كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 58 - طائر بلا جناح - مارجري هيلتون - عبير القديمة
وعندما بدأ جستن بتناول قطعة الحلوى التي تأتي بعد العشاء ، تنبهت هيلين الى ضآلة الوقت الذي تمضيه مع جستن بمفردهما . فبإستثناء الأيام الأربعة التي امضياها فى دوربين ، لم تسنح لها الفرصة للانفراد به الا بعد أن تذهب جولييت الى النوم . وحتى تلك الامسيات لم تكن كلها لهما ، فحيناً يكون مضطراً لدراسة بعض الأوراق والمستندات ، وحينا آخر يزورهما روجر درو ليشرب معهما فنجاناً من القهوة ويبحث مع جستن اوراً تتعلق بالمعمل والشركة .
الى متى يمكنهما ، أو بالأحرى يمكنها هي بالذات ، الابقاء على تلك العلاقة الروحية ؟ او ان عليها أنتظار ذلك التحول التدريجي الذى لابد من حدوثه بين شخصين يعيشان تحت سقف واحد ؟ وعندما أنتهت من قطعة الحلوى الكبيرة ، رفعت رأسها لتجده يراقبها ويتأملها قائلا :
" الأفكار مرة أخرى ؟ أم أنك تستمتعين بهذه المجموعة الضخمة من الوحدات الحرارية ؟"
" قليل من هنا وقليل من هناك ، لم أتجرأ على تناول كميات كبيرة من المأكولات والحلوى عندما كنت مع فرقة الباليه" .
" تخيلت أنك بحاجة لكميات كبيرة من الحلويات لأنها تعطي المزيد من القوة والقدرة على تحمل الارهاق"
" كانت لنا شهية قوية جداً ، ولكن مأكولاتنا أقتصرت على اللحم المشوى وسلطة الخضار وأشياء مماثلة ، فهذه الأنواع تزيد من قوة الانسان ولكنها لا تسبب له السمنة" .
ضحك جستن كثيراً ورد :
" لست قادراً على تخيل أي أنواع الأكل يمكنه أن يجعلك تسمنين, فخلال عامين أو ثلاثة ستصبح جولييت أكثر منك وزنا ، وربما أطول" .
وتذكرت هيلين أن جولييت تصل فعلا الى مئة واثنين وثلاثين سنتيمتراً ، في حين أنها هي لا تتجاوز المائة والسبعين. وبما أن والدها رجل طويل القامة ، فليس من المستغرب أن تفوقها طولا خلال سنوات قليلة . ثم عاد جستن الى الحديث ، ولكن هذه المرة بلهجة رقيقة ولطيفة :
"لاحظت تحولاً كبيراً, في طولها خلال عام واحد ، فعندما أتت الى سلمندر في العام الماضي كانت طفلة صغيرة ممتلئة الجسم ، ولكن عندما شاهدتها تنزل سلم الطائرة قبل ثلاثة أشهر ، كدت لا أعرفها نظراً للازدياد المذهل في طولها ، والانخفاض الملحوظ في وزنها" .
لم تعلق هيلين فوراً على حديث جستن ، خاصة حين تذكرت ما قالته لها جولييت على الطائرة من أنها كانت تتناول كميات قليلة جدا من الطعام بسبب رفض جديها السماح لها بالانضمام الى والدها ، وعندما أرادت أن تقول أن بعض الاطفال يزداد طولهم فجأة في أعمار معينة ، انتبهت الى أن روجر درو موجود قرب مدخل المطعم يتحدث الى شخص ما ، ومع انها تستلطفه وتحترمه كثيرا ، فقد تمنت الا يراهما لأنها لم ترد أن يعكر صفوهما وخلوتهما أى شيء على الأطلاق .
تحرك روجر قليلاً ، فشاهدت هيلين فتاة ممشوقة القوام تتقدم بضع خطوات ثم تقف قربهما مشدوهة وتقول بلهفة :
" جستن !"
أستدار جستن بسرعة الى يمينه ، وحين شاهد صاحبة الصوت هب واقفاً وقال لها بدهشة مماثلة :
" لوسي !!لم أعلم أنك عدت"
شعرت هيلين بصدمة حادة عندما سمعته يقول هذه الكلمات بلهفة واضحة ، وأكثر من ذلك عندما شاهدت تلك الفتاة تمد يديها الى يدى جستن قائلة وقد لمعت عيناها بابتسامة براقة :
" ما أروع أن التقي بك في الليلة الأولى لعودتي ! أوه يا جستن ، هل حقا مضت سنة كاملة ؟ لا أصدق ذلك ، أخبرني الآن ، كيف حالك, وكيف جولييت ؟"
" بخير ، شكرا ".
" أنني متشوقة جدا لمشاهدتها ، خاصة بعد انتقالها للعيش معك ، وأنت يا جستن ، ما هي أخبارك ؟ أوه, أنك ... أنك متزوج !"
تطلع بزوجته قائلا :
" هيلين, أعرفك بالآنسة سندانا ، لوسى ، أعرفك بزوجتي" .
وقفت هيلين بتمهل ومدت يدها لمصافحة لوسي . ومما زاد في حدة صدمتها أن الفتاة رائعة الجمال وذات أناقة ملحوظة ، عيناها خضراوان واسعتان وبشرتها ناعمة رقيقة ، وفمها قرمزي يضج بالنضارة والجاذبية, لدرجة أن عيون تظل معلقة به فترة طويلة ، حتى بعد أن تتوقف صاحبته عن التحث أو الابتسام .
|