لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-11-18, 06:07 PM   المشاركة رقم: 126
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

حينما وطأ رفيق بقدميه أرض المنزل شعر بحركة مريبة بالداخل ,وأصوات متداخلة تتقاطع مشكّلة معا سيمفونية غاضبة ..
أسرع بخطواته ينهب درجات السلم حتى تراءت له زوجته الحبيبة جالسة برفقة عمته وأمه بالبهو الفسيح على أريكة صغيرة أمام غرفة زوجة عمه هناء ,وما أن لمحته حتى هبّت واقفة تسعى الى لقياه وكأنها تبحث عن ملاذها الأمين ,فارتمت بحضنه وهو يضمها بشوق معتصرا جسدها الرقيق بين ذراعيه القويتين وقبّل مفرق شعرها بلمسة عاشقة هامسا فى أذنيها (حبيبتى , اشتقت لكِ ) ثم قال موجهّا حديثه نحو المرأتين الأكبر سنا:
-مرحبا أمى , مرحبا عمتى ... ما الذى يدعوكم الى الجلوس هنا بهذه الطريقة ؟
انتفضت أميرة مرتعبة:
-أنها عمتى هناء ... لقد ...
لم تستطع أن تتم جملتها بعد أن انتحبت متشنجة فهتف بها رفيق بنفاد صبر:
-ماذا بها تنت هناء ؟ فليخبرنى أحد بما يدور.
قالت أمه التى كانت تتمالك نفسها حتى لا تقع فريسة للانهيار مثل كنتها:
-لقد سقطت والتوى كاحلها.
-هل حالتها سيئة ؟
-يبدو أن عظامها لم تتحمل أثر الوقعة ,والطبيب ما زال بالداخل يجرى فحصا لها.
-وهل تركتماها وحدها بالغرفة ؟
هزت أميرة رأسها نفيا وهى تجيبه بلا تمهل:
-لا طبعا ,تنت منى معها .
-تنت منى !!
-نعم فهى من اكتشفت الحادث وكان خالى عادل معها ومنذ ذلك الحين لم تفارقها.
ربّت على كتفيها مهدئا وقال بصوته العميق ذى الرنة المميزة التى تثير بنفسها موجات من الراحة والطمأنينة:
-لا تشغلى بالك , ان شاء الله سليمة ..
ثم استطرد بصوت أكثر انخفاضا:
-وما لها أمك ... يبدو عليها كمن تتلقى عزاءا لفقيد لها.
نظرت له بلوم فهذا ليس بالوقت الأمثل للمزاح الا أنها لم تتمالك نفسها من الضحك بخفوت ,فابتسم لها بدوره قائلا:
-هكذا أفضلك أميرتى , باسمة الثغر ,, رائقة البال ,لا أحب أن أراكِ مقطبة الجبين ,فهذا لا يليق بكِ.
ثم توجّه بالحديث نحو المرأة الغافلة عن وجوده:
-مرحبا عمتى ... حماتى العزيزة... كيف حالك ؟
رنت فريال ببصرها الى ابن أخيها بوجه خالٍ من أى تعبير لترد بوجوم:
-بخير ... ألا ترى كيف هو حالنا جميعا ! الحمد لله على كل شئ.
-وما له حالنا ! علينا أن نرضى بالمقسوم لنا يا عمتى.
-أنت محق ... فلا ينقصك أى شئ ,تنعم بما لا يملكه أيا منا.
هل يلمح نبرة الحسد أم السخرية فى صوتها الحاد ,لو تعرف كيف يحمل جبلا من الهموم المتراكمة على كتفيه ؟ أنها لمسؤولية جسيمة ملقاة على عاتقه ,وهو يرزح تحت وطأة حملها الثقيل .
قالت أميرة فى محاولة منها لتلطيف الأجواء بينهما كدأبها فى الآونة الأخيرة:
-كان الله بعونك يا حبيبى ,فكلنا نعتمد عليك .. أليس كذلك يا ماما ؟
التزمت سوسن بالصمت ازاء دفاع كنتها عن ابنها وان أمطرتها بوابل من نظرات الامتنان العميق لمؤازرتها لرفيق ,أما فريال فراقبتها بعناء ولسان حالها يقول ( من يشهد للعروس ) وقالت أخيرا بصوت مرير:
-فلتهنآ سويا ,,,, أنا بغرفتى سأذهب لأستريح ... أميرة ... وافينى بالأخبار بعد انصراف الطبيب ,أستمحيكِ عذرا زوجة أخى فأنا مرهقة.
ونهضت لتغادر مقعدها دون أن تكلف نفسها عناء القاء نظرة واحدة على وجه الرجل العابس الذى كان واقفا يتلظى بنيران حمم غضبه البركانية الا أنه ملك زمام نفسه بآخر لحظة لئلا ينطق لسانه بكلمة خارجة عن حدود الذوق واللياقة ,فأشاح بوجهه بعصبية ,بينما رفعت سوسن حاجبيها تعجبا مما حدث وهى تغمغم:
-ماذا بها فريال ؟ أنها المرة الأولى التى تناديننى هكذا ... زوجة أخى ... هل صدر منى أى تصرف اثارها؟
أخذت أميرة تهدئ من غضب زوجها وهى تلامس وجنته بأصابعها الرقيقة لمسات حانية خفيفة كانت لجروح نفسه كالبلسم الشافى وهى تقول بلطف:
-لا تتضايق من أمى يا رفيق ,أنها لا تقصد اغضابك ... كل ما فى الأمر أنها تمر بظروف نفسية سيئة هذه الأيام ...
ثم التفتت نحو حماتها تعتذر لها برقة بالغة:
-أرجوك يا تنت ألا تضيق نفسك من تصرفها ,أنا أعتذر لكِ نيابة عنها ,كل ما فى الأمر أنها متوترة بعض الشئ ..
اندفع رفيق صائحا:
-لا أفهم ما الذى بدّلها من ناحيتى لهذه الدرجة , لقد صارت لا تطيق وجودى على ذات الأرض ... وكأننى أنازعها التنفس ...أظن أحيانا بأنها باتت تكرهنى.
قاطعته أميرة نافية التهمة عن أمها بصبر وتفهم:
-لا يا حبيبى ,لا يمكنها أن تكرهك ,لا يستطيع أحد أن يقاوم الوقوع فى حبك ... فقد التمس لها العذر ... لأجلى.
وكأنها نطقت سحرا ( لأجلى ) ,فماذا يمكنه أن يقول بعد ذلك , لأجلك أنتِ وحدك أتحمل النار وعذابها وأتمتع بكل لحظة ألم ,فابتسم لها بخفة وهو يقول بعطف:
-لا يهمنا الآن سوى الاطمئنان على زوجة عمى المسكينة ... بالمناسبة أين كريم ؟ أننى لا أراه ...
-أنه ليس موجودا ...
-ألم يعلمه أحد بعد بالحادثة التى وقعت لأمه ؟ لا بد أن أهاتفه حالا.
واتصل فعلا بهاتف كريم وفوجئ به غير متاح فاندفع يبحث عن ابن عمه الآخر قائلا بعصبية حارقة:
-وأين هو سيف أهو غائب هو الآخر ؟
استوقفته يد أمه بلمحة سريعة وهى تقول بصوت متعب:
-لا ترهق نفسك بما لا طاقة لك به يا رفيق ,سيف هو الذى أحضر الطبيب الى هنا أما كريم ... فعلى ما يبدو أنه قد صارت بينه وبين هناء مشادة كبيرة قبل أن يتركها مغادرا وهى تحاول اللحاق به ,سقطت أرضا.
تأفف ابنها بحرقة وهو يتساءل بعدم تصديق:
-أنها لعنة أبدية تلك التى اصابتنا جميعا ,لا يمر يوم علينا الا وحادثة تقع أو شجار حاد بيننا ...رحماك يا ربى !
وفجأة انفتح باب الغرفة ليخرج الطبيب بصحبة السيدة منى وهو يمليها تعليماته الخاصة فتومئ له برأسها متفهمة حتى قاطعهما صوت رفيق القلق وهو يسأله عن حال المريضة:
-كيف وجدت اصابتها يا دكتور ؟ من فضلك أخبرنا.
-لا أخفيك سرا أن اصابتها تبدو سيئة وربما لا أبالغ اذا ما قلت بأنها قد تحتاج الى اجراء عملية جراحية ,, ولكن أولا علينا اجراء عدة أشعات قبل أن أقرر أخيرا.
ثم استأذن للانصراف تصحبه سماح التى جاءت لتوها حتى تقوم بواجبها على أكمل وجه بعد أن أمرها رفيق بأت تخبر عم ( رياض ) السائق الخاص بهم ليقل الطبيب الى وجهته ,ثم أولى السيدات الى جواره كامل اهتمامه حيث قال لهن:
-حديث الطبيب لا يبشّر بالخير ؟ أليس كذلك ؟ علينا أن نبقى الى جوارها حتى لا نثير قلقها فيكفيها ما تعانيه من آلام من جراء اصابتها البليغة ... هل أنتن على استعداد لكتمان الأمر عنها ؟
أومأت النساء برؤوسهن موافقة على كلامه الدقيق ,فيما تأبّطت أميرة ذراعه قائلة:
-هيا لنطمئن على عمتى ونواسيها فى مصابها.
ولحقت بهما سوسن تتبعهما والدموع تتلألأ فى مقلتيها دون ارادة منها ,أما منى فقد سارت نحو جناحها المشترك مع زوجها ,وقبل أن تمتد اصابعها نحو مقبض الباب لتديره سمعت صوتا مرتفعا من الداخل يصيح:
-وما الذى تريد أن تصحّحه ؟ هل تريد أن تنفى عن أمى تهمة الخيانة البشعة التى ألقيتها بوجهها منذ عشرين عاما .. كيف تطالبنى بالنسيان فجأة ؟وهل تمحى الذكريات بين عشية وضحاها ؟
تصلبت مفاصلها دفعة واحدة ,وانقبض قلبها داخل ضلوعها مجزوعا ,أنه صوت ابنها ... سيف ... هل كان يظن طوال هذه السنوات أنها امرأة خائنة ؟ هل تبادر الى ذهنه أنها ملوثة السمعة ... وقبل أن تعى ما تقوم به امتدت يديها مجددا نحو الباب لتفتحه على مصراعيه ,بصورة أجفلت الرجلين المتواجهين ليقع نظر عادل على زوجته شاحبة اللون كالأموات تتطلع اليه بنظرات زائغة .. تصرخ بصمت مطالبة بالرحمة والشفقة ,مغيبة عن الواقع الأليم لا تنبس ببنت شفة تستند الى الباب متمسكة بمقبضه اللامع ... أشارت بأصابعها المرتجفة اندفع عادل نحوها ليحتضن جسدها المرتعش فأزاحته بحركة عنيفة لم تعرف مصدر قوتها رافضة لأية مواساة من جانبه , أما للظلم من نهاية !
-منى ... ليس الأمر كما تتصورين حبيبتى ...
لأول مرة تخترق هذه الكلمة السحرية ذات الرنين المميز ( حبيبتى ) مسامعه منذ سنوات طفولته البعيدة ,كان سيف قابعا بمكانه ينتظر مترقبا بينما تمر الدقائق بطيئة كالسلحفاة ووالده يعترف بذنبه بحق هذه المرأة الوفيّة ,والتى لم يعرف الشك طريقه يوما الى عقلها .. ربما أظهرت بعضا من الطباع السيئة ربما دفاعا عن نفسها ضد الظلم الذى اجتاح عالمها ليقوّضه بمعول حديدى ,فكانت بداخلها نقيّة كينبوع ماء صافٍ ينبثق من العدم ليروى ما حوله فيخضرّ مزدهرا .
قال عادل بصوت متألم يعتصره الاحساس بالذنب:
-عليكما أنتما الاثنان أن تنصتا لى جيدا ,فأنا لم اخطئ بحقك فقط يا منى بل أجرمت فيما يختص بابننا سيف ... حينما خذلته بهروبى المستمر من مسؤولياتى تجاهه كأب ومربٍ ,وصديق وسند ,دمّرت سعادتنا بيدى ... وها قد حان الوقت للاعتراف بالخطيئة ... أنا المجرم الحقيقى .. سيف , أمك سيدة شريفة مخلصة ,كان ما حدث مجرد سوء فهم للأمور التى اختلطت علىّ وهى التزمت الصمت لم تدافع عن نفسها أمام قسوتى وانجرافى لمحاكمتها ,أعترف بأننى أخطأت خطأ شنيعا , لا أدرِ ان كان متاحا لى التكفير عنه.
قاطعته زوجته بصوت حاد وهى مندفعة لتهاجمه بضراوة:
-وكيف أردت منى أن أقبل باهانتك لى ؟ لقد جررتنى من يدى على مرأى ومسمع من جميع الموظفين فى الشركة بذلك اليوم وكأننى مجرمة حقيرة أدينت بالجرم المشهود ,لقد صممت أذنيك عن سماع توسلاتى باذلال مهين ,واذا حاولت أن أخبرك بالحقيقة هل كنت مستعدا لتصديقى وتكذيب الطرف الآخر ,أم أنك كنت لتقف ضدى حتى لا تستسلم بمشاعر الضعف نحوى ,ألم يحذرك والدك من مغبة الرضوخ للحب حتى ولو كانت المرأة زوجتك وأم ولدك ؟
كان عادل مطرق الوجه خجلا من نفسه ومن سوء تصرفه وحكمه المتسرع على الأمور ,ها قد أفسد حياتهم ولوّث سمعة زوجته الناصعة البياض أمام ابنهما ,فيما واصلت منى دفاعها المستميت عن نفسها بقوة امرأة مقهورة قبعت فى مستنقع الذل والخنوع لسنوات طوال:
-لم أكن يوما آثمة يا بنى ,أتسمعنى ؟
-خطأ من هذا ؟ من هو الجانى ؟
تساءل سيف بذهول وانشداه بعد أن تحوّل تفكيره الى محاسبة المخطئ الذى أذاقه الأمرين ,شاعرا بالمرارة والاحباط وهو يجفن وجهه بين كفيه منهارا لا يصدق ما يحدث ,احتقاره لأم لم تجرم ,افتقاره لوجود أب غائب وهو حاضر ,آلام الوحدة تنغزه مجددا ... والتى طعنت بداخله مشاعر التعاطف معهما ,طفت الى السطح مرارات الأعوام الماضية يوما وراء يوم مخلّفة طعما مرا غير مستساغ فاستطرد قائلا بعصبية ملحوظة:
-لا يهم ... حقا لم يعد بوسعى أن أتحمل المزيد ,لقد اكتفيت بهذا القدر ,, فما انكسر لا يمكن اصلاحه ... هل ستكفيك كلمة آسف يا أمى ؟ هل ستعوّضك كفاية ؟هل ستعيد سمعتك المشوّهة بنظرى الى سيرتها الأولى النقية ؟لا ... هذه هى الحقيقة العارية ... لاااااااااااا .
وغادرهما شاعرا بدماء الخجل تحقن وجهه فما جرؤ على أن يرفع بصره فى مواجهة عينى والدته الممتلئتين دموعا ,, دموع القهر والذل ,غير قادر على هبة الغفران .. ولا يتمنى الا هبة النسيان ... لعل الله يمن عليه باحداهما أو كلتاهما.


*************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 12-11-18, 06:08 PM   المشاركة رقم: 127
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

جاءت الجدة شريفة تستند الى ذراعى حفيدتها الأثيرة ريم الى غرفة كنتها هناء ,تلك الابنة التى لم ينجبها رحمها وانما تولّت رعايتها بمحبة أم صادقة لم تبخل عليها بالحنان وظلّت على حالها حتى بعد انتهاء زواجها من ابنها وجدى فعليا ,بقيت أما لحفيدها الغالى كريم الذى كان يذكّرها بابنها المتوفى ,وكرما لذكراه أحسنت معاملتها ... كما أنها كانت تود أمها كشقيقة .. سمية زوجة عبد الرحمن الأخ الأصغر لزوجها ,والتى وافتها المنية بعز شبابها تاركة طفلين يعانيان مرارة اليتم أكبرهما هناء وأصغرهما ناجى ,والاثنين - ويا للمصادفات العجيبة - تزوجا من أبنائها وللأسف لم تنجح أيا من الزيجتين بل وانتهتا بمأساة مفجعة.
-حمدا لله على سلامتك يا هناء.
قالتها الجدة بصوت واهن يتسلل الضعف واليأس من نبراتها ,بينما حاولت هناء أن تعتدل بجلستها وهى ممددة بلا حول ولا قوة على الفراش فتسببت لنفسها بآلام لا طاقة لها وهى تقول متحاملة الوجع الذى سرى كالنار فى الهشيم :
-الله يسلمك يا ماما , لم يكن هناك داعٍ لأن ترهقى نفسك بصعود الدرج.
-وهل هذا كلام يٌعقل يا ابنتى ! وكيف يمكننى ألا آتى لأطمئن عليكِ ,أهذا صحيح هل أصابك دوار فسقطتى يا هناء أم أن هناك شئ آخر ؟
ارتبكت هناء وهى تحاول جاهدة ألا تظهر ما يعامل بداخلها من احباط ومرارة خلفّتها لها قسوة ابنها الوحيد ,فحتى الآن لم يعد ولم يتحدث ,ألا يهتم ولو مثقال ذرة لما أصابها ,وصرخ قلبها نازفا : يا للخسارة الفادحة ,أكان عليها أن تخفى عنه الحقيقة .. ربما كان عليها أن تتحلى بالصبر والحكمة فلا تضغط عليه بهذا الشكل المكثّف ,وعذرها الوحيد أنها لم تحب أن تراه متألما اذا ما رفض صلاح علاقته بأى حال بابنته ,ودفعت هى الثمن غاليا ,قالت بصوت ثابت وهى تتقن حبك الكذبة:
-نعم يا ماما شعرت بدوار خفيف وأسأت تقدير المسافات فالتوى كاحلى ... لا يوجد شئ آخر.
قالت شريفة بينما تستند بظهرها الى المقعد المخملى الوثير بنبرة استجواب:
-وأين هو كريم حتى الآن ؟ لماذا لم يحضر؟
سارعت هناء تدافع عن ولدها بحرارة:
-هاتفه مغلق , أو ربما بمكان خارج التغطية ... الغائب عذره معه.
وكأنها كانت ترسل اشارات تحذيرية الى منى الواقفة قرب الباب تراقب ما يحدث وهى صامتة ,كانت تحذرها من أن تعترف بالحقيقة فهى بغنى عن استجوابات من نوع آخر كما أنها لا تريد أن تسئ الى ابنها ... فهزت منى رأسها بحركة واهية وهى تؤمن مصدّقة على الكلام:
-سوف يجده سيف ان شاء الله , لا تقلقوا.
ثم سارعت الى الاستئذان بالانصراف بأدب جم متمنية الشفاء العاجل لهناء.
-يا رب !
صوتها المتألم اثار الرجفة بأوصال النساء المجتمعات حولها وهن يتطلعن نحوها مشفقات.
كان رفيق وأميرة قد غادرا الجناح على وجه السرعة قبل حضور الجدة أما سوسن فقد بقيت الى جوار المرأة المصابة لمساعدتها اذا ما احتاجت شيئا ,وحتى ريم عرضت خدماتها بسخاء شديد الا أن أمها صرفتها بهدوء متعللة بمرافقتها الى جناح جدتها التى شعرت بارهاق مفاجئ لم يكن خافيا عليهن تدهور حالتها الصحية باستمرار, قبل أن تغلق الباب ورائها حتى تنفرد بالحديث مع هناء التى كانت مشيحة بوجهها تنظر من زجاج النافذة الى الخارج بأمل يخبو تدريجيا ,هل كانت تنتظر سماع صوت سيارته ؟ ربما تلهفت الى وجوده حتى وهو ثائر يتلوى من شدة غضبه ويجابهها بوقاحة لم يكن لها مثيلا.
-هناء ... ما الذى جعلك تختلقين هذه الكذبة حتى تبررى اختفاء كريم بهذا الشكل ؟
-أتتهميننى بالكذب يا سوسن ؟ سامحك الله.
-لا أقصد والله ,مجرد قلق عليكِ وعلى كريم أيضا ... أنا شاهدته مندفعا الى الخارج وقد كان وجهه محتقنا من شدة الانفعال حتى أنه لم يلتفت الىّ حينما ناديته ,وهذه هى المرة الأولى التى يأتى فيها بتصرف مماثل .
-أنا بورطة حقيقية يا سوسن.
وشهقت المرأة ببكاء حار ,فاسرعت نحوها سوسن تحتضن جسدها المرتجف بقوة وهى تقول بصوت رؤوف:
-ماذا بكِ يا هناء ؟ أرجوكِ لا تثيرى فزعى ,ما الذى لا أعرفه ؟
-كريم ... أعتقد أنه لن يرغب برؤيتى ثانية ,وأخشى أنه ربما لن بعود مجددا الى البيت.
-كيف صار هذا ؟
كانت هناء تثق بها ثقة عمياء فاعترفت لها بكل ما دار بينها وبين كريم من حوار حتى وصلت الى النهاية.


***********

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 12-11-18, 06:10 PM   المشاركة رقم: 128
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

انضم رفيق الى زوجته وهى فى طريقها الى غرفة أمها ولم يأبه لاعتراضها الواهن قائلا بتبرير منطقى:
-أريد أن أتحدث مع عمتى , فلا تتدخلى أنتِ.
تصنعت الحزن وهى تكشر مقطبة جبينها بتعمّد أثار حفيظته وهى تقول:
-هكذا اذن ! عمتك !
فقال مؤنبا وهو يمسح عن وجهها آثار التقطيب بأصابعه القوية:
-ألم أخبرك من قبل ألا تفعلى هذا ؟ لا أريد أن أرى وجهك الا مبتسما .. فأنا لا أفضل النساء النكديات.
كان يمازحها بانفتاح شاعرا برغبة فى اثارة المرح وسط هذه الأجواء المشحونة بالتوتر جعلها تضحك مستعيدة البهجة المفقودة وهى تتأبط ذراعه بتملك قائلة:
-اذن هيا بنا سويا , فلنواجه أمى معا ,أعتقد أنها لن تستطيع الانفراد بك وأنا الى جانبك لأدافع عنك اذا ما اقتضى الأمر.
شاركها الضحك وهو يقول متذمرا:
-لم أكن أظن أن لصلة القربى وجها آخر غير حميد ... فأمك تعاملنى كند لها لا كابن أخيها الذى كانت تكن له المحبة سابقا.
-هذا فقط بعد أن صرت زوجا لابنتها ..
ابتسم وهو يقول بعاطفة صادقة:
-من أجل عينى ابنتها أنا على أتم استعداد لأن ألقى نفسى من فوق الشلال.
كان يغازلها بجرأة وأصابع يديه تتلاعب ببشرة ذراعها الحريرية فيما يضمها بعنفوان الى صدره وهما يتوجهان سويا لتقرير مصيريهما ...
طرقت أميرة على باب غرفة فريال قبل أن تدير مقبض الباب لتفاجئ أمها مبتسمة:
-ماما ... لقد جئت ومعى ... شخص يريد أن يحادثك بأمر ضرورى.
وانزاحت مبتعدة ليطل رفيق بقامته المديدة من ورائها وبعينيه تتراقص نظرات ماكرة فيما قال بحيوية واندفاع:
-هل تسمحين لى يا حماتى بالدخول ؟
-وهل تركتما لى فرصة للرفض ؟ ادخل أيها الخبيث , أما أنتِ فلى معكِ حساب خاص فيما بعد أيتها المتآمرة.
تعالت ضحكاتهما عاليا فيما انتقلت العدوى الى وجه فريال بفعل السحر فلم تتمالك نفسها من الابتسام وقد انهارت مقاومتها بلحظة واحدة وقد مدّت ذراعيها اليهما فى اشارة الى ترحيبها بقدومهما.


*************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 12-11-18, 07:07 PM   المشاركة رقم: 129
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

حدقت ببلاهة فى شاشة الهاتف الخلوى بعد أن استمعت الى الرسالة المسجلة ( الهاتف الذى طلبته غير متاح الآن ) ,للمرة العاشرة تحاول الاتصال به بدون أى فائدة ترجى ,لماذا تصاعد وجيب قلبها ليخبرها بأن أمر خاطئ يحدث ,ليس من عادته أبدا أن يغلق هاتفه الخاص ... ولا تدرِ لم شعرت بالقلق عليه فى هذه اللحظة بالذات ؟ أرادت فقط أن تطمئن عليه , أن تسمع صوته المتناغم يخترق أذنيها ليطربها ,بمجرد كلمة واحدة منه تسعد مثل طفل صغير يحتفل ليلة العيد بملابسه الجديدة ,قامت بالقاء الهاتف بحقد وهى تنفث جام غضبها عليه ,فالتقطته أصابع يد رجولية بمهارة بحسد عليها وهو يتساءل محتدا:
-لماذا ترمين بهاتفك يا هديل ؟
انتفض جسدها لا اراديا وقد تنبهت الى مراقبة أبيها الصارمة لكل سكنة وحركة منها وقالت تشير بيدها بلا مبالاة مصطنعة:
-لا شئ , لقد ألقيته فقط وكان سيسقط لا محالة على الأريكة الى جوارى ان لم تلتقطه يا أبى.
-لم أعهدك مهملة الى هذه الدرجة حتى تفسدى عدة باهظة الثمن كتلك بمثل طريقتك فى القائه.
غمغمت بشرود ذهن:
-آسفة يا بابا ,أنا أشعر ببعض التوتر.
-لماذا ؟ هل هناك مشكلة ما بالعمل ؟
أكان هذا هو كل ما يشغلها بالنسبة اليه ؟ فقط متاعب العمل هى ما تسبب الضيق ,هذا جائز ولكنها لا تجعلها فاقدة للشهية ولا تتركها فريسة للأرق والسهاد.
-كله تمام ,العمل يسير على أفضل ما يكون.
-وما أخبار مديرك ... كريم الشرقاوى ؟
شعرت الفتاة بالحيرة من فضول والدها الغير معتاد بخصوص عملها ومديرها ,فأخذت نفسا عميقا قبل أن تزفره ببطء وهى تتصنّع التثاؤب قائلة بلهجة ممطوطة بينما أصابعها فوق فمها تغطيه:
-هاااااه ,بخير ,أعتقد أننى سأخلد الى النوم ,هل تأمرنى بشئ يا أبى ؟
رفع صلاح حاجبه متعجبا وهو ينظر الى الساعة المعلقة على الجدار مقابل نظراتها المتفحصة بعناية لا تتلاءم مع احساس النعاس قائلا بهدوء:
-هكذا مبكرا يا هديل ؟
-لا أعرف يا أبى , ربما أصابنى ارهاق شديد اليوم ... كما أنه لدى يوم عمل طويل فى الغد ... ولا أريد أن أتأخر ..
نهضت تسير بخفة ورشاقة وهى تبحث عن خفيها بجوار الأريكة حتى دسّت قدميها الضئيلتين فيهما ومالت نحو والدها لتقبّل وجنته بحب ومودة قائلة:
-تصبح على خير يا بابا.
-وأنت من أهله يا حبيبتى ... نامى ملئ جفنيك ولا تشغلى بالك بالتفكير ...
أهذه رسالة خفيّة منه ؟ ربما صارت تتوهم الكثير من الأشياء بسبب حساسيتها المفرطة ,فقط مجرد اهتمام طبيعى من أب تجاه ابنته الوحيدة.
-حاضر.
قالتها ببساطة شديدة وهمّت بالانصراف ال أن والدها استطرد قائلا:
-هديل ,ألن تأخذى هاتفك معك ؟
-آه , صحيح كدت أنساه.
ومدت يدها تلتقطه من بين أصابع أبيها وقد شدد قبضته عليه لحظات قبل أن تتراخى سامحة لها أن تأخذه بسهولة ويسر ,وقال أخيرا:
-تنبهى جيدا لئلا تنسى أمورا أكثر أهمية يا بنيتى.
ورمقها بنظرة مقيّمة عميقة وبداخله يتلاعب الشك ... هل أخطأ بحق ابنته عندما صارح هناء بما يدور بينها وبين كريم ,كان يأمل أن تأتى اليه لتصارحه كما هى عادتها لا أن تخفى حيرتها بقوقعة من الصمت المطبق , ألا تفهم هذه الصغيرة أنه ملاذها الدائم والناصح الأمين لكافة تساؤلاتها ,فالأب هو الرجل الوحيد بحياة ابنته الذى يضحى من أجلها بدون انتظار لمقابل يجنيه.


*************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 12-11-18, 07:22 PM   المشاركة رقم: 130
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,136
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

انتهى الفصل السادس والعشرون


 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لؤلؤة, العواصف, تائهة
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:02 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية