تزوج فهذا يعنى أن رجال عائلة هوفمان سريعي التأثر كسائر الرجال العاديين . . .
- أنت أذكى بكثير مما تبدين يا فتاة . . إنه شعرك الأحمر . . لقد حذرت فيرن .
- فيرن ؟
رمت إيدن الكلمة بحدة جعلت العجوز تحدق إليها ملياً :
- أعتقد أن ما بينكما أكثر بقليل من مجرد عناق . . وأعتقد أن على غريفت التحرك سريعاً إن أراد أن يؤسس لنفسه عائلة !
جعلتها ضحكتها الماكرة تنتفض مجدداً :
- يجب ألا تتحدثي عن عائلتك بهذه الطريقة أمام غريبة .
- ما دمت ستصبحين منا فهذا يعنى أنك لست غريبة . . أنا معجبة بك إيدن كاريستر , وإن كنت غير إنكليزية .
كان الاعتراف بطريقة ما مؤثراً . . وقدرت لها ما تكبدت لتعترف . . وقالت :
- لا أدرى لماذا يجدك غريفت مخيفة . . أعتقد أن الأمر مختلف مع فيرن . .
مدت العجوز لها يدها , تستدعيها إليها , لكن إيدن أحست بالقلق يعاودها . قالت العجوز :
- أنت تدافعين عنه دائماً .
- ألا تتوقعين هذا منى ؟
- أتحبينه ؟
ترددت قليلاً قبل أن تجيب :
- أجل . . بالطبع .
- ساورنى شعوراً مؤخراً أنك ترغبين فى الانسحاب مما يسمى الخطوبة . . هل أنا محقة ؟
تساءلت إيدن عما إذا كانت العجوز هي الوحيدة التي لاحظت ذلك , فعضت على شفتيها لحظات , ثم قالت بحذر :
- فكرت . . أن أعود إلى بلادي . سأبقى على اتصال . . لكن . . لا أدرى . . أشعر أحياناً أن غريفت مشغول جداً فى العمل ولن يمانع لو رحلت .
- أتظنين أن عاطفته تبرد ؟
- لا أدرى . . لا أظن , ليس بالضبط . . لكنني فكرت في العودة بعض الوقت .
- فقط ؟
- لا . . لبا أدرى . لم أصل إلى هذا الحد من التفكير .
- هل لي بخدمة ؟ ( سألت العجوز بخفة)
- طبعاً . إنما إذا استطعت .
- بل تستطيعين إنما السؤال هل يقدر ضميرك الرقيق الحساس على السماح لك برؤية الأمور بصفاء ولو مرة واحدة .
- لا أفهمك .
- هذا ما ظننته . . أحب أن أرى فيرن متزوجاً ومستقراً . لقد خططت له دوماً للزواج بإنكليزية . . كما فعل والده أول مرة لكننى أحببتك يا فتاة . . وأود أن أراه متزوجاً بك .
كانت الصدمة أقوى من أن تفعل سوى التحديق إلى المرأة . أحست إيدن نفسها تهتز كورقة شجرة , وأكثر ما صدمها هو أن تدرك , أن الجانب العاطفي منها كان ينظر إلى الاقتراح بجدية . وكان قلبها يخفق كضرب الطبول . تمتمت :
- أنا . . لا أظنك تعرفين ما تقولين .
- بالطبع أعرف . . لم يمس عقلي شائبة يا فتاة !
- لكنني موشكة على الزواج بغريفت .
- صحيح ؟
تسابقت نبضات قلبها لأنها أدركت أن فيرن يعرف شيئأً عن خطط جدته , فهي لا تعتقد أن العجوز تُقدم على هذا القول لولا موافقة فيرن . عند هذه الفكرة ارتجف جسدها كله , وأكملت العجوز ضاغطة :
- لم يشتر لك غريفت حتى خاتم الخطوبة . . لو كان فيرن مكانه لأشترى لك خاتماً ولما شككت فى ما يشعر به .
لكنها كانت تشك . . فهي لا تعرف أبداً ماذا يعنى فيرن بعناقه لها أو بسعيه الدؤوب لدفعها إلى ترك غريفت . . فصاحت يائسة :
- لن أتزوج فيرن . . ! رجاء لا تضيفي شيئاً سيدة هوفمان !
نظرت عينا العجوز إليها بثبات :
- حسن جداً . . لكنك سخيفة جداً .
- أحاول أن أكون منصفة , صادقة ومتعقلة . . أعتقد أن فيرن قد يصاب بالذعر إن سمع اقتراحك هذا المتعلق بزواجي به
- أشك في هذا كما أشك في أن تقولي له !
- لن أجرؤ !
أحست بالرعدة الباردة من مجرد التفكير في أن يعرف .
سمعت صوت باب سيارة في الخارج فرفعت رأسها . . آملة يكون غريفت . إنها بحاجة إلى عونه . .
دفعت الزهور إلى المزهرية ونظرت إلى السيدة من فوق كتفها قبل أن تغادر الغرفة . . لكن القادم الذى إصطدمت به لم يكن غريفت , بل فيرن , فخفق قلبها بعنف حتى كادت تختنق .
- ما بك ؟ وكأنك هاربة من شىء ؟
- لا . . أنا لست هاربة ؟
خرج ردها سريعاً بصوت مقطوع الأنفاس , فاشتدت قبضته على ذراعها :
- أنت ترتجفين كورقة في مهب الريح ! ما بك ؟
- أنا . . كنت مسرعة فقط . . هذا كل شىء . . ظننت القادم غريفت .
- وهرعت إليه راكضة !
بدت السخرية واضحة في عينيه , فهزت رأسها :
- خرجت لملاقاته . . ألم يعد معك ؟
لم يرد فوراً , بل تابع النظر إليها بثبات , ثم تراجع :
- إنه في طريقه إلى هنا . . عذراً .
انتفضت من برودته المفاجئة ثم أحست بالانزعاج لأنها تشعر بأنها عرضة للأخطار .
بعد ظهر ذلك اليوم , أثناء وجودهما على الشاطئ , سألت إيدن غريفت :
- لجدتك رأى حقير بلولا كورد-مانيارد , أليس كذلك ؟
- ألم أقل لك هذا ؟
هزت رأسها . كانت مستلقية تصغي إلى همس الموج وتتساءل عما دفعها إلى ذكر لولا كورد مانيارد . وكان غريفت يسأل السؤال نفسه :
- ولماذا ذكرت لولا ؟
هزت كنفيها :
- أوه . . لا أدرى . . لكن اسمها ورد في حديث قام بيننا هذا الصباح .
- أكنتما تتكلمان عن فيرن ؟
- كنا نتحدث عن الجميع في الواقع . عنك وعنى وعن فيرن ولولا . إن جدتك ترفضها أشد الرفض .
- لولا امرأة مطلقة . . وجدتي قديمة الطراز تلتزم بالأخلاقيات القديمة .
- أظنني مثلها إلى درجة ما . . إذا أراد الناس الطلاق فهذا شأنهم الخاص . . لكنني شخصياً , لن أرغب فى المضي بزواج وفى نيتي طلب الطلاق متى شئت .
ضحكت عيناه الزرقاوان . ومد يده ليحيط عنقها .
- عرفت أنك متزمتة . . وقد برهنت على هذا !
- أوه . . أعرف لماذا تظنني متزمتة . إنما لن يعجبني أن تفكر في الطلاق .
أشاح بوجهه عنها سريعاً , مما ذكرها بمناسبات أخرى كان فيها يشيح وجهه ما إن يذكر الزواج .
- غريفت ؟
قعد وأحاطها بذراعه يضمها إليه :
- أنا لا أفكر إلا في حبك . . أيتها المتزمتة الصغيرة .
ضحك وشدها بين ذراعيه مجدداً . . فسألته :
- متى نتزوج ؟
- أفكر في الأمر . . .
حاولت التخلص من عناقه .
- غريفت , أحاول أن أكون جادة معك !
حين ابتسم مجدداً لم يكن في بسمته الدفء السابق . وقال متذمراً :
- مزاجك مضحك . ما بك حبيبتي . . هل أزعجتك جدتي ؟
- سألتني عن موعد الزفاف .
- أوه . . يا الله . ليس مرة أخرى ! إنسى الأمر حبيبتى , فجدتى لا تفكر إلا فى إتجاه واحد . . لكنها ستتعب من التكرار يوماً .
- قلت لها إننا سنتزوج فى الخريف .
- ماذا فعلت ؟
في صوته حدة لم تحاول تجاهلها . . فقالت :
- لقد رأيت أن الوقت حان لأغير ردى التقليدي , ولكنني لا أراك مسروراً .
- لا أحب أن يزج أحد أنفه في شؤوني ليس إلا .
- حتى أنا ؟
لم يرد في البداية , بل نظر إليها وعيناه ضيقتان . ثم ضمها إليه , وقال بصوت مخنوق :
- تعلمين كم أحبك . . وسأبرهن لك عن هذا الحب لو سمحت لى بذلك . أرجوك لا تحاولي تقييدي بمواعيد وخطط . . هه ؟
- لم أحاول تقييدك . ظننت فقط . .
- طبعاً . . طبعاً . . أعرف ! إسمعى حبيبتي , لا تفكري في شيء إطلاقاً . دعي كل شيء لي . . هه ؟ حافظي فقط على جمالك حين أحتاج إليك . .
- وهل أنت بحاجة لى ؟
قبلها بسرعة :
- طبعاً حبيبتي . . طبعاً أحتاجك .
- لكن ليس إلى درجة الزواج بى ؟
- أوه إيدن . . حبيبتي . . ! أنت تصعبين الأمور حقاً هكذا !
قبلها مجدداً بقوة محاولاً التأثير فيها .
- أنت لا تفكرين في تركي . . أليس كذلك ؟
- لقد فكرت في العودة إلى بلادي .
- لا بالله عليك لا ترحلي . أريدك هنا !
- لكنك مشغول جداً , وأنت لا . .
- أريدك هنا .
ضمها بشدة . . ثم زفر زفرة أطارت شعرها :
- حسناً . . قومي بالتخطيط للزفاف فى الخريف إذا كان هذا ما تريدينه .
- أحقاً ترغب فى الشروع بذلك غريفت ؟
هز رأسه ضاحكاً :
- إذا كان هذا يسعدك , فهيا . .
في اليوم التالي ذهب غريفت مع فيرن إلى المكتب . . ولأنها لم تشأ البقاء مع السيدة هوفمان خرجت إيدن إلى الحديقة .
كان في الحديقة ممر محدد تفضله على سواه , على جانبيه شجيرات صغيرة تكاد تختفي أمام أشجار الدلفى . كانت في هذه الغابة من الزهور الاستوائية حين وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام فيرن . فانفرجت شفتاها دهشة .
- هل أخفتك ؟
مر صوته العميق على بشرتها وكأنه يداعبها . هنا تحت هذه الأشجار , بدت عيناه أكثر اسودادا وبشرته أشد اسمرارا . كانت نظرته مركزة على ثغرها , كما قالت السيدة هوفمان بالضبط . بدا حتى في مزاجه البارد المهذب هذا خطيراً , حساساً , ومثيراً . . . فشعرت باليأس بسبب استجابتها الحتمية له .
- لم أكن أعرف أنك عدت . . هل غريفت معك ؟
سألها بهدوء :
- أتسألينني هذا السؤال لصرفي عنك مجدداً ؟
- لا أفهمك !
- أوه . . أظنك تفهمينني إيدن . . أما بالنسبة لغريفت فقد وصل , أما أنا فشعرت أن بى حاجة لتنشق بعض الهواء فجئت إلى هنا . لأنني لا أحب ما يشعرني بالاختناق .
- أوه . . أجل . . أفهمك .
جعلها بريق السخرية المعتاد فى عينيه تشيح بصرها عنه فسارع يقول :
- وهذا يعنى أنك غير عابئة بمزاجى , وستهربين بكل وقار ما إن تتاح لك الفرصة . . . مسكينة إيدن . . تجدين نفسك معي في مواقف عديدة . أنت لا تحبينني كثيراً ؟
- هذا غير صحيح !
أنكرت دون تردد . . فارتفع أحد حاجبيه :
- صحيح ؟
هز رأسه , ثم مد يده لها :
- تعالى . . فلنعد إلى المنزل .
لم تتردد في الإمساك باليد الممدودة , لكنها لم تستطع القيام بشيء حيال خفقان قلبها الذي عنف حين أطبقت أصابعه على يدها . سار أمامها عل غير عجلة يدفع الأغصان عن الطريق فتبعته متمتعة بوجوده قربها في مكان كان أقل بقليل من المثالي .
سارا ما يقارب نصف المسافة بصمت , ثم ألتفتت إليها فيرن فجأة :
- سمعت أن الزفاف سيتم فى الخريف .
حين التفتت إليه بحدة , رفع يده بحركة دفاعية :
- لا تغضبي . أخبرتني جدتي .
- كان يجب أن أعرف .
لو لمحت العجوز إلى خطتها البديلة لما عرفت كيف تواجهه .حين توقف فجأة واضعاً يده تحت ذقنها ازداد خفقان قلبها :
- ما الذي دفعك إلى هذا القول إيدن ؟
لاحظت أن على طرفي فمه خطوطاً قاسية وفى عينيه نظرة عميقة لا قرار لها . . قالت له :
- لأنها هي الحقيقة .
ارتفع حاجبه الأسود مرة أخرى استغرابا ثم عادت يده تمسك ذقنها برقة , فحركت حركته هذه مشاعرها المتوحشة :
- كانت جدتي على الأرجح تدفعك إلى تحديد يوم الزفاف فكان أن بادرت إلى قول أول ما خطر على بالك . ثم نقلت الخبر إلى غريفت بعد ظهر الأمس على الشاطئ . هل أنا على حق ؟
- فلنفترض أنك على حق ؟
مدت يدها لتحرر ذقنها من أصابعه , لكنه أمسك يديها بسرعة . . وقال بنعومة :
- وهذا ما ظننته . . فمنذ عدتما من الشاطئ ليلة أمس وأنا أراه مراوغاً . إيدن إذا كان يحاول التملص . . . .
- أوه . . لا . . لا . . إنه لا يتملص أنا واثقة .
لم تستطع مواجهة فكرة أن يعتقد فيرن أن أخاه مجبر على فعل ما لا يريده . . هز رأسه ببطء , وكأنه غير مقتنع.
- شرط ألا يتلاعب بك أو يجعلك تعسة .
في الواقع هو من يرتكب ما يجعلها تعسة , ولكنه لا يعي ذلك , إنه دون شك خبير بفنون الحب أكثر من غريفت , وقد حدث أن كادت تترك نفسها تدنو من خطر جاذبيته الناضجة .
دفعتها ذكرى تلك اللحظات إلى التهور , فرفعت نظرها إليه بأهداب متثاقلة :
- ماذا تفعل لو اكتشفت أن غريفت يحاول أن يجعلني تعسة فيرن ؟
لم يقل , ولم يفعل شيئاً إلا الشد على يديها , ثم ابتسم :
- ماذا أفعل ؟ سأتزوجك بنفسي . . طبعاً .
حبست أنفاسها , وتضرج وجهها بحمرة الخجل , ولو استطاعت لابتعدت عنه , لكنه ما زال يمسك يديها :
- فيرن . . .
عاد ليشد قبضته على يديها ثم لم يلبث أن وضعهما في دفء صدره العريض , حيث أحست بضربات قلبه الثابتة . تمتم :
- إن حاولت المزاح عليك الاستعداد لتلقى المثل . . أظنك ما زلت تريدين حصتك من الحلوى لتأكليها . . أليس كذلك ؟
جذبها إليه حتى أحست بنبضاته ترسل الخوف إليها . تلك النظرة المألوفة المشبوبة بالرغبة كانت تحرقها وهو ينحني ليعانقها . لمست حيويته المذهلة المشاعر المجنونة التي لا تستطيع أبداً أن تسيطر عليها , فاستكانت بين ذراعيه ورفعت ذراعيها تعقدهما وراء عنفه بشغف ولهفة .
لم تصدق حين وضع كلتا يديه بعد لحظات حول وجهها ليبعدها عنه تاركاً إياها مصدومة حائرة تنظر إليه بعينين خضراوين ضبابيتين بريئتين , فهي لا تعي ما دفعه إلى الابتعاد مع أن نظرته الشغوف ما زالت تطل من عينيه اللتين راحتا تنظران حوله وكأنه يصغى إلى شيء ما . . ما هي إلا لحظات حتى سمعت إيدن وقع أقدام خفيفة ربما هي لغريفت . . تراجعت , وسارعت تمسد شعرها قبل ظهوره من المنعطف :
- هاى . . ما بالكما ؟ هل نسيتما الغداء ؟
لم يكن في كلامه أثر للشك , فتساءلت إيدن ما إذا كان غروره بنفسه يحول دون أن يرى أن إيدن قد تنظر إلى فيرن نظرة غير أخوية . .
احتاجت بعض الوقت للتكيف مع الوضع الجديد لكن فيرن استعاد رباطة جأشه وأبتسم لغريفت :
- سأترككما لتعودا معاً , إنما لا تتأخرا , فقد تكون الجدة منتظرة . . أوه . . بالمناسبة غريفت . . سمعت أن في الخريف زفافاً .
تلاشت ابتسامة غريفت وأخذ ينقل بصره من إيدن إلى فيرن .
- أوه . . لقد سمعت إذاً ؟
- ليس منكما بالطبع . . أخبرتني الجدة .
- لم أجد حاجة لإخبارك . . فهذا أمر لا يعنى أحداً سواى وسوى إيدن .
- وجدتي . . مع أنني كنت آمل أن يتم هذا في وقت مختلف من السنة . . فلدينا أعمال كثيرة . . متى بالضبط تفكران ؟
رد غريفت بهزة كتف غير مكترثة :
- لا يهمنى متى يكون الموعد .
رد فيرن بنعومة :
- بل ربما لا يهمك ألا يكون هناك موعد ؟
حبست إيدن أنفاسها , وصمت غريفت , أما إيدن فتمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها , كانا يتناقشان في أمر زواجها وكأنه مجرد موعد يحشرانه في جدول أعمال الشركة , في هذه اللحظة تمنت لو تختفي فترة لتفكر في حقيقة مشاعرها . تابع فيرن سؤاله :
- ليتك لا تفكر في التراجع . فقد راهنت إن تم هذا الزواج .
نظر غريفت على الفور إلى إيدن , لكنها لم تلاحظ سوى نظرة فيرن الذي أردف بروية :
- لقد قطعت عهداً على نفسي إن لم تتزوج إيدن أن أتزوجها أنا . فأحذر على نفسك يا أخي ؟
- ماذا تقول ؟
لكن غضب غريفت لم يردع فيرن إذ ظهر في عينيه عتمة حارقة وقال ببرود :
- سمعت ما قلت !
ثم ارتد على عقبيه مبتعداً .
نظر غريفت إلى إيدن وقد ضاقت عيناه , وظهر عليهما القسوة التي لاحظتها بالأمس عندما كانا على الشاطئ :
- ما هذا كله بالله عليك ؟
هزت إيدن رأسها . .
ليس إنصافاً أن يتركها فيرن وحدها تشرح الأمر . . لكن بعدما رأت أن لا اعتبار لمشاعرها هزت كتفيها بلا اكتراث وقالت :
- من يدرى ماذا يعنى فيرن ؟
وليتها تعرف !

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 09-06-20, 11:25 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 60 - العريس لا أحد مكتوبة

 

الفصل الثامن

أجراس العرس



عندما تحدثت إلى غرفيت لم تستطيع إيدن أو حاولت إخفاء قلقلها, بشان الإقامة في الغرين هاوس .. والواضح انه كان ينوي الاستمرار في الإقامة هناك, مهما حدث. في الظروف التي لا تكاد تكون عادية فلا تستطيع إلا الرفض فإقامتها في المنزل قد تؤدي إلى مصاعب عديدة وهناك مشكلة تراءت لها مؤخرا وهي تتعلق بغريفت الذي تشعر بأنه لم يعد يعتبرها مهمة علما انه ما زال متمسكا بها بكل ثقة . ثم هنا مسالة العيش على تقارب شديد مع فيرن سنوات طويلة, وهذا وضع لن تستطيع مواجهته بسهولة, مهما كانت الظروف.


- لا افهم سبب هذه المشاحنة.أنت تحبين المكان ؟...

- طبعا أحبه!.

- تعرفين مشاعري تجاه المنزل العتيق كما تعرفين أن فيه غرفا عديدة وهو إلى ذلك مريح, فأين المشكلة ؟

حركت كلتا يديها في إشارة يأس وسعت للتعقل :

- أنا ...أريد أن يكون لنا بعد الزواج منزلا خاصا بنا .. هذا كل شيء ..سبق أن نقاشنا هذا الموضوع غريفت.

- اعرف ...الأمر ألان لا يبدو لي معقولا أكثر مما كان ! فلماذا هذه الضجة الكبرى بحق الله؟

******

بدأت الأمور تحدث بسرعة محيرة في الأيام التالية ... ووجدت إيدن الإحداث اقسي من أن تلاحقها .. كان غريفت يغلي إثارة منذ عاد من الحديقة برفقة جدته . شعرت إيدن بان هناك ما حدث وذلك ما أن رأت عينيه اللتين كانتا تومضان في وجهه المتضرج احمرارا وكأنه مرتبك .. قالت له وهو يرافقها إلى الحديقة :

- اخبرني ماذا هناك؟

- نيويورك...أنا مسافر إلى نيويورك لأعمل في فرقة موسيقية عازفا ثانيا على الغيتار ,كل شيء مرتب !.

أحست إيدن أنها ستتقيأ .لكنها تماسكت :

- حصلت على عمل في فرقة موسيقية ؟وفي نيويورك؟

- أليس هذا عظيما ؟جدتي تعرف الرجل الذي يملك النادي .كان يعيش على الجزيرة هنا وهو يعرف والدي ..لا ادري كيف تمكنت من هذا , لكنها عملت انه بحاجة إلى عازف .فعازف الغيتار الذي يعمل عنده ترك العمل وهو ألان بحاجة إلى بديل .علي الذهاب إليه .أليس هذا امرأ عظيما ؟

شعرت إيدن أن السيدة هوفمان تدفع الأمور بالطريقة التي تريدها دون مراعاة مشاعرها .أكمل غريفت:

- سامر بتجربة بضعة أسابيع ...بعدها ...لن يقف حائل في طريقي!.

من مكان ما في مؤخرة عقلها المتأرجح التقطت إيدن شيئا مهما ...مع أنها لم تكن تفكر بجلاء .

- اذن ..لن تبقى في الشركة مدة اطول؟

- لا ... وحياتك ! اوه ..لن يقلق فيرن او يهجره النوم لهذا السبب ,فلست في الواقع هبة من الله للشركة ...احسبه سيطلق تنهيدة ارتياح لخلاصه مني .

- ظننتكما متفقين؟

- ضحك غريفت :

- أنا بارع في التمثيل..لكن حتى قدرة فيرن على التحمل بدأت تضعف مؤخرا .أرادني في الشركة ,وفعلت ما يريد ,وهو يعرف ألان مدى خطاه .أربعة أسابيع أخرى , و يتوسلني حتى أسافر إلى نيويورك!.

- هذا محتمل !.

في الواقع لم تكن ساعتئد تفكر في تأثير سفره على فيرن أو في الشركة , بل في حياتها هي . لقد أتت إلى الجزيرة على أساس خطيبة غريفت ,لكن أصبح من الواضح مع مرور الأسابيع أن علاقتهما كانت اقل ثباتا مما كانت تظن .مشاعرها ومشاعره تغيرت كثيرا , خاصة مشاعرها وهذا ما جعلها تشك في الأمر .هذه القنبلة الأخيرة التي أطلقتها السيدة هوفمان ,هي القشة التي قصمت ظهر البعير...

- ظننتك ,في ذلك اليوم ,مصمما على البقاء هنا ...

ضمها إليه مبتسما ,راضيا عن نفسه :

- حبيبتي...! لم أكن اعلم أن شيئا كهذا مخبأ لي ...آه لا يمكن رفض العرض . هيا ألان لا تثبطي عزيمتي .سيتم كل شيء بعد شهر .

- سأفتقدك!.

قالت هذا متعمدة,لتنزله من عليائه . حين شاهدت التعبير على وجهه,تبين لها انه حتى تلك اللحظة لم يفكر فيها .عبس لحظة ...ثم شدها بين ذراعيه ثانية وعانقها .

- ما هذا الكلام عن افتقادي؟

- حسنا ... سأعود إلى بلادي بالطبع .لن أقيم هنا بعد ألان .

- طبعا لن تقيمي هنا لأنك سترافقينني . سنجد شقة في مكان ما سيؤمنها لنا صديق جدتي .

- لا ...غريفت!

- لماذا لا ؟ما الذي يمنعك من مرافقتي؟

تجنبت ذكر مسالة الزواج في حديثها مع أن المعنى واضح كل الوضوح:

- أربعة أسابيع ليست بمدة طويلة .وأنا لن استطيع مرافقتك إلى نيويورك يا غريفت ,كما تعرف.

- بل اعرف انك تستطعين .لكن ما يمنعك هو ذلك الهراء القديم ..أليس كذلك؟إيدن اعلمي أن الناس لا يهتمون أبدا بهذا الهراء !

- أنا اهتم والسيدة هوفمان تهتم .إن احترامها لي ثمين جدا عندي .

- أثمن من حبي بالطبع!

بدا عليه "التمرد "وهذا ما يفعله دائما لكن لم تمض لحظات حتى تنهد مستسلما:

- آووه ...اسمعي حبيبتي , لا تفسدي علي هذه اللحظات العظيمة ...إنها الفرصة التي انتظرها ...

- هزت إيدن رأسها تحس بالضياع فجأة .

- اجل... اعرف هذا ولا أريد منك أن تخسر الفرصة ...يجب أن تذهب ..

- بدونك؟

كان يعرف الرد على سؤاله ومع ذلك لم يقترح أن يتزوجا قبل أن يسافر ...قالت بهدوء :

- هذا عائد إليك.
ام عمر همسات روائية

نظر إليها وكأنه ألان فقط أدرك أنها تعني ما تقوله حقا .

- استطيع ...."قال"

لكنه صمت, والتفت جانبيا, حين لمح ظلا في الممر قربهما.حين رفت إيدن نظرها ,كان في عيني فيرن الرماديتين قلق غريب ,وكأنه يعرف ما كانا يتجادلان بشأنه ,فحررت نفسها من ذراعي غريفت :

- أسف لإزعاجي لكما ..لم اعرف أنكما هنا .

نظر إليه غريفت ثم إلى إيدن ,بعينين حادتين ضيقتين .وقال لفيرن:

- انس الأمر ..لقد وصلنا إلى موقف حرج على أي حال ...!

وقفل راجعا إلى المنزل دون حتى أن يطلب من إيدن مرافقته ...فسال فيرن بهدوء:

- متاعب؟

التفتت إليه تهز كتفيها بقلق.

- أظنك سمعت عن سفره إلى نيويورك؟

هز رأسه :"من جدتي أهذه هي المشكلة؟"

- ليست المشكلة بالضبط...

استغربت نفسها لأنها قادرة على الإفضاء بمتاعبها له ,فهناك جو من الثقة حوله, أشار إليها انه نادرا ما يتهرب من أي موقف ,هي بحاجة إلى هذه القوة في تلك اللحظات .سارت إلى جانبه عبر الممر المظلل بالأشجار محاولة أن تتضمن كلماتها مشاعرها كلها .

- إنها فرصة رائعة له...لكنها...لكنها....تغير كل شيء .اعني كل ما بيني وبين غريفت ...لا يفصله عن السفر إلا أربعة أسابيع وهي مدة لا تمهلنا وقتا ....وهو لا يرى ما يستدعي.....

- ما يستدعي الزواج لترافقيه.

- أنت تراني قديمة الطراز ,كما يقول غريفت...

هز رأسه نفيا,وكادت تتنهد ارتياحا :

- لا أظن شيئا كهذا ...لكنني حاولت تحذيرك ...فكان أن فهمت دوافعي بشكل خاطئ .الم تفعلي؟ لقد أذاك إلى درجة معينة ,وقد يؤذيك أكثر .

- هذا إذا تركته يؤذني!

لقد اعتادت أن تهب للدفاع عن غريفت ولم تتوقف حتى للتفكير:

- ليس الرجل الأول الذي يغير رأيه بشان الزواج ...ولا أظنه الأخير.

وافق بهدوء:

- لا اعتقد ...لكن هل هو الزواج بحد ذاته المهم لديك؟أم الزواج بغريفت؟

- إن أردت الحقيقة ...لا ادري ما هي حقيقة مشاعري ألان...

وأدركت أن هذا صحيح بالنسبة لغريفت.

- اهو تردد العروس...؟

ضحكت بارتباك:

- هذا ممكن..لكن هذا التردد طبيعي في النهاية ,أليس كذلك؟

- كل الروايات الخيالية تقول هذا.

دس يده في ذراعها بشكل طبيعي عفوي ,ثم انحنى ليقبل خدها قائلا:

- ستضطر جدتي للتوقف عن أعمالها لتحاول إصلاح ذات البين بينكما.

أحست إيدن في الأسبوع التالي بأنها تعيش غيبوبة انتقالية ,لا تعرف ماذا تفعل ,أو ما ستكون النتيجة النهائية للموقف...أصبح غريفت يتصرف بشكل مختلف نحوها بعدما شفي من غضبه ...وكأنه كان يأمل أن ترضى بما يفكر فيه ولكنه لم يذكر الزواج إطلاقا .كانت تقول لنفسها مرارا إنها لو كانت تملك شيئا من التعقل لغادرت الجزيرة إلى أمريكا .لكنها حتى ألان لم تفعل شيئا حيال هذا .كان بإمكانها أن تعتبر ما حدث فترة خطوبة انتهى أمرها ,ولكن المشكلة ليست هنا ,بل المشكلة في نسيان فيرن وما أصعب نسيانه !.

كانت تفكر في هذا الأمر أثناء العشاء في إحدى الليالي وذلك حين شعرت بالسيدة هوفمان تراقبها عن كثب .حين رفعت نظرها إليها وابتسمت وهزت العجوز رأسها .


- سترتدين الأبيض بكل تأكيد...

التفتت غريزيا إلى فيرن قبل أن ترد:

- لا ادري سيدة هوفمان ...هناك بعض...اعني....قد لا يكون هناك ...إنها مسالة وقت.

- وقت؟

ونظرت العجوز بحدة إلى غريفت ,نظرة جعلته يتحرك بقلق.

- ليس للوقت علاقة بأي شيء يا فتاة ...الزفاف يمكن إتمامه في وقت قصير وذلك ببعض التنظيم وأنا منظمة رائعة ,مع أن بعضكم يراني طعنت في السن كثيرا .

اندفع غريفت ليبرهن انه الحفيد المحب فجأة :

- ليس أنا جدتي.

لكن العجوز لم تنخدع ,فرمقته بنظرة حادة :

- سأطلب من ماري أن تخيط ثوب العرس وهي ستنفد بسرعة إرضاء لي .

نقلت بصرها الحاد ما بين فيرن وغريفت:

- وهذا ما يليق بها كما اعتقد .

احمر وجه إيدن ,لكنها لم تعط غريفت مجالا للرد , بل نظرت إلى فيرن بسرعة وقالت:

- طبعا سيدتي .

ردت المدام برضي:

- اجل ...طبعا.

كشر غريفت وجهه ونظر إلى جدته متحديا .مع انه لم يجرؤ على إغضابها ...وقال ضاحكا:

- هل يجب أن نناقش موضوعا مزعجا كهذا ونحن نتناول العشاء ؟

نظرت إليه السيدة ثم قالت:

- أين الإزعاج في مناقشة أمر زواجك يا ولد؟...تكون محظوظا لو تزوجت فتاة كايدن وستكون سعيدا لو قبلت بك.

- سأكون أكثر سعادة لو قبلت أن تحبني فقط .

أحست إيدن بان رأس فيرن ارتفع بحدة ...ثم سال بهدوء وعيناه على إيدن:

- ألا يمكن أن تجمع الأمرين؟ فكر قليلا في مشاعرها .ترى ماذا تشعر وهي تسمعك تتحدث عن الزواج بها وكأنه أسوا من العقاب...

ضاقت عينا غريفت ,ثم لمعتا ببريق شرير:

- وهل أنت مهتم بها اخويا؟

وكان صوته تقليد فظ لصوت فيرن الناعم النبرات.لكن سيطرة فيرن على نفسه فاقت كل شيء ,أما إيدن فحبست أنفاسها ترقبا لما قد يحدث .انهي فيرن لقمة الطعام التي وضعها في فمه قبل أن يرد :

- لا أحب أن أرى فتاة رائعة لطيفة تتأذى .إنها تريد أن تتزوجك ,وهذا ما يبدو انك لا تقدره جيدا .

تراجع ضاحكا:

- حسنا , حسنا .استسلم لأجراس الزفاف إذا كان يسعدها .لا داعي إلى تمزيقي فيرن بالله عليك.

التفت إلى إيدن يبتسم لها بسحر:

- أسف حبيبتي ...سامحني !

- سامحتك.

ولكن أملها خاب حين لم تتخل السيدة هوفمان عن موضوعها المفضل بسهولة وكانت تهيئ النفس للحركة التالية قائلة:

- تحضير الثوب هو أول خطوة.أما الثانية فدعوة اهلك.

قاطعتها إيدن قائلة:

- سيدة هوفمان....

- أوه ...عليك مناداتي بجدتي لتعتادي على الاسم حين يأتي وقت انضمامك إلى العائلة ...حاولي يا فتاة.

أحست إيدن أنها علقت في الفخ , فسحبت نفسا عميقا وقالت :

- حسنا جدتي .

ابتسمت العجوز :

- ليس صعبا لفظها .إنما على فيرن أن يساعدك حتى تعتادي عليها.

رفعت إيدن نظرها فرات العجوز تنظر إلى فيرن نظرة ذات مغزى ,سرعان ما تصاعد الدم إلى وجنتيها أما فيرن فكان ينظر إلى جدته هازا رأسه وفي عينيه عمق ضبابي مألوف عندها ,قال للعجوز بهدوء:

- هوني عليك جدتي ...أنت تستعجلين الأمور ...و..

- اعرف ما افعل ...اسمع ما أقول عزيزي ...اعرف ما افعل ...

قال غريفت بتذمر:

- ليتني اعرف أنا...فجأة سينطلق هذا الزواج المزاح وكأنه لا وجود للغد.

التفت إلى إيدن يسألها:

- فليكن في قلبك رحمة حبيبتي ...أيجب أن نمر بهذا كله :الثوب والكاهن ,والمراسيم؟

ردت السيدة بسخط:

- طبعا سيزوجكما الكاهن...وهنا في غرين هاوس.بالك من مادي غريفت!

تذمر غريفت بمرارة:"إنني على ما يبدو مجبر على هذا السيرك!أليس لي رأي في الأمر؟"

قال فيرن بصوته العميق الهادئ:

- عليك أن تقول" اقبل "

- شكرا لك...

الوضع يزداد تعقيدا وهي غير واثقة من مشاعرها فكيف الخلاص ؟

- غريفت "قالت إيدن"

التفت إليها وراح يقيس مدى العطف النابع من عينيها ...وقال:

- خلت نفسي قادرا على إقناعك بالابتعاد عن الأجراس وكنت سأنجح لولا تدخل العائلة في الأمر!

كان كلامه هذا سبيلا إلى الخلاص ,لكن فيرن أحبط الفرصة ...فقد نظر إلى غريفت وعيناه متوهجتان بطريقة أرجفت إيدن قال بغيظ وخنق:

- حاول فقط ارتكاب قذارة من القذرات كالتخلي عنها في أخر لحظة ...سأدمرك !اقسم على هذا غريفت!

التهديد في عينيه الرماديتين ,والصوت الهادئ المنخفض الملئ بالشر ,أجفل غريفت الذي حدق إلى أخيه بعمق وذهول ثم نظر إلى جدته قليلا ,ولم ينظر إلى إيدن .ثم صمت والتقط ضوكته ليكمل طعامه ...عضت ايدن شفتيها ونظرت الى يديها المشدودتين بقوة على الطاولة ...كانت السيدو هوفمان وحدها المبتسمة ولكن في ابتسامتها هذه مكرا وبعد نظر.

بعد مضي يومين وصل صندوق الى المنزل من ماري , خياطة السيدة . كانت ايدن تتناول فطورها حين استدعتها العجوز الى غرفتها ...وهذا ما لا يمكن تجاهله.

كان الصندوق مفتوحا على السرير ,والأوراق الرقيقة التي في داخله مرفوعة إلى الوراء .ما أن دخلت إيدن إلى الغرفة حتى التفتت السيدة رافعة ما في داخل الصندوق ,تمسك بالمحتويات بين يديها لتراها إيدن ,التي أحست بالغصة في حلقها ..فقد كان ما تمسكه أجمل شيء شاهدته في حياتها ...ولكن اعتقادها بأنها لن ترتديه حطم قلبها .

- إرتديه يا فتاة.

أخذته إيدن بوقار .ثم ما هي إلا دقائق حتى وقفت أمام مرآة السيدة العجوز تنظر إلى نفسها .. كان بياض الفستان الناصع يضفي بريقا وبهاء على بشرتها العاجية . وكان شعرها الأصهب النحاسي يتناقض معه بشكل مذهل ...شعرت بأنها تنظر إلى فتاة غريبة متوردة الوجنتين ,بارقة العينين.

بدا الانفعال الطفولي على العجوز ,فبرقت عيناها بدفء غريب .قالت بصوت ناعم:

- تبدين جميلة يا ابنتي...جميلة تماما...الاعتماد على ماري الخياطة مفيد,لأنها تعرف ما هو مناسب ,وقد أبدعت هذه المرأة وهذا ما سأقوله لها .

مررت إيدن يديها على جونيلة الفستان ,وهمست :

- انه جميل فعلا.

- هل أرضاك؟

- وكيف لا ارضي ؟

واستدارت باندفاع تضم العجوز وتقبلها بحرارة .

- لم أشاهد من قبل ما هو أجمل .

- فلنأمل أن يعجب فيرن!

لم تحاول إيدن التظاهر بان لسان العجوز قد زلق .

- سأتزوج غريفت سيدة هوفمان.

- هذا ما تقولينه دائما...ولكنه غير متحمس للزواج ..على أي حال ...ستكونين مهما كان من تتزوجينه عروسا رائعة الجمال يا فتاتي ... عروسا تفخر بها عائلة هوفمان.


كانت صورتها تلمع أمامها كأنها حلم, ولكن سرعان ما التقطت أنفاسها حين انعكست صورة أخرى في المرأة .صورة جسد طويل ,دفع نبضاتها إلى التسارع بقوة .في هذه اللحظة حدقت إليه بعينين ذاهلتين , وشفتين منفرجتين .

كان الباب مواربا , وكان يقف خارجه بالضبط , وجهه في الظل , لكن تلك النظرة المشتعلة الجياشة لم تبرح عينيه حتى عندما ولج الغرفة .أما هي فمررت يديها فوق حرير الفستان على ثنايا جسدها , فلحقت عيناه حركتها هذه .

- إيدن؟

كان صوته العميق خفيضا حتى كاد لا يبلغ مسمعيها ,كانت ابتسامتها اللاإرادية فاتنة,مثيرة تظهر في عينيها قبل شفتيها ...تحركت نظرته حتما إلى ثغرها لتتوقف عنده ,ولكن السحر انكسر بحركة خفيفة غير مقصودة من السيدة هوفمان ,عندما رفعت إيدن يدها إلى صدرها وكأنها تحاول التخفيف من عنف خفقان قلبها , في حين أن عيني فيرن انتقلتا إلى انعكاس صورتها في المرأة قبل أن يلتفت إلى جدته , وعندما تحدث جاء صوته كالعادة عميقا فيه رنة تبعث الرعشة إلى الجسد .

- السيدة ماكدونالد تطلبك على الهاتف جدتي ,هل ستكلمينها ؟

- طبعا سأكلمها ...لماذا لم تحول المكالمة إلى هنا عوضا عن الصعود ؟

أمالت رأسها إلى جانب واحد ثم ابتسمت بخبث , تلوح بكلتا يديها :

- حسنا ...اعرف السبب .أردت أن ترى إيدن في ثوب عرسها ...أظنني أخبرتك بوصوله .

- في الواقع ,لم أكن اعلم إن كنت مستيقظة أو نائمة ,لذا لم أشأ إزعاجك بترك الهاتف يرن في غرفتك أثناء نومك .لكن صعودي إلى هنا كان يستحق العناء ,لقد شاهدت إيدن في ثوب عرسها .

كان يفسر الأمر بطريقة منطقية ,لكنه لم يبعد عينيه عن إيدن التي كانت تتلقى منه ابتسامة أطلقت لخفقات قلبها العنان بجنون .قالت السيدة هوفمان ولمعان الرضي في عينيها :

- لقد رايتها فاخرج من هنا ثم حول المخابرة إلى غرفتي ...هيا اخرج ! ألا تعلم أن من سوء الطالع رؤية العروس في ثوب عرسها قبل يوم العرس ؟

سعت عيناه الضبابيتان مرة أخرى إلى عيني إيدن في المرأة ,وهز رأسه ببطء :

- لقد اختلط عليك الأمر جدتي ...لست غريفت!

- ردت الجدة :"وليتك تكون"

ضاقت عيناه .ولكن العجوز قالت كلمتها ثم راحت تخرجه من الغرفة .

- اخرج من هنا, وحول المكالمة ...قبل أن تظن مارجي ماكدونالد أنني نائمة .

قبل أن يخرج سعت نظرة أخرى إلى عيني إيدن ,فشعرت به يعانقها بنظراته .بعدما اقفل الباب بهدوء خلفه ,مرت لحظات قبل أن تعود إيدن إلى الأرض الواقع بلمسة على ذراعها من السيدة هوفمان .

- اخلعي الثوب عزيزتي .أرجوك أن لا تكوني مؤمنة بالخرافات...

- كما قال فيرن ...سيدة هوفمان ...لقد اختلط عليك الأمر ...فتلك الخرافة تنطبق على فقط العريس ...ولو ارتديت هذا الفستان يوما ,فلأتزوج من غريفت.

رن جرس الهاتف قرب سرير السيدة العجوز.بصوت منخفض...فنظرت إليه المدام نظرة مختصرة ,ثم عادت تنظر إلى إيدن ثانية ..كانت عينا العجوز تبرقان بالمعرفة .

- سنرى...سنرى!.

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 09-06-20, 11:27 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 60 - العريس لا أحد مكتوبة

 

الفصل التاسع

لا للعودة



كانت إيدن في الأيام التالية مشوشة الذهن قلقة، فهي لم تكن واثقة مما تفعل. كان غريفن يتحدث دون توقف عن عمله القادم غير مبال بشي أخر. فكان أن ازدادت قناعة بان عليها إلغاء كل شئ وذلك قبل أن يتمادى كثيرا.
أحزنتها فكرة عدم ارتداءها ثوب عرسها الجميل، لكن أن تخسر فرصة ارتدائه خير من ارتكاب غلطة جسيمة بزواجها من غريفت. والحقيقة أن إصرار السيدة فوفمان هو ما أبقاها في المنزل؛ هذا ما عدا تفكيرها في فيرن وخسارتها له.
ظهر احد الأيام وصلت الأمور أخيرا إلى القمة. ففيما كانت السيدة كعادتها، تخطط للزفاف، شعرت إيدن فجأة لن تستطيع المضي في هذه التمثيلية. فهي لا تريد الزواج من غريفت، وكلما أمعنت النظر في الأمر كلما ازدادت ثقتها، قالت السيدة هوفمان:
" وألان إيدن... هل راسلت اهلك تطلعينهم على تغيير موعد الزفاف؟"
سحبت نفسا عميقا:
"لا سيدتي لم أراسلهم. أريد أن أقول شيئا!
"ما هو يا فتاة؟"
راقبتها عينا العجوز الماكرتان وعينا فيرن أيضا، فشعرت بحاجة ملحة لوضع ما تريد قوله في كلمات، ولكنها كانت ترتجف ذعرا.
"أنا... اعرف كم تتحملين من متاعب سيدتي ولست إلا شاكرة صنيعتك. لقد اشتريت لي فستان عرس جميل جدا... لكن... حسنا... أترين...
قاطعها غريفت بضحكة قصيرة:
"ما تحاول قوله لك، إن الزفاف لن يتم... صحيح حبيبتي؟ لم تعجبني الفكرة قط، وأنت مقتنعة بذلك فلنتخلص من كل الضجيج و نلتزم بالأمور الجوهرية."!
'اللعنة عليك غريفت.
كان غضب فيرن عنيفا حتى ارتجف غريفت بشكل ظاهر، لكن إيدن كانت تنظر إليه بإثارة، لأنها تشعر بالراحة، فقد انكشف زيف الخطوبة أخيرا وانتهى الأمر.
لن يصدق أبدا أنها مسرورة لحدوث هذا الفسخ فهو ما زال مقتنعا بان غريفت هو من ينبذها، لذا سيعتبر أي قول تقوله وسيلة منها لإنقاذ ماء الوجه. ثم حين يكون فيرن غاضبا كما هو ألان، لا يعود ذلك الرجل الذي يقبل التعقل.
وضع غريفت السكين و الشوكة من يده بتعمد متوتر، وبدا العناد على قسمات وجهه الوسيم... فلقد كان واثقا جدا من انه كسب دعمها في النهاية...
ـ إيدن تعرف مشاعري تجاه هذا الهراء الذي تدعونه الزواج.
انتقلت عينا فيرن إليها.
ـ أهذا صحيح إيدن؟
كان صوته عاديا، أما عيناه عاصفتان.
ـ ليس بالضبط... لكني مؤخرا... منذ أسبوعين تقريبا بدأت أدرك أن غريفت غير متحمس لفكرة الزواج.
رد غريفت بإصرار:
ـ ولكنني أريدك. أما ما تبقى من الهراء فلا أحبه. هذا كل شيء. أريد فقط أن ترافقينني إلى نيويورك بعيدا عن هذا الشجار المتعلق بالزواج.
قاطعته الجدة:
ـ أتقول إنك لم تكن تنوي الزواج؟ أتقول انك لم تخطب إيدن يوما...؟
انخفضت عينا غريفت الزرقاوان. ثم هز كتفيه دون اكتراث ظاهر:
ـ اعتقد هذا

نقلت العجوز عيناها إلى إيدن:
ـ لكن أنت إيدن...؟ هل كنت تعرفين هذا... هه؟ هل ظننت حقا انك مخطوبة له وانه سيتزوجك؟
لم تحتمل إيدن فكرة أن شخصا ما كائنا من يكون، يشفق عليها، فرفعت ذقنها دفاعا، ونظرت إلى السيدة العجوز.
ـ حتى اذكي بنات جنسنا قد تكون ساذجة في بعض الأحيان. ولم ادع يوما العبقرية!
كان غريفت ينظر إليها وكأنه ندم على ما قاله، وقال:

ـ أسف حبيبتي... لكنني لم اعرف تأخذين الأمر على محمل الجد حتى بدأت تتكلمين عما سيكون بعد زواجنا... الخطوبة قبل مجيئنا إلى هنا... كانت...
قاطعه فيرن بصوت بارد:
ـ لتتأكد من قدومها إلى هنا.
تورد وجه غريفت:
ـ حسنا... وماذا في الأمر؟ وماذا إذا لجأت إلى خداع بسيط؟ لقد نجح الأمر... أليس كذلك؟
ـ بلى... نجح.
قسوة قسمات فيرن أظهرته اكبر عمرا. تساءلت ما إذا كان قد حان الوقت لتفض شجارهما. يجب أن يعرف فيرن أن لا داعي إلى أن يغضب للدفاع عنها، فهي لا تتوق للزواج من غريفت.
حين استجمعت ما يكفي من شجاعة، كان فيرن قد عاد إلى شجاره مع أخيه:
ـ تصرفت بطريقة أنانية في حياتك، ولكن هذا التصرف أقذر ما قمت به حتى ألان.
بدا للجميع انه يكبح غضبه بشكل مخيف، ولكن أكثر من كان يعي هذا... غريفت ... لذا ظهر في قوله ما يشبه الدفاع اليائس:
ـ أوه... يا الله عليك! هذا شأني و إيدن... وهي لا تتذمر. فلماذا غضبك؟
ـ إيدن؟

مر الصوت العميق الدافئ بسرعة على ظهرها. واستقرت تلك العينان الضبابيتين ثانية عليها بتساؤل وشفقة، ولكنها لم تستطع تحمل إشفاقه عليها، فوقفت تاركة الشوكة والسكين تقعان من يدها إلى الصحن ثم قالت بصوت أجش:
ـ هذا كله غير مهم... أرجوك، لا تشغل بالك بي فيرن.
صمت فيرن ولكن عينيه لاحقتها بدهشة أثناء ابتعادها أما غريفت فسارع يقول وهو لا يفهم أنها أوضحت رأيها.
ـ حبيبتي ... إلى أين أنت ذاهبة؟
حين بدأ يقف التفتت إليه وهي على الباب تسأل:
ـوما همك أين ذهبت؟ أنا لا أريد الزواج بك غريفت... لكنني اقل اهتماما باقتراحك البديل... حين أفكر في الأمر أر أنني لم أكن يوما واثقة من رغبتي في الزواج بك. وأرجوك... لا تلحق بي.
ـ إيدن.
إنها بداية حسنة وما أرضاها أكثر منها إغلاقها الباب وهو على بعد خطوة منه. مرت لحظة فقط قبل أن يغلق الباب، ولكنها في هذه اللحظة، شاهدت يد السيدة هوفمان تمنع فيرن من الحركة.
لم تكترث إلى أين تذهب... أرادت فقط أن تكون وحدها بعض الوقت لتستجمع شتات مشاعرها المشوشة. ووجدت أن عليها الرحيل حالا، فلا حاجة إلى التفكير في الأمر بل عليها التفكير في الخطوة التالية بهدوء وأمان. فكان أن اتجهت إلى ممرها المفضل بين الشجيرات... لكنها لم تبتعد مسافة قصيرة حتى شعرت بمن يلحق بها:
ـ إيدن.


تجاهلت نداء غريفت منزعجة لأنها لن تحظى بالراحة التي تحتاجها، وتابعت المسير ولكن كان من المحتم أن يلحق بها. كانت تسمع وقع خطواته خلفها، وتشعر بأنفاسه حادة غير ثابتة، وكأنه يركض مما يدل على أن جدته عرقلت عليه الخروج.
ـتوقفي قليلا حبيبتي... أرجوك؟
تجاهلت نداءه ولم تدر رأسها نحوه حتى، بل بقيت تسير حتى تجاوزت أشجار الدفلى العطرة وأشجار الشلال التي راحت أزهارها الوردية تتناثر على شعرها فتذكرت أنها سارت في هذه الطريق مع فيرن وهذا ما جعلها تعض على شفتها، قبل أن تهز رأسها لتنتفض مما عليها نسيانه.
امسك غريفت ذراعها ليجبرها على التوقف:
ـ توقفي إيدن! كفى على لعب صعبة المنال!
كانت نبرته وعيناه تدل على انه يتوقع منها الترحيب به، لكنها نظرت إليه بقسوة ورأته للمرة الأولى على حقيقته وما لا تراه يعجبها، لقد كان وسيم الطلعة وجذابا، وربما هذه بالضبط مشكلته. فهو يعرف ما يميزه ويستخدم ميزاته لمصلحته. والمؤسف انه لم يكن يظهر لها من قبل مدى أنانيته... قالت بهدوء:
ـ أحب أن أكون وحدي غريفت!
ـ آه... هيا ألان...أريد فقط ان أتمشى معك!
كانت نظرة عينيه انه يوقع قبولها. لكنه حدق إليها مذهولا حين قهقهت بصوت مرتفع ويدها على فمها، وعيناها تلمعان بالحقد:
ـ أنت لا تستسلم أبدا... صحيح غريفت؟
ـ لا أفهمك. بالله عليك. دعك من هذا الضحك!
ـ ألا تظن ان الموقف مضحك؟

ـ لا... لا أظنه مضحكا بل استغرب أن تضحكي؟ كالبلهاء في وقت أحاول فيه أن أكلمك بجد.
ـ بجد؟ وهل كنت يوما جادا معي غريفت؟
ـ تعرفين هذا! وما زلت... تبا!
ـ إنما ليس إلى درجة الزواج بي؟
هزت رأسها تم استدارت عنه لتكمل سيرها... لكنها ما أن ابتعدت حتى امسك بذراعها بشدة فالتفت بحدة قائلة:
ـ اذكر ... انك قلت لي، يوم قدمنا إلى هذا المكان انك و فيرن لستما من النوع المزواج. كان يجب أن افهم يومذاك إلى أي مدى قولك صحيح، وان أرى أن ما يدعى خطوبتنا، لا شئ سوى خدعة حقيرة لأرافقك إلى هذه الجزيرة.
ـ حسنا... حسنا! اعترفت بهذا الم افعل؟ اوه... هيا ألان حبيبتي... لقد استخدمت الخطوبة طعما إنما يحقق للحبيب ببعض الخدع أليس كذلك؟
ـ صحيح؟ قد تجد هذا سذاجة مني غريفت. ولكنني صدقت أنني خطيبتك. كانت الخطوبة تمهيدا لـ... أن أتمكن من...
ـ للزواج!

ارتاعت في داخلها من حماقتها:
ـ من الطبيعي أن أفكر بتلك الطريقة!
ـ حسنا! أنا لا أفكر كما تفكرين حين أقول الحب. اعني أن يشاركني شخص حياتي لا أن أكون مقيدا بيد وقدم وبقطعة ورقية.
ـ تعني تريد امرأة تستطيع نسيان أمرها متى رأيت امرأة أخرى أثارت اهتمامك؟ أنا آسفة غريفت، فأنت تعرف كيف انظر إلى الحب.
ـ تحدثنا عن هذا الموضوع مرارا أنما يجب أن تفهمي أن العلاقة التي تريدينها لن تكون لنا ولكنني لن أتخلى عنك فانا احبك!
ـ بل لا تحبني وان عبرت عن مشاعرك مرارا لتبرهن لي حبك، لكن لو كنت تحبني غريفت لما وجدت فكرة الزواج محنة لك. لا أرى انك غير قادر على مواجهة واقف ارتباطك بي مدى الحياة. وفي الواقع أشكرك لأنك تكلمت عن فسخ الزواج.
ـ تشكرينني؟ ماذا تعنين؟
ـ أشكرك لأنك تركتني أعرفك على حقيقتك ... لولا تحديك لعائلتك ورفضك أن يدفعوك إلى الزواج لاكتشفت متأخرة عدم إعجابي بك!
اشتدت قبضته على ذراعها:
ـ اوه... ألا أعجبك؟ حسنا... عليك أن تفهمي انه كان من المستحيل زواجك بي لأنني ما كنت أقف دور العرويس السخيف مهما كان الدافع! وما من طريقة تستطيعين من خلالها إيقافي أمام الكاهن.
ـ أوه ... هذا صحيح... اعرف هدا ألان ... لكنني تمنيت لو عرفت هدا قبل ألان.
ـ حسنا ... أخيرا انتهينا من المخطط المخادع.
ضحك بلا مرح، وكانت عيناه بارقتين كريهتين وغضبتين، لأنه كان يفتخر بقدرته على سحر النساء:
ـ يا الهي! أنت حقا متزمة صغيرة... ولكن خلت نفسي قادرا على إقناعك... وربما نجحت لولا اصطحابك إلى هنا.
ـ لا أظن ... ما كنت تنجح وليتني أصغيت إلى نصيحة فيرن الذي حذرني منك ونصحني بالابتعاد عنك قبل أن تؤذيني... لكنني لم أثق بدوافعه بل ظننته ينظر إلي على أنني صائدة للمال.

ـ فيرن... ؟ هكذا إذا؟ أنت تميلين إليه أليس كذلك؟ بل أنا شبه أكيد منه! أنت لن تتركي ملايين أل هوفمان تهرب منك... أليس كذلك حلوتي؟ ستغيرين فقط الشريك!
ـ غريفت! لا تتفوه بما هو هراء!
ـ لا واقسم بالله! كانت عينك دائما على فيرن العجوز. لكنك تكونين مجنونة أن ظننت انه يفكر في الزواج اكتر مني، اعتقدت إنني إن لم أتزوجك، يتزوجك هو؟ لا ...ما من سبيل إلى دلك طفلتي! أنت ابعد ما يكون عن طبقته!
ـ غريفت ... توقف عن هدا أرجوك!

لم تعد قادرة البقاء هادئة وأحست برعب لان الدموع تكاد تنفر بين رموشها... أحكام غريفت الجافة جعلتها تدرك انه على حق،فهي حتى هده اللحظة لم تكن تعي كم يعني لها فيرن. فجأة شعرت بالضياع.
يجب أن تغادر الغرين هاوس في أسرع وقت ممكن، وذلك قبل أن يصل فيرن إلى الاستنتاج الذي وصل إليه غريفت فيأسف عليها. فهي لن تحتمل أن ترى نظرة إشفاق أو حنان كتلك التي رأتها حين حطم غريفت دون رحمة فكرة الزواج بها إنها لا تريد شفقة من فيرن.
ربما لامست هشاشتها الواضحة قلب غريفت الأناني، فقد مد يده إليها، وكاد يضمها بين ذراعيه وهو يتمتم بشي بين شفتيه... لكن إيدن ابتعدت عنه وهرعت راكضة الى المنزل، لا تعي شيئا.
عشاء دلك المساء، كانت إيدن تحس ببعض الهدوء، ورباطة الجأش، على الرغم من أن كل عرق وعصب في جسدها كان يرتجف لمجرد التفكير في الجلوس قبالة فيرن على طاولة واحدة، بعدما قالت ما كان عليها قوله... هكذا، نزلت إلى العشاء تنوي بحزم أن تقول للسيدة هوفمان أنها ستترك الجزيرة على أول طائرة، وتتمني أن يتم ذلك في وقت من اليوم التالي.
لكن تبين لها في ما بعد، أن من الصعب بل من العسير أن تستجمع ماهو ضروري من شجاعة لتعلن النبأ. كانت تحس اكتر من مرة خلال العشاء بنظرات غريفت المترقبة، وكأنه يتساءل ما قد تكون عليه خطوتها التالية. أما العجوز فحاولت مرارا النظر إليها لتلفت انتباهها، وهي محاولة تجنبتها حتى شعرت أنها غير قادرة على الإعلان، دون أن تبدوا حمقاء. ولكن اكتر ما تجنبته النظر إلى فيرن، أو باتجاهه خشية أن تضعف فتتراجع عن اتخاذ الخطوات التي ستؤول بها بعيدا عنه والى الأبد.
كانت الفرصة مناسبة أثناء استعدادهم لترك المائدة فأعلنت نيتها بصوت واضح النبرات:
- سأسافر غدا سيدة هوفمان، في وقت ما.
سرعان ما تسمر الجميع في أماكنهم، فتابعت بسرعة، مقطوعة النفس، تتجنب العينان الرماديتين اللتين نظرتا اليها بسرعة في محاولة للنظر إلى عينيها:
ـ وجدت أنني كلما أسرعت في العودة إلى أمريكا كلما كان ذلك أفضل للجميع. لكنني أريد أن تعرفي أنني شديدة الامتنان لك سيدتي لأنك أشعرتني بأنني على الحب و السعة، ولأنك كنت في غاية اللطف، وقد تمتعت بوجودي. صدقا تمتعت.
ـ يا طفلتي العزيزة!.
كانت شفقة السيدة وعطفها، دمارا لها، لكنها ضغطت على نفسها وصوتها راح يتزعزع، وكانت الدموع تنسل من عينيها التي غضتهما.

ـ أنا... اعرف انك ستتفهمين سبب قراري المفاجئ... لكن...
ابتلعت ريقها بصعوبة، وهزت رأسها بيأس غير قادرة على إنهاء ما كانت تريد قوله دون أن تجهش بالبكاء:
ـ بما أن لدي ثيابا كثيرة أوضبها فهل تسمحين لي؟
ـ إيدن!
يصعب عليها التصديق أن يكون غريفت نادما... لكنها في هذه اللحظات لم تكن تهتم به. رنت بطرف عينها إلى السيدة هوفمان فوجدتها تضع يدها على ذراع فيرن كما فعلت سابقا. سمعت تنهيدة المستسلم.
قال فيرن بصوته الهادئ الجميل الذي كان أول ما وجدته فيه جذابا.
ـ طبعا نفهم.
كان على وشك قول المزيد، لكنه هز رأسه بنفاذ صبر وصمت...
كان الدرج ملاذها الوحيد للهرب فأسرعت إليه، لكن صوت فيرن أوقفها بعد خطوات... ولأنه لحق بها ولأنه تجاهل نصيحة جدته توقفت في أسفل الدرج وهناك أطبقت أصابعه القوية على أصابعها التي كانت تضعها على الدرابزين. أحست كالعادة بالإثارة للمسته.

ـ ماذا فعلت بشان حجز مكان على طائرة؟ هل أدبر لك الأمر؟
آلمها اندفاعه إلى مساعدتها في أمر السفر اكثر، فراح قلبها يخفق بيأس، فيما وقفت الدموع على مآقيها تهدد بالانهمار من بين رموشها المنخفضة... وهمست:
ـ شكرا لك.
لو قال لها كلمة واحدة ليقنعها بالبقاء، ولو لبضعة أيام، لوافقت دون تردد، بغض النظر عما هو مخبأ لها. لكنه كان يمد لها يد العودة لحجز بطاقة السفر، وهذا أكثر مما تستطيع تحمله.
سمعته يقول:
ـ سأوصلك إلى المطار... اعتقد انك تفضلين أن أقلك أنا عوضا من غريفت؟
هزت رأسها متمسكة بالدرابزين، تنظر إلى الأصابع السمراء القوية التي ما تزال تحيط بأصابعها. لن تراه ثانية بعد رحيلها وما أصعب ما تشعر به من دمار بسبب هذا الرحيل.
ـ هذا... لطف منك... شكرا لك.
ـ سأهتم بكل شيء.
هزت رأسها، ثم ارتدت على عقبيها مسرعة ترتقي الدرج وذلك قبل ان يلاحظ مدى قربها من الانهيار.
نظرت للمرة المائة تقريبا وفي غضون دقائق معدودة إلى الساعة الصغيرة قرب السرير، ثم تركت الكتاب الذي كانت تحاول قراءته عبثا. كانت قد أنهت توضيب ثيابها، ثم غاصت وقتا طويلا في المغطس المشبع بعطرها المفضل، ولكنها مع ذلك وجدت الاسترخاء صعبا.

كانت العتمة تسدل ستارها على الدنيا، وكان العطر المعتاد يتناهى إليها من الحديقة، ليحضر الأجواء للاسترخاء و النوم، لو كانت ترتدي ثيابها لخرجت تتنزه في الحديقة... فقد خرجت من الحمام منذ فترة وجيزة وقعدت في كرسي عميق موضوع قرب السرير مرتدية غلالة نوم حريرية رقيقة خضراء اللون.
كان اقل سبب قادرا على دفعها إلى البكاء، لكنها لم تسمح لدمعة واحدة بالتدحرج، فالبكاء لن يحل معضلة، وان ظهرت متورمة العينين في الصباح التالي فسيكون للجميع انطباع خاطئ عن سبب البكاء... وهكذا جلست تسند ذقنها إلى يدها، وذراعها إلى الكرسي تفكر في مستقبلها الذي سيخلو من فيرن.

سمعت دقا خفيفا مصرا على الباب؛ فوقفت تنظر إلى الباب غير واثقة، فاشد ما سيكون عليها احتماله السيدة هوفمان.
ـ ادخل.
ـ ايدن.
حدقت مذهولة إلى فيرن الواقف في الباب، ثم وقفت على قدميها منتصبة، تتذكر بذعر أن ما ترتديه شفاف. كان وجهه في الظل، فالضوء المنبعث من مصباح القراءة قرب كرسيها، امتد إلى بقعة محددة، ولكن ضوءه كاف لتلاحظ كيف جالت عيناه عليها بدون تحفظ، ولكن بلطف غريب.
أحست أنها ترتجف وهي تحاول السيطرة على مشاعرها...
قال لها دون أن يحاول الانسحاب:
ـ آنا آسف... لم أكن اعرف انك... شاهدت النور في الغرفة فظننتك مستيقظة.
ـ أنا... مستيقظة كما ترى... كنت استحم... ولم أزعج نفسي بارتداء الثياب، ولهذا أنا...
كانت ترتجف وكأنها تحس بالبرد.
ـ تبدين جميلة.
زاد الصوت العميق ارتجافها وأرسل قشعريرة إليها أثارت تلك المشاعر المثيرة للاضطراب التي لم تتمكن يوما من السيطرة عليها... لكنها حاولت مقاومة الإغراء القصير الذي أحست به وأغمضت عينيها بنشوة، لئلا تفضح حقيقة مشاعرها، ثم لم تلبث أن انتزعت نفسها نحو واقعها، ملوحة يدها بارتباك قائلة:
ـ من الأفضل آن تدخل.
وقاومت بشدة أن تضيف كلمة لئلا يراك احد.
علق حاجب اسود واحد، على الدعوة لكنه فعل ما اقترحت، ودخل الغرفة مغلقا الباب وراءه بهدوء و حذر. عندما تقدم إليها تكورت أصابع قدميها بإحساس لذيذ، في عمق السجادة، وراح قلبها يخفق بجنون متوحش، مما جعلها ترفع رأسها في زاوية غريبة متوترة.
نظر إليها فيرن بثبات، ثم ظهرت ابتسامة قصيرة في ظلال عينيه... وقال لها:
ـ إذا غيرت رأيك اخرج، فليس عسيرا علي فهم أسباب قلقك. لقد مرت بك أوقات عصيبة مؤخرا.
ـ لست قلقة.
كانت تتكلم همسا تحت ضوء المصباح الضئيل وراءها حيث بدا حولها الجو هشا خفيفا أثيريا تقريبا. وما زاده روعة رقة الثوب الحريري الأخضر... ولكن لم يكن هناك ما هو أثيري حول ثناياها التي يداعبها القماش الخفيف و يلتف حولها. ولان فيرن لم يحاول مطلقا التظاهر بأنه لا يراها قالت بصوت خشن:
ـ معظم ما جرى كان غلطا ارتكبته. أنا لم أرى غريفت على حقيقته... بعدما حذرتني.
على الرغم من، محاولات تجنبه التقت عيونهما، فازداد خفقان قلبها حتى أصبح كالطبول...
ـ أما زلت راغبة بالزواج منه؟
ـ لا ... بكل تأكيد! لقد عنيت كل كلمة قلتها، ولا اعتقد أنني رغبت يوما في الزواج منه... لقد انجرفنا إلى ما يسمى خطوبة. انه فاتن وسيم... لا ادري لقد حدث ما حدث هكذا.
ـ اعرف.
اقترب منها، دون أن تلاحظ تحركه ثم مد يده يلامس خدها... فرفعت نظرها إليه:
ـ أتذكرين ما قلته لك؟ لقد قلت لك: إن لم يتزوجك غريفت أتزوجك أنا.
أحست ببرودة فظيعة في معدتها، وكأن قلبها توقف عن الخفقان... هزت رأسها لحظات تنظر إليه برعب، ثم همست:
ـ أوه... لا! آووه... لا! أنت لم تدخل إلى هنا بسبب... بسبب... اذهب من هنا!
ابتعدت عنه تلف ذراعيها حول جسدها،و تابعت:
ـ أرجوك... اذهب من هنا!
ـ لا ... إيدن... لن اذهب ولن تذهبي أنت!
عندما لم يتحرك، وعندما لم يقل المزيد، أحست أنها مجبرة على الالتفات إليه لتواجهه ثانية. فكانت أن نظرت إليه بعينين قائمتين متألمتين من بين أهداب كثيفة. مد فيرن يده يلامس وجهها من جديد... ولم تستطع مقاومة الإحساس بالحاجة إلى إراحة وجهها في عمق راحة يده الدافئة.
ـ انظري إلي!
نفذت ما قال، فشاهدت الابتسامة على شفتيه... كانت مشاعرها تستجيب كما يحدث دائما عندما تكون معه، وكانت مشوشة الفكر مرتبكة، فانتفض جسدها مستسلما لما يثيره في داخلها فيرن الذي لم يعرض الزواج لمجرد ملاحظة عابرة قالها مرة بدعابة:
ـ فيرن.
انه يعرف ما تحس به، وكيف لا؟ فها هي أصابعه تتجول فوق خديها وصولا إلى عنقها... قال لها بصوت يشوبه الإغواء:
ـ لست واثقا إن كنت لا تريدين الزواج بغريفت. لقد نصحتني جدتي بالابتعاد عنك حتى الصباح على أمل أن تكوني عندئذ اقل تشوشا... لكنني أحسست بأنني بحاجة إلى التحدث إليك.
كانت شعلة الشوق في عينيه مجددا تذيب أي تحفظ بقى عندها. فجأة أصبحت واثقة، بل موقنة من مشاعرها ومن مشاعره.
ـ إذن... تحدث إلي! "همست له"
انسلت يده إلى ظهرها تجذبها إليه فاستجابت و استسلمت لضغط ذراعيه اللتين أشعلتا فيها أحاسيس رقيقة وحيوية. فرفعت ذراعيها تعقدهما حول عنقه، غير عابثة بأي شيء.
سبق أن شاهدت هذه النظرة المشبعة في عينيه من قبل. لكنها لم تحس كذلك من قبل بأنها تخشى التجاوب معها. واقترب وجهه منها، فأحست بان أنفاسها تكاد تتوقف.
بعدما بدا لها انه الأبد، رفع رأسه ينظر إلى عينيها بعينين متوهجتين كصخر سائل، وهمس لها:
ـ لن تذهبي؟ لن تتركيني؟ صحيح إيدن؟ لا تعرفين مدى حاجتي إليك... ابقي معي!
فكرت انه يعرض عليها ذات العلاقة التي عرضها غريفت عليها من قبل.لكنها أحست بأنها تريد البقاء معه مهما كانت الشروط... مع ذلك سألت:
ـ بذات الشروط التي أرادها غريفت؟
حبست أنفاسها وهو يتفرس فيها لحظات، ثم قال متحديا:
ـ وهل تقبلين بتلك الشروط ذاتها؟
همست:
ـ اجل... اجل... اقبل.
ـ أيتها الفاسقة الصغيرة... اعتقد انك ستقبلين.
ضمها مجددا، ثم دفن وجهه في شعرها... أما هي فعقدت ذراعيها حوله ثانية، تضم ظهره العريض القوي العضلات متوترة إلى درجة أن كل عصب في جسدها كان يتجاوب... ثم تأوهت بنعومة، دليل حاجتها الشديدة اليه وهمس:
ـ سآخذك... وسأتزوجك، كما سبق أن قلت. حين قطعت لك ذلك الوعد، لم أكن احلم أن تتاح لي فرصة تحقيقه... أردتك منذ جاء بك غريفت إلى هنا... وكنت أدعو ربي لئلا يغير من طباعه التي اعرفها فيتزوجك، فلو فعل لأضعت عقلي.
ـ صحيح؟
كانت عيناها تمازحانه بلطف،فشدها إليه أكثر فأكثر وعيناه تشتعلان بتلك الشعلة التي لا تقاوم والتي لا تستطيع أبدا تجاهلها، كانت يداه تضغطان بشدة على كتفيها محذرا:
ـ لا تمازحينني كثيرا حبيبتي... فانا اطلب منك الزواج.
أثارت كلماته مشاعرها المجنونة التي لن تتعلم السيطرة عليها. فيما كانت تضع يديها حول عنقه راحت تداعبه مبتسمة.
ـ هل سنعيش في خوف دائم من لولا كوردـ مانيارد؟
ـ لن تخافي من احد. لولا تعرف تماما متى تحل بها الهزيمة. وإذا كانت قد أتيحت لها فرصة الزواج بي يوما يا حبي فقد خسرتها حينما شاهدتك تقفين كالحرية في بركة الجبل. لم الشاهد قط منظرا أجمل فأقسمت عندها ان انتزعك من غريفت، لو استطعت.
احترقت وجنتاها بنار الإثارة حين تذكرت، ورفعت نظرها اليه مؤنبة:
ـ كيف تستطيع ان تذكرني؟
ـ وكيف لا أتذكر كلما نظرت اليك؟... وألان... أعطيني ردا. تبا لك. هل تتزوجينني؟
ـ سأتزوجك حبيبي... فانا احبك.
ـ وأنا احبك.
كانت كلماته صدى لكلماتها ولكنه مرة أخرى أصمتها بعناق جائع ملح، ثم رفع رأسه ثانية متمتما:
ـ أنت مغرية جدا. ومن حسن حظك أن جدتي هنا تحرسك. فعلي التزام ذلك الموعد الذي دبرته غير إنني لن انتظرت حتى ينتهي جهازك...!
ابتسمت بمكر:
ـ أتعلم إنها طلبت مني أن أتزوجك بدلا من غريفت منذ وقت طويل؟
تراجع فيرن ينظر إليها، وبدا واضحا انه يعرف:
ـ وأنت رفضت طلبها!
ضحكت وهزت رأسها:
ـ هذا لأنني ظننت لن توافق على ما تخططه لك!
ـ أيتها الحمقاء الصغيرة!
ـ فيرن...
أصمتها ثانيا بعناقه... في تلك اللحظة من الاستسلام المجنون نسيت كل ما يتعلق بفكرة العودة إلى بلادها، بل في الواقع لم تعد تفكر بشئ

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العريس لا أحد, روايات, روايات مكتوبة, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية
facebook



جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:46 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية