اين ذهب بقية القوم ؟ لقد كان هناك آخرون يرقصون على الشرفة , ولكنهم اختفوا الآن . كانت انفاسه في شعرها , ويده على ظهرها . شعرت بالتوتر. وشدت نفسها إلى الخلف , فتركها من عناق المراقصة . وسقطت يدها على صدره.ريحانة
همست وقد بأن الخوف في نبرات صوتها " لقد كنا نرقص . لا اريد هذا بل اريد الرقص"
فقال " سنعود إلى الرقص" كانت يده التي تمسك بيدها , مشتبكة الآن بشعرها بلطف. ولم تعرف ما إذا كان هو الذي دفع رأسها إلى الخلف أم انها هي التي فعلت ذلك. ريحانة
احتوى وجنتها بيده . وابتعلت هي ريقها وقد تحركت احاسيسها تحت يده , كما ان تنفسها بدأ يرتجف.
سألته " ماذا ستفعل ؟"
اجاب واصابعه تتخلل شعرها مرسلة الأحاسيس في جسدها " قبلة , اريد قبلة التي حلمت بها اياماً"
قالت متوسلة " قبلة واحدة فقط " وفكرت , فلتكن قبلة للذكرى فقط.
ولكنها لم تكن تدرك ان القبلة تستلزم كل هذا البطء والملامسة , لقد تخلل شعرها بأصابع يديه الاثنتين وهو يقترب بوجهه من وجهها ببطء أثار مشاعرها . ووضعت يدها على صدره تبعده عنها , وشعرت بالفوضى تغمر ذهنها .. من حسن حظها ان ميكيل في الداخل , لكي يسرع ويخلصها لو انها بقيت هنا مدة أطول.منتديات ليلاس
نظرت اليه ولسان حالها يستحثه.. هيا قبلة واحدة قبل ان يأتي ميكيل ... قبلة واحدة فقط.
همس وهو يقبلها " اغمضي عينيك" ولكنها بقيت تحدق في عينيه , وكانت يداه ما زالتا في شعرها . وهمس قائلاً " إنني اعشق شعرك هذا "
كانت يداها على صدره , تصدانه عنها , فتشعر بضربات قلبه تحدثها عما يمكن ان يكمن في عينيه لو انه فقط , رفع اهدابه الكثيفة تلك ليراها . وهمس بصوت اجش " ماريا .. ما الذي تفعلينه بالرجال ؟"
مالت بجسدها , وصرخت برعب ولكن صوتها تلاشى من تلك القبلة . شعرت ببرودة الحجر على ظهرها .إنه الجدار الذي كان ريكاردو يقترب منه ليحشرها به , كانت ملامحه والطريقة التي كان يتقدم بها نحوها , تشبه تقدم الفهد نحو فريسته , بينما التصقت هي بالجدار حيث لا مهرب من قبضته, ثم وصل إليها , ولهثت قائلة " اريد ان ادخل إلى القاعة .. إنني ..."
وقال يحذرها مزمجراً " كفي عن ألاعيبك الآن . إنك تريدين نفس ما أريد"
حاولت ان تقول شيئاً لتصدر عنها شبه حشرجة . كانت يده على خصرها , واليد الأخرى في شعرها وهو يقترب بوجهه من وجهها , بينما كان جسدها يرتجف متوتراً في نفس الوقت .منتديات ليلاس
كلا ...
كانت بين ذراعيه الآن , وكانت تلهث وأرادت ان تصرخ , ولكن الكلمات لم تخرج من فمها . حاولت ان تنظر إليه , ولكنها لم تر شيئاً وهي تشعر بالدنيا غائمة حولها . ولكنها ما لبثت ان تنبهت إلى شدة التصاقه بها وهو يهمس بكلام لم تستطع ان تسمعه لعلو ضربات قلبها .

وفجأة ادركت ان هذا ريكاردو, وانهما واقفان في الشرفة حيث سيأتي في اية لحظة لينقذها من طيشها وحماقتها . وحاولت ان تصرخ مرة اخرى , ولكنها لم تستطع , لقد سكتت الموسيقى وساد الصمت , ولكن صوتها كان لا يزال مختنقاً متحشرجاً.
وفجأة , عاد تنفسها في شهقة يملؤها الرعب . شعرت ببرودة الليل على ذراعيها وفي ظهرها , وبيديه تضغطان على ذراعيها وهو ينهرها بصوت خافت " كفي عن ذلك, يا ماريا , افتحي عينيك"
كانت عيناها مغمضتين من الرعب دون ان تعي ذلك , وفتحتهما . ورأت امامها ظلاً اسود هو ريكاردو وتحولت انظارها إلى يمينها حيث الممر نحو الباب والناس الذين في الداخل.
قال لها " إذا أنت ركضت هاربة فسألحق بك"
وتجمدت في مكانها وقد امسكت بأصابعها تنورتها .ريحانة
وقال عابساً " إنك خائفة , مذعورة . لماذا لم تخبريني ؟ لماذا جعلتني اظن .. هل تراك ظننت انني سأسبب لك ضرراً ؟"
اشاحت بأنظارها عنه , وابتلعت ريقها مرتين بينما كان لا يزال منتظراً جوابها . وهمست قائلة " ليس تماماً"
قال " هل يعرف اهلك انك تصابين بهذا الرعب إذا لمسك رجل ؟" وعادت الرجفة تتملكها . لقد كان ريكاردو امامها . لقد قبلها ولكن القبلة تغيرت بعد ذلك, لتفقد السيطرة على نفسها . ذلك لأن نفس الشيء كان قد حدث منذ مدة طويلة ولم تكن تعرف حينذاك , الخطر من الابتسام والسماح للأحلام العاطفية بأن تتحقق .
عاد هو يسألها " هل تعلم اسرتك بأن الرعب يتملكك إزاء لمسة الرجل؟"
قالت " إنني لست ..."
ترك هو ذراعيها وتراجع إلى الخلف , ثم قال " إن لك حركات جهنمية على المسرح مما يدع مجالاً للرجل بأن يظن انك ترغبين به كما يرغب هو بك"
توسلت إليه قائلة " دعني اذهب , ارجوك " ومضت مدة طويلة دون ان يقول شيئاً , ارادت ان تطلب منه إطلاق سبيلها , ولكنها خشيت من العبوس الذي بدا في عينيه .
قال " اعدك يا ماريا بأن لا اسبب لك أي ضرر" ولم يلمسها بيديه , ولو فعل لشعر بارتجافها . احنى رأسها ثم قبلها ببساطة ورقة على وجنتها .
عندما تراجع إلى الخلف , ابتلعت ريقها , وارادت ان تشيح بأنظارها عنه ولكنها لم تستطع , لم تستطع ان تتحرك كما انها لم تستطع ان تتكلم . لقد كانت ترتجف طول الوقت وكأنها في السابعة عشرة من عمرها.
قال " ستخبرينني غداً سبب كل هذا الرعب الذي تشعرين به"
عادت الموسيقى تعزف في الداخل , ولم تكن قد شعرت بانقطاعها منذ فترة ولكن ها هي ذي تسمعها الآن .منتديات ليلاس
اجابته " كلا, فأنا راحلة غداً " وكان الحضور في الداخل , ربما كانت تتصور صوت ميكيل يتكلم بينما كان يقترب من الشرفة , ربما كان يرقص , وقد يكون فكر في تبادل رفيقة الرقص مع ريكاردو , وعند ذلك تصبح في امان .
قال ريكاردو عابساً " صباحاً ؟ إن طائرتك ستغادر عند الظهر , و ..."
سألته " وكيف علمت بذلك "
أشار بيده بغضب , دون ان يجيب , اقشعر جسدها لهذا , تابع هو قائلاً " إذا لم تقابليني الساعة التاسعة في مطعم فندقك , فستريني في الطائرة معك , إنني سألحق بك, وعندما تبدلون الطائرة في مدينة المكسيك فسترينني في تلك الطائرة ايضا "
إذا فسيلحق بها , وهذا سهل عليه . سيلحق بها من طائرة لأخرى إلى ان تصل إلى منزلها حيث تظن انها ستكون في مأمن. وكم كانت حمقاء إذ ظنت ذلك وهذا الرجل واقع تحت تأثير اغرائها . هل نسيت ذلك الدرس المر منذ سنوات حين هربت من لوس انجلوس .ريحانة
" ماريا ؟"منتديات ليلاس
ردت عليه بالإيجاب قائلة " نعم , غداً الساعة التاسعة "
لقد كانت تكذب , إنه دفاع الغجرية .

نهاية الفصل

الفصل السادس

قالت الطفلة " دعينا نرجع يا ماريا "
اجابت ماريا وهي تضم الجسد الصغير اليها " لا بأس"
ورفت يدها تمسك بسلم القارب الراسي قريباً منها , ثم سألتها " هل أنت جاهزة الآن , أم انك تريدين ان تستريحي قليلاً في القارب ؟"
فهتفت نيتا " اريد ان اسبح " كان شعرها الأسود ينزل في حلقات حول وجهها . وكانت ما تزال مبتدئة في السباحة , ولكنها كانت تعشقها , مرتدية سترة النجاة بينما عمتها بقربها .
واحتضنتها ماريا بسرعة , ثم قالت " حسناً , تعالي إذاً"
وانقلبت على ظهرها , ثم سبحت ببطء نحو الشاطئ. منذ رجوع ماريا من ماريدا , منذ اسبوع وهي تذهب للسباحة مع نيتا الصغيرة . ومنذ ذلك الحين وهي تلمح الغيظ في عيني ميكيل كلما نظر اليها . لقد اصابها الجنون في ماريدا , وهذا كل ما كانت تستطيع ان تفسر به تصرفاتها وما جرى لها هناك . لقد كان ميكيل على حق , إذ ان الذنب كان ذنبها , اذ سمحت لريكاردو بأن يقبلها بتلك الوحشية على شرفة مطعم لوس اركوس . وتلك الطريقة التي رقصت بها معه اذ تعلقت عيناها بعينيه بكل وقاحة . لقد لاحظ ميكيل ذلك, كما انه سبق وحذرها . منتديات ليلاس
كانت تعرف ان تلك كانت رغبة جنونية , لكن لا بأس بذلك اثناء الرقص. كانت تعلم جيداً انه كان سيقبلها على الشرفة .

وعندما رقصت معه هناك , كانت تعرف.
حقاً انها وقعت في شرك الرقص معه في حفلة السيد ديسكانسو , ولكن كا خطوة قامت بها بعد ذلك, كانت بمحض اختيارها . لماذا سمحت له بأن يصعدها إلى العربة في مدينة الملاهي تلك؟ لماذا ذهبت للقائه عند عربة الفطائر في شوارع ماريدا اثناء الأربعاء الكبير ؟ لماذا بقيت صامتة عندما مرا بجانب رجل الشرطة وهما في السيارة ممسكاً بمعصمها يمنعها من الحركة فلم تحاول ان تصرخ ؟ هذا اذا كانت حقاً تريد ان تتحرر منه ؟
صحيح انها كانت متضايقة ولكنها كانت تعلم عندما ذهبت للقائه انه سيحاول بطريقة ما , ان يمضي النهار معها . وقد ذهبت دون خوف معه وان كانت تشعر بشيء من التوتر فقط, واثناء وجودهما على الشاطئ في بروغريسو سمحت له بأن يمسك بيدها . كما انها سمحت لنفسها بأن تتخيله يقبلها . وعندما نصحها ميكيل بأن تدعي ألماً في كاحلها لكي تتجنب الرقص معه , رفضت هذه الفكرة وبدلاً من ذلك رقصت مع ريكاردو وسمحت لعينيها بأن تتعلقا بعينيه بكل وقاحة , وهي تحلم بقبلة منه . لا بد انه لمح في عينيها رغبتها الحمقاء في تلك القبلة ! فمن يلومه إذاً على ما فعل؟
لقد اشمأز ميكيل منها , وهي لا تلومه , اذ كان يراقبها اثناء رقصها مع ريكاردو حتى انه ظن انها كانت تريد حقاً الانفراد بريكاردو في الشرفة . وكان ان رغبت حقاً في تلك القبلة إلى ان تدخلت ذكرياتها المرعبة تلك لتفسد ذلك الحلم الجميل.ريحانة
منذ البداية كانت تعلم ما الذي يريده ريكاردو . لقد اراد إقامة علاقة مع الغجرية . لطالما أراد منها رجال آخرون الشيء نفسه , ولكنها لم تكن تسمح لنفسها ابداً بالوقوع في شرك رغباتهم تلك. ان لاجيتانا الغجرية , تعلم جيداً كيف تقوم بدورها مع ريكاردو سوان . انها ترقص لأجله وتقابله على ضوء الشموع وسترقص معه كما رقصا تلك الليلة في لوس اركوس.منتديات ليلاس
في الشهر القادم ستكون هي في مدينة مكسيكو وسيكون هو هناك. كلا , لن يكون . ليس الآن على الاقل حيث انها لم تف بوعدها في لقائه الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي في ماريدا , ليعلم بعد ذلك , من المكتب انها رحلت مع شقيقيها قبل الفجر.
لقد ثارت ثائرة ميكيل عندما دخلت غرفته الساعة الثالثة بعد منتصف الليل متوسلة إليه بأن يسافروا قبل الصباح بواسطة مطار آخر لكي لا يكون بأمكان ريكاردو ان يلحق بها كما سبق وهددها .
لقد قالت لأخيها بيأس انه سيكون في المطار , حيث سيتبعها إلى ان يجدها . سمعت صوتها يقول ذلك, لترى عبوس ميكيل في وجهها , قائلاً " اهدأي يا عزيزتي . ماذا في استطاعته ان يفعل ؟ انني سأكون إلى جانبك على الدوام , انني سأتحدث إلى الدكتور سوان بنفسي"
وذعرت هي إذ تصورته يتحدث إلى الدكتور سوان . وهتفت " كلا" لقد سبق وقام ميكيل بمثل ذلك عدة مرات في الماضي, عندما كان الرجال يتدافقون نحوها دون ان يدركوا ان وقوفها وحدها على المسرح لا يعني انها ستكون وحدها خارجه . ذلك ان لها اخوة يحمونها .

سألها ميكيل " قبلة؟ هل قبلك على الشرفة ؟ ألم يقم بأكثر من ذلك ؟"
اجابت " كلا, لا شيء أكثر من ذلك "
قالت ذلك وهي تتصور احتضان ريكاردو لها , ونظراته إلى جسدها , وإلى ذكريات الكابوس التي تدفقت في ذهنها .منتديات ليلاس
عاد ميكيل يسألها " وما الذي فعله ليخيفك هكذا؟"
اجابت " لا شيء" ذلك ان الخوف قد تفجر في داخلها ليكتسحها بكل ذلك الرعب, وتابعت " فقط .. قبلة .. انني.."
وانفجر هو قائلاً" وهل ارغمك على قبلته تلك ؟"
قالت بذعر " كلا "
فقال وهو يبسط يديه شاعراً بالخيبة " ماذا إذاً ؟ يا عزيزتي ماريا , انك معجبة به . انني اعرف ذلك لقد رأيتك ترقصين معه . كما ان نظراتك لم تفارقه اثناء العشاء . لقد كان منجذباً اليك ورقص معك على الشرفة . فلماذا تدفعك هذه القبلة البريئة إلى الهرب منه في الليل يا عزيزتي ؟"
فقالت متوسلة " ارجوك يا ميكيل , ارجوك , انني اعرف ان الذنب كان ذنبي " لقد كانت ترغب بقبلة منه اثناء تلك الرقصة الاخيرة , لابد انه كان يبدو في عينيها انها تريد منه احتضانها ايضاً. ذلك لأنها كانت تشعر بذلك حقاً وهي ترقص معه . ولكن لأحلام المراقصة ان تستحيل إلى حقيقة واقعة .
واخيراً قال ميكيل " انك ستواجهين هذا الامر يوماً ما أم انك تريدين ان تبقي طول حياتك عمة لأولادي دون زوج او اولاد لك ؟"
فقالت بحدة " ولكنه لا يريد زوجة "
فابتسم ميكيل قائلاً " ربما كان هذا صحيحاً , ولكنه سيعلم ان ماريا كونسرتا لن تكون له سوى زوجة"
فقالت " كلا, انني لا اريد زوجاً . انني اعرف انك ووالدتي تظنان ان هذا هو الشيء الوحيد المناسب للمرأة . ولكن عندي مهنتي يا ميكيل , ان اولادك سيكونون بمثابة اولادي , وكذلك اولاد إميليو , اذ اظن ثمة فتاة ستوقعه في الشرك قريباً وربما كانت ابنة اخت ديسكانسو "
عند ذلك ضحك ميكيل , ذلك انه سبق لاميليو واخبره انه سيتأخر في ماريدا عدة ايام , ولهذا ظن ميكيل بها الجنون اذ تحاول الهرب في منتصف الليل من ريكاردو .منتديات ليلاس
ولكنها كانت تهرب من حماقتها . لم تكن تظن من قبل انها يمكن ان تستجيب لاغراء رجل, ولكنها ترى الخطر الآن , وهي لا يمكن ان تسمح بمثل ذلك بعد الآن , لأنها ستكون دوماً على حذر.
وشدتها نيتا من يدها وهي تشير إلى الشاطئ خلف ماريا قائلة " ماريا من يكون ذلك الرجل؟" وجاهدت ماريا لكي تجد لقدميها موطئاً على الرمال تحت الماء .. رجل؟ لقد عرفت من هو قبل ان تدير رأسها . في إمكانها ان تشعر بنظراته على جسدها . ذلك انه كان ريكاردو بنفسه واقفاً على الرمال . كان يرتدي سروالاً باهت اللون وقميصاً قصير الكمين مفتوحاً عند العنق , كان يقف منتصباً واضعاً يديه في جيبي سرواله كما لو كان يمشي على الشاطئ.