لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-04-18, 10:15 PM   المشاركة رقم: 1061
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



*
*
*

نظر عاليا للسماء الصافية وتنهد بضيق متمتما

" صبرني اللهم على هذه الطفلة "

لتلكمه تلك القبضة على صدره وكما توقع قالت الواقفة

أمامه بضيق

" ومن قال بأنه سيشتري كوبا غيره ؟ لن تشرب في ذاك

الكوب مجددا تيم أتفهم "

نظر لها ورفع ذراعيه جانبا لتظهر حركته تلك الجسد المخفي

تحت سترته المفتوحة وقد التصق به القميص القطني المشدود

مبرزا تفاصيله الرجولية قائلا بضيق

" ولا مال لدينا لنشتري هذا الكوب مرتفع الثمن الذي وقع

اختيارك عليه تحديدا فهل أبيعك له مقابلا له مثلا ؟ "

عبست ملامحها الجميلة الرقيقة وهمست بحزن

" تبيعني تيم ؟ وبكوب ! "

تنهد بعمق ونظر للذي كان يراقب نقاشهما مبتسما وإن كان

لا يفهمه وقال بحنق

" كيف يتعامل زبائنك مع النساء اللحوحات هكذا ؟ "

ضحك الواقف خلف الطاولة الخشبية المغطاة بمضلة والمليئة

بالقطع الخزفية الجميلة والمميزة وقال مبتسماً

" إن كان يحبها فما أن تمتلئ عينيها بالدموع يخرج المال الذي

كان يخبئه عنها أما إن لم يكن كذلك فيذهب ويتركها تتبعه

غاضبة "

نظر بطرف عينيه للواقفة تنظر له بحنق فرفعت أصبعها وأشارت

خلف كتفه وقالت بضيق

" غادر هيا أعلم أن هذا ما تفكر فيه ، ولعلمك فقط أنا لن أتبعك

لأنهن لا يحببن أولئك الرجال لما تبعت واحدة منهن رجلا المال

أهم لديه منها "

مرر أصابعه في شعر قفى عنقه متأففا وقال وهو يبعد يده جانباً

" ماريا لا مال لدي سوى ما سندفعه لسائق سيارة الأجره

فاسألي نفسك من السبب في كل هذا فتيم الطفل الفقير ما كان

ليشتري لك الكوب لأنه لا يملك المال وكما اخترت تماماً "


ضربت بقدمها الأرض وقالت بحنق

" لابد وأنك تخبئ شيئا ما للحالات الطارئة .. أنتم الرجال

جميعكم متشابهين "

أدخل يده في جيب بنطلونه وأخرج الورقة النقدية الوحيدة

الموجدة فيه ورفعها أمامها وقال

" أقسم بأني لا أملك غيرها ، سنعود هنا ونشتري ما تريدين

في يوم آخر "

فحدث المتوقع حينها وإن كان تأخر عما كان يتوقع وامتلأت

مقلتاها الذهبية الواسعة بالدموع هامسة بأسى

" لنغادر إذا لم أعد أريده أبدا ومطلقا "

فحرك رأسه بقوة متنهدا بضيق وأمسك ذراعها وسحبها نحوه

وهمس في أذنها

" ستدفعين ثمن كل هذا ماريا ما أن نكون وحدنا وستري "

وتركها والتفت جهة الذي لازال يراقب ما يحدث ينتظر أن تنتصر

زبونته نهاية الأمر وأدخل يده في جيب بنطلونه الخلفي وأخرج

خاتم الزواج الماسي ومده له قائلا

" هل تأخذه مقابلا لما ستختاره هذه الجشعة من بضاعتك "

تنقلت تلك الأحداق الزرقاء بذهول بين يده وعينيه والخاتم قبل

أن يمد يده ويأخذه منه خطفاً وكأنه يخشى أن يغير رأيه وقال

ينظر له بين أصابعه بدهشة

" بالتأكيد ولتأخذها جميعها إن أرادت "

نظر للواقفة بجانبه والتي كانت تنظر له مصدومة قبل أن ترفع

يدها وتتأكد من أن خاتمها لازال موجودا وقالت ما أن

عادت بنظرها لعينيه

" من أين أحضرته ! "

قرب وجهه منها وقال بنزق

" عدوتك اللدود هي من وضعته في يدي قبل أن تغادر

صباحا غاضبة "

نظرت له بصدمة قبل أن تقول بضيق

" وكنت رميته عليها وهي مغادرة لما تخبئه في جيبك ؟ "

شد على أسنانه مكشرا وهمس من بينها بغضب مكتوم

" ماريااااا "

فأجفلت للخلف قائلة بابتسامة طفولية

" حسنا شكرا لك "

وتركته ونظرت فورا للمعروضات أمامها مبتسمة بحماس

لتموت تلك الابتسامة ما أن وصلها ذاك الصوت البارد

للواقف بجانبها

" خذي ما يمكنك حمله لوحدك لأني لن أساعدك في حمل

أي شيء "

رمقته بطرف عينيها بضيق قبل أن تنظر للمعروضات مجدداً

ورفعت الكوب الذي أعجبها واختارته سابقا فقط ونظرت له

وقالت مبتسمة بمكر

" هذا يكفي لا يمكنني حمل المزيد "

أمسك يدها وسار بها مبتعدان عن هناك قائلا بحزم

" لا تنطري لطاولات باقي الباعة أو فقأت لك عينيك فلا شيء

لديا أقدمه ثمنا لجشعك "

ابتسمت وسارت بجانبه بخطوات سريعة لتجاري خطواته

الواسعة وما أن ابتعدا عن ذاك المكان حضنت ذراعه وقالت

مبتسمة تنظر له

" وماذا ستخبرها بشأن خاتمها ؟ "

قال ببرود ينظر لوجهتهم بين الأشجار المصفوفة على جانبي

الطريق المرصوف بالأحجار

" ضاع مني بالطبع فلتشتري غيره أو تفعل ما يحلو لها "

ابتسمت بانتصار تشد ذراعيها على ذراعه أكثر وقالت

بحماس تنظر له رغم أنه لازال ينظر للبعيد

" وماذا إن أضعت أنا خاتمك ؟ "

وقف فوقفت لوقوفه ونظر لها وحرك رأسه وكأنه يشير لشيء

ما خلفها وقال بجدية

" افعليها لأرى "

ابتسمت بضحكة صغيرة وقالت

" لنفرض مثلا أنه ضاع مني دون قصد ؟ "

أشار لعينيها بسبابته والوسطى يقبض باقي أصابعه وأدارهما

ناحيته وكأنه يهددها باقتلاع عينيها وقال بحزم

" سأغضب وأصرخ بك طبعا لأنه كلفني الكثير "

وتابع محرك كفه جانباً مفرود الأصابع قائلا ببرود

" ثم سأشتري لك أفضل منه بالطبع فلن تبقي دون خاتمي أبداً "

فقفزت متعلقة بعنقه وحضنته بقوة وقالت ضاحكة

" كم أحب هذا الغاضب على الدوام يا بشر "

أبعدها عنه وشدها من ذراعها وسار بها جانبا نحو الأشجار

وأدارها خلف جذع أبعد شجرة وصلاها واقترب منها ملتصقا

بها وقال ناظرا لعينيها المحدقة فيه باستغراب

" حان وقت رد الدين الآن "

ألصقت رأسها بجذع الشجرة خلفها وقالت

" دين ماذا ؟ "

قرب وجهه منها وقال بابتسامة جانبية

" دين ما تأخذيه مني منذ الصباح طبعا "

وتابع ببرود رافعا قبضته أمام وجهها فاردا أصابعه بالتتابع

" حملتك وركضت بك وعبرت بك النهر ، أكلتي طعامي ، عكرت

مزاجي ببكائك الطويل وجعلتني أشتري لك كوبا خزفيا بخاتم

ماسي ولم تكافئيني ولا بقبلة بخيلة مثلك "

أجفلت هامسة بصدمة

" أنا بخيلة ! "

نقل يده لوجهها ودفع جبينها بسبابته قائلا بابتسامة

" بل جشعة وأريد قبلة تشبهك فورا "

فضحكت ورفعت ذراعيها لعنقه وحضنته بهما بقوة وشدته

ناحيتها أكثر وأهدته قبلة تشبه قبلاته هذه المرة لكنها لم تفرغ

فيها غضبها مثله بل حبها ألا محدود له تتغلغل أصابعها في

شعره يتحرك رأسها مع ميلان رأسه يزيد من جنون قبلتها التي

شاركها فيها سريعا ، وما أن أبعد شفتيه يسحب أنفاسه بقوة

همس بابتسامة ماكرة

" هذا ثمن حملي لك عند الجسر فقط "

نظرت له بصدمة وضربت صدره بقبضتها قائلة

" يالك من جشع وتتهمني بعيوبك ! "

ابتسم بمكر وقرب وجهه منها وقبلها دون أن ينتظر خياراتها

وكانت قبلته رقيقة كقبلاتها هي سابقا جعلتها تستسلم في أقل من

جزء من الثانية إلى أن دفعته عنها بقوة هامسة بأنفاس متقطعة

" أحدهم قادم "

فنظر جانباً يسمع صوت الخطوات التي كانت تقترب منهما بالفعل

وأمسكها من يدها متأففا وسار بها من هناك متمتما بضيق

" الله يحبك فعلا ماريا "

فابتسمت تتبعه شبه راكضة .. تعشقه ولن يكفيها أن تعيش

عمرها بأكمله بقربه وأن تهبه وتعطيه وتعطيه دون توقف

ولا مقابل فالحب لا يطلب ثمنا أبدا هو ذاته أكبر وأجمل

العطايا والهدايا .


*
*
*

ركضت جهة باب المنزل وخرجت منه راكضة ونزلت العتبات

قفزا جهة الذي نزل من سيارة والدها وقفزت ناحيته عند أخر

عتبتين واستقبلها هو ضاحكا ورفعها عن الأرض متعلقة

بعنقه ودار بها حول نفسه وما أن أنزلها ابتعدت عنه وفردت

ذراعيها قائلة بسعادة

" مرحبا بك في منزلك الآخر "

فضحك ورفع ذراعيه جانبا أيضا وقال مبتسما

" بل مرحبا بي في غرفتك وسأرد لك الدين مضاعفا يا ابنة

مطر شاهين "

كشرت في وجهه ونظرت للذي أغلق بابه وقالت

" الرجل في ممر غرف الرجال أبي أليس كذلك ؟ "

وتابعت تنظر بطرف عينيها للواقف أمامها

" إلا إن كان طفلا طبعا ويخاف من النوم بعيدا عن والدته "

نظر لها بصدمة قبل أن يرمقها بنظرة متوعدة فأخرجت له

لسانها ضاحكة واقترب منهما الذي أمسك بكتف الواقف

بجانبه وقال مبتسما

" سنأخذ برأيه طبعا "

فضحك على الصدمة التي اعتلت ملامحها وقال رافعا

سبابته والوسطى ملتصقتان

" بجانب غرفة والدتي "

أمسكت خصرها بيديها وحركت رأسها قائلة بتملق

" وماذا إن كانت غرفتهما في الأعلى ؟ "

ابتسم ببرود متمتما

" إذا الغرفة التي بجوارها "

نظرت للواقف بجانبه وضربت بقدمها الأرض قائلة

" أبيييي !!! "

فابتسم وقال

" كلاكما كبر ولم يعد يحتاجها .. هيا عرفي شقيقك على

منزله وعائلته "

أمسكت بيده وسحبته منها صاعدان عتبات الباب قائلة بابتسامة

" عمي صقر ليس هنا سأعرفك بجدي أولا "

نظر لها أمامه وقال باستغراب

" جدك !! "

وقفت وسط بهو المنزل والتفتت له وقالت مبتسمة بحماس

" أجل فما لا تعلمه بأنه هنا منذ وقت قريب وقد دخل البلاد

أخيرا "

ابتسم بسعادة وقال

" يا إلهي كم هذا رائع "

وتابع ينطر حوله للمكان الذي يراه ويدخله أول مرة

" وأمي أين هي ؟ مؤكد هنا لقد شارفت الشمس على المغيب "

سحبته من يده مجددا قائلة

" أجل إنها معه في غرفته ، لقد كنت هناك معهما قبل

خروجي لكما "

وسارت به عبر الممر الطويل ودفعت باب الغرفة الشبه مغلق

ودخلا فوقف مكانه ينظر بفضول خالطه الكثير من الحماس

والانبهار للواقف قرب النافذة التي كانت تجلس ابنته على كرسي

قربها وفي أبعد أحلامه لم يكن يتخيله هكذا خاصة وأن الشعر

الأبيض لم يتعدى صدغيه وشعرات قليلة من لحيته ! وله ذات

نظرة وثقة وهيبة ذاك الرجل الذي أحبه من قبل أن يراه ، إنهم

بالفعل عائلة سلاطين سلالة عظماء لن يستغرب أن التاريخ لم

ينساهم أبداً وقصص بطولاتهم من أجل الأرض والعرض لازالت

على كل لسان .

هول الصدمة والمفاجأة وتوتره كانوا السبب الأول في ضياع

الكلمات من لسانه فكان الحديث الأول من الواقف هناك قائلا

بابتسامة

" مرحبا بالكاسر ابن الكاسر ابن شراع ، شقيقتك جعلتني أتلهف

لمعرفتك .. ووالدك لم يترك لي طبعاً المجال لأقف أتأملك كما

تفعل أنت معي الآن وهو يظهرك معه اليوم في جميع وسائل

الإعلام "


اتسعت ابتسامته وقال بسعادة

" هل نتصافح كرجل لرجل جدي "

ضحك الذي رفع له ذراعيه له فتحرك نحوه مسرعا من فوره

وتشاركا حضنا رجوليا قويا كما طلب وأراد ، وما أن ابتعد عنه

أمسك كتفه وقال

" أنا سعيد حقا بأنه لي حفيدان بدلا من واحد "

امتلأت عيناه امتناناً وفخراً وقال

" وأنا فخور بأنه لي جد آخر مثلك وإن كانت تشاركني تلك

المدللة فيك "

وأتبع جملته تلك بضحكة صغيرة شاركه فيها الواقف أمامه

فتحركت التي شهقت بصدمة وتوجهت نحوه وحضنت عنقه

بذراعها من خلفه تتكئ بذقنها على كتفه الآخر ونظرت لجدها

وقالت مبتسمة

" هو يكذب فقط فهو يحبني درجة أنه يزعجه الاعتراف بذلك "

وضحكت ما أن دفع وجهها بيده ثم سحبته من يده وقالت مغادرة

به من هناك

" تعالى لترى أشجار العائلة قبل أن تغيب الشمس ، وما أن

تتعرف على عمي صقر سيجلب لك واحدة من اختياره

ويفجعك مثلي بالتأكيد "

وخرجت به ضاحكة تتبعهم نظرات الذي نظر للجالسة قربه

وقال مبتسما

" يبدوا فتى رائع لا يختلف عن جده وأعمامه "

نقلت نظرها من الباب الذي تركاه بعدهما مفتوحا له وقالت

بهدوء

" أجل أبي بل ومختلف عنهم أيضا لقد ربيته بنفسي وغرست

فيه ما تريده المرأة في الرجل ليكون زوجا وأباً رائعا مستقبلا

وتكون عائلته في المقام الأول بالنسبة له "

ضحك من فوره وقال

" لا تربيه على أن يكون فتاة وتدمري الفتى يا غسق "

شدت قبضتها على ذراع الكرسي وقالت بضيق

" بل ربيته ليكون رجلا لكن ليس أن يفهم الرجولة بالشكل

الخاطئ التي يكون فيها الرجل صارم وقاسي وجاف ومتحجر

كل شيء لديه في المقام السابق للمرأة "

رفع حاجبيه بدهشة وقال

" غسق لا تنفسي عن عقدك في الفتى !! "

تبدلت ملامحها الفاتنة للحنق وقالت

" أبي أتراني معقدة ؟ أم أن الرجل الذي يقدر المرأة ويحترمها

هو الذي لا يصلح أن يكون رجلا ولا يستحق أن يحمل ذاك

المسمى ؟ ثم ما قصد ابن شقيقك بالحركة التي فعلها اليوم وهو

يظهر به أمام الإعلام يحضر معه اجتماعاته مع أؤلئك موتى

القلوب رجال الجيش "

نظر لها بصدمة وقال

" وقولي كما سيفكر البعض بأنه يستعرض ذلك أمام قبائل

صنوان ليستميلها "


وقفت وقالت بضيق

" أعلم بأنه لا يفكر في ذلك وأعلم أيضا بأنه يريده أن يكون

نسخة عنهم رجال السياسة والحروب ، أنا أرفض أن يكون

ابني كمطر شاهين ورجاله "

ابتسم ونظر ناحية الباب المفتوح بل وللذي أصبح واقفا

أمامه وقال

" ها هو هنا بنفسه ليسمع رأيك المخيف فيه "

نظرت أيضاً ناحية الذي دخل بخطوات واسعة بطيئة وأنيقة

يرتدي قميص بذلته الأبيض الناصع وربطة العنق السوداء

دون سترة يرسم على شفتيه ابتسامة جانبية وهو يقترب

منهما حتى وقف بجوارها تحديدا ينظر لها مميلا رأسه جانبا

وقال

" الأراء السلبية التي تكرمني بها ابنتك كثيرة فما

الجديد الآن ؟ "

ونظر تحديدا لعيني التي نظرت له بضيق بينما قال دجى ضاحكا

" زوجتك ترفض أن تصنع من ابنها نسخة عنك وعن رجالك "

ابتسم له ونظر للتي كتفت ذراعيها لصدرها ونظرت للجانب

الآخر بعيدا عنه فحضن كتفيها بذراعه وقبل رأسها

وقال مبتسما

" الكاسر هناك مكانه الطبيعي حفيد زعيم صنوان أما هذه

الغاضبة على الدوام فاتركها لي أتفاهم معها فيما بعد "

أبعدت ذراعه عنها وتحركت من مكانها وحملت صينية الشاي

معها فقال دجى مناديا بابتسامة

" أين تأخذين الشاي لم أنتهي من شرب كوبي الرابع بعد "

وضحك بسبب الذي لحق بها بخطوة واسعة والتفت ذراعه

حول خصرها موقفا لها قائلا بصدمة

" لا تقل بأنه شاي الأعشاب الخاص بها ؟ "

وقربها منه على صوت الواقف خلفه قائلا بضحكة

" أجل ويبدوا بأني لن أشربه بعد الآن "

فابتسم الذي شدها له وهمس في أذنها

" أين ذاهبة به أقسم أن مذاقه لازال في فمي حتى الآن "

حاولت دفع جسدها للأمام بعيدا عنه قائلة بضيق

" أبي أخبر ابن شقيقك يبتعد عني "

ضحك الذي توجه نحوهما وأخذ صينية الشاي من يديها

وقال وهو يرجع بها للخلف حيث الطاولة قرب النافذة

" الآن اتركها يا مطر .. وإن لم يفعل فلك أن تدفعيه عنك "

فضربت ساعده بقبضتها حتى أبعده عنها فغادرت الغرفة

بخطوات غاضبة تلف شعرها الذي انفك من مشبكه يراقبها

مبتسماً قبل أن ينظر للذي قال بابتسامة يجلس على الكرسي

يرتشف من كوبه

" هل أفهم ما سر زيارة المنزل للمرة الثانية اليوم على

غير العادة "

توجه نحوه وسكب لنفسه كوب شاي وغادر به ملوحا له بيده

دون أن يعلق تراقبه نظرات الذي تنهد بعمق متمتماً

" ليشفي الله الجراح .. ليشفي الله ما صنعته بكما السنين "


‏*‏
‏*‏
‏*‏


حاولت رفع جسدها ويدها أكثر تتمسك بالغصن بقوة على

صوت الواقفة على كتفيه قائلا بضيق

" بسرعة يا حمقاء شديها بقوة لتنقطع .. لقد حطمت

لي كتفاي "

حاولت مجددا أن تشد البرتقالة الكبيرة الممسكة لها

بأصابعها الرقيقة وبقوة أكبر لكن النتيجة كانت ذاتها فقد

كان الغصن يتحرك مع حركة شدها لها نحوها فنظرت له

تحتها وقالت

" سنحتاج لسكين لن ينجح الأمر هكذا "

رفع رأسه لها وقال بتملق

" وكيف ستمسكي السكين بيد والبرتقالة بيد لتقطعيها يا ذكية ؟

انزلي هيا لا فائدة ترجى منك "

تمتمت بعبوس وهي تنظر خلفها لتتوازن وتنزل

" أحمق الحق عليا أريد إحضارها لك "

لتنتبه حينها للواقفة على بعد مسافة منهما تكتف يديها لصدرها

تنظر لهما بضيق فشهقت بصدمة أفقدتها توازنها خاصة مع

محاولة الذي كان يمسك قدميها المستقرتان على كتفيه أن

يوازنها وكانت النتيجة أن وقعت موقعة له معها على الأرض

وقد صرخ كل واحد منهما بما يناسب حالته .. صرخة صدمة

من التي هوت للأسفل فجأة وصرخة متألمة من الذي سقط

جسدها عليه بقوة جعلته يصطدم بالأرض وجسدها فوقه ،

فابتعدت عنه واقفة معتذرة تنظر له بقلق ووقف هو بصعوبة

ينفض التراب عن ثيابه شاتماً بهمس وملامح متألمة قبل

أن ينظر لها وقال بضيق

" بما أنك تعلمين أنك بدينة هكذا ترقصين فوق كتفاي لماذا ؟ "

ونظر لها باستغراب حين لم تعلق كعادتها وتغضب لأنها ليست

كذلك واستدارت حدقتاه ببطء وتوجس حين أشارت له بإبهامها

خلفه تختبئ به عما تشير له ، وما أن استدار للخلف ووقع نظره

على الواقفة هناك شهق بصدمة وأشار للواقفة خلفه والتي كانت

تشير له ذات الوقت وقالا معا

" هي من أراد البرتقالة "

" هو من أراد البرتقالة "

لكن نظرة الواقفة هناك لهما لم تتغير ولم تعلق أيضا ونظرتها

الغاصبة لا تبشر بأي خير فبلعت تيما ريقها ولم تتحدث بينما

ابتسم الواقف بجانبها بسعادة ما أن ظهر له الذي اقترب من

وراء ظهر تلك الغاضبة يمسك كوب شاي في يده وقال

بابتسامة واسعة

" ها قد جاء من سينقذنا "

انتقل نظر الواقفة بجانبه لما كان ينظر بينما لم تلتفت الواقفة

أمامهما للخلف لعلمها بهوية القادم من هناك دون أن تراه والذي

وقف على بعد خطوات منها واتكأ بكفه على جذع شجرة التفاح

وقال مبتسماً

" أنا موافق على العقوبة التي ستختارها لكما "

فانخفضا كتفا التي تنهدت بأسى بينما ضرب الواقف بجانبها

جبينه بيده قبل أن ينزل بها لفمه يخفي شفتيه فيها وهمس لها

" بشراك إذا فلا أبرع منها في إلقاء العقوبات "

فرمقته بطرف عينيها وتمتمت بأسى

" هل عليا نطق الشهادة إذاً ؟ "

أبعد يده ونظر للواقفة أمامهما لازالت تكتف ذراعيها لصدرها

ناظرة لهما بغضب وقال باستسلام

" حسنا أمي يمكنك معاقبتي بأي شيء إلا إخراجي من

هذا المنزل "

فانسدلت تلك الأجفان والرموش الكثيفة على الأحداق السوداء

الواسعة تخفي عنهما نطرة الحزن بسبب ما قال واستدارت من

فورها مغادرة من هناك لم تنظر لشيء غير خطواتها تخفي كل

ذاك الحزن حتى عن الواقف مكانه يرتشف من كوبه يتبعها

بنظره كما تلك النظرات المصدومة للواقفان هناك قبل أن تقفز

تيما صارخة بسعادة وضربت كفها بكف الواقف قربها

ضاحكان وقد قال مبتسما

" لقد نجونا بأعجوبة "

ليقتل تلك الضحكة وذاك الانتصار الذي لم يدم كثيرا الصوت

الرجولي العميق القريب منهما والذي قال صاحبه ببرود

" نجوتما من عقابها هي أما أنا فلا "

فتحولت نظراتهما له يحدقان فيه بصدمة قبل أن يقول الكاسر

بأسى للواقفة بجانبه

" والدتك لا أسوأ شيء في الحياة من عقوباتها وأنا الخبير

في ذلك فماذا عن والدك ؟ "


قالت من فورها وبعبوس

" علينا نطق الشهادة بالفعل "

وراقبا باستغراب الذي ضحك ضحكة صغيرة قبل أن يغادر

هو أيضا من هناك ودون أن يعلق بشيء فنظرا لبعضهما

بصدمة قبل أن يضحكا بانتصار ودارت حوله التي قفزت على

ظهره متمسكة بعنقه قائلة بضحكة

" هيا يا حصاني "

فانحنى قليلا وأمسك بساقيها وتحرك بها قائلا بضيق

" تزوجي لك حصاناً ما وارحميني لقد كسرت لي ظهري "

تعلقت بعنقه بقوة وقالت ضاحكة

" تحرك هيا ولا تنسى بأنك من وعدني بهذا إن قطفنا

البرتقالة أم لا "


*
*
*




دخلت مبنى الجامعة شبه راكضة تمسك مذكراتها في

حضنها بقوة وكأنه تخشى أن تفقد إحداهما الأخرى

فتخسر الوقت المتبقي معها وتخسر تباعا حربها مع

الزمن فيصبح الركض في أروقة الجامعة حلها الوحيد

حينها ! دخلت الباب الرئيسي بسرعة متمتمه بضيق

تجتاز الطلبة السائرين أمامها

" كله بسبب ذاك الأحمق تركني نائمة وغادر دون أن

يتفقد حتى إن استيقظت أم لا "

وما أن وصلت ممر المدرج الرابع وقفت بقوة مرتدة

للخلف حتى كادت أن تقع للوراء تنظر بصدمة للواقفة

بجوار أحد أبواب القاعات المفتوحة تكتف ذراعيها

لصدرها ويبدوا أنها تنتظرها من تلك الابتسامة

والنظرة الساخرة التي رمقتها بها قبل أن تبعد إحدى

يديها وتمررها خلال خصلات شعرها الأحمر القصير

فانفتحت عيناها بصدمة تنظر للخاتم الماسي في

سبابتها ...! خاتم الزواج الذي كانت تلبسه سابقا

والذي دفعاه لذاك البائع ثمناً لكوب القهوة الخزفي

الذي اختارته بالأمس ! ولم تنتهي الصدمات المتتالية

عند ذلك وعيناها تراقب بجزع يدها الأخرى التي كانت

تقبضها على شيء ما فيها وبدأت فجأة برميه في الهواء

ليعود مستقرا في كفها وترميه مجددا تباعاً لازالت ترسم

تلك الابتسامة الساخرة على شفتيها والتي بدأت بالتحول

لابتسامة انتصار تدريجيا وحدقتاها الذهبية الذاهلة المرتعبة

تتبع قطعة النقود الرومانية التي كانت تطير في الهواء

صعودا فنزولا ... القطعة النقدية التي لا يملكها أحد غيره

وقد أرسلتها له مع باقي تلك الأغراض قبل أيام وقبل أن

تنتقل للعيش في منزله ! القطعة النقدية التي لم تفارقه

منذ طفولته سوى تلك الليالي التي نامت فيها تحت

وسادتها في منزل عم والدتها ! فما يعني كل هذا ؟

أبعدت شفتيها بشهقة صغيرة خافتة لكنها كانت كفيلة

بتدمير كل شيء في داخلها وسقطت كتبها ومذكراتها

من يديها للأرض وهي تنظر برعب للذي ظهر من الباب

الموجود خلفها يبتسم ذات تلك الابتسامة الماكرة ولم يكن

سوى ذاك الشاب الذي حقق معها في المنظمة والذي

ضربه تيم بسبب ذلك !

تراجعت خطوة للوراء تنظر لهما بصدمة لتوجه لها

صاحبة تلك الملامح الإنجليزية الفاتنة الضربة القاضية

وهي تهمس بسخرية

" مرحبا ماري ....... أو لنقل ماريه هارون "

فارتجف جسدها بأكمله وتقاطرت الدموع من عينيها

فورا وتراجعت للوراء أكثر هامسة بعبرة

" لا يا رب أي شيء إلا تيم ... افجعني في أي شيء

غيره أرجوك "

ولم يتوقف تراجعها للوراء ولا تقدم اللذان كانا

يقتربان منها يضحكان بصوت مرتفع حتى وصلت

قدماها لمكان مفتوح فارغ لا أرض فيه ! لا جدران !

لا أضواء ولا أحد غيرها ! فسقطت فيه على الفور

صرختها الباكية تكاد تصم أذنيها .

جلست بشهقة مفزوعة يدها على صدرها تتنفس

بقوة تنظر للفراغ المظلم أمامها بخوف وذعر شديدين

دموعها تتقاطر من عينيها وقد بللت وجهها من قبل

أن تستيقظ لا يردد لسانها سوى التمتمات المتفرقة

متعوذة بالله من الشيطان بهمس مرتجف ، وارتفعت

أناملها المرتجفة لشفتيها وحضنتها بها هامسه ببكاء

" حمداً لله لم يكن حقيقة ..... !! حلم ماريه إنه حلم ! "

وغادرت السرير من فورها تمسح دموعها بظهر كفها

بقوة ولبست حذائها القماشي المزين بالأزهار الصغيرة

كلون وشكل بجامتها الربيعية الجميلة قصيرة الأكمام

وخرجت من الغرفة ووجهتها فورا باب الغرفة المغلق

والموجود في الجانب الآخر من جدار بهو الشقة الواسع

الشبه مظلم ، أمسكت مقبض الباب وأدارته ببطء وفتحت

الباب قليلاً وتنهدت بارتياح متكئة بجانب رأسها على

إطاره تهمس حامدة الله بخفوت حزين ما أن وقع نظرها

على النائم على السرير يده تحت رأسه والأخرى ترتاح

عند وسط جسده الذي يغطي نصفه باللحاف بينما النصف

العلوي لا يغطيه شيء ولا أي قطعة من ملابسه .

" تعالي ماريا "

امتلأت عيناها بالدموع وابتسمت بحب ما أن وصلها صوته

الهامس بخفوت ما يزال نائما مكانه فكما توقعت تماما فهو

سيشعر بفتحها للباب وإن كان نائما فعلى هذا عاش وتدرب

يشعر بالذبابة التي تطير فوقه مهما كان نومه عميقا .

" تعالي هيا... "

دخلت الغرفة بخطوات بطيئة ما أن همس بتلك الكلمات

ولازال مغمضا عينيه ولم يتحرك فيه شيء ولا جفناه ، وما

أن نظر ناحيتها ورفع طرف اللحاف كاشفا عن جرء من

بنطلونه الرياضي المغطي لفخذيه ركضت نحوه واندست

معه تحته ونامت في حضنه تشدها ذراعه له بقوة وهمس

ببحة نعاس

" ألم تنامي حتى الآن يا كسولة ؟ "

اندست في حضنه أكثر هامسة بخوف وأنفاس

قصيرة متقطعة

" بل كنت نائمة ، لقد .. رأيت كابوسا وكان مخيفاً "

وارتجف صوتها وهي تدفن وجهها في عنقه هامسة

" كان مخيفاً جداً "

رفع يده لرأسها تداعب أصابعه شعرها وهمس

بصوت مرتخي

" لا تخبري عنه أحد إذا "

وارتفع طرف شفتيه متابعا بابتسامة خفيفة

" وإن لم يتكرر الكابوس هنا سيكون علينا استبدال الغرف "

شدت ذراعها على خصره وأبعدت وجهها ونظرت له

هامسة بابتسامة

" وماذا إن تكرر ؟ "

قبل طرف أنفها وقال مبتسما

" سنجرب الشرفة حينها فقد تري حلماً جميلا "

لكمت صدره ضاحكة ونامت في حضنه مجدداً فابتسم

وسحب اللحاف حتى كتفيها وهمس

" لا تتحركي كثيرا أو طردتك مفهوم ؟ "

قالت بضحكة خفيفة

" اتركني أرجع لغرفتي إذا "

" هششششش نامي هيا "

ابتسمت تحضن خصره بذراعها بقوة وما هي إلا لحظات

وتمللت قائلة تمسك ابتسامتها

" تيم ذراعك تضايقني أبعدها عن عنقي "

نزل بها لكتفها دون أن يتحدث ولا أن يفتح عينيه وما

هي إلا لحظات وتحركت مجدداً متمتمه

" لا أشعر بأنك مرتاح هكذا "

فخرجت منه تنهيدة طويلة متضايقه ونام على ظهره

تاركا ذراعه التي لازالت تحتها ومبعدا الأخرى عنها

وهمس ببرود ولازال مغمضاً عينيه

" أنتن النساء ....!! "

وأشار لصدره بيده الحرة هامسا بصوت مرتخي

" تعالي هيا يا محتالة "

فابتسمت ونامت على صدره من فورها مغمضة عينيها

تشعر بذراعاه تحضنانها بقوة ووصلها صوته الخدر الذي

شعرت به في ذبذبات أضلعه قبل أذنيها

" ستكون الليلة إذاً تجربة لحياة زوجية إما ناجحة

أو فاشلة للأبد "

خرجت منها ضحكة صغيرة وقالت تداعب أصابعها

عضلة صدره

" وما علاقة هذا بذاك ؟ "

أبعد يدها ووضعها على خصره هامسا

" لأني لا أحب أن يقترب مني أحد وأنا نائم بل ولا

يشاركني السرير .. أعلمتِ لما ؟ "

دفنت وجهها في صدره مبتسمة وهمست

" ليكن معلوما لديك إذاً بأنه سيكون عليك مستقبلاً أن تعتاد

هذا .. لا خيار أمامك "

فابتسم ولعبت أصابعه بشعرها قبل أن تحضنها ذراعاه

بقوة ممسكا لها وانقلب بها للجانب الآخر صارخة بضحكة

وقال يحضنها بقوة

" عليك إذاً أن تنامي بالطريقة التي تريحني أنا لا أنت

واصمتي أو رميتك من النافذة "


*
*
‏*‏

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 04-04-18, 10:17 PM   المشاركة رقم: 1062
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



*
*
‏*‏






أخرج هاتفه من جيبه ونظر له ولاسم المتصل وارتسمت ابتسامة

جانبية على طرف شفتيه وهو يقطع عليه الاتصال للمرة ما فوق

العاشرة لليوم لكنه أرسل له بعدها هذه المرة

( توقف عن المحاولات فلن أجيب عليك حتى تتعلم أن تحترم

الاتفاق بيننا ، وجرب فقط أن تتحدث مع تيما مجددا ولن تراها

وإن وافقت هي عليك )


وما أن أرسلها له أغلق هاتفه وأعاده لجيب سترته وأخذته

خطواته فورا جهة الممر الذي أوشك أن يفقد الأمل في أن

يدخله من أجلها يوما ، وصل باب الغرفة وأمسك مقبضه

وفتحه ببطء فتسلل النور خلال ظلامها القاتم في مسار طويل

أسقط شعاعه العريض فورا على ذاك السرير الواسع والنائمة

عليه فابتسم بدفء ودخل وأغلق الباب خلفه ولامست أصابعه

زر الإنارة دون أن يبعد نظره عنها ليعم ذاك النور القوي الغرفة

مظهرا له ملامحها بوضوح يلتف ذاك الشعر الأسود الحريري

حول عنقها تخبئه مع جسدها تحت اللحاف تعانق غرتها

المتساقطة على وسادتها جبينها الصغير .. وجنتاها لازالتا

تتأثران بتقلبات الجو مهما كان بسيطاً وهي نائمة ..! وتنام تلك

الرموش السوداء الكثيفة عليهما بسلام روحي مهيمن كليلة
مظلمة خالطها نور الفجر في ظاهرة يستحيل لها أن تحدث

وتتكون سوى بإعجاز إلهي ، شفتاها الزهريتان منفرجتان

قليلا في جمال مغر حد الهذيان تفقد المرء صوابه .

اقترب منها وجلس على حافة السرير برفق ورفع يده وقرب

أنامله من وجهها ببطء حتى لامست خصلات غرتها يرفعها

لشعرها ممررا أصابعه بينها يستشعر نعومتها الحريرية

واستمر ذاك الملاك النائم في جذبه تباعا فانحنى ناحيتها

وقبل شفتيها برقة وابتعد يشعر بكل شيء سحب منه وبقي

حيث تلك النعومة المتفجرة وراقب مبتسما جفناها اللذان

ارتفعا ببطء كاشفان عن تلك العينان الواسعة والأحداق

السوداء الكبيرة تنظر له بصمت وسكون فقرب يده لوجهها

ومسح برقة على طرفه يلامس إبهامه حاجبها الرقيق الطويل

وهمس مبتسما

" رجل مزعج أعلم ذلك "

فأنسدلت رموشها مخفية عينيها عنه مجددا فابتسم وانحنى

ناحيتها من جديد وما أن تلامست شفتيهما لم يكتفي بقبلة

صغيرة هذه المرة بل جعلها أعمق وأقوى وأشد فتكا ينحني

ناحيتها أكثر وارتفعت زاويتا شفتيه ما أن استسلمت له بل

وشاركته قبلته بشغف مماثل قبل أن تدفعه عنها وابتعد هو

ضاحكا بخفوت يراقبها تخبئ وجهها تحت اللحاف وقالت

بضيق من تحته

" مطر ابتعد عني الآن وفورا أو طردتك من هنا بطريقتي "


ابتسم واقترب منها وقبل وجنتها من فوق قماش اللحاف الناعم

وهمس بهدوء

" لنصعد لغرفتنا غسق .. أعدك أن ينام كل واحد منا في

طرف من السرير فقط لنكن معا هناك "

طال صمتها كما انتظاره فقبل رأسها وابتعد عنها وما أن كان

سيغادر السرير أبعدت اللحاف عن وجهها فنظر لها مبتسما

ورفع يده وأشار لها بأصابعه بمعنى ما رأيك ؟ واتسعت ابتسامته

ما أن جلست ورمت شعرها للخلف ليسقط على ظهرها حاضنا

ذراعيها وكتفيها وغادرت السرير متمتمه ببرود

" تنقض عهدك سأنزل مفهوم ؟ "

وقف من فوره ومد يده ناحيتها وهي تدور حول السرير

وأمسك ذراعها وسحبها منها ودفعها ناحيته قائلا بابتسامة

" إذا هاتي واحدة أخرى قبل أن نغادر من هنا ويقتلني

ذاك الوعد "

ودون انتظار ولا تراجع أو اكتراث بتمنعها قبلها مجددا يشدها

لجسده بقوة أصابع يده الأخرى تتغلغل في شعرها وعاد لسحبها

لعالمه المليء بالشغف مجددا ولم يشعر أيا منهما أنهما أصبحا

عند الجدار حتى التصق ظهرها به وظهر أناملها تلامس برودته

خلفها بجانب رأسها وكأنها تثبت نفسها به من السقوط فأبعد

شفتيه عنها أنفاسهما المتلاحقة تعبر مجرى تنفس أحدهما للآخر

وهمس مبتسما يلامس إبهامه طرف وجنتها نزولا

" أشعر بالحياة في كل مرة يا غسق لأننا لم نفقد

هذا الشعور بعد "

أسدلت جفنيها على الأحداق التي اكتسحها الألم وبقوة تخفيها

عنه .. أجل لم تفقد ذاك الشعور بعد وأبداً وهذا أكثر ما بات

يقتلها .. أن جراحها منه ورغم عظمها لم تجعلها تكره كل هذا

وتنفر منه ! وماذا تنتظر مثلا فوق ما حدث وفعل ؟

فتحت عينيها ما أن سحبها من يدها وغادر بها الغرفة وما

أن كانا عند نهاية الممر وقف والتفت لها وانحنى ورفعها

فشهقت بصدمة وقالت بضيق ما أن اجتاز بها بهو المنزل

" مطر توقف عن هذا الجنون .. ماذا إن رآك أحدهم ؟

لسنا وحدنا هنا "

صعد بها عتبات السلالم بخطوات سريعة قائلا

" رجل وزوجته ما سيقولون مثلا ؟ "

التفت أصابعها حول ياقة سترته تتمسك بها متنهدة بضيق

ولم تجد لها خيارا سوى الانصياع لكل هذا حتى كانا داخل

الغرفة وأنزلها فابتعدت عنه من فورها وتوجهت للسرير

فابتسم يراقبها وهي تندس تحت اللحاف عند الطرف الآخر

للسرير بل وفي أقصى حافته وغطت جسدها بأكمله حتى

نصف وجهها فأغلق الباب وتوجه للحمام وأغلقه خلفه

محرراً بصوت ذاك الباب الدموع في عيني التي دفنت

ملامحها في الوسادة الناعمة تحتها والتي لا تزيدها إلا

عذاباً تستنشق رائحته فيها.. وجوده .. دفئه تسجن

عبراتها هناك حيث بقاياه ، لو يعلم كم يقتلها بكل هذا

بدلا من إحيائها وهو لا يخصها به لوحدها ، ما الذي

يحاول فعله ؟ يذلها مجددا ويبتعد عنها ويتركها ؟ متى

ستتقرر نهاية عذابها متى فقد تعب الموجود بين أضلعها

من كل شيء حتى منها هي نفسها ، لم يعد يمكنها التحمل

أكثر لا جراحها ولا ألمها ولا مشاعرها إنها تموت ..

تموت ولا يمكنها إيقاف ذلك ، ألم يكفيه كل ما فعل بها ؟

لا لن يفهم أبدا لأنه لن يشعر أبداً بما سبّبه لها من أذى

وهو وفوق هجرانه سابقا لها يطعن قلبها ومشاعرها

وأنوثتها في كل مرة ما أن عاد حتى باتت ترى ذلك

في نظرات الجميع حولها وبطريقة قاسية قاتلة ..

نظرات الشفقة .. السخرية الاستنقاص والاستهزاء ، ترى

كل ذلك وتتجاهله حتى لم يعد يمكنها فعل ذلك ..

وكيف لها أن تلومهم وهو من قدمها لهم وجبة جاهزة

يأكلونها كيف يشاءون ، حتى أنها باتت تسمع كل تلك

الهمسات بوضوح وكأن البعض بات لا يهتم ولا بتشييعها

علناً وأقساها واكثرها وجعا

( لا يمكن لرجل طبيعي أن يبحث عن امرأة أخرى وهذه ملكه ..

لابد وأن العيب بها وأكبر مما قد يستحمله رجل ) .

مسحت عيناها بقوة ودست رأسها أيضا تحت اللحاف

ما أن توقف تدفق المياه في الحمام وما هي إلا لحظات

وانفتح الباب وتتبعت بسمعها حركته في الغرفة تشعر

بأنفاسها تفقد توازنها تدريجياً تسحبها لصدرها بصعوبة

وهمست ببرود ما أن شعرت بإبعاده للحاف في الجهة الأخرى

" لا تنم من دون قميص "

ابتسمت تلك الملامح الرجولية التي تراقب جسدها

من فوق اللحاف و قال صاحبها

" لن أرتاح في النوم حينها وأنت أكثر من يعلم ذلك"

انقبضت أصابعها على اللحاف تكاد تمزقه بينها تقاوم

دموعها وخرج له صوتها البارد من تحته

" سأنزل لغرفتي إذا "

جلس على حافة السرير وقال مبتسما لازال يراقب

جسدها المختبئ عنه بالأغطية الناعمة

" ها أنت بعيدة حتى يكاد جسدك يسقط من السرير ففيما

سيؤثر نومي من دون قميص ؟ "

رمت اللحاف عنها وغادرت السرير فقفز من فوره واعترض

طريقها وفتح باب الخزانة أمامها وأخرج قميصا قطنيا ولبسه

بحركة سريعة وقال وهو ينزله على خصره

" ها قد لبسته ، أتريدي أن ألبس فوقه واحد آخر أيضاً ؟ "

اولته ظهرها من دون أن تعلق لتعود للجانب الآخر من

السرير فمد يده ناحيتها وأمسكها من ذراعها وسحبها

نحوه مبتسما وقبل خدها من خلف ظهرها فخلصت نفسها

منه بضيق قائلة

" مطر لا تنسى وعدك أو سأخرج من هنا حالا "

ضحك ودار لجهته من السرير وجلس هناك موليا ظهره

لجهتها منه قدماه على الأرض يشعر بحركة التي

اندست في مكانها السابق فالتفت لها برأسه فقط فلم

تكن تخفي عنه وجهها أيضا هذه المرة تخبئ شعرها

في حضنها مجدداً فاستند بيده على السرير مستديرا

بنصف جسده جهتها وقال مبتسما

" ما السر في تغيير عادتك السابقة ترمي شعرك خلفك

وأنت نائمة ؟ "

وراقب باستغراب التي انكمشت على نفسها تخفي

عينيها في ذراعها بل ودموعها الصامتة ولم يفهم ولن

يفهم أبدا كيف ترك لها ذكرى وألماً وفراغاً برحيله

الذي طال بطول عذابها ذاك ، ترك ذكراه ورائحته في

كل شيء .. تركها لها بعده حتى في خصلات الشعر الطويل

الذي كان يدفن وجهه فيه يفرده على وسادته يلعب بخصلاته

ويوزعها كيف يشاء ليرحل ويترك لها كل ذاك الشوق والعذاب

والألم حتى بات انزعاجها من ذاك الشعر الذي كانت ترميه

خلفها دائما حين تنام أكثر ما تحضن فيه شوقها له حتى أصبح

نومها من دون احتضانه أمر يستحيل حدوثه .. فيا ليته يفهم

فقط ما فعله بها فلم يزدها برجوعه سوى عذاب وهو يذبح
روحها المرة تلو الأخرى .

تسللت أصابع يدها الأخرى لعينيها من تحت ذراعها

تمسح دموعها برفق وعلمت من انخفاض السرير خلفها

أنه استلقى بل ومن تنهيدة التعب الطويلة التي صدرت منه

وكأن جسده ينتظر فقط أن يصل هناك ، وطال صمته وسكونه

حتى ظنت بأنه نام لولا وصلها صوته عميقا مما زاد بحته

المميزة وضوحا وكأن النوم بدأ يسحبه تدريجيا

" الثنانيين قبلوا بجميع الشروط يا غسق لكن العرب تلكؤا !

أيمكنك تصور ذلك ؟ نحن من كان نبينا يعقد الهدن ويقبل الشروط

من أجل سلامة المسلمين وتحسين صورة الإسلام نرفض ضم

شعب لموطنه ! "

نظرت للفراغ بحزن تستمع لإشراكه لها في هموم يومه

ومسئولياته ، أمر لم يكن يفعله في الماضي ولم يجرب

يوما فعله ! مسحت الدمعة من رموشها قبل أن تفكر في

مفارقتها ولا أن تتشربها أساسا ووصلها صوته الهادئ

العميق متابعا

" إن كنت ثنانية يا غسق فما سيكون رأيك فيما يحدث ؟

حتى أن الأرض أرضك وخسرت الكثير من أبناء قبائلك

بسببهم ويرفضون بكل برود إنصافك ؟ "

لم تستطع هذه المرة منع الدمعة التي انسابت من طرف

عينها للوسادة تحتها تتشربها بنهم وهمست ببحة حزن

" لو كنت ثنانية لكنت وثقت بك وتركت التفكير في كل ذلك

لك أنت لأنك ستدفع عمرك وكل ما تملكه ومن حولك من

أجل شعبك "

وأغمضت عينيها بألم ما أن تسربت منها الدموع تباعا تشعر

بحركة الذي جلس خلفها وقد وصله معنى حديثها جيدا كما

تجزم فدفنت وجهها ودموعها وشهقاتها الصغيرة المنخفضة

في وسادتها ما أن شعرت بملمس أصابعه على ذراعها وأنفاسه

الدافئة تتسرب لبشرة طرف وجهها وبقبلته الصغيرة لصدغها

وهمس عند أذنها بأسى

" لم أظلم يوما غير نفسي يا غسق تأكدي من ذلك "

لكن كلماته تلك لم تكن تزيد جراحها إلا نزفاً بل ويضيف لها

واحداً جديداً في كل مرة فكيف ستصدقه وتكذب الحقائق

التي تحاصرها من كل جانب ؟ تحركت أصابعه على ذراعها

نزولا لخصرها ووصلها همسه الهادئ

" غسق تعالي لحضني .. أنت وعدتني أن تستمعي لي حين

يحين الوقت فامنحينا هذا الوقت أيضاً "

لكن التي طفت جراح خيانته لها للسطح حينها كان الموت

أقرب وصف لحالتها تلك اللحظة وروحها تنسلخ منها تشعر

بذلك في أدق عرق في جسدها وخرج صوتها مرتجفا مليئاً

بالمرارة

" لا أستطيع ... حضنك يؤلمني يا مطر ... لقد أصبح مؤلماً

حد الوجع "

وخبأت ملامحها ودموعها وعبراتها في وسادتها أكثر

ويده تبتعد عنها ببطء كما باقي جسده بل ووجعه واحتياجه

وقلة حيلته وجلس عند طرف السرير يدفن رأسه بين يديه

تتخلل أصابعه الطويلة شعره الأسود الكثيف يتكئ بمرفقيه

على ركبتيه وأغمض عينيه بقوة يستمع لصوت بكائها الصامت

يعجز عن فعل أي شيء سوى الانتظار والصبر فلن تستمع له

وهي بهذه الحالة بل لن تستوعب ما سيقوله ولن تراه عذرا

أبداً ولن تغفر له مهما شرح وفسر قبل أن يصبح قلبها مستعدا

لمسامحته ولسماع أعذاره وتفهمها ، كم بات يشعر بالندم على

كل ما حدث وكان وفعل .. لقد قتل نفسه وقتلها لأعوام ولم

يكسب أيا منهما شيئاً نهاية الأمر ، لكن ما الذي كان بيده فعله ؟
ماذا وأبناء غيلوان كانوا يعلمون حتى عن مكانه في لندن وهم

يرسلون له رجل بعد ثلاث أعوام من سفره بحجة أنه يحمل

معلومات ويحتاج لحماية ! يفهمهم جيدا هم يخبروه فقط بأن

الوصول له أمر ليس صعبا عليهم وهو من كان يشك بوجود

جواسيس لهم حتى بين رجاله لَما كانوا ليعلموا بمكانه أبدا !

كيف كان له أن يحميها ويحمي والدها وابنته وبلاده ومن

كل شيء وأولهم نفسه ؟

وقف وغادر الغرفة مغلقا بابها خلفه بهدوء وحملته خطواته

ناحية السلالم فورا بل وباب المنزل الذي فتحه وخرج للخارج

حيث الظلام الذي تتحداه الأضواء والمصابيح المعلقة المنتشرة

في المكان ونزل العتبات يديه في جيبي بنطلونه الرياضي وسار
ببطء دون أن يهتم للمكان الذي ستأخذه له خطواته .. فقط كان

يريد أن يبتعد حتى لا يكون شيء من حوله سوى الظلام والفراغ

فهكذا كانت حياته حتى اجتاحتها تلك الفتاة التي علمته بأنه ليس

جميع النساء متشابهات .. أنها استحقت انتظاره لها كل تلك

الأعوام ليس فقط لتكبر بل ولتصبح بمعجزة ما لديه هنا وهي

ابنة شراع صنوان وهو زعيم الحالك ! ولم يكن ليتخيل أن تلك

المعجزة وذاك الوصال بدايته تعني إنتهائه .. تعني بداية مرحلة

جديدة من حياته اسمها الاحتياج الوحدة والفراغ ! مشاعر لم

يعرفها يوماً ولم يراهن أحداً على حقيقة وجودها لتصفعه بكذبته

تلك وبحقيقتها ودون رحمة .

وصل لشجرة السنديان العملاقة تحديدا وجلس تحتها مسندا ظهره
بجذعها ناصبا ركبته يريح ساعده عليها ممددا ساقه الأخرى على

الأرض واتكأ برأسه للأعلى يراقب أوراق الشجرة الصغيرة

المنظمة في مجموعات مصفوفة تتراقص مع النسيم الخفيف ،

شجرة تشبهه في كل شيء رمز للصمود وتسجل مثالا في عناد

العواطف ، ليس لليأس مكان في قواميسها تتنفس شموخا

وكبرياء ممزوجا بعواطف الحنو على الضعيف ، حتى نموها

في غير بيئتها صعب المنال تعشق وطنها ولا تستطيع الإبتعاد

عنه تبني نفسها ولا تختلس ثروات الآخرين بل تبني ببطء

وثبات صانعة المستقبل لنفسها ولغيرها صلبة في مواجهة

المشاكل والمصاعب .

لكنها تحتاج أيضا كما تعطي تحتاج لما يجعلها تصمد دائما
وتعيش ..

أبعد رأسه ونظر ناحية صوت الخطوات الخافتة التي كانت تقترب

من مكانه وعاد للاتكاء على الجذع خلفه برأسه لكن بشكل مائل

قليلا هذه المرة وارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه ينظر للتي

ظهرت من خلف جذع شجرة البرتقال المرتفعة متفرعة الأغصان

ووقفت مكانها هناك تنظر له بصمت يتلاعب النسيم بخصلات

شعرها الطويل والتف ذراعها العاري على جذع الشجرة لم تبعد

نظراتها الحزينة الباكية عن عينيه فرفع يده ومدها ناحيتها

وهمس

" تعالي يا غسق ... تعالي يا قلب مطر "

فانسابت الدمعة مفارقة تلك الأحداق السوداء الواسعة

والرموش الكثيفة على الخد الثلجي المحتقن بشدة وتحرك

رأسها بحركة خفيفة رافضة دون أن تتحدث فقبض أصابعه

وأنزل يده فاتكأت بجانب وجهها على الجذع الذي لازالت

تحضنه ذراعها وتقف بجانبه وهمست ببحة حزن وقد

فارقت الدمعة الأخرى رموشها متدحرجة منها للأرض

مباشرة

" هذه هي شجرة والدي الذي أخفيت حقيقته عني أليس كذلك ؟

لما لم تخبرني ..؟ لماذا يا مطر وأنت تعلم ما كان يعني لي

الأمر وقتها "

اتكأ برأسه للأعلى ضاربا له بالجذع خلفه ناظرا للقمر

المختبئ خلف أوراق الشجرة المتراقصة وقال بهدوء حزين

" هل أنت مستعدة لسماعي يا غسق ؟ مستعدة لأن تتفهمي

أسبابي ولا ترفضيها ؟ "

ارتجفت شفتاها قبل أن تهمس بألم نظراتها الدامعة لم تفارقه

" لا ... فالأوان قد فات يا مطر ..... كانت الأعوام الطويلة

التي قضيتها انتظرك فيها وأنتظر تبريرك المعلق بقلبي

ذاك كفيلة بقتل كل ذلك "

أنزل رأسه ونظر لها وقال بجدية

" لازلتِ تحبينني يا غسق .. ثمة شيء قوي يجمعنا

واجتيازه ضرب من المحال وأنت تعلمين ذلك جيدا "

أبعدت يدها عن الشجرة ورمتها جانبا قائلة برفض باكي

" مخطئ فلا شيء في داخلك لي وما في داخلي لك

قتلته بنفسك "

وتابعت تضرب بسبابتها على قلبها وبعبرة وألم

" كل ما أحتاجه أن أتحرر من بقايا تلك المشاعر المدفونة

هنا ... هنا حيث مات كل شيء رائع برحيلك ... هنا حيث

كنت كالسم تسري في عروقي تقتلني وترفض الخروج مني "

وانطفئ كل ذاك الانفعال الموجع مع تدافع أنفاسها القوية

واتكأت بجبينها على جذع الشجرة تنظر له بنصف وجهها

وعين واحدة دامعة وهمست ببكاء حزين آسي

" لكن رجوعك لم يكن الترياق لسمومك تلك أبدا ، لقد

علمتني أن رحيلك ذاك لم يكن جرحاً أبداً وأن سنين

عذابي من دونك أهون ما مررت به من ألم كامل حياتي "

وتتالت شهقاتها المتقطعة وقد حررت ألمها ووجع السنين

الذي دفنته داخلها طويلا ولم تكن تعلم بأنه هو من كانت

كلماتها تلك أقسى عليه من وجع سنينه بأكملها .. قتلته

بها ودون رحمة وجعلت كل عصب في جسده ينتفض

بقوة ووقف على طوله دون شعور منه فابتعدت بخطوة

للخلف وقالت بوجع

" لا تقترب مني يا مطر أخبرتك بأن اقترابك يؤلمني "

تقدم خطوة واحدة وقال بنبرة حزينة جوفاء

" لكنه لا يقتلني داخلك يا غسق إنه يتخطى كل ذلك "

تراجعت خطوة أخرى مبتعدة عنه وامتلأت عيناها بالدموع

مجدداً وقالت بوجع

" ستموت .. سيحدث ذلك يوما ولن يكون بعيدا أبدا فأن أكره

الحضن الذي اشتقت له أربعة عشر عاما يكفي لأن أقتنع بأنه

ثمة شفاء منك فقد دفعت ثمن حبي لك .. دفعته غالٍ جدا

وسيحين الوقت الذي سأقولها لك وبكل مشاعر الصدق في

داخلي .. أنا أكرهك ، فالقلب الغبي لم تكفه كل تلك الضربات لكن

الكلمة لم تعد له لقد انتهت صلاحيته لدي أيضا ومثلك تماما "

وما أن أنهت عبارتها تلك غادرت من هناك في الطريق الذي

جاءت منه يغطي ظهر كفها شفتيها الباكية تتراقص خصلات

ذاك الشعر الطويل حول ذراعيها العاريان تكتم البكاء الذي لم

يعد يمسكه شيء تسير كالجثة الميتة لا حياة فيها سوى تلك

الدموع الغزيرة والعبرات الموجعة والخطوات التائهة فأن تعترف

له بأنه لازال يسكن قلبها فوق كل ما فعل وحدث كان أقسى

عليها من الموت ذاته .. لكنه يعلم .. يعرف بذلك ويشعر به من

ارتجافها بين ذراعيه .. من انفصالها عن كل ما حولهما ما

أن يسحبها لعالم قبلاته الشغوفة ..... التمثيلية التي يتقنها الرجال

مع أي امرأة تسقط بين ذراعيهم وكأنها المرأة الوحيدة في

حياتهم ، لكنها لم تستطع أن تكون مثله أن تجعل من قلبها طائراً

حراً يحلق في غير سمائه يعيش بعيدا عنه ويتنفس هواءً غير

هوائه ، وهذا ما يجعله واثقا قويا يلوح براية الانتصار عاليا

لكن ذلك لن يدوم طويلا فالهزيمة لا تعترف بالقوة ولا يتغلب

عليها سوى رب العباد .

أسرعت في خطواتها ما أن ظهر لها باب المنزل تسمع خطوات

القادم خلفها وركضت داخلة من بابه واجتازت بهوه الواسع نحو

الممر الغربي حتى وقفت أمام باب غرفة والدها وطرقته طرقات

خفيفة قائلة ببكاء

" أبي افتح لي الباب "

وما هي إلا ثوان معدودة وانفتح الباب ووقف أمامه الذي

لم يكن يبدوا عليه النوم ينظر لها باستغراب فهمست بعبرة

تنظر لعينيه

" أبي هل أنام في غرفتك الليلة .. الليلة فقط أرجوك "

ابتسم بحزن وفتح ذراعيه لها فارتمت في حضنه من فورها

والتفت ذراعيه حولها يحضنها بقوة وقبل رأسها ونظر للذي

وقف على بعد خطوات منهما ينظر لها بصمت فها هي تهرب

لوالدها منه مجددا .. تلجأ لمن جرحها مرارا وتكرارا وأضاعها

من نفسه لتكون معه وتراه يدفع ثمن ذلك في كل مرة .

إشارة من رأس الذي مسح على شعرها ودفن دموعها في صدره

حكم عليه بأن يبتعد عنها بل وعنهما وهذا ما اختاره لنفسه

أن يجمعهما معا ويبتعد هو ويدفع أكبر تضحية قدمها في حياته

فاقت كل ما فعله لوطنه وشعبه فثمنها كان غالٍ ... غالٍ جدا .

*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 04-04-18, 10:24 PM   المشاركة رقم: 1063
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



*
*
*

وضعها على سريرها برفق وتخللت أصابعه غرتها مبعدا

لها عن طرف وجهها ومسح إبهامه رموشها المشبعة

بالدموع وانحنى نحوها وقبل جبينها بحنان ثم غطى

جسدها باللحاف وغادر الغرفة مغلقا الباب خلفه بهدوء

وسلك الممر بخطوات بطيئة وما أن وصل بهو المنزل

وقف مكانه ينظر للذي كان جالسا على الكرسي في المكان

الشبه مظلم يتكئ بمرفقيه على ركبتيه ينظر للأرض وقد

رفع رأسه ونظر له ووقف ما أن شعر به فهو نقلها

لغرفتها من الباب المشترك بين أروقة المنزل ولم يأتي

بها من هنا لذالك لم يراه .


" نامت ؟ "

وصله صوته الهادئ المبحوح مخترقاً صمت المكان المميت

فتنهد مومئا برأسه وقال

" أجل .. لقد رفضت أن تنام على السرير ونامت على الأريكة
فنقلتها لغرفتها وسأقضي الليلة بقربها هناك "


وتابع عاقدا حاجبيه ينظر لتلك الملامح الرجولية التي يخفي

الظلام نصفها

" تعاملك اللين معها مؤخرا أعجبني يا مطر فما بك تركت

طبعك المحارب تغلب عليك نهاية الأمر ؟ "

نظر له بحنق قبل يقول رافعا ذراعيه جانباً

" وما الذي فعلته خلاف ذلك ؟ بل ما الذي لم يفعله مطر ؟

لقد حمّلت نفسي فوق طاقتها "

كان دور دجى ليتحدث بحنق هذه المرة قائلاً

" ما تحتاجه منك الصدق يا مطر لا الإدعاء "

قال من فوره وبضيق

" بماذا سأقسم لك لتصدق بأني أحبها ولا أريد زوجة غيرها ؟ "

قال الذي يبدوا أن حديثه لم يقنعه متمتماً ببرود

" ما نفع محاولاتك إذاً إن كنت تُكره نفسك عليها ؟ "

تأفف الذي مرر أصابعه في شعره وصولا لقفا عنقه وقال

بضيق أشد

" عمي حلفتك بالله تنصفني مرة واحدة فيما يخصنا فلست

أعلم كيف يكون هذا ويجتمع الحب والتمثيل ؟ "

قال دجى بضيق هذه المرة

" سنفقدها على هذا الحال يا مطر .. ألا تراها تنهار تباعا ؟

أنت تقتلها بهذا الحب يا ابن شقيقي "

نظر له باستنكار وعقد حاجبيه قائلا

" هل أفهم ما ترمي له عمي ؟ إن كان قصدك أن أتركها

وأخرج من حياتها فأنت لن تنقذها بهذا أما إن كنت تعني

بأن حمايتي لها السبب فها أنا أؤكد لك بأن ما ترمي إليه

لن ينجح أبدا فقد سبق وجربت وكانت النتيجة الفشل "


قال من فوره وبحدة

" ولما ستفشل بإخبارها بالحقيقة ؟ "

ولم يترك المجال له ليعلق متابعا بمرارة يشير بسبابته لنفسه

" أنا راض بموتي ولا تموت ابنتي أمامي ببطء وأنا أقف

أراقبها ، لا أريد تلك الحياة التي لن تكون هي فيها معي "

نظر له بصدمة وقال برفض غاضب

" عمي أتعي معنى ما تقوله ؟ أنت لن تضر نفسك فقط بذلك

بل هي وحفيدتك أيضا وأنا بعدهما "

وما أن كان سيتحدث سبقه قائلا بجدية

" لقد سبق وحدث عمي صدقني وهي علمت من شقيقها رعد

عن سبب الخلاف بيننا قبل رحيلي وما كنت سأفسره لها

وسافرت قبل ذلك لكنها لازالت حتى الآن تعيش ألمها بسببه ..

لازالت تذكره وتذكرني به ولم تغفر لي مطلقا رغم يقينها

من أن ابن شراع البكر ذاك السبب في كل ما حدث فما الذي

سيشفع لي عندها إن شرحت أكثر ؟ وابنتك متهورة عمي

عليك أن تقتنع بذلك فهي عاقلة في كل شيء لكن إن مس

الأمر من تحبهم تتحول لحمقاء وتدفع بنفسها للخطر ودون

تفكير فكيف إن علمت بأنها ستفقدك بعدما وجدتك ؟ "

أشار بيده خلفه يستدير بنصف جسده هناك ولازال ينطر له

وقال بحدة

" وهذا ليس بالحل المناسب أيضا يا مطر ، انظر لها

وما وصلت له .. تمثال صامد من الخارج فقط وامرأة

قوية نهارا تنهار كورقة يابسة ليلا ، ما خلفتّه فيها

السنين لم يعد لجسدها القدرة على مقاومته أكثر من

ذلك فما الذي جنيناه من كل ما فعلته لحمايتي وحمايتهما

يا مطر ماذا ؟ .. "

وتابع بأسى ضاربا بأطراف أصابعه على صدره

" رجل عاش حياته بشخصية مزورة حُرم من زوجته

وابنته التي ستلحقها قريبا وها قد تحول مؤخرا لسجين

بين أربعة جدران مع ابنة محطمة كليا وحفيدة تربت بلا

عائلة وبدون أصدقاء لا طفولة لا خروج ولا استمتاع

نحميها حتى من نفسها ومن أن تبني شخصيتها كما

تريد ثم عليها أن تكون زوجة قبل أوانها ومن أجل ماذا ؟

لنحميها !! إنها الضحية الجديدة والتي سنشهد انهيارها

أيضاً بل وقريبا جداً يا مطر "

حرك رأسه برفض وضياع وكأنه يطرد كل تلك الحقائق من

رأسه قبل أن يقول بضيق

" وما كان بيدي غير ذلك ؟ لما مطر من يجب أن يلقى

باللوم عليه ؟ لأني رفضت أن نفقدك عمي ؟ لأني أحمي

المرأة التي أحب وابنتي منها ؟ من قال بأني كنت راض

عما مرت به تيما أيضا ؟ لو كان الأمر بيدي لكانت كوالدتها

تماما امرأة عاشت بين أشقاء ذكور علموها كيف تكون قوية

حين يستلزم الأمر .. احتكت بعائلة والدتها وعائلة الرجل الذي

رباها وعاشت طفولتها بين أقرانها تسقط وتقف وتبكي وتتألم

وتدافع عن نفسها فكبرت امرأة يمكنها الاعتماد على نفسها من

دون أن يقف خلف ظهرها رجل ، قادت مدينة كاملة وتقود

الآن أهم مشروع انجز من أجل البسطاء في البلاد ، لكن

الظروف لم تسمح لي ولا لها بذلك فلما سأكون المذنب ؟

لأني أحميها مثلاً ! "
شد الواقف هناك قبضتيه بقوة وقال بضيق مماثل

" قد نقتنع أنا وأنت وحتى تيما بهذا لكن غسق لا يا مطر

فما جُرح فيها لا يمكن حصره .. قلبها أمومتها أنوثتها

كرامتها ومشاعرها وحلمها .. أي تحولت لجثة أنفاسها

عبارة عن جراح تعيش بها تذبحها كلما دخلت لجسدها

وخرجت منه فهل تتخيل أنت أن تتحول أنفاسك لأشواك

تمزق كل ما تمر به في جسدك ؟ "

مرر أصابع كلتا يديه على قفا عنقه وصولا لفكيه قبل أن

يدفع يديه جانباً قائلا

" ما الذي علينا فعله إذا برأيك ؟ "

وتابع بحزم مشيراً له بسبابته

" إن كنت تقصد إخبارها فها أنا أقسم لك الآن بأنه إن

سلمت نفسها وابنتها لهم أني قاتل الثلاثة الباقين منهم

وليحدث لي بعدها ما يحدث "

نظر له بصدمة صارخاً

" مطر ما هذا الجنون الذي تتفوه به ؟ "

لوح بسبابته في الهواء صارخاً بالمثل

" قتلت أنت دفاعا عن العرض والنفس وهذا ما سأفعله

أنا ، وإن كان لا حياة لك أنت بدون ابنتك كما تقول فلا حياة

لي أنا من دونهما وإن كانتا على قيد الحياة "

نظر له بصمت نظرة قوية يفهمها جيداً وكأنه يقول له أين

العقل يا من قاد الجيوش ووحد البلاد وحماها بروحه وعمره ؟

فتنفس بضيق وقال ببعض الهدوء

" اتركني اوضح لها الأمور بمعرفتي عمي لكن حين تكون

مستعدة لسماعي وتفهم ما سأقوله لها ففعل ذلك الآن لن يزيد

النار إلا اشتعالا "

حرك رأسه متنهدا بيأس وتحرك مغادرا من مكانه وقال

ما أن اجتازه

" عقل ابنتي أمانة في عنقك يا مطر لا تفقدها إياه أيضاً

لأني أنا قاتلك حينها "

وابتعد ليبتلعه الظلام مخلفا بعده صمتا قاتلا مخيفا لا حياة

فيه سوى لتلك الأنفاس الرجولية القوية نظرات صاحبها

معلقة في الفراغ وكأنه يتسلل له بتملك تاركا لمساته في

كل شيء فيه حتى في تلك الأحداق السوداء التي اطبق

عليها جفناه الواسعان يخفيان ألماً عمره أعوام وأعوام

طوال لم يستطع شيء فيه تجاوزه أيضاً فكما التجارب

تعلم المرء الكثير فالفقد يفعل ذلك وأكثر .

التفت فجأة ترمق نظراته الصقرية الحادة عاقدا حاجبيه

باب المنزل يسمع صوت الخطوات التي كانت تقترب من

بابه المفتوح فهو لم يغلقه بعده ! اقترب منه فورا

فلا العمال ولا الحرس مسموح لهم بالإقتراب من هنا

إلا بعلم مسبق ولن يفعلوها بالتأكيد فمن هذا الذي

سيجتاز أسوار وبوابة منزله المحمية تماما ليصل هنا !

ما أن وصل الباب وقف ونظر بصدمة للذي خرج أمامه

فجأة هامسا

" قاسم !! "

قال الذي دس يديه في جيبي بنطلونه وبنبرة باردة

" أجل قاسم .. لم أكن أعلم بأنه ثمة من يشبهني هكذا ! "

قال بضيق عاقدا حاجبيه الطويلان

" ما هذا المزاح السخيف وفي هذا الوقت ! ماذا تفعل هنا ؟ "

قال الذي لازال يحتفظ بنبرته الباردة والمسيطرة على كل شيء

فيه وحتى وقفته

" موعد غرامي مع ابنتك طبعاً وأمسكت بي للأسف "

وما أن كان الواقف أمامه سيتحدث والضيق بادٍ على ملامحه

سبقه قائلا بجدية

" أنا هنا لأني لن أغادر هذا المكان حتى أعلم رأي ابنتك

وإن رفضتني فسأرجع للندن مجددا وأعمل مع الفريق هناك "

نطر له باستنكار قبل أن يقول

" ما هذا القرار المجنون ! "

اشتد إبهاماه على طرفي جيوب بنطلونه الجينز حيث

يخفي باقي أصابعه وقال بجمود

" هذا هو قراري وكيفما كان فلا أحد لي هنا إن لم يكن هي "

نظر له بصمت لبرهة قبل أن يقول بجمود مماثل

" لك ما تريد فلن يفرض عليك أحد ما تختاره لنفسك وتقرره

وأنت رجل راشد عاقل يعلم ما يريد وما يصلح له "

كان الصمت من نصيب الواقف عند الباب هذه المرة ..

صمتاً مؤلما شعر به يستنزف روحه معه فحررها نهاية

الأمر منه قائلا بنبرة جوفاء نظرته للواقف أمامه ملئها

أمل كسير

" هل ستزوجها إن كان جوابها الرفض ؟ أهو أمر مسلَم

به يا مطر ؟ "

ولم يتأخر أبداً في قتله له قائلا بجدية

" أجل .. إن لك أو لغيرك سأزوجها "

نظر له بصدمة سرعان ما تبدلت للرفض وقال

" ألست من كنت ستنتظر خطبتي لها حتى أفعلها أو أتزوج ؟ "

قال من فوره

" بلى وذاك أصبح من الماضي بعدما خطبتها والخيار

الآن لتيما ، وأخبرتك بأني لن أظلم ابنتي وأفرض عليها

ما لا تريده ولا أن يكون قرارها تحت ضغط ومن أي كان "

قال آخر جملة ينظر له نظرة يفهم مقصدها جيدا فأشاح

بوجهه جانباً يمسك عينيه بأصابعه وتنفس بعمق قبل أن

ينظر له مجددا وقال بضيق

" أنت لا تساعدني مطلقاً يا مطر "

قال من فوره وبقسوة

" بل أنت من يفعل كل ذلك بنفسه "

رمى يديه جانباً وقال بضيق

" مطر أنت تعلم جيدا بأنها من اتصل بي مادمت تراقب

كل ما حدث ومؤكد استمعت للمكالمة فيما بعد فهي من

فعلها وليس أنا ، هي من أرادت التحدث عما تفعله

خلافتكما بها فهل أخطأتْ بما فعلت ؟ بل وفيما أخطأتُ أنا "

حرك سبابته أمامه بشكل دائري قائلا بسخرية خالطتها الحدة

" أجل تواسيها درجة أن يتحول الحديث عن العواطف

والنساء والنسيان ثم تغضب منها من دون سبب مقنع

يا صعلوك وتبكيها ..؟ ما هذه المواساة التي وجدتها لديك ؟ "

شد قبضته بقوة وقال

" وما الذي جعلني أركض خلفك إن لم يكن لأني جرحتها ؟ "

وتابع بحزم مقاطعا له قبل أن يتحدث

" مطر ها أنا أقولها مجددا لن أترك هذا المنزل حتى

تأخذ رأيها "

رمى بيده جانباً قائلا بضيق

" ماذا إذا أوقظها من نومها الآن لآخذ رأيها في أمر

يمكنه أن ينتظر حتى الصباح ؟ "

واجهه بضيق مماثل بل وأكثر حدة

" توقف عن نفث نيران غضبك بي يا مطر فأنا لم أقل تفعلها

الآن بل بأني باقٍ هنا حتى تسألها ولن تماطل أكثر يا مطر "

تأفف نفسا طويلا وتحرك من مكانه جهة السلالم قائلا

" اذهب لغرفتك إذا وفي الصباح لنا حديث "


*
*
*

أراح يده على ظهر الكرسي الجلدي للجالس تحته تراقب

نظراته بتركيز شاشة الحاسوب على الطاولة أمامهما والخارطة

المعروضة فيها والملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية منتبها

لحديث الجالس تحته يشير بسبابته للنقطة الخضراء المتحركة

على الشاشة

" أرأيت هذا يا وقاص ها هو الهدف يتحرك "

قال وقد تحركت حدقتاه معه بفضول

" سيصبح في الشارع الرئيسي الآن وحسب الخارطة هو

شارع ريجينت أليس كذلك ؟ "

قال الذي عاد لتحريك المؤشر على الشاشة

" أجل وانظر كلما وضعت المؤشر على شيء ستظهر لك كلمة

توضح ما هو .. هذا رجل يعبر الشارع هنا محطة وقود هذه

إشارة ضوئية .. ومع الوقت ستعتاد التعامل مع هذه الصور

التوضيحية "

تمتم ونظره لم يفارق الشاشة أمامه

" المهم هو أسماء الشوارع والمناطق "

وأبعد يده عن ظهر الكرسي ما أن استدار به الجالس عليه

نصف دورة ورفع نظره له قائلا بابتسامة

" فهم هذا وتشغيله ليس بالأمر السهل لكني أعلم بأنك لن

تحتاج لأكثر من هذه الدورة التعليمية "

ربت على كتفه مبتسما وقال

" حتى الآن أظن بأني فهمت كل شيء حرفيا "

وتابع وقد دس يديه في جيبيه

" أرى الأمر أسهل مما ظننت "

قال الذي عاد لحاسوبه

" هذا لأنكم سبق وتعاملتم مع أجهزة مشابهة ، لكن سيكون

عليك معرفة تحركات هدفك من وقت خروجه وهذا هو الأمر

الصعب في الموضوع فمعناه أن تجلس تراقبه على مدار اليوم

لكن إن امتلكت جهاز التعقب الذي أخبرتك عنه سيكون الأمر

أكثر سهولة فستراقبه وقتما تحتاج ذلك وليس أن تحدد

مكانه فقط "

أومأ برأسه موافقا وهمس

" وسيكون لدينا خلال ساعات "

وقف واستدار ناحيته وقال مبتسما

" هل لي أن أعلم من هذا الهدف المهم والمجرم الخطير الذي

ستدفع كل ذاك المال فقط كي تراقبه "

تنفس بعمق وحرك رأسه ولم يعلق وماذا سيقول مثلاً ؟

تحرك من هناك ولوح له بيده متوجها للباب قائلا

" شكرا لك يا جايسون .. سأراك لاحقا "


وخرج يخرج هاتفه الذي علا رنينه فجأة ونظر لإسم المتصل
مستغربا فهذا رقم الرجل الذي كلفه سابقا بمراقبة تحركات

مربيتها ووضعه كمساعد للعامل في حديقتهم لأجل هذا السبب

تحديداً ، أجاب سريعا وهو يخرج من باب المركز

" ماذا حدث ؟ "

فوصله الصوت الرجولي الإنجليزي في الطرف الآخر فورا

" لقد غادرت المدينة سيدي "

قال باستغراب وهو يقف عند سيارته

" غادرت أين ولما ؟ "

قال ذاك من فوره " هذا ما لم أتمكن من معرفته حتى الآن

سيدي لأنها غادرت بطائرة خاصة "

اشتدت أصابعه على الهاتف فيها وقال بضيق

" تغادر كيف ولما ؟ متى حدث ذلك ؟ "

وصله صوته مباشرة

" بالأمس سيدي وأنا.... "

صرخ فيه من فوره

" غادرت منذ الأمس وتخبرني اليوم فقط ؟ ما نفع وضعك

لتراقبها إذا ؟ "

" وذاك ما فعلته سيدي لقد ركبت سيارة مجهولة وغادرت

القصر بل وبريستول أيضا باتجاه هيرفورد ولم تبدوا لي

مجبرة على مغادرة المكان ، لقد كنت في إثرها وفقدتها

ما أن ركبت مع مرافقيها طائرة خاصة وعملت حتى اليوم

على البحث عن أي معلومات عن رحلتها تلك "

فتح باب سيارته وقال وهو يركبها

" واتصلت لأنه ثمة ما لديك بالتأكيد ؟ "

قال من فوره

" لم أعلم وجهتها لكني علمت بأن الطائرة تابعة لشركاتكم

سيدي "

فانفتحت عيناه بدهشة هامسا

" تابعة لنا !! "


*
*
*


سارت ممررة أصابعها في خصلات شعرها الطويل متأففة تحاول
جمعه على كتف واحد وما أن وصلت لآخر الممر وقفت ونظرت

ببرود للذي تنقلت نظراته الساخرة على جسدها نزولا وأشاحت

بوجهها للجانب الآخر متأففة بصمت ولم تفهم بعد لما عليهما

الخروج معاً ؟ بل وكم من الأمور السخيفة التي عليها القيام بها

معه لتصل لما تريد معرفته ؟ حتى أنها أخبرته بأنها لا تملك

ملابس حفلات فقال لها وبكل وقاحة

( لا بأس بالفستان الذي اشتراه لك حبيبك السابق )

ولم تعد تفهم والدته تلك من يخبره بكل هذا أم مربيتها ؟ وهل

يمكنها تصنيفها ضمن الأصدقاء مجددا أم الأعداء ! لقد علموها

أن تفقد ثقتها في الجميع ثم وبكل بساطة يلقون باللوم عليها !

قال مبتسما بسخرية ما أن عاد بنظره لعينيها

" يبدوا أن له ذوقا لا يستهان به فلما لم يتصدق بكرمه هذا

على زوجته المزرية تلك ؟ "

تجاهلته ببرود مبعدة نظرها عنه كما تجاهلت التبرير له وبأنه

من اختيارها ولم يكن معها حين اشترته لأن آرائه بها لا تعنيها

وتمتمت ببرود

" ها أنا جاهزة فأين سنذهب ؟ "

لامست يده ظهرها ودفعها برفق سائرا بها

" لمكان سيعجبك .. الوقت يقارب المساء وفستان جميل ورفقة

مميزة إذا هو حفل بكل تأكيد ولا أعتقد بأن ذكائك لم يخبرك

بذلك "

سارت معه متمتمة بذات برودها

" وأنا سألت إلى أين وليس إلى ماذا وثمة فرق شاسع بينهما "


ضحك وقال خارجان من باب المنزل

" لنعتبرها إحتفالا بالتحالف الجديد ألا يحق لنا أن نحتفل ؟ "

لم تعلق كما لم تطمئن له لكن لا خيارات أخرى لديها سوى

مسايرة هذا المعتوه حتى تصل لعدوها الحقيقي فهي متأكدة

من أنه سيكون مفتاح اللغز .

وما أن انطلقت بهما السيارة مغادران يقودها السائق الذي يبدوا

بأنه يسخره لخدمته أشاحت بوجهها بعيداً عن الجالس بجانبها

ولم يفارق نظرها الطريق والأشجار العالية المصفوفة وكما

توقعت لقد غادرا بريستول باتجاه لندن ولم تتوقف سيارتهما حتى

كانا أمام أحد الفنادق الشهيرة في البلاد ونزل وتبعته ما أن فتح

لها السائق بابها وما أن استوت واقفة مد صاحب تلك الابتسامة

المستفزة يده لها فنظرت لها بضيق لبرهة قبل أن تضع أصابعها

البيضاء الرقيقة فيها فأمسكها وسار بها جهة مدخل الفندق

الزحاجي صاعدان العتبات الرخامية المغطاة ببساط أحمر فاخر

وانفتح الباب الزجاجي أمامهما فور وصولهما له وما أن أصبحا

في صالة الفندق الواسعة الفخمة كان في استقبالهما على الفور

صاحب البدلة السوداء الذي ابتسم لهما وأشار بيده قبل أن يسير

قبلهما وكأنه كتب على جبين كل واحد منهما لما هو هنا !

سارت معه متجاهلة كل ذلك حتى كانا عند باب القاعة الرئيسية

التي وقف بها قربها وانحنى جهتها وهمس عند أذنها
" وصلنا مبكرا لأني سأعرفك على شخص هنا ستفقدين عقلك

ما أن تعلمي من يكون "

وابتعد عنها مبتسما بسخرية على نظرتها المصدومة له .


*
*
*



ركضت جهة الممر الغربي للمنزل مبتسمة ليوقفها ذاك
الصوت العميق المبحوح من خلفها

" تيما إلى أين ؟ "

فوقفت واستدارت ناحيته حيث يقف عند بداية ممر مكتبه

وقالت مبتسمة تبعد شعرها الذي تناثر بسبب توقفها المفاجئ

" كنت ذاهبة لغرفة جدي "

أولاها ظهره وقال سائرا باتجاه الممر

" قاسم معه هناك ويبدوا أنه لم يغادر بعد .. تعالي

أريدك قليلاً "

واختفى خلف جدار الممر تراقبه تلك الأحداق الزرقاء المتوجسة

تعض صاحبتها على شفتها بتوتر فهو لم يطلب منها أن يتحدثا

بعد تلك الليلة القاسية المريعة التي أخبرها فيها عن الشاب الذي
تقدم لخطبتها ولم تعد تذكر حتى متى كان ذاك اليوم وليت ذلك

لم يكن أبدا .

شدت أكمام فستانها القطني الطويلة والذي وصل طوله لنصف

ساقيها باللون الزهري الفاتح والمشابه للون وجنتاها الجميلتان

وشفتاها الرقيقة وسارت عبر الممر بخطوات بطيئة تتمنى أن لا

تصل أبداً لكن لا مفر لها من هذه المواجهة وكان سيسألها عن

جوابها إن اليوم أو في يوم آخر فقد ماطلت كثيراً ودون حجة

أو عذر .

دفعت باب المكتب الشبه مغلق ودخلت وحدقت باستغراب في

الذي وجدته عند الباب وقد قام هو بإغلاقه خلفها وقال بجدية

ولم يبتعد عنه سوى بخطوة واحدة وناظراً لعينيها

" مؤكد تعلمين لما طلبت أن نكون هنا وحدنا يا تيما ؟ "

بلعت ريقها واغتصبت ابتسامة صغيرة قبل أن تهمس بصعوبة

" بلى أبي "

قال من فوره

" إذاً ما رأيك يا تيما ؟ لن نترك الرجل ينتظر أكثر من ذلك "

أسدلت جفنيها تخفي كل ذاك الحزن والمرارة بإخفائها لتلك

الأحداق الجميلة وأنزلت رأسها تباعاً وكأنها تستنجد بتلك الغرة

الحريرية لتخفي انفعالاتها وملامحها عن الذي تعلم بأنه لن يتعب

أبداً في محاولة قراءتها تنظر لحركة أصابعها التي تشدها

ببعضها بقوة حتى ابيضت مفاصلها تحاول أن تستجلب الشجاعة

لتقرر في ثوانٍ معدودة ما عجزت عنه خلال أسابيع تحارب

عقلها وقلبها بل وتشاهد بأسى شجارهما العنيف معا فأغمضت

عينيها بقوة بسبب كل ذاك الصراع النفسي المحتد فما أقسى أن

تقف بين قلبك وعقلك ..! بين ما تتمناه النفس وما يحكم به

الواقع ؟ فماذا ستفعل وتقرر ؟ هل ستركض خلف الحلم والوهم

وتترك ما قد تندم عليه مستقبلا ؟ هي لم تخذل والدها فيها يوماً

كما أنه لم يفعل ذلك معها ولم يسعى إلا لراحتها وسعادتها

لكن .... ؟

" موافقة .... "

همست بها بصوت حزين كسير فرفع الواقف أمامها حاجبه

وظهر شبح ابتسامة على طرف شفتيه ما أن تابعت

" فقط لأنك تريد ذلك "

واتسعت ابتسامته يراقب ملامحها التي تجاهد لتخفيها

عنه ومن ارتجاف صوتها علم بأنها توشك أن تنفجر باكية

فرفع يده وأراحها على كتفها برفق قائلا بهدوء

" تيما أنا لا أريد هذا من أجلي أو فقط لأني أريده فإرضائي

ليس هو الغاية صغيرتي ، فإن كنت مجبرا على تزويجك

في هذا السن ليس معناه أن أفرض عليك من تختارين

زوجا أيضاً "
رفعت رأسها وعيناها السابحة في الدموع ونظرت لعينيه

هامسة ببحة

" ولما أنت مجبر على ذلك أبي ؟ ما الذي تجاهدون

لإخفائه عنا ! "

اشتدت أصابعه على كتفها الصغير وقال بجدية

" ليس هذا ما نتحدث عنه الآن يا تيما فكل ما عليك هو

الإجابة هل أنت حقا موافقة عليه وباقتناع ؟ قولي كلمة

واحدة ولا تربطيها بي "

بلعت ريقها بصعوبة وأول ما فكر فيه عقلها واستجلب

صورته هو ذاك العنيد الغاضب الوسيم الذي سرقها من

نفسها ما أن التقته وتعرفت عليه ورغم اختياره لغيرها

ونطرته السلبية لها لم تستطع أن تقنع نفسها لتفقد الأمل

فيه ولا أن تكرهه أو حتى تنساه كي لا يشغل أفكارها

وخيالها طوال الوقت فيتركها تختار غيره على الأقل

بدلاً من العيش على الأمل الميت في أن يشعر بها

يوماً قبل أن يصبح لغيرها .

تعلق نظرها بعينيه وهمست بخفوت وتلك الدموع الدافئة

تتسلل لرموشها الطويلة ببطء

" لا أبي لست موافقة "

فابتسم وانتقلت يده من كتفها لوجنتها يمسح الدمعه التي

انزلقت عليها ببطء وقال مبتسماً

" كما تريدين يا تيما "

لتتسلل الراحة والابتسامة لملامحها الحزينة الباكية والتي

لم يتركها الواقف أمامها تدوم طويلا وهو يلقي عليها مفاجأته

مدمرا كل تلك السعادة اللحظية حين قال وبذات ابتسامته

الرجولية الفخمة

" رغم أن قاسم رجل لا يُرفض أبداً يا تيما "

" لاااااااا "

صرختها في وجهه بصدمة قبل أن تمسك فمها بيدها تنظر له

بذهول ولابتسامته التي ازدادت اتساعاً ولأنها تعلم ذكاء والدها

جيداً والذي لن يخونه هذه المرة بالتأكيد بل ولأنه انتهى وقت

إصلاح الأمر أو إخفائه تركته وركضت جهة الباب الذي فتحته

وخرجت منه وسلكت الممر راكضة تمسح دموعها المناقضة

تماماً للابتسامة التي زينت شفتيها ولم تشعر بنفسها إلا وهي

أمام باب غرفة جدها والذي فتحته دون أن تنتظر ولا أن تقف

لحظة ودخلت متابعة ركضها ناحية الواقف مع صاحب الغرفة

قرب النوافذ المفتوحة ينظر باستغراب للتي اندفعت نحوه فجأة

مرتمية في حضنه من هول صدماتها المتتالية وشدت ذراعاها

حول خصره بقوة ودفنت وجهها في صدره قائلة ببكاء

" لما لم تخبرني أنه أنت ؟ لماذا لم يخبرني أحد ؟ "

فتسللت الابتسامة ببطء لشفتي الذي اجتاز صدمته أخيرا بل

وفهم حينها ما يجري وما كاد أن يوصله للجنون فرفع يده

لرأسها ومسح على شعرها وانحنى له وقبله بعمق مغمضاً

عينيه فتجاوز تلك الصدمة لم يكن بالأمر الهين عليه أيضاً

كما خيل إليه .

" هل لي أن أعلم ما سر هذا العرض العاطفي يا منحلان "

كانت تلك الكلمات الصادرة عن الواقف قربهما يبتسم بمكر والذي

يبدوا أنه فهم الجزء الأكبر من الأمر أيضا فتوجهت نحوه التي

ابتعدت عمن تركها بصعوبة مجبراً وحضنته هو هذه المرة

وقالت ببكاء تدفن وجهها في صدره العريض

" أحبه جدي لما فعلا بي هذا ؟ "

فابتسم يحضنها بذراعيه بقوة ورفع نظراته الماكرة للذي

ابتسم له بدوره وقد امتدت يده لذاك الشعر الأسود الحريري

ولاعبته أصابعه قائلا بابتسامة

" لم أكن أعلم بأنك لا تعلمين يا تيما اقسم لك وحالي لم

يكن بأفضل منك "

فاستمرت في البكاء الصامت في ذاك الحضن الذي أبعدت

يد صاحبه يده عنها متمتما ببرود

"سكتنا لك مرة فلا تتمادى يا جنوبي "

فتخللت أصابعه شعره وقال مبتسما

" لكنها خطيبتي الآن أم لك رأي آخر ؟ "

رمقه دجى بتوعد نظرة تهديد تمسح يده على شعر النائمة

في حضنه يخفيها حيث تخفي هي ابتسامتها الخجولة كما

دموعها تشعر بأنها ستفقد وعيها من شدة الإحراج وبسبب

تصرفاتها المجنونة التي فقدت التحكم بها فجأة ! .

" لا أحد له رأي آخر الآن يا قاسم بالتاكيد "

فابتسم بسعادة الذي نقل نظره منها للذي ظهر عند الباب

فجأة قبل أن تتحرك مقلتاه السوداء يرمق الواقف بقربه

والذي قال ضاحكا

" ولما لم تخبرونا من يكون العريس يا صعاليك ؟ تلعبون
بأعصاب الجميع وأولنا دميتي التي لن أسامح من يبكيها "

قال الواقف عند الباب مبتسماً

" كان عليا أن أتأكد من مشاعر دميتك تحديداً ناحيته أما

هو فقد فقد عقله وقلبه سلفاً وانتهى "

ضحك دجى بينما رمقه الواقف بجانبه بصدمة فابتعدت هي

حينها وركضت جهة الواقف عند الباب وارتمت في حضنه

أيضا تشد قبضتاها على ظهر قميصه بقوة وتتالت شهقاتها

الصغيرة الباكية وكأنها لم تبكي أبدا فمسح بيده على شعرها قائلا

بابتسامة ونظره على الذي كان ينظر لها مبتسما برقة

" أثمة من تبكي على خطيبها أمامه؟ "

فدست وجهها في صدره أكثر مبتسمة بإحراج ليخترق ذاك

الصوت الأنثوي الغاضب من خلفه كل تلك الأجواء السعيدة

" خطيب من ! وخطيبة من تكون هذه ؟ "



*
*
*

رفعت مذكراتها وحقيبتها ونزلت من المدرج تلف حزام حقيبتها

على كتفها وغادرت من بين جموع الطلبة الخارجين من هناك

مبتسمة للتي مرت بها ولوحت لها بيدها قائلة بابتسامة

" وداعاً ماري ولا تنسي التحدث مع قريبك بشأن الرحلة

فنحن نريدك معنا حسنا ؟ "

فلوحت لها بيدها أيضاً مبتسمة ولم تعلق وتستبعد أن يوافق

لكنها تأمل أن تحدث معجزة ما ، نظرت للساعة في معصمها

بعبوس فأمامها نصف ساعة حتى يأتي لاصطحابها ، عبرت

الرواق تحضن مذكراتها مبتسمة تتذكر وجهه حين أوصلها

صباحاً وحجته أنها لم تنم جيداً البارحة ولن يسمح لها بقيادة

السيارة ولم يكن يعلم بأنه هو وحده من لم ينعم بالنوم أما هي

فلم تنم نوما رائعة مثله في حياتها ، ويبدوا بأنه لم يكذب حين

قال بأنه لا يستطيع النوم وأحدهم يشاركه السرير فتثاؤبه طوال

الطريق وعيناه الناعستان كانا أكبر دليل على أنه لم ينم جيداً

ويبدوا بأن الأمر لم يقتصر على ليلة البارحة فقط ! فلابد وأنه

معتاد بسبب عمله على البقاء مستيقظا لساعات ، وما أن وصل

بها لموقف السيارات في الجامعة نظرت له وقالت تمسك

ضحكتها

" لا أنصحك بأن تمسك سلاحك اليوم "

فرمقها بطرف عينيه يريح ساعده على المقود وتمتم ببرود

" أراك بحال جيدة ؟ "

فضحكت وقبلت خده ونزلت من السيارة على صوته قائلا

" الخامسة أجدك هنا ماريا لا يمكن سأعاقبك إن اضطررت

للدخول لك مفهوم ؟ "

فانحنت قليلا ونظرت له من نافذتها المفتوحة وقالت مبتسمة

" ولا أنا أريدك أن تدخل مفهوم ؟ فاتصل بي إن تأخرت يا عدو

التكنولوجيا "

خرجت لساحة الجامعة والابتسامة لازالت تزين شفتيها

لتموت فجأة ووقفت مكانها تراقب باستغراب التي كانت واقفة

مع شابين يتحدثون ضاحكين باستمتاع قبل أن تتحول تلك

الضحكة لنظرة حادة حاقدة وهي تتركهما وقد تحركت ناحيتها

فتراجعت للوراء خطوة لا إراديا تشعر بأنها رميت فجأة في ذاك

الحلم المخيف الذي لم تشفى من آثاره بعد ولازالت ترتجف كلما

تذكرته .


*
*
*

المخرج ~~

بقلم/ Nesrine Nina

من تيم إلى ماريه

أحببتك منذ الصغر يا طفلتي الحبيبة

رغم بعد المسافات كنت دائما قريبة

أنت وطني الذي تغربت لأجله

أنت قلبي الذي تخليت عنه

أنت عشقي الذي أهيم به

أنت حظن أمي الذي افتقدته

أنت سكني الذي عدت إليه

أنت طفلتي التي تحدت الصعاب

وسرقت الخبز لتطعمني وتحملت العقاب

لن تسكن هذا الحظن غيرك حتى أوارى في التراب
من ماريه إلى تيم

تاهت حروفي وعجزت عن وصف كلماتي

حبيبي مازلت أحبك رغم وجعي وآهاتي

عشقي لك نمى وكبر منذ طفولتي

إنتظرتك أن تعود وتلملم قلبي المكسور

وأن تشفي جراح قلبي المهجور

وتعيد لي بسمتي ونحن نتجول بين الزهور

ونسترجع ذكرياتنا ونلعب مع السلحفات والعصفور

مع أولادنا في قريتنا الغالية حجور


******

قراءة ممتعة لكم

الفصل الواحد والعشرون بعد أسبوعين الأربعاء مابعد القادم


ملاحظه :

أولا: من لايشكر الناس لايشكر الله
فشكرا لبرد المشاعر المميزه بقلمها والتزامها وتقديرها لمتابعيها
على تنزيل الفصل في الوقت المحدد فاللي مايعرفه الجميع أنها ضغطت على نفسها رغم أصابتها أمس بحرق في يدها ورجلها
حتى تكمل لكم الفصل وترسل لي اليوم الباقي منه


وثانيا :بالنسبه للمدخل والمخرج اللي في كل فصل
في الجزء الأول من جنون المطر كنت أجمع عندي الخواطر
حسب تنزيل الأعضاء لها وأضيف منها للفصول حسب ترتيب
تنزيل الأعضاء لها
أما في الجزء الثاني أجمعها عندي وأضيف منها للفصول
سواء الخواطر اللي نزلت في متصفح الروايه أو في المسابقه
لكن أضافتها للفصول حسب مايناسب محتوى الفصل من أحداث أو الظهور الأبرز للأبطال في الفصل بغض النظر عن ترتيب تنزيل الأعضاء لها والخواطر كثيره عندي فوق ال 8 صفحات
والأبطال كثيرين
فأرجوا إن ما أحد يزعل لو تأخر أدراج خاطرته في الفصول
لأن هذا ماهو نقص في خاطرته لكن أختار مثل ماسبق ووضحت
اللي يناسب الفصل وأحداثه


وثالثا : شكرا لكل من شاركنا بخاطره لاخلا ولا عدم منكم يارب

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 04-04-18, 10:28 PM   المشاركة رقم: 1064
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 329 ( الأعضاء 33 والزوار 296)
‏فيتامين سي, ‏يسمونه, ‏أم مروان, ‏ترووفه, ‏بنت الفارس, ‏مهره الفهد, ‏جماااااني, ‏الوان الدنيا, ‏Metan, ‏ديـ*M*ـوم, ‏همتي عالية, ‏وردة شقى, ‏المتوكله, ‏سواسم, ‏aya mahmoud, ‏ثرثرة حنين, ‏Douha, ‏خديجة أبوكردوغة, ‏لولو نادرة, ‏remas2007, ‏منوني, ‏عشقي النصر العالمي, ‏الجابيه, ‏Triva, ‏حوراء وهيفاء, ‏نوار حوران, ‏يمنى عادل, ‏ام البنين, ‏missliilam, ‏coha, ‏دانة الشرق, ‏منيتي رضاك


قراءة ممتعة لكم ...... وردود ممتعة لنا ...... ولحبيبتنا ميشو .......

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 05-04-18, 01:38 AM   المشاركة رقم: 1065
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

أشووووووفه أشوووووفه أشوووف الحرق نيوتن هات الفيلامازين من عندك قوام بسررررعة بسرررعة الفيث اللي بيعيط بهستيريا اهييييييييي الف الف الف الف الف الف الى الابد الف سلامة عليك يا ميشو جعلها في ولاد الغيلان ولاد الزفر والقطراااان ،،سلامتك سلامتك هاتي ايدك ورجلك نقرا عليها ،، طمنينا عنك ان شاء الله مو حرق خطر ،، الفيس اللي بيدعيلك والله وشكرا لك ولفيتو على الفصل اللي حيدفع بعده تيم الثمن على السعادة اللي حسها فيه وحتتطربق على دماغه ودماغ اللي جابوه ،، بس فيه شيء صار اليوم ولازم يتوثق بصيحة ادييييييللللللللللوووووووو يفوز بأحلى قلمين اتنين مطبوعين على وش أعفن سحلية وجدت من عصر الديناصورات هههه كلللللللللوووووووش عاااااااش شااااااهر عاااااش عاااااش صافع الأفاعي والسحليات هههههه ابو الصفعة الرنانة عالوجنة التعبانة للمخيسة الخيساااانة ههههههه بص شوف شاااهر بيعمل ايه ،،، بالطول بالعرض شاهر يهز الأرض ،فيكم طرب ،، فيكم وناسة ،يا سلاااام ،، ايقاعااات ،،،،ويلا يلا يلا يلا قولوا قولوا يلا يلا ،، شيلوها شيلة والصفعة الليلة ،، واللي تفوته قولوا يااا ويله ،،ههههههه الى اللقاء

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook



جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 09:09 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية