لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-12-17, 06:19 PM   المشاركة رقم: 646
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,162
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 




صوت ضجيج المحرك القوي وحده ما كان يسمع في تلك السيارة

المسرعة على الطرقات الخارجية للندن ... قبضتاه تكادا تتمزقان

من الشد على ذاك المقود لا تعبر إلا عن غضب مكبوت لصاحبها

ليس من نفسه ومن كل من كانوا السبب في كل هذا فقط بل ومن

صمت الجالسة بجواره وإشاحتها بوجهها جهة نافذتها وإن أنكر

ذلك أو جهله رغم أنه كان يعلم جيدا ما يخفيه ذاك الصمت من

انقباض أناملها البيضاء على قماش ذاك الفستان حيث ترتاح يدها

على فخذها لترخيهم لبرهة ثم سرعان ما تعود وتشدهم عليه وكأنه

أشواك لن ترتاح إلا إن نزعته عنها ، لم يتوقع منها كل هذا الصمت

كما لم يتوقع موقفها العدائي منه وهو من اختار أقصر طريق على

نفسه لتعلم بالأمر ! لم يكن يستطيع رفض تلك المهمة فعلى عاتقه

يقع مهمة تحرير بلاده ونهائيا ممن يتسببون في عرقلة كل ما يفعله

مطر ورجاله هناك .

ضرب براحة يده المقود شاتما بهمس ومرر أصابعه في شعره

يشده للخلف بقوة ، أما كان عليها تفهم موقفه ؟ لما النساء غريبات

أطوار هكذا ! أليست من كانت قبل ذلك بقليل انثى تسلب لب أي

رجل وقد ترك لها حرية تحريكه بين أناملها كيف تشاء وكأنه

مكعب لعب ؟


أوقف السيارة بقوة أمام المنزل وكأنه كان يتوقع طريقا أطول

وظهر أمامهما فجأة ، أمسك بيدها المجاورة له ما أن فتحت

بالأخرى الباب وقال بجدية ناظر لنصف وجهها الذي بالكاد

يظهر له

" ماريا فكري جيدا فيما تحدثت عنه وسأنسى أنا حديثك أنتي "


وكان جوابها أن سحبت يدها منه ونزلت مغلقة الباب خلفها بقوة

ودخلت من الباب الخارجي بخطوات سريعة لا يسمع سوى صرير

الباب خلفها وسارت بخطوات بالكاد تحمل جسدها وهي تكاد تهوي

للأرض ودموعها تسقي ترابها الرطب تحتها وبالكاد وصلت باب

المنزل ودخلت منه راكضة جهة غرفتها وارتمت على سريرها تدفن

وجهها في وسائده وأطلقت العنان لتلك العبرات والبكاء الموجع الذي

تحجر داخلها منذ نطق بتلك الكلمات وكأنه قتل كل شيء فيها وليس

قلبها فقط ، هي الحمقاء والمغفلة ضنت أنه إن أهداها كل تلك الأشياء

التي يجلبها المال في أي وقت وأخذها لذاك المكان الذي اعترف بنفسه

أنه لم يكن باختياره سيكون يبادلها المشاعر الغبية التي حملتها له

منذ كانت طفلة وأن ذاك الرجل البارد القاسي قد يحمل قلبا وسط

أضلعه سيشعر بها وبمشاعرها .

كان بكائها يزداد أنينا وألما وحرقة كلما تذكرت تلك اللحظات اليتيمة

وكأنها جميعها تبكي معها بل وكأن كل شيء حولها ينوح لنواحها لم

تعد تشعر بشيء ولا بالتي دخلت راكضة وجلست بجوارها على السرير

تحاول إجلاسها قائلة بجزع

" ماريه ما بك ؟ ماريه ستموتين بسبب هذا توقفي هيا "


لكن ذلك لم يؤثر بها شيئا وكأنها لا تسمعها منفصلة عما حولها

تماما لا تستجيب ولا لضربها لها بقبضتها على كتفها دموعها تنزل

مع مشهدها ذاك صارخة بحدة

" ما الذي فعله بك ذاك المتعجرف ؟ ماريه لن تقف حياتك عليه ...

ماريه توقفي عن البكاء هكذا أرجوك "

لكن كلماتها تلك كانت تتلاشى مع تلاشي عبراتها في الهواء فحضنتها

وهي ما تزال نائمة على حالتها تلك تبكي معها بصمت رغم أنها لم تكن

تفهم شيئا مما حدث لكن ذاك البكاء لم يكن يعبر سوى عن أنثى

مجروحة حد الوجع والألم .

لم ترضى بأن تتركها ولا للحظة ولا حتى لتخبر والدها الغير موجود

حاليا في المنزل ليجد حلا لابن ابنة شقيقه ذاك ، كانت تجلس بجانبها

تمسح على شعرها تستمع لأنينها الباكي تشعر بغضب مدمر من ذاك

الرجل بل ومن الرجال جميعهم فمن يبكي جميلة مثل هذه تزينت

له واستقبلته أفضل استقبال إن لم يكن متحجرا قاسيا ولن

تستغرب ذلك من هازاني أبدا .

ما أن خف بكائها وجلست تبعد خصلات شعرها العالقة في وجهها

بسبب كل تلك الدموع أمسكت بكتفها وأدارتها جهتها قائلة

" ماريه ما الذي حدث أخبريني الآن وفورا "

لكنها لم تنطق بحرف بل نزلت من السرير وتوجهت للخزانة فتحت

بابها بقوة وأخرجت حقيبة سفر صغيرة رمتها على الأرض وفتحتها

وبدأت بوضع بعض الثياب فيها فقفزت ساندرين نحوها مسرعة

وأمسكت بيدها وأخذت البنطلون منها ورمته داخل الخزانة صارخة

" ماريه ما الذي تفكرين في فعله بحق الله "

قالت ببحة بسبب بكائها الطويل وقد عادت لإخراج ذاك البنطلون

ورميه فيها

" سأعود لبلادي بل سأذهب حيث لن أعرف أحد

ولن يجدني أحد أيضا "

أمسكت بمعصم يدها بقوة وأدارتها نحوها قائلة بغضب

" غاضبة منه .. لا تريدي رؤيته ؟ حسنا تلك مشكلتك لكن أن

تختفي حيث لا يعلم مكانك أحد وتتركي والدي هائم على وجهه

يبحث عنك فلا تفكري بها أبدا ، ثم أنتي هنا في منزل عم والدك

لست في منزله هو ونحن لم نستقبلك لأنه أراد هذا أو طلبه بل

لأننا نريدك هنا معنا أتفهمين ذلك ؟ "

حاولت سحب يدها منها قائلة ببكاء

" بل لأنه أحضرني فأنا هناك من أعوام لما لم يحضرني والدك ؟

تعبت من الحياة كمخلوق طفيلي يعيش ويتغذى على غيره ومن دون

موافقته أيضا "

شدت على يدها بقوة أكبر فهي اكتسبت لياقة وقوة من تدربها منذ

صغرها على رياضة الدفاع عن النفس وسحبتها بعيدا عن تلك

الخزانة ووأوقفتها مقابلة لها وقالت بحدة

" ماريه ما الذي حدث ؟ غادرتما من هنا متفقان تماما فما تغير ؟ "

رفعت يديها لشعرها ورفعته للخلف بأصابعها وقالت ببكاء

" قال بأنه على علاقة بفتاة أخرى ساندي تصوري ؟ "

نظرت لها بصدمة بينما لوحت هي بيديها بغضب صارخة بنحيب

" ويريدني أن أتصرف وكأنه لا شيء بيننا بل وبينهما "

ثم مدت يديها فاردة كفيها أمامها وهمست ببكاء موجوع

" يجري هنا ساندرين .. إنه يسري مع الدماء في عروقي فكيف

سأستحمل ذلك أخبريني بالله عليك ؟ "

أمسكت وجهها وقالت بحزن

" اهدئي ماريه وسنجد حلا لكل شيء فقط اهدئي حسنا "

ثم تركتها وتوجهت جهة الخزانة أخرجت قميص نوم قطني

وعادت ناحيتها وسحبتها جهة الحمام قائلة

" المياه الساخنة ستجعلك تهدئي وتسترخي وسأحضر لك شرابا

منعشا ثم نتحدث عن كل ذلك فلن أسمح لك أبدا بأن تغادري البلاد

يا مجنونة "

أدخلتها الحمام وأغلقت الباب خلفها فوقفت عليه وتقاطرت دموعها

فور أن تذكرت كلماته مجددا وتلك النظرة المرتبكة في عينيه

( أنا على علاقة بفتاة انجليزية )

أمسكت فمها بيدها تمسك عبراتها ونزلت للأرض تبكي بوجع تتخيل

فقط أنه ثمة أخرى تقترب منه مهما كان المسمى لاقترابها ذاك .



*


*


*



ركن سيارته في الموقف المخصص في الأسفل وأخرج المفتاح

منها بقوة لينتبه حينها لحقيبتها الموجودة تحت الكرسي بسبب

لمعان ذاك المعدن في حوافها فمد يده لها ورفعها ، فتح إضاءة

سقف السيارة وفتحها فكان فيها هاتفها أخرجه ومجموعة تلك

المناديل الورقية معه فانتبه سريعا للكتابة الموجودة فيها وكانت

بكلمات انجليزية مرتبة لن تكون إلا لشخص تعلمها منذ نعومة

أظافره وكانت

( عليك بقلبه يا فاتنة )

شد قبضته عليها بقوة ونزل ضاربا الباب خلفه ودخل باب

المبنى السكني وصعد السلالم يدس الهاتف في جيب بنطلونه

الخلفي فبحكم أن المبنى لا يحوي سوى أربع شقق في طابقين فلم

يكن للمصعد أي داع ولم يكن يحب استخدامه ، فتح باب الشقة

ودخل مغلقا له خلفه ووقف مكانه ينظر للتي خرجت من جهة

باب المطبخ تمسك كوب قهوة في يدها ترتدي بنطلون جينز قصير

لم يتعدى طوله نصف فخذيها وقميص أبيض مربوط عند خصرها

لا شيء تحته سوى حمالة الصدر البيضاء وشعرها الأحمر القصير

منسدل على كتفيها .. لا يفهم هذه الفتاة وعقلها وأفكارها السخيفة

فتارة تظهر كإحدى النبلاء بالفعل وتارة تتصرف كفتاة ليل منحلة

بملابسها الوقحة كهذه ؟ اقتربت منه مبتسمة ترتشف من كوب

القهوة الكبير في يده ونظرها على عينيه وما أن وقفت أمامه

رفعت جسدها على رؤوس أصابعها وقبلت خده وابتعدت عنه قائلة

" آسفة بشأن ما حدث هنا تلك الليلة ، لقد أخطأت فعلا لأني لم

آخذ رأيك بالأمر "

أشاح بوجهه عنها وكأنه يبحث عن شيء ما حوله وتمتم ببرود

" لا بأس لوسي "

ضحكت برقة ومررت كفها على صدره وهمست ونظرها معلق

بملامحه

" لا تنسى بأنك طردتني وغفرت لك ثيموتي بل واعتذرت منك

فلم يفعلها أحد قبلك "

نظر لها وكان سيتحدث لولا أوقفته نظرتها المصدومة ليده تضم

شفتيها وكأنها ستنفخ بهما الهواء قبل أن تستل من يده تلك

الحقيبة الزرقاء ورفعتها بجانب وجهها وقالت محدقة بعينيه

" ما هذا تيموثي ؟ كنت برفقة امرأة ؟ "

أخذها منها ورماها على الكرسي قربه قائلا بجمود

" كوني مطمئنة فأمرها انتهى "

وغادر جهة باب غرفته قائلا

" سأستحم ونغادر "

وما أن دخل الغرفة وأغلق الباب خلفه توجهت لتلك الحقيبة رفعتها

ونظرت لها باشمئزاز رغم يقينها من جودة ذاك التصميم والقماش ،

فتحتها بأطراف أصابعها ونظرت للمناديل الموجودة داخلها ثم

أغلقتها ورمتها على الكرسي وتوجهت جهة غرفته متمتمة بغرور

" بالطبع سينتهي أمرها أو أنا من سينهيه بنفسي "

أدارت مقبض الباب بقوة عدة مرات وتأففت بحنق حين وجدته

مغلقا من الداخل فتركت مقبضه بحركة عنيفة متمتمة بضيق

" ياله من قديس ؟ حتى أسلافه اليونانيين ليسوا هكذا ! "


توجهت ناحية صالون الاستقبال وارتمت على الأريكة الفاخرة الواسعة

تلعب بخصلة من شعرها ونظرها على ذاك الباب وتفكيرها منحصر

فقط في الموجود هناك تحت رذاذ المياه الساخنة جسده الرائع

مبلل بالكامل فعضت شفتها سخطا منه ومن معتقداته تلك ، إن كان

له فعلا حبيبة لكانت قتلتها فقط لأنه ثمة رجل يعشقها بكبرياء هكذا .

كان عليها أخذ نسخ لجميع المفاتيح هنا وليس الباب الخارجي فقط

بدلا من أن دفعت كل ذاك المال لعجوز حمقاء جلبت لها مفتاحا

واحدا لكانت عرفت الآن كيف تسحبه للسرير طوعا ، بينما ما كانت

تجهله تماما أن ما يوجد خلف ذاك الباب المغلق رجل ساجد فوق

الأرض يصلي ليدرك الوقت قبل أن يغادر الشفق الأبيض السماء .



*


*


*


ضمت يديها وسط حجرها تنظر لبساط الأرض الأخضر تحت قدميها

تحاول أن تكبت تلك الدموع التي ترفض الانصياع لها فهي لم تجتاز

صدمتها بعد ، كانت لتستوعب الأمر لو أنها رأت امرأة يوما معه

أو سمعته يتحدث مع احداهن في الهاتف أو وجدت شيئا يخص

امرأة في أغراضه أو حتى رائحة عطر نسائي في ثيابه ؟

لكنه اعترف بذلك بنفسه !

أكان الأمر قبل رحيله وانتهى !!

كيف يمكنها استيعاب أنه قد يفعلها فهي أكثر من يجزم بحبه لها !

لكن والدها لا يكذب تعرفه جيدا فهو كان يعاقبها هي وبشدة

ومنذ صغرها إن لجأت للكذب تحت أي ظرف أو سبب كان .

نظرت جانبا ومسحت دموعها سريعا حين لاحظت اقتراب الذي

تركها هنا منذ لحظات على ذاك الكرسي في الحديقة العامة القريبة

من مبنى الجمعية ، لم تشعر إلا بجلوسه بجانبها وقد مد لها قارورة

ماء صغيرة ووصلها صوته قائلا

" هيا حذي الماء وتوقفي عن البكاء "

وتابع بابتسامة مائلة

" لا يرونا شرطة مملكة والدتك واعتقل بتهمة ابكاء امرأة "

أخذتها منه تمسح دموعها مبتسمة بحزن على عبارته وفتحت

الغطاء وشربت منها ببطء تتابع نظراتها حركة الأطفال بعيدا

وابتسمت بحزن فلطالما تمنت في صغرها أن كان لها أشقاء كثر

تلعب معهم وليست وحيدة لكن ذاك الحلم لم يتحقق أبدا حتى

كبرت وفقد ذاك الشعور معناه بالنسبة لها ، نظرت للجالس بجانبها

يتكئ بمرفقيه على ركبتيه ينظر للأسفل ويمسك قارورة عصير

برتقال صغيرة قد شرب نصفها ، تنقلت نظراتها في ملامحه التي

أخذت من قبائل الحالك الكثير فإن كانت والدته ابنة عائلة الشاهين

فوالده من أحد قبائل أقصى الجنوب حيث سواد الشعر والعينان فاق

الليل حلكة ، نظر لها فجأة فأبعدت نظرها عنه ونظرت للقارورة في

يدها وقالت بابتسامة مازحة رغم لمحة الحزن فيها

" لما تعطيني الماء وتشرب أنت العصير ؟ كنت أحضرت لي

واحدا مثلك "

نظرت له حين وصلها صوته المبتسم فورا

" لأنك تحتاجين الماء بسبب ما فقدته منه "

وتابع وقد رفع القارورة أمامها

" أما أنا فأحتاج هذا بسبب الركض الذي بات أحد طقوسنا "

عبست ملامحها الجميلة وتمتمت بضيق

" وإن يكن أريد العصير "

لم يستطع إمساك الضحكة القصيرة التي تغلبت عليه فهذه الفاتنة

يبدوا أنها لم تكبر قبل أوانها في كل شيء ، مدها لها قائلا

" خذيها فلم أشرب سوى نصفها "

وضعت القارورة من يدها فورا على المساحة الفارغة من الكرسي

بينهما وأخذتها منه فضحك قائلا

" ظننتها مزحة ولن تأخذيها حقا وأنك ممن يكرهون الشرب

بعد أحد ! "

شعرت بقدر من الماء البارد سكب على رأسها وكاد يغمى عليها

من الإحراج فهربت بنظراتها منه فورا تكاد أصابعها تحطم زجاج

تلك القارورة من شدة قبضها عليها فهي لم تفكر في الأمر من

هذه الناحية وأن تشرب من حيث شرب هو ... يا إلهي ما بها

غبية لهذه الدرجة ؟ عضت شفتها بقوة تعدل بيدها الأخرى طرف

حجابها تخفي ابتسامتها وارتباكها عنه حين رفع قارورة الماء

وشرب منها فأغمضت عينيها تشعر بقلبها ينبض بقوة لكن

تلك الابتسامة سرعان ما تلاشت للعدم حين وصلها صوته قائلا

" ليس جميع الرجال يميزون بين تصرفات الفتاة العفوية

والمقصودة يا تيما فلا تنسي هذا "

نظرت له فورا نظرة ملأها أسى وخيبة أمل وكان ينظر للقارورة

في يده قبل أن يدخل يده في جيبه وأخرج منه شيئا ومده لها مبتسما

ابتسامة مائلة خفيفة فنقلت نظرها ليده ولقطعة الحلوى فيها تأخذ

شكل رأس دب مبتسم مثبتة بأنبوب أبيض طويل وملفوفة بغلاف

بلاستيكي شفاف مربوط بشريطة حمراء فتحولت نظرتها للحنق

سريعا وعادت بنظرها لعينيه وهمست بأسى

" لماذا تكرهني هكذا يا قاسم ؟ "

أغمض عينيه وفتح فمه وكأنه سيقول شيئا وتراجع في آخر لحظة

ثم نظر حيث الطفلة التي مرت قربهما تقفز ضاحكة بفستان قصير

وشعرها الأسود مربوط في جديلتين فأشار لها بالحلوة في يده

يحركها بعشوائية فركضت جهته فورا وأخذتها منه قائلة بابتسامة

" هي لي حقا ؟ "

أومأ لها بنعم مبتسما فقفزت بفرح ثم عانقته وقبلت خده شاكرة

له وغادرت راكضة فنقل نظره للجالسة بجانبه ورفع كتفيه قائلا

بابتسامة
" هي لم تعتبرها إهانة "

أشاحت بوجهها عنه وقالت بضيق

" هي طفلة ، ثم أكنت تتوقع أن أقفز فرحا مثلها ؟ عموما رسالتك

وصلت وبأقسى مما كنت تخطط له "

مد يده لوجهها وأمسك ذقنها وأداره جهته ونظر لعينيها الدامعة قائلا

" لاحظي أنك تحولت لسلبية جدا ناحيتي حتى باتت تصرفاتي جميعها

تفهم بشكل سيء ؟ "

أبعدت وجهها فابتعدت يده عن ذقنها ونظرت لقارورة العصير في

يدها وهمست بحزن

" لأنها الحقيقة "

تنهد بعمق وأعاد وجهها له مجددا وقال بهدوء

" حين اشتريت الماء والعصير البائع لم يكن لديه دراهم ليرجع

لي باقي المال فطلبت منه تركه لنفسه لكنه رفض وأعطاني

تلك الحلوى بدلا عنه "

وتابع مبتسما ينظر للدمعة التي تكاد تنزلق من رموشها الكثيفة

" ولأنك أخذت الماء والعصير كليهما كان عليك أخذها أيضا "

رفعت يدها ومسحت عينيها وزحفت حتى طرف الكرسي وأولته

ظهرها فخرجت منه ضحكة صغيرة وقال ناظرا لها

" حسنا ... أنا آسف "

مسحت دمعتها مجددا وابتسمت بحزن على حماقتها الجديدة وقالت

" بل أنا من عليها قول شيء ما والاعتذار أيضا "

عدل جلسته ولازال نظره عليها وقد تابعت بعبرة مكتومة تمسح

دموعها التي عادت للنزول مجددا

" بعد تلك الليلة تمنيت كثيرا أن رأيتك مجددا فقط لأشكرك وأعتذر

عما سببته لك فلم أكن أستطيع تصور ما كان سيحدث لي لو لم

تكن هناك حينها "

وازداد بكائها وضوحا وهي تقول

" لو أني اكتشفت بأنك مت تلك الليلة ما كنت لأسامح نفسي أبدا

ما حييت ، أنا كنت حمقاء وطفلة وغبية وأستحق ما قد يحدث لي

لكن ما ذنبك أنت ؟ "

تنفست بشهقة وتابعت تبكي بوجع

" تمنيت أن ألتقيك وأن أفعل أي شيء لأشكرك ولم أكن أتخيل أن

لقائنا سيكون أقسى من تلك الليلة وأنا أراك تكرهني بسبب ما حد... "

وقطعت عبراتها كلماتها فقبضت بيدها على ثوبها جهة فخذها بقوة

فوقف وتوجه نحوها وجلس أمامها مستندا بقدميه وأمسك بذراعيها

ينظر لوجهها الذي كانت تنزله للأسفل والدموع تنسكب من رموشها

الطويلة تسقي ذاك القماش الناعم وقال بجدية

" تيما عليك أن تعلمي بأني لا أكرهك ... أنا متأكد من أن ابنة مطر

شاهين ومن تربت على يديه لا تكون من ذاك النوع أبدا لكنك لم

تبرري موقفك ولم تدافعي عن نفسك أبدا وكأنك مدان لا دليل

براءة لديه ، ورغم كل ذلك فالمدان حقا سيختلق الكثير من

الأكاذيب ليبرئ نفسه لكنك لم تفعلي ذلك أبدا فأنتي تتسترين

على أحدهم دون شك فهل تستطيعين قول الحقيقة لي لننسى

ذاك الأمر نهائيا ؟ "

غطت شفتيها بظهر أصابعها ولم تزدد إلا بكاء تتذكر كلمات رعد

عن أنها قد تحتاج لأن تعترف يوما ما لأحدهم كي لا تمتد مأساتها

لأمد بعيد فهل كان يقصده هو ؟

هل عليها فعلا قول ذلك له ؟

لكنها لا تستطيع بسبب هوية عمتها غيسانة ووعدها لها وما قد

تكون النتائج إن علم والدها بما فعلت شقيقته وهي من راسلتها

اليوم وأخبرتها بأنها تمر بمشاكل وصعوبات كثيرة وما أن أخبرتها

عن أن سرهما قد يكشف حذرتها من ذلك وأخبرتها بأنها تعلق

أمالها المتبقية بشقيقها وأنه إن تخلى عنها نهائيا لا تتوقع ما قد

يحدث لها وجل ما كانت تخشاه أن يعلم السبب أيضا خلف إرسالها

لذاك الملهى والقرص الذي كان مع ذاك الرجل وما يحوي .

شعرت بأصابعه ترتخي عن ذراعيها حتى ابتعدتا ووقف على طوله

فرفعت رأسها له سريعا وقالت بحزن

" أنا آسفة "

قال همسا ببرود

" لا يهم "

شعرت بقلبها يتفتت ألما وبأنها تخسره فعلا فقالا معا

" حسنا من .... "

" هو كان .... "

فسكت ينظر لعينيها الزرقاء الدامعة وقد تابعت بعبرة

" هو شقيق امرأة تعمل في الجمعية ، كنت واقفة مع الكاسر حين

اقتربا منا وعرفتنا عليه ثم أخذت الكاسر وغادرت به ولست

أفهم كيف ولا أين ولم أستطع اللحاق بهما لأنه كان يتحدث معي

وبدأ يشرح عن عمله وشركته السياحية وأمور لا أفهمها ولا تعنيني "

وتابعت ببكاء محدقة بعينيه

" أقسم لست أنا من وقف معه فتوقف عن اتهامي دائما أرجوك

فنظرتك تلك تؤذيني كثيرا فأنا لم أعتد عليها أبدا "

نزل لمستواها مجددا وقال بهدوء يمسح دموعها بظهر أصابعه

" لم يكن هذا ما أود التحدث عنه يا تيما فهل لاحظت الآن أنك

أيضا تسيئين الظن بي ؟ جميعنا نخطئ يا ابنة مطر لكننا لا نهتم

إلا لأخطاء من لا نريدهم أن يخطئوا أبدا "

وقف بعدها مجددا وقال

" سننى الأمر نهائيا وما كنت أبدا لأؤذيك به تأكدي من ذلك لكن

جل ما أخشاه أن يفعلها الشخص الذي تدافعين عن سره وبشراسة

وإخلاص وليس ليؤذي علاقتك بوالديك فقط بل وبالشخص الذي

سيختاره والدك زوجا لك "

أنهى عبارته تلك وغادر مبتعدا تتبعه نظراتها الدامعة قبل أن تقف

وتتوجه حيث اختفى مسرعة حتى اجتازت الأشجار التي كانت تخفي

تلك الجهة عنها ونظرت حولها تبحث عنه ولا وجود له بين جميع

الموجودين هناك ، وما أن كانت ستتحرك من مكانها حتى رن هاتفها

فأخرجته من جيب الفستان الجانبي والمخفي بطرازه الواسع ،

نظرت لإسم المتصل ثم أجابت ونظرها لازال يبحث في المكان

" مرحبا كاسر "

وصلها صوته القلق فورا

" تيما أين أنتي يا حمقاء جبت مبنى الجمعية بجميع طوابقه

ولم أجدك ؟ "

مسحت عيناها وأنفها بطرف كمها وقالت بحزن

" أنا في الحديقة قرب الجمعية "

قال باستغراب

" الحديقة !! ما الذي أخذك هناك "

قالت من فورها

" هربت من رجال الصحافة بأعجوبة ووصلت هنا ، أين هي

والدتي هل رأيتها ؟ "

وصلها صوته فورا

" لا فأنا لم أستطع دخول المنزل وحدي كانت ستأكلني حيا إن لم

تكوني معي وسيكون عقابك أقسى طبعا "

تحركت من مكانها فورا قائلة

" سأخرج من هنا حالا ونلتقي فتعالى بسرعة "

وما أن تحركت من مكانها وقفت مجددا ولم تعرف أي اتجاه ستسلك

وأين سيكون المخرج تحديدا فهي لم تدخل هذا المكان سابقا وذاك

المعتوه ذهب وتركها هنا لوحدها بعد أن قال ما قاله وبكل برود

وبساطة وكأن الأمر لا يعنيه ، شعرت بحزن عميق يجتاح قلبها

ونظرت لقارورة العصير التي لم تستطع تركها هناك وبدأت ضربات

قلبها تصعد تدريجيا ما أن فكرت في رفعها لشفتيها والشرب منها

وكأنها سترتكب جريمة وتقبله أمام الناس وليس مجرد قارورة جففها

الهواء ! لكنها لن تستطيع تركها هنا ولا رميها ولو كان الأمر بيدها

لاحتفظت بها لباقي عمرها ، أغمضت عينيها وتنهدت بأسى .. هو

السبب .. أجل هو من أدخل الفكرة لرأسها فهي لم تفهم الأمر هكذا

ولم تتعمده .

ارتجف جسدها وشهقت بصمت والتفتت خلفها بسرعة حتى كادت

توقعها من يدها ونظرت بجزع للواقف أمامها وهمست

" أفزعتني يا غبي "

قال بضيق ممسكا خصره بيديه

" أنا الغبي أم التي تريد الخروج من الحديقة مغمضة العينين ؟ "

نظرت له بصدمة قبل أن تهمس بشك

" وكيف علمت وأنت كنت خلف ظهري ؟ "

اختطف القارورة من يدها ورفعها لشفتيه وشرب ما فيها دفعة

واحدة متجاهلا صرختها المحتجة ولكماتها لكتفه ، رمى القارورة

الفارغة في سلة القمامة الكبيرة قربهما وشدها من يدها وقال

يسحبها خلفه

" جيد أني شربتها قبل أن ترميها ، مختلفة ... فيها طعم

غريب ورائع "

لكمته بيدها الحرة من كتفه مجددا وقالت تنظر لقفاه بأسى

" ما كنت سأرميها لماذا شربتها أنت يا شره ؟ "

سحبها بقوة حتى سارت بجانبه قائلا

" سأعطيك ضعف حجمها في المنزل تحركي الآن قبل أن يشعر

الحراس الجدد بغيابنا "



*


*


*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 06:22 PM   المشاركة رقم: 647
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,162
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



انتظرتها حتى أنهت كوب العصير الذي أرغمتها على أن تشربه

بأكمله ثم أخدت منها الكوب الفارغ ووضعته على الطاولة بجانبها

ونظرت لوجهها .. عيناها متورمتان بشدة من البكاء وأنفها وخداها

محمران وبشرتها البيضاء باتت أقرب للشحوب وكأنها فقدت عائلتها

للتو ، تنهدت قائلة

" أنتي أفضل قليلا الآن فهل نتحدث ؟ "

نظرت ليديها في حجرها ولم تعلق فتابعت الجالسة أمامها على السرير

" أريد أن أفهم ماريه ماذا حدث وما هذا الذي أخبرك به ؟ "

رفعت نظرها لها وامتلأت عيناها بالدموع مجددا فأمسكت وجهها

وقالت بحزن

وأقسم أن أتصل به حينها "

همست بعبرة مكتومة دموعها تتقاطر تباعا

" قتلني ساندي ودون رحمة ، كان عليا توقع ذلك منذ زارني

صباحا في الجامعة "

مسحت الدموع عن خدها وقالت

" هيا توقفي عن هذا واحكي لي كل ما حدث ولن أكون ساندرين

إن لم نعاقب ذاك الهازاني المتعجرف "

مسحت وجنتيها وأنفها بظهر كفها ودست خصلات غرتها الرطبة

خلف أذنيها وبدأت تسرد ما حدث منذ الصباح والدموع التي لم

تسكبها في كل ذاك البكاء انسابت لحظتها وكأنها تفرغ الألم

المكبوت داخلها لأعوام فذاك الرجل عنا لها أكثر من زوج التقته

من أشهر أو أيام قليلة فهو العائلة التي لم تعرفها يوما ووالداها

اللذان فقدتهما صغيرة ولا تذكرهما فأول ما فتحت عينيها عليه

كان وجهه فهو من كان يحملها ويجوب بها المنزل والفناء

لساعات لأن زوجة عمها لم تكن متفرغة لها كما تزعم لتتحول

لمهمة من مهامه هو أحب ذلك أم كره ، إن سقطت كانت يداه

من توقفها .. إن بكت لا أحد غيره يسكتها كبرت لا تعرف

عالما غيره ورغم صغر سنها وقت رحيله واختفائه إلا أنه

ترك فراغا عميقا في روحها لم يملئه أي شيء .

ما أن انتهت من سرد كل تلك الأحداث عبراتها تقطع كل كلمة

تقولها أخرجت لها مجموعة مناديل ومدتها لها قائلة

" تضنين حقا أن ما جعله يتراجع عن أخذك صباحا هو ما كان

يفكر في قوله ؟ قد يكون ثمة ما ضايقه حينها مارية "

نظرت لها باستغراب فقالت ملوحة بيدها

" حسنا اتركي هذا لي "

وتابعت بجدية تضم يديها في حجرها

" ماريه هو أخبرك أنها السبيل لوالدها وأنها مهمة لما لا يكون

كلامه حقيقة ؟ "

امتلأت عيناها بالدموع وقالت بأسى

" أي مهمة تلك وهو يعمل في تلك المنظمة ؟ ابنة زعيم مافيا

أو تاجر سلاح مثلا ! هذا لا يصدقه أحد أبدا ، هو لم يقل بأنه

يخرج معها ولا يصادقها قال على علاقة بها تعلمين ما معنى

ذلك ساندي ؟ "

مدت يديها وامسكت بيديها الباردتان كقلبها وقالت

" أفهم ماريه وأعلم معنى ما مررت به ولو كنت مكانك لقتلته

بالتأكيد فتلك جريمة في حق أي امرأة "

نظرت بعيدا ودموعها عادت للانسكاب على وجهها هامسة بعبرة

" ليتني مت قبل أن أسمعها منه "

وتابعت وقد نظرت لها مجددا وأشارت لنفسها قائلة ببكاء

" أنا زوجته عليا أن أكون بعيدة عنه وأرى تلك الفتاة برفقته

لا أعترض ولا أمانع بينما لا يجد لي وقتا ولا مكانا في حياته

وعليا أن أنتظر لوقت هو نفسه لم يستطع تحديده "

رفعت الجالسة أمامها شعرها خلف أذنيها وقالت

" علينا معرفة تفاصيل ذلك أولا ماريه ، من تكون تلك الفتاة

وما صلتها بعمله ثم سنحدد ما علينا فعله "

همست تمسك عبرتها

" لن نفعل شيئا فأنا لم يعد يعنيني الأمر "

نظرت لها بشك قائلة

" من قلبك هذا الكلام ماريه ؟ "

قالت مباشرة ودمعتها تتدحرج من رموشها

" أجل "

مدت يدها ومسحتها لها قائلة

" وما تفعل هذه إذا ؟ "

أشاحت بوجهها جانبا وقالت بعبرة

" هو يعلم بأنه لن يكون بإمكاني اكتشاف الأمر بسهولة

ولم يقل ما قاله إلا وثمة ما يخفيه أعظم من ذلك بكثير فليس

تيم من يبرر أفعاله الخفية أبدا "

نظرت لها بتفكير قليلا ولم تستبعد ذلك فما سيجعله يخبرها

بذلك إن كان كشفها له مستبعدا وهي التي لا تخرج إلا لجامعتها

أو في نزهات معدودة لانشغالهما ؟ إن كانت هي التي عاشت حياتها

هنا لم تلتقيه إلا مرات قليلة تعد على الأصابع من ندرتها ولأسباب

منطقية وليس مصادفة فما الذي جعله يخمن أنها ستعلم ! تنهدت

بعمق وقالت

" ماريه اتركي الأمر لي وسأعلم بطريقتي ثم نقرر ولا تتهوري

بفعل أي شيء اتفقنا ؟ "

وقفت بعدها وأخرجت علبة الدواء من جيب بجامتها فتحتها

وأخرجت منها قرصا مستديرا قائلة

" هذا مهدئ ضعيف المفعول سيجعلك تنامين بشكل أفضل "

وتابعت وهي تسكب لها كوب ماء

" ستحتاجينه الليلة لأني أعلم بأنك لن تنامي ولن تتوقفي عن

البكاء وغدا يوم جديد صديقتي الجميلة "

أعطتها قرص المهدئ فأخذته منها فورا وبلعته بالماء ووضعت

الكوب بجانبها فهي تحتاجه فعلا بل لو كان الأمر بيدها لابتلعت

جميع الأقراص ، استلقت تلف جسدها بلحاف السرير تنظر للفراغ

بحزن فرفعت ساندرين كوب العصير الفارغ وعلبة الدواء ثم قبلت

خدها هامسة

" نامي ولا تفكري في شيء وسأوقظك وقت الفجر "

غادرت بعدها وبعدما أطفأت الأنوار وأغلقت الباب بهدوء تاركة تلك

الدموع تسقي الوسادة البيضاء تحتها ، انقلبت على وجهها ودسته

في تلك الوسائد وعادت للبكاء المتقطع الموجع حتى غفت على ذاك

الحال والوضع .



*


*


*


خرجت من المستشفى مسرعة وقبل انتهاء دوامها وموعد

خروجها المعتاد بنصف ساعة ولم تستطع فعلها إلا بصعوبة فقط

لأنه تم اختيارها كرئيسة لممرضات ذاك المشفى الريفي المتواضع

من مدة قريبة ، ذهبت أولا للمنزل المجاور لمنزلهم والذي اختارت

الوصول له من الجهة الخلفية وما أن وقفت أمام سوره رفعت

حجرين من الأرض ورمتهما فوقه وما هي إلا لحظات ووصلها

ذاك الصوت الأنثوي الرقيق من الشق الواسع في الجدار

" فجر ... "

اقتربت من الشق وظهر لها ذاك الجزء البسيط من وجهها وعينها

وحدقتها الخضراء الواسعة فأدخلت لها مرهم الحروق الصغير قائلة

" هذا آخر ما يمكنني جلبه لك يا مايرين "

مدت أصابعها من الشق وأمسكته بأطرافهم قائلة بحزن

" لكنه لم يشفى بعد ولست أفهم لما ؟ "

تنهدت فجر بضيق وقالت

" لأنه حرق بشع كوجهيهما ، استمري في دهنه بزيت الزيتون

دائما ولا تغطيه وسيشفى سريعا "

ثم نظرت حولها لمساحة المزارع الشبه خالية خلف حيهم ثم

عادت بنظرها لها وقالت

" ما هي الأمور لديك ؟ "

قالت بحزن ومرارة

" كما هي عليه وها قد بدأ جسار بنقل بعض أغراضهم الخفيفة

بالخفية فيبدوا أن مهلته لي ستتقلص لأقل مما كان "

تنهدت بعجز محركة رأسها بأسى ثم قالت

" علينا إذا التحرك قبله يا مايرين وأن ننفذ خطتنا قبل خطته "

نظرت لها بخوف وقالت

" فجر أبعدي تلك الفكرة من رأسك فلن نجد شابا ساذجا أبدا

ليصدق كذبتنا تلك "

قالت من فورها وبإصرار

" لن نجد شابا ساذجا بالتأكيد لكننا سنجد شخصا يخاف على

نفسه هنا أكثر من غيره .. رقيق قلب طيب لا يحمل الخبث والمكر

الموجودان في جينات أبناء الجنوب "

تنهدت بقلة حيلة هامسة

" أنا خائفة من حلك هذا يا فجر فليس ينقصني أقاويل "

قالت مغادرة لا يصلها إلا صوتها

" اتركي الأمر لي مايرين "

وتحركت من هناك بخطوات واسعة ودارت حول الجهة الأخرى من

المنزل ودخلت الأحياء مجددا واجتازت حيهم مسرعة تنظر خلفها

كل حين تخشى أن تظهر سيارة والدها في أي وقت ولن تستغرب

أن يصدمها بها إن وجدها تجوب الأحياء .

وصلت مكانها المقصود تلهث بتعب بسبب ركضها فما أن اجتازت

حيهم حتى تركت قدماها للريح فبما أنه وقت الذروة فالحركة في

البلدة تكون شبه معدومة والوقت يداهمها وعليها فعل ما تخطط له

قبل وقت عودتها للمنزل .

أمسكت بطرف باب محل البقالة تتلقف أنفاسها ودخلت فورا

فلا وقت أمامها ولا لتنظيمها ، وقفت أمام الذي قال مبتسما

" مرحبا بالفجر في وقت الظهر "

أمسكت أنفها وتنفست من فمها بقوة وما أن أبعدت أصابعها

حتى عطست بقوة درجة أن أدمعت عيناها وقالت بصعوبة تهف

بيدها على وجهها

" لست أفهم لما المبيد الحشري وأنت تبيع الأطعمة ؟ "

عطست مجددا وتابعت بضيق

" أين وزارة الصحة عنك ؟ على مطر شاهين أن يزور

الجنوب سريعا "

ضحك الجالس خلف الطاولة وقال

" ما أبيعه هنا مجرد معلبات وأطعمة مغلفة ففيما سيضرها المبيد

الحشري ؟ ثم أنا استخدمته بالأمس أنتي فقط من يستطيع

استنشاقه اليوم "

عطست للمرة الثالثة وحركت أنفها بأطراف أصابعها بقوة ثم

فتحت حقيبتها بسرعة وأخرجت منها منديلا وغطت به أنفها

وفمها وقالت ناظرة له

" أخبرني ما حدث معك بشأن ما طلبته منك ؟ "

قال مبتسما

" الأمر الأول تعني أم الآخر ؟ "

قالت من فورها

" هات الأول فإن لم يجدي سنستعين بالآخر "

حرك رأسه مبتسما وقال

" حسنا ... بشأن ذاك الرجل المدعو حازم عمار فقد تقصيت عنه

كما طلبت مني ، هو من غرب صنوان عائلته يعيشون هناك وتم

توضيفه هنا في المدرسة الثانوية القديمة حتى يتم بناء الأخرى

حسب أوامر الزعيم ابن شاهين هي والمستشفى الجد... "

قاطعته ملوحة له بيدها الحرة

" أجل .. أجل أعلم كل هذا فقل المفيد عنه بسرعة لا وقت لدي "

أومأ موافقا وقال

" ما لا يعلمه أحد عنه أن والده يريد تزويجه بابنة شقيقه مرغما

وهذا سبب موافقته على العمل هنا وهو تشاجر مع ابن عمه أيضا

وتم اعتقالهما لأسبوعين كاملين الشهر الماضي "

شدت قبضتها قائلة بضيق

" سحقا هذا لن يجدي ، ضننت أننا وجدناه أخيرا "

نظر لها باستغراب فتابعت مباشرة

" هات الأمر الآخر فلا مناص منه على ما يبدوا "


فتح درج الطاولة الخشبية وأخرج لها ورقة مدها لها قائلا

" هذا هو رقم هاتفه حصلت لك عليه بالأمس فقط "

أخذتها منه سريعا فقال ناظرا لها

" لست أعلم فيما تفكرين فعلا يا فجر لكني سأنصحك مجددا

بأن اللعب مع عائلة غيلوان ليس أمرا سهلا أبدا "

نظرت للورقة في يدها ثم له وقالت

" لكن أويس مختلف عنهم ثم هو محام ويعلم جيدا معنى

الظلم والاضطهاد "

رفع كتفيه قائلا

" يبقى ابن تلك العائلة وهم لا يغفرون الزلات أبدا ولا ينسون

حقدهم بسهولة ووضع مايرين بالنسبة له متأزم جدا كما تعلمي "

وتابع بجدية محدقا بعينيها السوداء الواسعة

" وها أنا أنصحك مجددا يا فجر ابتعدي عن مشاكل تلك الفتاة

كي لا تتأذي أيضا فأن تكوني إحدى ضحايا تلك العائلة معناه أن

تعاني وللأبد سواء كان المدعو أويس أو غيره "

قبضت أناملها على الورقة في يدها وهمست مغادرة من عنده

" لن أقف أتفرج عليها وإن دق شعيب غيلوان عنقي بقدمه "



*


*


*


حاولت النظر من فوق كتف الواقف أمامها وتأففت قبل أن

تقول بضيق

" ابتعد قليلا لأرى أين تكون محاضرات ذاك الجنوبي المغبر اليوم "

التفت لها الواقف أمامها ورفع كفه معتذرا بابتسامة ثم تنحى جانبا

وواصل حديثه مع الواقفين معه ونظرت هي لتلك الجهة من جدول

المحاضرات المعلق على الجدار تتبع بإصبعها اسم

( أويس عبد الجليل غيلوان )

وابتسمت ساخرة تتمتم وإصبعها على اسمه

" هه ... يومان في الأسبوع فقط ؟ حمدا لله لذلك لا أتشرف برؤيته

في الجامعة دائما .. عاش الجنوب الذي ينقذ البشرية منك "

" عذرا إن أنتهيت من تقفي أثري فابتعدي لأرى الجدول الجديد "

شعرت بأنها تحولت لتمثال فرعوني لا شيء يتحرك فيها سوى

حدقتيها البندقيتان اللتان مالتا جانبا ما أن سمعت ذاك الصوت

الرجولي الكسول الساخر خلفها والذي تميزه عن أميال ، ابتلعت

ريقها بصعوبة ولم يكن أمامها سوى مخرج واحد لتغادر منه

وهي الجهة اليمنى فعلى يسارها يقف مجموعة من الشبان وهو

يقف خلفها مباشرة فحركت قدمها ببطء لتتسلل من هناك فأوقفتها

اليد التي استندت على الجدار بجانبها وقد أصبحت محاصرة به

تماما تشعر بأنفاسه على شعرها الناعم القصير فأغمضت عينيها

متشهدة على نفسها وليست تفهم متى سيتركها هذا الرجل وشأنها

وما هذه الجريمة التي يعاقبها عليها هكذا ؟ إن كان المدعوا تيم

كنعان لوجدت له عذرا أما هذا فما علاقته بالأمر ؟ همست من بين

أسنانها ليسمعها وحده لانشغال الموجودين قربها بما يتحدثون عنه

عن التغيرات في جدول محاضراتهم

" أبعد يدك لأغادر "

همس من خلف أذنها تشعر بجسدها ارتجف بأكمله لتعمده

الاقتراب منها أكثر

" يمكنك المغادرة من تحتها من منعك ؟ "

زمت شفتيها بحنق وتصنمت مكانها ، لابد وأنه يخطط لأمر ما

ولن تعطيها له أبدا فليست تستبعد حتى أن يركلها بقدمه ما أن

تنحني للأسفل أو أن يسقطها انتقاما مما قالته ، أغمضت

عينيها لبرهة وكما اعتادت حين تتصرف بجنون ودون تفكير

في العواقب هدفها النتيجة فقط التفتت له بكامل جسدها وكاد

يغمى عليها حين أصبح ملتصقا بها تقريبا وعلمت حينها بأنه لا

تراجع أبدا عن جنونها ذاك خاصة وأن من يقفون قربها تحول

انتباههم لهما وهي تكاد تكون في حضنه فأغمضت عينيها بشدة

من هول موقفها تكاد تبكي وهمست

" ابتعد ... ابتعد يا وقح "

لكن الواقف أمامها لم يعر كلامها أي اهتمام وقد حرك رأسه

يحاول رؤية ما يخفيه رأسها أمامه فكادت تنهار على الأرض

فكيف نسيت بأنه ابن الجنوب وستنتهي مهمته هنا في أي وقت

ويغادر وللأبد أما هي فباقية في هذه المدينة بل والجامعة التي

هذا عامها الأول فيها وسيصبح هذا المشهد على سيرة كل لسان

ولن تستطيع إنكار الشائعات مهما حاولت .

همس في أذنها وكأنه يتعمد إظهار المشهد كلقاء غرامي حقيقي

وعلى العلن

" حاولي التحرك فقط وقسما أن أسحبك لحضني لتتعرفي على

الجنوبي المغبر عن قرب "

بدأ ارتجاف جسدها يزداد وضوحا فهي وإن كانت منذ طفولتها

معتادة على التصرف بشجاعة حد التهور إلا أنها لم تقف ملتصقة

بشاب هكذا من قبل فاحتكاكها حتى بزملائها كان عمليا جدا حتى

في المدرسة سابقا ولم تكن على علاقة بأحدهم يوما لأن أهم ما

لديها كان دائما أن لا تفقد ثقة والدها الذي رباها وهو كان ينبهها

بهذا الخصوص منذ مراهقتها فإن خسرته ستخسر كل ما يربطها

بالحياة لأنها تحبه وبجنون .

عاد للهمس في أذنها مجددا وبابتسامة

" إن كنت تري اللعب معي مسليا فعليك أن تغيري فكرتك تلك ...

أما بالنسبة لي فاللعب معك متعة لا نظير لها "

وما أن أنهى جملته تلك ابتعد محررا لها أخيرا وغادر وتركها

أكثر شحوبا من الجدار خلفها ، يهددها وعلانية ! سحقا له

سيرى ما هو الأ..... صرخت ما أن حاولت التحرك من هناك

تشعر بشيء ما شد شعرها للخلف بقوة آلمتها بشدة بسبب

تحركها السريع والمفاجئ ودمعت عيناها ليس من الألم وحده بل

ومن تلك الضحكات قربها ، أدارت يدها خلف رأسها تحاول فك

خصلة شعرها تلك مما علقت فيه فاكتشفت أنها ملفوفة حول

أحد المسامير الجانبية المعكوفة والتي تستخدم لتتبيث اللوح

على الجدار وكانت ملفوفة حوله في الاتجاهين مما يجعل فكها

مستحيلا ، سالت دمعتها على خدها وهي تحاول تخليص نفسها

ودون جدوى تستمع لتلك التعليقات الضاحكة وتشعر بأنها

باتت والأرض سواء

( كل هذا من تأثير اللقاء والحضن ؟ )

( أين هو ليخلص أميرته العالقة ؟ )

وارتفع الضحك والصخب حين قال أحدهم

( أثمة أمل في أن يطول شعرك قريبا وتبتعدي قليلا لنرى

اللوح خلفك )

وغادروا ضاحكين دون أن يهتموا لمساعدتها ، وما ستتوقعه

منهم فهم في النهاية يشبهون ذاك المتعجرف .. بل هي الحمقاء

أكان إحساسها ميت درجة أنها لم تشعر بأنه كان يلف

شعرها حوله ؟

مسحت دمعة جديدة سقطت من رموشها ورفعت حقيبتها لمستوى

وجهها وفتحتها تحاول النظر داخلها لتتمكن من إيجاد المقص

الصغير الذي تحتفظ به فيها وما أن وجدته رفعته خلف رأسها

وقصت به تلك الخصلة لتتحرر قبل أن يشهد عليها المزيد من

الطلبة ، التفتت للخلف وفكت شعرها من ذاك المسمار بحركة

عنيفة غاضبة ثم غادرت من هناك بخطوات غاضبة تشعر

بالأرض تشتعل تحتها حتى وصلت ممر المكاتب الطويل وعبرته

تفتش بنظراتها فيهم وحتى الأبواب المغلقة فتحتها ، وقفت عند

آخر مكتب في الممر وقبضت على خصلة الشعر في يدها لا

شعوريا وهي تنظر للجالس في الداخل وحده موليا الباب ظهره ،

تنفست بقوة وغضب ودخلت وما أن رفعت يدها وشعرها فيها

تصنمت مكانها وهي تنظر للهاتف في يده وللرقم الغير مسجل

لديه يتصل دون توقف قبل أن يرفع الهاتف لأذنه قائلا

" نعم من معي ؟ "

سكت قليلا ثم قال باستهجان

" من فجر ؟ "

رفعت حاجبها باستغراب وأنزلت يدها حين قال ببرود

" أجل يبدوا أني عرفتك ... ماذا تريدين ؟ "

ابتسمت بمكر ، جميل يبدوا لديه لائحة طويلة حتى أنه لا يذكر

أسمائهن ، أخرجت هاتفها بسرعة وخفة وسجلت الرقم قبل أن

تنساه فهي تحفظ أي رقم ما أن تراه لكنها لا تتذكره لفترة

طويلة ، نظرت لقفاه مجددا وبصدمة حين قال بضيق

" أنا لا أعرف واحدة اسمها مايرين تفهمين هذا ؟ "

ابتسمت بسخرية تراقب أصابعه التي مررها في شعره الأسود

الناعم ، رائع هذه واحدة أخرى وتبدوا أجنبية ! مستورد ممتاز

هذا الرجل الجنوبي .

ارتفع حاجباها بدهشة حين شد على نهاية شعره بأصابعه قائلا بحدة

" لا يعنيني سماع ما يحدث أو سيحدث معها ولتجد حلا لمشاكلها

بعيدا عني "

تراجعت خطوة للخلف حين فصل الخط ودس رأسه بين يديه

متكأ بمرفقيه على ركبتيه وابتسمت بسخرية ... هه يبدوا يحبها

أيضا ومتألم لما يحدث معها وإن كابر وأنكر ، وقعت بين يداي

يا ابن غيلوان .

خرجت من هناك تنظر لهاتفها مبتسمة بانتصار وما أن خرجت

لحديقة الجامعة اتخذت مكانا منعزلا واتصلت بذاك الرقم الذي

لم تجب صاحبته إلا بعد وقت حتى يئست أن تسمع صوتها ،

قالت من فورها وكأنها ما صدقت أن أجابت عليها

" مرحبا آسنة فجر "

وصلها صوتها المستغرب بعد برهة

" من أنتي ؟ "

تنحنحت قليلا وابتسمت بمكر قائلة

" أنا سكرتيرة السيد أويس عبد الجليل حجاج غيلوان وهو

من طلب مني الاتصال بك وكلفني أن أهتم بموضوع المدعوة

مايرين ... أعني كحلقة وصل بينكما "

ابتسمت بانتصار حين قالت من في الطرف الآخر وبسعادة

" حقا قال هذا ؟ كنت أعلم بأنه رجل نبيل وشهم ومختلف عن

عائلته ولن يرضى لها الذل والتشرد ، إنها فتاة مسكينة ولا يد

لها فيما حدث في الماضي "

انفتحت عيناها على اتساعها وقالت بحماس

" يمكنك شرح الأمر لي لنتناقش فيه ونرى الحل الذي يمكنني

مناقشته مع السيد أويس "

بدأت تلك بسرد القصة من بدايتها ومن دون طلب أو إلحاح

فكانت نظراتها تتسع بصدمة كلما تغلغلت في الحكاية أكثر تعض

شفتها بتوعد لانتقام يليق به وبما فعل بها ، تركتها تحدثت للنهاية

ثم قالت " آه ... امم ... أنا ... لا أعتقد أن الأمر هين ويسهل

إيجاد حل له .... أعني حقيقة الأمر أنا سمعت القصة ناقصة

منه وأردت المساعدة لذلك تحدثت معك لكني لم أكن أعلم بأنها

معقدة هكذا وفيها تهمة شرف ونسب مجهول لكني سأحاول

إقناعه مجددا "

قالت ما قالته لتضمن أنها لن تتصل به مستقبلا وتكشفها رغم

يقينها من أنه لن يكتشف أنها من اتصلت بها مهما فكر ولا أن

المعلومات وصلتها من خلالها .

وصلها صوتها قائلة بخيبة أمل

" أيمنكنك المساعدة حقا ؟ "

قالت من فورها

" سأحاول جهدي ... وداعا الآن عليا المغادرة "

أنهت الاتصال معها وضربت راحة يدها بطرف الهاتف وهمست

مبتسمة بمكر

" جهز نفسك للعقاب فلست وحدي التي ستكون علكة في أفواه

الطلبة هنا "



*


*


*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 06:24 PM   المشاركة رقم: 648
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,162
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 




رفعت حقيبة اليد الخاصة بالفستان وخرجت من ملحقها ساحبة

الباب خلفها متنهدة بابتسامة ... وأخيرا عشاء عمل ، لم تصدق

أذناها حين قال لها ذلك فهذه الأمسيات هي الجنة بالنسبة لها

فليست تهتم فيها بما يناقشونه من أعمال ومشاريع بل تستمتع

بالأكل الفخم في جو مميز وأحاديث مسلية وضحك حين يبتعدون
عن مجال عملهم قليلا ، زفرت بكآبة وهي تغلق الباب .. يا الهي

هل باتت مدعاة للشفقة لهذه الدرجة ؟ هي من كانت تعيش كإحدى

الأثرياء رغم محاصرة شقيقها لها وحرمانها من الخروج ما أن

تسقط الشمس خلف الأفق وكأنها خفاش ! حاولت مرارا أن

تقنع نفسها بالتحدث معه لكن كبرياءها منعها فهو رماها هنا

وعلى هذا الرجل وغادر ولا تستبعد أن يهينها ويجرح كرامتها

أيضا كما فعل عمه حين اتصلت به ، ثم تلك الحمقاء ابنته أخبرتها

أن سرهما سيكشف ... غبية وطفلة كان عليها أن لا تعتمد عليها

وأن لا تثق بها فما سيكون رد فعل مطر إن علم ؟ يا إلهي لا

يمكنها تخيل ذلك خاصة بعد الإمساك بذاك الرجل ، هي تعلم بأن

تلك الفتاة جبانة أغلب الأحيان لكنها موقنة أيضا من أنها تحفظ

الأسرار جيدا وتفي بالوعود كما أنها لا تكذب مطلقا وهنا تكمن

المشكلة أي إن وضعت بين خياري الصدق والكذب أمام والدها

فستختار الأول سريعا ودون تراجع لأنه لن يرضى بخيار ثالث

ولا إن كان الصمت .

انتبهت من أفكارها على انفتاح باب الشقة قربها وخروجه منها

ينظر لقفل الباب الذي يغلقه بالمفتاح فلوت شفتيها .. هذا الرجل

يشبه شقيقها لا يكبر في العمر أبدا ، أحيانا تشعر بأنه بجانبها

يكاد يكون في ذات سنها وليس يكبرها بستة عشر عاما تقريبا

وأن له ابن في السادسة والعشرون ومتزوج أيضا ! لا تتمنى أن

تلتقي ذاك الابن أبدا كي لا تكتشف بأنها تظهر أمامه وكأنها والدته .

ابتسمت ببرود ما أن نظر ناحيتها وكما توقعت جال بنظره على

فستانها أولا وكان بدون أكمام طويل لكنه مفتوح حتى الفخذ ،

أدارت حدقتيها الخضراء جانبا وتنهدت بضيق ما أن قال ما

تتوقعه جيدا

" كم مرة سأعيد ما قلته يا غيسانة ؟ "

مطت شفتيها وقالت ببرود ولازالت تدير حدقتيها بعيدا عنه

" أجل فأنت تخرج بي للعشاء كل ليلة "

" غيساااانة "

أشعلتها نبرته الحادة فورا فنظرت له وقالت بضيق

" ملابسي جميعها هكذا فمن أين سأحضر غيره الآن وبماذا ؟

ثم لا تنسى بأنك السيد كروس وبأني جيسي وبأننا انجليزيان حاليا

فهل تريد أن أرافقك بجلابيبكم السوداء السخيفة تلك كالغراب "

صرخ فيها فورا رافعا سبابته مهددا

" هذه آخر مرة تتحدثي فيها عن أمر يخص الإسلام أمامي أو قسما

أنا من سيجعلك تكرهينه وبشكل أبشع ، ثم أتعجبك حياتكن كالحيوانات

ترتعن في الشوارع عاريات وكل امرأة فيكن ملك لجميع الرجال "

فتحت فمها لتتحدث وعادت وأغلقته سريعا وقد شعرت بألم تلك

الصفعة عليه وكأنها الآن وتعلم بأن ذاك ما سيكون مصيرها إن

فعلتها وتحدثت عن زوجته تلك ، زمت شفتيها بحنق حين قال بضيق

" أنا من سيشتري لك ملابسك وسترمي جميع ما لديك "

فتحت فمها لتتحدث فقال بحزم قبلها

" ووحدي ... "

ثم نزل السلالم وتركها فضربت الأرض بقدمها بحنق وتحركت

خلفه ولا يحق لها أن تعترض طبعا لأنها من وقع على تلك

البنود البائسة ، وصلت السيارة وركبت بجانبه ضاربة الباب

خلفها وانطلقا فورا فأشاحت بوجهها جهة نافذتها تتأفف كل

حين وليست تتخيل أن تسوء هذه الليلة أكثر من هذا ، لكن المفاجأة

كانت في انتظارها ما أن وقفا بالسيارة وقد نظرت بصدمة للمطعم

ذو الواجهة الخشبية قبل أن تنظر له قائلة باشمئزاز

" هنا سيكون اجتماع عشائكم ؟ "

نظر لها وقال ببرود

" أجل ألا يعجبك المكان ؟ ليس من أشهر مطاعم لندن طبعا لكنه

مطعم فخم بالنسبة للبسطاء و .... المعدومين "

شد على الكلمة الأخيرة متعمدا فزمت شفتيها تحاول كبت ألم إهانته

وهمست ببرود

" أنت المعدوم فأنا شقيقي رئيس بلاد بأكملها "

كانت تعلم بأنه سيسخر منها فهو أكثر من يعرف بأنه رماها

عليه وسافر لكنها حقيقة لا يمكنها نكرانها ، فتح باب السيارة

وقال بسخرية وهو ينزل منها

" أخشى أن هذا اللقب لن يدوم طويلا إلا إن كنت تجهلين من

يكون مطر شاهين "

فتحت بابها وتمتمت بحقد وهي تنزل

" أجل أعرفه يشبهك في كل شيء ... أحمقان وتافهان "

ضربت باب السيارة وسارت خلفه قائلة بضيق

" انتظر لندخل معا أتريدنا أن نكون سخرية للجميع هنا أيضا "

وقف والتفت لها وفاجأها حين لم يعلق أو يسخر منها بل ورفع

لها مرفقه فرفعت حاجبيها تنظر له باستغراب ثم تحركت ناحيته

وحضنت ذراعه بيدها ودخلا معا فلا بأس في هذا فهي ترى جيدا

نظرات النساء له ثم لها وهي تدخل خلفه ، كان المطعم كما أخبرها

عنه فخما من الداخل عكس مظهره الخارجي وعلمت أنها ليلة

حظها فالأطعمة ستكون رائعة بالتأكيد ، لكن سعادتها تلك ماتت

سريعا ولم تكن تتوقع أن تلك الليلة تحمل لها مصائب أكبر حتى

وقع نظرها على الجالسان عند إحدى الطاولات وكانا

( آرمان وباربرا )

فشعرت بأطرافها تجمدت فلم تخفى عليها أبدا تلك النظرة التي

رمقتها بها الفتاة ، نظرت للممسكة بذراعه بتوجس وتمنت لحظتها

أن لا يكون قد لاحظ وجودهما وستجد فيما بعد حلا لتلك الحمقاء

العاشقة ، لكن أملها مات سريعا حين وجدته ينظر لطاولتهما تحديدا

ثم سار بها هناك فشعرت بأن نهايتها المحتمة قد حانت وعليها

أن تتصرف ولا تتركه يطيل البقاء معهما ، وصلا عندهما فوقفا

لهما فورا وقال الواقف بجانبها مبتسما

" نعتذر على التأخير "

فنظرت له بصدمة كادت تفقد أنفاسها معها قبل أن تحرك حدقتيها

بتوجس جهة التي كانت تبتسم لها بسخرية فنظرت له مجددا وهمست

بعدم استيعاب

" أهذا هو عشاء العمل ؟ "

نظر لها وقال بملامح جامدة

" أجل هو عمل داخلي فقد اتفقت وآرمان اليوم أن ننهي العمل وقت

العشاء ولأني متفرغ الليلة عرضت عليه الأمر وحين علمت أنه

على موعد مع باربرا اعتذرت لكنه أصر "

زمت شفتيها ونظرت هذه المرة لذاك الأشقر الوسيم والذي أهداها

فورا ابتسامة ماكرة فأمسكت معدتها وقالت مغادرة

" لا أشعر أنني بخير وسأنتظرك في السيارة فلا تتأخر "

وغادرت المطعم من فورها تلعن آرمان وتلك البلهاء ونفسها أيضا ،

ليست تعلم لما لا تنجح مخططاتها أبدا وأي لعنة هذه التي تتبعها

حيثما ذهبت ؟

فتحت باب السيارة وجلست في كرسيها وأغلقته خلفها بقوة

ونظرها لم تزحه عن باب المطعم تقضم ظفرها وتحرك قدمها بتوتر ،

سيعلم منهما بالتأكيد ولن يتوانيا عن إخباره هذا إن لم يكن يعلم

أساسا ، شهقت بصدمة ما أن لامست تلك الفكرة عقلها فهل يكون

يعلم فعلا ومنذ التقى آرمان في مكتبه ولعب بها هذه اللعبة ؟ لا

لا لكان أخبرها وصرخ بها كالعادة فور عودتهما وما كان جلبها

هنا أساسا ! أمسكت رأسها بيدها متمتمة بأسى

" رباه كن معي أرجوك "

انتفضت في مكانها ما أن اغلق الباب بجانبها ونظرت بتوجس للذي

خرج من المطعم وفتح الباب وجلس ولم تشعر به ! راقبت ملامحه

المسترخية باستغراب فلا يبدوا أنه علم منهما لكن ما الذي أخرجه

سريعا ! بلعت ريقها وشعرت بارتياح نسبي ما أن تحرك بالسيارة

قائلا ببرود

" كيف هي معدتك الآن ؟ "

نظرت له بصدمة وتحكمت بها سريعا قائلة

" أفضل بقليل "

ورمشت بعينيها حين تابع طريقه دون أن يعلق أو أن ينظر

ناحيتها وابتسمت براحة فيبدوا أنهما أجبن من أن يخبراه أو أنهما

ظنا بأنه قد يصدقها ويكذبهما هما إن اختلقت أي حكاية غير الحقيقة .

وصلا لموقف السيارات ونزلت تتبعه في صمت لا تريد شيئا سوى

أن تصل لغرفتها فلم تعد ترغب بشيء ولا بالطعام ، ولم تسأله

حتى لماذا ألغى عشائه معهما رغم يقينها بأن مرضها المزعوم

لن يكون السبب ولا يملك هذا الرجل أي مشاعر ناحيتها ولا

حتى الشفقة .

لم تشعر بالراحة التامة إلا حين أصبحت في غرفتها فرمت حقيبتها

على السرير وضحكت بمرح ثم ارتمت عليه بجانبها تنظر

للسقف لتموت تلك الضحكة ما أن سمعت صوت رنين رسالة

وصلت هاتفها وخمنت فورا ممن ستكون فلا أحد غيره يملك

رقمها بل لا أحد لها غيره الآن بعدما جردوها من كل شيء ،

جلست وفتحت الحقيبة بتوتر وأخرجته منها ونظرت لرسالته

وعيناها تكادان تخرجان من مكانهما

( مخصوم من راتبك النصف ولثلاثة أشهر )

شهقت بصدمة وصرخت بغضب

" وفيما سيكفيني النصف ؟ "

وقفت مسرعة وبغضب وما أن تحركت من مكانها حتى رن هاتفها

معلنا وصول رسالة أخرى فرفعته بعنف وفتحتها وكان فيها

( أي اعتراض سيخصم نصف النصف الباقي )

رمت الهاتف على السرير بقوة شاتمة بحنق وتوجهت للحمام

تشتم فيه بكل ما استطاعت قوله



*

*

*


ضمت ذراعيها أكثر تتكئ بذقنها عليهما احتضنت مسند الأريكة

الجانبي تركيزها وانتباهها بعيدان جدا عما يعرض على شاشة

التلفاز أمامها والذي كان حوارا تلفزيونيا يضم مجموعة ناشطات

حقوقيات والنقاش محتد حول التغييرات الجديدة في القوانين الخاصة

بالمرأة ومحور الحديث هو الظهور الأخير لمطر شاهين في

ساعات الصباح الأولى مزلزلا الصحافة الداخلية والعربية بما أدلى

به بخصوص تلك القوانين والدعم الجديد والقوي لجمعية الغسق

والضربة الموفقة كما سمينها لصالح المرأة في البلاد والتي

ستشكل رعبا حقيقيا للرجل فأن يقف القانون معها وبهذا الشكل

القوي فيما يخص العديد من القضايا وأهمها العنف الأسري

والزواج القسري وصولا لعمليات الاغتصاب بل وحتى محاولة

فعلها فمعناه لا استهانة أبدا بقوة حقوق المرأة في القضاء مستقبلا ،

وها هو مطر شاهين يتوج بلقب جديد لن يكون الأخير بالتأكيد وهو

( مناصر المرأة القوي )

تنهدت بأسى ووقفت مغادرة من هناك وتوجهت لممر مكتب

والدتها فهي لم تخرج منه اليوم تقريبا ولم تتحدث مع أحد

منهم وانغمست في ذاك المكان بين اتصالات وأوراق وملفات ،

وحتى ابنة خالتها جليلة زارتها هنا مع امرأة أخرى ودخلتا لها

للمكتب فور وصولهما ولم تغادرا إلا بعد ساعات وليست تفهم

ما هذا الذي يعملون عليه هنا ولما لم تذهب للجمعية ولمكتبها هناك

بل نقلت العمل بأكمله هنا !! حتى وقت العشاء خرجت وجلست

معهم تأكل في صمت ولم يستطع أحد شدها لأي موضوع مما

تحدثوا فيه .

وقفت أمام باب المكتب وأغمضت عينيها متنهدة بحزن فإن كانت

هي لم تستطع تخطي الصدمة حتى الآن ولا أن ترسم ابتسامة

وإن مجاملة بعد ما حدث فكيف بها هي وإن كابرت وتجلدت بالصبر

بل وحتى إن كانت تعلم بذلك مسبقا فأن يشهر ذلك وعلى العلن

ومع مكانتهما في البلاد ووضعه الحساس تكون كارثة على

جميع الأصعدة وأولهم مشاعرها كأنثى .

شدت قبضتيها بقوة تنظر للأرض تحتها تشعر بقلبها يتفتت ألما

عليها فليس لها أن تتخيل أن تكون زوجة لرجل تحبه وبشغف

ثم تكتشف بأنه ثمة امرأة أخرى في حياته ... خيانة ! وجرح ..

وألم ، وبدلا من أن يبرر موقفه ويبرئ نفسه وإن كاذبا يعترف

وبكل بساطة وأمام الجميع !! مسحت دمعة عانقت رموشها

ورفعت قبضتها للباب وطرقته بخفوت فوصلها فورا صوتها

من الداخل

" لا يمكننا التحدث الآن يا تيما "

فضمت قبضتها لصدرها ونزلت دموعها تباعا ، كانت تعلم

بأنها سترفض الحديث عن الأمر لكن .... هو حقا لم يكن لديه

حبيبة هناك ، هي متأكدة من ذلك ..... لكنه اعترف بنفسه ! قد

يكون لأن الأمر حدث في الماضي لكن جرحها مايزال نازفا كما

فهمت منها تلك الليلة والأسوأ من ذلك أن يكون الأمر لازال

موجودا وتلك المرأة لم تختفي من حياته بعد والأعظم أن تكون

والدتها تعلم بذلك ، أغلقت فمها بيدها تمسك عبراتها وليست

تفهم إن كان يحبها فلما سيخونها مع أخرى ؟

غادرت من هناك راكضة وصعدت السلالم وتوجهت لغرفتها

ولسريرها فورا ... للشيء الوحيد الذي لن يرفض احتضان

دموعها وألمها بل ولن يطردها أو يأمرها بالصمت .

بكت كثيرا ونيابة عن الجميع بل هي منذ أصبحت هنا لم تتوقف

عن البكاء ... تنام كل ليلة تحلم بعائلة متماسكة وبوالدين سعيدين

يكونا كليهما آخر من تراه ليلا وأول من تبدأ نهارها به وليسا

غريبان هكذا متباعدان ومجروحان ... تعلم أن والدها يتألم أيضا

وإن كان يخفي ذلك خلف الصمت والكبرياء لكنها وحدها من كان

يستطيع قراءة نظرته تلك حين قال ما قاله وأمام الملأ وخروجه

السريع بعدها .

غادرت السرير تمسح دموعها ودخلت حمام الغرفة واستحمت

مطولا رغم أن آخر ما كانت قد تفكر فيه هو الاستحمام والنوم

في المياه الدافئة مغمضة العينين تحاول نسيان كل شيء وأن

لا تفكر في كل ما حدث ، كم تحتاج لجدها دجى الآن ... تشعر

بأنها حزينة وضائعة ووحيدة .. كان هو داعمها القوي دائما ..

كان يفهمها ويشعر بها دون أن تتحدث .. يمسح دموعها قبل أن

تنزل ويشعرها بأنه ثمة حلول لجميع مشاكلها مهما ازدادت تعقيدا .

خرجت من المياه الدافئة ولفت جسدها بمنشفة الحمام وخرجت

للغرفة لبست ملابس النوم وجففت شعرها سريعا واندست في

أغطية سريرها بعدما أطفأت جميع أضواء الغرفة لتسبح في ظلام

دامس ساكن جعل دمعتها تنزلق مجددا ، رفعت يدها ومسحتها

سريعا حين انفتح باب الغرفة ببطء وتسلل النور منه طويلا

مستقيما فأغمضت جفنيها مسدلة رموشها المبللة بالدموع

على تلك الأحداق الزرقاء الواسعة تشعر بضربات قلبها تئن

مع تلك الخطوات التي تقترب منها بهدوء حتى شعرت بتلك

الأصابع الباردة تمسح الدموع من رموشها ثم تلك الشفاه الناعمة

تقبل جبينها ببطء فانزلقت دموعها رغما عنها وهي تسمع

همسها الخافت

" سامحيني بنيتي "

قبضت أصابعها على قماش اللحاف الناعم وهي تشعر بيدها

تبتعد عن شعرها برفق ثم تلك الخطوات تغادر كما دخلت ففتحت

عينيها الدامعة تراقب ذاك النور الذي بدأ ينحصر في مجال ضيق

حتى اختفى نهائيا حين أغلقت الباب خلفها فحضنت الوسادة

ودست وجهها فيها تبكي بصمت ، كم تمنت أن فتحت عينيها

وجلست لتعلم بأنها مستيقظة وأن تحدثتا معا وتشاركتا الهموم لكن

ذلك مستحيل ... أجل هي تعلم بأنه مستحيل فكل واحدة منهما ترفض

إخراج ما في قلبها كي لا تجرح الأخرى وتصدمها وفهمت الآن

لما كانت ترفض أن تشرح لها سبب رفضها العودة لوالدها .

جلست مفزوعة بسبب صوت الرسالة التي وصلت لهاتفها

ووضعت يدها على قلبها فهذا الصوت بات يفزعها في أي وقت

وبسبب أو بدونه ، رفعته بتوجس وعضت طرف شفتها ما أن

فتحتها وقرأت ما فيها

( لازلت مستيقظة ؟ )

ترددت كثيرا قبل أن ترسل له

( أجل )

ولم تستطع كتم شهقتها حين ظهر رقمه على الشاشة فمررت

أصابع يدها الأخرى في غرتها للخلف لتتحرر متناثرة مجددا

على جبينها وأطراف وجهها ، أغمضت عينيها وتنفست بقوة

لتهدئ من ضربات قلبها المتلاحقة وكأنها خيل تعدوا مع الريح

ثم فتحت الخط ووضعته على أذنها فوصلها صوته الرجولي

العميق فورا

" ثمة خبر قد يعجبك "

زمت شفتيها وغضنت جبينها مقربة حاجبيها الرقيقان وقالت

ببحة وأسى

" إن كان بخصوص ذاك الرجل فلا تقله رجاء "

وصلها صوته المستغرب مباشرة

" ما به صوتك هكذا ! هل أنتي مريضة ؟ "

مررت أصابعها على نحرها نزولا لصدرها وهمست بإحراج

" لا ... أنا بخير "

ساد الصمت من طرفه للحظات قبل أن يقول

" أكنت تبكي يا تيما ؟ "

عضت شفتها ولم تستطع قول شيء لا الكذب ولا الاعتراف

بالحقيقة فوصلها صوته جادا هذه المرة

" لن يغير بكائك شيئا في واقعك ، أنتي تضرين نفسك فقط بهذا "

لم تستطع السيطرة على دموعها التي انسابت على وجنتيها ببطء

وقالت ببحة بكاء

" لماذا قال ذلك ؟ هو يحبها أقسم لك فلما فعل ما فعله ؟ كيف

يخون الرجل امرأة يحبها ؟ اشرحها لي ! "

وصلها صوته فورا

" لا أحد يملك جواب هذا السؤال غيره يا تيما ولا يمكننا الحكم

لا على أسبابه ولا أسباب والدتك فماضيهما وحدهما من يعرفانه "

غطت عينيها الباكية بكفها ولم تعلق فوصلها صوته قائلا

" هيا توقفي عن البكاء لتسمعي ما سأخبرك به "

رفعت رأسها وقالت بضيق من بين شهقاتها

" لا أريد أن أعرف عنه شيئا "

ضحك ضحكته قصيرة منخفضة وقال

" ضننت أننا اتفقنا أن لا نتحدث عن الأمر ؟ "

وتابع من فوره

" تيما لما لا تنظري للأمر من ناحيته الإيجابية بدلا من

البكاء هكذا ؟ "

حركت يدها قائلة بضيق

" أي ناحية إيجابية في انفصال والديك واتساع الفجوة بينهما ؟

أنت لن تشعر بما أشعر به أبدا "

أغلقت فمها بيدها مصدومة حين استفاقت لنفسها ولما قالت

فهمست بإحراج

" آسفة ... أنا حقا آسفة لا أعلم كيف قلت ذلك أ ..."

قاطعها بهدوء

" لا بأس لم أغضب منك فأنا لست أفكر في وضعي مثلك لأني

أنظر للأسوأ مني دائما "

أخفضت كتفيها قائلة بأسى


" آه قاسم بربك ما الأسوأ من فقدانك لوالديك ، لست أتخيل إن

فقدتهما أين سأجد الأسوأ مني ؟ "

قال مباشرة

" بلى إنه أقرب لك مما تتصورين "

همست بصوت مصدوم

" أقرب لي مما أتصور ! "

" أجل ... الكاسر "

قالها دفعة واحدة كصفعة قاسية ومباشرة فأمسكت قلبها وقالت

بضياع
" الكاسر شقيقي ؟ "

قال بجدية

" أجل فلما لا تنظري لوضعه أمامك ؟ هو فقد والديه من قبل

أن يراهما والآن إن تحقق ما تحلمين أنتي به فسيفقد من أخذت

مكانهما في حياته "

شعرت بقلبها انقبض بقوة وتقاطرت دموعها مجددا وقد همست بعبرة

" لا والدتي لن تتخلى عنه أبدا "

" بلى ذاك ما سيحدث فهل برأيك سيرضى بأن يعيش معها في

منزل والدك ؟ وماذا عن رماح ووضعه وماذا عن عمتهم ؟

منزل والدتك هو الذي يجمع أبناء شراع مهما تفرقوا يا تيما ؟ "

حركت رأسها برفض تغرس أسنانها في شفتها السفلى بقوة

تنظر للأعلى والدموع تتقاطر من جفنيها الواسعين تحاول كبت

عبراتها التي فقدت سيطرتها عليها سريعا وبدأت بالبكاء وقد

ارتمت على السرير وانزلق الهاتف من يدها وبعيدا عنها ،

هي لم تفكر هكذا ! لم تفكر فيهم أبدا وخصوصا شقيقها الكاسر

فهو بالفعل يرى فيها أبويه اللذان فقدهما رضيعا بل هي تعني

له أكثر من ذلك بكثر فحديثه عنها لا يتوقف أبدا ، ذكريات

طفولته جميعها مرتبطة بها كما أحلام مستقبله ، ورغم يقينه

من أن مطر شاهين الشخص الوحيد الذي قد يجعله يفقدها كان

متحمسا لرؤيته ويتحدث بفخر عن كل ما يفعله بل ويواسيها

ويمسح دموعها كلما تحدثت معه عنهما ويؤكد لها دائما بأن

والدتها سترجع له وبأنهم سيكونون عائلة مجددا ، كان في كل

مرة يواسي جرحها برش الملح على جرحه .. تبث له وجعها

متناسية أوجاعه الأقسى من أوجاعها .

قبضت على اللحاف تجمع ذراعيها فوق رأسها تدفن عبراتها

فيه ولم تعد تعلم أفصل الخط أم تحطم هاتفها على الأرض التي

انزلق من السرير إليها فلم تسمع رنينيه بعدها حتى نامت وهي

على حالتها تلك دموعها تسقي تلك الأغطية البيضاء .



*

*

*


جلست أمامها وقالت بضيق تمسح دموعها بالمنديل الذي تلطخ

بسواد كحل عينيها مرارا وتكرارا

" آستريا توقفي عن البكاء ، أنتي ستؤكدين ما قيل إن رآك

الجميع هكذا في الحفل "

أبعدت يدها عنها وقالت ببكاء

" لا أريد أن أتزوج .. لما يكون الأمر بالإكراه ؟ كيف نسيتم أن

والدي وعدني ومنذ صغري أن أختار أنا من أتزوجه ومتى

سأتزوج ولم يجبرني في حياته أبدا ولم يسألني حتى لما "


تنهدت الجالسة أمامها بقوة وقالت

" لأنه ليس في صالحك آستريا فلم تنسي بالتأكيد ما قاله ساجي

وهو سينفذ قسمه ويعاقبك بالصلب في ساحة البلدة حتى تموتي

جوعا فأنتي تعرفيه جيدا يفعلها دون تراجع "

ضربت بقبضتها على صدرها وقالت بنحيب

" راضية وقلتها له مرارا فليقتلني بالطريقة التي يشاء لكن لا

يزوجني به ، ثم أنا مسلمة ولا أتزوج من غير المسلم "

أغلقت لها فمها بيدها وقالت بحدة

" أصمتي يا غبية أتريدين أن يسمعك أحد ؟ لن تنجي من هذا

الزواج بهذه الطريقة ولا تعتقدي بأنه حلك للأمر "

دفنت وجهها في كفيها تبكي بألم وحسرة فشعرت بيدي شقيقتها

الوحيدة على كتفيها ووصلها صوتها الحزين قائلة

" ارحمي نفسك آستريا أرجوك فهو لا يستحق كل هذا وقد تزوج

ولم يفكر بك "

رفعت رأسها ونظرت لها وقالت ببكاء

" لا لن يفعلها .. اقسم لن يفعلها وهو سبق ووعدني "

قالت الجالسة أمامها بضيق

" ساجي خرج للعاصمة أي أنه علم بذلك وهي الحقيقة آستي

عليك تصديقها "

صرخت من فورها

" كاذب ... هو أخبرني بأنه سيعيش على أمل لقائنا حتى يموت ...

رعد لا يكذب أبدا بينما ساجي بلى "

أغلقت لها فمها مجددا قائلة بحدة

" اقسم أنك تحفرين قبرك بيديك يا حمقاء وإن سمعك أحد وعلم

دونسوا بما تقوليه فستعيشين حياة مأساوية معه "

أبعدت يدها عنها وقالت ببكاء

" لن أعيش معه ولا أريده لما لا يفهمون هذا ؟ "

وتابعت بعبرات تفتت الحجر وقد أمسكت بيديها برجاء

" أشعروا بي لما لا يرحمني أحد ؟ أنا أتعذب شقيقتي واقسم

بأني سأموت إن عشت مع رجل غيره ، لا حياة لي مع سواه

لما لا تفهمون هذا ؟"

ضمتها لحضنها فورا تنسكب دموعها مع عبراتها ولا حل في

يديها تقدمه لها ولا تريد أن يؤذيها شقيقها فهي تعرفه جيدا

فما أن علم بما يشاع عنها جن جنونه وكاد أن يقتلها لولا سنمار

منعه من ذلك ونقلها لمنزله منذ ذاك اليوم خوفا عليها من غضب

ساجي الذي كان يتوعدها طوال الوقت فقرر سنمار تزويجها

لينقذها من الموت على يدي ذاك المتهور فهو يعلم بأنه سيفعلها

ودون تردد ، ولم يخبروها بالأمر إلا اليوم وها هي منذ الصباح

على هذه الحالة ، كم تمنت سابقا رؤيتها هكذا عروس وبثوب

زفاف قبائل ثنان كما تمنت والدتهما ذلك قبلهما لكنها كانت

ترفض وتتهرب وكان والدها يساندها في ذلك كلما رفضت خاطبا

تقدم لها ووقف في وجه أبنائه الثلاثة مانعا إياهم من إجبارها

لكن والدهم اختفى الآن ولا أحد يمكنه ردعهم عنها .

مسحت على شعرها البني الطويل قائلة بحزن

" كان عليك أن لا تقطعي عهدا آستي فالنساء لا يمكنهن الوفاء

بالعهد كالرجال "

وحين لم تعلق على ما قالت وقفت مبتعدة عنها وغادرت المكان

الذي يخصصونه لتزيين العروس وتركتها مع دموعها وبكائها

تقبض يداها بقوة على قماش ذاك الفستان تنظر له على جسدها

وكأنه كفن موتها تتقاطر دموعها عليه تسقيه ألما وحسرة وقد

تدلت خصلات شعرها الطويل المموج تنزلق على بشرة ذراعيها

الثلجية وتداعب أزهاره الجميلة ترسم معهم لوحة فنية شديدة

الجمال لا يشوهها سوى تلك الدموع المتناثرة كحبات ألماس

تلمع في النور الخفيف تحكي مأساة حب ونهاية عشق وبداية

ألم قد لا ينتهي أبدا .

لم تندم يوما على اعتناقها الإسلام إلا الآن فقد تمنت لحظتها أنها

على ديانة ثنان لكانت قتلت نفسها دون تردد .. لاختارت الموت

على أن تكون لرجل غيره ، أمسكت فمها بيدها وازداد بكائها

وعبراتها وهي تتذكر كلماته ووعوده تلك وكأنها اليوم لم

تنساها لحظة

( لن تأخذ امرأة غيرك مكانك في قلبي آستريا فإما أن نكون

معا أو أعيش وحيدا ما حييت )

) إن تزوجت يوما مرغمة من غيري فلا تحاولي إخباري آستريا

لأني لن أكون لامرأة أخرى في جميع الأحوال)

( إذا آستريا لرعد يوما ما (

وقفت على طولها ونظرت حولها تمسح دموعها بعنف ،

عليها أن توقف هذا الزواج وبأي طريقة كانت ، هي تفضل

الموت على النوم في حضن رجل غيره وستفعل أي شيء

وإن قتلت نفسها ، توجهت لباب الخيمة وفتحته ثم سرعان

ما عادت وأغلقته مجددا وهي ترى الموجودات هناك ولن

يفارقن الباب حتى وقت خروجها بالتأكيد فتلك عاداتهم ، نظرت

حولها ورفعت السكين الذي كان قرب صينية الفاكهة التي

أحضرتها لها شقيقتها ورفعته أمام وجهها فها هو خلاصها

بين يديها ، ركضت للجهة الخلفية للخيمة وشقتها بالطول

بصعوبة بسبب سماكة القماش الذي يستخدم في صنعها ، أبعدت

طرفي الشق بيديها قليلا ونظرت للمكان فكان خال تماما رغم

أضواء الزينة فيه ، أغلقت الشق ونظرت خلفها ثم فتحته على

اتساعه وخرجت منه بصعوبة وغادرت الخيمة وركضت مسرعة

ترفع فستانها الطويل بيديها وكل ما تفعله هو الركض .. الركض

ودون توقف أو التفات رغم يقينها من أن الفرار من هناك مستحيل

لكن لا حل غيره أمامها فإما أن تنفذ بجلدها من ذاك الزواج أو

تقتل وتختفي من الوجود للأبد لذلك لم يكن أمامها سوى أن تركض

وتركض فقط مبتعدة عن كل ما تركته خلفها من ضجيج وموسيقى

غافلة عن العينين التي كانت تراقبها بصمت وتلك الابتسامة

الساخرة ممن أخلت لها المكان عمدا قبل أن تهمس بمكر

" رائع .. فعلتها كما توقعت آستي وستري ما سيكون حجم

خسارتك الآن "

وغادرت من هناك ضاحكة


*


*


*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 06:27 PM   المشاركة رقم: 649
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,162
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 



اتكأت بجبينها على راحة يدها لينسدل ذاك الشعر البني

متدرجا على أصابعها ورسغها تنظر للأوراق تحتها تمسك قلما

باليد الأخرى ولم يعد يمكنها رؤية ولا استيعاب أي شيء مما

يقوله الواقف هناك يتحدث دون توقف ، تشعر برأسها سينفجر

من شدة الألم في صدغيه وبعينيها تؤلمانها بشدة بل وجسدها

بأكمله يوشك على الإنهيار فقرص المهدئ الذي أعطتها إياه

ساندرين البارحة لم يجعلها تنام سوى لساعة ونصف وامتدت

بعدها ليلتها طويلة كئيبة بائسة لم تستطع إبعاده عن أفكارها ولا

إيقاف دموعها حتى تسرب ضوء الفجر من نافذة غرفتها ، وبعد

إصرار قاتل من ساندرين وافقت أن تذهب للجامعة فكل ما كانت

تردده حانقة

( هل تريدي أن يعلم بأنك لم تذهبي لأنك مريضة

بسبب حبه وخذلانه لك ؟ )


ولأنها وجدت بأنه معها حق ركبت سيارتها وغادرت المنزل بل

ولندن بأكملها باتجاه كامبريدج وها هي تدفع الثمن الآن فيكاد

يغشى عليها في مكانها .

" ماري !! "

رفعت رأسها ونظرت للواقف أسفل المدرج .. صاحب الشعر

الأشقر الخفيف والجسد الطويل النحيل يمسك ورقة في يده والذي

قال ما أن نظرت له

" هل أنتي متعبة ؟ "

نظرت ليديها ما أن التفتت الرؤوس لها وهمست ببحة تعدل أوراقها

" قليلا "

" يمكنك المغادرة "

رفعت نظراتها المستغربة به ولم يكن ذاك حالها لوحدها بل جميع

من يجلسون معها هناك فهو لم يفعلها سابقا وكان صارما جدا

فيما يخص حضور محاضراته ويبدوا أن البحث الذي قدمته

الأسبوع الماضي شفع لها عنده فقد أمضى قرابة العشر دقائق

يمدحه ويثني عليه ، أو أن حالتها المزرية من وجهها الشاحب

وصولا لعيناها المجهدتان من البكاء والسهر وجفناها المحمران

حتى الآن جعلاه يشفق عليها في أول بادرة في تاريخه ...

أي أنها ستكون أبشع حالة مرت عليه !

وقفت وجمعت مذكراتها وأوراقها في صمت وغادرت فلن ترفض

هذه الشفقة أبدا لأنها باتت مدعاة لها بالفعل وهي حقا لا يمكنها

أن تتحمل الجلوس لساعة أخرى وليست تعلم أين ستكون

أفضل مثلا ؟

ليس ثمة مكان سيشعرها بالراحة ولا منزل عم والدتها

أو سريرها فالألم يفتك بقلبها ويحرق مشاعرها أينما كانت ،

قد تعتاد هذا بعد أيام أو أشهر أو حتى أعواما طويلة لكنها

ستعتاد الفكرة نهاية الأمر وتتعايش مع عالمها الخالي منه

بالتأكيد .. ستعتاد العيش دون أن تحلم به أو تنتظره كما تعايشت

سابقا مع مارية المشوهة في نظر الجميع .

مسحت دمعة تسللت من رموشها وتابعت سيرها في أروقة مبنى

الجامعة تحضن مذكراتها بقوة نظرها على خطواتها تحتها فلن

تبكي مجددا ولن تبكي أكثر من ذلك بل لن تبكيه أبدا .

" ماااريه "

نظرت حيث الصوت الرجولي الذي ناداها من بعيد جهة

صناديق الاقتراع الخاصة بالإنتخابات الطلابية فأشارت له بيدها

متابعة سيرها فلا يمكنها التحدث مع أحد الآن وخصوصا كين

فسيسألها عن سبب حالتها المزرية تلك ولن تستطيع التهرب منه

كالمرة الماضية ، غادرت من بوابة الجامعة تشعر بضجيج الطلبة


حولها وكأنه زلزال يضرب رأسها ولم تعد تحتمل سماع أي صوت

ولم تشعر ببعض الراحة حتى أصبحت في مواقف السيارات أو

هكذا خيل لها فالمفاجأة كانت في انتظارها هناك وعلمت حينها

بأن نهارها الطويل القاسي لم ينتهي بعد ما أن وقعت عيناها

على الواقف بعيدا يتكئ بظهره على سيارته الجاغوار البيضاء

مكتفا ذراعيه لصدره ينظر لها بصمت وتركيز نظرة جعلت قلبها

ينفعل بطريقة جنونية ، تبا له فما كان يجب أن يحدث حينها

هو أن يتفجر الألم القوي في أعماقها ما أن تقع عينيها عليه لا

أن ينفعل بحمق كالسابق .

كان بملابس سوداء تماما كلون سترتها القصيرة وبنطلونها

المصنوع من القماش الفاخر وكأنهما اتفقا على خوض معركة

موحدة هذه المرة وفي كل شيء .

أبعدت نظرها عنه وتحركت من هناك بخطوات سريعة جهة سيارتها

يتلاعب الهواء بسبب حركتها تلك بخصلات شعرها البني حول وجهها

وبغرتها الناعمة التي لم تهتم ولا بإبعادها عن مجال الرؤية أمامها

فليست تريد سوى الابتعاد عن هنا ولأي مكان وإن كان للماضي

المظلم الخالي منه ، لكن ذلك أيضا لم يكن لها السلطة المطلقة

لفعله فقد أوقفتها بسهولة أصابعه التي التفت حول ذراعها بقوة

وقد أدارها ناحيته فورا وجمدت نظراته على وجهها وعيناها ما

أن نظر لها عن قرب وقد اكتحل جفناهما باحمرار رسم عليهما

الألم وخيبة الأمل فبدأت أصابعه تشتد على ذراعها تدريجينا

ولازال محدقا بهما فأشاحت بوجهها عنه تكره أن يشهد على

تحطمها بسببه وعلى مخلفات تمزيقه لمشاعرها ، وكم تمنت

لحظتها أن عاندت ساندرين ولم تأتي هنا أبدا .

حاولت سحب ذراعها منه لتتابع طريقها لكن قوة سحبه لها كانت

أضعاف قوتها وهو يبتعد بها جانبا تسير خلفه مجبرة لإحكام

قبضته على ذراعها حتى ابتعد بها عن حركة الموجودين هناك

وإن قلت إلى أن وصلا لأحد الأرصفة خلف صفين متراصين

من السيارات وأدارها جهته وقال بلهجة فضة قاسية ينظر لعينيها

" ما هذا الذي تفعلينه بنفسك مارياا ؟ "

سحبت ذراعها منه بقوة وبحركة عنيفة حتى أفلتها وقالت بسخرية

تنظر له من بين خصلات غرتها التي عبثت بها الريح أمام عينيها

" ما الذي أفعله أنا بنفسي ؟! "

لوح بيده قائلا بحدة

" بلى أنتي فلا مبررات لما فعلته أبدا سوى بأنه حمق وقلة تفكير "

كان رد فعلها ابتسامة ساخرة أخرى اعتصرتها من أعماق قلبها

راجية أن تخفي الموت البطيئ الذي كانت تشعر به في أعماقها

وقالت محدقة بعينيه الغاضبة

" لن أصدق أنك قد تبحث لي عن مبررات كي لا تجدها ! ثم هلا

أخبرتني ما جاء بك إلى هنا ؟ ولا تقل من أجلي فلن أصدق بأنك
ستنتظر واقفا هناك لساعة حتى وقت مغادرتي "

ولم تستطع أن تخفي تكسر صوتها وهي تتابع متشدقة

" أم أن حبيبتك الانجليزية تدرس هنا ؟ "

قست عيناه السوداوان لتصبحا حجرين غاضبين فشعرت بأن

موقفها تحول للأسوأ لكنها لن تبالي ولن تصمت ككل مرة ما أن

يصرخ بها ويأمرها وكأنها ما تزال تلك الطفلة أمامه ، أمسك

بذراعيها بقوة وقال بغضب

" المرأة الذكية قد تجد حلا مع مراوغتها وحركاتها السخيفة

لكن ما الحل مع الحمقاوات منهن ماريا تكلمي ؟ "

أبعدت يديه عنها وقالت بغضب مماثل

" سأكون حمقاء فعلا إن قلت غير ذلك واجزم بأنك كسرت قلبي

وسخرت من مشاعري بالأمس ثم ذهبت لها "

ضربته بسبابتها على عضلة صدره صارخة بمرارة تنظر

لعينيه بانكسار

" أقسم لي الآن بأنك لم تكن معها البارحة ما أن تركتني أنا خلفك "

شعرت بتلك الكلمات خرجت كالأشواك من أوردتها وتنفست بقوة

علا معها صدرها وهبط عدة مرات وقد بدأت الدموع تسقي حواف

تلك الرموش الكثيفة ما أن طال صمته وتحديقه بعينيها تشعر بنار

الغيرة تشتعل بداخلها كالسعير فهمست بمرارة لم يعد يمكنها اخفائها

كما الدموع التي ترقرقت حارة في عينيها

" أتعلم ما المشكلة بي يا تيم ؟ "

وتابعت بسخرية امتزجت بالكثير من الألم تشير بسبابتها لنفسها

ولازالت تنظر لعينيه

" أني أستسلم دائما لأحلام تدفعني للإيمان بأنها واقعية "

تحولت نظرته للغموض فجأة ولم يعد يمكنها قراءة أفكاره

وساورها ارتباك مخيف فتحركت مجتازة له لا تريد سوى الابتعاد

عنه فلن تسمح له بأن يسيطر على مشاعرها أبدا ، لكن ذلك

لم يتحقق أيضا وقد أمسك بذراعها مجددا وسحبها جهة السياج

الحديدي وأوقفها عليه وأمسك وجهها بيديه ورفعه له ناظرا

لمقلتيها الذهبيتان السابحتان وسط بركة الدموع الرافضة أن

تفارق رموشها وقال بحزم

" هي لا تعنيني في شيء ماريا "

ابتلعت غصة مرارة أنهكت دواخلها وهذا ما كانت تتوقعه تماما

سيتحاول التلاعب بوتر مشاعرها ناحيته ، أغمضت عينيها ببطء

وقد قالت بخفوت

" اختر بيننا إذا "

أبعد يديه عن وجهها وقال بضيق

" ماريا سبق وقلت بأنها مجرد جسر للوصول لوالدها فلا تجعليني

أندم على إخبارك بذلك "

نظرت له بجمود وقد ارتفعت أنفاسها تدريجيا تكابد دموعها

وهمست بإصرار

" اختر بيني وبين مهمتك إذا "

أشاح بوجهه جانبا وخلل أصابعه في شعره يتنفس بقوة وعيناها

الدامعة معلقتان به فعليه أن يختار وإن كانت حقا مجرد مهمة

كما يقول فهي لن ترضى بأخرى تشاركها فيه وتحت أي مسمى

كان فليس ثمة أنثى تعشق بصدق ترضى بأن تناصفها إحداهن

من تحب فإما أن يكون لها لوحدها أو لا شيء مطلقا ، فستفضل

الموت بعيدا عنه على أن تقف وتصفق له وهي ترى غيرها في

حضنه وتأخذ مكانها في كل شيء فالحب لا يقبل القسمة أبدا ..

أناني .. متملك .. يريد كل شيء له أو لن يتنفس أبدا ولن يدوم .

انزلقت أول دمعة من رموشها لتحتضنها وجنتها المحتقنة بالدماء

تراقب نصف وجهه المقابل لها لازال يشد شعره بأصابعه للأعلى

وصمته لا يزيد وجعها إلا حدة ويعطب جرحها المفتوح لينزف

دون توقف وقد بدأت تفقد أملها الكسير شيئا فشيئا وهي تراه

يخرج أصابعه من شعره تاركا له حرية التنفس مع الريح وقد

حول نظره للأسفل وهو ينزل يده لجيب بنطلونه الخلفي وأخرج

منه هاتفها ، وضعه في يدها التي أمسكها وقال ببرود ناظرا له فيها

" سلمتك عنقي بالأمس إن أردت الانتقام مني "

وما أن أنهى جملته تلك تركها وغادر تتبعه دموعها التي انسابت

تباعا وهي تراقبه يتوجه لسيارته وقد ركبها وغادر فورا دون

حتى أن ينظر ناحيتها فنزلت للأرض تحضن مذكراتها تبكي

بمرارة تدفن وجهها ودموعها فيهم .


*

*

*


فتح الباب ودخل ملقيا التحية على الجالس خلف الطاولة والذي

وقف له فور دخوله فأغلقه وتوجه نحوه وقد خرج له من خلف

طاولته تلك وصافحه قائلا

" أعتذر على تركك تنتظر سيدي فالأمر كان خارجا عن إرادتي "

جلس على الكرسي قائلا

" لا بأس فأنا لم أنتظر طويلا "

جلس ذاك مكانه السابق وقال

" بما يمكنني خدمة النيابة العامة ؟ أنا تحت أمركم "

نظر للأسفل وتنهد بعمق ، هو لم يستخدم صلاحياته في السابق

من أجل أي أمر لم تصدره المحكمة أو مكتب المدعي العام لكن عليه

أن يعلم الحقيقة وإن جزء منها فقط قبل أن يفقد عقله تماما بسبب

التفكير في حل لغز لا يملك منه شيئا فهو لم يعد ينعم ولا بالنوم

والراحة وهذا هو سبيله الوحيد فهو لن يضر أحدا بهذا فقط بعض

المعلومات وانتهى كل شيء .

دس يده في جيب سترته وأخرج له صورتها ومدها له قائلا

" أريد معرفة كل ما يخص هذه الفتاة ، هي حالة كانت لديكم هنا "

أخذها منه ونظر لها لبرهة عاقدا حاجبيه وكأنه يحاول تذكرها

فهي كانت أصغر سنا حين دخلت هذا المصح لكنها قضت وقتا

لابأس به عندهم ولن يصعب عليه التعرف عليها بالتأكيد ، نظر

لها مطولا ثم مدها له قائلا

" اعذرني قد لا أستطيع إفادتك في هذا "

أخذ الصورة منه وقال

" ولما الرفض ؟ هي مجرد حالة سأطلع على ملفها وبسرية تامة "

حرك رأسه برفض قائلا

" اعذرني سيدي لا يمكنني خدمتك بشيء صدقني "

شد أصابعه على الصورة بقوة وقال

" اعتبره أمر من مكتب المدعي العام "

بسط كفيه قائلا من فوره

" لست أرى أي أوراق لديك "

تنفس بقوة وقال مخاطرا حتى بنزاهة عمله هذه المرة

" سأكتب لك ورقة إن كان هذا ما يرضيك "

جمع كفيه مشبكا أصابعه وقال بأسف

" حتى مركزي هنا لا يخولني بذلك فالنزيلة آنجي جاكس

لا معلومات مدونة في ملفها قد تفيد أي أحد في أي شيء ،

ولست أعلم لما إن كان هذا سؤالك التالي "

وقف حينها على طوله ولم يعلق وهذا ما توقعه فهي دخلت

هذا المكان بشخصية مزورة لذلك جلب الصورة معه ، إذا تخمينه

صحيح ولها يد في تلك الجريمة وإن قانونيا فقط ، وقف الجالس

خلف الطاولة وقال

" يمكنني أن أدلك على عنوان الطبيب الذي كان مشرفا على

حالتها فهو من قد يملك ما تبحث عنه فوحده من كان يحتك بها

بشكل مباشر ومن كان شفائها التام على يديه "

دس الصورة في جيبه قائلا

" جيد أعطني إياه "

فتش عن ورقة كتب فيها الإسم والعنوان ثم شقها ومدها له

وقال ما أن أخذها منه

" لا تخبر أحدا أني من أوصلك له أرجوك سيدي "

رفع نظره من الورقة التي كان يطويها وقال باستغراب

" ولما ؟ هذا مجرد عنوان طبيب ! "

قال من فوره

" الفتاة كان موصى بها بعناية كبيرة ولا أحد يسمح له ولا بالاقتراب

منها غير ذاك الطبيب والممرضتان اللتان دخلتا المصح بدخوله

وخرجتا وقت خروجه فقد أتورط في أمور ومشاكل تفقدني

عملي سيدي "

أومأ برأسه موافقا وهمس يفتح الورقة مجددا

" كن مطمئنا تماما "

وعقد حاجبيه فور أن قرأ اسم ذاك الطبيب فهو لم يهتم بداية

الأمر برؤيته ليكتشف الآن بأنه عربي !! لكن لما وما الهدف

وما الذي يخفونه !

دس الورقة في جيبه وصافح ذاك الرجل وشكره وغادر من هناك

وليس يفهم لما تتشابك خيوط حكايتها كلما قام بفكها أكثر فمن هذا

الذي وراءها ويدعمها بقوة وسرية هكذا ! بل ويطمس شخصيتها

الحقيقية أيضا وكأنه يحميها من أمر ما !! من سيكون يا ترى بما

أن مطر شاهين أنكر ذلك سابقا ! عليه أن يزور ذاك الطبيب

وفي أسرع وقت ممكن ليفهم منه فمؤكد يملك الكثير ليخبره عنه ،

هذا إن لم يتكتم كالجميع وحينها سيضطر للضغط عليه وسيتحدث

وإن بالتهديد .


*

*

*


وضعت كوب القهوة على الطاولة ونظرت لساعتها متنهدة بملل

لحظة أن انفتح باب المنزل فعقدت حاجبيها تنظر باستغراب للتي

دخلت وأغلقته خلفها تحمل مذكرات في يديها بملابس أنيقة

وجميلة زادها ذاك الجسد المتناسق روعة وشعر بني ناعم وصل

لنصف ظهرها ، لم تتبين شكلها جيدا لأنها لم تنظر ناحيتها بل

سارت يسارا مباشرة لحظة أن خرجت ساندرين من جهة أخرى

وتوجهت نحو السائرة هناك فوقفت فورا ونظرت لها فهي تنتظرها

هنا من ربع ساعة تقريبا ووالدتها أخبرتها بأنها أبلغتها بوجودها

واعتذرت منها لأنها كانت مضطرة للمغادرة من أجل موعدها مع

طبيب الأسنان ، وقفت في مكانها لم تتحرك منه تنظر للتي مرت

من أمامها متجاهلة لها وكأنها لا تراها وقد لحقت بالتي توجهت

هناك حتى أدركتها منتصف ممر غرفتها وأمسكت بذراعها قائلة

" ماريه انتظري ... لما عدت باكرا و ما.... "

شهقت بقوة حين وجدت أن حالتها ازدادت سوءا عن الصباح

وقالت بصدمة

" ماريه ما بك هل ..... "

قاطعتها هامسة بحزن

" أجل جاء للجامعة اليوم "

أدارتها جهتها جيدا حتى أصبحت مقابلة لها تماما وقالت بتوجس "

ماذا حدث ؟ هل ساءت الأمور بينكما أكثر ؟ "

حركت رأسها بالنفي ولم تعرف ما تقول وكيف تشرح عما حدث

تحديدا فمررت أصابعها في غرتها بعنف قبل أن تحررها مجددا

قائلة بضيق

" لا شيء لديه ليقوله سوى الصراخ والأوامر وحين خيرته بيننا

قال مجددا بأنها مجرد مهمة فخيرته بيني وبين مهمته تلك "


وضعت أناملها على شفتيها تنظر لها بصدمة هامسة

" خيرته بينكما ؟ وماذا كان جوابه "

أشاحت بوجهها جانبا وتقاطرت دموعها وقد قالت بسخرية

تنطق مرارة

" لم يقل أي شيئ طبعا فلا يمكنه أن يختارني أنا "

وتحركت من هناك فورا فشدت ساندرين على أسنانها هامسة

بغيظ تنظر لها وهي تدخل غرفتها ضاربة بابها خلفها

" ياله من بغيض "

قبل أن تلتفت للتي وقفت خلفها مباشرة فنظرت لها ببرود وتحركت

مجتازة لها فأمست بيدها وأوقفتها قائلة

" ساندي اتركينا نتحدث واستمعي لي مرة واحدة أرجوك "

استلت يدها منها وقالت بضيق

" اسمي ساندرين ولا حديث بيننا مفهوم ؟ "

تأففت في وجهها بضجر وقالت

" كثر من ينادونك ساندي ولا مشكلة لديك ! "

تكتفت وقالت ببرود

" أجل الذين أحبهم فقط أما الغاضبة منهم فلا وخاصة أنتي "

تنهدت كنانة بقلة حيلة قائلة

" اقسم لم أقصد ما حدث ساندي ، كنت فقط أريد ممازحتك

بالصورة ولم أتخيل أن يضعها في إعلان .. اقسم لك بذلك "

أشاحت بوجهها عنها وتمتمت بسخرية

" هه صدقتك فعلا "

أمسكت بيدها وقالت برجاء

" ساندي نحن صديقتا طفولة بل وشقيقتان وليس لإحدانا شقيقة

غير الأخرى فلما نترك أمرا كهذا يفرقنا ؟ "

أبعدت يدها قائلة بضيق

" حمدا لله بات لديا شقيقة أخرى أوفى منك فابحثي أنتي لنفسك

عن واحدة تشبهك "

قوست شفتيها وبدلت ملامحها للحزن قائلة

" حقا أصبحت تكرهينني ساندي ؟ "

أولتها ظهرها وكتفت ذراعيه مجددا وقالت كاذبة

" أجل وفوق ما تتصورين "

ضمتها من ظهرها واتكأت برأسها على كتفها قائلة بابتسامة

" كاذبة لو كان كلامك صحيحا لقلتها في وجهي ، هيا ساندي

سامحيني قسما لن أكررها مجددا "

ابتعدت عنها والتفتت لها وقالت بتهديد

" أبدا أبدا ... ؟ "


رفعت سبابتها لشفتيها وقبلتها قائلة

" قسما برب الكعبة لن أفعلها مجددا ولست أعرف شخصا اسمه

رواح ضرار بعد اليوم "

نظرت لها بشك فأنزلت كتفيها متمتمة بضيق

" هيا ساندي لقد أقسمت واعتذرت فما بقي أيضا ؟ "

لوت شفتيها قليلا ثم قالت

" حسنا سامحتك "

قفزت وحضنتها قائلة بضحكة

" وأخيرا .... ما أطول غضبك وما أسوده يا ابنة الحالك "

أبعدتها عنها قائلة بضيق

" لأنها الطريقة الوحيدة التي تجدي معكم أنتم "

أمسكتها من يدها وسحبتها معها قائلة

" تعالي لنحتفل إذا والغداء على حسابي هذه المرة "

وقفت موقفة لها وقالت

" انتظري فعليا رؤية ماريه أولا "

نظرت من خلف كتفها للباب الموجود آخر الممر وقالت

" تعني تلك الفتاة التي دخلت منذ قليل ؟ هي قريبتك أليس كذلك ؟

سمعتها تحدثك وتبكي ما بها ؟ "

ضمت أطراف أصابعها لبعضها ورفعت يدها وأدارتها فوق رأس

الواقفة أمامها قائلة

" كله من بركاتكم آل الهازان لا تدخلون حياة أحد إلا و توكونوا

سببا في دمارها "

أبعدت يدها عنها قائلة بضيق

" وما ذنبي أنا كلما حدثت مصيبة سببها هازاني حملتني

المسئولية ؟ "

قالت مغادرة
" لأنكم متشابهون طبعا ، انتظريني قرب سيارتي سآتي حالا "

وما أن وصلت باب الغرفة طرقته طرقتين متتاليتين ثم فتحته

لحظة أن انفتح باب الحمام وخرجت منه التي كانت تنشف وجهها

بمنشفة صغيرة فدخلت قائلة

" جيد أنك لم تغيري ثيابك بعد ، هيا اخرجي معنا "

رمت المنشفة من يدها وقالت تنزل أكمام سترتها

" لا رغبة لي في الخروج .. أريد أن أنام قليلا "

توجهت نحوها وأدارتها جهتها ونظرت لعينيها قائلة

" هيا ماريه لن تتوقف حياتك على بائس مثله ، أعرفك لن

تنامي فلنخرج ونتسلى ولتتعرفي على كنانة ، صحيح بأنها

غبية ومملة لكنها طيبة قلب ، ولتتعرفي أيضا على باقي عائلة

زوجك المنبوذين "

أنزلت نظرها للأسفل بحزن ولم تعلق فقالت بتوجس

" هل أخبرك من تكون تلك الفتاة ؟ "

أشاحت بوجهها جانبا وهمست بحزن

" لا "

تنهدت بأسى وأمسكت بيدها وضغطت عليها برفق هامسة برجاء

تنظر لنصف وجهها المقابل لها

" توقفي عن تعذيب نفسك من أجله ماريه ، أقسم أن يركض

خلفك مستجديا وستري بنفسك ، ثم هو قال أنها ... "

قاطعتها متوجهة جهة الخزانة

" لا يهم ما قال بل ما يفعل "

وتابعت ببكاء وقد اتكأت بجبينها على بابها الخشبي

" كان معها البارحة ساندي ..! مهمته لم يتأخر عنها أبدا ما أن

رماني هنا "

ملأت دموع الغضب عينيها وتوجهت ناحيتها وضمتها من ذراعها

واتكأت برأسها على رأسها وقالت برجاء

" حلفتك بالله ماريه يكفي بكاء عليه لأنه لا يستحق "

ثم قبلت خدها وقالت مغادرة جهة الباب الذي تركته مفتوحا

" سأنتظرك ولن نغادر حتى تأتي فغدا تبدأ عطلة الأسبوع

ولن نحصل على وجبة غداء من تلك الهازانية المقفرة دائما "

وخرجت مغلقة الباب خلفها فمسحت دموعها بقوة وتوجهت

جهة طاولة التزيين رفعت المشط وسرحت شعرها به فسيكون

خروجها أفضل من بقائها هنا بالتأكيد فعلى الأقل لن تفكر فيه

وفي كل ما حدث لبعض الوقت .




*

*

*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 15-12-17, 10:02 PM   المشاركة رقم: 650
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 

ضربت خاصرته بقدميها أكثر وأكثر ليعدوا بها شاقا ظلام الليل

الذي لا دليل لهما فيه سوى نقطة ألا عودة ولا رجوع تتجه حيث


ليست تعلم أي وجهة تكون تلك المهم أن تبتعد عن قراهم قدر


المستطاع قبل بزوغ الفجر كي لا يدركوها ، لم تغادر مدنهم


يوما ولم ترى باقي بلادها أبدا بعد تحريرها لا هي ولا أي أحد


منهم لأنهم وبكل بساطة اختاروا حريتهم مقابل العيش منفصلين


عن أغلب مظاهر الحياة والحضارة .. أن يتقهقروا للوراء بينما


يسير الجميع للأمام من أجل معتقدات سخيفة بأن الثناني لا عربي


يحكمه ويتحكم في مصيره أبدا فهم يغرسون كرههم وبغضهم لهم


في نفوس أطفالهم ما أن يولدوا ، ومنذ أن فقدوا صلتهم بمطر


شاهين أغلقوا أبوابهم في وجوه الجميع ولم تلح في الأفق تلك


الأحاديث عن دمجهم مع باقي مدن البلاد إلا بعد عودته لكنه لم


يأتي كما تأملت وانتظرت لأيام بل ولأعوام وأعوام مضت منذ أن


اختفى من الوجود فجأة ويبدوا بأنه لم يجد لهم وقتا حتى الآن


ولا يمكنها إلقاء اللوم عليه فثمة أمور أهم من التفكير في مدنهم


النائية المنفصلة عنهم تماما ، لكن قدومه بعد فجر اليوم لن يكون


له أي جدوى إن هي أصبحت زوجة لذاك الرجل فلن ينفعها ابن


شاهين في شيء بعدها ومهما قدم للثنانيين فإبنة الزعيم أو شقيقته


لا تطلق أبدا لديهم ولا تتحرر ولا بموت زوجها ولن يفصل رباطها


بذاك الرجل أحد ولا ابن شاهين نفسه ولن يشفع لها لديهم


ولا إسلامها لذلك لم يكن أمامها من خيار سوى الفرار من هناك


قبل أن تصبح زوجة له.


كانت تتذكر كلماته لها دوما حين نهاها عن التفكير في الهرب


معه وأن ذلك لن يجلب إلا الضرر لقبائلها ولقبائله ورضيت بالصبر


والانتظار كل تلك الأعوام لكن أن تكون لرجل آخر وأن تخلف


عهدها لقلبها قبله فلن يحدث أبدا .


ما هي موقنة منه تماما أنه ثمة من ساعدها على هذا .... ثمة


من كان يتوقع أن تفكر في الهرب وفتح السبيل أمامها لفعل ذلك


لما كانت وجدت المكان فارغا تماما وأحد الخيول مربوطا في غير


مكانهم المخصص بل موجود خلف خيمتها تلك بمسافة قصيرة


وسرجه فوق ظهره يوجد فيه حتى الماء وبعض الطعام ! ثم تلك


البوابة الحديدية المفتوحة والحراس منشغلون عنها تماما !! فلن


تجتمع جميع تلك المصادفات دفعة واحدة إلا وأحدهم قد رتب للأمر


وبدهاء لتخرج ، ليس يعنيها من يكون ذاك الشخص وما هدفه


من كل هذا فالمهم لديها أنها لن تتزوج بذاك الرجل أبدا ،


مسحت دموعها وتمسكت أكثر بحبل اللجام وطوق نجاتها الذي


لم ترهقه المسافاة التي قطعها دون توقف وهي ترى نور الفجر


الأبيض يزحف للسماء ببطء وكأنه يشعر فعلا بمعاناتها وبأنه


سبيلها الوحيد لتبتعد عن هناك فعليها أن تصل لإحدى المدن


سريعا وتختبئ فيها فالعراء لن يوفر لها الحماية أبدا فواصلت


الركض به دون توقف وما أن ارتفع قرص الشمس قليلا حتى


بدأت سرعة جوادها ذاك في التباطئ تدريجيا فعلمت بأن التعب


وصل أقصاه لديه ولن تستغرب ذلك فهو ركض بها لساعات


ودون توقف ، نزلت من على ظهره ما أن توقف تماما وأخرجت


قنينة ماء من سرجه فتحتها وحاولت أن تجعله يشرب منها وإن


كانت قد فقدت نصفها على الأرض ، أغلقتها وأعادتها للسرج


فارغة ومسحت على عنقه وشعره هامسة بابتسامة حزينة


" شكرا لك يا صديقي ، جل ما أتمناه أن لا يدركونا حتى نبتعد عنهم "


تصلبت يدها فجأة وشخصت عيناها في الفراغ وهي ترعي سمعها


للفراغ حولها وضربات قلبها تتصاعد تدريجيا تسمع صوتا لن


تخطئه أبدا ... إنه محرك سيارة ! التفتت خلفها سريعا وفي كل


اتجاه شعرها الطويل المموج يتناثر حولها ولم تعد تعلم تلك


الأصوات من أين تأتي تحديدا ! وهل هي سيارة واحدة أم أنها


مجموعة سيارات كما تتوقع ، شدت اللجام وامتطته مجددا وضربته


بقدميها بقوة لكنه لم يتحرك من مكانه وكل ما فعله أن رفع قائمتيه


الأماميتان عاليا وصهل بقوة فعلمت بأنه لن يتحرك خطوة أخرى


للأمام ومهما حاولت وها قد أعطاهم أول إشارة عن وجودها


إن كانوا قريبين من هنا فنزلت من على ظهره وركضت على


قدميها ترفع فستانها الطويل بيديها لم تعد ترى شيئا أمامها




بسبب الدموع التي ملأت وجهها وهي تسمع أصواتهم يقتربون


شيئا فشيئا








*


*


*






أدارت قرص العجين بين يديها وتأففت بحنق قائلة


" أمي لو أفهم لما رفضت وعاندت عمير في أمر الخادمة ؟


من هذا الذي يجلب التعب لنفسه ! "


تنهدت الجالسة على الطاولة تقطع ثمرة تفاح لحفيدتها الجالسة


بجانبها وتمتمت ببرود


" صباح الخير يا بلادي "


رمقتها بطرف عينها بضيق وقالت تقلب الخبز على النار


" أعلم أني لازلت في بلادي بل ومكاني وأنه لا خادمة لديك


سابقا لكنه من عرض ذلك ويريد راحتنا فلما الرفض ؟ "


وتابعت بذات ضيقها تشير حولها للمطبخ الفاخر المجهز تجهيزا


كاملا وحتى أرفف خزائنه تفتح بالأزرار


" هذا المكان يحتاج لمن ينظفه جيدا وباستمرار ليبقى كما هو


وأنتي لا يمكنك فعلها وأنا لديا طفلان ... "


ونظرت لها متابعة حديثها


" هذا غير باقي المنزل أم لا تري اتساعه وفخامته أمامك ؟ "


مدت قطعة تفاح مقشرة للجالسة قربها وقالت


" عمير قال أن المنزل تتكفل به شركة تنظيف من قبل أن نأتيه نحن


ثم الأحياء هنا كما تريها أمامك لا توجد بها ولا ذرة غبار شوارعها


مرصفة جميعها وأبنيتها كبيرة وعالية ، أما ما يحركه أحد ابنيك


من مكانه فأنتي المسئولة عنه ولن نعجز عن طبخ طعامنا وغسل


ثيابنا فلما نكلفه فوق تكاليف عيشنا هنا وطعامنا وكل ما أحضره


من أجل ابنيك "


رمت الخبز الناضج في الصحن بقوة وضيق وبدأت بإعداد غيره


فالتفتت لها قائلة


" هاتي الذي نضج أطعمه لابنتك بدلا من التفاح على معدة خاوية "


" جدتي أريد جبن "


مسحت على شعرها الأسود الناعم القصير تنظر لعيناها الواسعة


وقالت مبتسمة


" فقط جبن ؟ ستحضره والدتك حالا "


وضعت لهما الخبز فوق الطاولة متنهدة بضيق وتوجهت جهة


الثلاجة وفتحت بابيها تنظر للأطعمة المتراصة فيها حتى احتارت


أي أنواع تلك الأجبان تختار ! أغلقت باب الثلاجة بعدما اختارت


جبنا فرنسيا ونظرت للجالسة حول الطاولة ترفع يديها عاليا


مفرودتا الأصابع قائلة بصوتها الطفولي الرقيق


" عمي عمير أخبرني أنه يوجد جبن كثيييير هنا ... سآكل منه كله "


فاقتربت منهما قائلة بابتسامة


" إن تركك على هواك فستأكلين لحمه أيضا "


وضعت الجبن أمامهما وصحن وسكين ثم عادت لإنهاء الخبز


وقالت بعد قليل وبشيء من التردد توليهما ظهرها


" لما نعد الطعام ولا يأكل منه ! أليس من واجبنا أن نطبخ له


على الأقل "


وصلها صوت والدتها من خلفها فورا


" تلك رغبته هل سنجبره مثلا ؟ "


لوت شفتيها وقالت ببرود


" حسنا إن كان لا يريد الجلوس وتناوله معنا نأخذه له للأعلى


بدلا من أن يأكل في الخارج "


ثم وضعت آخر رغيف خبز وأطفأت الموقد ولم تتحرك من


مكانها فقد علمت أن والدتها وقفت من صوت سحبها للكرسي


وقد قالت ما توقعته تماما


" قال بأنه يخرج باكر ولن يرجع قبل الثانية عشرة ليلا فهل


ستأخذين له طعامه في مبنى جهاز المخابرات أم في


المركز التجاري ؟ "


ادعت الانشغال بترتيب المكان قائلة


" لكن اليوم جمعة أمي "


أنزلت تلك حفيدتها وقالت مغادرة بها


" إن أراد طعاما منا ما تردد في قولها "


التفتت لمكان خروجها مادة شفتيها بعبوس وتحركت من هناك


خلفهما وخرجت من المطبخ ، نظرت للسلالم قليلا قبل أن تنظر


حولها ثم عدلت وشاحها الخفيف على شعرها وصعدت بخطوات


خافتة سريعة فالفضول يدفعها بقوة لرؤية ذاك الطابق والمكان


الذي ينام فيه ، وصلت للأعلى ووقفت مبهورة ففوق جمال الطابق


الذي يعيشون فيه هذا أفخم منه بكثير ، نظرت حولها بحسرة


ففي أحلامها ما كانت لتتوقع أن تدخل مكانا مشابها لهذا


فحتى منزل زوجها السابق لم يصل لنصف جمال هذا المنزل ،


تحركت من هناك بخطوات بطيئة تنظر لكل شيء حولها ، يبدو


أن هذا الطابق لا يختلف عن طابقهم مجهز للنوم والاستقبال


عكس ما ظنت سابقا أنه للنوم فقط ! وصلت عند أول باب صادفها


ولم تتردد أبدا في مد يدها لمقبضه وفتحه فوقفت لبرهة تنظر


للمكان باستغراب ، ضنت أنه سيكون مقسما لأجنحة لكن هذه


غرفة نوم ويبدوا أنها غرفته !! اشتدت أناملها على المقبض


لا شعوريا وهي تنظر لتلك الغرفة .. إنها لا تشبه ولا غرفهم


في الأسفل رغم جمال وروعة تلك ! هذه ليست غرفة رجل


عازب عازف عن الزواج أبدا !! الأقمشة التي دمجت اللون


الأحمر والزهري مع أرضية واسعة باللون السكري ! الستائر


الناعمة من الشيفون الأحمر والزهري والقماش الذهبي السميك ..


ورق الجدران المذهب والمفعم بنقوش حمراء غامقة كخلفية


لذاك السرير الواسع وشاشة تلفاز مسطحة واسعة في الجهة


المقابلة له ! لم تكن مساحة الغرفة كبيرة لكنها أروع ما رأت


عيناها يطرب لها قلب أي أنثى حالمة فحتى السقف فوق ذاك


السرير مضاء بالرغم من تلك الثريا الذهبية المتدلية منه ...


هل يفكر عمير في الزواج حقا ! هل عزف عنه كل هذه الأعوام


ليس لأنه كرهه وكره النساء وينتظر فقط الفرصة المواتية مهما


طالت الأعوام ؟ ابتسمت بنشوة وتقدمت نحو الداخل تنظر حولها


فكان ثمة باب مغلق خمنت فورا بأنه سيكون حماما وثمة باب آخر


أيضا يفتح على الغرفة سيكون غرفة ملابس بالتأكيد فهي لم


تجد خزانات هنا .


تقدمت نحو الطاولة الزجاجية بأذرعها الذهبية قد فرشت


بمفرش أحمر بسيط ومميز رصعت نقوشه بالخرز والعقيق


فكان مع تلك الطاولة والكرسيان حولها بوسائدهم الحمراء


والسجادة الدائرية الحمراء أيضا قطعة فنية مكملة لجمال المكان ،


رفعت الجريدة الموضوعة فوق الطاولة والتي كانت الدليل


الوحيد على عيش أحدهم في هذه الغرفة فلازال كما كان في


الماضي رجل مرتب في كل شيء حتى في أدق التفاصيل ،


نظرت غاضنة جبينها لصورة المرأة في المقال الذي ترك الجريدة


مفتوحة عليه وكانت بحجاب بني شابه لون حدقتيها الواسعة تماما


تلفه بأناقة وتميز تقف أمام طاولة صغيرة ومرتفعة ومايكرفون


أسود رقيق متبث عليها ويبدوا أنها فوق منصة ما ! ملامح


بسيطة لكنها جذابة بل ملفتة للنظر فالابتسامة التي كان يفتر


عنها ثغرها المتناسق كانت تضاهي تلك العينان الواسعة جمالا


مما يجعلك لا تتوقف عن النظر لها ، شعرت بنغزة غيرة لم


تفهم سببها لكنها تضايقت فعلا من تركه لهذه الصفحة تحديدا ،


رفعت نظرها لعنوان المقالة الأسود العريض


( حفل جمعية الغسق والمزيد من المفاجأات )




عقدت حاجبيها باستغراب ونزلت بنظرها لأسطر تلك المقالة


علها تفهم أكثر وقرأتها بتأني


( اعلان خبر طلاق السيدة جليلة يونس من ابن الزعيم الراحل


رماح شراع صنوان كان من الأخبار التي هزت ذاك الحفل وبقوة


وهي تتحدث عن الأمر علانية متجاهلة نظرات الصدمة والاستنكار


تصرح وبكل شجاعة بأن رماح شراع يستحق امرأة أفضل منها


وأنها من خسرته في هذا الطلاق ولم تهتم ولا بنظرات الاستهجان


ورأي الشارع في تخليها هي عنه بسبب وضعه الجديد ... )


رمت الجريدة على الطاولة متمتمة ببرود


" معها حق فستكون حمقاء إن هي أفنت حياتها مع رجل مقعد "


انتفض جسدها بقوة والتفتت دون شعور منها حين انفتح باب


الحمام وشهقت بصدمة وهي تنظر للواقف أمامه لا يستر جسده


سوى المنشفة الملتفة حول خصره ينظر لها بصدمة لم يستطع


تخطيها بسهولة أيضا فأولته ظهرها سريعا تشعر بأنه يكاد يغمى


عليها من الإحراج وتلعثمت قائلة


" آسفة أققسم ما كنت أعلم أنك هنا ، كنننت أتفقد الغرفة لأخذ


ثيابك المتسخة وظننتك مغادرا منذ وقت "


أنهت جملتها تلك وأمسكت فمها بيدها فكيف نسيت أن اليوم جمعة ؟


وصلها همسه فورا


" لا بأس "


ثم صوت إغلاقه للباب مجددا فتحركت خارجة من هناك تشعر


بقلبها سيقع من مكانه وكأنها عذراء لم يسبق لها أن رأت ذاك


المشهد .. ! لا بالتأكيد فما كانت تراه لا يشبه هذا أبدا ، فلا أكتاف


وعضلات صدر زوجها السابق كهذه ولا ذاك البطن المسطح وهو


كرشه أكبر ما في جسده فكم كان يشعرها بالنفور منه وكم ألحت


عليه ليدخل النوادي الرياضية ويتبع حمية غذائية وإن لمدة قصيرة


لكنه كان يرفض باستمرار حتى يئست من تغييره ولولا طول


جسده لكان ككرة السلة بسبب ذاك الكرش فشتان بينهما بالتأكيد .




همست مستغفرة الله وهي تنزل السلالم تهف بطرف وشاحها


على وجهها وما أن وصلت للأسفل ودارت حول السلالم سالكة


ممر غرفهم تقابلت بابنها خارج من غرفته منتفخ العينين شعره


غير مرتب لاستيقاظه للتو وقد قال ما أن رآها


" اليوم الجمعة متى سيأتي والدي لأخذنا لنقضي الأسبوع لديه ؟ "


أمسكته من أذنه وسحبته جهة غرفته متجاهلة صرخته المتألمة


قائلة بحدة


" نفخت لي رأسي بالسؤال عنه طوال الأسبوع وقلنا الجمعة


يأتي لأخذكما وليس من نومك نأخذك إليه "










*




*




*




نزع أحد المفاتيح من علاقة مفاتيحه الشبابية الأنيقة ورماه


عبر الطاولة للجالس أمامه وسط ذاك المطعم الراقي الهادئ


بإنارته الخفيفة المميزة وقال ما أن التقطه ذاك


" تذكر فقط أني أعطيتها لك دون أن أسألك ماذا ستفعل بها "


شد هازار قبضته على المفتاح الذي التقطه في الهواء قائلا بضحكة "


كل ذاك التحقيق المطول ولم تسأل ! كدت تجردني من ثيابي لتفتش


إن كنت أخفي تحتها شيئا يا رجل "


شبك رواح أصابعه خلف رأسه متكئا به على راحتيه للخلف وقال


ناظرا له بمكر وهو يخرج علاقة مفاتيحه الخاصة ليثبت


المفتاح فيها


" خشيت فقط أن يكون ثمة امرأة في الموضوع فلم يعد يمكن


للمرء أن يثق بكم يا رجال المهام الصعبة "


وختم جملته وهو يرمق الجالس على يمينه بطرف عينيه والذي


لم ينطق بحرف منذ جلسوا هناك رغم أنهم لم يدخلوا المطعم


إلا من لحظات ، نظر له باستغراب حين وجده يتكئ بذقنه


على ظهر أصابع يده المقبوضة التي تخفي حتى شفتيه خلفها


متكئ بمرفقيه على الطاولة بينما نظراته مركزة على شيء


ما بعيدا ينظر له بتركيز وجمود ولم يكن منتبها لا لما يقولانه


ولا لنظراته تلك له ، نقل رواح نظراته المستغربة منه للجهة


التي كان ينظر لها ورفع حاجبيه بدهشة مبتسما ما أن وقع نظره


على الجالسات عند الطاولة في الزاوية هناك ، كانت اثنتان


منهما متقابلتان لا يظهر له إلا نصف وجه كل واحدة منهما


تتبادلان هواتفهما كما الأحاديث والضحكات عما يريان بعضهما


إياه بينما الثالثة تجلس في مواجهة طاولتهم تتكئ بجبينها على


راحة يدها قد تخللت أصابعها البيضاء الرقيقة خصلات غرتها


وشعرها البني الناعم تمسك بيدها الأخرى ملعقة صغيرة تضع


بها السكر في كوب قهوة أمامها وتحرك دون توقف تبدوا غير


مهتمة بما تتحدثان عنه بل ومزاجها سيء أيضا من طريقة


تحريكها للملعقة ، كما يبدوا أنه لم تنتبه أي واحدة منهن لوجودهم .


عاد بنظره له وكان على حالته تلك ينظر لتلك المسافرة مع همومها


وكأنه يريد اختراقها أو إحراقها نهائيا فضحك بصمت ونظر للجالس


أمامه والذي كان يدس مفاتيحه في جيبه .. غمز له مبتسما وأشار


بنظراته فقط جهة الجالس معهما ثم لتلك الجهة فنظر هازار هناك


فورا قبل أن ينظر له وانفجر ضاحكا ما أن وقع نظره على عيني


رواح فاستوى الجالس معهما في جلسته ينقل نظراته الباردة بينهما


فهف رواح بيده أمام وجهه قائلا بضحكة مكتومة


" الجو حار هنا أو يبدو أنه ثمة شيء ما يحترق "


فعاد هازار للضحك مجددا لحظة أن وقف تيم وأخرج محفظته


من جيبه وأخرج منها نقودا رماها على الطاولة وقال ببرود مغادرا


" هذا ثمن ما ستأكلانه "


وغادر بخطوات واسعة ثابتة يعيد محفظته لجيبه دون أن يلتفت


وراءه أبدا ، عاد رواح بنظره للجالس أمامه ما أن غادر ذاك باب


المطعم لأنه كان ملتفتا يتبعه بنظراته وقد قال هازار باستغراب


" مابه ؟ أليس هو من طلب أن نخرج معا في بادرة اولى ونادرة


في حياته وترك لنا حرية اختيار المكان وأن يدفع هو ثمن


ما سنطلبه ! "


رفع رواح النقود التي تركها لهم يعدها بالورقة وقال مبتسما بسخرية


" ألم تفهم السبب يا أحمق ؟ اقسم أني اشفق على حال تلك الفتاة


المسكينة معه "


نظر حينها هازار جهة تلك الطاولة مجددا وضحك فور أن اكتشف


هويتها فهي كانت هذه المرة تشرب من كوب القهوة فلم ينتبه سابقا


للجالستان معها وظن أن رواح كان يقصد بأنه ينظر لطاولة فتيات


مجهولات الهوية فقط فتلك الطباع لا تعرف عن تيم أبدا فهو أول


رجل يراه في حياته لا تلفت انتباهه ولا امرأة تعبر أمامه بملابس


السباحة ولا من باب الغريزة كرجل ولا حتى بطرف عينه ، نظر


لرواح مجددا حين دفع كرسيه واقفا وقال باستغراب


" ما بك هل ستلحق به أنت أيضا ؟ "


ضحك رواح وقال


" لا بالطبع فأنا لا يمكن لامرأة أن تطردني من مكان بل العكس "


وتابع غامزا جهة طاولتهم
" بل عليا تعكير مزاج إحداهن لأستمتع بطعام الغذاء أكثر "


حرك هازار رأسه بيأس منه بينما تحرك هو جهتهم يديه في


جيبي بنطلونه الجينز واجتاز العمود الخشبي المحاط بشجيرات


الزينة ليصبح حينها أمام طاولتهم مباشرة فانتبهن ثلاثتهن


لوجوده وبردود أفعال متفاوتة فبينما نظرت له كنانة بصدمة


وذعر من أن تضن الجالسة أمامها بأنها متفقة معه لجلبها إلى


هنا لأن المكان كان من اختيارها هي فقد نظرت له المقابلة له


من خلف الطاولة باستغراب من ظهوره فجأة كالمرة السابقة


ولن تتوقع إلا المزيد من الجنون من شخصية كشخصيته ، بينما


كانت نظرات الاشمئزاز والحنق من نصيب الشقراء التي كادت


أن تقتله بنظراتها تلك .. نظرة كفيلة بقتل أسد في ريعان شبابه


وقوته والتي كان يتجاهلها بكل برود كعادته وقد نظر للجالسة


يمينا قائلا


" مرحبا كنانة كيف أنتي ؟ "


فبلعت ريقها بصعوبة وقالت بابتسامة باردة


" عذرا من أنت ؟ "


لم يستطع إمساك نفسه عن الضحك وقال


" تنكرين ابن عمتك من أجل متحولة ستبيعك بسهولة ! "


نقلت ساندرين نظراتها الغاضبة منه للجالسة أمامها وقالت


بضيق غير مبالية لوجوده


" أنتي من أخبر هذا الدبور أننا هنا ؟ "


نظرت لها كنانة بصدمة ولوحت بيديها قائلة


" لا لست أنا أقسم لك "


ضحك رواح مجددا وقال ناظرا لها أيضا


" تخافين منها يا غبية ؟ أبعد ما تستطيع هذه الطفلة فعله


هو تغيير مظهرها كالحرباء "


وقفت حينها ساندرين على طولها ونظرت ناحيته قائلة بحدة


" اغرب من هنا فأنت غير مرحب بك "


نظر لها بصدمة مصطنعة وقال


" يا إلهي لم أكن أعلم بأن هذا المكان ملك لك ؟ "


حملت حقيبتها غاضبة لتغادر فقفزت كنانة واقفة لحظة أن وقفت


ماريه أيضا كي لا تذهب تلك المجنونة وتتركهما هنا لكن يد كنانة


كانت الأسبق لها وأمسكت بيدها بصعوبة من طرف الطاولة


المستديرة لأن حجمها لم يكن كبيرا جدا وقالت برجاء


" ساندي أنا لم أخبره بمكاننا اقسم لك "


نفضت يدها عنها وقالت تمسك خصرها بيديها


" من أخبره إذا ؟ "


قالت من فورها


" لست أعلم وها هو أمامك اسأليه "


نظرت له بكره فغمز لها وأشار بإبهامه جهة قلبه وقال يمسك ضحكته


" هذا يخبرني "


نظرت له بصدمة وحقد قبل أن تنقل نظراتها للتان كانتا تمسكان


ضحكتهما تحاولان إشغال نظراتهما بأي شيء ثم عادت بنظراتها


الغاضبة له والتي تجاهلها ككل مرة وقد نظر للتي تقف مقابلة له


خلف الطاولة قائلا بابتسامة


" مرحبا ماريه كيف أنتي ؟ "


نظرت له بصدمة تحولت للإحراج فورا وهمست


" بخير ... شكرا لك "


قال مبتسما


" لا يبدوا لي أنك كذلك أبدا ويمكنني تخمين السبب ، ورغم ذلك


أنا أهنئك حقا فقد أحدثت شقا صغيرا في حجر فرعوني عتيق "


نظرت له باستغراب وعدم فهم فقال ملوحا بكفه


" اتركينا من ذلك الآن ... مؤكد سيخبرك عمك عن الحفل المقام


في منزلنا مساء الغد وها أنا أدعوك بنفسي فلا تؤثر بك إحداهن


لأنها سترفض الذهاب بالتأكيد "


وختم جملته يرمق الواقفة يساره بطرف عينيه مبتسما والتي لازالت


ترميه بتلك النظرات الحارقة مكتفة ذراعيها لصدرها قبل أن ينقل نظره


لكنانة التي قالت مستغربة


" حفل ماذا ؟ "


قال مبتسما بسخرية


" لو أنك تزورين منزل عمتك باستمرار لعلمت يا قاطعة الأرحام "


وتابع ممررا أصابعه في شعره بغرور


" حفل من أجل ابنهم الذي نجح في أول مشروع لشركة الطيران


التي افتتحناها مؤخرا وسأستلم إدارتها ابتداء من الغد "


قالت بسعادة


" حقا !! مبارك لك "


قبل أن تموت ابتسامتها تلك ما أن نظرت للتي كانت ترمقها


بحدة فأخفضت كتفيها قائلة بسخط


" ساندي بربك لا تدخلاني في مشاكلكما فهو ابن عمتي وأنتي


صديقتي المقربة "


لم تعلق ساندرين لأنه ثمة من استلم ذلك عنها حين قال ناظرا


لكنانة ومبتسما


" حسنا أنا موافق ... وعليك الحظور أنتي أيضا فقد أبلغنا والدك


صباحا "


نظر بعدها لماريه وقال مبتسما


" وأنتي أيضا فها أنا أدعوك للمرة الثانية "


نظرت له بإحراج وهمست ترفع خصلات من غرتها خلف أذنها


" لست أعلم "


ضحك فورا وقال غامزا بعينه


" بل عليك المجيء ، ولا تخافي فذاك الكنعاني لم يحظر لنا حفلا


في حياته "


وتابع ملوحا بيده وهو يستدير مغادرا من هناك


" وحاولي إقناع قريبتك بالمجيء فسنوزع الهدايا في الحفل فلا


تأخذ هديتك منك فيما بعد "


وابتعد ضاحكا على نظرات ساندرين الغاضبة هامسة من بين أسنانها


" قذر ... "


بينما قالت كنانة بتوجس في محاولة لأن تلطف الجو قليلا


" رواح يحب المزاح كثيرا ولا يضايق إلا من يحبهم "


وانتفض جسدها حين نظرت لها تلك النظرة الكفيلة بإرسالها لمنزلها


جثة فقالت بتلعثم


" أ ... أقصد دعونا نجلس ونطلب الطعام "


نظرت ساندرين حولهم بضيق حتى وقع نظرها على الجالسان على


مسافة منهم خلف العمود وزمت شفتيها بحنق تنظر للذي يرفع كأس


العصير لها مبتسما فأشاحت بوجهها عنه فورا وقالت بضيق


" سنغادر لمطعم آخر أو للمنزل حالا "


رفعت كنانة حقيبتها متنهدة باستسلام قائلة


" لا بالطبع سنختار غيره وأمري لله فلن أجد شيئا في منزلنا


لآكله حين سأصل "






*




*




*

 
 

 

عرض البوم صور missliilam   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook



جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 05:27 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية