لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-07-19, 04:55 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد

 

5- عرفتك,منذ البداية


استيقظت روز على صوت صفق الباب
جلست وهى تغالب النعاس وادركت من طراز الغرفة الغريب انها ليست فى بيتها.
دعكت عينيها بيديها هل ما حدث امس حدث حقا؟
هل سيصبح خافيار فالدزبينو نسيبا لأسرتها؟
لا يمكنها احتمال مجرد التفكير فى ذلك
تأوهت بصوت مرتفع وتملكها اغراء للعودة الى تحت الاغطية
لكن آن كانت تسير نحوها وفى يدها فنجان قهوة:
آسفة يا روز ولكن عليك ان تنهضى
- كم الساعة؟
تمتمت روز بهذا وهى تنظر الى وجه ابنة خالها الجميل بعينين غائمتين
- الحادية عشرة والنصف اشربى هذا واستعدى
سوف نغادر بعد وقت قصير
ووضعت الفنجان على المنضدة فصرخت روز:
الحادية عشرة والنصف ؟ لماذا لم توقظينى قبل الآن؟
وجلست على حافة السرير وتناولت الفنجان
لأن خافيار ذكرنا بأن رئيسك اعادك الى انجلترا لترتاحى, واصر على ان نتركك نائمة
اظنك سلبت لبه! عليك ان تشكريه هو وليس انا.
وخرجت ضاحكة
وقفت روز تحت الدوش وهى تتأوه بخزى
يا للضيفة التى تبقى فى فراشها الى ما يقارب وقت الغداء! الذنب كله يقع على ذلك الرجل البغيض
خرجت من تحت الماء واسرعت تجفف جسدها ثم عادت الى غرفتها حيث غيرت ملابسها
ارتدت قميصا مرتفع العنق قصير الكمين فوق بنطلون رمادى
ثم خرجت من الحمام لتهبط السلم الى الطابق السفلى
- صباح الخير روزالين أظنك نمت جيدا!
قال خافيار ذلك ببطء, وهو ينظر اليها بدقة فيما هو يستند الى باب غرفة الجلوس
كانت تمشى مرفوعة الرأس فألقت عليه نظرة سريعة
كان يرتدى بنطلون جينز اسود وقميصا رياضيا اسود
بدا لها رجلا متفوقا
فقد ظهرت الغطرسة فى كل خط من خطوط جسمه.
قالت بجفاء رافضة ان يرهبها برجولته المدمرة:
نعم , شكرا لك
ما اخبرتها به آن جعلها تشعر بالاضطراب فهو الذى اوعز بألا يوقظها احد
- والآن هذه دعوة من المستحيل رفضها
يجب ان اتذكر هذا فى المرة القادمة التى تتأخرين فيها فى النوم
عندما ادركت ما قالته توهج وجهها احمرارا .
ثم اندفعت من جانبه هاربة الى خلف المنزل وامان المطبخ , وصوت ضحكته الخافتة يرن فى اذنيها.
فى المطبخ رأت روز آن وجين وتيريزا
ورأت على المائدة طبقا كبيرا من البيض واللحم فدعونها لأن تجلس وتتناول طعامها لأنهم سيغادرون بعد نصف ساعة.
اثناء تناولها الطعام حاولت ان تخبرهن انها لن تذهب الى اسبانيا:
انه القرن الحادى والعشرين ولم يعد هناك مرافقات للفتيات هذه الايام
فقالت آن بحدة:
ارجوك يا روز... كفى مراوغة وتضييعا للوقت!
سبق لخافيار ان استدعى طياره مرتين واخر موعد السفر.
مطار ايست ميدلاند يكون مشغولا جدا فى مثل هذا الوقت من السنة بطائرات العطلات الى كل بلاد البحر الابيض المتوسط
كادت روز تختنق وهى تتناول البيض
لديه طائرة خاصة؟
ولكن لماذا لا وهو الثرى الذى يملك كل شئ؟
وشعرت بمرارة
سألتها آن:
هل حزمت حقيبة أمتعتك؟
نعم .. لا... حقيبة العطلة الأسبوعية فى الغرفة وبقية حوائجى ما زالت فى السيارة
لكننى لا استطيع ان اترك "برترام"
قالت هذا بانتصار
جعلتها حركة عند العتبة تلتفت بصمت.
كان خافيار داخلا مع اليكس , ما جعل المطبخ يبدو ضيقا نوعا ما
كان اليكس فى اثره, لكن خافيار هو الذى اثار انتباهها.
فقد جمد مكانه وظهر التوتر فى كل انحاء جسمه فيما اخفت اهدابه المسبلة كل التعبير فى عينيه:
من المؤكد ان بامكان حبيبك ان يعيش اسبوعا على الذكريات فيما تقومين انت بمساندة اسرتك
سبق واضطررت انا لذلك.
قال خافيار هذا بصوت عميق وبنبرة تشير الى مشاعر قوية كان يسيطر عليها بحزم
ادركت روز معنى اخر تعليق له فى الوقت الذى انفجرت فيه آن واليكس بضحك ملأ المطبخ
بدا واضحا انه يشير الى انه يعيش على ذكريات زوجته الراحلة ولا بد انه كان يحبها كثيرا
ادركت روز هذا ما جعلها تتخطى وخزة الالم التى شعرت بها
القت بشوكتها ودفعت طبقها جانبا, شاعرة تقريبا بالأسى لأجله.
ربت اليكس على ظهر خافيار وهو ما زال يضحك :
كلا يا صديقى فأنت قد اسأت الفهم حقا
ليس لدى روزالين حبيب , فهى مشغولة جدا بخدمة الناس
"برترام" هى سيارتها وليس حبيبها

والتفت الى روز:
لا حاجة بك الى القلق بشأن السيارة
سأعتنى بها لأجلك, وستبقى عندنا حتى تعودى
وفى الواقع ستؤدين لى خدمة بذلك.
فأنا متلهف للجلوس خلف مقودها مرة أخرى.
اعتاد ابوك ان يتركنى اقودها احيانا... كم كنا نستمتع بذلك.
اشارة خالها اليكس الى ابيها وابتسامته الكئيبة لها اقنعت روز بأن ليس لديها خيار:
سأذهب لأحضر حقيبتى والمفتاح
قالت هذا مذعنة برقة وهى تنهض وتنظر الى خافيار اثناء مرورها بقربه
قال بابتسامة ازالت التوتر من ملامحه:
يا للفتاة الطيبة! وانا اعدك بالحصول على عطلة ممتعة
كادت تبادله ابتسامته لكن المنطق منعها
انها بحاجة الى وعد آخر من نوع آخر من خافيار فالدزبينو
ثم ما الذى يجعله يدعوها"فتاة", هذا المتغطرس المغرور؟
فكرت فى هذا بجفاء وهى تدخل الى غرفتها.
كان قلبها يخفق بشئ من السرعة وفسرت ذلك بصعودها السلم ركضا
لا تريد ان تعترف ولو للحظة بأن ابتسامة خافيار هى السبب فى تسارع خفقان قلبها
وقررت ان ليس لديها سوى وقت قصير لحزم امتعتها القليلة
وبعد قليل هرعت عائدة تهبط السلم الى الاسفل ثم الى الخارج
اسرعت الى سيارتها ثم فتحت الصندوق وامسكت بمقبض الحقيبة
- اسمحى لى
واخذت حقيبة الملابس من يدها يد ضخمة ووضعتها على الارض
ارتفع بصرها الى العينين الداكنتين:
انا لست عاجزة
فرفع احد حاجبيه بغطرسة:
وهل قلت انا ذلك؟
اى امرأة تقتنى هذه السيارة الرائعة "برترام" يجب ان تكون بالغة الثقة بالنفس
فليس من السهل قيادة سيارة كهذه والعناية بها
تألقت عيناه استحسانا لهذه السيارة الرياضية الفارهة ثم اخذ يدور حولها ببطء
ناولت المفاتيح لخالها, الذى عاد ليقف عند الباب حيث يقف بقية افراد الاسرة وهو يصفر بفمه مسرورا
غضنت روز انفها بخيبة امل عندما جلست على مقعدها فى الطائرة
وربطت الحزام حولها .
كان خافيار فى مقدمة الطائرة يتحدث مع الطيار .
وجيمى وآن يجلسان متلاصقين كالعادة
بدت روز مقطبة الجبين لهذه الرفاهية الظاهرة فى الطائرة الخاصة

فبعد الفقر الذى رأته اثناء عملها , شعرت ان من المعيب نوعا ما ان يمتلك رجل كل هذا.
- خذى جنيها واخبرينى بما تفكرين
بدا خافيارامامها فجأة ثم غاص فى المقعد الى جانبها لا يفصل بين كتفيهما سوى عدة انشات.
القت نظرة جانبية على جانب وجهه الوسيم وفكرت بقنوط بأن مليون جنيها لا تكفى ثمنا لفضح افكارها نحوه
لماذا يستطيع هذا الرجل من بين كل الرجال ان يؤثر عليها هذا التأثير الكهربائى؟
هذا ليس عدلا.
ولكن هل فى الحياة الكثير من العدل؟
وجدت الفكرة الاخيرة مهربا تخبره به للتخلص من الاجابة الحقيقية على سؤاله وان بدا ذلك وجهة نظر مستهلكة.
من المدهش ان الوقت مر بسرعة عندما خاضا فى نقاش حول توزيع الثراء
بدا خافيار محدثا ذكيا للغاية, ووجدت روز انها فى الواقع مستمتعة بهذا الصراع بين ذكائيهما , وبحدة الجدل عن المصارف الغربية ومحو ديونها على دول العالم الثلاث الفقيرة , وكانت روز تناصر هذه الفكرة بينما يعارضها خافيار , بصفته صاحب مصرف.
وتغلبت قوة عقيدتها على ليونة طبعها فأخذت تصفه بأنه نموذج للرأسمالى النهم للتسلط والسيطرة وتدخل جيمى متوسطا بينهما:
"كفى يا روز
انه يثيرك ويوتر اعصابك ليس الا
فهو يمنح المبرات ودور الاحسان , وينفق على عشرات من الطلاب الافريقيين والله وحده يعلم ماذا ايضا"
رفعت روز وجهها الى خافيار وقد بدا الخزى عليه :
هل هذا صحيح ؟
فتمتم بابتسامة قصيرة:
انا مذنب حقا , لكنك تأخذين الطعم وتثورين بسرعة يا روزالين
فلم استطع المقاومة.
ابتلعت روز ريقها بصعوبة:
انا اسفة اذن لنعتى لك بتلك الالفاظ
تأملها خافيار بعينين لا يسبر غورهما ولم تسفر ملامحه القوية عن اى تعبير :
لا داعى للاعتذار
الحق معك جزئيا على الاقل
فأنا ( نهم للسيطرة والتسلط) حقا
اعترف بذلك بصوت عميق وبطء ساخر , ترك روز تحت تأثير تهديد غامض
أما لماذا؟ فلم تكن لديها فكرة...
وفى هذه اللحظة جاء صوت الطيار لينبئهم انهم على وشك الهبوط, فحول انتباهها عنه.
انتهت الاجراءات فى المطار ولم تعترض روز عندما اخبرها خافيار أن جيمى وآن سيذهبان فى سيارة الليموزين الى بيته , اما هما فسيذهبان فى الفيرارى الجاثمة فى المطار.
اما العذر فى هذا التفريق فهو ان الليموزين لا تتسع لكل الامتعة وبدا ذلك مقبولا
ولكن ما ان جلست فى سيارته الرياضية لا يفصل بينها وبينه سوى انشات قليلة , حتى ابتدأت تتساءل عن مدى الصواب فى وجودها معه بالسيارة من المطار الى الطريق الرئيسى , ثم قالت لتحطم التوتر الذى شحن الصمت بينهما:
كان على ان اتكهن انك تملك سيارة فيرارى
- انت تعرفيننى جيدا
تحول بصره اليها لحظة ثم عاد الى الطريق وعلى الفور ادركت انها تسئ التصرف مرة اخرى , فهزت كتفيها: حسنا يبدو انك تحب السيارات الرياضية
- هذا صحيح لدى مجموعة جيدة من السيارات الرياضية القديمة وهى فى مخزن خارج المدينة , سأريها لك ذات يوم ولكن لاستعمالى اليومى انا اعشق سيارتى الفيرارى الحمراء هذه
ولماذا حمراء؟
انه لون يعمى النظر قليلا فى الحر كما اظن
سألته بهدوء لانها كانت تسيطر على نفسها بصعوبة وجودها وحدها معه كان له تأثير كارثى على حواسها.
- انا تقليدى فالسيارة الفيرارى لا بد ان تكون حمراء فى نظرى
لم تعلق على كلامه بل التفتت تنظر خارج السيارة فقد اثبت لها ما كانت تعرفه من قبل لقد عرفت ذلك عندما كانت فى التاسعة عشرة بطريقة صعبة
فقد اخبرها سبستيان انه تقليدى اما لماذا شعرت بالكآبة لهذه الفكرة فهذا ما لم تعرفه.

ثم لم تلبث المناظر حولها ان اسرت انتباهها
كانت الطرق ضيقة متعرجة
وعرض عليها خافيار ان يأخذها فى جولة سريعة فى المدينة
فوافقت روز على ذلك
وسرعان ما ادركت انه وافر الاطلاع على تاريخ المدينة مسقط رأسه هذه
نظرت الى خافيار بأنفه الذى يشبه انف الصقر وعينيه السوداوين الملتهبتين وشعره الفاحم , وبدا لها بشكل قاطع الان انه عائد الى ارض اجداده
ارتجفت قليلا واخذت تنظر الى الخارج عبر النافذة
- لم اعرف قط ان هناك نهرا يجرى وسط مدينة سيفيل
هتفت بذلك مدهوشة عندما ادركت ان الطريق الذى كانا يسلكانه يسير بجانب نهر واسع.
"الوادى الكبير" نهر مشهور
ولكن ما تنظرين اليه بالضبط هو " قنال الفونسو الثالث عشر"
لقد حول مجرى النهر فى بداية القرن العشرين لمنع طوفانه عن المدينة ولتتمكن المدينة من الاستمرار بكونها مرفأ.
تركت السيارة الطريق ودخلت من تحت قنطرة حجرية الى فناء داخلى مبلط
شهقت روز بحيرة فهى لم تر مثل هذا المنزل من قبل على الاطلاق
كان يحيط به جدار ضخم مع جاراجات واصطبلات انشئت فى داخله واحاطت بالفناء من ثلاث جهات والمنزل فى الجهة الرابعة
رأت عددا من الدرجات على شكل نصف دائرة تؤدى الى باب ضخم من خشب السنديان المطوق بالحديد
كان الباب مفتوحا على اتساعه
وشاهدت رجلا اسمر صغير الحجم واقفا بصرامة وقفة انتباه وهو ينتظر وصولهما كما يبدو
نزل خافيار من السيارة ثم دار حولها وفتح لها الباب:
مرحبا بك فى بيتى, روزالين
ونزلت هى بسرعة اكثر مما يستلزمه الذوق
- انه يبدو جميلا
قالت هذا برقة
ثم تصلب جسمها عندما امسك بذراعها يساعدها على صعود الدرجات الحجرية
قال عدة كلمات بالاسبانية للخادم ثم قدمها اليه
يبدو ان ماكس يعمل رئيس خدم وسائقا فى آن معا وزوجته مارتا هى الطاهية.
بعد الحرارة فى الخارج بدا جو المنزل الداخلى منعشا باردا ورائع التأثير فقد كان مزيجا من الطابعين الاسبانى والعربى
ارض الردهة البالغة الاتساع مرصوفة بالموزاييك المتألق
اما القبة فكانت شاهدا على مهارة الحرفيين الذين بنوها ومثابرتهم.
كذلك بدت الاعمدة الرشيقة المحيطة بالممر وخلف ذلك الممر انتصب باب المدخل المظلل المؤدى الى غرف الاستقبال اما فى الوسط فهناك سلم رائع اسبانى الطراز.
- أبى يرتاح الان , وستقابلينه اثناء العشاء
اما الان فسآخذك الى غرفتك
وبدون ان يترك ذراعها قادها الى السلم
وفجأة بدا جيمى وآن عند قمة السلم:
نحن ذاهبان لاكتشاف المدينة سنراكما فى السابعة
قال جيمى هذا ببشاشة وهو يهبط السلم
وعندما مرا بهما صاحت آن بروز:
ألا يبدو هذا المكان خلابا؟
استدارت روز وصرخت:
انتظرى! ألم احضر الى هنا كمرافقة لك؟
لكنها قالت كلامها سدى , فقد توارى الشابان عن الانظار
وشد خافيار بأصابعه على ذراعها:
آه انا واثق ان بامكانى ان اشغل وقتك بشئ مفيد
تمتم بذلك وهو يستعجلها الى قمة السلم
ثم قادها عبر ممر اخر مر امامها ببابين ثم وقف امام الثالث :
مارتا منحتك جناح الزاوية وارجو ان يعجبك
ثم فتح الباب ودعاها الى الدخول
هتفت روز باعجاب
لم تر قط من قبل مثل هذا, فهناك سرير ذهبى ضخم ذو مظلة يتوسط الغرفة
وقد علقت ستائر حريرية فاخرة مربوطة بشرائط زرقاء فوق جوانبه
وكان فى الغرفة اربع نوافذ مقوسة انيقة قائمة فى جدارين
شهقت ذاهلة لهذا المشهد
من ناحية كان يطل على سطوح المنازل ويطل من الناحية الاخرى على مشهد رائع للنهر
اما الاثاث فكان من اللونين الازرق والذهبى.
استدارت ببطء
كان خافيار قد دخل معها ووقف بجانب السرير:
هذا السرير هدية من احد الشيوخ العرب, هل اعجبك؟
سألها ببساطة تامة , لكن بدت فى عينيه نظرة غريبة فهتفت وعيناها المفتونتان تدوران فى كل ناحية:
أعجبنى؟ وما الذى لم يعجبنى؟ لقد رأيت اسرا كاملة تعيش الواحدة منها فى خيمة باتساعه هذا السرير
ضحك بصوت خافت:
ترين هنا بابا يؤدى الى الحمام وغرفة الملابس وغرفة جلوس لها ايضا باب على الردهة
وسار الى باب اخر وهى فى اثره وفتحه فشهقت بصوت مرتفع
كانت الجدران مغطاة بطبقة رقيقة من الرخام الابيض المزخرف اما الباب ذو الاطار المذهب فيؤدى الى الحمام
كل ما فى الحمام من قطع كان ذهبى اللون
اما حوض الاستحمام فكان ضخما مستديرا ومصنوعا من الرخام الابيض.
- هذا انحلال
انها الكلمة الاولى التى تقفز الى الذهن
قالت هذا بجفاء وهى تعود الى غرفة النوم لتجد خافيار خلفها مباشرة
وضع يديه القويتين على كتفيها فحاولت ان تنفضهما
لم تكن تريده ان يلمسها لكنه ادارها نحوه ببطء:
انها تناسبك
غرفة منحلة لأجل سيدة منحلة ... يا ... مايلين
لجزء من الثانية , اعتقدت انها اخطأت السمع
رفعت اليه عينيها الذاهلتين
كانت عيناه السوداوان تلمعان باحتقار قاس
بينما الوعيد فى فمه الصلب والجمود فى ملامحه الاخاذة جعلاها تدرك انها لم تخطئ السمع
شحب وجهها ولم تعد تستطيع التنفس
انه يعلم... كان يعلم منذ البداية تنها مايلين! لقد تذكرها, وكان يعبث بها طوال العطلة الاسبوعية كأنه فهد ناعم الملمس يتربص للقفز , وها هو ذا الان ينتظر ردة فعلها
بعد لقائها الكارثى القصير به منذ عشر سنوات تعلمت كيف تخفى مشاعرها
سنوات من دراسة الطب وسنوات اخرى فى العناية بالمرضى والاموات جعلتها بارعة فى اخفاء تلك المشاعر
- الشخص الوحيد المنحل هنا هو انت.
قالت هذا بجفاء
وسلخت عينيها عن عينيه واخذت تحدق فبما يحيط بها:
وطالما انك عرفتنى لم لم تقل ذلك؟
وتراجعت خطوة الى الخلف وهى تنفلت منه لكنها ترنحت وكادت تسقط ارضا لأنه كان قد تركها هو ايضا
فقال ساخرا:
يمكننى ان اوجه لك السؤال نفسه لكننى اعرف الجواب
لقد رأيته فى وجهك عندما قدمتنا تيريزا الى بعضنا البعض
بدوت شاحبة الوجه ومذعورة للغاية
ما كانت المشكلة؟
هل خشيت ان اكشف للناس ان الطبيبة الجادة التى تكرس نفسها لخدمة المرضى كانت ذات يوم عارضة ازياء مستهترة
لم تستطع روز ان تجيب
لقد امضت الاربع والعشرين ساعة الماضية فى خوف دائم من ان يتذكرها
لا لم يكن ذلك مجرد خوف بل حالة من الرعب والتوتر العصبى
والان وقد عرفها أصابها الخرس.
- عند وصولك كنت اراقب من النافذة
ظننت اننى عرفتك لكن شعرك جعلنى اشك فى ذلك لحظة
كان قصيرا مستقيما فأصبح جعدا واقل دكنة
اجمل مما كنت عليه فى التاسعة عشرة من عمرك , اما قوامك....

ونظر الى جسمها ثم عاد ينظر الى وجهها:
وقد امتلأ جسمك قليلا ولكن بشكل مثير
اكتسحتها ذكريات مريرة للأشهر القليلة التى مرت بعد ان تركها
يومها تأخر جسمها فى النمو بسبب معاناتها
فقد امتلأ صدرها لكن خصرها بقى نحيفا
فقالت له بجمود:
أنت تعنى اننى سمينة
- لا
قال هذا وهو يرفع يده نحوها
فنهضت وضربته على يده تبعدها عنها وقد توتر الجو فجأة :
دع يديك لنفسك!
فضحك بنعومة:
يا لك من متأهبة للدفاع!
ثم قال فجأة بابتسامة متوعدة :
نعلم نحن الاثنان ان بامكانى ان اجعلك تستسلمين لى بدون وعى فى دقيقة
فبعد ان اظهرت لك حبى ورغبتى بك ذات مرة , قفزت الى السرير مع رجل اخر قابلته بعدى لأنك لم تستطيعى منع نفسك
شعرت بدمها يغلى لظلمه لها بهذا الشكل:
كيف لك ....
الغضب العنيف جعل يدها تندفع الى وجهه بقوة لكنه امسك بمعصمها بقبضة من قولاذ ولواه الى خلفها, وهو يجذبها اليه:
لا يا جميلتى , انا لن احضر العشاء ودمغة كفك على وجهى
ولكن علينا ان نتحدث مع بعضنا البعض
اغمضت روز عينيها وعدت بصوت خافت الى العشرة انها لن تحقر نفسها بالجدل حول الاخلاق او عدمها مع حقير متغطرس مثله
فهى تعلم انها اذا سمحت لنفسها بأن تتحداه بالنسبة الى معرفتها السابقة ستحل الكارثة وستنتهى هى بالعويل والبكاء
فقد كان جرحها بالغ العمق.
وببطء والم استطاعت ان تسيطر على نفسها ففتحت عينيها ورمقته بنظرة :
اذا اردت ان تتكلم تكلم اذن
لكننى شخصيا اظن ان ليس لدينا ما نقوله لبعضنا البعض
لقد تقابلنا مرة منذ وقت طويل ثم افترقنا
وسار كل منا فى طريقه
شعرت بالزهو لقدرتها على السيطرة على طبعها
ورغم ارتجافها من الداخل فقد تماسكت وهو يشدها اليه
لم تعرف ما هى لعبته لكن شعورا كريها تملكها بأن ما سيقوله لن يعجبها
هز كتفيه بخفة فارتفعت كتفاه القويتان تحت قميصه الناعم الاسود وعاد وجهه الوسيم الى جموده:
كما قلت كان ذلك منذ وقت طويل والماضى مضى
الحاضر هو الذى يهمنى
وجف فمها:
ماذا تريد؟
نظر اليها متأملا عينيها اللتين لم تمنحاه اى نظرة دافئة , والتوت شفتاه بابتسامة قصيرة قاسية افزعتها
واخيرا رفعت يدها الطليقة ودفعته من صدره ثم اخذت تقاومه
ولكن الاوان كان قد فات فقد طوقتها ذراعاه بقسوة ليعانقها عناقا لم تذق مثله اثناء السنوات الماضية
بدأ عناقه بشدة بقسوة وحشية صدمتها
ثم اخذ يخفف من ضغطه حتى اصبح العناق ناعما ... عذبا مخدرا
احس خافيار بانتصاره فأبعدها عنه برفق , عند ذلك ادركت روز ما معنى الخوف الحقيقى
كيف يخونها جسدها بهذه السرعة؟
لم تجرؤ على التفكير فى ذلك
"أظن من الافضل ان تذهب الان"
قالت هذا من دون ان تنظر اليه
فأمسك بذقنها وامال رأسها الى الخلف
واستقرت عيناه القاسيتان على عينيها الخائفتين بشئ من الرضا
- تسأليننى ماذا اريد ؟ انت تعرفين ما يريده اى رجل ينظر اليك
لكننى اريد اكثر من ذلك
قال هذا ساخرا فقالت بصوت فاتر خال من التعبير:
انت تثير اشمئزازى وانا اكرهك
ولا صلة لى بأى فكرة جنونية قد تخطر ببالك
لقد اهانها حين وصفها بأنها منحلة وكان يعنى انها اقامت علاقة مع عشرات من الرجال
رغم انه هو نفسه زير نساء يا له من وقح !
على العكس فأنت لك كل الصلة اريدك ان تكونى زوجتى
قال هذا بلهجة عادية وكأنه يسألها عن الوقت
فتحت فمها وشعرت بعينيها تكادان تخرجان من محجريهما وهى تحملق فيه مذهولة:
هل تمزح ام انك مجنون؟
- لا بل انا شخص منطقى
ابى مريض وقد اصبحت ايامه معدودة
الاشهر القليلة الاخيرة من حياته ستكون اسهل اذا اطمأن بأننى متزوج
- ليس منى!
وهزت رأسها بالنفى وهى تزيح يده عن ذقنها فهى لم تعد تلك المراهقة الحمقاء الغارقة فى الحب
انها الان امرأة ناضجة ذكية والامر لا يتطلب ان تكون بذكاء اينشتاين لكى تدرك انه يريد ان يعبث بها كما فعل من قبل
- هذا مؤسف! كنت اظن جيمى وآن مناسبين لبعضهما البعض
تحولت العينان الخصراوان مجفلتين الى وجهه القاسى فرأت التواء فمه الساخر:
بقليل من الاقناع سوف يتخلى جيمى عن فكرة الزواج فى ايلول
واظن انه سيقرر تأجيل ذلك الموعد الى مابعد تخرجه من الجامعة
واثناء ذلك سأحرص انا على ان اجعله يذوق طعم الحياة
لقد امضى فى الدراسة زمنا طويلا وآن له ان يستمتع بلذائذ الحياة لفترة
آسف لأجل ابنة خالك ولكن لا شك انها ستجد رجلا اخر تحبه.

- انت ..... انت...
لم تستطع ان تجد صفة من السفالة بحيث تصلح لأن تلصقها به:
لم تصدق انه قد يذهب فى محاولته الى ذلك الحد من السفالة بغية تحقيق غاياته
لكنها عادت وفكرت بوضوح ثم قالت:
لا! انهما يحبان بعضهما البعض
لن يسمحا لك بذلك
لن تتزحزح عن موقفها
اى نوع من الحمقى يظنها؟
- اذا اردت ان تغامرى بسعادة ابنة خالك .... هذا حسن اذن
لكننا, نحن الاثنين نعرف ان غرام الشباب متقلب.
قال هذا رافعا حاجبه بسخرية
اذا كان جيمى يشبه خاله خافيار فال أفضل لآن ان تتركه منذ الآن
كانت روز على وشك ان تقول هذا عندما تذكرت حديثها مع آن الليلة الماضية خلال حفلة العشاء
فقالت من دون تفكير:
أنت تعطيه مصروفه؟
- نعم
والقرار يعود اليك
اذا وافقت على الزواج منى يحتفظ جيمى بمصروفه ثم يزداد هذا المصروف ليناسب وضعه الزوجى القادم
اعرف ان ابنة خالك ستسر بذلك , والا....
وهز كتفيه مرة اخرى وكأنه يقول : ومن يهتم ؟
من المؤكد ان ذلك الرجل اسود القلب, الذى يحدق فى روز بعينين باردتين ساخرتين , لا يهتم على الاطلاق بمشاعر الآخرين.

********

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 04:57 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد

 

6-سجن من ذهب


- ولكن لماذا أنا بالذات؟
تساءلت روز بصمت تقريبا, وعقلها الذكى يعمل بسرعة فائقة لم تجد الامر مفهوما
ذلك ان خافيار يمكنه ان يحصل على اى امرأة يريدها فهو اذن ليس بحاجة الى ان يبتز امرأة لكى تتزوجه :
لقد قلت بنفسك انك رجل تقليدى
فلماذا اذن لا تتزوج من فتاة اسبانية شابة ؟ انا واثقة ان هناك عشرات النساء اللواتى يتلهفن الى الحصول على حظ الزواج منك.
- لقد جربت ذلك مرة
هذه المرة اريد امرأة ناضجة لها اهتماماتها الخاصة وهكذا لن تصطدم اهتماماتها باهتماماتى
امرأة لديها اهدافها الخاصة
اريد ترتيبا يخدم المصلحة المشتركة بدون ارتباط عاطفى
امرأة تدفئ فراشى من دون ان تدعى بأنها تدفئ قلبى
ولأننى اعرفك جيدا هذا يجعلك فى نظرى اصلح النساء لذلك
انه لم يعرفها على الاطلاق
فهما لم يلتقيا سوى مرة واحدة
وكانت فتاة بريئة ساذجة
ومع ذلك لم يمنعه ضميره من ان يصفها بأنها امرأة منحلة خلقيا
لقد قال ذلك عدة مرات
اما لماذا فعل ذلك فهذا ما لم تعرفه بعد!
لقد جرحها فى العمق وفد اغضبها تجريحه لها, اغضبها من نفسها بالدرجة الاولى , كما جعلها تتميز غيظا وغضبا منه
ونظرت الى وجهه بعنف
تصريحه الوقح هذا وغطرسته غذيا عنف غضبها:
اذهب الى جهنم وخذ معك عرض الزواج الابله هذا
لن تتكرم عليه بجواب
ولكن تحت غضبها تحرك احساس بالخوف
ضحك خافيار بخشونة:
قد اذهب الى جهنم , كما قلت بلباقة
ولكن صدقينى ايتها السيدة , سوف آخذك معى
انت مدينة لى , وانا استرد دوما ديونى
كان قريبا منها .... اقرب مما يجب ...
-انا مدينة لك؟
هتفت بذلك غير مصدقة
هذا الرجل الذى سبب لها من الالم وتحطم القلب اكثر مما كانت تتصوره , لديه الوقاحة لأن يقول انها مدينة له ؟ لا بد انه مجنون ....
التوى فمه بابتسامة جمدت الدم فى عروقها , وقال ببطء بلهجة الوعيد:
- الافضل ان تصدقى ذلك .
لقد حدثنى سبستيان بكل شئ عن لقائكما , وكيف انك ارتميت بين ذراعيه بعد ان تركتك مباشرة
وفرى على نفسك تمثيل دور البراءة , فهذا الامر لا ينجح مرتين .
- حاول سبستيان ان يخفف عنى .
لم تدرك روز انها بقولها هذا قد اعترفت , ومن دون وعى منها , بأنها كانت بين ذراعى سبستيان , لم تدرك ذلك لشدة غضبها:
كان سبستيان صادقا معى على الاقل
اخبرنى بالحقيقة التى هى اقل ما يمكن ان يقال عنك
وهى انك ضيق الافق بالتزامك بالأعراف والتقاليد واخلاق قطط الازقة
فليساعد الله زوجتك المسكينة, لا بد انها كانت تعيش فى جهنم.
وسرعان ما ادركت انها تجاوزت الحد , فقد امتلأت عيناه بغضب بارد كالثلج:
ليس لك شأن بزوجتى الراحلة .
ولكن بصفتك زوجتى المستقبلية , الافضل لك ان تتعلمى شيئا من حسن السلوك
- فى احلامك !
قذفته بهذا الجواب ثم ارتجفت وهى ترى ملامحه الكئيبة الحاقدة :
فكرى فى الامر يا روزالين.
وضغط كتفيها بيديه بقوة آلمتها:
وانا واثق من انك ستوافقين
اخذت تنظر اليه وهو يزداد اقترابا منها , وقد سمرتها الصدمة
وانتابها شعور بدائى غادر
جاء عناقه متملكا وعنيفا تقريبا.... بعنف النار التى اشتعلت فى حواسها.
حاولت ان تبقى سلبية ازاء هذا الهجوم الضارى.
لكنها وشعرت بنفسها كمن يعود الى بيته بعد غياب عشر سنوات طوال ومال جسدها عليه , وبأنين أجش , احاطت رقبته بذراعيها.
رفع خافيار رأسه فأنزلت روز ذراعيها عن رقبته , وانكمشت خزيا لضعف ارادتها الذى جعلها تستسلم.
وضع يديه على كتفيها وابعدها عنه برفق وهو ينظر بعينين ضيقتين الى احمرار الخجل فى وجهها:
كما ظننت تماما
بعض الاشياء لا تتغير ابدا
سأعود اليك عند السابعة مساءا لآخذ الجواب ولأرافقك الى العشاء.
وابتسم ابتسامة ذات معنى:
ربما كنت تحبين ان تتحدثى قليلا مع آن اولا
ليس لدى شك فى انها ستحبذ ارتباطنا
شحب وجهها وشعرت بالمذلة.
انه على صواب من الناحيتين ؛ بعناق واحد سقطت ضحية رجولته الفائقة .
وآن مصممة على الزواج من جيمى...

نظرت روزالين اليه بعينين متسعتين عنيفتين مليئتين بالاحباط وهو يتوجه الى الباب
التفت يواجهها وقد سقط عن وجهه القناع الساخر النائى ليكشف عن غضب عنيف :
ولا تقترفى خطأ التبخيس من شأنى هذه المرة يا روزالين
انا اعنى كل كلمة اقولها
لم اكن جادا فة حياتى قط اكثر مما انا الآن
ثم غادر الغرفة بعد ان اغلق الباب خلفه بهدوء.
لم تعرف روز كم مضى من الوقت وهى تنظر الى الباب
لم يساورها الشك مطلقا فى انه ينوى تنفيذ تهديده بتدمير خطبة جيمى وآن
لكن الاسوأ هو معرفتها ان بامكانه ان يفعل ذلك
انها تحب جيمى وتعلم انه مغرم بآن.
لكنه صغير السن , فهو لا يزال فى الرابعة والعشرين من عمره , ولن يتمكن من مقاومة الاغراءات التى بامكان رجل محنك مثل خاله خافيار ان يوفرها له
التفريق بين الحبيبين لن يأخذ من خافيار وقتا طويلا , فالتهديد بقطع التمويل عنه جعل ميزان القوة فى يده.
نظرت فى انحاء الغرفة
ثم ارادت ان تبكى
وفى الواقع اغرورقت عيناها بالدموع , لكنها مسحتها بيدها بعنف .
ذات يوم كان الزواج من خافيار اغلى احلامها
لكنه لم يعد كذلك الآن....
لقد سارت فى ذلك الطريق مرة من قبل , فبعد عودتها الى انجلترا منذ عشر سنوات شعرت بالشوق اليه.
كانت صورته تملأ احلامها كل ليلة , وظهر الشحوب على وجهها
وفى قنوط الوحدة فكرت بأن تتصل به وذلك بعد ثلاثة اشهر تقريبا من عودتها
ابتلعت كبرياءها ثم اتصلت بالشقة فى برشلونة , فرد عليها سبستيان ووعدها بأن يخبر خافيار انها تريد ان تتحدث اليه.
لكن سبستيان عاد للاتصال بها بعد نصف ساعة ليخبرها بأن خافيار سيتزوج بعد اسبوع, وليس لديه ما يقوله لها.
وكان لدى سبستيان اوامر مباشرة بألا يعطيها عنوان خافيار او رقم هاتفه.
شعرت بالصدمة وخيبة الامل , وظل الالم يتملكها بسبب ذلك طوال تلك السنوات العشر.....
بدا الحزم فى عينيها .
تذكرها الماضى لن يحل مشكلتها.
دخلت الحمام , ومن نظرة سريعة الى غرفة الملابس ادركت ان هناك من اخرج امتعتها من الحقيبة
دخلت الحمام وفتحت الصنبور على الحوض ثم خلعت ملابسها وعقدت شعرها بالدبابيس عند قمة رأسها , ثم خطت الى الحوض الممتلئ بالماء , وما لبثت ان اسندت رأسها الى الخلف .
تذكرت مشاجرتها مع خافيار فى الطائرة وتذكرت اعترافه( نهم للسيطرة والتسلط) لم يكن يمزح اذا! عادت بذاكرتها الى الاربع والعشرين ساعة الماضية ,ولم تصدق كيفية احتياله عليها لتجد نفسها اخيرا فى هذا الوضع .
انه رجل حقير مخادع , لكن اطلاق النعوت عليه لن يحل المشكلة .
وببطء وقفت وخرجت من الحوض ثم تناولت منشفة لفت بها جسدها وهى ترتجف
تراءى لها وجه آن وهى تتوسل اليها لتبقى لطيفة مع هذا الرجل
لن تستطيع ان تجد مخرجا لمشكلتها الا اذا جارته فى لعبته وتصرفت معه بمثل القسوة التى يتصرف هو بها!
زمت شفتيها بصلابة ثم اخذت تجفف نفسها .
ومن غرفة الملابس اختارت ملابس داخلية سوداء وثوبا اسود
وابتسمت بجفاء
من مجموعة الملابس التى احضرتها معها بدا اللون الاسود اكثرها ملاءمة
بعد عشر دقائق , عادت الى غرفة النوم
ما ان دخلت حتى جمدت مكانها
كان خافيار واقفا عند النافذة, مرتديا سترة عشاء بيضاء وبنطلونا اسود وقميصا ابيض وربطة عنق حمراء على شكل فراشة.
بدا وسيما للغاية , لكنها حدقت فى جانب وجهه الخشن باشمئزاز ظاهر:
فى العادة يقرع الناس الباب قبل الدخول الى غرف الآخرين
- فعلت ذلك
قال ذلك وهو يستدير ليواجهها .
شملها بنظراته الغامضة
لقد تركت شعرها منسدلا على شكل خصلات كثيفة حمراء , اما قبة ثوبها الحريرى فكانت عبارة عن ربطة مطرزة بالخرز الاسود تشكل عصابة حول عنقها
كما كانت التنورة متسعة قليلا وتنتهى فوق ركبتيها بعدة انشات , وقد لبست حذاء اسود منخفض الكعب مظهرا اظافر اصابع قدميها المطلية .
وقد طلت اصابع يديها باللون نفسه وكذلك شفتيها الممتلئتين.
لقد استخدمت كل مهارتها القديمة فى الماكياج, التى اكتسبتها من عرض الازياء
فوضعت كريما مرطبا ملونا على بشرتها , فهى تحتاج الى بعض العون لكى تبدو متوهجة بالصحة.
كما وضعت شيئا من الكحل يزيد من جمال عينيها واتساعهما , بالاضافة الى ماسكارا لأهدابها .
وهكذا اصبحت جاهزة للمواجهة.
همت بالسير اماه الى الباب , لكنه وضع يده على ذراعها يستوقفها:
لا تسرعى
اريد جوابك اولا
هلى ستتزوجيننى؟
لكم توسلت الله ان تحدث معجزة تجعله يعتبر حديثهما السابق لم يكن سوى رؤيا او تخيلات
لكن توسلاتها لن تنفع
- اسمع , خافيار
حاولت ان تتكلم معه بينما لم تكن تتمنى فى الحقيقة , سوى البصق فى وجهه:
يمكننى ان افهم انك تريد ان تجعل اباك سعيدا , لكننى لا اريد ان اتزوج
انا طبيبة ولدى مهنة
- طبيبة من دون عمل حاليا
آسف روزالين لكن اعتراضاتك تافهة
انت ما زلت ترغبين بى
لقد عرفت ذلك فى اللحظة التى تحدثف فيها اليك فى منزل تيريزا
نظرت الى بعينين متسعتين والنبض فى عنقك يخفق
ووضع يده لعى ذلك النبض :
"نعم هذا ما كان يخفق كما يخفق الان
كما اننى اريد زوجة
و(نعم) هو الجواب الوحيد الذى اريده"
توهج الغضب والالم فى عينيها وهما تستقران على وجهه الاسمر, لكنها جاهدت للسيطرة على مشاعرها

- دعنى افهم جيدا ما تقوله
هل تعنى ان على ان امثل دور زوجتك لكى يكون ابوك سعيدا ولا شئ اكثر من ذلك
بينما تتكفل صديقتك برغباتك الاخرى؟
ونظرت اليه لكن عينيه لم تفصحا عن شئ.
انزل يده عن ذراعها
فحدقت فيه بصلابة مدة طويلة:
ولماذا لا تتزوجها هى؟
رفع حاجبه ساخرا:
انت لست ساذجة الى هذا الحد يا روزالين
تعلمين ان ذلك لا يتوافق مع تقاليدنا
لم تعرف روز لماذا لم تشعر بالدهشة لقسوته وعدم مراعاته للمشاعر
لقد عانقها ليخضعها له فقط ليثبت تفوق رجولته عليها بينما كانت هى تضلل نفسها بأنه يريدها حقا , فيا لحماقتها!
انه لم يرغب فيها وهى فى التاسعة عشرة , فكيف يرغب فيها بعد عشر سنوات ؟
ربما صديقته امرأة شابة مذهلة الجمال ومستعدة تماما لتلبية رغباته من دون اعتراض.
- هل وافقت ؟
قطع عليها افكارها بصوته العميق فنظرت اليه وكان هو ينظر الى ساعته بشئ من فروغ الصبر
فسألته وما زالت غير مقتنعة:
متى سيكون العرس؟
لم تستطع ان تفكر فى حل بديل لا يترك آن محطمة القلب.
- بعد اسبوعين او ثلاثة
فليكن تصرفك هذه الليلة نحوى وديا تماما كما هو نحو جيمى وآن
وبعد ايام سنبدأ بايهام الاخرين ان بيننا علاقة بتبادل العناق احيانا او بعض الملامسات
وسيرى ابى ذلك حتما
وفى اخر الاسبوع سأعلن عن زفافنا
يمكنك ان تتركى لى بقية التفاصيل
فسألته بجفاء:
هل لدى خيار؟
تأملها بعينيه الفولاذيتين من دون رحمة:
لا اذا كانت سعادة آن تهمك كما تريديننى ان اعتقد فأنت ماهرة فى التظاهر بمشاعر انت لا تشعرين بها حقا
لوت شفتيها بابتسامة مرة .
ان تتزوج رجلا مثل خافيار, يشك فى اخلاصها فى عقيدتها ومشاعرها هو شئ يدعو الى السخرية حقا
وقال بفتور:
لا بأس انا موافقة
وضع يده العريضة على ظهرها:
سيدة عاقلة
قال هذا بنبرة واضحة من الاعتزاز والرضى, وهو يستعجلها الى الخروج الى الطابق الاسفل

وعندما اقتربا من باب الصالون ابتعدت روز عنه
لقد وافقت على ابتزازه لها , لكنها لم تصبح جاهزة بعد لتمثيل دور الانثى المغرمة المتألقة العينين . انها غاضبة للغاية!
دخلت الى الصالون الفسيح امام خافيار رافعة الرأس ثم اومأت تحيي الخطيبين الشابين السعيدين اللذين يجلسان بجانب بعضهما البعض على الاريكة.
ثم تحول نظرها الى رجل وقف لرؤيتها , وقد كان جالسا على كرسى عالى الظهر.
امسك الرجل بعصا من الخيزران ذات مقبض من العاج ثم تقدم نحوها.
كان طويل القامة لكن كبر السن والمرض احنى كتفيه اللتين كانتا يوما ما مزهوتين.
كان يرتدى بذلة عشاء سوداء تبدو متهدلة على جسمه النحيل , نظرة واحدة اليه انبأت روز ان هذا الرجل مريض جدا, وان تهذيبا فائقا فقط هو الذى جعله يقف على قدميه ساعة دخولها.
وعلى الفور سارت نحوه وهى تمد له يدا نحيفة انيقة:
لا بد انك الدون بابلو فالدزبينو
الحمد لله انها تذكرت اسمه
هنأت نفسها لذلك:
انت جد جيمى
انا الدكتورة روزالين ماى
ابنة عمة آن ورفيقتها الحارسة لمدة اسبوع
تألقت فجأة العينان البنيتان الكئيبتان فى ذلك الوجه الذى غضنه الالم:
- المعذرة يا عزيزتى , لكنك اصغر واجمل من ان تكونى مرافقة حارسة
وفى الواقع على الامهات ان يخفن من ان تخطفى انت الخطيب.
أليس كذلك يا ولدى؟
وضحك بصوت خافت, وانتبهت روز فجأة الى ان خافيار كان قد تقدم ووقف بجانبها.
نظرت اليه فاذا به يبتسم لأبيه بحنان لم يدع لديها شكا فى مدى حبه له
رغم نفورها من فكرة ارغامها على هذا الزواج , تفهمت فجأة اسباب خافيار
لقد احبت هذا الرجل العجوز
فأجاب خافيار:
ربما انت على صواب يا ابى
ولكن اجلس من فضلك ودعنى احضر الشراب لضيوفنا
واتجه الى الجهة الاخرى من الغرفة وسأل روز عما تريد ان تشرب
فأجابت بنعومة ولكن من دون ان تحول عينيها عن الرجل العجوز:
عصير الاناناس من فضلك
عاد الدون بابلو ليجلس فى كرسيه ثم نظر الى روز:
انت طبيبة ولكنك لا تشبهين ايا من الاطباء الذين عرفتهم
صدقينى لقد عرفت العشرات منهم على مر السنين , وانا واثق اننى لو رأيت طبيبة مثلك لكنت سأشفى على الفور.
فقالت باسمة :
انت يا سيدى متملق للغاية
- هذا كل ما استطيع عمله الان
رد عليها الرجل العجوز بغمزة من عينيه انفجرت لها روز ضاحكة
فقال خافيار وهو يناولها كأسها:
انه مغازل رهيب
لا تشجعيه.
تناولت منه الكأس, واحتكت اصابعها بأصابعه بشكل خفيف, ما ارسل فى كيانها كله شوقا غير مرغوب به
عليها ان تتغلب على هذا الشعور الذى يتملكها لأقل لمسة من خافيار
حدثت بهذا نفسها بحزم, فقد قال لها بوضوح انه يريدها فقط زوجة ليسر والده .
وهكذا عادت تشارك بالحديث العام , وهذه الفكرة فى رأسها.
اعلن رئيس الخدم ابتداء العشاء فانتقلوا جميعا الى غرفة الطعام
نظرت روز حولها وقد تملكها شئ من الرهبة للترف والاناقة اللذين يحيطان بها
بدت الستائر واللوحات المعلقة على الجدران كأنها تنتمى الى عصر اخر , اما المائدة فمن الاتساع بحيث تكفلا لعشرين شخصا وقد وضع فوقها اوان من الخزف الصينى الى جانب ادوات المائدة الفضية.
احتل الدون بابلو كرسيه عند رأس المائدة , واشار الى ان تجلس آن الى يمينه وروز الى يساره وجيمى بجانب آن , ما ابقى لخافيار المقعد الى جانب روز.
مر العشاء على ما يرام
ساعدت خادمة فتية ماكس فى تقديم الطعام
سلطة طازجة من المكسرات تبعها لحم عجل مطبوخ على الطريقة الاندلسية مع زيت الزيتون والبندورة والبهارات والثوم والبصل.
كان الدون بابلو رجلا ذكيا سريع البديهة ذا معلومات واسعة عن التاريخ المحلى , ومضيفا ممتازا.
لم يتوقف الحديث بينهم حتى دخل ماكس فيما هم ينهون تناول الحلوى , فأخبر خافيار بأن هناك مكالمة هاتفية له
وقف خافيار وقبل ان يخرج من الغرفة اوقفه ابوه بكلمة واحدة.
تحدث الاب والابن باسبانية سريعة اخذت تزداد حرارة ثانية بعد الاخرى.
- اعتذر لسوء تصرف ابنى.
قال الدون بابلو هذا بكبرياء هادئة مخترقا الصمت السائد وقد تخضب وجهه الشاحب بالاحمرار.
فاندفعت روز تقول وقد ساءها ان يتكدر الرجل العجوز:
لا تقلق انه مجرد اتصال هاتفى
ان لديك بيتا رائع الجمال يا دون بابلو, ولا بد ان له تاريخا مجيدا

لقد تعمدت تغيير الموضوع, لكن ذلك كان اسوأ ما كان يمكن ان تقوله
- نعم
اسرة فالدزبينو امضت فى هذه البقعة خمسمائة سنة
لقد تغير المنزل ولكنه ظل دوما ملكا للاسرة
والآن لسوء الحظ وكأن اسم فالدزبينو سيموت.
عاد خافيار فى الوقت الذى كان فيه ابوه يتكلم , فألقى على العجوز نظرة كريهة , ثم قال :
ارجو المعذرة لأن على مع الاسف ان اخرج لفترة قصيرة
وجه كلماته هذه الى جيمى وآن , ولم يكد يلقى نظرة على روز ثم قال لأبيه سيئا بعنف وغادر المكان.
فقال الاب وهو يشير برأسه نحو الباب الذى خرج منه ابنه:
أترون ما كنت اعنيه؟ يتضح لى اكثر فأكثر ان ابنى لا يريد ان ينجب لى وريثا.
فى اول ليلة له فى البيت, يترك ضيوفه....
وسكت فجأة وكأنه ادرك انه قال اكثر مما يجب , ثم قرع الجرس لماكس.
وعندما جاء رئيس الخدم قال العجوز فيما كان ماكس يساعده على الوقوف:
آسف لاضطرارى الى ان اترككم الان.
انا متعب جدا , ولكننى ارجوكم ان تستمتعوا بسهرتكم
بعد خروجه قالت آن وهى تضحك بصوت خافت :
اوه .... يا لها من مأساة!
فقال جيمى :
انسى ذلك
طالما رأيت هذا من قبل.
جدى وخالى دوما يتجادلان
انهما متشابهان الى حد لا يمكنهما معه ان يتعايشا.
اما روز فقد تساءلت عما اذا كان بامكان اى شخص على الكرة الارضية ان يعيش مع خافيار... وسألت جيمى وقد تملكها الفضول لمعرفة ما حدث:
انت تتحدث الاسبانية يا جيمى
لماذا كانا يتجادلان؟
قثال جيمى ضاحكا:
غضب جدى لأن خالى ذهب ليقابل صديقته, فهى التى اتصلت به
قرصت آن جيمى وهى تقول مازحة:
الافضل لك ألا تتشبه بخالك والا خنقتك
كانت روز تدرك شعورها هذا , وقد تمنت فى تلك اللحظة لو ان بامكانها ان تخنق خافيار.
ؤاحت تتأمل الخطيبين , وادركت انها اصابت فى قرارها قبول الزواج من الرجل
ذلك ان جيمى يحب آن وهى لن تحتمل رؤية حيوان زاحف مثل خافيار يدمر الخطيبين الشابين.
بعد تناول القهوة, حيت روز الشابين تحية المساء وصعدت الى غرفتها بحجة اصابتها بالصداع.
لقد كان يوما جهنميا
لا شك ان خافيار يستلقى الان بارتياح بين ذراعى صديقته.
اما هى فلم تجد سبيلها الى الراحة وهى تستعد للنوم.
بعد ان رأت الدون بابلو ادركت جيدا لماذا يريد خافيار هذا الزواج
ولكن فليساعدها الله!
كيف يمكنها ان تعيش مع رجل لا يرغب باقامة علاقة معها بينما مجرد لمسة منه كفيلة باشعالها؟
ارتدت بيجاما قصيرة بيضاء اللون , واخذت تدور فى انحاء الغرفة الفسيحة بقلق , فقد منعتها شدة التوتر من النوم.
شعرت بأنها اشبه بطير فى قفص من ذهب
كان عليها ان تبقى فى الطابق الاسفل مع الخطيبين وهى على كل حال مرافقتهما الحارسة.
ويا لها من مزحة! فقد اوهمها خافيار بذلك ليحضرها الى اسبانيا.
وقفت بالقرب من النافذة ونظرت الى الاسفل نحو الفناء , فاذا بها ترى سيارة خافيار تدخل من خلال المدخل
لقد عاد باكرا من موعده مع صديقته
نزل من السيارة ورأسه مرفوع الى النافذة التى كانت تقف خلفها وكأنه احس بوجودها.
تراجعت روز بسرعة , ولكن ليس قبل ان ترى انه كان من دون سترة ولا ربطة عنق.

لم تكن عودته مبكرة فى الحقيقة
لقد خرج منذ ساعتين
وحدثت روز نفسها ان وجود صديقته فى حياته قد اراحها متجاهلة الشعور بالفراغ الذى تملكها
فذلك يؤكد ما قاله لها خافيار
انه يريد زوجة لا تتدخل فى حياته
زوجة لديها اهتماماتها الخاصة
وهى ستعود الى مهنتها مرة اخرى فى الوقت المناسب
بعد ان رأت الدون بابلو احزنها ان تعترف بأن الرجل لن يتمكن من العيش مدة ثلاثة اشهر اى حتى تنتهى اجازتها
حاولت ان تحمل نفسها على التفكير بشكل ايجابى
فالزواج من خافيار سيجعل ثلاثة اشخاص على الاقل سعداء , آن وجيمى والدون بابلو.
فكيف يكون هذا امرا سيئا؟
كما انها ستمضى عطلة طويلة فى اسبانيا, ولن تكون مضطرة الى النوم مع خافيار.... اغمضت عينيها وحاولت ان تنام.
تململت فى فراشها وهى تحاول ان تسترخى , لكن عضلاتها ظلت متوترة ولم تفهم سبب هذا التوتر
واخيرا دفنت رأسها فى الوسادة داعية الله ان يساعدها على النوم.
فى الصباح التالى قادتها الاصوات الى غرفة الافطار
بدا خافيار فياض الرجولة , وابتسمم لروز عندما دخلت :
صباح الخير روزالين
تبدين رائعة اليوم
واخذت نظراته تجرى بسرعة فوق جسدها المتناسب باعجاب الرجل الجرئ
وكانت تلبس ثوبا من القطن منقوشا بألوان زاهية
يبدو ان الغزل المكشوف قد بدأ الان , كما اخذت روز تفكر ساخرة , ولكن بما ان ذهنها كان مليئا بوعدها , ردت:
شكرا خافيار
رغم انها كادت تختنق لنطقها باسمه.
- بكل سرور , لكننى آسف لعدم امكانى قضاء الصباح معك
ثم التفتت الى جيمى وآن اللذين كانا قد جلسا الى المائدة:
ومعكما انتما الاثنين طبعا
انبأتها النبرة الساخرة فى صوته بأنه يشعر بغضبها الكامن:
بامكانكم ان تمضوا الصباح انتم الثلاثة فى التفرج على معالم المدينة, ولكن احرصوا على العودة فى الواحدة , لأننا سنذهب الى المزرعة بعد الغداء
كان هذا هو السبب الذى جعل روز الان تذوب تحت شمس الظهيرة
هى ضائعة تماما.
بدت سيفيل مدينة خلابة
القسم القديم منها مؤلف من خليط فوضوى من الشوارع الضيقة
وفيما هم يجوبون تلك الشوارع اختفى جيمى وآن فجأة , تاركين روز واقفة فى شارع تحفه اشجار البرتقال وهى تتساءل اين هى , واين ذهبا.
بقيت تبحث عنهما لأكثر من ساعة الى ان شعرت بالعطش وقد اشتد عليها الحر وتملكها الضجر
سارت فى شارع ضيق اخر حتى رأت اخيرا امرأة تجلس بمفردها خارج احد المقاهى
وقررت روز ان تفعل مثلها فجلست على كرسى ابيض من البلاستيك غير نظيف تماما
خرج من المقهى رجل خشن المظهر نوعا , فطلبت قهوة وكأس ماء.
بعد قليل جاء رجل غريب واخذ يتحدث اليها
ابتسمت له بسخافة من دون ان تكون لديها فكرة عما يتحدث عنه
ولكن عندما امسك بذراعها قفزت واقفة ونفضت يده عنها
ولم تنتظر النادل
بل اندفعت الى داخل المقهى المعتم ثم وقفت امام مكتب الدفع وفتحت حقيبة يدها.
كيف امكنها ان تكون بهذا الغباء ؟ وجدت فى حقيبتها عدة جنيهات انجليزية , ولكن لا نقود اسبانية.
حاولت ان تعطى المحاسب شيكا لكنه رفض ذلك
حاولت ان تفهمه ان ينتظر حتى تجد صرافا يبدل نقودها بنقود اسبانية , لكنه لم يدعها تخرج من المقهى
اخذ يصيح بها غاضبا بلغته , ولم تستطع ان تميز من كلامه سوى كلمة ( بوليسيا) فأدركت انها تعنى الشرطة
لقد اصبح الوضع مهددا.
وعندما شعرت باليأس ذكرت اسم خافيار فالدزبينو والدون بابلو وطلبت من الرجل بالاشارة ان يتصل بهما هاتفيا.
رمقها صاحب المقهى بنظرة ارتياب من اعلى الى اسفل وكرر متسائلا:
خافيار فالدزبينو؟
ثم اشار يطلب اسمها
الدكتورة روزالين ماى
تنهدت بارتياح وهى تراه يرفع سماعة الهاتف
تبع ذلك حديث سريع بالاسبانية , وبعد دقائق تغير الوضع بشكل اثار حيرتها
ابتسم الرجل وناولها السماعة.
- ما الذى تفعلينه يا روزالين؟ وأين آن وجيمى ؟
قال خافيار هذا هادرا , فأجابت بحدة وقد كرهت ان يصيح بها:
لقد فقدتهما
- يا الهى ! لا يؤتمن عليك فى الخروج انتظرينى حيث انت
لا تتحركى ولا تتحدثى مع اى انسان اخر
سيمدك صاحب المقهى بما تريدين.
أفهمت؟ ....
-نعم
قالت هذا بوداعة اذ لم يكن لديها خيار اخر.
- والآن دعى صاحب المقهى يكلمنى من جديد
ما ان انتهت المكالمة الهاتفية حتى دفعها صاحب المقهى الى العودة الى الخارج, حيث مسح لها المقعد واشار اليها بالجلوس عليه.
ثم تملكها الهلع وهى ترى صاحب المقهى يجلس على كرسى بقربها
فشعرت كأنها تحت المراقبة.
تنفست الصعداء عندما اندفعت الى الشارع بعد عشر دقائق سيارة فيرارى حمراء , ثم توقفت خارج المقهى وصرير عجلاتها يرتفع عاليا, وقد سدت الطريق الضيق
ابتسمت روز عندما انفتح باب السيارة بعنف ونزل منها خافيار.
الا ان ابتسامتها سرعان ما تلاشت عندما رأت التعبير المتصلب الذى ظهر على وجهه , فأخفضت بصرها
كان يرتدى بنطلونا تبنى اللون وقميصا اخضر قصير الكمين.
- روزالين
صرخ باسمها فرفعت بصرها اليه كارهة, فارتجفت لرؤية التعبير الذى بدا فى عينيه
كلمة " غضب عنيف " ليست كافية لوصفه.....
***********

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 05:00 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد

 

7- سيد العالم


بخطوتين واسعتين كان يقف الى جانبها وعينات تلتهبان غضبا ثم هتف بها ثائرا:
ما هو العمل الذى تقومين به؟
- انا ...
ولم تستطع ان تكمل
- اخرسى.
راح يتحدث مع صاحب المقهى, ثم اخرج من جيبه رزمة من الاوراق المالية ناوله اياها
بدا ذلك لروز كرما سيئا للغاية
تنازل بأن نظر اليها مرة اخرى:
هل انت بخير؟
سألها هذا بخشونة , وعيناه تتفحصان جسمها الرشيق بامعان, فهزت كتفيها:
بأحسن حال ما عدا اننى ضللت طريقى وكدت اذوب من الحر
- انت محظوظة لأن هذا كل ما حدث لك
قال هذا ساخرا ببطء ثم قبض على ذراعها واوقفها:
هيا بنا نذهب
نظرت الى صاحب المقهى بابتسامة اكلت ان تبدو شاكرة , لكنها كانت ترتجف فى داخلها, فقد وقف خافيار كصقر يهم بالانقضاض
بدا وجهه صلبا جامد التعبير, لكن عينيه الضيقتين كانت تخترقان عينيها حتى الاعماق
كان قد اوقف سيارته فى وسط الشارع فتسببت بتوقف السير , وفى وسط الصياح الغاضب وجلبة ابواق السيارات دفعها الى مقعدها فى السيارة بقوة, وصفق الباب خلفها ثم جلس خلف المقود لتنطلق بهما السيارة بسرعة.
القت نظرة جانبية على جانب وجهه باحثة عما تقوله
وهبطت عيناها الى فتحة قميصه عند العنق فأدهشها ان ترى اثر الجرح القديم فى فكه يصل الى عظمة الترقوة
لم ترها قط من قبل ثم ادركت انها بالرغم من حرارة الجو لم تر قميصه مفتوحا عند العنق طوال العطلة الاسبوعية.
- كيف حصلت لك هذه الندبة؟
خرجت هذه الكلمات من فمها قبل ان تستطيع منعها
فقال بصوت بدا عاليا منفجرا فى السيارة المقفلة:
بحق الله عليك, انت تعشقين المخاطرة
انت تعلمين جيدا سببها
واذا كانت حياتك تهمك اخرسى اذن
حتى نصل الى البيت
تعلم؟ ليس لديها ادنى فكرة
وهى قد سألته فقط لتخفف من هذا الجو المتوتر فى السيارة:
آسفة لأننى تكلمت
سلد بينهما صمت متوتر فيما السيارة تجتاز بهما الشوارع الضيقة
وشعرت روز بأن اعصابها المتوترة على وشك الانفجار
وقفت السيارة امام الباب, فسحبها من السيارة وعاد يجرها مرة اخرى صاعدا الدرجات الى حيث البرودة فى الداخل.
وقفت روز فى وسط الردهة وقد سئمت من معاملته لها وكأنها تلميذة متمردة:
اسمع , لا يمكنك ان تلومنى لأننى اضطررت الى الاتصال بك لأن ليس لدى نقود اسبانية
اشتدت اصابعه على ذراعها العارية وقد اصبحت عيناه باردتين شاردتين على وجهها المتمرد:
الى مكتبى
امرها بذلك من بين اسنانه المطبقة , وبعد ذلك بلحظة وجدت روز نفسها فى غرفة تغطى جدرانها الكتب , بينما اقفل خافيار الباب بحزم خلفها.
- نعم لقد ضللت طريقى وهذه ليست مشكلة كبرى
قالت ذلك وهى تحاول ان تخفف من توتر الوضع , لكن ضغط يده ازداد على ذراعها
ثم ادارها نحوه لتواجهه وقال باحتقار:
ضللت طريقك فى منطقة الضوء الاحمر , ام انك كالماء وجدت طريقك بسهولة الى حيث تنتمين؟
بدا صوته منخفضا خطرا , وكانت هى لا تزال مضطربة لذكره منطقة الضوء الاحمر عندما اضاف:
ماذا حدث؟ ألم يعجبك الرجل الذى اقترب منك؟
- وكيف عرفت ان رجلا اقترب منى؟
- كان من سرور صاحب المقهى ان يخبرنى بذلك وطلب منى ان ادفع اجر الوقت الذى امضيته انت فى اغواء الرجل فى المقهى عنده
اجابها بذلك بسخرية لاذعة وشحب وجهها:
- انت دفعت
اخذت تحدق فى ملامحه الخشنة لترى ان كان فيها اثر للمزاح:
لا , لا بد انك مخطئ لقد اخترت ذلك المقهى لأننى رأيت سيدة تجلس بمفردها وهكذا ....
وسكتت مذعورة من غبائها :
أتعنى ....
وشهقت ...
- كانت تلك السيدة تنتظر عملا بالضبط
وهى تدفع جزءا من اجرها لصاحب المقهى لسماحه لها باستعمال مقهاه, وهذا ينطبق عليك ايضا

- اه يا الهى!
ولم تستطع ان تمنع نفسها من الضحك بصوت خافت :
أتعنى انه كان يظننى اصطاد الرجال؟
ثم انفجرت ضاحكة
خافيار فالدزبينو العظيم كان عليه ان يدفع نقودا كأجر فى مكان ترتاده بنات الهوى؟ لا عجب لغضبه المبالغ هذا .
وزمجر هو قائلا:
لقد اضحكك الامر أليس كذلك ؟ اتساءل ان كنت سترينه مضحكا بهذا الشكل لو ان ذلك الرجل لم يقبل منك كلمة لا جوابا
وبحركة بارعة ترك يدها وجذب خصرها ليضمها اليه :
ماذا كنت ستفعلين ؟
وعندما فتحت فمها لتحتج شدها نحو صدره بقوة ما منعها من التفوه بكلمة.
اخبرها تعقلها ونضجها بأن تقاوم , فقد كان هذا مجرد هجوم لطفل كبير خشى ان يمس احدهم لعبته الجديدة ,الا ان جسدها تجاوب معه بنفس المشاعر التى كان عليها حين كانت فى سن التاسعة عشرة .
وارتفعت ذراعاها تحيطان بعنقه وتحركت نحوه وهى ترتجف حنينا.
لكنها استجمعت شجاعتها لتقول :
"دعنى"
- هل هذا احسن ما يمكنك القيام به؟
وابتسم ساخرا وهو يدفع رأسها الى الخلف
- حاولى مرة اخرى يا روزالين
- لا استطيع
تمتمت بذلك وهى تحنى رأسها وقد سقطت ذراعاها من حول عنقه مرتخية على جانبيها .
الحقيقة التى كانت تخز عقلها الباطن طوال الايام الثلاثة الماضية قد اسمعت صوتها اخيرا.
أتراها تحبه؟
انها لا تعلم
لكنه الرجل الوحيد الذى بامكانه ان يثير مشاعرها بلمسة واحدة منه
سواء مرت عشر سنوات ام مئة , لن يغير ذلك من تأثيره عليها وعلى حواسها كافة
سيبقى الامر كذلك الى حين مماتها, وافزعها ادراكها لذلك...
ابتعد خافيار عنها قليلا:
انت لا تستطيعين
ورمقها بنظرة احتقار:
انت حقا عبدة لأحاسيسك
حسنا!
ارى ان على حين تصبحين زوجتى ان اضع عليك حارسا يراقبك طيلة الوقت
تفجر غضبها خلال لحظة ضعفها هذه :
يمكننى رعاية نفسى خافيار
لقد قمت بذلك مدة طويلة
انه يظنها امرأة مستهترة تنساق وراء رغباتها
لكن من اين حصل على هذه الفكرة عنها , فهذا ما لم تعرفه
ولن تهتم بتوضيح الامر له
فلتدعه يظنها عاجزة امام اى رجل
فذلك سيبقى افضل بكثير من ان يعلم ان لمسته وحدها هى التى تشعل النار فيها:
اذن , انا اقترح عليك ان تبقى مع صديقتك وتدعنى وشأنى
تأملها بعينين قاسيتين , فحولت نظراتها بعيدا ثم قال ساخرا:
لا اظننى بحاجة اليها بعد الان , فتجاوبك معى يخبرنى بأنك ستكونين كافية تماما لى .... لفترة على الاقل
اضاف الجملة الاخيرة بهدوء
فرفعت رأسها بحدة لهذه الغطرسة السافرة منه, فقد كان مع صديقته الليلة الماضية , وهذا جعل عينيها الخضراوين تلتهبان غضبا.
ولكن مهما كان جوابها الذى اوشكت ان تقوله , فقد اوقفه قرع على باب المكتب وصوت جيمى يسأله:
هل يمكننى التكلم معك يا خالى ؟
سار خافيار الى الباب يفتحه وهو يقول بحدة :
وانا اريد ان اتكلم معك
قال هذا فيما دخل جيمى المكتب
نظر جيمى الى خاله ثم روز فاتسعت عيناه وهو يدرك ان هناك شيئا بينهما .
ذلك ان شعرها كان مشعثا وخداها متوردان
- حسنا , حسنا اذن فقد وجدت روز!
قال جيمى هذا لخاله بابتسامة عريضة :
ام انكما خططتما لقضاء الصباح وحدكما كما فعلنا انا وآن؟
واخذ يضحك
مد خافيار يده الى روز وامسك بذراعها بحزم:
اذهبى الى غرفتك واحزمى امتعتك ودعى جيمى لى
ولا حظت وهو يدفعها الى خارج المكتب ان صوته الناعم كان يكظم غضبا جياشا ينذر بالشؤم.
وما كاد الباب ينغلق حتى سمعت صوته الغاضب يلسع جيمى
شعرت بالأسف لأجل الفتى , ولكن ليس بقد ما شعرت به تجاه نفسها
فادراكها بأنها وقعت فى حب ذلك الطاغية حطم روحها , واصاب ثقتها بنفسها كأمرأة
هى , روز التى امضت سنوات تطالب بحقوق المرأة , تملكها القنوط كطبيبة , من النساء الخانعات اللاتى يقبلن بالعيش مع رجال يحكمونهن , تجد نفسها مستعبدة لأحاسيسها ؟ لم يكن ذلك امرا تجرؤ على التفكير به.
روز المغلوبة على امرها تلك كانت اخر من دخل غرفة الطعام لتناول الغداء.
هب خافيار واقفا على الفور وسحب لها كرسيا
وحاول الدون بابلو الوقوف لأن تهذيبه لم يكن يسمح له بغير ذلك , فقالت وهى تجلس:
لا حاجة بك لذلك ارجوك , فأنا وصلت متأخرة
- فى زمنى كان التهذيب مع السيدات ضروريا بالنسبة الى الرجل النبيل.
قال دون بابلو هذا ثم عاد يغوص فى كرسيه ملقيا نظرة جافة على جيمى الذى ظل جالسا:
لكن يبدو ان الشبان نسوا ذلك
- ليس هذا كل ما نسوه.
قال خافيار هذا وهو يجلس بقرب روز وهو يلقى على جيمة نظرة مظلمة
من الواضح ان الخطيبين الشابين ما زالا على اللائحة السوداء عنده بعد هربهما منها هذا الصباح
فقال جيمى بوقاحة:
لا ادرى ما الذى تلومنى عليه يا خالى خافيار
يبدو لى اننا ادينا لك خدمة , اذ امكنك بذلك ان تمثل دور الفارس المغوار لامرأة جميلة
ولسوء الحظ , اصر الدون بابلو على معرفة ما جرى
وتملك روز الذعر عندما اخذ جيمى يسرد بطريقة هزلية حماقة روز ذلك الصباح بكل تفاصيلها المثيرة البشعة
وارتسمت ابتسامة عريضة على وجه دون بابلو المغضن , ثم قال شيئا بالاسبانية جعل خافيار وجيمى ينظران اليها ثم انفجر الاثنان ضاحكين.
شعرت روز بالاحمرار يغزو وجهها
لم يعجبها ان تكون موضعا لهزء الرجال, خصوصا وهى لا تفهم ما يقولون.
كان الغداء فظيعا
فقد بدأ خافيار بلعب دور الرجل المتيم الذى سيتقدم لخطبتها بمهارة وحرارة اخرستها
فكانت عيناه الداكنتان الباردتان تصبحان فجأة دافئتين ناعستين فى كل مرة ينظر فيها اليها, بينما تناوبت مشاعر روز بين احمرار الخجل والغضب
********

- انه منزل رائع الجمال
قالت روز هذا لآن وهما جالستان خلف المبنى المستطيل المؤلف من طابق واحد , على مقعد مستدير يحيط بشجرة الجكرندة الاستوائية الضخمة القائمة وسط شرفة فسيحة.
امتدت تحتهما شرفة اخرى حتى تصل الى بحيرة صغيرة رائعة ترتطم بالشاطئ برفق.
كانت الرحلة الى المزرعة خالية من اى مشاكل.
فقد استقلت روز حافلة فسيحة خاصة مع الدون بابلو وماكس وزوجته وآن.
اما خافيار وجيمى فقد استقلا سيارة الفيرارى.
وتمتمت آن:
نعم , انه مريح لكنه هادئ قليلا بالنسبة الى ويفترض جيمى ان ليس هناك متجر او اى مكان للتسلية الا على بعد اميال
- يا لك من مسكينة!
قالت روز هذا ساخرة وقد بدأت تشعر بالاسترخاء لأول مرة خلال هذه الايام الثلاثة.
كان جيمى وخافيار فى الفناء الامامى يلعبان كرة القدم مع بعض العمال , اما الدون بابلو فقد ذهب للنوم فى وقت مبكر هذه الليلة لأن الرحلة اتعبته, وسيتناول عشاءه فى غرفته.
لهذا فان العشاء سيقدم فى وقت اندلسى هو العاشرة.
مالت ان الى الامام قليلا وعلى وجهها الجميل حذر وشئ من الجد:
يا لى من مسكينة .... لكننى لا اظن ان هناك ما على ان اقلق لأجله يا روز.
اما انت فانك فى خطر من اذى وشيك يصيبك ... انا اعرف اننى طلبت منك ان تكونى لطيفة مع خافيار, ولكن حسنا... لقد رأيت كيف كان ينظر اليك كما ان جيمى اخبرنى انه رآكما فى المكتب فيما كان الباب مقفلا , والله يعلم ما الذى كنتما تفعلانه
انا اعلم انك اكبر منى سنا , وخبرتك بالناس تفوق خبرتى
لكنك لم تعبثى بالرجال من قبل
وكيف يمكنك بعد سنوات امضيتها فى الخارج , سواء فى الصحراء ام فى امكنة اخرى , ان تكونى ضعيفة ازاء رجل مثل خافيار
- لا بأس فأنا اعرف ماذا افعل
قالت روز هذا برقة وقد تأثرت للغاية باهتمام آن بها , وشكرت الله لأن الظلام يحيط بهما , ولا يمكن لآن ان ترى عينيها المغرورقتين بالدموع.
وضعت ذراعها حول ابنة خالها تشدها اليها
آن تحبها , ولو كانت الادوار معكوسة لفعلت لأجلها الامر نفسه :
تعلمين اننى كبيرة ولست ساذجة كما قد تظنين.
فقالت آن ضاحكة:
الحمد لله على ذلك! كدنا انا وجيمى نتشاجر من اجل هذا
فهو يقول ان بامكانك ان تعتنى بنفسك
لكننى قلت له ان اى رجل لديه صديقة يجب ان لا يعبث مع امرأة اخرى.
اعنى ان خافيار هو ارمل , فلماذا لا يحضر صديقته الى منزله؟
ضحكت روز فجـأة بصوت خافت , شاعرة بأنها كبيرة فى السن نوعا ما
واحتضنت الفتاة مرة اخرى قبل ان تنظر الى ساعتها ثم تنهض واقفة :
- هيا بنا حان وقت العشاء
بدا خافيار اثناء العشاء مضيفا ممتازا
وفى غياب الدون بابلو بدا جو العشاء اقل تحفظا , ولم يكن ثمة ما هو افضل من ذلك بالنسبة الى جيمى وآن المغرمين ببعضهما البعض.
لم تتناول روز سوى القليل من الطعام معللة ضعف شهيتها بسبب حرارة الجو
لكن الحقيقة انه يتعلق بارهاب خافيار لها
فقد كان التوتر يتملكها.
بدا خافيار شديد البراعة فة ما يحاول التظاهر به
فقد كان تنظراته اليها حميمة دافئة طوال الوقت , وقد زاد ذلك من توترها وصعب عليها الاحتفاظ بجو من المودة والمتعة طيلة فترة العشاء .
وعندما وصل العشاء الى مرحلة تناول القهوة , كان الارهاق قد تملكها وامتلأ قلبها الما تعذر عليها تفسيره.
كان جيمى اول من نهض عن المائدة وآن بجانبه :
المعذرة نريد ان نخرج لنتمشى
فقالت روز ضاحكة وقد تملكها ما يشبه الدوار :
آه , لا , لا يمكنكما ذلك , أنسيتما اننى المرافقة الحارسة؟
ثم وقفت وهى تقول :
انا قادمة معكما
- غير ممكن
قال خافيار هذا وهو يضحك بصوت خافت , ثم يقف واضعا يده على ذراعها :
دعى عصافير الحب وشأنها يا روزالين
واسمحى لى بمرافقتك الى غرفة نومك
فألقت عليه نظرة جانبية:
الرجل الذى احضرنى معه الى اسبانيا بصفة مرافقة حارسة يقول ذلك ؟ يبدو انك غيرت مفهومك
- لا اننى فقط انحنى لما لا مناص منه كما ستفعلين انت ذلك ايضا
قال ذلك وهو يديرها لتواجهه
قربه الشديد منها ولمسة يده على ذراعها جعلا قلبها يخفق بعنف
رفع ذقنها باصبعه وقد ضاقت عيناه على وجهها الجميل , ولاحظت تحذيرا خفيفا فى اعماق عينيه .
وفجأة تملكها الوهن وبالكاد تمكنت من الابتسام وهى ترى جيمى يرافق آن الى الخارج , وهو يقول ضاحكا:
انا واثق يا خالى انك ستعتنى بروز
انها تبدو منهكة قليلا
لم تعترض عندما احاط خافيار كتفيها بذراعه:
الى السرير روزالين
بدت لمحة من الحذر على وجهها المعبر قبل ان تفلح فى تغطيتها
استيقظت روز فى الصباح التالى وهى تشعر بالصداع.
جاهدت للنزول من السرير ودخول الحمام
تركت المياه الباردة تنساب على جسمها الى ان شعرت بالانتعاش
جففت شعرها بمجفف الشعر المعلق على الجدار ثم غادرت الحمام.
فى غرفتها ارتدت بنطلونا ابيض وبلوزة زرقاء قصيرة الكمين , بهرها الضوء لحظة وما لبثت عيناها ان اعتادته فسحبت نفسا عميقا لتملأ رئتيها من الهواء النقى.
تقع غرفتها فى الناحية الخلفية من المنزل
تمتد امامها الحدائق التى تصل الى البحيرة
اخذت تنظر الى سرب من الطيور خرج من الماء لتوه, ثم نظم نفسه على شكل دائرة , منطلقا بعد ذلك الى التلال البعيدة
تنهدت روز وتمنت لو ان بامكانها الانضمام الى تلك الطيور المحلقة فى الفضاء.
عادت الى الداخل وجلست على حافة السرير.
حاولت ان تمشط شعرها المتسابك . عليها حقا ان تقصه , كما اخذت تفكر للمرة المئة , قبل ان تسمع قرعا على بابها
لا بد انها آن وقد جاءت لتخبرها بمبلغ خداعها لنفسها :
ادخلى ولا تقولى شيئا اعرفه ...
والتفتت ببطء اذا بها تفتح فمها ذاهلة
لم يكن القادم آن بل خافيار
سار نحوها حاملا صينية من الفضة فوقها ابريق من القهوة واخر من الحليب واناء للسكر وكوبان , لكن هيئته لم تبد كهيئة احد المستخدمين بل على العكس فقد بدا وكأنه سيد العالم
شعره الاسود بدا متألقا تحت اشعة الشمس الذهبية اما تقاسيم زجهه البرونزية فقد برزت بقوة.
استقرت عيناها على كتفيه العريضتين وصدره الفسيح الذى يبرز تحت قميصه الاسود المقفل, وراح نبضها يخفق بجنون فى كل انحاء جسمها
حولت نظراتها بعيدا وبللت شفتيها اللتين جفتا فجأة بلسانها :
ماذا تريد؟
لم يكن هذا سؤالا لائقا
وضع الصينية على منضدة السرير الجانبية ثم وقف ينظر اليها
بدت ملامحه بصلابة الحجر وظهرت على شفتيه ابتسامة عنيفة
كان يبدو رائع الرجولة , واشعرتها رجولته هذه بتيار كهربائى سمرها دون حراك.
ولم تستطع روز ان تمنع نفسا سريعا ورجفة لا ارادية فى يدها, ما جعل الفرشاة تسقط من يدها
وعندما انحنت لتلتقطها سبقها خافيار اليها:
آه اظنك تعلمين
قال ذلك وقد اتسعت ابتسامته
مال الى الامام ومر بيده على ذقنها
احرقتها لمسته كالنار
نظرت الى عينيه بثبات:
هل لك ان تعطينى الفرشاة من فضلك؟
- بهذه البرودة؟
رفع حاجبيه ثم انتصب واقفا وهو يتأمل وجهها المتكبر:
ربما هذا يكفى الان اسكبى القهوة وانا سأمشط شعرك
ارادت ان تعترض لكنه جلس بجانبها وراح يمشط شعرها المتشابك:
- شعرك رائع انه بلون الخمرة وفيه خصلات ذهبية اللون
بتأثير الشمس الحادة يصبح جافا وتضيع الوانه
وادركت انها تثرثر
كان خافيار يضع يده على كتفها كأنه يثبتها بينما راح يمشط بيده الاخرى
تمنت لو ان بامكانها ان تميل الى الخلف لتستلقى على صدره الواسع القوى ومضت لحظة كادت تفعل فيها ذلك
- هذا يكفى
قالت هذا بصوت خافت وهى ترفع رأسها الى الامام ثم اجفلت عندما جذبت هذه الحركة شعرها.
ضحك وادار وجهها اليه :
كلمة يكفى لا وجود لها فى قاموس علاقتنا يا روزالين
ثم انحنى وعانقها
غمرتها امواج من الاحاسيس حطمت تحكمها فى نفسها فأخذت تتململ
رفع خافيار رأسه مبتسما وشعلة من الرضى تلمع فى عينيه ثم عاد يعانقها
بدا ان مشاعرها قد هزمت عقلها منذ وقت طويل فمدت ذراعيها تطوق بهما عنقه
وغرقت فى حلاوة عناقه للحظات طويلة.
وفجأة تراجع الى الخلف ثم وقف :
"لا"
لا ... وماذا يعنى ب"لا"؟
جلست على السرير تنظر اليه
- اجلسى وسأسكب القهوة
جاهدت للجلوس وقد التهب وجهها
كان عليها ان توقفه عند حده منذ اول لمسة منه
شعرت بالاذلال لادراكها ان ليس لديها دفاعات ضد هذا الرجل , بينما هو محنك للغاية وذو خبرة واسعة فى العلاقات مع النساء
وجعلها تصميم عنيد تقف على قدميها , وهى تبدو شاحبة بشكل غير عادى:
لا تزعج نفسك لا بد انها بردت الآن
قالت هذا وهى تتوجه الى الباب برشاقة , محاولة ان تجاريه فى كلامه المهذب:
سأعد لك كوبا طازجا
- فكرة جيدة
قال هذا بنعومة ثم سبقها الى الباب يفتحه لها وهو ينحنى باحترام
تجاوزته خارجة , متجنبة النظر الى عينيه الداكنتين الساخرتين , وفجأة واذا به يمسك بخصرها يوقفها عن السير
- دعنى ....
فقاطعها:
انتظرى يا روزالين , شعرك ...
ومد يده يزيح خصلة شعر عن وجهها :
هذا يفضح الامر نوعا ما ...
اقترح ان تسويه بشكل ما قبل ان تقابلى بقية من فى البيت
لكن تحذيره جاء بعد فوات الاوان , ووقعت الكارثة ......
*********

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 05:14 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد

 


8- وهل أملك الخيار؟


وقفا عند مدخل غرفة النوم وكان الدون بابلو على بعد اقل من مترين جالسا على كرسيه ذى العجلات وماكس خلفه يدفعها به فى الممر
القى نظرة ملؤها التعجب على روز وشعرها المشوش الاشعث المنسدل على كتفيها , ثم على ابنه الذى كان يمسك بمعصمها بيد , بينما يده الاخرى تعبث بشعرها
وصاح بصوت كخوار الثور لا يناسب رجلا مريضا يصارع الموت :
خافيار ! كيف تجرؤ على اغواء فتاة ... فتاة ضيفة فى بيتنا؟
واكمل حديثه بلغته ووجهه يتوهج غضبا فأمطره بوابل من الشتائم بدت شائنة حتى بالنسبة الى روز التى تجهل الاسبانية.
ارتدت روز الى شخصيتها المهنية , وادركت ما يمكن ان يفعله الانفعال البالغ بصحته , فتدخلت تقول :
ارجوك , دون بابلو .... لغا ترهق نفسك بالانفعال
الامر لا .....
واذا بأصابع خافيار تنغرز فى لحم معصمها فكبحت صرخة الم :
دعى الامر لى
قاطعها بذلك بحزم
ماذا يريدها ان تترك له؟
والقت عليه نظرة مرة
ألا يستطيع هذا العديم الاحساس ان يرى كم كدر اباه؟
لكنه تجنب عينيها وتابع قائلا:
ما كانت روز ستقوله يا ابى هو ان الامر ليس بهذا السوء , لأنها منحتنى شرف موافقتها على الزواج بى
نظرت روز اليه بذعر , وفتحت فمها لتنكر ذلك , ولكن ازدياد ضغط اليد على معصمها والعناد فى ملامحه اوقفا الكلمات فى حلقها.
اخذ الدون بابلو ينقل نظراته المجفلة بينها وبين ابنه , لتستقر اخيرا على وجه روز الذى كان يتوهج احمرارا : يا عزيزتى .... يا فتاتى العزيزة , انا مسرور للغاية
قال هذا بشعور صادق وفد اضاءت وجهه المغضن ابتسامة دهشة ولاحظت روز ان عينيه مغرورقتان بدموع الفرح :
لم اظن قط اننى سأعيش لأرى هذا اليوم
ومد اليها يدا معروقة :
تعالى لأعانقك
القت نظرة قاسية على خافيار , فالتوت شفتاه بابتسامة , كأنه يتحداها ان تجرؤ على رفض طلب الرجل العجوز
وعضت روز شفتها
أى خيار لديها؟
الان او الاسبوع القادم ليس هناك فرق كبير
عادت بانتباهها الى الرجل العجوز ,وانحنت لتمسك بيده التى كان يقدمها اليها , فضمها بيده الاخرى الواهنة اليه , فألقت روز خدها على خده المتعضن , مستسلمة الى ما لا مناص منه...
وبعد ان اندفع ماكس بالأب بسرعة بالغة الى هاتف لينشر النبأ , قال لها خافيار ساخرا:
والان هل وجدت الامر مؤلما جدا؟
- قد لا يكون كذلك اذا انت تركت معصمى.
لقد وقع الامر ولم يعد هناك داع للجدل , لكن يده العريضة التى كانت تدعك جلدها بكسل كانت تمثل عرضا مختلفا للزواج
فابتعدت عنه وهى تجاهد للسيطرة على حواسها الغادرة :
ما زلت بحاجة الى فنجان قهوة
- وبحاجة ايضا الى خاتم
- انا لست بحاجة الى خاتم
بعد ذلك بخمس دقائق , كانت لا تزال تجادل فى هذه النقطة , وهى تقف وسط غرفة مكتبه, وفى يدها فنجان قهوة يتصاعد منه البخار.
نظرت اليه روز وهو يخرج شيئا من خزنة فى الجدار , فاختلست النظر الى جسمه القوى وتأوهت.
التفت خافيار بدون انذار فرآها تحدق فيه , وبخطوة واحدة كان يقف الى جانبها .
قال وعيناه تلمعان هزلا:
الخاتم والعرس ضروريات لاتمام الزواج
فى محاولة للسيطرة على افكارها المشاكسة , رشفت محتويات فنجانها ببطء ثم وضعته بهدوء على المنضدة:
اسمع خافيار
دعنا نوضح هذا الموضوع
انها مجرد ترتيبات زواج لا اكثر
انا ... أنا...
وتلعثمت وكادت تفقد اعصابها:
انا لا اريد ان تتجاوز العلاقة بيننا ترتيبات الزواج
- لن اجادلك فى ذلك
كانت عيناه غامضتين فيهما وميض لم تستطع تحديد ماهيته
- هذا خاتم امى وانا اريدك ان تلبسيه
نظرت روز الى علبة الخاتم المفتوحة فى يده , وطالت نظرتها الزمردة المربعة المحاطة بغدد من الماسات, والمستكينة فى مخمل ياقوتى اللون
رفعت ذقنها قليلا ونظرت اليه بجرأة
بدا رائعا لكنها لن تخبره بذلك وسألته بخضونة:
هل اعجب هذا الخاتم زوجتك؟
فقال بنعومة:
زوجتى الراحلة اختارت خاتمها بنفسها, اما انت فليس لديك خيار
وامسك بيدها ووضع الخاتم فى اصبعها اليسرى :
مناسب تمام
سيسر أبى به
راح الغضب يفلى فى داخلها
انه على صواي مرة اخرى , تبا له ! فهى لا تملك الخيار.
نظرت الى الجوهرة فى اصبعها وادركت انها غير مستعدة لمناقشة الموضوع:
لا بأس
سألبسه لأجل ابيك وهذا سيقوى صحة ادعائنا كما اظن
قبلت ذلك كارهة فقال ضاحكا بسخرية:
انت سهلة القياد روزالين , واتساءل الى متى ستبقين كذلك
وقبل ان تتكهن بنيته , احاطها بذراعيه وعانقها وثار غضبها حتى لم يعد بامكانها التنفس حين اطلقها:
لماذا فعلت ذلك وليس هناك احد ليرانا؟
- ارجو المعذرة لقيامى ببعض التدريبات هنا, فأنت تصبحين جميلة جدا عندما تغضبين
جاءت ابتسامته العريضة تأنيبا سافرا لملامحها المتمردة
- لن نصل الى مرحلة الزفاف ابدا
قذفته بذلك بدون احتراس , وعيناها الغاضبتان تحومان فوق هذا الرجل القوى الرائع المتسلط , والذى لا تستطيع منع نفسها من تحديه.
ثم تابعت تقول :
وحتما سوف يدرك هذا شخص ما
- آه , أتظنين ان الاسرة سترانا متخشبين؟
ابتسمت فى داخلها
انها المرة الاولى التى تراه فيها مرتبكا وهو يسئ فهم تعبيرها بلغتها الانجليزية
وابتسمت فى داخلها:
"نعم"
شئ فى لكنته الاجنبية الخفيفة وهو يتحدث جعل شفتيها تلتويان
حاولت ان تخنق ضحكتها التى اخذت تغلى فى صدرها فلم تستطع , وهكذا انفجرت ضاحكة.
- انا مسرور لأننى اسليك
رنين ضحكتك هو تغير بهيج فى وجهك العابس الذى تواجهيننى به على الدوام.
واشرق وجهه بابتسامة تغضنت معها زوايا عينيه فبدا اصغر من سنه بعشر سنوات.
**********
بعد مضى اسبوعين , وقفت روز امام المرآة الطويلة فى الحمام
قررت انها فعلا تبدو عروسا بشعرها الاحمر الممشط الى الخلف بشكل كومة من الخصلات يحيط بها اكليل من الزهور
اما ثوبها وهو من الساتان العاجى فبدا ملائما تماما لطول قوامها , مبرزا خصرها النحيف ملتفا حول وركيها بأناقة.
بدا ثوبا تقليديا ببساطته , فالتنورة تنسدل بنعومة فوق الفخذين وساقيها لتنتهى عند القدمين
اما الحذاء فهو عبارة عن خفين من الساتان ايضا.
لم تشعر روز بأى من المشاعر التى تنتاب العروس عادة فى يوم زفافها, وانما الاستسلام الحذر هو ما رأته فى العينين الخصراوين اللتين كانتا تبادلانها النظر فى المرآة.

قالت آن :
تبدين رائعة الجمال
لم اعد استطيع الصبر على موعد عرسى انا
نظرت روز الى آن التى بدت جميلة بثوبها المشابه لثوب العروس ولكن بلون فستقى , وقالت لها برقة :
وكذلك انت
طرق الخال اليكس الباب الموارب بخشونة:
هيا حان وقت الذهاب
دست آن باقة ازهار رائعة فى يد العروس:
سأراك فى الكنيسة
بينما امسك اليكس بذراع روز وقادها الى حيث سيارة العرس:
- تبدين رائعة الجمال يا عزيزتى
سيكون والداك بالغى الزهو بك اليوم
شعرت روز برغبة فى البكاء عندما ساعدها خالها فى الصعود الى السيارة وجلس بجانبها
منذ ذلك اليوم المهلك الذى اخبر فيه خافيار أباه بأنهما سيتزوجان لم تكن روز ترى عريسها المفترض الا نادرا
مساء ذلك اليوم نفسه وفد الى المنزل العديد من المهنئين وتقبلت التهانى من الجميع
وفى اليوم التالى , عندما كانت روز وآن ترتاحان بجانب بركة السباحة سألتها آن عن سبب السرعة فى هذه الخطبة
نجحت فى اقناع ابنة خالها بأنها وقعت فى الغرام , ثم ما لبث جيمى وخافيار ان وصلا الى البحيرة فتركت آن الموضوع.
فى الواقع لم تر روز خافيار بمفرده منذ ذلك اليوم
وان كانت قد تمنت فى سرها ان يكون زواجهما حقيقيا , فقد تلاشى املها بذلك تماما.
كان خافيار يحضر لتناول الفطور ليختفى بعد ذلك فجأة , ثم يظهر من جديد عند العشاء ليتصرف كمضيف لبق وخطيب مشتاق فيخدع الجميع .
التعزية الوحيدة التى وجدتها فى ورطتها هذه كانت فى الدون بابلو , فقد كانت سعادته توحى بالسرور لمن يراها؛ لقد منحت العجوز فرصة جديدة للحياة.
ولم يكن قلب روز الرقيق يسمح لها بأن تبدد وهمه.
وبدلا من ذلك استغرقت فى عمل بالغ الاهمية , فقد ذهبت خلال العطلة الاسبوعية التى تلت هى والدون خافيار الى انجلترا بالطائرة الخاصة طبعا لتعود مع والدى آن وجيمى
وقد استلمت تيريزا مسئولية تنظيم العرس
كما قامت برحلات الى سيفيل للتسوق وزيارة صالونات التجميل
حتى لو ارادت روز ان تتحدث مع خافيار بمفرده ما كانت لتجد فرصة لذلك.
لم تكن بحاجة الى الكثير من الذكاء لتعلم انه كان يتجنبها
ما ان اذيع نبأ الخطبة حتى بدا خافيار متباعدا ولم تحصل منه على عناق, ما عدا بعض العناقات الباردة فى المناسبات وامام افراد الاسرة
وكان الاستنتاج واضحا؛ فهى ستكون بالضبط فى الموقع الذى وضعها فيه منذ البداية , زوجة مقبولة اجتماعيا لترضى أباه.
اما رغباته الجسدية فقد استقر امرها عند صديقته
وحدثت روز نفسها بأن هذا الامر لا يهمها , واوشكت ان تصدق ذلك ....
ايقظها من تأملاتها صغط خالها على يدها.
لقد وصلا! كانت الكنيسة قائمة فى الناحية الاخرى من البحيرة فى قرية فالدزبينو الصغيرة للغاية.
كان الطريق اليها قصيرا جدا بالنسبة الى روز .... راح قلبهل يخفق عاليا, ولو لم تكن متشبثة بذراع خالها , لما استطاعت ان تصعد الدرجات المؤدية الى باب الكنيسة.
استغرقت عيناها لحظة لتتعودا على جو الكنيسة المعتم .
وعندما حدث هذا حبست انفاسها
كان خافيار واقفا عند اسفل مذبح الكنيسة مراقبا كل خطوة تخطوها
بدا طويلا عريض الكتفين ووسيما الى حد لا يصدق فى بذلته الرمادية الانيقة
اشتبكت نظراتها المتوترة مع العينين السوداوين اللتين اشتعلتا فجأة بنار الابتهاج بالنصر فكادت نارهما تبتلعها.
وكادت روز تستدير لتهرب ....
تقدم خافيار الى الامام وامسك بيدها
شعرت برجفة فى جسمها لم تستطع تفسيرها , فجمدت مكانها.
ضاقت عيناه وكأن ترددها اغضبه , ثم جذبها لتقترب نحوه.
ثم حياها الكاهن وابتدأت مراسم الزواج.
فيما بعد لم تتذكر روز من الاحتفال سوى القليل ما عد الوجود المدمر لذلك الرجل الطويل العريض الكتفين بجانبها .
شعرت بخاتم الزواج وكأنه ختم بارد قاس بالتملك فى اصبعها , ولدهشتها اعطيت خاتما لتضعه فى اصبع خافيار
وعندما تلا الكاهن الكلمات:
يمكنك ان تعانق عروسك
لم تكد تفلح فى اخماد رجفة حتى اغتنم هو الفرصة واخذها بين ذراعيه واحنى رأسه المزهو وعانقها.
غاضبة متوهجة الوجه , رفعت روز بصرها الى وجهه الاسمر بعد ان تركها اخيرا, فتصارعت اعينهما للحظة.
لم تكن تريد عناقا مقنعا الى هذا الحد , بل لمسة مختصرة تتماشى مع التقاليد لا غير!
وابتسم خافيار بينما شعرت هى بارتجافة عندما تأبط ذراعها بشكل متملك وقادها عائدا بها الى ممر الكنيسة.
اخذت لهما الصور الفوتوغرافية وتنفست روز الصعداء عندما غاصت شاكرة فى المقعد الخلفى من سيارة العرس
كانت هذه هدنة قصيرة قبل ان تضطر الى مواجهة المدعوين مرة اخرى فى حفلة الاستقبال فى المنزل
-سارت الامور بأحسن حال كما اظن
قال خافيار هذا وهو يجلس بجانبها جسمه القوى قريب منها الى حد لا يبعث الراحة فى مشاعرها
- وانت تبدين رائعة الجمال يا زوجتى العزيزة
والتفت اليها لينظر الى جسمها الرشيق بعجرفة مثيرة للاشمئزاز بقدر ما هى وقحة
وقال ساخرا:
وعذراء طاهرة تماما
فقالت بحدة:
الثوب كان فكرة اختك
لا بد انها مجنونة لموافقتها على الزواج من هذا الرجل وتملكتها المرارة وهى تقابل عينيه السوداوين الباردتين.
لم يكن فى نظراته اى اثر للحنان
هناك فقط السخرية الباردة لرجل يفحص شيئا اقتناه حديثا مقيما ان كان يستحق ثمنه.
وعادت تقول :
انا شخصيا كنت افضل ثوبا اسود
رأت الغضب يتصاعد فى عينيه لكنها لم تهتم
فقد شعرت بأنها مجروحة بشكل غريب وهى تراه يسخر من الزواج بعد دقائق من خروجهما من الكنيسة
لكنها عادت فذكرت نفسها بأنه لم يكن زواجا حقيقيا.
اقيمت وليمة العرس والقيت الخطب التقليدية وتعالت اصوات الموسيقى والصحكات.
كما قدم العصير الفاخر بسخاء وانتشر الضيوف فى الغرف والحدائف
ابتسمت روز للجميع حتى آلمها خداها
واخيرا شعرت بخدر لم تعد تشعر بعده بشئ.
كانت ذراع خافيار تلتف بحزم حول خصرها طوال الوقت
احنى رأسه وهمس لها:
حان وقت رحيلنا الى شهر عسلنا, روزالين
هل تريديننى ان اساعدك فى تغيير ملابسك؟
- انت تمزح!
ورأت آن قريبة منهما فتابعت تقول:
وصيفة العروس هنا لهذا الغرض
ثم امسكت بالفتاة
عندما كانت روز تغير ملابسها راحت آن تحدثها وهى مليئة بالحماسة عن سخاء خافيار مع جيمى ومعها ما اثبت لروز ان خافيار قد وفى بتعهده فى الصفقة:
عريسك رائع
انا وجيمى مسروران للغاية للنفقة الجديدة التى خصصها لنا
- لكنك اخبرتنى بذلك امس
ارادت ان تسكتها
لم تكن تريد ان تسمع مرة اخرى ان خافيار رجل رائع , لكن آن تابعت الكلام بكل تفاصيله الدقيقة.
سوت حمالات ثوبها الغالى الثمن , ثم تناولت سترته الملائمة وحقيبة يدها
وكانت قد ازالت الازهار من شعرها وجعلته على شكل ضفيرة فرنسية .
ولم تلبث ان استعادت شيئا من ضبط النفس
لكنها كانت مرتاحة تقريبا للرحيل , فقد كان مزاج ان الطيب الفكه فوق احتمالها.

كان خافيار ينتظرها فى الردهة فانتصب واقفا لدى اقترابها والتوى فمه بابتسامة استحسان بالغ.
وحدثت روز نفسها بأن ذلك مجرد تمثيل لأجل الضيوف لكن ذلك لم يمنع تسارع النبض فى عنقها
وعندما اصبحت بجانبه كانت اعصابها قد بلغت اقصى درجات التوتر.
- هذا حسن جدا
قال ذلك وهو يحيط كتفيها بذراعه ويقودها بين حشود المدعوين الى حيث كان والده يجلس بين افراد اسرته.
قبل الدون بابلو وتيريزا روز , وكذلك جين واليكس وآن وجيمى
لكن آن تشبثت بها للحظات
يجب ان لا تعلم هذه الشابة الصغيرة ابدا ان كل هذا هو لمصلحتها.
حملتها السيارة الفيرارى الحمراء من طريق المنزل الفرعى الى الطريق العام
وضع خافيار قدمه على دواسة البنزين فاندفعت بهما السيارة ما جعل روز تسقط على مقعدها
فسألته :
لم هذه العجلة؟
- هممم... ؟
وشخر قائلا بعد ان القى عليها نظرة قصيرة , عاد بعدها لينظر الى الطريق:
انا محبط
نظرت اليه مجفلة
اذا كان يظن انه سيرضى رغباته الجسدية معها عليه ان يفكر مرة اخرى:
والآن , انتظر لحظة ...
فقال ساخرا:
سائق سباق محبط
اغمضت عينيها بارتباك , وتصنعت النوم واذا بآثار الليالى المؤرقة تدركها فتغرق فى النوم
- روزالين
داعب الصوت العاطفى الاجش احلامها
- نعم
وتنهدت وهى تفتح عينيها.
وتشابكت العينان الخضراوان الناعستان بالعينين الداكنتين.
ولم تستطع ان تمنع شهقة صدرت عنها.
كان خافيار منحنيا فوقها وملامحه صلبة كالحجر وفى عينيه لمعان بدائى متوحش
انسدلت اهدابه لتخفى اى لمحة من مشاعره , وهو يبتسم ابتسامة صغيرة مخيفة:
لقد وصلنا
قال هذا وذراعه تمتد حولها , واصابعه تفتح قفل حزام مقعدها
شعرت روز باحساس عنيفجعلها ترفع يدها بحركة لا ارادية نحو وجهه, لكنها ما لبثت ان ادركت فى الوقت المناسب ما كانت تفعله فاستعادت سيطرتها على احاسيسها الغادرة
اكملت حركة يدها بتوجيهها الى شعرها متظاهرة بأنها حركة عفوية-:
- هذا ما اراه
برز الى جانب السيارة رجل لم تره من قبل وفتح لها الباب
وعندما نزلت وقف خافيار بجانبها وقام بمهمة التعارف :
روزالين , هذا فرانكو
انه ماذا تسميه؟ رئيس خدمى
فقالت بفضول:
ومن هو ماكس اذن ؟
- ماكس ومارتا هما مرافقا ابى الدائمان.
يذهبان حيث اذهب .
فرانكو هو المسؤول عن هذا البيت وكان فى اجازة عندما اتيت انت الى هنا من قبل
اجتازت الردهة الفسيحة الانيقة وخافيار يتقدمها بخطوة فيما سار فرانكو خلفها حاملا حقيبة ملابسها واذا بها تشعر بدافع ملح الى الضحك بشكل عصبلا لم تستطع مقاومته
فقد كانوا يسيرون فى صف واحد على الارض المرصوفة بالموزاييك ما جعلها تتذكر فيلما هزليا كانت قد شاهدته من قبل
عضت باطن شفتها بشدة لتمنع نفسها من الانفجار بالضحك
ان يكون عريسان فى ليلة زفافهما بهذا التحفظ هو امر سخيف للغاية!
- هل هناك ما يسليك؟
وقف خافيار وامسك بذراعها وارغمها على مواجهته
احرقتها لمسته كالنار فنظرت الى اصابعه الطويلة على جلدها , واذا بكل ما تشعر به من تسلية يتلاشى .
رفعت اليه عينيها ورأت التحدى الخطر فى ابتسامته:
لا , لا شئ على الاطلاق
واين التسلية فى زواج من دون حب؟
كان العشاء راقيا متحضرا
واكلت روز عدة لقيمات من اللحم البارد ومع انها لم تشعر بنكهته مطلقا فقد ارغمت حلقها الجاف على ابتلاعه , كانت تشعر بتوترها يتصاعد طوال الوقت.
تبادلا كلمات لا معنى لها مثل:
سار العرس على ما يرام ... بدت تيريزا بصحة جيدة .... كان الجو متألقا .... وحاولت روز ان تبقى الحديث مهذبا , لكن اجوبة خافيار غدت مختصرة اكثر فأكثر مع مرور الوقت وجلس صامتا بكآبة ما بعث الاكتئاب فى نفسها
واخيرا دفعت كرسيها الى الخلف ووقفت.
_ أذاهبة الى مكان ما؟
ضاقت عيناه واخذ يحدق اليها لحظة طويلة وقد بدا فكه متوترا
تصلب جسمها :
لقد نلت ما فيه الكفاية
ولم تكن تتحدث فقط عن الطعام
فمن الواضح ان العرس قد انتهى, والمهمة قد انجزت بالنسبة الى خافيار, فماذا يمكن ان يقال بعد؟
- فكرت فى ان افرغ حقيبتى, فقد كان يوما مجهدا وانا متعبة نوعا ما.
فقال بنعومة:
كما تشائين
اظن ان فرانكو اعطاك الغرفة التى كانت لك فى المرة الماضية
هكذا اذن....؟ ما كان امرهما ليصبح اكثر وضوحا لو انه كتب ذلك فى عقد الزواج
- تصبح على خير
قالت روز هذا بفتور وخرجت من الغرفة , ولم يحاول خافيار منعها
بعد حوالى نصف ساعة كانت قد اغتسلت ولبست قميص النوم الوحيد الذى وجدته , وهو من الساتان والدانتيل , وكانت آن قد اختارته لها كهدية ليلة الزفاف
ثم صعدت الى السرير ذى المظلة
استلقت على ظهرها واخذت تنظر الى اشعة القمر الفضية
كان الجو شديد الحرارة , لكنها جذبت الملاءة كالعادة حتى عنقها ثم اغمضت عينيها , وسرعان ما راحت فى غيبوبة هى بين النوم واليقظة
لمسة خفيفة ناعمة من يد قوية على خدها جعلتها تتنهد مبتهجة وتتقلب فى هذا الدفء
وبوهن بالغ فتحت عينيها لكنها لم تر شيئا , فقد كان الظلام حالكا
لا شك بأنها تحلم!
رفعت ذراعيها وامسكت بطيف عاشقها , فأحاطت يداها بظهر رجل صلب .... وللحظة تجمدت يداها....
بعد ان اعتادت عيناها الظلام , ادركت ان الامر حقيقى:
خافيار
كان يرتدى بيجاما من الحرير الناعم:
ومن غيرى يا جميلتى روزالين
حاولت الذراعان اللتان امتدتا نحوه غريزيا ان تدفعاه عنها
فاشتبكت احدى يديها بسترة بيجامته بينما انبسطت الاخرى على صدره.
امسك بيديها بسهولة وهو يقربها منه:
نعم يا زوجتى
- ما الذى تظن انك تقوم به ؟
سألته بصوت يعوزه الاقتناع حتى فى اذنيها
لكن مع شعورها برائحته , غرقت مرة اخرى فى سحر رجولته
وكان الجواب ضحكة خافتة وعناق حميم الهب مشاعرها.

حاولت روز...حاولت ان تقاوم ... اغمضت عينيها كأنها لا تريد ان تشعر بشئ
ولكن ذلك لم يساعدها سوى فى اثارة حواسها الاخرى
شعرت بخفقان قلبه القوى فى صدره , واثارت لمساته فيها مشاعر لم تقو على انكارها
فاسترخت بين ذراعيه مستسلمة لأحاسيسها.
قال بصوت خشن وعيناه السوداوان تلمعان فى عينيها:
هذا ما كان يجب ان يحصل منذ عشر سنوات
اخذ قلبها ينبض فى اذنيها , وما هى الا لحظات حتى غرق كلاهما فى بحر من الاحاسيس المحمومة جعلتهما غافلين عن كل ما حولهما.
مضى بعض الوقت قبل ان تعى روز ما حولها .... خفقات قلبه المنتظمة على صدرها وصرير انفاسه , كانا الصوت الوحيد فى تلك الغرفة المظلمة.
ماذا فعلت؟
تهاوت بين يديه لدى اول لمسة كالمراهقات ؟
اخذت تعنف نفسها.
- يا حلوتى روزالين
انك رائعة حقا!
قال خافيار هذا هازلا بصوت اجش
وهو يحك انفه بعنقها , ثم يتركها.
وضعت يديها على كتفيه تريد ان تدفعه عنها بعيدا وهى تشعر فى اعماقها بالخزى من استسلامها العاجز هذا له.
وبدا ذلك , بشكل ما اسوأ عندما ادركت انه ما زال يرتدى سترة البيجاما!
**********

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 19-07-19, 05:16 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 406
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي رد: 327 - حب وخط أحمر - جاكلين بيرد

 


9- حب ... وخط أحمر

تركت روز ذراعيها تسقطان الى جانبيها
ومع انها حررت يديها, الا انها تعلم الان ان جسدها لن يتحرر ابدا من عبوديته لخافيار.
رفضت ان تدعو هذا حبا
بقيت مستلقية مدة طويلة تحدق فى الظلام وهى تشعر بالخزى للسهولة التى استسلمت بها اليه.
- تبدين هادئة تماما روزالين؟
اخترق الصمت بينهما صوت خافيار الاجش
كان يستلقى على جنبه ,
وجسده الذى اخفى الظلام معالمه يميل نحوها وقد ظهر الرضى فى عينيه,
وهو يمرر اصبعه على شفتها السفلى:
انت تثيرين دهشتى , فقد بدوت متشوقة للغاية , يبدو انك لم تحصلى على علاقة جسدية منذ وقت طويل
هبطت روز من ذروة الاحاسيس التى تدير الرأس , الى الحقيقة القاسية
فأخفت مشاعرها الممزقة وراء حنكة هادئة:
وماذا هناك لأقوله؟
انت عاشق عظيم
ولكن لا بد ان مئات من النساء اخبرنك بذلك
وعلى كل حال فقد حصلت على الكثير من التدريب ومن المؤسف ان ليس لديك نفس الحرارة فى المحافظة على الوعد
قالت هذا متهكمة , فقال خافيار ببرودة:
انت تدخلين ارضا خطرة
فأنا لم انس اساءتك ولم اصفح عن هروبك بعد ان تعاهدنا على البقاء معا
محاولتها للتمسك بالحنكة تلاشت عندما ذكرها بما اثار آلامها:
انا ايضا لم انس ولم اصفح
كما لم انس ابتزازك لى هذه المرة للقبول بهذا الزواج بعد ان وعدتنى انه لن يكون بيننا اة علاقة.
قالت له هذا بصوت كالفحيح , وقد غص حلقها بمرارة , بسبب كل ما عانته على يده من قهر واذلال:
انت حقير كذاب وانا اكرهك
- انا لم اعدك قط بزواج من دون علاقة جسدية بيننا
انت سمعت فقط ما تريدين ان تسمعيه
اما بالنسبة الى الكراهية , فانا اعتبرها اشبه بالاعتراف الزائف بالحب.
اذا كانت كراهيتك لى تجعلك تذوبين بين ذراعى فمن هو الكذاب بيننا اذا ؟
التمع شئ فى عينيه جعلها ترتجف ودفعته على صدره بشدة , لكنه لم يفعل سوى ان اطلق ضحكة قاسية خشنة , ثم ضمها اليه كم جديد
- لا , لا .....
وامسكت بشعره الذى اشتبك بأصابعها وهى حاولت ان تدفعه عنها.
- هل هى الكراهية التى تجعلك ترتمين بين ذراعى لدى اول لمسة؟
قال هذا ساخرا فيما هو يمرر يده بنعومة على كتفها
ثم رفع رأسه واخترقت عيناه المتألقتان عينيها بمشاعر محرقة.
بالرغم من جهودها لرفضه , لم تستطع ان تمنع رجفة البهجة التى فضحتها.
وعاد يعانقها ليغرقا من جديد فى بحر من المشاعر المحمومة.
استيقظت عند الصباح مشتتة الذهن تماما .
كانت الغرفة لا تزال مظلمة وذراعه الثقيلة مرمية على جسمها.
عادت الذكرى اليها ومعها شعور بالخزى لادراكها سهولة وقوعها بين ذراعى خافيار.
تمطت ثم حاولت ان تخرج من تحت ذراعيه اللتين كان يقيدها بهما.
تمتم خافيار بكلام غير مفهوم لكنه لم يستيقظ
تململ بعدم ارتياح ثم انقلب على ظهره, فتحررت منه ونزلت من السرير
واذا بها تجمد مكانها لسماعها قرعا على الباب وصوتا ينادى خافيار , ثم انفتح الباب مدخلا دفقة من الضوء معه
وسرعان ما ملأ الضوء الغرفة حين دخل فرانكو باسما وهو يحمل صينية القهوة.
عادت روز الى الاستلقاء فى السرير وسحبت الملاءة تغطى بها جسمها.
فتح خافيار عينيه وجلس فى السرير:
أى جهنم ؟
رفعت روز بصرها لترى ظهره العريض فشهقت:
آه يا الهى!
كانت الندبة تمتد من تحت ذراعه نزولا الى جنبه,وقدغطت اثارها نصف مساحة ظهره
سألته مضطربة :
ماذا حدث لك؟
لا يتطلب الامر ان تكون طبيبة لتدرك انه تعرض لحرق سئ جدا يوما ما
بدا واضحا ان هناك محاولة لجراحة تجميلية , لكن الاثر السئ المتبقى لا تخطئه العين.
تفكيرها بالعذاب الذى سببه له هذا الحرق جعلها توشك على البكاء.
انطلق صوت خافيار حادا كلذع السوط:
اخرج فرانكو
ولم ينتظر خروجه بل التفت اليها
بدت رائعة الجمال بغمامة من الشعر الاحمر الموشى بالذهب تحيط بوجهها على الوسادة , كما بدت عيناها الخضراوان دافئتين مليئتين بالعطف على وجهه الوسيم
لكنه لم يكن يريد شفقتها فهى متأخرة جدا:
ما الذى تتوقعينه من حادث سيارة؟ ندبة صغيرة انيقة؟ انت طبيبة ومن المؤكد ان بامكانك ان تميزى تأثير حروق البنزين
قال هذا ساخرا , فجلست فى السرير ومدت يدها بسرعة الى ظهره وراحت تتحسس الجلد المغضن بأصابعها الرقيقة:
لم اعرف قط , انا آسفة
قالت هذا بهدوء
وفجأة اذا بأشياء صغيرة تصبح مفهومة ؛ رفضه السباحة معهم فى البحر فى بيت المزرعة
ثم تذكرت ان ضوء القمر كان يملأ الغرفة حين دخلت الى النوم الليلة الماضية , ولا بد ان خافيار اسدل الستائر ليمنع اى ضوء قبل ان يلتحق بها الى السرير.
ثم البيجاما!
اخترقت نظراته عينيها:
بل تعرفين تماما
ونفض عنه يدها ونزل من السرير وهو ينظر اليها بعنف:
لديك وجه ملاك وتكذبين كالشيطان
تملك روز الذعر والاضطراب لقوله هذا
ليست هذه المرة الاولى التى ينعتها فيها بالكذابة
ولكن لماذا؟
هذا ما لم تكن تعرفه
حدقت اليه بصمت وقد اتسعت عيناها بعطف وحيرة
هل نشر خبر الحادث فى الصحف فافترض انها عرفت به؟
- لا اريد شفقتك ولا احتاجها.
قال هذا بخشونة وهو ينظر الى ملامح عينيها :
جسدك هو كل ما اريده
وكما لاحظت الليلة الماضية الامر ينطبق عليك ايضا فلا تزعجى نفسك بانكار ذلك
لم تصدق ان خافيار زوجها المتغطرس يعانى من ضعف ما فى شخصيته
لقد تعمد ان يخفى جسده عنها
تذكرت حرصه على ألا تلمس يداها ظهره
ما الذى حدث؟
وهل بلغت القسوة باحداهن حدا جعلها ترفضه بسبب اثار حروقه هذه؟
أتراها زوجته الراحلة؟
لم تعرف روز , لكن قلبها كاد يتمزق لأجله
شعرت برغبة بخنق تلك المرأة القاسية, عديمة الاحساس
وفى هذه اللحظة بالذات ادركت انها تحبه ... وربما احبته دوما!
اشتدت يداها على الملاءة
ستحبه من دون امل الى اخر حياتها.. وربما الى الابد
خنقتها المشاعر فابتلعت ريقها بصعوبة واسدلت اهدابها لتخفى مشاعرها عنه:
لم اكن سأنكر ذلك
فالتوت شفتاه بسخرية:
ربما لا ترغبين بأن تنظرى الىّ ولكن هذا غير مهم
تعرفين المثل القائل(كل القطط رمادية فى الليل)
تملكها الذعر لقوله هذا فقفزت من السرير ووقفت على بعد قدم منه:
- قولك هذا فظيع
أنا....
وعضت شفتها بقوة والفزع يتملكها لأنها اوشكت ان تعترف له بحبها... فاستدارت على عقبيها وهربت الى الحمام, بعد ان اغتسلت, شعرت بأنها اكثر سيطرة على مشاعرها
فتحت خزانتها واخرجت ثوبا قطنيا اخضر , ارتدته فى دقيقة , وسوت تنورتها على وركيها.
سارت الى صينية القهوة التى احضرها فرانكو وسكبت لنفسها كوبا , ثم سارت الى النافذة وابعدت الستائر
انه يوم مشمس آخر!
كانت افكارها مشغولة بكل شئ ما عدا النهار المشمس
رشفت القهوة ثم عبست اشمئزازا وهى تشعر ببرودتها
لكنها كانت بحاجة الى انعاش الكافيين لها لتعيد تنظيم دماغها المرتبك .
انهت القهوة ثم استدارت
عليها ان تخرج من هذا المكان لكنها توقفت فى منتصف الغرفة ورفعت رأسها بحدة عندما خرج خافيار من الحمام.
ابتلعت روز ريقها:
يكفى انك غزوت غرفتى
ولكن بامكانك على الاقل ان تستعمل حمام غرفتك
قالت هذا بحدة واذا بها تلاحظ الملابس التى كان يحملها
ونظر اليها مقطبا:
انها غرفتنا معا
والقى بالملابس على السرير المشعث
- لحظة واحدة
لقد قلت من قبل انها غرفتى
بعد وقوفها تحت مياه الدوش , تمكنت من اجلاء تفكيرها
اعترفت لنفسها بأسى بأنه مهما بلغ حبها لخافيار فهو لن يجعل زواجهما افضل
ذلك ان خافيار ما زال مراوغا
مع انه لا زال يتردد على صديقته تلك , لكن ذلك لم يمنعه من القدوم الى سريرها هى
هذا الى انه منذ عشر سنوات, تزوج خطيبته ,وهذا يثبت بأنه خدعها , وروز ليست غبية
انها تحبه لكنها لن ترضى بأن تكون ممسحة ارجل
فهى تتحلى بالكبرياء وتستحق افضل من ذلك.
كان يتناول بنطلونا ليلبسه عندما توقف قائلا لها بتهكم :
هذه الغرفة الذهبية هى الغرفة الرئيسية هنا يا روزالين
وسكت ليلقى بالمنشفة ليلبس البنطلون الكاكى اللون.
- ولكن عندما جئت الى هنا فى المرة الاولى , اخبرتنى انها غرفة الضيوف
والتهبت عيناها غضبا , وهما تعكسان غليانها الداخلى .
- ليس الامر كذلك يا روزالين
لقد سرنى فقط ان تنامى هنا منذ يوم وصولك , لانه كان فى نيتى تماما ان اتزوجك
شعرت لقوله هذا بالبرودة تسرى فى كيانها
واشتبكت نظراتها المجفلة بنظراته
- لقد اقسمت منذ عشر سنوات بأننى سأنتقم واننى يوما ما ,سأستعيدك
لكنك اختفبت عن النظر
منذ الدقيقة التى رايتك فيها تنزلين من سيارتك فى منزل تيريزا تقرر مصيرك
وقد نجحت يا عزيزتى بشكل اسهل مما كنت ارجو.
ومنحها ابتسامة فاترة فقد قال كلمته تلك بسخرية
تركها اعترافه هذا خرساء لحظة طويلة.
لقد تزوجها لأجل انتقام ملتو... لم تستطع روز ان تصدق ذلك
اذا كان هناك سبب للانتقام فهى من عليها ان تنتقم وليس هو! ارادت ان تضرب ابتسامته الساخرة هذه
لكنها بدلا من ذلك جاهدت للسيطرة على نفسها فنجحت:
ولكن لماذا؟
هل سبق وآذيتك قط؟
- آه انت لم تؤذنى؟ كما اتذكر, كانت اخر كلماتك لى منذ عشر سنوات:
انا لست بحاجة الى المفتاح ولا اليك
الوداع
ثم قطعت كلامى بوضع السماعة
- وهل هذا هو الامر ؟ لأننى نبذتك؟
لقد قلب حياتها رأسا على عقب فقط لأنها خدشت كبرياءه, وذلك باقفالها الهاتف وقطع كلامه
لقد اعتاد على نساء يتلهفن الى كل كلمة منه, فلم يعجبه ان تهجره احداهن , يا له من متغطرس!
وقالت ساخطة:
أم ربما توقعت ثمنا اكبر للثوب؟ انت حقير
ربما يظن ان الوقت الذى امضته معه لا يكفى ثمنا للثوب
اجاب وقد التهبت عيناه وتوترت ملامحه التى اصبحت فناعا لغضبه المكبوت:
ربما
لكنك هنا وانت زوجتى حسب الشرع والتقاليد
وعمليا كل عروس من آل فالدزبينو تمضى ليلة الزفاف فى هذا السرير
كيف امكنها ان تحب هذا الرجل؟ ظنت انه ضعيف وانه اصبح يهتم بها وهو يحاول الكثير لكى يخفى عنها تشوه جسده, بينما هو لا يهتم بها مثقال ذرة
وتملكتها المرارة فبالرغم مما يبدر منه من اهانات واتهامات فهى لا تزال تراه وسيما جذابا
انه جذاب الى حد ان مليون ندبة لن تستطيع ان تمحو قوة رجولته.
نظرت اليه وهو يرتدى بنطلونا كاكى اللون وقميصا قطنيا ابيض , ثم حزاما جلديا
- هل انتهيت؟
وانتبهت فجأة الى انها تحدق به
- لا لم انته بعد
اما بالنسبة اليك والى تقاليدك الضيقة البالية من المؤكد انها لم تنفع زوجتك الاولى كثيرا , لأنك لم تنجب اولادا او بالأحرى ليس اولادا شرعيين
لسعته بكلامها هذا قدر امكانها وهى تتذكر خيانته
فذكرى صديقته زادت المها وغضبها
بخطوتين واسعتين وصل الى جانبها
حاولت ان تتراجع عدة خطوات وهى ترتجف ازاء عينيه الجليدتين اللتين تخترقان عينيها , لكنها رفضت ان تستسلم للخوف وهى ترى جسمه الضخم مشرفا عليها
- انت لم تعرفى زوجتى الراحلة
ولن تتحدثى عنها مرة اخرى
هل فهمت؟
بدا وجهه الاسمر الخشن من دون تعبير , لكن صوته كان يحمل نبرة فولاذية واضحة.
نعم , لقد بدأت تفهم ؛ زوجته مقدسة لديه وهو يحبها لكن ذلك لم يمنعه من ان يخونها حين حاول اغواء روز منذ عشر سنوات
وفجأة تفجرت من داخلها كل مشاعر الغضب والاستياء والالم التى كبتتها طوال تلك السنوات:
آه نعم فهمت تماما
فأنت ايضا لم تتحدث عنها ولم تقل ان لديك خطيبة حين حاولت اغوائى منذ عشر سنوات
انت لم تتغير مقدار ذرة
ما زلت ذلك المحتال الذى كنته دوما
قالت هذا بحدة واذا به يمسك بكتفيها بيدين من فولاذ وهو يسمرها بعينين ثاقبتين ارسلتا الخوف فى نفسها:
هنا انت مخطئة روزالين
فلم يعد يخدعنى وجه جميل
ولم اكن قد تقدمت لخطبة اى امرأة حين قابلتك
هذا ادعاء منك اخترعته لتريحى ضميرك لأنك هربت منى
لا تستهن بذكائى , لقد رأيت الصورة على رف المدفأة , كما ان سبستيان....
- لا تذكرى اسمه فى حضورى....
فخرست ازاء صوته الثائر بينما انغرزت اصابعه فى لحم ذراعيها :
انا لا اريدك ان تطعنى فى سمعة صديقى لكى تريحى ضميرك المثقل
فهتفت وهى تقبض يديها على جانبيها:
ضميرى المثقل؟
- لقد صبرت عليك فلم اطلب منك تفسيرا لتصرفاتك الماضية
فالتهبت عيناها:
لديك جرأة غريبة
ام لعل ذاكرتك من صنع يدك؟
اشتد ما حول فمه بشكل غريب:
لا تخرجينى عن حدى يا روزالين
لقد كبحت طبعى , وكنت رجلا مهذبا معك ولكن ليس بعد الان
- انت رجل مهذب؟
لا تجعلنى اضحك
انت لم تفعل سوى الاحتيال والضغط علىّ ودفعى هنا وهناك منذ تعارفنا
- كفى!
قال هذا وفى ملامحه احتقار عنيف جعل روز تحاول التراجع
واذلها انه ابتعد عنها تاركا كتفيها:
لا جدوى من الجدل حول الماضى , روزالين
انت الان زوجتى
وبنظرة متزنة الى وجهها الغاضب المتكبر قال وقد تمكن من ضبط غضبه واعادة السيطرة على نفسه:
منذ الان عليك ان تتصرفى بلباقة مناسبة لمركزك هذا
لا شتائم ولا اتهامات, وانا مستعد لاسدال ستار على الماضى واعلان هدنة بيننا
بدا كأنه يخاطب اجتماع مجلس ادارة.... ففتحت فمها لتصيح به بعنف.
لقد تقززت نفسها من اعتبار هذا الشيطان المتغطرس لها امرأة ساذجة بليدة, لكنها عادت فسكتت وقد عضت شفتها.
وقف على بعد قدم منها:
انا لن احقق معك عن عشاقك السابقين دومينيك والاخرين ... وانا اريدك ان تعاملينى بالمثل
والتوت شفتاه المغريتان بشكل ساخر لم يصلح ليكون ابتسامة.
كانت تشعر بالذنب لكلامه هذا لكنها قاومت هذا الشعور فهى لم تقل شيئا تخجل منه
لقد كان دومينيك رجلا لطيفا حساسا وصديقا حسنا
حاول اقامة علاقة معها لكن الامر لم ينجح
لقد قال لها فيما بعد:
انت امرأة رجل واحد ولسوء حظى انا لست ذلك الرجل
ولكن كيف تكهن خافيار بأمر دومينيك؟ انها لم تتحدث عن الرجل سوى مرة واحدة
كانت فطنته مذهلة
نظرة واحدة الى ملامحه الاشبه بملامح الصقر , والى قوة مزاياه الفولاذية التى لم يستطع وجهه الوسيم ان يخفيها تماما , جعلتها تقر بأنه اكثر فطنة ودهاء من ان تضيع وقتها فى تحديه .
لماذا لا تستمتع بما هو مستعد لأن يمنحه لها من دون ان تطمع فى المزيد ؟ حقيقة انها تحبه وهو لا يحبها لم تكن بتلك الاهمية , فقد بلغت التاسعة والعشرين وهى كبيرة السن نوعا ما لتحلم بقصص الحب والورود وما شابه ....
- افهم من سكوتك انك موافقة
قال هذا فجأة وهو يرفع حاجبيه ساخرا:
واجهى الامر روزالين
نحن الاثنان ناضجان بما فيه الكفاية لندرك عبث مثل هذه الاعترافات
لديكم مثل انجليزى يقول: "هناك دوما مياه تحت الجسر هل انت موافقة؟"
فقالت بهدوء:
موافقة ولكن بشرط واحد
ونظرت الى عينيه من دون خوف:
انا اطلب منك اخلاصا كليا
انه لا يحبها وقد يتعلم ذلك مع مرور الزمن
ولكن هذا لن يتحقق اذا قبلت بأن تشاركه فيها صديقته تلك
انها ليست حمقاء كليا
ادهشها طلبه هذا
تقدم نحوها خطوة وقال ببطء ولمعان الهزل فى عينيه:
طبعا اغطيك كلمتى يا عزيزتى ولكن عليك ان تفهمى اننى لا اقبل منك بأقل من هذا
ومد يده اليها فتراجعت خطوة:
انتظر ألم تنس شيئا؟ ام ينبغى ان اقول احدا؟
ورأته يقطب حاجبيه بحيرة فقالت تذكره ساخرة:
صديقتك التى ذكرتها لى بكل تلك الفصاحة عندما طلبتنى للزواج
فقال عابسا:
انا فى الاربعين تقريبا
وقد بقيت وحيدا عدة سنوات
وسأكون احمق اذا ادعيت انه لم تكن لدى صديقة فى الماضى , ولكن ليس الان
الليلة الماضية كانت المرة الاولى التى اقيم فيها علاقة جسدية مع امرأة منذ اكثر من ستة اشهر
وقبل ان تتكهن بقصده وضع يده حول رقبتها وعانقها عناقا طويلا عنيفا
حاولت عبثا ان تتحرر منه لكنه احاط خصرها بذراعه الاخرى وجذبها اليه , وعندما رفع رأسه كانت عيناه مليئتين بالغضب والالم
فقالت له بجرأة:
هذا لن يحقق المطلوب خافيار لا يمكننى ان اعيش مع كذاب
فسألها غير مصدق وقد توتر الجو بينهما:
هل تشيرين الىّ؟
لم يحدث قط ان تشكك احد فى كلمتى
كيف يمكنك ان ...
فرفعت يدها:
كفى! اثناء عشاء الليلة الاولى فى سيفيل جاءك اتصال تليفونى هل هذا يذكرك بشئ؟
قالت هذا ساخرة , فلاحظت احمرار الشعور بالذنب فى وجنتيه:
من اخبرك بذلك ؟ ليس أبى
- جيمى اخذ يمزح بهذا الشأن عندما صعد ابوك الى غرفته لينام
- أحقا؟
قال هذا بصوت فاتر وهو يسير ليقف امامها:
ولكن يبدو انه لم يعطك القصة كاملة
لم تكن روز ترغب بسماع المزيد
وحاولت جاهدة ان تخفى مشاعرها المضطربة بالنظر الى مكان ما فوق كتفه وهو يتابع:
ليس من عادتى ان افسر تصرفاتى لأحد وخصوصا لامرأة
رفعت بصرها اليه وقالت ببلادة:
انا لست اى امرأة انا زوجتك
نظر الى وجهها المتوتر مفكرا:
نعم الحق معك
واسبل اهدابه مخفيا اى اثر للمشاعر فى عينيه:
عودى بذاكرتك الى الوراء يا روزالين
كان هناك مخابرة تليفونية عند العشاء , لكن ابى كان ثائر الغضب قبل ذلك
كان غاضبا لأن تلك السيدة اتصلت عدة مرات اثناء الاشهر القليلة الأخيرة, وكذلك عندما كنت فى انجلترا
وأبى يقول ان الصديقة يجب ألا تتصل مطلقا ببيت صديقها , فمن العار ان يسمع صوتها هناك
- يا الهى هذا قول قديم مهين
هتفت روز بذلك باشمئزاز , فأجاب:
ربما لكنه صحيح تلقيت تلك المكالمة يومها وقررت ان على ان انهى امرى معها على الفور
فقد اصبحت انت لدى الان
غطرسته البالغة حبست انفاسها:
ماذا فعلت؟ دفعت لها اجرها وصرفتها؟
- شئ كهذا
يكفى ان اقول ان الامر انتهى والسيدة التى نتحدث عنها كانت راضية تماما
ولوت فمه ابتسامة خطرة, ومد يده يمر بها على ذقنها قبل ان يحنى رأسه ليعانقها عناقا رقيقا مثيرا للغاية.
يمكنها ان تصدقه او لا تصدقه اذا شاءت
لكن لا شك ان وجوده يطغى عليها ويتحكم بحواسها.
قال بصوت أجش:
قررى امرك يا روزالين لأن الظهر قد اقترب وانا اموت من الجوع
وفى نفس اللحظة صدرت غمغمة تذمر من معدته , فضحك بشئ من الخجل:
كنت متوتر الاعصاب امس فلم اكد آكل شيئا طوال النهار
جعله اعترافه هذا يبدو بشرا اكثر من العادة... فبادلته الضحك:
-فلنأكل اذن
-أتحسنين الطهى؟
سألها ذلك وهو يسبقها الى الباب يفتحه لها
- وماذا لو قلت لا؟ هل هو اساس للطلاق؟
سألته هذا وهى تنسل من جانبه ملقية برأسها الى خلف بشكل مثير
شاعرة بخلو البال لأول مرة منذ اسابيع
وفجأة احاطت بخصرها ذراع ضخمة فأوقفها عن متابعة السير فى الردهة:
لا روزالين لن يكون هناك طلاق....
ظل ممسكا بها وعيناه تتأملانها:
أبدا
انا اريدك ام اولادى
توقف قلبها عن الخفقان
أتراه تكهن بأنها تحبه ؟
اخذت تتفحص ملامحه باحثة عن دليل مرئى يمنحها الجواب, وذلك بعينين واسعتين لا تطرفان لكنها لم تر شيئا
- فكرى فى ذلك
ومد يده يبعد خصلة شاردة من شعرها الى خلف اذنها وشفتاه تلتويان بابتسامة بطيئة:
اما بالنسبة الى الطهو فسأقوم به انا لأن فرانكو يذهب دوما فى الساعة الحادية عشرة الى قداس الكنيسة يوم الاحد ثم يأخذ عطلة لبقية النهار
- آه الان فهمت! انت تتوقع منى ان اصبح مستعبدة عند الموقد
قالت هذا مداعبة بينما اعترفت فى سرها بأن هذا هو الخيار الاسهل
مهما كان مقدار حبها له
سيبقى بينهما دوما حاجز
بعض المواضيع والاشخاص ممنوع التحدث عنهم.

************

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
a most passionate revenge, احلام, دار الفراشة, جاكلين بيرد, حب .. وخط احمر !, jacqueline baird, روايات, روايات مكتوبة, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية
facebook



جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:12 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية